Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
المملكة العربية السعودية<br />
وزارة التعليم العالي<br />
جامعة اإلمام محمد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
المعهد العالي للقضاء<br />
قسم الفقه المقارن<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong><br />
أحكامها ضوابطها آثارها واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />
حبث تكميلي مقدم لنيل درجة املاجستري <strong>يف</strong> الفقه املقارن<br />
)اجلزء األول(<br />
إعداد<br />
عبد اهلل بن إبراهيم بن صاحل اخلضريي<br />
فضيلة الشيخ د/<br />
إشراف<br />
يوسف بن عبد اهلل الشبيلي<br />
المساعد األستاذ<br />
بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء<br />
1426-1425ه
K
بسم هللا الرمحن الرحيم<br />
احلمد هلل الذي خلق اخلليقة وأعماهلا، وردَّها بنور اهلداية عن الغواية وأمَاهلَا، أمحده محد من احْتَسَى<br />
من النِّعَم زُالَهلَا، واكْتَسَى سِّ رَْبَ هلَا، وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له شهادة ت ُث َبِّتُ األَقْدَام<br />
إذا زُلْزِّلَت األرض زلزاهلا، وأخرجت األرض أثقاهلا، وقال اإلنسان ما هلا، وأشهد أن حممداً عبده<br />
ورسوله أرسله واجلاهلية تُشَرِّعُ ضَالَهلَا فلم يزل صلى هللا عليه وسلم يُكْثِّرُ جِّ دَاهلَا، ويُضَيِّقُ جماهلا ويدعو<br />
رجاهلا حىت عَرَفَتْ حالهلا وحرامها، صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ما خالفت اجلنوب <strong>يف</strong> اهلُبوب<br />
َشَ اهلا، وسلم تسليماً كثرياً.<br />
: أما بعد<br />
فهذه وريقات متواضعة ملشروع حبثي أقدمه استكماالً ملتطلبات احلصول على درجة املاجستري <strong>يف</strong> قسم<br />
الفقه املقارن َبملعهد العايل للقضاء بعنوان:<br />
)) <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong><br />
أحكامها –<br />
– ضوابطها –<br />
– آاثرها<br />
السعودية )) .<br />
واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />
وقد اجتهدت <strong>يف</strong> بيان مشروعية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> عصران وما يتعلق هبا من أحكام فقهية ونوازل معاصرة مع<br />
ربط ذلك َبلواقع السياحي <strong>يف</strong> بالدان، ومقوماته، وأحكام املشاريع السياحية اليت تقوم هبا وترعاها اهليئة<br />
العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة، وضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة، وآاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع.<br />
وأرفقت بذلك ما رأيت أمهيته من املستندات ذات العالقة.<br />
وال شك أننا <strong>يف</strong> عصر تزينت فيه الشهوات، وتنوعت فيه الشبهات وتزايدت فيه املغرايت، وكثرت<br />
امللهيات حىت كادت معها أن تعمى القلوب، ومتوت األرواح.<br />
فغفل الكثري عن قوت القلوب وغذاء الروح ولذة العبادة وحالوة الطاعة فصارت نفوسهم هزيلة<br />
متكدرة وتلك بلية البالاي ورزية الرزااي، فأهل <strong>اإلسالم</strong> يواجهون زحف حياة عصرية، وحضارة غربية<br />
مادية، ومدنية دنيئة عارية عن القيم واألخالق واآلداب، مدنية احندار وحضارة اهنيار اصطلى هبا<br />
صانعوها وذاقوا بلياهتا وويالهتا فهي ال تفرق بني مشروع وممنوع وانفع وضار، أسواقها الغية وأنديتها<br />
الهية وقلوب أهلها خاوية مدنية خائبة عاجزة عن محاية أفرادها، مل تستطع يوماً ما صون أعراضهم أو<br />
حفظ كرامتهم أو كفكفة دموعهم أو إسعادهم <strong>يف</strong> حياهتم، بل صنعت وسائل ترفيه ال حصر هلا لتعاجل
أجواء القلق وأخطار األرق فلم تستطع إىل ذلك سبيالً بل كانت وسائل إغواء وتدمري وفساد، و<strong>يف</strong><br />
زحفها إىل العامل <strong>اإلسالم</strong>ي حماولة مستميتة لطمس معامل هويته الذاتية وجره إىل تقليد األمناط الغربية <strong>يف</strong><br />
مجيع النواحي احلياتية العقدية والفكرية واالجتماعية واألخالقية وغريها.<br />
ومن هنا جاءت الدعاايت املضللة إىل سياحة الفساد <strong>يف</strong> بالد الكفر واإلفساد، بالد خادعة للعقول<br />
وغادرة لأللباب ليس فيها إال مصائد هالك وفخوخ تلف وحياة عابثة صاخبة، ودعاايت آمثة، تبذل<br />
التسهيالت واملغرايت، وتدفع الغوغاء والدمهاء إىل تلك البالد دفعاً وتؤزهم إليها أزاً، كل ذلك ليسايروا<br />
ركب احلضارة املشؤوم ويسلكوا درب املدنية املزعوم.<br />
وال شك أن موارد اخلسار ومشاريع البوار إمنا هي <strong>يف</strong> طاعة الكفار الفجار، و<strong>اإلسالم</strong> ال مينع من أخذ<br />
املفيد من خمرتعات هذه املدنية ومبتكراهتا وال مينع من <strong>السياحة</strong> الربيئة اهلادفة النقية لكنه يرفض سياحة<br />
الفساد والعصيان أبمراضها املدنفة وأسقامها املتلفة.<br />
والرتويح عن النفس مبا أَبح هللا هلا هو مسرح لالستئناس الربيء اخلايل من الصخب واللغط، واليكون<br />
ذلك برحالت عابثة تفتقر إىل اهلدف احملمود والنفع املنشود، أدىن سوئها اإلسراف والتبذير انهيك عما<br />
يشاهد من حمرمات وخمازي، فاجلل من السياح هنارهم <strong>يف</strong> دُجنة وليلهم جَهْوَري ألذ ما عند بعضهم مسر<br />
العشاق أو شَغْل املشغولني َبلفراغ، عبادهتم ندر وغوايتهم غِّمْر أيكلون األرطال ويشربون األسطال<br />
ويسهرون الليل هلواً وإن طال.<br />
وقد كان املسلمون <strong>يف</strong> القرون املفضلة يُعِّدُّوْنَ لسياحة ليست كسياحتنا ويقومون َبلتنشيط والدعاية هلا<br />
من منابر املساجد سياحة عبادة وجهاد وإسراج للخيول وتدريب للفتيان ال سياحة هلو وتسوق وغناء<br />
ورقص ولعب وقمار، إننا <strong>يف</strong> أمس احلاجة لسياحة ترفيه نقية، براجمها املكثفة ال عبث فيها وال هلو وال<br />
بطالة وال عطالة وال تضييع لألوقات وال هتميش للصلوات وال ارتكاب للمحرمات وال إيذاء وال<br />
معاكسات.<br />
فبالد احلرمني ال جيوز أن تكون مرتعاً للفساق ومرقصاً للعشاق، وال تعتز آباثر قوم معذبني أهلكهم هللا<br />
بكفرهم وأبقاها شاهدة عليهم، بل ينبغي أن يرى السائح <strong>يف</strong> هذه البالد منطاً فريداً من <strong>السياحة</strong> ال<br />
يتوافر <strong>يف</strong> أي بلدان العامل قوامه العبودية هلل رب العاملني وشعاره كرامة اإلنسان، وداثره القيم اخللقية،<br />
ومظاهره املتعة َبجلمال والسحر احلالل. )1(<br />
وتربز أمهية هذا املوضوع <strong>يف</strong> عصران احلاضر من خالل النقاط التالية:<br />
)1(<br />
ينظر: مقال بعنوان سياحة روحية، للدكتور علي َبدحدح على الرابط:<br />
www.islamtody.net<br />
، وخطبة الشيخ سعود الشرمي<br />
بعنوان <strong>السياحة</strong> كلمة ومعىن على الرابط: ، www.islamtody.com وخطبة الشيخ صالح البدير بعنوان تكالب الكفار على<br />
املسلمني على الرابط:<br />
www.khotab.net<br />
، وخطبة الشيخ عبد هللا الغامدي عن <strong>السياحة</strong> على موقع املنرب، بتصرف.
اآلاثر اهلامة للسياحة <strong>يف</strong> الوقت املعاصر سياسياً ودينياً وأخالقياً واقتصادايً.<br />
توجه الدولة إىل تطوير مرفق <strong>السياحة</strong>، ووضع هيئة عامة له.<br />
تطور وسائل االتصاالت واملواصالت وأثرها <strong>يف</strong> تيسري السفر واالرحتال مما أدى إىل<br />
انتشار <strong>السياحة</strong> وفشوها <strong>يف</strong> اجملتمعات وتطورها حىت أصبحت ظاهرة عاملية ومصدراً<br />
اقتصادايً مهماً لكثري من البلدان.<br />
كثرة من يقيم <strong>يف</strong> بالد الكفر من املسلمني وحاجتهم لفهم األحكام الشرعية لكثري من<br />
املسائل اليت تواجههم وتشكل عليهم <strong>يف</strong> تلك البلدان، ووجود خلل لدى بعضهم <strong>يف</strong><br />
التعامل والتعايش مع تلك اجملتمعات.<br />
حرص كثري من أبناء املسلمني على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اخلارج ألسباب مشروعة وغري<br />
مشروعة وما ينتج عن ذلك من آاثر ونتائج سلبية وإجيابية.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5
ولذلك كان من أسباب اختياري هلذا املوضوع:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
ماله من أمهية كما تقدم.<br />
وألين ال أعلم حبثاً أكادميياً شامالً قد سبق تسجيله حول هذا املوضوع.<br />
والرتباطه مبجال التخصص.<br />
وملعرفة مدى شرعية األعمال واملشاريع السياحية وما يتعلق هبا من أحكام.<br />
والنتشار ظاهرة السفر للخارج <strong>يف</strong> بالد املسلمني.<br />
وحلاجة املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفر ملعرفة كثري من األحكام اليت تشكل عليهم.<br />
والدراسات السابقة <strong>يف</strong> هذا املوضوع<br />
– حسب معرفيت –<br />
-1<br />
هي:<br />
أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هلاشم بن حممد انقور، وهي رسالة ماجستري <strong>يف</strong> جامعة أم القرى، قسم<br />
الدراسات <strong>اإلسالم</strong>ية.<br />
وهو حبث جيد حتدث فيه الباحث عن: مفهوم <strong>السياحة</strong>، وأحكام الرخص فيها، و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد<br />
املسلمني وبالد الكفار، و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة كداير املعذبني، وآاثر <strong>السياحة</strong>، ووسائل اجلذب<br />
السياحي، والسياسة الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.<br />
– بعون هللا - وسأقوم<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
إبضافة اجلوانب اليت مل يتطرق إليها وهي:<br />
اإلنفاق على املشاريع السياحية.<br />
زكاة املشاريع السياحية.<br />
سياحة القضاة.<br />
التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم.<br />
التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم.<br />
أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.<br />
املقاطعة االقتصادية لبالد الكفار وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.<br />
استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.<br />
الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها.<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.<br />
اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية )أهدافها<br />
– مشاريعها –<br />
-<br />
الشرعي فيها(.<br />
الواقع املعاصر للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية ومقوماهتا السياحية.<br />
احلكم
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-<br />
-2<br />
ما يشكل على السائح من أحكام العبادات واملعامالت، مثل:<br />
األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.<br />
تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.<br />
الصالة <strong>يف</strong> الطائرات.<br />
نكاح الكتابيات، وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس.<br />
نكاح مسلمة ال ويل هلا.<br />
األكل من ذَبئح الكفار.<br />
املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.<br />
املعامالت التجارية مع الكفار.<br />
حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً.<br />
أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها.<br />
التفصيل <strong>يف</strong> آاثر <strong>السياحة</strong> سياسياً واجتماعياً وأخالقياً واقتصادايً.<br />
واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة واملمنوعة.<br />
حكم العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر.<br />
آداب <strong>السياحة</strong>.<br />
)مسئولية وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي(، لبكر بن عبد اللط<strong>يف</strong> اهلبوب.<br />
وهو حبث تكميلي تقدم به لنيل درجة املاجستري <strong>يف</strong> املعهد العايل للقضاء<br />
وقد تناول <strong>يف</strong> خطته:<br />
–<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
قسم الفقه املقارن.<br />
التعر<strong>يف</strong> َبملسئولية وبوكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وتطور مفهومها.<br />
دراسة عقود وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وتكي<strong>يف</strong>ها الفقهي وحكم اجتماع عقدين <strong>يف</strong><br />
عقد وجتزئة العقد.<br />
حاالت مسئولية الوكاالت: حال إلغاء الرحلة<br />
للرحلة<br />
–<br />
أو وقوع حادث<br />
–<br />
–<br />
وما يتصل َبإلخالل بشروط العقد.<br />
أحكام املسئولية: من خالل بيان التزامات العميل ووكالة السفر و<strong>السياحة</strong><br />
الضمان والتعويض<br />
أو سوء التنظيم<br />
–<br />
–<br />
وذلك <strong>يف</strong> متهيد وفصلني، أعقبهما َبخلامتة والفهارس.<br />
واالتفاق على اإلعفاء من املسئولية.<br />
ومبدأ
ومن خالل النظر <strong>يف</strong> مضامني هذا البحث يتبني عدم وجود صلة بينه وبني املوضوع الذي تقدمت به<br />
بعنوان: ( <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أحكامها- ضوابطها<br />
السعودية ) إال <strong>يف</strong> جزئية واحدة <strong>يف</strong>:<br />
– آاثرها –<br />
-3<br />
-4<br />
واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />
املطلب الثامن من املبحث األول من الفصل األول: وهي حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong><br />
والسفر.<br />
وقد ذكرهتا ألمهيتها ولصلتها أبحكام <strong>السياحة</strong>، ومل ينص الباحث اهلبوب على ذكر هذه اجلزئية؛ ألنه<br />
جعل صلب حبثه خمتصاً مبسئولية وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وما يرتتب عليها من أحكام والتزامات<br />
وضمان وحكم ما جتريه من عقود وتكي<strong>يف</strong>ها.<br />
وذكري هلذه اجلزئية من حيث حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> هذه الوكاالت، وما يتصل بذلك من حكم<br />
مشروعية ما تقوم به الوكاالت من العمل السياحي أساساً.<br />
أما التفصيل <strong>يف</strong> بيان مسئوليتها والتزاماهتا وتكي<strong>يف</strong> عقودها فليس هذا جمال حبثي، فإن كان مث تشابه<br />
فرمبا يكون <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> بوكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> كتمهيد هلذه اجلزئية، وبذلك يتبني ضعف الصلة بني<br />
املوضوعني.<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، لعبد الباري حممد داود.<br />
وقد جعله <strong>يف</strong> أربعة فصول األول: <strong>السياحة</strong> والتعرف على حقيقة الكون، الثاين: <strong>السياحة</strong> الروحية عند<br />
األنبياء والصحابة والصوفية، والثالث: <strong>السياحة</strong> االجتماعية والرتفيهية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، والرابع: <strong>السياحة</strong><br />
الروحية <strong>يف</strong> أركان <strong>اإلسالم</strong>.<br />
وجله <strong>يف</strong> احلديث عن <strong>السياحة</strong> الروحية و<strong>السياحة</strong> عند الصوفية، وقد تكلم عن <strong>السياحة</strong> الرتفيهية إبجياز<br />
ومثل هلا بعيد الفطر ويغلب على هذا البحث الصبغة األدبية والفلسفة الصوفية.<br />
الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لعلي األمحد.<br />
وهي رسالة حديثة قدمت لنيل درجة الدكتوراه <strong>يف</strong> الدعوة واالحتساب من كلية الدعوة واإلعالم جبامعة<br />
اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية َبلرايض عام 1425-1424ه ، وقد تكلم الباحث <strong>يف</strong> الفصل<br />
التمهيدي عن مفهوم <strong>السياحة</strong> بعرض متميز مث أعقبها ببيان ضوابط <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ضوء الشريعة<br />
<strong>اإلسالم</strong>ية وذكر فيها 11 ضابطاً وبعضها تكرار لبعض، وقد أشرت إليها وأضفت هلا كثرياً من<br />
الضوابط اليت مل يتطرق إليها كما حتدث عن دوافع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ضوء الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وذكر خصائص<br />
ومسات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية .<br />
مث تكلم <strong>يف</strong> الفصل األول والثاين والثالث وهي لب حبثه عن الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من خالل<br />
القرآن والسنة وبني صفات الدعاة <strong>يف</strong> املواقع السياحية وواجباهتم وأصناف املدعوين وسلوكهم وأسس
ومضامني ووسائل وأساليب الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وآاثر الدعوة <strong>يف</strong> املواقع السياحية، مث جعل<br />
الفصل الرابع <strong>يف</strong> الدراسة امليدانية اليت قام هبا مبيناً من خالهلا ما توصل إليه من نتائج وتوصيات <strong>يف</strong><br />
هذا الشأن، ومل أر من سبقه <strong>يف</strong> التأل<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> هذا املوضوع، وهذه الرسالة تتعلق مبطلب من مطالب هذا<br />
البحث، وقد استفدت منها فيه وأشرت لذلك <strong>يف</strong> موضعه، كما تطرقت لبعض املطالب إبجياز كتمهيد<br />
ومدخل للموضع، وقد التقيت َبلباحث واستشرته وانقشته واستفدت من بعض مراجعه.<br />
وسألتزم <strong>يف</strong> منهج البحث<br />
– إبذن هللا –<br />
وطباعتها الواردة <strong>يف</strong> تعميم فضيلة عميد الدراسات العليا رقم<br />
مبا نصت عليه القواعد املنظمة لكتابة الرسائل العلمية<br />
واتريخ 957<br />
1422/7/11ه .
وذلك من خالل السري على املنهج التايل:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
تص وير املس ألة امل راد حبثه ا تص ويراً دقيق اً قب ل بي ان حكمه ا؛ ليتض ح املقص ود م ن<br />
دراستها.<br />
إذا كانت املسألة م ن مواض ع االتف اق ف أذكر حكمه ا ب دليلها ، م ع توثي ق االتف اق م ن<br />
مظانه املعتربة.<br />
إذا كانت املسألة من مسائل اخلالف ، فأتبع ما يلي:<br />
أ: حترير حمل النزاع إن وجد.<br />
ب: ذكر األقوال ونسبتها وعرض اخلالف حسب<br />
الرتتيب الزمين للمذاهب.<br />
ج: االقتصار على املذاهب الفقهية املعتربة مع<br />
املعاصرين من الفقهاء والقضاة.<br />
التنبيه على ما تيسر من أقوال السف، وآراء<br />
توثيق األقوال د:<br />
األصلية. املصادر من واألدلة<br />
ه : ذكر األدلة مع وجه الداللة وما قد يرد من املناقشات مع اجلواب عنها إن وجد.<br />
سببه مع بيان الرتجيح و:<br />
، ومثرة اخلالف إن وجدت.<br />
االعتم اد عل ى أمه ات<br />
واجلمع.<br />
الرتكيز<br />
العناية<br />
املص ادر واملراج ع األص لية <strong>يف</strong> التحري ر ، والتوثي ق والتخ ريج،<br />
على موضوع البحث وجتنب االستطراد.<br />
بضرب األمثلة، وخباصة الواقعية؛ لتوضيح املسألة .<br />
جتنب ذكر األقوال الشاذة .<br />
العناية بدراسة ما جدَّ من القضااي مما له صلة واضحة َبلبحث.<br />
ترقيم اآلايت وبيان سورها مع الضبط َبلشكل.<br />
تر يج األحادي ث م ن املص ادر األص لية، وذل ك م ع إثب ات الكت اب والب اب واجل زء<br />
والصفحة،<br />
وإذا كان احلديث <strong>يف</strong> الصحيحني أو أحدمها اقتصرت عليه و إال فإين أنظ ره<br />
<strong>يف</strong> كتب احل ديث املعت ربة وأورد ك الم أه ل العل م والش أن <strong>يف</strong> تص حيحه أو تض ع<strong>يف</strong>ه، وق د<br />
اعتم دت <strong>يف</strong> التخ ريج م ن الكت ب الس تة عل ى الطبع ة اخلاص ة ب دار الس الم )اجلامع ة<br />
للكتب الستة <strong>يف</strong> جملد واحد( وهي طبعة مشهورة.<br />
تريج<br />
اآلاثر من مصادرها األصيلة ، واحلكم عليها.<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11
التعر<strong>يف</strong> َبملصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه املصطلح، أو من كت ب املص طلحات<br />
املعتمدة.<br />
توثيق املعاين من معاجم اللغة املعتمدة، وتكون اإلحالة عليها َبملادة واجلزء والصفحة.<br />
العناي ة بقواع د اللغ ة العربي ة ، واإلم الء وعالم ات الرتق يم، ومنه ا عالم ات التنص يص<br />
ل اايت الكرمي ة، ولألحادي ث الش ر<strong>يف</strong>ة، ول ااثر، وألق وال العلم اء، ومتي ز العالم ات<br />
واألقواس فيكون لكل منها عالمته اخلاصة.<br />
تكون اخلامتة متضمنة أهم النتائج والتوصيات.<br />
ترمج ة األع الم غ ري املش هورين إبجي از ب ذكر: اس م العل م ونس به، واتري خ وفات ه، ومذهب ه<br />
العقدي والفقهي، والعلم الذي اشتهر به، وأهم مؤلفاته، ومصادر ترمجته.<br />
إذا ورد <strong>يف</strong> البح ث ذك ر أم اكن أو قبائ ل، أو ف رق، أو أش عار، أو غ ري ذل ك توض ع هل ا<br />
فهارس خاصة، إن كان هلا من العدد ما يستدعي ذلك.<br />
وضع الفهارس الفنية املتعارف عليها ، وهي:<br />
فهرس اآلايت القرآنية.<br />
فهرس األحاديث واآلاثر.<br />
فهرس األعالم.<br />
فهرس املصادر واملراجع.<br />
فهرس املوضوعات.<br />
ذكر ما قد يوجد من نسب وإحصاءات.<br />
وضع ملحقات مما له تعلق َبلبحث إن وجد.<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
-20<br />
ويتكون البحث من مقدمة ومتهيد وثالثة فصول وخامتة:<br />
فأوالً:<br />
وفيه مباحث:<br />
املبحث األول: التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة:<br />
وفيه مطالب:<br />
التمهيد:
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة.<br />
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً.<br />
وفيه فرعان:<br />
األول: املفهوم الشرعي للسياحة.<br />
الثاين: املفهوم العصري للسياحة.<br />
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً.<br />
املبحث الثاين: االصطالحات ذات العالقة:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> السفر.<br />
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> اهلجرة.<br />
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السري.<br />
املطلب الرابع: تعر<strong>يف</strong> االرحتال.<br />
املبحث الثالث: حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: حاجة البشر للسياحة.<br />
املطلب الثاين: أتصيل ذلك شرعاً.<br />
الفصل األول<br />
أحكام <strong>السياحة</strong><br />
وفيه مباحث:<br />
املبحث األول: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: سياحة القاضي.<br />
وفيه فرعان:<br />
الفرع األول: أثرها على عدالته.<br />
الفرع الثاين: أثرها على واليته ونفاذ حكمه.
املطلب الثاين: سياحة عامة املسلمني.<br />
املطلب الثالث: سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها.<br />
املطلب الرابع: أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.<br />
املطلب اخلامس: اإلنفاق على املشاريع السياحية.<br />
املطلب السادس: زكاة املشاريع السياحية.<br />
املطلب السابع: أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها.<br />
املطلب الثامن: عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر.
املبحث الثاين: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني.<br />
املطلب الثاين: أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.<br />
املطلب الثالث: التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم.<br />
املطلب الرابع: التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم.<br />
املطلب اخلامس: اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر.<br />
املطلب السادس: الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها.<br />
املطلب السابع: األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.<br />
املطلب الثامن: الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.<br />
املطلب التاسع: تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.<br />
املطلب العاشر: الصالة <strong>يف</strong> الطائرة.<br />
املطلب احلادي عشر: نكاح الكتابيات، وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس.<br />
املطلب الثاين عشر: نكاح مسلمة ال ويل هلا.<br />
املطلب الثالث عشر: األكل من ذَبئح الكفار.<br />
املطلب الرابع عشر: املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.<br />
املطلب اخلامس عشر: املعامالت التجارية مع الكفار.<br />
املطلب السادس عشر: املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.<br />
املطلب السابع عشر: استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.<br />
املبحث الثاين: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني .<br />
املطلب الثاين: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة.<br />
املطلب الثالث: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة.<br />
الفصل الثاين:<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> وآاثرها على الفرد واجملتمع
وفيه مباحث:<br />
املبحث األول: ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا:<br />
وفيه مطلبان:<br />
املطلب األول: ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.<br />
املطلب الثاين: آداب <strong>السياحة</strong>.<br />
املبحث الثاين: آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: آاثرها السياسية.<br />
املطلب الثاين: آاثرها الدينية.<br />
املطلب الثالث: آاثرها االجتماعية واألخالقية.<br />
املطلب الرابع: آاثرها االقتصادية.<br />
املبحث الثالث: واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong>:<br />
وفيه مطالب:<br />
املطلب األول: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة.<br />
املطلب الثاين: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.
الفصل الثالث<br />
واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />
وفيه مباحث:<br />
املبجث األول: اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :<br />
املطلب األول: نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.<br />
املطلب الثاين: مشاريعها وأعماهلا.<br />
املطلب الثالث: احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك.<br />
احملث الثاين: مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :<br />
املطلب األول: املقومات.<br />
املطلب الثاين: االحتياجات.<br />
املطلب الثالث: وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي.<br />
وتشتمل على أهم التوصيات والنتائج.<br />
اخلامتة:<br />
وتشتمل على:<br />
الفهارس:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
فهرس اآلايت القرآنية.<br />
فهرس األحاديث واآلاثر.<br />
فهرس األعالم.<br />
فهرس املراجع واملصادر.<br />
فهرس املوضوعات.<br />
امللحقات<br />
وتشتمل على بعض النماذج والواثئق واإلحصائيات اهلامة.<br />
وقد كان من أبرز الصعوَبت اليت واجهيت <strong>يف</strong> هذا البحث َشولية املطالب وتنوعها وحساسية بعض<br />
املسائل وخطورهتا، مع ضيق الوقت مقارنة أبمهية املوضوع وطوله.
،<br />
وال <strong>يف</strong>وتين أن أتقدم َبلشكر اجلزيل لكل من أعانين بتوجيه أو نصح أو مشورة أو تصويب أو<br />
إعارة كتاب وأخص بذلك والدي الكرمي<br />
– ، حفظه هللا –<br />
وشيخي الفاضل د. يوسف الشبيلي<br />
ومكتبة ابن القيم جبامع شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية َبلسويدي، وكل خادم للعلم وأهله.<br />
هذا وصلى هللا على خري الورى وإمام اهلدى نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم.
التمهيد<br />
املبحث األول<br />
التعر<strong>يف</strong> ب<strong>السياحة</strong><br />
املطلب األول<br />
تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة
املبحث األول: التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة<br />
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة :<br />
أبن السني والياء واحلاء أصل صحيح، وقياسه قياس ما قبله، وهو )سيب(<br />
ذكر <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة )2(<br />
فإهنما يدالن على استمرار الشيء وذهابه.<br />
يقال: سَاح <strong>يف</strong> األرض يَسِّ يْحُ سِّ يَاحَةً وسُيُوحَاً وسَيْحاً وسيَحَاانً، أي: ذهب.<br />
: السيح املاء الظاهر اجلاري على وجه األرض، ومجعه سُيوحٌ، وقد سَاحَ يَسِّ يْحُ سَيْحاً وسَيَحَاانً<br />
و<strong>يف</strong> اللسان )3(<br />
إذا جرى على وجه األرض.<br />
وماء سَيْح ومجعه أسيَاح : إذا جرى على وجه األرض.<br />
والسِّ يَاحَة : الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة ، والرتهب.<br />
وقد سَاْح، ومنه املسيح ابن مرمي ، عليهما السالم، ألنه كما جاء <strong>يف</strong> بعض األقاويل: كان يذهب <strong>يف</strong> األرض<br />
فأينما أدركه الليل صف قدميه، وصلى حىت الصباح، فإذا كان كذلك فهو مفعول مبعىن فاعل.<br />
)4(<br />
قال <strong>يف</strong> فتح الباري : "وأما عيسى فقيل مسي بذلك ... ألنه كان ميسح األرض بسياحته".<br />
والسَّيْحُ : الِّمسْحُ املخطط ومجعه سيوح .<br />
يقال : عباءةٌ مَسِّ يْحَةٌ وب ُرْدٌ مَسِّ يْحٌ وجرادٌ مَسِّ يْحٌ أي خمطط .<br />
مسي بذلك تشبيهاً خلطوطها َبلشيء اجلاري )5(<br />
وقال <strong>يف</strong> اتج العروس: أبن ما ذكره صاحب اللسان من كون <strong>السياحة</strong> هي: الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة<br />
والرتهب إمنا هو معىن اصطالحي مقيد وهو حمل أتمل، وأما السُّيُوح والسَّيَحَانْ والسَّيْح: فإنه مطلق الذهاب<br />
<strong>يف</strong> األرض، سواء كان للعبادة أو غريها. )6(<br />
و<strong>يف</strong> املعجم الوسيط: "السِّ يَاحة: التنقل من بلد إىل بلد طلباً للتنزه أو االستطالع والكشف" )7(<br />
و<strong>يف</strong> املفردات: "ساح فالن <strong>يف</strong> األرض مَرَّ مَرَّ السائح، قال تعاىل: فَسِّ يحُواْ <strong>يف</strong>ِّ األَرْضِّ أَرْب َعَةَ أَشْهُر<br />
)8(<br />
سائح <strong>يف</strong> األرض وسَيَّاحٌ"<br />
ورجل<br />
وهبذا يتبني أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اللغة هي مطلق الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة أو للتنزه أو االستطالع أو غري ذلك.<br />
) 2 (<br />
) 3 (<br />
) 4 (<br />
) 5 (<br />
) 6 (<br />
) 7 (<br />
) 8 (<br />
ينظر : معجم مقاييس اللغة ، البن فارس )120/3( بتصرف .<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )2167/4(، مادة: سيح، بتصرف.<br />
فتح الباري، البن حجر، حتقيق عبدالقادر شيبة احلمد )371/2(.<br />
املصادر السابقة.<br />
ينظر: اتج العروس ، للزبيدي )168/2( بتصرف.<br />
املعجم الوسيط، إبراهيم مصطفى وأمحد الزايت وحامد عبدالقادر وحممد النجار، )467/2-1(.<br />
املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن ، للراغب األصفهاين، ص246.
أي رجع من<br />
قال <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة: "ومما يدل على صحة هذا القياس قوهلم: ساح الظل إذا فاء" )9(<br />
املغرب إىل املشرق.<br />
) 9 (<br />
البن فارس )120/3(.
املطلب الثاني<br />
تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً
:<br />
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً.<br />
الفرع األول: املفهوم الشرعي للسياحة :<br />
وردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن والسنة مبعان متنوعة متعددة وذلك كما أييت<br />
املعىن األول : الصيام<br />
<br />
يقول تبارك وتعاىل: <br />
<br />
<br />
)10(<br />
<br />
<br />
ويقول عز وجل: <br />
)11(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأخرج ابن جرير بسنده عن أيب هريرة <br />
قال: قال رسول هللا <br />
الصائمون(( )12( ، وأخرجه عن ابن عباس وابن مسعود موقوفاً)13( ،<br />
: ))السائحون هم<br />
) 10 (<br />
) 11 (<br />
) 12 (<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
سورة التحرمي، اآلية<br />
.112<br />
.5<br />
) 13 (<br />
أخرجه ابن جرير عن أيب هريرة مرفوعاً وموقوفاً، وعن عبيد بن عمري مرفوعاً <strong>يف</strong> جامع البيان )37/11( وقال ابن كثري <strong>يف</strong> حديث أيب هريرة:<br />
املوقوف أصح، وقال <strong>يف</strong> حديث عبيد بن عمري: هذا مرسل جيد )484/2(، وأخرجه السيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )547-546/7( عن الفراييب<br />
ومسدد <strong>يف</strong> مسنده، والبيهقي <strong>يف</strong> شعب االميان )293/3( وقال: احملفوظ عن ابن عيينة عن عمر وعن عبيد بن عمري عن النيب مرسالً.<br />
وابن جرير الطربي هو : حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب ويكىن أبيب جعفر، والطربي نسبة إىل طربستان وهي والية كبرية <strong>يف</strong> بالد فارس<br />
على حبر قزوين، وقد ولد عام 224ه وقيل 225ه ، كان من فقهاء الشافعية مث صار إماماً جمتهداً صاحب مذهب مستقل صنف: "أخبار األمم<br />
واترخيهم وجامع البيان <strong>يف</strong> أتويل آي القرآن واشتهر بتفسري ابن جرير ، ولط<strong>يف</strong> القول <strong>يف</strong> أحكام شرائع <strong>اإلسالم</strong> وهو مذهبه الذي اختاره وجوده<br />
واحتج له وهو ثالثة ومثانون كتاَبً ، وله كتاب القراءات واختالف علماء األمصار، واملناسك وشرح السنة وهو لط<strong>يف</strong> بني فيه مذهبه واعتقاده<br />
املوافق لعقيدة السلف أهل السنة واجلماعة وقد تو<strong>يف</strong> رمحه هللا عشية األحد ليومني بقيا من شوال سنة عشر وثالث مائة ودفن <strong>يف</strong> بغداد ، ينظر:<br />
سلسلة أعالم املسلمني 33، اإلمام الطربي، د/ حممد الزحيلي، وسري أعالم النبالء، للذهيب، )282-267/14(، بتصرف.<br />
جامع البيان، البن جرير الطربي )37/11( والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )546/7(.
. و(<br />
الضحاك )17(<br />
وهبذا قال أكثر السلف كقتادة )14(<br />
وجماهد )15( ، وعطاء 16(<br />
وقال سفيان بن عيينة: "إمنا مسي الصائم سائحاً، ألنه اترك للذات الدنيا كلها، من<br />
) 14 (<br />
ينظر: تفسري القرآن العظيم، البن أيب حا م )1890/6(، واحملرر الوجيز، البن عطية )521/14( والدر املنثور للسيوطي )546/7-<br />
547(، تفسري ابن كثري )484/2(، زاد املسري البن اجلوزي )394/3(، وفتح القدير للشوكاين )577/2( ، وقتادة هو ابن دعامة بن<br />
قتادة بن عزيز السدوسي البصري الضرير األكمه أبو اخلطاب حافظ عصره، روى عن أنس بن مالك وأيب الطفيل وسعيد بن املسيب ،<br />
وغريهم، وروى عنه أيوب السختياين واألوزاعي وأبو عوانة وغريهم قال الذهيب: "وهو حجة َبإلمجاع إذا بني السماع فإنه مدلس معروف<br />
بذلك وكان يرى القدر، نسأل هللا العفو ومع هذا فما توقف أحد <strong>يف</strong> صدقه وعدالته وحفظه"<br />
قال ابن معني: ولد قتادة سنة ستني وكان من سدوس، مات رمحه هللا بواسط سنة سبع عشرة ومائة، ينظر: سري أعالم النبالء للذهيب<br />
.)269/5(<br />
)15(<br />
)16(<br />
)17(<br />
جماهد هو: اإلمام جماهد بن جرب، أبو احلجاج املكي ، األسود، موىل السائب بن أيب السائب املخزومي، روى عن ابن عباس وأخذ<br />
عنه القرآن والتفسري والفقه وعن أيب هريرة وعائشة وسعد بن أيب وقاص ، وغريهم .<br />
وتلى عليه مجاعة منهم: ابن كثري الداري ، وأبو عمرو بن العالء وحدث عنه عكرمة وطاووس وعطاء وهم من أقرانه.<br />
قال سفيان الثوري: "خذوا التفسري من أربعة" وذكر جماهد .قال الذهيب: "وجملاهد أقوال وغرائب <strong>يف</strong> العلم والتفسري تستنكر"، ومات رمحه<br />
هللا سنة مائة وقيل ثنتني ومائة وقيل أربع وسبع ومثان بعد املائة. وعن ابن جريج قال: بلغ جماهد ثالاثً ومثانني سنة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )457-449/4(.<br />
عطاء هو ابن أيب رَبح أبو حممد القرشي موالهم املكي مفيت احلرم وشيخ <strong>اإلسالم</strong>، كان من مولدي اجلند أثناء خالفة عثمان ونشأ<br />
مبكة، حدث عن عائشة وأم سلمة ،وغريهم، وحدث عنه جماهد بن جرب ، والزهري وقتادة وغريهم.<br />
قال ابن املديين : "اسم أيب رَبح أسلم موىل صبيبة بنت ميسرة بن أيب غثيم" ، وقال ابن سعد : "هو موىل لبين فهر أو بين مجح انتهت<br />
فتوى أهل مكة إليه وإىل جماهد وأكثر ذلك إىل عطاء" مسعت بعض أهل العلم يقولون: كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج مث<br />
عمي وكان ثقة فقيهاً عاملاً كثري احلديث. مات عطاء سنة أربع عشرة ومائة وقيل مخس عشرة ومائة وعاش مثانياً ومثانني سنة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء للذهيب )78/5(.<br />
الضحاك هو بن مزاحم اهلاليل أبو حممد وقيل أبو القاسم املفسر قال الذهيب: "كان من أوعية العلم وليس َبجملود حلديثه وهو صدوق<br />
وحدث عنه عمارة بن أيب حفصة وجويرب بن سعيد ومقاتل وغريهم وثقه أمحد بن حنبل وحيىي بن معني وغريمها وحديثه <strong>يف</strong> السنن ال <strong>يف</strong><br />
الصحيحني وضعفه حيىي بن سعيد وقيل: كان يدلس ، له َبع كبري <strong>يف</strong> التفسري والقصص ، وقيل إنه مل يلق ابن عباس.<br />
تو<strong>يف</strong> الضحاك رمحه هللا سنة اثنني ومائة وقيل مخس وقيل ست مائة ينظر سري أعالم النبالء، للذهيب )600-598/4(.
املطعم واملشرب واملنكح، فهو اترك للدنيا مبنزلة السائح" )18(<br />
وقال ابن قتيبة: "السائحون: الصائمون، وأصل السائح الذاهب <strong>يف</strong> األرض .. والسائح <strong>يف</strong> األرض ممتنع من<br />
، أو ألن <strong>السياحة</strong> االستمرار<br />
الشهوات فشبه الصائم به إلمساكه <strong>يف</strong> صومه عن املطعم واملشرب والنكاح" )19(<br />
على الذهاب <strong>يف</strong> األرض كاملاء الذي جيري والصائم يستمر على فعل الطاعات وترك امللذات<br />
)20(<br />
واملشتهيات.<br />
وما ذكره ابن قتيبة نص عليه كثري من املفسرين، وهو قياس مستقيم <strong>يف</strong> زمنهم أما <strong>يف</strong> هذا الزمن فالغالب من<br />
حال السائح استمتاعه بشهوات املطعم وامللبس، وعدم حصول املشقة عليه كما كان سابقاً ، نظراً للتقدم<br />
الصناعي والتكنولوجي <strong>يف</strong> وسائل االتصاالت واملواصالت وغريها، وقد ورد <strong>يف</strong> الصحيح قوله <br />
قطعة من العذاب مينع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم هنمته من وجهه فليعجل إىل<br />
: ))السفر<br />
أهله(( )21(<br />
وال شك أن السفر قطعة من العذاب، ولو مل يكن إال مفارقة األهل واألصحاب وكون املسافر غري مستقر<br />
كاملقيم أما احلر والربد والتعب ومشقة السري فهذه تتفاوت بتفاوت األشخاص واألزمنة، والغالب <strong>يف</strong> هذا<br />
) 18 (<br />
املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، إعداد عبدالعزيز السريوان ص )213-212( ، وسفيان بن عيينة هو ابن أيب عمران ميمون<br />
موىل حممد بن مزاحم أخي الضحاك ابن مزاحم أبو حممد اهلاليل الكو<strong>يف</strong> مث املكي. ولد َبلكوفة سنة سبع ومائة ، وطلب احلديث وهو<br />
غالم ولقي الكبار ومحل عنهم ومسع من عمرو بن دينار وابن شهاب الزهري، وغريهم.<br />
وحدث عنه األعمش وابن جريج وشعبة –وهؤالء من شيوخه- ، وابن معني وابن املديين وإسحاق بن راهوية وغريهم.<br />
قال الشافعي : "لوال مالك وسفيان بن عينة لذهب علم احلجاز"، قال الذهيب: "وكان مشهوراً َبلتدليس ... إال أنه ال يدلس إال عن<br />
ثقة عنده ... وسفيان حجة مطلقاً وحديثه <strong>يف</strong> مجيع دواوين <strong>اإلسالم</strong> ... وكان سفيان رمحه هللا صاحب سنة واتباع" ، وقد ولد رمحه هللا<br />
<strong>يف</strong> النصف من شعبان سنة سبع ومائة وعاش إحدى وتسعني سنة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )454/8<br />
،)475 –<br />
–<br />
) 19 (<br />
بتصرف.<br />
املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، عبدالعزيز السريوان )ص213-212( ،<br />
وابن قتيبة هو : أبو حممد عبدهللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري، وقيل املروزي الكاتب صاحب التصان<strong>يف</strong>، نزل بغداد، وحدث عن<br />
إسحاق بن راهوية وأيب حام السجستاين وغريهم، حدث عنه ابنه القاضي أمحد وعبيدهللا السكري وغريه . ومن تصان<strong>يف</strong>ه: غريب القرآن<br />
– غريب احلديث<br />
)20(<br />
)21(<br />
مشكل القرآن، مشكل احلديث، أدب الكاتب، عيون األخبار، وغريها. ويل قضاء الدينور ، وكان يرى رأي<br />
الكرامية، ومييل إىل التشبيه .<br />
قال الذهيب : "هذا مل يصح وإن صح عنه فسحقاً له فما <strong>يف</strong> الدين حماَبة ... والرجل ليس بصاحب حديث وإمنا هو من كبار العلماء<br />
املشهورين عنده فنون مجة وعلوم مهمة". مات <strong>يف</strong> شهر رجب سنة ست وسبعني ومائتني رمحه هللا وعفا عنه.<br />
ينظر : سري أعالم النبالء ، للذهيب )302-296/13(، بتصرف.<br />
ينظر: مفاتيح الغيب، للرازي )162/8(.<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب اإلمارة ، َبب السفر قطعة من العذاب، رقم )1927(، قال النووي <strong>يف</strong> شرحه: )75-74/13(<br />
"معناه مينعه كماهلا ولذيذها ملا فيه من املشقة والتعب ومقاساة احلر والربد والسرى واخلوف ومفارقة األهل واألصحاب وخشونة<br />
العيش... واملقصود <strong>يف</strong> هذا احلديث استحباب تعجيل الرجوع إىل األهل بعد قضاء شغله وال يتأخر مبا ليس له مبهم".
الزمان انعدامها َبلنسبة لسفر <strong>السياحة</strong> وإن كانت قد حتصل لبعض السواح كما أهنا قد حتصل لغري السواح<br />
من املسافرين كالعمال وغريهم.<br />
قال ابن حجر: "<strong>يف</strong> احلديث كراهة التغرب عن األهل لغري حاجة واستحباب استعجال الرجوع وال سيما<br />
من خيشى عليهم الضيعة َبلغيبة، وملا <strong>يف</strong> اإلقامة <strong>يف</strong> األهل من الراحة املعينة على صالح الدين والدنيا، وملا<br />
<strong>يف</strong> اإلقامة من حتصيل اجلمع واجلماعات والقوة على العبادة. قال ابن بطال: وال تعارض بني هذا احلديث<br />
وحديث ابن عمر مرفوعاً ))سافروا تصحوا(( فإنه ال يلزم من الصحة َبلسفر ملا فيه من الرايضة أن ال<br />
يكون قطعة من العذاب ملا فيه من املشقة، فصار كالدواء املر املعقب للصحة وإن كان <strong>يف</strong> تناوله<br />
الكراهة" )22(<br />
وقال ابن عبدالرب: "<strong>يف</strong> هذا احلديث دليل على أن طول التغرب عن األهل لغري حاجة وكيدة من دين أو<br />
دنيا ال يصلح وال جيوز، وأن من انقضت حاجته، لزمه االستعجال إىل أهله الذين ميوهنم ويقوهتم خمافة ما<br />
حيدثه هللا بعده فيهم، قال رسول هللا : ))كفى َبملرء إمثاً أن يضيع من يقوت((<br />
)23( ."<br />
)22(<br />
فتح الباري )730/3( ، وابن حجر هو : أمحد بن علي بن حممد الكناين العسقالين ، أبو الفضل شهاب الدين ابن حجر ، أصله<br />
من عسقالن بفلسطني ومولده ووفاته مبصر )852-773ه ) وويل قضاءها وكان مولعا َبألدب والشعر مث أقبل على احلديث وصار<br />
حافظ <strong>اإلسالم</strong> وله تصان<strong>يف</strong> بديعة منها : فتح الباري شرح صحيح البخاري وبلوغ املرام وتلخيص احلبري ولسان امليزان وهتذيب<br />
التهذيب واإلصابة ولتلميذه السخاوي كتاب <strong>يف</strong> ترمجته .<br />
ينظر : األعالم ، للزركلي<br />
178 -1<br />
ولالستزادة : الضوء الالمع<br />
36-2<br />
والبدر الطالع<br />
. 87-1<br />
وابن بطال هو : أبو احلسن علي بن خلف بن بطال البكري القرطيب ، ويعرف َببن اللجام ، عين َبحلديث عناية اتمة<br />
وشرح الصحيح <strong>يف</strong> عدة أسفار ، واستقضي حبصن لورقة ، كان من كبار املالكية قاله القاضي عياض وتو<strong>يف</strong> عام449<br />
ينظر : سري أعالم النبالء ، )47-18<br />
.)<br />
وحديث ( سافروا تصحو ) رواه أبو هريرة أيضا، كما أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده، أبواب صالة املسافر، َبب فضل السفر واحلث عليه رقم<br />
1151، وصححه املناوي، وحسنه السيوطي، ينظر: الفتح الرَبين مع بلوغ األماين، للبنا )54/5(، وضعفه األلباين <strong>يف</strong> ضع<strong>يف</strong> اجلامع<br />
)3210( ، وله شواهد أخرى ضعفها األلباين )3211<br />
كشف اخلفا، للعجلوين )239/1(، رقم )1455(=<br />
– 3213 – 3212 –<br />
)23(<br />
3219(، و<strong>يف</strong> إسناده ابن هليعة، ص)471( وينظر:<br />
= وقال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )324/5(: "رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط عن شيخه موسى بن زكراي فإن كان الراوي عن شباب فقد تكلم فيه<br />
الدار قطين وإن كان غريه فلم أعرفه وبقية رجاله ثقات. وعن ابن عمر قال قال رسول هللا سافروا تصحوا وتسلموا رواه الطرباين <strong>يف</strong><br />
األوسط وفيه حممد بن عبدالرمحن بن رواد وهو ضع<strong>يف</strong>".<br />
فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب، ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار أحاديث التمهيد، للمغراوي )65/8( ، وابن عبد<br />
الرب هو : أبوعمر يوسف بن عبد هللا بن حممد األندلسي القرطيب كان ظاهراي مث صار مالكيا<br />
مع ميل ألقوال الشافعي كان فقيها حمداث عاملا َبلقراءات والرجال واحلديث صنف التمهيد والكا<strong>يف</strong> والبيان وغريها بلغ<br />
رتبة اجملتهدين وادرك الكبار وطال عمره وعالسنده ومات <strong>يف</strong> 463عاش95سنه ينظر: سريأعالم النبالء<br />
. 153-18<br />
و احلديث أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الزكاة ، َبب <strong>يف</strong> صلة الرحم، ص )1349( رقم )1692( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )160/2<br />
–<br />
)195 –194
وقد سئل فضيلة الشيخ عبدهللا اجلربين عن هذا احلديث وعدم توافقه مع احلال <strong>يف</strong> هذا الزمان فأجاب<br />
حفظه هللا بقوله: "احلديث صحيح ولكنه حممول على السفر <strong>يف</strong> ذلك الزمان فإن النيب عندما تكلم<br />
َبحلديث كان السفر عند السامعني فيه مشقة وصعوبة، فإهنم كانوا يسافرون على اإلبل وكان أكثرهم<br />
سريهم على أقدامهم ألن الرواحل قد تكون مرهقة وحمملة َبملتاع فقد كانوا إذا طال هبم السفر محلوا<br />
رواحلهم الزاد واملتاع كالطعام والشراب والفرش واألواين فال يبقى هلم مكان عليها فيضطرون للمشي على<br />
األقدام بل إهنم حىت لو ركبوا على رواحلهم فإن املشقة ال تزال فكان أحدهم يركب فوق الرحل على ظهر<br />
البعري وجيمع ركبتيه وقد ال يتمكن من اجللوس إال جبلسة القرفصاء أو جيلس مُستوفزاً فال ينزل إال وقد<br />
أرهق إضافة إىل أنه يكون َبرزاً للشمس والشمس تشوي صدره وظهره، مث إذا نزل احتاج إىل إعداد<br />
الطعام وإصالحه وهتيئته علف لراحلته ومجع احلطب وإصالح ظل ليجلس فيه وترتيب الفراش وحنو<br />
ذلك فيكون عليه مشقة <strong>يف</strong> إصالح ذلك كله، فيكون السفر فيه عذاب وصعوبة ومشقة أما <strong>يف</strong> هذه<br />
األزمنة مع وجود هذه الرواحل السريعة <strong>يف</strong> سريها واملك<strong>يف</strong>ة واملهيئة واليت ال يكلف الركوب فيها وال<br />
قيادهتا مشقة والطرق مأمونة ويوجد غالباً على الطريق اسرتاحات جيد فيها املسافر من خيدمه وجيد<br />
فيها الطعام والشراب والظل والفراش فتصبح األسفار <strong>يف</strong> هذه احلال ال مشقة فيها.<br />
فيكون احلديث حمموالً على السفر املعتاد قدمياً وإذا وجد بعض املشقة حىت <strong>يف</strong> زماننا هذا صار<br />
)24(<br />
السفر قطعة من العذاب" ا.ه .<br />
وقال ابن قتيبة <strong>يف</strong> قوله: سَائِّحَات<br />
)25(<br />
تشبيهاً َبلسائح الذي ال زاد معه"<br />
: "صائمات. ويرى أهل النظر أنه إمنا مسي الصائم سائحاً:<br />
وقال ابن عطية : "السائحون معناه: الصائمون، وروي عن عائشة رضي هللا عنها أهنا قالت: "سياحة<br />
هذه األمة الصيام" ، أسنده الطربي، وروي أنه من كالم النيب "<br />
)26(<br />
)24(<br />
املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر<br />
171<br />
) 25 (<br />
) 26 (<br />
فتوى هتم املسافر للعالمة عبدهللا اجلربين ، مجع وإعداد حممد العر<strong>يف</strong>ي، ص )101-100(.<br />
املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، للسريوان )2/3( ، وابن قتيبة تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص<br />
. 23<br />
احملرر الوجيز ، البن عطية ، )55/7( ، قال احملقق: "اخلرب املسند إىل عائشة أسنده الطربي، أما أنه من كالم النيب فقد روي<br />
عن أيب هريرة موقوفاً كما قال الشوكاين" ، وقد أخرجه السيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )546/7( موقوفاً على عائشة.<br />
وابن عطية هو: شيخ املفسرين أبو حممد عبداحلق بن احلافظ أيب بكر غالب بن عطية احملاريب األندلسي الغرانطي املالكي، حدث عن<br />
أبيه وعن احلافظ الغساين وغريهم، كان إماماً <strong>يف</strong> الفقه والتفسري والعربية، من مصنفاته احملرر الوجيز <strong>يف</strong> التفسري ولد سنة مثانني وأربع مائة،<br />
ويل قضاء املرية سنة تسع وعشرين ومخس مائة، تو<strong>يف</strong> حبصن لورقة <strong>يف</strong> اخلامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعني ومخس<br />
مائة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء ، للذهيب ( /588-587(، بتصرف ، والطربي تقدم ترجيه ص<br />
. 21
وقال ابن العريب: "السائحون هم الصائمون <strong>يف</strong> هذه امللة، حىت فسد الزمان فصارت <strong>السياحة</strong> اخلروج من<br />
األرض عن اخللق لعموم الفساد وغلبة احلرام، وظهور املنكر" )27(<br />
وذكر بعض أهل اللغة أبن تفسري <strong>السياحة</strong> َبلصوم <strong>يف</strong> هذه اآلايت هو قول أهل اللغة والتفسري مجيعاً. )28(<br />
وهذا حمل نظر فإن منهم من خالف <strong>يف</strong> ذلك كما سيأيت ولكنه قول اجلمهور من املفسرين )29(<br />
)30(<br />
)واستعريت <strong>السياحة</strong> للصوم ألنه يعوق عن الشهوات، كما أن <strong>السياحة</strong> متنع عنها <strong>يف</strong> األكثر(<br />
وخص بعضهم السائحني <strong>يف</strong> هذه اآلايت مبن يصوم رمضان أو مبن يدمي الصيام. )31(<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا : "<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد لغري مقصود مشروع كما يعانيه بعض النساك أمر<br />
منهي عنه، قال اإلمام أمحد: ليست <strong>السياحة</strong> من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء، وال من فعل النبيني وال الصاحلني وأما<br />
<strong>السياحة</strong> املذكورة <strong>يف</strong> القرآن من قوله:<br />
<br />
ومن قوله: <br />
<br />
فليس املراد هبا هذه <strong>السياحة</strong> املبتدعة، فإن هللا قد وصف النساء الاليت<br />
يتزوجهن رسوله بذلك، واملرأة املتزوجة ال يشرع هلا أن تسافر <strong>يف</strong> الرباري سائحة، بل املراد َبلسياحة شيئان:<br />
وهو يشري بكالمه إىل ما <strong>يف</strong>عله غالة الصوفية من اعتزال اخللق والتفرد <strong>يف</strong> الرباري<br />
)أحدمها( الصيام" )32(<br />
=<br />
) 27 (<br />
أحكام القرآن، البن العريب )1020/2(، وهو: القاضي أبو بكر حممد بن عبدهللا بن حممد ابن العريب األندلسي اإلشبيلي املالكي،<br />
صاحب التصان<strong>يف</strong>، ولد <strong>يف</strong> سنة مثان وستني وأربع مائة، وكان أبوه من كبار أصحاب ابن حزم الظاهري خبالف ابنه القاضي فإنه منافر<br />
البن حزم.<br />
ارحتل مع أبيه لبغداد ودمشق وبيت املقدس واملدينة ومصر وأخذ عن علمائها، وتفقه َبإلمام الغزايل والشاشي والتربيزي، ورجع لألندلس<br />
سنة إحدى وتسعني وأربع مئة ، وكان من كبار احملدثني فيها =<br />
صنف: عارضة األحوذي <strong>يف</strong> شرح جامع الرتمذي، وفسر القرآن <strong>يف</strong> أحكام القرآن، وله كوكب احلديث واملسلسالت، قال الذهيب:<br />
"كان القاضي أبو بكر ممن يقال: إنه بلغ رتبة االجتهاد"<br />
تو<strong>يف</strong> رمحه هللا بفاس <strong>يف</strong> شهر ربيع اآلخر سنة ثالث وأربعني ومخس مائة ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب<br />
بتصرف.<br />
)204-197/20(<br />
) 28 (<br />
) 29 (<br />
قاله الزجاج، ينظر: حماسن التأويل جلمال الدين القامسي )510/5(.<br />
ينظر: تفسري القرآن العظيم البن أيب حا م )1889/6(، أحكام القرآن، البن العريب )1020/2(، احملرر الوجيز، البن عطية )55/7(،<br />
)521/14(، زاد املسري ، البن اجلوزي )506/3(، تفسري ابن كثري )484/2(، اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب )270/4(، الدر املنثور<br />
، للسيوطي )547/7(، فتح القدير للشوكاين )577/2 و<br />
333/5( حماسن التأويل ، للقامسي )275/9(.<br />
) 30 (<br />
) 31 (<br />
حماسن التأويل ، جلمال الدين القامسي )511/5(.<br />
ينظر: تفسري القرآن العظيم، البن أيب حا م )1890/6( تفسري ابن كثري )484/2(، الدر املنثور ، للسيوطي )547/7( فتح القدير،<br />
للشوكاين )577/2(.<br />
) 32 (<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )643/10(.
واملشاقة <strong>يف</strong> العبادة حىت وصل هبم األمر إىل ادعاء الكشف واخلوارق ويقولون: )<strong>السياحة</strong> الروحية احلقيقية أن<br />
تعود للبداية حىت تنكشف لك النهاية( )33(<br />
وهلم تفصيل <strong>يف</strong> ذلك، ال أرى حاجة لذكره. )34(<br />
واملراد أن الصيام من معاين <strong>السياحة</strong> شرعاً، فهو سياحة للنفس <strong>يف</strong> التحرر من شهواهتا والتقرب إىل َبرئها<br />
وتربيتها على الصرب وقوة اإلرادة والعزمية الصادقة واإلميان الراسخ وال شك أن فيه مشقة اخلروج عن املألوف<br />
واالمتناع عن شهوات النفوس حىت ال حتكمها عادة وال تضعها شهوة ، فإذا ما قهر العبد نفسه َبلصوم<br />
أسلمت له قيادها وألقت إليه زمامها فيسري هبا إىل اخلري الذي ينشده والسعادة اليت يريدها، فالصوم من<br />
أجنح ما يداوي به املرء نفسه ويستعني به على تقوى هللا والفوز برضاه )35(<br />
كما قال سبحانه: <br />
)36(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> هذا إشارة إىل أن الصوم تطهري للنفس وتزكية وتربية هلا على مراقبة هللا وجتنب الرايء واملنكرات والكف<br />
عن الشهوات فيقوى إميان العبد وتصفو عقيدته وتعلو مهته وتكتمل مروءته وميلك أمر نفسه ويبلغ الرفعة<br />
والسمو والكمال الروحي وال شك أن هذا من ألوان <strong>السياحة</strong> الروحية للنفس )37(<br />
فاإلنسان جسد سفلي وروح علوي فلجسده مطالب من جنس علله السفلى ولروحه مطالب علوية من<br />
جنسها فإذا أخضع روحه ملطالب جسده وحَكَّمَ غريزته احليوانية فقد استحكمت هبيميته على عقله وروحه<br />
أما إذا عرف قيمة نفسه وحَكَّمَ جانب الروح حىت خيُْضِّعَ جسده هلا فتغلب روحه على نزعات جسده<br />
ويصفو قلبه من مهزات الشيطان ويزداد حباً لربه وقرَبً إليه فيكون إنساانً عاقالً مرتفعاً عن الداناي متحرراً من<br />
سلطان أهوائه وغرائزه البهيمية ومتغلباً عليها )38(<br />
ولذا كان للصوم منزلة رفيعة <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> فهو أحد أركانه ومبانيه وثوابه عظيمكما قال : ))كل عمل ابن<br />
آدم يضاعف احلسنة بعشر أمثاهلا إىل سبعمائة ضعف قال هللا عز وجل إال الصوم فإنه يل وأان أجزي به،<br />
) 33 (<br />
) 34 (<br />
) 35 (<br />
) 36 (<br />
) 37 (<br />
) 38 (<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود ، ص96.<br />
لالستزادة بنظر: املصدر السابق.<br />
ينظر: املصدر السابق ص188، بتصرف .<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.183<br />
ينظر: املصدر السابق، ص188، بتصرف.<br />
ينظر: الصوم مدرسة تريب الروح وتقوي اإلرادة، عبدالرمحن الدوسري، ص228 بتصرف.
يدع شهوته وطعامه من أجلي وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه وخللوف فم الصائم عند<br />
هللا أطيب من ريح املسك(( )39(<br />
)40(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول سبحانه: <br />
والصيام من الصرب، أو هو نصف<br />
الصرب )41(<br />
املعىن الثاين: اجلهاد<br />
فقد ذهب عطاء، وبعض املفسرين )42( ، إىل تفسري <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />
َبجلهاد .<br />
<br />
وقد جاء <strong>يف</strong> السنة ما يدل على أن <strong>السياحة</strong> اجلهاد ، كما <strong>يف</strong> حديث أيب أمامة: ))أن رجالً قال: اي رسول<br />
هللا، ائذن يل َبلسياحة فقال النيب <br />
:<br />
))إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل(( )43(<br />
قال <strong>يف</strong> عون املعبود: "كأن هذا السائل استأذن النيب <strong>يف</strong> الذهاب <strong>يف</strong> األرض قهراً لنفسه مبفارقة املألوفات<br />
واملباحات واللذات وترك اجلمعة واجلماعات، وتعليم العلم وحنوه، فرد عليه ذلك كما رد على عثمان بن<br />
مظعون التبتل" )44(<br />
) 39 (<br />
متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم ، َبب فضل الصوم وَبب هل يقول إين صائم إذا شتم، )ص148( ، )1894-<br />
1904( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام ، َبب فضل الصيام رقم<br />
163/2706-161/2704، ص862.<br />
) 40 (<br />
) 41 (<br />
) 42 (<br />
سورة الزمر ، اآلية<br />
ص<br />
.10<br />
ينظر: شعب اإلميان للبيهقي ، حتقيق أبو هاجر زغلول ، )291/3( بتصرف.<br />
ينظر: تفسري القرآن العظيم، البن أيب حا م )1889/6( ، زاد املسري البن اجلوزي )506/3( واجلامع ألحكام القرآن للقرطيب<br />
)270/4( وتفسري ابن كثري )484/2(، وفتح القدير للشوكاين )577/2(، الدر املنثور للسيوطي )548/7( ، وعطاء تقدم ترجيه <strong>يف</strong><br />
. 22<br />
) 43 (<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> النهي عن <strong>السياحة</strong>، عن القاسم أيب عبدالرمحن عن أيب أمامة، قال املنذري: القاسم<br />
هذا تكلم فيه غري واحد وقال أمحد شاكر: "ما هكذا يكون التعليل وما أبس <strong>يف</strong> أن يتكلم فيه غري واحد؟ القاسم هذا هو ابن عبد<br />
الرمحن الشامي، وكنيته أبو عبد الرمحن، وهو ثقة، وثقة ابن معني وغريه، ومن تكلم فيه لبعض رواايته فالراجح أن العلة <strong>يف</strong> الرواة عنه<br />
ولذلك ترمجه البخاري <strong>يف</strong> الكبري 4ق1ص159 ومل يذكر=<br />
=<br />
فيه جرحاً" ينظر: خمتصر سنن أيب داود للحافظ املنذري ومعامل السنن<br />
للخطايب وهتذيب ابن القيم، حتقيق أمحد شاكر وحممد الفقي )357/3(<br />
واحلديث صححه احلاكم )73/2( وأقره الذهيب ، وقال النووي <strong>يف</strong> رايض الصاحلني )307/1( رواه أبو داود إبسناد جيد وأخرجه ابن<br />
أيب حام <strong>يف</strong> تفسريه )1890/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> شعب اإلميان )14/4( والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )548/7(.<br />
وأبو أمامة هو صدي بن عجالن بن احلارث ويقال ابن وهب الباهلي مشهور بكنيته، صاحب رسول هللا ، ونزيل محص روى علماً<br />
كثرياً وحدث عن النيب وعمر ومعاذ وغريهم وروى عنه شهر بن حوشب وشرحبيل بن مسلم وخالد بن معدان وغريهم روي أنه َبيع<br />
حتت الشجرة، قال ابن سعد سكن الشام وأخرج الطرباين بسند ضع<strong>يف</strong> أنه شهد أحداً وقال ابن حبان: كان مع علي بصفني ومات<br />
سنة ست ومثانني وقيل إحدى ومثانني .<br />
ينظر: اإلصابة ، البن حجر )240/4-3( ، سري أعالم النبالء، للذهيب، )363-359/3( .
و<strong>يف</strong> بذل اجملهود: "أراد – يعين َبلسياحة – مفارقة األمصار وسكن الرباري وترك اجلمعة واجلماعات قال<br />
النيب <br />
: ))إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل(( وإمنا مل أيذنه <br />
ملا فيه ترك تعلم العلم وترك<br />
اجلهاد: وإمنا دله على اجلهاد ألن اجلهاد <strong>يف</strong> ذلك الزمان وكذا <strong>يف</strong> أكثر األزمان ذروة سنام <strong>اإلسالم</strong> وفيه كبت<br />
الكفر والضالل" )45(<br />
و<strong>يف</strong> هذا إشارة إىل أن <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية املبتدعة املذمومة املتمثلة <strong>يف</strong> التبتل واالنقطاع<br />
التام للعبادة<br />
<br />
<br />
واالعتزال لذلك واملشاقة فيه ليست<br />
من <strong>اإلسالم</strong> كما قال سبحانه:<br />
)46( <br />
<br />
وعن سعد بن أيب وقاص<br />
رضي هللا عنه<br />
قال: "رد رسول هللا <br />
على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له<br />
)47(<br />
الختصينا"<br />
وقال <br />
للثالثة الذين تقالوا عبادته – فقال أحدهم أصلي وال أانم وقال اآلخر أصوم وال أفطر وقال<br />
الثالث: ال أتزوج النساء: ))أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما وهللا إين ألخشاكم هلل وأتقاكم له، لكين أصوم<br />
وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنيت فليس مين(( )48(<br />
فهذه <strong>السياحة</strong> ليست من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء وإمنا سياحة األمة اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل فإن فضله وأثره<br />
وأجره أعظم من هذه الرهبانية وهلذا أرشد النيب السائل إىل اجلهاد، وملا قيل له ما يعدل اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل<br />
هللا، قال ال تستطيعوه ، قال فأعادوا عليه مرتني أو ثالاثً كل ذلك يقول: ال تستطيعونه، وقال <strong>يف</strong> الثالثة<br />
))مثل اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا كمثل الصائم القائم القانت آبايت هللا ال <strong>يف</strong>رت من صيام وال صالة حىت يرجع<br />
اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا تعاىل(( )49(<br />
) 44 (<br />
) 45 (<br />
) 46 (<br />
) 47 (<br />
عون املعبود ، شرح سنن أيب داود للعظيم أَبدي مع شرح ابن القيم اجلوزية )164/7( وسيأيت حديث عثمان بن مظعون وترمجته.<br />
بذل اجملهود <strong>يف</strong> حل أيب داود، للسهارنفوري مع تعليق الكاندهلوي )383/12-11(.<br />
سورة احلديد، اآلية<br />
.27<br />
=<br />
) 48 (<br />
) 49 (<br />
أخرجه البخاري ، كتاب النكاح، َبب ما يكره من التبتل واخلصاء )ص439( رقم )5073( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب النكاح ، َبب<br />
استحباب النكاح ملن اتقت إليه نفسه )ص910( رقم )1402/6/3404( =<br />
وعثمان بن مظعون هو: ابن حبيب بن وهب بن حذافة اجلمحي ، أبو السائب من سادة املهاجرين، كان أول من دفن َبلبقيع<br />
وقد أسلم بعد ثالثة عشر رجالً، وهاجر اهلجرتني وتو<strong>يف</strong> بعد بدر وكان من العباد حىت هم أن خيتصي، وكان ممن حرم اخلمر <strong>يف</strong> اجلاهلية<br />
مات <strong>يف</strong> شعبان سنة ثالث.<br />
ينظر: اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة، البن حجر )225/4-3( وسري أعالم النبالء ، للذهيب )160-153/1(، بتصرف.<br />
أخرجه البخاري ، كتاب النكاح ، َبب الرتغيب <strong>يف</strong> النكاح )ص438( رقم )5063( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب النكاح ، َبب استحباب<br />
النكاح ملن اتقت نفسه إليه )ص910( رقم )1401/5/3403(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة َبب فضل الشهادة <strong>يف</strong> سبيل هللا ص )1015( ، رقم )1878/110/4869(، وأخرج البخاري حنوه <strong>يف</strong><br />
كتاب اجلهاد والسري َبب فضل اجلهاد والسري ، ص224<br />
رقم )2785( .
ويقول املوىل سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
)50( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال <br />
ملعاذ بن جبل: ))إن شئت أنبأتك برأس األمر وعموده وذروة سنامه، فقال معاذ: أجل اي رسول هللا ، فقال:<br />
((<br />
)51(<br />
أما رأس األمر ف<strong>اإلسالم</strong> وأما عموده فالصالة، وأما ذروة سنامه فاجلهاد((<br />
فاجلهاد هو <strong>السياحة</strong> والرهبانية املشروعة .<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا : "واألمر َبجلهاد وذكر فضائله <strong>يف</strong> الكتاب والسنة أكثر من أن حيصر<br />
وهلذا كان أفضل ما تطوع به اإلنسان وكان َبتفاق العلماء أفضل من احلج والعمرة ومن الصالة التطوع<br />
والصوم التطوع كما دل عليه الكتاب والسنة" مث ذكر األدلة <strong>يف</strong> فضل اجلهاد وعظم منزلة اجملاهد، مث قال:<br />
"وهذا َبب واسع مل يرد <strong>يف</strong> ثواب األعمال وفضلها مثل ما ورد فيه وهو ظاهر عند االعتبار فإن نفع اجلهاد<br />
)52(<br />
عام لفاعله ولغريه <strong>يف</strong> الدين والدنيا ومشتمل على مجيع أنواع العبادات"<br />
<br />
<br />
املعىن الثالث : األمان<br />
قال ابن قتيبة - <strong>يف</strong> تفسري قول هللا عز وجل: <br />
-<br />
)53( <br />
<br />
: "اذهبوا آمنني أربعة أشهر" )54(<br />
و<strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن: "أي سريوا <strong>يف</strong> األرض مقبلني ومدبرين آمنني غري خائفني أحداً من املسلمني<br />
حبرب وال سلب وال قتل وال أسر" )55(<br />
) 50 (<br />
) 51 (<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.95<br />
رواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )237/5(، رقم 22121، وابن ماجة <strong>يف</strong> كتاب الفنت َبب كف اللسان <strong>يف</strong> الفتنة ص)2715( رقم )3973(<br />
والرتمذي <strong>يف</strong> أبواب اإلميان، َبب ما جاء <strong>يف</strong> حرمة الصالة ص )1915( رقم )2616( والنسائي <strong>يف</strong> الكربى، كتاب التفسري َبب قوله<br />
تعاىل: تَتَجَاَفَ جُنُوهبُُْم عَنِّ الْمَضَاجِّ ِّع )428/6( وقال احلاكم: صحيح على شرطهما ووافقه الذهيب )76/2( وأخرجه الطيالسي <strong>يف</strong><br />
مسنده )76/2( رقم )560( .<br />
) 52 (<br />
) 53 (<br />
) 54 (<br />
وصححه شعيب األرانؤوط مبجموع طرقه، ينظر: جامع العلوم واحلكم )274/1(.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )352/28(.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.2<br />
املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، للسريوان ، ص213 ، وابن قتيبة تقدم ترجيه ص<br />
23<br />
( 55 ) للقرطيب .)64/4(
وقال ابن العريب : "املعىن: لكم <strong>يف</strong> األرض مسري أربعة أشهر ، واختربوا فيها، وحرروا أعمالكم، وانظروا<br />
مآلكم، فإن دخلتم <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> فلكم األمان واالحرتام وإن استمررم على الكفر عوملتم مبعاملة الكفار من<br />
القتل واإلسار" )56(<br />
و<strong>يف</strong> حماسن التأويل: "أي فقولوا هلم: سريوا <strong>يف</strong> األرض بعد نبذان العهد آمنني من القتل والقتال مدة أربعة<br />
)57(<br />
أشهر ... واملقصود أتمينهم من القتل، وتفكرهم واحتياطهم ليعلموا أهنم ليس هلم بعدها إال الس<strong>يف</strong>"<br />
فاهلل عز وجل <strong>يف</strong> هذه اآلية أمر املشركني َبلسياحة والسري <strong>يف</strong> األرض إىل حيث يريدون خالل هذه املدة،<br />
وإمنا هي مهلة وأمان هلم<br />
وليس املراد تكل<strong>يف</strong>هم َبلسياحة والسري <strong>يف</strong> األرض حقيقة كما قال الشوكاين )58(<br />
خالل هذه املدة وقد اختلف املفسرون <strong>يف</strong> هذه األشهر اليت قدرت للسياحة على أربعة أقوال:<br />
األول: أهنا من شوال <strong>يف</strong> السنة الثامنة إىل صفر من السنة التاسعة.<br />
الثاين: أهنا عشرون من ذي احلجة أوهلا يوم النحر إىل متام أربعة أشهر.<br />
الثالث: أهنا من الثالث من أول يوم من ذي القعدة.<br />
الرابع: أهنا <strong>يف</strong> الرابع من يوم يبلغهم العلم. )59(<br />
قال ابن العريب : "والصحيح أنه من يوم النحر، فبذلك كان البدء وإليه كان املنتهى" )60(<br />
واختلفوا ملن هذا العهد واألمان :<br />
فقيل: إن هذه األشهر األربعةكانت عهداً ملن له عهد دون األربعة أشهر فأمتت له وأما من كان له عهد<br />
مؤقت فأجله إىل مدته مهما كانت .<br />
)61(<br />
واختار هذا ابن جرير وغريه.<br />
)62(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
لقوله تعاىل: <br />
( 56 ) <strong>يف</strong> أحكام القرآن ، 894/2<br />
وابن العريب تقدمت ترمجته ص<br />
، 26<br />
) 57 (<br />
و<strong>يف</strong> تفسري العز بن عبدالسالم، ص201 : "قوله: )فسيحو( أمان،<br />
)<strong>يف</strong> األرض(: تصرفوا ك<strong>يف</strong> شئتم أو سافروا حيث أرد م و<strong>السياحة</strong> : السري على مهل أو البعد على وجل"<br />
جلمال الدين القامسي<br />
.347/5<br />
( 58 ) <strong>يف</strong> فتح القدير )477/2(، بتصرف.<br />
) 59 (<br />
) 60 (<br />
) 61 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )895/2(، وزاد املسري البن اجلوزي )394/3(، وأضواء البيان، للشنقيطي )429/2(،<br />
بتصرف.<br />
. املصدر السابق<br />
ينظر: احملرر الوجيز ، البن عطية )402/6(، واجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )64/4( ، وفتح القدير للشوكاين )477/2( ، وابن<br />
جرير تقدمت ترمجته ص<br />
. 21<br />
) 62 (<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.4
وقيل: هذا أتجيل للمشركني مطلقاً، فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفع إليها ومن كانت أكثر<br />
حط إليها ومن كان عهده بغري أجل حُدَّ هبا مث هو بعد ذلك حرب هلل ولرسوله، يقتل حيث وجد إال أن<br />
يتوب ويؤمن. )63(<br />
وقيل: هو أتجيل للصنفني، فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر فيمهل متام األربعة، ومن كانت مدة<br />
)64(<br />
عهده غري حمددة فيقصر على األربعة.<br />
ولعل األول هو األقرب مجعاً بني اآليتني ملا ورد ))أن رسول هللا بعث أَب بكر وأمره أن ينادي هبؤالء<br />
الكلمات مث اتبعه عليا وأمره أن ينادي هبؤالء الكلمات، فانطلقا فحجا، فقام علي <strong>يف</strong> أايم التشريق فنادى:<br />
أن هللا برئ من املشركني ورسوله فسيحوا <strong>يف</strong> األرض أربعة أشهر وال حيجن بعد العام مشرك..(( احلديث )65(<br />
و<strong>يف</strong> رواية: ))ومن كان بينه وبني رسول هللا <br />
عهد فعهده إىل مدته ومن مل يكن له عهد فأجله أربعة<br />
أشهر(( )66(<br />
<br />
<br />
قال ابن حجر: "استدل هبذا الكالم األخري على أن قوله تعاىل: <br />
خيتص مبن مل يكن له عهد مؤقت أو مل يكن له عهداً أصالً، وأما من له عهد مؤقت فهو إىل مدته" )67(<br />
قال ابن كثري: "وهذا أحسن األقوال وأقواها" )68(<br />
وقال اجلصاص: "وجائز أن يكون املعنيان صحيحني وأن يكون جعل أجل بعضهم إىل مدته طالت املدة أو<br />
قصرت... فكان أجل بعضهم وهم الذين خ<strong>يف</strong> غدرهم وخيانتهم أربعة أشهر وأجل من مل خيش غدرهتم إىل<br />
مدهتم" )69(<br />
) 63 (<br />
) 64 (<br />
) 65 (<br />
) 66 (<br />
ينظر: املصادر السابقة ، وأحكام القرآن ، للجصاص )78/3(، وزاد املسري، البن اجلوزي )395/3( ، وتفسري ابن كثري )412/2(،<br />
بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة ، وحماسن التأويل، للقامسي )347/5( بتصرف.<br />
أخرجه الرتمذي، <strong>يف</strong> كتاب التفسري، َبب ومن سورة التوبة )ص/1964( ، رقم )3091( وقال: حسن غريب، وصححه احلاكم<br />
)52/3( ووافقه الذهيب.<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> التفسري )ص1964/رقم3092( وقال: حديث حسن، وصححه احلاكم )52/3( ووافقه الذهيب.<br />
( 67 ) <strong>يف</strong> فتح الباري ، حتقيق عبدالقادر شيبة احلمد )175/8( ، وابن حجر تقدمت ترمجته ص<br />
. 24<br />
( 68 ) <strong>يف</strong> تفسريه )412/2( ، وابن كثري هو :<br />
مؤرخ فقيه ولد َبلشام<br />
701<br />
وكان من كبار علماء الشافعية تو<strong>يف</strong> عام<br />
إمساعيل بن عمر بن كثري أبو الفداء عماد الدين الدمشقي القرشي حافظ<br />
وكان من تصان<strong>يف</strong>ه البداية والنهاية والباعث احلثيث واختصار السرية النبوية والتكميل<br />
774<br />
ه ، ينظر :األعالم<br />
320-1<br />
ولالستزادة : شذرات الذهب<br />
231 - 6<br />
( 69 ) <strong>يف</strong> أحكام القرآن )78/3( ، واجلصاص هو :<br />
أمحد بن علي ، أبو بكر الرازي ، كان مشهورا َبلزهد والورع درس
املعىن الرابع: السري <strong>يف</strong> األرض<br />
فقد وردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> كالم الشارع مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض، وذلك على ثالثة أقسام:<br />
األول: <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض مطلقاً :<br />
ومن ذلك ما تقدم <strong>يف</strong> املعىن الثالث <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
السري <strong>يف</strong> األرض.<br />
قال ابن حجر: "فسيحوا : فسريوا" )70(<br />
فاملراد هو<br />
و<strong>يف</strong> فتح القدير : "هذا أمر منه سبحانه َبلسياحة بعد اإلخبار بتلك الرباءة و<strong>السياحة</strong>: السري،<br />
فالن <strong>يف</strong> األرض يسيح سياحة وسيوحاً وسيحاانً" )71(<br />
يقال: ساح<br />
ولكن ليس املراد<br />
و<strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن وكذا <strong>يف</strong> حماسن التأويل: "فسيحوا : أي سريوا <strong>يف</strong> األرض" )72(<br />
تكل<strong>يف</strong>هم َبلسري <strong>يف</strong> األرض حقيقة وإمنا هو كناية عن أتمينهم خالل هذه املدة، ولذا أفردته مبعىن مستقل.<br />
قال <strong>يف</strong> زاد املسري: "قوله تعاىل : <br />
<br />
<br />
مكروه" )73(<br />
أي : انطلقوا فيها آمنني ال يقع بكم منا<br />
وورد <strong>يف</strong> السنة قول النيب : ))إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض فُضُالً عن كُتَّابِّ الناس فإذا وجدوا أقواماً<br />
يذكرون هللا تنادوا هلموا إىل بغيتكم فيجيئون فيحفون هبم إىل السماء الدنيا فيقول هللا: أي شيء تركتم<br />
عبادي يصنعون؟ فيقولون: تركناهم حيمدونك وميجدونك ويذكرونك ...(( احلديث<br />
)74(<br />
و<strong>يف</strong> حتفة األحوذي: "قوله: ))سياحني <strong>يف</strong> األرض(( بفتح السني املهملة وشدة التحتية من ساح <strong>يف</strong> األض إذا<br />
ذهب فيها وسار" )75(<br />
370<br />
على الكرخي صنف : أحكام القران وشرح خمتصر الكرخي والطحاوي واجلامع وله <strong>يف</strong> أصول الفقه كتاب ، تو<strong>يف</strong> عام<br />
ه ببغداد ، ينظر :الطبقات السنية <strong>يف</strong> تراجم احلنفية ، للغزي املصري ، حتقيق عبدالفتاح احللو )412-1(<br />
( 70 ) <strong>يف</strong> فتح الباري )173/8(، وذكر ابن العريب مثله <strong>يف</strong> أحكام القرآن )894/2(، وكذا جاء حنوه <strong>يف</strong> املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن،<br />
للسريوان ، ص )213(.<br />
( 71 ) للشوكاين )477/2(<br />
) 72 (<br />
) 73 (<br />
) 74 (<br />
اجلامع، للقرطيب )64/4( ، وحماسن التأويل ، للقامسي )347/5(.<br />
البن اجلوزي )393/3(.<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الدعوات، َبب ما جاء أن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض وقال: حديث حسن صحيح وقد روي عن<br />
أيب هريرة من غري هذا الوجه )ص 2022( رقم )3600( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده عن ابن مسعود )251/2( وله شواهد عند البخاري ومسلم<br />
والنسائي وأمحد كما سيأيت.<br />
وفضالً : صفة للمالئكة معناه أهنم مالئكة زائدون على احلفظة وغريهم من املرتبني مع اخلالئق ، ينظر: حتفة األحوذي، للمباركفوري<br />
)58/10( وشرح صحيح مسلم للنووي )18/18-17(.
و<strong>يف</strong> رواية: ))إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض يبلغوين من أميت السالم(( )76(<br />
قال <strong>يف</strong> التعليقات السلفية: "قوله: ))سياحني(( صفة املالئكة، يقال : ساح <strong>يف</strong> األرض يسيح سياحة، إذا<br />
ذهب فيها" )77(<br />
و<strong>يف</strong> رواية البخاري: ))إن هلل مالئكة يطوفون <strong>يف</strong> الطرق يلتمسون أهل الذكر(( احلديث )78(<br />
)79(<br />
و<strong>يف</strong> رواية مسلم: ))إن هلل تبارك وتعاىل مالئكة سيارة فضالً يتبعون جمالس الذكر((<br />
قال النووي: "أما السيارة فمعناه سياحون <strong>يف</strong> األرض" )80(<br />
فاملراد َبلسياحة <strong>يف</strong> هذه اآلاثر: السري <strong>يف</strong> األرض مطلقاً، وهو متفق مع أصل املعىن اللغوي كما تقدم. )81(<br />
ومنه مسي املسيح ابن مرمي عليه السالم مسيحاً على قول، فيكون اسم فاعل من ساح يسيح: سار. )82(<br />
الثاين: <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار والتفكر وتعبد هللا عز وجل بذلك.<br />
-<br />
<br />
فقد ذكر بعض املفسرين<br />
-<strong>يف</strong> قوله سبحانه : <br />
: "هم اجلائلون أبفكارهم <strong>يف</strong> توحيد رهبم<br />
وملكوته وما خلق من العرب و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اللغة أصلها الذهاب على وجه األرض كما يسيح املاء، وهي مما<br />
يعني العبد على الطاعة النقطاعه عن اخللق وملا حيصل له من االعتبار َبلتفكر <strong>يف</strong> خملوقات هللا سبحانه" )83(<br />
وقال ابن عطية: "هذا قول حسن، وهي من أفضل العبادات... ويروى أن بعض العباد أخذ القدح ليتوضأ لصالة<br />
، فأدخل إصبعه <strong>يف</strong> أذن القدح وجعل <strong>يف</strong>كر حىت طلع الفجر، فقيل له <strong>يف</strong> ذلك فقال: أدخلت إصبعي <strong>يف</strong> أذن<br />
) 75 (<br />
) 76 (<br />
رقم<br />
حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي، للمباركفوري )58/10(<br />
أخرجه النسائي ، كتاب السهو، َبب التسليم على النيب )ص/2170( رقم )1283(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده عن ابن مسعود )441/1(<br />
4210<br />
، والدارمي <strong>يف</strong> سننه، كتاب الرقاق، َبب <strong>يف</strong> فضل الصالة على النيب صلى هللا عليه وسلم )490/2( رقم<br />
شاهد عند البخاري ومسلم كما سيأيت.<br />
2774، وله<br />
) 77 (<br />
التعليقات السلفية على سنن النسائي، أليب الطيب الفوجياين، تعليق أمحد شاغف وأمحد السلفي )244/2(<br />
( 78 ) كتاب الدعوات، َبب فضل ذكر هللا تعاىل: )ص/538( رقم )6408( ، وينظر: فتح الباري، البن حجر<br />
.)212/11(<br />
) 80 (<br />
( 79 ) كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار ، َبب فضل جمالس الذكر )ص/1146(، رقم : )2689/25/6839(.<br />
شرح صحيح مسلم ، للنووي )18/18-17(<br />
، والنووي هو :<br />
حيىي بن شرف بن مري بن حسن النووي الشافعي<br />
أبو زكراي ، حميي الدين ، من أعالم الفقه واحلديث وكان مولده ووفاته <strong>يف</strong> )631- 676ه ) بنوا من قرى سوراي وهلا<br />
نسب ، كان له مصنفات بديعة منها : اجملموع شرح املهذب ومنهاج الطالبني وروضة الطالبني <strong>يف</strong> الفقه الشافعي وشرح<br />
صحيح مسلم وصنف <strong>يف</strong> تراجم الشافعية واحلديث ،ينظر: االعالم )149-8(وطبقات الشافعيه للسبكي<br />
. 165-5<br />
( 81 ) <strong>يف</strong> ص )18(<br />
) 82 (<br />
) 83 (<br />
ينظر: املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن، للسريوان ، ص213 وفتح الباري، البن حجر )371/2( ، قال: "قيل: ألنه كان ميسح<br />
األرض بسياحته".<br />
فتح القدير، للشوكاين )577/2(.
)84(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
القدح فتذكرت قول هللا تعاىل: <br />
وفكرت ك<strong>يف</strong> أتلقى الغُلَّ<br />
<br />
وبقيت <strong>يف</strong> ذلك ليلي أمجع" )85(<br />
و<strong>يف</strong> حماسن التأويل: "جيب محل لفظ )السائحون( على معناه الظاهر احلقيقي، وهو السائرون الذاهبون <strong>يف</strong><br />
الداير ألجل الوقوف على اآلاثر توصالً للعظة هبا واالعتبار ... َبتعاظه أبحوال الناس واعتباره أبمورهم،<br />
واطالعه <strong>يف</strong> سياحته على األسرار املكنونة، واحلكم اليت دبر هللا هبا أمر املخلوقات وأحكم هبا صنع<br />
الكائنات. فمن وقف على سر اخلالق زاد <strong>يف</strong> تعظيمه وتقرب إليه َبلطاعة واالمتثال ألوامره ونواهيه، وليس<br />
خباف ما وقع لألنبياء واملرسلني، والصحابة والتابعني واألولياء والصاحلني، من التنقالت واألسفار <strong>يف</strong> القرى<br />
واألمصار، للنظر واالعتبار" )86(<br />
،<br />
وحيتمل أن تشمل اآلية التفكر من غري سري <strong>يف</strong> األرض كما <strong>يف</strong> ظالل<br />
القرآن : "<strong>السياحة</strong> هي التأمل والتدبر والتفكر <strong>يف</strong> إبداع هللا و<strong>السياحة</strong> َبلقلب <strong>يف</strong> ملكوته". )87(<br />
و<strong>يف</strong> موضع آخر : "السائحون .. وتتلف الرواايت فيهم ... وحنن منيل إىل اعتبارهم املتفكرين <strong>يف</strong> خلق هللا<br />
<br />
وسنته،<br />
ممن قيل <strong>يف</strong> أمثاهلم <strong>يف</strong> موضع آخر : <br />
<br />
، فهذه الصفة أليق هنا َبجلو<br />
)88( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
بعد التوبة والعبادة واحلمد فمع التوبة والعبادة واحلمد يكون التدبر <strong>يف</strong> ملكوت هللا على هذا النحو الذي<br />
ينتهي َبإلانبة إىل هللا وإدراك حكمته <strong>يف</strong> خلقه" )89(<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> ترد مبعىن التفكر <strong>يف</strong> ملكوت هللا سواء اقرتن بذلك السري <strong>يف</strong> األرض –وهو أبلغ- أو مل<br />
يقرتن به .<br />
والسري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار على نوعني :<br />
النوع األول: سري <strong>يف</strong> األرض للنظر <strong>يف</strong> آاثر اهلالكني من األمم السابقة وك<strong>يف</strong> كان عاقبة أمرهم ملا كذبوا<br />
)90(<br />
الرسل وأعرضوا عن احلق وصدوا عن دين هللا وكفروا به.<br />
) 84 (<br />
) 85 (<br />
) 86 (<br />
) 87 (<br />
سورة غافر ، اآلية<br />
. 71<br />
احملرر الوجيز ، البن عطية )55/7( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
جلمال الدين القامسي )512/5(.<br />
. 26<br />
) 88 (<br />
) 89 (<br />
) 90 (<br />
لسيد قطب )3616/6(، وسيأيت <strong>يف</strong> كالم ابن سعدي ما يشري إىل هذا املعىن عند قوله: )وفسرت <strong>السياحة</strong> بسياحة القلب <strong>يف</strong> معرفة<br />
هللا وحمبته(.<br />
سورة آل عمران اآلية )191-190(.<br />
املصدر السابق )1719/3(.<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور، ص42، بتصرف.
ومنه قول احلق سبحانه: <br />
<br />
<br />
)91(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله سبحانه: <br />
)92(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
النوع الثاين: سري <strong>يف</strong> األرض للنظر والتفكر <strong>يف</strong> بديع صنع هللا تعاىل وك<strong>يف</strong>ية بدء اخللق، والتأمل <strong>يف</strong> آايت هللا<br />
وسننه الكونية كاختالف األلسنة واأللوان وإنبات الزرع وإدرار الضرع وإخراج احلي من امليت وغري ذلك. )93(<br />
<br />
<br />
ومنه قوله سبحانه: <br />
)94(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
)95( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
<br />
وعلى القعود عن هذا السري ورد اإلنكار بقوله سبحانه: <br />
)96(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)97(<br />
وبقوله:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)98( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قال اإلمام الغزايل رمحه هللا: "فمن يسر هللا له هذا السفر مل يزل <strong>يف</strong> سريه متن زهاً <strong>يف</strong> جنة عرضها السماوات<br />
واألرض وهو ساكن َبلبدن مستقر <strong>يف</strong> الوطن، وهو السفر الذي ال تضيق فيه املناهل واملوارد وال يضر فيه<br />
التزاحم والتوارد بل تزيد بكثرة املسافرين غنائمه وتتضاعف مثراته وفوائده، فغنائمه دائمة غري ممنوعة ومثراته<br />
.9<br />
.10<br />
سورة الروم ، اآلية<br />
سورة حممد، اآلية<br />
املصدر السابق ، بتصرف.<br />
سورة العنكبوت ، اآلية 20.<br />
.53<br />
.20<br />
.137<br />
.105<br />
سورة فصلت، اآلية<br />
سورة الذارايت، اآلية<br />
سورة الصافات ، اآلية<br />
سورة يوسف، اآلية<br />
) 91 (<br />
) 92 (<br />
) 93 (<br />
) 94 (<br />
) 95 (<br />
) 96 (<br />
) 97 (<br />
) 98 (
متزايدة غري مقطوعة إال إذا بدا للمسافر فرتة <strong>يف</strong> سفره ووقفة <strong>يف</strong> حركته فإن هللا ال يغري ما بقوم حىت يغريوا ما<br />
أبنفسهم" )99(<br />
وقد خسر وخاب من مل يؤهل نفسه للجوالن <strong>يف</strong> هذا امليدان و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> منتزهات هذا البستان. )100(<br />
فهذه <strong>السياحة</strong> من األمور اهلامة اليت دعت إليها الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ملا تؤدي إليه من تعميق معرفة هللا تعاىل<br />
<strong>يف</strong> النفوس كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
)101(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وال شك أن هذا السري يوسع مدارك اإلنسان وآفاقه ل<strong>يف</strong>كر ويتدبر <strong>يف</strong> عظمة هللا وقدرته وآايته البينات ، كما<br />
أن فيه نوعاً من االتعاظ واالعتبار ، فاحلاج مثالً إذا رأى الكعبة وأتمل عظمة هللا <strong>يف</strong> محايتها وتذكر ما حل<br />
أبصحاب الفيل فيكون قد حقق هذه <strong>السياحة</strong> بنوعيها )102(<br />
<br />
قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)103(<br />
<br />
<br />
وهذه <strong>السياحة</strong> سري إىل هللا تعاىل وتقرب إليه قال تعاىل: <br />
)104( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد قام هبا األنبياء عليهم الصالة والسالم كما قال اخلليل إبراهيم عليه السالم: <br />
<br />
)105( <br />
) 99 (<br />
إحياء علوم الدين )245-244/2( ، والغزايل هو : أبو حامد حممد بن حممد بن حممد بن أمحد الطوسي الغزايل الشافعي، صاحب<br />
التصان<strong>يف</strong>، والذكاء املفرط، تفقه ببلده مث رحل إىل نيسابور والزم إمام احلرمني اجلويين، ومهر <strong>يف</strong> الكالم وعلم اجلدل، واله النظام تدريس<br />
نظامية بغداد، صنف <strong>يف</strong> األصول والفقه والكالم ،كان من مصنفاته اإلحياء والوسيط <strong>يف</strong> الفقه، واملستصفى <strong>يف</strong> األصول والقسطاس<br />
واملنخول واللباب وهتافت الفالسفة وغريها .<br />
وتو<strong>يف</strong> رمحه هللا <strong>يف</strong> يوم االثنني رابع عشر مجادى اآلخرة سنة مخس ومخسمائة وله مخس ومخسون سنه ودفن مبقره الطابران قصبة بالد<br />
طوس، و<strong>يف</strong> تسميته َبلغزايل نسبة إىل قرية يقال هلا غزالة كما نقل عنه ال إىل صنعة، ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )322/19-<br />
)346 ، بتصرف.<br />
( 100 (إحياء علوم الدين ، للغزايل )245-244/2(، بتصرف.<br />
) 101 (<br />
) 102 (<br />
) 103 (<br />
) 104 (<br />
) 105 (<br />
سورة احلج ، اآلية<br />
.46<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود، ص )19-وما بعدها (، بتصرف .<br />
سورة الفيل، اآلايت<br />
سورة فصلت ، اآلية<br />
سورة الصافات، اآلية<br />
.5-1<br />
.53<br />
.99
وقال: <br />
)106( <br />
<br />
ومن ذلك سياحة موسى الكليم عليه الصالة والسالم للقيا العبد<br />
الصاحل طلباً ملزيد من العلم فقال له: <br />
)107(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وكانت سياحة مليئة َبلعرب والفكر كما حكاها القرآن. وكانت سياحة حممد <br />
َبإلسراء واملعراج كما قال<br />
<br />
سبحانه: <br />
)108( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد عرف بعض<br />
وهي سياحة فريدة مليئة َبملعجزات واآلايت والبينات املفصلة <strong>يف</strong> القرآن والسنة )109(<br />
املعاصرين هذا النوع من <strong>السياحة</strong> -)سياحة التفكر(- بقوله: "<strong>السياحة</strong> هي الذهاب <strong>يف</strong> أرجاء املعمورة للنظر<br />
والتأمل والتفكر والتدبر <strong>يف</strong> ملك هللا سبحانه وتعاىل للتوصل من خالل ذلك إىل تعميق املعرفة َبهلل تعاىل<br />
والتوجه إليه َبلعبادة" )110(<br />
الثالث: <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض للمطلوب الشرعي والبحث عنه، عبادة هلل وقرىب لديه:<br />
وذلك كالسفر للحج وزايرة املساجد الثالثة وحنو ذلك.<br />
<br />
<br />
<br />
وفسر عكرمة قوله سبحانه: <br />
َبملسافرين لطلب احلديث والعلم )111(<br />
) 106 (<br />
) 107 (<br />
) 108 (<br />
) 109 (<br />
) 110 (<br />
) 111 (<br />
سورة األنعام: اآلية<br />
سورة الكهف : اآلية<br />
سورة اإلسراء : اآلية<br />
.79<br />
.66<br />
.1<br />
=<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود، ص )19-وما بعدها (، بتصرف .<br />
املصدر السابق ، ص15.<br />
ينظر: فتح القدير، للشوكاين )577/2( بتصرف ، وقد أخرج ذلك عن عكرمة ابن أيب حا م <strong>يف</strong> تفسريه )1890/6( ،<br />
والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )549/7(<br />
وعكرمة هو: العالمة احلافظ املفسر أبو عبدهللا القرشي موالهم املدين الرببري األصل، حدث عن ابن عباس وعائشة وأيب هريرة وابن عمر<br />
وغريهم وحدث عنه النخعي والشعيب وعمرو بن دينار وقتادة وخلق كثري ، وقال قتادة: أعلم الناس َبحلالل واحلرام احلسن وأعلمهم<br />
َبملناسك عطاء وأعلمهم َبلتفسري عكرمة. وقال ابن املديين: كان عكرمة يرى رأي جندة احلروري ، ونقل عن عطاء قوله: كان عكرمة<br />
إَبضياً. وقال حيىي بن سعيد: كان كذاَبً وقال أيوب: مل يكن بكذاب. وكان مالك يكره عكرمة وال يراه ثقة. وقال املروزي قلت ألمحد :<br />
حيتج حبديث عكرمة قال نعم: حيتج به =<br />
وقال ابن معني: عكرمة ثقة وإذا رأيت إنساانً يقع <strong>يف</strong> عكرمة فاهتمه على <strong>اإلسالم</strong> . قال الذهيب: هذا حممول على الوقوع فيه هبوى<br />
وح<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> وزنه أما من نقل ما قيل <strong>يف</strong> جرحه وتعديله على اإلنصاف فقد أصاب ، وقال العجلي عنه: مكي اتبعي ثقة بريء مما يرميه به<br />
الناس من احلرورية ، وقال البخاري: "ليس أحد من أصحابنا إال وهو حيتج بعكرمة" وقال النسائي: "ثقة" ، قال الذهيب: "خرج له مسلم
وفسر بعضهم قوله سبحانه: <br />
َبلذاهبات <strong>يف</strong> طاعة هللا تعاىل. )112(<br />
وقيل: "مسافرات، سواء كان السفر هلجرة أو اطالع على آاثر األمم البائدة" )113( ، وهذا أقرب للمعىن<br />
اللغوي وهو مطلق السري.<br />
وقال الشيخ عبدالرمحن بن سعدي رمحه هللا: "فسرت <strong>السياحة</strong> َبلصيام أو <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> طلب العلم، وفسرت<br />
بسياحة القلب <strong>يف</strong> معرفة هللا وحمبته، واإلانبة إليه على الدوام والصحيح أن املراد َبلسياحة: السفر <strong>يف</strong> القرَبت<br />
كاحلج، والعمرة، واجلهات، وطلب العلم، وصلة األقارب وحنو ذلك" )114(<br />
ومن هذا املعىن ما ورد عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال: "كان النيب إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة<br />
فعال فَدْ فَدَاً من األرض أو شَرَفاً كربَّ ثالاثً مث قال: ))ال إله إال هللا وحده ال شريك له له امللك وله احلمد<br />
وهو على كل شيء قدير آيبون اتئبون عابدون سائحون لربنا حامدون((" احلديث. )115(<br />
قال <strong>يف</strong> حتفة األحوذي: "سائحون مجع سائح من ساح املاء يسيح إذا جرى على وجه األرض أي سائرون<br />
ملطلوبنا ودائرون<br />
حملبوبنا" )116(<br />
و<strong>يف</strong> احلديث أنه كان يقوله إذا رجع من غزوة أو حج أو عمرة وهذا كله من سفر القرَبت.<br />
املعىن اخلامس : اهلجرة<br />
وهي سري <strong>يف</strong> األرض ملقصد مشروع لكنه خمصوص َبخلروج من دار الكفر إىل دار <strong>اإلسالم</strong>، والفرار َبلدين<br />
إىل أرض هللا الواسعة ومفارقة الدور واألهل <strong>يف</strong> سبيل هللا.<br />
وللهجرة مكانة عظيمة <strong>يف</strong> دين هللا، وقد أفاض الفقهاء <strong>يف</strong> الكالم على أحكامها وقد أفردهتا لعظم منزلتها<br />
وخصوصية معناها.<br />
<br />
وقوله: <br />
<br />
قال بعض املفسرين <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
هم: املهاجرون<br />
واملهاجرات. )117(<br />
) 113 (<br />
مقروانً بطاووس <strong>يف</strong> احلج، فالذين أهدروه كبار، والذين احتجوا به كبار وهللا أعلم َبلصواب" ، ومات َبملدينة سنة مخس أو ست أو سبع<br />
ومائة ، ينظر: سري أعالم النبالء للذهيب )36-12/5( بتصرف.<br />
( 112 (كما <strong>يف</strong> احملرر الوجيز ، البن عطية ، )521/14(<br />
حماسن التأويل، للقامسي )276/9(<br />
( 114 ) <strong>يف</strong>: تيسري الكرمي الرمحن <strong>يف</strong> تفسريكالم املنان حتقيق: عبدالرمحن اللوحيق )ص/353(.<br />
) 115 (<br />
أخرجه الرتمذي ، كتاب احلج، َبب ما جاء ما يقول عند القفول من احلج والعمرة )ص1742( رقم )950(، وقال الرتمذي: حديث<br />
حسن صحيح، و<strong>يف</strong> الباب عن الرباء وأنس وجابر وله شاهد عند البخاري <strong>يف</strong> احلج والدعوات ومسلم <strong>يف</strong> احلج وأبو داود <strong>يف</strong> اجلهاد<br />
والنسائي <strong>يف</strong> السري.<br />
( 116 ) للمباركفوري .)22-21/4(
وقال عبدالرمحن بن زيد بن أسلم: "ليس <strong>يف</strong> أمة حممد سياحة إال اهلجرة وكان سياحتهم اهلجرة حني<br />
هاجروا إىل املدينة" )118(<br />
و<strong>يف</strong> حديث عائشة رضي هللا عنها: ))ملا ابتلي املسلمون خرج أبو بكر مهاجراً حنو أرض احلبشة حىت إذا بلغ<br />
برك الغماد لقيه ابن الدغنة – وهو سيد القارة- فقال: أين تريد اي أَب بكر؟ فقال أبو بكر: أخرجين قومي<br />
فأريد أن أسيح <strong>يف</strong> األرض وأعبد ريب، فقال ابن الدغنة فإن مثلك اي أَب بكر ال خيرج وال خيُ رج إنك تكسب<br />
املعدوم وتصل الرحم وحتمل الكل وتقري الض<strong>يف</strong> وتعني على نوائب احلق فأان لك جار إرجع واعبد ربك<br />
ببلدك(( احلديث )119(<br />
قال ابن حجر: "قوله : "فأريد أن أسيح" َبملهملتني ، لعل أَب بكر طوى عن ابن الدغنة تعيني جهة مقصده<br />
لكونه كان كافراً، وإال فقد تقدم أنه قصد التوجه إىل أرض احلبشة، ومن املعلوم أنه ال يصل إليها من الطريق<br />
اليت قصدها حىت يسري <strong>يف</strong> األرض وحده زماانً فيصدق أنه سائح، لكن حقيقة <strong>السياحة</strong> أن ال يقصد موضعاً<br />
بعينه يستقر فيه" )120(<br />
وعليه ف<strong>السياحة</strong> هنا مبعىن اهلجرة إىل وجهة غري معلومة لكونه أخفى مقصده ومل يعينه.<br />
ومن هذا املعىن املقولة املشهورة عن شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا – إَبن اضطهاده وامتحانه<br />
- : "ما<br />
<strong>يف</strong>عل أعدائي يب؟ أان جنيت وبستاين <strong>يف</strong> صدري، أين رحت فهي معي ال تفارقين ، أان حبسي خلوة وقتلي<br />
)121(<br />
شهادة وإخراجي من بلدي سياحة"<br />
) 117 (<br />
ينظر: احملرر الوجيز ،البن عطية )521/14( ، وزاد املسري،البن اجلوزي )312/8( وفتح القدير، للشوكاين )577/2-<br />
.)333/5<br />
) 118 (<br />
) 119 (<br />
ومائة،<br />
ينظر: املصادر السابقة، وتفسري ابن أيب حام )1890/6(، والدر املنثور، للسيوطي )548/7(، وعبدالرمحن هو ابن زيد ابن أسلم<br />
العمري املدين، كان صاحب قرآن وتفسري، مجع تفسرياً <strong>يف</strong> جملد، وكتاَبً <strong>يف</strong> الناسخ واملنسوخ حدث عن أبيه وابن املنكدر، وذكر الذهيب<br />
أبن فيه ليناً، وضعفه أمحد وابن املديين وأبو داود ، والنسائي وأبو زرعة، وقال أبو حام: "ليس َبلقوي <strong>يف</strong> احلديث كان <strong>يف</strong> نفسه صاحلاً<br />
و<strong>يف</strong> احلديث واهياً" وقال ابن اجلوزي : "أمجعوا على ضعفه" ،روى عنه عبدالرزاق ووكيع وابن عيينة وغريهم، وتو<strong>يف</strong> سنة اثنتني ومثانني<br />
ينظر: سري أعالم النبالء ، للذهيب )349/8( ، هتذيب التهذيب، البن حجر )177/6(.<br />
أخرجه البخاري كتاب مناقب األنصار،َبب هجرة النيب<br />
<br />
=<br />
) 120 (<br />
) 121 (<br />
إىل املدينة)ص/317(رقم )3905(.وابن الدغنة هو:احلارث بن<br />
يزيد،وحكي أن امسه مالك والدغنة هي أمه وقيل أم أبيه وقيل دابته،ومعناها: املسرتخية وأصلها الغمامة الكثرية املطر،وابن الدغنة سيد<br />
القارة وهي قبيلة مشهورة<br />
قوة الرمي=<br />
قال الشاعر : قد أنصف القارة من راماها .<br />
فتح الباري ، البن حجر )274/7( .<br />
من بين اهلون ابن خزمية بن مدركه بن الياس بن مضر وكانوا حلفاء بين زهرة من قريش وكان يضرب هبم املثل <strong>يف</strong><br />
ينظر: الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب، البن قيم اجلوزية ، حتقيق عبدالرمحن بن قائد، إشراف بكر أبو زيد، ص109، وجمموع<br />
فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد، )259/3(.
ومن أعظم من قام هبذا اللون من <strong>السياحة</strong> الرسل واألنبياء عليهم الصالة والسالم فكانت سياحة نوح عليه<br />
السالم َبلفلك وجناته بفضل هللا من الطوفان وكانت سياحة كل رسول للنجاة من أعداء هللا والدعوة إىل دين<br />
هللا كما <strong>يف</strong> هجرة لوط لقومه وسياحته <strong>يف</strong> األرض للدعوة إىل دين هللا والتفكر <strong>يف</strong> آايته، وكذا موسى عليه<br />
السالم خرج من دايره خائفاً يرتقب قال رب جنين من القوم الظاملني وساح <strong>يف</strong> األرض تعبداً هلل ودعوة إليه.<br />
وإبراهيم اخلليل عليه السالم ترك زوجته وولده إمساعيل بواد غري ذي زرع عند بيت هللا احلرام وساح مهاجراً <strong>يف</strong><br />
سبيل هللا ، ونبينا حممد خرج من مكة مهاجراً ممتثالً ألمر هللا فأسس <strong>يف</strong> املدينة أعظم دولة <strong>يف</strong> التاريخ.<br />
وكذا أصحابه رضوان هللا عليهم هاجروا إىل احلبشة مث إىل املدينة فساحوا فارين إىل هللا جماهدين <strong>يف</strong> سبيل هللا<br />
وكان الوحي أنيسهم واإلميان الراسخ دليلهم. )122(<br />
املعىن السادس: دوام العبادة والطاعة .<br />
وقد تقدم أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الشرع ترد مبعىن اجلهاد والصيام ولكن املراد هنا هو دوام العبادة واالستمرار عليها<br />
واعتزال الناس لذلك و<strong>السياحة</strong> هبذا املفهوم منها ما هو مشروع وغري مشروع وهو الرهبانية وقد تقدم اإلشارة<br />
إىل هذا <strong>يف</strong> معىن اجلهاد. )123(<br />
فمن <strong>السياحة</strong> مبعىن دوام العبادة والطاعة دون مشاقة وال غلو:<br />
<br />
<br />
تفسري بعض أهل العلم لقوله سبحانه: <br />
مبن يدمي الصيام من املؤمنني )124(<br />
وليس املراد<br />
بذلك الوصال املنهي عنه، وإمنا اإلكثار من هذه العبادة دون مشاقة وال تكلف، كما كان عليه عمل كثري<br />
من الصحابة والسلف.<br />
ومن هذا الباب خروج أيب بكر للسياحة كما تقدم <strong>يف</strong> املعىن السابق، فإنه ما خرج ليهاجر إال ألجل أن<br />
حيافظ على دينه ومداومته على عبادة ربه كما قال: "فأريد أن أسيح <strong>يف</strong> األرض وأعبد ريب" ولذا قالت<br />
عائشة رضي هللا عنها : "مل أعقل أبوي قط إال ومها يدينان الدين ... فلما ابتلي املسلمون خرج أبو بكر<br />
مهاجراً.." احلديث )125(<br />
) 122 (<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود، ص )85/77/65( ، بتصرف.<br />
( 123 ) <strong>يف</strong> ص .)30(<br />
) 124 (<br />
) 125 (<br />
ينظر : تفسري القرآن العظيم ، البن أيب حا م )1890/6(، تفسري ابن كثري )484/2( الدر املنثور للسيوطي )548/7( ،<br />
فتح القدير، للشوكاين )577/2(.<br />
تقدم ذكره وترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 44
فهذه سياحة مشروعة قصد هبا املداومة على عبادة ربه وطاعته سبحانه.<br />
–رمحه هللا- : "فسرت <strong>السياحة</strong> َبلصيام وفسرت َبلسفر <strong>يف</strong> طلب العلم، وفسرت<br />
وقال ابن القيم )126(<br />
َبجلهاد، وفسرت بدوام الطاعة، والتحقيق فيها أهنا سياحة القلب <strong>يف</strong> ذكر هللا وحمبته واإلانبة إليه والشوق إىل<br />
لقائه ويرتتب عليها كل ما ذكر من األفعال، ولذلك وصف هللا سبحانه نساء النيب الاليت لو طلق أزواجه<br />
بدَّله هبن أبهنن سائحات، وليست سياحتهن جهاداً ، وال سفراً <strong>يف</strong> طلب علم وال إدامة صيام وإمنا هي<br />
سياحة قلوهبن <strong>يف</strong> حمبة هللا تعاىل وخشيته واإلانبة إليه وذكره" )127(<br />
وسياحة القلب <strong>يف</strong> عبادة هللا سياحة روحية شاملة أللوان من العبادة فالذكر سياحة روحية قلبية كما قال<br />
)129( <br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه: <br />
فذكر<br />
)128( <br />
<br />
<br />
تعاىل: <br />
هللا نور للقلوب وحياة هلا.<br />
والصالة سياحة روحية بدنية وهي عماد الدين ومناجاة للرب وقيام بني يديه وشكر له جبميع اجلوارح ، وقد<br />
كان <br />
ينشد الراحة فيها فيقول: ))أرحنا َبلصالة اي بالل(( )130(<br />
والزكاة سياحة روحية وقد جعلها هللا طهرة لألموال واألبدان وتزكية للنفوس واألرواح وإخراجها بنفس طيبة<br />
ابتغاء مرضاة هللا من أعظم القرَبت وألذ الطاعات.<br />
والصيام كذلك من سياحة القلب <strong>يف</strong> عبادة هللا وطاعته وقد تقدمت اإلشارة إليه، وهو سر بني العبد وربه.<br />
واحلج سياحة روحية أيضاً ويشتمل على ألوان من العبادات والقرب العظيمة تكون قلوب املؤمنني فيها<br />
سائحة <strong>يف</strong> حمبة هللا وخشيته وذكره واإلانبة إليه واالنشغال بعبادته )131(<br />
فهذه كلها من ألوان <strong>السياحة</strong> الروحية القلبية اليت أشار إليها ابن القيم رمحه هللا تعاىل.<br />
وهذا املفهوم داخل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> مبعىن املداومة على الطاعات والعبادات فإن هذا شامل للقلب واجلوارح وهذا<br />
كله من <strong>السياحة</strong> والرهبانية املشروعة واجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا داخل <strong>يف</strong> هذا كما تقدم.<br />
أما جمرد <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض ودوام العبادة والطاعة َبعتزال اخللق والتفرد <strong>يف</strong> الرباريكما <strong>يف</strong>عله بعض الصوفية<br />
فليس من <strong>السياحة</strong> املشروعة إبطالق.<br />
) 126 (<br />
) 127 (<br />
) 128 (<br />
) 129 (<br />
) 130 (<br />
<strong>يف</strong> بدائع التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن قيم اجلوزية، مجع وتوثيق وتريج يسرى السيد حممد، )380/2(.<br />
املصدر السابق.<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة الرعد، اآلية<br />
.152<br />
،28<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، كتاب األدب، َبب <strong>يف</strong> صالة العتمة ص)1588( ، رقم )85 و 4986( ، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده<br />
.)371/364/5(<br />
) 131 (<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود ، ص)191-119(، بتصرف.
ولذا قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية –رمحه هللا-: "<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد لغري مقصود مشروع كما يعانيه بعض<br />
النساك أمر منهي عنه، قال اإلمام أمحد: ليست <strong>السياحة</strong> من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء، وال من فعل النبيني وال<br />
الصاحلني" )132(<br />
لكن هذا النوع من <strong>السياحة</strong> يكون مشروعاً أايم الفنت والزالزل <strong>يف</strong> الدين كما قال ابن كثري –رمحه هللا-<br />
:<br />
"ليس املراد من <strong>السياحة</strong> ما قد <strong>يف</strong>هم من بعض من يتعبد مبجرد <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض، والتفرد <strong>يف</strong> شواهق اجلبال<br />
، وهذا ملن خشي على<br />
والكهوف والرباري فإن هذا ليس مبشروع إال <strong>يف</strong> أايم الفنت والزالزل <strong>يف</strong> الدين" )133(<br />
نفسه االفتتان أما من أمن على نفسه ذلك وكان به قوة على التغيري فسياحته َبلدعوة إىل هللا واألمر<br />
َبملعروف والنهي عن املنكر.<br />
ويؤيد هذا حديث أيب سعيد اخلدري أن رسول هللا قال : ))يوشك أن يكون خري مال الرجل غنم<br />
يتبع هبا شَعَفَ اجلبال، ومواقع القطر، <strong>يف</strong>ر بدينه من الفنت(( )134(<br />
وعن أيب سعيد قال: ))جاء أعرايب إىل النيب فقال: اي رسول هللا أي الناس خري؟ قال: رجل جاهد<br />
بنفسه وماله ورجل <strong>يف</strong> شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره(( )135(<br />
قال ابن حجر رمحه هللا: "اختلف السلف <strong>يف</strong> أصل العزلة... فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة ملا ينشأ فيها غالباً<br />
من الوقوع <strong>يف</strong> احملذور، وقد تقع العقوبة أبصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها كما قال هللا تعاىل: <br />
<br />
)136( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأما <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية املذمومة والتبتل ودوام العبادة والطاعة بتكلف وغلو ومشاقة فمنها ما تقدم ذكره<br />
، ونقل عنه أنه أراد أن ينظر أيستطيع<br />
<strong>يف</strong> حديث الثالثة، وما نقل عن عثمان بن مظعون <strong>يف</strong> التبتل )137(<br />
<strong>السياحة</strong>؟ قال الراوي: "وكانوا يعدون <strong>السياحة</strong> قيام الليل وصيام النهار" )138(<br />
ومن هذا ماكان عليه رهبان النصارى املبتدعون، فقد روي عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال: "كانت<br />
ملوك بعد عيسى بن مرمي بدلوا التوراة واإلجنيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة، قيل مللوكهم: ما جند<br />
) 132 (<br />
) 133 (<br />
) 134 (<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )643/10(<br />
تفسري ابن كثري )484/2( ، وتقدمت ترمجة ابن كثري <strong>يف</strong> ص<br />
. 35<br />
أخرجه البخاري، كتاب اإلميان، َبب من الدين الفرار من الفنت )ص3( رقم )19( و<strong>يف</strong> كتاب الفنت ، َبب التَّعَرُّب <strong>يف</strong> الفتنة )591(<br />
رقم )7088(.<br />
) 135 (<br />
) 136 (<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الرقاق، َبب العزلة )545( رقم )6494(.<br />
فتح الباري ، البن حجر )47-46/13(<br />
( 137 ) <strong>يف</strong> ص ( 30 .)<br />
) 138 (<br />
ينظر: تفسري القرآن العظيم ، البن أيب حا م )1890/6( ، وتفسري ابن كثري )484/2( والدرر املنثور، للسيوطي )548/7(.
شتماً اشد من شتم يشتموان هؤالء أهنم يقرؤون <br />
)139(<br />
<br />
وهؤالء اآلايت مع ما يعيبوان به <strong>يف</strong> أعمالنا <strong>يف</strong> قراءهتم، فادعهم فليقرؤو اكما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا،<br />
فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يرتكوا قراءة التوراة واإلجنيل، إال ما بدلوا منها، فقالوا ما تريدون<br />
إىل ذلك، دعوان .... وقالت طائفة منهم: دعوان نسيح <strong>يف</strong> األرض وهنيم ونشرب كما يشرب الوحش فإن<br />
قدر م علينا فاقتلوان ، وقالت طائفة منهم: ابنو لنا دوراً <strong>يف</strong> الفيا<strong>يف</strong> وحنتفر اآلَبر وحنرتث البقول فال نرد عليكم<br />
وال منر بكم، وليس أحد من القبائل إال وله محيم فيهم، قال ففعلوا ذلك ، فأنزل هللا عز وجل: <br />
<br />
)140(<br />
<br />
<br />
واآلخرون قالوا:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
نتعبد كما تعبد فالن، ونسيح كما ساح فالن، ونتخذ دورا كما اتذ فالن وهم على شركهم ال علم هلم إبميان الذين<br />
اقتدوا به فلما بعث هللا النيب ومل يبق منهم إال قليل احنط رجل من صومعته وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير<br />
<br />
من ديره فآمنوا به وصدقوه فقال هللا تبارك وتعاىل: <br />
)142( )141( <br />
<br />
<br />
فهذه <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية اليت ابتدعوها واملراد أهنم جاءوا برايضة شاقة وانقطاع عن الناس من عند<br />
)143(<br />
أنفسهم.<br />
وهذا كله من التكلف واملشاقة وهو سياحة غري مشروعة هبذا املفهوم.<br />
اجلمع بني املعاين املتقدمة :<br />
اختلف أهل العلم من املفسرين واحملدثني <strong>يف</strong> تفسري لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم الشرعي على معان متعددة كما<br />
تقدم.<br />
وحاول بعضهم اجلمع بني هذه املعاين والتوفيق بينها، كالقامسي <strong>يف</strong> حماسن التأويل )144( ، وذكر للجمع<br />
طريقان، مث ارتضى اآلخر منها، فقال بعد ذكر حديث أيب أمامة املتقدم <strong>يف</strong> تفسري <strong>السياحة</strong> َبجلهاد )145(<br />
:<br />
<br />
) 139 (<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
.44<br />
) 140 (<br />
سورة احلديد، اآلية<br />
.27<br />
) 141 (<br />
سورة احلديد، اآلية<br />
.28<br />
) 142 (<br />
أخرجه النسائي ، كاب آداب القضاة، َبب أتويل قول هللا عز وجل:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
) 143 (<br />
) 144 (<br />
قال احملقق: صحيح اإلسناد موقوف، تفرد به املؤلف، ينظر: التعليقات السنية على سنن النسائي، أليب الطيب الفرجياين )463/5(.<br />
املصدر السابق، بتصرف.<br />
)512-511-510/5( ، والقامسي هو : مجال الدين بن حممد سعيد بن قاسم احلالق ولد وتو<strong>يف</strong> بدمشق <strong>يف</strong><br />
1332-1283 (<br />
ه ) درس َبلشام مث رحل ملصر وملا عاد حبس الهتامه بتأسيس مذهب جديد ، صنف 72مصنف<br />
منها : دالئل التوحيد والفتوى وإصالح املساجد من البدع وقواعد التحديث ومذاهب األعراب وفالسفة <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong>
"لو أخذ هذا احلديث تفسرياً لاية اللتقى مع كل ما روي عن السلف فيها، ألن اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا، كما<br />
يطلق على قتال املشركني يطلق على كل ما فيه جماهدة للنفس <strong>يف</strong> عبادته تعاىل، ومنه اهلجرة والصوم، والسفر<br />
للتفقه <strong>يف</strong> الدين أو لالعتبار،<br />
بل ذلك هو اجلهاد األكرب هذا على إرادة التوفيق بني املأثورات" )146(<br />
فهذا هو الطريق األول <strong>يف</strong> اجلمع بني املعاين الشرعية للسياحة، مث ذكر الطريق اآلخر فقال: "أما لو أريد<br />
َبللفظ أصل حقيقته اللغوية، أعين الضرب <strong>يف</strong> األرض خاصة، الذي عرب عنه عكرمة َبملنتقلني لطلب العلم،<br />
لكان مبفرده كافياً <strong>يف</strong> املعىن ... وهو احلق <strong>يف</strong> أتويل اآلية" )147(<br />
مث بني القامسي وقوفه على مقالة لبعض احملققني تؤيد ما ذهب إليه، وذلك أن القرآن الكرمي كثرياً ما أيمر<br />
اإلنسان أبن يضحي بقسم من حياته <strong>يف</strong> السري و<strong>السياحة</strong> الكتشاف اآلاثر، والوقوف على أخبار األمم<br />
البائدة، لالعتبار واالتعاظ، ومثل على هذا بقوله سبحانه: <br />
<br />
وقال أبن معناه: السائرون،<br />
ألننا عهدان من ألفاظ القرآن أهنا حتمل على ظواهرها ومعانيها احلقيقية، وال جيوز محلها على معان جمازية إال<br />
عند قيام القرينة املانعة من احلمل على املعىن احلقيقي لكن األمر هنا َبلعكس، لكثرة القرائن الدالة على إرادة<br />
املعىن احلقيقي، وهي قوله <strong>يف</strong> أكثر من موضع: )148 و(<br />
يَسِّ ريُواْ )150(<br />
قال<br />
)149(<br />
وأَفَلَمْ<br />
<br />
<br />
<br />
،<br />
وفَسِّ ريُواْ )151(<br />
فهذه اآلايت وغريها كثري قرائن نرية تدل على أن املراد َبلسياحة السري )152(<br />
القامسي: "فصرف هذا اللفظ عن ظاهره تكسيل لألمة وتدبري على فتور مهتها، وضعف نشاطها،<br />
وحيلولة بينها وبني سعادة اإلحاطة آباثر األمم البائدة، ورؤية عمراان ملسكونة، األمر الذي هو اآلن الضالة<br />
املنشودة عند الغربيني، وفيه سرت لنور الكتاب الذي هو أول مرشد للعامل أال أيلو جهداً <strong>يف</strong> السري<br />
.<br />
و<strong>السياحة</strong>" )153(<br />
مث فسر القامسي قوله سبحانه: <br />
<br />
َبملعىن احلقيقي أيضاً، وذكر أبن <strong>يف</strong> هذا دليل على<br />
مشروعية <strong>السياحة</strong> للنساء هلجرة أو اطالع على اآلاثر أو غريه وادعى أبن سبب تفسري بعض املفسرين<br />
اجلن وحماسن التأويل املعروف بتفسري القامسي <strong>يف</strong><br />
17<br />
جملد ، ينظر األعالم ، للزركلي )2-<br />
) 135<br />
( 145 ) <strong>يف</strong> ص ( 29 .)<br />
) 146 (<br />
) 147 (<br />
) 148 (<br />
) 149 (<br />
) 150 (<br />
) 151 (<br />
حماسن التأويل، جلمال الدين<br />
املصدر السابق.<br />
سور األنعام، اآلية<br />
سورة الروم، اآلية<br />
القامسي )511/5(<br />
، والنمل، اآلية 11<br />
69<br />
، وفاطر، اآلية 9<br />
44<br />
سور : يوسف، اآلية 109، واحلج، اآلية<br />
والعنكبوت، اآلية 20، والروم، اآلية 42، وسبأ، اآلية18.<br />
، وغافر، اآلية<br />
.21<br />
46<br />
سور: آل عمران، اآلية 137، والنمل، اآلية<br />
( 152 (حماسن التأويل، جلمال الدين القامسي<br />
10. و حممد، اآلية 82 و غافر، اآلية<br />
. 36<br />
، بتصرف.<br />
( 153 ) املصدر السابق )512/5( .
للسائحات َبلصائمات أو املهاجرات تصوره أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد ال تناسب طبيعة النساء املأمورات<br />
َبحلجاب قال: "وكأنه <strong>يف</strong>هم من احلجاب أنه احلبس املؤيد أو كأن اهلواء نعمة خمصوصة بغري النساء، أو<br />
كأهنن مل خيلقن إال لسجون البيوت اليت رمبا تكون أنكى من أعمق سجون اجلناة، أو كأهنن مل خيلق هلن من<br />
هذه الدنيا الرحيبة سوى بيت واحد" )154(<br />
وما أورده القامسي <strong>يف</strong> الطريق الثاين عليه بعض املآخذ وذلك أنه َبلغ <strong>يف</strong> أتييد ما ذهب إليه من محل اللفظ<br />
على أصل معناه وحقيقته اللغوية، حىت حرم صرفه عن هذا ونفى وجود قرائن تدل على محله على املعان<br />
اجملازية األخرى، وقال أبن صرف اللفظ عن هذا املعىن تكسيل لألمة وإضعاف لنشاطها ومهتها ...اخل.<br />
<br />
وهذا غري وجيه، فإن مجهور املفسرين ذهبوا إىل تفسري <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> قوله: <br />
َبلصيام، ووردت <strong>يف</strong><br />
ذلك آاثر كما تقدم .<br />
وال يعقل أن يتجرأ مجهور سلف األمة وكبار املفسرين والعلماء على تفسري ذلك َبلصيام مع عدم وجود<br />
قرائن تصرف اللفظ عن أصل معناه اللغوي وقد عهد من الشارع استعمال بعض األلفاظ <strong>يف</strong> غري معناها<br />
اللغوي على سبيل االستعارة واجملاز وقد بني املفسرون وجه ذلك كما تقدم.<br />
ومن جانب آخر فإن اهتمام القامسي َبآلاثر وكأهنا هي الغاية األهم من <strong>السياحة</strong> حمل نظر وقوله إن <strong>يف</strong><br />
صرف اللفظ عن املعىن اللغوي حيلولة بني األمة وسعادة اإلحاطة آباثر األمم البائدة غري وجيه ف<strong>السياحة</strong><br />
للنظر <strong>يف</strong> آاثر األمم السابقة ليس املقصود هبا إدخال السعادة والبهجة على النفس والرتويح عنها بذلك<br />
األمر الذي هو الضالة املنشودة عند الغربيني كما قال! وإمنا املقصود أخذ العظة والعربة واملرور بدايرهم على<br />
وجه السرعة واخلوف والبكاء ألهنا داير معذبني، وقد سبق ذكر اآلايت <strong>يف</strong> السري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار<br />
واالتعاظ وسيأيت مزيد بيان هلذا –مبشيئة هللا- عند الكالم على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني.<br />
وال أدري ك<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> تفسري العلماء للسياحة َبملعاين املتقدمة سرت لنور الكتاب الذي هو أول مرشد للناس<br />
أال أيلوا جهداً <strong>يف</strong> السري و<strong>السياحة</strong>! كما قال القامسي!<br />
فهذه املعاين هلا مستند شرعي وقرائن ظاهرة صرفت اللفظ عن معناه احلقيقي اللغوي إىل معان جمازية، وقد<br />
قال هبا بعض الصحابة والتابعني وكبار املفسرين فك<strong>يف</strong> يكون هذا سرتاً لنور الكتاب؟ معاذ هللا أن يكون <strong>يف</strong><br />
عملهم شيئاً من هذا.<br />
وأما دعواه أبن سبب تفسري بعض العلماء للسياحة <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
َبلصائمات أو املهاجرات<br />
تصوره أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد ال تناسب طبيعة النساء املأمورات َبحلجاب فال أعلم ما مستنده <strong>يف</strong> هذا؟<br />
) 154 (<br />
املصدر السابق )276/9(.
وهل يعقل أن <strong>يف</strong>سر أبو هريرة وابن عباس وقتادة والضحاك السائحات َبلصائمات، و<strong>يف</strong>سر عبدالرمحن<br />
بن زيد بن اسلم ووالده السائحات َبملهاجرات وليس هلم مستند <strong>يف</strong> ذلك، وإمنا هو َبهلوى والعقل والتشهي<br />
؟!<br />
معاذ هللا أن يظن هبم مثل هذا وهم خري األمة وما ذكره القامسي –عفا هللا عنه- عن احلجاب حمل نظر،<br />
<br />
وك<strong>يف</strong> يكون قرار املرأة <strong>يف</strong> دارها سجناً أنكى من سجون اجلناة؟! وهللا عز وجل أمرهن َبلقرار: <br />
، فبيوهتن خري هلن كما أخرب النيب <br />
وليس <strong>يف</strong><br />
)155( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
تفضيل القرار ما مينع من <strong>السياحة</strong> املشروعة للنساء فقد سافر النيب وأزواجه للحج واجلهاد والعمرة<br />
واهلجرة.<br />
ولعل اختالف هذه املعاين من اختالف التنوع ال التضاد، فإن لفظ )س ي ح( يدل على صحة هذه<br />
األقوال مجيعاً، ف<strong>السياحة</strong> أصلها وحقيقتها الذهاب على وجه األرضكما يسيح املاء، فالصائم مستمر على<br />
طاعة هللا <strong>يف</strong> إمساكه عن املفطرات وحتمله للمشقة <strong>يف</strong> ذلك، فهو مبنزلة السائح واملتفكرون <strong>يف</strong> ملكوت هللا<br />
جتول قلوهبم فيما ذكروا فهم <strong>يف</strong> سري معنوي قد يرافقه سري حسي واملداوم على طاعة هللا وعبادته على الوجه<br />
املشروع مستمر <strong>يف</strong> ذلك سائر عليه أينما حل وسار <strong>يف</strong> األرض، واملهاجر واجملاهد سائرون <strong>يف</strong> األرض <strong>يف</strong><br />
سبيل هللا )156(<br />
وما ذكره ابن القيم من تفسري <strong>السياحة</strong> بسياحة القلب <strong>يف</strong> ذكر هللا وحمبته واإلانبة إليه وما يرتتب على ذلك<br />
داخل <strong>يف</strong> هذا فالسائح بقلبه <strong>يف</strong> ذكر هللا وعبادته مستمر على<br />
من األفعال من جهاد وصوم وحج...اخل )157(<br />
ذلك سائر عليه بقلبه وجوارحه فكل هذه املعاين أفراد للمعىن العام للسياحة وهو السري <strong>يف</strong> األرض وال<br />
تعارض بينها.<br />
<br />
ولذا فسر العز بن عبدالسالم قوله تعاىل : <br />
–رمحه هللا-<br />
فقال: "اجملاهدون أو<br />
.<br />
الصائمون أو املهاجرون أو طلبة العلم" فكلها من معاين <strong>السياحة</strong> )158(<br />
) 155 (<br />
) 156 (<br />
) 157 (<br />
) 158 (<br />
سورة األحزاب، اآلية<br />
.33<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )270/4( بتصرف.<br />
سبق <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 46<br />
تفسري القرآن، للعز بن عبدالسالم، واختصار النكت للماوردي، ص)218(، وقال <strong>يف</strong> قوله تعاىل <strong>يف</strong> سورة التحرمي: سَائِّحَات<br />
:<br />
"صائمات ألن الصائم كالسائح <strong>يف</strong> السفر بغري زاد أو مهاجرات لسفرهن للهجرة" ص)599(.<br />
والعز بن عبدالسالم هو: عبدالعزيز بن عبدالسالم بن أيب القاسم بن حسن السُّلَمي أبو حممد، امللقب بعز الدين أو العز وبسلطان<br />
العلماء، الفقيه الشافعي اجملتهد األصويل املفسر اللغوي ذو التصان<strong>يف</strong> الفائقة ولد بدمشق سنة 577ه ونشأ هبا وتوىل خطابة اجلامع<br />
األموي وحبس مث هاجر ملصر فعني قاضياً للقضاة، ومارس التدريس واإلفتاء جاهد ضد الترت والصليبيني ومات َبلقاهرة سنة 660ه<br />
ودفن هبا، تفقه على ابن عساكر واآلمدي<br />
=<br />
=وغريهم، وصنف ما يزيد على ثالثني كتاَبً منها تفسري القرآن العظيم، واألمايل <strong>يف</strong> شرح
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم الشرعي هلا معنيان:<br />
األول: معىن عام شامل لكل ما تقدم وهو مطلق السري <strong>يف</strong> األرض الذي هو أصل الوضع اللغوي للسياحة<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
)159( ، واألصل محل الكالم على<br />
احلقيقة واألمر َبلسري <strong>يف</strong> القرآن قرينة على إرادة ذلك إضافة إىل اآلايت واألحاديث األخرى اليت جاءت هبذا<br />
املعىن املطلق.<br />
الثاين: معىن خاص وهو السري <strong>يف</strong> األرض مبا يصدق عليه اسم السفر واملقصد منه طاعة هللا، وأقوال السلف<br />
كلها تدور <strong>يف</strong> هذا الفلك ولذا قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: " إن السلف تذكر أقواهلم <strong>يف</strong> اآلية فيقع <strong>يف</strong> عباراهتم تباين<br />
<strong>يف</strong> األلفاظ حيسبها من ال علم عنده اختالفاً فيحكيها أقواالً وليس كذلك فإن منهم من يعرب عن الشيء<br />
بالزمه أو بنظريه، ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل مبعىن واحد". )160(<br />
فهي داخلة <strong>يف</strong> هذا املعىن إما جمازاً كالصيام والتفكر الذي عرب عنه ابن القيم َبلسياحة القلبية أو حقيقة<br />
كاجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا واهلجرة والسفر لطلب العلم واحلج والعمرة، وهبذا جتتمع األقوال ويكون اختالف<br />
تنوع )161( ، وهذا ما رجحه الشيخ عبد الرمحن بن سعدي حيث محل <strong>السياحة</strong> على السفر <strong>يف</strong> القرَبت فيدخل<br />
)162(<br />
فيها كل ما تقدم.<br />
الفرع الثاين: املفهوم العصري للسياحة :<br />
اختلف الباحثون <strong>يف</strong> ظاهرة <strong>السياحة</strong> املعاصرة <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ها، نظراً الختالف الزاوية اليت ينظر منها كل َبحث<br />
إىل <strong>السياحة</strong>، فبعضهم ينظر إليها بوصفها ظاهرة اجتماعية وآخرون يروهنا ظاهرة اقتصادية، والبعض يركز<br />
)159(<br />
)160(<br />
)161(<br />
بعض اآلايت واألحاديث واملسائل، وخمتصر صحيح مسلم، وبداية السول <strong>يف</strong> تفضيل الرسول وامللحة <strong>يف</strong> االعتقاد، وغريها. ومن<br />
أشهر تالميذه: ابن دقيق العيد، وعبداللط<strong>يف</strong> بن العز، القرا<strong>يف</strong> ، وغريهم ، وكان الشيخ رمحه هللا أشعرايً وله مواقف مشهودة <strong>يف</strong> مواجهة<br />
الفرق املخالفة كاملعتزلة واملشبهة واحلشوية وغريها.<br />
ينظر : سلسلة أعالم املسلمني 39، العز بن عبدالسالم، د/ حممد الزحيلي.<br />
سورة الزمر، اآلية:<br />
. 28<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع ابن قاسم )369/13(.<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
57-37، بتصرف.<br />
)162(<br />
ينظر: تيسري الكرمي الرمحن <strong>يف</strong> تفسري كالم املنان، ص )353(.
على دورها <strong>يف</strong> تنمية العالقات الدولية أو يروهنا عامالً من عوامل العالقات اإلنسانية أو الثقافية، إىل غري<br />
ذلك من احملاور املتنوعة )163(<br />
وقد بدأت تتبلور األفكار <strong>يف</strong> حتديد مفهوم ظاهرة <strong>السياحة</strong>، مع بداية القرن العشرين، فأول تعر<strong>يف</strong> حمدد<br />
للسياحة يعود إىل العامل األملاين )جويري فرديلر( وذلك <strong>يف</strong> عام 1905م، حيث عرف <strong>السياحة</strong> أبهنا : "ظاهرة<br />
عصرية تنبثق من احلاجة املتزايدة إىل الراحة وإىل تغيري اهلواء وإىل مولد اإلحساس جبمال الطبيعة ومنو هذا<br />
اإلحساس إىل الشعور َبلبهجة واملتعة واإلقامة <strong>يف</strong> مناطق هلا طبيعتها اخلاصة وأيضاً إىل منو االتصاالت وعلى<br />
األخص بني الشعوب وهذه االتصاالت كانت مثرة اتساع نطاق التجارة والصناعة كبرية أو متوسطة أو صغرية<br />
ومثرة تقدم وسائط النقل" )164(<br />
وهذا التعر<strong>يف</strong> ينص ويؤكد على ما يلي :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
البعد االجتماعي الناتج من زايدة <strong>يف</strong> أوقات الفراغ وحاجة إىل الراحة واملتعة، والتخف<strong>يف</strong> من<br />
ضغوط احلياة احلديثة، وإرهاق العمل.<br />
أمهية التطور التكنولوجي ودوره اهلام <strong>يف</strong> تطوير االتصاالت واملواصالت.<br />
أمهية <strong>السياحة</strong> ودورها الفاعل <strong>يف</strong> توطيد العالقات اإلنسانية بني الشعوب.<br />
ويؤخذ على هذا التعر<strong>يف</strong> الطول وقصر اهلدف من <strong>السياحة</strong> على املتعة واإلقامة بعيداً عن حمل السكن دون<br />
)165(<br />
حتديد إلطار احلركة وطول املسافة ومدة البقاء واجلوانب االقتصادية املرتتبة على النشاط السياحي<br />
وممن مال إىل التعر<strong>يف</strong> االقتصادي للسياحة: شولرين شراتنهوفن حيث عرف <strong>السياحة</strong> أبهنا "التفاعالت االقتصادية املباشرة<br />
وغري املباشرة الناجتة عن وصول زوار إىل إقليم أو دولة بعيداً عن موطنهم األصلي واليت توفر اخلدمات اليت حيتاجون إليها<br />
)166(<br />
وتشبع حاجياهتم املختلفة طوال فرتة إقامتهم"<br />
وهذا التعر<strong>يف</strong> وإن كان مولعاً َبجلانب االقتصادي بدرجة أولية إال أنه ربط بني <strong>السياحة</strong> من انحية واإلقامة<br />
غري الدائمة وغري املرتبطة أبي سعي للربح املادي من انحية أخرى )167(<br />
ومن الرواد األوائل <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> العامل النمساوي )هرمن فون شولرا( فهو ممن حاول وضع<br />
تعر<strong>يف</strong> 30<br />
منضبطاً للسياحة واعتىن <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ها َبلعامل االقتصادي حيث قال: "هي اصطالح يطلق على كل العمليات<br />
)163(<br />
) 165 (<br />
ينظر: مبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس ص29، بتصرف. و<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية، إبراهيم<br />
األحيدب، ص14، بتصرف.<br />
)164( صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong>،حممد الزوكه، ص43،ومبادئ <strong>السياحة</strong>،نعيم الظاهر وسراب إلياس،ص29و30.<br />
املصادر السابقة، بتصرف.<br />
( 166 ) صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong> ، حممد الزوكه، ص43.<br />
) 167 (<br />
املصدر السابق ، بتصرف .
-1<br />
-2<br />
التالية وخصوصاً العمليات االقتصادية اليت تتعلق بدخول األجانب داخل منطقة معينة أو خارج بلدة أو<br />
دولة وترتبط هبم ارتباطاً مباشراً" )168(<br />
وَبلنظر إىل األحباث والدراسات اليت عاجلت ظاهرة <strong>السياحة</strong> خالل العقود الثالثة األوىل من القرن العشرين<br />
جند أهنا وضعت أساسني ال بد منهما للسياحة ومها:<br />
أن تكون إقامة السائح <strong>يف</strong> األقاليم أو الدول اليت يسافر إليها مؤقتة تقل عن عام.<br />
أن يكون إنفاقه من أموال مل يكتسبها من تلك األقاليم أو الدول اليت جاء إليها بغرض <strong>السياحة</strong>. )169(<br />
فقصرت <strong>السياحة</strong> على املسافر ألي دولة غري دولته وألي سبب عدا اإلقامة والعمل وبشرط أن ينفق من<br />
أموال جلبها واستفادها من غري هذه الدول وهذا خيرج السائح الداخلي أو احمللي أو الوطين عن مفهوم<br />
<strong>السياحة</strong>. )170(<br />
و<strong>يف</strong> عام 1937م حصرت جلنة <strong>السياحة</strong> التابعة لعصبة األمم السائحني <strong>يف</strong> الفئات التالية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
املسافرون للمتعة أو ألسباب صحية أو متعلقة َبلعمل وعقد صفقات جتارية أو ألسباب خاصة.<br />
املسافرون <strong>يف</strong> مهمات سياسية أو علمية أو رايضية أو دينية.<br />
املشرتكون <strong>يف</strong> رحالت حبرية حىت ولو أمضوا <strong>يف</strong> الدولة املقصودة فرتة تقل عن<br />
واستبعدت اللجنة من فئة السياح كل من :<br />
24<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
الراغب <strong>يف</strong> اإلقامة الدائمة )املهاجر(.<br />
الدارس <strong>يف</strong> املؤسسات التعليمية املختلفة .<br />
العابر للدولة املتوقف فيها مؤقتاً أثناء طريقه لدولة أخرى )الرتانزيت(.<br />
الساكن <strong>يف</strong> حدود دولة متامخة ويلحق َبلدولة للعمل فيها.<br />
الوافد للدولة للبحث عن عمل. )171(<br />
ساعة.<br />
ونتيجة هلذا احلصر اهتمت التعار<strong>يف</strong> مبعيار مدة اإلقامة واالحرتاز عن هذه الفئات، فحصر الباحثان هونزيكر<br />
وكرافت عام 1942م تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> إطار )الظواهر واالرتباطات الناجتة عن إقامة املسافرين غري الدائمة<br />
وغري املرتبطة أبي عمل سواء كان دائماً أو مؤقتاً(. )172(<br />
) 168 (<br />
) 169 (<br />
) 170 (<br />
) 171 (<br />
) 172 (<br />
مبادئ <strong>السياحة</strong>، د/ نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص30.<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong>، حممد الزوكه، ص44-43، بتصرف.<br />
املصدر السابق ، بتصرف .<br />
املصدر السابق ، بتصرف.<br />
مبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس ص30، َبإلضافة إىل املصدر السابق، ص45 وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب،<br />
ص30-29.
-1<br />
-2<br />
-3<br />
ووردت تعر<strong>يف</strong>ات كثرية ومتعددة لباحثني غربيني يتضح من جمموعها أن اإلطار العام للسياحة يتألف من ثالثة<br />
عناصر رئيسية هي:<br />
العنصر املتغري واملتمثل <strong>يف</strong> السفر للمكان املقصود.<br />
العنصر الثابت واملتمثل <strong>يف</strong> اإلقامة املؤقتة <strong>يف</strong> املكان املقصود.<br />
العنصر الناتج وهي اآلاثر والنتائج املرتتبة عن العنصرين السابقني <strong>يف</strong> اجملاالت االقتصادية واالجتماعية<br />
والطبيعية. )173(<br />
وذهب بعض الباحثني العرب من املهتمني بظاهرة <strong>السياحة</strong> إىل تعر<strong>يف</strong>ها بقوله: "هي عبارة عن نشاط فرد<br />
يسافر ويستقر خارج مكان إقامته األصلي لفرتة ال تزيد عن العام، للرتفيه أو العمل التجاري، أو أي غرض<br />
من األغراض اليت تليب رغبات الفرد واحتياجاته" )174(<br />
وهذا تعر<strong>يف</strong> شامل وواسع يدخل<br />
العاملي كما تقدم.<br />
فيه الدارس والعامل ومها من الفئات اخلارجة عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم<br />
وعرفها آخر بقوله: "هي التأثريات املتبادلة بني املسافرين وأهل بلد املقصد" )175(<br />
ولكن هذا وإن كان مفهوماً صحيحاً للسياحة عموماً إال أن أرَبب <strong>السياحة</strong> العاملية املعاصرة ال يرتضونه فإنه<br />
مل يتقيد بضوابطهم السابقة <strong>يف</strong> حصر <strong>السياحة</strong> على فئات معينة مع االهتمام مبعيار الوقت واآلاثر ، كما أنه<br />
تعر<strong>يف</strong> للشيء أبثره .<br />
)176(<br />
و<strong>يف</strong> املوسوعة العربية العاملية جاء تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> أبهنا: "توفري اخلدمات للسياح" وهذا غري<br />
وجيه فاخلدمات السياحية أمر آخر وليس هو ذات <strong>السياحة</strong><br />
هذا فيما يتعلق بتعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم العصري وهناك بعض االصطالحات ذات العالقة أورد<br />
بعضاً منها على سبيل اإلجياز للتفريق بينها وبني <strong>السياحة</strong> :<br />
1- التنمية السياحية :<br />
) 173 (<br />
) 174 (<br />
) 175 (<br />
) 176 (<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong>، حممد الزوكة، ص46، بتصرف.<br />
أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية، انصر الطيار ص31.<br />
أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور ص18.<br />
املوسوعة العربية العاملية )313/13( ، حرف )س(.
-2<br />
وهي عبارة عن خمتلف اخلطط والربامج اليت هتدف إىل حتقيق زايدة مستمرة متوازنة <strong>يف</strong> املوارد السياحية وتعميق<br />
وترشيد اإلنتاجية <strong>يف</strong> القطاع السياحي، وهدفها حتقيق التنمية االقتصادية <strong>يف</strong> الدولة َبجتذاب أكرب قد ممكن<br />
من حركة <strong>السياحة</strong> العاملية. )177(<br />
املنتج السياحي :<br />
وهو املقومات األثرية واحلديثة والتسهيالت واخلدمات اليت تليب حاجات السياح من فنادق –وإرشاد<br />
سياحي- واتصاالت<br />
– ومطاعم –<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
اخلدمات السياحية :<br />
وغري ذلك. )178(<br />
وهي )جمموع الوسائل املادية الضرورية لتأمني أو تسهيل اشرتاك الناس <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>، وحتقيق أهدافها وخلق<br />
واستعمال اخلدمات للسياح( )179(<br />
واألوىل التعبري )إبجياد( بدل )خلق( أتدَبً مع هللا عز وجل واخلدمات جزء من املنتج السياحي كما تقدم.<br />
املنطقة السياحية :<br />
)هي املكان الذي يصبح هدفاً للطلب السياحي نتيجة العالقات اليت تتحقق من املغرايت السياحية اليت<br />
تتمتع هبا املنطقة( )180(<br />
املشروع السياحي :<br />
هو املنشأة اليت تدم السائح بدرجة أولية مثل الفندق، القرية السياحية الرتفيهية، الشاليهات البحرية، صاالت<br />
الرايضة والرتفيه، وغريها من أماكن التنزه املتنوعة واملنشآت السياحية.<br />
وهدفه النهائي خدمة التنمية السياحية وتشغيل القوى املادية والبشرية واالرتقاء َبقتصاد الدولة واألفراد<br />
معاً. )181( ، واملشروع السياحي يشمل تقدمي اخلدمات السياحية، ومها جزء من املنتج السياحي الشامل<br />
الستثمار املنشآت السياحية األثرية واحلديثة وتقدمي التسهيالت واخلدمات للسياح.<br />
اإلنفاق السياحي :<br />
وهي )األموال اليت ينفقها السائح وتشمل تكال<strong>يف</strong> السفر واإلقامة والتنقل والطعام واخلدمات األخرى، وله<br />
أثر َبلغ <strong>يف</strong> اقتصاد كثري من الدول ودخلها القومي( )182(<br />
) 177 (<br />
) 178 (<br />
) 179 (<br />
ينظر: التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب ، د/ فؤادة البكري، ص62-61، بتصرف.<br />
املصدر السابق ، ص71<br />
، بتصرف.<br />
) 180 (<br />
) 181 (<br />
) 182 (<br />
تسويق اخلدمات السياحية، سراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري، ص26، وينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على<br />
اقتصادايت اململكة، للطيار، ص31.<br />
التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب، فؤادة البكري ص72.<br />
املصدر السابق، بتصرف.<br />
املصدر السابق.
7- االستثمار السياحي :<br />
(<br />
وهو )توظ<strong>يف</strong> املدخرات <strong>يف</strong> إنشاء مشاريع سياحية وزايدة الطاقة اإلنتاجية وحتقيق األرَبح(. )183(<br />
* التعر<strong>يف</strong> املختار للسياحة :<br />
تبني مما سبق أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم اللغوي والشرعي شاملة ملعان متعددة جيمع بينها مطلق التنقل <strong>يف</strong><br />
األرض ألي غرض، وأما <strong>يف</strong> املفهوم العصري فقد تركزت على معىن السفر لغري اهلجرة والعمل وراعت<br />
التعار<strong>يف</strong> املعاصرة ما عليه العمل <strong>يف</strong> العامل املعاصر وما ضبطته املنظمات السياحية الدولية.<br />
وحيث أن هذا البحث يتناول بعض أحكام <strong>السياحة</strong> املعاصرة من املنظور<br />
الشرعي فمن الواجب وضع تعر<strong>يف</strong><br />
للسياحة املعاصرة يتالءم مع املفهوم الشرعي هلا ليكون البحث منصباً على جانب من جوانب <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />
املفهوم الشرعي دون إنكار َشول املفهوم الشرعي أللوان أخرى من <strong>السياحة</strong> وإن مل تسم <strong>يف</strong> عرف املعاصرين<br />
سياحة، ولعل أقرب تعر<strong>يف</strong> للسياحة اليت هي حمور هذا البحث هو:<br />
السفر ملمارسة نشاط تروحيي <strong>يف</strong> مدة التزيد عن سنة<br />
شرح التعر<strong>يف</strong> وبيان حمرتزاته :<br />
.<br />
)1( )<br />
( السفر<br />
) : احرتاز من اإلقامة ف<strong>السياحة</strong> سفر، واإلقامة فيها مؤقتة ، وقد يكون هذا السفر مشروعاً أو غري<br />
مشروع داينة أو نظاماً وال أرى حاجة لتقييد السفر َبملشروعية الشرتاك <strong>السياحة</strong> املشروعة وغري املشروعة <strong>يف</strong><br />
بعض األحكام كالرتخص <strong>يف</strong> سفر املعصية على قول ، إال أنه ال يعد السفر و التنقل غري املشروع نظاماً<br />
سياحة عند املعاصرين.<br />
( ملمارسة نشاط تروحيي ) : يتضمن بيان أغراض <strong>السياحة</strong> ، والرتويح يشمل التنزه والرتفيه والتواصل<br />
اإلجتماعي بني األفراد والشعوب والدول ، والتجارة والتسوق ، والعالج ، واالستكشاف واالستطالع ،<br />
والعبادة ، فالرتويح عن النفس مسة مشرتكة بينها وهذا خيرج اهلجرة والسفر إلجناز األعمال الوظ<strong>يف</strong>ية ، فالعامل<br />
ليس سائحا <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر للسياحة .<br />
وأغراض <strong>السياحة</strong><br />
متنوعة ومتعددة وقد يغلب بعضها على مفهوم <strong>السياحة</strong> وذلك َبختالف األشخاص<br />
واألزمان واألمكنة فقد تكون بعض األمور من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زمن دون غريه وهكذا، كما أن من<br />
األغراض ما هو مشروع ومنها ما ليس كذلك.<br />
فإذا كانت أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األزمنة الفاضلة تتمثل <strong>يف</strong> العبادة<br />
أو اهلجرة أو اجلهاد أو السفر لطلب العلم أو<br />
للدعوة إىل هللا أو للتجارة وطلب الرزق فإهنا <strong>يف</strong> هذا الزمن تتناول غالباً السفر للمتعة والرتفيه واالستكشاف<br />
واالستجمام والرتويح عن النفس والبدن عموما .<br />
) 183 (<br />
)1(<br />
املصدر السابق.<br />
و مبادئ <strong>السياحة</strong>، د/ نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص31<br />
، بتصرف.<br />
ينظر : www.mas.gov.sa
أما من كان غرضه اهلجرة أو العمل الوظ<strong>يف</strong>ي أو الدراسة فقط فليس سائحاً <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر.<br />
( <strong>يف</strong> مدة التزيد عن سنة ) : ألن جتاوزها حيوله إىل مقيم وهبذا القيد ترج اهلجرة إذا كان َبعثها الرتويح .
املطلب الثالث<br />
تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً:<br />
أوالً: تعر<strong>يف</strong> السائح لغة :<br />
)188(<br />
43<br />
جاء <strong>يف</strong> املعجم الوسيط: "السائح: املتنقل <strong>يف</strong> البالد للتنزه أو لالستطالع والبحث والكشف وحنو ذلك،<br />
)184(<br />
ومجعه سُيَّاحٌ ... والسَّيَّاح : الكثري <strong>السياحة</strong>، وهي: سيَّاحة"<br />
و<strong>يف</strong> اللسان: "سَاحَ <strong>يف</strong> األرض يَسِّ يْحُ سِّ يَاحةً وسُيُوْحَاً وسَيْحَاً وسَيَحَاانً أي ذهب ... واملِّسْيَاحُ الذي يسيح<br />
<strong>يف</strong> األرض َبلنميمة والشر" )185(<br />
و<strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة: "املساييح، هم الذين يسيحون <strong>يف</strong> األرض َبلنميمة والشر واإلفساد بني الناس"<br />
وقال <strong>يف</strong> اللسان: "املساييح ليس من <strong>السياحة</strong> ولكنه من التسييح والتسييح <strong>يف</strong> الثوب أن تكون فيه خطوط<br />
خمتلفة ليست من حنو واحد" )186(<br />
و<strong>يف</strong> املفردات: "ساح فالن <strong>يف</strong> األرض مَرَّ مَرَّ السائح ... ورجل سائح <strong>يف</strong> األرض وسيَّاح" )187(<br />
وهبذا يتبني أبن معىن السائح <strong>يف</strong> اللغة : املتنقل والذاهب <strong>يف</strong> األرض ألي غرض كان من نزهة أو عبادة أو<br />
كشف واستطالع . والسيَّاح كثري <strong>السياحة</strong>.<br />
اثنياً: تعر<strong>يف</strong> السائح اصطالحاً :<br />
ال خيرج عن املعىن اللغوي لكن املراد ذكر تعر<strong>يف</strong>ه <strong>يف</strong> اصطالح املشتغلني بعلم <strong>السياحة</strong> أي )<strong>يف</strong> االصطالح<br />
ومنها :<br />
-1<br />
املعاصر(، وقد أوصلها البعض إىل تعر<strong>يف</strong>اً<br />
)الشخص الذي يسافر بعيداً عن بلده سواء داخل وطنه أو خارجه ليوم واحد على األقل، أو ليلة<br />
واحدة( )189(<br />
وقد قيد السائح مبن كان سفره بعيداً عن بلده ليخرج من كان دون مسافة السفر عرفاً، وحتديد املسافة<br />
مما اختلف فيه قدمياً وحديثاً ففي الوالايت املتحدة األمريكية حددت مسافة <strong>السياحة</strong> الداخلية خبمسني<br />
ميالً و<strong>يف</strong> كندا خبمسة وعشرين ميالً وقوله: "سواء داخل وطنه" يقصد السائح احمللي أو الوطين )أو<br />
خارجه( يقصد السائح الدويل وقيدت املدة بيوم واحد على األقل أو ليلة واحدة .<br />
) 184 (<br />
) 185 (<br />
) 186 (<br />
) 187 (<br />
) 188 (<br />
) 189 (<br />
البراهيم مصطفى وأمحد الزايت وحامد عبدالقادر وحممد النجار، )467/2-1(.<br />
البن منظور )2168/4(.<br />
املصدر السابق .<br />
املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن، للراغب األصفهاين )ص246(.<br />
ص16.<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> األسس واملفاهيم دراسة تطبيقية على منطقة عسري، حممد القحطاين، بواسطة أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور،<br />
املوسوعة العربية العاملية )313/13(
2- وعرفته منظمة <strong>السياحة</strong> العاملية أبنه "الشخص الذي يزور مكاانً ما ويقضي هناك ليلة واحدة على األقل<br />
قبل أن يعود إىل بيته" )190(<br />
وهذا كسابقه إال أنه مل حيدد املسافة ومل ينص على أقسام السائح.<br />
"املسافر من أجل املتعة والراحة على أن يقضي ليلة مبيت واحدة على األقل <strong>يف</strong> املكان املقصود" )191(<br />
وقوله: "املسافر" خيرج املسافة اليت ال تعترب سفراً عرفاً، وقيد غرض السائح َبملتعة والراحة واالستجمام<br />
كما قيد املدة بليلة واحدة على األقل <strong>يف</strong> املكان املقصود.<br />
"الشخص الذي سافر خارج حمل إقامته األصلي ألي سبب غري الكسب املادي أو الدراسة سواء كان<br />
داخل بلده )السائح الوطين( أو داخل بلد غري بلده )السائح األجنيب( ولفرتة تزيد على<br />
قلت عن ذلك أصبح متنزهاً" )192(<br />
ساعة وإن 24<br />
-3<br />
-4<br />
وعلى هذا فإن تعر<strong>يف</strong> السائح ال ينطبق على كل من :<br />
وهذا<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
املسافرون العابرون )طاقم الطائرة ، الباخرة ....اخل(<br />
األشخاص املقيمون عند احلدود ويعلمون <strong>يف</strong> أراضي دولة أخرى.<br />
أفراد القوات املسلحة األجنبية .<br />
أعضاء اهليئات الدبلوماسية .<br />
أصحاب عقود العمل .<br />
الالجئون السياسيون أو أصحاب اإلقامة الدائمة. )193(<br />
. الدارسون<br />
–<br />
ومن خالل التعار<strong>يف</strong> السابقة يتبني اتفاق أكثر التعار<strong>يف</strong> على تقييد السائح َبملسافر إلخراج من كانت<br />
مسافته قصرية ال يطلق عليها سفراً عرفاً كما قيدت املدة بيوم أو ليلة واحدة على األقل إلخراج املسافر<br />
العابر كطاقم الطائرة وتقييد الغرض َبملتعة فيه قصور، ولذا عرف بعضهم السائح بقوله: "أي شخص يقضي<br />
ليلة على أقل تقدير خارج مقر إقامته األصلي بغض النظر عن الدوافع" )194(<br />
لكن اصطلح أكثر املشتغلني بعلم <strong>السياحة</strong> على إخراج الدارس والعامل فال يعتربون سياحاً عندهم.<br />
أعين التعر<strong>يف</strong> الرابع<br />
–<br />
هو املتبادر من لفظ السائح <strong>يف</strong> الوقت احلاضر لدى العامة .<br />
ولكون هذا البحث يهتم َبجلانب الشرعي للسياحة فإن األقرب <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> السائح<br />
) 190 (<br />
املصدر السابق، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب، ص30-29.<br />
( 191 ) صناعة <strong>السياحة</strong> من املنظور اجلغرا<strong>يف</strong> ، حممد الزوكه ، ص55.<br />
) 192 (<br />
) 193 (<br />
) 194 (<br />
مبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس ص34.<br />
املصدر السابق .<br />
أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار، ص31.
هو: "املسافر أكثر من يوم وليلة ألي مكان وألي غرض تروحيي " )195(<br />
)فاملسافر(: احرتاز ممن ال يسمى مسافراً عرفاً لكون املسافة اليت قطعها ال يطلق عليها سفراً <strong>يف</strong> العرف.<br />
( أكثر<br />
من يوم وليلة ) : خيرج زوار اليوم الواحد كما سيأيت ، كما خيرج املهاجر والعامل والدارس فإن إقامتهم<br />
دائمة أو مستمرة أكثر من يوم وليسوا سياحاً <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر .<br />
)ألي مكان( يشمل السائح الداخلي واخلارجي )الوطين والدويل( ويشمل بالد <strong>اإلسالم</strong> وغريها.<br />
)وألي غرض ) يشمل ما كان حالالً أو حراماً حمموداً أو مذموماً واألغراض متعددة منها: اهلجرة واملتعة<br />
واالستطالع والعمل والدراسة والزايرة وغري ذلك )196( ، وتتلف األغراض َبختالف األعراف واألحوال كما<br />
تقدم فاملهاجر سائح حىت يستقر به املقام <strong>يف</strong> مهجره فيتحول ملقيم، والدارس سائح وإن طال به املقام وكذا<br />
العامل وهكذا وهذا <strong>يف</strong> املفهوم اللغوي و الشرعي كما تقدم<br />
،<br />
وإال فإن املهاجر الدارس والعامل ال يعدون<br />
سياحاً <strong>يف</strong> االصطالح املعاصر للمشتغلني َبلسياحة لكون الدراسة والعمل ليسا من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />
. املفهوم العصري<br />
)تروحيي( : فالرتويح مسة <strong>السياحة</strong> املعاصرة ، ومن األغراض الرتوحيية : الرتفيه وزايرة األقارب واألصدقاء –<br />
على املستوى الفردي واجلماعي الرمسي كالوفود السياحية الرمسية – والتسوق والتسويق ، واالستكشاف<br />
واالستطالع ، والعالج ، والعبادة وغريها ، فكلها تروح عن البدن والنفس .<br />
هذا وقد بينت اهليئة<br />
العليا للسياحة تعار<strong>يف</strong> ألكثر املصطلحات استخداماً <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> ومنها:<br />
) 195 (<br />
وعرفه هاشم انقور <strong>يف</strong> )أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها(ص17<br />
أبنه: "<br />
املسافر ألي مكان وألي غرض غري هجرة وعمل قال: وقويل: "غري<br />
هجرة وعمل" إلخراج املقيم إقامة دائمة ألن السائح إقامته مؤقتة، وكذا إلخراج من جاء بقصد العمل والكسب، فهو وإن طال به املقام<br />
أصبح كأنه مقيم إقامة دائمة، وَبلنظر إىل اجلانب االقتصادي فهو املستفيد األول من البلد ال العكس <strong>يف</strong> الغالب )والتجارة عمل ولكنها<br />
غري داخله <strong>يف</strong> مقصود العمل هنا(<br />
."<br />
)196(<br />
ويرى بعض املعاصرين أبنه ال يليق إطالق اسم السائح على من قصد احلج والعمرة والزايرة حيث ال عالقة بني عمل السائح وعمل<br />
احلاج واملعتمر والزائر، فاألعمال األخرية هي طاعات هلل تعاىل أما عمل السائح فهو جمرد عادة دنيوية وفق ما هو شائع أو عبادة مبتدعة<br />
ذات طابع رهباين واحلجاج والعمار والزوار )وفد هللا( وهو اللقب الالئق واملناسب هلم ومثله لقب )ضيوف الرمحن(، ينظر: جريدة<br />
اجلزيرة، عدد<br />
، 10100 األربعاء<br />
1421/2/20ه <strong>يف</strong> مقال بعنوان )حنو مفهوم أعمق وأَشل للسياحة( للدكتور عبد هللا الطريقي، ولعله<br />
راعى املفهوم العصري للسياحة املغلب للرتفيه واملتعة الدنيوية واليت ال تتماشى مع مقاصد احلج والعمرة والزايرة وإن قلنا ال مشاحة <strong>يف</strong><br />
االصطالح وقد استعمل لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن والسنة وأطلق على أعمال القرَبت فال مانع من إطالقه على املعتمر واحلاج َبعتبار<br />
َشول املعىن ولكون العبادة من أغراض <strong>السياحة</strong> وفيها ترويح عن نفس املؤمن ، إال أن هلذا الرأي حظ من الوجاهة والنظر.
<strong>السياحة</strong> احمللية: ومتثل نشاطات سكان اململكة العربية السعودية املسافرين إىل مناطق داخل اململكة ولكن<br />
خارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد املدة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي<br />
أغراض أخرى.<br />
<strong>السياحة</strong> الوافدة: وتتمثل <strong>يف</strong> األنشطة اليت يقوم هبا السياح غري املقيمني <strong>يف</strong> اململكة <strong>يف</strong> منطقة ما خارج<br />
حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي<br />
أغراض أخرى.<br />
<strong>السياحة</strong> الداخلية: وهي جمموع <strong>السياحة</strong> احمللية والوافدة.<br />
<strong>السياحة</strong> اخلارجية: ومتثل األنشطة اليت يقوم هبا املقيمون <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية حني سفرهم وإقامتهم <strong>يف</strong><br />
وجهات خارج البالد وخارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء<br />
األعمال التجارية أو أي أغراض أخرى.<br />
<strong>السياحة</strong> الدولية: وتتضمن <strong>السياحة</strong> الوافدة و<strong>السياحة</strong> اخلارجية.<br />
<strong>السياحة</strong> الوطنية: وهي جمموع <strong>السياحة</strong> الداخلية واخلارجية.<br />
الغرض من الزايرة:<br />
ويشري إىل الباعث على السفر إذ بدونه ال تتم زايرة مكان املقصد .<br />
زوار اليوم الواحد:<br />
زايرة اليوم الواحد سواء كانت حملية أو دولية تعين أن الزائر ال يقضي الليلة <strong>يف</strong> مسكن <strong>يف</strong> الوجهة اليت<br />
قصدها بل يعود إىل مكان سكنه <strong>يف</strong> نفس اليوم الذي سافر فيه.<br />
<strong>السياحة</strong>: وتتضمن األنشطة اليت يقوم هبا املسافرون إىل وجهات خارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد<br />
مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي أغراض أخرى.<br />
السائح: سواء كان حملياً أو دولياً هو ذلك الشخص الذي يقضي ليلة واحدة على األقل <strong>يف</strong> مسكن خاص<br />
أو مجاعي <strong>يف</strong> املكان الذي يزوره.<br />
الزائر: وهو أي شخص يسافر إىل مكان خارج حميطه االعتيادي ألقل من<br />
12<br />
شهراً متتالية ويكون غرضه<br />
األساسي من الزايرة هو ممارسة أي نشاط على أن ال تتحمل نفقات هذا النشاط املنطقة أو املكان الذي<br />
يقوم بزايرته كما يتم تصن<strong>يف</strong>ه كسائح إذا ما أمضى ليلة واحدة أو أكثر بعيداً عن بيته.<br />
ولتفادي اإلزدواجية فإن كل زايرة سياحية هلا منشأ رحلة واحد فقط ويقصد َبملنشأ: مكان اإلقامة الفعلي<br />
للزائر.<br />
ومن املمكن أن يكون لكل رحلة سياحية أكثر من وجهة ولكن الوجهة الرئيسية فيها واحدة فقط وهي<br />
املكان أو البلد الذي سيقضي فيها السائح فرتة أطول من أي فرتة يقضيها <strong>يف</strong> أي وجهة أخرى وعلى الرغم
من أنه قد يكون هناك أغراض متعددة لزايرة أماكن خمتلفة <strong>يف</strong> نفس الرحلة إال أن لكل زايرة سياحية غرض<br />
رئيس واحد ال تتم الرحلة بدونه. )197(<br />
ينظر: )197(<br />
www.mas.gov.sa
املبحث الثاني<br />
االصطالحات ذات العالقة<br />
املطلب األول<br />
تعر<strong>يف</strong> السفر
املبحث الثاين: االصطالحات ذات العالقة :<br />
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> السفر :<br />
قال <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة :<br />
"السني والفاء والراء أصل واحد يدل على االنكشاف واجلالء، من ذلك السَّفَر ، مسي بذلك ألن الناس<br />
ينكشفون عن أماكنهم، والسَّفْر : املسافرون" )198(<br />
والسَّفَرُ قطع املسافة واجلمع األسفار وهو خالف احلضر، والسَّفْرُ مجع سافر ، واملسافر كالسَّافِّر ، واملِّسْفَرُ :<br />
الكثري األسفار القوي عليها.<br />
ويقال: سفرت أسفُرُ سفوراً: خرجت إىل السفر، فأان سَافرٌ وقوم سفرٌ مثل صاحب وصحب وسُفَّارٌ مثل<br />
راكب وركاب، وسافرت إىل بلدة كذا مُسَافَرَةً وسِّ فَاراً. )199(<br />
قال <strong>يف</strong><br />
ويقال: استفرت اإلبل: تصرفت وذهبت <strong>يف</strong> األرض، ويقال: بعري مسفر: أي قوي على السفر )200(<br />
اللسان: مسي املسافر مسافراً لكشفه قناع الكِّنِّ عن وجهه، ومنازل احلضر عن مكانه، ومنزل اخلفض عن<br />
نفسه، وبروزه إىل األرض الفضاء ومسي السفر سفراً ألنه يسفر عن وجوه املسافرين وأخالقهم، فيظهر ما كان<br />
خافياً منها.<br />
)201(<br />
ومنه قوهلم سفرت املرأة عن وجهها إذا أظهرته فهي امرأة سافر ، وقال <strong>يف</strong> املفردات: "السفر كشف<br />
الغطاء وخيتص ذلك َبألعيان حنو: سفر العمامة عن الرأس واخلمار عن الوجه وسفر البيت كنسه َبملسفر<br />
أي: املكنس... واألسفار خيتص َبللون حنو )والصبح إذا أسفر( أي أشرق لونه.. وسفر الرجل فهو مسافر<br />
واجلمع السفر حنو ركب وسافر خص َبملفاعلة اعتباراً أبن اإلنسان قد سفر عن املكان واملكان سفر<br />
عنه" )202(<br />
فالسفر <strong>يف</strong> أصل معناه اللغوي: الظهور والربوز واالنكشاف واجلالء وقطع املسافة سفر من هذا املعىن ألنه<br />
ينكشف عن احلضر ويربز إىل األرض الفضاء وتنكشف فيه أخالق املسافر ويظهر ما كان خافياً.<br />
وهلذا قال عمر بن اخلطاب لرجل شهد عنده: "لست أعرفك وال يضرك أن ال أعرفك ائت مبن يعرفك<br />
فقال رجل من القوم: أان أعرفه قال: أبي شيء تعرفه؟ قال َبلعدالة والفضل قال فهو جارك األدىن الذي<br />
تعرف ليله وهناره ومدخله وخمرجه؟ قال: ال قال: فمعاملك َبلدينار والدرهم اللذين هبما يستدل على الورع؟<br />
) 198 (<br />
) 199 (<br />
) 200 (<br />
) 201 (<br />
) 202 (<br />
البن فارس )82/3(<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )2024/4( بتصرف ، والقاموس احمليط للفريوزاَبدي )49/2( بتصرف.<br />
ينظر: معجم مقاييس اللغة ، البن فارس )83-82/3( بتصرف.<br />
ينظر: لسان العرب البن منظور )2024/4( بتصرف، والقاموس احمليط، للفريوزاَبدي )49/2( بتصرف.<br />
املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن، للراغب األصفهاين )233(.
قال: ال قال: فرفيقك <strong>يف</strong> السفر الذي يستدل به على مكارم األخالق؟ قال: ال قال: فلست تعرفه، مث قال<br />
للرجل ائت مبن يعرفك" )203(<br />
وقال الغزايل رمحه هللا: "وَبجلملة فإن النفس <strong>يف</strong> الوطن مع موااتة األسباب ال تظهر خبائث أخالقها<br />
الستئناسها مبا يوافق طبعها من املألوفات املعهودة، فإذا محلت وعثاء السفر وصرفت عن مألوفاهتا املعتادة<br />
)204(<br />
وامتحنت مبشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوهبا فيمكن االشتغال بعالجها"<br />
ومل يرد حتديد السفر مبسافة معينة <strong>يف</strong> اللغة وال <strong>يف</strong> الشرع مما أدى إىل اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك والصواب هو<br />
الرجوع إىل العرف <strong>يف</strong> ذلك وعلى هذا فالسفر اصطالحاً: "اخلروج من العمران على قصد قطع مسافة القصر<br />
الشرعية فما فوقها" )205(<br />
وبني <strong>السياحة</strong> والسفر عموم وخصوص فإن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> االصطالح الشرعي تطلق على معان غري السفر<br />
كالصيام كما أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اصطالح املعاصرين سفر خمصوص أبغراض ومدة معينة فهي من أغراض السفر<br />
وقد وردت مادة )سفر( <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong><br />
11 موضع. )206(<br />
) 203 (<br />
) 204 (<br />
) 205 (<br />
) 206 (<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> الكربى )125/10(، كتاب آداب القاضي، َبب من يرجع إليه <strong>يف</strong> السؤال جيب أن تكون معرفته َبطنة، و<strong>يف</strong> معرفة<br />
السنن واآلاثر )237/14(، والبغوي إبسناد حسن واخلطيب <strong>يف</strong> الكفاية وغريهم عن خرشة بن أحبر ورواه ابن أيب الدنيا <strong>يف</strong> الصمت<br />
والدينوري <strong>يف</strong> اجملالسة وصححه ابن السكن ، ينظر: كشف اخلفا، للعجلوين )549/1(.<br />
إحياء علوم الدين، للغزايل )246/2( ، وتقدم ترمجته ص<br />
40<br />
ينظر: التعر<strong>يف</strong>ات، للجرجاين ص122، واملوسوعة الفقهية الكويتية )26/25(.<br />
<strong>يف</strong> سورة البقرة اآلايت 283-185-184، والنساء اآلية 43، واملائدة اآلية 6، والتوبة اآلية<br />
19، واجلمعة، اآلية 5، واملدثر اآلية 34، وعبس، اآلية<br />
42، والكهف<br />
.15<br />
اآلية 62، وسبأ اآلية
املطلب الثاني<br />
تعر<strong>يف</strong> اهلجرة
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> اهلجرة :<br />
جاء <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة: "اهلاء واجليم والراء أصالن يدل أحدمها على قطيعة وقطع، واآلخر على شد<br />
شيء وربطه"<br />
فاألول اهلجر : ضد الوصل، وكذلك اهلجران، وهاجر القوم من دار إىل دار: تركوا األوىل للثانية. )207(<br />
و<strong>يف</strong> اللسان "هجره يهجره هجراً وهجراانً: حَرَمَهُ ، ومها يهتجران ويتهاجران واالسم اهلجرة ... واهلِّجْرَةُ<br />
واهلُجْرَة : اخلروج من أرض إىل أرض ...<br />
وأصل املهاجرة عند العرب خروج البدوي من َبديته إىل املدن، وكذلك كل خمُِّلِّ مبسكنه منتقل إىل قوم<br />
آخرين بسكناه، فقد هاجر قومه ومسي املهاجرون مهاجرين ألهنم تركوا دايرهم ومساكنهم اليت نشئوا هبا هلل<br />
وحلقوا بدار ليس هلم هبا أهل وال مال... فكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلداً آخر فهو<br />
مهاجر" )208(<br />
قال <strong>يف</strong> املفردات: "املهاجرة <strong>يف</strong> األصل مصارمة الغري ومتاركته... فالظاهر منه اخلروج من دار الكفر إىل دار<br />
اإلميان كمن هاجر من مكة إىل املدينة" )209(<br />
فاهلجرة <strong>يف</strong> اللغة مفارقة البلد ومصارمة الغري ومتاركته، يقطع املهاجر صلته ببلده وينتقل لبلد آخر لسكناه<br />
واإلقامة الدائمة فيه فهي أخص من السفر <strong>يف</strong> اللغة، ألن املهاجر يقصد اإلقامة الدائمة واهلجرة <strong>يف</strong><br />
يقول سبحانه: <br />
االصطالح: اخلروج من دار <strong>اإلسالم</strong> إىل دار الكفر )210(<br />
<br />
)211(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)212(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول سبحانه: <br />
)213( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول جل وعال: <br />
)214( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول عز وجل: <br />
) 207 (<br />
) 208 (<br />
) 209 (<br />
) 210 (<br />
) 211 (<br />
) 212 (<br />
) 213 (<br />
البن فارس )34/6(.<br />
لسان العرب ، البن منظور )4616/8(، والقاموس احمليط، للفريوزاَبدي )157/2(<br />
للراغب األصفهاين )ص536(.<br />
املصدر السابق ، وفتح الباري ، البن حجر )270/7( ، واملغين البن قدامه )149/13(، واهلجرة والنصرة <strong>يف</strong> القرآن الكرمي، موسى<br />
العليلي ص9، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )48/12(.<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة احلشر، اآلية<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.218<br />
.8<br />
.97
واهلجرة <strong>يف</strong> االصطالح أخص من السفر ألهنا سفر لغرض خمصوص ومكان خمصوص وهو دار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
وقد وردت مادة )هجر( <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong> عشرين موضعاً. )215(<br />
) 214 (<br />
سورة النساء، اآلية<br />
( 215 ) <strong>يف</strong> سور: البقرة، اآلية<br />
218<br />
.89<br />
، وآل عمران اآلية195 ، والنساء اآلايت<br />
100 و 97 و 89<br />
، و<strong>يف</strong> سورة األنفال اآلايت<br />
74 و و 72<br />
، 67<br />
75<br />
، والتوبة اآلايت<br />
والنور اآلية<br />
117 و 100 و 20<br />
، والنحل اآلايت<br />
، ومرمي اآلية 110 و 41<br />
، واحلج اآلية 46<br />
58<br />
22<br />
، والفرقان اآلية<br />
30<br />
، والعنكبوت اآلية 26، واألحزاب اآلية<br />
.6<br />
، واملؤمنون اآلية
املطلب الثالث<br />
تعر<strong>يف</strong> السري
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السري :<br />
أصل مادة )سري( يدل على مضي وجراين يقال: سار يسري سرياً، وذلك يكون ليالً وهناراً. )216(<br />
والسَّريُْ : الذهاب ، يقال: سَارَ يَسِّ ريُْ سَريَْاً ومَسِّ ريْ اً ومسريَْة وسَريْ ورَة وتَسْاراً: يذهب ، واالسم: السِّ ريَةُ.<br />
ويقال: سار القوم يسريون سرياً ومسرياً إذا امتد هبم السري <strong>يف</strong> جهة توجهوا هلا.<br />
وقوله: مسرية شهر أي املسافة اليت يسار فيها من األرض كاملنزلة أو هو مصدر مبعىن السري كاملعيشة )217(<br />
<br />
و<strong>يف</strong> املفردات: "السري املضي <strong>يف</strong> األرض ورجل سَائِّرٌ وسَيَّارٌ ، والسَيَّارةُ اجلماعة، قال تعاىل: <br />
<br />
<br />
يقال سِّ رْتُ وسِّ رْتُ بفالن وسِّ رْتُهُ أيضاً وسَريَّْتُهُ على التكثري، فمن األول قوله: أَفَلَمْ يَسِّ ريُوا<br />
سِّ ريُوا سِّ ريُوا فِّيهَا لَيَايلِّ َ ومن الثاين قوله: سَارَ أبَِّهْلِِّّه ومل جييء <strong>يف</strong> القرآن القسم الثالث وهو سِّ رْتُه<br />
والرابع قوله: وَسُريَِّتِّ اجلِّْبَاُل هُوَ الَّذِّي يُسَريُِّكُمْ <strong>يف</strong>ِّ الْربَِّ وَالْبَحْرِّ<br />
– قُلْ<br />
.<br />
-<br />
–<br />
وأما قوله : سِّ ريُواْ <strong>يف</strong>ِّ األَرْضِّ <br />
)218(<br />
الفكر ومراعاة أحواله.<br />
فقد قيل حث على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض َبجلسم، وقيل حث على إحالة<br />
فالسري اصطالحاً: املضي <strong>يف</strong> األرض والسري أخص من السفر فليس كل سري سفر. وقد وردت مادة سري <strong>يف</strong><br />
القرآن <strong>يف</strong><br />
32 موضع. )219(<br />
) 216 (<br />
) 217 (<br />
) 218 (<br />
) 219 (<br />
ينظر: معجم مقاييس اللغة البن فارس )121-120/3( ، بتصرف .<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )2169/4(، والقاموس احمليط، للفريوزاَبدي )54/2( واجملموع املغيث <strong>يف</strong> غرييب القرآن واحلديث،<br />
لألصفهاين )162/2( بتصرف.<br />
املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن، للراغب األصفهاين ، ص247.<br />
<strong>يف</strong> سور: آل عمران اآلية 137، واملائدة اآلية 96، واألنعام اآلية 11، ويوسف اآلايت<br />
، والنحل اآلية<br />
31 والرعد اآلية 109 و 65 و 19 و 10<br />
36<br />
والعنكبوت اآلايت<br />
، والكهف اآلية<br />
47<br />
، وطه اآلية 21، واحلج اآلايت<br />
، 69 والنمل اآلية 70 و 46<br />
والقصص اآلية<br />
، 29<br />
18. وسبأ اآلية 42 و 9 والروم اآلايت 20 و 19
املطلب الرابع<br />
تعر<strong>يف</strong> االرحتال
املطلب الرابع: تعر<strong>يف</strong> االرحتال :<br />
أصل االرحتال: رحل وهو أصل واحد يدل على مضي <strong>يف</strong> سفر، يقال: رَحَل ي َرْحَل رِّحْلَة ومجل رحيل: ذو<br />
رحلة ، إذا كان قوايً على الرِّحلة والرِّحلة: االرحتال .<br />
والراحلة: املركب من اإلبل ويقال: رَاحَلَ فالنٌ فالانً إذا عاونه على رحلته ورَحَّله إذا أظعنه من مكانه، وأرحله<br />
أعطاه راحلة. )220(<br />
و<strong>يف</strong> اللسان : رحل الرجل إذا سار، ورجل رَحُولٌ وقوم رُحَّلٌ أي يرحتلون كثرياً، وارحتل البعري رحْلَةً: سار<br />
فمضى، مث جرى ذلك <strong>يف</strong> املنطق حىت قيل ارحتل القوم عن املكان ارحتاالً ، ورحل عن املكان يرحل: انتقل<br />
والرتحل واالرحتال : االنتقال وهو الرِّحْلَةُ والرُّحْلَةُ، والرِّحْلةُ : اسم لالرحتال للمسري .<br />
يقال : دنت رحلتنا ، ورحل فالن وارحتل وترحل مبعىن<br />
والرَّحيْلُ : اسم ارحتال القوم للمسري والرتحل: ارحتال <strong>يف</strong> مهلة )221(<br />
و<strong>يف</strong> القاموس: "الرِّحلةُ َبلكسر االرحتال وَبلضم الوجه الذي تقصده" )222(<br />
وعلى هذا فاالرحتال هو االنتقال واملضي <strong>يف</strong> السفر ، وقد وردت مادة )رحل( <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong> أربعة مواضع )223(<br />
) 220 (<br />
) 221 (<br />
) 222 (<br />
ينظر: معجم مقاييس اللغة البن فارس )497/2( ، بتصرف .<br />
ينظر: لسان العرب البن منظور )1610-1609/3( ، بتصرف.<br />
القاموس احمليط للفريوزاَبدي )383/3(.<br />
( 223 ) <strong>يف</strong> سور: قريش، اآلية<br />
2<br />
، ويوسف اآلايت<br />
.75 و 70 و 62
املبحث الثالث<br />
حاجة البشر للسياحة وتأصيل ذلك شرعاً .<br />
املطلب األول<br />
حاجة البشر للسياحة
املبحث الثالث: حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً .<br />
املطلب األول: حاجة البشر للسياحة :<br />
خلق هللا اإلنسان مدنياً بطبعه، خلقه وفيه دافع حب العيش مع اجلماعة، فال ميكن أن يعيش منعزالً عن بين<br />
جنسه ال خيالطهم وال خيالطونه فاهلل عز وجل جعل الناس بعضهم لبعض سخرايً.<br />
وكل بين آدم ال تتحقق وال تتم مصاحلهم الدنيوية واألخروية إال َبالجتماع والتعاون والتناصر على جلب<br />
منافعهم ودفع مضارهم، ولذا يقال: اإلنسان مدين َبلطبع.<br />
وإذا اجتمع الناس فال بد هلم من أمور <strong>يف</strong>علوهنا جيتلبون هبا املصلحة وأمور جيتنبوهنا ملا فيها من املفسدة.<br />
)224(<br />
فمما حيتاجه البشر و<strong>يف</strong>علونه الجتالب مصاحلهم أو لدفع املفاسد عنهم: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أرض هللا الواسعة.<br />
والباعث عليها إما أمر دنيوي كالرتفيه والتسلية و املال واجلاه أو ديين من علم أو عمل والعلم إما علم ديين<br />
أو علم أبخالق نفسه وصفاته على سبيل التجربة، أو علم آبايت األرض وعجائبها، أو علم دنيوي مادي.<br />
والعمل إما عبادة وإما زايرة، فالعبادة كاحلج والعمرة ، وقد تكون الزايرة أيضاً من القرَبت كما لو قصد هبا<br />
مكة أو املدينة أو بيت املقدس<br />
)225(<br />
.<br />
وكون املطلوب الدنيوي هو الرتويح عن النفس ، وطلب النزهة واملتعة، مما شاع <strong>يف</strong> اآلونة األخرية حىت صار<br />
أغلب بواعث <strong>السياحة</strong> من هذا القبيل نتيجة للتطور الصناعي والتقدم التكنولوجي <strong>يف</strong> العصر احلديث<br />
، وقد عمل استطالع َشل<br />
و<strong>السياحة</strong> رغبة <strong>يف</strong> الرتويح والرتفيه مما غرسه هللا <strong>يف</strong> الطبيعة البشرية )226(<br />
أسرة سعودي نتج عنه أن حوايل<br />
500<br />
%33<br />
يرون <strong>يف</strong> السفر و<strong>السياحة</strong> فرصة لتغيري املناخ والبعد عن راتبة احلياة<br />
رب<br />
اليومية، و%26 يرونه وسيلة الكتشاف مناطق جديدة والتعرف على ثقافات وحضارات أخرى. )227(<br />
ومثة حاجات أخرى للسياحة تتمثل <strong>يف</strong> توطيد األلفة واحملبة بني القلوب وذلك من خالل الرحالت اليت يقوم<br />
هبا املربون <strong>يف</strong> حماضن التعليم والرتبية ألبنائهم الطالب.<br />
يقول الشيخ حممد بن عثيمني <strong>يف</strong> احلث على هذا النوع من <strong>السياحة</strong>: "أحث الشباب على إقامة الزايرات<br />
فيما بينهم، حىت تتوطد األلفة واحملبة بني القلوب وعليهم أن يدرسوا أحواهلم وأحوال أمتهم، ليكونوا كقلب<br />
رجل واحد وما أعظم مثرة الزايرات، وإذا قرنت برحالت قريبة أو بعيدة فإن هلا أثراًكبرياً، وعلى املربني…<br />
قسط كبري من هذا التوجيه" )228(<br />
) 224 (<br />
) 225 (<br />
) 226 (<br />
) 227 (<br />
) 228 (<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد، )62/28( ، بتصرف.<br />
ينظر: إحياء علوم الدين، للغزايل )245-244/2( بتصرف.<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة ، إبراهيم األحيدب ، ص5، بتصرف.<br />
ينظر: اإلجازات فوائد ، حماذير ، عرب ، ألمحد سامل دويالن ، ص115<br />
، بتصرف.<br />
فتاوى <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت، لفضيلة الشيخ حممد بن عثيمني، إعداد/ خالد أبو صاحل<br />
- ص7.
ويؤكد اإلمام الشافعي رمحه هللا مسيس احلاجة إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والرتحال فيقول:<br />
م ا <strong>يف</strong> املق ام ل ذي عق ل وذي ل ب م ن راح ة ف دع األوط ان واغ رتب<br />
س افر جت د عوض اً عم ن تفارق ه وانص ب ف إن لذي ذ الع يش <strong>يف</strong> النَّص بِّ<br />
إين رأي ت وق وف امل اء <strong>يف</strong>س ده إن س اح ط اب وإن مل جي ر مل يَط ِّب<br />
واألس د ل وال ف راق األرض م ا افرتس ت والس هم ل وال ف راق الق وس مل يص بِّ<br />
والش مس ل و وقف ت <strong>يف</strong> الفل ك دائم ة ملله ا الن اس م ن عج م وم ن ع ربِّ<br />
والتِّ ربُْ كالت ذرْب ملق ى <strong>يف</strong> أماكن ه والع ود <strong>يف</strong> أرض ه ن وع م ن احلط بِّ<br />
ف إن تغ رَّبَ ه ذا عَ زَّ مطلب ه وإن تغ رب ذاك ع ز كال ذَهَ ِّب )229 )<br />
وإذا كانت <strong>السياحة</strong> ظاهرة قدمية مرتبطة مبا جبل هللا البشر عليه من االجتماع واملخالطة وحتصيل املصاحل<br />
ودرء املفاسد، فقد حتولت من جمرد وسيلة لتحقيق رغبات اإلنسان وحاجاته األساسية إىل ظاهرة اجتماعية<br />
وثقافية من أهدافها حتقيق املتعة والراحة واالستجمام، وأصبح ينظر إليها على أهنا صناعة مركبة وهادفة إىل<br />
وصارت احلاجة إليها ليست قاصرة على األفراد فحسب بل وحىت<br />
حتقيق تقدم اقتصادي واجتماعي. )230(<br />
الدول فإهنا حتتاج إىل توجيه كافة املوارد املادية والبشرية لزايدة اإلنتاج وحتقيق االستقالل االقتصادي للفرد<br />
واجملتمع ورفع مستوى الدخل وللسياحة أثر َبلغ <strong>يف</strong> ذلك. )231(<br />
فعندما يرتفع معدل <strong>السياحة</strong> بتزايد الدخل القومي وتتزايد العمالة ويرتفع مستوى األفراد مادايً، ويتم القضاء<br />
على كثري من املشكالت خاصة البطالة، وعندما يتزايد الدخل القومي تنتعش الدولة وتؤيت التنمية االقتصادية<br />
)232(<br />
مثارها.<br />
وكثري من الدول <strong>يف</strong> الوقت احلاضر تعتمد على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> حتقيق أهم حاجاهتا وأغراضها وأهدافها السياسية<br />
واالقتصادية واالجتماعية بل وأحياانً الدينية.<br />
واحلاجة إىل <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> العصر احلاضر أشد، والدوافع هلا أكثر فهي جزء أساسي من احلياة االجتماعية<br />
املعاصرة واحلاجة إليها تشمل األفراد والدول.<br />
) 229 (<br />
) 230 (<br />
) 231 (<br />
ديوان الشافعي ، ص26<br />
.<br />
ينظر: مبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص11<br />
، بتصرف.<br />
) 232 (<br />
ينظر: التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب، فؤادة البكري، ص45، بتصرف.<br />
املصدر السابق ، بتصرف.
املطلب الثاني<br />
تأصيل ذلك شرعاً
املطلب الثاين: أتصيل ذلك شرعاً :<br />
تبني مما سبق أن <strong>السياحة</strong> من احلاجات املالزمة للبشر، املالئمة للطبيعة اليت فطر هللا الناس عليها، فهي عارض<br />
أكيد لكثري من الناس إما ألداء عبادة كاحلج والعمرة أو استشفاء أو استطالع واستكشاف أو جتارة وتسوق أو<br />
ترفيه وتسلية أوتواصل أو تغيري للبيئة ، وغري ذلك من األغراض املشروعة املباحة. )233(<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> من املصاحل املعتربة شرعاً، والشريعة إمنا وضعت ملصاحل العباد <strong>يف</strong> العاجل واآلجل<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
معاً)234(<br />
والسفر للسياحة مشروع <strong>يف</strong> اجلملة، واألصل <strong>يف</strong> ذلك قول هللا تعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله: <br />
)235(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وسافر النيب <strong>يف</strong> اهلجرة واجلهاد واحلج والعمرة.<br />
)236( <br />
<br />
<br />
وعن أيب هريرة قال: قال رسول هللا : ))سافروا تصحوا، واغزوا تستغنوا(( )237(<br />
وجاء رجل إىل النيب فقال: اي رسول هللا إين أريد سفراً فزودين، قال: ))زودك هللا التقوى، قال: زدين، قال: وغفر<br />
ذنبك، قال زدين أبيب وأمي، قال: ويسر لك اخلري حيثما كنت(( )238(<br />
وقال <br />
)239(<br />
: ))إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً((<br />
ومنذ خلق هللا البشر وهم <strong>يف</strong> تنقل وارحتال، وقد يسر هللا هلم سبل ذلك وامنت عليهم<br />
<br />
سبحانه فقال : <br />
)240(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه: <br />
)241(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
) 233 (<br />
) 234 (<br />
) 235 (<br />
) 236 (<br />
ينظر: ص )51(<br />
ينظر: املوافقات، للشاطيب )6/2( بتصرف.<br />
سورة املزمل، اآلية<br />
سورة امللك، اآلية<br />
.20<br />
.15<br />
) 237 (<br />
سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
) 24<br />
) 238 (<br />
) 239 (<br />
) 240 (<br />
) 241 (<br />
رواه الرتمذي وحسنه –كتاب الدعوات- َبب منه دعاء: زودك هللا التقوى ص، )2006( رقم )3444(، وقال: حسن غريب.<br />
رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل <strong>يف</strong> اإلقامة )ص241( رقم )2996(.<br />
سورة اإلسراء، اآلية<br />
سورة قريش، اآلايت<br />
.70<br />
. 4-1
فامنت هللا عليهم برحلتني، كانت إحدامها <strong>يف</strong> الشتاء إىل اليمن، ألهنا بالد حامية، واألخرى إىل الشام <strong>يف</strong><br />
الص<strong>يف</strong>، ألهنا بالد َبردة، وقيل: كانوا أيضاً يشتون مبكة لدفئها، ويص<strong>يف</strong>ون َبلطائف هلوائها، وهذه من أجل<br />
النعم أن يكون للقوم انحية حر تدفع عنهم برد الشتاء، وانحية برد تدفع عنهم حر الص<strong>يف</strong>، فذكرهم هللا<br />
تعاىل هبذه النعمة العظيمة، و<strong>يف</strong> هذا دليل على جواز تصرف الرجل <strong>يف</strong> الزمانني بني حملني، يكون حاهلما <strong>يف</strong><br />
)242(<br />
كل زمان أنعم من اآلخر، كاجللوس <strong>يف</strong> اجمللس البحري <strong>يف</strong> الص<strong>يف</strong> و<strong>يف</strong> القبلي <strong>يف</strong> الشتاء.<br />
<br />
<br />
ويقول هللا تعاىل: <br />
)243( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والتعارف بني الشعوب واألمم ال يتم إال َبملعاشرة واخللطة والتقارب، و<strong>السياحة</strong> وسيلة لذلك وطريق<br />
)244(<br />
لتحقيقه<br />
ومن خالهلا يقوم املسلم بواجب الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتعليمه قوالً وعمالً وسلوكاً وقد تكلم العلماء<br />
عن فوائد املخالطة وآفات العزلة وذكروا من الفوائد: التعليم والتعلم، واالنتفاع َبلكسب واملعاملة وحتصيل<br />
الرزق، والنفع للناس ومساعدهتم على قضاء حوائجهم وأتديب النفس بتحمل األذى والرتويح عنها<br />
وهذا كله يتحقق <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.<br />
َبملؤانسة، ونيل الثواب َبلدعوة إىل هللا واجلهاد <strong>يف</strong> سبيله وغري ذلك. )245(<br />
وقد جاءت الشريعة ببيان أحكام السفر وفضله ورخصه على أم وجه وأكمله وهذا كله مما يؤكد مشروعية<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اجلملة وسيأيت مزيد تفصيل عند الكالم على أغراض <strong>السياحة</strong> وأثرها <strong>يف</strong> مشروعيتها حبول هللا<br />
تعاىل. )246(<br />
واملقصود أن تكال<strong>يف</strong> الشريعة ترجع إىل حفظ مقاصدها <strong>يف</strong> اخللق وهذه املقاصد ال تعدو ثالثة أقسام. )247(<br />
أحدها: أن تكون ضرورية<br />
مبعىن أنه ال بد منها <strong>يف</strong> قيام مصاحل الدين والدنيا حبيث إذا فقدت مل جتر مصاحل الدنيا على استقامة ، بل<br />
على فساد وهتارج وفوت حياة، و<strong>يف</strong> اآلخرة فوت النجاة والنعيم، والرجوع َبخلسران املبني فالشريعة هتدف إىل<br />
حفظ الضرورات اخلمس: الدين والنفس والنسل واملال والعقل وهي مراعاة <strong>يف</strong> كل ملة، وقد تكون <strong>السياحة</strong><br />
مبفهومها الواسع – حيث وردت مبعىن اهلجرة<br />
-<br />
) 242 (<br />
) 243 (<br />
) 244 (<br />
) 245 (<br />
بتصرف.<br />
من هذا الباب، كما لو كانت هرَبً من أذى عام أو خاص<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب، )208-206( ، وأحكام القرآن، البن العريب )1982/4(، وتفسري ابن كثري )666/4(،<br />
سورة احلجرات ، اآلية<br />
.13<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار، ص )34-33(، بتصرف.<br />
ينظر: إحياء علوم الدين ، للغزايل، )236/2(<br />
( 246 ) <strong>يف</strong> ص )343( .<br />
) 247 (<br />
ينظر: املوافقات، للشاطيب )11-8/2(، بتصرف.
)248(<br />
<br />
<br />
<br />
<strong>يف</strong> أمور الدين أو الدنيا، كما قال إبراهيم عليه السالم ملا خاف من قومه: <br />
)249( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال تعاىل عن موسى عليه السالم: <br />
)250( <br />
)251(<br />
ويقول الناظم :<br />
وم ىت أم رت ببدع ة أو زل ة ف اهرب ب دينك آخ ر البل دان<br />
ال دين رأس امل ال فاستمس ك ب ه فض ياعه م ن أعظ م اخلس ران<br />
وسافر سفيان الثوري رمحه هللا بسبب غالء األسعار إىل حيث رخصها )252(<br />
.<br />
وقد أدركت الفتنة بعد مقتل عثمان عشرة آالف من الصحابة مل يشرتك فيها أربعون منهم فمنهم من<br />
هرب إىل بلد آخر ومنهم من لزم بيته. )253(<br />
ف<strong>السياحة</strong> هنا من املصاحل الضرورية اليت هتدف إىل احملافظة على مقصود الشرع <strong>يف</strong> اخللق وذلك <strong>يف</strong> حفظ هذه<br />
األحوال اخلمسة وهي من أقوى املراتب <strong>يف</strong> املصاحل فكل ما تضمن حفظ هذه األحوال فهو مصلحة وكل ما<br />
<strong>يف</strong>وهتا فهو مفسدة ودفعه مصلحة وحفظ هذه الضرورايت حيقق مقصد الشارع من تشريع األحكام وهو<br />
حتقيق مصاحل العباد <strong>يف</strong> دينهم ودنياهم. )254(<br />
) 248 (<br />
) 249 (<br />
) 250 (<br />
) 251 (<br />
) 252 (<br />
سورة العنكبوت، اآلية<br />
سورة الصافات، اآلية<br />
سورة القصص، اآلية<br />
.26<br />
.99<br />
.21<br />
القحطاين <strong>يف</strong> نونيته، تعليق حممد سيد، ص )38(.<br />
ينظر: إحياء علوم الدين، للغزايل )1091/2( وسفيان الثوري هو: ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبدهللا بن موهبة بن<br />
ثور، أبو عبدهللا الثوري الكو<strong>يف</strong> اجملتهد .<br />
مصنف كتاب اجلامع، ولد سنة سبع وتسعني اتفاقاً، وكان والده من أصحاب الشعيب وعداده <strong>يف</strong> صغار التابعني روى له اجلماعة الستة<br />
وتتلمذ سفيان على والده وأيوب السختياين وغريهم ، ويقال إن عدد شيوخه ست مائة شيخ ، أما الرواة عنه فذكر ابن اجلوزي أهنم أكثر<br />
من عشرين ألفاً. حدث عنه أبو حن<strong>يف</strong>ة واألوزاعي وغريهم .<br />
قال الذهيب: "قد كان سفيان رأساً <strong>يف</strong> الزهد، والتأله واخلوف رأساً <strong>يف</strong> احلفظ رأساً <strong>يف</strong> معرفة اآلاثر، رأساً <strong>يف</strong> الفقه، ال خياف <strong>يف</strong> هللا لومة<br />
الئم من أئمة الدين واغتفر له غري مسألة اجتهد فيها وفيه تشيع يسري، كان ي ُثَلِّث بعلي، ... وكان ينكر على امللوك وال يرى اخلروج<br />
أصالً، وكان يدلس <strong>يف</strong> روايته ورمبا دلس عن الضعفاء"، ومات رمحه هللا <strong>يف</strong> شعبان سنة إحدى وستني ومائة . ينظر: سري أعالم النبالء،<br />
للذهيب )279/229(.<br />
) 253 (<br />
) 254 (<br />
ينظر: العزلة ، للخطايب ، حتقيق ايسني السواس ص)100-61(.<br />
ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصرة ، تغري األحكام بتغري األزمان ، حسني الرتتوري ، العدد<br />
59<br />
، ص193، بتصرف.
أما <strong>السياحة</strong> املعاصرة – اليت هي حمور حبثنا – فليست من هذا القسم غالباً .<br />
والقسم الثاين: أن تكون حاجية :<br />
أي ي ُفْتَقَرُ إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق املؤدي <strong>يف</strong> الغالب إىل احلرج واملشقة الالحقة بفوت املطلوب،<br />
فإذا مل تراعَ دخل على املكلفني<br />
–<strong>يف</strong> اجلملة- احلرج واملشقة، ولكنه ال يبلغ مبلغ الفساد املتوقع <strong>يف</strong> املصاحل<br />
العامة و<strong>السياحة</strong> قد تكون من املصاحل احلاجية وهذا كثري كما تقدم، <strong>يف</strong> املطلب السابق.<br />
والقسم الثالث: أن تكون حتسينية :<br />
ومعناها األخذ مبا يليق من حماسن العادات وجتنب األحوال املدل ِّسات اليت أتنفها العقول الراجحات.<br />
و<strong>السياحة</strong> قد تكون من املصاحل التحسينية اليت يتحقق هبا هذا املقصد كما <strong>يف</strong> سياحة اللهو والرتفيه عن<br />
النفس وهو الغالب <strong>يف</strong> إ طالق <strong>السياحة</strong> املعاصر.<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> عموماً قد تكون من املصاحل الضرورية أو احلاجية أو التحسينية. )255(<br />
و<strong>السياحة</strong> املعاصرة من املصاحل احلاجية أو التحسينية <strong>يف</strong> الغالب .<br />
ومن مقاصد الشريعة حتقيق هذه املصاحل وحتصيلها، ودفع ما يقابلها من املفاسد "فإذا كانت املصلحة غالبة<br />
عند مناظرهتا مع املفسدة <strong>يف</strong> حكم االعتياد فهي مقصودة شرعاً، ولتحصيلها وقع الطلب على العباد، ليجري<br />
قانوهنا على أقوام طريق وأهدى سبيل، وليكون حصوهلا أم وأقرب وأوىل بنبل املقصود على مقتضى العادات<br />
اجلارية <strong>يف</strong> الدنيا.<br />
فإن تبعها مفسدة أو مشقة فليست مبقصودة <strong>يف</strong> شرعية ذلك الفعل وطلبه وكذلك املفسدة إذا كانت هي<br />
)256(<br />
الغالبة َبلنظر إىل املصلحة <strong>يف</strong> حكم االعتياد فرفعها هو املقصود شرعاً"<br />
واحلاصل أن املصاحل املعتربة شرعاً خالصة غري مشوبة بشيء من املفاسد ال قليالً وال كثرياً، وإن توهم أهنا<br />
مشوبة، فليست <strong>يف</strong> احلقيقة الشرعية كذلك، والطاعة أو املعصية تعظم حبسب عظم املصلحة أو املفسدة<br />
)257(<br />
الناشئة عنها<br />
و<strong>السياحة</strong> من العادات، واألصل <strong>يف</strong> العادات َبلنسبة إىل املكلف االلتفات إىل املعاين واألصل <strong>يف</strong> العبادات<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> وإن كانت مشروعة <strong>يف</strong> اجلملة لكون األصل <strong>يف</strong><br />
التعبد دون اإللتفات إىل املعاين )258(<br />
) 255 (<br />
) 256 (<br />
) 257 (<br />
) 258 (<br />
ينظر: املوافقات، للشاطيب )11-8/2( بتصرف.<br />
املصدر السابق، ص26 –27.<br />
ينظر: املصدر السابق، ص27<br />
، بتصرف.<br />
ينظر: املصدر السابق، ص300، بتصرف.
األشياء اإلَبحة، و ملا تقدم من األدلة على مشروعيتها إال أهنا تتلف َبختالف الغرض منها وتفاوت املصاحل<br />
واملفاسد فيها وسيأيت مزيد بيان هلذا عند الكالم على أغراض <strong>السياحة</strong> وأثرها <strong>يف</strong> املشروعية حبول هللا تعاىل.<br />
والدليل على أن األصل <strong>يف</strong> العادات اإللتفات إىل املعاين أمور، منها : )259(<br />
االستقراء، فإان وجدان الشارع قاصداً ملصاحل العباد، واألحكام العادية تدور معه حيثما دار فرتى الشي<br />
الواحد مينع <strong>يف</strong> حال ال تكون فيه مصلحة، فإن كان فيه مصلحة جاز، كالدرهم َبلدرهم إىل أجل ميتنع <strong>يف</strong><br />
املبايعة وجيوز <strong>يف</strong> القرض، ومل جند هذا <strong>يف</strong> َبب العبادات مفهوماً كما فهمناه <strong>يف</strong> العادات .<br />
<br />
ويقول: <br />
)260( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يقول هللا تعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول: <br />
)261(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
اآلية، وغري ذلك كثري ومجيعه يشري بل يصرح َبعتبار املصاحل للعباد<br />
)262( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأن األذن دائر معها أينما دارت فدل ذلك على أن العادات مما اعتمد الشارع فيها االلتفات إىل املعاين )263(<br />
و<strong>السياحة</strong> من هذا الباب.<br />
وملا كان الغالب <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حسب املفهوم العصري طلب املتعة واللهو والرتويح عن النفس واألهل فإنه<br />
حيسن بيان موقف الشريعة من ذلك فإن <strong>يف</strong> جنس اإلنسان جانباً آخر ال بد من مراعاته، وحاجة غري<br />
حاجته إىل اجلد ال بد من إشباعها، وإال كانت النتيجة هي الفشل التام، واإلحباط النفسي والكسل وامللل<br />
الضار حبياة الفرد وعبادته لربه ونشاطه <strong>يف</strong> ذلك وهذا اجلانب هو االستجمام والرتويح والرتفيه من خالل<br />
<strong>السياحة</strong>.<br />
فاملواظبة على احلزم واجلد شاقة على النفس، ألهنا جبلت على حب املراوحة بني األشياء، والتحول من عمل<br />
)264(<br />
آلخر.<br />
ولذا ملا قال حنظلة : انفق حنظلة اي رسول هللا، قال له : وما ذاك؟ فقال حنظلة: اي رسول هللا نكون عندك تذكران<br />
َبلنار واجلنة حىت كأهنا رأي العني فإذا خرجنا من عندك عافسنا األزواج واألوالد والضيعات نسينا كثرياً، فقال <br />
: ))والذي<br />
) 259 (<br />
) 260 (<br />
) 261 (<br />
) 262 (<br />
ينظر: املوافقات، للشاطيب ، ص307-305، بتصرف.<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
.179<br />
.188<br />
.91<br />
( 263 (ينظر:<br />
) 264 (<br />
املصدر السابق ، ص305، بتصرف.<br />
ينظر: األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية، إبراهيم املزروعي، ص12-11 ، قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية<br />
والضوابط الشرعية، ما دون رشيد، ص140-111، جملة الدعوة، العدد 1752، إهدار املال <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> كفر َبلنعمة، إلبراهيم<br />
اخلضريي، ص24، بتصرف.
نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عندي و<strong>يف</strong> الذكر لصافحتكم املالئكة على فرشكم و<strong>يف</strong> طرقكم، ولكن اي<br />
)265(<br />
حنظلة ساعة وساعة(( قاهلا ثالاثً<br />
وقوله: "عافسنا األزواج واألوالد والضيعات، أي: عاجلنا معايشنا وحظوظنا واشتغلنا هبا، والضيعات مجع<br />
ضيعة وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة وروي عانسنا ومعناه العبنا وروي َبلشني املعجمة<br />
)266(<br />
ومعناه عانقنا<br />
، قال النووي: "واألول هو املعروف وهو أعم، قوله "انفق حنظلة" معناه أنه خاف أنه<br />
منافق حيث كان حيصل له اخلوف <strong>يف</strong> جملس النيب <br />
اآلخرة فإذا خرج اشتغل َبلزوجة واألوالد ومعاش الدنيا،<br />
فخاف أن يكون ذلك نفاقاً فأعلمهم النيب <br />
وساعة أي ساعة كذا وساعة كذا"ا.ه )267(<br />
ويظهر عليه ذلك مع املراقبة والفكر واإلقبال على<br />
وأصل النفاق إظهار ما يكتم خالفه من الشر<br />
أنه ليس بنفاق وأهنم ال يكلفون الدوام على ذلك وساعة<br />
قال <strong>يف</strong> اإلكمال <strong>يف</strong> شرح هذا احلديث: "سنة هللا تعاىل <strong>يف</strong> عامل اإلنسان أن فعله متوسط بني عامل املالئكة<br />
وعامل الشياطني، فمكن املالئكة <strong>يف</strong> اخلري حبيث <strong>يف</strong>علون ما يؤمرون ويسبحون الليل والنهار ال <strong>يف</strong>رتون، ومكن<br />
الشياطني <strong>يف</strong> الشر واإلغواء، حبيث ال يغفلون وجعل عامل اإلنسان متلوانً، وإليه أشار صاحب الشرع <br />
بقوله: ))ولكن اي حنظلة ساعة وساعة(( وعلى العاقل أن تكون له ساعة يناجي فيها ربه، وساعة حياسب<br />
فيها نفسه، وساعة <strong>يف</strong>كر فيما صنع هللا وساعة خيلو فيها حباجته من املطعم واملشرب" )268(<br />
و<strong>يف</strong> حتفة األحوذي: "يعين ال يكون الرجل منافقاً ، أبن يكون <strong>يف</strong> وقت على احلضور و<strong>يف</strong> وقت على الفتور،<br />
ففي ساعة احلضور تؤدون حقوق ربكم، و<strong>يف</strong> ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم" )269(<br />
والرواية الثانية حلديث حنظلة أوضح وأدق <strong>يف</strong> الداللة على الطبيعة اجلبلية <strong>يف</strong> الرتويح عن النفس، حيث يقول<br />
حنظلة <br />
: "كنا عند رسول هللا <br />
والعبت املرأة..." احلديث )270(<br />
فوعظنا فذكر النار، قال مث جئت إىل البيت فضاحكت الصبيان<br />
) 265 (<br />
) 266 (<br />
) 267 (<br />
) 268 (<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب التوبة، َبب فضل دوام الذكر والفكر <strong>يف</strong> أمور اآلخرة واملراقبة ..)1154( رقم )2750(، وقال<br />
الرتمذي: هذا حديث حسن صحيح، ينظر: حتفة األحوذي، للمباركفوري )218/7( وحنظلة هو: بن الربيع بن ص<strong>يف</strong>ي بن رَبح بن<br />
احلارث التميمي األسيدي أبو ربعي املعروف حبنظلة الكاتب وهو ابن أخي<br />
أكثم بن ص<strong>يف</strong>ي حكيم العرب نزل الكوفة مث انتقل إىل قرقيسيا، روى عن النيب ، وروى عنه أبو عثمان النهدي واحلسن البصري<br />
وقتادة ومل يدركه وغريهم، وشهد مع خالد بن الوليد حروبه َبلعراق، قيل مسي الكاتب ألنه كتب للنيب الوحي تو<strong>يف</strong> بعد علي معتزال<br />
الفتنة، وقال حممد بن إسحاق بعث رسول هللا حنظلة إىل أهل الطائف، وقال ابن حبان مات <strong>يف</strong> أايم معاوية رضي هللا عنهم.<br />
ينظر: اإلصابة، البن حجر )43-42/2-1(، وهتذيب التهذيب، البن حجر )60/3(، بتصرف.<br />
ينظر: شرح صحيح مسلم ، للنووي، راجعه خليل امليس، )73-72/18(، بتصرف ، وتقدمت ترمجته ص<br />
املصدر السابق.<br />
إكمال إكمال املعلم شرح صحيح مسلم ، لأليب املالكي الوشتاين، )156/7(.<br />
37<br />
) 269 (<br />
حتفة األحوذي، للمباركفوري )218/7(.
فإقرار النيب لتلون نفس حنظلة وتقلبها بني اجلد والعبادة من جهة وبني املرح واالنبساط والرتفيه<br />
والرتويح من جهة أخرى اعرتاف شرعي ودليل مساوي على اعتبار الرتويح والرتفيه من كماالت النفس<br />
ولوازمها األساسية املعينة على أداء احلقوق والقيام َبلعبادات على أكمل وجه. )271(<br />
قال <strong>يف</strong> اآلداب الشرعية: "وكان عليه الصالة والسالم يالعب احلسن واحلسني، ويداعبهما، وسابق عائشة،<br />
ويداري زوجاته، والعاقل إذا خال بزوجاته وإمائه . . . داعب ومازح وهازل ليعطي للزوجة والنفس حقها<br />
)272( "<br />
وذكر ابن القيم رمحه هللا أبن احلصول على قسط كاف من االستجمام والراحة إلزالة التعب واإلرهاق،<br />
وجتديد النشاط والقدرة على العلم وتقوية طاقة احلركة أمر ضروري لإلنسان، وال بد من العدل <strong>يف</strong> ذلك وهو<br />
التوسط بني طر<strong>يف</strong> اإلفراط والتفريط. )273(<br />
والشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية أبصوهلا وفروعها تعامل اإلنسان على أساس مراعاة غرائزه النفسية وحاجاته اجلسدية،<br />
فكفلت له القدر الكا<strong>يف</strong> إلشباعها مع وضع األطر وحتديد الضوابط لتصر<strong>يف</strong>ها وإمتاعها، و<strong>يف</strong> هذا إقرار<br />
واعرتاف حبق البدن <strong>يف</strong> أخذ نصيبه من الراحة واالستجمام، وحق الروح <strong>يف</strong> أن تنال حظها من الرتويح<br />
والتلطف ليقوى كل منهما على متابعة الطريق إىل اآلخرة بلطف وثبات.<br />
ف<strong>اإلسالم</strong> دين الفطرة يتعامل مع النفس البشرية مبا يالئم فطرهتا السوية، ويواكبها بدون انفالت أو كبت<br />
)274(<br />
فالتوازن صبغته، والسماحة منهجه.<br />
ونظرة <strong>اإلسالم</strong> إىل الرتويح تقوم على قاعدتني :<br />
األوىل: واقعية <strong>اإلسالم</strong> ، فهو يعيش واقع اإلنسان وظروفه ويتالئم مع فطرته وطبيعته واختالف ميوله ورغباته،<br />
ف<strong>اإلسالم</strong> دين احلياة والفطرة لكنه ضبط هذه الرغبات وامليول مبا حيقق النفع العاجل واآلجل.<br />
الثانية: َشولية <strong>اإلسالم</strong> وكماله :<br />
فهو شامل لكل مناحي احلياة، والنيب ما ترك خرياً إال ودل األمة عليه وال شراً إال وحذر األمة منه. )275(<br />
)276( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأحكام الشريعة شاملة كاملة كما قال سبحانه: <br />
وقال<br />
)277( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
سبحانه: <br />
،<br />
) 270 (<br />
) 271 (<br />
) 272 (<br />
) 273 (<br />
) 274 (<br />
عند مسلم وسبق ترجيه <strong>يف</strong> الصفحة السابقة .<br />
ينظر: قضااي اللهو والرتفيه، ما دون رشيد<br />
البن مفلح احلنبلي، )248-247/3(.<br />
ينظر: الفوائد، البن القيم )ص198<br />
، ص114 – 115 ، بتصرف.<br />
– ،)200 بتصرف.<br />
ينظر: األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية، إبراهيم املزروعي، ص12-11<br />
بتصرف.<br />
، قضااي اللهو والرتفيه، مادون رشيد121<br />
) 275 (<br />
املصدر السابق، ص122<br />
، بتصرف.
وقد مارس النيب بطبيعته البشرية جوانباً متعددة من ألوان الرتفيه واللهو والرتويح املباح فكان خيرج<br />
ويداعب ويسابق.<br />
قال جابر بن مسرة ملا سئل: أكنت جتالس رسول هللا ؟ قال: ))نعم كان طويل الصمت، وكان<br />
أصحابه يتناشدون الشعر عنده ويذكرون أشياء من أمر اجلاهلية ويضحكون، فيبتسم معهم إذا<br />
)278(<br />
ضحكوا((<br />
وأذن <br />
للحبشة أن يلعبوا بسهامهم وحراهبم على عادهتم <strong>يف</strong> مسجده<br />
أن تنظر إليهم وهو يقول: ))دونكم اي بين أرفدة(( )279(<br />
الشر<strong>يف</strong>، وأذن لعائشة رضي هللا عنها<br />
وأَبح للنساء الغناء املباح وضرب الدف <strong>يف</strong> األعراس واألعياد )280( ، وكذا أصحابه رضوان هللا عليهم فقد كانوا<br />
ميثلون أمنوذج املسلم املتوازن <strong>يف</strong> حياته بني حاجات الروح ومطالب اجلسد.<br />
يقول أحدهم: "مل يكن أصحاب رسول هللا مُتَحزقني وال متماوتني، وكانوا يتناشدون األشعار <strong>يف</strong> جمالسهم، ويذكرون أمر<br />
جاهليتهم ، فإذا أريد أحدهم على شيء من دينه دارت محاليق عينيه" )281(<br />
) 276 (<br />
) 277 (<br />
) 278 (<br />
سورة األنعام، اآلية<br />
سورة النحل، اآلية<br />
.38<br />
.89<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب املساجد ومواضع الصالة، َبب فضل اجللوس <strong>يف</strong> مصاله بعد الصبح، ص)782( رقم )286(،<br />
وجابر بن مسرة هو ابن جنادة بن جندب أبو خالد السوائي ويقال أبو عبدهللا، روى عن النيب <br />
=<br />
=وسكن الكوفة وحدث عنه<br />
الشعيب ومساك وأبو إسحاق السبيعي وغريهم، شهد فتح املدائن، وله وألبيه صحبة ، وهو حل<strong>يف</strong> بين زهرة وأمه خالدة بنت أيب وقاص<br />
أخت سعد، أخرج له أصحاب الصحيح مات <strong>يف</strong> والية بشر بن مروان على العراق سنة ست وسبعني وقيل سنة ست وستني، قال<br />
الذهيب: )واألول أصح( ، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> اإلصابة: "تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> والية بشر على العراق سنة أربع وسبعني".<br />
ينظر: اإلصابة، البن حجر )2-1<br />
/<br />
) 279 (<br />
) 280 (<br />
211( ، سري أعالم النبالء، للذهيب )188-186/3(.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العيدين، َبب احلراب والدرق يوم العيد )ص74( رقم )949( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة العيدين،<br />
َبب الرخصة <strong>يف</strong> اللعب الذي ال معصية فيه <strong>يف</strong> أايم العيد ص)816( رقم )19(، وقوله: ))دونكم(( قال ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )511/2(<br />
: )َبلنصب على الظرفية مبعىن اإلغراء واملغرى به حمذوف وهو لعبهم َبحلراب وفيه إذن وتنهيض هلم وتنشيط. قوله ))اي بين أرفدة((...<br />
قيل هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس هلم ، وقيل اسم جدهم األكرب وقيل املعىن اي بين اإلماء(.<br />
ينظر: صحيح البخاري، أول كتاب العيدين ، ص)75-74(، كتاب النكاح، َبب ضرب الدف <strong>يف</strong> النكاح، ص)445( رقم<br />
جامع الرتمذي ، كتاب النكاح، َبب ما جاء <strong>يف</strong> إعالن النكاح ص )1756( رقم<br />
الزفاف <strong>يف</strong> السنة املطهرة وحترمي آالت الطرب للشيخ حممد انصر الدين األلباين رمحه هللا.<br />
،5147<br />
1088<br />
) 281 (<br />
=<br />
وما بعده ، ولالستزادة ينظر: كتايب آداب<br />
القائل: أبو سلمة بن عبدالرمحن ، واألثر أخرجه البخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد، َبب الكرب ص)190(،رقم )555( وابن أيب شيبة <strong>يف</strong><br />
مصنفه )524-523/8( وحسنه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )557/556/10( =<br />
وحسنه األلباين <strong>يف</strong> تعليقه على األدب املفرد وقال: "متحزقني: أي متقبضني وجمتمعني وقيل للجماعة حزقة النضمام بعضهم إىل بعض،<br />
وقوله )متماوتني : يقال متاوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم، محاليق عينيه: مجع محالق<br />
العني وهو ما يسوده الكحل من َبطن أجفاهنا وهو كناية عن فتح العينني والنظر بنظر شديد ص190.
))وصلى أبو بكر العصر مث خرج ومعه علي، فرأى احلسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه<br />
أبيب شبيهٌ َبلنيب، ليس شبيهاً بعلي، وعلي يضحك(( )282(<br />
وقال:<br />
وكان أصحاب رسول هللا <br />
يتبادحون َبلبطيخ، فإذا كانت احلقائق كانوا هم الرجال )283(<br />
.<br />
، وقال أيضاً: "إن للقلوب شهوة وإقباالً<br />
وقال ابن مسعود: "أرحيوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمي" )284(<br />
)285(<br />
وفرتة وإدَبراً، فخذوها عند شهواهتا وإقباهلا، وذروها عند فرتهتا وإدَبرها"<br />
وهذا يوضح أبن الدين <strong>اإلسالم</strong>ي دين السماحة واليسر، فقد رفع هللا سبحانه عن أمتنا ما كان على األمم<br />
السابقة من مشقة التكال<strong>يف</strong> فديننا يعدو إىل عدم املغاالة <strong>يف</strong> الدين واإلفراط املؤدي إىل امللل واإلجهاد<br />
املؤدي<br />
إىل االنقطاع والفتور، فالتشدد يتناَف مع روح <strong>اإلسالم</strong> كما قال سبحانه: <br />
<br />
)286( <br />
<br />
فليس بدين شعوذة وال رهبنة وال تعقيد بل دين حياة وسعادة وغذاء<br />
)287(<br />
للجسم والروح فالعبادة غذاء األرواح وَبلرتفيه االستعانة على ذلك.<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> ألجل الرتفيه والرتويح عن النفس واألهل أمر مشروع تقتضيه الفطرة السليمة وتقره<br />
الطباع املستقيمة، وأحكام الشريعة السمحة .<br />
وأما قوله <br />
: ))ليس اللهو إال <strong>يف</strong> ثالثة: أتديب الرجل فرسه ومالعبته امرأته ورميه بقوسه(( و<strong>يف</strong> رواية:<br />
))كل ما يلهو به الرجل املسلم َبطل إال رميه بقوسه وأتديبه فرسه ومالعبته أهله(( )288(<br />
أي نوع خارج عن هذه الثالثة.<br />
) 282 (<br />
رواه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب املناقب، َبب صفة النيب ص)289( ، رقم<br />
.3542<br />
) 283 (<br />
رواه البخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد، َبب املزاح، ص66<br />
، رقم .268<br />
) 284 (<br />
) 285 (<br />
) 286 (<br />
ينظر: هبجة اجملالس وأنس اجملالس، البن عبدالرب، ص )115(.<br />
املصدر السابق.<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.185<br />
) 287 (<br />
) 288 (<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، عبدالباري داود، ص )107-99(، بتصرف .<br />
أخرجه الرتمذي كتاب فضائل اجلهاد، َبب ما جاء <strong>يف</strong> فضل الرمي<br />
اجلهاد ، َبب الرمي <strong>يف</strong> سبيل هللا، )2646( رقم<br />
.<br />
2811<br />
فإنه قد يوهم حرمة<br />
<strong>يف</strong> سبيل هللا )ص/1820( رقم )637( وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب<br />
والنسائي <strong>يف</strong> كتاب اخليل والسبقوالرمي<br />
)ص/324( رقم )3608( ، وقال الرتمذي حسن صحيح، وقال احلافظ العراقي <strong>يف</strong> تريج اإلحياء<br />
–<br />
َبب أتديب الرجل فرسه<br />
)411-410/2( <strong>يف</strong><br />
سنده<br />
اضطراب قال األلباين <strong>يف</strong> ترجيه لفقه السرية، ص221: )وبيانه: أنه رواه عبدالرمحن بن يزيد بن جابر عن أيب إسالم عن خالد بن زيد<br />
عن عقبة وبه أخرجه أبو داود والنسائي واحلاكم وأمحد وخالفه حيىي بن أيب كثري فقال: حدثنا أبو سالم عبدهللا األزرق عن عقبة بن عامر<br />
أخرجه الرتمذي وابن ماجة وأمحد وقال الرتمذي:حديث حسن)6/3(<br />
وقال احلاكم: )صحيح اإلسناد )9/2( ووافقه الذهيب وكأهنم مل يقفوا على هذا االضطراب الذي نبه عليه احلافظ العراقي رمحه هللا، وأيضاً<br />
فإن له علة أخرى هي جهالة خالد بن زيد وعبدهللا بن األزرق وهو بن زيد بن األزرق فسواء كانت الرواية عن هذا أو ذاك فهي معلولة<br />
للجهالة . نعم ذكرا حلاكم للحديث شاهداً من حديث أيب هريرة وقال إنه صحيح على شرط مسلم فتعقبه الذهيب أبن فيه سويد بن عبد<br />
العزيز وهو مرتوك( أ.ه .
و<strong>يف</strong> رواية: ))كل شيء ليس من ذكر هللا عز وجل فهو لغو وهلو أو سهو إال أربع خصال: مشي الرجل بني<br />
الغرضني، وأتديبه فرسه، ومالعبته أهله وتعلم السباحة(( )289(<br />
فهذا قد <strong>يف</strong>هم منه أن مجيع أنواع اللهو والرتفيه عن النفس َبلسياحة وغريها حمرم إال هذه اخلصال، وقد<br />
اختلف احملدثون والفقهاء <strong>يف</strong> هذا احلديث .<br />
فحمل بعضهم احلديث على ظاهره وجعله مفيداً لتحرمي مجيع أنواع اللهو إال ما ذكر وقيل ليس املراد حترمي ما<br />
عدا ذلك وإمنا املراد أنه عار من الثواب ال تعلق له َبآلخرة وهو َبق على اإلَبحة. )290(<br />
ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا: "الباطل من األعمال هو ما ليس فيه منفعة فهذا يرخص فيه<br />
للنفوس اليت ال تصرب على ما ينفع، وهذا احلق <strong>يف</strong> القدر الذي حيتاج إليه، <strong>يف</strong> األوقات اليت تقتضي ذلك:<br />
األعياد، األعراس، وقدوم الغائب وحنو ذلك، وهذه نفوس النساء والصبيان فهن اللوايت كن يغنني <strong>يف</strong> ذلك<br />
على عهد النيب وخلفائه، ويضربن َبلدف، وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم، بل كان السلف يسمون<br />
الرجل املغين: خمنثاً، لتشبهه َبلنساء.. وأما اللذة اليت ال تعقب لذة <strong>يف</strong> دار القرار وال أملاً ، وال متنع لذة دار<br />
القرار فهذه لذة َبطلة، إذ ال منفعة فيها، وال مضرة، وزماهنا يسري ليس لتمتع الناس هبا قدر، وهي ال بد أن<br />
تشغل عما هو خري منها <strong>يف</strong> اآلخرة وإن مل تشغل عن أصل اللذة <strong>يف</strong> اآلخرة، وهذا هو الذي عناه النيب <br />
بقوله: ))كل هلو يلهو به الرجل فهو َبطل ...(( احلديث... لكن ما أعان على اللذة املقصودة من اجلهاد<br />
والنكاح فهو حق وأما ما مل يعن على ذلك فهو َبطل ال فائدة فيه، ولكنه إن مل يكن فيه مضرة راجحة مل<br />
حيرم ومل ينه عنه... وحمبة النفوس للباطل نقص لكن ليس كل اخللق مأمورين َبلكمال، وال ميكن ذلك فيهم،<br />
فإذا فعلوا ما به يدخلون اجلنة مل حيرم عليهم ما ال مينعهم من دخوهلا" )291(<br />
وللحديث شاهد آخر بلفظ: ))كل شيء ليس من ذكر هللا عز وجل فهو لغو وهلو أو سهو إال أربع خصال: مشي الرجل بني الغرضني<br />
وأتديبه فرسه ومالعبته أهله، وتعلم السباحة(( أخرجه النسائي <strong>يف</strong> الكربى <strong>يف</strong> كتاب عشرة النساء، َبب مالعبة الرجل زوجته )302/5(<br />
رقم )8939(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )269/6-5( : )رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط والكبري والبزار ورجال الطرباين رجال الصحيح، خال<br />
عبد الوهاب بن خبت وهو ثقة(ا.ه ، وصححه املنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )280/2( ، وابن حجر <strong>يف</strong> اإلصابة )225/1( واأللباين كما <strong>يف</strong>:<br />
صحيح اجلامع الصغري )175/4-3(، رقم<br />
4410 والسلسلة، ،)562/1( رقم .)315(<br />
) 289 (<br />
) 290 (<br />
) 291 (<br />
حديث صحيح تقدم ترجيه <strong>يف</strong> اهلامش السابق، وهو أصح من الرواية األوىل.<br />
فمن الصنف األول: اخلطايب <strong>يف</strong> معامل السنن ومن الصنف الثاين: ابن العريب <strong>يف</strong> عارضة األحوذي ، ينظر: معامل السنن للخطايب، تريج<br />
عبدالسالم عبدالشا<strong>يف</strong>، )210-209/2-1(، وعارضة األحوذي البن العريب، وضع حواشيه مجال مرعشلي )102-100/8-7(.<br />
االستقامة، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، حتقيق حممد رشاد سامل، )277/1(، وقال الغزايل معلقاً على احلديث: "قوله َبطل ال يدل على<br />
التحرمي بل على عدم الفائدة وقد يسلم ذلك على أن التلهي َبلنظر إىل احلبشة خارج عن هذه الثالثة وليس حبرام بل يلحق َبحملصور<br />
غري احملصور قياساً كقوله : ))ال حيل دم امرئ مسلم إىل إبحدى ثالث(( فإنه يلحق به رابع وخامس فكذلك مالعبته المرأته ال
أ<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-<br />
وخالصة جواب أهل العلم عن احلديث ال خيرج عن أربعة أمور هي :<br />
أن معىن لفظة ))َبطل((: ما ال ثواب فيه وال إمث.<br />
أن ما عدا ما ذكر ليس حمرماً لكن منه ما هو مباح ومنه ما هو حمرم.<br />
أن هذا املباح قد يكون مكروهاً <strong>يف</strong> حق من هو قادر على تصر<strong>يف</strong> وقته فيما هو مستحب.<br />
إذا كان املباح تعقبه فائدة أخروية فهو من هذه الثالثة )292(<br />
وال شك أن للنية أثر َبلغ <strong>يف</strong> حتويل العمل من عادة إىل عبادة كما <strong>يف</strong> احلديث: ))إمنا األعمال َبلنيات وإمنا<br />
لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إىل هللا ورسوله فهجرته إىل هللا ورسوله ومن كانت هجرته إىل دنيا<br />
يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه(( )293(<br />
فمن نوى بسياحته جتديد النشاط واالستعانة بذلك على عبادة هللا سبحانه أو نوى بسياحته اجلمع بني<br />
الرتفيه والرتويح وعمل آخر من القرب اليت يتقرب هبا إىل هللا سبحانه من دعوة أو تعليم أو أتديب وغري ذلك<br />
فإن سياحته ترتقي من دائرة اإلَبحة إىل الندب والعبادة، ومما يقع فيه كثري من الناس الغلو <strong>يف</strong> حترمي <strong>السياحة</strong><br />
الرتفيهية من َبب الزهد والبعد عن الشبه وهذا أمر <strong>يف</strong> غاية اخلطورة فإن أصل الدين أن احلالل ما أحله هللا<br />
ورسوله واحلرام ما حرمه هللا ورسوله والدين ما شرعه هللا ورسوله ليس ألحد أن خيرج عن ذلك وال جيوز أن<br />
يقال هذا مستحب أو مشروع أو مكروه أو حمرم إال بدليل شرعي وحترمي احلالل من أصول الضالل فمعظم<br />
الضالل <strong>يف</strong> األرض إمنا نشأ من أصلني:<br />
اتاذ دين مل يشرعه هللا . ب- حترمي ما مل حيرمه هللا .<br />
ولذا قرر علماء األمة أن أعمال اخللق تنقسم إىل قسمني: عبادات وعادات واألصل <strong>يف</strong> العبادات أن ال<br />
يشرع منها إال ما شرعه هللا واألصل <strong>يف</strong> العادات أن ال حيظر منها إال ما حظره هللا. )294(<br />
<br />
ولذا أنكرا هلل على من حرم احلالل فقال: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه: <br />
)295( <br />
<br />
)296( <br />
<br />
<br />
) 292 (<br />
) 293 (<br />
فائدة له إال التلذذ، و<strong>يف</strong> هذا دليل على أن التفرج <strong>يف</strong> البساتني ومساع أصوات الطيور وأنواع املداعبات مما يلهو به الرجل ال حيرم عليه<br />
شيء منها وإن جاز وصفه أبنه َبطل" ينظر اإلحياء للغزايل وبذيله كتاب املغين عن محل األسفار <strong>يف</strong> األسفار <strong>يف</strong> تريج ما <strong>يف</strong> اإلحياء<br />
من األخبار للعراقي، )411-410/2(.<br />
ينظر: قضااي اللهو والرتفيه ، مادون رشيد ، ص140 واألحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية، للمزروعي ص15، بتصرف.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب بدء الوحي، َبب ك<strong>يف</strong> كان بدء الوحي إىل رسول هللا )ص<br />
كتاب اإلمارة ، َبب قوله : ))إمنا األعمال َبلنيات(( )ص<br />
1( رقم )1( ، ومسلم <strong>يف</strong><br />
)1019 رقم .)1907(<br />
) 294 (<br />
) 295 (<br />
ينظر: الغلو <strong>يف</strong> الدين <strong>يف</strong> حياة املسلمني املعاصرة، د/ عبدالرمحن اللوحيق، ص400<br />
سورة األعراف، اآلية<br />
– ،401 بتصرف.<br />
. 32
وقال سبحانه: <br />
)297( <br />
<br />
<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
)298(<br />
فال أعظم من حترمي ما أحله هللا وأَبحه لعباده والناس <strong>يف</strong> املباحات على ثالثة أقسام:<br />
قوم ال يتصرفون فيها إال حبكم األمر الشرعي وهو حال نبينا <br />
وقوم يتصرفون فيها حبكم إرادهتم والشهوة اليت ليست حمرمة وهو حال النيب امللك واألبرار أهل اليمني.<br />
وقوم ال يتصرفون هبذا وال هبذا أما األول فلعدم علمهم به وأما الثاين فلزهدهم فيه والزهد النافع املشروع<br />
الذي حيبه هللا ورسوله ليس حترمياً للحالل وغلواً وتبتالً وإمنا هو زهد فيما ال ينفع <strong>يف</strong> اآلخرة وأما الزهد<br />
<strong>يف</strong> النافع فجهل وضالل، واملنافع اخلالصة أو الراجحة الزهد فيها محق والورع املشروع هو الورع عما قد<br />
تاف عاقبته وهو ما يعلم حترميه أو يشك <strong>يف</strong> حترميه فتدخل فيه احملرمات والشبهات ألهنا قد تضر.<br />
.<br />
ومتام الورع أن يعم اإلنسان خري اخلريين وشر الشرين ويعلم أن الشريعة مبناها على حتصيل املصاحل وتكميلها<br />
وتعطيل املفاسد وتقليلها وإال فمن مل يوازن ما <strong>يف</strong> الفعل والرتك من املصلحة الشرعية واملفسدة الشرعية فقد<br />
يدع واجبات و<strong>يف</strong>عل حمرمات. )299(<br />
وما مل يعلم هل هو بعينه مباح ال مضرة فيه أو فيه مضرة مثل السفر إىل مكان معني أو شخص معني،<br />
والذهاب إىل مكان معني أو شخص معني، فإن جنس هذا العمل ليس حمرماً وال كل أفراده مباحه، بل حيرم<br />
على اإلنسان أن يذهب إىل حيث حيصل له ضرر <strong>يف</strong> دينه فأمره َبلكف حىت يظهر أو يتبني له <strong>يف</strong> الباطن أن<br />
هذا مصلحة، ألنه إذا مل يتبني له أن الذهاب واجب أو مستحب مل ينبغ له فعله، وإذا خاف الضرر ينبغي له<br />
تركه وإذا تبني له أنه مصلحة راجحة كان حسناً. )300(<br />
) 296 (<br />
) 297 (<br />
) 298 (<br />
) 299 (<br />
) 300 (<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
سورة النحل، اآلية<br />
.87<br />
.116<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )408-615-511-469/10(، بتصرف.<br />
املصدر السابق، بتصرف.<br />
املصدر السابق )521/10(، بتصرف، ويقول ابن القيم رمحه هللا <strong>يف</strong> طريق اهلجرتني وَبب السعادتني )ص322(: "الزهد على أقسام:<br />
)أحدها(: فرض على كل مسلم وهو الزهد <strong>يف</strong> احلرام وهذا مىت أخل به انعقد سبب العقاب فال بد من وجود مسببه ما مل ينعقد سبب<br />
آخر يضاده. )الثاين(: زهد مستحب وهو على درجات <strong>يف</strong> االستحباب حبسب املزهود فيه، وهو الزهد <strong>يف</strong> املكروه، وفضول املباحات<br />
والتغين <strong>يف</strong> الشهوات املباحة. )الثالث(: زهد الداخلني <strong>يف</strong> هذا الشأن وهم املشمرون <strong>يف</strong> السري إىل هللا وهو نوعان:<br />
أحدمها: الزهد <strong>يف</strong> الدنيا مجلة وليس املراد تليها من اليد وال إخراجها وقعوده صفراً منها وإمنا املراد إخراجها من قلبه َبلكلية فال يلتفت<br />
إليها وال يدعها تساكن قلبه وإن كانت <strong>يف</strong> يده .. والنوع الثاين: الزهد <strong>يف</strong> نفسك وهو أصعب األقسام وأشقها...اخل.<br />
وقال املاوردي <strong>يف</strong> نصيحة امللوك ، ص )523(: "إن هللا عز وجل خلق مجيع ما <strong>يف</strong> هذا العامل خللقه ال لنفسه، فلم حيظر عليهم شيئاً منها<br />
خبالً به عليهم وال استئثاراً به دوهنم ... –ولكن- نظراً منه هلم ورمحة هبم وإبقاء عليهم وتعويضاً ملا هو أنفع هلم وأبقى، وأزين وأهبى ،<br />
وأعم لصالحهم وأوىل، فوقع احلظر والتحرمي <strong>يف</strong> كل ما وقعا فيه جلهات من العلل معلومة وأغراض للخلق عند العلماء مفهومة... والناس<br />
<strong>يف</strong> هذا الباب على طبقات ثالث : فمنهم: الناسك الورع الذي يدع كثرياً مما أحل هللا له، ويقنع من الدنيا َبلقوت الذي يزجي به يومه،
فتبني هبذا أن جنس <strong>السياحة</strong> مشروع غري حمرم ولكن ليس كل أفراده مباحة بل يتفاوت ذلك حبسب الغر ض<br />
من <strong>السياحة</strong> واملوازنة بني املصاحل واملفاسد فيها.<br />
والناس خمتلفون وهم <strong>يف</strong> اإلميان والعمل على درجات، فمنهم الذي يكون منشغالً مبا هو أفضل من <strong>السياحة</strong><br />
بدافع جمرد الرتويح فهذا ال ينبغي له أن <strong>يف</strong>عل من املباحات ومنها هذه <strong>السياحة</strong> إال ما يستعني به على<br />
الطاعة.<br />
وهذا سبيل املقربني السابقني الذين يتقربون إىل هللا تعاىل َبلنوافل بعد الفرائض وال يزالون على ذلك فاألفضل<br />
<strong>يف</strong> حقهم ترك <strong>السياحة</strong> جملرد النزهة النشغاله مبا هو أفضل ما مل حيتج لذلك لالستعانة به على الطاعة وجتديد<br />
النشاط وتقوية اهلمة.<br />
و إال ففضول املباح اليت ال تعني على الطاعة عدمها خري من وجودها إلشغاهلا عن الطاعة املتحققة عند<br />
عدمها.<br />
ومن الناس من يكون منشغالً مبا هو أقل مرتبة من <strong>السياحة</strong> الرتفيهية إن مل يكن <strong>يف</strong> دائرة املنهيات فسياحة<br />
مثل هذا وفق الضوابط الشرعية تسهم <strong>يف</strong> نقله من درجة إىل درجة أعلى وهذا مقصد شرعي فاملباحات إذا<br />
شغلت عما دوهنا أو عن املعاصي فهي مقصودة مطلوبة وإن كان االشتغال َبلطاعات خري منها. )301(<br />
)301(<br />
رغبة عنها وزهداً فيها...اخل ومنهم: املتهتك مبحارم هللا الذي ال <strong>يف</strong>كر <strong>يف</strong> عاقبة، وال ينظر <strong>يف</strong> آخره ...اخل ومنهم: من رغب من الدنيا <strong>يف</strong><br />
لذة العيش، وطيب احلياة، ومن اآلخرة <strong>يف</strong> نيل األجر والثواب ، فتوخى فيه احلالل، واجتنب احلرام ومتتع َبلدنيا وقام بوظائف الدين<br />
وأمل أن يكون من الذين أاتهم هللا <strong>يف</strong> الدنيا حسنة و<strong>يف</strong> اآلخرة حسنة..اخل.<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص 189-187، بتصرف، وهو استنباط ملا قرره النووي <strong>يف</strong> اجملموع <strong>يف</strong><br />
كالمه عن املباحات.
الفصل األول<br />
أحكام <strong>السياحة</strong>
املبحث األول<br />
أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong><br />
املطلب األول<br />
سياحة القاضي
الفصل األول: أحكام <strong>السياحة</strong><br />
املبحث األول: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong><br />
املطلب األول: سياحة القاضي :<br />
للقضاء منزلة رفيعة ومكانة شر<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، وهو من أجل األعمال وأهم الوظائف وأخطرها<br />
شأانً فبه تعصم الدماء أو تسفك وحترم األبضاع أو تنكح، ويثبت ملك املال أو يسلب.<br />
وألمهيته وخطورته وتناوله لرقاب الناس وأبضاعهم وأمواهلم كان طبيعياً أن هتتم األنظمة القضائية قاطبة<br />
َبلقضاء والقضاة ال سيما النظام <strong>اإلسالم</strong>ي القائم على العدل واإلنصاف املستمد من نور النبوة فالقضاء <strong>يف</strong><br />
<strong>اإلسالم</strong> من أجل األمور قدراً وأعزها مكانة فهو أعظم واجبات اخلل<strong>يف</strong>ة وأهم وظائفه وقد تواله النيب <br />
بنفسه وواله بعض أصحابه.<br />
يقول ابن خلدون <strong>يف</strong> املقدمة: "وأما القضاء فهو من الوظائف الداخلة حتت اخلالفة ألنه منصب الفصل بني<br />
الناس <strong>يف</strong> اخلصومات حسماً للتداعي وقطعاً للتنازع إال أنه َبألحكام الشرعية املتلقاة من الكتاب والسنة،<br />
فكان لذلك من وظائف اخلالفة ومندرجاً <strong>يف</strong> عمومها" )302(<br />
وقد أوىل النيب وخلفاؤه الراشدون ومن بعدهم عناية واهتماماً <strong>يف</strong> اختيار األصلح لوالية القضاء واهتم<br />
الفقهاء ببيان شروط القاضي وواجباته وآدابه وشروط صحة تقليده ومن يصلح للقضاء ومن ال يصلح ...<br />
اخل وذلك حىت ال يتوىل القضاء إال من كان أهالً له.<br />
وال شك أن من يتوىل القضاء سيكون له منزلته ومكانته الرفعية <strong>يف</strong> اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي فالقاضي إما أن يكون<br />
اخلل<strong>يف</strong>ة نفسه أو من ينيبه، فال بد فيمن هذا قدره أن يكون على درجة عالية من احملامد واملكارم واهليبة<br />
تتناسب مع شرف القضاء وأمهيته، وقد ذكر املاوردي <strong>يف</strong> نصيحة امللوك أبنه ال أحد أحق َبختيار احملامد من<br />
امللك، ألنه ال يكون مؤدايً حق جاللته وعارفاً بفضل منزلته، حىت يرتك كثرياً من شهوات النفس ولذات<br />
) 302 (<br />
مقدمة ابن خلدون، ص174، وابن خلدون هو: ويل الدين عبدالرمحن بن حممد بن حممد بن حممد بن احلسن بن جابر بن خلدون<br />
ويرجع أصله إىل العرب اليمانية <strong>يف</strong> حضرموت ونسبه إىل وائل بن حجر ، ولد ابن خلدون بتونس <strong>يف</strong> غرة رمضان سنة 732ه ، حفظ<br />
القرآن وتفقه <strong>يف</strong> القراءات السبع ودرس شيئاً من التفسري واحلديث والفقه والنحو واللغة على أشهر أساتذة تونس.<br />
وكان من أبرز فقهاء املالكية، وتسلم عدداً من املناصب السياسية، ويالحظ على شعره وجود مسحة من التصوف وأنه ينحو منحى<br />
الشعراء الصوفيني كما يتضح ذلك مما دونه <strong>يف</strong> املقدمة عن التصوف.<br />
وكان ممن درس عليه املقريزي وابن حجر، وعني ابن خلدون عام 786ه قاضياً لقضاة املالكية مبصر مث عزل مث ويل مرة اثنية مث<br />
عزل وجال <strong>يف</strong> البالد وصنف املقدمة املشهورة مبقدمة ابن خلدون وله كتاب العرب وهو مقدمة لكتابه الضخم الشهري <strong>يف</strong> التاريخ، وقد<br />
ترجم له ابن حجر والسخاوي وابن تغرى بردى وابن اخلطيب ، وكانت وفاته َبلقاهرة عام 807ه وقيل 808ه ، ودفن مبقابر الصوفية<br />
وله من العمر ست وسبعون سنه ومخسة وعشرون يوماً. ينظر: ابن خلدون حياته وثرائه الفكري، حممد عبدهللا عنان.
البدن <strong>يف</strong> جنب الفضائل اليت جيب عليه حيازهتا، فيختار التدين على التهتك، والعلم على اجلهل والعقل على<br />
احلمق واحللم على الطيش والرزانة على اخلفة والصدق على الكذب والتواضع على التكرب والعدل على اجلور<br />
والصواب على اخلطأ فإن لكل شيء من املذام مثرة مذمومة ولكل شيء من احملامد عاقبة حممودة )303(<br />
والقاضي أوىل الناس َبلتزام هذا.<br />
فينبغي ملن توىل هذا املنصب الشر<strong>يف</strong> أال يشتهر َبلفعل السيء القبيح وال شك أن القاضي بشر يعرض له<br />
ما يعرض لغريه من بين جنسه وحيتاج إىل ما حيتاجه الناس من طلب الراحة بعد عناء العمل واألنس مع<br />
األهل بعد شغب اخلصوم وجلجهم ، وقد تقدم بيان احلاجة إىل <strong>السياحة</strong> وأتصيلها شرعاً)304(<br />
فالقاضي حباجة إىل <strong>السياحة</strong> كغريه، لكن عظم منزلته وخطورة منصبه ومكانته بني الناس، جتعله متميزاً عن<br />
غريه <strong>يف</strong> قضاء حوائجه وهذا يستدعي بيان ضوابط هذه <strong>السياحة</strong> وأثرها على عدالته وعلى نفاذ أحكامه <strong>يف</strong><br />
غري حمل الوالية.<br />
وفيما يلي بيان هذين الفرعني :<br />
الفرع األول: أثرها على عدالته :<br />
اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي حمل خالف بني الفقهاء و<strong>السياحة</strong> قد تكون قادحة <strong>يف</strong> العدالة وقد ال تكون<br />
كذلك، وهذا راجح إىل تعر<strong>يف</strong> العدالة وضابط <strong>السياحة</strong> فهل كل سياحة تقدح <strong>يف</strong> العدالة أم ال؟<br />
وما ضابط <strong>السياحة</strong> غري القادحة <strong>يف</strong> عدالة القاضي ؟<br />
هذا كله حيتاج إىل بيان ما يلي :<br />
املسألة األوىل: تعر<strong>يف</strong> العدالة :<br />
فالعدل خالف اجلور،<br />
وهو <strong>يف</strong> اللغة: القصد <strong>يف</strong> األمور، أي التوسط فيها من غري إفراط وال تفريط، والعدل<br />
من الناس: املرضي قوله وحكمه، ورجل عدل أي بنيِّ العدل، والعدالة وصف َبملصدر معناه: ذو عدل<br />
)305(<br />
ويقال: عدالن وعدول واألنثى: عدلة<br />
) 303 (<br />
ينظر: نصيحة امللوك ، للماوردي، حتقيق حممد احلديثي ، ص96 ، بتصرف ، واملاوردي هو: أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب<br />
البصري املاوردي الشافعي حدث عنه أبو بكر اخلطيب ووثقه وقال: "مات <strong>يف</strong> ربيع األول سنة مخس وأربع مائة، وقد بلغ ستاً ومثانني<br />
سنة، وويل القضاء ببلدان شىت مث سكن بغداد".<br />
وتفقه َبلبصرة على أيب القاسم الصيمري مث ارحتل إىل االسفراييين ومن مصنفاته: احلاوي <strong>يف</strong> الفقه، وتفسري للقرآن مساه النكت ، وأدب<br />
الدنيا والدين، واألحكام السلطانية، واإلقناع خمتصر <strong>يف</strong> املذهب قال ابن الصالح: "هو متهم َبالعتزال وكنت أأتول له وأعتذر عنه حىت<br />
وجدته خيتار <strong>يف</strong> بعض األوقات أقواهلم"، مات ببغداد سنة<br />
ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )68-64/29( .<br />
450ه .<br />
( 304 ) <strong>يف</strong> ص .)80(<br />
) 305 (<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )2838/5 وما بعدها(، واملفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن، لألصفهاين <strong>يف</strong> ص325، التعر<strong>يف</strong>ات،<br />
للجرجاين، حتقيق حممد عيون السود ص150 ، القوانني الفقهية، البن جزي، ص203، بتصرف.
ومنه قوله سبحانه: <br />
)306(<br />
أي عدوالً، فالعدل والوسط مبعىن واحد.<br />
وأما <strong>يف</strong> االصطالح : فقد تعددت تعر<strong>يف</strong>ات الفقهاء للعدالة، فقال اجلمهور : هي صفة زائدة على <strong>اإلسالم</strong><br />
وهو أن يكون ملتزماً لواجبات الشرع ومستحباته، جمتنباً للمحرمات واملكروهات، وقال أبو حن<strong>يف</strong>ة: يكفي <strong>يف</strong><br />
العدالة ظاهر <strong>اإلسالم</strong> وأن ال تعلم منه جرحة. )307(<br />
قال <strong>يف</strong> بداية اجملتهد: "وسبب اخلالف: كما قلنا ترددهم <strong>يف</strong> مفهوم اسم العدالة املقابلة للفسق" )308(<br />
، فقد<br />
اختلفوا أيضاً <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> الفسق وهل يقتصر على ارتكاب الكبائر فقط أم يشمل غريها كما اختلفوا <strong>يف</strong> حد<br />
الكبرية.<br />
ومما قيل <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> العدالة: أهنا: "صفة توجب مراعاهتا االحرتاز عما خيل َبملروءة عادة <strong>يف</strong> الظاهر" )309(<br />
والعدل: "من تكون حسناته غالبة على سيئاته" )310(<br />
وقيل: العدل "من مل تظهر منه ريبة" )311(<br />
قال ابن قدامة: "ومجلته أن العدل هو الذي تعتدل أحواله <strong>يف</strong> دينه وأفعاله. قال القاضي: يكون ذلك <strong>يف</strong><br />
الدين واملروءة واألحكام أما الدين فأن ال يرتكب كبرية وال يداوم على صغرية... وال خيرجه عن العدالة فعل<br />
) 306 (<br />
) 307 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.143<br />
) 308 (<br />
) 309 (<br />
) 310 (<br />
ينظر: املصادر السابقة، بدائع الصنائع للكاساين )423/6( بداية اجملتهد، البن رشد )308/4(، املغين، البن قدامه )150/14(<br />
البحر احمليط، للزركشي، حترير عمر األشقر )273/4(.<br />
بداية اجملتهد، البن رشد )308/4(.<br />
املوسوعة الفقهية الكويتية )5/30( .<br />
بدائع الصنائع ، للكاساين )423/6(، درر احلكام شرح جملة األحكام )406/4( املادة<br />
.1705<br />
) 311 (<br />
املغين، البن قدامة )150/14(.
)312(<br />
قيل اللمم صغار<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
صغرية، لقول هللا تعاىل: <br />
الذنوب، وألن التحرز منها غري ممكن" )313(<br />
و<strong>يف</strong> منتهى اإلرادات: "العدالة هي استواء أحواله <strong>يف</strong> دينه واعتدال أقواله وأفعاله ويعترب هلا شيئان: الصالح <strong>يف</strong><br />
الدين وهو أداء الفرائض برواتبها فال تقبل ممن داوم على تركها واجتناب احملرم أبن ال أييت كبرية وال يدمن<br />
على صغرية.... الثاين: استعمال املروءة بفعل ما جيمله ويزينه وترك ما يدنسه ويشينه عادة" )314(<br />
وقال املاوردي: العدالة: "أن يكون صادق اللهجة ظاهر األمانة عف<strong>يف</strong>اً عن احملارم متوقياً للمآمث بعيداً عن<br />
)315(<br />
الريب مأموانً <strong>يف</strong> الرضا والغضب مستعمالً ملروءة مثله <strong>يف</strong> دينه"<br />
وإذا أتملنا هذه التعار<strong>يف</strong> وجدانها تكاد تتفق على تعر<strong>يف</strong> العدالة أبهنا هيئة راسخة ي النفس يرتتب عليها<br />
اجتناب الكبائر وعدم اإلصرار على الصغائر والبعد عن كل ما خيل َبملروءة )316(<br />
فما تقدم ال خيرج عن هذا، ولكن البعض يدخل <strong>يف</strong> العدالة أموراً خيالفه فيها غريه لكوهنا ليست كبرية مثالً أو<br />
ليست مقنعة أو ليست خارمة للمروءة ألن هذا مما خيتلف فيه الناس َبختالف أعرافهم وعاداهتم وأماكنهم<br />
فما يعد خارماً للمروءة <strong>يف</strong> بلد أو زمان قد ال يعد كذلك <strong>يف</strong> بلد أو زمان آخر فاالختالف <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> العدالة<br />
راجع إىل هذه األمور كما تقدم وقد اختلف العلماء <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> الكبرية فمنهم من عرفها َبلعد ومنهم من<br />
) 312 (<br />
سورة النجم، اآلية<br />
،32<br />
وابن قدامة هو: موفق الدين أبو حممد عبدهللا بن أمحد بن حممد بن قدامه املقدسي اجلماعيلي احلنبلي<br />
الدمشقي صاحب املغين.<br />
ولد جبماعيل من عمل انبلس سنة إحدى وأربعني ومخس مائة <strong>يف</strong> شعبان، وهاجر مع أهله وهو ابن عشر سنني، وحفظ القرآن ولزم<br />
االشتغال من صغره.<br />
ودرس على علماء بدمشق واملوصل ومكة، وحدث عنه ابن النجار وابن بدران وابن الصري<strong>يف</strong> وابن الفراء وغريهم، كان عامل أهل الشام <strong>يف</strong><br />
زمانه وإمام احلنابلة جبامع دمشق، صنف املغين والكا<strong>يف</strong> واملقنع والعمدة ومسألة العلو واالعتقاد وعاشوراء وفضل العشر وخمتصر العلل<br />
للخالل وغريها كان رمحه هللا إماماً <strong>يف</strong> التفسري والفقه واحلديث وعلم اخلالف والفرائض وأصول الفقه والنحو واحلساب واملنازل، وكان<br />
مناظراً ومل يناظر أحداً إال وهو يبتسم وما روى أكثر احتماالً منه وما علم أنه أوجع قلب طالب وال يراه أحد إال أحبه، تو<strong>يف</strong> يوم السبت<br />
يوم الفطر ودفن من الغد سنة عشرين وست مئة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )173-165/22(.<br />
) 313 (<br />
) 314 (<br />
) 315 (<br />
) 316 (<br />
املصدر السابق.<br />
منتهى اإلرادات، للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي، حتقيق الرتكي )360/5(.<br />
أدب القاضي ، للماوردي ، حتقيق حميي السرحان )634/1(، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
104<br />
ينظر: املستصفى، للغزايل، حتقيق محزه حافظ )231/2( بتصرف، وقال: "وَبجلملة كل ما يدل على ركاكة دينه إىل حد يستجرئ<br />
على الكذب َبألغراض الدنيوية"،وينظر: القضاء <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، فاروق مرسي،ص171.
عرفها َبحلد والذين عرفوها َبلعد اختلفت أقواهلم فمنهم من قال سبعة وقيل سبعة عشر وقيل إهنا إىل<br />
السبعني أقرب ....اخل )317(<br />
وقال شارح الطحاوية إن هذه األقوال جمرد دعوى )318(<br />
واجلمهور على تعر<strong>يف</strong>ها َبحلد )319(<br />
وقال القرا<strong>يف</strong>: "الصغرية والكبرية <strong>يف</strong> املعاصي ليس من جهة من عصي بل من جهة املفسدة الكائنة <strong>يف</strong> ذلك<br />
)320(<br />
الفعل فالكبرية ما عظمت مفسدهتا، والصغرية ما قلت مفسدهتا"<br />
وقال العز بن عبدالسالم: "مل أقف ألحد من العلماء على ضابط للكبرية ال يسلم من االعرتاض، واألوىل<br />
ضبطها مبا يشعر بتهاون مرتكبها بدينه إشعاراً دون الكبائر املنصوص<br />
ضابط جيد" )322(<br />
عليها" )321(<br />
.<br />
، قال ابن حجر: "وهو<br />
وقال ابن الصالح: للكبائر أمارات منها إجياب احلد، واإليعاد عليها َبلعذاب َبلنار وحنوها <strong>يف</strong> الكتاب<br />
والسنة، ومنها وصف صاحبها َبلفسق ومنها: اللعن )323(<br />
) 317 (<br />
) 318 (<br />
) 319 (<br />
) 320 (<br />
بتصرف.<br />
ينظر: شرح العقيدة الطحاوية، البن أيب العز، حتقيق الرتكي واألرانؤوط ص525، واملوسوعة الفقهية الكويتية، )148/34(،<br />
ينظر: شرح العقيدة الطحاوية، البن أيب العز، حتقيق الرتكي واألرانؤوط ، ص527.<br />
املصادر السابقة، وفتح الباري، البن حجر )423/10(، وتفسري القرطيب )158/5( و )106/9(، وتفسري ابن كثري )302/4(،<br />
البحر احمليط <strong>يف</strong> أصول الفقه، للزركشي )276/4(.<br />
الفروق ، للقرا<strong>يف</strong> )66/4(، وهو شهاب الدين أبو العباس أمحد بن أيب العالء إدريس بن عبدالرمحن الصنهاجي املصري القرا<strong>يف</strong>، انتهت<br />
إليه رائسة الفقه على مذهب مالك، كان َبرعاً <strong>يف</strong> الفقه واألصول والعلوم العقلية، وله معرفة َبلتفسري تتلمذ على العز بن عبدالسالم<br />
وأبو بكر املقدسي وغريمها =<br />
=<br />
) 321 (<br />
من مصنفاته: الذخرية <strong>يف</strong> الفقه املالكي، والقواعد، والتنقيح <strong>يف</strong> األصول واألمنية <strong>يف</strong> إدراك النية واإلحكام <strong>يف</strong> الفرق بني الفتاوى<br />
واألحكام واليواقيت <strong>يف</strong> أحكام املواقيت واالنتقاد <strong>يف</strong> االعتقاد، تو<strong>يف</strong> بدير الطني <strong>يف</strong> مجادى اآلخرة عام أربعة<br />
َبلقرافة.<br />
ينظر: الديباج املذهب، البن فرحون )239-236/2-1( ومعجم األصوليني، حممد مظهر بقا )91/1(، بتصرف.<br />
ومثانني وستمائة ودفن<br />
فتح الباري، البن حجر )423/10(، والزواجر عن اقرتاف الكبائر، البن حجر اهليثمي، تعليق حممد حليب، تريج خليل شيحا،<br />
)11/1(، وقد تقدمت ترمجة العز بن عبد السالم ص<br />
. 53<br />
) 322 (<br />
فتح الباري، )423/10( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
. 24<br />
) 323 (<br />
ينظر: مطالب أويل النهي <strong>يف</strong> شرح غاية املنتهى،للرحيباين)614-612/6(، وفتح الباري، البن حجر )423/10(، والفروع البن<br />
مفلح وبذيله تصحيح الفروع للمرداوي حتقيق حازم القاضي )484/6( وما بعدها، والزاوجر، للهيتمي )11/1( وابن الصالح هو: تقي<br />
الدين أبو عمرو عثمان بن صالح الدين عبدالرمحن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري املوصلي الشافعي صاحب علوم احلديث<br />
وهو أهم مصنفاته، وله أدب املفيت واملستفيت وغريها، ولد سنة سبع وسبعني ومخس مائة وتفقه<br />
على والده بشهرزور درس َبملدرسة<br />
الصالحية ببيت املقدس مث درس َبلرواحية بدمشق مث صار شيخ الدار األشرفية. تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> سنة اخلوارزمية <strong>يف</strong> سحر يوم األربعاء اخلامس<br />
والعشرين من شهر ربيع اآلخر سنة ثالث وأربعني وست مائة ودفن بدمشق.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء ، للذهيب )144-140/23(، بتصرف .
ونفى الواحدي وجود حد للكبرية وأنه<br />
وقال ابن حجر اهليتمي: "قصدوا التقريب وليست حبدود جامعة" )324(<br />
بقصد الشارع فقال: "الصحيح أنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد وتتميز به عن الصغائر متييز إشارة ولو<br />
عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن أخفي ذلك على العباد ليجتهد كل واحد <strong>يف</strong> اجتناب ما هني عنه<br />
رجاء أن يكون جمتنباً للكبائر" )325(<br />
)326(<br />
وقال الغزايل: "إنكار الفرق بني الصغرية والكبرية ال يليق َبلفقيه"<br />
ويؤيده ما ورد <strong>يف</strong> النصوص من تقسيم<br />
)327(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
املعاصي إىل كبائر وصغائر كقوله سبحانه: <br />
وقوله <br />
)328(<br />
: ))أال أنبئكم أبكرب الكبائر...(( احلديث والنصوص <strong>يف</strong> هذا كثرية<br />
واملراد َبلوعيد<br />
وأمثل األقوال وأقرب التعار<strong>يف</strong> للكبرية هو: "ما فيه حد <strong>يف</strong> الدنيا أو وعيد <strong>يف</strong> اآلخرة" )329(<br />
الوعيد اخلاص َبلنار أو اللعنة أو الغضب فالوعيد اخلاص <strong>يف</strong> اآلخرة كالعقوبة اخلاصة <strong>يف</strong> الدنيا أي املقدرة<br />
)احلدود(.<br />
وذكر شارح الطحاوية أبن هذا الضابط يسلم من القوادح الواردة على غريه، ويدخل فيه كل ما ثبت َبلنص<br />
أنه كبرية، وترجيحه من وجوه :<br />
أحدها : أنه هو املأثور عن السلف كابن عباس وابن حنبل وغريهم .<br />
) 324 (<br />
) 325 (<br />
الزواجر، للهيتمي )11/1( ، وابن حجر اهليتمي هو: أمحد بن حممد بن حممد بن علي بن حجر، شهاب الدين أبو العباس اهليتمي<br />
السعدي األنصاري املكي الشافعي. ولد <strong>يف</strong> حملة أيب اهليتم مبصر <strong>يف</strong> رجب عام 909ه ، وبرع <strong>يف</strong> علوم كثرية منها التفسري واحلديث وعلم<br />
الكالم وأحوال الفقه وفروعه والفرائض واحلساب وغريها ومن مشائخه زكراي الشافعي والشهاب الرملي وغريهم ومن مصنفاته الصواعق<br />
احملرقة على أهل البدع والضالل والزندقة، وحتفة احملتاج لشرح املنهاج <strong>يف</strong> فقه الشافعي والزواجر عن اقرتاف الكبائر وشرح مشكاة املصابيح<br />
للتربيزي، وله كتاب <strong>يف</strong> التصوف. وأقام مبكة ثالاثً وثالثني عاماً وتو<strong>يف</strong> هبا <strong>يف</strong> عام 974ه وقيل <strong>يف</strong> عام 973ه ، ينظر: معجم األصوليني،<br />
حممد مظهر بقا، )229/1(.<br />
البحر احمليط، للزركشي )276/4(، والواحدي هو: علي بن أمحد بن حممد بن علي الواحدي النيسابوري اإلمام أبو احلسن املفسر من<br />
أوالد التجار أصله من ساوه، صنف <strong>يف</strong> التفسري: البسيط والوسيط واجليز، وهبا مسي الغزايل<br />
تصان<strong>يف</strong>ه كما صنف أسباب النزول وكتاب الدعوات واملغازي وتفسري النيب واإلعراب <strong>يف</strong> علم اإلعراب وشرح ديوان املتنيب وغريها، وله<br />
شعر مليح تو<strong>يف</strong> بنيسابور <strong>يف</strong> مجادي اآلخرة عام<br />
468ه .<br />
) 326 (<br />
.<br />
) 327 (<br />
) 328 (<br />
ينظر: طبقات السبكي حتقيق عبدالفتاح احللو وحممود الطناحي )243-240/5(، والنجوم الزاهرة <strong>يف</strong> ملوك مصر والقاهرة ، جلمال<br />
الدين بن تغري بردي األاتبكي تعليق حممد َشس الدين، )105/5(.<br />
فتح الباري، البن حجر )423/10(، وينظر: اإلحياء للغزايل )32/4(، والزواجر، للهيتمي )11/1(، وتقدمت ترمجة الغزايل ص<br />
سورة النجم، اآلية<br />
40<br />
.32<br />
متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب األدب َبب عقوق الوالدين )ص/506( رقم )5976( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان َبب الكبائر<br />
)ص/693( رقم )87( من حديث أيب بكرة <br />
.<br />
) 329 (<br />
املصدر السابق، ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي، حتقيق الرتكي )361/5(.
الثاين: قول هللا: <br />
<br />
<br />
فال يستحق هذا من توعد بغضب أو لعن أو وعيد أو استحق إقامة احلد عليه.<br />
الثالث: أنه حد متلقى من خطاب الشارع.<br />
الرابع: أنه ميكن الفرق بني الكبائر والصغائر )330(<br />
واملروءة مشتقة من املرأ وهي من اإلنسانية، وقيل هي: السمت احلسن وحفظ اللسان وجتنب السخف<br />
، أو هي: )ك<strong>يف</strong>ية نفسانية حتمل املرء على مالزمة التقوى وترك<br />
واجملون واالرتفاع عن كل خلق دينء )331(<br />
الرذائل( )332(<br />
)333(<br />
الفضل(<br />
، والذي يقدح فيها هو: )إتيان اإلنسان مبا يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل<br />
وقيل: إتيانه األمور املزرية الدنيئة وهي نوعان :<br />
أحدمها من األفعال: كاألكل <strong>يف</strong> السوق أو التمسخر إلضحاك الناس .<br />
والثاين <strong>يف</strong> الصناعات الدنيئة : كالكساح والكناس<br />
.<br />
واألقرب أن يقال: املروءة هي: استواء أقوال اإلنسان وأفعاله )334(<br />
فكل ما خرج عن هذا احلد فهو قادح <strong>يف</strong> املروءة وهذا مما يتفاوت بتفاوت أعراف الناس وأزماهنم وأماكنهم<br />
ومن أمثلة ذلك: املشي <strong>يف</strong> األسواق مكشوف الرأس <strong>يف</strong> مواضع ال يعتاد أهلها ذلك، واألكل <strong>يف</strong> األسواق<br />
حبضرة الناس، وغري ذلك فمثل هذا سخف ودانءة فمن رضيه لنفسه واستحسنه فليست له مروءة فال حتصل<br />
الثقة بقوله، وكذا الكذب فهو دانءة، واملروءة متنع من الدانءة وإذا كانت املروءة مانعة من الكذب اعتربت <strong>يف</strong><br />
العدالة كالدين، لكن من فعل هذه األمور خفية أو شيئاً قليالً فال تتل مروءته بذلك ما مل يكن عادة )335(<br />
وضد العدالة: الفسق وهو اخلروج عن الطاعة وعن الدين وعن االستقامة )336( ، وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:<br />
)337(<br />
"الفسق اترة يكون برتك الفرائض واترة بفعل احملرمات" وينقسم الفسق إىل قسمني :<br />
) 330 (<br />
) 331 (<br />
ينظر: شرح العقيدة الطحاوية، البن أيب العز، حتقيق الرتكي واألرانؤوط، ص)526-وما بعدها(، بتصرف.<br />
ينظر: شرح فتح القدير، للكمال بن اهلمام )486/6( ، روضة القضاة للسمناين حتقيق صالح الدين الناهي<br />
)239/2001( ، بتصرف.<br />
) 332 (<br />
) 333 (<br />
املصادر السابقة .<br />
منتهى اإلرادات، للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي، حتقيق الرتكي )363/5(.<br />
املصادر السابقة،والسياسة الشرعية،البن تيمية،ص111،شرح مي ارة الفاسي على حتفة احلكام،للفاسي )11/2-1<br />
.) ) 334 (<br />
) 335 (<br />
) 336 (<br />
ينظر: املغين، البن قدامه )152-151/14( بتصرف.<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )3413/6(، واملفردات ، للراغب األصفهاين ص )380(، واملوسوعة الفقهية الكويتية،<br />
.)141-140/32(
1- فسق أفعال: وهو ما تعلق أبفعال يتبع فيها الشهوة .<br />
-2<br />
فسق اعتقاد : وهو ما اختص َبعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول فيها خالف احلق.<br />
فمن األول: السرقة والرشوة وشرب اخلمر ولعب امليسر والتعامل َبلرَب واخللوة َبألجنبية ....اخل<br />
ومن الثاين: ما عليه بعض املبتدعة كالقدرية والرافضية واخلوارج وغريهم ( 338 )<br />
) 339 (<br />
قال ابن قدامه <strong>يف</strong> القسم األول: "ال نعلم خالفاً <strong>يف</strong> رد شهادته"<br />
) 340 (<br />
و<strong>يف</strong> سقوط العدالة َبلثاين خالف.<br />
املسألة الثانية: اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />
ملا اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حد الكبرية وما <strong>يف</strong>سق به القاضي وما ال <strong>يف</strong>سق به وما يدخل <strong>يف</strong> العدالة وما ال يدخل<br />
فيها فإهنم اختلفوا تبعاً لذلك <strong>يف</strong> اشرتاط هذه العدالة للقاضي وذلك على قولني:<br />
القول األول: اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />
وعليه: فال ينعقد للفاسق والية، وال ينفذ من أحكامه شيء ولو صادف احلق وبه قال املالكية والشافعية<br />
واحلنابلة )341(<br />
القول الثاين: عدم اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />
إال أنه ينبغي أال يقلد الفاسق القضاء ألنه أمانة عظيمة ال يوفيها إال من كمل ورعه فإن قلد الفاسق نفذ<br />
)342(<br />
من أحكامه ما مل جياوز فيها حد الشرع وبه قال: احلنفية وبعض املالكية<br />
األدلة:<br />
أ( استدل أصحاب القول األول مبا يلي :<br />
) 337 (<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )251/7(.<br />
( 338 (كتاب أدب القضاء، البن أيب الدم، حتقيق حممد عطا،ص34، واملغين البن قدامه، حتقيق الرتكي واحللو)148/14(.<br />
) 339 (<br />
) 340 (<br />
املصدر السابق ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
. 106<br />
) 341 (<br />
) 342 (<br />
فبعض من قال بسقوط العدالة للفسق العملي، ذهب إىل عدم سقوطها بفسق االعتقاد ومن هؤالء: بعض الشافعية وبعض احلنابلة<br />
وبعض األحناف واحلقوا فسق االعتقاد َبخلالف <strong>يف</strong> الفروع الذي ال يؤثر على العدالة وألن فسقهم ال يدل على كذهبم لكوهنم ذهبوا إىل<br />
ذلك تديناً واعتقاداً أنه احلق ومل يرتكبوه عاملني بتحرميه خبالف فسق األفعال قال ابن قدامه: "لنا أنه أحد نوعي الفسق، فرتد به الشهادة<br />
كالنوع اآلخر وألن املبتدع فاسق فرتد شهادته لاية واملعىن" املغين )149/14( وقال ابن أيب الدم: "إن فسق َبعتقاد تعلق فيه بشبهة<br />
أوجبت له أتويالت أتول به خالف احلق ففي جواز تقليده القضاء وجهان حكامها املاوردي"ص34. واخلالف <strong>يف</strong> هذا مبسوط <strong>يف</strong> كتب<br />
الفقهاء.<br />
بداية اجملتهد، البن رشد )305/4( ، مواهب اجلليل، للحطاب )63/8(، تبصرة احلكام، البن فرحون )21/1(، شرح ميارة الفاسي<br />
على حتفة احلكام ، للفاسي )11/2-1(، تكملة اجملموع للنووي، حملمد املطيعي )223-221/22(، أدب القضاء البن أيب الدم،<br />
حتقيق حممد عطاء ص33 املغين، البن قدامة )13/14(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية للنجدي، حتقيق الرتكي )268/5( .<br />
شرح فتح القدير البن اهلمام )357/6(، مسعفة احلكام على األحكام، للتمراتشي، مع حتقيقه بغية التمام لصاحل الزيد، )222/1(،<br />
حاشية ابن عابدين )25/8(. بداية اجملتهد )305/4( ، تبصرة احلكام، البن فرحون )21/1(.
1- قوله تعاىل: <br />
)343( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ووجه الداللة: أن هللا سبحانه أمر املؤمنني َبلتثبت والتبني من خرب الفاسق فال يقبل مبجرد إلقائه<br />
واحلاكم ال بد أن يكون ممن يقبل إخباره مبجرد إلقائه وإال الحتيج إىل أتخري احلكم حىت يتثبت<br />
منه وتتبني حقيقة أمره وهذا يعطل املصاحل ويضعف القضاء فال يصح أن يتوىل الفاسق<br />
القضاء )344(<br />
قوله <br />
والفاسق خائن هلل مل يؤد<br />
: ))أد األمانة إىل من ائتمنك وال تن من خانك(( )345(<br />
األمانة، فال يتحملها ، والقضاء أعظم األماانت فال يتواله إال من كمل ورعه ومتت عدالته وحتقق<br />
)346(<br />
صدقه.<br />
القياس على الشهادة جبامع الوالية <strong>يف</strong> كل منهما، فكما ال تصح الشهادة من الفاسق فال يصح<br />
قضاؤه وإذا كانت العدالة شرطاً <strong>يف</strong> الشاهد ففي القاضي من َبب أوىل. )347(<br />
أن الفاسق ممنوع من النظر <strong>يف</strong> ماله وولده مع شفقته عليهم فنظره <strong>يف</strong> أمر العامة أوىل َبملنع،<br />
فالقضاء متضمن للوالية <strong>يف</strong> التزويج، والنظر <strong>يف</strong> أموال السفهاء واليتامى واألوقاف والفسق ينا<strong>يف</strong><br />
هذه الوالايت. )348(<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
) 343 (<br />
) 344 (<br />
) 345 (<br />
) 346 (<br />
) 347 (<br />
سورة احلجرات، اآلية . 6<br />
ينظر: املغين، البن قدامة، حتقيق الرتكي )14/14(.<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، كتاب البيوع، َبب <strong>يف</strong> الرجل أيخذ حقه من حتت يده، ص)1485(، رقم )3534( و )3535(،<br />
والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب البيوع، َبب أد األمانة إىل من ائتمنك، ص)1778(، رقم )1264(، وقال: حسن غريب ، والدارمي، <strong>يف</strong> سننه،<br />
كتاب البيوع، َبب <strong>يف</strong> أداء األمانة )343/2( رقم )2597( ، واحلاكم <strong>يف</strong> كتاب البيوع)46/2(، وقال: )حديث شريك عن أيب حصني<br />
صحيح على شرط مسلم(، ووافقه الذهيب وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )145/4(: )رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري والصغري ورجال الكبري ثقات(<br />
وقال األلباين <strong>يف</strong> السلسلة معقباً على كالم احلاكم: "وفيه نظر فإن شريكاً إمنا أخرج له مسلم متابعة كما قال الذهيب نفسه <strong>يف</strong> امليزان وهو<br />
سي احلفظ ومثله متابعة قيس وهو ابن الربيع لكن احلديث حسن َبقرتاهنما معً وهو صحيح لغريه لوروده من طرق أخرى" ، ينظر:<br />
السلسلة )708/1( ، رقم )423(، ومن تلك الطرق ما ورد عند أمحد <strong>يف</strong> مسنده )414/3( عن رجل من قريش، وقال أمحد البنا <strong>يف</strong><br />
الفتح الرَبين لرتتيب مسند أمحد الشيباين )93/19(: "مل يذكر <strong>يف</strong> هذا احلديث اسم الصحايب روايه، وجهالة الصحايب ال تضر و<strong>يف</strong> سنده<br />
من ال يعرف ورواه )د مذ( والبخاري <strong>يف</strong> التاريخ عن أيب هريرة ... وللحديث طرق كثرية غري ما تقدم ولكنها ال تلو من مقال وبكثرة<br />
طرقه يتقوى" ا.ه .<br />
ينظر: بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام على األحكام للتمراتشي، د. صاحل الزيد، )223/1(، بتصرف.<br />
ينظر: تبصرة احلكام، البن فرحون )221/1، وتكملة اجملموع للنووي، حملمد جنيب املطيعي )221/22( ، واملغين، البن قدامة، حتقيق<br />
الرتكي )14/14(.<br />
) 348 (<br />
ينظر: مغين احملتاج، للشربيين )375/4(، وتكملة اجملموع للنووي، حملمد املطيعي، )221/22(، بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة<br />
احلكام، للتمراتشي، د/ صاحل الزيد، )224/1(.
ب( واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي:<br />
-1 قوله <br />
: ))سيكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصالة عن وقتها، فصلوا الصالة لوقتها،<br />
واجعلوا صالتكم معهم تطوعاً(( )349(<br />
وجه الداللة: إخباره بوالية من ال يصلي الصالة لوقتها وهذا فسق ومل مينع من تويل أمور<br />
املسلمني، فلو كان الفسق مانعاً من صحة الوالية لنهى عن اتباعهم لكنه مل ينه عن ذلك،<br />
وال يسكت على َبطل <br />
)350( .<br />
القياس على الشهادة: فالقضاء كالشهادة جبامع الوالية، والفاسق تصح شهادته فيصح<br />
قضاؤه. )351(<br />
-2<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
ميكن مناقشة أدلة القول الثاين كما يلي :<br />
أما دليلهم األول من السنة : فهو إخبار بوقوع ذلك وليس فيه داللة على مشروعية تولية الفاسق وهو حمل<br />
النزاع. )352(<br />
وأما دليلهم الثاين من القياس :<br />
) 349 (<br />
رواه أبو داود كتاب الصالة َبب إذا أخر اإلمام الصالة عن الوقت )ص/1255(رقم )434-433-432-431( وأمحد<br />
)124/4-405/1( ورجال إسناده <strong>يف</strong> سنن أيب داود ثقات ينظر: نيل األوطال )81/2(، وللحديث رواايت أخرى، ينظر صحيح<br />
اجلامع الصغري، لأللباين )297/2(، رقم )1066-2390( ، ورمز له َبلصحة. وللحديث شاهد عند مسلم من حديث أيب ذر أن<br />
النيب <br />
، قال: <br />
) 350 (<br />
) 351 (<br />
) 352 (<br />
قال له : ))ك<strong>يف</strong> أنت إذا كانت عيك أمراء يؤخرون الصالة عن وقتها أو مييتون الصالة عن وقتها؟، قال : قلت: فما أتمرين؟<br />
الصالة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإهنا لك انفلة((.<br />
ينظر: صحيح مسلم ، كتاب املساجد، َبب الندب إىل وضع األيدي على الركب ...اخل )ص 760(، رقم )534( ورواه النسائي <strong>يف</strong>:<br />
كتاب اإلمامة َبب الصالة مع أئمة اجلور )ص2137( رقم )779(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامه، حتقيق الرتكي )14-13/14(، السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، د/ شوكت عليان، ص125، القضاء <strong>يف</strong><br />
الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، فاروق مرسي ، ص175، بتصرف.<br />
ينظر: شرح فتح القدير ، للكمال ابن اهلمام )357/6( وما بعدها، حاشية ابن عابدين )25/8(، بدائع الصنائع، للكاساين )6/7-<br />
7( بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام، للتمراتشي، لصاحل الزيد )225/2(، بتصرف.<br />
ينظر: املغين، البن قدامه، حتقيق الرتكي )14-13/14(، السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، شوكت عليان، ص125، بتصرف.
لقوله سبحانه: <br />
فيجاب عنه َبملنع فالصحيح أن الفاسق ال تقبل شهادته )353(<br />
)354( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والعدالة شرط <strong>يف</strong> الشاهد كما قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)355(<br />
<br />
<br />
والفاسق ليس ممن يرضى .<br />
)356( <br />
<br />
<br />
<br />
ويقول سبحانه: <br />
والفاسق ليس كذلك والقضاء يشرتط فيه ما ال<br />
يشرتط <strong>يف</strong> الشهادة، ألن الشهادة أدىن الوالايت والقضاء أعلى الوالايت. )357(<br />
قال ابن القيم رمحه هللا: "وأقل ما يشرتط فيه صفات الشاهد َبتفاق العلماء ألنه جيب عليه احلكم َبلعدل<br />
وذلك يستلزم أن يكون عدالً <strong>يف</strong> نفسه" )358(<br />
وهبذا يتبني رجحان القول األول، لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة القول الثاين .<br />
وإذا كان القضاء من املناصب اهلامة اليت ينظر الناس من خالهلا إىل عدل الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية، ويرجون من وراء<br />
ذلك حتقيق العدل بينهم ورفع املظامل عن املظلومني منهم فمن األوىل أن ال يتوىل هذا املنصب إال من كان<br />
متصفاً َبلعدالة بعيداً عن الفسق والفجور.<br />
فالفاسق غري مأمون على نفسه فال يؤمن على غريه، وارتكابه للمفسق ضرر لنفسه والشريعة ما منعت من ارتكاب<br />
املضرات إال ملفسدهتا ومن مقاصد الشريعة جلب املصاحل ودفع املفاسد )359(<br />
وهبذا يرتجح القول َبشرتاط العدالة فيمن يتوىل القضاء ولكن حبسب اإلمكان فإن وجد العدل من كل وجه،<br />
وإال قل د األمثل فاألمثل .<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا: "فيجب على كل من ويل شيئاً من أمر املسلمني من هؤالء وغريهم أن يستعمل<br />
فيما حتت يده <strong>يف</strong> كل موضع أصلح من يقدر عليه ... ويقدم <strong>يف</strong> والية القضاء: األعلم األورع األكفأ فإن<br />
كان أحدمها أعلم واآلخر أورع، قدم –فيما قد يظهر حكمه، وخياف فيه اهلوى األورع، وفيما يدق حكمه،<br />
) 353 (<br />
) 354 (<br />
) 355 (<br />
) 356 (<br />
) 357 (<br />
) 358 (<br />
املصادر السابقة، وبغية التمام، لصاحل الزيد )225/1(.<br />
سورة النور، اآلية<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.4<br />
سورة الطالق، اآلية<br />
.282<br />
.2<br />
) 359 (<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )6/7(.<br />
إعالم املوقعني، البن القيم )105/1(.<br />
ينظر: بغية التمام، للزيد )226-225/1(، بتصرف.
وخياف فيه االشتباه: األعلم... ويقدم األكفأ إن كان القضاء حيتاج إىل قوة وإعانة للقاضي، أكثر من<br />
حاجته إىل مزيد العلم والورع ... وسئل بعض العلماء : إذا مل يوجد من يويل القضاء، إال عامل فاسق أو<br />
جاهل دين، فأيهما يقدم؟ فقال: إن كانت احلاجة إىل الدين أكثر لغلبة الفساد قدم الدين. وإن كانت<br />
احلاجة إىل العلم أكثر خلفاء احلكومات قدم العامل" )360(<br />
وقال <strong>يف</strong> موضع آخر: "شروط القضاء تعترب حسب اإلمكان، وجيب تولية األمثل فاألمثل وعلى هذا يدل<br />
كالم أمحد وغريه فيوىل لعدم أنفع الفاسقني وأقلهما شراً، وأعدل املقلدين وأعرفهما َبلتقليد" )361(<br />
وقال ابن القيم رمحه هللا: "إذا مل جيد السلطان من يوليه إال قاضياً عارايً من شروط القضاء مل يعطل البلد عن<br />
قاض ووىل األمثل فاألمثل .... فلكل زمان حكم، والناس بزماهنم أشبه منهم آبَبئهم وإذا عم الفسوق وغلب<br />
على أهل األرض فلو منعت إمامة الفاسق وشهاداهتم وأحكامهم وفتاويهم ووالايهتم لتعطلت األحكام وفسد<br />
نظام اخللق، وبطلت أكثر احلقوق، ومع هذا فالواجب اعتبار األصلح فاألصلح، وهذا عند القدرة واالختيار،<br />
وأما عند الضرورة والغلبة َبلباطل فليس إال االصطبار والقيام أبضعف مراتب اإلنكار" )362(<br />
املسألة الثالثة: أثر <strong>السياحة</strong> على عدالة القاضي<br />
بعد بيان العدالة ورجحان اشرتاطها <strong>يف</strong> القاضي حسب اإلمكان، نتطرق اآلن إىل بيان أثر <strong>السياحة</strong> على<br />
هذه العدالة، فالقاضي كما تقدم له خصوصيته املنبثقة من أمهية هذا املنصب وخطورته وقد اعتىن الفقهاء<br />
آبداب القاضي ومسته حىت تكتمل هيبته وتتحقق عدالته وذكروا ما ينبغي للقاضي أن يتخلق ويتأدب ويتزين<br />
به من اآلداب الشرعية ألنه منظور إليه، ترمقه العيون بلحظاهتا، وتقتدي به األرواح والنفوس <strong>يف</strong> صفاهتا فإذا<br />
أكمل نفسه وأصلحها فينبغي أن يكمل غريه َبلدعوة واإلرشاد والتعليم ويكون قدوة <strong>يف</strong> ذلك وهذا من أجل<br />
املقاصد <strong>يف</strong> منصب القضاة )363(<br />
قال <strong>يف</strong> تبصرة احلكام: "اعلم أنه جيب على من توىل القضاء أن يعاجل نفسه وجيتهد <strong>يف</strong> صالح حاله، ويكون<br />
ذلك من أهم ما جيعله من َبله، فيحمل نفسه على أدب الشرع وحفظ املروءة وعلو اهلمة، ويتوقى ما يشينه<br />
<strong>يف</strong> دينه ومروءته وعقله، وحيطه عن منصبه ومهته، فإنه أهل ألن ينظر إليه ويقتدى به، وليس يسعه <strong>يف</strong> ذلك<br />
ما يسع غريه، فالعيون إليه مصروفة، ونفوس اخلاصة على االقتداء هبديه موقوفة... وال جيعل حظه من الوالية<br />
املباهاة َبلرايسة وإنفاذ األمور والتلذذ َبملطاعم واملالبس واملساكن، فيكون ممن خوطب بقوله تعاىل:<br />
) 360 (<br />
) 361 (<br />
) 362 (<br />
) 363 (<br />
السياسة الشرعية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، ص8 وما بعدها.<br />
املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم، )157-156/5(.<br />
إعالم املوقعني، البن القيم، تعليق طه عبدالرؤوف )220-197/4(.<br />
ينظر: رسالة إىل القضاة، مجعها عبدهللا اجلار هللا، ص12، بتصرف.
)364(<br />
<br />
وليجتهد أن يكون مجيل اهليئة ظاهر األهبة وقور املشية<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واجللسة حسن النطق والصمت حمرتزاً <strong>يف</strong> كالمه من الفضول، وما ال حاجة به، كأمنا يعد حروفه على نفسه<br />
عداً فإن كالمه حمفوظ وزلل ه <strong>يف</strong> ذلك ملحوظ.... وليكن ضحكه تبسماً ونظره فراسة وتومساً وإطراقه تفهماً<br />
ويكون أبداً مرتدايً بردائه حسن الزي وليلبس ما يليق به فإن ذلك أهيب <strong>يف</strong> حقه وأمجل <strong>يف</strong> شكله وأدل على<br />
فضله وعقله، و<strong>يف</strong> خمالفة ذلك نزول وتبذل، وليلزم من السمت احلسن والسكينة والوقار ما ح<strong>يف</strong>ظ به<br />
مروءته" )365(<br />
فإذا كان الفقهاء تشددوا <strong>يف</strong> عدالة القاضي وأحاطوها بسياج من اآلداب حتفظ مروءته وتصون هيبته وحتفظ<br />
مسعة القضاء ومكانته فهل للسياحة أثر على ذلك يستدعي املنع منها أم ال؟<br />
للجواب عن هذا نؤكد ما تقرر سابقاً أبن العدالة: هيئة راسخة <strong>يف</strong> النفس يرتتب عليها اجتناب الكبائر وعدم<br />
اإلصرار على الصغائر والبعد عن كل ما خيل َبملروءة أو بعبارة موجزة –كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>-<br />
هي الصالح <strong>يف</strong> الدين واملروءة َبستعمال ما جيمله ويزينه، وجتنب ما يدنسه ويشينه" )366(<br />
والصالح <strong>يف</strong> الدين َبجتناب الكبائر وعدم اإلصرار على الصغائر كما<br />
: "العدالة<br />
تقدم وسياحة القاضي ال تلو : إما<br />
أن تشتمل على إرتكاب شيء من الكبائر ، كشرب اخلمر أو القمار وامليسر وغري ذلك وحينئذ فال إشكال<br />
<strong>يف</strong> سقوط عدالته بذلك وإما أن تشتمل على صغائر مع اإلصرار كتكرار النظر إىل احملرمات، وتكرار مساعها<br />
وحنو ذلك فهذه أيضاً مؤثرة <strong>يف</strong> سقوط عدالته وإما أن تلوا من ذلك كله لكن تتضمن ما خيرم مروءته<br />
ويدنسه ويشينه من قول أو فعل فهذه أيضاً مؤثرة <strong>يف</strong> سقوط عدالته، واملرجع فيها إىل عرف الناس وعاداهتم<br />
فهذا مما يتفاوتون فيه َبختالف األماكن واألزمان واألعراف وَبجلملة ف<strong>السياحة</strong> تدور عليها األحكام<br />
التكل<strong>يف</strong>ية<br />
اخلمسة، وإن كانت <strong>يف</strong> أصلها على اإلَبحة كما تقدم لكن قد يعرتيها ما جيعلها حمرمة أو مكروهة<br />
أو واجبة أو مندوبة ف<strong>السياحة</strong> املشروعة اخلالية من املنكرات غري املؤثرة <strong>يف</strong> املروءة ال تسقط هبا عدالة القاضي<br />
أما إذا اشتملت <strong>السياحة</strong> على منكرات وخوارم للمروءة فإن عدالة القاضي تسقط هبا.<br />
وقد تكون <strong>السياحة</strong> من املشتبهات فيتعني على القاضي اجتناهبا حينئذ لقوله <br />
: ))احلالل بني واحلرام بني<br />
وبينهما أمور مشتبهات ال يعلمها كثري من الناس فمن اتقى الشبهات استربأ لدينه وعرضه ومن وقع <strong>يف</strong><br />
الشبهات كراع حول احلمى يوشك أن يواقعه((احلديث )367(<br />
) 364 (<br />
) 365 (<br />
) 366 (<br />
) 367 (<br />
سورة األحقاف، اآلية<br />
.20<br />
تبصرة احلكام، البن فرحون، )26/1(.<br />
السياسة الشرعية، ص111.<br />
متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اإلميان َبب فضل من استربأ لدينه )ص/6( ، رقم )39(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة ، َبب أخذ<br />
احلالل وترك الشبهات )ص/955( ، رقم )1599( وله شواهد ورواايت متعددة .
فاحلالل البني واحلرام البني ال إشكال فيه أما املشتبه خلفائه فال يدري أحالل أم حرام؟ فهذا ينبغي للقاضي<br />
بدرجة أولية اجتنابه ألنه إن كان <strong>يف</strong> نفس األمر حراماً فقد برئ من التبعة، وإن كان حالالً فقد استحق<br />
األجر على الرتك هبذا القصد، وقد قال بعض أهل العلم املباح عقبة بني العبد وبني املكروه فمن استكثر منه<br />
يطرق إىل املكروه واملكروه عقبة بينه وبني احلرام فمن استكثر منه يطرق إىل احلرام. )368(<br />
وذكر ابن حجر رمحه هللا أبن املشتبهات ما تعارضت فيه األدلة على أصح األقوال، مث قال: "وخيتلف ذلك<br />
َبختالف الناس، فالعامل الفطن ال خ<strong>يف</strong>ى عليه متييز احلكم فال يقع له ذلك إال <strong>يف</strong> االستكثار من املباح أو<br />
املكروه ومن دونه يقع له الشبهة <strong>يف</strong> مجيع ما ذكر حبسب اختالف األحوال وال خ<strong>يف</strong>ى أن املستكثر من<br />
املكروه، يصري فيه جرأة على ارتكاب املنهي عنه <strong>يف</strong> اجلملة أو حيمله اعتياده الرتكاب املنهي عنه غري احملرم<br />
على ارتكاب املنهي عنه احملرم إذا كان من جنسه أو يكون ذلك لشبهة فيه وهو أن من تعاطى ما هني عنه<br />
يصري معظم القلب لفقدان نور الورع، فيقع <strong>يف</strong> احلرام، ولو مل جيرتأ الوقوع فيه" )369(<br />
فينبغي على القاضي أن حيتاط لنفسه، وال يقدم على ما يرى فيه شبهة احتياطاً لدينه وأمانته وعرضه وصيانة<br />
لألمانة امللقاة على عاتقه فهو أوىل من غريه َبلزهد والورع وترك الشبهات ومن آدابه كما تقدم أن ال <strong>يف</strong>رط<br />
<br />
<strong>يف</strong> االشتغال َبلدنيا الزائلة واللهث وراء متعها واإلكثار من اللهو قال تعاىل: <br />
)370(<br />
<br />
<br />
وإذا أفرط القاضي <strong>يف</strong> سياحته املشروعة بقصد الرتفيه وأكثر من خمالطة الناس <strong>يف</strong> ذلك قلت هيبته وسقطت<br />
شخصيته واقتدى به غريه ورمبا أدى ذلك لسقوط عدالته فال ينبغي له أن ينهمك <strong>يف</strong> ذلك ويتوسع فيه . بل<br />
، وال يصح منعه من سياحة مشروعة ليس فيها ما يقدح <strong>يف</strong> عدالته أو ينقص مروءته<br />
يوازن بني األمور )371(<br />
ألنه حباجة إىل ذلك كغريه و<strong>يف</strong> حديث أيب ذر الطويل، عن النيب الذي فيه من أنواع العلم واحلكمة وفيه<br />
أنه كان <strong>يف</strong> حكمة آل داود عليه السالم: ))حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات: ساعة يناجي فيها<br />
ربه، وساعة حياسب فيها نفسه، وساعة خيلو فيها أبصحابه الذين خيربونه بعيوبه وحيدثونه عن ذات نفسه<br />
وساعة خيلو فيها بلذته فيما حيل وجيمل، فإن <strong>يف</strong> هذه الساعة عوانً على تلك الساعات((<br />
فبني أنه ال بد من اللذات املباحة اجلميلة فإهنا تعني على تلك األمور.... وكان أبو الدرداء –- يقول:<br />
"إين ألستجم نفسي َبلشيء من الباطل، ألستعني به على احلق . وهللا سبحانه إمنا خلق اللذات والشهوات<br />
) 368 (<br />
) 369 (<br />
) 370 (<br />
ينظر: كشف الشبهات عن املشتبهات عما جاء <strong>يف</strong> حديث احلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات، للشوكاين، حتقيق عادل<br />
السعيدان، ص)8-6 وما بعدمها( ، بتصرف.<br />
فتح الباري، البن حجر )155/1(، وتقدمت ترمجته ص<br />
سورة األنفال، اآلية<br />
. 24<br />
.67<br />
) 371 (<br />
ينظر: القبسات الوضيئة ، لسعيد األمسري، ص173، بتصرف.
<strong>يف</strong> األصل لتمام مصلحة اخللق، فإهنم بذلك جيتلبون ما ينفعهم، كما خلق الغضب ليدفعوا به ما يضرهم،<br />
وحرم من الشهوات ما يضر تناوله وذم من اقتصر عليها فأما من استعان َبملباح اجلميل على احلق فهذا من<br />
األعمال الصاحلة" )372(<br />
وعلى هذا فال تسقط عدالة القاضي َبلسياحة إذا خلت مما يقدح <strong>يف</strong> عدالته بضابطها السابق ف<strong>السياحة</strong><br />
املشروعة اخلالية من احملاذير وإن قصد منها اللهو املباح والرتفيه عن النفس واألهل، مع متسك القاضي مبا<br />
يكفل وح<strong>يف</strong>ظ مسعته ومكانته وهيبته ومنزلته ويصون مسعة القضاء من اآلداب واملروءات وحسن السمت<br />
والتصرف ال تقدح <strong>يف</strong> عدالته وال تسقطها وقد كان من قضاة املسلمني من ساح <strong>يف</strong> األرض ألغراض مشروعة<br />
متنوعة فلم يؤثر ذلك على هيبته ومكانته .<br />
وتوىل بعض املناصب <strong>يف</strong> الدوله<br />
فهذا القاضي أبو بكر الباقالين من أئمة الفقه وكبار القضاة <strong>يف</strong> عصره )373(<br />
وصار له اختصاص بعضد الدولة، فوجهه سفرياً عنه إىل ملك الروم ليظهر به رفعة <strong>اإلسالم</strong>، ويغض من<br />
النصرانية فخرج وهو <strong>يف</strong> سكينة املؤمن ووقار العامل وهيبة القاضي ومل متنعه سياحته <strong>يف</strong> تلك البالد من اعتزازه<br />
بدينه ودعوته إليه فجرت له مناظرات وحماورات <strong>يف</strong> القسطنطينية بني يدي ملكها مع بطارقته ونبالء مِّلَّته،<br />
حىت خُشِّ يَ على النصرانية منه فأبعد" فقد دعي رمحه هللا مرة إىل حمفل من حمافل النصرانية فلما حضر أدانه<br />
ملكهم وألطف سؤاله وأجلسه بقربه مث حضر البطرك قيم داينتهم آخر الناس ومعه اتباعه فلما توسط اجمللس<br />
قام امللك ورجاله تعظيماً له فقضوا حقه ومسحوا أعطافه مث سلم على القاضي فقال له القاضي: ك<strong>يف</strong> األهل<br />
والولد فعظم عليه وعلى أتباعه ذلك فقال القاضي: اي هؤالء تستعظمون هلذا اإلنسان اتاذ الصاحبة والولد<br />
وتربون به عن ذلك وال تستعظمونه لربكم – عز وجهه- فتض<strong>يف</strong>ون إليه ذلك سدةً هلذا الرأي! ما أبني غلطه<br />
فسقط <strong>يف</strong> أيديهم وتداخلتهم له هيبة عظيمة وانكسروا، مث قال امللك للبطرك : ما ترى <strong>يف</strong> أمر هذا الرجل؟<br />
) 372 (<br />
السياسة الشرعية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، ص)111-110(، واحلديث رواه البيهقي <strong>يف</strong> شعب اإلميان )164/4( رقم 4677و<br />
4678، وعبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه )21/11(، رقم 19790، كتاب اجلامع، َبب جمالس الطريق، ونقله ابن تيمية عن أيب حام البسيت <strong>يف</strong><br />
صحيحه عن أيب ذر <br />
.<br />
) 373 (<br />
هو: القاضي أبو بكر حممد بن الطيب بن حممد بن جعفر بن قاسم البصري مث البغدادي، ابن الباقالين ، كان ثقة إماماً َبرعاً يضرب<br />
املثل بفهمه وذكاءه، صنف <strong>يف</strong> الرد على الرافضة واملعتزلة واخلوارج واجلهمية والكرامية وانتصر لطريقة أيب احلسن األشعري وقد خيالفه <strong>يف</strong><br />
مضائق، وغالب قواعده على السنة ذكر عياض أبنه يلقب بس<strong>يف</strong> السنة ولسان األمة، إليه انتهت رائسة املالكية <strong>يف</strong> وقته، حدث عنه<br />
أبو ذر اهلروي وغريه والباقالين نسبة إىل الباقال وبيعه ، ومن مصنفاته: اإلَبنة عن إبطال مذهب أهل الكفر والضاللة ، االستشهاد ،<br />
التعديل والتجريح، فضل اجلهاد،<br />
تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> ذي القعدة سنة ثالث وأربع مائة، ينظر: الديباج املذهب، البن فرحون )229-228/2-1( ، واتريخ قضاة األندلس، للنباهي<br />
، ص37، وسري أعالم النبالء ، للذهيب )193-190/17(.
قال: تقضي حاجته وتالطف صاحبه وترج هذا العراقي عن بلدك من يومك إن قدرت وإال مل أتمن الفتنة<br />
على النصرانية منه" )374(<br />
فهذه <strong>السياحة</strong> وإن مل تكن سياحة َبملفهوم املعاصر لكوهنا بقصد العمل إال أن املراد هو التنبيه على إمكانية<br />
احتفاظ القاضي آبدابه ومسته ومرءوته واعتزازه بدينه <strong>يف</strong> سياحته سواء قصد منها العمل أو التنزه والرتفيه فما<br />
دامت خالية من احملاذير الشرعية وليس فيها ما ميس عدالته فال مانع منها إال أن <strong>السياحة</strong> خلارج بالد<br />
املسلمني بقصد الرتفيه والتنزه –وهو املراد َبلسياحة املعاصرة كما تقدم- ال جتوز للقاضي <strong>يف</strong> هذا الزمان، بل<br />
وتسقط عدالته بذلك ألهنا ال تلوا من فعل كبرية أو إصرار على صغرية أو على أقل األحوال قدحها <strong>يف</strong><br />
مروءته وإسقاطها ملكانته ومسعته وهذا ظاهر <strong>يف</strong> عرف املسلمني <strong>يف</strong> هذا الزمن. )375(<br />
وقد جاء <strong>يف</strong> رسالة ابن خلدون للقضاة التنبيه على رذائل أخالق أوقعت <strong>يف</strong> ذم احلكام وانكساف نورهم )376(<br />
أوهلا: الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان هللا العظيم املتولد قليالً قليالً من غري شعور به، من اعتياد احلاكم<br />
نفوذ الكلمة والتآمر على الناس ورهبتهم منه وتعظيمهم لشأنه، وهذا النسيان قد جيرؤه على حرمات هللا فعلى<br />
القاضي احلذر من ذلك .<br />
واثنيها: الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان املبدأ واملنتهى املتولد من اشتغال احلاكم أبحوال الناس الدنيوية<br />
الصرفة ورؤيته ما هم عليه من جتاذب الدنيا فقد <strong>يف</strong>تنت ويشتغل هبا كغريه.<br />
واثلثها: الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان النفس وهتذيبها الناش من معاجلة احلاكم غري أرَبب الكماالت<br />
من أويل األهواء والشهوات فقد يتأثر هبم <strong>يف</strong> سلوكه وأخالقه فينسى ما عليه من آداب ومروءة.<br />
<br />
<br />
وقد أشار هللا تعاىل لذلك بقوله: <br />
)377(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فعلى القاضي أن حيمي نفسه من ذلك خبشية هللا <strong>يف</strong> الغيب والشهادة وكلمة احلق <strong>يف</strong> الرضا والغضب والقصد<br />
)378(<br />
<strong>يف</strong> الفقر والغىن وطلب نعيم اآلخرة وعدم االهنماك <strong>يف</strong> ملذات الدنيا الفانية.<br />
الفرع الثاين: أثرها على واليته ونفاذ أحكامه<br />
) 374 (<br />
) 375 (<br />
) 376 (<br />
) 377 (<br />
اتريخ قضاة األندلسي، أليب احلسن النباهي، ص37، وملا جاء ذكر القاضي أبو عبدهللا حممد الفشتايل قال عنه: )وقد كان ويل قبل<br />
تقدمه بفاس القضاء أيضاً بطرابلس، وجتوَّل <strong>يف</strong> نواحي إفريقية"، ص170.<br />
وسيأيت تفصيل الكالم عن ذلك <strong>يف</strong> ص<br />
.382<br />
ينظر: ابن خلدون ورسالته للقضاة، حتقيق فؤاد أمحد ، ص150-149، بتصرف ، وتقدمت ترمجته ص<br />
سورة احلشر، اآلايت )20-19(.<br />
( 378 (ينظر: ابن خلدون ورسالته للقضاة، حتقيق فؤاد أمحد ، ص150-149، بتصرف.<br />
. 103
<strong>السياحة</strong> سفر كما تقدم، ينتقل القاضي فيها <strong>يف</strong> غري حمل إقامته فهل لذلك أثر على واليته حبيث ال تنفذ<br />
أحكامه <strong>يف</strong> غري حمل إقامته وواليته أم أنه ال أثر لذلك؟<br />
ابتداء حيسن بيان معىن الوالية : فالوالية <strong>يف</strong> اللغة مبعىن اإلمارة والسلطة والنصرة والتقليد على عمل معني )379(<br />
أو هي: "سلطة شرعية لشخص <strong>يف</strong> إدارة شأن من<br />
و<strong>يف</strong> االصطالح: تنفيذ القول على الغري شاء أو أىب )380(<br />
)381(<br />
الشئون وتنفيذ إرادته منه على الغري، فرداً كان أو مجاعة"<br />
فهي أيضاً سلطة خمولة لشخص تبيح له التصرف <strong>يف</strong> شئون غريه جرباً عنه وقد تكون <strong>يف</strong> الشئون العامة<br />
كاخلالفة والقضاء أو <strong>يف</strong> الشئون اخلاصة كالوالية على النفس .<br />
فالوالية القضائية سلطة تثبت للخل<strong>يف</strong>ة أو الدولة توهلا رعاية مصاحل رعاايها وغريهم عن طريق ما تنشئه<br />
لذلك من هيئات وجهات خمتصة وفقاً للضوابط احملددة شرعاً أو نظاماً)382(<br />
واألصل فيها العموم والشمول: ألن القضاء من سلطات الدولة ووالايهتا العامة، فتتعدد حبدود سيادهتا<br />
وخيضع لسلطة القاضي كل القاطنني على أرض الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية مهما كانت جنسياهتم أو داينتهم، وتعىن<br />
الدول <strong>يف</strong> القوانني الوضعية بتقرير والية القضاء، وسلطة القاضي بصفة إقليمية كاملة َبعتباره من مظاهر<br />
سيادهتا على أرضها )383(<br />
وقد كان القضاء <strong>يف</strong> صدر <strong>اإلسالم</strong> ال خيتص حبد معني من القضااي بل ينظر القاضي <strong>يف</strong> مجيع ما يرد عليه من<br />
القضااي ألنه انئب عن اخلل<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> ذلك فاألصل أن القضاء من وظائف اخلالفة كما تقدم.<br />
لكن بعد اتساع رقعة دولة <strong>اإلسالم</strong> وَشوهلا ألرجاء املعمورة وكثرة املشاكل واخلصومات اضطر الوالة إىل توزيع<br />
اختصاصات السلطة القضائية فأوكلت بعض املهام إىل جهات أخرى وانفصلت السلطة التنفيذية عن<br />
)384(<br />
القضائية<br />
وتعدد أعوان القاضي وخصص القضاء <strong>يف</strong> املكان والزمان والنوع وهذا من التنظيم والرتتيب للعمل القضائي،<br />
وهو من السياسة الشرعية والشريعة ليس فيها حد معني ملا يدخل <strong>يف</strong> اختصاص القاضي بل ذلك مرتوك لويل<br />
وعلى هذا فالوالية نوعان: )386(<br />
األمر حيدده تبعاً للمصلحة وحاجات الناس )385(<br />
) 379 (<br />
) 380 (<br />
) 381 (<br />
) 382 (<br />
) 383 (<br />
) 384 (<br />
) 385 (<br />
ينظر: لسان العرب ، البن منظور )4920/8-وما بعدها(، التعر<strong>يف</strong>ات، للجرجاين )249(.<br />
ينظر: املصادر السابقة،و السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، شوكت عليان، ص97.<br />
االختصاص القضائي، انصر الغامدي، ص )80(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: السلطة القضائية، شوكت عليان، ص99، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
املصادر السابقة، بتصرف.
عامة وهو األصل كما تقدم فإذا كانت والية القاضي عامة مطلقة التصرف <strong>يف</strong> مجيع ما تضمنته فقد ذكر<br />
الفقهاء أبهنا توله القيام أبعمال كثرية كالفصل بني اخلصوم والنظر <strong>يف</strong> أمور القصر وإقامة احلدود وإمامة<br />
اجلمعة والعيد والنظر <strong>يف</strong> مصاحل البالد من إصالح الطرقات وحنو ذلك .<br />
وهذا كله من السياسة الشرعية اليت تتغري بتغري األزمان و<strong>يف</strong> زمننا هذا غالب هذه األعمال أنيطت<br />
جبهات خمتصة كالوزارات وغريها وعلى هذا فاملرجع <strong>يف</strong> حتديد هذه الصالحيات هو العرف واحلال وما <strong>يف</strong>يده<br />
. لفظ التولية<br />
)387(<br />
والنوع الثاين: الوالية اخلاصة مبكان أو زمان أو نوع أو شخص وحنو ذلك وقد قرر الفقهاء جواز<br />
تصيص القضاء مبا تقتضيه املصلحة )388(<br />
واملرجع فيه إىل العرف بل إن بعض الفقهاء جعل حتديد مكان القضاء وتصيصه مبكان معني شرطاً <strong>يف</strong><br />
صحة التولية فجاء <strong>يف</strong> تبصرة احلكام: "وال تتم الوالية إال بثالثة<br />
عليه الوالية ليتميز عن غريه" )389(<br />
شروط... الثالث: ذكر البلد الذي عقدت<br />
والقاضي انئب عن اخلل<strong>يف</strong>ة فإن أطلق كانت واليته عامة حسب العرف وإال فللخل<strong>يف</strong>ة أن يقيده بزمان أو<br />
مكان أو نوع فيتقيد بذلك وال ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غري حمل الوالية، ومن أهم أنواع التخصيص:<br />
فللخل<strong>يف</strong>ة<br />
التخصيص املكاين ، وهو توزيع العمل القضائي بني حماكم الطبقة الواحدة على أساس مكاين )390(<br />
أو السلطان أن جيعل والية القاضي شاملة جلميع البالد أو خاصة مبحل معني وانحية بعينها فال تكون له<br />
والية فيما جاوزها وينقسم هذا التخصيص إىل أربعة أقسام أو أنواع هي: )391(<br />
1- أن يوليه عموم النظر <strong>يف</strong> عموم العمل مثل سائر األحكام <strong>يف</strong> سائر البالد .<br />
) 386 (<br />
ينظر: روضة القضاة، للسمناين ، حتقيق الناهي )72/2-1( حاشية ابن عابدين، )113/8(، تبصرة احلكام، البن فرحون )21/1-<br />
22(، تكملة اجملموع للنووي، حملمد جنيب املطيعي )225/22(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي، حتقيق عبدهللا<br />
الرتكي، )265/5(، املوسوعة الفقهية الكويتية ، )298/33(، حبوث فقهية <strong>يف</strong> قضااي عصرية، صاحل الفوزان، ص47-46، بتصرف.<br />
( 387 ) ينظر :<br />
) 388 (<br />
) 389 (<br />
) 390 (<br />
) 391 (<br />
الطرق احلكمية <strong>يف</strong> السياسة الشرعية، البن قيم اجلوزية، ص239.<br />
ينظر: األحكام السلطانية، للماوردي )89(، واألحكام السلطانية أليب يعلى تعليق حممد الفقي )65( ،وروضة القضاة للسمناين،<br />
حتقيق صالح الدين الناهي )73-72/2-1( و حاشية رد احملتار ، البن عابدين، )113/8( ، و مواهب اجلليل لشرح خمتصر خليل<br />
املالكي، للحطاب )98/8( و تبصرة احلكام ، البن فرحون، تعليق مجال مرعشلي )22-21/1( ، وتكملة اجملموع ، حملمد جنيب<br />
املطيعي )225/22( و منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي، حتقيق الرتكي، )265/5( و املستدرك على جمموع فتاوى<br />
شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع حممد بن قاسم )159/5(<br />
تبصرة احلكام، البن فرحون )20/1( وينظر : األحكام السلطانية أليب يعلى )ص65(، وجاء حنو ذلك <strong>يف</strong> بغية التمام حتقيق ودراسة<br />
مسعفة احلكام للتمراتشي، للزيد )644/2(.<br />
ينظر: االختصاص القضائي، للغامدي، ص302، بتصرف.<br />
املصادر السابقة، واملغين البن قدامه )90-89/14(<br />
.
-2<br />
-3<br />
-4<br />
أن يوليه خصوص النظر <strong>يف</strong> خصوص العمل مثل األنكحة <strong>يف</strong> بلد كذا.<br />
أن يوليه خصوص النظر <strong>يف</strong> عموم العمل مثل املواريث <strong>يف</strong> مجيع البالد.<br />
أن يوليه عموم النظر <strong>يف</strong> خصوص العمل مثل سائر األحكام <strong>يف</strong> بلد كذا.<br />
وإذا كانت واليته <strong>يف</strong> بلد معني نفذ حكمه <strong>يف</strong> املقيم به والطارئ إليه فقط سواء كان نظره عاماً أو خاصاً فيه<br />
)392(<br />
ومل ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غريه من البلدان<br />
والتخصيص قد يكون <strong>يف</strong> املكان أو الزمان أو بنوع من اخلصوم أو بنوع من الدعاوى أو بنصاب معني<br />
وهكذا.<br />
وقد قرر الفقهاء ذلك ونصوا على جوازه، وعليه العمل <strong>يف</strong> نظام القضاء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية )393(<br />
ومن خالل ما تقدم يتبني أثر <strong>السياحة</strong> على والية القاضي ونفاذ أحكامه فإذا كانت واليته عامة فال أثر<br />
للسياحة وينفذ حكمه <strong>يف</strong> كل بلد وإال فال ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غري حمل واليته فإن خص مبكان مل ينفذ حكمه<br />
<strong>يف</strong> غريه وإن خص بزمان مل ينفذ حكمه فيما عداه وهكذا وقد ذكر الفقهاء أبن القاضي إذا كان <strong>يف</strong> غري حمل<br />
واليته فليس له أن ينظر <strong>يف</strong> الدعوى وال يقوم أبي من إجراءاهتا وال يسمع الشهود<br />
)394(<br />
فحكمه <strong>يف</strong> غري حمل واليته ال ينفذ ألنه ليس بقاض فيه، إال إذا فوضه بذلك اإلمام أو من ينيبه )395(<br />
وهذا ما نص عليه النظام <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية. )396(<br />
،<br />
) 392 (<br />
) 393 (<br />
( 394 ) ينظر :<br />
) 395 (<br />
املصادر السابقة .<br />
ينظر: نظام القضاء، املواد: )55-50-26-24-22-10-8( .<br />
بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام للتمراتشي، د/ صاحل الزيد، )648/2( و معني احلكام على القضااي واألحكام،<br />
أليب إسحاق بن عبدالرفيع، حتقيق حممد بن قاسم بن عياد، )613/2(.<br />
ينظر : مجيع املصادر السابقة.<br />
( 396 (كما <strong>يف</strong> املواد )61-60-56-55(.
املطلب الثاني<br />
سياحة عامة املسلمني
املطلب الثاين : سياحة عامة املسلمني :<br />
تقدمي :<br />
تشكل بالد <strong>اإلسالم</strong> مساحة شاسعة مرتامية األطراف، وقد حباها هللا جل جالله خبريات ونعم وفرية،<br />
وأماكن طبيعية رائعة تسر الناظرين .<br />
و<strong>يف</strong> بالد املسلمني غنية ملن أراد الرتويح والرتفيه والنزهة واالستجمام وفق ضوابط شريعة <strong>اإلسالم</strong> .<br />
كما أن فيها كماً هائالً من اآلاثر والتحف واألماكن التارخيية الشاهدة على حضارات وأمم عظيمة .<br />
و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد املسلمني تعود َبلنفع الكبري على<br />
)397(<br />
وترويح أو غريه وتنعم البالد بعوائد اقتصادية تنعش اقتصادها القومي.<br />
السائح والبلد املقصود فيتحقق للسائح مبتغاه من ترفيه<br />
يكلل ذلك السالمة من خماطر وأضرار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد الكفار، وقد يقال: إن <strong>يف</strong> هذا مبالغة <strong>يف</strong> التفاؤل<br />
فحال كثري من بالد املسلمني ال خيتلف كثري اً عما يوجد من منكرات <strong>يف</strong> بالد الغرب فمعظم السائحني<br />
جتدهم <strong>يف</strong> النهار على الشواط يستحمون مبالبس فاضحة ويلهون ويتمتعون وأيكلون كما أتكل األنعام وال<br />
تلوا موائد بعضهم من اخلمر ويباع <strong>يف</strong> كثري من بالد املسلمني جهاراً هناراً .<br />
وكل مسلم أيمل أبن تتطهر بالد املسلمني من مظاهر التبعية وآاثر االستعمار الغريب وتكون <strong>السياحة</strong> فيها<br />
نقية من كل ذلك ، ومع وجود تلك املنكرات <strong>يف</strong> بالد املسلمني إال أن فيها حبمد هللا كثرياً من األماكن<br />
الطاهرة الطيبة اخلالية من املنكرات وهي مقصودان <strong>يف</strong> هذا املطلب .<br />
فينبغي على كل مسلم أن يتلمس مواطن احلاجة <strong>يف</strong> بالد املسلمني فيسيح فيها ويستغل سياحته <strong>يف</strong> تعليم<br />
جاهلهم وتذكري غافلهم وتوعيتهم بقوله وفعله وكذا على أثرايء املسلمني أن يسيحوا <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> لدعمها<br />
اقتصادايً.<br />
وهبذا تتقوى روابط األخوة <strong>اإلسالم</strong>ية وتتطهر بالد املسلمني من رجس التبعية ورواسب اجلاهلية ، ويقوى<br />
اقتصادها وينشر العلم والصالح بني رعاايها. )398(<br />
ومما يبعث على األسى أن <strong>يف</strong> األمة كثري من املنهزمني عَبُّوا من ثقافة الغري حىت مثلوا، وزعموا وبئس ما زعموا<br />
أن <strong>السياحة</strong> ال تتحقق إال أبايم سوداء ، وليال محراء، وجمانبة للفضائل، ونبذ للحياء وإعالن للفضائح<br />
وجماهرة َبلقبائح .<br />
ويرون أن بالد املسلمني ال تكون انجعة سياحياً حىت تعمل على حتقيق ذلك أسوة ببالد الغرب وال شك أن<br />
الولوغ <strong>يف</strong> هذه املياه العكرة، واالنسياق وراء أمراض األمم املعاصرة وإفرازاهتا املنتنة ال يقبله ذوو النفوس املؤمنة<br />
واجملتمعات احملافظة.<br />
( 397 )<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور ، ص171 –<br />
، 172 بتصرف .<br />
( 398 )<br />
ينظر: املصدر السابق ، بتصرف .
فنقول: نعم لسياحة التأثري ال التأثر ، واالعتزاز ال االبتزاز ، والفضيلة ال الرذيلة، والثبات ال االنفالت ،<br />
واإلبداع ال التقليد فقد حبا هللا بالد املسلمني مقومات شرعية واترخيية وحضارية جتعلها مؤهلة لتكون بلد<br />
<strong>السياحة</strong> النظ<strong>يف</strong>ة النقية )399(<br />
وال سيما بالد احلرمني اململكة العربية السعودية مهوى أفئدة املسلمني وحمط أنظارهم، فهي تنعم حبمد هللا<br />
أبجواء متنوعة وتضاريس خمتلفة تشكل منظومة متآلفة وجمموعة متكاملة، فمن البقاع املقدسة إىل الشواط<br />
اجلميلة والبيئة النظ<strong>يف</strong>ة السليمة من أمراض احلضارة املادية الغربية وإفرازاهتا، إىل اجلبال الشم الشاهقة، ذات<br />
املنظر اجلميل واهلواء العليل، واألودية اخلالبة والسهول اجلذابة واجلداول املنسابة مروراً َبملصائف اجلميلة<br />
والصحارى البديعة والقمم الرفيعة والوهاد الواسعة والبطاح الشاسعة وأهم من هذا كله اخلصائص <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
واحلضارية والقيم العربية األصيلة واآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية النبيلة املعطرة َبإلميان الندية َبملروءة واإلحسان. )400(<br />
أفبعد هذا يستبدل بعضنا الذي هو أدىن َبلذي هو خري ؟!<br />
فهذه بالد حممد صلى هللا عليه وسلم بالد اإلميان والطهر والقداسة فشكر هللا ملن تعوض هبا وفضلها على<br />
بالد الكفر ، وأتى ليحفظ إميانه وأمنه وأهله<br />
م ن ب الدي يطل ب احلس ن وال يطل ب احلس ن م ن الغ رب الغ ي<br />
وهب ا مه بط وح ي هللا ب ل أرس ل هللا هب ا خ ري ن ي )401(<br />
فنحن املسلمني أصحاب حضارة ومعتقد سليم ودين ختم هللا به األداين ولنا خصوصيتنا وشخصيتنا املتميزة،<br />
وينبغي أن يكون لسياحتنا متيز عن سياحة اآلخرين .<br />
)402(<br />
فال نقع <strong>يف</strong> احملظور أبي لون من األلوان، وإبمكاننا تقدمي النموذج األمثل لاخرين <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong><br />
هذا وقد أثرت األحداث السياسية <strong>يف</strong> الفرتة األخرية على توجهات كثري من املسلمني وأظهر استطالع نشر<br />
<strong>يف</strong> شبكة املعلومات العاملية )اإلنرتنت( بعنوان : أين ستقضي إجازتك الص<strong>يف</strong>ية للعام 2004م؟ تفوقاً<br />
ملحوظاً <strong>يف</strong> التوجه حنو البالد <strong>اإلسالم</strong>ية فعلى سبيل املثال: حصلت ماليزاي وسنغافوره على وهو<br />
ما يعادل )236( من األصوات بينما حصلت فرنسا وأملانيا على<br />
%36.53<br />
%4.80<br />
جمموع األصوات )646( )403(<br />
وهو ما يعادل 31 صواتً من<br />
بواسطة :<br />
( 399 )<br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ميزان الشريعة ، خطبة <strong>يف</strong> احلرم املكي لفضيلة الشيخ عبدالرمحن السديس، بتاريخ 1422/4/1ه ، بتصرف<br />
www.khotab.netfirms.com/makkah/makkah1-1422.htm).<br />
( 400 )<br />
( 401 )<br />
( 402 )<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف، وجملة األسرة، العدد61، ربيع اآلخرة<br />
ينظر: أيها املصطاف ، عائض القرين، ص14-13، بتصرف .<br />
ينظر: جملة الدعوة، العدد<br />
1419ه .<br />
9 ،1701<br />
بتصرف .<br />
( 403 )<br />
ينظر: موقع املسافرون العرب على شبكة اإلنرتنت :<br />
ربيع اآلخر 1420ه ، لنجدد <strong>يف</strong> مفهوم <strong>السياحة</strong>، مقال للشيخ سليمان العودة، ص25-24،<br />
(travel4arab.com)
ومن األغراض اليت يقصدها املسلم <strong>يف</strong> سياحته <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> اللهو والرتفيه الربئ وإدخال السرور والفرح<br />
على نفسه وأهله وإذهاب امللل والسآمة .<br />
وقد ذكر الغزايل <strong>يف</strong> اإلحياء أبن من فوائد املخالطة االستئناس واإليناس وهو غرض من حيضر مواضع املعاشرة<br />
واألنس وهذا يرجع إىل حظ النفس وقد يكون على وجه حرام أو مباح وقد يتعلق حبظ النفس ويستحب إذا<br />
كان الغرض منه ترويح القلب لتهييج دواعي النشاط <strong>يف</strong> العبادة، فالقلوب إذا أكرهت عميت، وهذا أمر ال<br />
يستغىن عنه فإن النفس ال أتلف احلق على الدوام ما مل تروح )404(<br />
وقد تقدم تفصيل هذا عند الكالم على حاجة البشر للسياحة وأتصيله شرعاً)405(<br />
.<br />
وقد أوصى جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورة مؤمتره الرابع جبدة من 23-18 مجادى اآلخرة لعام 1408ه <strong>يف</strong><br />
38 قراره رقم<br />
)4/13( الفقرة )و( )بتهيئة مجيع الوسائل اليت حتقق تربية النش تربية إسالمية حبيث يلتزم<br />
أبركان <strong>اإلسالم</strong> وسلوكياته ، ويدرك واجباته جتاه ربه وأمنه، ويتخلص من اخلواء الروحي الذي يتسبب <strong>يف</strong><br />
تعاطي املخدرات واملسكرات والتفسخ األخالقي أبشكاله املتعددة ، وإشغال الشباب مبهمات األمور<br />
وإعطاؤه املسؤليات كل حسب قدرته وكفاءته، وإشغال أوقات الفراغ لديهم مبا هو مفيد، وإجياد وسائل<br />
الرتفيه والرايضات واملسابقات الربيئة الطاهرة، وأن توجه وجهة إسالمية كاملة( )406(<br />
.<br />
وهذا حيتاج إىل تطبيق من قبل أصحاب القرار <strong>يف</strong> بالد املسلمني لتشجيع <strong>السياحة</strong> الربيئة النقية فيها<br />
واستغالل املقومات الطبيعية وإنشاء املنتجعات وملؤها َبألنشطة الرتفيهية املمتعة واملؤمترات الثقافية والعلمية<br />
النافعة <strong>يف</strong> جو من احلشمة والصفاء والنقاء )407(<br />
.<br />
وينبغي لكل مسلم أن يوازن <strong>يف</strong> سياحته فال تطغى على عبادته ألهنا غاية وجوده وحياته بل تكون سياحته<br />
حمطة يسرتوح فيها لتجديد مهته ونشاطه <strong>يف</strong> العبادة أما إضاعة العمر <strong>يف</strong> اللهو والسفر للنزهة فقط فهو خسارة<br />
على صاحبه .<br />
( 404 )<br />
ينظر: إحياء علوم الدين للغزايل، )239/2( ، بتصرف .<br />
) 405 ( <strong>يف</strong> ص )80( .<br />
( 406 )<br />
العدد<br />
قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي جبدة، للدورات<br />
10-1<br />
ربيع اآلخر 61<br />
1419ه .<br />
( 407 )<br />
، ص)83(، وينظر: جملة األسرة<br />
تشتهر فنادق املنتجعات َبألنشطة الرتفيهية واستقبال املسافرين للمتعة وتعمل العديد من فنادق املنتجعات بنجاح كبري <strong>يف</strong> اإلعداد<br />
للمؤمترات واللقاءات ،والفرق الرئيسي بني املنتجع وغريه من املرافق السياحية هو تركيز املنتجعات على األنشطة الرتفيهية املمتعة من<br />
محامات السباحة والنوادي الصحية واأللعاب الرايضية.<br />
وغالباً ما تقع املنتجعات <strong>يف</strong> أفضل األماكن الطبيعية مقارنة َبلفنادق اليت عادة ما تنش <strong>يف</strong> املدن وتعترب اجلبال واجلزر والصحارى<br />
والبحريات من أفضل املواقع إلقامة وتطوير املنتجعات .<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب، ص )5/-65-60( ، بتصرف .
)فوا أسفاه واحسراته ك<strong>يف</strong> ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب حمجوب ما شم هلذا رائحة وخرج من الدنيا<br />
كما دخل إليها وما ذاق أطيب ما فيها بل عاش فيها عيش البهائم وانتقل منها انتقال املفاليس فكانت<br />
حياته عجزا وموته كمداً ومعاده حسرة وأسفا( )408(<br />
وإذا كان األصل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> احلل واملشروعية كما تقدم فإن كل ما كان من املباحات ذريعة إىل احلرام ولو<br />
اندراً فالورع الوقوف عنده وتركه .<br />
ولذا قال بعض السلف: "إن الورع ترك ما ال أبس به حذراً مما به البأس وقد كان السلف الصاحل أيخذون<br />
من ذلك أبوفر نصيب حىت إن كثرياً منهم متر عليه السنون الكثرية فال يرى متبسماً" )409(<br />
والورع الذي يعد الوقوف عنده زهداً واتقاء للشبهة، ليس ترك مجيع املباحات ألهنا من احلالل املطلق، وإمنا<br />
هو ترك ما كان منها مدخالً للحرام، ومدرجاً لااثم .<br />
واملكروه مجيعه شبهة ألنه مل أيت عن الشارع أنه حالل بني، وال أنه حرام بني، فهو واسطة بينهما وهذا أحق<br />
ما جيري اسم الشبهة عليه )410(<br />
.<br />
فعلى املسلم أن يتجنب <strong>يف</strong> سياحته كل ما فيه شبهة، عمالً َبحلديث املتقدم )411(<br />
.<br />
يقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا: "ومتام الورع أن يعلم اإلنسان خري اخلريين وشر الشرين ويعلم أن الشريعة مبناها<br />
على حتصيل املصاحل وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها وإال فمن مل يوازن ما <strong>يف</strong> الفعل والرتك من املصلحة<br />
)412(<br />
الشرعية واملفسدة الشرعية فقد يدع واجبات و<strong>يف</strong>عل حمرمات ويرى ذلك من الورع".<br />
املسألة األوىل: حكم سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> على نوعني :<br />
األول : سياحة حممودة خالية من احملاذير الشرعية<br />
<strong>اإلسالم</strong>:<br />
( 408 )<br />
( 410 )<br />
طريق اهلجرتني وَبب السعادتني، البن القيم اجلوزية، ص )268(.<br />
) 409 ( كشف الشبهات عن املشتبهات عما جاء <strong>يف</strong> حديث احلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات ، للشوكاين، حتقيق عادل<br />
السعيدان، ص)18(.<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف .<br />
) 411 ( <strong>يف</strong> ص )118( .<br />
( 412 )<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد، )512/10( و<strong>يف</strong> ص )615( قال رمحه هللا: "وأما الورع فإنه<br />
اإلمساك عما قد يضر فتدخل فيه احملرمات والشبهات ألهنا قد تضر فإنه من اتقى الشبهات استربأ لعرضه ودينه ومن وقع <strong>يف</strong> الشبهات<br />
وقع <strong>يف</strong> احلرام كالراعي حول احلمى يوشك أن يواقعه".
وهذه إما واجبة كاحلج وصلة األرحام، أو مندوبة كزايرة األصدقاء والتوسع <strong>يف</strong> العلوم والفنون والصناعات<br />
لنفع املسلمني أو مباحة كمن يقصد هبا ماالً أو نكاحاً أو ترفيهاً وتروحياً أو استكشافاً وتنزهاً وقد يرتقي<br />
ذلك إىل درجة العبادة إذا اقرتنت به النية الصاحلة .<br />
والنوع الثاين: سياحة مذمومة ال تلو من منكرات وحماذير<br />
وهذه إما حمرمة أو مكروهة إذا قصد هبا عمل حمرم أو مكروه ومنها الذهاب إىل أماكن مليئة َبملنكرات<br />
والفسق واللهو احملرم )413(<br />
.<br />
وهبذا يتبني أن هذه <strong>السياحة</strong> كغريها تعرتيها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية اخلمسة حبسب تنوع أهدافها ومقاصدها<br />
وأغراضها وأحوال السائح نفسه وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> مطلب مستقل بعون هللا تعاىل. )414(<br />
بل قد تكون سياحة املسلم <strong>يف</strong> ذاهتا مشروعة ولكن تكره أو حترم ألمر خارج يتعلق به أو مبن له حق عليه من<br />
أصحاب احلقوق واألوالد وحنو ذلك .<br />
وقد سئل شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا عن سفر صاحب العيال فأجاب: "أما سفر صاحب العيال فإن كان<br />
، وسواء كان<br />
السفر يضر بعياله مل يسافر فإن النيب قال: ))كفى َبملرء إمثاً أن يضيع من يقوت(( )415(<br />
تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام وإن كانوا ال يتضررون بل يتأملون وتنقص أحواهلم فإن مل<br />
يكن <strong>يف</strong> السفر فائدة جسيمة تربوا على ثواب مقامه عندهم كعلم خياف فوته وشيخ يتعني االجتماع به وإال<br />
فمقامه عندهم أفضل وهذا لعمري إذا صحت نيته <strong>يف</strong> السفر كان مشروعاً، وأما إن كان كسفر كثري من<br />
الناس إمنا يسافر قلقاً وتزجيه للوقت فهذا مقامه يعبد هللا <strong>يف</strong> بيته خري له بكل حال وحيتاج صاحب هذه<br />
احلال أن يستشري <strong>يف</strong> خاصة نفسه رجالً عاملاً حباله ومبا يصلحه مأموانً على ذلك فإن أحوال الناس تتلف <strong>يف</strong><br />
)416(<br />
مثل هذا اختالفاً متبايناً"<br />
– وكالمه<br />
وإن كان <strong>يف</strong> عموم السفر<br />
–<br />
إال أنه منطبق على سفر <strong>السياحة</strong> وقد أشار إليه الشيخ <strong>يف</strong> آخر كالمه<br />
ومل جيزم فيه حبكم بل ترك ذلك الختالف أحوال الناس فيوازن <strong>يف</strong> هذا بني املصاحل واملفاسدكما تقدم<br />
)417( .<br />
وقد سئل الشيخ حممد بن عثيمني رمحه هللا عن السفر إىل البالد <strong>اإلسالم</strong>ية ألجل <strong>السياحة</strong> وهل جيوز هذا من<br />
غري ضرورة ؟<br />
فأجاب:<br />
( 413 )<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية، )221/25، واألحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية، للمزروعي )ص72(، وللمسافرين ،<br />
القسم العلمي بدار الوطن ، ص )2(.<br />
) 414 ( <strong>يف</strong> ص )343( .<br />
( 415 )<br />
( 416 )<br />
سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
) 25<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )29-28/28(.<br />
) 417 ( <strong>يف</strong> كالم الشاطيب ص )88(.
"أوالً: ال نرى أن اإلنسان يسافر إىل بالد خارج بالده إال حلاجة أو مصلحة راجحة وذلك ألن السفر إىل<br />
البالد اخلارجية يتكلف نفقات كبرية ال داعي هلا فتكون من إضاعة املال<br />
. .<br />
اثنياً: أن هذا السفر رمبا يشغلهم عن أشياء رمبا <strong>يف</strong>علوهنا <strong>يف</strong> بلدهم من صلة الرحم وطلب العمل إذا كانوا<br />
يطلبون العمل وغري ذلك وال شك أن االشتغال عن الشيء النافع يعترب خسارة من عمر اإلنسان .<br />
اثلثاً: أن البالد اليت يسافرون إليها قد تكون بالداً أثر فيها االستعمار من جهة األخالق واألفكار فيحصل<br />
بذلك ضرر على اإلنسان <strong>يف</strong> أخالقه وأفكاره وهذا هو أشد األمور اليت خيشى منها السفر إىل اخلارج وهلذا<br />
أقول هلذا السائل ولغريه عندان وهلل احلمد من املصا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> بالدان – يعين اململكة العربية السعودية<br />
عن اخلارج<br />
–<br />
–<br />
يعين البالد <strong>اإلسالم</strong>ية األخرى- مع قلة النفقة ونفع املواطنني" )418(<br />
ما يغين<br />
وكالمه موافق ملا تقرر سابقاً من املوازنة بني املصاحل واملفاسد وتقرير احلكم<br />
والبلدان تتلف <strong>يف</strong> مثل هذا اختالفاً متبايناً.<br />
وفقاً لذلك ألن أحوال الناس<br />
ومال رمحه هللا إىل كراهة هذا السفر دون حاجة أو مصلحة راجحة للمربرات اليت أوردها ال سيما املنكرات<br />
الظاهرة <strong>يف</strong> البالد <strong>اإلسالم</strong>ية واليت ال تلو منها بلد حىت اململكة إال أهنا أقل تلك البلدان وأكثرها خلواً من<br />
منكرات <strong>السياحة</strong> وحماذيرها وفيها أيمن السائح على دينه وخلقه أكثر من غريها ومن هنا كان ترجيحه للبقاء<br />
فيها و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مصائفها دون غريها من بالد املسلمني.<br />
كما سئل الشيخ عبدهللا اجلربين حفظه هللا عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البلدان <strong>اإلسالم</strong>ية اليت ال تلوا من املنكرات<br />
بقصد االنبساط والفرجة ال املعصية<br />
فأجاب:<br />
"إذا كنت تقصد التمشية والنزهة فنرى أن سفرك هذا مكروه وال ينبغي لكثرة الفنت واألخطار، أما إن كنت<br />
تقصد الدعوة والتعليم ونشر الدين والنصح والتوجيه فنرى أن سفرك هذا مستحب ولك به أجر ملا فيه من<br />
إظهار شعائر <strong>اإلسالم</strong> وحماسنه والرد على من خرج عنه أو خالفه .<br />
أما إن كنت تقصد التجارة وتنمية املال فيجوز سفرك بغري كراهة بشرط القدرة على إظهار الدين واجلهر به<br />
والتمسك بتعاليم <strong>اإلسالم</strong>، أما إن كنت ال تقدر <strong>يف</strong> هذا السفر على إظهار الدين كأن تفطر أو أن حتلق<br />
( 418 )<br />
وملا سئل <strong>يف</strong> فتوى أخرى عن السفر لبالد الكفار للسياحة قال: "إبمكانه أن يذهب إىل بالد إسالمية حيافظ أهلها على شعائر<br />
<strong>اإلسالم</strong> وبالدان اآلن واحلمد هلل أصبحت بالداً سياحية <strong>يف</strong> بعض املناطق فبإمكانه أن يذهب إليها ويقضي إجازته فيها" فتاوى الشيخ<br />
حممد العثيمني ، إعداد أشرف عبداملقصود )212/1(، وينظر : لقاء الباب املفتوح )34( ، و:<br />
www.bokhari.faithweb.com/siyaha1.htm1
حليتك أو ترتك الصالة مع اجلماعة أو ترتك األذان للصالة والنداء هلا وأنتم مجاعة أو كنت تاف على<br />
نفسك من املداهنة أو التنازل عن بعض األمور الشرعية أو الوقوع <strong>يف</strong> شيء مما يقع فيه املشركون من عبادة<br />
القبور أو الذبح هلا جماراة للمشركني فهنا حيرم السفر وإن كان لتجارة " )419(<br />
فقرر الشيخ كراهة هذه <strong>السياحة</strong> ؛ لكثرة الفنت واألخطار واملنكرات <strong>يف</strong> بالد املسلمني مقارنة َبململكة العربية<br />
السعودية فوازن بني املصاحل واملفاسد <strong>يف</strong> هذا مع اختالف ذلك حبسب حال السائل ومقصده من <strong>السياحة</strong>،<br />
فإذا كان األصل مشروعية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد املسلمني محالً على أصل آخر وهو عدالة املسلمني وإحسان<br />
الظن هبم ومحلهم على أفضل احملامل إال أن هذا يتغري <strong>يف</strong> الواقع حبسب حاهلم وحال بالدهم وحال السائح<br />
ومقصده من سياحته وانتفاعه أو تضرره منها، وحيتاج <strong>يف</strong> معرفة ذلك إىل سؤال من يثق <strong>يف</strong> دينه وعلمه وأمانته<br />
الختالف أحوال الناس مع موازنته بني املصاحل واملفاسد فاإلنسان على نفسه بصريه، واألصل <strong>يف</strong> املؤمن أن<br />
يكون ذا ورع وتقى حيمالنه على اجتناب ما فيه شبهة أو مفسدة راجحة وإن أفتاه الناس وأفتوه .<br />
كما قال عليه السالم: ))استفت قلبك –ثالاثً- الرب ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، واإلمث ما<br />
حاك <strong>يف</strong> النفس وتردد <strong>يف</strong> الصدر وإن أفتاك الناس(( )420(<br />
( 419 )<br />
.<br />
( 420 )<br />
املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر )171 فتوى هتم املسافر( من فتاوى العالمة عبدهللا اجلربين ، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي، ص )132-131(<br />
رواه أمحد )228/4( والدارمي، كتاب البيوع، َبب <strong>يف</strong> الرَب الذي كان <strong>يف</strong> اجلاهلية )320/2( ، رقم<br />
2533<br />
، والبخاري <strong>يف</strong> التاريخ<br />
)145/1( ، وقال اهليثمي: "رواه أمحد والبزار وفيه أبو عبدهللا السلمي ... ورواه أبو يعلى عن وابصه وفيه أيوب بن عبدهللا بن مكرز،<br />
قال ابن عدي: ال يتابع على حديثه ووثقه ابن حبان ورواه الطرباين عن أيب ثعلبة اخلشين مبعناه وأمحد ورواه الطرباين من حديث واثلة<br />
وفيه العالء بن ثعلبة جمهول ، ورواه الطرباين وأبو يعلى ولفظه أطول من هذا بكثري وفيه عبيد بن القاسم وهو مرتوك ورواه الطرباين وفيه<br />
امساعيل الكندي وهو ضع<strong>يف</strong>"<br />
ينظر : جممع الزوائد )176-175/1 و 294/10( وحسنه األلباين <strong>يف</strong> صحيح اجلامع ، رقم )959( ، ص )321(، وحسنه <strong>يف</strong><br />
الرتغيب والرتهيب، كتاب البيوع، َبب الرتغيب <strong>يف</strong> الورع،<br />
جامع العلوم واحلكم<br />
351/2<br />
، و<strong>يف</strong> رايض الصاحلني، كتاب الورع وترك الشبهات<br />
، 167/1 و<strong>يف</strong><br />
.249/1
املسألة الثانية: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني :<br />
نظراً الحتالل اليهود لفلسطني <strong>يف</strong> هذا العصر وإقامتهم لدولتهم العربية إسرائيل، وسيطرهتم شبه التامة على<br />
هذه البالد <strong>اإلسالم</strong>ية املقدسة، كان هناك حاجة إىل إفراد هذه املسألة َبلبحث . فهل جيوز للمسلم –واحلال<br />
ما ذكر- أن يسافر إىل فلسطني للسياحة رغم أنه ال يتمكن من دخوهلا إال مبوافقة اليهود وحتت سلطة<br />
احتالهلم أم ال؟<br />
هذا أيضاً مما يتفاوت وخيتلف حبسب حال السائل وغرضه من سياحته فقد يكون ذهابه إىل هناك ضرورة<br />
لزايرة أهله ومساعدهتم أو عالج مرضى املسلمني أو تعليمهم وحنو ذلك، فتقدر هذه الضرورة بقدرها، وقد<br />
تكون سياحته عبادة هلل بزايرة املسجد األقصى كما <strong>يف</strong> احلديث: ))ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد:<br />
، وورد <strong>يف</strong> فضله أحاديث وآاثر أخرى.<br />
املسجد احلرام، ومسجدي هذا واملسجد األقصى(( )421(<br />
فاملسجد األقصى خص من بني البقاع مع احلرمني جبواز شد الرحال إليه تعبداً هلل وتقرَبً إليه ، فهل جتوز<br />
هذه <strong>السياحة</strong> الدينية <strong>يف</strong> هذا العصر واحلال ما ذكر؟ وقد تكون سياحته للرتويح والرتفيه بزايرة األماكن<br />
السياحية <strong>يف</strong> فلسطني إىل غري ذلك من األغراض األخرى، وقد اختلف املعاصرون <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني<br />
من غري ضرورة أو حاجة أو مصلحة وإمنا للعبادة أو الرتفيه وذلك على قولني:<br />
األول: أنه ال جيوز للمسلم أن يسافر إىل فلسطني للسياحة حىت يزول االحتالل وتعود إىل سيادة<br />
املسلمني )422(<br />
الثاين: جواز ذلك بشرط أن ال يكون له أي تعامل من أي نوع مع اليهود مبا يعود عليهم َبلنفع وينعش<br />
)423(<br />
اقتصادهم<br />
وعلل أصحاب القول األول أبن السفر إىل هناك مع وجود االحتالل يتضمن مفاسد كثرية :<br />
( 421 )<br />
( 422 )<br />
متفق عليه . أخرجه البخاري، كتاب فضل الصالة ، َبب فضل الصالة <strong>يف</strong> مسجد مكة واملدينة ص)92( رقم )1189( ، ومسلم ،<br />
كتاب احلج ، َبب فضل املساجد الثالثة ص)909( رقم )1397(.<br />
. وغريهم<br />
ينظر :<br />
وممن قال هبذا : جلنة إفتاء اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية بغزه، د/ يوسف القرضاوي، فيصل مولوي انئب رئيس اجمللس األوريب لإلفتاء والبحوث،<br />
www.islam-online.net<br />
فتوى بعنوان: <strong>السياحة</strong> على فلسطني رؤى فقهية، اتريخ 18/يوليو/2002م<br />
وفتوى بعنوان: زايرة املسجد األقصى .. األبعاد الشرعية، اتريخ 30/ديسمرب/2000م<br />
وفتوى بعنوان: حكم السفر لزايرة األقصى، بتاريخ 7/مايو/2000م<br />
وينظر: نص فتوى القرضاوي وجلنة اإلفتاء جبامعة غزة <strong>يف</strong> املرفقات<br />
)1( و .)2(<br />
( 423 )<br />
وهبذا أفىت مساحة الشيخ/ عبدالعزيز ابن َبز ، ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة، البن َبز، مجع د/ حممد الشويعر )214/8( ،<br />
وسيأيت ذكر فتواه والتعليق عليها، كما أفىت هبذا الدكتور مجال الدين عطية من علماء مصر املعاصرين ، وغريهم<br />
ينظر:<br />
www.silam-online.net<br />
فتوى بعنوان : <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني .. رؤى فقهية .
أوهلا: االعرتاف َبحتالل الصهاينة لفلسطني إذ ال ميكن دخول البالد إال بتأشرية تصدرها السلطات<br />
اإلسرائيلية، وهذا االعرتاف يتضمن قبوالً صرحياً َبحتالل األرض املباركة وهو حمرم بال خالف، فالواجب هو<br />
السعي إىل حتريرها ال االعرتاف والقبول َبحتالهلا. )424(<br />
قال ابن القيم رمحه هللا: "فإن من كون الدين كله هلل إذالل الكفر وأهله وصغاره وضرب اجلزية على رؤوس<br />
أهله، والرق على رقاهبم فهذا من دين هللا، وال يناقض هذا إال ترك الكفار على عزهم وإقامة دينهم كما<br />
حيبون، حبيث تكون هلم الشوكة والكلمة" )425(<br />
وال شك أن اجلهاد <strong>يف</strong> فلسطني ضد اليهود الغاصبني فرض عني على أهلها وهو فرض كفاية على غريهم من<br />
املسلمني، وإذا عجز أهلها فهو فرض عني على من حوهلم، فإذا مل يقم املسلم بنصرة إخوانه فك<strong>يف</strong> يسعى<br />
لنصرة أعدائهم ؟<br />
اثنيها: أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> دعماً لليهود من اجلانب السياسي واالقتصادي واإلعالمي فهم يسعون إىل إقناع<br />
العامل واملسلمني حبتمية بقائهم ويعمدون <strong>يف</strong> سبيل ذلك إىل كل وسيلة تؤدي إىل كسب التعاطف الدويل<br />
والتطبيع مع العرب واملسلمني ومن ذلك السماح هلم بزايرة فلسطني والصالة <strong>يف</strong> املسجد األقصى، وال شك<br />
أن <strong>يف</strong> قبول هذا عوانً ودعماً هلم <strong>يف</strong> حتقيق مآرهبم وتكريس سيادهتم )426(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)427(<br />
ويقول: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول: <br />
)428(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)429(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والركون هو امليل إليهم واالعتماد عليهم، و<strong>يف</strong> هذا هني عن املساعدة واملعونة والنصرة ألعداء هللا وهو شامل<br />
لكل أنواعها املادية واملعنوية مما يكثر مجعهم ويرفع شأهنم ويقوي شوكتهم، فإنه من التعاون على اإلمث<br />
)430( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والعدوان وهللا تعاىل يقول: <br />
( 424 )<br />
( 425 )<br />
( 426 )<br />
ينظر: املصدر السابق ، بتصرف .<br />
أحكام أهل الذمة، البن قيم اجلوزية، حتقيق يوسف البكري وشاكر العاروري ، )111-110/1(.<br />
ينظر:<br />
www.islam-online.net<br />
بتصرف .<br />
( 427 )<br />
( 428 )<br />
( 429 )<br />
( 430 )<br />
سورة القصص، اآلية<br />
سورة القصص، اآلية<br />
سورة هود، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
. 86<br />
.17<br />
.113<br />
.2<br />
الفتاوى: <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني ، رؤى فقهية ، وفتوى القرضاوي ، وجلنة اإلفتاء جبامعة غزة ،
وأي عدوان وجرم أعظم من إعانة اليهود َبملال على قتل املسلمني، والنيب <br />
أهون على هللا من قتل رجل مسلم(( )431(<br />
يقول: ))لزوال الدنيا كلها<br />
وهل هناك قتل أكرب من مد ومعاونة من يرتكبون اجملازر والفظائع <strong>يف</strong> حق إخواننا املسلمني <strong>يف</strong> فلسطني؟!<br />
<br />
اثلثها: أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> نوع من املواالة<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
<br />
<br />
)432( <br />
<br />
"واملسلمون <strong>يف</strong> مشارق األرض ومغارهبا قلوهبم واحدة موالية هلل ولرسوله ولعباده املؤمنني معادية ألعداء هللا<br />
وأعداء عباده املؤمنني وقلوهبم الصادقة وأدعيتهم الصاحلة هي العسكر الذي ال يغلب" )433(<br />
وال يوجد مسلم مؤمن يرضى لنفسه هبذا ولو كان قصده من سياحته <strong>يف</strong> فلسطني العبادة والصالة <strong>يف</strong> املسجد<br />
األقصى .<br />
<br />
<br />
<br />
قال تعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)434(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
( 431 )<br />
( 432 )<br />
( 433 )<br />
( 434 )<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> سننه أبواب الدايت ، َبب ما جاء <strong>يف</strong> تشديد قتل املؤمن ، ص)1793(، رقم )1395(، وقال حديث حسن.<br />
والنسائي <strong>يف</strong> سننه بلفظ )لقتل املؤمن أعظم عند هللا من زوال الدنيا( كتاب احملاربة، َبب تعظيم الدم ص)2349( رقم )3991(. وابن<br />
ماجة ، َبب هل لقاتل املؤمن توبة 2619، والبيهقي َبب حترمي القتل من السنة 5648، وقال: روي مرفوعاً وموقوفاً واملوقوف أصح.<br />
وقال <strong>يف</strong> نصب الراية، حتقيق البنوري )326/4(: رواه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه فذكره مرفوعاً وكذلك أبو يعلى املوصلي <strong>يف</strong> مسنده وله<br />
طرق أخرى.<br />
سورة املمتحنة، اآلية<br />
. 9<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )645-644/28(<br />
سورة املائدة ، اآلية 52-51، و<strong>يف</strong> تصريح صحفي للرئيس اإلسرائيلي شارون قال: )أدعوا كل مسيحي <strong>يف</strong> العامل لزايرة إسرائيل ولو<br />
ملدة واحدة من أجل حل مشكلة كبرية من مشكالتنا االقتصادية تتمثل <strong>يف</strong> تدين مردود القطاع السياحي( وهبذا بدأ خطابه مساء األحد<br />
2004/4/22م <strong>يف</strong> افتتاح أسبوع <strong>السياحة</strong> اإلسرائيلي وذكرت صح<strong>يف</strong>ة معار<strong>يف</strong> العربية <strong>يف</strong> يوم االثنني 2004/4/23م أبن رئيس<br />
احلكومة طلب من قيادات اإلجنيليني املسيحيني إقناع مؤيديهم واتباعهم بزايرة إسرائيل ولو ملرة واحدة .<br />
وكان مركز اإلحصاء املركزي اإلسرائيلي )هبرتسليا( قد أصدر نشرته السنوية يوم 2004/2/10م حول أوضاع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> إسرائيل للعام<br />
2003م وأكد فيها أن الوضع السي للسياحة اإلسرائيلية الذي تشهده البالد منذ عام 2001م ال يزال مستمراً وأن نسبة اخنفاض<br />
السائحني وصلت<br />
%50<br />
و م تسريح حوايل<br />
33<br />
ألف موظف من شركات <strong>السياحة</strong> بسبب عدم وجود أموال كافية نتيجة ركود احلركة
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا: "وهذه اآلايت العزيزة فيها عربة ألويل األلباب فإن هللا تعاىل أنزهلا بسبب أنه<br />
كان َبملدينة النبوية من أهل الذمة من كان له عز ومنعة على عهد النيب وكان أقوام من املسلمني عندهم<br />
ضعف يقني وإميان وفيهم منافقون يظهرون <strong>اإلسالم</strong> ويبطنون الكفر ... وكانوا خيافون أن تكون للكفار دولة<br />
فكانوا يوالوهنم ويباطنوهنم" )435(<br />
رابعها: أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> ضرر على املسلمني يتوجب دفعه ورفعه فإن عوائدها تستغل <strong>يف</strong> تسليح أعداء هللا،<br />
ودعم ترسانتهم َبألسلحة الفتاكة املتطورة اليت تستخدم ضد املسلمني.<br />
و<strong>يف</strong> احلديث: ))ال ضرر وال ضرار(( )437(<br />
)436(<br />
وقد نص أبو يوسف <strong>يف</strong> كتاب اخلراج على أنه ال جيوز إخراج شيء من بالد <strong>اإلسالم</strong> إىل بالد الكفار مما<br />
يكون هلم قوة على املسلمني. )438(<br />
ونقل عن احلسن البصري قوله: "ال حيل ملسلم أن حيمل إىل عدو املسلمني سالحاً يقويهم به على املسلمني<br />
وال كراعاً، وال ما يستعان به على السالح والكراع" )439(<br />
السياحية بسبب عمليات املقاومة الفلسطينية كما بلغت خسائر شركة الطريان اإلسرائيلية لعام 2003م<br />
ملقاطعة املسلم للسياحة <strong>يف</strong> فلسطني أثر َبلغ ووسيلة جهادية إلضعاف اقتصاد اليهود احملتلني هلا.<br />
ينظر:<br />
115<br />
www.islam-online.net<br />
– األخبار<br />
شارون يستغيث َبملسيحيني إلنقاذ <strong>السياحة</strong><br />
حممد زايدة –<br />
مليون دوالر وال شك أن<br />
2004-2-23م ،<br />
بتصرف .<br />
( 435 )<br />
( 436 )<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )645-644/28(.<br />
ينظر:<br />
www.islam-online.net<br />
القاهرة ، بتصرف .<br />
( 437 )<br />
فتوى بعنوان استثمار أموال املسلمني <strong>يف</strong> البالد احملاربة ، د/ أنور دبور أستاذ الشريعة جبامعة<br />
أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ ، كتاب األقضية، َبب القضاء <strong>يف</strong> املرافق، )571/2(، عن عمرو بن حيىي املازين عن أبيه مرفوعاً، ووصله ابن<br />
ماجة عن عبادة بن الصامت <strong>يف</strong> كتاب األحكام، َبب من بىن <strong>يف</strong> حقه ما يضر جباره، ص )2617(، رقم )2340(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده<br />
)313/1(، واحلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )58/2(، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهيب، قال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )110/4-3(:<br />
)رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط وفيه ابن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وعن عائشة ....رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط ومسر بن أمحد بن رشدين<br />
وهو ابن حممد بن احلجاج ابن رشدين وقال ابن عدي كذبوه(، وصححه األلباين مرسالً وموصوالً <strong>يف</strong> السلسلة )443/1(، رقم )250(.<br />
) 438 ( <strong>يف</strong> )ص/204( .<br />
) 439 ( كتاب اخلراج أليب يوسف )ص/206(، وأبو يوسف هو: اإلمام اجملتهد قاضي القضاة صاحب أيب حن<strong>يف</strong>ة: يعقوب بن إبراهيم بن<br />
حبيب بن حبيش بن سعد بن جبري بن معاوية األنصاري الكو<strong>يف</strong> وسعد بن جبري له صحبة، ولد أبو يوسف <strong>يف</strong> سنة ثالث عشرة ومائة،<br />
وحدث عن هشام بن عروة واألعمش وأيب حن<strong>يف</strong>ة وغريهم.<br />
وحدث عنه حيىي بن معني وأمحد بن حنبل وأسد بن الفرات وغريهم. كان أبوه فقرياً له حانوت ضع<strong>يف</strong> وكان أبو حن<strong>يف</strong>ة يتعاهده<br />
َبلدراهم.<br />
تو<strong>يف</strong> يوم اخلميس خامس ربيع األول سنة اثنتني ومثانني ومائة.<br />
وعاش تسعاً وستني سنة، قال الذهيب: "وقد أفردت له ترمجة <strong>يف</strong> كراس"، ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )539-535/8(. =
و<strong>يف</strong> املدونة <strong>يف</strong> التجارة إىل أرض العدو، قال مالك: "كل ما هو قوة على أهل <strong>اإلسالم</strong> مما يتقوون به <strong>يف</strong><br />
حروهبم من كراع أو سالح أو خرثي أو شيء مما يعلم أنه قوة <strong>يف</strong> احلرب فإهنم ال يباعون ذلك" )440(<br />
وتتابع على هذا فقهاء <strong>اإلسالم</strong>، وال شك أن املال والقوة االقتصادية من أقوى األسلحة <strong>يف</strong> هذا الزمان.<br />
خامسها: أن البالد <strong>اإلسالم</strong>ية حباجة إىل هذه األموال، ليتقوى هبا اقتصادها، و<strong>يف</strong> خمالفة ذلك إضعاف<br />
<br />
للمسلمني، وحرمان هلم من هذه الثروات، وهذه خيانة لألمانة وهللا عز وجل يقول: <br />
<br />
)441( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واستدل أصحاب القول الثاين أبن <strong>يف</strong> سياحة املسلم إىل فلسطني إنعاش لالقتصاد الفلسطيين فبإمكان<br />
السائح املسلم قصر تعامالته التجارية مع إخوانه املسلمني، وبذا تنتفي املفاسد املشار إليها <strong>يف</strong> القول<br />
السابق. )442(<br />
وقد جوز الفقهاء دخول املسلم لداير العدو، قال <strong>يف</strong> املغين: "من دخل إىل أرض العدو أبمان، مل خينهم <strong>يف</strong><br />
ماهلم ومل يعاملهم َبلرَب" )443(<br />
مبثابة األمان منهم له.<br />
،<br />
فاألصل فيه اإلَبحة والتأشرية اليت مينحها اليهود ملن أراد الدخول لفلسطني<br />
وميكن مناقشة ما ذكره أصحاب القول الثاين أبن السيادة اليهودية على فلسطني قد أحكمت قبضتها على<br />
شىت مناحي احلياة وال ميكن السفر لفلسطني دون حصول املفاسد السابقة الذكر وإن كان االقتصاد<br />
الفلسطيين سينتعش ويستفيد من <strong>السياحة</strong> فإن اليهود سيستفيدون من ذلك أضعافاً مضاعفة )444(<br />
.<br />
( 440 )<br />
( 441 )<br />
( 442 )<br />
=واحلسن البصري هو: احلسن بن أيب احلسن يسار أبو سعيد موىل زيد بن اثبت وكانت أمه موالة ألم سلمة ، ويسار أبوه من سيب<br />
ميسان، سكن املدينة وأعتق وتزوج هبا <strong>يف</strong> خالفة عمر، فولد له هبا احلسن لسنتني بقيتا من خالفة عمر واسم أمه خرية، مث نشأ بوادي<br />
القرى وحضر اجلمعة مع عثمان وشهد يوم الدار وهو ابن أربع عشرة سنة، مث صار سيد أهل زمانه علماً وعمالً وهو شيخ أهل البصرة<br />
وعاملها، ومن كبار التابعني رأى عثمان وطلحة والكبار، وروى عن عمران بن حصني واملغرية ومسرة بن جندب وجابر وغريهم وروى<br />
عنه أيوب واثبت ومالك بن دينار وغريهم، ومع جاللته فهو مدلس ومراسيله ليست بذاك، وكان عاملاً فقيهاً ثقة حجة مأموانً عابداً<br />
فصيحاً مجيالً وما أرسله فليس حبجة ، قال الذهيب: وقد مر إثبات احلسن لألقدار من غري وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه فلعلها هفوة<br />
منه ورجع عنها ، ومات احلسن <strong>يف</strong> رجب سنة عشر ومائة وعاش حنواً من مثان ومثانني سنة، ينظر سري أعالم النبالء )588-563/4(.<br />
والكر اع: اخليل وأشباهها ، وما يستعان به <strong>يف</strong> السالح : كل ما خيدم السالح والكراع كالسروج واللجم وغريها.<br />
)295-294/3(، واخلرثي: هو أاثث البيت واملتاع .<br />
سورة األنفال، اآلايت )28-27(.<br />
ينظر:<br />
www.islam-online.net<br />
( 443 )<br />
( 444 )<br />
فتوى بعنوان: <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني رؤى فقهية، بتصرف.<br />
املغين، البن قدامه املقدسي، حتقيق الرتكي وعبدالفتاح احللو، )152/13(.<br />
وقد أكد تقرير اقتصادي أصدرته اهليئة الفلسطينية العامة لالستعالمات <strong>يف</strong><br />
أصابت االقتصاد<br />
الفلسطيين واليت تعدت<br />
260<br />
مليار دوالر وكان نصيب قطاع <strong>السياحة</strong><br />
2001/7/28م حول حجم األضرار واخلسائر اليت<br />
220<br />
مليون دوالر رغم أنه من القطاعات
والفقهاء تكلموا عن دخول املسلم ألرض العدو، وأما نزول العدو أبرض املسلمني واحتالهلم هلا فإمنا تناوله<br />
الفقهاء َبعتباره من حاالت تعني اجلهاد لتحرير هذه البالد فال يدخلها أحد من املسلمني إال لتحقيق هذا<br />
املقصد كرسول أو عني جليش املسلمني وحنو ذلك.<br />
أما دخوله هلا سائحاً بقصد زايرة املسجد األقصى أو الرتفيه والرتويح أو غري ذلك فينبغي النظر إليه مبيزان<br />
املصاحل واملفاسد والغالب <strong>يف</strong> هذا الزمان هو املفسدة فيتوجه املنع إال ما كان ضرورة كعالج وصلة رحم وحنو<br />
ذلك وهللا أعلم.<br />
وقد سئل مساحة الشيخ عبدالعزيز بن َبز رمحه هللا: <strong>يف</strong> ظل التفاهم بني العرب واليهود، هل جيوز زايرة<br />
املسجد األقصى والصالة فيه خصوصاً <strong>يف</strong> حال املوافقة من الدول العربية؟<br />
فأجاب: "زايرة املسجد األقصى والصالة فيه سنة إذا تيسر ذلك..." )445(<br />
وقوله: إذا تيسر ذلك حيتمل أن املراد إمكان ذلك من خالل حترير فلسطني أو عقد الصلح مع اليهود وال<br />
شك أن هذا مراعى فيه املصلحة وزوال املفاسد .<br />
ولذا قال رمحه هللا <strong>يف</strong> جواب آخر على سؤال عن الصلح مع اليهود: "كل دولة تنظر <strong>يف</strong> مصلحتها، فإذا<br />
رأت أن من املصلحة للمسلمني <strong>يف</strong> بالدها الصلح مع اليهود <strong>يف</strong> تبادل السفراء والبيع والشراء وغري ذلك من<br />
املعامالت اليت جييزها الشرع املطهر فال أبس <strong>يف</strong> ذلك وإن رأت أن املصلحة هلا ولشعبها مقاطعة اليهود فعلت<br />
ما تقتضيه املصلحة الشرعية.. وهذا كله عند العجز عن قتال املشركني أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم<br />
َبلدخول <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أو القتل أو دفع اجلزية فال جتوز املصاحلة معهم... وعمل النيب مع أهل مكة يوم<br />
احلديبية ويوم الفتح ومع اليهود حني قدم املدينة يدل على ما ذكران ... والصلح بني ويل أمر املسلمني <strong>يف</strong><br />
فلسطني وبني اليهود ال يقتضي متليك اليهود ملا حتت أيديهم متليكاً أبدايً وإمنا يقتضي ذلك متليكهم متليكاً<br />
مؤقتاً حىت تنتهي اهلدنة املؤقتة أو يقوى املسلمون على إبعادهم عن داير املسلمني َبلقوة <strong>يف</strong> اهلدنة املطلقة...<br />
والصلح مع اليهود أو غريهم من الكفرة ال يلزم منه مودهتم وال مواالهتم" )446(<br />
ينظر:<br />
الضع<strong>يف</strong>ة أصالً نتيجة ممارسات االحتالل اإلسرائيلي حيث طال عدواهنم العديد من املنشآت السياحية َبلقصف والتدمري اترة واالحتالل<br />
اترة أخرى ولذا فقد أصيب هذا القطاع َبلشلل التام مبا <strong>يف</strong> ذلك الفنادق واملطاعم ووسائل النقل السياحي.<br />
www.islam-online.net<br />
2001/7/31م، بتصرف .<br />
االقتصاد واألعمال –املنطقة العربية- فالح الصفدي<br />
–<br />
فلسطني اجليل للصحافة<br />
–<br />
( 445 )<br />
( 446 )<br />
جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة، البن َبز، مجع حممد الشويعر )214/8(.<br />
املصدر السابق ص )224-223-222-220( .
وقد اعرتض الدكتور يوسف القرضاوي على رأي الشيخ ابن َبز <strong>يف</strong> الصلح مع اليهود ألهنم غاصبون فال جيوز<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الصلح معهم )447(<br />
، وهللا تعاىل يقول: <br />
<br />
)448(<br />
، واألدلة <strong>يف</strong> وجوب اجلهاد وحترير بالد املسلمني متضافرة .<br />
<br />
وقد أجاب الشيخ ابن َبز عن اعرتاضه )449(<br />
أبن النيب صاحل قريشاً يوم احلديبية ومل مينع من ذلك ما فعلته<br />
<br />
قريش من ظلم املهاجرين وإخراجهم كما قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)450(<br />
<br />
.<br />
وأهل فلسطني مظلومون وال شك أن املظلوم إذا رضي ببعض حقه واصطلح مع الظامل <strong>يف</strong> ذلك فال حرج<br />
لعجزه عن أخذ حقه كله وما ال يدرك كله ال يرتك كله ورضى املظلوم ببعض داره خري له من البقاء <strong>يف</strong> العراء<br />
اآلية )451(<br />
... <br />
<br />
وأما قوله سبحانه: <br />
فذلك إذا كان املظلوم أقوى من الظامل وأقدر على أخذ<br />
حقه وإال فال أبس <strong>يف</strong> أن يدعو إىل السلم إذا كان أضعف كما صرح بذلك ابن كثري رمحه هللا <strong>يف</strong> تفسري هذه<br />
)452(<br />
اآلية<br />
والصلح مع اليهود ليس جمال حبثنا ولكن املراد هو التنبيه على أن فتوى الشيخ رمحه هللا <strong>يف</strong> استحباب زايرة<br />
املسجد األقصى إذا تيسر ذلك ليست مطلقة بل مقيدة َبملصلحة وانتقاء املفاسد كما يدل عليه كالمه<br />
السابق وهذا ما قررانه آنفاً.<br />
واحلال <strong>يف</strong> هذا العصر تقتضي املنع من <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني لغلبة املفسدة ورجحاهنا.<br />
هذا وسيأيت مزيد تفصيل حول <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مكان خمصوص من بالد <strong>اإلسالم</strong> فيما يتعلق َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن<br />
العبادة كاملساجد الثالثة وكذا فيما يتعلق َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة وذلك <strong>يف</strong> املبحث الثالث بعون هللا<br />
تعاىل. )453(<br />
( 447 )<br />
املصدر السابق، ص)226( وقد نشر ذلك <strong>يف</strong> جملة اجملتمع الكويتية <strong>يف</strong> العدد )1140(، اتريخ 1415/10/6ه ، وهو تعقيب من<br />
القرضاوي على كالم الشيخ <strong>يف</strong> الصلح مع اليهود واملنشور <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة املسلمون الصادرة <strong>يف</strong> يوم<br />
1415ه . رجب 21<br />
( 448 )<br />
( 449 )<br />
( 450 )<br />
( 451 )<br />
( 452 )<br />
سورة حممد، اآلية<br />
.35<br />
املصدر السابق ، ص226 وما بعدها .<br />
سورة احلشر، اآلية<br />
سورة حممد، اآلية<br />
.8<br />
.35<br />
ينظر: تفسري ابن كثري )214/4(.<br />
) 453 ( ص ( .)547
املسألة الثالثة: سياحة املرأة <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> :<br />
ال شك أن ما تقدم يشمل املرأة فالنساء شقائق الرجال، ولكن مبا أن للمرأة املسلمة خصوصية وأمهية <strong>يف</strong><br />
<strong>اإلسالم</strong> فهي الدرة املصونة واللؤلؤة املكنونة، فالبد أن تكون <strong>يف</strong> سياحتها حافظة حلشمتها وعزهتا وحيائها،<br />
وقد ابتلي كثري من املسلمني <strong>يف</strong> األزمنة املتأخرة َبلذات بشيء من التربج والسفور وذهاب احلياء عن النساء<br />
ومن مظاهر ذلك سفر املرأة بال حمرم وهو موطن البحث هنا :<br />
فقد وردت أحاديث كثرية <strong>يف</strong> النهي عن ذلك ومنها :<br />
قوله <br />
: ))ال تسافر املرأة إال مع ذي حمرم ، وال يدخل عليها رجل إال ومعها حمرم(( فقال رجل: اي رسول<br />
هللا إين أريد أن أخرج <strong>يف</strong> جيش كذا وكذا وامرأيت تريد احلج فقال: ))أخرج معها(( )454(<br />
: ))ال تسافر املرأة ثالاثً إال مع ذي حمرم(( )455(<br />
: ))ال حيل المرأة تؤمن َبهلل واليوم اآلخر أن تسافر مسرية يوم وليلة ليس معها حرمة(( )456(<br />
: ))ال تسافر امرأة مسرية يومني ليس معها زوجها أو ذو حمرم(( )457(<br />
وقال <br />
وقال <br />
وقال <br />
( 454 )<br />
متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد َبب حج النساء ص )146( رقم )1862(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج َبب سفر<br />
املرأة مع حمرم إىل حج وغريه ص )901( رقم )1341( بلفظ: )انطلق فحج مع امرأتك( عن ابن عباس ،وقد جاءت الرواية عنه<br />
مطلقة <strong>يف</strong> السفر من غري تقييد ومل خيتلف عليه <strong>يف</strong> ذلك .<br />
واحملرم <strong>يف</strong> اللغة: احلرام ضد احلالل، ويقال: هو ذو حمرم منها : إذا مل حيل له نكاحها ، ورحم حمرم: حمرم تزوجها .<br />
و<strong>يف</strong> املعجم الوسيط: احملرم: ذو احلرمة، ومن النساء والرجال: الذي حيرم التزوج به لرمحه وقرابته وما رحم هللا تعاىل، واجلمع حمارم.<br />
و<strong>يف</strong> االصطالح: احملرم من ال جيوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة أو رضاع أو صهرية .<br />
قال النووي: "واعلم أن حقيقة احملرم من النساء اليت جيوز النظر إليها واخللوة هبا واملسافرة هبا كل من حرم نكاحها على التأبيد بسبب<br />
مباح حلرمتها .<br />
فقولنا "على التأبيد" احرتازاً من أخت املرأة وعمتها وخالتها وحنوهن وقولنا "بسبب مباح" احرت ازاً من أم املوطوءة بشبهة وبنتها فإهنما<br />
حترمان على التأبيد وليستا حمرمني ألن وطء الشبهة ال يوصف َبإلَبحة ألنه ليس بفعل مكلف، وقولنا "حلرمتها" احرتازاً من املالعنة فإهنا<br />
حمرمة على التأبيد بسبب مباح وليست حمرماً ألن حترميها ليس حلرمتها بل عقوبة وتغليظاً"<br />
ينظر: لسان العرب ، البن منظور )844/2( القاموس احمليط للفريوزاَبدي )94/4(، بدائع الصنائع، للكاساين، )198/2-160/1(<br />
حاشية ابن عابدين )465/3( ، وشرح صحيح مسلم ، للنووي )113/9(، وفتح الباري، البن حجر )91/4(، واملغين، البن قدامة<br />
.)33/5(<br />
( 455 )<br />
( 456 )<br />
( 457 )<br />
متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء العيد َبب حج النساء )146( ، رقم )1862(.=<br />
=ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه ص)901(، رقم )417-1338(. من طريق عبيدهللا عن انفع عن ابن<br />
عمر ومن طريق الضحاك عن انفع عن ابن عمر، وجاء عن ابن عمر رواايت أخرى وأكثرها الثالث.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد َبب حج النساء )146( رقم )1864(.<br />
ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ، َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه )901( رقم )421-1339(<br />
عن أيب هريرة ، وحرمة: مبعىن حمرم .<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد َبب حج النساء )146( رقم )1864( و<strong>يف</strong> مواضع أخرى.
وورد غري هذا من الرواايت املتعددة ويالحظ أن منها ما هو صريح <strong>يف</strong> التحرمي كقوله ))ال حيل(( ومنها ما<br />
جاء بصيغة النهي كقوله: ))ال تسافر(( ومنها ما ورد بصيغة النفي وهو أبلغ من النهي فكأنه هنى<br />
فاستجيب له مث أخرب أن املرأة ال تسافر إال مع حمرم. )458(<br />
كما أن منها ما ورد مطلقاً ومنها ما كان مقيداً بيوم أو يومني أو ثالثة وأقل ما ورد <strong>يف</strong> التحديد قوله : ))ال<br />
)459(<br />
تسافر بريداً((<br />
قال ابن حجر: "وقد عمل أكثر العلماء <strong>يف</strong> هذا الباب َبملطلق الختالف التقييدات" )460(<br />
وقال مصطفى العدوي: "وألن العمل به خيرج من مجيع اإلشكاالت ويتضمن العمل جبميع الرواايت" )461(<br />
وقد نقل بعض العلماء اإلمجاع على حترمي سفر املرأة بغري حمرم <strong>يف</strong> غري الفرض قال ابن حجر <strong>يف</strong> حديث<br />
أيب هريرة السابق: "استدل به على عدم جواز السفر بال حمرم وهو إمجاع <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة<br />
واخلروج من دار الشرك ومنهم من جعل ذلك من شرائط احلج" )462(<br />
وقال البغوي: "مل خيتلفوا <strong>يف</strong> أنه ليس للمرأة السفر <strong>يف</strong> غري الفرض إال مع زوج أو حمرم إال كافرة أسلمت<br />
<strong>يف</strong> دار احلرب أو أسرية تلصت" )463(<br />
( 458 )<br />
( 459 )<br />
ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ، َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه )901( ، رقم )415-1338(<br />
عن أيب سعيد اخلدري ، وورد <strong>يف</strong> بعض طرقه عند مسلم: ))ال تسافر املرأة فوق ثالث ليال إال مع ذي حمرم(<br />
ينظر: أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية، د/ حممود احلريري، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد اخلمسون، السنة الثالثة<br />
عشرة 1422ه ، ص)124(، بتصرف.<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، كتاب املناسك، َبب <strong>يف</strong> حتج املرأة بغري حمرم )ص 1351(، رقم )1723( و )1728-24(. من طريق<br />
سهيل عن سعيد بن أيب سعيد عن أيب هريرة، وقال ابن عبدالرب كما نقل عنه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )662/2( : )إن رواية سهيل مضطربة<br />
إسناداً ومتناً( ، ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )13/8(، ورواه احلاكم وقال صحيح<br />
اإلسناد، )442/1( وصححه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى )138/3(، برقم<br />
.5189<br />
( 460 )<br />
فتح الباري )90/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />
.24<br />
) 461 ( كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم، مصطفى العدوي، ص)10(.<br />
( 462 )<br />
( 463 )<br />
فتح الباري )662/2( ، وينظر مواهب اجلليل ، للحطاب )488/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية، )206/36( مادة )حمرم(.<br />
فتح الباري ، البن حجر )91/4(، وقال النووي: "اتفق العلماء على أنه ليس هلا أن ترج <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة إال مع ذي حمرم.."<br />
شرح صحيح مسلم )112/9(، وينظر: سبل السالم، للصنعاين حتقيق حممد حالق )216/4(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع<br />
)524/3( حيث قال: "أمجعوا على عدم جواز السفر للمرأة بال حمرم <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة واخلروج من بلد الشرك"ا.ه .<br />
والبغوي هو: ابن املرزَبن ابن سابور اإلمام احلافظ أبو احلسن نزيل مكة، ولد سنة بضع وتسعني ومائة ومسع أَب نعيم وعفان والقعنيب<br />
وغريهم، وصنف املسند الكبري، وأخذ القراءات عن أيب عبيد وغريه حدث عنه القزويين والنسفي وأبو القاسم الطرباين وغريهم.<br />
قال الذهيب: كان حسن احلديث، وقال الدار قطين: ثقة مأمون، وقال ابن أيب حام: كان صدوقاً ، قال ابن السين، بلغين أهنم عابوه<br />
على األخذ ولذا مل يرو عنه النسائي، مات سنة ست ومثانني ومائتني ، وقيل سنة سبع، ينظر: سري أعالم النبالء، )348/13(.
لكن الفقهاء –نظراً لتعدد الرواايت- اختلفوا <strong>يف</strong> حتديد ذلك السفر، و<strong>يف</strong> ما يستثىن منه وذلك على<br />
النحو التايل:<br />
دون حتديد ملسافة ذلك السفر كما نقل<br />
القول األول: ذهب اجلمهور إىل حترمي سفرها بغري حمرم )464(<br />
ذلك ابن حجر آنفاً .<br />
)465(<br />
وبه أفتت اللجنة الدائمة وابن َبز وابنعثيمني وكثري من املعاصرين.<br />
وقال النووي: "حيرم على املرأة أن تسافر وحدها من غري ضرورة إىل ما يسمى سفراً سواء بعد أم قرب ...<br />
وليس املراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفراً فاملرأة منهية عنه إال مبحرم، وإمنا وقع التحديد عن أمر<br />
واقع فال يعمل مبفهومه" )466(<br />
وقال البهويت: "يعترب احملرم لكل سفر، أي لكل ما يعد سفراً عرفاً وال يعترب احملرم إذا خرجت <strong>يف</strong> أطراف البلد<br />
مع عدم اخلوف عليها ألنه ليس بسفر" )467(<br />
( 464 )<br />
( 465 )<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
( 466 )<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث التمهيد، للمغراوي )9/8 وما<br />
بعدها(، بداية اجملتهد، البن رشد، حتقيق عبداجمليد حليب )106/2-1( حاشية الدسوقي على الشرح الكبري للدردير وهبامشه تقريرات<br />
عليش )9/2(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس، حتقيق حممد أبو األجفان وعبد احلفيظ منصور )380/1(، مواهب اجلليل ، للحطاب<br />
)488/3(، واجملموع للنووي ، حتقيق املطيعي )44/7( و )187/8( وشرح صحيح مسلم، للنووي )111/9( ، فتح الباري، البن<br />
حجر )662/2( و )9/4( واملغين البن قدامة )30/5، والفروع، البن مفلح، مع تصحيح الفروع للمرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق<br />
= =الرتكي)241/5(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي، مع حاشية النجدي، حتقيق الرتكي )73/2(، كشاف القناع، للبهويت، حتقيق إبراهيم<br />
عبداحلميد )1066/2(، حاشية َبن قاسم على الروض املربع شرح زاد املستقنع )523/3(، احمللى، البن حزم )50-46/7(، اآلداب<br />
الشرعية، البن مفلح )483/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية، )206/36( ، مادة )حمرم( ، و)35/17(، مادة )حج(.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ، مجع أمحد الدويش، )97-90/11( الفتاوى رقم: )4909-1173-<br />
7854-9552-8392-8244-7316-5445(، جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة، البن َبز، مجع حممد الشويعر، )335/8-<br />
336( ، فتاوى الشيخ حممد الصاحل العثيمني ، إعداد أشرف عبداملقصود )844-590/2(، كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون<br />
زوج أو حمرم، مصطفى العدوي، ص)21(، جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، الدورة الثالثة، العدد الثالث، )1310-1201-1163/2( عام<br />
1408ه ، حيث أفىت بذلك: الشيخ حممد املختار السالمي، وقال: "ما نقلته عن العلماء يدل على أن االختالف بينهم <strong>يف</strong> غري احلج هو على<br />
ثالثة أحناء :<br />
التسافر إال مع حمرم .<br />
تسافر مع القوافل العظيمة املأمونة .<br />
الشابة ال تسافر إال مع حمرم والعجوز تسافر وحدها .<br />
والذي أطمئن إليه حسبما ينشر <strong>يف</strong> الصحف من انتشار حوادث االغتصاب اليت بلغت حداً مفزعاً... أنه ال تسافر املرأة إال مع حمرم<br />
يصوهنا وحيميها."<br />
وينظر أيضاً حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة، حممد تقي العثماين، ص)337(.<br />
اجملموع، للنووي )44/7-187/8(، وشرح صحيح مسلم للنووي )110/9( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
.37<br />
) 467 ( كشاف القناع، للبهويت )1066/2( وهو: منصور بن يونس بن صالح الدين البهويت احلنبلي، شيخ احلنابلة مبصر <strong>يف</strong> عصره نسبته إىل<br />
هبوت غرب مصر ، ولد عام 1000ه ومن مصنفاته: الروض املربع شرح زاد املستقنع املختصر من املقنع وكشاف القناع عن منت اإلقناع
وقال ابن قدامة: "قال أبو عبدهللا: أما أبو هريرة فيقول: يوماً وليلة، ويروى عن أيب هريرة "ال تسافر سفراً<br />
أيضاً" وأما حديث أيب سعيد يقول ثالثة أايم قلت: ما تقول أنت؟ قال: ال تسافر سفراً قليالً وال كثرياً إال<br />
مع ذي حمرم" )468(<br />
القول الثاين: ذهب األحناف إىل أن التحرمي ال يشمل إال ما كان مسافة ثالثة أايم فأكثر. )469(<br />
القول الثالث: نقل عن أيب حن<strong>يف</strong>ة وأيب يوسف كراهة خروجها وحدها مسرية يوم واحد بال حمرم، قال ابن<br />
عابدين: "وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان" )470(<br />
القول الرابع: ذهب بعض الفقهاء إىل جواز سفر املرأة بغري حمرم وهو قول لبعض املالكية ووجه مرجوح عند<br />
الشافعية. )471(<br />
القول اخلامس: ذهب بعض املعاصرين إىل التفصيل فلكل حادثة حكمها ولكل صورة ما يناسبها )472(<br />
القول السادس: أجاز بعض املعاصرين سفر املرأة بال حمرم <strong>يف</strong> وسائل النقل احلديثة املكتظة َبلركاب كالطائرة<br />
والقطار. )473(<br />
للحجاوي، ودقائق أويل النهي لشرح املنتهى واملنح الشافية <strong>يف</strong> شرح نظم املفردات للمقدسي وعمدة الطالب وغريها ، تو<strong>يف</strong> عام<br />
1051ه ، املوافق 1641م.<br />
ينظر: األعالم، للزركلي (<br />
7<br />
/307( ، ولالستزادة : خمتصر طبقات احلنابلة 104، معجم املطبوعات<br />
.599<br />
( 468 )<br />
املغين، البن قدامه، حتقيق الرتكي )32/5( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />
. 106<br />
( 469 )<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر، للطحاوي )115-114/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين، ومعها<br />
حاشية قرة عيون األخيار وتقريرات الرافعي، )465-464/3(.<br />
) 470 ( حاشية ابن عابدين ، )465/3( وابن عابدين هو: حممد أمني بن عمر بن عبدالعزيز بن عابدين الدمشقي فقيه الداير الشامية وإمام احلنفية<br />
<strong>يف</strong> عصره، ولد بدمشق عام 1198ه وهبا تو<strong>يف</strong> عام 1252ه ، صنف: رد احملتار على الدر املختار واملشهور حباشية ابن عابدين وله رفع<br />
األنظار عما أورده احلليب على الدر املختار والعقود الدرية <strong>يف</strong> تنقيح الفتاوى احلامدية ونسمات األسحار <strong>يف</strong> األصول والرحيق املختوم <strong>يف</strong> البالغة<br />
وحواشي على تفسري البيضاوي التزم فيها أن ال يذكر شيئاً ذكره املفسرون وعقود الال <strong>يف</strong> األسانيد العوايل وهو ثبته، ينظر: األعالم، للزركلي<br />
.)42/6(<br />
( 471 )<br />
ينظر: مواهب اجلليل ، للحطاب )492/3( وقيده هؤالء كالباجي والزانيت َبلرفقة املأمونة ذات العدد والعُدد، وممن قال به أيضاً –دون تقييد- القفال<br />
الشاشي من الشافعية واستحسنه الروايين وقال: "إال أنه خالف النص" وقال به ابن دقيق العيد وغريهم .<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )90/4(، الوسيط، للغزايل )1178/2(، روضة الطالبني، للنووي )9/3( وشرح صحيح مسلم، للنووي<br />
)111/9( ، ومغين احملتاج ، للشربيين )467/1( ، مواهب اجلليل .)492/3(<br />
( 472 )<br />
السنة<br />
قال بذلك : د. حممود احلريري <strong>يف</strong> حبثه: أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية، ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد<br />
، 50<br />
،13<br />
( 473 )<br />
1422ه ، ص128.<br />
ومنهم الشيخ عبدهللا اجلربين، ود. يوسف القرضاوي .<br />
ينظر: املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر، من فتاوى ابن جربين، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي، ص111<br />
للقرضاوي، بواسطة جملة البحوث السابقة العدد<br />
–<br />
50، ص129=<br />
وما بعدها، ك<strong>يف</strong> نتعامل مع السنة النبوية،
األدلة :<br />
-1<br />
احتج اجلمهور َبلرواية املطلقة الختالف التقييدات وألن <strong>يف</strong> ذلك مجعاً بني الرواايت، فاختالف<br />
األلفاظ إمنا هو الختالف السائلني واختالف املواطن، وليس <strong>يف</strong> النهي عن الثالثة تصريح إبَبحة اليوم<br />
والليلة أو الربيد )474(<br />
وقال البيهقي: "كأنه سئل عن املرأة تسافر ثالاثً بغري حمرم فقال: ال ، وسئل عن سفرها يومني بغري<br />
حمرم فقال : ال ، وسئل عن سفرها يوماً ، فقال: ال وكذلك الربيد فأدى كل منهم ما مسعه وما جاء<br />
منها خمتلفاً عن رواية واحدة فسمعه <strong>يف</strong> موطن فروى اترة هذا واترة هذا وكله صحيح وليس <strong>يف</strong> هذا كله<br />
حتديد ملا يقع عليه اسم السفر ومل يرد حتديد أقل ما يسمى سفراً . فاحلاصل أن كل ما يسمى<br />
سفراً تنهى عنه املرأة بغري زوج أو حمرم سواء كان ثالثة أايم أو يومني أو يوماً أو بريداً أو غري ذلك<br />
لرواية ابن عباس املطلقة" )475(<br />
واحتج األحناف على حتديد السفر َبلثالث أبنه املتيقن وغريه مشكوك فيه، واستندوا على ما جاء <strong>يف</strong><br />
ذلك من الرواايت. )476(<br />
-2<br />
=<br />
جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي الدورة الثالثة<br />
، ع3 ج2 –<br />
( 474 )<br />
( 475 )<br />
1408ه ، ص )1204-1201( من أجوبة الشيخ حميي الدين قادي وفيه<br />
قال: "أفيت هؤالء البنات املسلمات جبواز السفر َبحلافالت والقطارات والطيارات وبغريها من وسائل النقل اليت تعظم فيها اجلماعات<br />
ويكون هلا شبه َبجليوش والبلدان واحملالت بغري زوج هلن وال حمرم منهن" ص )1204 و 1310(، وقال الباجي: "أما <strong>يف</strong> القوافل<br />
العظيمة فهي عندي كالبالد يصح فيها سفراه دون نساء وذوي حمارم" ونص كالم الزانيت : إذا كانت <strong>يف</strong> رفقة مأمونة ذات عدد وعدد أو<br />
جيش مأمون من الغلبة واحمللة العظيمة فال خالف <strong>يف</strong> جواز سفرها من غري ذي حمرم <strong>يف</strong> مجيع األسفار الواجب منها واملندوب واملباح"<br />
ينظر: مواهب اجلليل ، للحطاب )493-492/3(.<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )14/8(، ومواهب اجلليل،للحطاب )493/3(، فتح الباري، البن حجر<br />
)90/4(،وشرح صحيح مسلم للنووي )110/9(،وسبل السالم للصنعاين، حتقيق حممد حالق )215/4( ، والفروع البن مفلح مع<br />
تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )245/5(، بتصرف.<br />
شرح صحيح مسلم، للنووي )111-110/9( ، وذكر ابن عبدالرب حنو ذلك <strong>يف</strong> فتح الرب )14/8( والبهويت <strong>يف</strong> كشاف القناع ،<br />
حتقيق إبراهيم عبداحلميد )1066/2(، والبيهقي هو: احلافظ العالمة أبو بكر أمحد ابن احلسني بن علي اخلسر وجردي اخلراساين وبيهق<br />
عدة قرى من أعمال نيسابور، ولد سنة أربع ومثانني وثالث مئة <strong>يف</strong> شعبان، ومسع وهو ابن مخس عشرة سنة، بورك له <strong>يف</strong> علمه وصنف<br />
تصان<strong>يف</strong> جامعة منها السنن الكبري قال عنه الذهيب: "<strong>يف</strong> عشر جملدات ليس ألحد مثله"، والسنن واآلاثر والرتغيب والرتهيب والزهد<br />
واخلالفيات ،وغريها، قال اجلويين : ما من فقيه شافعي إال وللشافعي عليه منة إال أَب بكر البيهقي فإن املنة له على الشافعي لتصان<strong>يف</strong>ه <strong>يف</strong><br />
نصرة مذهبه.<br />
تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> عاشر شهر مجادى األوىل سنة مثان ومخسني وأربع مائة ودفن ببيهق، وعاش أربعاً وسبعني سنة.<br />
ينظر : سري أعالم النبالء ، للذهيب )163/18<br />
. )170 –<br />
( 476 )<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي، )116-114/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين<br />
.)465-464/3(
3- واحتج اجمليزون لسفر املرأة بال حمرم بقوله <br />
معها(( )477(<br />
وهو وإن كان بصيغة اإلخبار إال أنه جاء بسياق املدح )478(<br />
: ))يوشك أن ترج الظعينة من احلرية تؤم البيت ال زوج<br />
وقد ذكر عند عائشة رضي هللا عنها ، املرأة ال تسافر إال مع ذي حمرم فقالت: "ليس كل النساء جتد<br />
حمرماً" )479(<br />
وقال انفع موىل ابن عمر: "كان يسافر مع عبدهللا ابن عمر موليات له ليس معهن حمرم" )480(<br />
وروى البخاري <strong>يف</strong> صحيحه أن عمر بن اخلطاب أذن ألزواج النيب <br />
وبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرمحن بن عوف )481(<br />
َبحلج <strong>يف</strong> آخر حجة حجها<br />
وعلل من قيد<br />
وليس هذا حج فريضة بل تطوع ألهنن حججن مع رسول هللا <strong>يف</strong> حجة الوداع )482(<br />
جواز سفرها بال حمرم إذا وجدت رفقة مأمونة ذات عدد وعُدَّة َبلقياس على تنقلها داخل البلد، فال<br />
فرق حينئذ بني حال السفر أو اإلقامة. )483(<br />
-4<br />
واحتج القائلون َبلتفصيل أبن احلكم معلل وال ميكن إطالقه على اجلميع فكما أن املنقول عن النيب <br />
جاء مناسباً للحوادث واألسئلة فواحدة هناها أن تسافر فوق ثالث واثنية هناها أن تسافر ثالاثً واثلثة<br />
قال هلا يومني ورابعة حدها بيوم وليلة وخامسة أطلق ومل حيددها بزمن أو مسري، فكذا احلكم <strong>يف</strong> هذا<br />
( 477 )<br />
( 478 )<br />
( 479 )<br />
( 480 )<br />
( 481 )<br />
( 482 )<br />
( 483 )<br />
ذكره ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح هبذا اللفظ )91/4(، ولفظ البخاري: "فإن طالت بك حياة لرتين الظعينة ترحتل من احلرية حىت تطوف<br />
َبلكعبة ال تاف أحداً إال هللا" ، صحيح البخاري، كتاب املناقب َبب عالمات النبوة <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، )ص292(، رقم )3595( وعند<br />
أمحد <strong>يف</strong> مسنده )378-257/4(، زايدة )<strong>يف</strong> غري جوار أحد( وسيأيت الكالم عليها. والظعينة اهلودج، واملراد املرأة جمازاً ، واحلرية: قرية<br />
قرب الكوفة.<br />
ينظر: العمدة <strong>يف</strong> األحكام، لعبد الغين املقدسي، ص287، بتصرف.<br />
واحلديث أخرجه الرتمذي أيضاً <strong>يف</strong> كتاب التفسري ص)1948(.<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر للطحاوي )115/2(، وفتح الباري، البن حجر )91-90/4( اجملموع، للنووي حتقيق املطيعي )45/7(.<br />
أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه كتاب احلج، َبب <strong>يف</strong> املرأة ترج مع ذي حمرم، )386/3(، رقم )15176(.<br />
أورده ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )48/7( وعزاه لسعيد بن منصور <strong>يف</strong> سننه، وهو غري موجود <strong>يف</strong> املطبوع منه.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب جزاء العيد ، َبب حج النساء )ص145( ، رقم )1860(.<br />
ينظر: أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية، للحريري، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، عدد 50، ص134، بتصرف، وكشف<br />
املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم، مصطفى العدوي، )19-18(، والعمدة <strong>يف</strong> األحكام <strong>يف</strong> معامل احلالل واحلرام، لعبدالغين<br />
املقدسي، حتقيق مصطفى عطا، ص)287(، بتصرف .<br />
ينظر: مواهب اجلليل ، للحطاب )493-492/3(، بتصرف.
الزمان فال يصح إطالق التحرمي لوجود أصحاب احلاجات والظروف الصعبة وال يصح أيضاً إطالق<br />
احلل لفساد الزمان وكثرة الفنت، فتعطى كل حادثة وكل صورة ما يناسبها. )484(<br />
وأما اجمليزون لسفرها بال حمرم <strong>يف</strong> الوسائل احلديثة املكتظة َبلركاب فيحتجون أبن العلة من النهي هي<br />
اخلوف على املرأة من سفرها لوحدها بال زوج وال حمرم <strong>يف</strong> زمن كانت اجلمال والبغال واحلمري وسائل<br />
تنقل وكان السفر شاقاً وطويالً وخموفاً جتتاز فيه الصحاري القاحلة اخلالية من العمران فإذا مل يُصب<br />
املرأة <strong>يف</strong> مثل هذا السفر شر <strong>يف</strong> نفسها أصاهبا <strong>يف</strong> مسعتها لكن احلال تغري <strong>يف</strong> هذا الزمان وأصبح السفر<br />
<strong>يف</strong> طائرة أو َبخرة أو قاطرة تقل مئات الركاب أو أكثر ومل يعد هناك خوف على املرأة إذا سافرت<br />
لوحدها فال يكون عليها حرج وال يعد ذلك خمالفة للحديث. )485(<br />
-5<br />
وألن املسافة الطويلة اليت تقطع <strong>يف</strong> زمن يسري ال تسمى سفراً، و<strong>يف</strong> الذهاب مع رفقة كثرية زوال<br />
للمحذور لعدم اخللوة وعدم اجلرأة من السائق وغريه لوجود عدد كثري من الركاب، ولكن يشرتط عدم<br />
وجود اختالط <strong>يف</strong> هذه الوسائل بل يكون الرجال <strong>يف</strong> معزل عن النساء. )486(<br />
<strong>يف</strong> شرحه ألحاديث النهي حيث قال: "حيتمل<br />
ويستأنس أصحاب هذا القول مبا ذكره الباجي )487(<br />
قوله <br />
))إال مع ذي حمرم(( معنيني أحدمها: أن ال تسافر هذه مع إنسان واحد إال أن يكون ذا رحم<br />
حمرم منها ألنه مأمون عليها ، واملعىن الثاين:<br />
أن ال تنفرد <strong>يف</strong> مثل هذا السفر دون ذي حمرم منها ألنه ح<strong>يف</strong>ظها وجيري إىل صيانتها ملا رُكب <strong>يف</strong> طباع<br />
أكثر الناس من الغرية على ذوي حمارمهم واحلماية هلم" )488(<br />
( 484 )<br />
( 485 )<br />
( 486 )<br />
( 487 )<br />
( 488 )<br />
ينظر: أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية، للحريري، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، عدد 50، ص128، بتصرف.<br />
ينظر: ك<strong>يف</strong> نتعامل مع السنة النبوية، للقرضاوي بواسطة املصدر السابق ص129 ، بتصرف، وقال الباجي: "العلة <strong>يف</strong> منعها من<br />
السفر من غري ذي حمرم كوهنا عورة جيب عليها التسرت وحيرم عليها التربج عند الرجال خمافة الفضيحة واالختالط "ا.ه .<br />
ينظر: مواهب اجلليل ، للحطاب ، )489/3(.<br />
ينظر: املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر، البن جربين، ص111، وما بعدها ، بتصرف .<br />
والباجي هو: أبو الوليد اإلمام احلافظ القاضي سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب األندلسي الباجي القرطيب، أصله من مدينة<br />
بطليوس مث حتول جده إىل َبجه قرب إشبيلية فنسب إليها، ولد أبو الوليد <strong>يف</strong> سنة ثالث وأربع مئة، وارحتل سنة ست وعشرين فحج<br />
والزم احلافظ أبو ذر فأكثر عنه مث ارحتل لدمشق مث بغداد ومسع من علمائها كاملزين وعمر الزهري وابن غيالن واحلسن اخلالل مث إىل<br />
املوصل فأخذ عن السمناين املتكلم صاحب ابن الباقالين فربز <strong>يف</strong> احلديث والفقه والكالم واألصول واألدب مث رجع لألندلس بعد ثالث<br />
عشرة سنة بعلم غزير، حدث عنه ابن عبدالرب وابن حزم وغريهم، ويل القضاء <strong>يف</strong> مواضع من األندلس وصنف املنتقى <strong>يف</strong> الفقه واملعاين <strong>يف</strong><br />
شرح املوطأ واإلشارة <strong>يف</strong> أصول الفقه وإحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول وغريها.<br />
مات َبملرية <strong>يف</strong> اتسع عشر رجب سنة أربع وسبعني وأربع مئة وعمره إحدى وسبعون سنة.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء للذهيب )545-535/18( .<br />
املنتقى شرح املوطأ، للباجي )305-304/7( ، وقال: "ال يعترب صحبة زوج أو ذي حمرم <strong>يف</strong> كرب القوافل وعامل الطرق املأمونة" وقال<br />
ابن رشد: "مجاعة الناس كاحملرم" وهذا <strong>يف</strong> سفر الفرض.
ومقتضى األخذ َبألول جتويز سفر املرأة مع الركب واجلماعة ولو كانوا أجانب عنها وهذا وإن كان<br />
بعيداً لكنه احتمال وارد. )489(<br />
وقال ابن حجر بعد شرحه للحديث: "إن احلديث ما سيق ألجل بيان مسافة القصر بل لنهي املرأة عن اخلروج<br />
وحدها ولذلك اختلفت األلفاظ <strong>يف</strong> ذلك ويؤيد ذلك أن احلكم <strong>يف</strong> هني املرأة عن السفر وحدها متعلق َبلزمان<br />
فلو قطعت مسرية ساعة واحدة مثالً <strong>يف</strong> يوم اتم لتعلق النهي هبا، خبالف املسافر فإنه لو قطع مسرية نصف يوم<br />
مثالً <strong>يف</strong> يومني مل يقصر فافرتقا" )490(<br />
قال أصحاب هذا القول: فعلى كالم ابن حجر لو قطعت مسرية شهور <strong>يف</strong> ساعتني مل يتعلق هبا<br />
النهي ألهنا مل تسافر يوماً وليلة وابن حجر مل يصرح هبذا ألنه مل يكن متصوراً <strong>يف</strong> عصره لكنه واقع <strong>يف</strong><br />
زماننا بواسطة وسائل النقل احلديثة كالطائرات، و<strong>يف</strong> حتديد أكثر الرواايت َبلزمن وتنوعها تنبيه إىل أن<br />
العلة ليست هي السفر الذي هو تنقل وترحل بل ما ينتج عنه من اإلقامة واملكث بال حمرم. )491(<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
نوقش قول احلنفية أبن األحناف خالفوا قواعدهم وأصول مذهبهم فهم يقولون بتقدمي اخلرب العام على اخلاص<br />
وعدم محل املطلق على املقيد وقد خالفوا ذلك هنا. )492(<br />
وَبلغ ابن حزم <strong>يف</strong> الرد عليهم فقال: "أما قول أيب حن<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> التحديد الذي ذكر فال نعلم له سلفاً فيه من<br />
الصحابة وال من التابعني رضي هللا عنهم بل ما نعلم أحداً قال قبلهم، وهم يعظمون خالف الصاحب إذا<br />
وافق تقليدهم ويقولون إن املرسل كاملسند" )493(<br />
وقوهلم إن الثالث متيقن وغريه مشكوك فيه مردود خبرب ابن عباس املطلق فهو جامع لكل سفر، وهو متيقن<br />
<strong>يف</strong> كل سفر. )494(<br />
( 489 )<br />
( 490 )<br />
( 491 )<br />
( 492 )<br />
( 493 )<br />
( 494 )<br />
ينظر: مواهب اجلليل، للحطاب )488/3( .<br />
ينظر: أثر السفر ، للحريري ، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، عدد 50، ص131، بتصرف.<br />
فتح الباري )660/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 24<br />
ينظر: أثر السفر، للحريري، جملة البحوث الفقهية املعصارة، عدد )50( ص130<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )90/4( ، بتصرف.<br />
، بتصرف.<br />
احمللى )48/7(.<br />
ينظر:فتح الباري <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصارتريج أحاديث التمهيد، للمغراوي )14/8(وفتح<br />
الباري،البن حجر )90/4(،وشرح صحيح مسلم، للنووي )112/9(، واحمللى، البن حزم )48/7( وقال: "ال حجة هلم غري هذا<br />
أصالً...وهذا عليهم ال هلم لوجهني ، أحدمها أنه ليس صواب العمل ما ذكروا ألنه إن كان خرب الثالث متقدماً أو متأخراً فليس فيه أن<br />
تقدم إبطال احلكم النهي عن سفرها أقل من ثالث لكنه بعض ما <strong>يف</strong> سائر الرواايت، وسائر الرواايت زائدة عليه، وليس هذا مكان نسخ<br />
أصالً بل كل تلك األخبار حق وكلها جيب استعماهلا وليس بعضها خمالفاً لبعض أصالً، ويقال هلم:خرب ابن عباس..جامع لكل سفر<br />
فنحن على يقني من حترمي كل سفر عليها إال مع زوج أو ذي حمرم مث ال ندري أبطل هذا احلكم أم ال؟ فنأخذ َبليقني ونلغي الشك فهذا
مث إن األحناف ال أيخذون َبلرواايت املضطربة والراوية الوحيدة اليت ال اختالف فيها وال اضطراب هي رواية<br />
ابن عباس املطلقة. )495(<br />
ولألحناف <strong>يف</strong> الرد على اجلمهور جوالت كعدم أخذهم حبمل املطلق على املقيد مع احتاد احلكم وسببه ،<br />
وترجيح رواية الصحايب على فعله. )496(<br />
)497(<br />
ونوقش القائلون َبجلواز مطلقاً أبن قوله لعدي بن حام : ))فإن طالت بك حياة لرتين الظعينة<br />
ترحتل من احلرية حىت تطوف َبلكعبة ال تاف أحداً إال هللا(( اثبت <strong>يف</strong> صحيح البخاري وغريه )498(<br />
. لكن<br />
زايدة ))<strong>يف</strong> غري جوار أحد(( إمنا هي عند أمحد من طريق أيب عبيدة ابن حذ<strong>يف</strong>ة ومل يوثقه معترب إال ابن حبان،<br />
وهو معروف بتوثيق اجملاهيل ولذا قال احلافظ فيه <strong>يف</strong> التقريب : "مقبول" أي إذا توبع وإال فلني. )499(<br />
مث إن احلديث قد اختلف عليه فيه فرواه مرة عن عدي بن حام ومرة عن رجل عن عدي بن حام وحىت وإن<br />
صح هذا احلديث ففي االستدالل به نظر وذلك ألن الرسول قاله إخباراً عن أمور ستقع ووقوعها ال يدل<br />
على جوازها فليس معناه إَبحته هلا وال حترميها )500(<br />
( 495 )<br />
معارض الحتجاجهم مع ما قدمنا ويقال هلم عهدان بكم تذمون األخبار َبالضطراب، وهذا خرب رواه أبو سعيد وأبو هريرة وابن عمر<br />
وابن عباس فلم يضطرب،عن ابن عباس أصالً واضطرب عن سائرهم..فعلى أصلكم دعوا رواية من اختلف عليه واضطرب عنه إذ ليس<br />
بعض ما روي عن واحد أوىل من سائر ما روى عنه وخذوا برواية من مل خيتلف عليه وال اضطرب عنه وهو ابن عباس فهذا أشبه من<br />
استداللكم.والوجه الثاين: أنه قد روي عن ابن عمر وابن سعيد وأيب هريرة كما ذكران ال تسافر املرأة فوق ثالث فإن صححتم استداللكم<br />
الفاسد أبخذ أكثر مما ذكر <strong>يف</strong> تلك األخبار فامنعوها مما زاد على مسرية ثالث ألنه اليقني وأبيحوا هلا سفر الثالث ألنه مشكوك فيه كما<br />
سفر اليومني واليوم والربيد مشكوك فيه عندكم، وهذا ما ال خملص هلم منه"ا.ه . احمللى )49-48/7(.<br />
تقدمت <strong>يف</strong> أول املطلب، ص)145(، وينظر: كشف األسرار عن أصول البزدوي للبخاري، )398-378/2(، وفتح الباري، البن<br />
حجر )660/2<br />
( 496 )<br />
( 497 )<br />
و 90/4(، واحمللى، البن حزم )49-48/7(.<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر، للطحاوي، )116-114/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين ،<br />
)465-464/3( ، فتح الباري، البن حجر )660/2( و )90/4(.<br />
عدي هو بن حام الطائي اجلواد املشهور أبو طر<strong>يف</strong> أسلم سنة تسع وقيل عشر وكان نصرانياً قبل ذلك وثبت على إسالمه <strong>يف</strong> الرده<br />
وأحضر صدقة قومه إىل أيب بكر وشهد فتوح العراق مث سكن الكوفة وشهد صفني مع علي ومات بعد الستني وقد أسن فبلغ عشرين<br />
ومائة سنة وقيل مثانني ومائة.<br />
ينظر: اإلصابة، البن حجر )228/4-3(، وسري أعالم النبالء، للذهيب )165-162/3(.<br />
) 498 )كما<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص<br />
.) 151(<br />
( 499 )<br />
الثقات ، البن حبان )590/5(، هتذيب التهذيب ، البن حجر )159/12( تقريب التهذيب، البن حجر )448/2(، وقال<br />
األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )227/1( أبو عبيدة هذا مل يوثقه غري ابن حبان.. لكن روى عنه مجاعة من الثقات ، وينظر: كشف املبهم ،<br />
للعدوي ، ص )20( ، بتصرف .<br />
( 500 )<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )91/4( ، واجملموع ، للنووي )45/7( ، واملغين، البن قدامة )32/5( والفروع البن مفلح مع<br />
تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق الرتكي )244/5(، وكشف املبهم، ملصطفى العدوي، ص)20( بتصرف .
مث إنه <strong>يف</strong> سفر فرض وقد استثناه بعض الفقهاء من التحرمي لنصوص أخرى وأما إذن عمر فقد كان بعد تردد منه<br />
مث إنه كان حموطاً برعاية زائدة كما يتضح من طرق احلديث مث إنه كان بعد وفاة النيب فليس له قوة ما أقره رسول<br />
هللا فضالً عما هني عنه<br />
مث إهنن ركب وقد أجاز<br />
)502(<br />
الطريق آمناً.<br />
.<br />
)501(<br />
الشافعية وغريهم سفر املرأة بال حمرم للحج مع نسوة ثقات أو قوم عدول إذا كان<br />
وما ورد موقوفاً عن عائشة وابن عمر فليس له قوة املرفوع وأحاديث النهي كثرية متضافرة )503(<br />
وأما من قيد اجلواز َبلرفقة الكثرية املأمونة قياساً على البالد فقوله مردود ألنه قياس مقابل النص فيكون َبطالً<br />
ملخالفته النصوص الصرحية الصحيحة الظاهرة<br />
وأما القول َبلتفصيل فيجاب عنه أبن األصل التحرمي لظاهر النصوص وهو األوىل لفساد الزمان وكثرة الفنت<br />
ودرء املفسدة مقدم على جلب املصلحة وأما الضرورة فلها أحكامها اخلاصة.<br />
وأما القول جبواز سفرها <strong>يف</strong> وسائل النقل احلديثة كالطائرة بال حمرم لزوال العلة فيناقش أبن اخلوف على املرأة<br />
<strong>يف</strong> السفر، خيتلف َبختالف األحوال وال ميكن ضبطه فهو حكمة للنهي ال علة يناط هبا األحكام.<br />
والنهي عن سفر املرأة بال حمرم عام مطلق ومل يستفصل النيب من الرجل الذي قال له إن امرأته خرجت<br />
حاجة وأنه اكتتب <strong>يف</strong> غزوة كذا وكذا ومل يسأله عن حال امرأته أهي آمنة أم ال وهل معها نساء أم ال وهل<br />
)504(<br />
هي عجوز أو شابة فاألصل بقاء اللفظ على عمومه فالعربة بعموم اللفظ.<br />
وإذا كان حمرمها سريافقها إىل صالة املطار ويعود فليس مؤكداً أن الطائرة ستقلع <strong>يف</strong> املوعد احملدد فقد يعرض<br />
هلا ما يؤخرها وقد هتبط اضطرارايً <strong>يف</strong> بلد آخر ال حمرم هلا فيه واحملرم الذي سيستقبلها <strong>يف</strong> املطار اآلخر قد<br />
يعرض له ما مينعه من ذلك واملرأة إذا أركبت <strong>يف</strong> الطائرة وحنوها فإهنا ال تسلم من االختالط وقد جيلس جبوارها<br />
)505(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
من ال أمان له فيكون سفرها هذا طر يقاً إىل الزان وهللا تعاىل يقول: <br />
ومل يقل:<br />
وال تزنوا<br />
( 501 )<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )89/4( ، وكشف املبهم، للعدوي، ص)19( بتصرف.<br />
) 502 )كما سيأيت <strong>يف</strong> ص )159(.<br />
( 503 )<br />
( 504 )<br />
( 505 )<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر، للطحاوي )115/2(، بتصرف.<br />
ينظر: فتاوى الشيخ حممد العثيمني، إعداد أشرف عبداملقصود )845-844-591-590/2( بتصرف.<br />
سورة اإلسراء، اآلية<br />
.32
واخلوف من الفتنة والوقوع <strong>يف</strong> احملذور يرد على املرأة <strong>يف</strong> الطائرة كما يرد عليها <strong>يف</strong> غريها من وسائل النقل<br />
احلديثة فلو سلم كونه علة للنهي فإنه ال يزال موجوداً حىت مع تطور وسائل النقل بل هو <strong>يف</strong> هذا الزمان أشد<br />
لفساد أحوال كثري من الناس وكثرة الفنت واملغرايت. )506(<br />
وهبذا يتبني رجحان قول اجلمهور )القول األول( لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة، وتؤيده قواعد الشريعة <strong>يف</strong><br />
جلب املصاحل ودرء املفاسد ومحاية األعراض وتقتضيه السياسة الشرعية <strong>يف</strong> هذا الزمان .<br />
فأجازوا سفر املرأة بال<br />
وهناك صور استثناها بعض الفقهاء وخالفوا فيها قول اجلمهور )507(<br />
إىل جواز سفر<br />
حمرم ومن أمهها سفر املرأة ألداء فريضة احلج فقد ذهب مالك والشافعي )508(<br />
املرأة ألداء فريضة احلج بال حمرم إذا كانت أتمن على نفسها لرفقة نساء ثقات أو لكون<br />
وهو<br />
الطريق آمناً فيجوز حينئذ من غري نساء، وهبذا قال احلسن البصري واألوزاعي )509(<br />
مذهب الظاهرية )510( ،<br />
( 506 )<br />
( 507 )<br />
( 508 )<br />
بعدها(.<br />
املصدر السابق، بتصرف، وينظر: فتاوى ابن َبز، مجع الشويعر )335/8(، فتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش، )90/11-وما<br />
قال ابن رشد: "سبب اخلالف: معارضة األمر َبحلج والسفر إليه للنهي عن سفر املرأة ثالاثً إال مع ذي حمرم ... فمن غلب عموم<br />
األمر قال: تسافر للحج، وإن مل يكن معها ذو حمرم، ومن خصص العموم هبذا احلديث، أو رأى أنه من َبب تفسري االستطاعة قال: ال<br />
تسافر للحج إال مع ذي حمرم" ، بداية اجملتهد )106/2(.<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث التمهيد للمغراوي )9/8 وما<br />
بعدمها(، بداية اجملتهد ، البن رشد حتقيق عبداجمليد حليب )106/2-1(، حاشية الدسوقي على الشرح الكبري للدردير وهبامشه تقريرات<br />
عليش )9/2(، عقد اجلواهر الثمينة ، البن شاس، حتقيق حممد أبو األجفان وعبداحلفيظ منصور ، )380/1(، مواهب اجلليل،<br />
للحطاب )488/3(،<br />
( 509 )<br />
والوسيط، للغزايل )1178/2(، وشرح صحيح مسلم، للنووي )111/9( ، وروضة الطالبني ، للنووي )9/3(<br />
واجملموع ، للنووي )45/7(، وفتح الباري البن حجر )90/4( ومغين احملتاج ، للشربين )467/1( وسبل السالم ، للصنعاين، حتقيق<br />
حممد حالق )217-216/4(، والفروع البن مفلح، حتقيق الرتكي )245/5(.<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> ترتيب متهيد ابن عبدالرب )10/8( ، واملغين، البن قدامه )31/5( وقال ابن املنذر: "تركوا القول بظاهر احلديث<br />
واشرتط كل واحد منهم شرطاً ال حجة معه عليه"، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )243/5(، واألوزاعي<br />
هو: عبدالرمحن بن عمرو بن حيمد أبو عمر شيخ <strong>اإلسالم</strong> وعامل أهل الشام نسب إىل حملة األوزاع وهي العقيبة الصغرية ظاهر َبب<br />
الفراديس بدمشق كان يسكنها مث حتول إىل بريوت ومات هبا وقيل كان مولده ببعلبك ، حدث عن عطاء ومكحول وقتادة وانفع موىل<br />
ابن عمر وغريهم، وكان مولده <strong>يف</strong> حياة الصحابة، وروى عنه الزهري وهو من شيوخه وشعبة والثوري وغريهم، قال عبدالرزاق أول من<br />
صنف ابن جريج وصنف األوزاعي، وقد مجع األوزاعي العبادة والعلم والقول َبحلق وكان له مذهب مستقل مشهور عمل به فقهاء الشام<br />
مدة وفقهاء األندلس مث فين، وتو<strong>يف</strong> سنة سبع ومخسني ومائة وقيل إحدى ومخسني.<br />
ينظر: سري أعالم<br />
النبالء ، للذهيب ( 7<br />
/134-107(، واحلسن البصري تقدمت ترمجته ص<br />
.141<br />
( 510 )<br />
احمللى، البن حزم )50-46/7( قال –رمحه هللا- : "مسألة وأما املرأة اليت ال زوج هلا وال ذا حمرم حيج معها فإهنا حتج وال شيء<br />
عليها، فإن كان هلا زوج ففرض عليه أن حيج معها فإن مل <strong>يف</strong>عل فهو عاص هلل تعاىل وحتج هي دونه وليس له منعها من حج الفرض وله<br />
منعها من حج التطوع ... فكان هني املرأة عن السفر إال مع زوج أو<br />
=
وابن سريين )511( ، ورواية عن أمحد فقد سئل هل يكون الرجل حمرماً ألم امرأته؟ خيرجها إىل احلج؟<br />
فقال: "أما <strong>يف</strong> حج الفريضة فأرجو، ألهنا ترج إليه مع النساء ومع كل من أمنته، وأما <strong>يف</strong> غريها فال" )512(<br />
وقال النووي: "الصحيح <strong>يف</strong> مذهبنا، أنه جيوز هلا <strong>يف</strong> سفر حج الفرض أن ترج مع نسوة ثقات أو امرأة ثقة<br />
وال يشرتط احملرم وقال بعض أصحابنا: جيوز بغري نساء وال امرأة إذا كان الطريق آمناً" )513(<br />
واستدلوا مبا يلي :<br />
1- حديث عدي بن حام املتقدم، وفيه زايدة )<strong>يف</strong> غري جوار أحد(، قال عدي: "فرأيت الظعينة ترحتل من<br />
احلرية حىت تطوف َبلكعبة ال تاف إال هللا" )514( ، وهذا وإن كان إخباراً منه إال أنه <strong>يف</strong> سياق املدح<br />
ورفع منار <strong>اإلسالم</strong> فيحمل على اجلواز. )515(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
2-كما احتجوا بتعارض عموم قوله تعاىل: <br />
)516( <br />
قوله <br />
فهو عام <strong>يف</strong> الرجال والنساء، ومقتضاه أن االستطاعة شرط وجوب احلج وهو معارض بعموم<br />
: ))ال تسافر املرأة إال مع حمرم(( فهو عام <strong>يف</strong> كل سفر ويدخل فيه سفر احلج ،وقد رجح<br />
الشافعية تصيص عموم احلديث بعموم اآلية مبرجح خارجي وهو قوله ))ال متنعوا إماء هللا مساجد<br />
)517(<br />
هللا((<br />
)518(<br />
واملسجد احلرام من هذه املساجد.<br />
( 511 )<br />
=<br />
ذي حمرم عاماً لكل سفر فوجب استثناء ما جاء به النص من إجياب بعض األسفار عليها من مجلة النهي واحلج سفر واجب فوجب<br />
استثناء من مجلة النهي".<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد بن عبدالرب )10/8( واملغين، البن قدامة حتقيق الرتكي )30/5( والفروع، البن مفلح مع<br />
تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )243/5(، وابن سريين هو: أبو بكر األنصاري األنسي البصري موىل أنس بن<br />
مالك حممد بن سريين شيخ <strong>اإلسالم</strong> ولد لسنتني بقيتا من خالفة عمر ومسع أَب هريرة وعمران بن حصني وابن عباس ، روى عنه قتادة<br />
وأيوب وغريهم، وأدرك ابن سريين ثالثني صحابياً ، وكان حسن العلم َبلفرائض والقضاء واحلساب وتفسري األحالم. مات وهو ابن مثان<br />
وسبعني سنة وقيل عاش ن<strong>يف</strong>اً ومثانني سنة وذلك بعد احلسن البصري مبائة يوم سنة عشر ومائة. ينظر: سري أعالم النبالء ، للذهيب<br />
. )622-606/4(<br />
( 512 )<br />
( 513 )<br />
( 514 )<br />
( 515 )<br />
( 516 )<br />
( 517 )<br />
املغين ، البن قدامة ، حتقيق الرتكي )30/5( ، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )10/8(.<br />
اجملموع، للنووي )45/7 و<br />
تقدم ترجيه<br />
، )187/8<br />
وشرح صحيح مسلم، للنووي )111/9(، وتقدمت ترمجته ص<br />
.37<br />
، ص )151(<br />
وترمجة عدي ص )155(<br />
.<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )91/4( ، واملغين، البن قدامة، حتقيق الرتكي )32/5(.<br />
سورة آل عمران ، اآلية<br />
. 97<br />
( 518 )<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب اجلمعة َبب )13( ص )70( رقم )900(.<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )106/2(، وفتح الباري، البن حجر )91/4( واجملموع، للنووي )188/8( وسبل السالم،<br />
للصنعاين، حتقيق حممد حالق )217/4(، واملغين، البن قدامة، حتقيق الرتكي )32/5(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي<br />
وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )242/5(.
-4<br />
قال ابن حجر: "واستدل به على<br />
3- إذن عمر بن اخلطاب ألمهات املؤمنني َبحلج وقد تقدم ذكره. )519(<br />
جواز حج املرأة بغري حمرم، وإذا كان هذا <strong>يف</strong> التطوع فالفريضة أوىل" )520(<br />
حديث عائشة رضي هللا عنها قالت: "قلت اي رسول هللا أال نغزوا وجناهد معكم فقال: ))لكن أحسن<br />
اجلهاد وأمجله احلج حج مربور(( قالت عائشة: فال أدع احلج بعد إذ مسعت هذا من رسول هللا " )521(<br />
. قال ابن حجر: "واستدل حبديث عائشة هذا على جواز حج املرأة مع من تثق به ولو مل يكن زوجاً وال<br />
حمرماً" )522(<br />
-5<br />
-6<br />
القياس على املنقطعة عن رفقة السفر فيجوز هلا صحبة مأمون اتفاقاً فإذا كان خمصوصاً من عموم النهي<br />
فكذا حجة الفريضة. )523(<br />
قوله <strong>يف</strong> حديث ابن عباس املتقدم للرجل: ))اخرج معها(( فقد استنبط منه ابن حزم جواز سفر املرأة<br />
بغري زوج وال حمرم لكونه عليه السالم مل أيمر بردها والعاب سفرها )524(<br />
وقد أجيب عن هذه االستدالالت ، كما يلي :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
أما حديث عدي فتقدم اجلواب عنه. )525(<br />
وأما التعارض فقد رد ابن حجر على ذلك الرتجيح بقوله: "وليس ذلك جبيد لكونه عاماً <strong>يف</strong> املساجد<br />
فيخرج عنه املسجد الذي حيتاج إىل سفر أبحاديث النهي" )526(<br />
)527(<br />
وأما إذن عمر فتقدم اجلواب عنه.<br />
وأما ما ذكره ابن حجر <strong>يف</strong> حديث عائشة فغري مسلم به إال أن يثبت أهنا حجت دون أحد من إخواهنا<br />
أو حمارمها وهي مل ترج من مكة إىل التنعيم لإلتيان بعمرة إال مع أخيها وليس بني التنعيم ومكة سوى<br />
)528(<br />
أميال.<br />
) 519 ( <strong>يف</strong> ص .)151(<br />
( 520 )<br />
( 521 )<br />
( 522 )<br />
( 523 )<br />
املصدر السابق )87/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 24<br />
( 524 )<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب جزاء العيد، َبب حج النساء ص)146-145( رقم )1861(.<br />
فتح الباري )89/4(.<br />
ينظر: مواهب اجلليل، للحطاب )490-489/3(، وفتح الباري )90/4(، وروضة الطالبني، للنووي )9/3(، بتصرف.<br />
ينظر احمللى، البن حزم )50-46/7 وما بعدها(، فتح الباري، البن حجر )92/4( والفروع، البن مفلح مع التصحيح للمرداوي<br />
وحاشية ابن قندس )244/5(، بتصرف .<br />
) 525 ( <strong>يف</strong> ص )156( .<br />
( 526 )<br />
فتح الباري، )91/4( ، وينظر: سبل السالم، للصنعاين )217/4(، واملغين، البن قدامة )32/5(.<br />
) 527 ( <strong>يف</strong> ص .)156(<br />
( 528 )<br />
ينظر: أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية، للحريري <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، عدد 50 ص135-134، بتصرف.
-5<br />
-6<br />
وأجيب عن استدالهلم َبلقياس أبنه مع الفارق فاملنقطعة <strong>يف</strong> سفر ضرورة فال يقاس عليه حالة االختيار<br />
وألهنا تدفع ضرراً متيقناً بتحمل ضرر متوهم والسفر للحج ليس كذلك )529(<br />
وتعقب استنباط ابن حزم أبنه لو مل يكن ذلك شرطاً ملا أمر زوجها َبلسفر معها وتركه الغزو الذي<br />
اكتتب فيه، وال سيما وقد ورد بلفظ ))فقال رجل اي رسول هللا إين نذرت أن أخرج <strong>يف</strong> جيش كذا وكذا((<br />
)530(<br />
فلو مل يكن شرطاً ما رخص له <strong>يف</strong> ترك النذر<br />
وهبذا يتبني بطالن هذا االستثناء ورجحان قول اجلمهور بتحرمي سفر املرأة بال حمرم مطلقاً لقوة أدلتهم السابقة<br />
وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة خمالفيهم ويؤيد ذلك فيما يتعلق بسفرها للحج ما يلي :<br />
1- حديث ابن عباس السابق وفيه قال : ))ارجع فحج مع امرأتك(( فأمره برتك اجلهاد والذهاب مع<br />
امرأته للحج وهذا يؤكد أمر احملرم <strong>يف</strong> احلج وغريه من َبب أوىل. )531(<br />
ومل يستفصل النيب عن حال املرأة وترك االستفصال <strong>يف</strong> مقام االحتمال ينزل منزلة العموم <strong>يف</strong> املقال وال<br />
جيوز أتخري البيان عن وقت احلاجة كما يقول أهل األصول.<br />
)532( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
2- قوله تعاىل: <br />
)533(<br />
والسبيل عام يدخل فيه احملرم، فمن ال حمرم هلا ال جيب عليها احلج لفقد شرط االستطاعة.<br />
وهبذا يتبني أن القائلني َبملنع حججهم أقوى والعمل هبا أسلم وأجنى وأحوط وأتقى، وإذا كان هذا <strong>يف</strong> عموم<br />
سفر املرأة ففي سفرها للسياحة من َبب أوىل؛ لكثرة الفنت واملفاسد <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong> الرتفيهية وهللا تعاىل ملا<br />
أذن للنساء املسلمات أن خيرجن من بيوهتن حلاجتهن أمرهن أن يلتزمن حدوده <strong>يف</strong> هذا اخلروج أبن ال خيرجن<br />
متربجات وال متزينات وال متعطرات وال يغشني جمامع الرجال وال يتواجدن <strong>يف</strong> أماكن تكثر فيها املنكرات،<br />
واألماكن السياحية <strong>يف</strong> هذا الزمان تكثر فيها املنكرات وحيصل فيها من االختالط واالبتذال وقلة احلياء<br />
الشيء الكثري مما ال يقره دين وال خلق وال يرضاه غيور حملارمه فإذا كان هذا حال أكثر األماكن السياحية مع<br />
كثرة املرتبصني من الفساق بنساء املؤمنني فإن منعها من اخلروج للسياحة أبلغ وأشد بل هو حمل اتفاق بني<br />
الفقهاء فإهنم إمنا اختلفوا <strong>يف</strong> خروجها لسفر الفريضة مع اتفاقهم على حرمة خروجها لغريه من األسفار إال<br />
( 529 )<br />
( 530 )<br />
( 531 )<br />
( 532 )<br />
( 533 )<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )90/4( بتصرف، واملغين البن قدامة )32/5(.<br />
ينظر: املصدر السابق، ص92 والفروع البن مفلح )244/5(، بتصرف.<br />
ينظر: كشف املبهم ، للعدوي، ص20، بتصرف.<br />
سورة آل عمران، اآلية )97(.<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد، للمغراوي )9/8 وما بعدها(، وحاشية ابن قاسم على الروض<br />
املربع )524/3(، وفتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش، )90/11(، بتصرف، وكشف املبهم للعدوي )ص20( ، قال ابن عبدالرب:<br />
"وممن ذهب إىل هذا إبراهيم النخعي واحلسن البصري وأبو حن<strong>يف</strong>ة وأمحد وإسحاق وأبو ثور"
مبحرم كما تقدم وسفر <strong>السياحة</strong> أقل حاجة بل هو من الكماليات والتحسينيات فال جيوز هلا اخلروج <strong>يف</strong> سفر<br />
<strong>السياحة</strong> إال مبحرم أو زوج.<br />
إال أنه يستثىن من عموم التحرمي حاالت الضرورة كاهلجرة من دار احلرب واملنقطعة عن الرفقة <strong>يف</strong> الطريق<br />
واألسرية وحنو ذلك فللضرورة أحكامها. )534(<br />
( 534 )<br />
ينظر: حاشية ابن قاسم على الروض املربع )524/3(.
املطلب الثالث<br />
سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها
املطلب الثالث: سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها :<br />
انتشر <strong>يف</strong> هذا الزمان ما يسمى َبلسياحة الدولية لتوثيق روابط الصداقة والتعاون بني دول العامل <strong>يف</strong> هذا العصر<br />
املليء َبملتغريات ومن أهم القضااي املتصلة بذلك ما يتعلق بسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد املسلمني وفتح منافذها<br />
ألفواج من السياح من شىت الدايانت والبلدان لزايرة األماكن التارخيية العريقة، واملناطق السياحية ذات الطبيعة<br />
اخلالبة <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> ، فما احلكم الشرعي ملثل هذه الظاهرة اليت عمت هبا البلوى؟<br />
قبل اخلوض <strong>يف</strong> تفاصيل هذه املسألة حيسن بيان أقسام الكفار كما أييت:<br />
املسألة األوىل: أقسام الكفار :<br />
ال شك أن الكفر ملل شىت، ولكن ينقسم الكفار َبلنظر إىل عصمتهم وطبيعة العالقة بينهم وبني املسلمني<br />
إىل أربعة أقسام أو أصناف:<br />
القسم األول: أهل احلرب أو احلربيون<br />
وهم: )الذين مل يدخلوا <strong>يف</strong> عقد الذمة، وال يتمتعون أبمان املسلمني وال عهدهم( )535(<br />
القسم الثاين: أهل الذمة: )هم الذين أقروا <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> على كفرهم َبلتزام اجلزية ونفوذ أحكام <strong>اإلسالم</strong><br />
)536(<br />
فيهم(<br />
القسم الثالث: أهل العهد: )هم الذين صاحلهم إمام املسلمني على إهناء احلرب مدة معلومة ملصلحة<br />
يراها( )537(<br />
( 535 )<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية، )104/7(، وشرح فتح القدير للكمال بن اهلمام، )270/5-وما بعدها(، وبدائع الصنائع،<br />
للكاساين )169/7(، وحاشية ابن عابدين )215/6( ، والكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )66/1( ومواهب اجلليل، للحطاب )596/4(، عقد<br />
اجلواهر الثمينة البن شاس )479/1( واألم، للشافعي )238/4( ومغين احملتاج، للشربيين )239-209/4(، روضة الطالبني، للنووي<br />
)204/10( تكملة اجملموع، للنووي، للمطيعي )117/21(، واملغين )31/13(، وكشاف القناع، للبهويت )1265/2<br />
وأحكام أهل الذمة، البن القيم، حتقيق البكري والعاروري )873/2(، وحاشية ابن قاسم )302/4(، بتصرف.<br />
)1333<br />
–<br />
( 536 )<br />
( 537 )<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
ينظر: املصادر السابقة، وقال ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )873/2( ما نصه: "الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد وأهل العهد<br />
ثالثة أصناف: ]1-[ أهل ذمة ]2-[ وأهل هدنة ]3-[ وأهل أمان<br />
،<br />
وقد عقد الفقهاء لكل صنف َبَبً، فقالوا: َبب اهلدنة ، َبب<br />
األمان َبب عقد الذمة ولفظ "الذمة والعهد" يتناول هؤالء كلهم <strong>يف</strong> األصل وكذلك لفظ "الصلح" فإن الذمة من جنس لفظ العهد<br />
= والعقد.<br />
=<br />
وقوهلم: "هذا <strong>يف</strong> ذمة فالن" أصله من هذا: أي <strong>يف</strong> عهده وعقده ، أي فألزمه َبلعقد وامليثاق، مث صار يستعمل <strong>يف</strong> كل ما ميكن أخذ<br />
احلق من جهته، سواء وجب بعقده أو بغري عقده... وهكذا لفظ "الصلح عام <strong>يف</strong> كل صلح، وهو يتناول صلح املسلمني بعضهم مع<br />
بعض، وصلحهم مع الكفار، ولكن صار <strong>يف</strong> اصطالح كثري من الفقهاء "أهل الذمة" عبارة عمن يؤدي اجلزية، وهؤالء هلم ذمة مؤبدة<br />
وهؤالء قد عاهدوا املسلمني على أن جيري عليهم حكم هللا ورسوله إذا هم مقيمون <strong>يف</strong> الدار اليت جيري فيها حكم هللا ورسوله خبالف أهل<br />
اهلدنة فإهنم صاحلوا املسلمني على أن يكونوا <strong>يف</strong> دارهم سواء كان الصلح على مال أو غري مال، ال جتري عليهم أحكام <strong>اإلسالم</strong> كما<br />
جتري على أهل الذمة لكن عليهم الكف عن حماربة املسلمني وهؤالء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل اهلدنة" ، وقد أمر هللا َبلوفاء
القسم الرابع: املستأمنون: )واملستأمن <strong>يف</strong> األصل: الطالب لألمان وهو الكافر يدخل دار <strong>اإلسالم</strong> أبمان( )538(<br />
من غري استيطان هلا ومنهم الرسل والتجار واملستجريون.<br />
فأهل الذمة بينهم وبني املسلمني عهد خمصوص إبقرارهم <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> بعد الفتح مقابل التزامهم َبجلزية<br />
ونفاذ أحكام <strong>اإلسالم</strong> فيهم مع بقائهم على دينهم.<br />
واملستأمن بينه وبني املسلمني عهد خمصوص بدخوله دار <strong>اإلسالم</strong> أبمان، فاألمان ألهل الذمة مؤبد،<br />
وللمستأمنني مؤقت.<br />
أما املعاهد فهو أعم، فالعهد هو الصلح أو اهلدنة أو املساملة أو املوادعة وتفاصيله تتلف َبختالف األحوال<br />
واملصاحل فالذمي واملستأمن معاهد خمصوص، أما املعاهد فهو أعم إذ ال يلزم أن يكون ذمياً وال مستأمناً<br />
وعصمته َبقية مع وجوده خارج داير املسلمني )539(<br />
ولكن حيث إن هذه املسألة متعلقة بدخول الكفار إىل بالد املسلمني وسياحتهم فيها فالذي يهمنا من هذه<br />
األصناف ثالثة:<br />
احلربيون .<br />
-1 املستأمنون .<br />
-2 -3<br />
أهل الذمة .<br />
فأما احلربيون فدخوهلم إىل بالد املسلمني ال خيلو من حالني :<br />
األوىل: أن يكون بغري أمان<br />
َبلعهد وإمتام مدته <strong>يف</strong> قوله سبحانه:<br />
<br />
<br />
ووصف من نقضه َبخلسران <strong>يف</strong> قوله:<br />
<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
والفرق بني عقد الذمة وعقد اهلدنة:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
( 538 )<br />
احلرب.<br />
أن عقد الذمة مؤبد، أما اهلدنة فبحسب اجتهاد اإلمام املصلحي.<br />
أن عقد الذمة ال جيوز بدون عوض )وهو دفع اجلزية( خبالف عقد اهلدنة.<br />
أن عقد الذمة من شروطه االلتزام أبحكام <strong>اإلسالم</strong> العامة خبالف اهلدنة.<br />
أن أهل الذمة إقامتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> مؤبدة خبالف أهل اهلدنة.<br />
يلتزم املسلمون الدفاع عن أهل الذمة من كل معتد أما أهل اهلدنة فيحمون من اعتداء املسلمني وأهل الذمة عليهم دون أهل<br />
ينظر: اختالف الدارين وآاثره، د/عبد العزيز األمحدي، ص )269(.<br />
ينظر: املصادر السابقة ص<br />
.)358/10(<br />
( 539 )<br />
164، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي حتقيق الرتكي<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )121-120/7(، بتصرف .
الثانية: أن يكون أبمان<br />
وقد قرر عامة الفقهاء حترمي دخول احلريب إىل بالد املسلمني إال حلاجة وال يدخل إال أبمان، ألنه ال يؤمن أن<br />
يدخل جاسوساً، أو متلصصاً، أو لشراء سالح وحنو ذلك مما فيه ضرر على املسلمني. )540(<br />
وقال احلنفية: إن ادعى األمان ال يصدق فيه، بل يطالب ببينة )541(<br />
وقال املالكية: إن قال: جئت أطلب األمان منكم، أو أخذ أبرضنا ومعه جتارة وقال ظننتكم ال تتعرضون<br />
لتاجر أو أخذ على احلدود وقال حنو ذلك فريد ملأمنه <strong>يف</strong> هذه احلاالت ما مل توجد قرينة على كذبه. )542(<br />
وقال الشافعية: إن قال: دخلت لسماع كالم هللا تعاىل أو دخلت رسوالً. سواء أكان معه كتاب أو ال، أو<br />
قال: دخلت أبمان مسلم صدق ومل يتعرض له الحتمال ما يدعيه، وقصد ذلك يؤمنه من غري احتياج إىل<br />
أتمني. )543(<br />
وقال احلنابلة حنواً من هذا فإن صدقته عادة كدخول جتارهم إلينا وحنوه فيكون شبهة <strong>يف</strong> درء القتل عنه )544(<br />
فاألحناف يطالبون َبلبينة، إلمكاهنا غالباً، وألن الثابت َبلبينة كالثابت َبملعاينة. )545(<br />
واجلمهور على درء القتل عنه َبلقرائن السابق ذكرها ما مل يتبني كذبه، وعلل الشافعية أبن قصده لسماع<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كالم هللا يؤمنه )546 ) كما قال تعاىل: <br />
)547(<br />
ُ <br />
<br />
<br />
<br />
( 540 )<br />
( 541 )<br />
( 542 )<br />
( 543 )<br />
( 544 )<br />
( 545 )<br />
ينظر: شرح فتح القدير، لكمال بن اهلمام )270/5(، حاشية ابن عابدين )278/6( ، شرح السري الكبري للسرخسي )1541/4-<br />
1542( ، بدائع الصنائع، الكاساين )176/7(، الكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )484-481/1(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس<br />
)487/1(، مواهب اجلليل، للحطاب )562/4(، حاشية الدسوقي )201/2( التاج واإلكليل ، للمواق )595/4(، وشرح خمتصر<br />
خليل، للخرشي )145/3(، األم، للشافعي )204/4( اجملموع شرح املهذب، للنووي، حتقيق املطيعي )267/21( وروضة الطالبني،<br />
للنووي )308/10(، واملغين، البن قدامة )244/13( ومنتهى اإلرادات، للفتوحي، حتقيق الرتكي )245/2(، كشاف القناع، للبهويت<br />
)1367/2(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي، حتقيق الرتكي )361-358/10(، واملوسوعة<br />
الفقهية الكويتية )107-106/7(، بتصرف.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )308/1(، حاشية ابن عابدين )295/6( شرح فتح القدير، البن اهلمام )266/5(، بدائع<br />
الصنائع، للكاساين )173/7(.<br />
ينظر: الكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )468/1(، مواهب اجلليل، للحطاب )562/4(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )479/1(.<br />
ينظر: األم، للشافعي )248-188/4(، روضة الطالبني، للنووي )319/10(، مغين احملتاج، للشربيين )236/4(، تكملة اجملموع،<br />
للنووي، للمطيعي )254-115/21( و<strong>يف</strong> املوسوعة الكويتية )17/7(: )واللجنة ترى أن هذا األمر من اخلطورة مبكان، وال بد من<br />
التثبت من صدق ادعائه(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )236/13( منتهى اإلرادات للفتوحي )234/2( وكشاف القناع، للبهويت )1333/2( واملقنع مع الشرح<br />
الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي حتقيق الرتكي )361-358/10(.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )308/1(، شرح فتح القدير، البن اهلمام )266/5(، بدائع الصنائع، للكاساين )173/7(،<br />
حاشية ابن عابدين )295/6(، واملوسوعة الكويتية )107/7(، بتصرف.
وعلل احلنابلة أبن ما ادعاه ممكن ويتعذر إقامة البينة عليه فال يتعرض له ، وجلراين العادة جمرى الشرط.<br />
فيصدق إن كان معه جتارة يتجر هبا، ألهنا ال حتصل بغري مال، ويصدق <strong>يف</strong> دعوى الرسالة إن كانت معه .<br />
أما إن قال أمنين مسلم ففيه وجهان :<br />
األول: يقبل تغليباً حلقن دمه كالرسول والتاجر .<br />
والثاين: ال يقبل، إلمكان النية .<br />
فإن قال مسلم: أان أمنته قبل قوله ألنه ميلك ذلك فقبل قوله فيه. )548(<br />
ولعل األقرب ما ذهب إليه األحناف إلمكان إقامة البينة <strong>يف</strong> هذا الزمان، وملا <strong>يف</strong> التساهل <strong>يف</strong> هذا األمر من<br />
خطورة على <strong>اإلسالم</strong> وأهله )549(<br />
وأما املستأمن والذمي فتنقسم سياحتهم <strong>يف</strong> بالد املسلمني حبسب أمهيتها وقدسيتها إىل ثالثة أقسام:<br />
األول: املساجد واألماكن املقدسة.<br />
الثاين: جزيرة العرب.<br />
الثالث: ما عدا ذلك من داير املسلمني.<br />
وسيتم تناول هذه األقسام <strong>يف</strong> املسائل التالية بعون هللا تعاىل .<br />
املسألة الثانية: سياحة الكفار <strong>يف</strong> املساجد واألماكن املقدسة :<br />
للمساجد حرمتها <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> ومكانتها العظيمة <strong>يف</strong> قلوب املؤمنني وللحرمني الشر<strong>يف</strong>ني املنزلة الرفيعة السامية،<br />
وقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حكم دخول الكفار هلذه األماكن املقدسة الشر<strong>يف</strong>ة وبيان ذلك على النحو التايل :<br />
أوالً: حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> احلرم املكي ودخول املسجد احلرام :<br />
سبب اخلالف <strong>يف</strong> املسألة :<br />
( 546 )<br />
( 547 )<br />
( 548 )<br />
( 549 )<br />
ينظر: األم، للشافعي )188/4(، روضة الطالبني، للنووي )279-319/10(، مغين احملتاج، للشربيين )236/4(، تكملة اجملموع<br />
للنووي، للمطيعي )254-115/21(، كشاف القناع، للبهويت )1336/2(.<br />
سورة التوبة، اآلية )6(.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )360/1( روضة الطالبني، للنووي )279/10( مغين احملتاج، للشربيين، )237/4( املغين،<br />
البن قدامة )236/13(، كشاف القناع، للبهويت )1336/2(، منتهى اإلرادات ، للفتوحي )235/2( ، واملقنع مع الشرح الكبري<br />
واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )361-358/10(.<br />
والنظام <strong>يف</strong> هذا العصر يضبط دخول وخروج كل شخص جبوازات وأوراق رمسية وقد حيصل شيء من الدخول غري النظامي والتسلل<br />
خفية لكنه اندر.
هو اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> فهم النصوص ال سيما آية التوبة فنمهم من نظر إىل ظاهر اآلية ومنطوقها فمنع<br />
ذلك ومنهم من نظر إىل سبب النزول وأن القصد هو عدم متكني الكفار من احلج ال منعهم من دخول<br />
احلرم، كما اختلفوا <strong>يف</strong> املراد َبملشركني <strong>يف</strong> اآلية فمنهم من عمم مجيع الكفار َبملنع ومنهم من خص ذلك<br />
بعبدة األواثن الختصاصهم بوصف الشرك دون أهل الكتاب. )550(<br />
حترير حمل النزاع:<br />
اتفق الفقهاء على منع الكفار من السكن واإلقامة <strong>يف</strong> احلرم <br />
لقوله سبحانه: <br />
)551(<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> اجتيازه<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)552(<br />
بصورة مؤقتة وذلك على أقوال :<br />
القول األول: املنع من ذلك مطلقاً :<br />
وقال به بعض املالكية وهو قول الشافعية واملذهب عند احلنابلة والظاهرية. )553(<br />
القول الثاين: جواز دخول الذمي:<br />
وقال به احلنفية و<strong>يف</strong> رواية للحنفية:أن مجيع الكفار ال مينعون ، بل حىت لو دخله حريب ال يقتل، ألمانه<br />
بدخول احلرم )554(<br />
القول الثالث: جواز دخوهلم للحرم إبذن اإلمام أو أبمان أما املسجد احلرام فيمنعون منه.<br />
( 550 )<br />
( 551 )<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، عبدهللا بن حممد األمني الشنقيطي، ص)27(، بتصرف.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.28<br />
( 552 )<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )88/3( شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي )327/3( شرح السري الكبري )134/1( ، شرح فتح القدير<br />
للكمال )497/8( حاشية ابن عابدين )337-332/6(، أحكام القرآن، للقرطيب )104/4(، والبن العريب )913/2(، األم، لشافعي<br />
)178/4( وتكملة اجملموع للنووي ، للمطيعي )244/21( وروضة الطالبني ، للنووي )308/10( ، املغين، البن قدامة )245/13(،<br />
منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي، حتقيق الرتكي )245/2( وكشاف القناع للبهويت )1365/2( واملوسوعة الفقهية الكويتية<br />
)188/17( ، بتصرف.<br />
( 553 )<br />
( 554 )<br />
ينظر : أحكام القرآن، البن العريب )914/2(، وللقرطيب )105/4(، وأحكام القرآن، للشافعي )84/1( واألم ، للشافعي<br />
)177/4( واجملموع ، للنووي تكملة املطيعي )247/21(، وروضة الطالبني ، للنووي )309/10(، وتفسري ابن كثري )429/2(،<br />
واملغين، البن قدامة )245/13(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )342/10(، ومنتهى<br />
اإلرادات للفتوحي )245/2(، وكشاف القناع ، للبهويت )1365/2( واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وَشس الدين أيب<br />
الفرج ابن قدامه واملرداوي، حتقيق الرتكي )466/10( واحمللى، البن حزم )243/4( وقد خص الشافعي وابن حزم املنع َبملسجد احلرام<br />
دون غريه كما سيأيت بيان ذلك.<br />
ينظر: أحكم القرآن للجصاص )88/3(، شرح السري الكبري، للشيباين، إمالء السرخي )134/1(، شرح فتح القدير للكمال بن<br />
اهلمام )497/8(، حاشية ابن عابدين )337-332/6(.
وقال به املالكية وهو احتمال عند احلنابلة )555(<br />
<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول بعموم قول هللا تعاىل: <br />
<br />
<br />
)556(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ووجه الداللة :<br />
أن النهي عن قرب املسجد احلرام صريح <strong>يف</strong> حترمي دخوله، ومنع من دخول حرمه، ألن حرمه هو قربه، واملسجد<br />
احلرام يطلق على احلرمكله ، وقد علل منعهم من دخول املسجد احلرام َبتصافهم َبلنجاسة، واملساجد مأمور<br />
بتطهريها من سائر النجاسات ومن مجيع القاذورات.<br />
وإذا كان املسلم اجلنب مينع من املكث <strong>يف</strong> املسجد مع أن املسلم ال ينجس حياً وال ميتاً فمن َبب أوىل<br />
الكافر النجس، فاهلل تعاىل يقول: <br />
)557( <br />
<br />
-1<br />
وهذا يشمل النجاسات احلسية واملعنوية، والكافر<br />
ال خيلوا عن جنابة ألنه ال يغتسل اغتساالً خيرجه عنها. )558(<br />
كما استدل أصحاب هذا القول َبآلايت واألحاديث املتوافرة <strong>يف</strong> النهي عن دخول الكفار للمساجد عموماً،<br />
فاملسجد احلرام من َبب أوىل وسيأيت بيان تلك األدلة. )559(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />
اآلية السابقة :<br />
( 555 )<br />
( 556 )<br />
ينظر: أحكام القرآن للقرطيب )104/4(، واحملرر الوجيز البن عطية )454/6( والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن<br />
قندس حتقيق الرتكي )342/10(، كشاف القناع، للبهويت )1365/2(.<br />
سورة التوبة ، اآلية<br />
.28<br />
( 557 )<br />
( 558 )<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(، واحملرر الوجيز، البن عطية )453/6( وتفسري ابن كثري )429/2(<br />
وتكملة اجملموع )247/21( واملغين ، البن قدامه )245/13( وكشاف القناع ، للبهويت )1365/2(.<br />
ينظر: شرح فتح القدير البن اهلمام )497/8(، وقال : "ال يذهب عليك أن هذا الدليل لو م لدل على أن ال يدخل الكافر شيئاً<br />
من املساجد ومذهب الشافعي أنه ال جيوز دخول الكافر املسجد احلرام دون سائر املساجد فلم= يكن هذا الدليل مالئماً ملذهبه وإمنا<br />
=<br />
( 559 )<br />
كان مناسباً ملذهب مالك كما ال خ<strong>يف</strong>ى" وسيأيت بيان حكم دخول الكافر سائر املساجد <strong>يف</strong> مسألة اتلية إبذن هللا تعاىل، وينظر: أحكام<br />
القرآن ، البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(.<br />
<strong>يف</strong> ص )188( ألن املسجد احلرام أفضل أماكن العبادات للمسلمني وأعظمها وألنه حمل النسك فوجب أن مينع من دخوله غري<br />
املسلمني وألهنم أخرجوا النيب منه بغري حق فعوقبوا َبملنع من دخوله بكل حال، ينظر: املبدع )423/3(، وأسىن املطالب<br />
.)214/4(
قالوا: فالنهي وارد على املنع من دخول مكة للحج خاصة دون غريه بدليل حديث أيب هريرة <br />
حني أذن <strong>يف</strong> الناس يوم النحر: "ال حيج بعد العام مشرك وال يطوف َبلبيت عراين" )560(<br />
<br />
<br />
وبدليل قوله سبحانه: <br />
فتقييد النهي به يدل على اختصاص املنهي عنه<br />
بوقت من أوقات العام، أي ال حيجوا وال يعتمروا بعد حج عامهم هذا، وبدليل قوله سبحانه: <br />
)561(<br />
<br />
وإمنا كان خوف العيلة بسبب منع<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
املشركني من احلج وقد كانوا يغنون املسلمني بتجارهتم <strong>يف</strong> موسم احلج. )562(<br />
2- أن املراد َبآلية هم املشركون دون أهل الذمة للتفريق بينهم ،كما <strong>يف</strong> قوله تعاىل: <br />
)563(<br />
<br />
<br />
، فهم أهل كتاب<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وليسوا مشركني أصالً والنهي خاص َبملشركني ألهنم مل تكن هلم ذمة، وال يقبل منهم إال <strong>اإلسالم</strong> أو<br />
الس<strong>يف</strong>.<br />
وعلى هذا فآية التوبة عند أيب حن<strong>يف</strong>ة خاصة َبملسجد احلرام وعبدة األواثن فيجوز عنده دخول<br />
اليهود والنصارى للمسجد احلرام، ودخول عبدة األواثن ملا عداه من احلرم. )564(<br />
)565( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومما يؤيد هذا التفريق قوله تعاىل <br />
فإنه ملا منع املشركون من احلج انقطع عن املسلمني ما كان جيلبه املشركون إليهم من املرية، فأعاضهم<br />
)566(<br />
هللا َبجلزية فكأن اآلية نبهت على دخول الكتايب للحرم عوضاً عن املشركني من عباد األواثن.<br />
)567(<br />
قول جابر بن عبدهللا <strong>يف</strong> اآلية: "إال أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة"<br />
)568(<br />
جواز دخول العبيد وأهل الذمة إىل املسجد احلرام.<br />
فدل على<br />
-3<br />
( 560 )<br />
( 561 )<br />
( 562 )<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلزية، َبب ك<strong>يف</strong> ينبذ إىل أهل العهد )ص257( رقم )3177(.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.28<br />
( 563 )<br />
( 564 )<br />
( 565 )<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )88/3( ، بدائع الصنائع، للكاساين )215/5( قال: "ومعلوم أن خوف العيلة إمنا يتحقق مبنعهم<br />
عن دخول مكة ال عن دخول املسجد احلرام نفسه ألهنم إذا دخلوا مكة ومل يدخلوا املسجد احلرام ال يتحقق خوف العيلة... إال أنه<br />
سبحانه وتعاىل ذكر املسجد احلرام ملا كان املقصد من إتيان مكة البيت والبيت <strong>يف</strong> املسجد" وأحكام القرآن، للقرطيب )105/4(، واحملرر<br />
الوجيز )454/6( وروح املعاين، لأللوسي )270/5( والدرر املنثور، للسيوطي )306/7( وفتح الباري، البن حجر )174/8(.<br />
سورة احلج، اآلية<br />
.17<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )88/3(، واحملرر الوجيز ، البن عطية )452/6(.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.28<br />
( 566 )<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم، حتقيق البكري والعاروري )400/1(، بتصرف.
وعن جابر مرفوعاً: "ال يدخل املسجد احلرام مشرك بعد عامي هذا أبداً إال أهل العهد أو<br />
خدمهم" )569(<br />
فدل على جواز دخول بعض الكفار <strong>يف</strong> املسجد احلرام. )570(<br />
قياس دخول الكفار ملكة على دخوهلم مسجد رسول هللا كما <strong>يف</strong> قصة أيب سفيان ومثامة<br />
)571(<br />
احلنفي، ووفد ثق<strong>يف</strong><br />
-4<br />
-5<br />
)وألن اخلبث <strong>يف</strong> اعتقادهم فال يؤدي إىل تلويث املسجد( )572(<br />
واستدل أصحاب القول الثالث َبآلية السابقة أيضاً ووجه الداللة: أن النهي عن قرب املسجد احلرام يتناول<br />
البيت احلرام وما حوله من املسجد دون بقية احلرم.<br />
واآلية نصت على منع دخول املشركني للمسجد احلرام ويقاس سائر الكفار من أهل الكتاب وغريهم على<br />
املشركني وتقاس سائر املساجد على املسجد احلرام )573(<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
( 567 )<br />
( 568 )<br />
( 569 )<br />
( 570 )<br />
( 571 )<br />
أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه، َبب ال بدخل احلرم مشرك )53/6(، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )305/7(، وابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه<br />
)108/10( ، وابن أيب حام )1775/6( وابن املنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر، ينظر: تفسري ابن كثري )429/2(، مث قال:<br />
"تفرد به أمحد مرفوعاً واملوقوف أصح إسناداً" و<strong>يف</strong> قول احلافظ رمحه هللا ما يشعر بعدم صحة املرفوع.<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، )ص<br />
.)21<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )392-339/3( ، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )305/7( .<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص20<br />
، بتصرف.<br />
( 572 )<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للشيباين إمالء السرخسي )134/1(، شرح فتح القدير، البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع للكاساين<br />
)215/5( أحكام أهل الذمة، البن القيم، )398/1( ، بتصرف ومثامة هو: ابن ااثل بن النعمان بن سلمة بن عتيبة احلنفي اليمامي،<br />
ثبت على إسالمه ملا ارتد أهل اليمامة وارحتل هو ومن أطاعه من قومه فلحقوا َبلعالء بن احلضرمي فقاتل معه املرتدين من أهل البحرين<br />
فلما ظفروا اشرتى مثامة حلة كانت لكبريهم فرآها عليه انس من بين قيس بن ثعلبة فظنوه قاتله وسالبه فقتلوه و<strong>يف</strong> البخاري قصة إسالمه<br />
وربط النيب له <strong>يف</strong> املسجد مث رجوعه لليمامة ومنعه املرية عن قريش، ينظر: اإلصابة، البن حجر )211/2-1(،وسيأيت تريج األحاديث<br />
ص186و188<br />
قال <strong>يف</strong> شرح فتح القدير: )497/8( : قال بعض املتأخرين: "ظاهرة أن هذا دليل آخر وال وجه له فحق التعبري حذف حرف التعليل<br />
ليكون إشارة إىل أن يقال ك<strong>يف</strong> أنزهلم <strong>يف</strong> مسجده وقد وصفهم هللا بكوهنم أجناساً.. أقول: ليس ذاك بشيء إذ ال شك <strong>يف</strong> صحة أن<br />
يكون هذا دليالً آخر عقلياً لنا فإن اخلبث إذا كان <strong>يف</strong> اعتقادهم ال يؤدي إىل تلويث املسجد فال يكون <strong>يف</strong> دخوهلم املسجد أبس ال<br />
حمالة... وكونه دليالً مستقالً على أصول املدعى ال ينا<strong>يف</strong> أن يتضمن اجلواب – أي عن االعرتاض السابق<br />
–<br />
( 573 )<br />
كثرياً علة النص دليالً مستقالً عقلياً على أصل املسألة إفادة للفائدتني معاً وما حنن فيه أيضاً من ذلك القبيل".<br />
وينظر: بدائع الصنائع ، للكاساين )215/5(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )23/6(.<br />
ومن عادة املصنف أنه جيعل<br />
ينظر: أحكام القرآن للقرطيب، )105-104/4( وأحكام القرآن البن العريب )913/2(، احملرر الوجيز، البن عطية )452/6(<br />
وأحكام أهل الذمة ، البن القيم )400/1(.
نوقش استدالل أصحاب القول األول َبآلية أبهنا حممولة على احلضور استيالء واستعالء أو طائفني عراة كما<br />
كانت عادهتم <strong>يف</strong> اجلاهلية، وأبن النهي املراد به النهي عن متكينهم من<br />
احلج والعمرة بدليل تقييد النهي بقوله:<br />
مما يدل على اختصاص املنهي عنه بوقت من أوقات العام.<br />
)574(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وميكن اجلواب عن أدلة القول الثاين مبا يلي :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
أن املنع من القرب مطلق يشمل القرب للحج ولغريه، وتصيص احلج َبلذكر لئال يتوهم السامع<br />
تصيص املنع َبلدخول للتجارة وغريها واستثناء احلج من ذلك، فاآلية جاءت للمنع من دخول<br />
املشركني للمسجد احلرام مطلقاً حلج أو غريه وهي صرحية <strong>يف</strong> املنع ولو مل يقصدوا احلج ولكن ملا كان<br />
احلج هو املقصود األعظم صرح هلم َبملنع فيكون ما وراءه أوىل َبملنع. )575(<br />
أن النهي ظاهره العموم لكل وقت، والتخصيص ال بد له من دليل. )576(<br />
أن أهل الذمة وإن كان أصل دينهم التوحيد وأهنم ليسوا مشركني <strong>يف</strong> األصل بل الشرك طارئ عليهم<br />
إال أهنم من املشركني َبعتبار ما عرض هلم ال َبعتبار أصل الدين، فإن قدر أهنم مل يدخلوا <strong>يف</strong> لفظ<br />
اآلية، دخلوا <strong>يف</strong> عمومها املعنوي وهو كوهنم جنساً، واحلكم يعم بعموم علته. )577(<br />
)578(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
قال ابن حزم: "فلو كان ها هنا كفر ليس شرك، لكان مغفوراً ملن شاء هللا تعاىل خبالف الشرك وهذا<br />
)579(<br />
ال يقوله مسلم"<br />
وقد أخرب هللا تعاىل أبن اليهود يعبدون عزيزاً وأن النصارى يعبدون عيسى بن مرمي وصرح بكفرهم .<br />
)580(<br />
اآلية <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
<br />
وقال سبحانه –حكاية عنهم-: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
( 574 )<br />
( 575 )<br />
( 576 )<br />
( 577 )<br />
( 578 )<br />
( 579 )<br />
( 580 )<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )134/1(، وشرح فتح القدير، البن اهلمام )497/8(، وتبيني احلقائق للزيلعي )23/6( ، وقال السرخسي: "<br />
واملراد القرب من حيث التدبري والقيام بعمارة املسجد احلرام وبه نقول إن ذلك ليس إليهم، وال ميكنون منه حبال".<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )176/8( ، وأحكام <strong>السياحة</strong> ، هلاشم انقور، ص212، بتصرف.<br />
ينظر: فتح القدير ، للشوكاين )500/2( ، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم، )400-399/1(، بتصرف.<br />
سورة النساء، اآلية )48(.<br />
احمللى )245-244/4(.<br />
سورة البينة، اآلايت )1-آخرها(
)581(<br />
<br />
فتبني من هذا مشاركة اليهود والنصارى للمشركني <strong>يف</strong> الكفر والشرك َبهلل تعاىل وقد حكم هللا على املشركني<br />
<br />
<br />
<br />
َبلنجاسة وأمر بتطهري املساجد منها. )582(<br />
وأما استدالهلم بقوله سبحانه: <br />
اآلية<br />
فليس فيه ما يدل على دخول أهل اجلزية للمسجد احلرام بوجه ما بل تؤخذ منهم وحتمل إىل هناك على أن<br />
اإلغناء من فضل هللا وقع َبلفتوح والفيء والتجارات اليت محلها املسلمون إىل مكة. )583(<br />
وأما ما نقل عن جابر فقال ابن العريب: "وهذا قول َبطل وسند ضع<strong>يف</strong> ال خيص مبثله العمومات املطلقة<br />
فك<strong>يف</strong> املعللة َبلعلة العامة املتناولة جلميعها، وهي الشرك؟" )584(<br />
وأما القياس على املسجد النبوي فال يصح ألن حلرم مكة أحكام خيالف هبا املدينة، على أن املدينة ليست<br />
حرماً عند أيب حن<strong>يف</strong>ة.<br />
مث إن دخوهلم ملسجد النيب كان حلاجة املسلمني فقد كانوا أيتون ملخاطبة الرسول وتسليمه الرسائل<br />
ويسمعون منه الدعوة ومل يكن ليخرج من املسجد لكل من قصده من الكفار فكانت املصلحة <strong>يف</strong><br />
دخوهلم أعظم من املفسدة خبالف احلرم املكي وسائر املساجد فال حاجة وال مصلحة <strong>يف</strong> دخوهلم )585(<br />
)586(<br />
وما ذكروه من التعليل فهو <strong>يف</strong> مقابلة النص وهذا َبطل.<br />
<br />
وجياب عن دليل القول الثالث أبن املراد َبملسجد احلرام <strong>يف</strong><br />
اآلية احلرم، لقوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
أي ضرراً بتأخري اجللب عن احلرم دون املسجد )587(<br />
، ويؤيد ذلك قوله تعاىل: <br />
<br />
( 581 )<br />
( 582 )<br />
( 583 )<br />
( 584 )<br />
( 585 )<br />
سورة التوبة، اآلايت )31-30(<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص24<br />
، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )398/1(، واحملرر الوجيز، البن عطية )454/6(، وتفسري ابن كثري )430/2(.<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )913/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 26<br />
( 586 )<br />
( 587 )<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم، )408-398/1(، بتصرف، و<strong>يف</strong> هذا القياس خمالفة ألصول احلنفية كما قال <strong>يف</strong> كشف األسرار<br />
)85-83/3(: "والقياس ال يصلح شاهداً ألحد من اجلانبني أو مثبتاً للحكم ها هنا ألنه ال يصلح لنصب احلكم ابتداء إذ القياس<br />
لتعدية احلكم ال لإلثبات ابتداء، ألن نصب أحكام الشرع َبلرأي َبطل وهلذا ال جيوز إثبات حرم املدينة" أي َبلقياس، فك<strong>يف</strong> جيوزون<br />
دخول الكافر ملكة قياساً على دخوله املسجد النبوي؟!<br />
ينظر: شرح فتح القدير، للكمال بن اهلمام )498-497/8(، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )88/3( واملغين، البن قدامة )245/13(.
)588(<br />
<br />
وإمنا أسري به من خارج املسجد<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
احلرام فدل على َشول املسجد احلرام للحرم كله. )589(<br />
وهبذا يرتجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة خمالفيهم وملا للحرم املكي من<br />
منزلة عظيمة ومكانة رفيعة <strong>يف</strong> قلوب املسلمني فهو قبلتهم ومهوى أفئدهتم وفيه نزل الوحي ومنه انطلقت<br />
رسالة <strong>اإلسالم</strong> فوجب تصيصه وتنزيهه من دنس الكفار ورجس املشركني ال سيما إذا كانوا سياحاً ففي<br />
دخوهلم للنزهة إذالل ومهانة ملقدسات املسلمني وضرر على أخالقهم ودينهم وال تلوا سياحتهم من اإلحلاد<br />
)590( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا: "املعاصي <strong>يف</strong> األايم املعظمة واألمكنة املعظمة تغلظ معصيتها وعقاهبا بقدر<br />
)591(<br />
فضيلة الزمان واملكان"<br />
)592(<br />
وال تلوا سياحة هؤالء وأمثاهلم من املعاصي واملنكرات<br />
وهبذا أفىت مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم حيث قال: "الذي نص عليه العلماء أن الكفار مينعون من دخول حرم<br />
مكة املكرمة ومن اإلقامة فيه وهو ما أدخلته األميال، لقوله تعاىل:<br />
<br />
<br />
وألنه حمل املناسك واملشاعر املفضلة فوجب أن مينع منه من ال يؤمن<br />
هبا، ومن دخله منهم عزر وأخرج ولو مريضاً أو ميتاً، وينبثى إن دفن به" )593(<br />
كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء َبململكة العربية السعودية. )594(<br />
( 588 )<br />
سورة اإلسراء، اآلية 1، وينظر: تكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )247/21(، واملغين، البن قدامة )245/13(، كشاف القناع<br />
للبهويت )1365/2(.<br />
( 589 )<br />
قال ابن القيم <strong>يف</strong> أحكم أهل الذمة )400/1(: "املسجد احلرام يراد به <strong>يف</strong> كتاب هللا تعاىل ثالثة أشياء: نفس البيت، واملسجد الذي<br />
والثاين: كقوله تعاىل: إِّنَّ الَّذِّينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ<br />
حوله ، واحلرم كله، فاألول: كقوله تعاىل:<br />
ُف فِّيهِّ وَالْبَاِّد على أنه قد قيل: إن املراد به ها هنا احلرم كله والناس سواء<br />
عَن سَبِّيِّل اَّللَِّّ وَالْمَسْجِّ دِّ احلَْرَامِّ الَّذِّي جَعَلْنَاهُ لِّلنَّاسِّ سَوَاء الْعَاكِّ<br />
وإمنا أسري به من داره<br />
فيه، والثالث: كقوله:<br />
<br />
،<br />
<br />
<br />
من بيت أم هان ومجيع الصحابة واألئمة فهموا من قوله تعاىل:<br />
كلها واحلرم ومل خيص ذلك أحد منهم بنفس املسجد الذي يطاف فيه"ا.ه .<br />
<br />
( 590 )<br />
( 591 )<br />
( 592 )<br />
( 593 )<br />
سورة احلج، اآلية<br />
.25<br />
املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية، مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم )182/3(.<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص216.<br />
فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم بن عبداللط<strong>يف</strong> آل الشيخ، مجع وحتقيق حممد بن عبدالرمحن بن قاسم<br />
أن املراد مكة<br />
.)255/6-05<br />
( 594 )<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء، مجع أمحد الدويش )99/2(.
اثنياً: حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> احلرم النبوي :<br />
املسجد النبوي هو أفضل املساجد بعد املسجد احلرام واملدينة أفضل البالد بعد مكة وقد ورد <strong>يف</strong> فضلها<br />
إىل أن املدينة حرم له حدود<br />
أحاديث متعددة، وذهب مجهور الفقهاء من املالكية والشافعية واحلنابلة )595(<br />
وأحكام تتلف عن سائر البقاع كما تتلف عن حرم مكة <strong>يف</strong> بعض األحكام واستدلوا أبحاديث منها: قوله<br />
: <br />
))إن إبراهيم حرم مكة ودعا هلا وحرمت املدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت هلا <strong>يف</strong> مدها وصاعها<br />
)596(<br />
مثل ما دعا إبراهيم عليه السالم ملكة"<br />
وقال <br />
: ))املدينة حرم فمن أحدث فيها حداثً أو آوى حمداثً فعليه لعنة هللا واملالئكة والناس أمجعني ال<br />
يقبل منه يوم القيامة عدل وال صرف(( )597(<br />
و<strong>يف</strong> رواية: ))املدينة حرم ما بني عري إىل ثور فمن أحدث فيها حداثً أو آوى حمداثً فعليه لعنة هللا واملالئكة<br />
والناس أمجعني، ال يقبل هللا منه يوم القيامة صرفاً وال عدالً(( )598(<br />
( 595 )<br />
ينظر: املدونة، لإلمام مالك )479/1(، فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث<br />
التمهيد، للمغراوي )202/9(، واملنتقى شرح املوطأ، للباجي )242/2(، وشرح خمتصر خليل،= =للخرشي )389/2( وعقد اجلواهر<br />
الثمينة، البن شاس )441/1(، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبري )80-79/2( ، مواهب اجلليل، للحطاب )41/4(، الفروق ،<br />
للقرا<strong>يف</strong> )229/2-وما بعدها(، روضة الطالبني، للنووي )310/10(، تكملة اجملموع، للمطيعي )253/21-وما بعدها(، مغين احملتاج<br />
للشربيين )529/1(، األشباه والنظائر، للسيوطي، ص420، األحكام السلطانية، للماوردي )ص/ 213( ، املغين، البن قدامة<br />
)190/5(، الفروع، البن مفلح مع تصميم املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )20/6(، ونيل األوطار، للشوكاين )5-<br />
،)117/6<br />
( 596 )<br />
( 597 )<br />
( 598 )<br />
وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد: "وإن تنازعوا <strong>يف</strong> حترمي املدينة والصواب املقطوع به حترميها إذ قد صح فيه بضعة وعشرون حديثاً<br />
عن رسول هللا ال مطعن فيها بوجه" ينظر: زاد املعاد، حتقيق عبدالقادر وشعيب األرانؤوط )388/3(.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب البيوع، َبب: بركة صاع النيب ومده ص)166( رقم )2129( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج، َبب<br />
فضل املدينة ودعاء النيب فيها َبلربكة، )904( رقم )1360(.<br />
أخرجه مسلم، كتاب احلج، َبب فضل املدينة ودعاء النيب فيها َبلربكة ص)905( رقم )1371(.<br />
أخرجه مسلم ، كتاب احلج، َبب فضل<br />
املدينة ، )905( رقم 1370(<br />
للنووي )153/10-9(.<br />
وعري وثور جبالن <strong>يف</strong> املدينة، ينظر: شرح صحيح مسلم،<br />
و<strong>يف</strong> رواية: ))ما بني البتيها حرام(( قال ابن عبدالرب: "و<strong>يف</strong> هذا احلديث من الفقه حترمي املدينة وإذا كانت حراماً مل جيز فيها االصطياد، وال قطع<br />
الشجر كهيئة مكة إال أنه ال جزاء فيه عند العلماء"<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )202/9(، و<strong>يف</strong> املغين: )قال أهل العلم َبملدينة: ال نعرف هبا ثوراً وال عرياً وإمنا مها جبالن<br />
مبكة فيحتمل أن النيب أراد قدر ما بني ثور وعري وحيتمل أنه أراد جبلني َبملدينة ومسامها ثوراً وعرياً جتوزاً( )191/5( وقيل ثور غلط من الرواة<br />
والصحيح )أحد( ورد أبن وراءه جبالً صغرياً يقال له ثور فأحد من احلرم.<br />
ينظر: أسىن املطالب ، للسيوطي )524/1( وقال عياض ال معىن إلنكار عري َبملدينة فإنه معروف، وقال الطربي أخربين البصري أن<br />
حذاء أحد عن يساره جاحناً إىل وراءه جبل صغري يقال له ثور وأنه كرر سؤاله للعارفني بتلك األرض عنه فكلهم أخربوه أن امسه ثور قال<br />
فعلمنا أن ذكره <strong>يف</strong> احلديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم حبثهم عنه" ا.ه . ينظر: نيل األوطار ، للشوكاين<br />
.)117/6-5(
ف )دل احلديث على أن من أحدث حداثً أو آوى حمداثً <strong>يف</strong> غري املدينة أنه غري متوعد مبثل ما توعد به من<br />
فعل ذلك َبملدينة، ، فإذا كان قد علم أن من آوى أهل املعاصي أنه يشاركهم <strong>يف</strong> اإلمث، فإن من رضي فعل<br />
قوم وعملهم التحق هبم، ولكن خصت املدينة َبلذكر لشرفها، لكوهنا مهبط الوحي وموطن الرسول عليه<br />
الصالة والسالم ومنها انتشر الدين <strong>يف</strong> أقطار األرض فكان هلا بذلك مزيد فضل على غريها( )599(<br />
)600(<br />
وخالف احلنفية <strong>يف</strong> ذلك فقالوا: ليس للمدينة حرم وال مينع أحد من أخذ صيدها وشجرها وأجابوا عن<br />
، أو أهنا<br />
أدلة اجلمهور أبنه أراد بقاء زينتها كما ورد <strong>يف</strong> قوله: ))ال هتدموا اآلطام فإهنا زينة املدينة(( )601(<br />
للتعظيم، مث إهنا من أخبار اآلحاد فيما تعم به البلوى فال تقبل، ألهنا لو كانت صحيحة الشتهر نقلها<br />
واستدل احلنفية حبديث أنس وفيه أنه قال: ))اي أَب عمري ما فعل النغري(( )602(<br />
وهو طائر صغري كان يلعب به <strong>يف</strong> املدينة ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة ملا أطلق له رسول هللا <br />
حبس النغري وال اللعب به وحبديث عائشة رضي هللا عنها وفيه ))كان آلل رسول هللا وحش فإذا خرج<br />
وهذا<br />
لعب واشتد وأقبل وأدبر فإذا أحس برسول هللا أنه قد دخل ربض فلم يرتمرم كراهية أن يؤذيه(( )603(<br />
َبملدينة و<strong>يف</strong> حرمها وقد كانوا أيوون فيه الوحش ويتخذوهنا ويغلقون دوهنا األبواب فدل على أن املدينة ليست<br />
كمكة واستدلوا من النظر أبن حرم مكة وحترمي صيدها متفق عليه قالوا ورأينا من أراد دخول مكة مل يكن له<br />
أن يدخلها إال حراماً فكان دخول احلرم ال حيل حلالل كانت حرمة صيده وشجره كحرمته <strong>يف</strong> نفسه مث رأينا<br />
املدينة كل قد أمجع أنه ال أبس بدخوهلا للرجل حالالً فلما مل تكن حمرمة <strong>يف</strong> نفسها كان حكم صيدها<br />
وشجرها كحكمها <strong>يف</strong> نفسها وكما كان صيد مكة إمنا حرم حلرمتها ومل تكن املدينة <strong>يف</strong> نفسها حراماً مل يكن<br />
صيدها وال شجرها حراماً. )604(<br />
( 599 )<br />
( 600 )<br />
( 601 )<br />
( 602 )<br />
( 603 )<br />
فتح الباري، البن حجر، )295/13( .<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي )195/4(، كشف األسرار عن أصول البزدوي ، للبخاري )85-83/3 و 389/4–وما<br />
بعدها(، البحر الرائق شرح كنز الدقائق البن جنيم )45-44/3(، حاشية ابن عابدين )53-52/4(.<br />
أخرجه الطحاوي <strong>يف</strong> شرح معاين اآلاثر، َبب صيد املدينة )194/4(، والعيين <strong>يف</strong> عمدة القاري، َبب حرم املدينة )229/10( وقال:<br />
هذا إسناد صحيح ورواه البزار <strong>يف</strong> مسنده واآلطام مجع أطم بضم اهلمزة والطاء وهو بناء مرتفع فاملراد ابنيتها املرتفعة كاحلصون.<br />
أخرجه البخاري، كتاب األدب َبب الكنية للصيب، ص522<br />
، رقم . 6203<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )209-150-113-112/6( بلفظ : ))كان آلل رسول هللا<br />
<br />
( 604 )<br />
وحش..(( والطحاوي <strong>يف</strong> شرح معاين<br />
اآلاثر، َبب صيد املدينة )195/4(، وقال اهليثمي: "رواه أمحد وأبو يعلى والبزار والطرباين <strong>يف</strong> األوسط ورجال أمحد رجال الصحيح"<br />
ينظر: جممع الزوائد ، )4-3/9(.<br />
ينظر: شرح معاين اآلاثر، للطحاوي )196/4(، بتصرف، وكشف األسرار للبخاري )389/4 وما بعدها(، ويرجع خالف احلنفية <strong>يف</strong><br />
ذلك إىل أن هذه املسألة ال ميكن إثباهتا َبلقياس على مكة كما تقدم قال البخاري: "ال حرم للمدينة عندان وعند الشافعي هلا حرم مثل<br />
حرم مكة <strong>يف</strong> حق األحكام فال ميكن إثباته وال نفيه َبلتعليل بل يرجع فيه إىل النصوص" مث أورد أدلتهم على أنه ال حرم هلا.<br />
وينظر: البحر الرائق، البن جنيم )45-44/3( واملوسوعة الكويتية )205-204/17(، بتصرف.
وأجيب عما ذكروه َبألحاديث الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> حترمي املدينة، قال ابن عبد الرب: "قال أبو حن<strong>يف</strong>ة صيد<br />
املدينة غري حمرم وكذلك قطع شجرها وهذا احلديث حجة عليه مع سائر ما <strong>يف</strong> حترمي املدينة من اآلاثر" )605(<br />
وقال عن أدلتهم: "ليس <strong>يف</strong> هذا كله حجة .. وما أتوله <strong>يف</strong> زينة املدينة فليس بشيء ألن الصحابة تلقوا حترمي<br />
املدينة بغري هذا التأويل ... و<strong>يف</strong> قول أيب هريرة: ما ذعرهتا دليل على أنه ال جيوز ترويع الصيد <strong>يف</strong> حرم املدينة<br />
كما ال جيوز ترويعه <strong>يف</strong> احلرم... والقول عندي <strong>يف</strong> هذا احلديث<br />
–<br />
يعين حديث عائشة-كالقول <strong>يف</strong> حديث<br />
النغري قال إمساعيل ابن إسحاق بعد أن ذكر اآلاثر <strong>يف</strong> حترمي ما بني البيت املدينة: "إين ألعجب ممن رد هذه<br />
األحاديث، حبديث أنس اي أَب عمري ما فعل النغري ؟!" )606(<br />
وما ذكروه إمنا يدل على أن حرم مكة أعظم من حرم املدينة كما يبني اختصاص حرم املدينة جبواز أخذ ما<br />
تدعو إليه احلاجة من شجره وأن من صاد صيداً خارجه مث أدخله مل يلزمه إرساله لظاهر قوله ))اي أَب عمري ما<br />
فعل النغري(( فدل على إَبحة إمساكه َبملدينة إذ مل ينكر ذلك و<strong>يف</strong> جزاء صيد حرم املدينة خالف واألكثر<br />
على أنه ال جزاء فيه جلواز دخوله بال إحرام خبالف مكه، ولكن كل هذا ال مينع كون املدينة حرماً للنصوص<br />
الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> ذلك، وقد قبلوا ما جاء <strong>يف</strong> حترمي مكة وليس هذا أبقل منه )607( ، مث ال يلزم من احلرمة<br />
الضمان وال من عدمها عدمه، وما ذكروه من التعليالت فهي <strong>يف</strong> مقابلة النصوص الصحيحة وهذا َبطل )608(<br />
، ولذا قال <strong>يف</strong> املصنف: "كتاب الرد على أيب حن<strong>يف</strong>ة / مسألة حرم املدينة" مث سرد األحاديث <strong>يف</strong> ذلك<br />
وأعقبها بقوله: "وذكر أن أَب حن<strong>يف</strong>ة قال: ليس عليه شيء" فكأنه ينكر معارضة هذه األحاديث مع توافرها<br />
وصحتها )609(<br />
وقد أجاب النووي وابن حجر عن حديث أنس َبحتمال أن يكون من صيد احلل أو أن<br />
، فإذا ترجح أن للمدينة<br />
تكون القصة قبل التحرمي والدليل إذا تطرق إليه االحتمال بطل به االستدالل )610(<br />
حرم فإن دخول الكفار إىل املدينة يشمل احلرم واملسجد فأما املسجد النبوي فسيأيت الكالم على حكم<br />
دخوهلم إايه <strong>يف</strong> مسألة اتلية )611(<br />
.<br />
( 605 )<br />
( 606 )<br />
فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد ، للمغراوي )206-202/9(، وتقدمت ترمجته<br />
25<br />
( 607 )<br />
( 608 )<br />
( 609 )<br />
( 610 )<br />
املصدر السابق، وينظر: املنتقى شرح املوطأ، للباجي )242/2(، وشرح خمتصر خليل للخرشي )389/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،<br />
البن شاس )441/1(، ومغين احملتاج، للشربيين )529/1(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )190/5- وما بعدها( وقال: "روى حترمي املدينة أبو هريرة ورافع وعبدهللا بن زيد متفق على أحاديثهم ورواه<br />
مسلم عن سعد وجابر وأنس وهذا يدل على تعميم البيان وليس هو <strong>يف</strong> الدرجة دون أخبار حترمي احلرم وقد قبلوه واثبتوا أحكامه على أنه<br />
ليس مبمتنع أن يبينه بياانً خاصاً أو يبينه بياانً عاماً فينقل نقالً خاصاً كصفة األذان والوتر واإلقامة"<br />
ينظر: الفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )20/6(.<br />
املصنف، البن أيب شيبة )199/14(، وتقدم كالم ابن القيم <strong>يف</strong> ذلك.<br />
ينظر: شرح صحيح مسلم، للنووي )143/10-9(، وفتح الباري، البن حجر )100/4( بتصرف.<br />
) 611 ( <strong>يف</strong> ص )185( .
وأما احلرم فقد أجاز مجاهري العلماء دخوهلم إايه لرسالة أو جتارة أو محل متاع أو اجتياز لسفر، دون اإلقامة<br />
فيمنعون منها َبالتفاق للنصوص الواردة إبخراج املشركني من جزيرة<br />
احلرمني الشر<strong>يف</strong>ني وسيأيت بيان ذلك إن شاء هللا. )613(<br />
العرب )612(<br />
، فهي تتناول َبألولوية<br />
ويدل هلذا النصوص الكثرية <strong>يف</strong> دخول املشركني للمسجد النبوي واملدينة زمن النيب وأصحابه، فال شك<br />
بوجود الفرق بني حرم املدينة وحرم مكة، فقد كان اليهود خبيرب وما حوهلا ومل مينعهم من املدينة بعد نزول<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
قوله تعاىل: <br />
وقد مات <br />
)614(<br />
ودرعه مرهونة عند يهودي<br />
وكان النصارى يتجرون إىل املدينة زمن عمر )615( ، ومل خيرج النيب <br />
منهم وعن أمحد رواية أبن حرم املدينة كحرم مكة <strong>يف</strong> امتناع دخوله )616(<br />
اليهود منها إال من نقض العهد<br />
قال ابن القيم رمحه هللا: "والظاهر أهنا غلط على أمحد فإنه مل خيَْفَ عليه دخوهلم َبلتجارة <strong>يف</strong> زمن عمر <br />
وبعده ومتكينهم من ذلك" )617( ، وقال حممد بن إبراهيم رمحه هللا: "يظهر رجحان رواية اجلواز على رواية<br />
املنع" )618(<br />
ويؤيد ما ذهب إليه اجلماهري ما ثبت عنه <br />
أنه أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده وحانت صالهتم فصلوا<br />
)619(<br />
فيه.<br />
( 612 )<br />
ينظر: أحكام القرآن، للقرطيب )104/4( ، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )487/1( والفروق ، للقرا<strong>يف</strong> )229/2(، وشرح<br />
خمتصر خليل، للخرشي )145/3(، ومنح اجلليل، لعليش )217/3(، حاشية الصاوي على الشرح الصغري )310-309/2(، حاشية<br />
الدسوقي )202-200/2(، واألم ، للشافعي )177/4(، روضة الطالبني، للنووي )308/10(، مغين احملتاج، للشربيين )347/4(،<br />
حاشيتا قليويب وعمريه )232/4( منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي . حتقيق الرتكي )245/2(، كشاف القناع للبهويت<br />
)1365/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )468/10( وأحكام أهل الذمة، البن القيم<br />
)394/1(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )205-188/17(، بتصرف.<br />
) 613 ( <strong>يف</strong> ص .)200(<br />
( 614 )<br />
املصادر السابقة، وأحكام أهل الذمة، البن القيم، )402-397/1(، وفتاوى حممد بن إبراهيم )255/6-5(<br />
البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي َبب وفاة النيب ص)366( رقم )4467(، وَبب ما قيل <strong>يف</strong> درع النيب <br />
ومسلم <strong>يف</strong> َبب الرهن وجوازه <strong>يف</strong> احلظر والسفر.<br />
واحلديث أخرجه<br />
، ص ، 234 رقم ، 2916<br />
( 615 )<br />
( 616 )<br />
( 617 )<br />
( 618 )<br />
( 619 )<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )191-5(، وكشاف القناع، للبهويت )1365/2( وأحكام أهل الذمة، البن القيم )394/1(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )190/5(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )20/6( واملقنع مع<br />
الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )468-466/10(.<br />
أحكام أهل الذمة )394/1(.<br />
فتاوى حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )257/6-5(.<br />
أخرجه ابن هشام <strong>يف</strong> السرية )32/2(، وابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه )162/3( وابن كثري <strong>يف</strong> تفسريه )429/2( وابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد<br />
.)550/3(<br />
وقال األلباين <strong>يف</strong> تعليقه على )فقه السرية( : "وهذا إسناد مرسل أو معضل" ص )447( وقال حمققوا أحكام أهل الذمة البن القيم<br />
)397/1(: "ضع<strong>يف</strong>"، وقال حمققا زاد املعاد شعيب وعبدالقادر األرانؤوط: "رجاله ثقات ولكنه منقطع" )550/3(.
قال ابن القيم رمحه هللا: "وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعاىل: <br />
، فلم تتناول اآلية حرم املدينة وال مسجدها" )620(<br />
، وقد تقدم<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كالمه <strong>يف</strong> جواز دخوهلم املسجد النبوي للمصلحة فمن َبب أوىل جواز دخوهلم حلرم املدينة إذا كان مث حاجة<br />
أو مصلحة للمسلمني )621(<br />
وأما حتديد مدة إقامتهم فيها فمحل خالف بني الفقهاء، وهلم <strong>يف</strong> ذلك تفصيالت حبسب احلاجة والضرورة<br />
كتعلق حقوق املسلمني هبم من ديون وغريها، واملقصود هو منعهم من اإلقامة فيها.<br />
وما ذكره الفقهاء من جواز دخوهلم حلرم املدينة إمنا يتناول دخوهلم حلاجات املسلمني من جتارة أو سفارة أو<br />
دعوة لإلسالم وحنو ذلك مما فيه مصلحة لإلسالم واملسلمني وأما دخوهلم للسياحة بقصد النزهة والرتفيه<br />
واالستكشاف فإن املنع منه أقرب ملا <strong>يف</strong> الوعيد السابق <strong>يف</strong> حق من آوى حمداثً فإذا كان هذا يتناول العصاة<br />
من املسلمني فك<strong>يف</strong> مبن يتساهل <strong>يف</strong> إيواء وإدخال أهل الكفر واإلحلاد إىل حرم املدينة النبوية حبجة <strong>السياحة</strong><br />
والرتفيه! )622(<br />
اثلثاً: حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> املسجد األقصى :<br />
ورد <strong>يف</strong> فضل املسجد األقصى وشد الرحال للصالة إليه أحاديث كثرية وهو قبلة املسلمني األوىل ومسرى نبينا<br />
حممد <br />
ومهاجر األنبياء وأرضه مقدسة مباركة.<br />
وعن أيب ذر قال: "سألت رسول هللا عن أول مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض قال : ))املسجد احلرام((<br />
)623(<br />
قلت: مث أي؟ قال : ))املسجد األقصى(( قلت: كم كان بينهما؟ قال: ))أربعون عاماً((" احلديث<br />
فدل على أنه اثين مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض، ومع فضله ومكانته إال أنه ال يسمى حرماً، فلم يرد <strong>يف</strong> حترمي<br />
صيده ونباته ما ورد <strong>يف</strong> مكة واملدينة.<br />
وال يتناول األمر إبخراج املشركني من جزيرة العرب فلسطني لوقوعها خارجها، ومل خيتلف أهل <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong><br />
جواز دخول أهل الكتاب إىل فلسطني والسماح هلم بزايرة أماكنهم املقدسة فيها وعلى هذا عمل املسلمني<br />
منذ فتحها هللا على يد عمر بن اخلطاب )624( <br />
.<br />
وقد ابتلي املسلمون <strong>يف</strong> هذا الزمان َبحتالل اليهود لفلسطني واستيطاهنم هلا وفتحهم َبب اهلجرة لليهود <strong>يف</strong><br />
العامل للقدوم إليها وتدنيس مقدساهتا وال شك أن <strong>يف</strong> هذا خطراً َبلغاً على <strong>اإلسالم</strong> وأهله ينبغي دفعه ورفعه<br />
( 620 )<br />
( 621 )<br />
( 622 )<br />
( 623 )<br />
أحكام أهل الذمة )397/1( .<br />
وهبذا أفىت حممد بن إبراهيم )257/6-5 وما بعدها(.<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص<br />
0218( بتصرف.<br />
( 624 )<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب املساجد ومواضع الصالة، َبب املساجد ومواضع الصالة ص)758( رقم )520(.<br />
ينظر: أحكام املساجد <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، د/ إبراهيم اخلضريي، )240-222-219/1(، بتصرف.
؛(<br />
<br />
وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي قراراً ندد فيه )هبجرة اليهود السوفييت إىل األرض املباركة أرض اإلسراء<br />
واملعراج، ويرى فيها خطراً َبلغاً يهدد األمة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> مجيع أقطارها، ويناشد الدول العربية و<strong>اإلسالم</strong>ية<br />
لتوحيد كلمتها والوقوف <strong>يف</strong> وجه هذا اخلطر الداهم، واتاذ كل وسيلة ممكنة الستنقاذ األراضي احملتلة، وحترير<br />
املقدسات، وتليص مسرى رسول هللا من أيدي مغتصبيه، ودعم االنتفاضة اليت تواجه العدو الصهيوين<br />
)625(<br />
املغتصب مبا حيقق أهدافها وحيمي مسريهتا(<br />
وإذا عادت فلسطني إىل سيادة املسلمني – إن شاء هللا – فإن سياحة الكفار فيها تتناول املسجد األقصى<br />
خصوصاً وسائر داير فلسطني عموماً فأما سياحتهم <strong>يف</strong> املسجد األقصى فسيأيت بياهنا <strong>يف</strong> املسألة التالية )626<br />
الستوائه مع سائر املساجد حيث مل يرد فيه ما ورد <strong>يف</strong> مكة واملدينة.<br />
وأما سياحتهم <strong>يف</strong> َبقي أرض فلسطني –دون املساجد- فينطبق عليها ما سيأيت من الكالم حول حكم<br />
سياحة الكفار <strong>يف</strong> داير املسلمني غري جزيرة العرب. )627(<br />
رابعاً: حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> عامة املساجد :<br />
يرجع اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> هذه املسألة إىل اختالفهم <strong>يف</strong> فهم النصوص الواردة <strong>يف</strong> ذلك فمنهم من أخذ مبفهوم آية<br />
التوبة فقال إن هللا صرح َبملسجد احلرام و<strong>يف</strong>هم من ذلك أن غريه خبالفه فيجوز دخول الكفار غريه من املساجد،<br />
ومنهم من نظر إىل منطوق اآلية والعلة اليت حرم هبا دخول املسجد احلرام على الكفار وهي جناستهم فعمم النهي على<br />
مجيع املساجد والكفار مبنعهم من دخوهلا كلها، كما يرجع سبب اخلالف أيضاً إىل تعارض هذه اآلية مع ما ورد عنه<br />
فعله <br />
من ادخال الكفار ملسجده فمنهم من قال َبلنسخ ومنهم من قال َبجلمع وتصيص اآلية َبملسجد احلرام ومحل<br />
وقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> هذه املسألة على ثالثة أقوال :<br />
على املصلحة )628(<br />
القول األول: أن الكافر ال جيوز له دخول املسجد إال حلاجة وإبذن املسلمني )629(<br />
( 625 )<br />
قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي جبدة للدورات<br />
، 10-1 القرار ،)6/13( 62 ص130-<br />
.131<br />
) 626 ( ص .)185(<br />
( 628 )<br />
( 629 )<br />
) 627 ( ص)225(، وإمنا أفردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني َبلبحث دون غريها من بالد املسلمني احملتلة، ألمور منها: وجود املسجد األقصى<br />
املبارك وهو اثلث املساجد بعد احلرمني الشر<strong>يف</strong>ني وقد وردت أحاديث <strong>يف</strong> فضله واختص دون غريه بشد الرحال إليه كما سيأيت تفصيل<br />
ذلك <strong>يف</strong> مبحث <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة، ص)555(، وألن لفلسطني قدسية وأمهية دينية عند املسلمني واليهود والنصارى، وألهنا مل<br />
تتحول لبالد كفر كما هو احلال <strong>يف</strong> أسبانيا )األندلس سابقاً( فما تزال الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية موجودة <strong>يف</strong> فلسطني وإن كانت خائرة القوى ال<br />
متلك من األمر شيئاً إال أن الوجود <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> فلسطني يشكل أكثرية، وألن اليهود <strong>يف</strong> فلسطني حماربون ليس بينهم وبيننا عهد وال ذمة<br />
خبالف إسبانيا وغريها من البالد األخرى، وألن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني إضرار وحماربة لإلسالم واملسلمني هناك وإن مل يقصد السائح ذلك<br />
ملا يرتتب على سياحته من دعم للمحتل بصور شىت.<br />
وسيتبني ذلك من خالل سرد األقوال واألدلة <strong>يف</strong> املسألة إبذن هللا تعاىل.<br />
وهلذا اإلذن شروط، هي :
.<br />
وهبذا قال بعض املالكية والشافعية واحلنابلة )630( ، وفرق احلنابلة بني أهل الذمة وغريهم )631(<br />
القول الثاين: جواز دخول الكفار للمساجد مطلقاً وقال به األحناف وبعض الشافعية وبعض احلنابلة وابن<br />
حزم )632(<br />
القول الثالث: ال جيوز دخول الكفار للمساجد مطلقاً وبه قال عمر بن عبدالعزيز واملالكية واحلنابلة <strong>يف</strong><br />
)633(<br />
رواية<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول مبا يلي :<br />
-1<br />
عن أيب هريرة قال: "بعث رسول هللا خيالً قبل جند فجاءت برجل<br />
بن أاثل فربطوه بسارية من سواري املسجد"احلديث )634(<br />
من بين حن<strong>يف</strong>ة يقال له: مثامة<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
أن ال يكون اإلمام قد شرط <strong>يف</strong> عقده مع أهل الذمة أال يدخلوا املساجد إن كان املشرك الذي يريد دخول املسجد ذمياً أو <strong>يف</strong><br />
حكمه وقد شرط عليه ذلك.<br />
أن يكون املسلم اآلذن للمشرك مكلفاً التكل<strong>يف</strong> الشرعي، واشرتط بعضهم أن اإلذن لإلمام فقط وقال آخرون: هو لإلمام <strong>يف</strong><br />
املسجد اجلامع أما <strong>يف</strong> مساجد احملال والقبائل فإن املسلم املكلف يكفي.<br />
أال يتضرر بدخوله أحد من املصلني، وال املسجد بنجاسة أو كالم منكر.<br />
أن يدخل لغرض انفع كسماع قرآن أو علم أو يرجى إسالمه أو حيتاجه مسلم أو يدخل للمحاكمة.<br />
ينظر: تكملة اجملموع، للنووي، للمطيعي )253/18(، وروضة الطالبني للنووي )311-310/10(، وأحكام املساجد، للخضريي<br />
.)126/3(<br />
( 630 )<br />
( 631 )<br />
( 632 )<br />
( 633 )<br />
ينظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبري )139/1(، وجواهر اإلكليل )23/1(، وأحكام القرآن، البن العريب )33/1( وقد عارض<br />
ذلك وبني فساده وقال: "كنت أرى بدمشق عجباً كان جلامعها َبَبن: َبب شرقي –وهو َبب جيزون وَبب غريب، وكان الناس جيعلونه<br />
طريقاً ميشون عليها هنارهم كله <strong>يف</strong> حوائجهم، وكان الذمي إذا أراد املرور وقف على الباب حىت مير به مسلم، جمتاز فيقول له الذمي: اي مسلم<br />
أأتذن يل أن أمر معك ، فيقول: نعم، فيدخل معه وعليه الغيار عالمة أهل الذمة، فإذا رآه القيم قال له: ارجع فيقول له املسلم : أان أذنت<br />
له فيرتكه القيم".<br />
وينظر أيضاً: اجملموع للنووي تكملة املطيعي )253/21( وروضة الطالبني )310/10( واملغين، البن قدامة )247/13(، وإعالم<br />
الساجد، للزركشي )173( بواسطة أحكام املساجد للخضريي، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج ابن قدامة<br />
واملرداوي، حتقيق الرتكي )473/10(.<br />
املصادر السابقة .<br />
ينظر: شرح فتح القدير، البن اهلمام )271/5(، وأحكام القرآن، للجصاص )88/3(، وشرح السري الكبري، للسرخسي )135-134/1(، وشرح<br />
فتح القدير، البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع للكاساين )215/5(، وتبيني احلقائق للزيلعي )23/6( وأحكام القرآن، للشافعي )84/1(،<br />
وكشاف القناع، للبهويت )1367/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي، حتقيق الرتكي )473/10( واحمللى<br />
البن حزم )243/4(.<br />
ينظر: تفسري الطربي )65/4(، جواهر اإلكليل )267/1(، وأحكام القرآن، البن العريب )107-33/1( وأحكام القرآن، للقرطيب<br />
)105/4(، واحملرر الوجيز، البن عطية )452/6(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي، حتقيق الرتكي<br />
)473/10(، واملغين، البن قدامة )246/13(، والفروع، البن مفلح )342/10(.
والشاهد قوله: "فربطوه بسارية من سواري املسجد"<br />
ووجه الداللة:<br />
أن املشرك قد أدخل املسجد وربط بسارية من سواريه، والنيب ينظر إليه كلما جاء يصلي، فدل على جواز<br />
دخول الكافر للمسجد إبذن<br />
املسلمني. )635(<br />
-2<br />
عن عثمان بن أيب العاص: )أن وفد ثق<strong>يف</strong> قدموا على رسول هللا فأنزهلم املسجد حىت يكون أرق<br />
لقلوهبم( )636(<br />
-3<br />
وجه الداللة :<br />
أن <strong>يف</strong> قوله: )فأنزهلم املسجد( دليل على جواز دخول الكافر للمسجد إبذن املسلم )637(<br />
عن أنس بن مالك قال: ))دخل رجل على مجل فأانخه <strong>يف</strong> املسجد مث عقله مث قال: أيكم حممد؟<br />
ورسول هللا متك بني ظهرانيهم فقلنا له: هذا األبيض املتك ..((احلديث )638(<br />
فدل على جواز دخول الكافر <strong>يف</strong> املساجد إبذن املسلمني. )639(<br />
( 634 )<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب دخول املشرك املسجد )ص40( رقم )469( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد َبب<br />
ربط األسري وحبسه ص)991(، رقم )1764( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 173<br />
( 635 )<br />
( 636 )<br />
( 637 )<br />
( 638 )<br />
( 639 )<br />
ينظر: السنن الكربى ، للبيهقي )444/2(، أحكام املساجد، للخضريي )124/3(، حكم دخول غري املسلمني للمساجد،<br />
للشنقيطي، ص20، أحكام <strong>السياحة</strong>، ص223، بتصرف.<br />
رواه ابن خزمية <strong>يف</strong> صحيحة مجاع أبواب األفعال املباحة <strong>يف</strong> املسجد غري الصالة وذكر هللا َبب الرخصة <strong>يف</strong> إنزال املشركني املسجد غري<br />
املسجد احلرام إذا كان ذلك أرجى إلسالمهم )285/2( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )218/4(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )444/2(، َبب املشرك<br />
يدخل املسجد، وأبو داود <strong>يف</strong> سننه كتاب اخلراج واإلمارة والفيء،= =َبب ما جاء <strong>يف</strong> خرب الطائف ص)1451( رقم )3026( وضعفه<br />
األلباين <strong>يف</strong> ضع<strong>يف</strong> سنن أيب داود )436/10(، رقم )529(، و<strong>يف</strong> السلسلة )الضع<strong>يف</strong>ة ) رقم )4319(، وعثمان بن أيب العاص هو: بن<br />
بشر بن عبد بن دمهان الثقفي أبو عبدهللا نزيل البصرة أسلم <strong>يف</strong> وفد ثق<strong>يف</strong> فاستعمله النيب على الطائف وأقره أبو بكر مث عمر مث<br />
استعمله عمر على عمان والبحرين سنة مخس عشرة مث سكن البصرة حىت مات هبا <strong>يف</strong> خالفة معاوية قبل سنة مخس وقيل إحدى<br />
ومخسني وكان هو الذي منع ثق<strong>يف</strong>اً عن الردة وقال: كنتم آخر الناس إسالماً فال تكونوا أوهلم ارتداداً وقيل إنه عاش حنواً من مائة وعشرين<br />
سنة.<br />
ينظر: االصابة، البن حجر )221/4-3(.<br />
ينظر: السنن الكربى ، للبيهقي )444/2( ، ومصنف عبدالرزاق )414/1(، واملغين، البن قدامة )246/13(، أحكام املساجد ،<br />
للخضريي، )124/3(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص20، بتصرف، وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )525/3(:<br />
)<strong>يف</strong> قصة هذا الوفد من الفقه ... جواز إنزال املشرك <strong>يف</strong> املسجد وال سيما إذا كان يرجوا إسالمه ومتكينه من مساع القرآن ومشاهدة أهل<br />
<strong>اإلسالم</strong> وعبادهتم(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العلم، َبب ما جاء <strong>يف</strong> العلم )8( رقم )63(، وأبو داود <strong>يف</strong> سننه كتاب الصالة، َبب ما جاء <strong>يف</strong> املشرك<br />
يدخل املسجد )1209( رقم )486(، والرجل هو ضمام بن ثعلبة أخو بين سعد بن بكر.<br />
بتصرف.<br />
ينظر: السنن الكربى ، للبيهقي )444/2( أحكام املساجد، للخضريي )125/3(، وأحكام <strong>السياحة</strong>، هاشم انقور ص)224(،
4- عن أيب هريرة قال: ))إن اليهود أتوا النيب <br />
القاسم <strong>يف</strong> رجل وامرأة زنيا منهم(( )640(<br />
وهو جالس <strong>يف</strong> املسجد <strong>يف</strong> أصحابه، فقالوا: اي<br />
أَب<br />
فدخول اليهود إليه <strong>يف</strong> املسجد دليل على جواز دخول الكافر للمسجد إبذن املسلم. )641(<br />
-5<br />
دخول أبو سفيان ملسجد النيب <br />
)642(<br />
وهذا مبثابة اإلذن له<br />
وهو مشرك وإجارته بني الناس وكان ذلك حبضرة النيب <br />
ومل مينعه<br />
-6<br />
ملا قدم وفد جنران على النيب دخلوا مسجده بعد صالة العصر وصلوا صالهتم فيه وأراد الناس منعهم<br />
فقال : دعوهم )643(<br />
<br />
وهذا إذن للكافر بدخول املسجد )644(<br />
فكل هذه األدلة تؤيد القول جبواز دخوهلم للمسجد إبذن ألن كل تصرف حيدث من املسلمني <strong>يف</strong> عهد النيب<br />
مما يتعلق بشئوهنم العامة فال بد فيه من إذنه <br />
واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />
.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
أدلة القائلني جبواز دخول أهل الذمة للمسجد احلرام، فغريه من َبب أوىل. )645(<br />
أدلة القائلني جبواز دخول املشركني للمساجد إال املسجد احلرام، قالوا: ألن املسجد احلرام له حكم سائر<br />
املساجد أصالً، إال ما خصه الدليل ومل أيت دليل خيص غريه )646( ، واملراد آبية التوبة هو منع مشركي العرب<br />
)647(<br />
من احلج كما تقدم.<br />
ما تقدم من دخول وفد ثق<strong>يف</strong> ودخول أبو سفيان ملسجد النيب وهم على الشرك وكان ذلك على<br />
عهد النيب فدل على جواز دخول الكفار للمساجد، وظاهر األدلة اليت ذكرها أصحاب القول األول تدل<br />
)648(<br />
على هذا، فلم يشرتط فيها اإلذن صراحة.<br />
( 640 )<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، كتاب الصالة َبب ما جاء <strong>يف</strong> املشرك يدخل املسجد ص)1259( رقم )488(، والبيهقي <strong>يف</strong> السنن<br />
الكربى )444/2(.<br />
( 641 )<br />
( 642 )<br />
( 643 )<br />
( 644 )<br />
( 645 )<br />
( 646 )<br />
ينظر: أحكام املساجد، للخضريي )125/3(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص26، بتصرف.<br />
أخرجه ابن هشام <strong>يف</strong> سريته )38/4(، وابن كثري <strong>يف</strong> البداية والنهاية )312/4(، وينظر: املغين ، البن قدامة )247/13( وأحكام أهل<br />
الذمة، البن القيم )406/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong>، هاشم انقور )ص225(، بتصرف.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )182(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )406/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong> هلاشم انقور ص)225(، بتصرف.<br />
سبق <strong>يف</strong> ص )171(، وينظر: شرح فتح القدير، للكمال بن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع، للكاساين )215/5(، وتبيني<br />
احلقائق، للزيلعي )23/6(.<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )88/3( فتح الباري )176/8 و 662/1( )243/4(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد<br />
للشنقيطي، ص)26(، وأحكام املساجد، للخضريي )129/3( بتصرف.<br />
) 647 ( <strong>يف</strong> ص .)171(
واستدل أصحاب القول الثالث مبا يلي :<br />
<br />
1- قوله تعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)649(<br />
<br />
<br />
فإذا منع املشركون من دخول املسجد احلرام، لكوهنم أجناس، فيقاس على ذلك سائر املساجد لألمر بتطهريها من<br />
النجاسات )650(<br />
قال ابن العريب:"ألن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، واحلرمة موجودة <strong>يف</strong> املسجد" )651(<br />
فيقاس على املشركني سائر الكفار ويقاس على املسجد احلرام سائر املساجد )652(<br />
)653(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
2- قوله سبحانه: <br />
ودخول املساجد عمارة هلا <strong>يف</strong><br />
اجلملة وقد هنى هللا عن عمارهتم هلا فال يدخلوهنا )654(<br />
<br />
3- قوله سبحانه: <br />
)655(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فدل على أن الكافر ال يدخل املساجد إال وهو خائف من طرد املسلم له وأنه ال ينبغي أن يدخلها على حني<br />
غفلة من املؤمن، لسعيه <strong>يف</strong> خراهبا. )656(<br />
<br />
4- قوله تعاىل: <br />
)657(<br />
اآلية<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )89/3(، وشرح فتح القدير، البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع، للكاساين )215/5(،<br />
واجملموع شرح املهذب، للنووي )253/21( وأحكام املساجد، للخضريي )130/3(.<br />
سورة التوبة، اآلية 28.<br />
ينظر: أحكام القرآن، للقرطيب )105/4(، وأحكام القرآن ، البن العريب )913/2(، واحملرر الوجيز البن عطيه )452/6(، والدر<br />
.<br />
املنثور، للسيوطي )308/7(.<br />
أحكام القرآن، البن العريب )913/2(، وتقدمت ترمجته ص26<br />
.17<br />
املصادر السابقة.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص22، بتصرف.<br />
سورة البقرة، اآلية 114.<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )61/1 و 88/3( ، والبن العريب )33/1( ، وأحكام املساجد، للخضريي )127/3(، بتصرف.<br />
سورة التوبة، اآلية 18.<br />
( 648 )<br />
( 649 )<br />
( 650 )<br />
( 651 )<br />
( 652 )<br />
( 653 )<br />
( 654 )<br />
( 655 )<br />
( 656 )<br />
( 657 )
وكذا قوله سبحانه: <br />
ففهم من احلصر أن غري املسلمني ال يعمرون مساجد هللا فال يدخلوهنا )658(<br />
.<br />
فإن دخول الكفار فيها مناقض لرتفيعها )660(<br />
)659( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-5<br />
روي أن أَب موسى األشعري وفد إىل عمر ومعه نصراين فأعجب عمر خطه فقال: "قل لكاتبك هذا<br />
يقرأ لنا كتاَبً" فقال: إنه ال يدخل املسجد فقال: مل أجنب هو؟ قال: ال هو نصراين قال: فانتهره عمر )661(<br />
<br />
6- وكتب عمر أن مينع اليهود والنصارى من دخول املساجد وأتبع هنيه بقوله تعاىل: <br />
.<br />
<br />
-7<br />
)662(<br />
وروي أن علياً بصر مبجوسي وهو على املنرب فنزل فضربه وأخرجه من َبب كنده<br />
فدل هذان األثران على شهرة ذلك بني الصحابة وأنه تقرر عندهم منع الكافر من دخول املسجد<br />
مطلقاً)663( .<br />
-8<br />
وروي عن ابن عباس أن أعيان الكفار جنسة كالكالب واخلنازير وهذا حيتم منعهم من دخول سائر<br />
)664(<br />
املساجد<br />
-9<br />
)665(<br />
فيه"<br />
-10<br />
وكتب عمر بن عبدالعزيز إىل قضاته: "ال جيلس قاض <strong>يف</strong> مسجد يدخل عليه اليهودي والنصراين<br />
وألن حدث اجلنابة واحليض والنفاس مينع املقام <strong>يف</strong> املسجد فحدث املشرك من َبب أوىل وألنه ال خيلو<br />
عن جنابة ألنه ال يغتسل اغتساالً خيرجه منها .<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
( 658 )<br />
( 659 )<br />
( 660 )<br />
( 661 )<br />
( 662 )<br />
ينظر: كشاف القناع، للبهويت )1368/2(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص22، بتصرف.<br />
سورة النور، اآلية<br />
.36<br />
ينظر: أحكام القرآن، للقرطيب )105/4(، واحملرر الوجيز، البن عطية )452/6(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )145/7(.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى، َبب كتاب القاضي إىل القاضي )127/10( برقم<br />
.20196<br />
( 663 )<br />
( 664 )<br />
( 665 )<br />
ينظر: تكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )254-253/21(، واملغين، البن قدامه )246/13( وقال حمققاً املغين: د/ عبدهللا الرتكي و<br />
د/ عبد الفتاح احللو: )أثر علي هذا مل جنده(.<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(، واملغين، البن قدامه )246/13(، وأحكام أهل الذمة، البن<br />
القيم )407/1(، واملصدر السابق.<br />
ينظر: مفاتيح الغيب، للفخر الرازي )24/16( الدر املنثور، للسيوطي )309/7(، تفسري ابن أيب حام )1775/6( روح املعاين،<br />
لالوسي )76/10(، حكم دخول غري املسلمني للمساجد للشنقيطي )23(.<br />
ينظر: املصنف البن أيب شيبة، )260/2(، وأحكام القرآن، للقرطيب )105/4(، احملرر الوجيز، البن عطية )452/6(. تفسري ابن<br />
كثري )429/2(، الدر املنثور، للسيوطي )308/7(.
نوقشت أدلة القول األول أبن دخول مثامة وأيب سفيان للمسجد ومها مشركان، كان قبل نزول آية التوبة فما<br />
حصل من النيب <strong>يف</strong> ذلك منسوخ بقوله سبحانه: <br />
<br />
واملساجد مأمور<br />
<br />
<br />
بتطهريها من النجاسات احلسية واملعنوية كما قال سبحانه: <br />
واملساجد كلها بيوت هللا<br />
سبحانه. )666(<br />
وأجيب أبنه أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده وملا حانت صالهتم صلوا فيه وذلك عام الوفود بعد نزول<br />
قوله تعاىل: <br />
<br />
<br />
اآلية فلم تتناول اآلية حرم املدينة وال مسجدها وإذا جاز<br />
ذلك <strong>يف</strong> مسجد النيب فغريه أوىل. )667(<br />
ونوقش ذلك أبنه ضع<strong>يف</strong> اإلسناد ال تقوم به حجة )668(<br />
كما نوقش ربط مثامة <strong>يف</strong> املسجد أبن الذي توىل ربطه الصحابة فلما رآه مربوطاً أمر إبطالقه فألن يكون<br />
انكاراً لربطه أوىل من أن يكون تقريراً، وأجيب أبن البخاري أخرج احلديث <strong>يف</strong> املغازي مطوالً وفيه أنه مر عليه<br />
ثالث مرات وهو مربوط <strong>يف</strong> املسجد وإمنا أمر إبطالقه <strong>يف</strong> اليوم الثالث، مثك<strong>يف</strong> جيوز أن <strong>يف</strong>عل الصحابة أمراً<br />
ال يرضاه <br />
؟! )669(<br />
ونوقشت أدلة القول الثاين أبن كل تصرف حيدث من املسلمني <strong>يف</strong> عهد النيب مما يتعلق بشؤوهنم العامة،<br />
فال بد فيه من إذن الرسول ، فربط مثامة بسارية املسجد وإنزال وفد ثق<strong>يف</strong> َبملسجد كان عن أمره <br />
)670(<br />
وكذا سائر األدلة األخرى<br />
فاألصل هو عدم املنع وخالفناه <strong>يف</strong> املسجد احلرام<br />
ونوقشت أدلة القول الثالث: مبفهوم آية التوبة )671(<br />
للنص الصريح القاطع فوجب أن يبقى <strong>يف</strong> غريه على وفق األصل وإمنا خص املسجد احلرام دون غريه<br />
( 666 )<br />
( 667 )<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )914/2(، وأحكام القرآن، للقرطيب )105/4( وقال ابن كثري: "الظاهر من سياق القصة أهنا<br />
كانت قبل فتح مكة ألن أهل مكة عريوه َبإلسالم، وقالوا: أصبوت، فتوعدهم أبنه ال <strong>يف</strong>د إليهم من اليمامة حبة حنطة مرية حىت أيذن<br />
فيها رسول هللا فدل على أن مكة إذ ذاك دار حرب مل يسلم أهلها بعد، وهلذا ذكر البيهقي قصة مثامة بن أاثل قبل فتح مكة، وهو<br />
أشبه"ا.ه . السرية النبوية، البن كثري )92/4(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )397/1(.<br />
) 668 ( كما تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 182<br />
( 669 )<br />
( 670 )<br />
( 671 )<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )662/1(، بتصرف.<br />
ينظر: األم، للشافعي )290/4( ، وفتح الباري، البن حجر )662/1( واجملموع للنووي )254/21(، وزاد املعاد، البن القيم<br />
)525/3(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )317/4(، وأحكام املساجد للخضريي )130/3(، بتصرف ، وقال ابن حجر: "إين<br />
ألتعجب ك<strong>يف</strong> جوز أن الصحابة <strong>يف</strong>علون <strong>يف</strong> املسجد أمراً ال يرضاه رسول هللا ؟ فهو كالم فاسد مبين على فاسد"<br />
قال الفخر الرازي <strong>يف</strong> مفاتيح الغيب )22/8(: "اآلية مبنطوقها تبطل قول أيب حن<strong>يف</strong>ة رمحه هللا، ومبفهومها تبطل قول مالك رمحه هللا أو<br />
تقول: األصل عدم املنع، وخالفناه <strong>يف</strong> املسجد احلرام هبذا النص الصريح القاطع فوجب أن يبقى <strong>يف</strong> غريه على وفق األصل".
َبملنع <strong>يف</strong> آية التوبة واملقصود هبا منعهم من احلج كما يدل على ذلك قرائن أخرى تقدم ذكرها )672( ، أو<br />
أهنا خاصة َبملشركني من العرب الذين ال ذمة هلم دون سائر الكفار وسائر املساجد فهي َبقية على<br />
أصل اإلَبحة وفعل عمر وعلي وعمر بن عبدالعزيز اجتهاد منهم حسب ما يرونه من املصلحة وليس <strong>يف</strong><br />
قوة املرفوع.<br />
وفعل النيب <strong>يف</strong> إدخاله الكفار للمسجد يؤيد مفهوم آية التوبة فلو مل يكن حكم غري املسجد احلرام<br />
وأجيب عن ذلك أبن النص وإن كان مصرحاً َبملسجد احلرام إال أن<br />
خمالفاً له لعم ذلك،وملا خالفه )673( <br />
ذكر الفاء بعد اإلخبار أبن املشركني جنس، دليل على علة النهي )674(<br />
<br />
وقد وردت فاء العلية <strong>يف</strong> نصوص الشريعة دالة على مثل هذا كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
)675(<br />
<br />
وذلك لعلة السرقة .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فكذلك هنا املنع لعلة النجاسة واحلكم يدور مع علته وجوداً وعدماً وما دام أن املساجد مأمور بطهارهتا من<br />
)676(<br />
النجاسات احلسية واملعنوية فهذا يقتضي منع الكافر من دخوهلا صيانة هلا وتطهرياً<br />
وقد نوقش هذا اجلواب أبن السنة جاءت مبينة للقرآن وفعله مع مثامة ووفد ثق<strong>يف</strong> وجنران واليهود وغريه<br />
دال على اعتبار مفهوم اآلية وهو صريح <strong>يف</strong> حمل النزاع )677(<br />
فأجيب َبلنسخ ألن قصة مثامة كانت قبل فتح مكة وإمنا نزلت براءة بعد ذلك فال حجة <strong>يف</strong> احلديث )678(<br />
) 672 ( <strong>يف</strong> ص )171( .<br />
( 673 )<br />
( 674 )<br />
ينظر: أحكام القرآن ، للجصاص )89/3(، فتح الباري، البن حجر )176/8(، املغين، البن قدامه )246/13(، زاد املعاد، البن<br />
القيم )525/3( وحكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي، ص27-26، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )913/2(، وقال: "رأى الشافعي أن هذا خمصوص َبملسجد احلرام ال يتعداه إىل غريه من املساجد<br />
وهذا مجود منه على الظاهر الذي يسقط هذا الظاهر، فإن هللا مل يقل: ال يقرب هؤالء املسجد احلرام فيكون احلكم مقصوراً عليهم... بل<br />
أكد احلال ببيان العلة وكشفها، فقال: <br />
يريد وال بد لنجاستهم،<br />
<br />
( 675 )<br />
( 676 )<br />
( 677 )<br />
( 678 )<br />
فتعدت العلة إىل كل موضع حمرتم َبملسجدية .... فمنع هللا املشركني من دخول املسجد احلرام نصاً ومنع من دخول سائر املساجد<br />
تعليالً َبلنجاسة، ولوجوب صيانة املسجد عن كل جنس"ا.ه ، وينظر: أحكام القرآن، للقرطيب )105/4( .<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
.38<br />
ينظر: حكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي ، ص28، بتصرف.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )246/13(، زاد املعاد، البن القيم )525/3(.<br />
وتقدم بيان ذلك قريباً ، ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )914/2(، وأحكام القرآن، للقرطيب )105/4(، وقال: "أجاب علماؤان<br />
عن هذا احلديث –وإن كان صحيحاً- أبجوبة: أحدها –أنه كان متقدماً على نزول اآلية، الثاين<br />
فلذلك ربطه. الثالث<br />
–<br />
–<br />
أن النيب كان قد علم إبسالمه<br />
أن ذلك قضية <strong>يف</strong> عني فال ينبغي أن تدفع هبا األدلة اليت ذكرانها، لكوهنا مقيدة حبكم القاعدة الكلية وقد ميكن<br />
أن يقال: إمنا ربطه <strong>يف</strong> املسجد لينظر حسن صالة املسلمني واجتماعهم عليها، وحسن آداهبم <strong>يف</strong> جلوسهم <strong>يف</strong> املسجد فيستأنس بذلك<br />
ويسلم وكذلككان".
ونوقش ذلك أبنه على التسليم به فإن وفد ثق<strong>يف</strong> كان قدومه بعد فتح مكة َبالتفاق، <strong>يف</strong> السنة التاسعة من<br />
اهلجرة بعد غزوة تبوك فدل على أنه غري منسوخ )679(<br />
فأجيب أبن وفد ثق<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> رمضان واإلعالن بسورة التوبة كان <strong>يف</strong> ذي احلجة فتكون اآلية انسخة<br />
للحديث. )680(<br />
ونوقش ذلك مبا روي عن جابر موقوفاً ومرفوعاً من استثناء أهل العهد وخدمهم من املسجد احلرام فغريه من<br />
َبب أوىل. )681(<br />
فأجيب عن ذلك أبن املرفوع غري حمفوظ واملوقوف رأي صحايب خالفه فيه غريه كعمر وأيب موسى األشعري<br />
هللا عنهما وغريمها كما تقدم. )682(<br />
<br />
ونوقش االستدالل بقوله سبحانه: <br />
أبهنا ال تدل على<br />
حترمي دخول الكافر للمسجد ألهنا نزلت <strong>يف</strong> حق من استوىل عليها وعاث فيها فساداً وخراَبً فأما من دخلها<br />
من غري ذلك فال دليل على حترمي فعله )683(<br />
وجياب عن ذلك أبن الكفر ملة واحدة والكافر إمنا أبغض املسلمني ألجل دينهم فال يؤمن إفساده عند<br />
دخول املسجد ولو سلم عدم وجود دالله <strong>يف</strong> اآلية فإن <strong>يف</strong> َبقي األدلة األخرى ما تقوم به احلجة إن شاء هللا.<br />
وهبذا يظهر قوة أدلة القول الثالث وإمكان اجلواب عما ورد عليها من املناقشات فيرتجح املنع، وأنه ال ينبغي<br />
ألي كافر دخول أي مسجد <strong>يف</strong> الدنيا وأال ميكن من ذلك حىت تبقى املساجد مصانة حمرتمة ترفع ويذكر فيها<br />
اسم هللا َبلغدو واآلصال.<br />
إال أنه <strong>يف</strong> حال وجود ضرورة أو مصلحة راجحة لإلسالم واملسلمني <strong>يف</strong> دخول الكافر للمساجد أو كان <strong>يف</strong><br />
ذلك دفع ملفسدة أعظم فحينئذ يرتجح القول َبجلواز <strong>يف</strong> هذه احلال مجعاً بني األدلة وتوفيقاً بني النصوص<br />
ومراعاة للمصاحل واملفاسد .<br />
قال ابن القيم رمحه هللا: "وأما دخول الكفار مسجد النيب فكان ذلك ملا كان َبملسلمني حاجة إىل ذلك،<br />
وألهنم كانوا خياطبون النيب <strong>يف</strong> عهدهم ويؤدون إليه الرسائل وحيملون منه األجوبة ويسمعون منه الدعوة ومل<br />
( 679 )<br />
قال ابن كثري <strong>يف</strong> السرية النبوية )53/4( : )والصحيح أن وفد ثق<strong>يف</strong> كان قدومه قبل حج أيب بكر َبلناس وإن زعم موسى بن عقبه<br />
واتبعه البيهقي خالف ذلك من أن وفد ثق<strong>يف</strong> كان بعد حج أيب بكر( واألول اختيار ابن اسحاق وابن كثري فتبني أن إنزاهلم كان قبل<br />
نزول براءة ألهنا كانت <strong>يف</strong><br />
9<br />
( 680 )<br />
( 681 )<br />
ذي احلجة ووفد ثق<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> رمضان، وينظر: زاد املعاد، البن القيم )524/3(.<br />
ينظر: أحكام القرآن البن العريب )913/2(، أحكام القرآن، للقرطيب )104/4( فتح الباري، البن حجر )176/8(، املغين البن<br />
قدامة )246/13(، زاد املعاد، البن القيم )525/3(.<br />
وقد تقدم ذلك <strong>يف</strong> ص )172(.<br />
) 682 ( <strong>يف</strong> ص )172(، ينظر: املصادر السابقة.<br />
( 683 )<br />
ينظر: سبل السالم، للصنعاين، حتقيق حالق )186/2(.
يكن النيب ليخرج من املسجد لكل من قصده من الكفار فكانت املصلحة <strong>يف</strong> دخوهلم إذ ذاك أعظم من<br />
املفسدة اليت فيه ... وأما اآلن فال مصلحة للمسلمني <strong>يف</strong> دخوهلم مساجدهم واجللوس فيها، فإن دعت إىل<br />
ذلك مصلحة راجحة جاز دخوهلا بال إذن" )684(<br />
وقد أفىت جبواز دخوهلم <strong>يف</strong> حال الضرورة ووجود مصلحة أو دفع مفسدة بذلك من املعاصرين كل من الشيخ/<br />
)685(<br />
حممد بن إبراهيم وابن َبز واللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء، وعبدهللا بن حممد األمني الشنقيطي.<br />
فإن كان دخوهلم هلا لعمارهتا أو إصالحها فهذا حمل خالف بني املعاصرين حبسب تقديرهم للمصاحل<br />
واملفاسد <strong>يف</strong> ذلك فقد أفتت هيئة كبار العلماء َبإلمجاع أنه ال ينبغي تويل الكفار تعمري املساجد حيث يوجد<br />
من يقوم بذلك من املسلمني وألهنم ال يؤمنون من الغش عند تصميم املخططات أو تنفيذها )686(<br />
وأفىت الشيخ حممد بن عثيمني جبواز دخوهلم<br />
من املسلمني. )687(<br />
إلصالح حمتوايت املسجد ويتحرز منه أبن يكون عليه مشرف<br />
وهذا االختالف راجع إىل تقدير الضرورة واملصلحة <strong>يف</strong> هذا العمل فإن وجدت ضرورة إليه النعدام من يقوم<br />
به من املسلمني جاز ذلك مع التحرز بوجود مشرف مسلم وهبذا يتم التوفيق بني القولني، والواقع اآلن يقضي<br />
َبملنع النعدام الضرورة واملصلحة <strong>يف</strong> ذلك.<br />
ومن املؤسف جداً أن كثرياً من املساجد <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> شىت بقاع األرض وعلى رأسها املسجد األقصى<br />
أصبحت معاملاً سياحية يراتدها اليهود والنصارى واملشركني ويرتكبون فيها احملرمات واملنكرات بدعم من<br />
احلكومات املوسومة َبإلسالمية.<br />
وال شك أن دخول الكفار للمساجد لغرض <strong>السياحة</strong> والنزهة والفرجة فقط –دون وجود مصلحة راجحة<br />
لإلسالم واملسلمني- أوىل َبملنع والتحرمي لغلبة املفسدة وانعدام احلاجة والضرورة واملصلحة من وراء ذلك،وملا<br />
فيه من تدنيس املساجد وإهانتها، وخمالفة النصوص الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> التحرمي واملنع من ذلك. )688(<br />
( 684 )<br />
( 685 )<br />
( 686 )<br />
أحكام أهل الذمة )408-407/1(، وذكر البهويت <strong>يف</strong> كشاف القناع )1367/2( حنواً من ذلك.<br />
ينظر: فتاوى حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )263/6-5(، وفتاوى ابن َبز مجع الشويعر )356/8(، وفتاوى اللجنة الدائمة، مجع<br />
الدويش )116-99/2(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد، للشنقيطي )32-31(.<br />
وذلك <strong>يف</strong> القرار رقم )78( واتريخ )1400/10/21ه ) <strong>يف</strong> الدورة السادسة عشر َبلطائف. ينظر: أحباث هيئة كبار العلماء<br />
.)550-549/7(<br />
( 687 )<br />
( 688 )<br />
ينظر: لقاء الباب املفتوح، للشيخ ابن عثيمني، )50-41(، إعداد عبدهللا الطيار، ص)221(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم، حتقيق البكري والعاروري، )408/1( هامش)1( ، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،<br />
للشنقيطي)33-32(، وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص )227(، وقال بعد ترجيحه القول جبواز دخول الكفار للمساجد:<br />
"ينبغي أن يعلم أن القائلني به قالوا: يؤذن هلم للحاجة وإمنا مقصود احلاجة عندهم –وهللا تعاىل أعلم- االستماع إىل داعي اخلري والفالح<br />
كما قال تعاىل:<br />
<br />
<br />
وال يعد من قبيل احلاجة أن يشجع الكفار للسياحة <strong>يف</strong> بالد املسلمني ألجل الربح املادي ف<strong>يف</strong>سح هلم اجملال لدخول املساجد بنسائهم،
املسألة الثالثة: سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب :<br />
لتقرير احلكم <strong>يف</strong> هذه املسألة ال بد من بيان حدود جزيرة العرب وخصائصها وأمهية خلوها من الكفار وما<br />
ورد <strong>يف</strong> ذلك من النصوص الشرعية وكالم الفقهاء، ألن احلكم على الشيء فرع عن تصوره، فنقول وَبهلل<br />
التوفيق:<br />
أوالً: حدود جزيرة العرب :<br />
حيدها من الغرب: حبر القلزم )689( ، ويقال: حبر احلبشة ويعرف اآلن َبسم: البحر األمحر.<br />
ومن اجلنوب: حبر العرب ويقال: حبر اليمن .<br />
ومن الشرق: خليج البصرة ويعرف اآلن َبسم: اخلليج العريب.<br />
وهذا التحديد من هذه اجلهات الثالث حمل اتفاق بني احملدثني والفقهاء واملؤرخني واجلغرافيني وغريهم. )690(<br />
وأما احلد الشمايل: فساحل البحر األمحر الشرقي الشمايل وما على مُسامَتِّتِّه شرقاً من مشارف الشام وأطراره<br />
)األردن حالياً( ومنقطع السماوة من ر<strong>يف</strong> العراق، واحلد غري داخل <strong>يف</strong> احملدود هنا )691(<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "جزيرة العرب هي من حبر القلزم إىل حبر البصرة، ومن أقصى حجر اليمامة إىل أوائل<br />
الشام، حبيث كانت تدخل اليمن <strong>يف</strong> دارهم، وال تدخل فيها الشام، و<strong>يف</strong> هذه األرض كانت العرب حني<br />
البعث وقبله" )692(<br />
( 689 )<br />
( 690 )<br />
( 691 )<br />
( 692 )<br />
ومبالبسهم اليت تنا<strong>يف</strong> األخالق <strong>اإلسالم</strong>ية الرفيعة، ف<strong>اإلسالم</strong> رغب املرأة املسلمة أن تصلي <strong>يف</strong> بيتها وبني أن صالهتا <strong>يف</strong> بيتها أفضل من<br />
صالهتا <strong>يف</strong> املسجد فهي ال مجعة عليها وال مجاعة، وكل ذلك درءاً للفتنة هبا فك<strong>يف</strong> إذن جنعل مساجدان متاحة بني أيدي الكافرات<br />
<strong>يف</strong>تنت هبن املسلمني".<br />
القلزم مدينة على طرفه الشمايل، ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد ، ص)17(.<br />
وممن أفصح عن هذا التحديد َبلنص: ابن حوقل، واالصطخري واهلمداين والبكري وايقوت وهو منصوص الرواية عن مالك وتفيده<br />
الرواية عن أمحد، وما وقع من اخلالف بني الفقهاء فإمنا هو <strong>يف</strong> َشول األمر إبخراج الكفار من جزيرة العرب كلها أو جلزء منها كما يدل<br />
على ذلك نصوص كثري منهم ومن ذلك: قول النووي <strong>يف</strong> شرح صحيح مسلم: "الشافعي خص هذا احلكم ببعض جزيرة العرب وهو<br />
احلجاز...دون اليمن وغريه مما هو من جزيرة العرب"، ينظر شرح صحيح مسلم )103/12-11(، وحتفة األحوذي، للمباركفوري<br />
)230/5(، وقال الرملي: "ليس املراد مجيع جزيرة العرب بل احلجاز منها"، ينظر: هناية احملتاج )83/8(، و<strong>يف</strong> حاشيتا قليويب وعمريه:<br />
)232/4( قال: "ومينع كل كافر من استيطان احلجاز واإلقامة به... وهو قطعة من جزيرة العرب"، وينظر: شرح السري الكبري،<br />
للسرخسي )1542-1541/4(، املغرب <strong>يف</strong> ترتيب املعرب، للمطرزي )83-82(، شرح فتح القدير، البن اهلمام )301/5(، فتح الرب<br />
<strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )171/9(، شرح خمتصر خليل، للخرشي )145/3(، األم للشافعي )187/4(، روضة الطالبني<br />
للنووي )308/10( املصباح املنري، للفيومي، )99( مغين احملتاج للشربيين )246/4( ، املقنع والشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو<br />
الفرج بن قدامه، واملرداوي )468/10(، املغين البن قدامة )243/13(، وخصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد ، ص)17(، وجزيرة<br />
العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر، ص)17(.<br />
املصدر السابق.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع بن قاسم )631/28-236/22( واقتضاء الصراط املستقيم، ص )454(.
وألجل هذا التحديد َبملياه اإلقليمية الثالثة صارت تعرف عند املتأخرين َبسم )شبه اجلزيرة العربية( وإمنا قيل:<br />
)جزيرة العرب( إلحاطتها بثالثة أحبر، وألن احلد الشمايل وإن كان إىل مشارف الشام ور<strong>يف</strong> العراق إال أن ما<br />
وراء ذلك من أهنار: بردى ودجلة والفرات متصل برأس اخلليج العريب، فكأن التجوز <strong>يف</strong> ذاك اإلطالق حبكم<br />
اجملاورة. )693(<br />
)694(<br />
ونسبت إىل العرب ألهنا أرضها ومسكها ومعدهنا<br />
وقد وهم من مد مسمى جزيرة العرب َشاالً إىل دجلة والفرات وعنق النيل، ألن املضاف إليه )العرب( حيدد<br />
املراد كما هو ظاهر <strong>يف</strong> تسميتها فقد علم <strong>يف</strong> امتداد العرب ومنازل القبائل واضطراهبم بني ظعن وإقامة أهنم مل<br />
يتجاوزوا ما تقدم رمسه <strong>يف</strong> احلد الشمايل.<br />
وعلى هذا فاألردن وسوراي والعراق ليست داخلة <strong>يف</strong> ذلك. )695(<br />
واخلالف <strong>يف</strong> هذا احلد الشمايل عائد –والعلم عند هللا- إىل عدم وجود فواصل )تضاريسية( تقطع القول<br />
َبلتحديد مبعلم ظاهر، كما هو احلال <strong>يف</strong> اجلهات الثالث األخرى.<br />
ولكن حبكم املدلول اللفظي <strong>يف</strong> إضافة اجلزيرة إىل العرب فهي تعين منابتهم ومرجع أصوهلم كما تقدم ال<br />
موطن رحلتهم إىل املشارق واملغارب .<br />
فمن نزح من العرب كالغساسنة إىل الشام وربيعة ومضر <strong>يف</strong> اجلزيرة الفراتية فإن ذلك ال يدخل مضارب<br />
)696(<br />
نزوحهم إىل مسمى منابت أصوهلم )جزيرة العرب( كما نص على ذلك بعض العلماء.<br />
واملياه اإلقليمية جلزيرة العرب وما فيها من جزر فهي اتبعة هلا )كالبحرين( )697(<br />
( 693 )<br />
( 694 )<br />
( 695 )<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص)18(، وجزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong>، ص)17(،<br />
وينظر أيضاً: نيل األوطار للشوكاين )322-319/10-9(، وسبل السالم، للصنعاين )307-302/7(، فتح الباري، البن حجر<br />
)197/6(، شرح صحيح مسلم، للنووي )103/12-11(، حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي للمباركفوري )230/5(، املغرب <strong>يف</strong><br />
ترتيب املعرب، للمطرزي )83-82(، شرح فتح القدير، البن اهلمام )301/5(، فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب<br />
)171/9(، املنتقى، للباجي )196/7(، املصباح املنري، للفيومي، )99( مغين احملتاج، للشربيين )246/4(، املقنع والشرح الكبري<br />
واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين، البن قدامه )243/13(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص )20(، بتصرف.<br />
–<br />
( 697 )<br />
) 696 ( كاالصطخري حيث قال: "وقد سكن طوائف من العرب –من ربيعة ومضر- اجلزيرة، حىت صارت هلم هبا داير ومزارع، ومل أر أحداً<br />
عزا اجلزيرة إىل داير العرب ألن نزوهلم هبا وهي داير لفارس والروم- <strong>يف</strong> أضعاف قرى معمورة، ومدن هلا أعمال عريضة، فنزلوا على<br />
خفارة فارس والروم حىت إن بعضهم تنصر بدين النصرانية مع الروم مثل تغلب من ربيعة أبرض اجلزيرة وغسان وبراء وتنوخ من اليمن<br />
أبرض الشام". ينظر: املصدر السابق.<br />
ينظر: املصدر السابق، وحاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، أسىن املطالب، لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج، للشربيين )246/4(،<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية )129/3(.
قال الشافعي رمحه هللا: "ال مينع أهل الذمة من ركوب حبر احلجاز –أي على سبيل العبور- ومينعون من املقام<br />
<strong>يف</strong> سواحله، وكذا إن كانت <strong>يف</strong> حبر احلجاز جزائر وجبال تسكن منعوا من سكناها، ألهنا من أرض<br />
احلجاز" )698(<br />
وصرح الرملي أبن اجلزر مينعون من سكناها، مسكونة كانت أو غري مسكونة، وقال: "قال القاضي: ال ميكنون من<br />
)699(<br />
اإلقامة <strong>يف</strong> مركب أكثر من ثالثة أايم أي إذا كان مبوضع واحد"<br />
ومل يتعرض هلذه املسألة غري الشافعية. )700(<br />
وتسمى جزيرة العرب وارض العرب، وقد وردا <strong>يف</strong> السنة واستعماالت الفقهاء، ومن أمسائها بالد العرب وداير<br />
العرب واجلزيرة العربية وشبه اجلزيرة العربية. )701(<br />
اثنياً: خصائص جزيرة العرب :<br />
من أبرز خصائصها ما يلي :<br />
-1<br />
أهنا حرم <strong>اإلسالم</strong> ومنار النبوة وعاصمة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي وستظل حبول هللا قاعدة <strong>اإلسالم</strong><br />
كما كانت قاعدته أوالً، ومعقل اإلميان آخراً كما كانت سابقاً. )702(<br />
دائماً،<br />
قوله <br />
قوله<br />
: ))إن الشيطان يئس أن يعبده املصلون <strong>يف</strong> جزيرة العرب ولكن <strong>يف</strong> التحريش بينهم(( )703(<br />
، و<strong>يف</strong> هذا تشر<strong>يف</strong> ألهل اجلزيرة ودليل على يئس الشيطان من اجتماعهم على اإلشراك َبهلل<br />
تعاىل، وقد عمم بعض الفقهاء هذا احلديث على عامة األمة. )704(<br />
العرب(( )705(<br />
: ))قاتل هللا اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد ال يبقني دينان <strong>يف</strong> أرض<br />
، وقوله: ))ألخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حىت ال أدع إال<br />
-2<br />
-3<br />
( 698 )<br />
( 699 )<br />
األم، للشافعي )178/4(، روضة الطالبني، للنووي )308/10( تكملة اجملموع، للنووي، للمطيعي )244/21-وما بعدها(،<br />
واملصادر السابقة.<br />
هناية احملتاج، للرملي )83/8<br />
–<br />
( 700 )<br />
( 701 )<br />
( 702 )<br />
( 703 )<br />
( 704 )<br />
وما بعدها(، وهو: َشس الدين الرملي، حممد بن أمحد بن محزة، فقيه الداير املصرية <strong>يف</strong> عصره<br />
ومرجعها <strong>يف</strong> الفتوى، يقال له: الشافعي الصغري، نسبته إىل الرملة من قرى املنوفية مبصر ولد وتو<strong>يف</strong> َبلقاهرة 1004-919ه ، ويل إفتاء<br />
الشافعية ومجع فتاوى أبيه وصنف شروحاً وحواشي منها: هناية احملتاج على شرح املنهاج، غاية البيان <strong>يف</strong> شرح زبد ابن رسالن، غاية املرام<br />
<strong>يف</strong> شرح شروط املأموم واإلمام، فتاوى الرملي.<br />
ينظر: األعالم، للزركلي )8-7/6(، ولالستزادة: خالصة األثر )342/3(، معجم املؤلفني )256/4(.<br />
ينظر: املصادر السابقة، إال أن الزيلعي أشار لذلك <strong>يف</strong> تبيني احلقائق )284/3(، فقال: "قوله: و<strong>يف</strong> أرض العرب مينعون من ذلك كله،<br />
أي أمصارها وقراها... وال <strong>يف</strong> ماء من مياه العرب".<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص )15(، وجزيرة العرب والكفار ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong>، ص)17(، بتصرف.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص)73-29(، بتصرف.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب صفات املنافقني ، َبب حتريش الشيطان )ص1168( رقم )2812(.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص)73-29(، بتصرف .
مسلماً(( )706(<br />
، وهذا نص <strong>يف</strong> منع كل كافر من استيطاهنا والقرار فيها ألهنا دار طيبة ال يقطنها<br />
إال طيب وأما اخلبيث فينفى منها وخيرج )707(<br />
.<br />
أن <strong>اإلسالم</strong> حني يظهر <strong>يف</strong> خارجها فإنه ينحاز إليها وأيوي فيجد كرم الوفادة بعد الغربة وطول<br />
احملنة قال <br />
)708(<br />
احلية إىل جحرها((.<br />
: ))إن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، وهو أيرز بني املسجدين كما أترز<br />
-4<br />
أهنا <strong>يف</strong> وسط األرض وقد أثبت بعض الباحثني املعاصرين أبن مكة هي مركز<br />
الكرة األرضية<br />
-5<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ووسط الدنيا )709(<br />
، ولذا قال تعاىل:<br />
)710(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قال بعض أهل العلم: ألن الدنيا كلها حول أم القرى، وقد أودع هللا <strong>يف</strong> هذه األرض خريات وكنوز كثرية من<br />
أمهها <strong>يف</strong> عاملنا املعاصر النفط فإن<br />
%70<br />
من هذا الذهب األسود يكمن <strong>يف</strong> َبطنها إضافة إىل الثروات<br />
األخرى املتنوعة ولكون اجلزيرة <strong>يف</strong> وسط األرض فهي تتمتع مبوقع اسرتاتيجي هام وتشكل حلقة وصل بني<br />
أقطار الدنيا وشرايانً هاماً فيها. )711(<br />
إىل غري ذلك من اخلصائص والفضائل املتعددة، جلزيرة العرب عموماً ولبالد احلجاز على وجه اخلصوص.<br />
وقد ذكر بعض املعاصرين ضماانت هامة حلماية هذه اخلصائص من أبرزها: )712(<br />
احملافظة على احلدود الشرعية ومعاقبة من ينتهكها وينال منها، وحتكم الشريعة <strong>يف</strong> كل أمر.<br />
سلطان احلاكمية فيها ال جيوز أن يكون لغري دولة التوحيد .<br />
احلرص على إزالة مجيع املنكرات ودواعي اخلذالن وأسباب السخط والعقوبة <strong>يف</strong> شىت جماالت<br />
احلياة.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
( 705 )<br />
( 706 )<br />
( 707 )<br />
( 708 )<br />
( 709 )<br />
( 710 )<br />
( 711 )<br />
( 712 )<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلنائز، َبب ما يكره من اتاذ املساجد على القبور )ص103( رقم )1330(، ومسلم <strong>يف</strong><br />
كتاب املساجد ، َبب النهي عن بناء املسجد على القبور )ص، 760( ، رقم )530(، وزايدة ))ال يبقني دينان أبرض العرب(( عند<br />
مالك <strong>يف</strong> املوطأ، كتاب اجلامع، َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )680/2( قال حمققه حممد فؤاد عبدالباقي: )مرسل وهو<br />
موصول <strong>يف</strong> الصحيحني عن عائشة(<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب اجلهاد ، َبب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب )ص<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص)73-29(، بتصرف .<br />
)991 رقم .)1767(<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب اإلميان، َبب بيان أن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريب....اخل ص )702( رقم )146(.<br />
ينظر: جزيرة <strong>اإلسالم</strong>، سلمان العوده، ص36-28، بتصرف.<br />
سورة الشورى، اآلية<br />
.7<br />
ينظر: جزيرة <strong>اإلسالم</strong>، سلمان العوده،<br />
36-28، بتصرف.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص80-75<br />
، بتصرف.
-4<br />
-5<br />
-6<br />
منع سكن املشركني أو إيوائهم أو متليكهم لألراضي والدور أو منحهم اجلنسية وتطهري البالد منهم.<br />
مالحقة البدع وحماصرهتا <strong>يف</strong> كل أمر كلي أو جزئي وإن دق وتنظ<strong>يف</strong> اجلزيرة منها.<br />
العمل على مجع الكلمة وتوحيد الصف وقمع كل من يريد متزيق األمة وتشتيتها وإشاعة الفنت<br />
فيها.<br />
اثلثاً: أمهية خلو جزيرة العرب من الكفار :<br />
إن ما يتعرض له املسلمون <strong>يف</strong> هذا العصر من هجمات شرسة من قبل أعداء امللة والدين تظهر جبالء حكمة<br />
املصطفى <br />
ومعجزة نبوته <strong>يف</strong> أمره إبخراج املشركني من جزيرة العرب وأن ال جيتمع فيها دينان وأن تكون<br />
كلمة هللا هي العليا ، فاملسلمون <strong>يف</strong> هذا الزمن يرون بكل أسى هيمنة الغرب وتسلطه على داير املسلمني<br />
والعمل على متزيقهم وإجياد ومحاية األقليات غري املسلمة <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>، ومن أبرز دالئل ذلك فصلهم<br />
لتيمور الشرقية عن إندونيسيا حلماية النصارى وتكوين دولة هلم <strong>يف</strong> أرض املسلمني هناك .<br />
وكذلك ما يقوم به اليهود <strong>يف</strong> فلسطني من زراعة للمستوطنات وإسكان بين جلدهتم فيها وهدم داير املسلمني<br />
هناك، ودول العامل تتكالب على محاية اليهود ودعمهم لوقوعهم <strong>يف</strong> عمق العامل <strong>اإلسالم</strong>ي وتسعى جاهدة إىل<br />
إَبدة املسلمني <strong>يف</strong> فلسطني ومنع قيام دولة إسالمية هناك.<br />
ولن تسلم أرض احلجاز وجزيرة العرب من مثل هذا لو مسح لليهود والنصارى َبالستيطان فيها ودخول<br />
أراضيها املقدسة.<br />
ولذا أوصى إبخراجهم وبني أبن جزيرة العرب هي معقل <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> آخر الزمان ونص الفقهاء على ذلك<br />
<strong>يف</strong> مدوانهتم واهتموا ببيانه لألمة. )713(<br />
وإذا كانت اجلزيرة قاعدة <strong>اإلسالم</strong> وقلبه النابض ومهوى أفئدة املسلمني فإن وجود الكفار وإقامتهم فيها مع<br />
ما يصحب ذلك من فنت ومنكرات وكفر َبهلل عز وجل هو عني املبارزة واحملاربة لدينه وشرعه <strong>اإلسالم</strong>، إضافة<br />
على ما <strong>يف</strong> ذلك من ذل وتدنيس لداير املسلمني وخطر على عقيدهتم وأخالقهم )714(<br />
.<br />
وإذا كانت العلة <strong>يف</strong> إخراج املشركني وعدم الرضى بوجود كيان هلم <strong>يف</strong> هذه اجلزيرة هي لتبقى هذه الداير داير<br />
إسالم، وأهلها مسلمني فتسلم قاعدة املسلمني ويسلم قادهتم من أي هتويد أو تنصري فإن احلكم يدور مع<br />
علته فال يقتصر األمر على إخراجهم حسياً وجسدايً فقط بل ويشمل إخراج نفوذهم وحضارهتم ودعوهتم<br />
وعقائدهم وكل ما يهدد أخالقيات هذه البالد وينال من كرامتها. )715(<br />
رابعاً: حكم إخراج الكفار من جزيرة العرب :<br />
( 713 )<br />
( 714 )<br />
( 715 )<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص221، بتصرف.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص83، بتصرف.<br />
ينظر: املصدر السابق، ص84-83، بتصرف.
حترير حمل النزاع <strong>يف</strong> املسألة: اتفق الفقهاء على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ومنعهم من السكن<br />
وذلك أنه ملا كانت أرض العرب منبت <strong>اإلسالم</strong> وعرينه، وفيها بيت هللا ومهبط الوحي،<br />
فيها أو متلكها )716(<br />
فقد اختصت عن غريها من البالد <strong>اإلسالم</strong>ية هبذه اخلاصية واحلكمة من ذلك وهللا أعلم : أن <strong>اإلسالم</strong> منها<br />
بدأ وإليها يعود كما تقدم ألن فيها أول بيت وضع للناس فله حرمة أبن ال جياوره مشرك وألهنا مهبط الوحي<br />
فلها حرمة توجب نفي الشرك منها وتكرمياً ملكان مولده<br />
ووفاته <br />
من أن تدنسه أقدام أهل الكفر والضاللة،<br />
وحفاظاً على حتريره وتطهريه هلذه األرض من الشرك وأهله فتدنيسها هبم بعد ذلك إبطال لعمله وإضاعة<br />
لألمانة اليت محلنا إايها وخيانة للوصية اليت أوصى هبا . )717(<br />
ومن األدلة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ما يلي<br />
الدليل األول :<br />
:<br />
حديث ابن عباس أن النيب أوصى قبل موته بثالث منها قوله: ))أخرجوا املشركني من جزيرة<br />
العرب(( )718(<br />
الدليل الثاين :<br />
عن جابر هللا عنه قال: أخربين عمر بن اخلطاب أنه مسع رسول هللا <br />
والنصارى من جزيرة العرب حىت ال أدع إال مسلماً(( )719(<br />
يقول: ))ألخرجن اليهود<br />
الدليل الثالث :<br />
عن أيب هريرة قال: بينما حنن <strong>يف</strong> املسجد خرج النيب فقال: انطلقوا على يهود فخرجنا حىت جئنا بيت<br />
املدارس فقال: ))أسلموا تسلموا واعلموا أن األرض هلل ورسوله وإين أريد أن أجليكم من هذه األرض فمن<br />
)720(<br />
جيد منكم مباله شيئاً فليبعه وإال فاعلموا أن األرض هلل ورسوله((.<br />
( 716 )<br />
( 717 )<br />
( 718 )<br />
( 719 )<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1542-1541/4(، بدائع الصنائع، للكاساين )185/7(، شرح فتح القدير، للكمال بن اهلمام<br />
)301/5(، حاشية ابن عابدين )328-327/6(، مواهب اجلليل، للحطاب )595-594/4(،= =التاج واإلكليل، للمواق )594/4(<br />
حاشية الدسوقي )202/2(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )487/1(، األم، للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني، للنووي<br />
)309-308/10(، تكملة اجملموع، للمطيعي )244/21-وما بعدها(، حاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، مغين احملتاج، للشربيين<br />
)246/4( املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين البن قدامه<br />
)243/13(، منتهى اإلرادات، للفتوحي مع حاشية النجدي )245/2(، كشاف القناع للبهويت )1367-1366/2(، واملوسوعة<br />
الفقهية الكويتية )125/25-128/17(.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1542-1541/4(، بدائع الصنائع، للكاساين )185/7( جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية<br />
اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر، ص)19(، بتصرف.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد ، َبب هل يستشفع إىل أهل الذمة )ص، 245(، رقم )3053(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
الوصية ، َبب ترك الوصية ملن ليس له شيء يوصي فيه )964( رقم )1637(.<br />
سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص )200(.
الدليل الرابع :<br />
عن ابن عمر أن عمر بن اخلطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض احلجاز وكان رسول هللا ملا<br />
ظهر على خيرب أراد إخراج اليهود منها وكانت األرض إذا أظهر عليها هلل ولرسوله وللمسلمني فسأل اليهود<br />
رسول هللا أن يقرهم هبا على أن يكفوا العمل وهلم نصف الثمر فقال رسول هللا : ))أقركم على ذلك<br />
)721(<br />
ما شئنا(( فأقروا هبا وأجالهم عمر <strong>يف</strong> إمارته إىل تيماء وأرحيا.<br />
الدليل اخلامس :<br />
عن ابن عمر أن يهود بين النضري وقريظة حاربوا رسول هللا فأجلى رسول هللا بين النضري وأقر<br />
قريظة ومن عليهم حىت حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجاهلم وقسم نسائهم وأوالدهم وأمواهلم بني املسلمني<br />
إال أن بعضهم حلقوا برسول هللا فآمنهم وأسلموا وأجلى رسول هللا يهود املدينة كلهم بين قينقاع وهم<br />
قوم عبدهللا بن سالم ويهود بين حارثة وكل يهودي كان َبملدينة. )722(<br />
السادس : الدليل<br />
عن أيب عبيدة بن اجلراح قال: كان <strong>يف</strong> آخر ما تكلم به رسول هللا <br />
جنران من جزيرة العرب(( )723(<br />
قال: ))اخرجوا اليهود من احلجاز وأهل<br />
الدليل السابع :<br />
)724(<br />
عن عائشة قالت: كان آخر ما عهد رسول هللا أن قال: ))ال يرتك جبزيرة العرب دينان((<br />
الدليل الثامن :<br />
أن النيب أمر أن ال ندع <strong>يف</strong> املدينة ديناً غري <strong>اإلسالم</strong> إال أخرج. )726(<br />
عن أيب رافع )725(<br />
( 720 )<br />
( 721 )<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلزية ، َبب إخراج اليهود من جزيرة العرب )ص256( رقم )3167(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
اجلهاد ، َبب إجالء اليهود من احلجاز )991( رقم )1765(.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب فرض اخلمس ، َبب ما كان يعطي النيب<br />
<br />
( 722 )<br />
( 723 )<br />
( 724 )<br />
( 725 )<br />
ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة واملزارعة ، َبب املساقاة واملعاملة جبزء من الثمر )ص948(، رقم )6-1551(.<br />
املؤلفة قلوهبم.. ص)255(، رقم )3152(،<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار، َبب مناقب سعد بن معاذ )309( رقم )3804(، ومواضع أخرى، ومسلم<br />
<strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب إجالء اليهود من احلجاز )991( رقم )1766(، واللفظ له.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )196-195/1(، والدارمي <strong>يف</strong> كتاب السري، َبب إخراج املشركني من جزيرة العرب )305/2(، رقم<br />
)2498(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )325/5(: )رواه أمحد إبسنادين ورجال طريقني منها ثقات متصل إسنادمها ورواه أبو يعلي(.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )275/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> السنن )266/6(، وقال اهليثمي )325/5(: رواه أمحد والطرباين <strong>يف</strong> األوسط ورجال<br />
أمحد رجال الصحيح غري ابن اسحاق وقد صرح َبلسماع.<br />
أبو رافع هو: موىل رسول هللا قيل امسه إبراهيم وقيل سنان وقيل يسار وغري ذلك قال ابن عبدالرب أشهر ما قيل <strong>يف</strong> امسه أسلم وكان<br />
امسه قرمان القبطي، كان موىل للعباس فوهبه للنيب فأعتقه ملا بشره إبسالم العباس، كان إسالمه قبل بدر ومل يشهدها وشهد أحداً وما<br />
بعدها وروى عن النيب وعن بن مسعود وروى عنه أوالده رافع واحلسن وعبيد هللا واملغريه وأحفاده وغريهم، مات َبملدينة قبل عثمان<br />
بيسري أو بعده وقيل <strong>يف</strong> خالفة علي، ينظر: اإلصابة، البن حجر )65/8-7(، وسري أعالم النبالء )16/2(.
الدليل التاسع :<br />
عن أم سلمة رضي هللا عنها قالت: قال رسول هللا : ))أخرجوا اليهود من جزيرة العرب(( )727(<br />
الدليل العاشر :<br />
روى مالك عن ابن شهاب أن رسول هللا قال: ))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب(( )728(<br />
فهذه األدلة صحيحة صرحية <strong>يف</strong> الداللة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ومنعهم من االستيطان<br />
فيها وهو ما قرره علماء األمة. )729(<br />
وقد بوب البخاري حلديث أيب هريرة السابق )الدليل الثالث(، فقال: )َبب إخراج اليهود من جزيرة العرب(،<br />
قال ابن حجر: "وكأن املصنف اقتصر على ذكر اليهود ألهنم يوحدون هللا تعاىل إال القليل منهم ومع ذلك<br />
أمر إبخراجهم فيكون إخراج غريهم من الكفار بطريق األوىل... وحيتمل وهللا أعلم أن يكون النيب بعد أن<br />
فتح ما بقي من خيرب هم إبجالء من بقي ممن صاحل من اليهود مث سألوه أن يبقيهم ليعملوا <strong>يف</strong> األرض فبقاهم<br />
أو كان قد بقي َبملدينة من اليهود املذكورين طائفة استمروا فيها معتمدين على الرضا إببقائهم للعمل <strong>يف</strong><br />
أرض خيرب مث منعهم النيب من سكن املدينة أصالً وهللا أعلم" )730(<br />
( 726 )<br />
( 727 )<br />
( 728 )<br />
أخرجه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري )313/1(، قال اهليثمي )325/5(: "رواه الطرباين وفيه شريك وعبدهللا بن حممد بن عقيل وفيهما ضعف<br />
وحديثهما حسن وبقية رجاله ثقات".<br />
رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري )265/23(، وقال اهليثمي، )325/5(: )رواه الطرباين من طريقني رجال أحدمها رجال الصحيح(<br />
املوطأ حتقيق حممد عبدالباقي كتاب اجلامع، َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )680/2(، وقال مالك: قال ابن شهاب:<br />
"ففحص عن ذلك عمر بن اخلطاب حىت أاته الثلج واليقني أن رسول هللا<br />
<br />
( 729 )<br />
( 730 )<br />
قال: ))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب فأجلى يهود<br />
خيرب((، ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )171/9(، وقال حممد فؤاد عبدالباقي بعد ذكر<br />
احلديث: "مرسل وهو موصول <strong>يف</strong> الصحيحني عن عائشة وابن عباس" )680/2(، والزهري هو: حممد بن مسلم بن عبيدهللا بن عبدهللا<br />
بن شهاب الزهري من نسل كعب بن لؤي بن غالب اإلمام العامل حافظ زمانه القرشي املدين نزيل الشام روى عن ابن عمر وجابر بن<br />
عبدهللا وكان مولده سنة مخسني وقيل إحدى ومخسني وقيل ست ومخسني وحديثه عن رافع بن خديج وعبادة بن الصامت مراسيل=<br />
=أخرجها النسائي وله عن أيب هريرة <strong>يف</strong> جامع الرتمذي، وحدث عنه عطاء بن أيب رَبح وهو أكرب منه وعمر بن عبدالعزيز وقتادة وأيوب<br />
واألوزاعي وغريهم قال ابن املديين: له حنو من ألفي حديث، تو<strong>يف</strong> سنة أربع أو ثالث وعشرين ومائة وقيل سنة أربع وهو ابن اثنتني<br />
وسبعني سنة. ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )350-326/5(.<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> ص202 اهلامش )4(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )204/20(.<br />
فتح الباري، البن حجر )314-312/6( قال السرخسي <strong>يف</strong> املبسوط )5-4/23(: )وكأن املعىن <strong>يف</strong> ذلك أن اليهود إمنا جاؤا من<br />
الشام إىل أرض احلجاز وكان مقصود رؤسائهم من ذلك طلب احلن<strong>يف</strong>ية ملا وجدوا <strong>يف</strong> كتبهم من بعث رسول هللا ونعت أمته وبذلك<br />
كان يوصي بعضهم بعضاً فلما بعث هللا تعاىل رسول هللا<br />
تعاىل:<br />
<br />
<br />
يعودوا إىل املوضع الذي جاء من ذلك املوضع آَبؤهم"ا.ه ، وتقدمت ترمجة ابن حجر ص<br />
امتنعوا من متابعته واالنقياد للحق الذي دعا إليه حسداً وكفراً قال هللا<br />
اآلية فجوزوا على سوء صنيعهم أبن ال ميكنوا من املقام <strong>يف</strong> أرض العرب وأن<br />
.24
وقال الطربي: "فيه أن على اإلمام إخراج كل من دان بغري دين <strong>اإلسالم</strong> من كل بلد غلب عليها املسلمون<br />
عنوة إذا مل يكن َبملسلمني ضرورة إليهم كعمل األرض وحنو ذلك، وعلى ذلك أقر عمر من أقر َبلسواد<br />
والشام" )731(<br />
واألقرب اختصاص ذلك جبزيرة العرب لظاهر احلديث، ولعمل عمر قال ابن تيمية: "وقد أمر النيب <strong>يف</strong><br />
مرض موته: أن ترج اليهود والنصارى من جزيرة العرب<br />
– وهي احلجاز –<br />
فأخرجهم عمر بن اخلطاب <br />
من املدينة وخيرب وينبع واليمامة وخمال<strong>يف</strong> هذه البالد ومل خيرجهم من الشام بل ملا فتح الشام أقر اليهود<br />
والنصارى َبألردن وفلسطني وغريمها كما أقرهم بدمشق وغريها )732(<br />
وقال النووي: "أخذ هبذا احلديث مالك والشافعي وغريمها من العلماء فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب<br />
وقالوا ال جيوز متكينهم من سكناها" )733(<br />
وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "ومل يكن النيب ضرب اجلزية على أحد من اليهود َبملدينة وال خبيرب بل حارهبم قبل<br />
نزول آية اجلزية وأقر اليهود خبيرب فالحني بال جزية إىل أن أجالهم عمر، ألهنم كانوا مهادنني له وكانوا<br />
فالحني <strong>يف</strong> األرض فأقرهم حلاجة املسلمني إليهم مث أمر إبجالئهم قبل موته وأمر إبخراج اليهود والنصارى من<br />
جزيرة العرب" )734(<br />
وقال ابن القيم رمحه هللا:<br />
"فإن قيل: فرسول هللا قد أقر أهل خيرب هبا إىل أن قبضه هللا وهي من جزيرة العرب وأصرح من هذا أنه<br />
مات ودرعه مرهونة عند يهودي َبملدينة على ثالثني صاعاً من شعري أخذه ألهله<br />
قيل: أما إقرار أهل خيرب فإنه مل يقرهم إقراراً الزماً، بل قال: ))نقركم ما شئنا(( وهذا صريح <strong>يف</strong> أنه جيوز لإلمام<br />
أن جيعل عقد الصلح جائزاً من جهته مىت شاء نقضه بعد أن ينبذ إليهم على سواء، فلما أحدثوا ونكثوا<br />
( 731 )<br />
( 732 )<br />
املصدر السابق ، وتقدمت ترمجته ص<br />
.21<br />
<br />
<br />
( 733 )<br />
( 734 )<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع ابن قاسم، )631-630/28(، وقال السرخسي <strong>يف</strong> املبسوط 5-4/023(: "بني هلم<br />
رسول هللا أن ما فعله من املن عليهم بنخيلهم وأراضيهم غري مؤبد بقوله عليه الصالة والسالم: ))أقركم ما أقركم هللا(( وهذا منه شبه<br />
االستثناء، وإشارة إىل أنه ليس هلم حق املقام <strong>يف</strong> خنيلهم على التأبيد، ألنه من طريق الوحي أنه يؤمر إبجالئهم فتحرز هبذه الكلمة عن<br />
نقض العهد، ألنه كان أبعد الناس عن نقض العهد والغدر ... إال أن رسول هللا قبض قبل أن يتمم ذلك ومل يتفرغ أبو بكر الصديق<br />
لذلك، ألنه مل تطل مدة خالفته وقد كان مشغوالً بقتال أهل الردة حىت إذا كان <strong>يف</strong> زمن عمر وكان قد مسع ذلك من رسول هللا<br />
أجلى اليهود من خيرب وأمر يهود الوادي أن يتجهزوا َبجلالء إىل الشام"، وقد عمل عمر َبلعام املتفق عليه ملا أراد إجالء بين النضري<br />
فاعرتضوا بقوله عليه السالم ))اتركوهم وما يدينون(( ومتسك عمر بقوله ))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب(( .<br />
ينظر: التقرير والتحبري، البن أمري احلاج، )311/2(.<br />
شرح صحيح مسلم، للنووي )103/12-11(، وتقدمت ترمجته ص<br />
بعدها(<br />
. 37<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع ابن قاسم )25-24/19(، وحنواً من ذلك ما قاله السبكي <strong>يف</strong> فتاواه )381/2-وما
أجالهم عمر ... وأما رهن النيب درعه عند اليهودي فلعله من اليهود الذين كانوا يقدمون املدينة<br />
َبملرية والتجارة من حوهلا أو من أهل خيرب، وإال فيهود املدينة كانوا ثالث طوائف: بين قينقاع وبين النضري<br />
وبين قريظة فأما بنو قينقاع فحارهبم أوالً مث من عليهم وأما بنو النضري فأجالهم إىل خيرب، وأجلى بين قينقاع<br />
أيضاً، وقتل بين قريظة وأجلى كل يهودي كان َبملدينة، فهذا اليهودي املرهتن الظاهر أنه من أهل العهد قدم<br />
)735(<br />
املدينة بطعام أو كان ممن مل حيارب فبقي على أمانه فاهلل أعلم".<br />
وكتب الفقهاء من<br />
اتفاق بينهم )736(<br />
املذاهب األربعة وغريها طافحة مبا يقرر وجوب إخراج املشركني من جزيرة العرب فهو حمل<br />
لكنهم اختلفوا فيما ينطبق عليه هذا احلكم من جزيرة العرب، وتعددت الرواايت <strong>يف</strong> ذلك عن الفقهاء مبا<br />
، وميكن إمجال اخلالف <strong>يف</strong> ذلك على قولني:<br />
ظاهره التعارض )737(<br />
( 735 )<br />
أحكام أهل الذمة، )392-387/1( واحلديثان تقدم ترجيهما ص<br />
.204 و 182<br />
( 736 )<br />
،)185/7(<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1541/4(، شرح فتح القدير البن اهلمام )301/5(، بدائع الصنائع، للكاساين<br />
حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل للحطاب )594/4(، شرح خمتصر خليل، للخرشي )145/3(، التاج<br />
واإلكليل، للمواق )594/4(، حاشية الدسوقي )202/2(، األم، للشافعي )178-177/4( روضة الطالبني للنووي )308/10(<br />
حاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن<br />
قدامه واملرداوي، حتقيق الرتكي )468/10(، املغين البن قدامه )243/13(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي حتقيق الرتكي<br />
)245/2(، كشاف القناع، للبهويت )1367-1366/2(، شرح منتهى اإلرادات، للبهويت )135/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية<br />
)205-204/20( و)128/17( و )125/25(.<br />
( 737 )<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
فعن اإلمام مالك رمحه هللا تعاىل ثالث رواايت :<br />
رواية ابن وهب عنه: أنه قال: "أرض العرب: مكة ، واملدينة ، واليمن" ، ومثله قال املغرية بن عبدالرمحن.<br />
رواية الزهري عن مالك ، قال : "جزيرة العرب: املدينة ومكة ، واليمامة ، واليمن" ، واليمامة كانت داخلة <strong>يف</strong> عمل املدينة، وكان<br />
أمرها مضطرَبً حسب الوالية <strong>يف</strong> العصرين األموي والعباسي، فأحياانً تضاف إىل املدينة، وأحياانً تفرد برأسها .<br />
ما ذكره الباجي، قال: قال مالك: "جزيرة العرب: منبت العرب، قيل هلا: جزيرة العرب، إلحاطة البحور واألهنار هبا" وما <strong>يف</strong> هذه<br />
الرواية الثالثة يلتقي مع التحديد املذكور، وما <strong>يف</strong> الروايتني قبلها، يعين: ما كان عامراً، مشمول الوالية َبجلملة. وهذا يلتقي مع<br />
مفهوم من سبق من السلف ملسمى )جزيرة العرب( .<br />
و<strong>يف</strong> صفة جزيرة العرب، للهمداين عن ابن عباس، و<strong>يف</strong> املسالك واملمالك، للبكري عن شرقي بن القطامي وغريه: "كانت أرض اجلزيرة<br />
خاوية، ليس <strong>يف</strong> هتامتها وجندها وحجازها وعروضها كبري أحد إلخراب خبتنصر وإجالئها من أهلها، إال من اعتصم برؤوس اجلبال<br />
– وشعاهبا"<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
وهكذا الشأن <strong>يف</strong> الرواية عن اإلمام أمحد رمحه هللا تعاىل: =<br />
ففي رواية بكر بن حممد عن أبيه، قال: سألت أَب عبدهللا يعين: اإلمام أمحد عن جزيرة العرب؟ فقال: "إمنا اجلزيرة موضع العرب،<br />
وأي موضع يكون فيه أهل السواد والفرس، فليس هو جزيرة العرب، موضع العرب: الذي يكونون فيه" .<br />
و<strong>يف</strong> رواية ابنه عبدهللا عنه، قال: "مسعت أيب يقول <strong>يف</strong> حديث: "ال يبقى دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب" : تفسريه: ما مل يكن <strong>يف</strong> يد فارس<br />
والروم. قيل له: ما كان خلف العرب؟ قال: نعم".<br />
ورواية اثلثة <strong>يف</strong> "املغين"، قال: "قال اإلمام أمحد: جزيرة العرب: املدينة وما واالها".
األقوال <strong>يف</strong> املسألة :<br />
القول األول: أن الكفار مينعون من سكىن جزيرة العرب كلها، وجيلون وخيرجون منها وهذا مذهب احلنفية<br />
.<br />
واملالكية )738(<br />
القول الثاين: أن هذا احلكم ال يتناول كل ما تشمله )جزيرة العرب(، وإمنا هو خاص أبرض احلجاز وهذا مذهب<br />
الشافعية واحلنابلة )739(<br />
.<br />
( 738 )<br />
فالروايتان األوىل والثانية تلتقيان <strong>يف</strong> حمدود جزيرة العرب، ألن العرب كانت منتشرة <strong>يف</strong> الظعن واإلقامة والرعي واخلفارة <strong>يف</strong> قلب هذه الرقعة،<br />
وما أسحلته حبارها الثالثة.<br />
والقول <strong>يف</strong> الرواية الثالثة، كالشأن <strong>يف</strong> توجيه الرواية عن مالك رمحه هللا تعاىل، وتقدم.<br />
وعليه، فإن من عد اختالف الرواية عن هذين اإلمامني اختالفاً يوجب تكوين رأي <strong>يف</strong> مسمى )جزيرة العرب( من قصرها على مكة<br />
واملدينة، فقد أبعد.<br />
ينظر: خصائص جزيرة العرب، بكر أبو زيد، ص24-22 واملنتقى، للباجي ( 7 ) /196 واملغين، البن قدامه )13 /243(.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1542-1541/4(، شرح فتح القدير، للكمال<br />
بن اهلمام )301/5(، بدائع الصنائع،<br />
للكاساين )185/7(، حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل، للحطاب )594/4(، املنتقى للباجي )196/7(، شرح خمتصر<br />
خليل للخرشي )145/3(، التاج واإلكليل، للمواق )594/4(، حاشية الدسوقي )202-200/2(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس<br />
.)487/1(<br />
( 739 )<br />
ينظر: األم، للشافعي )178-177/4( روضة الطالبني، للنووي )309-308/10(، تكملة اجملموع، للمطيعي )244/21(، حاشيتا<br />
قليويب وعمريه )232/4(، أسىن املطالب، لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،<br />
للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، واملغين للموفق بن قدامه )243/13(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية<br />
النجدي )245/2(، كشاف القناع، للبهويت )1367-1366/2(.
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول بظاهر األحاديث السابقة <strong>يف</strong> األمر إبخراج املشركني واليهود والنصارى من<br />
جزيرة العرب، فهي تتناول كل ما يدخل <strong>يف</strong> مسمى جزيرة العرب كما سبق حتديده )740(<br />
)741(<br />
ولو كان املراد احلجاز خاصة لبينه إذ ال جيوز أتخري البيان عن وقت احلاجة وهو أفصح اخللق <br />
.<br />
قال ابن عابدين: "قوله: مينعون من استيطان مكة واملدينة ألهنما من أرض العرب، أفاد أن احلكم غري<br />
)742(<br />
مقصور عليهما بل جزيرة العرب كلها كذلك كما عرب به <strong>يف</strong> الفتح وغريه"<br />
وقال <strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن : "أما جزيرة العرب وهي مكة واملدينة واليمامة واليمن وخمال<strong>يف</strong>ها، فقال<br />
مالك: خيرج من هذه املواضع كل من كان على غري <strong>اإلسالم</strong> وال مينعون من الرتدد هبا مسافرين" )743(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />
-1<br />
حديث أيب عبيدة بن اجلراح قال: آخر ما تكلم به رسول هللا <br />
احلجاز وأهل جنران من جزيرة العرب(( )744(<br />
يقول: ))أخرجوا يهود أهل<br />
<strong>يف</strong> املوطأ: )قد أجلى عمر بن اخلطاب يهود جنران وفدك فأما يهود خيرب فخرجوا منها ليس هلم<br />
من الثمر وال من األرض شيء وأما يهود فدك فكان هلم نصف الثمر ونصف األرض، ألن رسول<br />
هللا <br />
صاحلهم على نصف الثمر ونصف األرض، فأقام هلم عمر نصف الثمر ونصف األرض<br />
قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب، مث أعطاهم القيمة وأجالهم منها( )745(<br />
. فخصصوا<br />
عموم األحاديث السابقة هبذا احلديث وبفعل عمر <strong>يف</strong> حمضر من الصحابة من غري إنكار فكان<br />
إمجاعاً سكوتياً)746(<br />
-2<br />
( 741 )<br />
) 740 ( <strong>يف</strong> ص )200( وص )204( ، وقال الصنعاين <strong>يف</strong> سبل السالم )302/7(: "واحلديث دليل على وجوب إخراج اليهود والنصارى من<br />
جزيرة العرب لعموم قوله ))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب(( وهو عام لكل دين"، وقال الشوكاين <strong>يف</strong> نيل األوطار )319/10-9-<br />
322(: )وظاهر احلديث أنه جيب إخراج املشركني من كل مكان داخل <strong>يف</strong> جزيرة العرب(.<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1541/4( ، وشرح فتح القدير، البن اهلمام )301/5(، وبدائع الصنائع، للكاساين<br />
)185/7(، حاشية ابن عابدين )327/6(، ومواهب اجلليل، للحطاب )595-594/4(، املنتقى، للباجي )196/7(، شرح خمتصر<br />
خليل، للخرشي )145/3(، التاج واإلكليل للمواق )194/4(، حاشية الدسوقي )202-200/2(، عقد اجلواهر الثمينة البن شاس<br />
.)487/1(<br />
( 742 )<br />
( 743 )<br />
( 744 )<br />
( 745 )<br />
حاشية ابن عابدين )336/6(، وتقدم ترمجته ص<br />
للقرطيب )104/4-وما بعدها(.<br />
سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص )204(.<br />
.149<br />
( 746 )<br />
املوطأ كتاب اجلامع، َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )681/2( ، واملنتقى، للباجي )196/7(، وشرح الزرقاين )291/4(<br />
وفدك بلدة بينها وبني املدينة يومان وبينها وبني خيرب دون مرحلة.<br />
ينظر: األم، للشافعي )178-177/4(، وروضة الطالبني، للنووي )308/10( وتكملة اجملموع للمطيعي )244/21(، وحاشيتا<br />
قليويب وعمرية )232/4(، أسىن املطالب، لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف
وألنه <br />
بعث معاذ إىل اليمن قبل موته وأمره أن أيخذ من كل حامل ديناراً وأقرهم فيها وأقرهم أبو<br />
بكر بعده وعمر وعثمان ومل يعرف عن إمام أنه أجالهم من اليمن )747(<br />
-3<br />
قال الشافعي: "احلجاز: مكة واملدينة واليمن وخمال<strong>يف</strong>ها كلها... ومل أعلم أن أحداً أجلى أحداً من أهل الذمة<br />
من اليمن وقد كانت هبا ذمة وليست حبجاز، فال جيليهم أحد من اليمن وال أبس أن يصاحلهم على مقامهم<br />
)748(<br />
َبليمن"<br />
وملا ذكر الرملي األحاديث الواردة <strong>يف</strong> إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب قال: "ليس املراد مجيع جزيرة<br />
العرب بل احلجاز منها، ألن عمر أجالهم منه وأقرهم َبليمن مع أنه منها وهو –أي احلجاز- مكة واملدينة<br />
واليمامة وقراها ، كالطائف وجدة وخيرب وينبع" )749(<br />
-4 " وألن النيب <br />
ملا قال: ))أخرجوهم من جزيرة العرب(( مث قال: ))أخرجوهم من احلجاز(( عرفنا أن<br />
مقصوده جبزيرة العرب احلجاز فقط، وال خمصص للحجاز عن سائر البالد إال برعاية أن املصلحة <strong>يف</strong><br />
إخراجهم منه أقوى فوجب مراعاة املصلحة إذا كانت <strong>يف</strong> تقريرهم أقوى منها <strong>يف</strong> إخراجهم " )750(<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
ميكن مناقشة أدلة القول الثاين فيقال: أبن حديث أيب عبيدة صريح <strong>يف</strong> أن أرض جنران من جزيرة العرب فال<br />
خيتص احلكم َبحلجاز.<br />
وقد عقب ابن قدامة على هذا بقوله: " فأما إخراج أهل جنران منه فألن النيب صاحلهم على ترك الرَب<br />
فنقضوا عهده فكأن جزيرة العرب <strong>يف</strong> تلك األحاديث أريد هبا احلجاز وال مينعون من أطراف احلجاز كيتماء<br />
وفيد ألن عمر مل مينعهم من ذلك " )751(<br />
وقد انقش <strong>يف</strong> سبل السالم أدلة هذا القول فقال: "ال خ<strong>يف</strong>ى أن األحاديث املاضية فيها األمر إبخراج من ذكر<br />
من أهل األداين غري دين <strong>اإلسالم</strong> من جزيرة العرب واحلجاز بعض جزيرة العرب وورد <strong>يف</strong> حديث أيب عبيدة<br />
األمر إبخراجهم من احلجاز وهو بعض مسمى جزيرة العرب واحلكم على بعض مسمياهتا حبكم ال يعارض<br />
للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين، البن قدامه )243/13(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي<br />
)245/2(، وكشاف القناع، للبهويت )1366/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )129-128/3(، ونيل األوطار، للشوكاين<br />
319/10(، وسبل السالم للصنعاين )302/7(.<br />
-9(<br />
( 747 )<br />
( 748 )<br />
( 749 )<br />
( 750 )<br />
( 751 )<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
األم، للشافعي )178/4(.<br />
هناية احملتاج، للرملي )85-83/8(، وفسر )اليمامة( أبهنا إحدى قرى الطائف، وترمجته سبقت <strong>يف</strong> ص<br />
نيل األوطار، للشوكاين )322-319/10-9(.<br />
املغين، البن قدامه )243/13-وما بعدها(، وترمجته تقدمت ص<br />
.199<br />
. 106
احلكم عليها كلها بذلك احلكم كما قرر <strong>يف</strong> األصول أن احلكم على بعض أفراد العام ال خيصص العام وهذا<br />
نظريه.<br />
وليست جزيرة العرب من ألفاظ العموم كما وهم فيه مجاعة من العلماء وغاية ما أفاده حديث أيب عبيدة<br />
زايدة التأكيد <strong>يف</strong> إخراجهم من احلجاز ألنه دخل إخراجهم من احلجاز حتت األمر إبخراجهم من جزيرة<br />
العرب مث أفرد َبألمر زايدة أتكيد ال أنه تصيص أو نسخ وك<strong>يف</strong> وقد كان آخر كالمه <br />
: ))أخرجوا<br />
املشركني من جزيرة العرب(( وأما قول الشافعي إنه ال يعلم أحد أجالهم من اليمن فليس ترك إجالئهم بدليل<br />
فإن أعذار من ترك ذلك كثرية، وقد ترك أبو بكر إجالء أهل احلجاز مع االتفاق على وجوب إجالئهم<br />
لشغله جبهاد أهل الردة ومل يكن ذلك دليالً على أهنم ال جيلون بل أجالهم عمر <br />
.. أقرهم <strong>يف</strong> اليمن<br />
فهذا كان قبل أمره <br />
. وأما القول أبنه <br />
إبخراجهم فإنه كان عند وفاته. فاحلق وجوب إجالئهم من اليمن<br />
لوضوح دليله، وكذا القول أبن تقريرهم <strong>يف</strong> اليمن قد صار إمجاعاً سكوتياً ال ينهض على دفع األحاديث فإن<br />
السكوت من العلماء على أمر وقع من اآلحاد أو خل<strong>يف</strong>ة أو غريه من فعل حمظور أو ترك واجب ال يدل على<br />
جواز ما وقع، وال على جواز ما ترك فإنه إن كان الواقع فعالً أو تركاً ملنكر وسكتوا مل يدل سكوهتم على أنه<br />
ليس مبنكر ملا علم من أن مراتب اإلنكار ثالث َبليد أو اللسان أو القلب وانتفاء اإلنكار َبليد واللسان ال<br />
يدل على انتفائه َبلقلب وحينئذ فال يدل سكوته على تقريره ملا وقع حىت يقال قد أمجع عليه إمجاعاً سكوتياً<br />
إذ ال يثبت أنه قد أمجع الساكت إذا علم رضاه حىت يقال رضاه َبلواقع وال يعلم ذلك إال عالم الغيوب.<br />
وهبذا يعرف بطالن القول أبن اإلمجاع السكويت حجة ... فالعجب ممن قال: ومثله قد <strong>يف</strong>يد القطع وكذلك<br />
قول من قال: إنه حيتمل أن حديث األمر َبإلخراج كان عند سكوهتم بغري جزية َبطل ألن األمر إبخراجهم<br />
عند وفاته <br />
واجلزية فرضت <strong>يف</strong> التاسعة من اهلجرة عند نزول براءة فك<strong>يف</strong> يتم هذا، مث إن عمر أجلى أهل<br />
جنران وقد كان صاحلهم على مال واسع كما هو معروف وهو جزية. والتكلف لتقومي ما عليه الناس ورد<br />
ما ورد من النصوص مبثل هذه التأويالت مما يطيل تعجب الناظر املنصف " )752(<br />
وقال <strong>يف</strong> نيل األوطار<br />
: "وظاهر حديث ابن عباس أنه جيب إخراج كل مشرك من جزيرة العرب سواء كان<br />
يهودايً أو نصرانياً أو جموسياً، ويؤيد هذا ما <strong>يف</strong> حديث عائشة املذكور بلفظ ))ال يرتك جبزيرة العرب دينان((<br />
وكذلك حديث عمر وأيب عبيدة بن اجلراح لتصرحيهما إبخراج اليهود والنصارى. وهبذا يعرف أن ما وقع <strong>يف</strong><br />
بعض ألفاظ احلديث من االقتصار على األمر إبخراج اليهود ال ينا<strong>يف</strong> األمر العام، ملا تقرر <strong>يف</strong> األصول أن<br />
التنصيص على بعض أفراد العام ال يكون خمصصاً للعام املصرح به <strong>يف</strong> لفظ آخر ، وما حنن فيه من<br />
ذلك" )753(<br />
( 752 )<br />
( 753 )<br />
سبل السالم، للصنعاين )307-302/7(.<br />
نيل األوطار، للشوكاين ، )322-319/10-9( ، وهذه األحاديث تقدم ترجيها <strong>يف</strong> ص<br />
. 205 -200
وذكر أيضاً أبن حديث أيب عبيدة مفهومه معارض ملنطوق حديث ابن عباس املصرح فيه بلفظ جزيرة العرب<br />
واملفهوم ال يقوى على معارضة املنطوق فك<strong>يف</strong> يرجح عليه على أن األحناف ال يقولون مبفهوم املخالفة<br />
وحديث أيب عبيدة الذي فيه األمر إبخراج اليهود من احلجاز فيه أيضاً األمر إبخراج أهل جنران وهي ليست<br />
من احلجاز فلو كان لفظ احلجاز خمصصاً للفظ جزيرة العرب على انفراده أو داالً على أن املراد جبزيرة العرب<br />
)754(<br />
احلجاز فقط لكان <strong>يف</strong> ذلك إمهال لبعض احلديث وإعمال لبعض وهذا َبطل.<br />
كما أجاب عن أدلتهم أبجوبة منها :<br />
أن محل جزيرة العرب على احلجاز وإن صح جمازاً من إطالق اسم الكل على البعض فهو معارض َبلقلب<br />
وذلك أبن يقال: املراد َبحلجاز جزيرة العرب إما الحنجازها َبألحبر<br />
أو جمازاً من إطالق اسم اجلزء على الكل فرتجيح أحد اجملازين <strong>يف</strong>تقر إىل دليل وال دليل.<br />
وأيضاً فإن <strong>يف</strong> خرب جزيرة العرب زايدة مل تغري حكم اخلرب فهي مقبولة وأما استنباطهم كون علة التقرير <strong>يف</strong> غري<br />
احلجاز هي املصلحة فيجاب عنه أبن التقرير فرع ثبوت احلكم ملا علم من أن املستنبطة إمنا تؤخذ من حكم<br />
األصل بعد ثبوته والدليل مل يدل إال على نفي التقرير ال ثبوته ملا تقدم <strong>يف</strong> حديث ))ال يرتك جبزيرة العرب<br />
دينان(( فهذا االستنباط واقع <strong>يف</strong> مقابلة النص املصرح فيه أبن العلة كراهة اجتماع دينني فلو فرض أنه مل يقع<br />
النص إال على إخراجهم من احلجاز لكان املتعني إحلاق بقية جزيرة العرب به هلذه العلة فك<strong>يف</strong> والنص<br />
)755(<br />
صحيح صريح <strong>يف</strong> اإلخراج من جزيرة العرب؟!<br />
وهبذا يتبني رجحان القول األول لقوة أدلتهم وعمومها وال خمصص هلا وقد سلمت من املناقشة وم اجلواب<br />
عن أدلة املخالفني حبمد هللا.<br />
)757( 756(<br />
وقد رجح هذا كثري من املعاصرين كالشيخ حممد بن إبراهيم و( ابن َبز حيث قال: "على احلكام <strong>يف</strong><br />
السعودية و<strong>يف</strong> اخلليج و<strong>يف</strong> مجيع أجزاء اجلزيرة عليهم مجيعاً أن جيتهدوا كثرياً <strong>يف</strong> إخراج النصارى والبوذيني<br />
والوثنيني واهلندوس وغريهم من الكفرة وأال يستقدموا إال املسلمني هذا هو الواجب وهو مبني بياانً جلياً <strong>يف</strong><br />
قواعد الشرع احلن<strong>يف</strong> فاملقصود والواجب إخراج الكفار من اجلزيرة وأن ال يستعمل فيها إال املسلمون من بالد<br />
( 754 )<br />
( 755 )<br />
( 757 )<br />
املصدر السابق .<br />
املصدر السابق، وقال: "فإن قلت: فهل خيصص لفظ جزيرة العرب املنزل منزلة العام ملا له من اإلجزاء بلفظ احلجاز عند من جوز<br />
التخصيص َبملفهوم. قلت: هذا املفهوم من مفاهيم اللقب وهو غري معمول به عند احملققني من أئمة األصول حىت قيل إنه مل يقل به إال<br />
الدقاق وقد تقرر عند فحول أهل األصول أن ما كان من هذا القبيل جيعل من قبيل التنصيص على بعض األفراد ال من قبيل التخصيص،<br />
إال عند أيب ثور".<br />
) 756 ( <strong>يف</strong> فتاواه، مجع بن قاسم )255-230/6-5(.<br />
جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة ، البن َبز، مجع الشويعر )286-285/3(.
هللا... أما الكفار فال يستخدمهم أبداً إال عند الضرورة الشرعية أي اليت يقدرها والة األمر وفق شرع <strong>اإلسالم</strong><br />
وحده" )758(<br />
وينبغي التنبه إىل أن األمر إبخراجهم موكول إىل إمام املسلمني وتصرفه على الرعية منوط َبملصلحة كما قرر<br />
الفقهاء وخمالفة ذلك خروج على اإلمام وهو أشد مفسدة، وال يلزم من األمر إبخراجهم إَبحة قتلهم إذا بقوا وال<br />
يدل احلديث على ذلك ال مبنطوقه وال مبفهومه.<br />
كما ال يدل على انتقاض عهد من دخل اجلزيرة من اليهود والنصارى جملرد الدخول، فدخوهلم بعهد وأمان<br />
إىل جزيرة العرب يعصم دماءهم وأمواهلم، وقد وردت النصوص <strong>يف</strong> التحذير الشديد من قتل املعاهدين وخفر<br />
ذمة املسلمني فضالً عما <strong>يف</strong> ذلك من مفسدة اخلروج على والة األمر وتفريق مجاعة املسلمني ووحدهتم وهو<br />
أعظم فساداً وأشد جرماً من خمالفة أمره <strong>يف</strong> إخراج الكفار من جزيرة العرب ومن تلك النصوص قوله <br />
: ))ذمة املسلمني واحدة يسعى هبا أدانهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة هللا واملالئكة والناس أمجعني ال يقبل<br />
منه يوم القيامة صرف وال عدل(( )759(<br />
وقال <br />
: ))أال من قتل نفساً معاهداً له ذمة هللا وذمة رسوله فقد أخفر بذمة هللا فال يرح رائحة اجلنة وإن<br />
، وقال عليه الصالة والسالم: ))املؤمنون تكافأ دماؤهم وهم يد<br />
رحيها ليوجد من مسرية سبعني خر<strong>يف</strong>اً(( )760(<br />
على من سواهم يسعى بذمتهم أدانهم ال يقتل مؤمن بكافر وال ذو عهد <strong>يف</strong> عهده(( )761(<br />
و<strong>يف</strong> رواية : ))جيري على املسلمني أدانهم ويرد على املسلمني أقصاهم((<br />
وقال عليه السالم: ))من قتل معاهداً مل يرح رائحة اجلنة وإن رحيها توجد من مسرية أربعني عاماً(( )762(<br />
قال ابن حجر: "واملراد به من له عهد مع املسلمني سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من<br />
)763(<br />
مسلم"<br />
( 758 )<br />
املصدر السابق، وينظر فتاوى <strong>يف</strong> ذلك لكثري من املعاصرين على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم:<br />
www.islamtody.net<br />
.<br />
www.almoslim.net<br />
( 759 )<br />
أخرجه مسلم، <strong>يف</strong> كتاب احلج، َبب فضل املدينة وكتاب العتق، َبب حترمي تويل العتيق غري مواليه )905 و<br />
وموقع املسلم:<br />
)938 رقم -1370(<br />
3327<br />
( 760 )<br />
( 761 )<br />
و 3794(، والذمة: العهد، والصرف: الفريضة وقيل التوبة، والعدل: النافلة، وقيل: الفدية.<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب الدايت َبب فيمن يقتل نفساً معاهداً )ص 1793( رقم )1304(، وابن ماجة <strong>يف</strong> الدايت، َبب من قتل معاهداً<br />
رقم )2687-86(، ص )2638(، واملعاهد من بينه وبني املسلمني عهد، واخلفر نقض العهد.<br />
،3166<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب العلم واجلهاد والسري واجلزية والدايت وغريها )ص576-257-256 وغريها( األرقام )111،<br />
3172<br />
،6914<br />
وغريها( )6756( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج والعتق )938-905( رقم )3327/1370<br />
والنسائي، <strong>يف</strong> كتاب القسامة ، َبب سقوط القود من املسلم للكافر رقم )4749(، واللفظ له.<br />
)3794 ، و<br />
( 762 )<br />
( 763 )<br />
أخرجه البخاري، كتاب اجلزية ، َبب إمث من قتل معاهداً بغري جرم )256( رقم )3166(.<br />
فتح الباري )271/12(.
وقال ابن القيم –رمحه هللا- : "أحكام املستأمن واحلريب خمتلفه ألن املستأمن حيرم قتله وتضمن نفسه ويقطع<br />
بسرقة ماله ... واألمان جيوز عقده لكل كافر، ويعقده كل مسلم وال يشرتط على املستأمن شيء من<br />
الشروط والذمة ال يعقدها إال اإلمام أو انئبه" )764(<br />
وقال: "وأما املستأمن فهو الذي يقدم بالد املسلمني من غري استيطان هلا وهؤالء أربعة أقسام: رسل وجتار ومستجريون<br />
حىت يعرض عليهم <strong>اإلسالم</strong> والقرآن فإن شاؤوا دخلوا فيه وإن شاؤوا رجعوا إىل بالدهم وطالبوا حاجة من زايرة أو غريها<br />
وحكم هؤالء أال يهاجروا وال يقتلوا وال تؤخذ منهم اجلزية وأن يعرض على املستجري منهم <strong>اإلسالم</strong> والقرآن فإن دخل فيه<br />
فذاك وإن أحب اللحاق مبأمنه أحلق به ومل يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربياً كما كان" )765(<br />
وقال عن أهل الذمة: "عبارة عمن يودي اجلزية وهؤالء هلم ذمة مؤبدة، وهؤالء قد عاهدوا املسلمني على أن<br />
جيري عليهم حكم هللا ورسوله إذ هم مقيمون <strong>يف</strong> الدار اليت جيري فيها حكم هللا ورسوله" )766(<br />
وهبذا يعمل جبميع النصوص الشرعية فالنيب أمر إبخراجهم ومل يقل اقتلوهم أو اغدروا هبم إذا<br />
أمنتموهم )767( ، وحذر <strong>يف</strong> النصوص السابقة من الغدر أبهل الذمة والعهد ألن <strong>اإلسالم</strong> دين الوفاء ال الغدر<br />
واخليانة، ومل خيرجهم عامة املسلمني وإمنا توىل ذلك أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب <br />
وغريه من الوالة بعده،<br />
ولو كان إخراجهم موكول إىل العامة الختل نظام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية وتفرقت كلمة املسلمني، وعلى هذا جيب<br />
على والة األمر إخراج املشركني واليهود والنصارى من جزيرة العرب ال سيما إذا مل تكن مث حاجة إىل بقائهم<br />
وأمكن االستغناء عنهم، والظن بوالة أمر املسلمني أهنم لن يبقوا <strong>يف</strong> جزيرة العرب من ال ضرورة إليه عمالً<br />
بوصيته وحفاظاً على أمن املسلمني وعقيدهتم.<br />
خامساً: حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب :<br />
ترجح فيما تقدم وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب لظاهر األمر بذلك <strong>يف</strong> نصوص كثرية تقدم ذكرها،<br />
وهذا يقتضي منعهم من دخوهلا ألجل السكن واالستيطان واإلقامة هبا لكن دخوهلم هلا على سبيل العبور<br />
فيما عدا احلرم املكي –كما<br />
واالجتياز ملصاحلهم من جتارة وحنوها دون إقامة فيها جائز َبتفاق الفقهاء )768(<br />
( 764 )<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة )873/2<br />
.)874 –<br />
( 765 )<br />
( 766 )<br />
( 767 )<br />
املصدر السابق .<br />
املصدر السابق.<br />
ينظر: فتوى الشيخ الفوزان <strong>يف</strong> جملة الدعوة، العدد<br />
12، مجادى<br />
( 768 )<br />
األوىل 1425ه ، وفتاوى موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم:<br />
www.islamtody.net/questions/show-question-content.cfm?id=23994<br />
وفتوى للشيخ محود العقالء على الرابط : www.saaid.net/warthah/hnood/hg.htm .<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1542-1541/4(، شرح<br />
فتح القدير، البن اهلمام )270/5(، حاشية ابن عابدين<br />
)337/6(، مواهب اجلليل ، للحطاب )595-594/4(، شرح خمتصر خليل، للخرشي )145/3(، وقال: "ليس املراد َبالجتياز املرور<br />
فقط بل املراد به ما قابل السكن فيشمل دخوهلم هذه األماكن لتجرهم وقضاء حوائجهم ومصاحلهم" ، منح اجلليل، للشيخ عليش<br />
)217/3(، وقال: "وهلم االجتياز: أي املرور جبزيرة العرب وظاهره ولو لغري حاجة"، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )487/1(، األم،
سبق بيانه )769( – ويدل على هذا<br />
–جواز<br />
والنصارى واملشركني من جزيرة العرب )770(<br />
العبور دون إقامة-<br />
األحاديث املتقدمة <strong>يف</strong> األمر إبخراج اليهود<br />
ووجه الداللة :<br />
أن املقصود َبإلخراج منعهم من اتاذ اجلزيرة وطناً هلم يستقرون فيه ألهنا دار <strong>اإلسالم</strong> ومعقل التوحيد لكن<br />
املرور هبا اجتيازاً دون إقامة ال يرتتب عليه الوقوع <strong>يف</strong> احملذور، وحاجة املسلمني تقتضي السماح هلم بذلك<br />
ملصاحل املسلمني وتعامالهتم فاإلنسان مدين بطبعه<br />
كما تقدم وهو حمتاج لبين جنسه <strong>يف</strong> جلب مصاحله من خالل املفاوضات التجارية وعلى هذا تقوم احلياة<br />
البشرية كما قال الشاعر :<br />
الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم<br />
لكن الفقهاء اختلفوا <strong>يف</strong> املدة اليت يسمح هلم فيها َبلبقاء وذاك راجع إىل اختالفهم <strong>يف</strong> املدة اليت يصري<br />
املسافر فيها مقيماً.<br />
واملقصود أن ال يبقوا فيها مدة تزيد على قدر احلاجة ويصريون هبا من املقيمني والسكان، وحتديد ذلك راجع<br />
)771(<br />
إىل ويل األمر حبسب املصلحة على الراجح.<br />
يقول عبدالكرمي زيدان –من املعاصرين- )الذي أراه أن ما ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> حتديد مدة إقامة<br />
املستأمن إمنا هو من األمور االجتهادية احملضة وليس هو حبكم شرعي ملزم للدولة <strong>اإلسالم</strong>ية وعلى<br />
هذا فلإلمام أن يقدر للمستأمن املدة اليت يراها مناسبة إلقامته <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> على ضوء احلاجة<br />
واملصلحة وال يتقيد مبدة معينة( )772(<br />
)773(<br />
وعلى هذا فإن سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب بغرض التجارة أو غريها<br />
للمسلمني أو ال مفسدة وال مضرة فيه جائز َبتفاق الفقهاء؛<br />
ألن السائح<br />
مما فيه مصلحة<br />
للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني، للنووي )308/10(، تكملة اجملموع، للمطيعي )244/21<br />
–<br />
وما بعدها(، مغين احملتاج،<br />
للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين، البن قدامة<br />
)244/13(، كشاف القناع، للبهويت )1366/2( .<br />
) 769 ( <strong>يف</strong> ص )203( .<br />
) 770 ( <strong>يف</strong> ص )205-200( .<br />
( 771 )<br />
( 772 )<br />
( 773 )<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص )205(، بتصرف.<br />
أحكام الذميني واملستأمنني <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>، ص116، بواسطة: املصدر السابق، ص208.<br />
وقريب من هذا –دخوهلم جزيرة العرب للتجارة<br />
–<br />
استقدامهم للعمل فيها مبا خيدم مصاحل املسلمني فالظاهر أن األمر إبخراج املشركني<br />
من جزيرة العرب مقيد حبالة عدم احلاجة إليهم <strong>يف</strong> عمل من األعمال اليت ال جييدها غريهم أو ال غىن فيها للمسلمني عن خربهتم، وقد<br />
أفىت بعض املعاصرين جبواز استقدام الكفار عند احلاجة إليهم وقصروا التحرمي على ما إذا أمكن االستغناء عنهم.
-1<br />
-2<br />
إقامته مؤقتة وليست دائمة. )774(<br />
لكن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب للنزهة والرتفيه من غري مصلحة راجحة -وهو الغالب <strong>يف</strong> إطالق <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />
عصران احلاضر- حمرم شرعاً ملا يلي :<br />
األدلة السابقة <strong>يف</strong> األمر إبخراج املشركني من جزيرة العرب )775(<br />
فاملقصود منها محاية بالد <strong>اإلسالم</strong> ومعقله من ضرر إقامتهم فيها، ودخوهلم للسياحة فيها ضرره مساو لذلك<br />
أو أبلغ فاملنع منه أوىل.<br />
أن أعظم شر وبالء ينتج من السماح هلم َبلدخول عرب التأشريات السياحية هو انعدام الرباءة من<br />
الكافرين ومتييع بغضهم وكرههم والكفر هبم وبدينهم <strong>يف</strong> قلوب العباد، وفيه إنشاء لعالقة مودة ورمحة بيننا<br />
وبينهم تؤدي إىل إسقاط حاجز الوالء والرباء الذي جعله هللا تعاىل فيصالً بني املؤمن والكافر )776(<br />
<br />
قال تعاىل: <br />
<br />
<br />
يقول الشيخ ابن عثيمني: "لكن استقدامهم للحاجة إليهم حبيث ال جند مسلماً يقوم بتلك احلاجة جائز بشرط أن ال مينحوا إقامة مطلقة<br />
وحيث قلنا جائز فإنه إن ترتب على استقدامهم مفاسد دينية <strong>يف</strong> العقيدة واألخالق صار حراماً، ألن اجلائز إذا ترتب عليه مفسدة صار<br />
حمرماً حترمي الوسائل كما هو معلوم.."<br />
والظاهر من كالمه أن املراد َبحلاجة هو الضرورة إىل حاجة من حوائج املسلمني ومصاحلهم كما صرح بذلك الشيخ حممد بن إبراهيم<br />
فقال –عندما سئل عن استخدام واستقدام خرباء وغري مسلمني لتنفيذ مشاريع <strong>يف</strong> املدينة املنورة<br />
–<br />
"حنيط مسوكم أن مدلول الضرورة قد<br />
تساهل به كثري من الناس وأصبحت دعواها ديدهنم فيتعني عليكم –وفقكم هللا- العناية والرعاية بشرط الدخول، وهو االضطرار إليه<br />
والشعور مبسؤوليتكم أمام هللا تبارك وتعاىل جتاه ذلك مث إذا وجد املقتضي لدخول من تدعوا الضرورة إىل دخوله فقد يدخل معه من<br />
جنسه من ال ضرورة لدخوله معه فالحظوا ذلك وقدروا االضطرار بقدره"<br />
=<br />
=<br />
( 774 )<br />
( 775 )<br />
( 776 )<br />
والشيخ ابن َبز قال: "أما الكفار فال يستخدمهم أبداً إال عند الضرورة الشرعية أي اليت يقدرها والة األمر وفق شرع <strong>اإلسالم</strong> وحده"<br />
وهذا هو األقرب إن شاء هللا تعاىل، ملا <strong>يف</strong> التوسع <strong>يف</strong> ذلك من أضرار ومفاسد ال تفى على ذي لب .<br />
ينظر: فتاوى السبكي ص )381(، وأسىن املطالب ، لألنصاري ص)214(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>، البن عثيمني، مجع فهد السليمان<br />
ص)187(، وفتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )261/6-5(، جمموع فتاوى ابن َبز، مجع الشويعر )353/8(، الرسائل<br />
اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة لنخبة من كبار العلماء، ظاهرة استقدام السائقني واخلدم للشيخ عبدهللا القصري، ص)100-71(، وفتاوى<br />
علماء البلد احلرام، إعداد خالد اجلريسي، ص89-88. وينظر املرفقات : من )4( إىل )10(<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص)202(، بتصرف.<br />
وأقوال الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك، ص )203( .<br />
ينظر: جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر، ص3 وما بعدها، وأحكام <strong>السياحة</strong><br />
وآاثرها، هاشم انقور ص)203(، بتصرف.
)777( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه: <br />
)778(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فنهاان وحذران من مواالهتم ببيان تناصرهم واحتادهم ضد املسلمني، كما هناان وحذران من مواالهتم ببيان فساد<br />
<br />
معتقدهم وضالهلم <strong>يف</strong> دينهم وذلك بقوله: <br />
)779( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وح ذران وهن اان ع ن مواالهتم بب يان عظيم حقدهم وشديد حسدهم وعداوهتم <strong>يف</strong> قوله: <br />
. )780( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> قوله: <br />
. )781( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)782(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> قوله: <br />
)783(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> قوله: <br />
<br />
وبني لنا عظيم كيدهم وسعيهم <strong>يف</strong> إضالل املسلمني بقوله: <br />
)784(<br />
. <br />
<br />
<br />
.<br />
)785( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
.22<br />
.51<br />
.1<br />
.118<br />
.105<br />
.101<br />
.89<br />
سورة اجملادلة ، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
سورة املمتحنة ، اآلية<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة آل عمران، اآلية<br />
.217<br />
.36<br />
سورة النساء، اآلية<br />
سورة النساء، اآلية<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة األنفال: اآلية<br />
( 777 )<br />
( 778 )<br />
( 779 )<br />
( 780 )<br />
( 781 )<br />
( 782 )<br />
( 783 )<br />
( 784 )<br />
( 785 )
وال شك أن هذا السعي منهم إلضالل املسلمني َبلقتال العسكري واالقتصادي مستمر إىل هذا الزمان وإن<br />
جتددت صوره وتغريه أشكاله وتفننت دعاايته ووسائله ورغم ما بينهم من خالف إال أهنم متحدون ضد<br />
املسلمني جممعون على عداوهتم <strong>يف</strong> كل عصر ومصر ال ينفكون عن الكيد للمسلمني بكل قوهتم وحنكتهم<br />
ومكرهم )786(<br />
)787(<br />
وال شك أن سياحتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> إحدى تلك الوسائل ، يقول الناظم<br />
:<br />
-3<br />
لعادي ت م ن َبهلل وحي ك يكف ر<br />
نع م ل و ص دقت هللا فيم ا زعمت ه ر<br />
ر تنص اجيهم وللكف ا هت ومل ووالي ت أه ل احل ق س راً وجه رة ذكر<br />
اك ن راط هن ن أبش ولك فم ا ك ل م ن ق د ق ال م ا قل ت مس لم ب ذا ج اءان ال نص الص حيح املق رر<br />
مباين ة الكف ار <strong>يف</strong> ك ل م وطن وتض ليلهم فيم ا أت وه وأظه روا<br />
وتكف ريهم جه داً وتس فيه رأيه م ر<br />
ذاك وجته راً ل دعومهوا س وت وتص دع َبلتوحي د ب ني ظه ورهم ومل ة إب راهيم ل و كن ت تش عر<br />
فه ذا ه و ال دين احلن<strong>يف</strong> ي واهل دى وقد نص فقهاء املسلمني <strong>يف</strong> كتب األصول والفروع على هذه املسألة العظيمة وحذروا من تويل الكفار<br />
)788(<br />
وشددوا <strong>يف</strong> ذلك.<br />
أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب وسيلة لالحتكاك واالختالط هبم وفيه إقرار ورضى مبا هم عليه من منكر<br />
الكفر وما دونه وإقرار املنكر وعدم تغيريه منكر<br />
<br />
وخمالفة ملا اختص هللا به هذه األمة من خريية قال تعاىل: <br />
)789(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-4<br />
مث إن احتكاكهم َبملسلمني وما ينتج عنه من مودهتم وألفتهم والطمأنينة إليهم فيه خطورة َبلغة على عقيدة<br />
املسلمني وأخالقهم ال سيما العامة منهم، فإن أتثرهم هبم أسرع، ومن مقاصد النهي عن مواالة الكفار<br />
احليلولة دون أتثريهم الفكري على ضعفاء اإلميان من النساء والعامة والسفهاء. )790(<br />
أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب إضرار أبمن البالد وأهلها فمثل هؤالء ال تثمر سياحتهم إال اجلرائم<br />
واملشاكل وحاهلم <strong>يف</strong> بالدهم أصدق شاهد على ذلك فال أمن وال عدل وال حرمة لعرض أو مال أو فضيلة إذ<br />
( 786 )<br />
( 787 )<br />
( 788 )<br />
( 789 )<br />
( 790 )<br />
ينظر: الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة لنخبة من العلماء )100-71(، بتصرف.<br />
هو الشيخ سليمان بن سحمان، ينظر: الدرر السنية )294/1(.<br />
ينظر: جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر ، ص)15-3(<br />
سورة آل عمران، اآلية 110، وينظر املرفقات من )4( إىل )10(.<br />
ينظر: الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة، لنخبة من العلماء، )100-71(، بتصرف.
-5<br />
-6<br />
ال أيمن اإلنسان على نفسه <strong>يف</strong> بالدهم اليت تكثر فيها عصاَبت اإلجرام ومنظمات اإلرهاب ومعدل اجلرمية<br />
<strong>يف</strong> بلداهنم بلغ أرقاماً خيالية رغم رقيهم احلضاري وتقدمهم املادي.<br />
ففي السماح هلم َبلسياحة <strong>يف</strong> بالدان خطر َبلغ وضرر داهم على أمننا الذي من هللا به علينا وميزان عليهم<br />
هبذه النعمة العظيمة اليت <strong>يف</strong>تقدوهنا فك<strong>يف</strong> نسمح هلم َبملساس هبا وإفسادها كما أفسدوا أمن بالدهم !<br />
أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب ومهد <strong>اإلسالم</strong> جيرح شعور كل مسلم ويشعر َبلذلة واملهانة ال سيما <strong>يف</strong><br />
هذا العصر الذي أذل أعداء هللا فيه أهل <strong>اإلسالم</strong> بقوهتم العسكرية فاستباحوا بالدهم وأعراضهم <strong>يف</strong> أقطار<br />
شىت من العامل <strong>اإلسالم</strong>ي فإذا رؤيت أفواج السياح من بالد الكفر تسيح <strong>يف</strong> قلب العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> جزيرة<br />
العرب وأرض احلرمني وتتنزه فيها وتسرح ومترح بكل أرحيية فإن ذلك مثبط لعزائم املسلمني وفيه إذالل ومهانة<br />
لكل مسلم ينظر إىل هذه البالد بصفتها مهد <strong>اإلسالم</strong> ومنطلق اجلهاد والعزة ورمبا يسبب فتنة ضعفاء اإلميان<br />
عن دينهم وارتدادهم على أعقاهبم حينما يروننا وحنن أهل البالد املقدسة نتعاون مع أعدائهم ومننحهم متعة<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالدان. )791(<br />
أن سياحة الكفار –كما هو مشاهد<br />
–<br />
-7<br />
ال تلوا من منكرات وكبائر فهم ال يعرفون معروفاً وال ينكرون<br />
منكراً ويستحلون حمارم هللا فال تلوا سياحتهم من سكر وعربدة وزىن وفواحش ورزااي وخزااي، ومثل هذا<br />
موجب لنقض العهد مع أهل الذمة وإخراجهم من داير <strong>اإلسالم</strong> فك<strong>يف</strong> أنيت هبم ل<strong>يف</strong>علوا ذلك <strong>يف</strong> دايران، ال<br />
شك أن <strong>يف</strong> ذلك خيانة لألمانة وتضييعاً للرعية ولو مل يكن فيه إال املعاونة على اإلمث والعدوان وإشاعة<br />
الفواحش <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> لكفى.<br />
أن كثرياً من هؤالء السياح يدعوا إىل الكفر واعتناق داينته وذلك مبمارسة ألوان من األنشطة املضللة<br />
كتوزيع نسخ من اإلجنيل أو شيء من تعاليم دينه أو إهداء صليب وحنوه، وال شك أن مثل هذا ال يرضاه<br />
مسلم يعتز بدينه وحيامي عن عقيدته. )792(<br />
وهبذا يتبني حرمة سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب ألجل النزهة واملتعة والرتفيه، ومما يؤسف له أن كثرياً من<br />
بالد املسلمني أصبحت مرتعاً هلؤالء السياح والعاقل يدرك ما جنته تلك الداير من أمثال هؤالء ، فال جيوز<br />
لوالة املسلمني <strong>يف</strong> جزيرة العرب ومهد <strong>اإلسالم</strong> أن أيذنوا للسياح الكفار َبلسياحة فيها للنزهة والفرجة ملا<br />
تقدم، لكن إذا كان مث مصلحة مشروعة <strong>يف</strong> ذلك كدعوهتم لإلسالم وتعر<strong>يف</strong>هم به وانتفت املفاسد من<br />
سياحتهم، وقام َبإلشراف عليهم من املسلمني من يوثق <strong>يف</strong> دينه وعدله وأمانته، فإن ذلك من أشرف<br />
( 791 )<br />
( 792 )<br />
املصدر السابق ، وقال ابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )913/2(: "إذا امتنع دخول املشركني مكة لعزة <strong>اإلسالم</strong> فلم يبقى الناس على ما<br />
كانوا عليه من الذل واهلوان".<br />
املصدر السابق .
األعمال وأطيبها كما قال تعاىل: <br />
.<br />
)793( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد استقبل النيب <strong>يف</strong> مسجده عدداً من املشركني ودعاهم إىل <strong>اإلسالم</strong> فيه )794( ، والظن بوالة أمران –<br />
وفقهم هللا-<br />
وهم أصحاب اجلهود املشكورة <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا وإنشاء املراكز <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> بالد الكفار أهنم<br />
سيجعلون من سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب وسيلة للدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والرتغيب فيه ونشره <strong>يف</strong> أصقاع<br />
املعمورة وأهنم سيحيطون ذلك بضماانت تكفل محاية بالدان من املفاسد واألضرار وتبقيها حصناً منيعاً وقلعة<br />
لإلسالم تبقى مناهضة وإن سقطت قالع.<br />
وقد صدر قرار من جملس الوزراء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية برقم<br />
206<br />
َبلسماح واملوافقة على إصدار أتشريات زايرة بغرض <strong>السياحة</strong> وفقاً للضوابط التالية :<br />
واتريخ<br />
1420/12/28ه<br />
1-أن تصدر التأشريات لفئة تقدرها ممثليات اململكة <strong>يف</strong> البلدان اليت حتددها وزارات الداخلية واخلارجية وأن<br />
يتم ذلك بصفة تدرجيية سواء َبلنسبة لعدد السياح أو املواقع املراد زايرهتا.<br />
2-أن تتوىل جهات مسؤولة مثل اخلطوط السعودية أو املكاتب السياحية املعتمدة أو الشركات الكربى<br />
اليت لديها خربة كافية <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong><br />
–<br />
عملية تقدمي قوائم أبمساء من يرغبون <strong>يف</strong> زايرة اململكة بغرض<br />
<strong>السياحة</strong> ومهنهم، واستقباهلم واإلشراف على إقامتهم ومغادرهتم، وأن تلتزم تلك اجلهات بتأمني مرشد<br />
سياحي سعودي جييد اللغات األجنبية واتريخ املنطقة األثرية اليت يعمل هبا.<br />
3-أن تقوم اجلهات املعنية قبل وصول املؤشر إبعداد برامج سياحية لزايرة األماكن األثرية واملعامل احلضارية<br />
والسياحية وأال تشمل تلك الربامج املناطق <strong>اإلسالم</strong>ية القريبة من مكة املكرمة واملدينة املنورة لغري<br />
املسلمني، على أال تتجاوز إقامتهم <strong>يف</strong> اململكة ستني يوماً.<br />
4-حتاط وزارة الداخلية بوقت كاف َبسم املتقدم لطلب أتشرية زايرة.<br />
5-أن تزود ممثليات اململكة املؤشر هلم مبنشورات توعية خمتصرة َبللغات احلية تتضمن املمنوعات<br />
واحملظورات اليت جتب مراعاهتا َبململكة .<br />
اثنياً: تتوىل إمارات املناطق مسؤولية متابعة<br />
خالل السنة الثالثة من اتريخ تطبيق هذا القرار.<br />
هذه الضوابط وتقوميها، وأن ترفع وزارة الداخلية تقريراً عن ذلك<br />
ولعل والة األمر وفقهم هللا رأو <strong>يف</strong> ذلك مصلحة راجحة، و<strong>يف</strong> الضوابط السابقة ما يشعر ويدل على<br />
حرصهم وسعيهم إىل تقليل املفاسد الناجتة عن سياحة هؤالء الكفار <strong>يف</strong> بالدان، وقد أحسنوا <strong>يف</strong> منع دخول<br />
( 793 )<br />
سورة النحل، اآلية<br />
) 794 )كما تقدم <strong>يف</strong> ص (<br />
.125<br />
. ) 186
غري املسلمني ملكة واملدينة بغرض <strong>السياحة</strong> و<strong>يف</strong> قصر مدة إقامتهم على ستني يوماً وكذلك <strong>يف</strong> توجيههم<br />
بتزويد ممثليات اململكة مبنشورات توعية خمتصرة َبللغات احلية تتضمن املمنوعات واحملظورات اليت جيب<br />
مراعاهتا <strong>يف</strong> اململكة من قبل هؤالء السياح، وال شك أن هذا يتضمن اإلشارة إىل ما سيأيت من ضوابط<br />
سياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> واملستقاه من الشروط العمرية، كما أن <strong>يف</strong> هذا مراعاة حلرمة هذه البالد<br />
وخصوصيتها ال سيما مكة واملدينة شرفهما هللا، وقد تقدم اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> حتديد مدة إقامة املستأمن<br />
<strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وترجح أهنا حبسب ما يراه والة األمر من املصلحة وأن ال تطول مبا يؤدي إىل اعتبارهم<br />
سكاانً ومقيمني <strong>يف</strong> هذه البالد.<br />
وكان من األوىل أن ينص <strong>يف</strong> القرار على استغالل سياحة هؤالء <strong>يف</strong> بالدان بتوعيتهم وإرشادهم إىل دين<br />
<strong>اإلسالم</strong> ودعوهتم إليه َبحلسىن ، ولعل <strong>يف</strong> الفقرة اخلامسة ما يوحي بذلك، ومىت أمكن االستغناء عن سياحة<br />
الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب فهو أسلم وأفضل.<br />
املسألة الرابعة: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ابقي داير <strong>اإلسالم</strong> :<br />
)795(<br />
األمر إبخراج املشركني قيل إنه خمصوص جبزيرة العرب كما هو قول مجاهري األمة<br />
مجيع أهل الذمة إذا استغىن املسلمون عنهم أجلوهم من داير <strong>اإلسالم</strong> كما<br />
، وقيل: إنه عام <strong>يف</strong><br />
( 795 )<br />
ينظر: شرح السري الكبري، للسرخسي )1541/4(، بدائع الصنائع، للكاساين )185/7(، شرح فتح القدير، البن اهلمام )301/5(،<br />
حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل، للحطاب )595-594/4(، حاشية الدسوقي )202/2(عقد اجلواهر الثمينة، البن<br />
شاس )487/1( األم، للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني، للنووي، )308/10(، مغين احملتاج، للشربيين )246/4(، املقنع<br />
مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين، البن قدامه )243/13(، منتهى اإلرادات ،<br />
للفتوحي مع حاشية النجدي )245/2(، كشاف القناع، للبهويت )1366/2(، شرح منتهى اإلرادات للبهويت، )135/2(، واملوسوعة<br />
الفقهية الكويتية )125/25-128/17(.
هو قول ابن جرير وغريه. )796(<br />
والصحيح<br />
–وهللا أعلم-<br />
أن ذلك من خصائص جزيرة العرب اليت هي حول املسجد احلرام كما خص<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
املسجد احلرام بقوله: <br />
)797( <br />
ألن النصوص <strong>يف</strong> األمر إبخراجهم مقيدة صراحة جبزيرة العرب، وعلى هذا عمل اخللفاء فعمر مل<br />
خيرجهم من الشام بل ملا فتح الشام أقر اليهود والنصارى َبألردن وفلسطني وغريمها كما أقرهم بدمشق<br />
وغريها. )798(<br />
فال مانع شرعاً من دخوهلم لباقي داير <strong>اإلسالم</strong> ومل يرد <strong>يف</strong> الكتاب والسنة ما يوجب إخراجهم منها أو منعهم<br />
من دخوهلا وعلى هذا عمل املسلمني <strong>يف</strong> سائر األعصار واألمصار ومل يزل أهل الذمة على مر التاريخ ينعمون<br />
أبمن <strong>اإلسالم</strong> على أرضه وخيضعون لتعاليمه وعدله.<br />
وإذا دخل السائح الكافر )احلريب( إىل داير <strong>اإلسالم</strong> إبذن وأمان صار مستأمناً حىت يغادرها )799(<br />
، وهو<br />
كالذمي <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> من حيث احلقوق والواجبات كما ذكر الفقهاء، إال أنه خيتلف عنه <strong>يف</strong> عدم دفعه<br />
للجزية ألنه ليس من أهل دار <strong>اإلسالم</strong> خالفاً للذمي. )800(<br />
( 796 )<br />
ينظر: تفسري الطربي )جامع البيان( )10<br />
/<br />
104( ، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، البن قاسم )89/28 و<br />
،)24/19<br />
وفتاوى السبكي )381/2-وما بعدها( وقال: "الواجب على إمام املسلمني إخراجهم من كل مصر كان الغالب على أهله <strong>اإلسالم</strong> إذا مل<br />
يكن للمسلمني إليهم ضرورة حاجة وكانت من بالد أهل الذمة اليت صاحلوا على إقرارهم فيها إحلاقاً حلكمه حكم جزيرة العرب وذلك أن<br />
خيرب ال شك أهنا مل تكن من األمصار اليت كان املسلمون اختطوها وال كانت جنران من املدائن اليت كان املسلمون نزلوها بل كانت ألهل<br />
الكتاب قرى ومدائن وهم كانوا عمارها وسكاهنا فأمر رسول هللا إبخراجهم منها إذ غلبها وأهلها <strong>اإلسالم</strong> وسكاهنا من أهل الكفر<br />
َبهلل أهل اإلميان ومل يكن هبم إليهم ضرورة حاجة ... هذا كالم ابن جرير رمحه هللا ... وأما تعديته حكم جزيرة العرب إىل سائر بالد<br />
<strong>اإلسالم</strong> فاملعروف من كالم مجهور العلماء إجالؤهم <strong>يف</strong> أن غري احلجاز من اجلزيرة هل يثبت له هذا احلكم والصحيح أنه ال يثبت ومن<br />
مجلة أدلتهم أنه ال خيرجهم أحد من األئمة من اليمن وهي من جزيرة العرب لكن كالم ابن جرير فيه روح... ويشهد لكل من االحتمالني<br />
شواهد <strong>يف</strong> الفقه يصلح أن أييت فيه وجهان واألقرب األول أن اإلقدام على احلكم بغري مستند غري األصل بعيد مع تطابق األعصار على<br />
وجودهم <strong>يف</strong> هذه البالد أو بقائهم وإن كان حيتمل أن يكون ذلك لتمادي األوقات وإمهال النظر <strong>يف</strong> ذلك واختالط من كان حمتاجاً إليه<br />
مبن ال حاجة إليه وغري ذلك من األسباب .. ومما يوقف عن قبول ما قاله ابن جرير أن اليهود املوادعني كانوا َبملدينة من غري ضرورة<br />
إليهم ومل خيرجهم النيب ... ولو قال إن ذلك جائز ال واجب أو أن وجوبه حبسب ما يراه اإلمام من إجالئهم وإبقائهم كان جيداً وكنا<br />
حنمل ما نشاهده من إبقائهم على أنه ما رأى املاضون املصلحة <strong>يف</strong> إجالئهم"، وتقدمت ترمجة الطربي ص<br />
. 21<br />
( 797 )<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
.28<br />
( 798 )<br />
( 799 )<br />
ينظر: املصدر السابق، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )387/1(.<br />
ومما ابتلي املسلمون به <strong>يف</strong> هذا الزمان كثرة االعتداءات على الكفار املستأمنني واملعاهدين <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> سواء كانوا عماالً فيها<br />
ملصلحة املسلمني أو سياحاً وفدوا إبذن وأمان وقد تقدم ذكر األدلة <strong>يف</strong> التحذير من قتل املعاهد وخفر ذمة املسلمني وقد سئل الشيخ<br />
ابن َبز عن االعتداء على زوار الدول والبالد <strong>اإلسالم</strong>ية ونص السؤال: ما حكم االعتداء على األجانب السياح والزوار <strong>يف</strong> البالد<br />
<strong>اإلسالم</strong>ية؟
وينبغي على والة األمر <strong>يف</strong> البالد <strong>اإلسالم</strong>ية أن يضعوا ضوابط لدخول هؤالء محاية لداير <strong>اإلسالم</strong> وأخالق<br />
املسلمني وحفاظاً على اهلوية <strong>اإلسالم</strong>ية واملروءة العربية مما خيدشها.<br />
قرانً<br />
ومن الضوابط املعلومة من الدين َبلضرورة واليت <strong>يف</strong> جمملها مما أمجعت عليه األمة من الشروط العمرية )801(<br />
بعد قرن ما يلي :<br />
( 800 )<br />
واجلواب هو : هذا ال جيوز، االعتداء ال جيوز على أي أحد، سواء كانوا سياحاً أو عماالً، ألهنم مستأمنون، دخلوا َبألمان، فال جيوز<br />
االعتداء عليهم، ولكن تناصح الدولة حىت متنعهم مما ال ينبغي إظهاره، أما االعتداء عليهم فال جيوز، أما أفراد الناس فليس هلم أن<br />
يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم، بل عليهم أن يرفعوا األمر إىل والة األمور، ألن التعدي عليهم تعد على أانس قد دخلوا َبألمان فال<br />
جيوز التعدي عليهم، ولكن يرفع أمرهم إىل من يستطيع منع دخوهلم أو منعهم من ذلك املنكر الظاهر.<br />
أما نصيحتهم ودعوهتم إىل <strong>اإلسالم</strong> أو إىل ترك املنكر إن كانوا مسلمني فهذا مطلوب، وتعمه األدلة الشرعية، وهللا املستعان، وال حول<br />
وال قوة إال َبهلل . وصلى هللا وسلم على نبينا حممد، وآله وصحبه .<br />
ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت البن َبز مجع الشويعر )239/8(.<br />
ينظر: شرح فتح القدير، البن اهلمام )270/5(،<br />
شرح السري الكبري، للسرخسي )308/1( و )1541/4(، حاشية ابن عابدين<br />
)295/6(، بدائع الصنائع، للكاساين )173/7(، الكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )468/1(، مواهب اجلليل، للحطاب )562/4(، عقد<br />
اجلواهر الثمينة، البن شاس )479/1(، األم، للشافعي )188/4(، روضة الطالبني، للنووي )319/10(، مغين احملتاج للشربيين<br />
)236/4(، تكملة اجملموع للمطيعي )254-115/21(، املغين، البن قدامة )236/13(، منتهى اإلرادات للفتوحي )234/2(<br />
كشاف القناع، للبهويت )1333/2(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي، حتقيق الرتكي<br />
.)361-358/10(<br />
( 801 )<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )1457-1159/3(، املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )241/3(، حترير<br />
األحكام <strong>يف</strong> تدبري أهل <strong>اإلسالم</strong>، البن مجاعة، حتقيق فؤاد عبداملنعم، ص255-وما بعدها.<br />
وهذه الشروط ذكرها ابن القيم بقوله: "...كتب أهل اجلزيرة إىل عبدالرمحن بن غَنْم: إن نا حني قدمت بالدان، طلبنا إليك األمان ألنفسنا<br />
وأهل ملتنا على أان شرطنا لك على أنفسنا أال حنُْدِّث <strong>يف</strong> مدينتنا كنيسة، وال فيما حوهلا ديراً وال قالية، وال صومعة راهب، وال جندِّد ما<br />
خرب من كنائسنا، وال ما كان منها <strong>يف</strong> خطط املسلمني، وأال<br />
مننع= =كنائسنا من املسلمني أن ينزلوها <strong>يف</strong> الليل والنهار، وأن نوسع<br />
أبواهبا وأال نضرب بنواقيسنا إال ضرَبً خفياً <strong>يف</strong> جوف كنائسنا، وال نظهر عليه صليباً، وال نرفع أصواتنا <strong>يف</strong> الصالة وال القراءة <strong>يف</strong> كنائسنا<br />
فيما حيضره املسلمون، وأال خنُْرِّجَ صليباً وال كتاَبً <strong>يف</strong> سوق املسلمني، وأال خنرج َبعواثً –قال: والباعوث جيتمعون كما خيرج املسلمون يوم<br />
– األضحى والفطر<br />
وال شعانني، وال نرفع أصواتنا مع مواتان، وال نظهر النريان معهم <strong>يف</strong> أسواق املسلمني، وأال جناورهم َبخلنازير وال ببيع<br />
اخلمور، وال نظهر شرْكاً، وال نرغ ب <strong>يف</strong> ديننا، وال ندعو إليه أحداً وال نتخذ شيئاً من الرقيق الذي جرت عليه سهام املسلمني، وأال مننع<br />
أحداً من أقرَبئنا أرادوا الدخول <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، وأن نلزم زينا حيثما كن ا، وأال نتشبه َبملسلمني <strong>يف</strong> لبس قلنسوة، وال عمامة، وال نعلني، وأن<br />
جنز مقادم رؤسنا، وال نفرق نواصينا، ونشد الزاننري على أوساطنا، وال ننقش خوامتنا َبلعربية، وال نركب السروج، وال نتخذ شيئاً من<br />
السالح وال حنمله، وال نتقلد السيوف، وأن نوق ر املسلمني <strong>يف</strong> جمالسهم، ونرشدهم الطريق، ونقوم هلم عن اجملالس إن أرادوا اجللوس، وال<br />
نطلع عليهم <strong>يف</strong> منازهلم، وال نعلم أوالدان القرآن، وال يشارك أحد منا مسلماً <strong>يف</strong> جتارة إال أن يكون إىل املسلم أمر التجارة، وأن نض<strong>يف</strong><br />
كل مسلم عابر سبيل ثالثة أايم ونطعمه من أوسط ما جند. ضمن ا لك ذلك على أنفسنا، وذرارينا وأزواجنا ومساكيننا، وإن حنن غريَّ ان أو<br />
خالفنا عما شرطنا على أنفسنا وقبلنا األمان عليه، فال ذم ة<br />
لنا، وقد حل لك من ا ما حيل ألهل املعاندة والشقاق".
أال يُرغِّبوا <strong>يف</strong> دينهم، وال يدعون إليه أحداً أبي وسيلة كانت.<br />
أال يتعرضوا لديننا بتنقص أو تكذيب أو شتم أو إهانة .<br />
أال يتعرضوا ألعراض املسلمني وحرماهتم أبذى قوالً كان أو فعالً .<br />
أال يظهروا صليباً لبساً أو محالً أو غريه.<br />
أال يظهروا شيئاً من شعائر دينهم أمام املسلمني.<br />
أال يلبسوا املالبس الفاضحة والفاتنة ويلتزموا احلشمة واألدب <strong>يف</strong> األماكن العامة، <strong>يف</strong> أقواهلم وأفعاهلم.<br />
أال جيلبوا معهم من املتاع ما متنعه شريعة <strong>اإلسالم</strong> من مخر أو حلم خنزير وحنوه .<br />
أال يكونوا عيوانً وجواسيس لدولتهم.<br />
أال أيكلوا أو يشربوا <strong>يف</strong> هنار رمضان أمام املسلمني.<br />
أال يرتتب على دخوهلم مفاسد شرعية وإضرار اجتماعية أو خُلُقُيِّةْ. )802(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
وإذا كان دخوهلم للسياحة بغرض النزهة والفرجة فإن <strong>يف</strong> ذلك من املفاسد ما تقدم ذكره <strong>يف</strong> املسألة السابقة<br />
إال أنه مل يرد ما مينع دخوهلم لغري جزيرة العرب من بالد املسلمني وعلى هذا فإن سياحتهم فيها حبسب ما<br />
يرتتب على ذلك من املصاحل واملفاسد، اليت ينظر فيها ويقررها والة األمر .<br />
فإن رأوا <strong>يف</strong> سياحتهم مفاسد وأضرار كان لزاماً عليهم منعهم من ذلك وإن رأوا األمر خبالف ذلك فال مانع<br />
من سياحتهم مع مراعاة الضوابط الشرعية <strong>يف</strong> ذلك ودعوهتم إىل دين هللا عز وجل وترغيبهم فيه. )803(<br />
واألوىل منعهم من<br />
خري يرجى .<br />
الدخول ألجل <strong>السياحة</strong> الرتفيهية صيانة لبالد <strong>اإلسالم</strong> فهي <strong>يف</strong> غىن عنهم وليس وراءهم<br />
( 802 )<br />
( 803 )<br />
فكتب بذلك عبدالرمحن بن غنم إىل عمر بن اخلطاب ، فكتب إليه عمر "أن أمض هلم ما سألوا، وأحلق فيهم حرفني اشرتطهما<br />
عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم: أال يشرتوا من سباايان، ومن ضرب مسلماً فقد خلع عهده، قال: فأنفذ عبدالرمحن بن غنم ذلك،<br />
وأقر من أقام من الروم <strong>يف</strong> مدائن الشام على هذا الشرط".<br />
وقال ابن القيم أيضاً: "وشهرة هذه الشروط تغين عن إسنادها: فإن األئمة تلقوها َبلقبول، وذكروها <strong>يف</strong> كتبهم، واحتجُّوا هبا، ومل يزل ذكر<br />
الشروط العمرية على ألسنتهم و<strong>يف</strong> كتبهم وقد أنفذها بعده اخللفاء وعملوا مبوجبها".<br />
ينظر : أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص28، بتصرف.<br />
ينظر: فتاوى السبكي )381/2-وما بعدها( ، وقال: "الذي يظهر أن إخراج اليهود والنصارى إمنا هو من احلجاز كما هو املعروف<br />
وال يتعدى إىل غريه إال أن يرى اإلمام املصلحة <strong>يف</strong> إجالء طائفة منهم من مصر أو مدينة إىل مكان آخر يراه فله ذلك على حسب النظر<br />
للمسلمني وهذا ال ينبغي أن يقال إال إذا كان اإلمام مثل عمر بن عبدالعزيز وإال فيخشى أن خيرج من شاء ويبقى من شاء حبسب هوى<br />
نفسه وغرضه ... وأما غري احلجاز فيكون النظر فيه لإلمام وال نقول إنه واجب كما قال ابن جرير فيضيق األمر وال ميتنع بل حبسب<br />
املصلحة ما مل تكن حاجة".
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "كل مسلم يعلم أهنم ال يتجرون إىل بالد املسلمني إال ألغراضهم ال لنفع املسلمني ولو<br />
منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على املال مينعهم من الطاعة فإهنم أرغب الناس <strong>يف</strong> املال... وال يشري<br />
على ويل أمر املسلمني مبا فيه إظهار شعائرهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أو تقوية أمرهم<br />
–بوجه من الوجوه- إال رجل<br />
منافق يظهر <strong>اإلسالم</strong> وهو منهم <strong>يف</strong> الباطن أو رجل له غرض فاسد ... أو رجل جاهل <strong>يف</strong> غاية اجلهل ال<br />
يعرف السياسة الشرعية اإلهلية اليت تنصر سلطان املسلمني على أعدائه وأعداء الدين وإال فمن كان عارفاً<br />
انصحاً له أشار عليه مبا يوجب نصره وثباته وأتييده، واجتماع قلوب املسلمني عليه وحمبتهم له ودعاء الناس<br />
له <strong>يف</strong> مشارق األرض ومغارهبا، وهذا كله إمنا يكون إبعزاز دين هللا وإظهار كلمة هللا وإذالل أعداء هللا<br />
تعاىل" )804(<br />
وأوىل من مينع من الكفار من <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> هم اإلسرائيليون فهم من أهل احلرب ونقضة للعهود<br />
واملواثيق وسياحتهم <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> تعين االعرتاف َبحتالهلم لدولة فلسطني <strong>اإلسالم</strong>ية وإقرارهم على<br />
جرائمهم ضد املسلمني هناك، إضافة إىل ما حتمله من مفاسد وأضرار على املسلمني ودعم مادي ومعنوي<br />
ألعدائهم واشد الناس بغضاً هلم )805( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)806(<br />
. <br />
<br />
<br />
( 804 )<br />
( 805 )<br />
( 806 )<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع ابن قاسم، )643-642/28(.<br />
ومما يؤسف له أن بعض الدول <strong>اإلسالم</strong>ية فتحت أبواهبا لكل السياح من كل الدايانت بل إن منها من مسحت للسياح اإلسرائيليني<br />
رغم وجود معارضة من الشعوب <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> تلك البلدان وال شك أن <strong>يف</strong> هذا خطراً على عقيدة املسلمني وأمنهم وأخالقهم كما أنه<br />
دعم وتطبيع للعالقات مع الكافر احملتل،ينظر: امللحقات من)3(إىل)10(.<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
.82
املطلب الرابع<br />
أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>
املطلب الرابع: أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> :<br />
املسألة األوىل: تعر<strong>يف</strong> الرخصة لغة واصطالحاً:<br />
بأن الراء والخاء والصاد أصل يدل على لين وخالف شدة فالرخصة في األمر خالف التشديد فيه،<br />
ذكر في معجم مقاييس اللغة )807(<br />
ورخص له في األمر: أذن له فيه بعد النهي، واالسم الرُّ خْصةُ.<br />
ومن ذلك: رخُص السعر إذا سهل وتيسر، أو رخصه هللا فهو رخيص ورخص الشارع لنا في كذا ترخيصاً وأرخص إرخاصاً: إذا<br />
يسره وسهله، وفي الحديث: ))إن هللا يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته(( )808(<br />
وأما الرُّ خَصهَ – بفتح الخاء : فهو الشخص اآلخذ بالرخصة.<br />
فالرُّ خْصَةُ –في الجملة- تدل على سهولة ويسر ومسامحة وطراوة .<br />
ومن هذا المعنى اللغوي أخذت الرخصة اصطالحاً عند األصوليين، ألنها تدل على كل معنى في الدين جنح فيه إلى التيسير والتسهيل<br />
والبعد عن العنت والتشديد. )809(<br />
والرخصة تطلق في اصطالح علماء األصول مقابل العزيمة فهما اسمان متقابالن متالزمان مفهوماً وعمالً.<br />
وهي وإن اختلفت في ألفاظها<br />
والختالف األصوليين في تعر<strong>يف</strong> العزيمة اختلفوا أيضاً في تعر<strong>يف</strong> الرخصة على أقوال متعددة )810(<br />
وعباراتها إال أنها تتفق تقريباً في معناها والمقصود منها والناظر فيها يتبين له ما يلي :<br />
أوالً: أنه ال بد لألخذ بالرخصة من دليل يدل عليها.<br />
ثانياً: وال بد من وجود العذر في المكلف حتى يستطيع به أن يعدل عن الحكم األصلي الذي هو العزيمة إلى حكم الرخصة.<br />
ثالثاً: أن أحكام الرخصة ليست هي األحكام األصلية بل هي أحكام وضعها الشارع للتخف<strong>يف</strong> عن المكلفين ولرفع الحرج والضيق عنهم<br />
وقد نص كثير من األصوليين في تعر<strong>يف</strong>اتهم على ذلك. )811(<br />
، فقد توفرت فيه األمور الثالثة<br />
ولعل من أجمع التعار<strong>يف</strong> ما ذكره البيضاوي بقوله: "الحكم الثابت على خالف الدليل لعذر" )812(<br />
السابقة إضافة إلى كونه جامعاً مانعاً سالماً مما ورد على غيره من اعتراضات.<br />
شرح التعر<strong>يف</strong> وبيان محترزاته:<br />
قوله: )حكم( : جنس<br />
وقوله : )الثابت( : فيه إشارة إلى ما سبق ذكره أوالً من أن الترخص ال بد له من دليل وإال لزم ترك العمل بالدليل السالم عن<br />
المعارض، فنبه عليه بقوله: )الثابت(، ألنه لو لم يكن لدليل لم يكن ثابتاً بل الثابت غيره.<br />
( 807 )<br />
( 808 )<br />
( 809 )<br />
البن فارس، حتقيق عبدالسالم هارون )500/2(، بتصرف.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )108/2( عن ابن عمر، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )162/3(: "رواه أمحد ورجاله رجال الصحيح والبزار<br />
والطرباين <strong>يف</strong> األوسط وإسناده حسن"<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )1616/3(، والقاموس احمليط، للفريوزاَبدي )304/2(، املصباح املنري، )223/1(، خمتار الصحاح<br />
، ص )150(، بتصرف.<br />
( 810 )<br />
( 811 )<br />
( 812 )<br />
ينظر: كشف األسرار للبخاري )299/2(، حاشيتا التفتازاين واجلرجاين على خمتصر ابن احلاجب، )7/2(، املوافقات، للشاطيب<br />
)301/1( احملصول ، للرازي حتقيق طه العلواين )158-154/1(، املستصفى ، للغزايل حتقيق محزة حافظ )329/1(، شرح خمتصر<br />
الروضة للطو<strong>يف</strong> حتقيق الرتكي )457/1(، البحر احمليط للزركشي )326/1( مذكرة الشنقيطي )59( ، الرخص الشرعية وإثباهتا َبلقياس،<br />
لعبدالكرمي النملة، )44-11(، والرخص الشرعية أحكامها وضوابطها، للزحيلي، ص25، والدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية، للصاليب،<br />
ص33، بتصرف.<br />
ينظر: الرخص الشرعية، للنملة )ص42(، بتصرف.<br />
شرح املنهاج للبيضاوي ، لألصفهاين ، حتقيق النملة )83/1( والبيضاوي هو: أبو سعيد وقيل أبو اخلري عبدهللا بن عمر بن حممد بن<br />
علي البيضاوي الشريازي الشافعي امللقب بناصر الدين والبيضاوي نسبة إىل البيضاء <strong>يف</strong> بالد فارس على مقربة من شرياز كان قاضياً عاملاً<br />
َبلفقه واألصول والعربية واملنطق واحلديث وإماماً مربزاً أثىن عليه وعلى مؤلفاته ويل قضاء شرياز فرتة مث استقر <strong>يف</strong> تربيز وتو<strong>يف</strong> فيها سنة<br />
685ه وقيل 691ه ، ومن مؤلفاته: منهاج األصول، وأسرار التأويل، وغريها .<br />
ينظر: األعالم، للزركلي<br />
املبني<br />
110/4<br />
، ولالستزادة : شذرات الذهب<br />
392/5<br />
وهداية العارفني<br />
462/1<br />
ومعجم املؤلفني<br />
98/6<br />
.88/2<br />
والفتح
وقوله: )على خالف الدليل(: احترز به عما أباحه هللا تعالى من األكل والشرب وغيرهما فال يسمى رخصة، إذ لم يثبت على المنع<br />
منه دليل، وأطلق المصنف الدليل ليشمل ما إذا كان الترخيص بجواز الفعل على خالف الدليل المقتضي للتحريم كأكل الميتة وما إذا<br />
كان بجواز الترك، إما على جواز الفعل المقتضي للوجوب كجواز الفطر في السفر، وإما على خالف الدليل المقتضي للندب، كترك<br />
الجماعة بعذر المطر والمرض ونحوهما فإنه رخصة بال نزاع.<br />
وقوله: )العذر(: يعني المشقة ، والحاجة، واحترز به عن شيئين :<br />
األول: الحكم الثابت بدليل راجح ، على دليل آخر معارض له.<br />
الثاني: التكال<strong>يف</strong> كلها فإنها أحكام ثابتة على خالف الدليل ومع ذلك ليست برخصة ألنها لم تثبت ألجل المشقة، وإنما قلنا: إنها على<br />
خالف الدليل ألن األصل عدم التكال<strong>يف</strong>، واألصل من األدلة الشرعية. )813(<br />
وبهذا يتبين وضوح هذا التعر<strong>يف</strong> واشتماله على التخف<strong>يف</strong>ات والرخص في األحوال والظروف الطارئة من مرض وسفر وإكراه<br />
وضرورة وغير ذلك من األعذار، ولو لم تكن شاقة. )814(<br />
و<strong>السياحة</strong> سفر كما تقدم، فكانت من األعذار المبيحة للترخص.<br />
المسألة الثانية: شروط الترخص في سفر <strong>السياحة</strong> :<br />
ال يترخص السائح برخص السفر إال إذا تحققت فيه الشروط التالية :<br />
، فمن<br />
الشرط األول: القصد، فال بد أن يعزم في االبتداء على قطع مسافة السفر لمقصد معلوم وهو محل اتفاق بين الفقهاء )815(<br />
شخص عن بلده وال نية له في السفر فهو مقيم ال رخصة له، وذلك كالهائم على وجهه ال يدري أين يتوجه ومن خرج لرد ضالة إال<br />
إذا بلغ مكاناً يكون رجوعه منه إلى بلده سفراً عرفاً، فحينئذ يشرع له الترخص، ومن علق سفره بلحاق قافلة بضاحية البلد إن حصل<br />
له ذلك وإال فال ولم يغلب على ظنه حصول مراده فهو باق على حكم اإلقامة لعدم النية وكذلك التائه عن الطريق وهو في غير سفر<br />
وكذا الصياد يتبع الطريد والسائح في األرض ال يقصد مكاناً معيناً فال رخصة لهم لعدم القصد )816 ) ، واألصل في هذا حديث ))إنما<br />
في وسائل<br />
األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى(( )817 ) ، ونظير هذا في الوقت الحاضر ما يعرف "بحجز االنتظار" )818(<br />
المواصالت الحديثة من سفن وطائرات وقطارات وحافالت .<br />
( 813 )<br />
( 814 )<br />
( 815 )<br />
( 816 )<br />
( 817 )<br />
( 818 )<br />
ينظر: الرخص الشرعية ، للنملة ص)39-38( بتصرف .<br />
ينظر: الدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية، للصاليب ، ص36، بتصرف.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين، حتقيق حممد حليب، )161/1(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )210-209/1(، وحاشية ابن عابدين<br />
)601/2(، والكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )244/1(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )210/1(، ومواهب اجلليل، للحطاب )499/2(،<br />
القوانني الفقهية ، البن جزي)59(، شرح خمتصر خليل، للخرشي )60/2(، ومنح<br />
اجلليل، حملمد عليش )407/1(، وفسروا اهلائم<br />
َبلسائح <strong>يف</strong> األرض أي بلد طابت له أو تيسر له فيه القوت أقام فيها ما شاء ، فال يرتخص ألنه مل يقصد سفر أربعة برد، وحاشيتا<br />
قليويب وعمرية )305-296/1(، اجملموع، للنووي )152/4(، مغين احملتاج، للشربيين )267/1(، والوسيط للغزايل، حتقيق القره داغي<br />
)857/2(، واالقناع للحجاوي، حتقيق الرتكي )275/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق بن قدامة وأبو الفرج بن قدامة<br />
واملرداوي )42/5( وكشاف القناع، للبهويت )601/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )30/25(، واملسافر وما خيتص به من أحكام<br />
العبادات، للكبيسي، ص86، بتصرف وهذا الشرط فيمن كان مستقالً برأيه وأما التابع لغريه كالزوجة مع زوجها واجلندي مع األمري ففيه<br />
خالف وتفصيل ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> مدوانهتم.<br />
ينظر: املصادر السابقة، "فلكي يصري املقيم مسافراً ال بد أن ينوي سري املسافة املعتربه، ألن السري قد يكون سفراً وقد ال يكون ،<br />
فاإلنسان قد خيرج من موطن إقامته إىل موضع إلصالح ضيعة، مث تبدوا له حاجة أخرى إىل اجملاوزة عنه إىل موضع آخر، وليس بينهما<br />
مدة سفر مث يتجاوز ذلك إىل مكان آخر، وهكذا إىل أن يقطع مسافة بعيدة أكثر من مدة السفر ولذلك ال بد من نية مدة السفر<br />
للتمييز"، ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )269/27(.<br />
وينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش )107/8(، فتوى رقم )8136(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )96(.<br />
حبيث كون سفره معلقاً بوجود مقعد له فقد يتمكن من السفر وقد ال يتمكن منه.
فإذا كان المطار أو صالة االنتظار للسفر خارج العمران أو في بلدة ال يعتبر الذهاب إليها سفراً، فليس له الترخص،ألن األصل بقاء<br />
اإلقامة فال ينتقل عن ذلك إال بيقين أو غلبة ظن )819(<br />
واستثنى العلماء مما تقدم: من علم في ابتداء سفره أنه لن يدرك مطلوبه قبل المسافة المحددة للترخص فله أن يترخص لعزمه ابتداء<br />
على قطع المسافة، أما من لم يعلم ذلك فال يترخص ولو طال سفره وتجاوز مسافة الترخص. )820(<br />
قال في اإلقناع: "وإن شك في قصر المسافة أو لم يعلم قدر سفره كمن خرج في طلب آبق أو ضال ناوياً أن يعود به أين وجده لم<br />
يقصره حتى يجاوز المسافة" )821(<br />
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه هللا: "عن جواز الفطر والقصر للبدوي الذي ضاعت إبله وسافر يبحث عنها ال يقصد مكاناً<br />
معيناً وال يعلم هل يستمر سفره إلى مسافة القصر أو يجدها دونه؟"<br />
فأجاب: "من كان بهذه الصفة المسئول عنها فال يستبيح رخص السفر حال ما يخرج من بلده حتى يجاوز المسافة فإذا جاوزها ابتدأ<br />
استباحة رخص السفر". )822(<br />
الشرط الثاني: مفارقة محل اإلقامة )عمران بلدته(<br />
فللسائح إذا سافر أن يترخص بعد الخروج من بلده ومفارقة جميع عمرانها وذلك باتفاق الفقهاء<br />
لكن العلماء اختلفوا في اشتراط المفارقة للترخص وجواز الفطر والقصر قبل ذلك وذلك على أقوال :<br />
القول األول: اشتراط المفارقة فليس لمن نوى السفر أن يترخص حتى يخرج من بيوت بلده و<strong>يف</strong>ارق عمرانها، ويجعلها وراء ظهره.<br />
وهذا قول الجمهور من األئمة األربعة واألوزاعي وإسحاق وغيرهم، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم وأفتت به اللجنة الدائمة<br />
للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة )824(<br />
)823( .<br />
( 819 )<br />
( 820 )<br />
( 821 )<br />
ينظر: جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية، العدد العاشر، مجادي اآلخرة 1414ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم الضوابط<br />
واملعايري الشرعية، د/ مساعد الفاحل، ص)111(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص )35-34(، والصبح السافر<br />
فيما حيتاج إليه املسافر، لصالح الشر<strong>يف</strong>، ص )49(، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش<br />
3 ص .234<br />
) 822 (<br />
) 823 (<br />
اإلقناع، للحجاوي، حتقيق الرتكي )275/1(.<br />
فتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم )320/2-1(.<br />
ينظر: اإلمجاع، البن املنذر )39(، وفتح الباري، البن حجر )663/2( واملغين، البن قدامة )110/3( ونيل األوطار، للشوكاين<br />
.)127/4(<br />
) 824 (<br />
وقال به أبو ثور أيضا، ينظر: البحر الرائق، البن جنيم )140/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )161/1( وتبيني احلقائق، للزيلعي<br />
)209/1(، حاشية ابن عابدين )599/2(، املنتقى، للباجي )264/1(، الكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )244/1(، شرح اخلرشي ملختصر<br />
خليل )58/2(، الفواكه الدواين، للنفراوي )254/1(، الوسيط، للغزايل )858/2(، حتفة احملتاج، البن حجر اهليثمي )371/2(،<br />
اجملموع، للنووي، )158/4(، هناية احملتاج، للرملي )250/2(، حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، واملغين، البن قدامة، حتقيق احللو<br />
والرتكي )111/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي )48-44/5( كشاف القناع، للبهويت<br />
)602/1(، ونيل األوطار، للشوكاين )124/4( وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع حممد بن قاسم، )320/2-1( وفتاوى<br />
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء، مجع أمحد الدويش )106/8( ، واألوزاعي تقدمت ترمجته ص<br />
158<br />
،وإسحاق بن راهوية هو<br />
سيد احلفاظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن خملد بن إبراهيم بن عبدهللا بن مطر املروزي النيسابوري ولد سنة إحدى وستني ومائة<br />
ومسع من ابن املبارك والفضيل بن عياض= =والداروردي ومجاعة من كبار التابعني وحدث عنه بقية بن الوليد وحيىي ابن آدم ومها من<br />
شيوخه وأمحد بن حنبل وابن معني ومها من أقرانه وإسحاق بن منصور والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وداود الظاهري وغريهم.<br />
تو<strong>يف</strong> ليلة النصف من شعبان وله سبع وسبعون سنة . قال الذهيب: ومع حال إسحاق وبراعته <strong>يف</strong> احلفظ ميكن أنه لكونه كان ال حيدث<br />
إال من حفظه جرى عليه الوهم <strong>يف</strong> حديثني من سبعني ألف حديث فلو أخطأ منها <strong>يف</strong> ثالثني حديثاً ملا حط ذلك رتبته عن االحتجاج<br />
به أبداً.<br />
ينظر: سري أعالم النبالء، للذهيب )383-358/11(.
القول الثاني: ال يشترط ذلك فللمسافر أن يترخص ولو كان في بلده إذا عقد العزم وتأهب للسفر وهو رواية عن أحمد ونقله ابن حجر<br />
عن بعض الكوفيين وحكي عن عطاء وغيره واختاره ابن القيم<br />
. ) 825(<br />
القول الثالث: أنه إذا خرج مسافراً ال يقصر يومه ذلك إلى الليل أو عكسه. وهو مروي عن مجاهد. )826(<br />
القول الرابع: أنه إذا جاوز حيطان داره فله القصر وهو مروي عن عطاء. )827(<br />
سبب الخالف :<br />
معارضة مفهوم االسم وهو السفر لدليل الفعل فإنه يعد مسافراً إذا نوى السفر وشرع فيه لكن هذا معارض بدليل الفعل منه فقد<br />
كان ال يقصر إال إذا فارق بيته بثالثة أميال، فمن قال باألول أجاز القصر بمجرد نيته والشروع فيه ومن قال باآلخر اشترط المفارقة<br />
للقصر )828(<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول بما يلي :<br />
-1<br />
قوله سبحانه: <br />
اآلية )829(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-2<br />
وجه الداللة: أن هللا سبحانه علق القصر على الضرب في األرض وال يعد وال يكون ضارباً في األرض حتى يخرج عن<br />
بلده و<strong>يف</strong>ارقه فالمقيم ال يسمى ضارباً)830(<br />
قوله سبحانه: أَوْ عَلَى سَفَر وال يقال لمن كان داخل البلد إنه على سفر أو مسافر حتى <strong>يف</strong>ارق البلد )831(<br />
3- حديث أنس هللا عنه ))صليت مع النبي الظهر بالمدينة أربعاً وبذي الحل<strong>يف</strong>ة ركعتين(( فكان يترخص بالقصر إذا<br />
.<br />
)834(<br />
-4<br />
-5<br />
خرج من المدينة وارتحل وهذا ظاهر )832(<br />
وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة فقال: "ال حتى ندخلها"، وفي لفظ: "خرجنا مع علي<br />
بن أبي طالب فقصرنا الصالة ونحن نرى البيوت ثم رجعنا فقصرنا الصالة ونحن نرى البيوت" )833(<br />
وعن نافع عن ابن عمر ))أنه كان يقصر الصالة حين يخرج من بيوت المدينة ويقصر إذا رجع حتى يدخل بيوتها((<br />
) 825 (<br />
ينظر: املغين البن قدامة )111/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي )44/5(، والفروع ،<br />
البن مفلح مع تصحيحه للمرداوي وحاشية ابن قندس )82/3(، وفتح الباري البن حجر )663/2( وزاد املعاد، البن القيم )53/2(،<br />
واختاره الشوكاين أيضاً <strong>يف</strong> نيل األوطار )124/4( وبعضهم قيد ذلك َبلفطر دون القصر كما سيأيت <strong>يف</strong> كالم الرتمذي، وسبق ترمجة ابن<br />
. 22 و عطاء ص 24 حجر ص<br />
) 826 (<br />
) 827 (<br />
) 828 (<br />
) 829 (<br />
) 830 (<br />
) 831 (<br />
) 832 (<br />
ينظر: املصادر السابقة، واجملموع، للنووي )158/4(، وشرح صحيح مسلم للنووي )207/6-5(، وسبق ترمجة جماهد ص<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )238/1(، بتصرف.<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.22<br />
.101<br />
ينظر: املصادر السابقة للهامش )3( ص )236(، واحلاوي للماوردي )368/2(.<br />
ينظر: املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر، البن جربين، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي ص85، بتصرف، واآلية <strong>يف</strong> سورة البقرة،<br />
.185<br />
) 833 (<br />
)834(<br />
احلديث متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة َبب يقصد إذا خرج من موضعه )85(، رقم )1089(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
الصالة، َبب صالة املسافرين وقصرها )786(، رقم )1589(، وينظر: احلاوي للماوردي )368/2( وقال النووي: "واألحاديث املطلقة<br />
مع ظاهر القرآن متعاضدات على جواز القصر من حني خيرج من البلد فإنه حينئذ يسمى مسافراً".<br />
شرح صحيح مسلم، للنووي )208/6-5(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه معلقاً بصيغة اجلزم، كتاب تقصري الصالة َبب يقصر إذا خرج من موضعه )85(، وعبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،<br />
كتاب الصالة ، َبب املسافر مىت يقصر إذا خرج مسافراً )530/2(.<br />
أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه، كتاب الصالة، َبب املسافر مىت يقصر إذا خرج مسافراً )530/2(.
6- وقال عبيد بن جبر: "كنت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غذاؤه فلم يجاوز<br />
البيوت حتى دعا بالسفرة ثم قال: اقترب، قلت: ألست ترى البيوت؟ قال: أترغب عن سنة رسول هللا <br />
ومن المعقول: أنه ال يطلق على الشخص مسافر إال إذا باشر السفر وفعله وال يكون ذلك إال بخروجه من البلد ومفارقته<br />
فأكل". )835(<br />
الدور )836(<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
وألنه لما وجب عليه اإلتمام إذا دخل بنيان بلده عند قدومه من سفره إجماعاً وجب أن ال يجوز له القصر في ابتداء خروجه<br />
قبل مفارقة بنيان بلده )837(<br />
وألن النية )القصد( شرط كما تقدم وال بد من اقترانه بالفعل وهو الخروج والمفارقة وإال فال عبرة بمجرد النية دون ذلك ألن<br />
مجرد قصد الشيء من غير اقتران بالفعل يسمى عزماً وال يسمى نية وفعل السفر ال يتحقق إال بعد الخروج من المصر<br />
فما لم يخرج ال يتحقق قران النية بالفعل فال يصير مسافراً. )838(<br />
واستدل أصحاب القول الثاني بحديث أبي بصرة السابق ذكره، وبما روي عن أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً وقد رُ حِّ لت<br />
له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل، فقيل له: سنة؟ قال: سنة )839(<br />
.<br />
"وألنه لما صار مقيماً بمجرد النية من غير فعل صار مسافراً بمجرد النية". )840(<br />
المناقشة والترجيح :<br />
ويمكن مناقشة ما استدل به أصحاب القول الثاني بأن استدالل الجمهور به أظهر من استداللهم كما هو واضح من سياق النص فأبو<br />
بصرة لم يأكل حتى دفع وشرع وباشر السفر فهذا دليل للجمهور عليهم وقوله: "لم يجاوز البيوت" معناه –وهللا أعلم- لم يبعد منها،<br />
بدليل قول عبيد له: "ألست ترى البيوت" )841(<br />
وأما الدليل الثاني فالحديث في سنده عبدهللا بن جعفر والد علي بن المديني وهو ضع<strong>يف</strong> )842 ) ، وعلى فرض صحته فإن منزله <br />
كان في ظاهر البلد وكان عليه –في زمانهم- مشقة في الوقوف والنزول أثناء الطريق لتناول األكل والطعام وهم حديثوا عهد بمسير<br />
<br />
) 835 (<br />
) 836 (<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، كتاب الصوم، َبب مىت <strong>يف</strong>طر املسافر إذا خرج )1402(، رقم )2412(، وصححه األلباين <strong>يف</strong> رسالته<br />
تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره وعبيد بن جرب هو موىل أيب بصرة، القبطي كان ممن بعث به املقوقس مع مارية، فعلى هذا فله<br />
صحبة. وقد ذكره يعقوب بن سفيان <strong>يف</strong> الثقات، وقال ابن خزمية: ال أعرفه.<br />
ينظر: تقريب التهذيب، البن حجر )376(، وأبو بصرة هو الغفاري بن بصرة بن أيب بصرة بن وقاص بن حبيب بن غفار روى عن النيب<br />
وروى عنه أبو هريرة وابن هبرية وعبيد بن جرب وغريهم كان يسكن احلجاز مث حتول إىل مصر ويقال إن عزة صاحبة كثري من ذريته<br />
وأنكر ذلك ابن األثري، ينظر: اإلصابة، البن حجر )20/8-7(.<br />
الشَّهْر وهذا شاهد وال يوصف بكونه مسافراً حىت خيرج من البلد<br />
قال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )111/3( لقوله تعاىل: فَمَن شَهِّ َد مِّنكُمُ َ<br />
(، واملسافر وما خيتص به من<br />
ومهما كان <strong>يف</strong> البلد فله أحكام احلاضرين، وينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />
أحكام العبادات، ألمحد الكبيسي، ص89<br />
236<br />
) 3 ص (<br />
، بتصرف.<br />
) 837 (<br />
) 838 (<br />
) 839 (<br />
احلاوي، للماوردي )368/2(.<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية، )269/27(، بتصرف.<br />
الراوي هو حممد بن كعب واألثر<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب الصوم، َبب ما جاء فيمن أكل مث خرج يريد سفراً )1726(، رقم<br />
)799(، وقال: "وقد ذهب بعض أهل العلم إىل هذا احلديث، وقالوا: للمسافر أن <strong>يف</strong>طر <strong>يف</strong> بيته=<br />
=<br />
) 840 (<br />
) 841 (<br />
) 842 (<br />
قبل أن خيرج وليس له أن يقصر<br />
الصالة حىت خيرج من جدار املدينة أو القرية وهو قول إسحاق" وقال ابن العريب: "مل يقل به إال أمحد أما علماؤان فمنعوا منه لكن<br />
اختلفوا إذا أكل هل عليه كفارة فقال مالك: ال، وقال أشهب: هو متأول وقال غريمها: يكفر.. وحنب أن ال يكفر لصحة احلديث<br />
ولقول أمحد"، ينظر: نيل األوطار، للشوكاين )124/4(، وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )53/2(: "وقد كان الصحابة حني ينشؤون السفر<br />
<strong>يف</strong>طرون من غري اعتبار جماوزة البيوت وخيربون أن ذلك سنته وهديه ".<br />
احلاوي، للماوردي )368/2(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )112/3(.<br />
ينظر: هتذيب التهذيب، البن حجر )174/5(.
وسفر فرأى أنهم يتزودون بالطعام قبل ركوبهم حتى يواصلوا المسير إلى الليل أو إلى آخر النهار دون انقطاع أو توقف، بخالف ما<br />
عليه الحال في هذا الزمن فال مشقة في التوقف لألكل بعد المسير. )843(<br />
وأما القياس على صيرورته مقيماً بمجرد النية فهذا قياس مع الفارق حيث أن األصل في اإلنسان هو اإلقامة فيصير مقيماً بمجرد<br />
النية أما السفر فيحتاج مع النية إلى المباشرة فافترقا )844(<br />
وأما القوالن األخيران فقد قال ابن المنذر عن رأي مجاهد: "لم يوافقه عليه أحد" )845(<br />
.<br />
-1<br />
-2<br />
وقال النووي: "فهذان المذهبان –أي الثالث والرابع- فاسدان فمذهب مجاهد مناف لألحاديث الصحيحة في قصر النبي بذي<br />
الحل<strong>يف</strong>ة وحين خرج من المدينة ومذهب عطاء وموافقيه منابذ السم السفر" )846(<br />
وبهذا يترجح قول الجمهور لقوة أدلتهم وسالمتها من المناقشة وضعف أدلة القول الثاني ومخالفة القول الثالث والرابع لألحاديث<br />
الصحيحة الصريحة والعرف المستقيم، وال سيما ما يتعلق بإفطاره قبل مفارقة العمران ألن صيامه صحيح باتفاق وإفطاره مختلف<br />
فيه فاألحوط االنتظار حتى تتحقق المفارقة، ثم إن الفطر ليس هو األفضل للمسافر مطلقاً وإنما األفضل له فعل األيسر في حقه ونظراً<br />
لتعدد وسائل النقل واختالف طرق المفارقة في هذا العصر فإنه يحسن بيان المفارقة المعتبرة لكل من :<br />
أ ) أهل المدن والقرى :<br />
تكون المفارقة في حقهم بمجاوزة جميع العمران من جهة مقصدهم حتى ال يبقى بيت متصل وال منفصل مما هو معد للسكن واشترط<br />
الحنفية مفارقة ما كان من توابع محل اإلقامة كربض المصر وهو ما حول المدينة من بيوت ومساكن والقرى المتصلة بالربض على<br />
الصحيح وأما الفناء المنفصل عن البلد المعد لمصالحه كمدافن الموتى وغيرها فال يشترط مجاوزتها )847(<br />
والخراب المتخلل للعمران معدود من البلد، أما المساكن الخربة في أطراف البلد فإن كانت خالية من السكان وليس ثمة عمران من<br />
ورائها فال تشترط مجاوزتها ألنها أشبهت الصحراء )848(<br />
لكن الشافعية اشترطوا مجاوزتها إذا كانت قائمة الحيطان ولم يحوط على العامر إلمكان السكنى فيها كما اشترطوا مجاوزة سور البلد<br />
ولو تعدد وتخلله مزارع وخراب ألن ما كان داخله فهو معدود من البلد ولو كان غير مكتمل أو بعضه منهدم والخندق في البلدة التي<br />
،وأما الحنابلة فال يشترط عندهم مجاوزة السور وإنما بيوت قريته العامرة سواء كانت داخل السور<br />
ال سور لها كالسور في هذا )849(<br />
أو خارجه فيقصر إذا فارقها بما يقع عليه اسم المفارقة بنوع البعد عرفاً، وال يشترط مفارقة الخراب عندهم ولو كانت حيطانه قائمة<br />
ما لم يله عامر. )850(<br />
وأما البساتين والمزارع المتصلة بالبلد فإنها ال تخلوا:<br />
أن تكون غير معدة للسكن فال يشترط مجاورزتها.<br />
أن تكون معدة للسكن ولو في بعض العام ففي اشتراط مجاوزتها خالف على قولين:<br />
األول: عدم اشتراط ذلك، وهو قول الحنفية والشافعية )851(<br />
) 843 (<br />
) 844 (<br />
) 845 (<br />
) 846 (<br />
) 847 (<br />
) 848 (<br />
ينظر: املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر، البن جربين، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي ص86، بتصرف.<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة من العلماء، مسألة قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حملمد شبري ص104، بتصرف.<br />
واملغين، البن قدامة )112/3(.<br />
اجملموع، للنووي )158/4(،وسبق ترمجته ص<br />
37<br />
وترمجة جماهد وعطاء ص<br />
. 22<br />
ينظر: البحر الرائق، البن جنيم )139/2-وما بعدها(، واملصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش<br />
3 ص .)236(<br />
) 849 (<br />
) 850 (<br />
) 851 (<br />
ينظر: بدائع الصنائع ، للكاساين )161/1(، وحاشية ابن عابدين )599/2(، والكا<strong>يف</strong>، البن عبدالرب )244/1(، وشرح خمتصر<br />
خليل للخرشي )58/2(، واملغين، البن قدامه )113/3( والفروع، البن مفلح )82/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق<br />
بن قدامه وأبو الفرج واملرداوي )48/44/5(.<br />
ينظر: حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، أسىن املطالب، لألنصاري )235/1-وما بعدها(، حتفة احملتاج، البن حجر )371/2-وما<br />
بعدها(، وهناية احملتاج، للرملي )250/2-وما بعدها(، وحاشية اجلمل )591/1-وما بعدها(.<br />
ينظر: املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )48-44/5(، والفروع البن مفلح مع تصحيحه<br />
للمرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق الرتكي )82/3(، واملغين، البن قدامة )113/3(، وكشاف القناع، للبهويت )601/1( وشرح منتهى<br />
اإلرادات للبهويت )274/1(.<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )3( ، ص )236( واهلامش (<br />
،) 1 ص ( 237 .)
الثاني: اشتراط ذلك، وهو مذهب المالكية والصحيح عند الحنابلة وقال به بعض الشافعية، ونظره النووي مع استظهاره<br />
عدم االشتراط وقال المالكية ال يشترط مجاوزتها إال إذا سافر من ناحيتها أو من غير ناحيتها وكان محاذياً لها وخالف<br />
بعضهم في الثانية فقال ال يشترط المجاوزة فيها، ألن غايتها أن تكون كجزء من البلد )852(<br />
وعلل أصحاب القول األول، بأنها ليست من البلد فال تصير منه بإقامة بعض الناس فيها جزءاً من العام.<br />
وعلل أصحاب القول الثاني بأنها صارت جزءاً من البلد بذلك. )853(<br />
واألقرب أن مكان ابتداء السفر هو األرض الفضاء التي ال عمران فيها ومفارقة العمران مسألة عرفية فال يدخل في ذلك الضياع<br />
والمزارع ولو كان الناس يقيمون فيها بعض الفصول، ومثل ذلك المعارض والمستودعات ومحطات الوقود وإن كانت مزدهرة فال<br />
يشترط مجاوزتها.<br />
لكن إذا كان عادة أهل البلد سكن مزارعهم بصفة دائمة كبعض أهل األرياف فال بد من حينئذ من مجاوزتها ألنها ملحقة بالبلد ما<br />
دامت متصلة به والسكن فيها دائمة.<br />
وإذا كان الراجح في المفارقة تقييدها بالعرف فإن من خرج من البلد يريد المطار فهو مسافر من حين خروجه وله الترخص إال إذا<br />
كان من سكان المطار فال ألنه لم <strong>يف</strong>ارق بنيان بلده عرفاً.<br />
وقد شاع عند بعض الناس في هذا الزمن الترخص في المطارات والموانئ ظناً منهم بأن من وصلها فقد شرع في السفر – إذا كان<br />
حجزه مؤكداً- وهذا العمل محل نظر فقد ضبط الفقهاء المفارقة المبيحة للترخص –كما تقدم- بمجاوزة عمران البلد مما يشمله اسم<br />
واحد وإن كان من مصالح البلد وتوابع<br />
كما قال ابن عابدين "يشترط مفارقة ما كان من توابع موضع اإلقامة كربض المصر وهو ما حول المدينة من بيوت ومساكن فإنه في<br />
حكم المصر... وأما الفناء وهو المكان المعد لمصالح البلد كمريض الدواب ودفن الموتى وإلقاء التراب، فإن اتصل بالمصر اعتبر<br />
اإلقامة )854(<br />
مجاوزته وإن انفصل بمزرعة فال<br />
وعلى هذا يقال :<br />
إن كان المطار والميناء خارج البلد منفصالً عنه بحيث يعد الذهاب إليه خروجاً عن البلد وتحصل به مفارقة العمران فيجوز<br />
الترخص حينئذ.<br />
أما إذا كان المطار أو الميناء متصالً بالبلد وجزءاً منه وال يعد الذهاب إليه خروجاً ومجاوزة ومفارقة للعمران عرفاً فال يسوغ الترخص حينئذ<br />
)855( ."<br />
واألمر مبناه على العرف كما تقدم. )856(<br />
ب( المسافر بحراً :<br />
إذا كانت البلدة ساحلية وأراد المسافر الخروج في سفره بسفينة فيعتبر في مفارقته مجاوزة هذه السفينة وجريها ما لم يكن ذلك محاذياً<br />
للبلد فال بد حينئذ من مجاوزة العمران.<br />
وإذا لم تكن السفينة راسية على الساحل واحتيج إلى زورق ينقل إليها فيجوز الترخص بمجرد مغادرة الزورق إليها بشرط أن تكون<br />
المغادرة إليها هي األخيرة أما ما دام يذهب ويعود فال يجوز حينئذ لمن به وال لمن بالسفينة أن يترخص. )857(<br />
ج( المسافر جواً :<br />
اعتبر العلماء فيمن صعد جبالً أن <strong>يف</strong>ارق المكان المحاذي لرؤوس الحيطان واعتبر العلماء فيمن هبط جبالً أن <strong>يف</strong>ارق المكان المحاذي<br />
ألساس الحيطان ألنه لما اعتبر مفارقة البيوت إذا كانت محاذية اعتبر هنا مفارقة سمتها .<br />
ويلحق المسافر بالطائرة بذلك فتكون المفارقة في حقه بمجرد مجاوزة الطائرة المكان المحاذي لسمت البنيان، وفي الهبوط ال يزال<br />
مسافراً حتى تحاذي الطائرة سمت البنيان.<br />
وال يشترط للمفارقة هنا الخروج عن المجال الجوي للبلد كما قد يتوهمه البعض. )858(<br />
) 852 (<br />
وممن قال به الرافعي ، ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />
) ، وكشاف<br />
) 3 ص ( 236<br />
) 853 (<br />
) 854 (<br />
القناع، للبهويت )601/1(، واجملموع،<br />
للنووي )159/4(، وحاشيتا قليويب وعمريه )296/1(، ومنح اجلليل، حملمد عليش )403/1-وما بعدها(، حاشية الصاوي<br />
)477/1(، الفواكه الدواين )254/1(، شرح اخلرشي )58/2(.<br />
املصادر السابقة .<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين)599/2(، ومغين احملتاج، للشربيين )264/1(، واملغين، البن قدامة )113/3(، وحد اإلقامة، للماجد، ص<br />
)31(، وجملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية، العدد العاشر، مجادي اآلخرة 1414ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم، مساعد<br />
الفاحل، ص<br />
110، بتصرف.<br />
) 855 (<br />
) 856 (<br />
) 857 (<br />
حاشية رد احملتار على الدر املختار، البن عابدين )600-599/2(.<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )2( من الصفحة السابقه<br />
، بتصرف.<br />
ينظر: حاشيتا قليويب وعمريه )296/1(، أسىن املطالب، لألنصاري )236/1( حتفة احملتاج، للهيثمي )374/2(، هناية احملتاج للرملي<br />
)251/2( حاشية اجلمل )592/1(، إقامة املسافر، للفاحل، ص<br />
108، بتصرف.
وهذا إذا كان المطار داخل البلد أما إذا كان منفصالً عن البلد بحيث يعتبر الذهاب له سفراً<br />
فالمفارقة حينئذ حصلت بالخروج من البلد<br />
للمطار كما تقدم.<br />
د( المقيم بالصحراء والخيام :<br />
فإذا كان مقيماً في الصحراء فيشترط لترخصه مفارقته للبقعة التي فيها رحله وتنسب إليه، فإن سكن وادياً وسار في عرضه فال بد<br />
من مجاوزة عرضه إذا كان هذا العرض معتاداً فإن أفرطت سعته لم يشترط إال مجاوزة القدر الذي يعد موضع نزوله أو موضع<br />
الحلة التي هو منها، كما لو سافر في طول الوادي فيكفيه ذلك القدر.<br />
وإذا كان مقيماً في خيام فيشترط لترخصه مفارقته لها جميعاً مجتمعة كانت أو متفرقة إذا كانت حلة واحدة وهي بمنزلة أبنية البلد كما<br />
صرح بذلك المالكية والشافعية والحنابلة ويشترط مع مجاوزتها مرافقها كمطرح الرماد وملعب الصبيان ومراحل اإلبل، ألنها من<br />
موضع إقامتهم. )859(<br />
) 858 (<br />
) 859 (<br />
ينظر: حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، هناية احملتاج )253/2(، حتفة احملتاج للهيثمي )375/2( أسىن املطالب، لألنصاري<br />
)236/1( والفروع، البن مفلح )82/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )48-44/5(،<br />
إقامة املسافر، للفاحل، ص108، بتصرف.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )600/2(، شرح خمتصر خليل للخرشي )58/2( حاشية الدسوقي )58/2(، اجملموع للنووي )159/4-<br />
160(، الوسيط، للغزايل 859/2، هناية احملتاج للرملي )252/2( حتفة احملتاج، البن حجر )374/2( وحاشيتا قليويب وعمرية<br />
)296/1( ، املغين، البن قدامة )113/3(.
الشرط الثالث: مسافة السفر :<br />
، وقد<br />
فال بد لألخذ برخص السفر من أن تكون المراد قطعها مسافة سفر حتى إن أهل اللغة عرفوا السفر بأنه "قطع المسافة" )860(<br />
اختلف الفقهاء في تحديدها، فمنهم من حدها بطول معين أو بزمن معين ومنهم من لم يقدر مسافة للسفر وحدها بالعرف إلطالق<br />
النصوص واألقوال في ذلك كثيرة أوصلها بعضهم إلى عشرين قوالً. )861(<br />
سبب الخالف: معارضة المعنى المعقول للفظ المنقول .<br />
ومرد ذلك إلى إطالق السفر في القرآن دون تحديده بمسافة معينة، وكذلك اختالف المسافات والمدد التي قصر فيها النبي ، فمن<br />
نظر إلى إطالق النصوص، اعتبر كل من جاز إطالق اسم مسافر عليه قد قطع مسافة السفر وجاز له الترخص، والقائلون بهذا<br />
اختلفوا في الحد األدنى لما يعد سفراً.<br />
ومن نظر إلى المعنى المعقول من اللفظ، قال: إن تأثير السفر في القصر هو المشقة الموجودة فيه فكل ما وجد فيه هذا المعنى فهو<br />
سفر يترخص فيه ثم اختلف هؤالء في تحديد المسافة التي تحصل بها هذه المشقة التي يترخص بها. )862(<br />
واألقوال في ذلك كما يلي :<br />
القول األول: ليس للسفر مسافة محددة ويجوز الترخص في طويل السفر وقصيره وهو قول الظاهرية وشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،<br />
وتلميذه ابن القيم، وابن قدامه المقدسي وكثير من المعاصرين ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين )863(<br />
القول الثاني: مسافة السفر المبيحة للترخص: أربعة برد، وهو ما يساوي ثمانية وأربعين ميالً أو ستة عشر فرسخاً)864( وهو قول ابن<br />
عمر وابن عباس والحسن وإسحاق وغيرهم وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة واختاره الشيخ ابن باز )865(<br />
) 860 (<br />
) 861 (<br />
) 862 (<br />
) 863 (<br />
ينظر: القاموس احمليط،للفريوزاَبدي )50-49/2( والصحاح،للجوهري )685/2(،واملصباح املنري<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )659/2(.<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )237/1(.<br />
.)425/1(<br />
) 864 (<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )3/5( ونيل األوطار، للشوكاين )122/4(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )10/24(، وزاد املعاد<br />
البن القيم )463/1(، واملغين، البن قدامه )105/3(، وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم )325-317/2-1(، وقد كان الشيخ<br />
ابن عثيمني <strong>يف</strong>يت أبن املسافة 83كلم ونصف كما <strong>يف</strong> فتاواه مجع أشرف عبداملقصود )480/1(، مث رجح حتديده َبلعرف كما <strong>يف</strong> فتاوى<br />
أركان <strong>اإلسالم</strong> )381( مجع فهد السليمان وإقامة املسافر وسفر املقيم، للفاحل، ص )91(، والسفر الذي يثبت به القصر، للربيش، ص<br />
)31(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص )31(، وقصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حممد شبري ضمن كتاب مسائل <strong>يف</strong><br />
الفقه املقارن، ص)100(، بتصرف.<br />
والربد بضم الباء والراء والربيد أربعة فراسخ، وكل فرسخ ثالثة أميال هاَشية فيكون جمموعها مثانية وأربعون ميالً والفرسخ أبميال بين أمية<br />
ميالن ونصف فاملسافة على هذا أربعون ميالً وهاَشية: نسبة إىل بين هاشم لتقديرهم هلا وقت خالفتهم بعد تقدير بين أمية هلا ال إىل<br />
هاشم جد النيب وامليل ستة آالف ذراع، ويساوي َبألمتار<br />
1848<br />
مرتاً طولياً، وقيل امليل أربعة آالف ذراع، ويساوي َبألمتار<br />
1609<br />
) 865 (<br />
فتكون مسافة الرتخص بناء على هذا 77كم وعلى القول األول 88.704كم وال حتسب من هذه املسافة مدة الرجوع –عندهم-<br />
اتفاقاً، وهي َبعتبار الزمان مرحلتان ومها سري يومني معتدلني أو يوم وليلة بسري اإلبل املثقلة َبألمحال على املعتاد مع النزول املعتاد لنحو<br />
اسرتاحة وأكل وصالة.<br />
ينظر: شرح اخلرشي )57/2(، والتاج واإلكليل، للمواق )490-489/2(، أسىن املطالب، لألنصاري )239/1(، حاشيتا قليويب<br />
وعمرية )300/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )29/25(، نيل األوطار، للشوكاين )122/4(، وإقامة املسافر وسفر املقيم، ملساعد<br />
الفاحل، جملة جامعة اإلمام، عدد10، ص82، والسفر الذي يثبت به القصر، للربيش، ص18، بتصرف.<br />
وقال به الزهري وأبو ثور ،ينظر: املدونة )207/1(، واملنتقى، للباجي )263/1(، ومواهب اجلليل للحطاب )488/2(، وبداية<br />
اجملتهد )237/1(، وروي عن مالك أن أقل سفر القصر مسرية يوم وليلة وروى ابن القاسم أن مالك رجع عنه وقال بعض األصحاب:<br />
اليوم والليلة <strong>يف</strong> الغالب هو ما يسار فيه أربعة برد وكالمها سواء وإمنا لفظ أبني من لفظ، ينظر ما تقدم. وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس<br />
)212/1(، واجملموع، للنووي )148/4(، ومغين احملتاج )266/1(، وهناية احملتاج للرملي )257/2(، وأسىن املطالب، لألنصاري<br />
)238/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي، حتقيق الرتكي، )28/5(، واملغين، البن قدامه
-1<br />
القول الثالث: مسافة السفر المبيحة للترخص: مسيرة ثالثة أيام بلياليها بسير اإلبل ومشي األقدام وهو قول عثمان بن عفان وابن<br />
مسعود والثوري وابن سيرين وغيرهم، وهذا مذهب الحنفية، وال يعتبر عندهم –على الصحيح- بالفراسخ.<br />
وقال أبو يوسف: يومان وأكثر الثالث، وهي رواية الحسن عن أبي حن<strong>يف</strong>ة )866(<br />
القول الرابع: أقل مسافة للترخص ثالثة أميال ونسب هذا للظاهرية )867(<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول بما يلي :<br />
قوله تعالى: <br />
<br />
)868(<br />
فاآلية مطلقة والتقدير<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
تقييد لمطلق الكتاب وال يجوز ذلك إال بدليل، وظاهر اآلية يدل على إباحة القصر لكل من ضرب في األرض دون<br />
تقييد بمسافة معينة، وقد سقط شرط الخوف بخبر يعلى بن أمية فبقي ظاهر اآلية متناوالً كل ضرب في<br />
األرض. )869(<br />
2- عن عائشة رضي هللا عنها قالت: ))فرضت الصالة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صالة السفر وزيد في صالة<br />
الحضر(( )870(<br />
3- عن ابن عباس قال: ))فرض هللا الصالة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً وفي السفر ركعتين وفي الخوف<br />
ركعة(( )871(<br />
)105/3(، والفروع البن مفلح، )81/3( واإلقناع، للحجاوي، حتقيق الرتكي )274/1(، وكشاف القناع، للبهويت )599/1(، وجمموع<br />
فتاوى ابن َبز ، مجع الطيار وأمحد بن َبز )461/2( وقد اختلفت أقواله <strong>يف</strong> التحديد رمحه هللا فمرة يقول مسافة القصر80كم أو ما<br />
يقارهبا ومرة يقول: أقرب حد تقصر فيه الصالة ما يقرب من سبعني كيلو مرتاً، مث قال: "وهذا كله على سبيل االحتياط والقاعدة<br />
الشرعية أن كل ما يسمى سفراً وحيتاج صاحبه إىل الزاد واملاء فإهنا تقصر فيه الصالة وإن مل يبلغ املسافة السابقة وإمنا قدران على سبيل<br />
االحتياط".<br />
ينظر: املصدر السابق، ص )462-461-457(، وقد رجح رمحه هللا العمل َبألحوط <strong>يف</strong> مدة السفر كما سيأيت، وأفتت اللجنة الدائمة<br />
"أبن السفر الذي يشرع فيه الرتخيص برخص السفر هو ما اعترب سفراً عرفاً ومقداره على سبيل التقريب مسافة مثانني كيلومرتاً فمن سافر<br />
لقطع هذه املسافة فأكثر فله أن يرتخص برخص السفر.."اخل. ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء، مجع أمحد الدويش<br />
)99/8(. فلعلهم والشيخ بن َبز <strong>يف</strong>تون َبلعرف ويقدرونه <strong>يف</strong> زماننا هبذا املقدار لكونه سفراً <strong>يف</strong> عرفنا، ويؤيد ذلك أن الشيخ ابن َبز علل<br />
تقديرها ب80= =كلم أبهنا تعترب سفراً عرفاً خبالف ما دوهنا، ينظر: فتاوى <strong>يف</strong> أحكام قصر ومجع الصالة، البن َبز، ص23 وما بعدها،<br />
وتقدم ترمجة احلسن ص<br />
وإسحاق ص 141<br />
. 236<br />
) 866 (<br />
وقدرها بعض مشائخهم أبقصر أايم السنة. وقال ابن عابدين: "الظاهر ابقاؤها على إطالقها حبسب ما يصادفه من الوقوع فيها طوالً<br />
وقصراً واعتداالً إن مل تقدر َبملعتدلة اليت هي الوسط" ، كما قال هبذا القول الشعيب والنخعي وقد تقدمت ترمجة الثوري ص وابن<br />
سريين ص 159وأبو يوسف ص<br />
87<br />
.140<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )256/2(، املبسوط، للسرخسي )236/1(، وبدائع الصنائع، للكاساين )159/1(، وتبيني احلقائق،<br />
للزيلعي )211-210/1(، وحاشية ابن عابدين )601/2(، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )428/5( واجملموع شرح<br />
املهذب، للنووي )149/4( .<br />
) 867 (<br />
) 868 (<br />
) 869 (<br />
) 870 (<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )661/2(.<br />
سورة النساء، اآلية )101(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )109/3(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة َبب ك<strong>يف</strong> فرضت الصالة )31-30(، رقم )350(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين، َبب<br />
،)785( رقم .)685(
4- عن عمر قال: ))صالة السفر ركعتان، وصالة األضحى ركعتان وصالة الفطر ركعتان، وصالة الجمعة ركعتان تمام<br />
غير قصر على لسان محمد(( )872(<br />
5- عن جبير بن نفير قال: ))خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميالً فصلى<br />
ركعتين، فقلت له فقال: رأيت عمر بذي الحل<strong>يف</strong>ة ركعتين فقلت له، فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول هللا <br />
<strong>يف</strong>عل(( )873(<br />
وجه الداللة : أنه لم يخص هللا سبحانه وال رسوله وال المسلمون سفراً من سفر فليس ألحد أن يخصه إال بنص أو إجماع<br />
متيقن )874(<br />
كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "السفر مطلق في الكتاب والسنة فليس يخصان بسفر دون سفر، ال بقصر وال بفطر، ولم يحد النبي<br />
مسافة القصر بحد زماني وال مكاني والواجب أن يطلق ما أطلقه صاحب الشرع ويقيد ما قيده" )875(<br />
فهذه األدلة وغيرها مما ورد في إباحة الترخص بالسفر مطلقة في كل سفر، والتحديد بمسافة معينة أو مدة أو<br />
زمن معين تقييد لمطلق الكتاب والسنة وال يجوز ذلك إال بدليل، كما ال يجوز التفريق بين متماثلين إال بدليل. )876(<br />
وقول عمر في حديث شرحبيل دليل على أنه قصر في مسافة أقل مما قدروا فال حجة في تقديرهم .<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "من فرق بين الطويل والقصير فرق بين ما جمع هللا بينه فرقاً ال أصل له في كتاب هللا وسنة<br />
رسوله فما ذكر من تعليق الشارع الحكم بمسمى االسم المطلق، وتفريق بعض الناس بين نوع ونوع من غير<br />
داللة شرعية له نظائر" )877(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-6<br />
قوله سبحانه: <br />
<br />
)878(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
عن أبي سعيد الخدري قال: "خرج رجالن في سفر فحضرت الصالة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً طيباً<br />
وصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصالة والوضوء ولم يعد اآلخر ثم أتيا رسول هللا فذكرا<br />
ذلك له فقال للذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صالتك وقال للذي توضأ وأعاد لك األجر مرتين" )879(<br />
وجه الداللة :<br />
أن إطالق اآلية والحديث يدل على أن السفر مبيح للتيمم طال أم قصر، فالتحديد تحكم ال دليل عليه. )880(<br />
-7<br />
) 871 (<br />
) 872 (<br />
) 873 (<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب الصالة َبب صالة املسافرين وقصرها )785( رقم )678(.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )37/1( والنسائي <strong>يف</strong> اجلمعة وتقصري الصالة )1439-1419( وابن ماجه <strong>يف</strong> تقصري الصالة )1063(<br />
والبيهقي <strong>يف</strong> صالة اجلمعة )5718( وصححه النووي <strong>يف</strong> اجملموع )342-149/4(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب الصالة، َبب صالة املسافرين، ص786 رقم<br />
، 692 وجبري<br />
) 874 (<br />
) 875 (<br />
) 876 (<br />
) 877 (<br />
) 878 (<br />
) 879 (<br />
بن نفريا لكندي قال ابن حجر <strong>يف</strong><br />
اإلصابة )236/2-1(: "فرق العسكري بينه وبني جبري بن نفري احلضرمي"، وشرحبيل بن السمط بن األسود أو األعور بن جبلة بن<br />
عدي بن ربيعة الكندي أبو يزيد قال البخاري : له صحبة وتبعة احلاكم وأما ابن السكن فقال: زعم البخاري أن له صحبة ويقال إنه وفد<br />
على الرسول مث شهد القادسية وذكره البغوي وابن حبان <strong>يف</strong> الصحابة مث أعاده <strong>يف</strong> التابعني، سكن محص وكان عامالً ملعاوية عليها حنواً<br />
من عشرين سنة وشهد معه صفني ومات سنة أربعني وقيل اثنتني وأربعني، ينظر: اإلصابة )200-199/4-3(.<br />
ينظر: احمللى )19/5(، نيل األوطار، للشوكاين )122/4(.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )105/24-وما بعدها(.<br />
ينظر: املصادر املتقدمة <strong>يف</strong> اهلامش )4( ص ( 246<br />
. )<br />
) 880 (<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )38-34/24-وما بعدها(.<br />
سورة النساء، اآلية )43(.<br />
أخرجه الدار قطين <strong>يف</strong> سننه، َبب جواز التيمم لصاحب اجلراح )188/11(.<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )20-19-16/5(، واملغين البن قدامه )109/3(، نيل األوطار، للشوكاين )122/4(.
8- صالة أهل مكة مع النبي قصراً وجمعاً فلم ينقل أحد عن النبي أنه قال ال بعرفه وال مزدلفة وال منى:<br />
))يا أهل مكة أتموا صالتكم فإنا قوم سفر((، وإنما قال ذلك في نفس مكة عام الفتح )881(<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "ال مسوغ لقصر أهل مكة بعرفة وغيرها إال أنهم سفر... وأي فرق بين سفر أهل مكة إلى عرفة وبين<br />
سفر سائر المسلمين إلى قدر ذلك من بالدهم، وهللا لم يرخص في الصالة ركعتين إال لمسافر فعلم أنهم كانوا<br />
مسافرين" )882(<br />
-9<br />
أن أقوال المحددين مختلفة فيما بينها فيرجع لألصل وهو اإلطالق ويرجع في التحديد إلى العرف فما سماه الناس سفراً فهو<br />
السفر المبيح للترخص وما ال فال، ألن كل اسم ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف، أما التحديد<br />
بشيء معين فباطل ألن بابه التوق<strong>يف</strong>. )883(<br />
قال ابن القيم رحمه هللا :<br />
ولم يحدد مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في األرض كما أطلق لهم التيمم<br />
في كل سفر وأما ما يروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثالثة فلم يصح عنه منها شيء البتة" )884(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />
.<br />
ما نقل عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يقصران و<strong>يف</strong>طران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخاً)885(<br />
وأخرجه مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبدهللا عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصالة في مسيره ذلك قال مالك: وذلك<br />
نحو من أربعة برد. )886(<br />
وأخرج مالك عنه أن أباه ركب إلى ذات النصب فقصر الصالة في مسيره ذلك قال مالك: وبين ذات النصب والمدينة أربعة<br />
برد )887(<br />
وعن عطاء قال: سئل ابن عباس : "أقصر في الصالة إلى عرفة؟ قال: ال ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف". )888(<br />
وعن ابن عباس مرفوعاً: "يا أهل مكة ال تقصروا الصالة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان" )889(<br />
.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
) 881 (<br />
) 882 (<br />
) 883 (<br />
) 884 (<br />
) 885 (<br />
) 886 (<br />
ص90.<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الصالة، َبب مىت يتم املسافر )1313(، رقم )1229(، وينظر: إقامة املسافر وسفر املقيم، للفاحل،<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ، مجع ابن قاسم )47/24(.<br />
ينظر: ما تقدم من كالم شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية وابن قدامة <strong>يف</strong> ذلك وينظر السفر الذي يثبت به القصر، للربيش، ص29، بتصرف.<br />
زاد املعاد، البن القيم، حتقيق شعيب وعبدالقادر األرانؤوط )463/1(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه تعليقاً، كتاب تقصري الصالة، َبب <strong>يف</strong> كم يقصر الصالة ص)85( ووصله البيهقي من طريق يزيد بن أيب<br />
حبيب عن عطاء بن أيب رَبح، <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب السفر الذي تقصر <strong>يف</strong> مثله الصالة، )137/3(، رقم )5180(، وقال ابن حجر<br />
<strong>يف</strong> الفتح )660-659/2(: "وصله ابن املنذر من رواية يزيد بن أيب= =حبيب عن عطاء بن أيب رَبح"، وقال النووي <strong>يف</strong> اجملموع<br />
)150/4(: "رواه البيهقي إبسناد صحيح وذكره البخاري <strong>يف</strong> صحيحه تعليقاً بصيغة اجلزم فيقتضى صحته عنده".<br />
ينظر: املوطأ، ملالك )139/1(، ومصنف عبدالرزاق )525/2( و<strong>يف</strong> معجم البلدان )114/3(: )رئم: راء مث مهزة فراء اثنية وهو بكسر<br />
أوله ومهزة اثنيه وسكونه واد ملزينة قرب املدينة(، وتقدمت ترمجة ابن شهاب ص<br />
. 205<br />
) 887 (<br />
) 888 (<br />
) 889 (<br />
موطأ مالك )139/1(.<br />
أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ،كتاب قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،َبب ما جيب فيه قصر الصالة )139/1(،عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه، كتاب الصالة،<br />
َبب <strong>يف</strong> مسرية كم يقصر الصالة )445/2(وعسفان بضم األوىل وسكون الثانية قرية هبا مزارع وخنيل على مرحلتني من مكة على طريق<br />
املدينة،ينظر:معجم البلدان، للحموي )121/4(، وترمجة عطاء22<br />
أخرجه البيهقي، كتاب الصالة، َبب السفر الذي يقصر <strong>يف</strong> مثله الصالة )137/3(،رقم )5187(، وقال: "حديث ضع<strong>يف</strong>، امساعيل<br />
بن عياش ال حيتج به وعبدالوهاب بن جماهد ضع<strong>يف</strong> "، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص احلبري: )إسناده ضع<strong>يف</strong> فيه عبدالوهاب بن جماهد<br />
وهو مرتوك، رواه عنه إمساعيل بن عياش وروايته عن احلجازيني ضع<strong>يف</strong>ه(، وأخرجه الدار قطين، <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب قدر املسافة اليت<br />
تقصر <strong>يف</strong> مثلها الصالة )387/1(، وضعفه شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية كما سيأيت بيانه.
وجه الداللة :<br />
أن هذه اآلثار صريحة في أن مسافة السفر المبيحة للترخص هي أربعة برد، وألنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد، فجاز القصر فيها كمسافة الثالث ولم يجز فيما دونها،<br />
ألنها لم يثبت دليل يوجب القصر فيه. )890(<br />
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
، فجعل السفر ثالثة أيام ولم يجعل األقل من<br />
حديث ابن عمر مرفوعاً: ))ال تسافر المرأة ثالثة أيام إال مع ذي محرم(( )891(<br />
ذلك سفراً يوجب عليها اصطحاب المحرم فكذلك الصالة وسائر الرخص ال تكون فيما دون ذلك، فإنه لو لم تكن مدة<br />
السير مقدرة بالثالث لما كان للتخصيص بها معنى. )892(<br />
وعن شريح بن هانئ قال : أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر<br />
مع رسول هللا فسألناه فقال: "جعل رسول هللا ثالثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم" )893(<br />
فاأللف والالم للجنس فكل مسافر<br />
وجه الداللة : قالوا : "فقد عمت الرخصة الجنس ومن ضرورته عموم التقدير" )894(<br />
يمسح ثالثة أيام فلو كان السفر أقل من ذلك لكان من المسافرين من ال يمكنه مسح ثالثة أيام وال يعد هذا مسافراً<br />
شرعاً)895(<br />
أن الثالثة أقل الكثير وأكثر القليل وال يجوز له القصر في قليل السفر فوجب أن يكون أقل الكثير )الثالث( حداً له. )896(<br />
واستدل أصحاب القول الرابع :<br />
بما رواه أنس بن مالك قال: ))كان رسول هللا إذا خرج مسيرة ثالثة أميال أو ثالثة فراسخ )شعبة الشاك( صلى<br />
ركعتين(( )897(<br />
-1<br />
فدل على أن ذلك هو أقل مسافة يترخص فيها، حيث لم يصح أقل من ذلك. )898(<br />
المناقشة والترجيح :<br />
نوقشت أدلة القول األول بما يلي :<br />
اعترض األحناف على االحتجاج باآلية ألن الضرب في األرض لغة عبارة عن السير فيها مسافراً ال مطلق السير والكالم هنا<br />
هل يصير الضارب في األرض مسافراً بسير مطلق من غير اعتبار المدة؟ والنزاع في تقديره، واآلية ساكتة عن ذلك فال حجة فيها،<br />
وقد ورد الحديث بالتقدير فوجب العمل به، ألنه لم يرد عنه وقد أوتي بيان القرآن أنه قصر الصالة في أقل من مرحلتين )899(<br />
وأجيب عن ذلك :<br />
) 890 (<br />
) 891 (<br />
) 892 (<br />
) 893 (<br />
ينظر: املغين، البن قدامه )108/3(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
. ) 145<br />
) 894 (<br />
) 895 (<br />
) 896 (<br />
) 897 (<br />
) 898 (<br />
) 899 (<br />
ينظر: املبسوط، للسرخسي )236-235/1(، تبيني احلقائق، للزيلعي )210/1(، واملنتقى، للباجي )263/1(، بتصرف.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، َبب التوقيت <strong>يف</strong> املسح على اخلفني )725(، رقم )276( وشريح بن هان هو أبو املقدام احلارثي<br />
الكو<strong>يف</strong> الفقيه صاحب علي حدث عن أبيه وعلي وعمر وعائشة وغريهم وحدث عنه ابناه والشعيب وحبيب بن أيب اثبت وغريهم،<br />
قال حيىي بن معني وغريه: ثقة، وقال أبو حام: عاش شريح مائة وعشرين سنة، قال األثرم قيل أليب عبدهللا: شريح صحيح احلديث؟<br />
قال: نعم هذا متقدم جداً وقد تو<strong>يف</strong> سنة 98ه ، ينظر سري أعالم النبالء، للذهيب )109-17/4(.<br />
شرح فتح القدير، البن اهلمام )28/2(.<br />
ينظر: املصدر السابق وبدائع الصنائع، للكاساين )160/1(، والبحر الرائق، البن جنيم )139/2( االختيار، للموصلي )79/1(،<br />
وحاشية ابن عابدين )603/2(.<br />
احلاوي، للماوردي )361/2(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب صالة املسافرين وقصرها )786(، رقم )691(.<br />
ينظر: املصادر السابقة ه1ص248واحمللى البن حزم )3/5 وما بعدها(،ونيل األوطار، للشوكاين )122/4(.<br />
ينظر: املبسوط، للسرخسي )236-235/1(، وبدائع الصنائع، للكاساين )160/1(، واجملموع، للنووي )151/4(.
و-<br />
بما ذكره ابن حزم في قوله: "السفر هو البروز عن محل اإلقامة وكذلك الضرب في األرض، هذا الذي ال يقول أحد من أهل اللغة –<br />
التي بها خواطبنا وبها نزل القرآن- سواه، فال يجوز أن يخرج عن هذا الحكم إال ما صح النص بإخراجه )900 ) ، وقال تعالى: <br />
<br />
-1<br />
فلم يخص هللا سفراً من سفر.<br />
ونوقشت أدلة القول الثاني بما يلي :<br />
أن اآلثار عن الصحابة رضوان هللا عليهم كثيرة ومتعارضة في تحديد مسافة السفر وما ذكروه من أقوال الصحابة معارضة<br />
بمثلها فال حجة فيها مع االختالف فالذي يظهر أنهم رضي هللا عنهم لم يجعلوا السفر قطع مسافة محدودة أو زمان محدود يشترك فيه<br />
جميع الناس، بل كانوا يجيبون بحسب حال السائل، فمن رأوه مسافراً أثبتوا له حكم السفر ومن ال فال، ولذا اختلف كالمهم في مقدار<br />
الزمان والمكان. )901(<br />
وال يوجد ما يترجح به االعتماد على رأي ابن عباس وابن عمر في تحديد المسافة بأربعة برد دون بقية ما ثبت عنهما وعن غيرهما<br />
من النصوص المعارضة، ألن النقل عن ابن عمر مختلف.<br />
قال ابن حجر رحمه هللا: "وقد اختلف عن ابن عمر في تحديد ذلك اختالفاً غير ما ذكر فروى "أن ابن عمر كان أدنى ما يقصر<br />
الصالة فيه مال له بخيبر" وبين المدينة وخيبر ستة وتسعون ميالً، وروى.. أنه قال: "يقصر من المدينة إلى السويداء"، وبينهما اثنان<br />
وسبعون ميالً، وروى.. "أنه سافر إلى ريم فقصر الصالة".. وهي على ثالثين ميالً من المدينة وروى ]عنه أنه قال[ )لو خرجت<br />
ميالً لقصرت الصالة(، إسناد كل منها صحيح وهذه أقوال متغايرة جداً، فاهلل أعلم" )902(<br />
وعلى هذا فال متعلق لهم وال حجة لهم فيما ذكروه من التحديد بناء على ما رواه ابن عمر ألنه خالفه في روايات أخرى صحيحة، كما<br />
أنه معارض بما روي عن الصحابة رضي هللا عنهم كما في حديث أنس وشرحبيل .<br />
قال ابن قدامة: "ال أرى لما صار إليه األئمة حجة، ألن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة وال حجة فيها مع االختالف، وقد روى عن<br />
ابن عمر وابن عباس خالف ما احتج به أصحابنا ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي وفعله، وإذا لم تثبت<br />
أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين: أحدهما: أنه مخالف لسنة النبي التي رويناها، ولظاهر القرآن، ألن<br />
ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في األرض لقوله تعالى: <br />
<br />
<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
المذكور عن يعلى بن أمية فبقي ظاهر اآلية متناوالً كل ضرب في األرض" )903(<br />
اآلية، وقد سقط شرط الخوف بالخبر<br />
أن التقدير بابه التوق<strong>يف</strong> فال يجوز المصير إليه برأي مجرد ال سيما أنه ليس له أصل يرد إليه وال نظير يقاس عليه. )904(<br />
وأما حديث ابن عباس المرفوع ففي سنده عبدالوهاب بن مجاهد بن جبير وهو متروك ومجمع على شدة ضعفه ونسبه النووي إلى<br />
الكذب وقال األزدي ال تحل الرواية عنه وإسماعيل بن عياش وهو ضع<strong>يف</strong> أيضاً فال حجة فيه )905 ) ، وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> في الجواب<br />
عنه: "وهذا ما يعلم أهل المعرفة بالحديث أنه كذب على النبي ولكن هو من كالم ابن عباس أفترى رسول هللا إنما حد مسافة<br />
القصر ألهل مكة دون أهل المدينة التي هي دار السنة والهجرة والنصرة، ودون سائر المسلمين؟" )906(<br />
وأما التعليل بكون هذه المسافة تجمع مشقة السفر فهو معارض باألدلة المنقولة في إثبات القصر في أقل من هذه المسافة )907(<br />
ونوقشت أدلة القول الثالث بما يلي :<br />
( 900 ) احمللى ، .)20-19/5(<br />
) 901 (<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )553/1<br />
تيمية )123/24(، بتصرف.<br />
654 /2–<br />
) 902 (<br />
فتح الباري )660/2( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 42<br />
) 903 (<br />
املغين )109/3( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
،106<br />
وما بعدها( ومصنف عبدالرزاق )524/2(، جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن<br />
ويعلى بن أمية هو: ابن أيب عبيدة بن مهام التميمي احلنظلي حل<strong>يف</strong> قريش، أبو خلف<br />
ويقال: أبو خالد أو أبو صفوان استعمله أبو بكر وعمر وعثمان، شهد حنيناً والطائف وتبوك واجلمل وصفني ويقال: إنه قتل هبا وقيل<br />
47 مات سنة<br />
) 904 (<br />
) 906 (<br />
) 907 (<br />
املصادر السابقة.<br />
ه ، ينظر: اإلصابة، البن حجر )353/5(.<br />
( 905 (كما تقدم ترجيه، وينظر: اجملموع، للنووي، )150/4(، تلخيص احلبري، البن حجر )49/2(، نيل األوطار، للشوكاين )123/4(.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )127/24(.<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )10-8/5(، وشرح صحيح مسلم، للنووي )208-207/6-5( ونيل األوطار، للشوكاين )123/4(،<br />
وإقامة املسافر وسفر املقيم، مساعد الفاحل، ص86، بتصرف.
1- أنه ال داللة في حديث ابن عمر على تحديد مسافة السفر للروايات األخرى السابق ذكرها بمنعها من السفر بال محرم مسيرة يوم<br />
وليلة ويومين وبريداً وثالثة أيام وتقدم توجيه ذلك )908(<br />
.<br />
-2<br />
وال تالزم بين مسافة<br />
قال الماوردي: "فقد روي مسافة يوم وروي مسافة يومين، فلما اختلفت فيه الروايات لم يجز االستدالل به" )909(<br />
، وقال ابن حزم: "ويلزم من تعلق من الحنفيين بحديث: ))ال تسافر المرأة(( أن ال يرى القصر والفطر<br />
السفر ووجوب المحرم )910(<br />
في سفر معصية، ألنه لم يبح لها –بال خالف- سفر المعصية أصالً، وإنما أباح لها –بال شك- أسفار الطاعات، وهذا مما أوهموا<br />
فيه من األخبار أنهم أخذوا به وهم مخالفون له" )911(<br />
أن ابن عمر راوي هذا الحديث صح عنه القصر فيما هو دون ذلك فلو كان يراه لبيان أقل مسافة القصر لما خالفه، فتمسكهم بهذا<br />
الحديث يتعارض مع قاعدتهم في أن العبرة بما رأى الصحابي ال بما روي فلو كان الحديث عنده لبيان أقل مسافة القصر لما<br />
خالفه. )912(<br />
-3<br />
ليس في حديث شريح أنه ال بد أن يسافر ثالثة أيام بل غاية ما <strong>يف</strong>هم منه أن للمسافر أن يسمح على الخف مدة ثالثة أيام، فجاء<br />
لبيان أكثر مدة المسح وال يقتضي أن ذلك أقل السفر كما أذن للمقيم أن يمسح يوماً وليلة، وهو ال يقتضي أن ذلك أقل اإلقامة.<br />
فال حجة في الحديث على ما ذكروه فإنه يقدر على مسح الثالث في مسافة يوم وليلة إذا ما سارها في ثالث فالحاصل أنه لم يرد<br />
تحديد ما يقع عليه السفر، وإنما أطلقه على ثالثة أيام، ويومين، ويوم، وليلة، وبريد. فدل على أن الجميع يسمى سفراً. )913(<br />
وأما تعليلهم بأن الثالث أقل الكثير فيجاب عنه من وجهين :<br />
األول: أن الثالث في الشرع معتبرة بحكم ما دونها ال بحكم ما زاد عليها كشرط الخيار فاقتضى أن يعتبر بها في السفر ما دونها.<br />
الثاني: أن اعتبار الثالث فيما يتعلق بالزمان واالعتبار في السفر بالسير ال بالزمان فال وجه العتباره في الثالث. )914(<br />
ونوقشت أدلة القول الرابع:<br />
بأن المراد بالحديث المسافة التي يبتدأ منها القصر ال غايته )915(<br />
وال يخفى بعد هذا الحمل فإن البيهقي ذكر في روايته عن يحيى بن يزيد أنه قال: ))سألت أنساً عن قصر الصالة وكنت أخرج إلى<br />
الكوفة –يعني من البصرة- فأصلي ركعتين حتى أرجع فقال أنس ....((الحديث )916(<br />
فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر ال عن الموضع الذي يبدأ القصر منه فالصحيح في ذلك أنه ال يتقيد بمسافة بل بمجاوزة<br />
البلد التي يخرج منها )917(<br />
وبين مسلم في صحيحه بأن الشك من الراوي شعبه )919(<br />
واعترض على الحديث بأنه مشكوك فيه )918(<br />
وقال ابن حجر عنه: "وهذا أصح شيء ورد في بيان ذلك وأصرحه" )920(<br />
( 908 ) <strong>يف</strong> ص)150(، وينظر: اجملموع، للنووي )151/4(، بتصرف.<br />
) 909 (<br />
احلاوي الكبري، للماوردي )361/2( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
.104<br />
) 910 (<br />
ينظر: اجملموع، للنووي )151/4(، بتصرف.<br />
( 911 ) احمللى 10/5(<br />
) 912 (<br />
) 913 (<br />
) 914 (<br />
) 915 (<br />
) 916 (<br />
وما بعدها(.<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )662/2(، بتصرف.<br />
ينظر: احلاوي للماوردي )361/2(، واملغين، البن قدامه )108/3(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )39/24(، ونيل األوطار،<br />
للشوكاين )122/4(، بتصرف.<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )361/2(، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام القرآن للقرطيب )354/3(، واجملموع، للنووي )151/4( وفتح الباري، البن حجر، واملغين، البن قدامة )108/3(،<br />
ونيل األوطار، للشوكاين، )122/4(.<br />
السنن الكربى للبيهقي )146/3(،وتقدمت ترمجته ص<br />
. 150<br />
) 917 (<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )661/2(، نيل األوطار، للشوكاين )122/4(.<br />
918<br />
( (كماقال القرطيب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )354/3(، وذكره ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )661/2(.<br />
) 919 (<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
253<br />
) 920 (<br />
فتح الباري، البن حجر )661/2(.<br />
) وفيه بيان ذلك.
وهذا الحديث وإن كان فيه تحديد لمسافة القصر لكنه حكاية لفعله وال ينفي لزوم القصر فيما دونه لوجود سببه من السفر، فليس<br />
في الحديث تحديد الترخيص بهذه المسافة والشارع علق صحة القصر بوجود سببه وهو السفر أخذاً من مجموع األدلة وال فرق بين<br />
فتعين العمل بالقول الذي تنتظم فيه األدلة<br />
قليله وكثيره فداللة الحديث على التحديد للمسافة لو سلم من االعتراضات غير قطعية )921(<br />
واألقوال بتنوع األزمان وهو التحديد بالعرف وداللة الحديث عليه أولى من داللته على التحديد ألنه علق القصر على مطلق<br />
السفر ولو كان ثالثة أميال أو ثالثة فراسخ فصار دليالً لنا ال علينا.<br />
وبهذا يترجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها مما ورد عليها من المناقشة، وضعف أدلة المخالف والجواب عنها ولكونها غير<br />
صريحة في تحديد المسافة وإلطالق النصوص في الكتاب والسنة وال مقيد لها، ولعمومها وال مخصص لها وما ورد من التقييد فهو<br />
متعارض ال تقوم به حجة، وألن التقدير بابه التوق<strong>يف</strong> وما ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه هو العرف كما قال شيخ<br />
<strong>اإلسالم</strong>: "كل اسم ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف، فما كان سفراً في عرف الناس فهو السفر الذي علق<br />
به الشارع الحكم" وقال: "السفر لم يحده الشارع وليس له حد في اللغة فرجع فيه إلى ما يعرفه الناس ويعتادونه، فقد يكون مسافراً في<br />
مسافة بريد، وقد يقطع أكثر من ذلك وال يكون مسافراً، فال بد أن يكون له ما يعد به في العرف سفراً مثل أن يتزود له ويبرز<br />
للصحراء .... وبالجملة فالمسافر لم يكن مسافراً لقطعه مسافة محدودة وال لقطعه أياماً محدودة، بل كان مسافراً لجنس العمل الذي هو<br />
السفر" )922(<br />
وجميع ما استدل به المحددون ال ينهض استدالالً، إما لضعفه أو لكونه غير صريح في مورد النزاع ، فقد أطلق الكتاب والسنة السفر<br />
ولم يرد ما يخص سفراً من سفر فليس المسافر مسافراً لقطعه مسافة محدودة أو زمناً معيناً وإنما كان كذلك لجنس عمله الذي هو سفر<br />
مما يعرفه الناس بعاداتهم باختالف أزمانهم وأحوالهم. )923(<br />
وال شك أن في هذا ما يدل على مرونة الشريعة وصالحيتها لكل زمان ومكان فأعراف الناس تتغير بتغير األزمان واألحوال<br />
واألماكن كما أنه يتفق مع سهولة الشريعة ويسرها وتخف<strong>يف</strong>ها على العباد كما قال سبحانه: <br />
<br />
.<br />
)925( <br />
<br />
<br />
) وقال: 924( <br />
والظاهر من كالم الفقهاء أنهم قدروا المسافة بما يتالئم مع زمنهم وعرفهم كما يؤيد ذلك ما نقل عنهم من أن المسافر لو قطع مسافة<br />
السفر المحددة في زمن أقل الستعماله وسيلة أسرع فإنه يترخص ألنه مسافر في عرفهم ما دام قطع تلك المسافة التي تعد لديهم سفراً<br />
ومن أقوالهم في ذلك : "من كان يقطع المسافة بسفره قصر ولو كان يقطعها في لحظة بطيران ونحوه" )926(<br />
وقال النووي: "يقصر المسافر ولو قطع المسافة في ساعة" )927(<br />
وقال البهوتي:"ولو قطع المسافة في ساعة واحدة ألنه صدق عليه أنه يسافر أربعة برد" )928(<br />
فهذه مسافة السفر في عرفهم وفي هذه النقوالت ما قد يتمسك به القائلون بهذا التحديد في هذا الزمان حتى لو كان السفر بطائرة أو<br />
باخرة أو قطار أو سيارة وغيرها من الوسائل الحديثة، واألقرب هو الرجوع للعرف المعاصر دون االكتراث بالوسائل أو المدة التي<br />
تقطع فيها المسافة كما تشير إليه تلك النقوالت فالعبرة بقطع مسافة السفر عرفاً، وال يضر قطعها في زمن يسير كما صرح الشافعية<br />
والحنابلة آنفاً. )929(<br />
) 921 (<br />
) 922 (<br />
) 923 (<br />
) 924 (<br />
) 925 (<br />
) 926 (<br />
ينظر: املصادر السابقة وإقامة املسافر وسفر املقيم، لفاحل، ص89 واملسافر وما خيتص به من أحكام العبادات، للكبيسي، ص82،<br />
بتصرف.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )135/24(.<br />
ينظر: جملة جامعة اإلمام، عدد 10، إقامة املسافر وسفر املقيم، للفاحل، ص91، بتصرف، ومسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن جملموعة من<br />
العلماء منها مسألة قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حملمد شبري، ص100، بتصرف.<br />
سورة احلج، اآلية<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
حاشية الدسوقي ،<br />
.78<br />
.185<br />
.)363/1(<br />
( 927 ) <strong>يف</strong> اجملموع )149/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 37<br />
( 928 ) <strong>يف</strong> كشاف القناع )600/1(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 148<br />
) 929 (<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )29/25(، وقال الدكتور حممد شبري<br />
- من املعاصرين –<br />
: "لكي ال يلتبس األمر على عامة الناس<br />
وال يتالعب بفرائض الدين من ال يقدر األمور حق تقديرها فال بد لعلماء املسلمني <strong>يف</strong> كل عصر من حتديد مسافة القصر وفق املعطيات
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
وإذا ترجح تحديد المسافة بالعرف فإن المقصود به العرف العام المعتبر عند األصوليين ال عرف كل شخص بهواه.<br />
قال ابن العربي: "وقد تالعب قوم بالدين فقالوا إن من خرج من البلد إلى ظاهره قصر وأكل، وقائل هذا أعجمي ال يعرف السفر عند<br />
العرب أو مستخف بالدين، ولوال أن العلماء ذكروه لما رضيت أن ألمحه بمؤخرة عيني وال أفكر فيه بفضول قلبي، ولم يذكر حد<br />
السفر الذي يقع به القصر ال في القرآن وال في السنة وإنما كان كذلك ألنها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم<br />
هللا تعالى بالقرآن فنحن نعلم قطعاً أن من برز عن الدور لبعض األمور أنه ال يكون مسافراً لغة وشرعاً" )930(<br />
وال بد من مالحظة أن للمسافر الترخص سواء كان سفره براً أو بحراً أو جواً ما دام يعد مسافراً عرفاً، وال ينظر للمشقة وعدمها، وال<br />
يؤثر عند المحددين قطع مسافة الترخص في زمن قصير، فالسير في البحر أو الجو معتبر بمساحته براً، فلو قطع المسافة في ساعة<br />
أو لحظة جاز له القصر ألنها مسافة صالحة للقصر فال أثر لقطعها في زمن قصير. )931(<br />
الشرط الرابع: مدة السفر :<br />
والمراد بها الحد الفاصل بين السفر واإلقامة، أي المدة التي يترتب على تجاوزها تحول المسافر إلى مقيم، أو حد اإلقامة التي تنتهي<br />
بها أحكام السفر )932 ) ، وهي محل خالف بين الفقهاء، قال في بداية المجتهد: "وأما اختالفهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا أقام<br />
فيه في بلد أن يقصر فاختالف كثير حكى فيه أبو عمر نحواً من أحد عشر قوالً" )933(<br />
ويرجع سبب الخالف في ذلك :<br />
أن هذا الحد أمر سكت عنه الشرع، والقياس على التحديد ضع<strong>يف</strong> عند الجميع، فنظروا إلى األحوال التي نقلت عنه والمدد التي<br />
جعل لها حكم السفر، وهي مختلفة.<br />
داللة حديث إقامة المهاجر على التحديد بأربعة أيام.<br />
اعتبار حد الرخصة هو المدة التي قصر فيها نازالً مع علمنا بوقت ارتحاله وكان ذلك في نزوله مكة للحج مدة أربعة<br />
أيام.<br />
اعتبار اآلثار الواردة في ذلك في حكم الرفع.<br />
األخذ بالعرف لعدم وجود ضابط شرعي أو لغوي.<br />
سبب الرخصة هل هو تقييد النبي نزوله بنهاية وقت أو عمل أو عزمه على الرحيل أو عدم نية االستيطان؟ )934(<br />
اجلديدة واألعراف السائدة واملشقة اليت يتعرض هلا املسافر <strong>يف</strong> السفر وهذا التحديد ال يتعارض مع إطالق اآلية واألحاديث، وحيقق<br />
مصاحل للمسلمني ويدفع عنهم القلق الذي ينتج عن عدم التحديد.. وأرى أن مثانني كيلو مرتاً اليوم تعد مسافة قصر" مسائل <strong>يف</strong> الفقه<br />
املقارن جملموعة من العلماء، ص100 وهبذا <strong>يف</strong>يت كثري من املعاصرين التحديد بثمانني كيالً أو قريباً منها، ينظر مثالً : )جمموع فتاوى ابن<br />
َبز، مجع الطيار أو أمحد الباز )457/2(، وقال الشيخ ابن عثيمني <strong>يف</strong> فتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong> ص381 : "ال حرج عند اختالف العرف<br />
فيه أن أيخذ اإلنسان َبلقول َبلتحديد ألنه قال به بعض األئمة والعلماء اجملتهدين فليس عليهم أبس إن شاء هللا تعاىل أما ما دام األمر<br />
منضبطاً َبلرجوع إىل العرف فهو الصواب"ا.ه .<br />
( 930 ) <strong>يف</strong> أحكام<br />
القرآن )488/1( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 26<br />
) 931 (<br />
) 932 (<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )161/1(، وجملة جامعة اإلمام، عدد 10، إقامة املسافر وسفر املقيم، للفاحل، ص92، بتصرف.<br />
وترجم البخاري <strong>يف</strong> صحيحه )ص85(: )َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر(، قال ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )654/2(: "قوله:<br />
وكم يقيم حىت يقصر، <strong>يف</strong> هذه الرتمجة إشكال ألن اإلقامة ليست سبباً للقصر وال القصر غاية لإلقامة قال الكرماين وأجاب أبن عدد<br />
األايم املذكورة سبب ملعرفة جواز القصر فيها ومنع الزايدة عليها وأجاب غريه أبن املعىن: وكم إقامته املغياة َبلقصر؟ وحاصله كم يقيم<br />
مقصراً؟ وقيل املراد: كم يقصر حىت يقيم؟ أي حىت يسمى مقيماً فانقلب اللفظ، أو حىت يقصر، وقيل فاعل يقيم هو املسافر واملراد إقامته<br />
<strong>يف</strong> بلد ما غايتها اليت إذا حصلت يقصر" ا.ه . وقال <strong>يف</strong> حتفة األحوذي: "َبب ما جاء <strong>يف</strong> كم تقصر الصالة؟ يريد بيان املدة اليت إذا أراد<br />
املسافر اإلقامة <strong>يف</strong> موضع إىل تلك املدة يتم الصالة وإذا أراد اإلقامة إىل أقل منها يقصر وقد عقد البخاري <strong>يف</strong> صحيحه َبَبً بلفظ )َبب<br />
<strong>يف</strong> كم تقصر الصالة( لكنه أراد بيان املسافة اليت إذا أراد املسافر الوصول إليها جاز له القصر وال جيوز له <strong>يف</strong> أقل منها" حتفة األحوذي<br />
.)110/3(<br />
) 933 (<br />
) 934 (<br />
البن رشد<br />
.)239/1(<br />
ينظر: املصدر السابق، وشرح النووي لصحيح مسلم )202/5-وما بعدها(. ونيل األوطار، للشوكاين )122/4(، وحد اإلقامة الذي<br />
تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص)23/22(، بتصرف.
تحرير محل النزاع: اتفقوا على أن من نوى اإلقامة المطلقة فإنه مستوطن ال رخصة له النقطاع السفر ، كما اتفقوا على أن من أقام لغرض<br />
معين غير مقيد بزمن بأن أقام لحاجة ينتظر قضائها، ويقول: أخرج اليوم، أخرج غداً فإنه يقصر أبداً ولو أقام سنين، واختلفوا في من نوى<br />
اإلقامة لغرض معين مقيدة بزمن فما هي المدة التي إذا نوى المسافر اإلقامة فيها لزمه اإلتمام؟ )935(<br />
األقوال في المسألة :<br />
القول األول: أن المرجع في ذلك هو العرف وال يصح التحديد بزمن معين لكن من كانت إقامته غير مقصودة بل دعت إليها الظروف التي سافر<br />
من أجلها أو كانت على غير إرادته كحبس سلطان، أو حصار عدو فإنه يقصر ولو ظن أنها تزيد على أربعة أيام ألنه لم يخرج بهذه اإلقامة عن حد<br />
السفر، أما من عزم على اإلقامة أو استوطن فإنه يتم صالته النقطاع سفره بذلك.<br />
وهذا رأي ابن القيم الجوزية ونصره بعض المعاصرين )936(<br />
والناس بناء على هذا القول ينقسمون إلى ثالثة أقسام :<br />
مسافر ومستوطن ومقيم عازم على اإلقامة أما غير العازم عليها فهو في حكم المسافر وإن زاد عن أربعة أيام )937(<br />
القول الثاني: أن المسافر يقصر أبداً ما دام في سفر ولو بلغت المدة التي يقصر فيها سنوات، فليس لإلقامة حد معين تنقطع به أحكام<br />
السفر، والمعتبر في ذلك هو العرف، فالناس قسمان: مسافر أو مقيم مستوطن وهو الذي ينوي المقام في المكان وهما متقابالن فلألول<br />
أحكام السفر ولآلخر أحكام اإلقامة وجعل قسم ثالث وهو المقيم غير المستوطن ال دليل عليه بل هو مخالف للشرع وهذا رأي شيخ<br />
<strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رحمه هللا والعالمة عبدهللا بن محمد بن عبدالوهاب واختاره من المعاصرين الشيخ محمد بن عثيمين )938(<br />
القول الثالث: أن مدة اإلقامة خمسة عشر يوماً، فإن نواها أو نوى أكثر من ذلك انقطع ترخصه وإال فال، وهو مروي عن ابن عمر<br />
والثوري وبه قال الحنفية وبعض<br />
القول الرابع: أقل مدة اإلقامة أربعة أيام، وبها فأكثر ينقطع السفر والترخص له ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد في رواية، وقال<br />
به كثير من المعاصرين<br />
وفي ك<strong>يف</strong>ية احتساب األربعة خالف بينهم :<br />
فعند المالكية والشافعية: ال يحتسب يومي الدخول والخروج .<br />
وعند الحنابلة : يحتسب ذلك .<br />
الشافعية. )939(<br />
وعلى هذا لو دخل يوم السبت وقت الزوال بنية الخروج يوم األربعاء وقت الزوال صار مقيماً عند الحنابلة غير مقيم عند المالكية<br />
والشافعية. )940(<br />
) 935 (<br />
) 936 (<br />
ينظر: اإلمجاع البن املنذر )ص39(، واملغين، البن قدامة )121/3(، وابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )494/3(، وسنن الرتمذي ص<br />
)1699( وحديث )548( وحتفة األحوذي، للمباركفوري )110/3(، ونصب الراية، للزيلعي )222/2(، وخالف الشافعي <strong>يف</strong> أحد<br />
قوليه فأجاز القصر -ملن أقام حلاجة ينتظر قضائها ويقول أخرج اليوم أخرج غداً- مثانية عشر يوماً أو أربعة عشر يوماً مث يتم، ينظر:<br />
اجملموع، للنووي )150/4(، وفتح الباري، البن حجر )653/2(، ومغين احملتاج، للشربيين ، )262/1(.<br />
ينظر: زاد املعاد، البن القيم )495-491/3( وقصر الصالة للمغرتبني ، د/ إبراهيم الصبيحي، تعليق ابن َبز، ص )88-87(،<br />
بتصرف، وينظر فتوى اللجنة الدائمة رقم<br />
.)109/8( ،1813<br />
) 937 (<br />
) 938 (<br />
) 939 (<br />
املصدر السابق ، واملراد َبلعازم على اإلقامة: أن خيتارها مبحض إرادته، ال أنه تفرضها عليه الظروف احمليطة به فإنه ال يسمى عازماً<br />
حينئذ بل ملزم هبا جمليئها على خالف إرادته وهذه ال تقطع حكم السفر خبالف ما إذا كان عازماً عليها، واملستوطن هو من قصد اإلقامة<br />
املطلقة أما العازم على اإلقامة فهو من قصد إقامة مؤقته مقيدة بزمن أو عمل.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )18/24(، والدرر السنية، مجع ابن قاسم )209/3(، وفتاوى الشيخ ابن عثيمني، مجع أشرف<br />
عبداملقصود )484-483-482/1(، وقصر الصالة للمغرتبني، للصبيحي ، ص)73( وما بعدها بتصرف.<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )256/2(، املبسوط، للسرخسي )220/1( وما بعدها، وبدائع الصنائع، للكاساين )165/1(، البحر الرائق،<br />
البن جنيم )144/2(، وحاشية ابن عابدين )605/2(، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )429/5(،<br />
واجملموع، للنووي )150/4( نقله عن املزين منهم ، واملغين، البن قدامه )148/3(، وقال به سعيد بن املسيب ، وتقدمت ترمجة الثوري ص 78<br />
.<br />
) 940 (<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> ترتيب متهيد ابن عبدالرب )429/5(، وهذا القول مروي عن سعيد بن املسيب والثوري والليث .<br />
ولسعيد ابن املسيب أقوال أخرى <strong>يف</strong> ذلك، واملدونة )207/1( وبداية اجملتهد، البن رشد )239/1(، واملنتقى، للباجي )266/1( والتاج واإلكليل، للمواق<br />
)505/2( والفواكه الدواين للنفراوي )255/1( واجملموع للنووي )150/4( ومغين احملتاج للشربيين )264/1(، وأسىن املطالب، لألنصاري
القول الخامس: إذا نوى اإلقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صالة انقطع سفره وهو قول أحمد في الرواية المشهورة عنه )941(<br />
القول السادس: إذا نوى اإلقامة تسعة عشر يوماً فأكثر فإنه يتم وإذا نوى أقل من ذلك قصر وهو قول ابن عباس وإسحاق بن<br />
راهويه. )942(<br />
القول السابع: أن حد ذلك في قصر الصالة هو مكث النازل عشرين يوماً وهو قول ابن حزم )943(<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول والثاني على تحديد المدة بالعرف وإجازة الترخص في كل ما عده الناس سفراً بما يلي :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
1- قوله تعالى: <br />
)944( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وجه الداللة :<br />
<br />
أن الضرب في األرض هو السفر، وقد يكون للتجارة وقد يكون لغيرها كما قال تعالى: <br />
)945( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-2<br />
فأباح القصر للضاربين في األرض وهو عام مطلق ال مخصص وال مقيد له بزمن معين مع تفاوت الناس في ذلك، فيبقى على<br />
عمومه في كل ما سمي سفراً عرفاً، إذ لو كان الترخص مخصوصاً فزمن معين للسفر لبين في كتاب هللا وسنة رسوله وال يجوز<br />
تأخير البيان عن وقت الحاجة. )946(<br />
ما ورد عنه من القصر في مدد طويلة متفاوتة مما يدل على جواز الترخص في كل سفر عرفاً ومن ذلك ما روي عن ابن<br />
عباس قال: أقام رسول هللا في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين، وعن جابر بن عبدهللا قال: أقام رسول هللا <br />
، فدلت على أن حقيقة السفر ال تتعلق بمدة<br />
بتبوك عشرين يوماً يقصر الصالة )947(<br />
معينة. )948(<br />
) 941 (<br />
) 942 (<br />
)238-237/1(، وحاشيتا قليويب وعمرية )297/1( واملغين، البن قدامة )148/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق بن قدامة وأبو<br />
الفرج واملرداوي )75-68/5( وكشاف القناع، للبهويت )601/1( وفتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش )111-99/8-وما بعدها(، وفتاوى ابن<br />
َبز، مجع الطيار وأمحد بن َبز )470-458/2(.<br />
ينظر: املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )75-68/5(، واإلقناع، للحجاوي )278/1(، واملغين، البن قدامة )148/3(، والفروع،<br />
البن مفلح )102/3(، والفرق بينها وبني القول السابق أنه <strong>يف</strong> هذا القول إذا نوى اإلقامة أربعة أايم قصر وعلى القول األول يتم،<br />
وينظر: السفر الذي يثبت به القصر، للربيش، ص )36(، بتصرف.<br />
ينظر:فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )429/5(واجملموع،للنووي )150/4(،واملغين،البن<br />
قدامة )148/3(، واحمللى، البن حزم )3/5 وما بعدها(،وتقدمت ترمجة اسحاق ص<br />
236<br />
( 943 ) <strong>يف</strong> احمللى .)22/5(<br />
) 944 (<br />
) 945 (<br />
) 946 (<br />
سورة النساء، اآلية101.<br />
سورة املزمل، اآلية<br />
.20<br />
) 947 (<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )20-19/5(، فتح الباري، البن حجر )664/2(، نيل األوطار، للشوكاين )123/4(، بدائع الصنائع<br />
)160/1(، املغين، البن قدامة )149-108/3(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )10/24-وما بعدها(.<br />
أخرج األول ابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه، َبب ذكر اإلَبحة للمسافر إذا أقام <strong>يف</strong> منزل ...إخل )456/6( والرتمذي <strong>يف</strong> علله )95/1( وقال<br />
يروي عن ابن ثوَبن عن النيب مرسالً، وقال <strong>يف</strong> الدراية <strong>يف</strong> تريج أحاديث اهلداية 212/01(: رواته ثقات، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص<br />
)45/2( صححه ابن حزم والنووي وأعله الدار قطين َبإلرسال واالنقطاع وأخرج الثاين أمحد <strong>يف</strong> مسنده )295/3(، وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب
-3<br />
ما ورد من اآلثار عن الصحابة في القصر مدداً طويله متفاوته مما يدل على جواز الترخص في كل سفر وأنه ال تحديد لذلك<br />
بزمن معين ومن تلك اآلثار: عن ابن عمر أنه قيل له :" ما صالة المسافر؟ قال: ركعتين ركعتين إال صالة المغرب ثالثاً فقيل: أرأيت<br />
إن كنا بذي المجاز؟ قال وما ذو المجاز؟ فقيل: مكان نجتمع فيه ونبيع فيه نمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة قال: يا أيها<br />
الرجل كنت بأذربيجان ال أدري أقال أربعة اشهر أو شهرين فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين" )949(<br />
وعن نافع عن ابن عمر <br />
قال: ))ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان<br />
ستة أشهر ونحن في غزاة وكنا نصلي ركعتين<br />
ركعتين(( )950(<br />
وقال رجل البن عباس: "إني أقيم بالمدينة حوالً ال أشد على سير قال: صل ركعتين" )951(<br />
وقال آخر البن عباس: "إنا نطيل القيام بالغزو بخراسان فك<strong>يف</strong> ترى فقال: صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين" )952(<br />
)وأقام أنس بن مالك <br />
أشهر يقصرون الصالة" )953(<br />
بالشام سنتين يصلي صالة المسافر( وقال: "أقام أصحاب رسول هللا <br />
برامهرمز تسعة<br />
قال ابن القيم: "فهذا هدي رسول هللا وأصحابه كما ترى وهو الصواب" )954(<br />
ونقل عن التابعين مثل ذلك أيضاً. )955(<br />
الصالة َبب إذا أقام أبرض العدو يقصر )1314، رقم )1235(، والبيهقي،كتاب الصالة، َبب من قال يقصر أبداً ما مل جيمع مكثاً<br />
.)151/3(<br />
) 948 (<br />
) 949 (<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )4<br />
246. ص(<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه، كتاب الصالة ، َبب من قال يقصر ابداً ما مل جيمع مكثاً )42/9( وصححه النووي على شرط الشيخني<br />
كما <strong>يف</strong> نصب الراية، للزيلعي )185/2( وابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص، )47/2( والراوي هو مثامة بن شراحيل ، وأذْرَبِّيْجان من برذعة مشرقاً<br />
إىل أرزجنان مغرَبً وحتدها َشاالً بالد الديلم وتشكل اآلن دوله مستقلة <strong>يف</strong> القوقاز على الساحل الغريب لبحر قزوين وحيدها َشاالً دولة<br />
روسيا االحتادية ومن الشمال الغريب جورجيا ومن الغرب أرمينيا ومن اجلنوب إيران ومن الشرق حبر قزوين، ومن أشهر مدائنها تربز وهي<br />
مملكة عظيمة الغالب عليها اجلبال وفيها خريات كثرية وفواكه مجة ومياه غزيرة ولكنها ما خلت من الفنت واحلروب، ينظر: معجم البلدان<br />
)128/1(، وهي اآلن دولة إسالمية مساحتها 86.600كم وسكاهنا حنو من<br />
7.507.000<br />
) 950 (<br />
) 951 (<br />
) 952 (<br />
) 953 (<br />
من َشاليها يعترب من أوروَب، وعاصمتها اآلن َبكوا، ينظر املوسوعة العربية العاملية )431/1(.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده الفتح الرَبين )112/5(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع: "رجاله ثقات" ، )158/2(.<br />
أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه، كتاب الصالة، َبب <strong>يف</strong> املسافر يطيل املقام <strong>يف</strong> املصر )207/2(.<br />
نسمه ومعظمها <strong>يف</strong> قارة آسيا لكن جزءاً<br />
أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه كما تقدم، وخراسان: أول حدودها مما يلي العراق وآخرها مما يلي اهلند وتشتمل على أمهات من<br />
البالد كنيسابور وهراة ومرو، ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعد ما وراء النهر منها وليس األمر كذلك، وقد فتح أكثرها<br />
عنوة وصلحاً، ينظر: معجم البلدان )350/2(.<br />
رامَهُرْمز: بالد معروفة بنواحي خوزيستان والعامة يسموهنا رامز كسالً منهم ومعىن رام َبلفارسية: املراد املقصود وهو من أحد األكاسره<br />
فاملعىن مقصود هرمز أو مراده، ينظر: معجم البلدان، للحموي )17/3(.<br />
واحلديث أخرجه البيهقي إبسناد صحيح إال أن فيه عكرمة بن عمار وهو خمتلف <strong>يف</strong> االحتجاج به وقد روى له مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، ينظر:<br />
سنن البيهقي )128/10(، واجملموع للنووي )168/4(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التهذيب )261/7(: روى عن اهلرماس بن زايد وإايس بن<br />
سلمة بن األكوع، وقال املطيعي <strong>يف</strong> حتقيقه للمجموع: وروى أقوال موثقيه وخمالفيهم ومل أر من ضعفه إال قاصراً <strong>يف</strong> روايته عن حيىي بن أيب<br />
كثري ووثقوه فيما عدا ذلك، وقال احلسن: "أقمت مع عبدالرمحن بن مسرة بكابل سنتني يقصر الصالة وال جيمع" أخرجه ابن القيم <strong>يف</strong> زاد<br />
املعاد )493/3( .<br />
) 954 (<br />
املصدر السابق .
فدل هذا كله على أن الترخص متعلق بمطلق السفر وأن التمييز بين المسافر والمقيم بنية أيام معدودة يقيمها ال دليل عليه من كتاب<br />
وال سنة وال إجماع وال عمل صاحب فقد أقام زيادة على أربعة أيام وهو يقصر بمكة وتبوك وأصحابه يقتدون به ولم يقل لهم<br />
شيئاً، ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام أو غيرها، ولم يقل: ال تقصروا فوق كذا وكذا، وهو يعلم أنه مشرع<br />
يقتدى به ويؤخذ عنه فبيان مثل هذا من أهم المهمات لو كان تشريعاً ثم اقتدى الصحابة رضوان هللا عليهم به من بعده ولم يقولوا لمن<br />
صلى معهم شيئاً من ذلك. )956(<br />
التفريق بين القول األول والثاني :<br />
شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية يوافق تلميذه في هذا حتى إن كثيراً من أهل العلم جعل مذهبه عين مذهب تلميذه وهذا غير صحيح فإن بينهما<br />
فرقاً: )957(<br />
فابن القيم جعل الناس على ثالثة أقسام كما تقدم وجعل المقيم العازم على اإلقامة مستوطناً تجري عليه أحكام المقيم وأما المقيم غير<br />
العازم على اإلقامة فجعله في حكم المسافر وإن طالت إقامته واعتبر هذا هو مدلول إقامة النبي أثناء سفره فإقامته بمكة عام الفتح<br />
وبتبوك غير مقصوده وال مرادة بل اقتضتها مصلحة الجهاد والفتح، ولذا فهي في حكم السفر أما من عزم على اإلقامة أو استوطن<br />
فإنه يتم النقطاع سفره بذلك، وكذا يرى ابن القيم أن هذا هو مدلول ما روى عن الصحابة ، وقد صرح بذلك فقال في توجيهه<br />
إقامة النبي بتبوك عشرين يوماً يقصر الصالة: وهذه اإلقامة في حال السفر ال تخرج عن حكم السفر سواء طالت أو قصرت إذا<br />
كان غير مستوطن، وال عازم على اإلقامة بذلك الموضع. )958(<br />
وسيتضح ذلك عند مناقشته للمخالفين بحول هللا تعالى .<br />
وأما شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية فيرى الناس قسمان ال ثالث لهما مسافر ومستوطن مقيم فقال رحمه هللا: "فالناس رجالن: مقيم ومسافر،<br />
ولهذا كانت أحكام الناس في الكتاب والسنة أحد هذين الحكمين: إما حكم مقيم وإما حكم مسافر وقد قال تعالى: <br />
<br />
<br />
<br />
فجعل للناس يوم ظعن ويوم إقامة وهللا تعالى أوجب الصوم وقال: <br />
<br />
فمن ليس مريضاً وال على سفر فهو الصحيح المقيم ولذلك قال النبي : ))إن هللا<br />
وضع عن المسافر الصوم وشطر الصالة(( فمن لم يوضع عنه الصوم وشطر الصالة فهو المقيم" )959(<br />
وقال أيضاً: "فقد تضمنت هذه األقوال –يعني من جعل للمقام حداً من األيام- تقسيم الناس إلى ثالثة أقسام: إلى مسافر، وإلى مقيم<br />
مستوطن وهو الذي ينوي المقام في المكان، وهذا هو الذي تنعقد به الجمعة، وتجب عليه. وهذا يجب عليه إتمام الصالة بال نزاع فإنه<br />
المقيم المقابل للمسافر، والثالث: مقيم غير مستوطن أوجبوا عليه إتمام الصالة والصيام وأوجبوا عليه الجمعة، وقالوا: ال تنعقد به<br />
الجمعة، وقالوا إنما تنعقد الجمعة بمستوطن.<br />
وهذا التقسيم تقسيم ال دليل عليه من جهة الشرع، وال دليل على أنها تجب على من ال تنعقد به، بل من وجبت عليه انعقدت به وهذا<br />
إنما قالوه لما أثبتوا مقيماً عليه اإلتمام والصيام ووجدوه غير مستوطن، فلم يمكن أن يقولوا تنعقد به الجمعة فإن الجمعة إنما تنعقد<br />
بالمستوطن لكن إيجاب الجمعة على هذا، وإيجاب الصيام واإلتمام على هذا هو الذي يقال: إنه ال دليل عليه بل هو مخالف<br />
للشرع" )960(<br />
وعلى هذا فهما يتفقان في أن المسافر عرفاً له أن يترخص برخص السفر دون تحديد لمدة معينة وأن المستوطن تجري عليه أحكام<br />
اإلقامة وأن المقيم غير العازم على اإلقامة يعد مسافراً عرفاً وله الترخص وإن طالت إقامته لما تقدم من األدلة.<br />
) 955 (<br />
) 956 (<br />
) 957 (<br />
) 958 (<br />
) 959 (<br />
) 960 (<br />
ينظر: املصدر السابق .<br />
ينظر: املصدر السابق، وجمموع فتاوى ابن تيمية )10-24 وما بعدها(، واحمللى ، البن حزم )19/5- وما بعدها(.<br />
ينظر: قصر الصالة للمغرتبني ، للصبيحي ، تعليق ابن َبز، ص89، بتصرف.<br />
زاد املعاد، البن القيم )491/3(، واملصدر السابق، بتصرف، وإذا كانت إقامة املسافر بغري اختياره كمن حبسه السلطان وحنوه فهو<br />
مسافر إال أن ابن القيم ال يقيد هذا بشرط أن يظن من كانت هذه حاله انتهاء غرضه أبقل من أربعة أايم خالفاً للحنابلة فهو مل يوافق<br />
شيخه ابن تيمية إال <strong>يف</strong> عدم اشرتاط هذا الشرط.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )136/24(.<br />
املصدر السابق.
لكن الخالف بينهما يكمن في المقيم العازم على اإلقامة أو المقيم غير المستوطن فابن تيمية يمنع تقسيم المسافر إلى قسمين: مسافر له<br />
وسيأتي مناقشة ذلك بإذن هللا تعالى.<br />
أحكام السفر، ومسافر له أحكام المقيمين غير المستوطنين، )961(<br />
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />
، وهو صريح في<br />
1- عن ابن عباس قال: ))أقام النبي عام الفتح خمس عشرة يقصر الصالة حتى سار إلى حنين(( )962(<br />
التحديد بذلك .<br />
2- عن ابن عباس وابن عمر قاال: ))إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوماً فأكمل الصالة بها، وإن<br />
كنت ال تدري متى تظعن فاقصرها(( )963(<br />
وهذا صريح في التحديد وهو باب ال يوصل إليه باالجتهاد، ألنه من جملة المقادير، وال يظن بهما التكلم جزافاً، فالظاهر أنهما سمعاه<br />
من رسول هللا فيكون له حكم المرفوع )964(<br />
3- عن سعيد بن المسيب قال: "إذا أزمعت بقيام خمس عشرة ليلة فأتم" )965(<br />
-4<br />
-5<br />
-1<br />
وألن رواية )خمسة عشر( أقل ما ورد فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقاً. )966(<br />
وألن هذه المدة يتعلق بها إتمام الصالة واإللزام به، فجاز أن يكون أقلها خمسة عشر يوماً قياساً على أقل مدة الطهر، والعلة كونها<br />
موجبة لما كان ساقطاً وهي ثابتة في مدة اإلقامة، وهي الفرع كما هي ثابتة في األصل". )967(<br />
6- وألن التقدير إنما يكون باأليام وبالشهور والمسافر ال يجد بداً من المقام في المنازل أياماً لالستراحة أو طلب الرفقة فقدرنا أدنى<br />
مدة اإلقامة بالشهور وذلك نصف شهر. )968(<br />
واستدل أصحاب القول الرابع بما يلي :<br />
إقامة النبي باإلبطح عام حجة الوداع ، فإنه قدم مكة في الرابع من ذي الحجة وكان انتقاله إلى منى ضحى اليوم الثامن من<br />
ذي الحجة فظهر بهذا أنه أقام باإلبطح خمسة أيام متوالية منها ثالثة تامة ويومان ناقصان هما يوما الدخول والخروج، ألنه <br />
صلى الفجر بذي طوى ثم دخل مكة فطاف بالبيت ثم نزل اإلبطح فلم يصل به في هذا اليوم إال أربع صلوات أولها الظهر ولم يصل<br />
به في يوم الرحيل إال الفجر فكان مجموع الصلوات في مقامه هذا عشرين صالة.<br />
فهذه إقامة مقصودة قبل فعلها ومحددة البداية والنهاية –بخالف غزوتي الفتح وتبوك- فكانت أطول إقامة فعلها فعليها مدار الحكم<br />
في تحديد المدة فمن كانت إقامته كإقامة النبي ترخص أما من قصد إقامة أربعة أيام تامة أو أكثر فيجب عليه اإلتمام، ألن<br />
مشروعية القصر مستيقنة لمن نوى المكث دون هذه المدة وما زاد عليها فمشكوك في مشروعيته فيرجع فيما زاد إلى أصل اإلتمام<br />
عند نزول األمصار وترك النقلة )969(<br />
) 961 (<br />
) 962 (<br />
) 963 (<br />
ينظر: قصر الصالة للمغرتبني، للصبيحي، ص86، َبإلضافة للمصادر السابقة، بتصرف.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه، كتاب الصالة، َبب املسافر يقصر ما مل جيمع مكثاً )151/3(، وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب مىت يتم<br />
املسافر )1313( رقم )1231( بنحوه، والنسائي <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة، َبب املقام الذي يقصر مبثله الصالة .<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه َبب مىت يتم املسافر، رقم 1231، والبيهقي <strong>يف</strong> الكربى )151/3( رقم<br />
5255<br />
.)246/2(<br />
) 964 (<br />
) 965 (<br />
) 966 (<br />
) 967 (<br />
) 968 (<br />
) 969 (<br />
وابن عبدالرب <strong>يف</strong> االستذكار<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )256/2( وقال: "مل يرو عن أحد من السلف خالف ذلك"، وينظر: بدائع الصنائع، للكاساين<br />
)165/1(، وحاشية ابن عابدين )605/2(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )212/1(.<br />
أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه، كتاب الصالة، َبب الرجل خيرج <strong>يف</strong> وقت الصالة )535/2(، رقم )4348(، وابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه،<br />
كتاب الصالة َبب من قال إذا أمجع إقامة مخس عشرة أ م )454/2(.<br />
ينظر: أحكام القرآن ، للجصاص )256/2(، وفتح الباري، البن حجر )654/2(.<br />
تبيني احلقائق، )211/1( ، وينظر: املبسوط، للسرخسي )220/1(.<br />
املبسوط، للسرخسي )220/1(.<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />
) 1 ص ( 264<br />
(، وفتح الباري، البن حجر )655/2( واملغين، البن قدامة )150/3(،<br />
وقصر الصالة للمغرتبني ، للصبيحي ، ص )50-41(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد ، ص)8(، بتصرف.
-3<br />
2- قوله : ))يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثالثاً((، وفي لفظ: ))ثالث للمهاجر بعد الصدر(( )970(<br />
قال ابن حجر: "يستنبط من ذلك أن إقامة ثالثة أيام ال تخرج صاحبها عن حكم المسافر" )971(<br />
فقد كره للمهاجرين الذين أخرجوا من مكة بغير حق فتغربوا في سبيل هللا أن يقيموا بها، ثم أباح لهم ذلك ثالثاً بعد تمام النسك<br />
فدل على أن الثالثة تدل على بقاء حكم السفر بخالف األربعة فهي في حكم اإلقامة. )972(<br />
أن عمر : )ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثالثة ليال يتسوقون بها ويقضون حوائجهم وال يقيم أحد منهم<br />
فوق ثالث ليال( )973(<br />
.<br />
.<br />
-4<br />
-5<br />
فدل على أن الثالث حد السفر وما فوقها حد اإلقامة )974(<br />
أن القياس أن يبطل السفر بقليل اإلقامة ألن اإلقامة قرار والسفر انتقال والشيء ينعدم بما يضاده فينعدم حكمه ضرورة، إال أن<br />
قليل اإلقامة ال يمكن اعتباره، ألن المسافر ال يخلوا عن ذلك عادة فسقط اعتبار القليل لمكان الضرورة وال ضرورة في الكثير<br />
واألربعة في حد الكثرة، ألن أدنى درجات الكثير أن يكون جمعاً والثالثة وإن كانت جمعاً لكنها أقل الجمع فكانت في حد القلة من<br />
وجه فلم تثبت الكثرة المطلقة فإذا صارت أربعة صارت في حد الكثرة على اإلطالق، لزوال معنى القلة من جميع الوجوه )975(<br />
وألن المسافر يض<strong>يف</strong> ثالثة أيام فإذا زاد على ذلك اعتبر مقيماً والمقيم ال يض<strong>يف</strong>، وقد قال : ))الضيافة ثالثة أيام فما كان<br />
وراء ذلك فهو صدقة(( )976(<br />
واستدل أصحاب القول الخامس :<br />
بحديث أنس بن مالك قال: ))خرجنا مع النبي من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة قلت:<br />
أقمتم بمكة شيئاً قال: أقمنا بها عشراً(( )977(<br />
وعن ابن عباس قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع، والخامس، والسادس، والسابع وصلى<br />
: ))أن النبي <br />
الصبح في اليوم الثامن، ثم خرج إلى منى، وكان يقصر في هذه األيام وقد أجمع على إقامتها(( )978(<br />
فصلى <br />
بمكة عشرين صالة في اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن فكان المجموع إحدى<br />
وعشرين صالة يقصر. )979(<br />
قال أحمد:"فإذا أجمع أن يقيم كما أقام النبي قصر وإن أجمع على أكثر من ذلك أتم" )980(<br />
) 970 (<br />
) 971 (<br />
) 972 (<br />
) 973 (<br />
) 974 (<br />
) 975 (<br />
) 976 (<br />
) 977 (<br />
) 978 (<br />
) 979 (<br />
اللفظ األول أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج َبب جواز اإلقامة مبكة ص )903( رقم )3297(، واللفظ الثاين متفق عليه، فقد أخرجه<br />
البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار، َبب إقامة املهاجر مبكة بعد قضاء نسكه )321( رقم )3933(، وقوله ))بعد الصدر(( أي بعد<br />
الرجوع من مىن، كما <strong>يف</strong> الفتح )655/2(.<br />
فتح الباري )655/2-وما بعدها(.<br />
ينظر: املنتقى، للباجي )267/1(، شرح صحيح مسلم، للنووي )210-5(، وأسىن املطالب ، لألنصاري )238/1(، حاشيتا قليويب<br />
وعمرية )297/1(، نيل األوطار، للشوكاين )122/4(، بتصرف.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى كتاب الصالة، َبب من أمجع إقامة أربع أ م )5254-151/3(، وصححه النووي <strong>يف</strong> اجملموع<br />
)168/4(، وينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )433/5( احلاوي، للماوردي، واملغين، البن قدامة )148/3(.<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )165/1(.<br />
ينظر: الذخرية، للقرا<strong>يف</strong> )361/2(، واحلديث أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب األدب ، َبب إكرام الض<strong>يف</strong> )517( رقم )6135(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري )85( رقم )1081(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب احلج َبب حجة النيب <br />
ينظر: املغين البن قدامة )150/3(.<br />
،)880( رقم .)1218(<br />
) 980 (<br />
ينظر: املقنع والشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )69/5( واملغين ، البن قدامة )148/3(.
وقال: "إنما وجه حديث أنس عندي أنه حسب مقام النبي بمكة ومنى وإال فال وجه له غير هذا فهذه أربعة أيام، وصالة الصبح بها<br />
يوم التروية تمام إحدى وعشرين صالة يقصر فهذا يدل على أن من أقام إحدى وعشرين صالة يقصر، وهي تزيد على أربعة أيام<br />
وهذا صريح في خالف من حده أربعة أيام" )981(<br />
واستدل أصحاب القول السادس بحديث ابن عباس قال: ))أقام النبي تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا<br />
وإن زدنا أتممنا(( )982(<br />
فهو صريح في التحديد بذلك وانقطاع أحكام السفر فيما زاد على تسعة عشر وذلك أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة )983(<br />
واستدل أصحاب القول السابع:<br />
بما تقدم من قصره بتبوك عشرين يوماً)984(<br />
فدل على أنها أكثر ما ورد في ذلك، فخرج هذا المقدار من اإلقامة عن سائر األوقات بهذا الخبر. )985(<br />
المناقشة والترجيح :<br />
نوقشت أدلة القول األول والثاني بأنها محمولة على أنه وأصحابه لم يُجْمِّعُوا اإلقامة البتة، بل كانوا يقولون: اليوم نخرج، غداً<br />
نخرج )986(<br />
وأجاب ابن القيم عن ذلك بقوله: "وفي هذا نظر ال يخفى، فإن رسول هللا فتح مكة، وهي ما هي، وأقام فيها يؤسس قواعد <strong>اإلسالم</strong><br />
ويهدم قواعد الشرك، ويمهد أمر ما حولها من العرب، ومعلوم أن هذا يحتاج إلى إقامة أيام ال يتأتى في يوم واحد، وال يومين، وكذلك<br />
إقامته بتبوك، فإنه أقام ينتظر العدو، ومن المعلوم قطعاً أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل يحتاج قطعها إلى أيام، وهو يعلم أنهم ال<br />
يوافون في أربعة أيام، وكذلك إقامة ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصالة من أجل الثلج، ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج ال<br />
يتحلل ويذوب في أربعة أيام، بحيث تنفتح الطرق، وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر، وإقامة الصحابة برامهرمز سبعة اشهر<br />
يقصرون ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد يعلم أنه ال ينقضي في أربعة أيام ... واألئمة األربعة متفقون على أنه إذا أقام<br />
لحاجة ينتظر قضاءها يقول: اليوم أخرج، غداً أخرج، فإنه يقصر أبداً" )987(<br />
بأن اآلية دلت على أن من حمل بيته وسار في يوم واحد سمي ظاعناً، وأن<br />
ونوقش ما استدل به شيخ <strong>اإلسالم</strong> على التقسيم الثنائي )988(<br />
من بنى بيته وقطع سيره في يوم واحد آخر سمي مقيماً فاعتبار هذه األوصاف عند تحديد الظعن واإلقامة من األهمية بمكان، وبها<br />
يتميز المسافر عن المقيم، وذلك إذا حملنا اليوم الوارد في اآلية على ظاهره أما إذا أولناه بالحين فإن مجرد الحط عن الرحال ونصب<br />
الخيام يعتبر إقامة ال ظعناً ويجب على فاعله اإلتمام والصيام مع كونه غير مستوطن وعليه فاآلية تدل على خالف ما ذهب إليه من<br />
منع المقيم غير المستوطن من اإلتمام فهي تدل على أن مجرد إقامة اليوم أو الحين مخرجة له عن حكم المسافر فال حجة له فيها وال<br />
يصح نفيه للقسم الثالث ألمور: )989(<br />
أولها: أنه قرر في موضع آخر وجود نوع من المقيمين غير مستوطنين وهم أهل البادية الذين يشتون في مكان ويص<strong>يف</strong>ون في مكان<br />
فقد ذكر بأنهم إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المص<strong>يف</strong>، ومن المص<strong>يف</strong> إلى المشتى فإنهم يقصرون، وإذا نزلوا بمشتاهم<br />
ومص<strong>يف</strong>هم لم <strong>يف</strong>طروا ولم يقصروا وإن كانوا يتتبعون المراعي.<br />
فأوجب عليهم الصيام واإلتمام حال إقامتهم، ولم يوجب عليهم الجمعة ألنهم غير مستوطنين، كما بين ذلك في رسالته ألهل<br />
البحرين. )990(<br />
) 981 (<br />
) 982 (<br />
) 983 (<br />
املصادر السابقة .<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب تقصري الصالة، َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر )85( رقم )1080(.<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ، )430/5( فتح الباري، البن حجر )654/2(، واملغين، البن قدامة<br />
)149/3( ونيل األوطار، للشوكاين )128/4(، والسفر الذي يثبت به القصر، للربيش )43(، بتصرف.<br />
( 984 ) <strong>يف</strong> ص 265( ) .<br />
) 985 (<br />
) 986 (<br />
) 987 (<br />
) 988 (<br />
) 989 (<br />
) 990 (<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )25/5(، بتصرف.<br />
ينظر: زاد املعاد ، البن القيم )493/3(.<br />
املصدر السابق .<br />
ينظر: قصر الصالة للمغرتبني، للصبيحي، ص )84-73(، بتصرف.<br />
املصدر السابق، بتصرف.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )119-117/24( ، و)213/25(.
ثانيها: أن عموم قوله سبحانه: <br />
)991( <br />
<br />
–<br />
–<br />
فيه داللة على وجوب السعي على كل من سمع النداء، مع أنها ال تنعقد إال بمن كان مستوطناً فدلت اآلية على وجوب الجمعة على من<br />
ال تنعقد به وهو المقيم غير المستوطن، وقد أشار إلى ذلك بقوله: "يحتمل أن يقال بوجوب الجمعة على من في المصر من المسافرين<br />
وإن لم يجب عليهم اإلتمام كما لو صلوا خلف من يتم فإن عليهم اإلتمام تبعاً لإلمام كذلك تجب عليهم الجمعة تبعاً للمقيمين ... والمقيم<br />
هو المستوطن ... والمسافرين ال يعقدون جمعة لكن إذا عقدها أهل مصر صلوا معهم، وهذا أولى من إتمام الصالة خلف اإلمام<br />
المقيم" )992(<br />
قال بعض المعاصرين: "فيكون له في المسألة قوالن، أو هو تراجع عن قوله السابق" )993(<br />
والذي يظهر لي والعلم عند هللا تعالى أن شيخ <strong>اإلسالم</strong> يرى بأن تحقق الوصف العرفي لإلقامة قاطع للسفر ورخصه، وذلك<br />
ألمور: )994(<br />
أولها: أنه جعل السفر نقيض اإلقامة وربط وجود كل منهما أو ارتفاعه بالعرف كما صرح بذلك في مواطن متعدده. )995(<br />
وثانيها: أنه اعتبر االسم المطلق لإلقامة فقال بعد أن قرر بأن اإلقامة ال تحد بأربعة أيام: "ما أطلقه الشارع يعمل بمطلق مسماه<br />
ووجوده" )996(<br />
وثالثها: أنه قرر وجود القسم الثالث )المقيم غير المستوطن( كما تقدم، فلعله رجوع منه عن نفيه.<br />
ورابعها: أن كالم العلماء عند اإلطالق يحمل على العرف )997(<br />
ألنه األقرب إلى مراد المتكلم والمتبادر إلى فهم السامع .<br />
وخامسها: أنه اعتبر في فتاواه أموراً عرفيه في ثبوت أحكام اإلقامة حين قرر أن المالح ليس له أن يترخص ما دام في رفقته امرأته<br />
وجميع مصالحه فرتب عليه آثار اإلقامة رغم كونه على ظهر سير، وذلك ألمرين عرفيين هما التأهل، ووجود المصالح )998(<br />
ومما يؤكد أن مراده هو الوضع العرفي ال غير أن أدلته وأمثلته في السفر واإلقامة كانت موافقة للمعنى العرفي، وما بقي منها فال<br />
يعارضه لعدم التصريح بوجود أسباب اإلقامة.<br />
ومن تلك األدلة: أحوال نزوله في مكة عام الفتح وفي حجة الوداع وكذا في تبوك وكذا أحوال نزول أصحابه في الجهاد.<br />
ومن األمثلة التي ذكرها: التاجر يقدم لبيع بضاعته، فكل هذه ملحقة بالسفر عرفاً وعادة، وأدلته وأمثلته هي أولى ما <strong>يف</strong>سر بها<br />
كالمه )999(<br />
فيكون ظاهر كالمه أن الذي يترخص هو المسافر في عرف الناس ثم نزل مكاناً لم ينو فيه المقام وال قطع السفر، فبقي مضطرباً غير<br />
مستقر ينظر إلى مواصلة سيره أو الرجوع لبلده في وقت يسير عادة أو كثير لم توجد فيه أسباب اإلقامة من مسكن وغيره، كتاجر أو<br />
غريم أو سائل نزل بلدة لتحصيل غرضه وهو غير عازم على المقام )1000(<br />
وأكد هذا المعنى بقوله: "وقد أقام المهاجرون مع النبي عام الفتح قريباً من عشرين يوماً بمكة، ولم يكونوا بذلك مقيمين إقامة<br />
خرجوا بها عن السفر" )1001(<br />
) 991 (<br />
) 992 (<br />
) 993 (<br />
) 994 (<br />
سورة اجلمعة، اآلية<br />
املصدر السابق .<br />
.9<br />
قصر الصالة للمغرتبني، للصبيحي، ص)77(.<br />
ينظر: حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص)71-37(، بتصرف.<br />
( 995 ) <strong>يف</strong> جمموع الفتاوى ،)136/24( و ،)12/24( و ،)135/24( و ،)356/21( و .)18/24(<br />
) 996 (<br />
) 997 (<br />
) 998 (<br />
) 999 (<br />
) 1000 (<br />
) 1001 (<br />
الفتاوى الكربى، البن تيمية )434/4(.<br />
وهذا منهج شيخ <strong>اإلسالم</strong> نفسه مع كالم العلماء عند إطالقه كما <strong>يف</strong> الصارم املسلول )1009/3(.<br />
ينظر: حد اإلقامة ، للماجد، ص)74(، بتصرف، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )140/24(.<br />
املصادر السابقة، بتصرف.<br />
املصادر السابقة.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )139/24(.
وقال في موضع آخر"الفطر مشروع للمسافر في اإلقامات التي تتخلل السفر كالقصر" )1002(<br />
فتبين بأن مراده من اإلقامة التي تتبع السفر هي ما تخلله ورآها الناس جزءاً منه ال أنها قاطعة لذلك السفر.<br />
وقد وافقه ابن القيم في ذلك فقال عن إقامته بتبوك: "وهذه اإلقامة في حال السفر ال تخرج عن حكم السفر" )1003(<br />
وال تقطعه بل هي جزء منه.<br />
أي ألنها تتخلله<br />
وقال رحمه هللا: "ولم يحد ألمته مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في األرض، كما<br />
أطلق لهم التيمم في كل سفر وأما ما يروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثالثة فلم يصح عنه منها شيء البتة" )1004(<br />
فترجح بهذا اتفاق الشيخ وتلميذه على أن مدة اإلقامة ليس لها حد مقدر، ولكنها تنقطع بما ينهي وصف السفر عرفاً وهو االستيطان أو العزم على<br />
اإلقامة، ألن من فعل ذلك صار مقيماً عرفاً.<br />
ونوقشت أدلة القول الثالث بما يلي :<br />
أوالً: حديث ابن عباس األول ضع<strong>يف</strong> كما ذكر ذلك النووي )1005(<br />
وأجاب ابن حجر عن ذلك بقوله عن تضع<strong>يف</strong> الحديث: "ليس بجيد ألن رواتها –الرواية- ثقات ولم ينفرد بها ابن اسحاق فقد أخرجها<br />
النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيدهللا كذلك" )1006(<br />
قال<br />
ثم ناقش االستدالل به –بعد تصحيحه- بمعارضته لما هو أصح منه وهو رواية "تسعة عشر" وقد رجحها البيهقي )1007(<br />
ويرجحها أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة.<br />
فتحمل رواية الخمسة عشر يوماً على أن الراوي ظن أن األصل رواية سبعة عشر فحذف منها يومي الدخول والخروج فذكر أنها<br />
خمسة عشر وهي مرجوحه ال حجة فيها )1008(<br />
ويجاب عنه أيضاً –على فرض صحته- بحمله على من ال يعزم اإلقامة وإنما ينتظر حاجة ففي مثل هذه الحالة يقصر. )1009(<br />
ثانياً: حديث ابن عباس الثاني يجاب عنه بأنه ثبت عنه خالفه بل وثبت عن غيره من الصحابة خالفه، فهو قول صحابي خالفه<br />
فيه غيره، فال يكون حجة ثم ال حجة في أقوال الصحابة في المسائل التي لالجتهاد فيها مسرح وهذه منها. )1010(<br />
ثالثاً: ما نقل عن سعيد بن المسيب ال حجة فيه، الختالف النقل عنه ومعارضته لما هو أقوى منه، ثم ال دليل فيه على نفي التحديد بما<br />
زاد عن المدة المذكورة. )1011(<br />
رابعاً: القياس على أقل مدة الطهر ال يصح فإنها قد تكون أقل من ذلك كما لو حاضت الحامل وطهرت من حيضها ثم وضعت حملها<br />
بعد يوم أو يومين ورأت دم النفاس فيكون اليوم أو اليومين هو ما بين الطهارة من الحيض ووضعها وإنما أقل الطهر خمسة عشر<br />
يوماً إذا كان بين حيضتين. )1012(<br />
) 1002 (<br />
) 1003 (<br />
) 1004 (<br />
) 1005 (<br />
) 1006 (<br />
املصدر السابق )185/24(.<br />
زاد املعاد، البن القيم )491/3(.<br />
املصدر السابق.<br />
نسبه إليه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )654/2( وينظر: أسىن املطالب لألنصاري )238/1(، وقال املنذري: <strong>يف</strong> إسناده حممد بن إسحاق<br />
واختلف عليه فيه فروي عنه مسنداً ومرسالً وروى عنه عن الزهري من قوله .<br />
ينظر: حتفة األحوذي )110/3(.<br />
املصدر السابق .<br />
( 1007 ) <strong>يف</strong> سننه )151/3(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 150<br />
) 1008 (<br />
) 1009 (<br />
) 1010 (<br />
) 1011 (<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )654/2(، واجملموع، للنووي )170/4(، واملغين، البن قدامة )148/3(، نيل األوطار، للشوكاين<br />
)125/4(، والسفر الذي يثبت به القصر، للربيش ، ص )41(، بتصرف.<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حممد شبري، ص117، بتصرف، وقال األنصاري <strong>يف</strong> أسىن املطالب<br />
)238/1(: "وقال شيخنا ميكن اجلواب عن رواية مخسة عشر وسبعة عشر أبن الراوي نقل بعض املدة اليت ترخص فيها ومل يذكر<br />
زايدة وذكر البعض ال ينا<strong>يف</strong> أكثر منه الحتمال أنه مل ح<strong>يف</strong>ظ إال تلك املدة وغريه حفظ الزائد.<br />
فقد صح عن ابن عباس أنه حددها بتسعة عشر يوماً كما عند البخاري وصح عن ابن عمر أنه حددها َبثين عشر يوماً <strong>يف</strong> املوطأ<br />
بسند صحيح وسيأيت بيان ذلك، وينظر: نيل األوطار، للشوكاين )125/4(، بتصرف.<br />
ينظر: السفر الذي يثبت به القصر، للربيش ، ص )42(، بتصرف.
ونوقشت أدلة القول الرابع بما يلي:<br />
أما الدليل األول فيجاب عنه من عدة أوجه:<br />
أولها: أنه لو كانت أقصى مدة نزلها وهو يترخص حداً فاصالً بين السفر واإلقامة لبينها كما بين مدة المسح على الخفين ومدة<br />
التربص في اإليالء وغير ذلك من المدد المقدرة شرعاً وال سيما والحاجة إلى بيان مدة السفر التي يجوز فيها الترخص أعظم فدل<br />
على عدم تقديرها بعدد ما. )1013(<br />
وثانيها: أنه لم يقل ألصحابه الذين رافقوه في حجته: بأنه قصر الصالة لكونه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام ، وبيان هذا<br />
من أهم المهمات لو كان مراداً، وليس فيه ما يدل على تقدير أدنى مدة اإلقامة باألربعة ألن النبي أقام أكثر من هذه المدة وهو<br />
يترخص ويقصر الصالة. )1014(<br />
وثالثها: أن مدة الترخص لو كانت مقدرة باألربعة أيام لقال لمن قدم للحج قبله أو بعده ونوى الزيادة على األربعة : ليس لك<br />
الترخص النقطاع سفرك بنية المكث أكثر من أربعة أيام ولكن ليس في قوله وعمله ما يدل على ذلك، مع شدة الحاجة إلى بيانه. )1015(<br />
ورابعها: أن ما كان يُفعل بمكة وتبوك قد علم بالعادة أنه ال ينقضي في أربعة أيام حتى يقال بإنه كان يقول: اليوم أسافر غداً أسافر بل<br />
فتح مكة وأهلها كفار محاربون له وذلوا بذلك وسرى السرايا للنواحي ينتظر قدومهم ومثل ذلك ال ينقضي في أربعة أيام كما بين<br />
ذلك شيخ <strong>اإلسالم</strong> وتلميذه ابن القيم. )1016(<br />
وقال رحمه هللا: "قال أصحاب أحمد إنه لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان، أو مرض، قصر سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة<br />
في مدة يسيرة أو طويلة، وهذا هو الصواب لكن شرطوا فيه شرطاً ال دليل عليه من كتاب، وال سنة وال إجماع وال عمل الصحابة،<br />
فقالوا: شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي ال تقطع حكم السفر، وهي ما دون األربعة أيام، فيقال: من أين لكم هذا الشرط،<br />
والنبي لما أقام زيادة على أربعة أيام يقصر الصالة بمكة وتبوك لم يقل لهم شيئاً ، ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة<br />
أيام، وهو يعلم أنهم يقتدون به في صالته ويتأسون به في قصرها في مدة إقامته، فلم يقل لهم حرفاً واحداً: ال تقصروا فوق إقامة أربع<br />
ليال، وبيان هذا من أهم المهمات وكذلك اقتداء الصحابة به بعده ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئاً من ذلك" )1017(<br />
وأما الدليل الثاني: فيجاب عنه بأن النبي رخص لهم في الثالث ألنها مظنة قضاء حوائجهم وتهيئة أحوالهم للسفر، ال لكونها غير<br />
إقامة، فليس فيه نص وال إشارة إلى المدة التي إذا أقامها المسافر أتم وإنما هو في حكم المهاجر فما الذي أوجب أن تقاس إقامة<br />
المسافر على<br />
كما قال ابن رشد: "وهذا ليس فيه حجة على أنه<br />
إقامة المهاجر، فغاية ما دل عليه الحديث جواز القصر في الثالثة فما دونها )1018(<br />
النهاية للتقصير وإنما فيه حجة على أن يقصر في الثالثة فما دونها". )1019(<br />
إضافة إلى أن المسافر يباح له اإلقامة ثالثاً فأكثر دون كراهة بخالف المهاجر فإنه يكره له اإلقامة بمكة بعد قضاء النسك أكثر من<br />
ثالث فأي نسبة بين إقامة مكروهة وإقامة مباحة؟ )1020(<br />
) 1012 (<br />
) 1013 (<br />
) 1014 (<br />
) 1015 (<br />
) 1016 (<br />
) 1017 (<br />
) 1018 (<br />
) 1019 (<br />
) 1020 (<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )372/2(.<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )22/5 وما بعدها(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )138/24(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام<br />
السفر، للماجد، ص)8(، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة وزاد املعاد، البن القيم )494/3(، ومسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة من العلماء، ومنها قصر الصالة <strong>يف</strong><br />
السفر، حملمد شبري ، ص115، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة، بتصرف.<br />
زاد املعاد، البن القيم )493/3(.<br />
ينظر: حتفة األحوذي )110/13(، واملبسوط، للسرخسي )220/1(، وبدائع الصنائع )166/1(، بداية اجملتهد، البن رشد<br />
)239/1( ، نيل األوطار، للشوكاين )125/4(، والفتح الرَبين، البن البنا )109/5(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )34/5(: "ال حجة هلم<br />
فيه ألنه ليس <strong>يف</strong> هذا اخلرب نص وال إشارة إىل املدة اليت إذا أقامها املسافر أم فما الذي أوجب أن يقاس املسافر يقيم على املهاجر<br />
يقيم؟".<br />
بداية اجملتهد )239/1(.<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )34/5(، بتصرف.
وأيضاً فإن ما زاد على الثالثة األيام للمهاجر داخل عندهم في حكم أن يكون مسافراً ال مقيماً، وما زاد على الثالثة للمسافر فإقامة<br />
صحيحة وهذا مانع من أن يقاس أحدهما على اآلخر، وأيضاً فإن المهاجرين أقاموا معه عام الفتح قريباً من عشرين يوماً، ولم<br />
يكونوا بذلك مقيمين إقامة خرجوا بها عن السفر )1021 ) ، وتحديد اإلقامة التي تنتهي بها أحكام السفر مسألة عامة تهم جميع الناس في<br />
كل زمان ومكان بخالف تحديد إقامة المهاجر فهو خاص بهم في زمانهم فهل يعقل أن تعنى الشريعة بتحديد هذا مع خصوصه في<br />
الزمان والمكان واألشخاص وتدع بيان اإلقامة مع عمومه لهذه األحوال؟ )1022(<br />
ثم ال مطابقة بين هذا الدليل ومورد النزاع الذي استدل به عليه فإن كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "وقد رخص النبي للمهاجر أن يقيم<br />
بمكة بعد قضاء نسكه ثالثاً والقصر في هذا جائز عند الجماعة، وقد سماه إقامة، ورخص للمهاجر أن يقيمها، فلو أراد المهاجر أن<br />
يقيم أكثر من ذلك بعد قضاء النسك لم يكن له ذلك، وليس في هذا ما يدل على أن هذه المدة فرق ما بين المسافر والمقيم.. فعلم أن هذا<br />
التحديد ال يتعلق بالقصر وال بتحديد السفر" )1023(<br />
ويجاب عن الدليل الثالث بما تقدم أيضاً.<br />
ويجاب عن الدليل الرابع :<br />
بأن اإلقامة متى وجدت حقيقة اقتضى ذلك انقطاع أحكام السفر قلت اإلقامة أو كثرت ألنها ضد السفر والشيء يبطل بما يضاده )1024(<br />
وقد جاء الشرع بمدد متفاوتة ودلت النصوص األخرى على تعليق اسم السفر واإلقامة بما دل عليه العرف ولو قيل بعدم ذلك لكان<br />
فيما ذكروه من القياس معارضة للنصوص والروايات األخرى في ترخصه مدداً أكثر من ذلك وال قياس مع النص.<br />
ويجاب عن الدليل الخامس بأنه ال يدل على أقل مدة اإلقامة ألن حق الضيافة يتعلق بقدرة الناس في الغالب على استضافة ضيوفهم<br />
أما اإلقامة فإنها متعلقة بالبلد التي يقيم فيها والمنزل الذي ينزل فيه وكونه مهيئاً لإلقامة أوالً. )1025(<br />
ونوقشت أدلة القول الخامس :<br />
بأنه ال دليل في الحديث على أن مدة اإلقامة أربعة أيام أو أكثر فإنه قدم صبح اليوم الرابع من ذي الحجة وكان يصلي ركعتين،<br />
فأين الدليل على أنه لو قدم صبح ثالثة وثانية كان يتم ويأمر أصحابه باإلتمام ؟<br />
ليس في قوله وعمله ما يدل على ذلك. )1026(<br />
ولو كان اليوم الرابع مقصوداً لذاته لبينه ال سيما وهو يعلم بأن من الحجاج من يصل في غير ذلك اليوم فلو كان الحكم سيختلف<br />
لتعين عليه إبالغ أمته بذلك فيقول مثالً: أيها الناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم، وال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. )1027(<br />
ونوقش دليل القول السادس من وجهين :<br />
أحدهما: ورود ما يخالف هذا التحديد عن ابن عباس نفسه فقد جاء عنه التحديد بسبعة عشر وخمسة عشر وثمانية عشر فلم يبق في<br />
روايته حجة لعدم المرجح.<br />
ثانيهما: لو سلمت هذه الرواية مما يعارضها –جدالً- فال داللة فيها على نفي القصر فيما زاد على ذلك، ال سيما وقد ثبت عنه <br />
وعن أصحابه ما يدل على قصرها في أكثر من ذلك. )1028(<br />
) 1021 (<br />
) 1022 (<br />
) 1023 (<br />
) 1024 (<br />
) 1025 (<br />
) 1026 (<br />
) 1027 (<br />
) 1028 (<br />
=<br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )140/24(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص)10(، بتصرف.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )138/24(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )165/1(، بتصرف.<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة من العلماء، منها حكم قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حملمد شبري، ص116، بتصرف.<br />
ينظر: جمموع فتاوى ابن تيمية مجع ابن قاسم، )138/4(، بتصرف.<br />
ينظر: السفر الذي يثبت به القصر، للربيش، ص)39-38(، بتصرف.<br />
ينظر تلك الرواايت، <strong>يف</strong> صحيح البخاري، كتاب تقصري الصالة، َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر )85( والرتمذي <strong>يف</strong><br />
كتاب الصالة، َبب ما جاء <strong>يف</strong> كم تقصر الصالة، رقم )549( وأبو داود <strong>يف</strong> سنته كتاب الصالة، َبب مىت يتم املسافر رقم )1229-<br />
1232-1230(، وينظر: املصدر السابق، بتصرف =<br />
وقال البيهقي: "أصح الرواايت <strong>يف</strong> ذلك رواية البخاري وهي رواية تسع عشرة ومجع هو وإمام احلرمني بني الرواايت السابقة أبن من<br />
قال: تسع عشرة عد يومي الدخول واخلروج ومن قال: سبع عشرة حذفهما ومن قال: مثاين عشرة عد أحدمها، قال احلافظ: وهو مجع<br />
متني وتبقى رواية مخسة عشر شاذة ملخالفتها وضعفها النووي كما تقدم واعرتض على ذلك ابن حجر ورواية عشرين صحيحة اإلسناد
ونوقش دليل القول السابع:<br />
بما تقدم ذكره في مناقشة أدلة القول الرابع .<br />
الترجيح:<br />
قال في بداية المجتهد :"األشبه في المجتهد في هذا أن يسلك أحد أمرين:إما أن يجعل الحكم ألكثر الزمان الذي روي عنه عليه الصالة<br />
والسالم أنه أقام فيه مقصراً ويجعل ذلك حداً من جهة أن األصل هو اإلتمام فوجب أن ال يزاد على هذا الزمان إال بدليل، أو يقول: إن<br />
األصل في هذا هو أقل الزمان الذي وقع عليه اإلجماع،وما ورد من أنه عليه الصالة والسالم أقام مقصراً أكثر من ذلك الزمان<br />
فيحتمل أن يكون إقامة ألنه جائز للمسافر، ويحتمل أن يكون إقامة بنية الزمان الذي تجوز إقامته فيه مقصراً باتفاق فعرض له أن أقام<br />
أكثر من ذلك وإذا كان االحتمال وجب التمسك باألصل وأقل ما قيل في ذلك يوم وليلة " )1029(<br />
وهذا له حظ من الوجاهة إال أن الناظر في هديه يرى ما يدل على تقدير المدة بالعرف فقد كان يرافقه في أسفاره وإقامته عدد<br />
كبير جداً من أصحاب وقد سكتوا عن سؤاله عن سبب ترخصه في أوقات مسيره ونزوله أثناء سفره كما سكتوا عن سؤاله عن سبب<br />
تركه للرخصة في نزوله في المدينة وسكت عن بيان هذا السبب في الحالين، فال يخلوا هذا من احتمالين :<br />
أولها: أن يكون الحد معلوماً لدى الصحابة من الشريعة أو لغة العرب.<br />
وثانيها: أن يكون قد أحالهم على عرفهم في معنى السفر واإلقامة.<br />
فاألول باطل لعدم انتشاره ووضوحه وكثرة اختالفهم وتعدد رواياتهم في ذلك. ولو كان معلوماً من اللغة لنقلته األمة .<br />
فتعين الثاني وهو اعتبار العرف فهو المناسب لسكوته عن البيان وترك أصحابه للسؤال عنه، فإنه ال يختص بالعلم به دونهم<br />
كاختصاصه بمسائل التوق<strong>يف</strong> والتعبد التي ال تعرف إال من طريقه فيحتاجون معها إلى بيانه. )1030(<br />
وكان <br />
يترخص في أحوال تعتبر عند أهل العرف من السفر سواء كان ذلك حال الشخوص والحركة أو حال النزول في مصر أو<br />
فضاء، ولم يوجد في منازله ما يعتبر فيها مقيماً مطمئناً قاطعاً لسفره بوجود أوصاف اإلقامة العرفية من طمأنينة واتخاذ سكن ومتاع<br />
المثل في مدة طويلة ونية مستقرة وغير ذلك واألصل عدم تحقق اإلقامة بهذه األوصاف حتى يثبت المخالف وجودها وإال فاألصل<br />
، قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "وقد أقام المهاجرون مع النبي عام الفتح قريباً من عشرين يوماً بمكة، ولم يكونوا بذلك<br />
بقاء السفر )1031(<br />
مقيمين إقامة خرجوا بها عن السفر" )1032(<br />
وبهذا يتبين رجحان القول األول والثاني –بعد التوفيق بينهما- بأن المعتبر في تحديد المدة و العرف فما عدة الناس سفراً جاز<br />
الترخص فيه وما ال فال، ومن كان عازماً على اإلقامة من المسافرين فهو مقيم عرفاً ليس له الترخص النقطاع سفره بذلك كما ينقطع<br />
باالستيطان ويماثل هذا في زماننا الطالب والعمال والموظفون المغتربون عن بالدهم وأوطانهم ويعزمون على اإلقامة في تلك البالد<br />
مدة طويلة عرفاً فليس لهم الترخص ما لم يبق فيهم وصف السفر بعدم العزم على اإلقامة واضطراب حالهم فال يدرون يسافرون<br />
اليوم أو غداً. )1033(<br />
واعتبار هذا القول راجحاً على غيره، لقوة أدلته وسالمتها مما ورد عليها من المناقشة ولموافقته لمتقضى قاعدة األسماء المطلقة في<br />
الشريعة، ولموافقته لظاهر هدي النبي وألن التحديد بابه التوق<strong>يف</strong>، ولم يصح فيه شيء، وللجواب عن أدلة المخالفين، وألن للسفر<br />
واإلقامة حقيقة تعرف بحال المسافر والمقيم واستيطانه أو عدم استيطانه وهذه الحقيقة ليست غامضة بل يسهل على الناس معرفتها،<br />
وألن النيات ال مدخل لها في األعمال التي لم يأمر هللا تعالى بها كالسفر واإلقامة وإنما تجب في األعمال التي أمر هللا بها فال يجوزأن<br />
تؤدى بغير نية )1034(<br />
ثمرة الخالف : من ذلك :<br />
1- أن من يرى التحديد بمدة معينة فإنه يوجب على من نوى اإلقامة بها أن يقطع ترخصه ومن ال فال .<br />
إال أهنا شاذة أيضاً اللهم إال أن حيمل على جرب الكسر ورواية مثانية عشر ليست بصحيحة من حيث اإلسناد، ينظر: حتفة األحوذي،<br />
للمباركفوري )110/3(.<br />
( 1029 (وهو قول ربيعة بن أيب عبدالرمحن ، كما <strong>يف</strong> : بداية اجملتهد ، البن رشد<br />
.)240/1(<br />
) 1030 (<br />
) 1031 (<br />
) 1032 (<br />
) 1033 (<br />
ينظر: حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص63-62-29-28-27، بتصرف.<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )139/24(.<br />
ينظر: حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص )23(، وجملة جامعة اإلمام، العدد10، مجادي اآلخرة ،<br />
إقامة املسافر وسفر املقيم، مساعد الفاحل، ص)131(، بتصرف.<br />
1414ه ،<br />
) 1034 (<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة من العلماء، قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حممد شبري، ص118، بتصرف.
القائلون بالعرف يحيلون على أهل كل زمان في ذلك ففي هذا الزمان مثالً من نوى اإلقامة للدراسة أو العمل لمدة طويلة فهو<br />
مقيم يمنع من الترخص ومن اضطرب أمره فال يدري أيرحل اليوم أم غداً فهو مسافر يترخص وإن طال مقامه.<br />
القائلون بالعرف ال يعتبرون طول المدة سبباً لثبوت اإلقامة مطلقاً وال قصرها سبباً لنفيها مطلقاً، بل متى كان المرء على حال<br />
يعتبر فيها مقيماً عند الناس فقد انقطعت في حقه رخص السفر )1035(<br />
-2<br />
-3<br />
الشرط اخلامس: كونه سفر طاعة :<br />
وقد اختلف الفقهاء في ذلك .<br />
تحرير محل النزاع: اتفق أهل العلم على أن العاصي في سفره وهو من قصد سفراً مباحاً ثم طرأت عليه معصية ارتكبها فإنه<br />
يترخص في السفر ألنه لم يقصده للمعصية وألن سبب ترخصه وهو السفر مباح قبلها وبعدها كما اتفقوا على جواز الترخص في<br />
السفر الواجب والمندوب كالحج والعمرة والجهاد واألكثر على جواز الترخص في السفر المباح واختلفوا في الترخص بسفر<br />
المعصية كسفر المرأة من غير محرم، وكسفر من قصد محرماً من شرب خمر أو سرقة أو زنى أو قتل بغير حق، وكسفر من فر من<br />
واجب عليه كدين لغريمه ونحو ذلك فهل له أن يترخص بهذا السفر؟<br />
فيه خالف على ثالثة أقوال. )1036(<br />
أسباب الخالف :<br />
-1<br />
-2<br />
قال ابن العربي: "وأما سفر<br />
اختالفهم في بعض رخص السفر هل تعد رخصة أو عزيمة؟ كالقصر والتيمم مثالً)1037(<br />
المعصية فأشكل دليل فيه لهم أن قالوا: إنا بنينا األمر على أن القصر عزيمة وليس برخصة، والعزائم ال تتغير بسفر<br />
الطاعة والمعصية كالتيمم. قلنا: قد بينا أنه رخصة وعليه تنبني المسألة، والرخص ال تجوز في سفر المعصية كالمسح<br />
على الخفين" )1038(<br />
معارضة المعنى المعقول أو ظاهر اللفظ لدليل الفعل، فمن اعتبر المشقة أو ظاهر اللفظ فقد أجاز القصر في كل سفر ومن<br />
اعتبر دليل الفعل فقد خص الجواز بالسفر المتقرب به ألنه ما قصر قط إال في سفر قربة، ومن فرق بين المباح<br />
والمعصية فعلى جهة التغليظ، واألصل فيه هل تجوز الرخص للعصاة أوال؟ )1039(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
اختالفهم في تفسير معنى البغي والعدوان )1040(<br />
في قوله سبحانه: <br />
-3<br />
)1041( <br />
<br />
<br />
<br />
) 1035 (<br />
) 1036 (<br />
) 1037 (<br />
) 1038 (<br />
) 1039 (<br />
ينظر: حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر، للماجد، ص)23-22(، بتصرف.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )159/1(، وحاشية ابن عابدين )604/2(، شرح خمتصر خليل، للخرشي )57/2(، عقد اجلواهر<br />
الثمينة، البن شاس )210/1( حاشية الدسوقي )358/1(، مواهب اجلليل، للحطاب )486/2(، الذخرية، للقرا<strong>يف</strong> )367/2(،<br />
احلاوي، للماوردي )387/2(، اجملموع، للنووي )157/4(، ومغين احملتاج، للشربيين )268/1(، والوسيط، للغزايل، حتقيق القره داغي<br />
)865/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين، البن قدامة )115/3(، والفروع البن<br />
مفلح مع تصحيحه للمرداوي وحاشية ابن قندس )84/3(، وكشاف القناع، للبهويت )598/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )34/25(،<br />
بتصرف.<br />
ينظر: كشف األسرار، للبخاري )299/2(، والبحر الرائق، البن جنيم )141/2(، بداية اجملتهد، البن رشد )235/1(، وعقد<br />
اجلواهر، البن شاس )209/1( واجملموع، للنووي )165/2(، وروضة الطالبني للنووي )380/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف<br />
)28/5(، واملغين، البن قدامه )310/1(، واملصادر السابقة.<br />
أحكام القرآن، البن العريب )488/1(.<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )238/1(.
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "ذهب طائفة من المفسرين إلى أن الباغي هو الباغي على اإلمام الذي ال يجوز قتاله، والعادي هو العادي على<br />
المسلمين، وهم المحاربون قطاع الطريق، قالوا: فإذا ثبت أن الميتة ال تحل لهم فسائر الرخص أولى ... أما اآلية فأكثر المفسرين<br />
قالوا: المراد بالباغي الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحالل والعادي الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه ...". )1042(<br />
األقوال في المسألة :<br />
القول األول: أن للمسافر الترخص في كل سفر ولو كان عاصياً به وهو قول الثوري واألوزاعي وابن حزم ومذهب الحنفية واختاره<br />
.<br />
شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية وأجازه بعض المالكية مع الكراهة وأفتى به من المعاصرين الشيخ ابن جبرين )1043(<br />
القول الثاني: ال يجوز للعاصي بسفره أن يترخص برخص السفر وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وافتى به الشيخ<br />
)1044(<br />
محمد بن إبراهيم وابن عثيمين.<br />
والمراد بالعاصي بسفره أو سفر المعصية أن يكون الحامل على السفر نفس المعصية كما تقدم في األمثلة السابقة. )1045(<br />
القول الثالث: أن المسافر ال يقصر إال إذا كان سفره لحج أو عمرة أو جهاد )سفر واجب أو مندوب(.<br />
وهو مروي عن ابن مسعود <br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول بما يلي:<br />
وعطاء. )1046(<br />
-1<br />
قوله سبحانه: <br />
) 1047 ( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
اآلية )1048(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فهذه وغيرها أدلة عامة مطلقة لم تخص سفراً من سفر، ولو كان األخذ بالرخص مخصوصاً ومقيداً بسفر الطاعة لورد<br />
ذلك مبيناً، لشدة الحاجة إليه وكثرة وقوعه.<br />
) 1040 (<br />
ينظر: أحكام القرآن للجصاص )128/1(، وللقرطيب )231/1(، والبن العريب )57/1(، وفتح القدير، للشوكاين )315/1(،<br />
وتفسري ابن كثري )255/1(، وأضواء البيان للشنقيطي )105/1(، واملسافر وما خيتص به من أحكام للكبيسي،<br />
هاشم انقور،<br />
85<br />
56، بتصرف.<br />
) 1041 (<br />
) 1042 (<br />
) 1043 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.173<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )110/24(.<br />
كما اختاره املزين ،<br />
وأحكام <strong>السياحة</strong>،<br />
ينظر: البحر الرائق، البن جنيم )150/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )161/1(، تبيني احلقائق، للزيلعي<br />
)216/1(، أحكام القرآن، للجصاص )255/2(، واجملموع، للنووي )158/4(، واحمللى، البن حزم )20-19/5(، وجمموع فتاوى<br />
شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )108/24(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )213/1( ومواهب اجلليل للحطاب )487/2(، واملفيد <strong>يف</strong><br />
تقريب أحكام املسافر، البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي، ص72، وتقدمت ترمجة الثوري ص<br />
واألوزاعي ص 78<br />
. 158<br />
) 1044 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، البن العريب )488/1(، بداية اجملتهد، البن رشد )238/1(، وحاشية الدسوقي )359/1(، عقد اجلواهر<br />
الثمينة، البن شاس )213/1(، واجملموع للنووي )157/4(، هناية احملتاج، للرملي )265-264/2(، والوسيط، للغزايل )865/2(،<br />
واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين، البن قدامة )115/3(، وكشاف القناع للبهويت<br />
،)598/1( واإلقناع، للحجاوي =)274/1( =<br />
وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت، البن عثيمني، ترتيب خالد أبو صاحل، ص )69-63(.<br />
( 1045 ) ص ( 284 .)<br />
) 1046 (<br />
وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )316/2-1(، وفتاوى<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد بن عبدالرب )429/5( وبداية اجملتهد، البن رشد )238/1( واجملموع، للنووي )158/4(،<br />
واملغين، البن قدامة )115/3(، وتقدمت ترمجة عطاء ص<br />
. 22<br />
) 1047 (<br />
) 1048 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.184<br />
.43
ولم ينقل عنه شيء من ذلك مع علمه بأن السفر منه ما يكون حراماً فلو اختص الحكم بسفر الطاعة لكان بيان ذلك من<br />
الواجبات ولو بين لنقلته األمة. )1049(<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئاً"<br />
)1050(<br />
وزيادة قيد أال يكون عاصياً نسخ وهذا ممنوع فإن خبر اآلحاد ال ينسخ القرآن القطعي الثبوت. )1051(<br />
<br />
<br />
-2<br />
أن الشارع الحكيم علق أحكاماً بالسفر كما في اآليتين السابقتين وكما في قوله:<br />
<br />
<br />
)1052( <br />
<br />
<br />
-3<br />
-4<br />
وكما في قوله -في المسح على الخفين- ))للمسافر ثالثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة(( )1053(<br />
ولم يذكر في شيء من النصوص تقييد ذلك بنوع من السفر، فك<strong>يف</strong> يجوز أن يكون الحكم معلقاً بأحد نوعي السفر وال يبين<br />
هللا ورسوله ذلك؟! فدل على شمول ذلك للنوعين معاً. )1054(<br />
فيقاس المسافر العاصي على المطيع بجامع السفر في كل منهما كما ذكر ابن قدامة. )1055(<br />
أن نفس السفر ليس بمعصية وهو سبب الرخصة وقد وجد وليست المعصية هي عين السفر وإنما هو عبارة عن خروج مديد<br />
وليس في ذلك شيء من المعصية، وإنما تكون فيما بعده أو يجاوره، فصلح من ذاته متعلقاً للرخصة إلمكان االنفكاك عما<br />
بعده أو ما يحاوره كما إذا غصب خفاً ولبسه جاز أن يمسح عليه ألن الموجب ستر قدميه وال محظور فيه وإنما المحظور<br />
في مجاوره وهو صفة كونه مغصوباً)1056(<br />
"فالقبيح المجاور ال يعدم المشروعية بخالف القبيح لعينه وضعاً كالكفر أو شرعاً كبيع الحر فإنه يعدم المشروعية" )1057(<br />
وهو خاص بالقصر: أن كل صالة جاز االقتصار فيها على ركعتين استوى في فعلها العاصي والطائع كالجمعة<br />
والصبح. )1058(<br />
-5<br />
-6<br />
وألنه لو أنشأ سفر طاعة ثم حوله معصية لسعية بالفساد لجاز له الترخص فكذلك إذا أنشأه عاصياً ابتداءاً)1059(<br />
القياس على التيمم فإذا جاز للعاصي في سفره إجماعاً أن يترخص بذلك ولم تمنعه المعصية منه فكذا ال تمنعه من سائر<br />
الرخص. )1060(<br />
واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي :<br />
) 1049 (<br />
) 1050 (<br />
) 1051 (<br />
) 1052 (<br />
) 1053 (<br />
) 1054 (<br />
ينظر: بدائع الصنائع، الكاساين )161/1( وتبيني احلقائق، للزيلعي )217-216/1(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية<br />
)109/24(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )276/27(.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )109/24(.<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )255/2(، والعناية، للبابريت )47/2(.<br />
سورة النساء، اآلية<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.101<br />
.) 253<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )110/24(.<br />
( 1055 ) <strong>يف</strong> املغين )115/3(، وسبق ترمجته ص<br />
. 106<br />
) 1056 (<br />
ينظر: العناية، للبابريت )47/2(، والبحر الرائق، البن جنيم )150/2(، وبدائع الصنائع، للكاساين )161/1(، وتبيني احلقائق،<br />
للزيلعي )217-216/1(.<br />
) 1057 (<br />
) 1058 (<br />
) 1059 (<br />
) 1060 (<br />
املوسوعة الفقهية الكويتية )34/25(، وهو <strong>يف</strong> البحر الرائق )150/2( بنحو ذلك.<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )387/2(.<br />
املصدر السابق .<br />
املصدر السابق، واحمللى، البن حزم )16/5(.
-1 قوله سبحانه: <br />
)1061( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فخص المضطر بإباحة هذه المحرمات ووصفه بكونه غير باغ وال عاد والباغي هو من بغى على اإلمام وجاز قتاله<br />
قال ابن عباس: "غير باغ على المسلمين مفارق<br />
والعادي من اعتدى على المسلمين من المحاربين وقطاع الطريق )1062(<br />
لجماعتهم يخ<strong>يف</strong> السبيل وال عاد عليهم" )1063(<br />
فإذا حرم عليهم الترخص بأكل الميتة عند االضطرار لعصيانهم فسائر الرخص من باب أولى )1064(<br />
.<br />
-2<br />
وقال في اآلية األخرى: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
)1065( <br />
-3<br />
-4<br />
فالمراد غير مرتكب للمعصية، فوجب أن يكون العاصي المضطر كالطائع غير المضطر في تحريم أكل الميتة عليه<br />
لعموم اآلية فال رخصة لعاص في سفره )1066(<br />
أن ترخص العاصي بسفره معين له على المعصية والرخص إنما شرعت لإلعانة على تحصيل المقصد المباح توصالً إلى<br />
المصلحة، فلو شرعت للعاصي بسفره لكان ذلك إعانة له على المحرم تحصيالً للمفسدة والشرع منزه عن ذلك. )1067(<br />
فال يستبيح العاصي بسفره شيئاً من رخص السفر، ولو<br />
ومن هنا قرر الفقهاء قاعدة: )الرخص ال تناط بالمعاصي( )1068(<br />
أوشك على الهالك ألنه قادر على استباحته بالتوبة، وقال في األشباه والنظائر: "معنى قولنا الرخص ال تناط بالمعاصي<br />
أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء نظر في ذلك الشيء فإن كان تعاطيه في نفسه حراماً، امتنع معه فعل<br />
الرخصة، وإال فال، وبهذا يظهر الفرق بين المعصية بالسفر والمعصية فيه، فالعاصي بسفره السفر نفسه معصية<br />
والرخصة منوطة به مع دوامه ومترتبة عليه ترتب المسبب على السبب فال يباح، أما العاصي في سفره فالسفر ذاته مباح<br />
ليس معصية وال هو آثم به وإنما فعل معصية أثناءه فتباح فيه الرخص إلناطتها بالسفر وهو في نفسه مباح". )1069(<br />
أن النصوص الواردة في الترخص بالسفر، تناولت سفر الصحابة وهو مباح فال يثبت الحكم فيما خالف ذلك من األسفار، ويتعين حملها<br />
على ذلك جميعاً بين النصين. )1070(<br />
واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />
) 1061 (<br />
) 1062 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.173<br />
) 1063 (<br />
) 1064 (<br />
) 1065 (<br />
) 1066 (<br />
) 1067 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )128/1(، وللقرطيب )231/1(، وأحكام القرآن البن العريب )57/1(، وفتح القدير، للشوكاين<br />
)315/1(، تفسري ابن كثري )255/1( وأضواء البيان، للشنقيطي )105/1( ، تيسري الكرمي الرمحن، البن سعدي )206/1(، واملغين<br />
البن قدامة )115/3(.<br />
املصادر السابقة .<br />
املصادر السابقة.<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
.3<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )38/2(.<br />
ينظر: الذخرية للقرا<strong>يف</strong> )2<br />
367 /<br />
(، مغين احملتاج، للشربيين )268/1( والوسيط، للغزايل حتقيق القره داغي )865/2(، وروضة<br />
الطالبني، للنووي )388/1( وحتفة احملتاج، للهيثمي )388-387/2(، واجملموع، للنووي )157/4(، واحلاوي للماوردي )388/2(<br />
واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين، البن قدامة )116/3(، وجمموع فتاوى ابن تيمية<br />
.)112/24(<br />
) 1068 (<br />
ينظر: األشباه والنظائر للسيوطي )138(، املنثور <strong>يف</strong> القواعد، للزركشي )371/1( وموسوعة القواعد الفقهية، مجع حممد صدقي<br />
البورنو )61/2(.<br />
) 1069 (<br />
) 1070 (<br />
األشباه والنظائر، للسيوطي )140(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامه )116/3(.
-1<br />
-2<br />
أن الواجب ال يترك إال بواجب. )1071(<br />
أنه <br />
إنما قصر في سفر واجب أو مندوب، فاختص به. )1072(<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
نوقشت أدلة القول األول على النحو اآلتي:<br />
أوالً: ما ذكروه من األدلة عام مخصوص باألدلة التي أوردها المخالفون والدالة على تحريم استباحة العاصي بسفره لرخص<br />
السفر والخاص مقدم على العام. )1073(<br />
وأجيب عن ذلك بالمنع لعدم صالحيتها للتخصيص كما سيأتي عند مناقشتها )1074(<br />
ثانياً: أن تلك األدلة مطلقة تقيدها النصوص األخرى في النهي عن التعاون على اإلثم والعدوان وليس في ذلك نسخ للقرآن بخبر<br />
اآلحاد )1075(<br />
ثالثاً: قولهم: بأن نفس السفر ليس بمعصية يجاب عنه من وجهين :<br />
أحدهما: المنع فإن سبب هذه الرخص حقيقة هو السفر ال غير وهو في نفسه معصية يعاقب عليها فال يجوز أن يكون<br />
جالباً للتخف<strong>يف</strong> والترخص؛ ألنه تخف<strong>يف</strong> من هللا لعباده لما يلحقهم من المشقة معونة لهم على سفرهم<br />
والعاصي ال يستحق المعونة.<br />
، وهللا تعالى يقول: <br />
ثانيهما: أن الوسائل لها أحكام المقاصد والسفر وسيلة للمعصية فيأخذ حكمها )1076(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1077( <br />
أي نكتب نقل خطاهم للطاعة أو ضدها، فكما أن نقل األقدام للطاعة تابع لها فكذلك نقلها للمعصية<br />
تابع لها ومعصية مثلها. )1078(<br />
وأجيب بأن هللا عز وجل أطلق في اآليات إباحة الترخص في كل سفر كما في قوله: <br />
<br />
)1079(<br />
وال يخفى عليه سبحانه أن منهم من<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
) 1071 (<br />
) 1072 (<br />
) 1073 (<br />
) 1074 (<br />
املصدر السابق .<br />
املصدر السابق .<br />
ينظر: تفسري الفخر الرازي )27/3(.<br />
293 <strong>يف</strong> ص (<br />
) 1075 (<br />
) 1076 (<br />
) 1077 (<br />
) 1078 (<br />
(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )268/4(: "والعجب كل العجب من املالكيني الذين أتو إىل عموم هللا تعاىل للسفر<br />
وعموم رسوله للسفر –وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِّ يًّا- فخصوه آبرائهم ومل يرد قصر الصالة <strong>يف</strong> سفر املعصية.<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة من العلماء، قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر، حملمد شبري، ص109، وأحكام <strong>السياحة</strong>، هاشم انقور،<br />
ص63، بتصرف.<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )389/2(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )267/4(: "احتج من خص بعض األسفار بذلك أبن سفر املعصية<br />
حمرم فال حكم له؟ فقلنا: أما حمرم فنعم، هو حمرم ولكنه سفر فله حكم السفر، وأنتم تقولون: إنه حمرم مث جتعلون فيه التيمم عند عدم املاء<br />
وجتيزون الصالة فيه وتروهنا فرضاً فأي فرق بني ما أجزم من الصالة والتيمم هلا وبني ما منعتم من أتديتها ركعتني كما فرض هللا <strong>يف</strong> السفر؟<br />
وال سبيل إىل فرق؟" ا.ه .<br />
سورة يس، اآلية<br />
.12<br />
) 1079 (<br />
ينظر: تفسري ابن كثري )693/3(، وابن سعدي حتقيق اللوحيق )693(، وشرح القواعد السعدية، للزامل، ص )39( وأحكام<br />
<strong>السياحة</strong>، هاشم انقور ص64، بتصرف.<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.101
يكون عاصياً بسفره فلو كان ممنوعاً من الترخص الستثناه من ذلك وبينه لشدة الحاجة وعموم البلوى وال يجوز<br />
تأخير البيان عن وقت الحاجة. )1080(<br />
رابعاً: قياس المسافر العاصي على المطيع باطل ألنه مع الفارق فالمعصية تضاد الطاعة. )1081(<br />
خامساً: القياس على الجمعة والصبح باطل، ألن االقتصار فيهما على ركعتين ال تعلم علته والعبادات ال تعلل، وألن ذلك ال<br />
يختص بسبب من جهة المصلي فال يحصل الفرق فيهما بين المطيع والعاصي بخالف القصر في السفر فإنه يختص<br />
بسبب حادث من جهة المصلي وهو السفر فال بد فيه من التفريق بين العاصي والمطيع. )1082(<br />
سادساً: قياس جواز الترخص في سفر المعصية على من أنشأ سفراً مباحاً ثم جعله معصية فكما لم تمنع من الترخص هنا فكذلك<br />
هناك يجاب عنه بأن المقيس عليه محل خالف بين الفقهاء فمنهم من يمنع من ترخصه كمن أنشأ سفر معصية.<br />
وعلى القول بجواز الترخص ولمن أنشأ سفراً مباحاً ثم جعله معصية فإنه ال يصح القياس عليه وال تخريج ما نحن فيه<br />
على هذا ألن الجالب للترخص في هذه المسألة أصالً هو إحداث السفر وإحداثه لم يكن معصية أما في مسألتنا هذه فإن<br />
إحداثه معصية فافترقا. )1083(<br />
سابعاً: وال يصح القياس على التيمم للفارق فالتيمم عزيمة ال خيار للمكلف في فعله أو تركه ويعصى بتركه أما القصر وسائر الرخص فهي<br />
جائزة له فيها الخيار وال يعصي بتركها.<br />
فالتيمم ليس من رخص السفر، وليس سببه السفر وإال الختص به وإنما سببه فقد الماء، لكن لما كان السفر مظنة لفقد الماء كان كأنه<br />
سبب له فوجبت اإلعادة لذلك. )1084(<br />
ونوقشت أدلة القول الثاني بما يلي :<br />
أوالً: ما ذكروه في تفسير الباغي والعادي هو أحد األقوال في ذلك وأكثر المفسرين على خالفه وهو أن الباغي الذي يبغي المحرم من<br />
الطعام مع قدرته على الحالل، والعادي من يتعدى القدر الذي يحتاجه، ورجح هذا التفسير ابن جرير وشيخ <strong>اإلسالم</strong> وغيرهم )1085(<br />
وقالوا إذا احتملت اآلية المعنيين فال يجوز تخصيص عموم قوله سبحانه: <br />
)1086( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-1<br />
وحمل البغي والتعدي على كونه في األكل استعمال للفظ على عمومه وحقيقته فيما أريد به وورد فيه فكان ذلك أولى. )1087(<br />
وأجيب عن ذلك من وجهين: أحدهما :<br />
أن انتفاء البغي والعدوان عام يدخل فيه كل أمر ومن ذلك سفر المعصية وتخصيصه باألكل خالف األصل. )1088(<br />
وذكر ابن العربي بأن الخالف في ذلك ينتخب في قولين هما: )1089(<br />
أن الباغي هو الطالب لخير كان أو لشر إال أنه خص هنا بطالب الشر والخارج على اإلمام داخل في ذلك وهو المراد بقوله سبحانه:<br />
<br />
) 1080 (<br />
) 1081 (<br />
) 1082 (<br />
) 1083 (<br />
) 1084 (<br />
) 1085 (<br />
السبيل.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )109/24(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )116/3(.<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )389/2(.<br />
املصدر السابق.<br />
والعادي هو المجاوز ما يجوز إلى<br />
املصدر السابق، وحاشية اجلمل )601/1(، وقصر الصالة، لشبري، ص)110(، بتصرف.<br />
ما ال يجوز، وخص هنا بقاطع<br />
ينظر: تفسري ابن جرير الطربي )88/2( وفتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع ابن قاسم )111/24(، واملصادر السابقة <strong>يف</strong> هامش (<br />
) 1<br />
ص ( 286<br />
) 1086 (<br />
) 1087 (<br />
سورة األنعام، اآلية<br />
(، والسفر، للربيش ، ص12، بتصرف.<br />
.119<br />
) 1088 (<br />
) 1089 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )128/1(، وقال ابن جربين <strong>يف</strong> املفيد، ص)73( "نقول <strong>يف</strong> اإلجابة عن ذلك: أبنه حممول على من<br />
أنشأ السفر ألجل البغي والعدوان فهذا سفر معصية ال تباح له بسببها امليتة ألنه يستعني هبا على أكل احلرام وقطع الطريق"<br />
ينظر: تفسري الرازي (<br />
. ) 12 / 3<br />
ذكرمها <strong>يف</strong> أحكام القرآن )57/1(، بتصرف، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 26
-2<br />
أن الباغي آكل الميتة فوق الحاجة والعادي آكلها مع وجود غيرها ثم جمع بين القولين فقال: "وتحقيق القول في ذلك أن<br />
العادي باغ، فلما أفرد هللا تعالى كل واحد منهما بالذكر تعين له معنى غير معنى اآلخر، لئال يكون تكراراً يخرج عن<br />
الفصاحة الواجبة للقرآن واألصح والحالة هذه أن معناه غير طالب شراً وال متجاوز حداً، فأما قوله: غير طالب شراً،<br />
فيدخل تحته كل خارج على اإلمام وقاطع للطريق وما في معناه وأما غير متجاوز حداً فمعناه غير متجاوز حد<br />
الضرورة إلى حد االختيار" )1090(<br />
وناقش شيخ <strong>اإلسالم</strong> ذلك بقوله: "الضرورة ال تختص بسفر ولو كانت في سفر فليس السفر المحرم مختصاً بقطع الطريق والخروج<br />
على اإلمام ولم يكن على عهد النبي إمام يخرج عليه، وال من شرط الخارج أن يكون مسافراً ... فك<strong>يف</strong> يجوز أن تفسر اآلية بما<br />
ال يختص بالسفر وليس فيها كل سفر محرم؟ فالمذكور في اآلية لو كان كما قيل لم يكن مطابقاً للسفر المحرم، فإنه قد يكون بال سفر<br />
وقد يكون السفر الحرام<br />
والوجه الثاني: أن حمل اآلية على عدم المعصية أقرب من حملها على الزيادة على سد الرمق ألن من وصل إلى سد الرمق أصبح<br />
بدونه". )1091(<br />
غير مضطر فال يجوز له األكل من الميتة وإذا أكل كان عاصياً فكان المراد بها عدم المعصية. )1092(<br />
ثانياً: أن من عصى وبغى واعتدى في سفر طاعة فإن ذلك البغي والعدوان والعصيان ليس مانعاً له –باالتفاق- من الترخص بأكل<br />
الميتة عند الضرورة فدل ذلك على أن اآلية ال يراد بها انتفاء البغي والعدوان من كل وجه. )1093(<br />
وأجيب عن ذلك بالتفريق بين العاصي في سفره والعاصي بسفره فاألول يترخص باالتفاق وال أثر لوجود وصف العدوان والعصيان<br />
ألن الرخص تترتب على السفر ترتب المسبب على السبب فإذا كان السفر نفسه معصية امتنع الترخص لذلك وإال فال لكون السفر<br />
، والرخصة إعانة على السفر فال يكون في الترخص إعانة على المعصية إذا لم يكن السفر نفسه<br />
ذاته مباح كما تقدم )1094(<br />
معصية. )1095(<br />
ونوقش ذلك: بأن الترخص في سفر المعصية ليس فيه إعانة عليها، ألن المسافر مأمور بالصالة ركعتين كما أنه مأمور بالصالة<br />
بالتيمم عند فقد الماء في السفر المحرم وما زاد على الركعتين ليست طاعة وال مأموراً بها أحد من المسافرين وإذا فعلها المسافر كان<br />
قد فعل منهياً عنه، فصار صالة الركعتين قبل أن يصلي المسافر الجمعة خلف مستوطن فهل يصليها وإن كان عاصياً بسفره وإن كان<br />
إذا صلى وحده صلى أربعاً؟ )1096(<br />
<br />
<br />
ثالثاً: أن منع العاصي بسفره من الترخص حتى لو اضطر إلى أكل الميتة يودي به إلى الهالك وهللا تعالى يقول: <br />
)1097( <br />
وال خالف في أن امتناعه عن األكل إذا أوشك على الهالك زيادة في العصيان، فتحريم األكل عليه تناقض،<br />
<br />
فدل على تساويه مع المطيع في استباحة الرخص. )1098(<br />
وأجيب عن ذلك :<br />
بأنه ال تعارض وال تناقض بين منعه من الترخص ولو أوشك على الهالك وبين وجوب حفظ نفسه عند ذلك باألكل، ألنه قادر على<br />
استباحته بالتوبة. كما أن المحدث إذا دخل وقت الصالة يخاطب بها وجوباً مع تحريم الصالة عليه قبل الطهارة وال تعارض ألنه قادر<br />
على أدائها بطهارة. )1099(<br />
) 1090 (<br />
) 1091 (<br />
) 1092 (<br />
) 1093 (<br />
املصدر السابق.<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )111/24(.<br />
ينظر: احلاوي، للماوردي )388/2(.<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )128/1(.<br />
( 1094 ) ص ( 284 – 288 – 291 .)<br />
) 1095 (<br />
) 1096 (<br />
) 1097 (<br />
) 1098 (<br />
) 1099 (<br />
ينظر: تفسري الفخر الرازي )21/3( و )16/6(، وحاشية الصاوي على الشرح الصغري )478/1(، وحاشية البجريمي )164/2(.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )112/24(.<br />
سورة النساء، اآلية<br />
.29<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )128/1(.<br />
ينظر: الوسيط، للغزايل، حتقيق القره داغي )865/2(، وروضة الطالبني، للنووي )388/1(، واجملموع، للنووي )158/4(، واحلاوي،<br />
للماوردي )360/2( مغين احملتاج، للشربيين )268/1(، واألشباه والنظائر، للسيوطي، ص)139(.
رابعاً: أن نفي الترخص عن العاصي باطل قطعاً باالتفاق فإنهم رخصوا للمقيم العاصي اإلفطار في رمضان عند مرضه، ورخصوا<br />
له في السفر التيمم عند عدم الماء، ورخصوا له في اإلقامة بالمسح يوماً وليلة، واألدلة ليس فيها ما <strong>يف</strong>رق بين مطيع وعاصي فبطل<br />
ذلك. )1100(<br />
وأجيب عنه بما ذكر آنفاً من أن معنى ال تناط الرخص بالمعاصي أن فعلها متى توقف على وجود شيء نظر فيه فإن كان تعاطيه في<br />
نفسه حراماً امتنع فعل الرخصة معه وإال فال. )1101(<br />
وإنما رخص للمقيم العاصي ألن اإلقامة كف والمعصية فعل يوقعه فيها بخالف السفر فهو في نفسه معصية حيث أنه فعل وحركة<br />
يتوصل بها إلى المعاصي فإذا كان كذلك فال تستباح به الرخص. )1102(<br />
وأما ترخصه بالتيمم في سفره وهو عاص به فذاك لكونه عزيمة ففارق بقية الرخص. )1103(<br />
خامساً: ادعاء كون النصوص وردت في الصحابة وقد كانت أسفارهم مباحة فتحمل عليها يجاب عنه بأن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص<br />
السبب. فتبقى على عمومها وإطالقها. )1104(<br />
وأجيب عن ذلك بإمكان تخصيصها بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة الدالة على عدم تعلق الرخص بالمعاصي وتحريم التعاون<br />
على اإلثم والعدوان. )1105(<br />
سادساً: القول بأن الرخص شرعت لإلعانة على تحصيل المقصد المباح يجاب عنه بالمنع فإن الشخص لو جرح نفسه فعجز عن<br />
القيام صلى قاعداً والجرح معصية والحامل إذا ضربت بطنها وأسقطت جنينها سقطت عنها الصالة مدة النفاس والضرب<br />
معصية. )1106(<br />
وأجيب عن ذلك بأن جواز القعود في الصالة متعلق بالعجز عن القيام وهو في ذاته غير معصية وإنما تولد عن معصية وكذا الصالة<br />
إنما سقطت عن الحامل لوجود النفاس وهو في ذاته غير معصية وإنما تولد عن معصية وهذان يختلفان عن سفر المعصية ألنه في<br />
ذاته معصية ألن حركات المسافر معاقب عليها فلم يجز أن تجلب التخف<strong>يف</strong> والترخص. )1107(<br />
ونوقشت أدلة القول الثالث:<br />
فالنبي صلى في كل أسفاره ركعتين ولم ينقل عنه أنه خص سفراً من<br />
بأنه يرد عليها ما تقدم ذكره في مناقشة القول الثاني )1108(<br />
سفر مع علمه بأن السفر منه ما هو محرم ومباح فلو كان ذلك مختصاً بنوع منه لكان بيانه من الواجبات ولو بين لنقل، وقد كان<br />
الصحابة ومن بعدهم من سلف األمة إلى يومنا هذا يترخصون في أسفارهم وليست كلها واجبة أو مندوبة. )1109(<br />
الترجيح :<br />
تبين مما تقدم قوة أدلة القول األول والثاني وضعف أدلة القول الثالث في مواجهتها، والذي يظهر –والعلم عند هللا- هو رجحان القول<br />
األول لموافقة أدلتهم للقواعد الشرعية في حمل النصوص عند عدم المخصص والمقيد على العموم واإلطالق ، وألن بيان مثل هذا<br />
منع العاصي من الترخص- من أهم المهمات لشدة الحاجة إليه وعموم البلوى والسكوت في معرض الحاجة بيان وقد رجح أكثر<br />
المفسرين حمل الباغي والعادي على كونه في األكل وهو المناسب لسياق اآلية ولو كان األمر كذلك في السفر لنص عليه في آيات<br />
الرخص األخرى فكانت هذه من القرائن التي تؤيد العمل على هذا المعنى.<br />
واستعانة العاصي بسفره على معصيته بالرخص ال يقتضي كونها شرعت معينة على المعصية، ألن هذا حكم عام واألصل في كل<br />
مسافر من المسلمين أن يكون سفره في طاعة هللا ومن يخالف ذلك فهو شاذ ال حكم له كما أن العاصي قد يستعين بالتيمم على ذلك ولم<br />
يمنع منه وال فرق بينه وبين غيره من الرخص على الصحيح،<br />
فهذه رخص تفضل بها هللا تعالى ولم يخص بها المطيع من عباده دون العصاة وذاك لعظيم كرمه وسعة رحمته وإمهاله لعباده فال<br />
نضيق واسعاً على أنه قد يترجح في بعض األحوال واألزمنة القول بالمنع من الترخص بسفر المعصية من باب السياسة الشرعية<br />
لتحصيل المصالح ودرء المفاسد كما هو الحال في سفر كثير من المسلمين للسياحة في بالد الكفر وارتكاب المعاصي بذلك.<br />
فتكون الفتيا في مثل ذلك بحسب األحوال واألشخاص نظراً لقوة الخالف في المسألة ووجاهة األدلة من الفريقين، فإذا انضم إلى<br />
أحدهما ما يعضده مما يدخل في السياسة الشرعية ويتحقق به خير األمة وصالحها كان أقوى.<br />
–<br />
) 1100 (<br />
) 1101 (<br />
) 1102 (<br />
) 1103 (<br />
) 1104 (<br />
) 1105 (<br />
) 1106 (<br />
) 1107 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )256/2(.<br />
تقدم ص)<br />
.) 291<br />
ينظر: األشباه والنظائر، للسيوطي )140(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة، )116/3(. وكون التيمم عزمية أو رخصة مسألة خالفية.<br />
ينظر: مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن، جملموعة علماء، قصر الصالة، لشبري، ص108، بتصرف.<br />
املصدر السابق، بتصرف.<br />
ينظر: احلاوي ، للماوردي )389/2(.<br />
املصدر السابق ، بتصرف..<br />
( 1108 ) ص ( 293 .)<br />
) 1109 (<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )109/24(.
:<br />
-1<br />
-2<br />
والترفيه والفرجة ولم يتضمن ما يخرجه عن حيز اإلباحة فهل له أن يترخص فيه أم ال؟<br />
وإذا كان السفر للسياحة بغرض النزهة )1110(<br />
ال؟ خالف بين أهل العلم في ذلك على قولين:<br />
األول: أنه يترخص في سفر النزهة والفرجة وهو أحد الوجهين عند الشافعية ورواية عند الحنابلة واختاره ابن قدامة وشيخ <strong>اإلسالم</strong><br />
ابن تيمية وكثير من المعاصرين كابن باز وابن عثيمين وبه أفتت اللجنة الدائمة )1111(<br />
الثاني: أنه ال يترخص في سفر النزهة إذا كانت هي الحامل له على السفر بمجردها وهذا قول الجمهور من المالكية والشافعية<br />
والحنابلة. )1112(<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول بما يأتي<br />
أن هذا سفر مباح فيدخل في عموم النصوص الواردة في الترخص، ولم يرد ما يخرجه منها. )1113(<br />
القياس على سفر التجارة بجامع اإلباحة في كل منهما وكالهما غرض صحيح. )1114(<br />
واستدل أصحاب القول الثاني :<br />
بأن النزهة بمجردها ليست غرضاً صحيحاً وإنما هي لهو بال مصلحة وال حاجة )1115( ، قال أحمد: "إذا خرج الرجل إلى بعض البلدان<br />
تنزهاً وتلذذاً، وليس في طلب حديث وال حج وال عمرة وال تجارة فإنه ال يقصر الصالة ألنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة<br />
وال مصلحة في هذا". )1116(<br />
المناقشة والترجيح :<br />
"إذ هو إزالة الكدورة النفسية برؤية مستحسن<br />
يجاب عن تعليل أصحاب القول الثاني بالمنع فالتنزه غرض صحيح مقصود )1117(<br />
من الكالم على حاجة الناس إلى <strong>السياحة</strong><br />
وفيه إزالة لهموم الدنيا، واألصل فيه اإلباحة وما تقدم ذكره )1119(<br />
يشغلها عنها" )1118(<br />
) 1110 (<br />
) 1111 (<br />
) 1112 (<br />
) 1113 (<br />
) 1114 (<br />
) 1115 (<br />
) 1116 (<br />
النزهة اسم من التنزه وهو التباعد ومكان نَزِّهٌ ونَزِّيْهٌ وأرض نَزِّهَةٌ وَنَزِّيهَةٌ بعيدة عن الر<strong>يف</strong> وعمق املياه ومن البحار وفساد اهلوى وتنزه<br />
الرجل: تباعد عن كل مكروه فهو نزيه، وقيل أبن استعمال التنزه <strong>يف</strong> اخلروج للبساتني واخلضر والرايض غلط قبيح، واألقرب أن يقال أبنه<br />
استعمال جمازي لعالقة اللزوم فإنه يلزم من اخلروج للبساتني البعد عن الر<strong>يف</strong> والقرى ومن البحار، وفيه انبساط للنفس وإزالة للهموم<br />
واملنغصات ، ينظر: حاشية اجلمل )597/1(، وغمز عيون البصائر، للحموي )72/1( وذكر ابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )485/1(<br />
أبن من مقاصد السفر: خوف املرض <strong>يف</strong> البالد الومخة واخلروج منها إىل األرض النزهة وقد أذن النيب للرعاة حني استومخوا املدينة أن<br />
يتنزهوا إىل املسرح فيكونوا فيه حىت يصحوا، وهذا استعمال جمازي و<strong>يف</strong> هذا إشارة لغرض أغراض <strong>السياحة</strong> وهو االستشفاء وسيأيت بيانه<br />
حبول هللا وقوته.<br />
وهو ظاهر كالم اخلرقي ،ينظر: مواهب اجلليل ، للحطاب، )486/2( وأحكام القرآن، البن العريب، )487/1(، وحتفة احملتاج، البن<br />
حجر اهليثمي )431/7(، وهناية احملتاج، للرملي )164-163/6(، وشرح البهجة ، لألنصاري )78/4(، والوسيط، للغزايل<br />
)865/2(، واجملموع، للنووي )158/4( واإلقناع، للحجاوي )275/1( ، وكشاف القناع، للبهويت )601-598/1(، واملغين، البن<br />
قدامة )117/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )42/5(، وجمموع فتاوى ابن تيمية، مجع ابن قاسم )108/24(، وفتاوى <strong>يف</strong><br />
أحكام قصر ومع الصالة، البن َبز، ص)40-46(، وجمموع فتاوى ابن َبز، للطيار وأمحد بن َبز، )470/2(، وفتاوى اللجنة الدائمة<br />
للبحوث العلمية واالفتاء ، مجع الدويش )96-91/8(، حيث جاء فيها: "إذا كانت املسافة مسافة قصر جاز الفطر والقصر واجلمع<br />
ولو كان السفر للسياحة لعموم األدلة" وينظر: فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت، البن عثيمني، ص )64-63( واملفيد، البن<br />
جربين ، ص)50(.<br />
ينظر: املدونة، لإلمام مالك )207/1 وما بعدها(، والتاج واإلكليل، للمواق )488-487/2(، وحاشية الصاوي )478/1(<br />
والوسيط، للغزايل )865/2( واجملموع، للنووي )158/4(، وهناية احملتاج، للرملي )164-163/6(، وشرح البهجة، لألنصاري<br />
)78/4(، حتفة احملتاج، البن حجر اهليثمي )431/7( ، حاشية البجريمي )313/3(، واملغين، البن قدامة )117/3(، واإلقناع،<br />
للحجاوي )275/1(، والفروع، البن مفلح )83/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، )42/5(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامه )117/3(، بتصرف، واملصادر السابقة.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: املصادر السابقة، وهناية احملتاج، للرملي )137/6(.<br />
املغين، البن قدامة )117/3(.
الترفيهية وتأصيل ذلك شرعاً يؤيد هذا ويدعمه ثم إن المانعين أجازوا الترخص لمن كان في سفر نزهة إذا لم تكن النزهة حاملة على<br />
أصل السفر بل الحامل عليه عليه غيره كالتجارة مثالً أو التنزه إلزالة مرض ونحوه أو كانت حاملة على العدول إلى سفر طويل ال<br />
على أصل السفر فإنه يترخص عندئذ )1120(<br />
وإنما قصروا المنع على ما لو كانت النزهة هي الحاملة على أصل السفر ويظهر من كالمهم أنهم قاسوا سفر النزهة على سفر الهائم<br />
في كونه اتعاب للنفس والدابة بال غرض صحيح وهذا حرام فيكون معصية من هذا الجانب لإلسراف وإضاعة الوقت وهما محرمان.<br />
ويدل على هذا قوله في نهاية المحتاج: "قوله ولو سفر نزهة صريح في أن الهائم عاص بسفره" )1121(<br />
وفي الفروع: "في سفر النزهة قال أهل العلم: ال يحل أن يتعب دابته ونفسه بال غرض صحيح" )1122(<br />
لكنه قياس مع الفارق فالتنزه غرض صحيح مقصود كما تقدم واألصل فيه اإلباحة أما الهائم فال غرض له فكان إتعاباً لنفسه ولدابته<br />
بال مصلحة فحرم وقاس بعضهم سفر النزهة على السفر لمجرد رؤية البالد كما قال في المجموع: "مما يلحق بسفر المعصية أن<br />
يتعب نفسه ويعذب دابته بالركض لغير غرض.. وهو حرام ولو انتقل من بلد إلى بلد بال غرض صحيح لم يترخص قال الشيخ أبو محمد:<br />
السفر لمجرد رؤية البالد ليس بغرض صحيح فال يترخص له" )1123(<br />
وهذا مردود بأن السفر لمجرد رؤية البالد إما أن يكون بقصد النزهة فهو غرض صحيح مباح كما تقدم أو بقصد االعتبار واالتعاظ<br />
وهو غرض صحيح مشروع مندوب إليه كما تقدم في أول البحث )1124( ، فال دليل على كونه مانعاً من الترخص.<br />
وبهذا يترجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من المناقشة والجواب عن أدلة المخالفين ولما ترجح في المسألة السابقة )الترخص<br />
في سفر المعصية( )1125( ، ويؤيد هذا عموم األدلة وإطالقها وقواعد الشريعة في أن األصل في العادات اإلباحة حتى يرد دليل التحريم<br />
ويسر الشريعة وسماحتها كما في قوله سبحانه: <br />
<br />
وقوله: <br />
)1126(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1127(<br />
<br />
<br />
<br />
وإنما يحرم سفر النزهة أو يكره لما قد يشتمل عليه من منكرات أو فتن في المكان المقصود وحينئذ يكون سفر معصية. )1128(<br />
وكذا لو كان سفره لغير قصد لما في ذلك من إضاعة وقته وماله من غير فائدة وهو منهي عن ذلك ومسؤول عنه يوم القيامة. )1129(<br />
) 1117 (<br />
) 1118 (<br />
ينظر: حاشية اجلمل )598/1(.<br />
املصدر السابق.<br />
( 1119 ) ص ( 80 ) .<br />
) 1120 (<br />
) 1121 (<br />
ينظر: املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />
) 3 ص ( 299 ) .<br />
)159/6(، وحنوه <strong>يف</strong> حاشية البجريمي )164/2( وبني أبن وجه اإلحلاق أن الغرض الذي محله على السفر ليس معصية لكنه صريه<br />
معصية من حيث أتعاب الدابة <strong>يف</strong> السري بال غرض، وهذا ليس من املعصية <strong>يف</strong> السفر ألن السري نفسه حمرم اآلن فيلتحق َبلسفر الذي<br />
سببه معصية. وإذا انتفى أتعاب الدابة <strong>يف</strong> زماننا لتطور وسائل النقل وهي من اجلمادات فيبقى أن <strong>يف</strong> ذلك أتعاب لنفسه وتبذير ملاله<br />
وإضاعة لوقته من غري غرض صحيح.<br />
) 1122 (<br />
.)158/4( ) 1123 (<br />
)80/3-وما بعدها(.<br />
( 1124 ) ص ( 80 )<br />
وسيأيت مزيد تفصيل ص<br />
. 343<br />
( 1125 ) ص ( 298 ) .<br />
) 1126 (<br />
) 1127 (<br />
) 1128 (<br />
) 1129 (<br />
سورة<br />
احلج، اآلية،<br />
سورة البقرة، اآلية،<br />
. 78<br />
. 185<br />
فيجري فيه اخلالف املتقدم <strong>يف</strong> املسألة السابقة.<br />
ولعل بعض املانعني جعل سفر النزهة مقيساً على هذا فهو إتعاب للنفس والدابة بال فائدة وانتفى شرط القصد فيه وسفر النزهة كذلك ألن<br />
القصد غري املشروع كعدمه. قال <strong>يف</strong> اإلقناع: "ال قصر هلائم واتئه وسائح ال يقصد مكاانً معيناً و<strong>السياحة</strong> لغري موضع معني مكروهة و<strong>السياحة</strong><br />
املذكورة <strong>يف</strong> القرآن غري هذه" )275/1(، و<strong>يف</strong> املقنع واإلنصاف )42/5(: )أو سائحاً <strong>يف</strong> األرض ال يقصد مكاانً، مل يبح له القصر، ألنه سافر<br />
سفراً طويالً ولنا أنه مل يقصد مسافة القصر فلم يبح له كابتداء سفره وألنه سفر مل يبح القصر <strong>يف</strong> ابتدائه فلم يبح <strong>يف</strong> أثنائه"، وما ذكروه متجه بناء<br />
على اشرتاط القصد للرتخص كما تقدم لكن سفر النزهة ليس من هذا القبيل وال يصح قياسه على <strong>السياحة</strong> هبذا املعىن املرادف للتائه ألن سفر<br />
النزهة غرض مقصود صحيح وليس من املعصية <strong>يف</strong> ذاته فيصح الرتخص فيه خبالف ما ذكروه.
-1<br />
المسألة الثالثة: أنواع الرخص الشرعية في سفر <strong>السياحة</strong> :<br />
وسأقتصر في ذلك –بحول هللا تعالى- على تعدادها مع بيان أدلة مشروعية كل نوع منها دون الخوض في التفاصيل والمسائل<br />
والشروط المتعلقة بكل نوع لطول ذلك ولكونه أشبع بحثاً في كتب ورسائل منفصلة ومتخصصة بأحكام السفر، وهذه األنواع هي :<br />
وسيأتي بيان صفته في حديث<br />
التيمم للمسافر عند فقده للماء أو عجزه عن استعماله وهو من خصائص أمة محمد )1130( <br />
عمار وقد دل على مشروعيته الكتاب والسنة واإلجماع فمن الكتاب: قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
)1131( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
–<br />
فدلت على مشروعية التيمم للمسافر إذا فقد الماء وللمرض العاجز عن استعماله.<br />
ومن السنة :<br />
: ))أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من األنبياء قبلي وذكر منها وجعلت لي األرض مسجداً وطهوراً(( )1132(<br />
في سفر لرجل اعتزل فلم يصل معهم: ))ما منعك يا فالن أن تصلي مع القوم(( قال: أصابتني جنابة وال ماء ، قال: ))عليك<br />
بالصعيد فإنه يكفيك(( )1133(<br />
وقال عمار: "بعثني النبي في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي فذكرت ذلك له،<br />
فقال: ))إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه األرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه<br />
–<br />
قوله <br />
وقال <br />
ووجهه(( )1134(<br />
واألحاديث في هذا كثيرة، وهي متفقة في الداللة على مشروعية التيمم لفاقد الماء وأن ذلك من خصائص هذه األمة.<br />
وغيرهم.<br />
واإلجماع على مشروعيته حكاه ابن عبد البر والنووي وابن قدامة )1135(<br />
<br />
-2<br />
المسح على الخفين ثالثة أيام ولياليهن<br />
ودل على مشروعيته من الكتاب قوله تعالى: <br />
وأرجلكم والشاهد قوله: )1136( <br />
<br />
فقد<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
جاء فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عنه : إحداهما بالنصب فتكون عطفاً على وجوهكم وتكون الرجالن مغسولتان، والثانية<br />
وبينت السنة بأن الرجالن إذا كشفت غسلت وإذا سترت بالخفاف<br />
بالجر فيكون العطف على الرأس فتكون الرجالن ممسوحتان )1137(<br />
مسح عليهما في المدة المحددة )1138(<br />
( 1130 (كما دل<br />
) 1131 (<br />
) 1132 (<br />
) 1133 (<br />
)1134(<br />
على ذلك حديث جابر وسيأيت بيانه <strong>يف</strong> الصفحة التالية .<br />
سورة النساء اآلية )43(.<br />
متفق عليه من حديث جابر بن عبدهللا مرفوعاً، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة َبب جعلت يل األرض مسجداً وطهوراً، )37(،<br />
رقم )438(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساجد ومواضع الصالة . )759( رقم )521(.<br />
متفق عليه من حديث عمران بن حصني رضي هللا عنه، وقد أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التيمم، َبب الصعيد الطيب وضوء املسلم<br />
)29(، رقم )344( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساجد، َبب قضاء الصالة الفائتة )785(، رقم )682(.<br />
ص736<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التيمم َبب التيمم ضربة، ص30<br />
، رقم 347<br />
، رقم . 368<br />
( 1135 ) والقرطيب ،<br />
، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، َبب التيمم،<br />
ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب )582/3(، وأحكام القرآن، للقرطيب )237/3(، واجملموع،<br />
للنووي )165/2(، واملغين، البن قدامة )310/1(، واإلمجاع، البن املنذر ص 34-33، وتقدمت ترمجة النووي<br />
وابن قدامه<br />
25 وابن عبد الرب 37<br />
.106<br />
) 1136 (<br />
) 1137 (<br />
سورة املائدة ، اآلية<br />
.6<br />
) 1138 (<br />
ينظر: أحكام القرآن، للقرطيب )237/3(، والبن العريب )448/1(، واحملرر الوجيز، البن عطية )369/4(، وتفسري ابن جرير<br />
الطربي )126/6( وتفسري ابن كثري )34/2(، وزاد املسري، البن اجلوزي )301/2(، وأضواء البيان، للشنقيطي )15/2(.<br />
املصادر السابقة.
فعلى قراءة الجر يكون العطف على الرأس ويتعين المسح حال لبس الخفين ألنه لم ينقل عنه أنه مسح عليهما من غير حائل بل<br />
أنكر على من أبقى جزءاً من قدمه لم يصله الماء فقال: ))ويل لألعقاب من النار(( )1139(<br />
ومن السنة وردت أخبار كثيرة في ذلك حتى إن الحسن قال: "حدثني سبعون من أصحاب رسول هللا أن رسول هللا مسح على<br />
الخفين"، وقال شارح العقيدة الطحاوية: "تواترت السنة عن رسول هللا بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين، والرافضة تخالف<br />
، وقال أبو حن<strong>يف</strong>ة –رحمه هللا- "ما قلت بالمسح على الخفين حتى وردت فيه آثار أضوأ من الشمس" وقال:<br />
هذه السنة المتواترة" )1140(<br />
"من أنكر المسح على الخفين يخاف عليه الكفر". )1141(<br />
ومن تلك اآلثار :<br />
حديث المغيرة بن شعبة رضي هللا عنه حين قال: كنت مع النبي في سفر فأهويت ألنزع خفيه فقال: ))دعهما فإني أدخلتهما<br />
فمسح عليهما .<br />
ولما صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه قال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه. فقال: ))عمداً<br />
صنعته يا عمر(( )1143(<br />
وقال شريح بن هانئ: أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله، فإنه كان يسافر مع رسول هللا <br />
فسألناه فقال: "جعل رسول هللا ثالثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم" )1144(<br />
واآلثار في هذا من قوله وفعله تؤكد مشروعية هذا األمر .<br />
ومن اإلجماع ما حكاه ابن عبد البر: "ال أعلم أحداً من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين ممن ال يختلف عليه فيه إال<br />
عائشة". )1145(<br />
وقال في موضع آخر: "إال عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة فأما ابن عباس وأبو هريرة فقد جاء عنهما باألسانيد الصحاح خالف<br />
ذلك وموافقة لسائر الصحابة … وكذلك ال أعلم أحداً من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك إال مالكاً والروايات الصحاح عنه<br />
بخالف ذلك وموطأه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة" ، وقال ابن قدامة:<br />
"المسح جائز عند عامة أهل العلم" )1146(<br />
وورد أن جرير بن عبدهللا بال ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم قام فصلى فسئل؟ فقال: "رأيت النبي صنع مثل هذا" فكان أصحاب<br />
عبدهللا يعجبهم هذا الحديث ألن إسالم جرير كان بعد نزول المائدة" )1147(<br />
واآلثار عن النبي وأصحابه رضوان هللا عيهم تؤكد مشروعية المسح وأما ما ورد عن عائشة ففي حديث شريح السابق ما يدل<br />
على جهلها بذلك وليس من جهل شيئاً كمن علمه ولذا أحالت السائل إلى علي رضي هللا عنه وأما ما ورد عن ابن عباس وأبي هريرة<br />
رضي هللا عنهما فقد بين ابن عبد البر مخالفتهما له وموافقتهما لعامة الصحابة في ذلك، وليس الموقوف أقوى من المرفوع وأقوال الصحابة إذا<br />
تعارضت لم يبق فيها حجة مع عدم المرجح فتبقى الحجة في ما ورد مرفوعاً عنه وهو أعظم مرجح للقائلين بالمسح من الصحابة. )1148(<br />
طاهرتين(( )1142(<br />
-3<br />
قصر الصالة الرباعية ودل على مشروعيته للمسافر من الكتاب قوله سبحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1149( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
) 1139 (<br />
) 1140 (<br />
) 1141 (<br />
) 1142 (<br />
) 1143 (<br />
) 1144 (<br />
) 1145 (<br />
متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العلم، َبب من رفع صوته َبلعلم، )7(، رقم )60(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، َبب وجوب<br />
غسل الرجلني بكماهلما )721(، رقم )240(.<br />
شرح العقيدة الطحاوية، البن أيب العز، حتقيق الرتكي وشعيب األرانؤوط، ص)555-551(.<br />
تبني احلقائق ، للزيلعي )46/1(.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوضوء، َبب إذا أدخل رجليه طاهرتني )19( ، رقم )206(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، َبب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد )725( رقم )277(.<br />
سبق ترجيه وترمجة شريح، ص)<br />
.) 253<br />
االستذكار ، البن عبد الرب )226-213/1( وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب )257/3(،و حكاه ابن املنذر عن<br />
ابن املبارك قال: "ليس <strong>يف</strong> املسح على اخلفني اختالف إنه جائز"، ينظر: اإلمجاع البن املنذر )33( ونقله ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )359/1(<br />
، وتقدمت ترمجة ابن عبدالرب ص<br />
.25<br />
) 1146 (<br />
) 1147 (<br />
) 1148 (<br />
) 1149 (<br />
املغين، البن قدامة )359/1(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، َبب املسح على اخلفني، )724( رقم )272(.<br />
ينظر: االستذكار ، البن عبد الرب )213/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong>، هاشم انقور، ص79 وما بعدها، بتصرف.<br />
سورة النساء، اآلية )101(.
ومن السنة قول يعلى بن أمية لعمر بن الخطاب رضي هللا عنهما بعد ذكره لهذه اآلية، قال: قلت فقد أمن الناس؟ فقال عمر: عجبت<br />
مما عجبت منه فسألت رسول هللا عن<br />
ذلك فقال: ))صدقة تصدق هللا بها عليكم فاقبلوا صدقته(( )1150(<br />
وعن عائشة رضي هللا عنها قالت: "فرضت الصالة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صالة السفر وزيد في صالة<br />
الحضر" )1151(<br />
وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال: "فرض هللا الصالة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف<br />
ركعة" )1152(<br />
وعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال: "صحبت رسول هللا في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا، وصحبت أبا بكر فلم<br />
يزد على ركعتين حتى قبضه هللا وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى<br />
قبضه هللا، وقد قال هللا تعالى: <br />
اآلية )1153(<br />
<br />
<br />
<br />
، ولمسلم عنه <br />
<br />
<br />
<br />
-4<br />
وتواترت األخبار أن رسول هللا كان يقصر في أسفاره حاجاً ومعتمراً وغازياً)1154(<br />
وأما اإلجماع على مشروعية القصر في السفر وأن ذلك ال يشمل الفجر والمغرب وإنما يختص بالرباعية فقد نقله ابن عبد البر<br />
والنووي وابن قدامة وغيرهم. )1155(<br />
وقال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصالة في حج أو عمرة أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية<br />
فيصليها ركعتين" )1156(<br />
الجمع بين الصالتين )الظهرين والعشائين( في وقت أحدهما وقد دل على مشروعيته من السنة فعله في حجة الوداع فقد جمع<br />
بين الظهر والعصر بعرفة كما في حديث جابر الطويل وفيه ))ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما<br />
شيئاً(( )1157(<br />
وحديث أنس بن مالك رضي هللا عنه قال: ))كان النبي إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع<br />
أنه كان إذا عجل عليه السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع<br />
بينهما وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب(( )1158(<br />
بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حين يغيب الشفق(( )1159(<br />
وعن معاذ رضي هللا عنه: ))أن النبي كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس آخر الظهر حتى يجمعهما إلى العصر<br />
يصليهما جميعاً وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى<br />
يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصالها مع المغرب(( )1160(<br />
وعن ابن عمر رضي هللا عنهما ))أنه استغيث على بعض أهله فجد به السير فأخر المغرب حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما ثم<br />
أخبرهم أن رسول هللا كان <strong>يف</strong>عل ذلك إذا جد به السير(( )1161(<br />
) 1150 (<br />
) 1151 (<br />
) 1152 (<br />
) 1153 (<br />
) 1154 (<br />
) 1155 (<br />
أخرجه مسلم، كتاب صالة املسافرين، َبب صالة املسافرين، ص )785( رقم )686(، ويعلى بن أمية تقدمت ترمجته ص<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.255<br />
. ) 249<br />
.) 249<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> املوضع املتقدم برقم )689(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )104/3(.<br />
وابن املنذر ، ينظر فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي للتمهيد )414/5(واجملموع، للنووي )147/4(، واملغين البن قدامة )104/3(،<br />
اإلمجاع، البن املنذر )39 و( املوسوعة الكويتية )35/25(، وسبقت ترامجهم ص<br />
.106-37-25<br />
) 1156 (<br />
) 1157 (<br />
) 1158 (<br />
املغين، البن قدامة )104/3(.<br />
أخرجه مسلم ، كتاب احلج، َبب حجة النيب <br />
، ص880 ، رقم . 1218<br />
متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة )87( رقم )1111( ، و )1112(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين<br />
ص)788( رقم )704( .<br />
( 1159 (كتاب صالة املسافرين ص )788( رقم )704(.<br />
) 1160 (<br />
) 1161 (<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب اجلمع بني الصالتني، )1313( ، رقم )1220(، والرتمذي <strong>يف</strong> أبواب السفر، َبب ما جاء<br />
<strong>يف</strong> اجلمع بني الصالتني )1699(، رقم )551(، وقال أبو داود: "مل يرو هذا احلديث إال قتيبه وحده"، وقال الرتمذي: "حسن غريب<br />
تفرد به قتيبة ال نعرف أحداً روى عن الليث غريه … واملعروف عند أهل العلم حديث معاذ أن النيب مجع بني الظهر والعصر واملغرب<br />
والعشاء"<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> أبواب السفر، َبب ما جاء <strong>يف</strong> اجلمع بني الصالتني )1699(، رقم )552(، وقال: "حديث حسن صحيح".
فدلت هذه األحاديث بظاهرها وعمومها على مشروعية الجمع في السفر مطلقاً، وقال ابن قدامة: "الجمع بين الصالتين في السفر في<br />
وقت إحداهما جائز في قول أكثر أهل العلم." )1162(<br />
وقد اتفق العلماء على أن الجمع بين الظهر والعصر في يوم عرفة تقديماً والجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة تأخيراً سنة<br />
واختلفوا في جواز الجمع بين الصالتين في السفر في غير هذين الموضعين )1163(<br />
ويرجع ذلك إلى اختالفهم في تأويل اآلثار المروية في الجمع واالستدالل بها على جوازه لكونها أفعال ال أقوال فيتطرق إليها<br />
االحتمال أكثر من األقوال وكذا اختالفهم في تصحيح بعض اآلثار الواردة في الجمع وفي إجازة القياس في ذلك. )1164(<br />
المصطفى <br />
-5<br />
التنفل على الراحلة<br />
فإن كانت فريضة فال تجوز إال لعذر على الصحيح من أقوال أهل العلم )1165(<br />
ويدل لذلك من الكتاب قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1166( <br />
فاألصل أن تؤدى قياماً على األرض واستثنى من ذلك حالة وجود العذر كالخوف فيجوز حينئذ الصالة راجالً أو راكباً راحلته للعذر.<br />
لقوله سبحانه:<br />
وال بد من استقبال القبلة في الفريضة إال إذا تعذر ذلك لشدة الخوف خاصة، وأما النافلة فال يلزم استقبالها )1167(<br />
<br />
فكان إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعاً<br />
)1168( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويومئ برأسه نحو المدينة )1169(<br />
ومن السنة قول ابن عمر رضي هللا عنهما: ))كان النبي يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء<br />
صالة الليل إال الفرائض ويوتر على راحلته(( )1170(<br />
وعن جابر بن عبدهللا: ))أن النبي كان يصلي على راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل<br />
القبلة(( )1171(<br />
ومن اإلجماع ما نقله ابن عبد البر والباجي وابن بطال والنووي وابن قدامة على جواز صالة الفريضة على الراحلة<br />
لعذر وأما من غير عذر فال وإن كانت تطوعاً جازت بإطالق )1172(<br />
( 1162 (وممن روى عنه ذلك سعيد بن زيد وأسامة ومعاذ ابن جبل وأبو موسى وابن عباس وابن عمر وبه قال: طاوس وجماهد، وعكرمة ومالك<br />
والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن املنذر، ينظر: املغين،البن قدامه<br />
.)127/3(<br />
) 1163 (<br />
) 1164 (<br />
) 1165 (<br />
) 1166 (<br />
) 1167 (<br />
) 1168 (<br />
ينظر: السنن الكربى للبيهقي )234-159/3( وبداية اجملتهد البن رشد )241-240/1(، واملغين، البن قدامة )127/3(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )241/1(<br />
ينظر: البحر الرائق، البن جنيم )69/2(، بدائع الصنائع، للكاساين )491/1(، حاشية ابن عابدين )486/2(، مواهب اجلليل،<br />
للحطاب )196/2(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )123/1( والقوانني الفقهية، البن جزي )41(، والوسيط، للغزايل )864/2(،<br />
وروضة الطالبني للنووي )211/1(، ومغين احملتاج، للشربيين )142/1(، واملغين، البن قدامة )155/3(، واملقنع مع الشرح الكبري<br />
واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )79/5(.<br />
سورة البقرة، اآلايت<br />
.239-238<br />
ينظر: املصادر السابقة، وأحكام <strong>السياحة</strong>، هلاشم انقور، ص130-127، بتصرف.<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
2958<br />
.115<br />
( 1169 ) كما قال ابن عمر رضي هللا عنهما، ينظر: سنن الرتمذي َبب من سورة البقرة رقم<br />
خزمية )253/2( وسنن الدار قطين 22/2كتاب الوتر.<br />
) 1170 (<br />
) 1171 (<br />
تفسري الطربي )503/1(، وصحيح ابن<br />
متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوتر، َبب الوتر <strong>يف</strong> السفر، )78(، رقم )1000(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين، َبب<br />
جواز صالة النافلة على الدابة <strong>يف</strong> السفر حيث توجهت، )787(، رقم )700(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة ، َبب ينزل للمكتوبة )86( ، رقم )1099(.
ومن األعذار المبيحة ألداء صالة الفريضة على الراحلة في هذا العصر خوف خروج الوقت لركاب الطائرات<br />
والقطارات ونحوها من وسائل النقل الحديثة التي يتعذر النزول منها ألداء الصالة ويخشى خروج وقتها إن أخرت<br />
لطول وقت الرحلة فإن ذلك يبيح أداء الفريضة عليها للعذر<br />
.<br />
6- الفطر للصائم عند سفره<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ودل على مشروعيته من الكتاب قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-7<br />
)1173( <br />
أي فل<strong>يف</strong>طر ويقضي أياماً أخر<br />
ومن السنة :<br />
قوله لما سأله رجل: أأصوم في السفر، وكان كثير الصيام، فقال له: ))إن شئت فصم وإن شئت فأفطر(( وفي رواية: ))هي رخصة من هللا فمن أخذ بها فحسن<br />
ومن أحب أن يصوم فال جناح عليه(( )1174(<br />
وعن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال: ))كنا نسافر مع النبي فلم يعب الصائم على المفطر وال المفطر على الصائم(( )1175(<br />
وقال أبو سعيد الخدري نحوه وزاد: ))يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ، ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر فإن ذلك<br />
حسن(( )1176(<br />
وعنه قال: ))سافرنا مع رسول هللا إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزالً فقال رسول هللا : ))إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى<br />
لكم((، فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزالً آخر فقال: ))إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا((<br />
وكانت عزمة فأفطرنا ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول هللا بعد ذلك في السفر(( )1177(<br />
واإلجماع نقله: ابن قدامة )1178(<br />
أكل الميتة للمسافر عند االضطرار<br />
واألصل فيه :<br />
قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
)1179( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهو ظاهر الداللة في ذلك، وتؤيده مقاصد الشريعة في حفظ الضرورات الخمس المتفق على حفظها بين الشرائع السماوية ومنها<br />
حفظ النفس هنا باألكل من الميتة حال االضطرار وال يختص ذلك بالسفر لكن يكثر حصوله فيه.<br />
وبعد بيان هذه الرخص يجدر التنبيه إلى أن هذه الكرامة والفضل الذي امتن هللا به علينا ال يمنع من األخذ بها تطور وسائل النقل<br />
والترحل والتي يندر أو ينعدم معها وجود المشقة كما كان سابقاً ألن الشارع أطلق الرخصة للمسافر ولم يقيدها بنوع من المركوب<br />
وال بخشية التعب أو الجوع أو العطش )1180(<br />
) 1172 (<br />
ونقله القرطيب أيضا ،ينظر: فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي للتمهيد )47/6(، وأحكام القرآن، للقرطيب )223/2( واملنتقى، للباجي<br />
)270/1(، وشرح صحيح البخاري، البن بطال )89/3(، وشرح صحيح مسلم ، للنووي )217/5(، واملغين، البن قدامة<br />
)155/3(،وتقدمت ترامجهم ص<br />
. 106-37-24-153-25<br />
) 1173 (<br />
) 1174 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.185<br />
) 1175 (<br />
) 1176 (<br />
) 1177 (<br />
متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم، َبب الصوم <strong>يف</strong> السفر )152(، رقم )1943(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصوم َبب التخيري<br />
<strong>يف</strong> الصوم والفطر <strong>يف</strong> السفر ص)858-857(، رقم )107-104/1121(.<br />
متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم، َبب مل يعب أصحاب النيب بعضهم على بعض <strong>يف</strong> الصوم واإلفطار، ص)152( رقم<br />
)1947(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام، َبب جواز الصوم والفطر <strong>يف</strong> شهر رمضان للمسافر )857( رقم )1118(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب الصيام َبب جواز الصوم والفطر <strong>يف</strong> شهر رمضان للمسافر <strong>يف</strong> غري معصية، )857(، رقم )1116(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام َبب أجر املفطر <strong>يف</strong> السفر إذا توىل العمل )857(، رقم )1120(.<br />
( 1178 ) <strong>يف</strong> املغين )345/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 106<br />
) 1179 (<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
.173
قال ابن القيم رحمه هللا تعالى: "وأما قوله: "وجوز للمسافر المترفه في سفره رخصة الفطر والقصر، دون المقيم المجهود الذي هو<br />
في غاية المشقة فال ريب أن الفطر والقصر يختص بالمسافر، وال <strong>يف</strong>طر المقيم إال لمرض، وهذا من كمال حكمة الشارع، فإن السفر<br />
في نفسه قطعة من العذاب، وهو في نفسه مشقة وجهد، ولو كان المسافر من أرفه الناس فإنه في مشقة وجهد بحسبه، فكان من رحمة<br />
هللا بعباده وبره بهم أن خفف عنهم شطر الصالة واكتفى منهم بالشطر، وخفف عنهم أداء فرض الصوم في السفر، واكتفى منهم بأدائه<br />
في الحضر، كما شرع مثل ذلك في حق المريض والحائض، فلم <strong>يف</strong>وت عليهم مصلحة العبادة بإسقاطها في السفر جملة، ولم يلزمهم<br />
بها في السفر كإلزامهم في الحضر، وأما اإلقامة فال موجب إلسقاط بعض الواجب فيها وال تأخيره، وما يعرض فيها من المشقة<br />
والشغل فأمر ال ينضبط وال ينحصر، فلو جاز لكل مشغول وكل مشقوق عليه الترخص ضاع الواجب واضمحل بالكلية، وإن جوز<br />
للبعض دون البعض لم ينضبط، فإنه ال وصف يضبط ما تجوز معه الرخصة وما ال تجوز، بخالف السفر، على أن المشقة قد علق<br />
بها من التخف<strong>يف</strong> ما يناسبها، فإن كانت مشقة مرض وألم يضر به جاز معها الفطر والصالة قاعداً أو على جنب وذلك نظير قصر<br />
العدد، وإن كانت مشقة تعب فمصالح الدنيا واآلخرة منوطة بالتعب، وال راحة لمن ال تعب له، بل على قدر التعب تكون الراحة،<br />
فتناسبت الشريعة في أحكامها ومصالحها بحمد هللا ومنه". )1181(<br />
) 1180 (<br />
) 1181 (<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش )207/10(، وجمموع فتاوى ابن َبز، للطيار وأمحد بن َبز )188/3(، بتصرف.<br />
إعالم املوقعني عن رب العاملني )131-130/2(.
املطلب اخلامس<br />
اإلنفاق على املشاريع <strong>السياحة</strong>
املطلب اخلامس : اإلنفاق على املشاريع السياحية<br />
متهيد <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> َبإلنفاق السياحي وأنواعه:<br />
اإلنفاق السياحي هو اإلنفاق الذي يقوم به السائحون على خمتلف السلع واخلدمات السياحية وغري<br />
السياحية خالل إقامتهم <strong>يف</strong> الدولة املض<strong>يف</strong>ة، فكل إنفاق يتم داخل الدولة املض<strong>يف</strong>ة ممن يعد سائحاً فهو إنفاق<br />
سياحي استهالكي .<br />
وأما اإلنفاق الذي يقوم به املستثمرون <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> من خالل إنشاء وتسويق املشاريع واملنتجات<br />
السياحية املتنوعة لتحقيق أرَبح فهو إنفاق سياحي استثماري، وهو من هذا اجلانب ميثل دخالً حتصل عليه<br />
فئات خمتلفة <strong>يف</strong> اجملتمع.<br />
)1182(<br />
وهبذا يتبني أن اإلنفاق على املشاريع السياحية على نوعني: استثماري واستهالكي يدعم السوق<br />
السياحي، والسوق السياحي: هو عبارة جمموعة من املستثمرين الفعليني واملرتقبني الذين يدخلون <strong>يف</strong> عملية<br />
تعامل مع البائعني .<br />
ويعتمد حجم السوق على عدد األشخاص ممن لديهم حاجة مشرتكة يعرضوهنا ولديهم املال أو مواد<br />
أخرى هتم اآلخرين والذين لديهم الرغبة بعرض هذه املواد مقابل ما يريدونه.<br />
والبائعون يشكلون الصناعة بينما املشرتون يشكلون السوق، فالبائعون يوفرون املنتجات واخلدمات <strong>يف</strong><br />
السوق ويزودون السوق َبملعلومات حوهلا، وَبملقابل يزود السوق البائعني َبألموال واملعلومات، ويقسم معظم<br />
خرباء <strong>السياحة</strong> هذا السوق إىل نوعني رئسيني :<br />
األول :<br />
السوق التجاري وهو الذي ميثل السياح الذين يسافرون ألهداف العمل كمندويب املبيعات .<br />
والثاين: السوق الرتفيهي وميثل السياح الذين يسافرون ألغراض التسلية والرتفيه، وكل منهما يقسم إىل<br />
عدة فئات.<br />
)1183(<br />
)1182(<br />
ينظر: اقتصادايت <strong>السياحة</strong>، نبيل الرويب، ص (<br />
السياحية ابململكة حالياً بنحو<br />
العربية السعودية ختطط إلنفاق<br />
69-62<br />
25<br />
مليار رايل ويتوقع أن تصل ل<br />
40<br />
1.3<br />
(، بتصرف، وتشارك الدول القطاع اخلاص <strong>يف</strong> هذا اإلنفاق حيث تقدر االستثمارات<br />
مليار رايل حبلول عام 2010م وذكر األمري سلطان بن سلمان أبن اململكة<br />
مليار رايل خالل اخلمس سنوات املقبلة لتطوير صناعة <strong>السياحة</strong> وإنشاء مركز للمعلومات واألحباث والتدريب<br />
والدخول <strong>يف</strong> مشاريع مشرتكة والتخطيط ملناطق سياحية جديدة وكثري من هذه املشاريع ستقام خالل السنتني املقبلتني ويتوقع أن يكون هلذا املبلغ عائد<br />
11 إىل 6 يرتاوح بني<br />
ينظر:<br />
أضعاف خالل اخلمس سنوات املقبلة .<br />
www.sauditourism.gov.sa<br />
)1183(<br />
ينظر: مدخل إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والطريان، محيد الطائي، ص ( 129<br />
) ، بتصرف.
.<br />
وهذا السوق يوفر للدولة مورد وعائد يدعم اقتصادها القومي، ويعرف العائد السياحي أبنه : "جمموع<br />
اإليرادات املتحققة للدولة جراء استضافة السياح األجانب الوافدين إليها وبيع اخلدمات السياحية هلم"<br />
)1184(<br />
وبناء على ما تقدم ذكره فإن اإلنفاق على املشاريع السياحية بنوعيه ال خيلو من ثالث حاالت: إما أن<br />
يكون حالالً حمضاً، أو حراماً حمضاً، أو مشتبه بني احلالل واحلرام .<br />
فإذا كان اإلنفاق على املشاريع السياحية استثمارايً طلباً لألرَبح والعوائد فاألصل حله حىت يثبت دليل<br />
التحرمي ملا قرره مجهور الفقهاء من أن األصل <strong>يف</strong> املعامالت هو اإلَبحة حىت يقوم دليل على التحرمي فال حيرم<br />
منها إال ما حرمه هللا ورسوله . )1185(<br />
ويدل على ذلك ما يلي:<br />
1- أن موضوع العقود ربطها هللا تعاىل َبخللق بينما العبادات ربطها َبلشرع واستفاضت األدلة على<br />
<br />
<br />
<br />
عدم جعل تشريعها للخلق بل للخالق كما قال سبحانه: <br />
فال يعبد سبحانه إال مبا شرع؛ ألن العبادة حقه<br />
)1186( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الذي أحقه هو ورضي به وشرعه، وأما العقود واملعامالت فهي عفو حىت حيرمها ولذا قال فيها :<br />
)1187( ، فعلق مناط احلكم فيها على الرتاضي<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذا أوضح دليل على عدم ارتباطها مبا نص عليه <strong>يف</strong> الكتاب والسنة من العقود بل نص<br />
الكتاب والسنة على ردها ملا تراضى عليه الناس وهذا أبرز دليل <strong>يف</strong> التفريق بني العبادات<br />
واملعامالت والرتاضي سبب حيدثه اإلنسان فالشارع بني حكم البيع ووضع ضوابطه وشروطه مث<br />
تركه إىل هذا السبب الذي حيدثه اإلنسان فإن شاء أحدثه وإال فال، ومعلوم أن هذا جيعلها ال<br />
تقيد بنص الشارع على حكمها كالعبادات. )1188(<br />
)1184(<br />
)1185(<br />
مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ، ملثىن احلوري وإمساعيل الدابغ ، ص ( 174<br />
. )<br />
ينظر: القواعد النورانية ، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، حتقيق حممد حامد الفقي، ص (<br />
134<br />
(، والسياسة الشرعية لشيخ <strong>اإلسالم</strong>، ص (<br />
،)125<br />
وجمموع فتاواه )196/4(، وإعالم املوقعني، البن القيم تعليق طه عبد الرؤوف، )244/1(، وشرح القواعد السعدية، لعبد احملسن الزامل، ص ( 70-<br />
71(، والقواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية، لعبد احملسن احلصني ، ( 1/ 155وما بعدها (، والقواعد الفقهية، للندوي، ص (<br />
107(، وفقه وفتاوى البيوع، مجع أشرف عبد املقصود ( 245-244(.<br />
)1186(سورة الشورى اآلية : ( 21 ) .<br />
)1187( سورة النساء اآلية : ( 29 ) .<br />
)1188(<br />
ينظر: إعالم املوقعني، البن القيم ( 1/ 244(، واملصادر السابقة ، بتصرف.
2- أن هللا ملا أحل البيع وأَبحه جعل ذلك بصيغة عامة ظاهرة وليست جمملة على الصحيح فقال<br />
وهذا يستغرق كل بيع إال ما خصه الدليل َبلتحرمي<br />
)1189(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
سبحانه :<br />
من صور البيع فتخرج عن العموم ويبقى العام على عمومه <strong>يف</strong> استغراق كل الصور األخرى.<br />
)1190(<br />
3- أن الشارع ملا فصَّل ما حرم على الناس من األمور دل على أن ما عداها َبق على اإلَبحة كما<br />
)1191( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قال سبحانه: <br />
وهذا صريح وواضح أنه فصَّل ما<br />
حرم لنا من الرَب والغرر والغش ...إخل وترك الباقي للناس من غري نسيان له فدل ذلك على أن<br />
األصل <strong>يف</strong> العقود اإلَبحة، ولو أراد هللا منع الناس من إحداث عقد جديد غري ما ذكر ملا فصل<br />
ما حرمه بل لذكر أموراً جمملة كتحرمي اخلبائث وترك الباقي لكنه حرم جمموعة أمور وترك الباقي<br />
على اإلَبحة وهذا رمحة َبألمة وتيسري عليهم .<br />
<br />
<br />
<br />
4- أن حترمي ما مل حيرمه هللا من العقود واملعامالت مذموم كما قال سبحانه :<br />
)1192(<br />
<br />
وهلذا ذم هللا املشركني ملا<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
شرعوا من الدين ما مل أيذن به هللا وحرموا ما مل حيرمه.<br />
)1193(<br />
أن السنة واإلمجاع دالَّ على ذلك فمن تتبع ما ورد عنه وأصحابه رضوان عليهم من أنواع<br />
املبايعات واملؤجرات والتربعات علم ضرورة أهنم مل يكونوا يلتزمون الصيغة من الطرفني وأهنم كانوا<br />
جيرون <strong>يف</strong> تعامالهتم على ما تعارفوا عليه وإذا كان املقصود من العقود هو القبض واالست<strong>يف</strong>اء<br />
وكان املرجع فيه إىل عرف الناس وعاداهتم من غري حد يستوي فيه مجيع الناس <strong>يف</strong> مجيع األحوال<br />
واألوقات فكذلك العقود<br />
.<br />
)1194(<br />
أن املعامالت املالية من عادات الناس اليت ال غىن هلم عنها فكان من مصلحة اخللق أن يكون<br />
األصل <strong>يف</strong> هذا التعامل هو العفو وعدم التحرمي فيتبايع الناس على الصفة اليت يرغبوهنا <strong>يف</strong> أي<br />
أنواع التعامل شاءوا دون حظر أو منع فلم حيرم هللا عقداً فيه مصلحة للمسلمني بال مفسدة<br />
تقاوم ذلك وهذا أصل واسع ال يقتصر على زمن دون غريه ويؤدي إىل حرية احلركة<br />
-5<br />
-6<br />
)1189( سورة البقرة اآلية : ( )275 .<br />
)1190(<br />
)1191( سورة األنعام اآلية : ( )119 .<br />
ينظر: شرح القواعد السعدية، لعبد احملسن الزامل، ص ( 71-70( ، بتصرف.<br />
)1192( سورة يونس اآلية : ( )59 .<br />
)1193(<br />
وذلك <strong>يف</strong> سورة األنعام اآلية : ( 138-136<br />
. )<br />
)1194(<br />
ينظر: القواعد النورانية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong>، ص ( 134( وما بعدها، بتصرف .
االقتصادية وانتعاشها وازدهارها، ولو قيل بعدم رعاية الشارع ملصاحل اخللق <strong>يف</strong> أحكامه – وهو<br />
، وقد<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قول َبطل –<br />
فإن هلل أن <strong>يف</strong>عل ما شاء<br />
جعل املعامالت على اإلَبحة كما دلت نصوص الشرع وأدلته فيكون األصل فيها ذلك<br />
.<br />
)1195(<br />
-7<br />
أن العقود احملرمة ضئيلة جداً َبلنسبة للعقود املباحة، فاحملرمة ترجع إىل الرَب والغرر والغش، وهذا<br />
دليل واضح على أن هللا سبحانه أراد للناس<br />
أن يتعاملوا مبا يصلح أحواهلم دون التقيد مبا نص عليه <strong>يف</strong> الكتاب أو السنة أو أمجع عليه ولو أراد ذلك<br />
لوضح العقود احملرمة توضيحاً ال نزاع فيه<br />
.<br />
)1196(<br />
وقد خالف ابن حزم ما قرَّرَه مجهور العلماء فاألصل عنده <strong>يف</strong> العقود أهنا على احلظر واإلَبحة وأن<br />
الواجب أن ال يوجد للناس عقد إال وقد نص عليه <strong>يف</strong> كتاب هللا أو سنة رسوله )1197( <br />
واستدل على ذلك مبا يلي:<br />
.<br />
–<br />
حديث بريرة –<br />
رضي هللا عنها<br />
وفيه : )) كل شرط ليس <strong>يف</strong> كتاب هللا فهو<br />
َبطل<br />
-1<br />
)1198( .))<br />
–<br />
حديث عائشة –<br />
عنها رضي هللا<br />
مرفوعاً : )) من عمل عمالً ليس عليه أمران فهو رد<br />
-2<br />
)1199( .))<br />
وطرد هذه العمومات <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت وقال: ال جيوز تسمية عقود جديدة يتعامل هبا الناس إذا مل<br />
يرد هبا كتاب أو سنة أو إمجاع .<br />
وما ذكره ال يتفق مع مقاصد الشريعة <strong>يف</strong> العقود ولو أراد هللا ما<br />
كما تقدم .<br />
ذكره ابن حزم ملا أحل هللا البيع بنص عام<br />
)1195(<br />
)1196(<br />
)1197(<br />
ينظر: القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية، لعبد السالم احلصني، ( 155/1(، بتصرف.<br />
ينظر: أحكام القرآن البن العريب )244/1( .<br />
ينظر: اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام البن حزم (<br />
52 /1 وما بعدها ) . و ( 179/2<br />
)1198(<br />
بتصرف.<br />
وما بعدها (، وإعالم املوقعني، البن القيم )244/1(،<br />
أخرجه البخاري، كتاب البيوع، ابب إذا اشرتط شروطاً <strong>يف</strong> البيع ال حتل، ص )169(، رقم ( 2168(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب العتق، ابب إمنا الوالء ملن<br />
أعتق، ص) 937(، رقم )1504( .<br />
)1199(<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب األقضية، ابب نقض األحكام الباطلة ورد حمداثت األمور، ص )982(، رقم )1718( .
واستدالله حبديث بريرة خيَُرَّج على أن هللا سبحانه مل جيعل التحرمي للبيع أصالة بل هو صحيح لكن ملا<br />
كان ما تضمنه َبطالً ملخالفته للكتاب والسنة فقد أوجب إبطاله ملا فيه من خمالفة للشرع وهذا إبطال للبيع<br />
<strong>يف</strong> بعض<br />
ملا قرره <br />
صوره ال جبميع ذلك فهو مقصور على هذه اجلزئية وهي اشرتاط الوالء ألهل بريرة ألنه ظلم خمالف<br />
من أن الوالء ملن أعتق، وملا فيه من ضرر على أولياء العبيد واإلماء، نعم إذا اشتملت العقود على<br />
حمرم <strong>يف</strong> الكتاب أو السنة أو اإلمجاع فنبطلها ال ألن األصل فيها احلظر بل الشتماهلا على ما خيالف الشريعة<br />
<strong>يف</strong> أصوهلا ومقاصدها .<br />
والتعبري الوارد <strong>يف</strong> احلديث حمتمل ملا ذكره ابن حزم أو أن املراد اشتماله على خمالفة ما وضعه هللا من<br />
ضوابط للبيع وهو املراد ألننا ملا رجعنا لكتاب هللا وجدانه قد دل بعمومه على إَبحة البيوع كما تقدم<br />
)1200(<br />
.<br />
إخل .<br />
وأما استدالله حبديث عائشة فال يصح ألنه متجه إىل العبادات بدليل قوله : )) وسكت عن أمور ((<br />
فتبقى املعامالت على أصل اإلَبحة، فإن الشريعة قد جاءت <strong>يف</strong> العادات احلسنة اليت حيتاج الناس إليها<br />
<strong>يف</strong> معاشهم َبآلداب احلسنة فحرمت منها ما فيه فساد وأجبت ما البد منه وكرهت ما ال ينبغي واستحبت<br />
ما فيها مصلحة راجحة، وإذا كان كذلك فالناس يتبايعون ويستأجرون ك<strong>يف</strong> شاؤوا ما مل حترم الشريعة ذلك<br />
كما أيكلون ويشربون ك<strong>يف</strong> شاؤوا ما مل حترم الشريعة، وإن كان بعض ذلك قد يستحب أو يكون مكروهاً<br />
)1201(<br />
وما مل حتد الشريعة <strong>يف</strong> ذلك حداً فإهنم يبقون على اإلطالق األصلي.<br />
وبناء على ذلك يتقرر أبن األصل هو حِّ لُّ اإلنفاق االستثماري أو اإلمنائي على املشاريع السياحية، وقد<br />
جاءت النصوص َبحلث على استثمار املال وإمنائه لعمارة األرض وحتقيق الغاية من اخللق وذلك َبالستعانة<br />
به على عبادة هللا وتقوية كيان األمة <strong>اإلسالم</strong>ية ومما دل على ذلك األمر َبملشي <strong>يف</strong> مناكب األرض طلباً<br />
للرزق كما قال سبحانه : <br />
)1202(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وكذا األمر َبالنتشار بعد اجلمعة طلباً للرزق كما قال سبحانه :<br />
)1203(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومن ذلك قوله<br />
فليغرسها فله بذلك أجر(( .<br />
: )) إذا قامت الساعة و<strong>يف</strong> يد أحدكم فسيلة فاستطاع أال يقوم حىت يغرسها<br />
)1204(<br />
)1200(<br />
)1201(<br />
ينظر: إعالم املوقعني، البن القيم، )244/1(، وشرح القواعد السعدية، للزامل) 71-70( بتصرف.<br />
ينظر: القواعد النورانية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong>، ص )135(، بتصرف.<br />
)1202(سورة امللك اآلية : ( 15 ) .<br />
)1203( سورة اجلمعة اآلية : ( 10 .)
وكان عمل كثري من الصحابة – رضوان هللا عليهم<br />
–<br />
<strong>يف</strong> التجارة واستثمار األموال<br />
احلالل واحلفاظ على مناء املاء وزايدته لالنتفاع به <strong>يف</strong> أوجه اخلري املتنوعة. )1205(<br />
بقصد طلب الرزق<br />
ومن اجملاالت االستثمارية <strong>يف</strong> هذا العصر صناعة <strong>السياحة</strong> فهي ميدان رحب وواسع وعوائده االستثمارية<br />
من أهم املوارد ومصادر الدخل <strong>يف</strong> كثري من البلدان وهو من أبرز عوامل القوة االقتصادية فيها . )1206(<br />
وواجب على رجال األعمال <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أن يعنوا هبذا ويستثمروا أمواهلم <strong>يف</strong> إجياد سياحة نقية<br />
ووسائل ترفيه ورايضة ومسابقات طاهرة من املخالفات الشرعية وأن توجه وجهة إسالمية كاملة<br />
االقتصاد<br />
)1207(<br />
لدعم<br />
<strong>اإلسالم</strong>ي وحتقيق االكتفاء الذايت <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> وحفظ أفراد األمة من الوقوع <strong>يف</strong> دنس <strong>السياحة</strong><br />
اخلارجية وأضرارها املتنوعة .<br />
وقد أفىت كثري من الفقهاء املعاصرين جبواز إنشاء املنتجعات السياحية والفنادق واملطاعم وأماكن الرتفيه<br />
والتسلية اخلالية من احملرمات واملفاسد والفنت وأن ما قد يرتكبه الناس من احملرمات<br />
يلحقه بسببه إمث؛ ألن هللا تعاىل يقول : <br />
)1208(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
خارج الفندق واملطعم ال<br />
فإذا أنشأ املسلم شيئاً من تلك املشاريع وحرص على خلوها من احملرمات وعمل جاهداً على توعية<br />
الناس وإرشادهم إىل <strong>السياحة</strong> النقية املثالية دون الوقوع <strong>يف</strong><br />
خمالفات شرعية تفسدها فإن قصد الزَبئن والزوار<br />
لفعل املنكرات فيها يتحملون وزره أبنفسهم دون أن يتعدى ذلك إليه ألنه مل حيصل منه تقصري أو تفريط<br />
حىت يكون معيناً هلم على اإلمث والعدوان. )1209(<br />
)1204(<br />
)1205(<br />
)1206(<br />
جدة<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )3/ 191(، رقم )13004(، والبخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد، ابب اصطناع املال، ص)106(، رقم )486( .<br />
ينظر: االستثمار أحكامه وضوابطه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، قطب مصطفى سانو، ص ( 37<br />
وما بعدها ) .<br />
400<br />
وقد بدأ االهتمام به يتزايد <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية وظهرت مشاريع وفرص استثمارية عديدة <strong>يف</strong> هذا اجملال وبلغت تكلفة أحد املشاريع <strong>يف</strong><br />
مليون رايل كما <strong>يف</strong> االقتصادية العدد (<br />
االقتصادية، و<strong>يف</strong> الرايض أنشئت مدينة ألعاب بقيمة<br />
للسياحة <strong>يف</strong> السعودية برأس مال<br />
2423(، الثالاثء<br />
24.7<br />
10<br />
1421/2/19ه ، وحنواً من ذلك <strong>يف</strong> اجلبيل كما <strong>يف</strong> العدد )3292( من<br />
مليون دوالر كما<strong>يف</strong> www.moheet.comكما جاء فيه أتسيس أول شركة<br />
ماليني رايل، ومن املشاريع السياحية احلديثة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية مدينة البحر )درة اخلرب( وهي مدينة<br />
سياحية متكاملة طول شاطئها 1كم وتشتمل على وحدات سكنية وخدمات تسلية وترفيه وقد طرحت للمسامهة حبصص بلغ عددها<br />
قيمة كل منها<br />
16.750<br />
50.000<br />
رايل سعودي، ينظر: اجلزيرة، العدد<br />
،)11577 (<br />
)1207(<br />
حصة<br />
21/ ربيع اآلخر/ 1425ه ، ومنها أيضاً مدينة فجر السياحية <strong>يف</strong> أهبا<br />
وطرحت للمسامهة كذلك بقيمة 10.000رايل لكل سهم، ينظر: الرايض، العدد )13158(، 15/ مجادى األوىل/1425ه ، وهذه مناذج<br />
لالستثمارات السياحية <strong>يف</strong> املنطقة وهي <strong>يف</strong> تزايد مطرد .<br />
وهذا ما دعا إليه جممع الفقه التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته الرابعة جبدة من 23-18 مجادى اآلخرة <strong>يف</strong> القرار رقم (<br />
، ينظر: قرارات وتوصيات جممع الفقه ص ( 82( .<br />
)4/13 ( ، )38<br />
)1208( سورة اإلسراء اآلية : ( 15 ،) واألنعام، اآلية .)164(<br />
–<br />
–<br />
)1209(<br />
ينظر: موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم الفتاوى إقامة مرفأ سياحي على شاطئ تظهر فيه احملرمات، د. سعود الفنيسان، بتاريخ 1424/7/10ه ، وإجيار<br />
املنتجات السياحية، د.محد احليدري ، 1423/5/10ه ، وغريها على الرابط ،www.mtody.net وللفائدة: ينظر: الكسب احلالل<br />
أمهيته وآاثره، للشيخ ابن جربين .
فإذا حصل منه شيء من ذلك أو سكت على ما حيصل من املنكرات <strong>يف</strong> مشاريعه السياحية أو كان <strong>يف</strong><br />
معامالته تلك رَب أو غرر أو ميسر أو أكل للمال َبلباطل أو إعانة على اإلمث وبيع ما هو حمرم كآالت اللهو<br />
وحنو ذلك فإن ما حيصله من عوائد حمرم شرعاً وهو آمث بذلك .<br />
والواجب على املسلم أال يدخل <strong>يف</strong> أي معاملة حىت يعرف حكمها الشرعي وأن ينزه نفسه عن أكل<br />
احلرام واإلعانة عليه .<br />
والناظر <strong>يف</strong> حال غالب املستثمرين <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> جيد أن إنفاقهم االستثماري <strong>يف</strong> ذلك حمرم حمض أو<br />
يشتمل على حمرم ومعامالت مشتبهة تكون إىل وسيلة إىل إيقاعهم <strong>يف</strong> احلرام .<br />
واإلنفاق االستثماري على املشاريع السياحية إذا كان حمرماً حمضاً فإنه ال جيوز ابتداءً كما ال جيوز<br />
االنتفاع بعوائده وهو من اإلعانة على اإلمث والعدوان ومن اإلفساد <strong>يف</strong> األرض ملا فيه من نشر للرزيلة وإعانة<br />
على إظهار املنكرات ونشر الفواحش وإشاعتها كما ال جيوز اإلنفاق االستهالكي <strong>يف</strong> املشاريع السياحية<br />
احملرمة ملا تقدم ولقوله سبحانه :<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1210(<br />
وفسر ابن عباس وغريه ذلك أبن املراد به : ال تنفق <strong>يف</strong> َبطل<br />
)1211(<br />
فلو أنفق اإلنسان كل ماله <strong>يف</strong><br />
)1212(<br />
احلق ما كان تبذيراً ولو أنفق مداً <strong>يف</strong> َبطل كان تبذيراً.<br />
وقد أخرب سبحانه أن من أنفق ماله <strong>يف</strong> معصية هللا فقد صار أخاً للشياطني ملشاهبته هلم <strong>يف</strong> الشر وهي<br />
غاية <strong>يف</strong> املذمة فإنه ال أشر من الشيطان أو ألن الشياطني هم الذين أيمروهنم َبلشر والفساد وإنفاق املال <strong>يف</strong><br />
معصية هللا فصاروا إخواانً هلم لطاعتهم هلم.<br />
)1213(<br />
وصرف املال <strong>يف</strong> غري وجوهه الشرعية مما هنى هللا عنه؛ ألنه إفساد وهللا ال حيب املفسدين وال حيب<br />
الفساد.<br />
والنيب <br />
يقول: )) إن هللا كره لكم ثالاثً ، قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة املال ((. )1214(<br />
والعذاب املهني مصري من ينفق املال على امللذات احملرمة واللهو الباطل كما قال سبحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1210(سورة اإلسراء<br />
اآلية : ( 27-26 ) .<br />
)1211(<br />
)1212(<br />
)1213(<br />
)1214(<br />
أخرجه البخاري، كتاب التفسري، سورة بين إسرائيل ( 2/393( رقم ( 4710(.<br />
ذكره ابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه نقالً عن جماهد )74/15(.<br />
ينظر: الكشاف، للزخمشري )446/2( .<br />
أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، ابب قوله تعاىل : { ال يسألون الناس إحلافاً<br />
} ص (<br />
عن كثرة املسائل ( ،)982 رقم ( )1715 .<br />
117(، رقم )1477(، ومسلم، كتاب األقضية، ابب النهي
)1215( كما أن اإلنفاق على امللذات احملرمة إضافة إىل ما يعود به على الفرد املنفق من<br />
<br />
<br />
<br />
أضرار دينية فإن هناك أضر اراً دنيوية تقع على اجملتمع املسلم حيث يقتدي أصحاب األموال به حبثاً عن<br />
امللذات والسعادة املوهومة فيرتتب على ذلك فساد طائفة هامة من اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي بيدها قوة اقتصادية<br />
وهذا يؤدي إىل أتخر املسلمني وتسلط األعداء عليهم وشغل أصحاب األموال عن القيام بواجبهم <strong>يف</strong> خدمة<br />
<strong>اإلسالم</strong> وأهله وفتح َبب لالستثمار احملرم فتكثر النوادي الليلية واملالهي واملراقص واملسارح املليئة َبملنكرات<br />
وتتحول هذه األداة االستثمارية من داعم لالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي إىل عامل هدم لكيان اجملتمع وخلخلة لبناته<br />
)1216(<br />
وإفساد ألبنائه.<br />
فعلى املسلم أن يسلك الطرق املباحة <strong>يف</strong> املعيشة والكسب وأن جيتنب الطرق املمنوعة وإذا صدق <strong>يف</strong><br />
<br />
عزمه ونيته َبرك هللا له <strong>يف</strong> ماله كما قال سبحانه : <br />
)1217( .<br />
<br />
<br />
<br />
وإذا كان االستثمار <strong>يف</strong> املشاريع <strong>السياحة</strong> من قبيل املشتبه فالورع تركه والبعد عنه حلديث : )) احلالل بني<br />
واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات (( مث قال: )) فمن اتقى الشبهات فقد استربأ لدينه وعرضه ومن وقع <strong>يف</strong><br />
الشبهات وقع <strong>يف</strong> احلرام ((<br />
.<br />
)1218(<br />
)1219( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول :<br />
وهذا دليل على<br />
أنه حد هلم ما أحل هلم<br />
<br />
<br />
وما حرم عليهم فال يقربوا احلرام وال يعتدوا على احلالل وقال سبحانه :<br />
)1220( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وجعل <br />
من يرعى حول احلمى أو قريباً منه جديراً أبن يدخل احلمى فريتع فيه فلذلك من تعدى<br />
احلالل ووقع <strong>يف</strong> الشبهات فإنه قد قارب احلرام غاية املقاربة فما أخلقه أبن خيالط احلرام احملض ويقع فيه و<strong>يف</strong><br />
)1221(<br />
هذا إشارة إىل أنه ينبغي التباعد عن احملرمات وأن جيعل املسلم بينها وبينه حاجزاً .<br />
)1215( سورة لقمان اآلية : ( 6 .)<br />
)1216(<br />
)1217(<br />
ينظر: املال <strong>يف</strong> القرآن الكرمي، دراسة موضوعية، سليمان احلصني، ص ( 414(، بتصرف.<br />
سورة الطالق اآلية : (<br />
3-2<br />
(، وينظر: فتاوى متعلقة مبا تقدم ذكره <strong>يف</strong>: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش، )172-112-41/13-<br />
173(، و<strong>يف</strong>: فقه وفتاوى البيوع البن سعدي، وابن ابز وابن عثيمني وابن فوزان، مجع أشرف عبد املقصود، ص (<br />
أحكام املال احلرام، د. عباس الباز.<br />
تقدم خترجيه ص )118(.<br />
329-328( . وللفائدة، ينظر:<br />
)1218(<br />
)1219( سورة البقرة اآلية : ( )187 .<br />
)1220( سورة البقرة اآلية : ( )229 .<br />
)1221(<br />
ينظر: الطيبات من الرزق مجع القلموين، ص ( 190( .
وكذا اإلنفاق االستهالكي <strong>يف</strong> املشاريع السياحية املباحة إذا خلت عن احلرام احملض أو املشتبه فاألصل<br />
حله ملا تقرر سابقاً من أن األًصل <strong>يف</strong> املعامالت اإلَبحة حىت يقوم دليل التحرمي ولكن هذا اإلنفاق جيب أن<br />
يكون <strong>يف</strong> منفعة مباحة ومن غري إسراف .<br />
واإلسراف <strong>يف</strong> املباح : هوجماوزة احلد، وهو من العدوان احملرم وترك فضول املباح من الزهد املباح.<br />
)1222(<br />
ومما يدل على حترمي اإلسراف <strong>يف</strong> اإلنفاق االستهالكي على املشاريع السياحية ما يلي:<br />
)1223(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-1 قوله سبحانه : <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
2- قوله سبحانه :<br />
)1224(<br />
.<br />
)1225(<br />
: )) كلوا واشربوا <strong>يف</strong> غري إسراف وال خميلة ((.<br />
-3 قوله <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
4- مدح هللا عباده املقتصدين فقال <strong>يف</strong> وصفهم :<br />
وهذا هو احلد<br />
الفاصل فال إسراف وال تقرت فكل ذلك<br />
)1226(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
مذموم .<br />
أن اإلسراف خيانة لألمانة إبضاعة املال والنيب <br />
يقول : )) إن هللا حرم عليكم إضاعة املال ((<br />
-5<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1227( ، كما أنه سفه لصرف املال <strong>يف</strong> غري حمله ، وهللا تعاىل يقول: <br />
)1228(<br />
. <br />
<br />
<br />
:<br />
وهذا اإلنفاق ال خيلو من قسمني )1229(<br />
)1222(<br />
)1223( سورة األعراف اآلية : ( 31 .)<br />
ينظر: املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية، ( 30/4( .<br />
)1224( سورة اإلسراء اآلية : ( 27-26 ) .<br />
)1225(<br />
أخرجه النسائي، كتاب الزكاة، ابب االختيال <strong>يف</strong> الصدقة، ص )2253(، رقم )2560(، وابن ماجه، كتاب اللباس، ابب البس ما شئت،<br />
)2693(، رقم ( 3605(، واحلاكم )135/4(، وصححه ووافقه الذهي .<br />
)1226( سورة الفرقان اآلية : ( 67 ) .<br />
)1227(<br />
أخرجه البخاري، كتاب األدب، ابب عقوق الوالدين من الكبائر ، ص ( 506(، رقم ( 5975(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب األقضية، ابب النهي عن كثرة<br />
املسائل من غري حاجة، ص ( 982(، رقم ( 14(، )593(.<br />
)1228( سورة النساء اآلية : ( 5 ) .<br />
)1229(<br />
ينظر: مشكلة السرف، د. عبد هللا الطريقي ص ( 36(، وجمموع فتاوى ومقاالت البن ابز، مجع<br />
الشويعر )112/4(.
األول : أن يكون على وجه يليق حبال املنفق وبقدر ماله فهذا ليس إبسراف .<br />
والثاين :<br />
وهو قسمان :<br />
أحدها :<br />
ما ال يليق به عرفاً<br />
ما يكون لدفع مفسدة فهذا ليس إبسراف .<br />
واآلخر: ما ال يكون <strong>يف</strong> شيء من ذلك، فاجلمهور على أنه إسراف وذهب بعض الشافعية إىل أنه ليس<br />
إبسراف ألنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح وإذا كان <strong>يف</strong> غري معصية فهو مباح له .<br />
ورجح ابن حجر أنه ليس مذموماً لذاته ولكنه <strong>يف</strong>ضي غالباً إىل ارتكاب احملذور وعليه فهو حمذور<br />
)1230(<br />
.<br />
" والضابط <strong>يف</strong> إضاعة املال أن ال يكون لغرض ديين وال دنيوي فإن انتفيا حرم قطعاً وإن وجد أحدمها<br />
وجوداً له َبل وكان اإلنفاق ال ئقاً َبحلال وال معصية فيه جاز قطعاً وبني الرتبتني وسائط كثرية ال تدخل حتت<br />
)1231(<br />
ضابط ".<br />
وقد أصبح ما ينفق ويصرف من أجل <strong>السياحة</strong> الرتفيهية جزءاً أساساً <strong>يف</strong> حياة كثري من الناس حىت غلب<br />
على إنفاقهم االنغماس <strong>يف</strong> الرتف وطلب امللذات املباحة والتوسع فيها، وكثري من أولئك يسرف <strong>يف</strong> صرف<br />
تلك األموال على ملذات حمرمة وسياحة منكرة<br />
وهللا تعاىل يقول :<br />
<br />
<br />
)1232(<br />
.<br />
<br />
واملرتفون <strong>يف</strong> أمة هم طبقة الكرباء الناعمني الذي جيدون املال واخلدم والراحة فينعمون بذلك حىت ترتهل<br />
نفوسهم وترتع <strong>يف</strong> الفسق واجملانة وتستهرت َبلقيم والكرامات وتَلِّغُ <strong>يف</strong> األعراض واحلرمات وإذا مل جيد هؤالء من<br />
أيخذ أبيديهم عاثوا <strong>يف</strong> األرض فساداً ونشروا الفاحشة <strong>يف</strong> األمة وأشاعوها وأرخصوا القيم اليت ال تبقى بدوهنا<br />
ومن مث تتحلل األمة وتسرتخي وتفقد حيويتها وعناصر قوهتا وأسباب بقائها وهذه اآلية تقرر سنة هللا هذه<br />
فإذا قدر هللا لقرية أهنا هالكة أخذت أبسباب اهلالك فكثر فيها الفسق والرتف واالنغماس <strong>يف</strong> امللذات وشيوع<br />
املنكرات واحملرمات.<br />
)1233(<br />
)1230(<br />
)1231(<br />
)1232( سورة اإلسراء اآلية : ( 16 ) .<br />
)1233(<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )423-422/10( .<br />
املصدر السابق .<br />
ينظر: <strong>يف</strong> ظالل القرآن، لسيد قطب، )2217/4(، بتصرف.
وقد أَبنت احصائيات متأخرة أبن دول اخلليج تصرف <strong>يف</strong> بريطانيا وحدها ما يقرب من ملياري دوالر<br />
75 و<strong>يف</strong> سويسرا<br />
. )1234(<br />
مليون دوالر و<strong>يف</strong> فرنسا ملياراً ونصف ليصل اإلمجايل إىل ما يقرب من مخسة مليارات دوالر<br />
تقريباً<br />
وال شك أن هذا يشكل دعماً لالقتصاد <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني وهدراً للثروات والطاقات فضالً عن كون<br />
غالب ما يصرف من ذلك أمور حمرمة وهلو َبطل وفساد عريض وهللا املستعان .<br />
)1234(<br />
ينظر: مشكلة السرف،د. عبد هللا الطريقي، ص ( 85( .
املطلب السادس<br />
زكاة املشاريع السياحية
املطلب السادس<br />
: زكاة املشاريع السياحية<br />
تقدم تعر<strong>يف</strong> املشروع السياحي أبنه: املنشأة اليت تدم السائح بدرجة أولية كالفنادق والقرى السياحية<br />
واملرافق الرتفيهية املتنوعة<br />
)1235(<br />
وَبلنظر هلذا املفهوم املوافق إلطالقات املعنيني َبلسياحة يتبني انصراف هذا املصطلح للعقار املنشأ <strong>يف</strong><br />
املنطقة السياحية لتقدمي اخلدمات السياحية املتنوعة كالفنادق والشقق والشاليهات وغريها .<br />
عينها.<br />
وينطبق عليها ما ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> زكاة املستغالت.<br />
–<br />
–<br />
وهي كل ما هو معد لإلجيار وليس معداً للتجارة <strong>يف</strong> أعيانه.<br />
فهي أموال مل تعد للتجارة البيع ولكنها تتخذ للنماء فتغل ألصحاهبا فائدة وكسباً بواسطة أتجري<br />
والفرق بني ما يتخذ من املال لالستغالل وما يتخذ للتجارة أن األخري حيصل فيه الربح عن طريق حتويل<br />
عينه من يد إىل يد وأما األموال ( املستغل ) فتبقى عينه وتتجدد منفعته.<br />
ويشمل هذا<br />
)1236(<br />
–<br />
إضافة للعمائر والفنادق ( العقارات ) اليت تكرى<br />
–<br />
السيارات والسفن والطائرات وغريها<br />
مما يعد لالستغالل والكراء بقصد الربح والنماء وهي جزء من اخلدمات السياحية واملنتج السياحي .<br />
السياح.<br />
فهذه كلها رؤوس أموال مغلة انمية غري متداولة وتدر دخالً وفرياً على أصحاهبا من خالل أتجريها على<br />
)1237(<br />
وقد استخدم هذا اللفظ ( املستغالت ) بعض الفقهاء كما<br />
من املعاصرين ألنه جامع لرؤوس األموال املغلة املنتجة من عقار وغريه.<br />
<strong>يف</strong> السيل اجلرار<br />
)1238(<br />
وارتضاه وأيده كثري<br />
فتزكى أجرهتا<br />
)1239(<br />
واخلالف <strong>يف</strong> زكاة املستغالت على أربعة أقوال :<br />
القول األول : ال جتب الزكاة <strong>يف</strong> أعياهنا وإمنا <strong>يف</strong> غلتها وأجرهتا وهو قول اجلمهور<br />
إذا بلغت نصاَبً بعد حوالن احلول زكاة النقود بشروطها ال زكاة املستغالت.<br />
)1235(كما <strong>يف</strong> ص ( 59<br />
. )<br />
)1236(<br />
ينظر: زكاة العقارات واألراضي املأجورة غري الزراعية للقرضاوي وللسالوس <strong>يف</strong> جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، العدد الثاين، (<br />
،)198-117/1<br />
والزكاة ووجوهبا <strong>يف</strong> أجر العقار، ألمحد أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي العدد الثاين، ص )83-80(، وأحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة، لألشقر<br />
وابنه وشبري وايسني )870/2(، وما ال يسع التاجر جهله، للمصلح والصاوي ص ( 372(، وحبوث <strong>يف</strong> الزكاة، لرفيق املصري، ص) 163وما بعدها<br />
(، والزكاة <strong>يف</strong> امليزان، حملمد وهبه وعبد العزيز مججوم، ص ( 174 وما بعدها ) ، بتصرف.<br />
)1237( ينظر: املصادر السابقة.<br />
)1238( للشوكاين ، ( )27/2 .
واختاره ابن حزم وصاحب السيل اجلرار وصديق حسن خان وحممد بن إبراهيم وابن َبز وابن عثيمني<br />
وابن جربين وأفتت به عامة اللجان واجملامع الفقهية كاللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء واجملمع الفقهي<br />
التابع للرابطة والتابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي وغريها.<br />
ولإلمام أمحد <strong>يف</strong> بداية احلول روايتني :<br />
.<br />
)1240(<br />
األوىل: أنه من حني القبض وهو اختيار ابن جربين واجملمع الفقهي التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
والثانية: أنه من حني العقد ، صححها <strong>يف</strong> الشرح الكبري واختارها من املعاصرين ابن َبز وابن عثيمني<br />
وبكر أبو زيد واجملمع الفقهي التابع للرابطة واللجنة الدائمة<br />
)1241(<br />
.<br />
)1242(<br />
القول الثاين: أنه تزكى أجرهتا أو غلتها عند قبضها دون اشرتاط احلول مبعدل ربع العشر.<br />
وهو قول مجاعة من الصحابة والتابعني كابن عباس وابن مسعود ومعاوية ومن املعاصرين أمحد أبو سنة.<br />
وهو قول لبعض املالكية ورواية عن أمحد وهي من املفردات واختارها ابن تيمية.<br />
)1239(<br />
ينظر: بدائع الصنائع للكاساين )34/2(، وحاشية ابن عابدين )239-228-168/3(، والبيان والتحصيل البن رشد، حتقيق حممد حجي<br />
)405/2(، والقوانني الفقهية، البن جزي، ص ( 70(، ومواهب اجلليل، للحطاب )162-154/3(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس (<br />
322-319/1(، واجملموع، للنووي ( 7/6(، وروضة الطالبني (<br />
واإلنصاف، للموفق ابن قدامة، وأبو الفرج ابن قدامة واملرداوي )327/6(، واإلقناع، للحجاوي (<br />
202/2(، ومغين احملتاج، للشربيين )398/1(، واملقنع مع الشرح الكبري<br />
445/1(، وكشاف القناع ، للبهويت )888/2(،<br />
)1240(<br />
والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي ( 205/4(، واملغين، البن قدامة )271-247/4(.<br />
الفقه عدد<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )239/5و<br />
/6<br />
( 2<br />
83(، والسيل اجلرار للشوكاين )27/2(، والروضة الندية لصديق حسن )194/1( بواسطة جملة جممع<br />
119/1(، وفتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )5-1/4-3 وما بعدها( ، وجمموع فتاوى ابن ابز، للشويعر)<br />
173/14(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>، البن عثيمني، مجع فهد السليمان ص ( 431(، وفتاوى الزكاة، لعبد هللا اجلربين، إعداد أبو أنس ص)<br />
وما 95<br />
بعدها( ، وفتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار، لبكر أبو زيد، ص ( 17(، وأحكام الزكاة لعبد هللا اجلار هللا، ص ( 54(، وموجز أحكام الزكاة، ألمحد بن عبد<br />
الرزاق الدويش )343/9(، وقرارات اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي لدوراته (<br />
الكويتية )191/30(، وسيأيت ذكر قرارات اجملامع الفقهية .<br />
)12-11-10 ص (<br />
)1241(<br />
73(، واملوسوعة الفقهية<br />
ينظر: املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف، للموفق وأبو الفرج واملرداوي، حتقيق الرتكي، )327/6(، واملصادر السابقة ، وقال الشيخ بكر أبو<br />
زيد: ( حتسب الزكاة أبحد الطريقني<br />
( أ ) حسب اتريخ العقد من يوم أو شهر أو عام، وهذا حيتاج إىل فتح سجل لذلك ففيه مشقة.<br />
( ب( أن جيعل له وقتاً معيناً يزكي فيه كل ما حتصَّل له، كأول شهر رمضان أو ذي احلجة، وهذا الطريق أبرأ للذمة وهو أسهل وأيسر ملن أراد سلوك<br />
طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء واحملاويج وغريهم من أهل الزكاة على نفسه (، و ينظر فتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار، ص )20-<br />
. ) 21<br />
)1242(<br />
ينظر: عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس ( 319/1(، ومواهب اجلليل، للحطاب ( 154/3(، وشرح الرسالة )329/1(، وهو بواسطة جملة جممع<br />
الفقه )24(، 132-131/1(، واملغين، البن قدامة)271/4(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )205/4(، وحبث أبو<br />
سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )82/2(.
القول الثالث: أنه يزكى العشر من غلتها الصافية<br />
التكال<strong>يف</strong> ومقابل نسبة االستهالك<br />
–<br />
–<br />
الزائدة عن احلاجات األصلية ملالكيها بعد طرح<br />
أو نصفه من غلتها اإلمجالية عند تعذر معرفة الغلة الصافية وذلك<br />
مبجرد حصول الغلة أو األجرة َبلغة نصاَبً دون اشرتاط احلول كزكاة الزروع والثمار.<br />
وهو قول لبعض املالكية – وغري مشهور عندهم<br />
–<br />
واختاره من املعاصرين أبو زهرة<br />
وحسنني خملوف والزرقا والقرضاوي وغريهم . )1243(<br />
القول الرابع : جتب فيها زكاة عروض التجارة مبعدل ربع العشر من رأس املال وغلته فيقدر مثن العقار<br />
كل عام ويضاف له ما بقي معه من اإليرادات ( األجرة ) وخيرج 2.5من اجملموع .<br />
وهو قول ملالك وابن عقيل من احلنابلة وخرَّجه على رواية أمحد <strong>يف</strong> إجياب الزكاة <strong>يف</strong> حلي الكراء واختاره<br />
بعض املعاصرين كرفيق املصري )1244(<br />
األدلة :<br />
مبا أييت :<br />
أوالً: استدل أصحاب القول األول )1245(<br />
-1<br />
-2<br />
عدم وجود نص صريح من الكتاب أو السنة <strong>يف</strong> وجوب زكاهتا وقد حدد النيب األموال<br />
اليت جتب فيها الزكاة فلم جيعل فيها ما يستغل أو يكرى من العقارات والدواب واآلالت وحنوها<br />
واألصل براءة الناس من التزام التكال<strong>يف</strong> وال جيوز اخلروج عن هذا إال بنص ومل يوجد.<br />
أن فقهاء املسلمني <strong>يف</strong> شىت األقطار وخمتلف األعصار مل يقولوا بوجوب الزكاة فيها ولو قالوا به<br />
لنقل، بل إهنم نصوا على خالف ذلك فقالوا: ال زكاة <strong>يف</strong> دور السكىن وال أدوات احملرتفني وال<br />
)1243(<br />
ينظر: املصادر السابقة للمالكية، والقوانني الفقهية البن جزي ص ( 70(، والبيان والتحصيل البن رشد )405/2(، وجملة جممع الفقه العدد (<br />
.)133/1( ، )2<br />
)1244(<br />
)1245(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )11/2(، وبدائع الفوائد، البن القيم اجلوزية، ختريج أمحد عبد السالم )113/4-3(، وحبوث <strong>يف</strong><br />
الزكاة لرفيق املصري، ص ( 74(، وعمل موازنة بني العروض والزروع فبني فوائد إحلاق املستغالت بكل منهما ومآخذه مث قال: ( أُفَضِّل أن ختضع هذه<br />
املستغالت لزكاة التجارة فهي أقرب إليها من زكاة الغالل (، وابن عقيل هو: شيخ احلنابلة، أبو الوفاء علي بن عقيل بن حممد البغدادي احلنبلي، كان<br />
يسكن الظفرية، ومسجده هبا مشهور، ولد سنة إحدى وثالثني وأربعمائة، تفقه على أيب يعلى الفراء وأخذ العربية عن ابن برهان وعلم العقليات عن<br />
شيخي االعتزال ابن الوليد ، وأبو القاسم البصري فحصل عنده شائبة جتهم واعتزال واحنرافات عن السنة ، له من التصان<strong>يف</strong>: الفنون يزيد على أربعمائة<br />
جملد حشد فيه كل ما كان جيري له مع الفضالء والتالمذة وما يسنح من الدقائق والغوامض والعجائب، وتو<strong>يف</strong> يوم اجلمعة اثين عشر مجادى األوىل سنة<br />
ثالث عشرة ومخسمائة. ينظر: سري أعالم النبالء، للذهي )451-443/19(، بتصرف.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )236-168/3(، واملغين، البن قدامة ( 271/4(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، وجملة جممع<br />
الفقه العدد ( ،)2 118/1(<br />
وما بعدها (، وحبث أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )80/2(.
دواب الركوب ..إخل، وقد كانوا يستأجرون ويؤجرون ويقبضون األجرة من دورهم وضياعهم<br />
ودواهبم ومل خيطر ببال أحدهم أن خيرج <strong>يف</strong> رأس احلول ربع عشر داره أو عقاره أو دوابه.<br />
أهنا ليست مبال جتارة ومل تعد للبيع فليست من عروض التجارة .<br />
ما روي عن علي وجابر ومعاذ<br />
-<br />
-<br />
–<br />
( ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة ) )1246(<br />
فتعترب كعروض القنية<br />
واحليواانت العاملة فال زكاة فيها، و<strong>يف</strong> احلديث : )) ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال <strong>يف</strong> فرسه<br />
)1247(<br />
صدقة ((.<br />
وأما حتديد بداية احلول َبلقبض فألن األجرة عوض عن املنفعة واملنفعة معدومة توجد شيئاً فشيئاً<br />
فما دام املعوض غري موجود ال ميلك العوض.<br />
-<br />
وأما حتديد بداية احلول َبلعقد <strong>يف</strong> ورواية أمحد الثانية فألن األجرة متلك بعقد اإلجارة<br />
وتصري ديناً <strong>يف</strong> الذمة بدليل أنه حيل االنتفاع هبا فينفقها إن كانت ماالً وأيكلها إن كانت طعاماً<br />
مبعىن أن ملك الكرى عليه اتم بدليل جواز التصرف فيها أبنواع التصرفات.<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
اثنياً : واستدل أصحاب القول الثاين مبا أييت :<br />
-1<br />
-2<br />
عموم حديث )) <strong>يف</strong> الرقة ربع العشر (( . )1248(<br />
القياس على املعدن املستخرج من األرض فإن الزكاة جتب فيه إذا بلغ نصاَبً ولو مل حيل عليه<br />
احلول كالزروع والثمار جبامع أن كالً منهما غلة العقار وال يشرتط احلول ألن املعدن واألجرة مناء<br />
حمض )1249( ، قال أبو سنة: " هو قياس أصويل صحيح قد استوَف شروطه فإن زكاة املعادن اثبتة<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
بعموم قوله تعاىل :<br />
ومقدارها اثبت َبحلديث الذي رواه أبو عبيدة <strong>يف</strong> إقطاعه <br />
)1250(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
معادن القبلية لبالل بن احلارث والعلة أن املعادن غلة العقار وهي موجودة <strong>يف</strong> أجرة العمائر<br />
)1246(<br />
أخرجه الدار قطين، ابب ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة )103/2(، وصححه ابن القطان بلفظ ليس <strong>يف</strong> العوامل شيء، قال <strong>يف</strong> الدراية )256/1( : "<br />
<strong>يف</strong> إسناده سرار بن مصعب وهو ضع<strong>يف</strong> " كما قاله الزيلعي أيضاً <strong>يف</strong> نصب الراية )360/2(، والعوامل من البقر مجع عاملة وهي اليت يستقى عليها<br />
وحيرث وتستعمل <strong>يف</strong> األشغال" ينظر: النهاية <strong>يف</strong> غريب احلديث واألثر )301/3<br />
. )<br />
)1247(<br />
)1248(<br />
)1249(<br />
أخرجه البخاري، كتابة الزكاة، ابب ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده صدقة، رقم ( 1464(، ص )115(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الزكاة، ابب ال زكاة على<br />
املسلم <strong>يف</strong> عبده وفرسه، رقم ( 982(، ص )832( .<br />
أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، ابب زكاة الغنم، رقم ( 1454(، ص )114(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة ( 271-154/4(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، والفروع، البن مفلح مع حاشية ابن قندس<br />
.)205-166-70/4(<br />
)1250( سورة البقرة اآلية : ( 267 )
."<br />
وغريها مما ذكران واشرتاط النصاب لتحقيق الغىن وعدم اشرتاط احلول ألنه مناء حمض ال حيتاج إىل<br />
مدة لتحصيله وكما قالوا <strong>يف</strong> زكاة املعدن إن الزكاة جتب إذا بلغ نصاَبً أو <strong>يف</strong> مرات متقاربة مل يرتك<br />
العمل بينها : قلنا هنا جتب الزكاة <strong>يف</strong> األجرة إذا بلغت نصاَبً فيما قبض مرة واحدة أو على<br />
مرات ال تتجاوز شهراً ألن الشهر هو الذي جيري التعامل عليه و<strong>يف</strong> البالد اليت تستأجر مبانيها<br />
كل سنة ميكن أن يقال فيه جتب الزكاة إذا بلغ املقبوض نصاَبً <strong>يف</strong> مرة أو مرات ال تتجاوز سنة<br />
)1251(<br />
فهذا القياس قوي ألن بيع املنفعة كبيع العني وكلما كراها فكأمنا َبعها.<br />
)1252(<br />
)1253(<br />
اثلثاً: استدل أصحاب القول الثالث<br />
مبا أييت :<br />
عموم األدلة على وجوب الزكاة فقد أوجب هللا<br />
سبحانه <strong>يف</strong> كل مال حقاً<br />
-1<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله: )1254( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
معلوماً كما <strong>يف</strong> قوله :<br />
وهذا عام <strong>يف</strong> كل مال على اختالف إضافة<br />
: (( أدوا زكاة أموالكم )) )1256(<br />
وقوله <br />
)1255( <br />
<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
وتباين أمسائه واختالف أغراضه من غري فصل بنيِّ ملال ومال فمن أراد أن خيصه <strong>يف</strong> شيء فعليه الدليل .<br />
أن علة وجوب الزكاة <strong>يف</strong> املال معقولة وهي النماء كما قال بذلك أكثر الفقهاء ولذا مل جتب<br />
الزكاة <strong>يف</strong> دور السكىن وآالت احلرفة وخيل اجلهاد َبإلمجاع ومل جتب <strong>يف</strong> العوامل من الدواب و<strong>يف</strong><br />
احللي على الصحيح و<strong>يف</strong> كل<br />
مال ال ينمى بطبيعته أو بعمل اإلنسان واحلكم يدور مع علته<br />
وجوداً وعدماً فحيث حتقق النماء <strong>يف</strong> مال وجبت فيه الزكاة وإال فال .<br />
أن من حِّ كَمِّ تشريع الزكاة التزكية والتطهري ألرَبب املال من الذنوب والشح ومواساة الفقراء<br />
وشكر النعمة وتقوية العاجز على القيام َبلفرائض<br />
وكل ذلك الزم عقالً وشرعاً فالقول بوجوب<br />
الزكاة أوىل وأحوط.<br />
ك<strong>يف</strong> يكون شكر النعمة وتطهري النفس وتزكيتها َبلبذل ومساعدة العاجز الزمً عقالً وشرعاً<br />
لصاحب الزرع والثمر غري الزم ألصحاب العمائر الشاهقة واملصانع والسفن والطائرات وحنوها<br />
)1251(<br />
)1252( ينظر: جملة جممع الفقه العدد ( )2 ، )132/1( .<br />
الزكاة ووجوهبا <strong>يف</strong> أجر العقار ألمحد أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )80/2<br />
وما بعدها ) .<br />
)1253(<br />
)<br />
)1254(<br />
)1255( سورة التوبة اآلية : ( 103 )<br />
ينظر: املصادر السابقة ألصحاب هذا القول ص 330<br />
سورة املعارج اآلية : )24<br />
. 331 –<br />
)1256(<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب اجلمعة، وقال : حديث حسن صحيح، رقم )616(، ص )1706(، والنسائي <strong>يف</strong> كتاب الزكاة، ابب زكاة الورق رقم (<br />
2256(، وابن خزمية )12/4(، وابن حبان )426/10(.
من املأجورات واملستغالت مما دخله أكرب من ذلك أبضعاف، وجبهد أقل، فتقاس على إيراد<br />
األرض الزراعية وإال كان تفريقاً بني متماثلني .<br />
أن اجلمهور مل يقرروا <strong>يف</strong> الدور والعقار زكاة ألهنا مل تكن مستغلة <strong>يف</strong> وقتهم كما <strong>يف</strong> هذا العصر بل<br />
كانت لسد احلاجات األصلية أما <strong>يف</strong> عصران فإهنا تدر أضعاف ما تدره األرضون فاملصلحة أن<br />
تؤخذ منها زكاة كاألرض الزراعية<br />
– فيما تقدم –<br />
إذ ك<strong>يف</strong> تزكى جتارة دون جتارة .<br />
-5<br />
رابعاً : استدل أصحاب القول الرابع :<br />
بقياس املال املستغل أو املعد للكراء على املتجر فيه، فكل ما قصد به النماء فهو مال انم فاضل عن<br />
احلاجة األصلية فتجب فيه الزكاة لعموم األدلة <strong>يف</strong> ذلك فإهنا مل تفرق بني جتارة وأخرى كما تقدم .<br />
وقال ابن عقيل: " خيرج من رواية إجياب الزكاة <strong>يف</strong> حلى الكراء واملواشط، إن جيب <strong>يف</strong> العقد املعد للكراء<br />
وكل سلعة تؤجر وتعد لإلجارة، قال وإمنا خرجت ذلك عن احللي ألنه قد ثبت من أصلنا أن احللي ال جيب<br />
فيه الزكاة فإذا أعد للكراء وجبت فإذا ثبت أن اإلعداد للكراء ينش إجياب زكاة <strong>يف</strong> شيء ال جيب فيه الزكاة<br />
كان <strong>يف</strong> مجيع العروض اليت ال جتب فيها الزكاة ينش إجياب الزكاة يوضحه أن الذهب والفضة عينان جتب<br />
الزكاة جبنسهما وعينهما مث إن الصياغة واإلعداد للباس والزينة واالنتفاع غلبت على إسقاط الزكاة <strong>يف</strong> عينه مث<br />
جاء اإلعداد للكراء فغلب على االستعمال وإنشاء إجياب الزكاة فصار أقوى مما قوي على إسقاط الزكاة<br />
أ.ه<br />
فأوىل أن يوجب الزكاة <strong>يف</strong> العقار واألواين " )1257(<br />
فهذا القول يستند إىل أصل هام <strong>يف</strong> الزكاة وهو: أنه ال زكاة <strong>يف</strong> مال غري انم أو مشغول َبحلاجة األصلية<br />
وإمنا الزكاة <strong>يف</strong> املال النامي الذي يدر على صاحبه كسباً ودخالً وهذا كما يقال <strong>يف</strong> احللي املعد للكراء فكذا<br />
<strong>يف</strong> العقارات والسيارات والسفن وغريها واملأجورات واملستغالت اليت من شأهنا أن جتلب مناءً ورحباً كعروض<br />
التجارة.<br />
)1258(<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
نوقشت أدلة القول األول: أبن عدم نص النيب على أخذ الزكاة من مال ال يدل على عدم وجوب<br />
الزكاة فيه؛ ألنه إمنا نص <strong>يف</strong> ذلك على األموال النامية <strong>يف</strong> عصره وقد أوجب املسلمون الزكاة <strong>يف</strong> أموال أخرى مل<br />
)1257(<br />
بدائع الفوائد، البن القيم )113/4-3( ، وتقدمت ترمجة ابن عقيل ص 331<br />
.<br />
)1258( ينظر: جملة جممع الفقه ( )24 ( )126-125/1 .
جييء هبا نص قياساً على تلك األموال أو عمالً بعموم النصوص وتطبيقاً ملا قرر من حكمة فرض الزكاة .<br />
)1259(<br />
ومن ذلك ما ذكره الشافعي <strong>يف</strong> رسالته ملا ذكر فرض النيب الصدقة <strong>يف</strong> الورق قال: "وأخذ املسلمون <strong>يف</strong><br />
الذهب بعده صدقة إما خبرب من النيب مل يبلغنا وإما قياساً على أن الذهب نقد الناس الذي اكتن زوه<br />
وأجازوه أمثاانً على ما تبايعوا به <strong>يف</strong> البلدان قبل <strong>اإلسالم</strong> وبعده "<br />
صريح بوجوب زكاهتا ومع ذلك نقل ابن املنذر اإلمجاع عليه<br />
)1260(<br />
)1261(<br />
ومل يرد <strong>يف</strong> عروض الثمار نص صحيح<br />
وأوجب أمحد <strong>يف</strong> العسل الزكاة لألثر<br />
وقياساً على الزرع والثمر وأوجب الصاحبان فيما يستخرج من البحر من لؤلؤ وحنوها اخلمس قياساً على<br />
الزكاة واملعدن. )1262(<br />
وكون الفقهاء مل يوجبوا <strong>يف</strong> املستغالت من الدور والعقار وحنوه زكاة فألن بعض هذه األموال النامية مل<br />
ينتشر <strong>يف</strong> عصرهم انتشاراً تعم به البلوى ويدفع القضية لالجتهاد بل مل يكن بعضها موجوداً قط وإمنا جد <strong>يف</strong><br />
األزمنة األخرية فقد حتول استثمار املال إىل أبواب مستحدثة لو عملنا فيها برأي اجلمهور حلرم الفقراء<br />
وغريهم من جزء عظيم من أموال األغنياء وهو أجور العقار وغريه من املستغالت وهذا االستثمار اجلديد قائم<br />
على بقاء أعيان األموال واستغالل منافعها والبد من نظرة فقهية جديدة حتفظ مصارف الزكاة حقوقهم <strong>يف</strong><br />
مال األغنياء وحتدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا فكل عصر له مشكالته اليت يُطْلَب االجتهاد فيها وإبرام<br />
احلكم بشأهنا.<br />
)1263(<br />
مث إن منهم من قال بوجوب الزكاة فيها كابن عقيل فيما تقدم وأمحد <strong>يف</strong> رواية وبعض املالكية وتعليلهم<br />
لعدم وجوب الزكاة <strong>يف</strong> دورة السكىن وآالت احلرفة وحنوها أبهنا مشغولة َبحلاجة األصلية وأهنا غري انمية يدل<br />
مبفهوم املخالفة على أن ما اتذ منها للنماء ولغري االستعمال <strong>يف</strong> احلاجة األصلية يصبح صاحلاً لوجوب<br />
الزكاة.<br />
وقياس املستغالت على عروض التجارة له وجه فكل منهما رأس مال انم مغل وكالً من املالكني اتجر<br />
يستثمر رأس ماله ويستغله ويربح منه وكون صاحب العروض ينتفع إبخراج عني الشيء عن مالكه وصاحب<br />
العمارة ينتفع َبلغلة مع بقاء العني ليس فرقاً يوجب الزكاة على أحدمها دون اآلخر .<br />
بل رمبا كان األخري أكثر ضماانً للربح وأماانً من اخلسارة من األول .<br />
)1259( ينظر: املصدر السابق .<br />
)1260( الرسالة، للشافعي ص ( )192 .<br />
)1261( ينظر: اإلمجاع، البن املنذر ص ( 45( .<br />
)1262( ينظر: جملة جممع الفقه العدد ( )1 ( )126-125/2 .<br />
)1263(<br />
ينظر: جملة جممع الفقه ( 80/2 وما بعدها .
–<br />
وأما حديث )) ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال فرسه صدقة (( فألهنما من حوائجه األصلية فإذا كاان<br />
للتجارة وجبت زكاهتما َبإلمجاع كما تقدم .<br />
ونوقش حتديد بداية احلول َبلقبض أبن العني قائمة مقام املنفعة فمىت تسلمها املستأجر فكأمنا تسلم<br />
منفعة مث إن حال احلول وقد كان قبضها زكاها زكاة العني بدفع ربع عشر ما قبض وإن مل يكن قبضها<br />
)1264(<br />
زكاها زكاة الدين أبن يزكي ما قبضه ملا مضى وإن مل يبلغ نصاَبً بعد أن يكون أصل األجر نصاَبً .<br />
مث إن هذا القول يعين أنه ال زكاة <strong>يف</strong> هذه العقارات واملستغالت بل هي زكاة مال <strong>يف</strong> أيديهم حال عليه<br />
احلول كزكاة الذهب والفضة و<strong>يف</strong> استطاعتهم إنفاقه هنا وهناك فال جتب فيه الزكاة . )1265(<br />
و<strong>يف</strong> هذا تضييع حلقوق الفقراء ومتكني ألصحاب العقار من تربير ما جيمعه من األجرة أثناء احلول فراراً<br />
من الزكاة فينبغي القول بوجوب الزكاة زكاة املستغالت حفاظاً على حقوق الفقراء وغريهم من مصارف<br />
الزكاة وإبراء لذمة األغنياء .<br />
–<br />
ونوقشت أدلة القول الثاين:<br />
بعموم حديث )) ال زكاة <strong>يف</strong> مال حىت حيول عليه احلول (( .<br />
)1266(<br />
وال يصح قياس بيع املنفعة على بيع العني؛ ألن احلقيقة أن العني <strong>يف</strong> حالة الكراء تبقى على ملك<br />
صاحبها وإمنا يعطي حق االنتفاع َبلعني ملدة حمددة من الزمن عكس التجارة فإن السلعة تنتقل بعينها من يد<br />
البائع إىل يد املشرتي .<br />
)1267(<br />
ونوقشت أدلة القول الثالث:<br />
أبن السُّنَّةَ بينت ما جتب فيه الزكاة من األموال فيقتصر على ما ورد به الشرع فإن العبادات ال تثبت إال<br />
َبلنصوص الشرعية ولو كان <strong>يف</strong> هذه املستغالت زكاة لوردت هبا النصوص وبينها الشرع<br />
<br />
<br />
<br />
)1264(<br />
)1265(<br />
ينظر: املصادر السابقة ص 329<br />
. 330 –<br />
وقال رفيق املصري معلقاً على قرار جممع البحوث: " احلق أهنا ليست زكاة على املستغالت بل هي زكاة على النقود، ففي قرار جممع البحوث<br />
نفسه جاء أنه إذا مل يتحقق فيها نصاب، وكان لصاحبها أموال أخرى تضم إليها وجتب الزكاة <strong>يف</strong> اجملموع إذا توافر شرطا النصاب وحوالن احلول" وجاء<br />
فيه : " مقدار النسبة الواجب إخراجها هو ربع عشر صا<strong>يف</strong> الغلة <strong>يف</strong> هناية احلول " لقد كان من األوضح واألصرح أن يقال <strong>يف</strong> الفتوى : أبنه ال زكاة على<br />
هذه املستغالت؛ ذلك ألن مثل هذه الطريقة <strong>يف</strong> التعبري إمنا توقع <strong>يف</strong> التشويش على طالب العلم ورمبا العلماء " حبوث <strong>يف</strong> الزكاة، ص ( 167<br />
)168-<br />
.<br />
)1266(<br />
ينظر: املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، واحلديث أخرجه بن ماجه، كتاب الزكاة، ابب من استفاد ماالً ص (<br />
،)2583 رقم (<br />
.)1792<br />
)1267(<br />
ينظر: جملة جممع الفقه العدد ( 2(، ( 129/1( ، وجملة اجملمع الفقهي )80/2(، وحبوث <strong>يف</strong> الزكاة، لرفيق املصري ص ( 70( .
)1268(<br />
<br />
واملستغالت ليست من األمور اجلديدة بل كانت <strong>يف</strong> عصر النبوة وما بعده كما تقدم، وفرض<br />
الزكاة <strong>يف</strong> أموال مل تتناوهلا نصوصها ورمبا فهم منها أن <strong>يف</strong> الدين نقصاً والنماء إمنا هو شرط <strong>يف</strong> وجوب الزكاة<br />
وليس علة وشتان بينهما وما ذكره الفقهاء مما <strong>يف</strong>هم منه أن عدم وجوب الزكاة <strong>يف</strong> بعض األموال لعدم النماء<br />
أي لتخلف الشرط ال لتخلف العلة وإال لو قلنا أبن النماء علة ملا احتيج إىل النصوص الواردة <strong>يف</strong> زكاة اإلبل<br />
والبقر والغنم و<strong>يف</strong> نفيها عن اخلمر مثالً مع أهنا مال انم فالزكاة متعلقة َبلنصوص وعلتها النص ال النماء<br />
.<br />
ولذا مل يستند العلماء إليه فالغنم املعلوفة مثالً تنمو وتتوالد ومل يقل أحد منهم أبن النماء سبب <strong>يف</strong><br />
وجوب زكاهتا فلو كان علة لكانت مطردة منعكسة وليس األمر كذلك فالعشرة من الغنم تنمو وتتوالد وال<br />
زكاة فيها حىت تبلغ النصاب وشرط العلة االطراد واالنعكاس.<br />
ورد على هذا أبن النماء ليس شرطاً للزكاة بل الشرط هو احلوالن كما ذكر <strong>يف</strong> الفروق والعلة ليس هي<br />
النماء وإمنا املال النامي أو النصاب النامي ال جمرد النماء بل املال مع النماء وهذه علة مؤثرة تدور مع املعلول<br />
وجوداً وعدماً )1269( .<br />
وأما القياس على األرض الزراعية فغري مسلم ألن الزكاة مفروضة على هذا الزرع نفسه ولو كان الزارع<br />
مستأجراً كما هو قول اجلمهور وليست مرتبطة مبلكية األرض ذاهتا ولكن الذي يصح القياس عليه مالك<br />
األرض املكري هلا فهو أشبه شيء مبالك العمارة الذي يكريها وجتىب إليه غلتها فكان البد أن يسبق هذا<br />
احلكم أصل يقاس عليه وهو القول بزكاة أجرة األرض الزراعية إذا قبضها مالكها وهو أصل خمتلف فيه<br />
إببطال املعرتض له ال يسلم القياس.<br />
مث بني املقيس واملقيس عليه هنا فارق :<br />
فاملستغل ليس كاألرض اليت هي مصدر دائم للدخل وهي طويلة العمر قليلة الكلفة خبالف العمارات<br />
واملستغالت اليت هي مصدر مؤقت معرض للتلف، والغلة ليست كالزرع فإهنا تزكى كل حول، أما الزرع فبعد<br />
)1270(<br />
أن يزكى إذا ادخر سنوات ال يزكى مرة اثنية إال إذا أصبح عروض جتارة ولذا بني الشافعي <strong>يف</strong> رسالته<br />
الفرق بني النقدين والزرع بقوله : " مل أعلم منهم خمالفاً <strong>يف</strong> أين لو علمت معدانً فأديت احلق فيما خرج منه مث<br />
أقامت فضته أو ذهبه عندي دهري كان علي <strong>يف</strong> سنة أداء زكاهتا ولو حصدت طعام أرضي فأخرجت عشره<br />
مث أقام عندي دهره مل يكن علي فيه زكاة " . )1271(<br />
)1268( سورة مرمي اآلية : ( 64 )<br />
)1269(<br />
)1270(<br />
ينظر: جملة جممع الفقه العدد ( 2( ، 198-117/1(، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة ه2 ص 338، وما ال يسع التاجر جهله، للمصلح والصاوي، ص ( 374(.<br />
)1271( الرسالة، ص ( .)527
وقد أجاب أصحاب هذا القول بتصحيح القياس للخروج من هذا االعرتاض وذلك أبن يصنع هبا كما<br />
يصنع واضعوا الضرائب حبسم حصة االستهالك السنوي من قيمة املبىن أبن <strong>يف</strong>رتض هلا عمر ويقسم مثنها على<br />
سنوات هذا العمر مث يطرح من قيمتها كل عام قيمة استهالك سنة . )1272(<br />
ورد أبو سنة على هذا بقوله : " واضح مما ذكره وجود الفارق بني األراضي الزراعية والعمائر وفكرة طرح<br />
قيمة االستهالك جتعل حكم الفرع غري حكم األصل، فإن حكم األصل هو وجوب العشر أو نصفه <strong>يف</strong> كل<br />
اخلارج، وحكم الفرع هو الوجوب <strong>يف</strong> بعض اخلارج، والشرط <strong>يف</strong> القياس أن يكون املعدى إىل الفرع عني حكم<br />
األصل: فهو قياس مردود". )1273(<br />
مث إن القياس عبادة فال مدخل له <strong>يف</strong> العبادات .<br />
وقد نوقش هذا أبن الزكاة ليست عبادة حمضة بل هي جزء من النظام املايل واالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي وهذا<br />
جيعل الفقهاء ينظرون إليها أحياانً َبعتبارها حقاً مالياً . )1274(<br />
كما نوقش هذا القول أبنه ال يعقل أن تكون أحكام <strong>يف</strong> هذه الفريضة ليست مذكورة عن السلف ال<br />
سيما وقد تكلموا عن كراء الدور واألرضني كما <strong>يف</strong> املدونة مثالً ومل يتكلم أحدهم عن الزكاة <strong>يف</strong> هذا .<br />
وأجيب أبن علماء من السلف من قال بزكاهتا وإن كانت أقوال غري مشهورة فكم من آراء كانت<br />
مهجورة مث شهرت أو ميتة مث حييت.<br />
لكن املعترب َبألدلة الصحيحة وعمل مجاهري األمة قرينة مرجحة .<br />
وأما حاجة الفقراء واملساكني ومواساهتم ومعاجلة ذلك فإهنا ليست مقصورة على الزكاة فقد كفل <strong>اإلسالم</strong><br />
هلم حقوقهم ووضع نظاماً متكامالً ملعاجلة مشكلة الفقراء والزكاة أحد سبلها .<br />
)1275(<br />
وال مدخل لاراء <strong>يف</strong> مقابلة النصوص الصحيحة الصرحية الثابتة .<br />
ونوقشت أدلة القول الرابع :<br />
أبن القياس على عروض التجارة قياس مع الفارق فاالنتفاع َبملنفعة <strong>يف</strong> الكراء ليس كاالنتفاع َبلعني <strong>يف</strong><br />
التجارة كما سبق، فهذه العقارات ال تعد من عروض التجارة؛ ألهنا لالستغالل واإلجارة ال للبيع والتجارة مث<br />
لو مل تكرتى فظلت خالية فمن أين خيرج زكاهتا وقيمة العقار تتقلب تبعاً لكافة الظروف مما يسبب صعوَبت<br />
عملية وجهوداً ونفقات يرتتب علهيا نقصان حصيلة الزكاة .<br />
)1272(<br />
)1273(<br />
)1274(<br />
)1275(<br />
ينظر:<br />
جملة جممع الفقه ( ،)24 ( .)137/1<br />
ينظر: <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقه ( 80/2( .<br />
ينظر: املصادر السابقة ه<br />
ينظر: املصادر السابقة ه<br />
2ص 338.<br />
2ص 338.
– للبيع<br />
ولو جعلنا كل مالك يستغل رأس ماله ويبتغي مناءه اتجراً – ولو كان رأس املال غري متداول وغري معد<br />
لكان مالك األرض والشجر اليت ترج له زرعاً ومثراً اتجراً أيضاً فيقوم أرضه وشجره كل عام وخيرج<br />
زكاهتا ومل يقل هبذا أحد .<br />
)1276(<br />
وقد ظهر من خالل املناقشات السابقة رجحان القول األول َبلنظر لقوة مستنده وموافقته لألصول<br />
الشرعية <strong>يف</strong> براءة الذمة من التكال<strong>يف</strong> إال بنص ، والزكاة ركن من أركان <strong>اإلسالم</strong> وعبادة ال مدخل للقياس فيها<br />
وإن صح فقد بينَّا بطالنه فيما تقدم واألحكام الشرعية ال تبىن على العاطفة والعقل اجملرد وقد توصل إىل هذا<br />
أغلب اجملامع الفقهية وجلان الفتوى.<br />
فجاء <strong>يف</strong> قرار اجملمع الفقهي التابع لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته احلادية عشرة املنعقدة مبكة املكرمة <strong>يف</strong><br />
1409/7/13ه َبألكثرية:<br />
"اثلثاً: العقار املعد لإلجيار جتب الزكاة <strong>يف</strong> أجرته فقط دون رقبته .<br />
رابعاً: نظراً إىل أن األجرة جتب <strong>يف</strong> ذمة املستأجر للمؤجر من حني عقد اإلجارة فيجب إخراج زكاة<br />
األجرة عند انتهاء احلول من حني عقد اإلجارة بعد قبضها .<br />
خامساً: قدر زكاة رقبة العقار إن كان للتجارة وقدر زكاة غلته إن كان لإلجارة هو ربع العشر إحلاقاً له<br />
)1277(<br />
َبلنقدين " .<br />
وجاء <strong>يف</strong> قرار جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي املنبثق عن منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورة انعقاد مؤمتره الثاين من<br />
1406/4/16-10ه :<br />
"أوالً: مل يؤثر نص واضح يوجب الزكاة <strong>يف</strong> العقارات واألراضي املأجورة.<br />
اثنياً: مل يؤثر نص كذلك يوجب الزكاة الفورية <strong>يف</strong> غلة العقارات واألراضي املأجورة غري الزراعية .<br />
ولذلك قرر:<br />
أوالً: أن الزكاة غري واجبة <strong>يف</strong> أصول العقارات واألراضي املأجورة .<br />
اثنياً: أن الزكاة جتب <strong>يف</strong> الغلة وهي ربع العشر بعد دوران احلول من يوم القبض مع اعتبار توفر شروط<br />
الزكاة وانتفاء<br />
املوانع ." )1278(<br />
وجاء <strong>يف</strong> املؤمتر الثاين جملمع البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية املنعقدة <strong>يف</strong> القاهرة عام<br />
1385ه :<br />
)1276(<br />
)1277(<br />
ينظر: املصادر السابقة ص 338، والزكاة <strong>يف</strong> امليزان، حملمد وهبة وعبد العزيز مججوم، ص ( 179( .<br />
قرارات اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي لدوراته ( 12-11-10(، ص ( 73( .<br />
)1278( جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ( )24 ( /1 )198 .
-1<br />
-2<br />
-3<br />
"ال جتب الزكاة <strong>يف</strong> أعيان العمائر االستغاللية واملصانع والسفن والطائرات وما شاهبها بل جتب<br />
الزكاة <strong>يف</strong> صا<strong>يف</strong> غلتها عند توافر النصاب وحوالن احلول.<br />
إذا مل يتحقق فيها النصاب وكان لصاحبها أموال أخرى تضم إليها وجتب الزكاة <strong>يف</strong> اجملموع إذا<br />
توافر شرطان النصاب وحوالن احلول .<br />
مقدار النسبة الواجبة إخراجها: هو ربع عشر صا<strong>يف</strong> الغلة <strong>يف</strong> هناية احلول".<br />
–<br />
)1279(<br />
وجاء <strong>يف</strong> توصيات وفتاوى املؤمتر األول للزكاة املنعقد <strong>يف</strong> الكويت 1404/7/29ه : "الزكاة <strong>يف</strong> أعياهنا<br />
أي املستغالت اتفاقاً – وإمنا تزكى غلتها وقد تعددت اآلراء <strong>يف</strong> ك<strong>يف</strong>ية زكاة هذه الغلة :<br />
فرأى األكثرية أن الغلة نضم ( <strong>يف</strong> النصاب واحلول ) إىل مالدى املستغالت من نقود وعروض جتارة<br />
وتزكى بنسبة ربع العشر (<br />
) %2.5 وتربأ الذمة بذلك " . )1280(<br />
)1279(<br />
)1280(<br />
ما ال يسع التاجر جهله ، للمصلح والصاوي، ص ( 374( .<br />
أحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة، لألشقر وحممد ايسني وشبري ( 870/2(.
املطلب السابع<br />
أغراض <strong>السياحة</strong> وتأثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها
املطلب السابع : أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها<br />
أوالً أغراض <strong>السياحة</strong> .<br />
للسياحة أغراض متعددة ومتنوعة ومن أهم وأبرز أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر مايلي:<br />
الرتفيه والتسلية والنزهة :<br />
وهذه <strong>السياحة</strong> الرتفيهية هي الغالب <strong>يف</strong> إطالق <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> عصران احلاضر وهي أكرب أنواع<br />
<strong>السياحة</strong> أمهية وانتشاراً، وأهم عناصر اجلذب السياحي، وقد أصبحت من احلاجات االجتماعية<br />
الضرورية <strong>يف</strong> العصر احلاضر نتيجة للحياة العصرية السريعة اإليقاع واملليئة َبلضغوط املختلفة .<br />
وهذا النوع من <strong>السياحة</strong> يشمل عدداً من األنشطة الرتوحيية كزايرة املنتزهات والتمتع َبملناظر<br />
الطبيعية اخلالبة وممارسة الرايضات املتنوعة كالصيد والسباحة والتزحلق على اجلليد وصعود اجلبال<br />
وحضور املنافسات والدورات الرايضية واملهرجاانت الشعبية والغنائية والثقافية والتسوق ومدن<br />
األلعاب وحدائق احليواانت واملتاحف واألماكن التارخيية واملسارح وصاالت السينما .<br />
وغريها من األنشطة اليت حتقق قدر كبرياً من املتعة والبهجة للسائح<br />
زايرة األقارب واألصحاب :<br />
)1281(<br />
للمحافظة على العالقات االجتماعية الوثيقة وتسلية النفوس برؤية األحباب <strong>يف</strong> األفراح واألتراح<br />
وغريها .<br />
وتسمى<br />
َبلسياحة االجتماعية )1282( .<br />
السياسة واالقتصاد<br />
:<br />
ويشمل هذا <strong>السياحة</strong> الرمسية اليت يقوم هبا أشخاص ووفود رمسية للمشاركة <strong>يف</strong> حماداثت أو<br />
احتفاالت أو معارض دولية. )1283(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
وكذا <strong>السياحة</strong> التجارية اليت يقوم هبا رجال األعمال ألداء مهام جتارية وحضور املعارض الدولية<br />
وقد تطورت <strong>السياحة</strong> االقتصادية أو التجارية <strong>يف</strong> هذا العصر تبعاً لنمو العالقات االقتصادية<br />
)1281(<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية، انصر الطيار، ص (<br />
38<br />
)1282(<br />
)1283(<br />
وما بعدها (، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب<br />
ص ( 116(، <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي، إبراهيم األحيدب، ص ( 15(، واملوسوعة العربية العاملية، ( 213/13(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري<br />
وإمساعيل الدابغ ص ( 84 89( ، ، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ( 188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، للزوكة ص ( 107 وما بعدها ) ، بتصرف.<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار، ص ( 39(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، للزوكة ص ( 107 وما بعدها (، بتصرف<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار ص (<br />
.<br />
40<br />
(، ومقال بعنوان: حنو مفهوم أعمق وأمشل للسياحة، د. عبد هللا الطريقي،<br />
جريدة اجلزيرة، العدد ( 10100(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، للزوكة ص)<br />
بتصرف.<br />
107<br />
وما بعدها (،
الدولية والتوسع <strong>يف</strong> االستثمارات الضخمة واملشاريع الدولية وتشري اإلحصائيات إىل أن هذه<br />
<strong>السياحة</strong> تشكل<br />
%20<br />
من إمجايل حركة <strong>السياحة</strong> الدولية. )1284(<br />
وهذا النوع والغرض عرف منذ القدم وجاء ذكره <strong>يف</strong> سورة قريش كما تقدم.<br />
)1285(<br />
العالج :<br />
فقد تكون <strong>السياحة</strong> بغرض احلاجة إىل العالج اجلسمي والنفسي وتغيري البيئة ومراجعة املراكز<br />
الطبية املتخصصة وقصد بعض األماكن الطبيعية اليت يقصدها الناس لالستشفاء مبياهها أو نقاء<br />
جوها وحنو ذلك. )1286(<br />
-4<br />
وكما أن السفر يكون لطلب العالج إال أنه قد يكون شفاء بذاته ملا فيه من الرايضة وال يتعارض<br />
مع حديث : )) السفر قطعة من العذاب (( كما تقدم بيان ذلك<br />
)1287(<br />
ولذا قال الشافعي:<br />
وانصب فإن لذيذ العيش <strong>يف</strong> النصب<br />
سافر جتد عوضاً عمن تفارقه<br />
إين رأيت وقوف املاء <strong>يف</strong>سده إن ساح طاب وإن جير مل<br />
يطب )1288(<br />
وهذه <strong>السياحة</strong> معروفة منذ القدم، وقد تفنن الرومان <strong>يف</strong> بناء احلمامات العالجية وازدهرت )1289(<br />
هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر وصممت فنادق <strong>السياحة</strong> العالجية بشكل خاص هلذا الغرض<br />
حيث تشمل مصحات حتتوي على ينابيع للمياه املعدنية احلارة والباردة وقاعات للتمارين<br />
الرايضية كما تستغل وسائل أخرى للعالج كطبيعة اجلو وخصائصه أو املاء ( كالعيون احلارة<br />
واملياه املعدنية ) أو الرمل ( كالدفن فيه للعالج ) أو الكهوف ذات األخبرة الغازية وغري ذلك،<br />
والسائح هنا إما أن يكون مريضاً، أو يريد النقاهة وإراحة أعصابه وجسمه من التعب ونصب<br />
)1290(<br />
احلياة ومشاكلها.<br />
5- تغيري البيئة :<br />
)1284(<br />
ينظر: مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>، ملثىن احلوري وإمساعيل الدابغ ص ( 88<br />
) بتصرف .<br />
)1285( <strong>يف</strong> ص )85( .<br />
)1286(<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار ص (<br />
<strong>السياحة</strong>، للزوكة ص) 107 وما بعدها (، بتصرف.<br />
40<br />
)1287( <strong>يف</strong> ص ( 23 ) .<br />
)1288( ديوان الشافعي، ص ( )26 .<br />
)1289(<br />
ينظر: مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص ( 86-85<br />
(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ص )188(، وصناعة<br />
(، بتصرف.<br />
)1290(<br />
املصدر السابق .
وهو ما يسمى َبلسياحة البيئية طلباً للمناخ املعتدل واألجواء اجلميلة والبيئة النقية الصحية وهرَبً<br />
من شدة احلرارة أو شدة الربودة أو أماكن انتشار األمراض واألوبئة وتقدمت اإلشارة إىل<br />
هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> سورة قريش. )1292(<br />
)1291(<br />
االستكشاف واالستطالع<br />
:<br />
ويشمل استكشاف الكنوز واآلاثر واألماكن والكائنات احلية وثقافات األمم األخرى والتعرف<br />
على مالحمها وتراثها وآاثرها وقيمها واترخيها عموماً.<br />
العبادة:<br />
و<strong>السياحة</strong> بغرض العبادة تعرف َبلسياحة الدينية.<br />
)1293(<br />
<br />
و<strong>يف</strong> هذه التسمية نظر فإهنا مستلة من مصطلحات <strong>السياحة</strong> الغربية اليت صنفت <strong>السياحة</strong> لعدة<br />
أنواع منها الدينية وذلك انش عن رواسب فكرية وعقدية وفيه إشارة إىل منهجهم <strong>يف</strong> فصل<br />
الدين عن احلياة، واملسلم ميتثل شرع هللا عز وجل <strong>يف</strong> كل أعماله وعاداته وسلوكه كما قال<br />
)1294(<br />
. <br />
<br />
سبحانه : <br />
وليس <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> ما يسمى َبلسياحة الدينية اليت تتخذ عبادة <strong>يف</strong> ذاهتا إذ ال رهبانية <strong>يف</strong><br />
<strong>اإلسالم</strong> وليس هناك انقطاع للعبادة ورهبنة وسياحة <strong>يف</strong> األرض غري هادفة كما أنه ال يعظم وال<br />
يقدس غري ما عظمه هللا وقدسه، واآلاثر القدمية واملزارات واملشاهد اليت يعظمها الناس اليوم<br />
ليست مما يعظم ومن مث فالنظرة إليها كالنظرة إىل غريها من املعامل السياحية األخرى، ومن اخلطأ<br />
أن نسمي زايرهتا َبلسياحة الدينية .<br />
وذهب البعض إىل أنه ال يليق إطالق اسم ( سائح( على احلجاج واملعتمرين نظراً الشتهار وغلبة<br />
الرتفيه واللهو على <strong>السياحة</strong> املعاصرة فال عالقة بني عمل السائح فيها وعمل احلاج واملعتمر؛ ألن<br />
عمل السائح <strong>يف</strong> الغالب جمرد عادة دنيوية وتلك عبادات فاألليق هبم هو لفظ ( وفد هللا ) و (<br />
وضيوف الرمحن ) .<br />
-6<br />
-7<br />
)1291(<br />
<strong>يف</strong>( )1292<br />
ينظر: املصدر السابق، و<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي، األحيدب، ص) 15 وما بعدها (، بتصرف.<br />
ص )85( .<br />
ص) 107<br />
)1293(<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب ص ( 115(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، للزوكة<br />
وما بعدها (، بتصرف.<br />
)1294( سورة األنعام اآلية : ( 162 ) .
وال مشاحة <strong>يف</strong> االصطالح لكن املراد بيان وجهة من فضل عدم إطالق هذه األلفاظ على<br />
األغراض الدينية التعبدية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغلبة غرض اللهو والرتفيه عليها <strong>يف</strong> هذا العصر وهو رأي له<br />
وجاهته وحظه من االعتبار . )1295(<br />
وتتمثل هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زايرة األماكن الدينية املقدسة كاملساجد الثالثة وغريها من املساجد<br />
<strong>اإلسالم</strong>ية واملشاهد والقبور واآلاثر الدينية تعظيماً هلا وطلباً للثواب <strong>يف</strong> زايرهتا أو لالطالع<br />
والتعرف والتأمل <strong>يف</strong> آاثر السابقني وتراث األمة <strong>اإلسالم</strong>ية. )1296(<br />
وكذلك سياحة التفكر<br />
ويدخل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الدينية <strong>السياحة</strong> ألداء مناسك احلج والعمرة )1297(<br />
والتبصر <strong>يف</strong> آايت هللا وبديع خلقه وإحكامه لنظام الكون وهذا من أعظم العبادات كما تقدم<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ولذا قال تعاىل :<br />
)1298(<br />
)1299(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فأمره َبلسري له أسرار ومعان مجة منها: أنه يدين السائح ويقربه من املشاهد ليطلع على األسرار<br />
املكنونة واملشاهد الظاهرة واحلكم اليت دبر هللا هبا أمر الدنيا وهلذا أثر قوي <strong>يف</strong> القلب .<br />
إال أن حس كثري من املسلمني مل يرق ملا ينبغي أن يكون عليه من أتثره آباثر هللا وآايته <strong>يف</strong> خلقه<br />
)1301( ، وقال:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فقال :<br />
)1300(<br />
واليت أمران َبلنظر والتفكر فيها<br />
، )1303( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقال: )1302( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1304(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال: <br />
وقال:<br />
)1295(<br />
)1296(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، د. علي األمحد، ص ( 152(، وحنو مفهوم أعمق وأمشل للسياحة، مقال د. عبد هللا الطريقي <strong>يف</strong><br />
جريدة اجلزيرة، األربعاء 1421/2/20ه ، العدد ( 10100(، بتصرف .<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة، انصر الطيار ص (<br />
<strong>السياحة</strong>، للزوكة ص) 107 وما بعدها (، بتصرف.<br />
41<br />
(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص (<br />
،) 87 وصناعة<br />
)1297(<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
)1298( <strong>يف</strong> ص )37( .<br />
)1299( سورة العنكبوت اآلية : ( 20 ) .<br />
)1300(<br />
. )<br />
)1301(<br />
. )<br />
)1302(<br />
. )<br />
)1303(<br />
)1304( سورة الغاشية اآلية : ( 17 ) .<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، د/ علي األمحد، ص 153 وما بعدها، بتصرف.<br />
سورة عبس اآلية: ( 24<br />
سورة الطارق اآلية ( 5<br />
سورة الذارايت اآلية: ( 21
)1305( ، وقال :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1306( .<br />
<br />
ونظر السائح إىل هذه املخلوقات واآلايت املتنوعة يزيد <strong>يف</strong> إميانه وتعظيمه خلالقه وينال بذلك<br />
الثواب العميم.<br />
فمن فضائل هذه <strong>السياحة</strong> أن صاحبها يرى من عجائب األمصار وبدائع األقطار وحماسن اآلاثر<br />
ما يزيده علماً بقدرة هللا وعمله على شكر نعمته.<br />
ويدخل <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> سياحة االعتبار واالتعاظ أبحوال السابقني من األمم البائدة.<br />
كما أرشد الباري لذلك <strong>يف</strong> قوله :<br />
)1307(<br />
<br />
<br />
<br />
)1308(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
وال شك أن هذا السري والنظر أقوى <strong>يف</strong> االعتبار من جمرد السماع ولذا جنى هللا فرعون ببدنه لريى<br />
من بعده ك<strong>يف</strong> آل أمره ومصريه وعاقبته بعد جتربه وكفره فيتعظون به، قال تعاىل :<br />
<br />
<br />
)1309( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واالعتبار ال يقتصر على رؤية أماكن<br />
املعذبني بل يشمل أيضاً ما يراه اإلنسان من آاثر موران األرض واضطراهبا عند الزالزل والرباكني<br />
وآاثر العواصف والطوفان والفيضاانت.<br />
ويدخل <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong><br />
)1310(<br />
–<br />
الصوفية واملبتدعة كما تقدم. )1311(<br />
- بغر ض العبادة<br />
سياحة الرهبانية املذمومة كما هو حال كثري من<br />
–<br />
ويدخل أيضاً -<br />
األقطار.<br />
<strong>يف</strong> غرض العبادة<br />
<strong>السياحة</strong> بقصد الدعوة إىل دين هللا ونشره بني الناس <strong>يف</strong><br />
)1305( سورة الروم اآلية : ( 50 ) .<br />
)1306(<br />
)1307(<br />
)1308(<br />
)1309(<br />
)1310(<br />
سورة األنعام اآلية: ( 99<br />
. )<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، د/ علي األمحد، ص 153 وما بعدها، بتصرف.<br />
سورة غافر اآلية: ( 21<br />
سورة يونس اآلية: ( 92<br />
. )<br />
. )<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
)1311( <strong>يف</strong> ص ( 47 ) .
ف<strong>اإلسالم</strong> دين عاملي لكل اخلالئق قال تعاىل :<br />
)1313(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1312( وقال سبحانه : <br />
ومن هنا رغب هللا عز وجل عباده <strong>يف</strong> القيام مبسؤولية الدعوة إىل هذا الدين وإشاعة نوره <strong>يف</strong><br />
اآلفاق وإخراج الناس من ظلمات الكفر والفساد وإذا تطلب ذلك قيام الدعاة َبلسياحة إىل<br />
مواقع املدعوين وأماكنهم فإن <strong>السياحة</strong> بدافع الوصول إليهم وتبليغهم ودعوهتم تصبح من<br />
)1315(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
املسؤوليات املناطة هبم )1314( <br />
وسيأيت مزيد بيان هلذا <strong>يف</strong> مطلب مستقل<br />
العصور <strong>يف</strong> نشر هذا الدين.<br />
طلب العلم:<br />
– إبذن هللا تعاىل –<br />
)1316(<br />
ألمهيته البالغة وأثره الظاهر عل مر<br />
ومنه النافع والضار، والنافع منه ما هو من علوم الدين أو الدنيا و<strong>السياحة</strong> لطلب العلم النافع من<br />
العبادات العظيمة إذا حسنت نية صاحبه، والناظر <strong>يف</strong> سري أعالم املسلمني جيدهم قد رحلوا إىل<br />
األقطار <strong>يف</strong> طلب العلم ومجعه <strong>يف</strong> كل الفنون. )1317(<br />
-8<br />
وقد تقدم أن من معاين <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن الكرمي : طلب العلم، والرحلة فيه، ومما ورد <strong>يف</strong><br />
احلث<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
على ذلك قوله سبحانه :<br />
..اآلية.)1318( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-<br />
-<br />
–<br />
وقد ذهب موسى –<br />
عليه السالم<br />
إىل اخلضر<br />
عليه السالم<br />
وقال:<br />
)1319( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1320(<br />
ومن هنا قال العلماء : " من مل تكن له رِّحْلة ال يكون رُحَلَةً " .<br />
)1312( سورة األنبياء اآلية : ( 107 .)<br />
)1313( سورة األعراف اآلية : ( 158 ) .<br />
)1314(<br />
)1315(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، علي األمحد، ص ( 153 وما بعدها (، بتصرف.<br />
سورة فصلت اآلية: ( 33<br />
. )<br />
)1316( <strong>يف</strong> ص )533( .<br />
)1317(<br />
. )<br />
)1318(<br />
)1319( سورة الكهف اآلية : ( 66 ) .<br />
للفائدة ينظر: جامع بيان العلم وفضله، البن عبد الرب .<br />
سورة التوبة اآلية ( 122<br />
)1320( شرح صحيح مسلم ، للنووي ( /2 )51 .
أي: أن من ال يرحل لطلب العلم و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض ألجله فيبعد أتهله لريُْحَلَ إليه.<br />
ومن فوائد هذه <strong>السياحة</strong> : التمكن من اجلوانب العلمية فالبيئة إذا تغريت حررته من سيطرة<br />
املألوفات فيتبع فهمه وإدراكه .<br />
وكذلك نشر ما حصله من العلوم واتساع ثقافته العامة الحتكاكه َبلناس واطالعه على خمتلف<br />
عاداهتم وثقافاهتم فيكون صاحب خربات وجتارب وإملام َبألحكام وحسن تنزيل هلا على خمتلف<br />
الوقائع واألشخاص. )1321(<br />
وكثري من املفسدين تكون سياحته لطلب العلم الضار بعقله ودينه وأمته وتقاليده من علوم<br />
إحلادية وتغريبية ومبادئ هدامة وعقائد منحرفة وآراء مضللة. )1322(<br />
وهذا النوع من <strong>السياحة</strong> يدخل فيه ما يعرف َبلسياحة الثقافية للمشاركة <strong>يف</strong> الندوات واملؤمترات<br />
الثقافية وتثق<strong>يف</strong> النفس حبضارات اآلخرين وقيمهم والتعرف عليها وهي سياحة تفاعلية من خالل<br />
التعرف على ثقافات اآلخرين والتعر<strong>يف</strong> بثقافات أمته. )1323(<br />
وهذه <strong>السياحة</strong> ذات طبيعة ذهنية يستهدف السائح من خالهلا التعرف على أشياء جديدة عن<br />
الشعوب التارخيية وآاثرها وحضارهتا، وفيها استكشاف واستطالع كما تقدم إال أنه هنا متبادل،<br />
كما أن هذه <strong>السياحة</strong> فيها نوع من املتعة والرتفيه لكنه ليس املقصد األساسي منها، وتقدمت<br />
اإلشارة إىل أن الدراسة ليست من أغراض <strong>السياحة</strong> مبفهومها العصري ،لكن طلب العلم<br />
وحصول املعرفة اليقتصر على الدراسة وهو أمر متحقق <strong>يف</strong> كل سياحة غالبا ؛ حيث يطلع<br />
السائح على اتريخ وحضارات األمم وعلومها وآاثرها ممايوسع دائرة معارفه ، ومن هنا جاء ربط<br />
اآلاثر َبلسياحة ، ومن اجلدير َبلذكر أن <strong>السياحة</strong> الثقافية املرتبطة َبملعامل األثرية واحلضارية ال<br />
يقبل عليها السائح غالباً إال مرة واحدة ومعدل بقائه فيها قصري ( حبدود<br />
5 -3 أايم .) )1324(<br />
اثنياً: أتثري هذه األغراض <strong>يف</strong> مشروعية <strong>السياحة</strong> :<br />
ولكن ليس كل أفراد<br />
تقدمت اإلشارة إىل بيان مشروعية <strong>السياحة</strong> وأن األصل فيها هو اإلَبحة )1325(<br />
جنس <strong>السياحة</strong> مباح بل يتفاوت ذلك حبسب الغرض من <strong>السياحة</strong> واملوازنة بني املصاحل واملفاسد فيها.<br />
)1321(<br />
)1322(<br />
)1323(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص 165 وما بعدها بتصرف.<br />
للفائدة ينظر: : خطر االبتعاث <strong>يف</strong> كتاب اجملموع املرتضى، للشيخ إبراهيم احلديثي ص) 20<br />
. )<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب ص ( 116(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص (<br />
صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، للزوكة ص ( 107 وما بعدها (، بتصرف.<br />
،) 83 وأصول<br />
)1324(<br />
ينظر: مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص ( 84<br />
(، بتصرف.<br />
)1325( <strong>يف</strong> ص )84( .
وإذا كانت <strong>السياحة</strong> مبفهومها اللغوي تشمل مطلق التنقل <strong>يف</strong> األرض ألي غرض فإن أغراض <strong>السياحة</strong><br />
متنوعة متعددة وقد يغلب بعضها على مفهوم <strong>السياحة</strong> وذلك َبختالف األشخاص واألزمان واألمكنة<br />
فتكون بعض األمور من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زمن دون غريه وهكذا .<br />
وهلذه األغراض أثر َبلغ <strong>يف</strong> تفاوت احلكم الشرعي للسياحة وتغريه من اإلَبحة إىل الندب أو الكراهة أو<br />
التحرمي أو الوجوب فتدور عليها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية حبسب الغرض منها كما <strong>يف</strong> احلديث : )) إمنا األعمال<br />
َبلنيات، وإمنا لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إىل هللا ورسوله فهجرته إىل هللا ورسوله، ومن كانت<br />
هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه ((.<br />
)1326(<br />
فتكون <strong>السياحة</strong> مباحة:<br />
والرتفيه الربئ النقي من أجل االستجمام والراحة وطلب<br />
وهو األصل كما تقدم ك<strong>السياحة</strong> للنزهة )1327(<br />
األنس والرتويح عن النفس وكذك <strong>السياحة</strong> لزايرة األصدقاء واألقارب للتسلي برؤيتهم واألنس بصحبتهم وكذا<br />
<strong>السياحة</strong> إلجناز األعمال واملهام واستثمار األموال طلباً للربح والغىن والنماء دون تكرب وعلو وأكل للحرام،<br />
وكذا <strong>السياحة</strong> للعالج والنقاهة وتغيري البيئة وطلب الراحة بذلك، فالتداوي حق وهو فعل األنبياء<br />
السالم<br />
–<br />
–<br />
)1328(<br />
عبثاً .<br />
عليهم<br />
وعلل األجساد تعاجل حىت ت ُرَد إىل اهليئة اليت كانت عليها ولوال ذلك ألمهلت األدوية ومل خيلقها هللا<br />
ففي الصحيح عنه : )) ما أنزل هللا داءً إال أنزل له شفاء ((.<br />
)1329(<br />
وقال األعراب : اي رسول هللا أال نتداوى، فقال: )) نعم اي عباد هللا تداووا فإن هللا مل يضع داءً إال وضع<br />
)1330(<br />
له شفاء ((، أو قال: )) دواء (( احلديث .<br />
وقال <br />
: )) احرص على ما ينفعك واستعن َبهلل (( )1331( ، والسفر لطلب العالج حتقيق لذلك، وفيه<br />
تقوية للمؤمن على العبادة، وقد أمر النيب العرنيني ملا اجتووا <strong>يف</strong> املدينة َبخلروج إىل األرض النزهة والتداوي<br />
أبلبان اإلبل وأبواهلا ففعلوا فصلحت أبداهنم. )1332(<br />
)1326(<br />
)1327(<br />
)1328(<br />
)1329(<br />
)1330(<br />
تقدم خترجيه ص ( 96<br />
وتقدم ذكر اخلالف فيها،ص )299(.<br />
ينظر: نوادر األصول <strong>يف</strong> أحاديث الرسول <br />
،) وينظر : املوسوعة الفقهية الكويتية، ( )26/25 .<br />
، للرتمذي ( /1 )44 .<br />
)1331(<br />
)1332(<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب الطب، ابب ما أنزل هللا داء...احلديث ، برقم ( 5678( .<br />
أخرجه أبو داود، <strong>يف</strong> كتاب الطب، ابب <strong>يف</strong> الرجل يتداوى ، رقم ( 3855(، والرتمذي، <strong>يف</strong> كتاب الطب، ابب ما جاء <strong>يف</strong> الدواء واحلث عليه،<br />
برقم ( 2081(، وقال : حسن صحيح.<br />
أخرجه مسلم، كتاب القدر، ابب اإلميان ابلقدر، رقم ( 6774(.<br />
اجتووا: أصاهبم اجلوى وهو املرض، تقول: اجتويت البلد إذا كرهت املقام فيها وإن كنت <strong>يف</strong> نعمة لوقوع الضرر بك بسبب اإلقامة هبا . ينظر:<br />
النهاية، البن اجلزري ( 1/ 318( . واحلديث أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب احلدود، ابب احملاربني، برقم ( 6802(.
وقد تكون <strong>السياحة</strong> العالجية إىل مكة لالستشفاء مباء زمزم،وقد قال النيب فيه وقد أقام بني الكعبة<br />
وأستارها ثالثني ما بني يوم وليلة ليس له طعام غريه: )) إهنا مباركة إهنا<br />
)1333(<br />
طعام طعم وشفاء سقم (( .<br />
<br />
<br />
وقد تكون هذه <strong>السياحة</strong> إىل الينابيع والعيون املعدنية<br />
وهي داخلة <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />
<br />
)1334( ، وقوله أليوب بعد ابتالئه َبملرض <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1335( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد تكون هذه <strong>السياحة</strong> بقصد األمكنة الرحيبة ليجول النظر <strong>يف</strong> ملكوت السماء واألرض جوالانً يورث<br />
االرتياح لألعصاب والبهجة للنفس والسرور للقلب وإزالة اهلموم والكدر الذي ميرض اجلسم. )1336(<br />
وقد ذُكر أن األطباء رَغَّبُوا مَنْ كَلَّ بَ َصرُه إبدامة النظر إىل اخلضرة، وقيل <strong>يف</strong> لون السماء : " أتمل ما<br />
وضعت عليه السماء من هذا اللون الذي هو أحسن األلوان وأشدها موافقة للبصر وتقوية له" .<br />
)1337(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذا من احلكم العظيمة اليت أرشدان املوىل سبحانه الستنباطها بقوله :<br />
فالنظر إليها عالج ألمراض القلب ووساوسه<br />
)1338(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومهومه واجلسد وآفاته وكلل بصره .<br />
وكذا <strong>السياحة</strong> لالستكشاف واالستطالع والتعرف على الثقافات والكائنات واألماكن واآلاثر وأتملها<br />
ودراسة اترخيها فكل ذلك على أصل اإلَبحة، وهذه <strong>السياحة</strong> قد تكون حاجية أو حتسينية كما تقدم.<br />
)1339(<br />
وتكون <strong>السياحة</strong> مكروهة :<br />
)1333(<br />
ص<br />
أخرجه مسلم، <strong>يف</strong> كتاب فضائل الصحابة، ابب فضائل أيب ذر ، برقم ( 6359(، بدون لفظ : )) وشفاء سقم (( وهو عند الطيالسي <strong>يف</strong> مسنده<br />
( )61 ، رقم ( .)457<br />
)1334( سورة األنبياء اآلية : ( 30 ) .<br />
)1335( سورة ص اآلية : ( 42 ) .<br />
)1336(ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، علي األمحد، ص ( 172 وما بعدها (، بتصرف.<br />
)1337(<br />
)1338(<br />
مفتاح دار السعادة، البن القيم ( 1/ 207( .<br />
سورة ق اآلية: ( 6<br />
. )<br />
ص ( 84 ) <strong>يف</strong>( 1339(<br />
. ومابعدها
إذا غلب عليها االنغماس <strong>يف</strong> امللذات والشهوات املباحة ملا <strong>يف</strong> ذلك من تشاغل عن العبادة والطاعة<br />
وتقسية القلوب وإضاعة لألوقات وكذا إذا اشتملت على مفاسد ال تصل هبا إىل التحرمي أو ترتب عليها<br />
التفريط <strong>يف</strong> الطاعات والتكاسل عنها وحنو ذلك .<br />
وقد تكون <strong>السياحة</strong> مندوبة :<br />
إذا كان الغرض منها النزهة املباحة وتغيري البيئة والرتفيه الربيء اخلايل من املنكرات واملفاسد للتقوي بذلك<br />
على عبادة هللا وإيناس األهل وإدخال الفرح والبهجة إىل قلوهبم وإراحتهم من عناء الدراسة والعمل وتقدم<br />
تقرير مشروعية ذلك وأن األصل إَبحته ونية التقوي على العبادة وبر األهل والوالدين َبإليناس ترتقي به إىل<br />
الندب واالستحباب كما تقدم. )1340(<br />
وكذا إذا كان الغرض من <strong>السياحة</strong> زايرة األقارب واألصحاب وصلة األرحام طلباً للثواب فإهنا تكون<br />
مندوبة كما <strong>يف</strong> قوله : : )) زار رجل أخاً له <strong>يف</strong> قرية فأرصد هللا ملكاً على مَدْرجته، فقال: أين تريد؟<br />
فقال: أريد أخاً يل <strong>يف</strong> هذه القرية، قال: هل لك من نعمة تَرُدُّهَا عليه؟ قال: ال غري أين أحببته <strong>يف</strong> هللا عز<br />
وجل، قال: فإين رسول هللا إليك أبن هللا قد أحبك كما أحببته فيه ((<br />
األرحام تدخلوا اجلنة بسالم ((.<br />
)1341( ، و<strong>يف</strong> احلديث : (( صلوا<br />
)1342(<br />
وكذا إذا كان الغرض من <strong>السياحة</strong> زايرة املساجد الثالثة<br />
)1343(<br />
وأداء مناسك حج النفل والعمرة، وطلب<br />
العلم النافع غري املتعني بنية حسنة، والتفكر والتدبر واالتعاظ، والدعوة إىل هللا، وتعليم الغري اخلري وتعر<strong>يف</strong>هم<br />
بعادات األمة <strong>اإلسالم</strong>ية وتقاليدها ومبادئها السمحة، وتصحيح التصورات اخلاطئة عنها، أو لطلب الرزق<br />
احلالل فإهنا تكون مندوبة ملا فيها من املصاحل والفوائد الدنيوية واألخروية ، ولعموم األدلة <strong>يف</strong> فضل تلك<br />
األغراض واحلث عليها والرتغيب فيها، كما <strong>يف</strong> قوله <strong>يف</strong> فضل طلب العلم : )) من سلك طريقاً يلتمس<br />
<br />
<br />
<br />
فيه علماً سهل هللا له به طريقاً إىل اجلنة ((<br />
)1344( ، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> الدعوة إىل دينه :<br />
<br />
، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> طلب الرزق احلالل: <br />
)1345(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1340( <strong>يف</strong> ص ( 84 )<br />
. ومابعدها<br />
)1341(<br />
رواه مسلم، كتاب الرب والصلة، ابب <strong>يف</strong> فضل احلب <strong>يف</strong> هللا ص (<br />
،)1127 رقم (<br />
،82 رقم) ،)354<br />
)1342(<br />
رواه ابن ماجه، <strong>يف</strong> كتاب إقامة الصالة، ابب ما جاء <strong>يف</strong> قيام الليل، ص (<br />
،)2555 رقم (<br />
2567(، والبخاري، األدب املفرد، ابب فضل الزايرة ص (<br />
1334(، والرتمذي، <strong>يف</strong> كتاب األطعمة، ابب ماجاء<br />
<strong>يف</strong> فضل إطعام الطعام، وقال: حديث حسن صحيح ص ( 1840(، رقم ( 1855(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه، ابب الرتغيب <strong>يف</strong> فضل العشاء ( 502/2(،<br />
والدارمي، <strong>يف</strong> فضل صالة الليل ( 405/1(،<br />
)1343(<br />
)1344(<br />
)1345( سورة النحل اآلية : ( 125 ) .<br />
وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> ص )555(.<br />
رواه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار، ابب فضل االجتماع على تالوة القرآن، ص) 1147(، رقم ( 2699( .
، وقوله :<br />
)1346(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، )1348(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> ذلك :<br />
)1347(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وملا تقدم من األدلة <strong>يف</strong> فضل سياحة التفكر )1349( كقوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> ذلك<br />
فوائد وإدراك لعظمة هللا ووحدانيته مما يزيد اإلميان واملعرفة َبهلل .<br />
)1350( <br />
<br />
وذهب بعض املفسرين كالشيخ حممد رشيد رضا إىل القول بوجوب <strong>السياحة</strong> بغرض االعتبار )1351(<br />
ألن<br />
)1352( <br />
<br />
قوله سبحانه <br />
يدل بعمومه على وجوب هذه <strong>السياحة</strong> وإن كان اخلطاب<br />
للمشركني املكذبني َبلرسل لكن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب .<br />
وقال <strong>يف</strong> الكشاف: " جعل النظر مسبباً عن السري <strong>يف</strong> قوله<br />
)1353(<br />
فانظروا <br />
فكأنه قال: سريوا ألجل النظر<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وال تسريوا سري الغافلني، وأما قوله :<br />
فمعناه : إَبحة السري <strong>يف</strong> األرض<br />
للتجارة وغريها من املنافع وإجياب النظر <strong>يف</strong> آاثر اهلالكني ونبه على ذلك ب ( مث ) لتباعد ما بني الواجب<br />
)1354(<br />
واملباح ".<br />
سورة امللك اآلية: ( 15<br />
. )<br />
)1346(<br />
. )<br />
)1347(<br />
)1348( سورة النحل اآلية : ( 14 ) .<br />
سورة املزمل اآلية: ( 20<br />
)1349( <strong>يف</strong> ص )37(<br />
. ومابعدها<br />
)1350( سورة احلج اآلية : ( 46 ) .<br />
)1351(<br />
ينظر: تفسري املنار، حملمد رشيد رضا ( 290/8( .<br />
وهو حممد رشيد بن علي رضا بن حممد احلسيين، صاحب جملة املنار من الكتاب والعلماء ابحلديث واألدب والتاريخ والتفسري، تو<strong>يف</strong> عام<br />
1354ه .<br />
ينظر: األعالم ، للزركلي ( )126/6 .<br />
)1352( سورة األنعام اآلية : ( )11 .<br />
)1353(<br />
)1354(<br />
املصدر السابق .<br />
للزخمشري ( 8/2( ، وهبذا قال البيضاوي، ينظر: حاشية زاده على البيضاوي ( 154/2(، وقال زاده: ( وقيل جيوز أن يكوان واجبني ومث لتفاوت<br />
ما بني الواجبني كما <strong>يف</strong> قولك: توضأ مث صل، ويؤيد هذا االحتمال أن جعل السري هاهنا سري إابحة و<strong>يف</strong> غريه سري إجياب حتكم بال دليل وإن وجوب<br />
السري كوجوب الوضوء <strong>يف</strong> أن كل واحد منهما مفتاح ملا بعده غري مقصود لذاته ) . لكن قياس السري والنظر على قوله : توضأ مث صل مع الفارق فال<br />
يصح ألنه معلوم ابألدلة الثابتة اشرتاط الوضوء لصحة الصالة وليس السري كذلك ، والسري حيتمل أن يكون ابلعقول والفكر أو ابألقدام، وقد يستغىن<br />
ابلوسائل احلديثة املرئية والسمعية عن السري احلسي <strong>يف</strong> ذلك التفكر واالتعاظ مبشاهدة ذلك ومساعه من خالهلا . ينظر: تفسري البغوي (<br />
وأحكام <strong>السياحة</strong> لناقور ص ( 41<br />
،)130 /3<br />
42- ،) بتصرف.
واألقرب هو استحباب ذلك ال إجيابه كما هو قول مجهور العلماء واملفسرين فإنه مل ينقل عن أحد من<br />
العلماء أتثيم من مل يسر <strong>يف</strong> األرض لالعتبار وسبب نزول اآلية كما تقدم كاف لصرف األمر عن الوجوب<br />
إىل الندب.<br />
)1355(<br />
وقد تكون <strong>السياحة</strong> حمرمة :<br />
ك<strong>السياحة</strong> للرتفيه <strong>يف</strong> بالد الكفار<br />
)1356(<br />
و<strong>يف</strong> أماكن اللهو احملرم، و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني للرتفيه<br />
والتسلية، و<strong>السياحة</strong> البدعية <strong>يف</strong> املشاهد والقبور واألضرحة واآلاثر واملعابد جملرد املتعة أو إعجاَبً هبا أو تعظيماً<br />
هلا ، و<strong>السياحة</strong> للتجارة إذا اقرتنت َبملفاخرة والكرب والعلو <strong>يف</strong> األرض واملكاثرة َبملال لذلك أو أكله<br />
)1357(<br />
َبلباطل، و<strong>السياحة</strong> لطلب علم ضار، و<strong>السياحة</strong> الثقافية واالستكشافية إذا كان فيها تعظيماً لرتاث واتريخ<br />
وتقاليد مبادئ غري املسلمني وإعجاَبً هبا، و<strong>السياحة</strong> للعالج إذا كان حمرماً كالتداوي َبخلمر واخلنزير<br />
والسحر )1358(<br />
وحنو ذلك .<br />
كما حترم <strong>السياحة</strong> إذا ترتب عليها مفسدة راجحة أو إضرار َبألهل أو الغري أو ارتكاب للمحرمات أو<br />
تضييع حلقوق أو واجبات وحنو ذلك .<br />
فإذا علم السائح أو غلب على ظنه أنه سريتكب <strong>يف</strong> سياحته حمظوراً أو سيرتتب عليها ضرراً أو منكراً أو<br />
إضاعة للواجبات واحلقوق وحنو ذلك من املفاسد فإن سياحته حمظورة عندئذ ؛ ألن درء املفاسد مقدم على<br />
جلب املصاحل، وإذا كانت سياحته طريقاً أو ذريعة للفساد واإلسراف وإضاعة الواجبات وحنو ذلك فإن ما<br />
يؤدي إىل حمظور حمظور مثله، وقد قررت الشريعة سد الذرائع .<br />
وإذا كان <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ضرر على السائح <strong>يف</strong> نفسه أو دينه أو عقله أو ماله أو عرضه فإن الضرر يزال<br />
إبزالة سببه وطريقه وهو <strong>السياحة</strong> .<br />
ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية : " إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو اإلَبحة أو<br />
التحرمي فلينظر إىل مفسدته ومثرته وغايته، فإن كان مشتمالً على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على<br />
)1355(<br />
)1356(<br />
)1357(<br />
املصدر السابق ، بتصرف، والدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص ( 158 وما بعدها (، بتصرف.<br />
وسيأيت بياهنا ص )382(.<br />
وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> ص )548( ، وقد سئل الشيخ ابن جربين عمن يسافر إىل مصر فيزور املتاحف الفرعونية ويشاهد اجلثث احملنطة فيها<br />
.<br />
)1358(<br />
فأجاب: أبن زايرهتا ألجل النظر واالعتبار واالتعاظ ال مانع منه، لعموم األدلة <strong>يف</strong> األمر ابلتفكر واالعتبار، ويكون ذلك بقدر احلاجة، أما زايرهتا ألجل<br />
التمتع أو التعظيم أو اإلعجاب فممنوع منه، ينظر: املفيد، مجع العر<strong>يف</strong>ي، ص ( 153-152(، بتصرف.<br />
وسئل الشيخ ابن ابز عن الذهاب للسحرة بقصد العالج إذا كان مضطراً إىل ذلك . فأجاب: ال جيوز الذهاب إىل الكهان والسحرة واملشعوذين<br />
وال سواهم لقوله : )) من أتى عرافاً فسأله عن شيء مل تقبل له صالة أربعني ليلة(( رواه مسلم، وقال : )) من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه مبا<br />
يقول فقدكفر مبا أنزل على حممد ((، ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت البن ابز ، مجع الشويعر ( 8/ 158(، بتصرف.
الشارع األمر به أو إَبحته بل يقطع أن الشرع حيرمه ال سيما إذا كان مفضياً إىل ما يبغضه هللا ورسوله".<br />
)1359(<br />
وقد تكون <strong>السياحة</strong> واجبة :<br />
إذا كانت ألداء فريضة احلج، أو طلب علم انفع متعني، أو طلب الرزق احلالل إن تعذر أبرضه، أو<br />
كانت ألداء عمل يلزمه أداؤه وحنو ذلك من الواجبات تقريراً لقاعدة: ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1360(<br />
وأوجب بعض العلماء سياحة التفكر واالتعاظ<br />
لعموم قوله سبحانه :<br />
)1361(<br />
<br />
فهو وإن كان الغرض منه الداللة على صدق ما قبلها من اآلايت الناطقة مبا حل من عقاب هللا<br />
َبلساخرين واملستهزئني برسل هللا واخلطاب فيه للمشركني املكذبني ليعتربوا قبلهم إال أن العربة بعموم اللفظ ال<br />
خبصوص السبب. )1362(<br />
والصواب ما قرره أكثر املفسرين من أن األمر لإلَبحة ال للوجوب ألنه مل ينقل عن أحد من أهل العلم<br />
أتثيم من مل يسر <strong>يف</strong> األرض للعظة واالعتبار وألن اخلطاب <strong>يف</strong> اآلية موجه للمشركني املكذبني للغرض السابق<br />
ذكره وهو كاف <strong>يف</strong> صرف األمر عن الوجوب إىل الندب. )1363(<br />
)1359(<br />
القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية ، عبد السالم احلصني ( 165/1( .<br />
)1360(كالشيخ حممد رشيد رضا <strong>يف</strong> املنار ( 8/ 290(، بواسطة أحكام <strong>السياحة</strong>، هلاشم انقور، ص ( 41(.<br />
)1361( سورة األنعام اآلية : ( )11 .<br />
)1362(<br />
)1363(<br />
املصدر السابق ، بتصرف.<br />
املصدر السابق ، بتصرف.
املطلب الثامن<br />
عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر
: املطلب الثامن<br />
عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر<br />
أوالً : التعر<strong>يف</strong> مبكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر :<br />
تعترب مكاتب ووكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر من العوامل األساسية <strong>يف</strong> تسويق اخلدمات السياحية حبيث يقوم<br />
وكيل <strong>السياحة</strong> أو مكتب <strong>السياحة</strong> بتسويق املنشأة السياحية واستقطاب السواح وبيعهم خدمات هذه املنشأة<br />
السياحية وعمل برامج تسويقية وتروجيية لتلك املنشأة السياحية وللسياحة <strong>يف</strong> البلد بشكل عام. )1364(<br />
كما يتحدد دور هذه املكاتب والوكاالت <strong>يف</strong> تقدمي املعلومات وحجز السكن وتذاكر التنقل والتنظيم<br />
الكامل للرحلة .<br />
وحىت تقوم هذه الوكاالت بدورها على أحسن وجه تبذل اجلهود املستمرة ملعرفة حركة املواقع السياحية<br />
ورغبة السياح <strong>يف</strong> زايرهتا ومعرفة جنسيات السياح املرتددين على كل منطقة ونوعياهتم وتنفق شرحية أكرب من<br />
مبيعاهتا على الرعاية واإلعالن. )1365(<br />
ومنذ أول رحلة قامت هبا شركة توماس كوك َبلقطار عام 1841م تطورت العمليات اليت تقوم هبا<br />
وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر لتصبح أحد عناصر صناعة <strong>السياحة</strong> اهلامة حيث أصبحت تلعب دوراً فعاالً <strong>يف</strong><br />
تشكيل نظرة السائحني ملقاصدهم كما أهنا تؤثر على قرار اختيارهم للمكان والربانمج السياحي.<br />
ويلجأ املسافرون والسواح إىل هذه الوكاالت واملكاتب طلباً للنصائح والتعرف على األسعار وأماكن<br />
التسوق والرتفيه . )1366(<br />
ويشرتط <strong>يف</strong> العاملني من املدراء واملوظفني اإلملام حباجات ورغبات السواح وأن يكونوا <strong>يف</strong> حالة نفسية<br />
جيدة لتقدمي اخلدمات أبكرب قدر من الكفاءة والبد أن يتمتع العامل <strong>يف</strong> هذا اجملال ببعض الصفات ليسوق<br />
اخلدمة السياحية ومن ذلك: أن يكون على قدر كبري من العلم واملعرفة <strong>يف</strong> جمال العمل وأن جييد اللغات<br />
ويتصرف بلباقة وأن يتمتع َبلشخصية القوية وقوة التعبري ولغة التخاطب الواضحة والراحة النفسية والبد أن<br />
يراعي العاملون <strong>يف</strong> تسويق اخلدمات السياحية مبادئهم وعاداهتم وتقاليدهم وثقافة بلدهم وقيمهم .<br />
)1367( وقد<br />
بينت اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية وظائف وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وحصرهتا <strong>يف</strong><br />
املسميات الوظ<strong>يف</strong>ية التالية:<br />
)1364(<br />
)1365(<br />
ينظر: تسويق اخلدمات السياحية، لسراب إلياس وحسن الرفاعي والدمياسي وعطري ، ص150، بتصرف.<br />
ينظر: التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب، د. فؤادة البكري ص ( 80(، بتصرف، واملنشأة السياحية هي املكان املعد أساساً الستقبال<br />
السياح وتقدمي املأكوالت واملشروابت وغريها كاملالهي والنوادي الليلية والكازينوهات واحلاانت واملطاعم واملنتجعات السياحية األخرىكما تعد وسائل<br />
النقل املخصصة لنقل السياح <strong>يف</strong> رحالت برية أو حبرية من قبل املنشآت السياحية، ينظر: املصدر السابق ص ( 81<br />
. )<br />
)1366(<br />
)1367(<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب ص) 43(، بتصرف .<br />
ينظر: تسويق اخلدمات السياحية، لسراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري<br />
والسفر والطريان، محيد الطائي ص ( 197<br />
، ص 149-148(<br />
وما بعدها ) .<br />
) ، ومدخل إىل <strong>السياحة</strong>
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
مدير وكالة سياحية .<br />
مدير نقل جوي.<br />
موظف حجز .<br />
موظف حجز سياحي.<br />
موظف إصدار بوالص .<br />
موظف إصدار تذاكر.<br />
مندوب تسويق مبيعات .<br />
حماسب.<br />
موظف خدمات عبور.<br />
موظف تسويق شحن .<br />
موظف استعالمات سياحية .<br />
موظف خدمات مسافرين .<br />
موظف خدمات أمتعة .<br />
موظف خدمات شحن .<br />
َبئع تذاكر .<br />
موظف أتجري سيارات سياحية .<br />
أمني صندوق .<br />
مراسل .<br />
مرشد سياحي.<br />
)1368(<br />
وبينت أبنه ميكن زايدة وظائف أخرى .<br />
)1369(<br />
اثنياً: حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> هذه املكاتب والوكاالت :<br />
تقوم هذه املكاتب –كما تقدم<br />
–<br />
بتسويق اخلدمات ( بيعها أو أتجريها( والرتويج هلا.<br />
واألصل <strong>يف</strong> املعامالت والعادات اإلَبحة على الصحيح كما تقدم فإذا كانت هذه اخلدمات مباحة <strong>يف</strong><br />
ذاهتا فإن تروجيها وتسويقها والعمل <strong>يف</strong> املكاتب اليت تقوم بذلك مباح أيضاً، وهو<br />
من – أي العمل فيها –<br />
)1368(<br />
)1369(<br />
ينظر: منوذج حصر وظائف وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong>، على موقع اهليئة العليا للسياحة: www.sct.qov.sa<br />
املصدر السابق .
وآجر موسى<br />
قبيل إجارة األشخاص، وقد أمجع أهل العلم على جواز استئجار اآلدمي )1370(<br />
–<br />
–<br />
نفسه لرعاية الغنم<br />
)1371(<br />
واستأجر النيب وأبو بكر رجالً ليدهلما على الطريق )1372(<br />
عليه السالم<br />
، وذكر النيب <br />
رجالً استأجر أجراء كل أجري بِّفَرَق من ذُرَة وقال: )) إمنا مثلكم ومثل أهل الكتاب كمثل رجل استأجر<br />
أجراء فقال: من يعمل يل من غدوة إىل نصف النهار على قرياط قرياط؟ فعملت اليهود مث قال: من يعمل يل<br />
من نصف النهار إىل العصر على قرياط قرياط؟ فعملت النصارى، مث قال من يعمل يل من العصر إىل غروب<br />
الشمس على قرياطني قرياطني؟ فعملتم أنتم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: حنن أكثر عمالً وأقل أجراً،<br />
فقال: هل ظلمتكم من أجركم شيئاً؟ قالوا: ال، قال: فإمنا هو فضلي أوتيه من أشاء (( .<br />
" وألنه جيوز االنتفاع به مع بقاء عينه فجازت إجارته كالدور " .<br />
وإجارة األشخاص على صورتني :<br />
)1373(<br />
)1374(<br />
األوىل :<br />
أجري خاص استؤجر ليعمل للمستأجر فقط وهو : ( الذي يقع العقد عليه <strong>يف</strong> مدة معلومة<br />
) أو هو : ( من يعمل ملعني مؤقتاً ويكون العقد ملدة ويستحق<br />
يستحق املستأجر نفعه <strong>يف</strong> مجيعها )1375(<br />
وهذا كاخلادم<br />
األجر بتسليم نفسه <strong>يف</strong> املدة ألن منافعه صارت مستحقة ملن استأجره <strong>يف</strong> مدة العقد (. )1376(<br />
واملوظف وسائر من يستأجر خلدمة أو عمل <strong>يف</strong> بناء أو خياطة أو داللة أو رعاية زمناً معيناً، ومسي خاصا:<br />
. والعقد وارد على منافعه واألجر مقابلها<br />
الختصاص املستأجر بنفعه <strong>يف</strong> تلك املدة دون سائر الناس )1377(<br />
وال تصري منافعه معلومة إال بذكر املدة أو املسافة وهي <strong>يف</strong> حكم العني فإذا صارت مستحقة بعقد املعارضة<br />
إلنسان فال يتمكن من إجياهبا لغريه <strong>يف</strong> تلك املدة )1378(<br />
.<br />
ولذا يسميه بعض الفقهاء أجري وَحْد حيث ال ميكنه أن يعمل لغري واحد مدة اإلجارة. )1379(<br />
)1370(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة ( 35/8(، واإلمجاع، البن منذر ص ( 102(.<br />
)1371( كما <strong>يف</strong> قوله<br />
<br />
سبحانه :<br />
سورة القصص، اآلايت ( -26 )27 .<br />
<br />
)1372(أخرجه البخاري، كتاب اإلجارة،ابب استئجار املشركني عند الضرورة، ص175 ، رقم )2263( و<strong>يف</strong> مواطن أخرى، وهذا اللفظ أخرجه احلاكم <strong>يف</strong><br />
)1373(<br />
املستدرك )9/3( ، وصححه، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )105/7(، واهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )278/8(.<br />
أخرى .<br />
)1374(<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب اإلجارة، ابب اإلجارة إىل نصف النهار وإىل صالة العصر ص ( 176(، رقم ( 2268(، و<strong>يف</strong> مواضع<br />
املغين ، البن قدامة ، حتقيق الرتكي وعبد الفتاح احللو ( 8/ 35( .<br />
)1375(ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية ( 1/ 288( .<br />
)1376(<br />
املصدر السابق ص ( 103<br />
. )<br />
)1377(<br />
)1378(<br />
املغين، البن قدامة، ( 8/ 103(، ومغين احملتاج، للشربيين ( 334/2(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 4/ 282( ، تبيني احلقائق للزيلعي ( 5/ 134(، ومواهب اجلليل، للحطاب )526/7(، وعقد اجلواهر الثمينة<br />
البن شاس ( 843/2(.<br />
)1379( ينظر: العناية، للبابريت ( /9 )129 .
والعمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر <strong>يف</strong> الغالب من هذا القبيل ألنه موظف مرتبط بعقد عمل معني<br />
مؤقت لصاحل املكتب أو وكالة <strong>السياحة</strong> .<br />
والصورة الثانية :<br />
أجري مشرتك، وهو الذي يعمل للمستأجر ولغريه ( لغري واحد ) فيكرتي ألكثر من<br />
مستأجر بعقود خمتلفة وال يتقيد َبلعمل لواحد دون غريه<br />
)1380( ، وال خيرجه عن صفته هذه عمله لواحد إذا<br />
كان حبيث ال ميتنع وال يتعذر عليه أن يعمل لغريه )1381( ، واملعقود عليه فيه هو الوصف الذي حيدث <strong>يف</strong><br />
– العني بعمله<br />
أو هو العمل أو أثره<br />
املستأجر ألن منافعه ليست<br />
–<br />
فال حيتاج إىل ذكر املدة وال ميتنع عليه تقبل مثل ذلك العمل من غري<br />
متستحقة لواحد، ومن هنا مسي مشرتكاً الشرتاكهم <strong>يف</strong> مفعته، ويستحق<br />
األجرة على عمل معني كخياطة ثوب وبناء حائط ومحل شيء إىل مكان معني أو عمل <strong>يف</strong> مدة ال<br />
يستحق مجيع نفعه فيها )1382 ) كالكحال والطبيب واملهندس واحملامي وحنوهم. )1383(<br />
وقد يكون العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> من هذا القبيل كاملرشد السياحي مثالً إذا كان يعمل<br />
حلسابه اخلاص وغريه من العاملني <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> إذا كان يعمل لنفسه وال يرتبط بعقد عمل<br />
للغري فإن ما يقدمه من خدمات لاخرين وتسويق للخدمات السياحية وغريها ينطبق عليها أحكام<br />
األجري املشرتك .<br />
وهذه اإلجارة بنوعيها عقد يشرتط فيه حل املعقود عليه فإذا كان العقد على استئجار األجري<br />
ملزاولة عمل أو نشاط حمرم فالعقد َبطل والفعل احملرم ال يتجزأ وما حرم فعله حرم االنتفاع منه فاألجر<br />
املكتسب على األفعال واملنافع واألعمال احملرمة من اخلبائث .<br />
<br />
)1384( ، ويقول :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول :<br />
)1385( ، واألمر يقتضي الوجوب<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
لتجرده عن القرائن الصارفة، ويقول سبحانه :<br />
)1380(<br />
.<br />
)1381( ينظر: العناية، للبابريت ( /9 )129 .<br />
ينظر: املصدر السابق، وحاشية الدسوقي (<br />
ينظر: املصادر السابقة .<br />
4/4<br />
(، واجملموع، للنووي مع تكملة املطيعي ( 194-193/15(، واملغين، البن قدامة (<br />
)35 /8<br />
)1382(<br />
)1383( ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية ( /1 )295 .<br />
)1384( سورة األعراف اآلية : ( 157 ) .<br />
)1385( سورة البقرة اآلية : ( 172 ) .
حرم مثنه )) )1387( .<br />
)1386( ، و<strong>يف</strong> احلديث : )) إن هللا إذا حرم شيئاً<br />
واتفق األئمة األربعة على أن كل ما منفعته حمرمة كالزىن والزمر والنوح والغناء وحنوه فإنه ال جيوز<br />
االستئجار لفعله )1388(<br />
ملا تقدم وألنه حمرم فلم جيز االستئجار عليه كإجارة أمته للزىن )1389(<br />
أكل أموال الناس َبلباطل، وألنه من اإلعانة على املعصية وتعدي حدود هللا، وهللا تعاىل يقول:<br />
وألنه من قبيل<br />
<br />
<br />
)1390( ، فعقد اإلجارة إذا انصب على فعل حمرم<br />
فإنه يعد َبطالً وكل ما<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
تولد عنه يعد حمرماً. )1391(<br />
بتحرمي العمل <strong>يف</strong> وكاالت <strong>السياحة</strong> إذا كانت هذه<br />
وبناء على هذا أفىت كثري من الفقهاء املعاصرين )1392(<br />
<strong>السياحة</strong> عبارة عن ممارسة للسوء وهتيئة الظروف للمحرمات كإدخال السياح ألماكن اللهو احملرم من املراقص<br />
والبارات ودور السينما وتقدمي احملرمات من املطعومات هلم ونشر الرذيلة، وكإرشادهم <strong>يف</strong> داير املعذبني بلغة<br />
التعظيم واإلعجاب وإدخاهلم املساجد القدمية أو غريها للنزهة وامتهاهنا بذلك وخمالطة النساء املتربجات<br />
والعراة والفساق وغري ذلك ألن كل ما أدى إىل احلرام فهو حرام، وألن <strong>يف</strong> ذلك إعانة على املنكر ، وهللا<br />
تعاىل يقول:<br />
ولقوله <br />
)1393(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
: )) من دعى إىل هدى كان له<br />
)1386(<br />
)1387(<br />
سورة األنعام اآلية: ( 120<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده (<br />
. )<br />
،)293 /1 رقم (<br />
2678( ، والدار قطين، <strong>يف</strong> كتاب البيوع (<br />
اخلرب الدال على أن بيع اخلنازير والكالب حمرم ( 312/11(، رقم ( 4938(.<br />
،)7/3 رقم (<br />
)1388(<br />
ينظر: اإلمجاع، البن املنذر، ص ( 102(، وبدائع الصنائع، للكاساين (<br />
/4<br />
20(، وابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه، ابب ذكر<br />
289(، وشرح فتح القدير البن اهلمام )8/41(، وحاشية ابن<br />
عابدين )75/9(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )839/2(، وبداية اجملتهد، البن رشد )4/4 (، ومواهب اجلليل، للحطاب )539/7(،<br />
واجملموع، للنووي مع تكملة املطيعي )177/15(، ومغين احملتاج، للشربيين )335/2(، ، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )303/5(،<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية ( 1/ 290(.<br />
)1389(<br />
)1390( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />
. )230<br />
)1391(<br />
)1392(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )8/ 131(.<br />
ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصرة العدد ( 26(، السنة السابعة، مسائل <strong>يف</strong> الفقه، حكم األجر الذي يكتسب من العمل <strong>يف</strong> مكان حمرم ص (<br />
ينظر: فتوى د. عبد هللا بن بيه، ود. زيد الغنام وغريمها <strong>يف</strong> موقع<br />
www.islamtoday.net<br />
www.islam<br />
. www.islamweb.net<br />
أستاذ الفقه جبامعة األزهر وعضو اجمللس األعلى للشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية، ود. يوسف القرضاوي <strong>يف</strong> موقع : <strong>اإلسالم</strong> على اإلنرتنت<br />
،online.net وفتاوى <strong>يف</strong> مركز الفتوى إبشراف د. عبد هللا الفقيه على الرابط :<br />
)1393( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />
، وفتوى د صربي عبد الرؤوف،
من األجر مثل أجور من تعبه ال ينقص من أجورهم شيئاً، ومن دعا إىل ضاللة كان عليه من اإلمث مثل آاثم<br />
من تبعه ال ينقص ذلك من آاثمهم<br />
شيئاً ((<br />
)1394( ، وملا تقدم من األدلة .<br />
وأما إذا كان نشاط وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر مباحاً وال يؤدي وال يساعد وال يتضمن ارتكاب حمذور<br />
شرعي )1395( ، والتزم العامل فيها بتعاليم دينه فلم يرتكب بعمله معصية ومل يعرض نفسه للفنت َبجتناب<br />
مواطن الشهوات فإن العمل فيها واألجرة على ذلك من املباح وال حرج فيه .<br />
والواقع يشهد أبن كثرياً من وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر تنشط <strong>يف</strong> أعمال <strong>السياحة</strong> احملرمة وتعد برامج<br />
وخطط لذلك وهدفها مجع األموال فقط وهي مسؤولة عن ضياع ثروات األمة من الشباب <strong>يف</strong> سياحة هتدر<br />
الكرامة وتضيع حدود هللا عز وجل ويتشرب أبناء األمة منها النجاسات واخلبائث ويعودوا َبخلزي والندامة<br />
واألفكار اهلدامة واألمراض املستعصية وهلذه املكاتب والوكاالت دور كبري <strong>يف</strong> تيسري ذلك واإلعانة عليه )1396(<br />
فمثل هذه املكاتب والوكاالت ال جيوز العمل فيها كما تقدم .<br />
وقد يتضمن العمل <strong>يف</strong> هذه املكاتب تقدمي اخلدمات واملنافع واألعمال لغري املسلمني .<br />
وقد نقل بعض الفقهاء اإلمجاع على أنه ال جيوز للمسلم أن يؤجر نفسه للكافر لعمل الجيوز له فعله<br />
كعصر اخلمر ورعي اخلنازير وحنو ذلك .<br />
)1398(<br />
. <br />
<br />
<br />
)1397(<br />
<br />
<br />
<br />
لقوله سبحانه : <br />
وحلديث أنس <br />
: )) لعن رسول هللا <br />
واحملمول عليه، وَبئعها، ومبتاعها، وواهبها، وآكل مثنها (( . )1399(<br />
<strong>يف</strong> اخلمر عشرة: عاصرها، وشارهبا، وساقيها، وحاملها،<br />
فلعن كل من له صلة َبخلمر ألنه حمرم<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
)1394(<br />
)1395(<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب العلم ، ابب من سن سنة حسنة أو سيئة، ص )1144( رقم )2674(.<br />
من احملاذير الشرعية <strong>يف</strong> اإلرشاد السياحي على سبيل املثال ما أييت:<br />
زايدة داير املعذبني من الظاملني كما <strong>يف</strong> اآلاثر الفرعونية ومنطقة األهرامات ومعبد أبو سنبل والكرنك، وغريها للنزهة واملتعة .<br />
أن لغة املرشد <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> ابآلاثر غالباً هي التعظيم واإلكبار واإلعجاب.<br />
اإلرشاد السياحي قد يتضمن خدمة الكافر وإذالل املسلم <strong>يف</strong> ذلك .<br />
ارتياد املرشد ألماكن الباطل من دور السينما واللهو واملراقص واحلاانت .<br />
اصطحابه الكفار إىل املساجد ودخوهلم فيها شبه عراة مع تلبسهم حبيض وجنابة وجناستهم املعنوية و<strong>يف</strong> ذلك امتهان لبيوت هللا .<br />
التعرض لفنت النساء وخمالطتهن والنظر إىل عوراهتن وجتاذب احلديث معهن بتكسر وخضوع، وغري ذلك من احملاذير اليت توجب حترمي<br />
العمل <strong>يف</strong> اإلرشاد السياحي وهو أحد وظائف وكاالت <strong>السياحة</strong>، ينظر: فتوى <strong>يف</strong> ذلك على الرابط: املرشد السياحي بني جواز العمل<br />
وحرمته 1424/4/27ه<br />
.<br />
www.islamweb.net<br />
)1396(<br />
ينظر: جملة الدعوة األعداد : (<br />
) 1796 6 و 1748 و 1745<br />
ربيع األول 1421ه و<br />
27<br />
ربيع األول 1421ه و<br />
22<br />
1422ه ، الصفحات ( )28 و ( )20 و ( 30 ) .<br />
)1397(كابن رشد <strong>يف</strong> بداية اجملتهد )4/4 (، وينظر: مواهب اجلليل، للحطاب )539/7(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )45/19(.<br />
)1398( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />
ربيع األول
فال جيوز االستئجار على مثله من سائر احملرمات وألن الشيء إذا حرم حرم كل ما يتعلق به مما هو سبب إىل<br />
حتليله .<br />
وألن املعصية ال يتصور استحقاقها َبلعقد فال جيب عليه األجر من غري أن يستحق هو على األجري إذ<br />
املبادلة ال تكون إال َبستحقاق كل واحد منهما على اآلخر ولو استحق عليه املعصية لكان ذلك مضافاً إىل<br />
الشارع من حيث أنه شرع عقداً موجباً للمعصية تعاىل هللا عن ذلك.<br />
وخالف أبو حن<strong>يف</strong>ة<br />
)1400(<br />
–<br />
)1401(<br />
– رمحه هللا<br />
صاحباه واجلمهور فأجاز أخذ األجرة على محل اخلمر ألن<br />
نفس احلمل ليس مبعصية بدليل أن محلها لإلراقة والتخليل مباح وكذا ليس سبباً للمعصية وهو الشرب، ألن<br />
ذلك حيصل بفعل فاعل خمتار وليس احلمل من ضرورات الشرب فكان سبباً حمضاً فال حكم له كعصر العنب<br />
وقطفه .<br />
وأجاب عن احلديث أبنه حممول على احلمل بنية الشرب.<br />
)1402(<br />
والصواب خالفه ألن احلمل معصية لكونه إعانة على املعصية وهو استئجار لفعل حمرم فلم يصح كالزىن<br />
<br />
<br />
ومحلها لإلراقة والتخليل ليس كذلك ألنه ال معصية <strong>يف</strong> ذلك وهللا تعاىل يقول :<br />
)1403(<br />
وألن املنفعة احملرمة مطلوب إزالتها واإلجارة تنافيها ، واحلديث صريح <strong>يف</strong> لعن حاملها<br />
<br />
<br />
وهو ظاهر <strong>يف</strong> منع كل ما يعني على احملرم أو يكون سبباً مفضياً إليه وأتويل أيب حن<strong>يف</strong>ة له بعيد )1404( ، وقد<br />
حرم <strong>اإلسالم</strong> بيع وشراء وإجارة وتعاطي كل ما هو حمرم <strong>يف</strong> ذاته وكل ما يؤدي <strong>يف</strong> غايته أو وسيلته إىل ضرر<br />
اإلنسان <strong>يف</strong> نفسه أو دينه أو ماله أو عرضه أو عقله، واحملرمات كثرية ومنها ما يكون <strong>يف</strong> أعمال مكاتب<br />
<strong>السياحة</strong> من توفري احملرمات واإلعانة على املعاصي والفواحش وفساد األخالق، وقد حرم هللا ذلك ملصلحة<br />
اإلنسان بصرف النظر عن لونه وجنسه ومعتقده فال جيوز للمسلم بيع أو أتجري ما حرم هللا لغري<br />
املسلم أو اإلعانة عليه وذلك ملناطه مبحل التحرمي ذاته .<br />
)1399(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب األشربة، ابب العنب يعصر للخمر ص (<br />
على عشرة أوجه ص (<br />
أمحد <strong>يف</strong> مسند (<br />
،)1495 رقم (<br />
،)2681 رقم (<br />
/1<br />
3674(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب األشربة، ابب لعنت اخلمر<br />
3380(، والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب البيوع، ابب إن هللا لعن اخلمر ص ( 31(، وصححه ووافقه الذهي ، ورواه<br />
316(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التخليص )73/4(، ( رواه أبو داود وفيه عبد الرمحن الغافقي وصححه بن السكن، ورواه الرتمذي<br />
وابن ماجه ورواته ثقات، وصححه ابن حبان ( 178/12( .<br />
)1400( ينظر: تبيني احلقائق، للزيلعي )125/5( .<br />
)1401( ينظر: بدائع الصنائع ، للكاساين /4( )290 .<br />
)1402( املصدر السابق .<br />
)1403( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />
)1404(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة ( 8/ 131(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )303/5(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )45/19( .
ومن القواعد املقررة أن الوسائل هلا حكم الغاايت فإذا كانت الغاية حمرمة حرمت الوسيلة فإجارة املسلم<br />
نفسه للكافر <strong>يف</strong> عمل معني معصية هلل وتقدمي حلقهم على حقه. )1405(<br />
واتفقوا على جواز أتجري املسلم نفسه للكافر <strong>يف</strong> عمل معني <strong>يف</strong> الذمة ال خدمة فيه وال احتباس كسقاية<br />
وخياطة وحراثة وحنو ذلك .<br />
)1406(<br />
؛ألن علياً أجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة وأخرب النيب بذلك فلم ينكره. )1407(<br />
؛وألنه عقد معاوضة وال إذالل فيه للمسلم وال يتضمن استخدامه فأشبه مبايعته )1408( ؛ وألن األجري <strong>يف</strong><br />
الذمة ميكنه حتصيل العمل بغريه. )1409(<br />
)1405(<br />
ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصر، العدد )53 (، فتوى بعنوان : حكم ما إذا كان جيوز للمسلم بيع احملرمات لغري املسلم ص (<br />
وفتاوى هيئة كبار العلماء،<br />
،)283<br />
طبعة مكتبة الرتاث ( /1 )95 .<br />
)1406(<br />
قال ابن املنذر: ( استقرت املذاهب على أن الصناع <strong>يف</strong> حوانيتهم جيوز هلم العمل ألهل الذمة وكذلك املستأمن ألنه كالذمي وال يعد ذلك من<br />
الذل خبالف أن خيدمه <strong>يف</strong> منزله وبطريقة التبعية له( فتح الباري البن حجر ( 529/4(، ونقل اإلمجاع على ذلك ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين (<br />
وينظر: مواهب اجلليل، للحطاب )540/7(، وتكملة اجملموع للمطيعي ( 180/15(، واملوسوعة الفقهية الكويتية ( 45/19(.<br />
، )135 /8<br />
)1407(<br />
أخرجه ابن ماجه، كتاب الرهون، ابب الرجل يستقي كل دلو بتمرة ص ( 2623( ، رقم ( 2446(، وقال البوصريي <strong>يف</strong> الزوائد<br />
: ( رجال إسناده<br />
ثقات واحلديث موقوف وأبو إسحاق امسه عمرو بن عبد هللا السبيعي اختلط آبخر وكان يدلس وقد روى ابلعنعنة .<br />
وللحديث ثالثة طرق هذا أوهلا ، والثاين: أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده رقم ( 687(، و<strong>يف</strong> إسناده ثالث علل :<br />
األوىل: أن جماهداً مل يسمع من علي .<br />
والثانية: أن فيه شريك النخعي وهو صدوق خيطئ كثرياً .<br />
والثالثة: أن فيه موسى الصغري أبو عيسى الطحان ال أبس به.<br />
ومل ينفرد به شريك بل اتبعه عليه محاد بن زيد واتبع محاد عليه إمساعيل بن إبراهيم وهو ضع<strong>يف</strong> كسابقه وإن كان رجاله رجال الصحيح ألنه من رواية<br />
جماهد عن علي وجماهد مل يسمع من علي كما قال اهليثمي ( 313/10(.<br />
والطريق الثالث: عند الرتمذي <strong>يف</strong> سننه ص (<br />
،)1900 رقم (<br />
2473(، وقال الرتمذي : حسن غريب، لكن فيه راو مل يسم وهو شيخ حممد القرظي<br />
وبقية رجاله ثقات، وللحديث شاهدان ضع<strong>يف</strong>ان جداً ال يصلحان لالرتقاء به إىل درجة الصحيح أو احلسن وقد أخرجهما ابن ماجه (<br />
والبيهقي <strong>يف</strong> سننه (<br />
،)2446<br />
/6<br />
)569/1(، وقال <strong>يف</strong> مصباح الزجاجة (<br />
/3<br />
119(، وقال حمققا أحكام أهل الذمة : أن احلديث ضع<strong>يف</strong> ال يتقوى مباله من طرق وشواهد ألهنا ضع<strong>يف</strong>ة ضعفاً ال ينجرب<br />
والبخاري والنسائي والبزار وابن عدي والعقيلي والدار قطين وغريهم (.<br />
قال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص (<br />
/3<br />
)1408(<br />
)1409(<br />
77(: ( هذا إسناد ضع<strong>يف</strong> حنش امسه حسني بن قيس ضعفه أمحد وابن معني وأبو حامت وأبو زرعة<br />
61(: ( رواه ابن ماجه والبيهقي وحديث ابن عباس وفيه حنش راويه عن عكرمة وهو مضعف وسياق البيهقي أمت<br />
ورواه أمحد من طريق علي بسند جيد ورواه ابن ماجه بسند صححه ابن السكن خمتصراً (.<br />
وقال <strong>يف</strong> نصب الراية ( 132/4( : ( أعله <strong>يف</strong> التنقيح حبنش وقد ضعفوه إال احلاكم فإنه وثقه.. ورواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده وفيه انقطاع ..وقال أبو زرعة :<br />
جماهد عن علي مرسل ) .<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )290/4(، واملغين، البن قدامة )135/8( .<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )45/19( .
وكره ذلك املالكية <strong>يف</strong> قوهلم وهو رواية عن أمحد <strong>يف</strong> الكرم خاصة )1410( ؛ ألن <strong>يف</strong> ذلك نوعاً من اإلذالل؛<br />
وألنه من املمكن أن يعمل املسلم عمالً يرجع أصله إىل احلرام كأن حيرس حمرماً ويعلم أبن صاحبه يستعمله<br />
للخمر )1411(<br />
والصواب: عدم الكراهة لعمل الصحابة عند أهل الكتاب . )1412(<br />
فلو كان <strong>يف</strong> ذلك إذالل هلم لكانوا أوىل الناس برتكه وهذا كله إذا كان اإلجيار لعمل مباح ال مضرة فيه<br />
)1413(<br />
على مسلم وال يتضمن تعظيم دينهم وشعائره أو مواالهتم وحمبتهم فإن كان كذلك فال.<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> أتجري املسلم نفسه للكافر ليخدمه على قولني :<br />
األول: التحرمي وهو قول اجلمهور من املالكية والشافعية وأصح الروايتني عن أمحد وذهب إليه املتأخرون<br />
من احلنفية. )1414(<br />
الثاين: جواز ذلك مع الكراهة وهو قول املتقدمني من احلنفية وقول للشافعية ورواية عن أمحد.<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول مبا أييت :<br />
)1415(<br />
-1<br />
قوله سبحانه :<br />
)1416( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
،وقد استدل هبا<br />
كثري من العلماء على املنع من بيع العبد املسلم للكافر ملا <strong>يف</strong> ذلك من تسليطهم عليه وإذالله<br />
ومن صحح ذلك فإنه أيمره إبزالة ملكه عنه <strong>يف</strong> احلال فإذا مُنِّعَ من بيع العبد املسلم للكافر لئال<br />
يتسلط عليه ويذله فمن َبب أوىل أن ميُْنَعَ املسلم احلر من إجارة نفسه خلدمة الكافر. )1417(<br />
)1418(<br />
2- أنه عقد يتضمن حبس املسلم عند الكافر وإذالله له واستخدامه فيمنع منه .<br />
)1410( ينظر: مواهب اجلليل، للحطاب )540/7(، واملغين، البن قدامة ( 135/8(، واآلداب الشرعية، البن مفلح )273/3(.<br />
)1411(<br />
)1412(<br />
املصادر السابقة .<br />
/4<br />
قال املطيعي <strong>يف</strong> تكملة اجملموع ( 181/15( : ( أتجري النفس ال يعد دانءة وإن كان املستأجر غري شر<strong>يف</strong> أو كافراً واألجري من أشراف الناس<br />
وعظمائهم ) .<br />
)1413(<br />
)1414(<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر ( 529(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم، حتقيق البكري والعاروري )569/1(، ونص عليه أمحد <strong>يف</strong> رواية<br />
إسحاق بن إبراهيم ملا سأله رجل بناء : أبين انووساً للمجوس؛ فقال: ال تنب هلم، وقال الشافعي <strong>يف</strong> كتاب اجلزية من األم : وأكره للمسلم أن يعمل بناءً<br />
أو جنارة أو غري ذلك <strong>يف</strong> كنائسهم اليت لصالهتم .<br />
ينظر: مواهب اجلليل، للحطاب ( 540/7(، وتكملة اجملموع، للنووي ، للمطيعي ( 179/15(، واملغين، البن قدامة )135/8(، وأحكام أهل<br />
الذمة، البن القيم ( /1 )566 .<br />
)1415(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 290/4(، واملصادر السابقة .<br />
)1416( سورة النساء اآلية : ( 141 ) .<br />
)1417(<br />
)1418(<br />
ينظر: تكملة اجملموع، للنووي ، للمطيعي ( 179/15(، واملغين، البن قدامة )135/8(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم ( 1/ 565( .<br />
املصادر السابقة .
ألنه خيشى أن <strong>يف</strong>نت املسلم عن دينه لتمكنه منه إبطعامه شيئاً من احملرمات أو مبنعه أداء<br />
)1419(<br />
الواجبات .<br />
" وألهنا بيع منافعة واملنافع جتري جمرى األعيان فال جيوز بيع رقبته وال بعضها وال منافعه من<br />
الذمي ." )1420(<br />
-3<br />
-4<br />
واستدل أصحاب القول الثاين أبن هذا عقد معاوضة فيجوز كالبيع وألنه جتوز له إجارة نفسه <strong>يف</strong> غري<br />
اخلدمة فجاز فيها كإجارته من املسلم والكراهية أتيت من أن اإلجارة للخدمة تتضمن حبس نفسه على خدمة<br />
الكافر مدة اإلجارة وذلك فيه نوع من إذالل املسلم وإهانة له حتت يده .<br />
ونوقش ذلك :<br />
)1421(<br />
أبنه قياس مع الفارق فليس <strong>يف</strong> البيع حبس وال إذالل كاإلجارة فهي عقد للخدمة يتعني فيه حبسه مدة<br />
اإلجارة واستخدامه والبيع ال يتعني فيه ذلك. )1422(<br />
واإلذالل واإلهانة اليت تتضمنها هذه اإلجارة تقتضي التحرمي ال الكراهة ألن العزة هلل ولرسوله وللمؤمنني<br />
فال جيوز للمسلم أن يذل نفسه للكافر وخدمته له إذالل للمسلمني مجيعاً ألهنم كاجلسد الواحد .<br />
وعليه فالراجح حترمي ذلك وسواء كانت اخلدمة مباشرة كصب املاء على يديه وتقدمي نعل له وإزالة<br />
قاذوراته أو غري مباشرة كإرساله <strong>يف</strong> حوائجة.<br />
)1423(<br />
وبناء على ما تقدم :<br />
فإنه ال جيوز للمسلم العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر إذا كان املعقود عليه من األعمال واملنافع حمروٌم<br />
شرعاً أو كان <strong>يف</strong> العمل فيها إعانة على املعاصي واملنكرات وتعريض النفس للفنت والشهوات أو تضمنت<br />
استئجار الكافر للمسلم ليخدمه أو غري ذلك من املفاسد الراجحة فإذا خال العمل فيها من ذلك كله فإنه<br />
مباح كما سبق.<br />
وإذا اضطر املسلم للعمل <strong>يف</strong> مكاتب سياحة توفر للسياح اخلمور واحملرمات وتعينهم على الفساد<br />
والفواحش وتوفر خدمات أخرى مباحة ومل جيد املسلم عمالً مباحاً شرعاً غريها فإن له أن يعمل فيها بشرط<br />
أن ال يباشر بنفسه تقدمي احملرمات أو محلها أو االجتار هبا أو صناعتها<br />
والضرورة تقدر بقدرها .<br />
)1424(<br />
)1419( ينظر: مواهب اجلليل، للحطاب ( /7 )540 .<br />
)1420( ينظر: أحكام أهل الذمة ( 565/1( .<br />
)1421( ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( /4 ،)290 واملغين، البن قدامة ( /8 )135 .<br />
)1422( ينظر: املغين، البن قدامة ( /8 )135 .<br />
)1423( ينظر: مغين احملتاج للشربيين ( /2 ،)265 حاشية اجلمل ( /3 )456 .
وأما عمل املرأة املسلمة <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر فيختلف حبسب نوع العمل وانتفاء املفاسد واحملاذير<br />
بتوفر الضوابط الشرعية اجمليزة لذلك .<br />
ومل مينع الفقهاء املتقدمون من خروج املرأة للعمل حال التزامها تلك الضوابط وانتفاء املفاسد عنها وإمنا<br />
اختلفوا <strong>يف</strong> نوع األعمال اليت تتوالها سيما األعمال ذات املناصب العليا <strong>يف</strong> الدولة كاإلمامة والوزارة والقضاء<br />
وقيادة اجليش وحنو ذلك وحيث أن أعمال ووظائف مكاتب السفر و<strong>السياحة</strong> أعمال مهنية دون ذلك فإهنا<br />
ال تدخل فيما اختلفوا فيها َبلنظر إىل نوع العمل.<br />
)1425(<br />
لكن بعض املعاصرين منعوا من عمل املرأة مطلقاً وقالوا بعدم جواز خروج املرأة للعمل مهما كان نوعه.<br />
فعلى افرتاض خلو العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> من احملاذير وتوافر الضوابط فيه فإن أصل خروجها للعمل<br />
حمل خالف على قولني :<br />
اإلَبحة . األول:<br />
وهو مقتضى كالم الفقهاء املتقدمني من املذاهب األربعة. )1426(<br />
الثاين: التحرمي واملنع .<br />
)1427(<br />
وبه أفىت بعض املعاصرين .<br />
األدلة :<br />
أوالً: استدل أصحاب القول األول مبا أييت :<br />
-1<br />
عموم األدلة <strong>يف</strong> املساواة بني املرأة والرجل <strong>يف</strong> حق العمل واحلض على طلب الرزق وهي شاملة<br />
ألعمال الدنيا واآلخرة حبسب ما يتناسب مع طبيعة كل منهما، ومن ذلك قوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله :<br />
)1428(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله :<br />
)1429(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1424(<br />
وقد صدر هبذا قرار من جممع الفقه التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي برقم (<br />
( )23<br />
ينظر: قرارات اجملمع ص ( 42( ، وينظر: حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة، حملمد تقي العثماين ، ص<br />
3/11( <strong>يف</strong> دورة مؤمتره الثالث من<br />
13-8 صفر 1407ه ،<br />
. )338 (<br />
)1425(<br />
ينظر: عمل املرأة، هند اخلويل، ص ( 286(، وأحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقة، للكردي ص ( 105(، واملرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أليب حجري،<br />
ص ( )124 .<br />
)1426(<br />
ينظر: البحر الرائق، البن جنيم ( 2/ 152(، وتبيني احلقائق، للزيلعي ( 187/4(، وأحكام القرآن، البن العريب<br />
158/2(، والفواكه الدواين، للنفراوي (<br />
1457/3(، والفروق، للقرا<strong>يف</strong> (<br />
106/1(، وحتفة احملتاج، البن حجر )75/9(، وهناية احملتاج، للرملي )409/7(، وأسىن املطالب،<br />
لألنصاري ( 109/4(، وإعالم املوقعني، البن القيم )149/2(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي ( 268/5(، وحاشية ابن قاسم على الروض )516/7(،<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية )269/21-93/7-219/6(.<br />
)1427 (كاخلويل واملودودي والشعراوي وغريهم، ينظر: عمل املرأة، للخويل ص ( 186( .<br />
)1428( سورة التوبة اآلية : ( 105 ) .<br />
)1429( سورة امللك اآلية : ( 15 ) .
)1430( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1431( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
)1432(<br />
<br />
<br />
<br />
قال بعض املفسرين : " إن لكل فريق من الرجال والنساء نصيباً مقدراً <strong>يف</strong> أزل اآلزال من نعيم<br />
)1433(<br />
الدنيا َبلتجارات والزراعات وغري ذلك من املكاسب فال يتمن خالف ما قسم له "<br />
وقال بعضهم : " املراد منها أن يكون لكل فريق نصيب مما اكتسب من نعيم الدنيا فينبغي أن<br />
<br />
)1434(<br />
يرضى مبا قسم هللا له".<br />
2- ما جاء <strong>يف</strong> القرآن والسنة من األدلة على جواز عمل املرأة ووقوعه دون نكري كقوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
، وقوله :<br />
)1435(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1436(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1437(<br />
: )) طلب العلم فريضة على كل مسلم ((<br />
وهو عام وحدثت حفصة عن امرأة<br />
وقوله <br />
غزت مع زوجها فكانت ونساء املؤمنني يداوين الكلمى<br />
)1439(<br />
ويقمن على املرضى )1438( ، وقال <br />
: )) قد أذن أن ترجن <strong>يف</strong> حاجتكن ((.<br />
. )<br />
. )<br />
)1430( سورة آل عمران اآلية : ( 195<br />
)1431( سورة النحل اآلية : ( 97 ) .<br />
)1432( سورة النساء اآلية : ( 32 ) .<br />
)1433( مفاتيح الغيب ، للرازي ( )66/10 .<br />
)1434( روح املعاين، لآللوسي ( /5 )30 .<br />
)1435( سورة النحل اآلية : ( 92 ) .<br />
)1436( سورة الطالق اآلية : ( 6 ) .<br />
أخرجه ابن ماجه <strong>يف</strong> املقدمة، ابب فضل العلماء واحلث على طلب العلم ص ( 2491( ، رقم ( 224<br />
،)28 رقم (<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب احليض، ابب شهود احلائض العيدين ص (<br />
النساء <strong>يف</strong> العيدين إىل املصلى ص ( 816(، رقم ( 890( .<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب الوضوء، ابب خروج النساء إىل الرباز ص ( 15( ، رقم ( 146( .<br />
324(، ومسلم، <strong>يف</strong> كتاب العيدين، ابب ذكر إابحة خروج<br />
)1437(<br />
)1438(<br />
)1439(
وقالت أمساء بنت أيب بكر – رضي هللا عنه<br />
–<br />
ترب عن عملها لزوجها الزبري : )) كنت أعلف<br />
فرسه وأسقي املاء....و كنت أنقل النوى من أرض الزبري اليت أقطعه رسول هللا على رأسي<br />
وهي مين على ثلثي فرسخ .. ((.<br />
)1440(<br />
كان عمل املرأة فيما يناسبها واقعاً منذ عصر النبوة فقد ورد أن امرأة كانت تَقُمُّ املسجد وكانت<br />
النساء يتجرن أبمواهلن ويقرتض ويعاملن املسلمني ومنهن من تعاجل املرضى وتداوي اجلرحى بل<br />
وتشارك <strong>يف</strong> القتال وهلا نصيب من الغنائم ومل ينكر عليهن ذلك واملسلمون على هذا إىل يومنا .<br />
)1441(<br />
-3<br />
استدل أصحاب القول الثاين مبا أييت :<br />
قوله سبحانه :<br />
)1442( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الداللة: أن النساء مأمورات بلزوم بيوهتن واالنكفاف عن اخلروج إال لضرورة فإن لفظ ( قرن<br />
وجه<br />
)<br />
إما أن يكون من القرار فاملعىن : ( الزمن بيوتكن ) أو من الوقار فاملعىن: عشن <strong>يف</strong> بيوتكن <strong>يف</strong><br />
سكينة وحلم وعلى كال الوجهني فإن أشرف أعماهلا حضانة األجيال وعدم اخلروج والربوز<br />
كالرجال.<br />
)1443(<br />
قوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
اثنياً :<br />
-1<br />
-2<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
)1444( <br />
<br />
فدلت على أن عمل املرأة ال يكون إال استثناء للضرورة فخروج ابنيت شعيب للسقي مع بعدمها<br />
عن مزامحة الرجال وانتظارهن فراغهم من السقي مل يكن إال لعجز والدمها وكرب سنه فلو كان قوايً<br />
)1445(<br />
ما خرجتا للعمل ولكفامها مؤنته.<br />
)1440(<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب النكاح، ابب الغرية، ص (<br />
،)451 رقم (<br />
5224(، ومسلم، <strong>يف</strong> كتاب السالم، ابب إرداف األجنبية ص (<br />
،)1066<br />
رقم ( )2182 .<br />
)1441(<br />
ينظر: صحيح البخاري، كتاب املساجد، ابب اخلدم للمسجد، حديث رقم (<br />
،)448 ص (<br />
39(، وأسد الغابة، البن األثري (<br />
90/7(، ترمجة<br />
رقم ( )6867 و (<br />
7285(، وصحيح البخاري ، كتاب الشروط، ابب ما جيوز من شروط املكاتب (<br />
متييز الصحابة، البن حجر <strong>يف</strong> ترمجة أم عمارة )261/8(.<br />
،)217 رقم (<br />
)1442( سورة األحزاب اآلية : ( 33 ) .<br />
)1443(<br />
)1444( سورة القصص اآلية : ( 23 ) .<br />
ينظر: تفسري سورة األحزاب، للمودودي ص ( 62(، بواسطة عمل املرأة هلند اخلويل ص ( 191<br />
. )<br />
)1445(<br />
ينظر: املرأة <strong>يف</strong> القرآن، للشعراوي ص) 104( بواسطة املصدر السابقً ( 192( .<br />
2726(، وينظر: اإلصابة <strong>يف</strong>
حديث ابن عباس : )) لعن رسول هللا املتشبهات َبلرجال من النساء واملتشبهني َبلنساء من<br />
)1446(<br />
الرجال ((.<br />
واللعن ال يكون إال على حمرم وعملها تشبه َبلرجال .<br />
قوله <br />
: )) كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... واملرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي<br />
)1447(<br />
مسؤولة عنهم (( .<br />
قوله <br />
<strong>يف</strong> قعر بيتها ((.<br />
: )) إن املرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رمحة رهبا وهي<br />
)1448(<br />
فخروجها مفسدة وتسبب <strong>يف</strong> الفتنة وما أدى إىل احلرام فهو حرام.<br />
)1449(<br />
وألن هللا خلق املرأة بطبيعة متيزها عن الرجل وقدراهتا وكفاءهتا خمتلفة عنه فهي أضعف خلقة وقد<br />
فطرها هللا على تلك الطبيعة وأنزهلا املنزلة املناسبة هلا وخروجها للعمل معارضة لتلك الطبيعة<br />
وخمالفة للفطرة وتغيري للسنن الكونية بتسوية املرأة َبلرجل <strong>يف</strong> الكدح والكفاح والنصب وطلب<br />
الرزق، وقد أوجبت الشريعة على وليها من أب أو زوج أو غريه رعايتها واإلنفاق عليها محاية<br />
لتك الطبيعة وصيانة هلا فال يصح اخلروج عن ذلك ملا سيرتتب عليه من أضرار وخلل نشاهده<br />
<strong>يف</strong> معاانة الدول املتقدمة من جراء دعوهتا ملساواة املرأة َبلرجل <strong>يف</strong> العمل. )1450(<br />
أن <strong>يف</strong> خروجها للعمل مفاسد ال حتصر وأضرار وفنت عليها وعلى اجملتمع ودرء املفاسد مقدم<br />
على جلب املصاحل كما هو مقرر شرعاً .<br />
)1451(<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
املناقشة والرتجيح :<br />
نوقشت أدلة املانعني :<br />
أبن اآلية األوىل: خاصة بنساء النيب فليس فيها داللة على املنع املطلق وإن عمت فهي من أتديب<br />
هللا للنساء صيانة هلن واملراد حضهن على السرت واحلجاب وترك اخلروج جملامع الرجال واالختالط هبم دون<br />
)1446(<br />
)1447(<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب اللباس، ابب إخراج املتشبهني ابلنساء من البيوت ص ( 501(، رقم ( 5886(.<br />
أخرجه البخاري، <strong>يف</strong> كتاب اجلمعة، ابب اجلمعة <strong>يف</strong> القرى واملدن ( ص<br />
ابب فضيلة اإلمام العادل ... إخل رقم 1829<br />
،)70 رقم (<br />
، ص1006 .<br />
)1448(<br />
غريب .<br />
)1449(<br />
)1450(<br />
893( و<strong>يف</strong> مواطن أخرى، وأخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة،<br />
أخرجه الرتمذي، كتاب الرضاع، ابب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية الدخول على املغيبات ص ( 1766(، رقم )1173(، وقال: هذا حديث حسن صحيح<br />
ينظر: العمل والقيم اخللقية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، ألمحد البقري ص ( 188(، بواسطة عمل املرأة للخويل ص ( 197(، بتصرف.<br />
ينظر: املرأة املسلمة حملمد وجدي ص)<br />
84(، املرأة<br />
ص ( 201-200 ،) بتصرف .<br />
)1451(<br />
بني <strong>اإلسالم</strong> واحلضارة الغربية، لوحيد الدين خان ص) 56(، كالمها بواسطة املصدر السابق<br />
ينظر: املصادر السابقة، وأحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقه، للكردي ص) 151(، واملرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أليب حجري ص ( 124( وما بعدها .
حاجة وقد أبيح للمسلمة اخلروج للصالة وطلب العلم وقضاء احلاجات وعلى هذا عمل نساء املسلمني منذ<br />
عصر النبوة وإن دلت اآلية على املنع فهو حلق الزوج.<br />
وأما اآلية الثانية: فهي من شرع من قبلنا وقد أجاز شرعنا خروج املرأة للعمل دون استثناء إذا خال عن<br />
احملذور .<br />
وأما التشبه <strong>يف</strong> احلديث األول: فاملقصود به الزي أو األعمال اليت خص هبا الشارع الرجال وحرمها على<br />
النساء، أما ما مل خيص به الرجال فال يكون <strong>يف</strong> مشاركتهن <strong>يف</strong> استحقاقه تشبه ممنوع هبم .<br />
وأما احلديث الثاين: فورد تبياانً ملسؤولية كل شخص <strong>يف</strong> اجملتمع ولو كان حمدداً جملال عمل كل شخص<br />
ملنع الرجال من اخلروج عن البيت أيضاً لقوله : )) والرجل راع <strong>يف</strong> بيته ((.<br />
وأما الثالث: فمعناه: ( جتنبوا االفتنان َبلنساء ) كما قال النووي وال خيتص ذلك خبروجها عن البيت<br />
للعمل فاملنهي عنه <strong>يف</strong> احلديث اخلروج احملظور املؤدي للفتنة واملفسدة لتربجها وسفورها وحنو ذلك .<br />
وإذا كان عمل املرأة منضبطاً َبلضوابط الشرعية الدارءة للفتنة واملفسدة املانعة من وقوع احملاذير واألضرار<br />
فال مانع منه.<br />
وللمرأة من األعمال ما يناسبها ويتالءم مع فطرهتا ومييزها عن الرجل فال متنع منها. )1452(<br />
<br />
)1453(<br />
وإذا ترجح جواز خروجها لألعمال املهنية فإنه مقيد بتوفر الضوابط التالية:<br />
الضابط األول: أن ال يكون <strong>يف</strong> خروجها لألعمال املباحة مفسدة راجحة وفتنة وضرر هلا أو لاخرين؛<br />
ألن درء املفاسد مقدم على جلب املصاحل والدفع أوىل من الرفع والوقاية خري من العالج كما قال سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1454(<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
)1455(<br />
. <br />
<br />
الضابط الثاين : اإلذن هلا بذلك ممن له حق اإلذن كالزوج والويل ألن األصل قرارها حفظاً وسرتاً هلا<br />
وللويل والزوج عليها حق الطاعة وهو واجب ال جيوز تركه ولذا جعل الفقهاء خروجها بال إذن زوجها نشوزاً<br />
مسقطاً للنفقة عنها .<br />
ينظر: عمل املرأة، للخويل ص ( 246 -294<br />
) ، بتصرف.<br />
)1452(<br />
)1453( ينظر: املصدر السابق ( -125 ،)185 بتصرف .<br />
)1454( سورة النور اآلية : ( )31 .<br />
)1455( سورة األحزاب اآلية ( )53 .
ولعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب استئذان الوالدين ووليها يقوم مقام والدها عند فقده.<br />
الضابط الثالث: عدم االختالط َبلرجال األجانب أو السفر من غري حمرم ملا تقدم من األدلة على املنع<br />
من ذلك والتحذير منه وألنه <strong>يف</strong>ضي إىل مفسدة الزان فاخللوة منبع الفساد ومصدر البلوى وحمرك الشهوات<br />
وَبعث على الوقوع <strong>يف</strong> احلرام .<br />
الضابط الرابع : أن ال يكون العمل معصية أو معيباً مزرايً تعري به أسرهتا كالغناء والعزف على املوسيقى<br />
والرقص والسحر وحنو ذلك ملا فيه من ارتكاب للمحرم وطلب احلرام وأكله وإحلاق األذى والعار أبهلها<br />
واملفاسد ظاهرة هنا .<br />
الضابط اخلامس : أن يكون العمل متفقاً مع تكوينها اجلسمي وقدراهتا وفطرهتا وخصوصيتها وكرامتها<br />
وحيائها فال يصح تكل<strong>يف</strong>ها بعمل شاق أو مرهق أو مناف ألنوثتها وخادش حليائها.<br />
الضابط السادس : أن ال يرتتب على قيامها َبلعمل إمهال حلقوق الزوج واألبناء اليت كلفها الشارع<br />
القيام هبا وجعلها راعية ومسؤولة عن ذلك فإن كان كذلك فإنه ضرر يزال.<br />
الضابط السابع : أن ال يكون عملها قاطعاً أو مضيقاً لسبل اكتساب الرجال ألن <strong>يف</strong> ذلك إخالل<br />
بنظام اجملتمع.<br />
)1456(<br />
فبالنظر إىل توافر هذه الضوابط <strong>يف</strong> أعمال وكاالت ومكاتب <strong>السياحة</strong> – كما <strong>يف</strong> بعض األعمال اإلدارية<br />
يكون عمل املرأة فيها جائز شرعاً .<br />
)1457(<br />
فإن اختل شيء منها كما <strong>يف</strong> عمل املرشد السياحي غالباً حرم عليها الدخول فيه .<br />
–<br />
)1456(<br />
)1457(<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف ، ولالستزادة ينظر: املرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، أبو حجري ، ص)81<br />
وما بعدها ) .<br />
وقد صرح األمني العام للهيئة <strong>يف</strong> جريدة الرايض ( بدور املرأة الرائد <strong>يف</strong> احلركة السياحية مشرياً إىل أهنا تسري مع الرجل <strong>يف</strong> مسار واحد من أجل<br />
تنمية وإجناح احلركة السياحية( وذكر أبن اهليئة ( تسعد أبهنا تضم كوكبة من بنات هذا الوطن يعملن <strong>يف</strong> كافة القطاعات السياحية بكل كفاءة ومتكن وال<br />
تقل أبي حال من األحوال عن الرجل <strong>يف</strong> أداء مهامها وتنصهر معه <strong>يف</strong> بوتقة واحدة إلجناح اجلهد الذي نقوم به( .<br />
وأقول: جيب على اهليئة مراعاة الضوابط الشرعية لعمل املرأة والرقابة على تطبيق ذلك وإال حدث ما ال حتمد عقباه.
املبحث الثاني<br />
أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني<br />
املطلب األول<br />
سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني
املطلب األول: سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني<br />
إن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني اليت متوج َبإلحلاد الظاهر والفساد املنتشر خطر داهم وبالء عريض<br />
حيث تستباح احملرمات وتبذل بال رادع وال وازع َبسم احلرية واإلَبحية وتنشر الشبهات للصد عن دين هللا<br />
وإطفاء نوره فالسفر إليها فيه خطورة َبلغة على العقل والدين والعرض واملال .<br />
والدين <strong>يف</strong> مقدمتها فاإلنسان إذا فقده فقد كل شيء وإذا أعطي الدين أعطي السعادة والفالح <strong>يف</strong><br />
الدارين، وقد ابتلي كثري من املسلمني َبلسياحة <strong>يف</strong> تلك البالد وال شك أن <strong>يف</strong> بالد الكفار من مظاهر<br />
احلضارة الزائفة ودواعي الفتنة ما خيدع ضعاف اإلميان فتعظم تلك البالد وأهلها <strong>يف</strong> صدورهم وهتون <strong>يف</strong><br />
أنظارهم بالد <strong>اإلسالم</strong> وحيتقرون أهلها ويسعون إىل <strong>السياحة</strong> فيها ألهنم ينظرون إىل املظاهر وال ينظرون<br />
للحقائق ويبحثون عن املتعة دون نظر للعواقب وتلك البلدان وإن تزينت َبحلضارة املادية والتقدم الصناعي<br />
فإن أهلها <strong>يف</strong>قدون أعز شيء وهو الدين الصحيح الذي به تطمئن القلوب وتزكوا النفوس وتصان األعراض<br />
وحتقن الدماء وحتفظ األموال وهو الغاية من هذه احلياة .<br />
فما فائدة تلك املظاهر املادية اخلادعة إذا كانت العقائد َبطلة منحرفة واألعراض ضائعة خمتلطة واألسر<br />
)1458(<br />
متفككة واجلرائم منتشرة واألمن شبه منعدم.<br />
وقد وجدت <strong>يف</strong> هذه النازلة قولني للمعاصرين من أهل العلم:<br />
القول األول: حترمي <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني بغرض النزهة والرتفيه واالستطالع وبه أفتت اللجنة<br />
الدائمة وابن َبز وابن عثيمني وابن جربين والفوزان وغريهم.<br />
)1459(<br />
القول الثاين: جواز ذلك بشرط االلتزام برتك املعاصي واجتناب املنكرات واحملافظة على الواجبات مع<br />
أمن الفتنة، وبه أفتت إدارة اإلفتاء بوزارة األوقاف َبلكويت ، ود. عجيل النشمي عميد كلية الشريعة فيها.<br />
)1460(<br />
)1458(<br />
)1459(<br />
ينظر: تذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر ، عبد هللا اجلار هللا ص ( 26 وما بعدها (، بتصرف .<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش (<br />
/2<br />
108(، جمموع فتاوى ابن ابز، مجع الشويعر) 192/4(، فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة<br />
والرحالت البن عثيمني، مجع خالد أبو صاحل ص ( 30-29(، املفيد، البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي ص)<br />
-132<br />
والدعوة، صاحل الفوزان ( 224/1( .<br />
)1460(<br />
ينظر: فتوى رقم ( 45(، عدد ( 91( على الرابط :<br />
www.saaid.net/maktaratlegazh/30.htm<br />
.www.islam-online.net<br />
، وفتوى النشمي <strong>يف</strong><br />
142(، حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة<br />
/23 مايو 2001/<br />
على الرابط:
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول أبن السفر لبالد الكفر ال جيوز إال ملسوغ شرعي وقصد الفسحة والنزهة<br />
ليس مبسوغ شرعي لذلك ، لقوله : )) أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني ((<br />
)1461(<br />
.<br />
واملعىن: حىت <strong>يف</strong>ارقهم .<br />
وقوله : )) ال يقبل هللا من مشرك عمالً بعدما أسلم أو <strong>يف</strong>ارق املشركني (( )1462(<br />
وألن إظهار الدين على الوجه الذي تربأ به الذمة متعذر وغري حاصل غالباً .<br />
)1463(<br />
وملا <strong>يف</strong> هذا السفر من حضور لألماكن اليت يشهد فيها املنكرات وال ميكنه إنكارها وملا فيه من<br />
تعريض النفس لفنت الشهوات والشبهات حيث تشتمل غالب الربامج السياحية على فقرات منها :<br />
أ- اختيار عائلة كافرة لإلقامة لديها و<strong>يف</strong> ذلك فنت وحماذير كثرية.<br />
ب- حفالت موسيقية ومسارح وعروض متبذلة وفحش <strong>يف</strong> القول وكشف للعورات.<br />
ج- زايرة أماكن الرقص والرتفيه واحلاانت وأماكن املنكرات .<br />
د- تعليم العقائد املنحرفة واألخالق السيئة من رقص وغريه حبجة االطالع على ثقافات اآلخرين.<br />
)1464(<br />
وألن هذه <strong>السياحة</strong> تنتج أضراراً ومفاسد حمققة فتعمل على احنراف شباب املسلمني وإضالهلم وإفساد<br />
اخلالق والوقوع <strong>يف</strong> الرذيلة عن طريق هتيئة أسباب الفساد وجعلها <strong>يف</strong> متناول اليد وتشكيك املسلم <strong>يف</strong> عقيدته<br />
وتنمية روح اإلعجاب واالنبهار حبضارة الكفار ودفع املسلم للتخلق َبلكثري من تقاليد الكفار وعاداهتم<br />
السيئة وتعويده على عدم االكرتاث َبلدين وعدم االلتفات آلدابه وأوامره وجتنيد شباب <strong>اإلسالم</strong> ليكونوا دعاة<br />
ضاللة ومروجني هلذه البضاعة بعد عودهتم وتشبعهم َبألفكار والعادات املنحرفة.<br />
)1465(<br />
مث إن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> إضاعة املال وهدر لألوقات دون مصلحة راجحة وهي سبب للموادة وإثراء<br />
)1466(<br />
أموال الكفار وإعزاز أوطاهنم.<br />
)1461(<br />
أخرجه الرتمذي،كتاب السري،ابب ماجاء <strong>يف</strong> كراهية املقام بني أظهر املشركني،ص )1817(،رقم )1604(، وأبو داود،كتاب اجلهاد،ابب النهي<br />
عن قتل من اعتصم ابلسجود،ص)1418(،رقم )2645(،والنسائي <strong>يف</strong> كتاب القسامة،ابب القود بغريحديدة،ص )2397(،رقم )4784(،وحسنه<br />
األلباين <strong>يف</strong> اإلرواء )30/5(،رقم )1207(.<br />
)1462(<br />
أخرجه النسائي، <strong>يف</strong> كتاب الزكاة، ابب من سأل بوجه هللا عز وجل ص ( 2254(، رقم ( 2569(، وابن ماجه، <strong>يف</strong> كتاب احلدود، ابب املرتد<br />
عن دينه ص 2629(، رقم ( 2536(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده ( 5/ 4( .<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،مجع ابن<br />
قاسم ( 239/28(، بتصرف.<br />
)1463(<br />
)1464(<br />
)1465(<br />
)1466( ينظر: جملة الدعوة ، العدد ( ،)1798 ص ( 26 وما بعدها ،) والعدد ،)1749( ص ( )22 ، وجملة األسرة العدد ( ،)61 ص ( )25 .<br />
ينظر: جمموع فتاوى ابن ابز، مجع الشويعر ( 192/4 وما بعدها( ، بتصرف.<br />
املصدر السابق.
فهذه <strong>السياحة</strong> وسيلة إىل ارتكاب احملرم وترك الواجب وما أفضى إليهما فحكمه التحرمي ومفاسدها<br />
راجحة على ما قد يتوهم من املصاحل وضررها بني ظاهر.<br />
ومن أكرب أصول الدين وقواعده سد الذرائع والوسائل املفضية إىل املفاسد واحملرمات ، ومن أتمل مصادر<br />
الشريعة ومواردها ومقاصدها علم ذلك .<br />
وهذه <strong>السياحة</strong> يرتتب عليها خمالطة العصاة والظاملني ومشاهدة منكراهتم و" ال ينبغي ألحد أن يقارهنم<br />
وال خيالطهم إال على وجه يسلم به من عذاب هللا عز وجل وأقل ذلك أن يكون منكراً لظلمهم ماقتاً هلم<br />
شائناً ما هم فيه حبسب اإلمكان...وذلك أن مقارنة الفجار إمنا <strong>يف</strong>عها املؤمن <strong>يف</strong> موضعني: أحدمها: أن<br />
يكون مكرهاً عليها، والثاين: أن يكون <strong>يف</strong> ذلك مصلحة دينية راجحة على مفسدة املقارنة" .<br />
وال شك<br />
)1467(<br />
أن خمالطة الكفار <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ببالدهم للنزهة والرتفيه مما ترجح مفسدته ويغلب ضرره.<br />
السيما مع عدم األمن من الفتنة هبم وبقهرهم وسلطاهنم وشبهاهتم وزخرفتهم مما يؤدي إىل التأثر بفكرهم<br />
وفعلهم وقيمهم وعاداهتم وسلوكهم الشاذ املنحرف.<br />
والواقع خري شاهد على ذلك فكثري من شباب املسلمني ممن ساحوا <strong>يف</strong> بالد الكفار عادوا أكفاانً<br />
وأجساداً ال روح فيها فأتوا َبألمراض املستعصية واملخدرات املهلكة واألفكار املشوهة والفطر املنحرفة فضلوا<br />
وأضلوا وخسروا دنياهم وأخراهم.<br />
)1468(<br />
بل إن هذه األضرار واملفاسد تظهر جبالء لدى املخدوعني من أبناء املسلمني هبذه <strong>السياحة</strong> منذ عزمهم<br />
عليها وركوهبم للطائرات حيث تتخلى النساء عن احلجاب والسرت واحلياء ويبدأ استحالل احملرمات من<br />
مسكرات وحنوها نسأل هللا السالمة والعافية.<br />
)1469(<br />
وقد أمجع املسلمون على حترمي السفر بقصد املعصية<br />
- كما تقدم <strong>يف</strong> الرتخيص<br />
–<br />
لكن املقصود هنا أن<br />
هذه <strong>السياحة</strong> اليت يدعى أبن مقصودها الرتويح الربيء ال تلو من املنكرات والفنت واملفاسد واألضرار<br />
الظاهرة لكل ذي لب وهي كفيلة َبملنع من هذه <strong>السياحة</strong> حفاظاً على الضرورات اخلمس .<br />
واستدل أصحاب القول الثاين: أبن األصل <strong>يف</strong> السفر اإلَبحة وما دام هذا السائح ملتزماً َبلواجبات<br />
جمتنباً للمحرمات آمناً على دينه ونفسه وعرضه فإنه ال مانع من ذلك .<br />
وجياب : أبن هذا استدالل مبحل النزاع فالسالمة من الفنت واحملرمات <strong>يف</strong> تلك البالد أمر صعب املنال<br />
والواقع يشهد َبستحالته فالفنت منتشرة ووسائل الشر متوفرة والشيطان جيري من ابن آدم جمرى<br />
الدم .<br />
)1467(<br />
)1468(<br />
جمموع فتاوى شيخ<br />
<strong>اإلسالم</strong>، مجع ابن قاسم ( 15/ 324( .<br />
)1469(<br />
ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة البن ابز، مجع الشويعر ( 405/9( ، بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة.
وقواعد الشريعة ومقاصدها متنع من هذه <strong>السياحة</strong> سداً للذرائع وحفاظاً على الضرورات اخلمس ودفعاً<br />
لألضرار واملفاسد املتحققة وتعطيالً هلا وتكميالً للمصاحل.<br />
وهبذا يرتجح القول األول لقوة أدلتهم، واعتضادها بقرائن املشاهدة واجلواب عن دليل املخالفني .<br />
وجيدر التنبيه هنا إىل أن هذا <strong>يف</strong> سياحة اللهو والرتفيه وهو الغالب <strong>يف</strong> أغراض <strong>السياحة</strong> وإطالقها <strong>يف</strong> هذا<br />
العصر فهي غرض غري مشروع ملا تقدم، فإن كانت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني لغرض مشروع أو دعت<br />
له الضرورة فقد أجازها الفقهاء املعاصرون بشروط هي )1470(<br />
:<br />
أن يكون عند اإلنسان<br />
من الشبهات .<br />
علم يدفع به الشبهات ويدعو به إىل <strong>اإلسالم</strong> قدر استطاعته وأيمن به<br />
أن يكون عند اإلنسان دين مينعه من الشهوات واحملرمات ويدفعه لاللتزام َبلفرائض والطاعات.<br />
أن يكون مظهراً لدينه )1471(<br />
مودهتم والركون إليهم ومواالهتم .<br />
معتزاً إبسالمه حذراً من دسائس األعداء ومكائدهم ويتحفظ من<br />
أن يبتعد وجيتنب مواطن الشر واملنكرات والفساد واالختالط .<br />
أن يكون قدوة صاحلة وميثل املسلمني متثيالً صحيحاً <strong>يف</strong> خلقه وسلوكه وتعامله .<br />
أال يبقى فيها أكثر من حاجته الضرورية فإذا انتهت وجب عليه الرجوع .<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
فإن اختل شيء من ذلك مل جيز السفر إليها ملا أييت:<br />
)1470(<br />
ينظر: حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة والدعوة ، صاحل الفوزان)<br />
/1<br />
224(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>، البن عثيمني، مجع السليمان ص ( 185(، وفتيا <strong>يف</strong><br />
حكم السفر لبالد الشرك لسيلمان بن عبد هللا بن حممد بن عبد الوهاب <strong>يف</strong> جملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية العدد اخلامس والعشرين ص (<br />
والدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية، مجع ابن قاسم )482/15(، و (<br />
201<br />
/12<br />
)1471(<br />
وما بعدها،<br />
418(، وفتاوى لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم، و<strong>اإلسالم</strong> على<br />
اإلنرتنت ، واألقليات املسلمة، أسئلة وإجاابت البن ابز وابن عثيمني ص ( 67(، وللفائدة ينظر: زاد املسافرين إىل غري بالد املسلمني ، ربيع<br />
السعودي، والتعامل مع جمتمع غري مسلم لعدانن النحوي.<br />
قال ابن سعدي <strong>يف</strong> فتاواه ( 95(: ( املظهر لدينه هو الذي يتمكن من إعالنه وال يضطهد على ذلك وال خ<strong>يف</strong>يه، والعاجز عن اإلظهار هو الذي ال<br />
يقدر على إظهار إميانه وتوحيده ، وعقائد دينه وشرائعه ...وإذا نظران إىل ما حولنا ممن املمالك املذكورة <strong>يف</strong> هذه األوقات، وجدان أنه يتمكن كل أحد من<br />
إظهار دينه ومعتقده النتشار احلرية فصار املؤمن والكافر والرب والفاجر كل يعلن مبا اعتقده وإن حصل تقصري أو افتنان فهو من كثرة الشر وال يؤتى<br />
العبد إال من قبل نفسه ) .
ألن األصل حترمي السفر إىل بالد املشركني كما تقدم لوجوب معاداهتم ومقاطعتهم وفرضية الرباءة<br />
منهم كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
-1<br />
)1472( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
)1473(<br />
<br />
<br />
والسفر لبالدهم يؤدي إىل خمالطتهم واالستئناس هبم وتعظيم حضارهتم املادية واإلعجاب هبم ومن مث<br />
مواالهتم، وقد أوجب هللا على اإلنسان العمل َبلتوحيد وفرض عليه عداوة املشركني فما كان ذريعة وسبباً<br />
إىل إسقاط ذلك مل جيز )1474( .<br />
وملا تقدم من املفاسد واألضرار <strong>يف</strong> السفر لبالد الكفار للسياحة<br />
فيها.<br />
-2<br />
وإذا توفرت هذه الشروط جاز السفر إليها:<br />
لزوال املانع ووجود احلاجة وهي تنزل منزلة الضرورة فتقدر بقدرها .<br />
– ولفعل الصحابة<br />
رضوان هللا عليهم<br />
–<br />
ذلك. <br />
)1475(<br />
حيث سافروا إىل بلدان املشركني للتجارة ومل ينكر النيب<br />
وللتمكن من إظهار الدين فإن بالد الكفر نوعان بالد حرب وإضطهاد، وبالد عهد وهدنة<br />
وأمن، وقد أذن ألصحابه َبهلجرة للحبشة وهي بالد كفر لكنها بالد أمن واطمئنان وأخف<br />
بكثري من بالد الفتنة والشر القليل أهون من الشر الكثري ولذا متكن الصحابة من إظهار دينهم<br />
)1476(<br />
فيها .<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
)1472( سورة آل عمران اآلية : ( )28 .<br />
)1473( سورة هود اآلية : ( )113 .<br />
)1474(<br />
)1475(<br />
ينظر: ه1 الصفحة السابقة<br />
.<br />
)1476(<br />
ذكره أمحد <strong>يف</strong> مسنده ( 6/ 316(، وينظر : املصادر السابقة .<br />
ينظر: الفتاوى السعدي، للشيخ عبد الرمحن السعدي ص ( 95( .
غريه.<br />
ومن األغراض املشروعة: طلب العلم والعالج و التجارة والدعوة إىل هللا وزايرة األقليات <strong>اإلسالم</strong>ية فإذا<br />
كانت احلاجة إليها ضرورية وتوفرت الشروط السابقة جاز السفر ملا تقدم، ووجب <strong>يف</strong> الدعوة إذا مل يقم هبا<br />
)1477(<br />
)1477(<br />
ينظر: املصادر السابقة، وقد سئلت اللجنة الدائمة ( 12/ 58(، عن الذهاب بغرض العمل . فأجابت أبن <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> غنية عن بالد الكفار<br />
وملا فيها من خطر على العقيدة والدين واألخالق ، وسئلت عن السفر للدارسة . فأجابت <strong>يف</strong> ( 138(، ابملنع إال فيما ال يتيسر دراسته <strong>يف</strong> بالد<br />
<strong>اإلسالم</strong> كالطب واهلندسة وحنومها من العلوم الدنيوية ومل يتيسر استقدام من يضطر إليه <strong>يف</strong> تلك التخصصات واضطرت األمة لتلك العلوم فحيئنذٍ جيوز<br />
ابلشروط السابقة.<br />
واشرتط الشيخ ابن ابز ( 5/ 390( أن يكون ذلك ملن يعرف ابلفضل والعلم ورجاحة العقل واالستقامة <strong>يف</strong> الدين ويكون هناك من يشرف عليه ويتابع<br />
خطاه حىت يرجع ، ومنع الشيخ حممد بن إبراهيم من االبتعاث بتااتً قطعاً ملادة الفتنة كما <strong>يف</strong> فتاواه ( 217/13-12(، وكذا الشيخ إبراهيم احلديثي <strong>يف</strong><br />
اجملموع املرتضى ص ( 20( .
املطلب الثاني<br />
أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام
: املطلب الثاين<br />
أوالً :<br />
أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام<br />
املقصود بتبدل الدار واختالفها هو: اختالف الدولتني اللتني ينتسب إليها الشخصان فإن كان<br />
ذلك بني مسلمَنيْ مل يؤثر شيئاً ألن دار <strong>اإلسالم</strong> دار أحكام فباختالف املنعة وامللك ال تتباين الدار فيما بني<br />
املسلمني ألن حكم <strong>اإلسالم</strong> جيمعهم. )1478(<br />
وقد عرَّف الفقهاء دار <strong>اإلسالم</strong> أبهنا: الدار اليت تظهر فيها أحكام <strong>اإلسالم</strong> وتقام فيها شعائره وجتري<br />
عليها أحكامه وأيمن من فيها أبمان املسلمني سواء كان مسلماً أو ذمياً. )1479(<br />
فاملعترب <strong>يف</strong> كون الدار أو البالد إسالمية هو سيادة سلطة املسلمني وتطبيق وإظهار أحكام <strong>اإلسالم</strong> عليه<br />
سواء كان غالب سكاهنا مسلمني أو غري مسلمني ومن الفقهاء من اكتفى <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> بغلبة<br />
األحكام والقدر على إظهارها حبرية وأمان من غري اشرتاط السيادة والسلطة والغلبة للمسلمني فيها والصحيح<br />
ما عليه مجاهري الفقهاء فغلبة األحكام أتيت تبعاً للسلطة وظهورها احلقيقي لن يتحقق إال بذلك فهما شرطان<br />
ال ينفك أحدمها عن اآلخر وعليهما مدار احلكم .<br />
وهذا هو القول املتفق مع احلقيقة املقررة ملعىن <strong>اإلسالم</strong> واملتناسق مع القواعد العقلية والوقائع التارخيية<br />
واملعاصرة .<br />
وعليه ال تكون البالد اليت حيكمها الكفار من بالد <strong>اإلسالم</strong> لكون األغلب من سكاهنا مسلمني ألن<br />
املسلمني وإن كثروا فيها فهم مغلوب على أمرهم ما دامت السلطة ليست أبيديهم وإمنا أبيدي كفرة مىت رأوا<br />
ما يرضيهم منعوهم من إظهار شعائرهم.<br />
وعليه فإن الوالايت املتحدة األمريكية مثالً ليست دار إسالم رغم أن قانوهنا نص على توفر كامل احلرية<br />
لكل الدايانت والدعوة إليها وإظهار أحكامها على النفس دون اعرتاض من السلطات .<br />
كما أن ألبانيا مثالً ليست دار إسالم رغم أن أغلب سكاهنا من املسلمني لكن السلطة والغلبة للكفار<br />
فيها فالبد من حتقق وصف السلطة والغلبة للمسلمني على الدار مع أمنهم وقدرهتم على إظهار أحكام<br />
<strong>اإلسالم</strong> وهو اتبع لألول وأما قلة السكان من املسلمني أو كثرهتم فال عربة هبا .<br />
)1480(<br />
ويقابل دار <strong>اإلسالم</strong> دار الكفر وتعار<strong>يف</strong> الفقهاء هلا متفقة <strong>يف</strong> املدلول واملعىن على أن دار الكفر هي:<br />
الدار اليت تظهر فيها أحكام الكفر وتكون السلطة فيها لغري املسلمني وإن كانوا قلة واملسلمون كثرة.<br />
فالبد من الوصفني معاً كما <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
)1478(<br />
)1479(<br />
)1480(<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )304/2(، واملبسوط، للسرخسي )34/30(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 211/7(، وحاشية الدسوقي )363/1(، وهناية احملتاج، للرملي )456/5(، واملوسوعة الكويتية<br />
)201/20(، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة، سليمان توبو لياك، ص ( 15(.<br />
بتصرف.<br />
ينظر: اختالف الدارين وآاثره، د. عبد العزيز األمحدي ص (<br />
109<br />
وما بعدها (، وفقه األقليات، خالد عبد القادر ص (<br />
51<br />
وما بعدها (،
وهناك من اكتفى بغلبة األحكام الكفرية وهذا ال يكفي ألهنا ال تغلب وتظهر ظهوراً حقيقياً إال إذا<br />
كانت السلطة والسيادة هلم .<br />
وهذه الدار تنقسم إىل قسمني :<br />
األول: دار كفر حربية .<br />
الثانية: دار كفر غري حربية ( دار العهد (.<br />
ومما يدل على هذا التقسيم : قول ابن عباس<br />
– رضي هللا عنهما –<br />
النيب <br />
)1481(<br />
( كان املشركون على منزلتني من<br />
واملؤمنني ، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد ال يقاتلهم وال يقاتلونه (.<br />
فهذا نص صريح <strong>يف</strong> تقسيم دار الكفر إىل دار حرب جيب نصب العداء التام هلا ودار عهد ال جيوز<br />
حماربتها ومعاداهتا للعهد واملهادنة.<br />
وإضافة الدار للحرب ال يعين َبلضرورة أهنا <strong>يف</strong> حالة حرب مشتعلة مع دار <strong>اإلسالم</strong> لكن لكوهنا خارجة<br />
عن سلطان <strong>اإلسالم</strong> ونفوذ أحكامه وال يربطها بدار <strong>اإلسالم</strong> عهد وال صلح ومبعث احلروب غالباً من<br />
)1482(<br />
اختالف العقائد فاالعتداء منها متوقع بل شبه حاصل.<br />
<br />
<br />
<br />
كما قال تعاىل :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1483(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
والبد من حتقيق أوصاف أربعة لتكون دار حرب:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
أن تكون الغلبة والقوة فيها للكافرين .<br />
أن جتري عليه أحكام الكفر.<br />
أن تكون <strong>يف</strong> حالة حرب واقعة أو متوقعة وليس بينها واملسلمني عهد وال أمان .<br />
أال تكون قد خضعت للنفوذ <strong>اإلسالم</strong>ي يوما ما .<br />
فإذا حتقق هذا كانت دار حرب إبمجاع وإال وجد اخلالف واشرتط كثري من املعاصرين لكوهنا دار حرب<br />
أن تعلن احلرب على املسلمني وإال فال .<br />
)1481(<br />
)1482(<br />
)1483( سورة البقرة اآلية : ( 217 ) .<br />
أخرجه البخاري، كتاب الطالق ، ابب نكاح من أسلم من املشركات ص ( 457(، رقم<br />
ينظر: املصادر السابقة ، بتصرف .<br />
. )5286 (
تعلنه .<br />
وهذا غري صحيح فالدار اليت تتحقق فيها األوصاف السابقة دار حرب ال فرق بني أن تعلن ذلك أو ال<br />
وعلى هذا سرية املصطفى<br />
<br />
وأصحابه الذين كانوا يعتربون مجيع الدور الكافرة اليت مل تعقد معهم<br />
املعاهدات واملوادعات واملهادانت دور حرب جتب حماربتها وإخضاعها حلكم <strong>اإلسالم</strong> وسلطانه وإن مل تعلن<br />
احلرب على املسلمني.<br />
)1484(<br />
وإذا تغلب أهل احلرب على دار <strong>اإلسالم</strong> أو ارتد أهل الدار أو نقضوا العهد وتغلبوا ففي حتول الدار لدار<br />
كفر خالف على قولني .<br />
األول: أهنا تتحول لدار الكفر ألن دار الكفر هي كل بقعة تكون أحكام الكفر فيها ظاهرة وهو قول<br />
اجلمهور.<br />
)1485(<br />
الثاين: ال تتحول إال بتوافر ثالث<br />
شروط :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
ظهور أحكام الكفر فيها .<br />
اتصاهلا ومتامختها لدار الكفر حبيث يتوقع منها االعتداء على دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />
أن ال يبقى فيها مسلم وال ذمي أميناً على نفسه َبألمان األول وهو أمان املسلمني، وهذا قول<br />
أيب حن<strong>يف</strong>ة.<br />
)1486(<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول أبن كلمة دار أض<strong>يف</strong>ت لإلسالم أو للكفر لظهوره بظهور أحكامه فالعربة<br />
َبلظهور والسيادة ألحدمها.<br />
)1487(<br />
واستدل أبو حن<strong>يف</strong>ة أبدلة منها : أن حتول دار <strong>اإلسالم</strong> إىل دار الكفر مبجرد ظهور أحكام الكفر أمر<br />
حمتمل ال يزول َبلشك.<br />
)1488(<br />
ونوقش ذلك أبن استيالء الكفار عليها وإظهارهم ألحكام الكفر فيها يصريها دار كفر يقيناً فإن الدار<br />
تنسب للغالب عليها واحلاكم فيها واشرتاط االتصال تبطله وسائل النقل احلديثة حيث ألغت أتثري ذلك<br />
واألمان ينقطع مبجرد استيالء الكفار عليها وعليه فالراجح هو القول األول.<br />
)1489(<br />
)1484( ينظر: املصادر السابقة، بتصرف .<br />
)1485(<br />
)1486( ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( /7 )211 .<br />
)1487(<br />
)1488(<br />
)1489(<br />
املصادر السابقة .<br />
املصادر السابقة.<br />
املصادر السابقة.<br />
املصادر السابقة.
وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء أبن كل بالد أو داير يقيم حكامها وذوو السلطان<br />
فيها حدود هللا وحيكمون الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية عليها فهي دار إسالم وما ال فال.<br />
)1490(<br />
وأما دار املوادعة أو الصلح والعهد فهي كل انحية صاحل املسلمون أهلها برتك القتال على أن تكون<br />
األرض ألهلها أو للمسلمني<br />
)1491(<br />
بعوض أو بغري عوض فإذا اشرتط <strong>يف</strong> عقد الصلح أن األرض للمسلمني<br />
وتقر أبيدي أهلها مقابل خراج يؤدونه صارت الدار دار إسالم وجرت عليها أحكامه وإن اشرتط <strong>يف</strong> عقد<br />
الصلح أن األرض هلم فعلى القول جبواز هذا الصلح ال تصري الدار دار إسالم بل دار عهد وال جتري عليها<br />
أحكام <strong>اإلسالم</strong> ودار العهد أخص من دار احلرب لوجود املواثيق بني املسلمني وبني أهلها وهلا أحكام تتص<br />
هبا عن دار احلرب فهي دار منفردة وال تضع حلكم <strong>اإلسالم</strong> ونظامه حىت نلحقها بدار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
وليست <strong>يف</strong> حالة حرب لوجود العهد ولكنه ال خيرجها عن كوهنا دار كفر وتصري دار حرب مبجرد نقضها<br />
للعهد أو انتهاء مدته.<br />
اثنياً :<br />
أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام :<br />
إن اختالف الدارين يرتتب عليه اختالف <strong>يف</strong> أحكام شرعية كثرية وليس املراد هنا تفصيل ذلك بل التنبيه<br />
على أصول هذه املسألة لبيان األثر فقط، فاألصل أن املسلم مكلف َبلتزام أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وال أثر<br />
الختالف الدار والزمان واملكان <strong>يف</strong> ذلك فاحلالل حالل <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> أو <strong>يف</strong> دار الكفر وكذا احلرام .<br />
)1492(<br />
وقد أنكر هللا على اليهود الذين زعموا أن أداء األمانة والوفاء َبلعهد ال يلزم مع غري اليهود فقال سبحانه<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1493( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فاالعتداء على الناس وظلمهم وخيانتهم وسفك دمائهم بغري حق حمرم <strong>يف</strong> كل حال ودار وما اختلف فية<br />
الفقهاء من األحكام اليت تتلف َبختالف الدارين ليس سببه املنازعة <strong>يف</strong> هذا األصل وإمنا لعلل وأسباب<br />
أخرى .<br />
)1490(<br />
)1491(<br />
)1492(<br />
)1493(<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش ( 52/12( .<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 211/7(، وحاشية الدسوقي )363/1(، وهناية احملتاج، للرملي) 456/5(، واملوسوعة الكويتية<br />
)201/20(، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة، سليمان توبولياك ص ( 15(، وفقه األقليات، خالد عبد القادر ص ( 49 وما بعدها (.<br />
ينظر: األم، للشافعي ( 24/4(، وأحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، للرافعي ص ( 90-82( .<br />
سورة آل عمران، اآلايت : ( 76-75<br />
. )
فمنع األحناف من إقامة احلدود على املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفر سببه إانطة ذلك َبإلمام وهو غري قادر<br />
عليه <strong>يف</strong> دار حرب لعدم الوالية ولذا لو رجع اجلاين إىل دار <strong>اإلسالم</strong> بعد ذلك فإنه ال يقام عليه احلد عندهم<br />
أيضاً ألن الفعل مل يقع موجباً أصالً خبالف ما لو فعله <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> مث هرب لدار احلرب.<br />
)1494(<br />
وكذلك قالوا <strong>يف</strong> سقوط القصاص : إذا كان القتل <strong>يف</strong> دار احلرب لتعذر االست<strong>يف</strong>اء ولوجود الشبهة <strong>يف</strong><br />
وجوب القصاص لكونه <strong>يف</strong> دار احلرب والقصاص ال جيب مع الشبهة.<br />
وكذلك قالو <strong>يف</strong> الدية: فتكون <strong>يف</strong> ماله ال على العاقلة إذا كان خطأ ألن العاقلة تتحمل عنه بطريق<br />
التعاون ملا يصل إليه حبياته من املنافع من النصرة والعزة والشرف بكثرة العشائر والرب واإلحسان هلم وحنو ذلك<br />
وهذه املعاين ال حتصل عند اختالف الدارين.<br />
)1495(<br />
وكراهة الفقهاء للزواج َبلكتابيات إمنا كان للمحاذير املرتتبة على ذلك كما سيأيت.<br />
)1496(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
واألحكام اليت تتلف َبختالف الدارين على نوعني :<br />
األول: األحكام اليت تتلف َبختالف دار <strong>اإلسالم</strong> فقد اتفق الفقهاء على أن اختالف الدارين له أثر<br />
<strong>يف</strong> تباين األحكام اليت تتلف َبختالف دار <strong>اإلسالم</strong> فيما يتعلق َبملعامالت.<br />
فاملستأمن من إذا دخل دار <strong>اإلسالم</strong> حرم عليه التعامل َبلرَب مع املسلمني وغريهم بل ومجيع العقود<br />
الفاسدة شرعاً مع إمكان ذلك له <strong>يف</strong> داره.<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> احلدود واجلناايت :<br />
فاألكثر على أن األحكام تطبق على املستأمن إذا ارتكب جرمية <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
فإذا قتل املستأمن مسلماً أو ذمياً <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> اقتص منه وإذا قتله مسلم أو ذمي <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong><br />
فدمه ال يذهب هدر كما <strong>يف</strong> داره بل تضمن ديته .<br />
ومن األحكام اليت تتلف َبختالف الدارين هنا:<br />
التوارث ، فاختالف الدار مانع من التوارث بني الذمي واحلريب عند احلنفية والشافعية.<br />
)1497(<br />
دين الولد، فقد اشرتط األحناف <strong>يف</strong> تبعية الولد خلري والديه <strong>يف</strong> الدين احتاد الدارين ( دار التابع<br />
واملتبوع ) وإال فال تبعية.<br />
)1498(<br />
الفرقة بني الزوجني، فاختالف الدار موجب لذلك عند احلنفية . )1499(<br />
)1494(<br />
)1495(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 213/7( .<br />
املصدر السابق، والعناية، للبابريت )21/61<br />
.)<br />
)1496( ص ( 464 ) .<br />
)1497(<br />
)1498(<br />
ينظر: املصادر السابقة، والبحر الرائق، البن جنيم )558/8(. وهناية احملتاج، للرملي )28/6( .<br />
ينظر: فتح القدير ، البن اهلمام ( 27/6( .
)1500(<br />
-4<br />
نفقة األقارب، فاختالف الدار مانع من وجوهبا عند احلنفية .<br />
فهذه أمثلة على األحكام اليت تتلف َبختالف الدار . )1501(<br />
وقد يقع التمييز <strong>يف</strong> األحكام اليت تتلف َبختالف الدار ألمر خارج عن األصل السابق ذكره أال وهو<br />
نوعية العالقة بني دار <strong>اإلسالم</strong> ودار الكفر.<br />
فالكفار <strong>يف</strong> دار العهد والصلح تصان دماؤهم وأمواهلم وأعراضهم ما مل ينقضوا عهدهم.<br />
خبالف الكفار <strong>يف</strong> دار احلرب إذ ال عهد هلم وال ذمة لكن املسلم إذا دخلها أبمان وعهد منهم لغرض<br />
املصلحة الشرعية فعليه أن يصون دماءهم وأمواهلم وأعراضهم ويتعامل معهم َبألخالق <strong>اإلسالم</strong>ية ويدعوهم<br />
إىل دين هللا عز وجل وإال كان خائناً انقضاً لعهوده خمالفاً لتعاليم دينه وأخالق أمته <strong>اإلسالم</strong>ية .<br />
)1502(<br />
وكذا احلريب إذا دخل داران بعهد وأمان فإنه ال جيوز سفك دمه أو االعتداء عليه كما نصت بذلك<br />
نصوص الشرع وحذرت وتقدم ذكر ذلك .<br />
و<strong>يف</strong> التاريخ <strong>اإلسالم</strong>ي وسرية النيب<br />
<br />
وأصحابه من بعده خري شاهد على وفاء املسلمني وحفظهم<br />
لألماانت والعهود حىت مع غري املسلمني فال جهاد إال بعد اإلعالم والدعوة إىل دين <strong>اإلسالم</strong> واتباع األصول<br />
والضوابط الشرعية <strong>يف</strong> ذلك .<br />
ومل يقل أحد من العلماء إن اختالف الدار جييز للمسلم االعتداء على أهل دار احلرب إذا دخلها<br />
أبماهنم وإذهنم كما هي الطرق امللتوية ألدعياء اجلهاد <strong>يف</strong> هذا العصر.<br />
وعليه فإن السائح املسلم ال جيوز له حبال االعتداء واستحالل احملرمات <strong>يف</strong> دار الكفر إذا دخلها على<br />
تلك الصفة وهللا أعلم.<br />
النوع الثاين: األحكام اليت تتلف َبختالف دار الكفر فإذا دخل املسلم دار الكفر فهل يؤثر هذا <strong>يف</strong><br />
عدم تطبيق األحكام <strong>اإلسالم</strong>ية عليه ؟ <strong>يف</strong> ذلك خالف على قولني:<br />
األول :<br />
أن ذلك االختالف موجب لتباين األحكام .<br />
)1499( ينظر: املبسوط، للسرخسي ( )51/5 .<br />
)1500( ينظر: املصدر السابق ( )206/5 .<br />
وجزئياهتا .<br />
)1501(<br />
)1502(<br />
ولالستزادة ينظر: اختالف الدارين وآاثره، عبد العزيز األمحدي ( جملدان ) وكذا رسائل جامعية <strong>يف</strong> جامعة اإلمام أفردت جلوانب هذه املسألة<br />
ينظر: أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> بالد الغرب، للرافعي ص ( 82- 90(، بتصرف، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة <strong>يف</strong> الفقه<br />
<strong>اإلسالم</strong>ي، سليمان توبولياك ص ( 17وما بعدها ) .
فيجوز للمسلم إذا دخل دار الكفر أبمان أو بغريه أن يتعامل معهم َبلرَب والعقود الفاسدة اليت حيرم عليه<br />
أن يتعامل هبا <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> كما أنه إذا ارتكب ما يوجب احلد أو القصاص <strong>يف</strong> دار الكفر فإنه ال يؤاخذ به<br />
خبالف ما لو كان <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />
وهذا قول احلنفية ورواية عند احلنابلة إال أهنم <strong>يف</strong> احلدود يرون أتخريها حىت يرجع إىل دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />
)1503(<br />
الثاين: أن االختالف للدار ال أثر له <strong>يف</strong> تباين األحكام اليت تتلف َبختالف دار الكفر.<br />
وهو قول املالكية والشافعية واحلنابلة <strong>يف</strong> ظاهر املذهب.<br />
)1504(<br />
فاملسلم املقيم <strong>يف</strong> دار الكفر حيرم عليه التعامل َبلرَب والعقود الفاسدة كما لو كان <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> وإذا<br />
ارتكب ما يوجب حداً أقيم عليه بغض النظر عن املكان .<br />
األدلة :<br />
استدل أصحاب القول األول مبا يلي:<br />
-1<br />
-2<br />
انعدام الوالية <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> دار الكفر فال والية لدار <strong>اإلسالم</strong> عليها .<br />
)1505(<br />
أن اختالف الدار مبنزلة املوت فهو قاطع لألمالك ألن امللك <strong>يف</strong> األصل إمنا يثبت َبالستيالء<br />
على اململوك واالستيالء ينقطع بتباين الدار حقيقة َبخلروج عن يد املالك وحكماً َبنقطاع يده<br />
من الوالايت والتصرفات .<br />
)1506(<br />
غريها .<br />
واستدل أصحاب القول الثاين :<br />
أبن احلكم هلل تعاىل والدور والرَبع ال حكم هلا ودعوة <strong>اإلسالم</strong> عامة على الكفار سواء <strong>يف</strong> أماكنهم أو<br />
والنصوص امللزمة َبألحكام عامة مل تفرق بني الدور <strong>يف</strong> ذلك، فالسارق والزاين والقاتل واملرايب وغريهم<br />
تطبق فيهم أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية بغض النظر عن مكان ارتكاب اجلرائم واملخالفات.<br />
)1507(<br />
)1503(<br />
بدائع الصنائع، للكاساين (<br />
،)213/7 واملبسوط ( ،)51/5 والعناية ( ،)21/6 وفتح القدير 27/6(<br />
. )48/10<br />
)1504( ينظر: املدونة ( ،)547/4 والتاج واإلكليل ،)391/8( وروضة الطالبني 141/10( ،)291- والفروع )147/4( .<br />
)1505(<br />
)1506(<br />
)1507(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين ( 213/7( .<br />
ينظر: ختريج الفروع على األصول للزجناين ( 77( .<br />
ينظر: املصدر السابق .<br />
و178(، والفروع مع تصحيحها (
وهذا هو الراجح لعموم النصوص فاملسلم ملتزم بدينه وتطبق عليه أحكامه <strong>يف</strong> كل زمان ومكان.
املطلب الثالث<br />
التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم
: املطلب الثالث<br />
التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم<br />
لقد جاءت شريعة <strong>اإلسالم</strong> شاملة لكل شؤون احلياة العامة واخلاصة فما من شعبة من شعب احلياة وال<br />
انحية من نواحيها إال وقد تناولتها الشريعة وأوضحت لنا فيها اخلري من الشر والطاهر من اخلبيث والصحيح<br />
<br />
من الفاسد بنصوص خاصة أو قواعد كلية وتلك حقائق ال جيادل فيها إال مكابر قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1508( ، وقال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فقوانني الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ما ضاقت<br />
)1510(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1509( ، وقال عز شأنه :<br />
عن حاجة وال وقفت عقبة <strong>يف</strong> سبيل مصلحة أو عدالة بل وسعت مصاحل الناس على اختالف أجناسهم<br />
وألسنتهم وألواهنم.<br />
وقد ختم هللا برسالة حممد الرساالت السماوية وجعلها انسخة هلا وأم هبا نعمته على البشرية .<br />
وامتازت هذه القوانني والنظم <strong>اإلسالم</strong>ية أيضاً بعصمتها من الزلل والنقص واالحنراف فهي من وضع<br />
اخلبري الذي علم ما كان وما يكون وما مل يكن لو كان ك<strong>يف</strong> يكون وهو اخلالق للبشر العامل مبا يصلحهم أو<br />
)1511( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<strong>يف</strong>سدهم ومبا تستقيم به أمور حياهتم <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذه الرسالة عاملية فالكفار مأمورون َبإلميان كما قال سبحانه :<br />
)1513(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال: <br />
)1512(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد حرم هللا عز وجل التحاكم إىل غري شريعته .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فقال سبحانه :<br />
<br />
<br />
)1514( وقال سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1508( سورة األنعام اآلية : ( 38 ) .<br />
)1509( سورة النحل، اآلية )89( .<br />
)1510( سورة املائدة اآلية : ( 3 ) .<br />
)1511( سورة امللك اآلية : ( 14 ) .<br />
)1512( سورة الفرقان اآلية : ( 1 ) .<br />
سورة األنبياء اآلية: ( 107<br />
. )<br />
)1513(<br />
)1514( سورة املائدة اآلية : ( 48 ) .
وقال سبحانه :<br />
)1515(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، )1516(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال عز وجل: <br />
)1517( ، ولو مل يكن <strong>يف</strong> القرآن زجر عن اتباع القوانني<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الوضعية واستبدال شريعة <strong>اإلسالم</strong> هبا إال هذه اآلية لكفت العاقل اللبيب فك<strong>يف</strong> والقرآن كله يدعو إىل<br />
حتكيم ما أنزل هللا وعدم حتكيم ما عداه إما تصرحياً وإما تلوحياً ، وعلى هذا فإن االعتياض عن القانون<br />
السماوي الذي جاء به الصادق املصدوق َبلقانون األرضي اإلنساين الذي ال خيلو مهما توافقت عليه<br />
اآلراء من غلط وخطأ أعظم أسباب املقت واحلرمان وأكرب موجبات العقوبة واخلذالن وتبديل لنعمة هللا<br />
َبلنقمة وللشكران َبلكفران وشرع دين مل أيذن به هللا واتباع لغري سبيل املؤمنني ومشاقة وحمادة وحماربة وخيانة<br />
هلل ولرسوله وعشوٌ عن ذكر الرمحن وإعراض عنه إىل غري ذلك من املفاسد واحملاذير اليت ال تدخل حتت<br />
احلساب وال تضبطها أقالم الكتاب .<br />
)1518(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول :<br />
فإبدال شريعة الدين َبلقوانني يعد من الضالل املبني فمن الكفر األكرب املستبني تنزيل القانون اللعني منزلة ما<br />
نزل به الروح األمني على قلب حممد <br />
ليكون من املنذرين بلسان عريب مبني <strong>يف</strong> احلكم به بني العاملني والرد<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
إليه عند تنازع املتنازعني مناقضة ومعاندة لقول هللا عز وجل :<br />
، والنكرة : ( شيء<br />
)1519( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
) <strong>يف</strong> سياق الشرط تفيد العموم فيما يتصور التنازع فيه جنساً وقدراً مث أتمل ك<strong>يف</strong> جعل ذلك شرطاً <strong>يف</strong><br />
حصول اإلميان َبهلل واليوم اآلخر مث وصفه أبنه خري ال يتطرق إليه شر أبداً بل هو خري حمض عاجالً وآجالً<br />
مث قال:<br />
)1520( <br />
<br />
<br />
أي : عاقبة <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة ف<strong>يف</strong>يد أن الرد إىل غري الرسول عند<br />
)1515(<br />
)1516( سورة النساء اآلية : ( 60 ) .<br />
سورة املائدة اآلايت: ( 47-44<br />
. )<br />
)1517( سورة النساء اآلية : ( 65 ) .<br />
)1518( سورة املائدة اآلية : ( 50 ) .<br />
)1519( سورة النساء اآلية : ( 59 ) .<br />
)1520( سورة النساء اآلية : ( 59 ) .
التنازع شر حمض وأسوأ عاقبة <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة وإذا كان هللا عز وجل وصف احلاكم بغري ما أنزل هللا َبلكفر كما<br />
تقدم، فمن املمتنع أن يسميه كذلك وال يكون كافراً بل هو كافر مطلقاً إما كفر عمل ال ينقل عن امللة وإما كفر<br />
اعتقاد انقل عن امللة .<br />
فكفر االعتقاد أنواع:<br />
أحدها : أن جيحد احلاكم بغري ما أنزل هللا أحقية حكم هللا ورسوله .<br />
الثاين: أن ال جيحد كون حكم هللا ورسوله حقاً لكن يعتقد أن حكم غريه أحسن وأ م وأَشل ملا حيتاجه<br />
الناس عند التنازع إما مطلقاً أو َبلنسبة إىل ما استجد من احلوادث اليت نشأت عن تطور الزمان وتغري<br />
األحوال .<br />
والثالث: أن ال يعتقد كونه أحسن من حكم هللا ورسوله لكن يعتقد أنه مثله .<br />
والرابع: أن ال يعتقد كون حكم احلاكم بغري ما أنزل هللا مماثالً حلكم هللا ورسوله فضالً عن أن يعتقد كونه<br />
أحسن منه لكن يعتقد جواز احلكم مبا خيالفه.<br />
واخلامس : وهو أعظمها معاندة ومكابرة ومشاقة احلكم َبلقانون امللفق من شرائع شىت وقوانني كثرية<br />
والرجوع إليه <strong>يف</strong> القضاء بني الناس وإلزامهم به وكفر العمل غري املخرج من امللة أن حتمله شهوته وهواه<br />
على<br />
احلكم <strong>يف</strong> القضية بغري ما أنزل هللا مع اعتقاده أن حكم هللا ورسوله هو احلق واعرتافه على نفسه َبخلطأ<br />
وجمانبة اهلدى وهو من الكبائر.<br />
فمن مل حيكم مبا أنزل هللا تسلطاً على احملكوم وانتقاماً منه أو حماَبة له أو لعرض من رشوة وغري ذلك من<br />
األهواء فإنه ظامل وفاسق<br />
ذلك <strong>يف</strong> كتب عقيدة أهل السنة واجلماعة.<br />
وليس بكافر وتتلف مراتب ظلمه وفسقه حبسب احملكوم به ووسائل احلكم وتفصيل<br />
واملقصود هنا: بيان حترمي التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم أو حتكيم قوانينهم وأنظمتهم الوضعية <strong>يف</strong> بالد املسلمني<br />
أو اعتقاد كوهنا أحسن من حكم هللا ورسوله أو أعدل أو أم ملا تقدم .<br />
لكن إذا كان املسلم خصومته <strong>يف</strong> بلد ال توجد فيه حماكم شرعية فإن أمكنهما أن يصطلحا أو حيكما عاملاً شرعياً<br />
حيكتمان إليه ليحكم بينهما حبكم هللا ورسوله وجب عليه السعي إىل ذلك وحرم عليه استبداله حبكم الكفار فإن<br />
اضطر وأجرب على التحاكم إىل<br />
حكم هللا لكنه اضطر إليه ألخذ حقه.<br />
الكفار فللضرورة أحكامها ما دام ال يعتقد كون حكمهم أحسن وأ م وأفضل من<br />
وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته التاسعة من<br />
6-1<br />
ذي القعدة 1415ه قراراً جاء فيه :<br />
" إذا مل تكن هناك حماكم دولية إسالمية جيوز احتكام الدول أو املؤسسات <strong>اإلسالم</strong>ية إىل حماكم دولية<br />
غري إسالمية توصالً ملا هو جائز شرعاً " واألفراد كذلك فإن الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية راعت الضرورة وشرعت هلا<br />
أحكاماً استثنائية تناسبها وفق االجتاه العام <strong>يف</strong> التيسري على اخللق ورفع اآلصار واألغالل اليت كانت على
أصحاب الشرائع السابقة ومقصو دها إقامة احلق ورفع الظلم وتكميل املصاحل وحتصيلها وتقليل املفاسد<br />
.<br />
)1521(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وتعطيلها ورفع احلرج عن اخللق كما قال سبحانه : <br />
وعليه فهذا التحاكم يعد نوعاً من التحكيم الفاسد الذي ينفذ ملوافقة احلكم قواعد القانون الطبيعي<br />
ومبادئ العدالة ، وقد جاء <strong>يف</strong> بعض كتب التاريخ أنه كان إذا حدث نزاع بني مسلم وقبطي تقدم املتقاضون<br />
إىل جملس مؤلف من قضاة ميثلون الفريقني املتنازعني وأفىت الشيخ حممد رشيد رضا <strong>يف</strong> مسألة احلكم َبلقوانني<br />
الربيطانية <strong>يف</strong> اهلند بنحو هذا، وقال الشيخ عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي <strong>يف</strong> التحاكم إىل احملاكم الوضعية: " بقدر<br />
اإلمكان ال يتحاكم إليها، أما إذا كان ال ميكن أن يستخلص حقه إال عن طريقها فال حرج عليه " كما أن<br />
<strong>يف</strong> هذا دفعاً للظلم واملفسدة. )1522(<br />
ولذا قال العز بن عبد السالم : " لو استوىل الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء ملن يقوم مبصاحل املسلمني<br />
العامة فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله جلباً للمصاحل العامة ودفعاً للمفاسد" .<br />
)1523(<br />
فلجوء املسلم إىل تلك احملاكم للضرورة حتصيالً حلقه أو دفعاً للظلم عنه دون اعتقاد حسن ذلك أو حمبته<br />
أوىل َبجلواز؛ ملا يرتتب على تركه من الضرر البالغ واملفسدة الراجحة<br />
.<br />
ومن األنظمة والقوانني البشرية ما ال يتعارض مع الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وال خيالفها وفيه مصلحة تنظيم أمور<br />
الناس العامة وحتقيق مصاحلهم املختلفة فااللتزام مبثل هذه األنظمة جائز شرعاً ألهنا من َبب املصاحل املرسلة<br />
وقواعد الشريعة العامة شاملة هلا فال يكون االلتزام هبا متعارضاً مع شريعة <strong>اإلسالم</strong> أو إعراضاً عنها سواء<br />
مسيت أنظمة أو قوانني أو غري ذلك فالعربة حبقائق األلفاظ ومعانيها ال بصورها ومبانيها.<br />
)1524(<br />
)1521( سورة املائدة اآلية : ( 6 ) .<br />
)1522(<br />
)1523( قواعد األحكام ( /1 )81<br />
)1524(<br />
ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد ( 63( حبث العمل القضائي خارج داير <strong>اإلسالم</strong>، حممد األلفي ص)53(، بتصرف.<br />
ينظر: - <strong>يف</strong> هذا املطلب<br />
–<br />
، وتقدمت ترمجة العز ص 53.<br />
وجوب تطبيق الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ، جمموع حبوث مقدمة ملؤمتر الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ص (<br />
217-309-200( ،وقرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ص ( 208(، ، وحتكيم القوانني ، حملمد بن إبراهيم ص (<br />
واألحكام الشرعية ومنافاهتا للقوانني الوضعية، عبد هللا آل حممود ص)<br />
-193-169-107<br />
51-51<br />
9<br />
وما بعدها (،<br />
وما بعدها (، وحتذير أهل اإلميان عن احلكم بغري ما أنزل الرمحن، إمساعيل<br />
احلسين السلفي ،ص) 25-21(، وجملة أضواء الشريعة، العدد السادس ص) 85-83(، وفتاوى علماء البلد احلرام، إعداد خالد اجلريسي ص (<br />
68-64(، وجمموع فتاوى ابن ابز ، مجع حممد الشويعر ( 1/ 271<br />
) و ( /4 ،)29 بتصرف.
املطلب الرابع<br />
التقيد بعادات أهل البلدان <strong>السياحة</strong> وتقاليدهم
: املطلب الرابع<br />
التقيد بعادات أهل البلدان <strong>السياحة</strong> وتقاليدهم<br />
لقد امنت هللا على أمة حممد بنعمة <strong>اإلسالم</strong> وجعلهم أمة وسطاً ليكونوا شهداء على الناس وجعلهم<br />
قدوة هلم لكي يقدموا للعامل منوذجاً للمجتمع السليم الذي يسلك الطريق املستقيم الذي رمسه له ربه وسار<br />
. عليه رسوله <br />
وألجل أن يكون هذا اجملتمع قدوة للناس جيب أن يكون طاهراً من مجيع الشوائب اليت تسبب احنطاطه<br />
عن هذا املقام السامي وتسيء لسمعته والشك أبن مظهر املسلم وعاداته وتقاليده جزء ال يتجزأ من<br />
شخصيته اليت جيب أن تتميز عن غريها وتعتز بقيمها وأصالتها.<br />
والتشبه َبلكفار <strong>يف</strong> عاداهتم وتقاليدهم اخلاصة هبم تبعية واهنزامية تناقض ذلك.<br />
وقد تفشى هذا <strong>يف</strong> بعض املسلمني حىت ال تكاد تفرق بينهم وبني اجملتمعات غري <strong>اإلسالم</strong>ية!<br />
فك<strong>يف</strong> يستبدلون الذي هو أدىن َبلذي هو خري ؟ وك<strong>يف</strong> يرضون َبلتبعية وهم خري األمم ؟ وهللا سبحانه<br />
)1525(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يقول: <br />
وقد حذر رسول هللا من ذلك التقليد املذموم <strong>يف</strong> قوله : )) لتتبعن سنن من كان قبلكم شرباً بشرب<br />
وذراعاً بذراع ((.<br />
)1526(<br />
وهذه السنن تشمل العادات والتقاليد والسلوك واألخالق، وقد حذر النيب من هذا االتباع وتلك<br />
املشاهبة مجلة وتفصيالً .<br />
أما اجلملة :<br />
فكقوله صلى هللا عليه وسلم: ))من تشبه بقوم فهو منهم((. )1527(<br />
)1529(<br />
)1528( ، و (( خالفوا اليهود .))<br />
وقوله : )) خالفوا املشركني ((<br />
)1525( سورة األحزاب اآلية : ( 21 ) .<br />
)1526(<br />
أخرجه البخاري، كتاب االعتصام ، ابب قول الني : )) لتتبعن سنن من كان قبلكم (( ( 610(، رقم ( 7320( ، ومسلم، <strong>يف</strong> كتاب<br />
العلم، ابب اتباع سنن اليهود والنصارى ( 1142(، رقم ( 2669( .<br />
)1527(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اللباس ابب <strong>يف</strong> لبس الشهرة، ص )1518(، رقم )4031(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه، ابب حلق القفا والزهد<br />
)453/11(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )179/8(، وقال <strong>يف</strong> كشف اخلفا )314/2(: )رواه أمحد وأبو داود والطرباين عن ابن عمر رفعه و<strong>يف</strong> سنده<br />
ضع<strong>يف</strong> لكن قال العراقي <strong>يف</strong> سنده صحيح وله شاهد عند البزار وعند أيب نعيم وعند القضاعي وصححه ابن حبان(، واحلديث صحيح كما ذكر شيخ<br />
<strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية واحلافظ العراقي وابن حبان وحسنه ابن حجر، وقال األلباين: )رجاله ثقات غري أيب أمية(. ينظر: السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه<br />
ابلكفار، سهيل عبد الغفار، 101-97<br />
.<br />
)1528(<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اللباس ابب تقليم األظافر، ص )501( رقم 5892(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة، ابب خصال الفطرة<br />
،)723( رقم .)259(<br />
)1529(<br />
أخرجه أبو داود، <strong>يف</strong> الصالة، ابب الصالة <strong>يف</strong> النعل ص (<br />
،)1271 رقم (<br />
رقم ( ،)2186 والطرباين ( /7<br />
سنة الصالة <strong>يف</strong> النعلني .<br />
290(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه )287/4(، رقم)7839(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه (<br />
652(، وابن حبان، ابب ذكر األمر ابلصالة <strong>يف</strong> احلقاف )561/5(،<br />
،)432/2 رقم ( ،)4056 ابب
وأما التفصيل فقد ورد التحذير من مشاهبتهم <strong>يف</strong> كثري من األمور كرفع القبور والبناء عليها واتاذها<br />
مساجد واتاذ التماثيل ورفع الصور واتاذ آنية الذهب وحلق اللحية وترك الشيب بال صبغ والتربج والسفور<br />
واألعياد واالحتفاالت واملهرجاانت املبتدعة والقيام للشخص تعظيماً له ووصل الشعر ولبس ما هو من شعار<br />
الكفار وغري ذلك من أمور العبادات والعادات.<br />
)1530(<br />
فيجب على املسلم أن يسلم هلل ولرسوله فيسمع ويطيع ويتميز بعاداته وتقاليده وسلوكه ومظهره<br />
ليكون قدوة لاخرين ويظهر اعتزازه بدينه وال يكون تبعاً لغريه.<br />
ومن أسباب النهي عن هذا التشبه أن أعمال الكفار مبناها على الضالل والفساد <strong>يف</strong> األصل سواء <strong>يف</strong><br />
عقائدهم وعباداهتم أو <strong>يف</strong> سلوكهم وعاداهتم الحنرافهم عن طريق احلق واهلدى والنور وسلوكهم طريق الضاللة<br />
والغواية واتباع الشهوات واألهواء وإن وجد شيء من الصالح <strong>يف</strong> أعماهلم فهو هباء منثور.<br />
؛وألن التشبه هبم يوقع املسلم <strong>يف</strong> التبعية هلم كما تقدم، و<strong>يف</strong> هذا مشاقة هلل ولرسوله واتباع لسبيل غري<br />
<br />
املؤمنني، وهللا تعاىل يقول: <br />
؛( 1531(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وألن هذا التشبه يوقع شيئاً من املشاكلة بني املُقَلِّدِّ واملُقَلَّد <strong>يف</strong> املظهر واملخرب ويورث اإلعجاب َبلكفار<br />
ودينهم وعاداهتم وَبلتايل ازدراء احلق واهلدى كما أن املشاهبة تورث املودة واحملبة واملواالة بني املتشاهبني،<br />
فاملسلم إذا قلد الكافر البد أن جيد <strong>يف</strong> قلبه ألفة له وهذه األلفة البد أن تورث احملبة والرضى واملوالة لغري<br />
املؤمنني .<br />
فأصل املشاهبة أن هللا جبل بين<br />
آدم على التفاعل بني الشيئني املتشاهبني وكلما كانت املشاهبة أكثر كان<br />
التفاعل <strong>يف</strong> األخالق والصفات أ م فألجل ذلك وقع التأثر والتأثري <strong>يف</strong> بين آدم فاكتسب بعضهم أخالق<br />
بعض َبملشاركة واملعاشرة.<br />
واملشاهبة <strong>يف</strong> األمور الظاهرة توجب املشاهبة <strong>يف</strong> األمور الباطنة وهذه املواالة واحملبة للكافر تناقض أصالً<br />
من أصول الدين وهو مواالة املؤمنني والرباءة من الكافرين .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كما قال سبحانه :<br />
)1532(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1533(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه : <br />
)1530(<br />
.)<br />
)1531(<br />
)1532( سورة املائدة اآلية : ( 51 ) .<br />
ينظر: السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه ابلكفار، سهيل عبد الغفار.<br />
سورة النساء اآلية: ( 115
ويقول سبحانه : <br />
. )1534(<br />
<br />
<br />
ويقول <br />
: )) ليس منا من تشبه بغريان ((.<br />
)1535(<br />
فهذه النصوص كلها هتدف إىل سد الذرائع ألن املشاهبة <strong>يف</strong> الظاهر ذريعة إىل املوافقة <strong>يف</strong> القصد والعمل.<br />
)1536( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
وهو سبيله ومنهاجه وطريقته<br />
وشريعته <br />
فتوزن األقوال واألعمال أبقواله وأعماله فما وافق ذلك فهو مقبول وما خالفه فهو مردود .<br />
ونقل شيخ <strong>اإلسالم</strong> اإلمجاع من الصحابة والتابعني ومن بعدهم على األمر مبخالفة الكفار والنهي عن<br />
مشاهبتهم <strong>يف</strong> اجلملة، ومن ذلك أن عمر مث عامة األئمة من بعده وسائر الفقهاء جعلوا <strong>يف</strong> الشروط<br />
املشروطة على أهل الذمة فيما شرطوه على أنفسهم : ( أن نوقر املسلمني، ونقوم هلم من جمالسنا إذا أرادوا<br />
اجللوس، وال نتشبه هبم <strong>يف</strong> شيء من لباسهم...وال نتكلم بكالمهم ، وال نتكىن بكناهم .. إخل ) وهذه<br />
الشروط جممع عليها <strong>يف</strong> اجلملة وهي أصناف منها ما مقصوده التمييز عن املسلمني <strong>يف</strong> الشعور واللباس<br />
واألمساء واملراكب والكالم وحنوها ليتميز املسلم عن الكافر وال يتشبه أحدمها َبآلخر <strong>يف</strong> الظاهر وذلك<br />
يقتضي إمجاع املسلمني على التمييز عن الكفار ظاهراً وترك التشبه هبم .<br />
وال يصح معارضة ما تقدم أبن شرع من قبلنا شرع لنا ما مل يرد <strong>يف</strong> شرعنا خالفه وقوله سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1538( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1537( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1539(<br />
وذلك ألن هذا الدليل مبين على مقدمتني كلتامها منتفية هنا:<br />
<br />
إحدامها : أن يثبت أبن ذلك شرع هلم بنقل موثوق به من كتاب أو سنة وحنو ذلك، أما جمرد الرجوع<br />
لقوهلم أو كتبهم فباطل .<br />
)1533( سورة يونس اآلية : ( 89 ) .<br />
)1534( سورة البقرة اآلية : ( 120 .)<br />
)1535(<br />
أخرجه الرتمذي، كتاب االستئذان، ابب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية إشارة اليد ابلسالم ص (<br />
،)1923 رقم (<br />
2695(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط (<br />
238/7(، واحلديث حسن لغريه . ينظر: السنن واآلاثر ، لسهيل عبد الغفار ص ( 107(، وحسنه األلباين <strong>يف</strong> صحيح اجلامع ( 5/ 101(، حديث (<br />
. )5310<br />
)1536( سورة النور اآلية : ( 63 ) .<br />
سورة األنعام اآلية: ( 90<br />
. )<br />
)1537(<br />
)1538( سورة النحل اآلية : ( 123 .)<br />
)1539( سورة املائدة اآلية : ( 44 ) .
والثانية: أن ال يكون <strong>يف</strong> شرعنا بيان خاص لذلك، أما إذا كان <strong>يف</strong> ذلك بيان خاص إما َبملوافقة أو<br />
َبملخالفة استغين عنه فيما ينهى عنه من موافقته ومل يثبت أنه شرع ملن كان قبلنا وإن ثبت فقد كان هدي<br />
نبينا <br />
خبالفه وقد أمران مبخالفتهم <strong>يف</strong> اهلدي كما تقدم .<br />
وهذا كله <strong>يف</strong> التقيد بعاداهتم وتقاليدهم والتشبه هبم <strong>يف</strong> ذلك إذا كان خمتصاً هبم حبيث يعلم أنه من<br />
عاداهتم وتقاليدهم وأفعاهلم، أما إذا شاع ذلك بني الناس وصار عاماً بني املسلمني والكفار ومل يعارض نصاً<br />
أو أصالً شرعياً ومل يرتتب عليه حمذور فإن التشبه هبم هنا جائز ومباح وليس من التشبه املذموم واألصل <strong>يف</strong><br />
العادات اإلنسانية االلتفات إىل املعاين كما تقدم فالبشر يشرتكون <strong>يف</strong> كثري من العادات والفطر اإلنسانية .<br />
وقد يتقيد بعض املسلمني بعادات الكفار وتقاليدهم إذا تواجد <strong>يف</strong> بالدهم خوفاً على نفسه أو ماله أو<br />
عرضه فيلبس زيهم ويتقيد مبظهرهم محاية لنفسه ودفعاً للضرر عنه فال يكون <strong>يف</strong> هذه احلال وحنوها متشبهاً<br />
َبلكفار ألن من قواعد الشريعة تفويت املصلحة لتحصيل ما هو أكرب منها وارتكاب املفسدة لدفع ما هو<br />
أعظم منها، والضرورات تبيح احملظورات كما تقدم، ومقاصد الشريعة تؤيد هذا وتؤكده )1540( فقد جيب عليه<br />
ذلك إذا تعني طريقاً لدفع اهلالك عن نفسه<br />
. )1541(<br />
)1540(<br />
ينظر: فيما تقدم : اقتضاء الصراط املستقيم، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية، حتقيق انصر العقل )363/1 -462 (، والوالء والرباء <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>، حممد<br />
القحطاين ص (<br />
321<br />
–328(، والدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية، مجع ابن قاسم (<br />
362/15<br />
اجلريسي ص _ 105(، واملفيد البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي ص ( 132(، ومن تشبه بقوم فهو منهم، انصر العقل ص (<br />
وما بعده (، وفتاوى علماء البلد احلرام، مجع<br />
19-15-8-7(، بتصرف،<br />
)1541(<br />
وللفائدة ينظر: التساهل مع غري املسلمني مظاهره وآاثره، للطريقي،وحكم الشرع <strong>يف</strong> اللحية واألزايء والتقاليد والعادات ، عثمان الصا<strong>يف</strong>، واهلزمية<br />
النفسية عند املسلمني ، للخاطر.<br />
ينظر: التشبه املنهي عنه، مجيل بن حبيب اللوحيق ص ( 116(،ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> اقتضاء الصراط املستقيم )418/1(: ( لو أن املسلم<br />
بدار حرب، أو دار كفر غري حرب ، مل يكن مأموراً ابملخالفة هلم <strong>يف</strong> اهلدي الظاهر ملا عليه <strong>يف</strong> ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو جيب عليه أن<br />
يشاركهم أحياانً <strong>يف</strong> هديهم الظاهر إذا كان <strong>يف</strong> ذلك مصلحة دينية من دعوهتم إىل الدين واالطالع على ابطن أمورهم إلخبار املسلمني بذلك أو دفع<br />
ضررهم عن املسلمني، وحنو ذلك من املقاصد احلسنة ) .
املطلب اخلامس<br />
اإلقامة <strong>يف</strong> ديار الكفر
املطلب اخلامس: اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر.<br />
حترير حمل النزاع:<br />
اتفق أهل العلم على حترمي اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر ووجوب اهلجرة منها إىل دار <strong>اإلسالم</strong> إذا عجز املسلم عن إظهار دينه<br />
وخشي على نفسه الفتنة ما مل يكن <strong>يف</strong> بقائه مصلحة للمسلمني أو يعجز عنها فهو معذور. )1542(<br />
ويدل لذلك:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
1- قوله تعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1543(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب وأن األصل عدم االستمرار <strong>يف</strong> داير الكفر بال مربر شرعي حيث أوجب سبحانه<br />
على املسلمني الذين يقيمون بني ظهراين املشركني وال يتمكنون من إقامة الدين أن يهاجروا ما داموا قادرين و إال كانوا ظاملني<br />
)1544(<br />
ألنفسهم برتك اهلجرة وارتكاب احملذور من غري عذر.<br />
مث استثىن سبحانه املعذورين فقال: <br />
<br />
)1545(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قوله : )) أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني ((، قالوا: اي رسول هللا مل ؟ قال: ))ال<br />
تراءى انرمها ((. )1546(<br />
-2<br />
وقال <br />
: )) من جامع املشرك وسكن معه فإنه مثله ((. )1547(<br />
)1542(<br />
)1543(<br />
ينظر: املبسوط، للسرخسي )7/10( ، وأحكام القرآن، للجصاص )350/2(، واملنتقى، للباجي )160/6(، والفواكه الدواين،<br />
للقريواين )397/1(، واجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )350/3(، والبن العريب )484/1(، واألم، للشافعي )161/4(، وفتح الباري،<br />
البن حجر )220/6(، وروضة الطالبني، للنووي )282/10(، واملغين، البن قدامة )151/13(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح<br />
املرداوي وحاشية ابن قندس )237/10(، جمموع فتاوى شيح <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )281/18(.<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
.<br />
97<br />
)1544(<br />
)1545(<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )250/2(، واملغين، البن قدامة )151/13(، وفتح القدير، للشوكاين )803/1(.<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
. 98<br />
)1546(<br />
تقدم ترجيه ص<br />
، 383<br />
)1547(<br />
وقوله: ))ال تراءى انرمها(( معناه ال يكون مبوضع يرى انرهم ويرون انره إذا أوقدت واملقصود بيان وجوب<br />
هجرهتم والبعد عن دايرهم، ينظر: املغين، البن قدامة )150-149/13(.<br />
رقم (<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> اإلقامة أبرض الشرك، ص )1431(، رقم )2787(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )251/7( ،<br />
7023(، وحسنه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )434/5(، رقم )2330(.
وهذا صريح <strong>يف</strong> حترمي اإلقامة بدار الكفر دون عذر ووجوب اهلجرة إىل دار <strong>اإلسالم</strong> وإىل حيث<br />
ميكنه إظهار دينه واألمن من الفنت.<br />
اإلمجاع على ذلك. )1548(<br />
أن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه واهلجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما ال يتم<br />
)1549(<br />
الواجب إال به فهو واجب.<br />
وهو متعلق مبا إذا كان <strong>يف</strong> مقامه مصلحة فيستثىن من التحرمي؛ ألن إسالم العباس رضي هللا عنه<br />
كان قبل بدر وكان يكتمه ويكتب إىل النيب أبخبار املشركني وأحب القدوم إليه فكتب له<br />
: )) إن إقامتك مبكة خري(( )1550(<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
مث أظهر إسالمه يوم فتح مكة.<br />
وألنه إذا كان <strong>يف</strong> بقائه مصلحة ظاهرة راجحة عائدة على املسلمني وجب عليه ترك اهلجرة<br />
رعاية هلا؛ ألن املصلحة احلاصلة له َبهلجرة على اخلصوص تصري مفسدة َبلنسبة إىل املصلحة<br />
املوجودة برتكه للهجرة. )1551(<br />
وأما إذا متكن من إظهار دينه <strong>يف</strong> دار الكفر فقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حكم إقامته على قولني:<br />
األول: إَبحة ذلك مع استحباب اخلروج واهلجرة إىل دار <strong>اإلسالم</strong> وهو قول اجلمهور. )1552(<br />
)1553(<br />
الثاين: وجوب ذلك مطلقاً، وهو قول املالكية وقول للشافعية.<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول مبا أييت:<br />
)1548(<br />
)1549(<br />
)1550(<br />
وقد حكاه ابن رشد وابن كثري<br />
،<br />
ينظر: املعيار املعرب، للونشريسي )24/21(، وتفسري ابن كثري )661/1(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )151/13(.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )15/9(، وذكر إسالم العباس مبكة وكتمه له ابن حجر <strong>يف</strong> التهذيب )170/5(، وابن عبد الرب <strong>يف</strong><br />
االستيعاب )812/2(، وابن سعد <strong>يف</strong> الطبقات )31/4(، وغريهم. ينظر: تفسري ابن عطية )192/3(، واملغين، البن قدامة<br />
.)151/13(<br />
)1551(<br />
ينظر: العربة مما جاء <strong>يف</strong> الغزو والشهادة واهلجرة، ص )230( بواسطة: األحكام السياسية لألقليات املسلمة، سليمان توبولياك، ص<br />
)69(، بتصرف.<br />
)1552(<br />
)1553(<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )250/2(، واملبسوط، للسرخسي )7/10(، واألم، للشافعي )161/4(، وروضة الطالبني،<br />
للنووي )282/10(، وفتح الباري، البن حجر )220/6(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )237/10،<br />
واملغين، البن قدامة )151/13(، وفتح القدير، للشوكاين )803/1(.<br />
ينظر: شرح اخلرشي )195/7(، والفواكه الدواين، للقريواين )338/2(، وحاشية الدسوقي )182/4(، وأحكام القرآن، البن<br />
العريب )484/1(، وللقرطيب )350-347/3(، واملعيار املعرب، للونشريسي )127/2(، وروضة الطالبني، للنووي )282/10(.
آية النساء السابقة فإن فيها دليالً على وجوب اهلجرة من موضع ال يتمكن الرجل فيه من<br />
إقامة دينه وهي عامة <strong>يف</strong> كل من أقام بني ظهراين املشركني مع قدرته على اهلجرة وعدم<br />
متكنه من إقامة دينه ومفهوم ذلك أن القوي القادر على إقامة دينه وإظهاره جيوز له<br />
اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر . )1554(<br />
أن أعرابياً سأل النيب <br />
عن اهلجرة فقال: )) وحيك إن اهلجرة شأهنا شديد فهل لك من<br />
إبل؟ قال: نعم، قال: فتعطي صدقتها؟ قال: نعم، قال: فهل متنح منها؟ قال: نعم، قال:<br />
فتحلبها يوم ورودها؟ قال: نعم قال: فاعمل من وراء البحار فإن هللا لن يَرتَِّكَ من عملك<br />
شيئاً .)) )1555(<br />
فلوكانت اهلجرة واجبة عليه ملا أرشده إىل البقاء وتركها وأن ذلك ال يضره وال ينقص من<br />
عمله.<br />
إقراره<br />
الفتنة. )1556(<br />
أن نعيم النحام )1557(<br />
لقوم مبكة أن يقيموا هبا بعد إسالمهم ومنهم العباس وغريه إذا مل خيافوا<br />
حني أراد اهلجرة قال له قومه: أقم عندان وأنت على دينك وحنن<br />
مننعك عمن يريد أذاك واكفنا ما كنت تكفينا وكان يقوم بيتامى بين عدي وأراملهم<br />
فتخلف عن اهلجرة مدة<br />
مث هاجر بعد فقال له النيب : )) قومك خري لك من قومي يل<br />
قومي أخرجوين وأرادوا قتلي وقومك حفظوك ومنعوك (( احلديث )1558(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
فأقره على بقائه <strong>يف</strong> دار الكفر لقدرته على إظهار دينه.<br />
)1554(<br />
)1555(<br />
)1556(<br />
)1557(<br />
)1558(<br />
ينظر: تفسري ابن كثري )661/1(، وفتح الباري، البن حجر )271-270/7(.<br />
أخرجه البخاري، كتاب مناقب األنصار، َبب هجرة النيب وأصحابه إىل املدينة، ص )320(، رقم )3923(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
اإلمارة، َبب املبايعة بعد فتح مكة على <strong>اإلسالم</strong> .... إخل، ص )1012(، رقم )1865(.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )151/13(.<br />
هو نعيم بن عبد هللا بن أسيد بن عبد عوف القرشي العدوي املعروف َبلنحام ألنه قال له: دخلت اجلنة فسمعت حنمة من<br />
نعيم، وهي السعلة <strong>يف</strong> آخر النحنحة كان إسالمه قبل عمر لكنه مل يهاجر إال قبل فتح مكة، وقال ابن أيب خثيمة: أسلم بعد مثانية<br />
وثالثني إنساانً واستشهد أبجنادين <strong>يف</strong> خالفة عمر،وقيل إنه قتل <strong>يف</strong> مؤتة.<br />
ينظر: اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة، البن حجر )249-248/6(.<br />
ينظر: املصدر السابق، واالستيعاب، البن عبد الرب )1507/4(، والطبقات الكربى، البن سعد )138/4(، واملغين، البن قدامة<br />
.)151/13(
أن فديكاً)1559( أتى النيب فقال: اي رسول هللا إن الناس يزعمون أن من مل يهاجر<br />
هلك، فقال : ))<br />
اي فديك أقم الصالة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من دار<br />
قومك حيث شئت، قال: وأظنه قال: تكن مهاجراً((. )1560(<br />
وهو صريح <strong>يف</strong> جواز إقامته بداير الكفر إذا قدر على القيام بشعائر دينه.<br />
قول عائشة رض هللا عنها ملا سئلت عن اهلجرة: )ال هجرة اليوم كان املؤمنون <strong>يف</strong>ر أحدهم<br />
بدينه إىل هللا تعاىل وإىل رسوله خمافة أن <strong>يف</strong>نت عليه فأما اليوم فقد أظهر هللا <strong>اإلسالم</strong><br />
واليوم يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية(. )1561(<br />
-5<br />
-6<br />
قال ابن حجر: " أشارت عائشة رضي هللا عنها إىل بيان مشروعية اهلجرة وأن سببها<br />
خوف الفتنة واحلكم يدور مع علته فمقتضاه أن من قدر على عبادة هللا <strong>يف</strong> أي موضع<br />
اتفق مل جتب عليه اهلجرة منه و إال وجبت ". )1562(<br />
أن احلبشة كانت دار كفر وبقيت كذلك حىت بعد إسالم النجاشي حيث كتم ذلك ومل<br />
يلتزم أهلها أبحكام <strong>اإلسالم</strong> وقد أذن ألصحابه َبهلجرة إليها ملا رأى ما هم فيه من<br />
البالء حىت جيعل هللا هلم فرجاً وخمرجاً مما هم فيه، وملا هاجر للمدينة بقي املهاجرون<br />
للحبشة فيها ومنهم من بكر <strong>يف</strong> القدوم إىل املدينة ومنهم من أتخر <strong>يف</strong> ذلك، وكان بقاؤهم<br />
فيها بعد قيام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> املدينة، وكذا بقي فيها النجاشي بعد إسالمه حىت مات<br />
فصلى عليه النيب ومل ينكر عليهم البقاء وال على النجاشي لتحقق الشرط. )1563(<br />
-7<br />
ومع ذلك يستحب له أن يهاجر حىت ال يكثر سوادهم ومييل إليهم <strong>يف</strong> الرسوم واخللق<br />
والعادة واهليئة لتأثري اجلوار والصحبة وليتخلص من الضعف واالستكانة اليت ال تليق َبلعزة<br />
اإلميانية وليتخلص من رؤية املنكر بينهم.<br />
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
)1559(<br />
)1560(<br />
)1561(<br />
)1562(<br />
)1563(<br />
هو فديك الزبيدي وقيل العقيلي قال البخاري: فديك صاحب النيب وقال البغوي: سكن املدينة، وقال ابن السكن يقال: إن<br />
فديك وابنه بشري مجيعاً صحبا النيب ، ينظر: اإلصابة، البن حجر )204/6(.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه، رقم )17551(، )17/9(، وابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه، َبب اهلجرة )202/11(، رقم )4861(، والطرباين<br />
<strong>يف</strong> األوسط )6/3(، وابن عبد الرب <strong>يف</strong> االستيعاب )1268/3(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار، َبب هجرة النيب إىل املدينة )317(، رقم )3900(.<br />
فتح الباري، البن حجر )270/7(.<br />
ينظر: هتذيب سرية ابن هشام، عبد السالم هارون، ص )82-81(، وفتح الباري، البن حجر )231-226/7(، وأحكام<br />
األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، للرافعي، ص )63(.
مبا تقدم من األدلة على وجوب اهلجرة عند العجز عن إظهار الدين وخوف الفتنة وبغريها من األدلة على<br />
<br />
وجوب فراق املشركني فطردوها <strong>يف</strong> كل حال على عمومها دون تفريق، ولقوله سبحانه: <br />
<br />
)1564( ، فقطع الوالية عنهم يدل على وجوب<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
اهلجرة عليهم.<br />
، )1565( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ولقوله سبحانه: <br />
–<br />
وهذا فيه حتريض على اهلجرة وأنه ليس ألحد املقام أبرض املشركني وأن املؤمن حيثما ذهب عنهم وجد<br />
مندوحة وملجأ يتحصن فيه. )1566(<br />
وألن املسلمني الذين يعيشون <strong>يف</strong> دولة غري إسالمية يكونون مضطهدين ومستضعفني من قبل األكثرية<br />
غري املسلمة كما هو مشاهد <strong>يف</strong> الغالب وال جيوز للمسلم الرضى بذلك مع القدرة على التخلص<br />
واملفارقة؛ ألن الرضى َبلظلم ظلم مث إنه خياف على املسلم أن جتري عليه أحكام الكفر ويكثر املنكر <strong>يف</strong><br />
)1567(<br />
تلك البالد وهو غري قادر على تغيريه إال َبهلجرة.<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
نوقش ما استدل به أصحاب القول الثاين أبنه خارج حمل النزاع،فإن اآلية نزلت – كما قال ابن عباس<br />
<strong>يف</strong> أانس من املسلمني كانوا مع املشركني يكثرون سوادهم على رسول هللا فيأيت السهم ي ُرْمَى به<br />
فيصيب أحدهم فيقتله فهؤالء تركوا اهلجرة مع القدرة عليها وحصول الفتنة والضرر برتكها وحمل النزاع<br />
إمنا هو <strong>يف</strong> البقاء وترك اهلجرة ملن أمن الفتنة وقدر على إظهار دينه. )1568(<br />
وأما اآلية الثانية فاملراد هبا قطع نصيبهم من الفيء والغنيمة أو قطع املرياث )1569( ، وليس <strong>يف</strong> ذلك داللة<br />
على حترمي اإلقامة مع إظهار الدين وأمن الفتنة ملا تقدم من األدلة واإلمجاع بل خري النيب وأمر<br />
جيوشه بتخيري من أسلم <strong>يف</strong> دار الكفر بني اهلجرة أو اإلقامة فيها وأن تركهم هلا يصريهم كأعراب<br />
املسلمني وحيرمهم الفيء والغنيمة وأجر اهلجرة وال يكون التخيري إال فيما حيل. )1570(<br />
سورة األنفال، اآلية:<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
.72<br />
. 100<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )348/3(، وتفسري ابن كثري )662/1(.<br />
ينظر: األحكام السياسية لألقليات املسلمة ، سليمان توبولياك، ص )49(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التفسري، َبب )إن الذين توفاهم املالئكة...( اآلية، ص )379(، رقم )4596(.<br />
ينظر: تفسري ابن كثري )408/2(، وتفسري ابن جرير الطربي )52/10(.<br />
ينظر: األم، للشافعي )161/4(.<br />
)1564(<br />
)1565(<br />
)1566(<br />
)1567(<br />
)1568(<br />
)1569(<br />
)1570(
وأما اآلية الثالثة فليس فيها داللة على الوجوب وإمنا الرتغيب <strong>يف</strong> اهلجرة وهو خارج حمل النزاع. )1571(<br />
وأما األحاديث الواردة <strong>يف</strong> التحذير من ذلك فقد كانت <strong>يف</strong> العهد املدين ال املكي؛ ألنه كان<br />
وأصحابه <strong>يف</strong> مكة مع املشركني يساكنوهنم ويصربون على أذاهم مث أذن للمستضعفني منهم َبهلجرة إىل<br />
احلبشة ومل أيت <strong>يف</strong> تلك الفرتة حديث على حترمي املقام بني ظهراين املشركني ك<strong>يف</strong> وهو مقيم بني<br />
أظهرهم مع أصحابه، مث لو كان املراد املنع مطلقاً كما أرادوا ملا أذن للعباس وغريه َبملقام <strong>يف</strong> دار الكفر<br />
مع انتفاء احملذور، وإمنا أمر َبهلجرة بعد قيام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> املدينة لنصرته وتكثري سواد<br />
املسلمني والتفقه <strong>يف</strong> دين هللا والفرار به من الفنت وألجل ذلك حرم اإلقامة <strong>يف</strong> داير الشرك لوجود احملذور<br />
وحلاجة النصرة.<br />
فلما قويت شوكة املسلمني وحصلت هلم العزة واملنعة قال : ))ال هجرة بعد الفتح (( )1572( ، أي أهنا<br />
مل تعد واجبة كما سبق؛ ألن دواعيها مل تعد قائمة وال يعين هذا انقطاعها مطلقاً وإمنا انقطع منها<br />
القصد إىل نصرته حلصول الفتح.<br />
وأما اهلجرة عند حصول الفتنة والعجز عن إظهار الدين فإهنا ال تنقطع أبداً)1573( ، كما قال <br />
))ال :<br />
تنقطع اهلجرة ما قوتل الكفار(( )1574( ، قال ابن حجر رمحه هللا: " أي ما دام <strong>يف</strong> الدنيا دار كفر فاهلجرة<br />
واجبة منها على من أسلم وخشي أن <strong>يف</strong>نت عن دينه" )1575( ، وهذا مناط احلكم كما تقدم وبه جتتمع<br />
النصوص، أما املعارضة بينها حبمل أحاديث التحرمي السابقة على العموم <strong>يف</strong> كل حال دون تفصيل فهو<br />
مرجوح، واجلمع أوىل، وعليه يكون املراد َبألحاديث السابقة الرباءة من املضطهد <strong>يف</strong> دينه <strong>يف</strong> داير<br />
الكفر مع قدرته على اهلجرة منها وحيتمل أن يكون املراد إعالن الرباءة ممن يقيم بني أظهرهم إلعانتهم<br />
على حرب املسلمني والدليل إذا تطرق له االحتمال بطل به االستدالل )1576( ، واملراد أن املنع يتجه<br />
على من بقي مع وجود احملذور وقدرته على التخلص منه َبهلجرة ومن ال فال.<br />
)1571(<br />
)1572(<br />
كما ذكر ابن كثري <strong>يف</strong> تفسريه )662/1(، والشوكاين <strong>يف</strong> فتح القدير )802/1(، وغريها.<br />
متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب اجلهاد، َبب فضل اجلهاد، ص )224(، رقم )2783(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة، َبب<br />
املبايعة بعد فتح مكة على <strong>اإلسالم</strong>، ص)<br />
،)1012 رقم .)1864(<br />
)1573(<br />
)1574(<br />
)1575(<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )271/7(، وأحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،ص )66(، وما بعدها، بتصرف.<br />
أخرجه أبو داود، كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> اهلجرة هل انقطعت، رقم )2479(، والنسائي، كتاب البيعة، َبب ذكر االختالف <strong>يف</strong><br />
انقطاع اهلجرة، ص )2361(، رقم )4177(، وابن حبان <strong>يف</strong> كتاب السري، َبب اهلجرة )207/11(، رقم )4866(، والبيهقي ، <strong>يف</strong><br />
سننه َبب الرخصة <strong>يف</strong> اإلقامة بدار الشرك ..إخل )17/9(، رقم= =)17556(، والدارمي، َبب ال هجرة بعد الفتح )312/2(، وأمحد<br />
<strong>يف</strong> مسنده )192/1(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )387/19(.<br />
فتح<br />
الباري )270/7(.<br />
)1576(<br />
ينظر: املصدر السابق، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة، سليمان توبولياك، ص )53(، وأحكام األحوال الشخصية<br />
للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، للرافعي، ص )72( وما بعدها، بتصرف.
َبَبً<br />
وعليه يرتجح القول األول،كما قال الشافعي وابن حجر )1577( ، وب َوَّبَ البيهقي <strong>يف</strong> سننه )1578(<br />
بعنوان )الرخصة <strong>يف</strong> اإلقامة بدار الشرك ملن ال خياف الفتنة(.<br />
<br />
واسحباب ذلك عند انتفاء احملذور يدل عليه قوله سبحانه: <br />
)1579(<br />
وقوله ، <br />
<br />
<strong>يف</strong> التخيري كما تقدم، وعموم األدلة <strong>يف</strong> فضل<br />
<br />
<br />
<br />
اهلجرة وثواهبا ومصلحتها، ومراعاة لعدم تكثري سواد املشركني، وتكثري املسلمني ومعونتهم وجهاد<br />
الكفار واألمن من غدرهم والراحة من رؤية املنكر بينهم. )1580(<br />
وال شك أبن داير الكفر <strong>يف</strong> هذا الزمن تغريت فوجد <strong>يف</strong> كثري منها حفظ للحرايت الدينية واحلقوق<br />
اإلنسانية حبيث يتمكن املسلم من إظهار دينه والدعوة إليه واالعتزاز به ووجدت <strong>يف</strong> كثري منها أقليات<br />
)1581(<br />
إسالمية أدى وجودها وجهودها إىل انتشار <strong>اإلسالم</strong> هناك.<br />
)1577(<br />
)1578(<br />
)1579(<br />
)1580(<br />
)1581(<br />
ينظر: األم، للشافعي )161/4(، وفتح الباري، البن حجر )220/6(، وتقدمت ترمجته ص<br />
)17/9( ، وتقدمت ترمجته ص<br />
سورة األنفال، اآلية:<br />
. 24<br />
. 150<br />
.72<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )220/6(، وروضة الطالبني، للنووي )282/10(، واملغين، البن قدامة )151/13(.<br />
ينظر: األحكام السياسية لألقليات املسلمة، سليمان توبولياك، ص53 ، واألقليات املسلمة أسئلة أجاب عليها ابن َبز، وابن<br />
عثيمني، وخلالد عبد القادر رأي آخر حيث قال <strong>يف</strong> كتابه: فقه األقليات، ص )131( ما نصه:<br />
" ما يتعرض له املسلمون اليوم <strong>يف</strong> بلدان العامل غري <strong>اإلسالم</strong>ية من عدم احرتام مشاعرهم الدينية إىل حماوالت الدمج <strong>يف</strong> اجملتمعات اليت<br />
يقيمون فيها سواء من قبل سلطات البالد، أم رغبة من أبناء املسلمني <strong>يف</strong> عملية االندماج، واليت يرتتب عليها رفض للمبادئ الرتبوية<br />
والعادات <strong>اإلسالم</strong>ية، وقطع للصلة بينهم وبني عقيدهتم، وتراثهم الديين. )وفرجنة( فكرهم وسلوكهم، والتخلق أبخالق القوم هناك، إىل<br />
التأثر مبناهج تلك البالد الرتبوية، والتعليمية <strong>يف</strong> التكوين الفكري والنفسي واالجتماعي واليت تناقض أخالقياتنا، وتعاليم ديننا، وحقائقه<br />
َبإلضافة إىل البيئة ، وعالقة أبناء املسلمني بغريهم وأثرها عليهم <strong>يف</strong> تكوين شخصياهتم، واتاذهم للقرارات، وطريقة تفكريهم مع فقدان<br />
جهاز الرقابة <strong>يف</strong> األسرة، وضعف املؤسسات التعليمية املسلمة <strong>يف</strong> تقدمي اخلدمات االجتماعية، وعدم وجودها َبلقدر الكا<strong>يف</strong>، والفعالية<br />
املطلوبة <strong>يف</strong> مقابل ما تقدمه النوادي، ووسائل اإلعالم من سيول من الشرور، والفساد، والرذيلة، ما يكفي هلدم ما لدى املسلم من قيم<br />
إسالمية ومثل عليا، وكذلك املدارس واملؤسسات الكنسية النشطة وغريها، من األداين، أو االكتفاء بدجمه وتذويبه <strong>يف</strong> اجملتمعات هناك.<br />
كل ذلك <strong>يف</strong>رض علينا أن نقول: "إن من مل يستطع مقاومة تلك احملاوالت، واملؤثرات، وجمانبتها وطأطأ هلا رأسه<br />
وعاشها مبا فيها، فإن قول من قال حبرمة اإلقامة <strong>يف</strong> تلك البالد<br />
–<br />
من أبناء املسلمني<br />
–<br />
– واحلال هكذا –<br />
صائباً، وإن توفرت له احلرية الدينية، واليت تسمح<br />
إبظهار شعائر دينية إن أراد، فإن ما كان ذريعة وسبباً إىل إسقاط عبادة هللا مبفهومها الرحب وإىل مواالة املشركني فهو حرام<br />
"وما أدى –<br />
إىل احلرام فهو حرام"... إال إن كان <strong>يف</strong> إقامته مصلحة معتربة للمسلمني "وذلك ألن ما يرتتب على بقائه من اخلري سيتضاعف على ما<br />
ميكن أن جيعل له من الشر، والضرر على أن يكون قادراً على إظهار دعوته، وشعائر دينه. وهكذا احلكم <strong>يف</strong> إقامته من أجل مصلحة هتم<br />
املسلمني، كتعلم نوع من العلوم، أو صنعة من الصنائع، أو حنوها مما حتتاجه األمة <strong>اإلسالم</strong>ية وال يوجد <strong>يف</strong> دايرهم، أو ليكون سفرياً لدولة<br />
<strong>اإلسالم</strong> عندهم".
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "وهلذا يوجد املسلمون املتمسكون َبإلسالم <strong>يف</strong> بالد الكفر هلم السعادة كلما كانوا<br />
أم متسكاً َبإلسالم فإن دخل عليهم شر كان بذنوهبم حىت إن املشركني وأهل الكتاب إذا رأوا املسلم<br />
القائم َبإلسالم عظموه وأكرموه". )1582(<br />
ويراعى <strong>يف</strong> هذه املسألة اختالف الظروف واألحوال وما يرتتب عليها من املصاحل واملفاسد وما ينتج<br />
عنها من األضرار واملقصود هنا إَبحة البقاء <strong>يف</strong> داير الكفر عند حتقق الشرط السابق وحترميها ووجوب<br />
اهلجرة عند انتفائه، كما دلت<br />
على ذلك نصوص الشريعة وأصوهلا ومقاصدها.<br />
ومما تقدم يتضح أبن اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر على أقسام:<br />
األول: إقامة املضطر العاجز عن اهلجرة كاملستضعفني من الرجال والنساء والولدان وهؤالء معذورون<br />
َبإلمجاع كما تقدم.<br />
الثاين: إقامة القادر على إظهار دينه، وهذه مباحة على الصحيح مع استحباب اهلجرة ملا تقدم.<br />
الثالث: إقامة العاجز عن إظهار دينه مع عدم أمنه من الفتنة وقدرته على اهلجرة وهذه حمرمة َبإلمجاع<br />
لعدم العذر كما تقدم.<br />
الرابع: إقامة من حاله كذلك ملصلحة املسلمني الراجحة وهي واجبة أو مستحبة على أقل األحوال كما<br />
تقدم. )1583(<br />
)1582(<br />
)1583(<br />
غربة <strong>اإلسالم</strong>، البن تيمية، تعليق خمتار اجلبايل،ص )18(.<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )220/6(، وحكم اللجوء واإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار، صاحل الشثري، حتقيق د/ حممد الشثري، وجملة<br />
البيان، العدد 113، ص )40(، وفتاوى <strong>يف</strong> املسألة على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم، للدكتور سعود الفنيسان، ود/أمحد اخلضريي، و د/خالد<br />
املاجد، وخري الدين مبارك وغريهم.<br />
وفتاوى اللجنة الدائمة، مجع الدويش )68/2(، و )58-48/12(، وفتاوى علماء البلد احلرام، مجع اجلريسي، ص )94(، حيث أفتوا<br />
بقول اجلمهور، وذكر الشيخ ابن عثيمني أبن اإلقامة يشرتط هلا شرطني أساسيني: األول: أمن املقيم على دينه حبيث يكون عنده من<br />
العلم واإلميان وقوة العزمية ما يطمئنه على الثبات على دينه واحلذر من االحنراف والزيغ وأن يكون مضمراً العداوة للكافرين وبغضهم<br />
مبتعداً عن مواالهتم وحمبتهم، والثاين: أن يتمكن من إظهار دينه حبيث يقوم بشعائر <strong>اإلسالم</strong> بدون ممانع، وذكر أبن اإلقامة بعد ذلك<br />
تنقسم إىل أقسام: األول: للدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والرتغيب فيه وهذا نوع من اجلهاد وهو فرض كفاية ملن قدر عليه، والثاين: لدراسة أحوال<br />
الكفار والتعرف على فسادهم لبيان حقيقة حاهلم والتحذير منهم وهو نوع من اجلهاد كذلك.<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.
املطلب السادس<br />
الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها
املطلب السادس:الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها<br />
أوالً: الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر:<br />
يتعرض املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر لفنت الشهوات والشبهات واليت احنرف بسببها كثري من أبناء املسلمني، وذكر أحد الباحثني<br />
من طالب العلم وقد عاش <strong>يف</strong> أملانيا منذ أكثر من اثنيت عشرة سنة أبن املسلم عند قدومه ألوروَب تواجهه فنت من أمهها<br />
: )1584(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
انعدام رقابة اجملتمع احمليط به <strong>يف</strong> البيت والشارع واملدرسة ومقر العمل واليت تبعث على احلياء من إظهار<br />
املخازي واملساوئ فإذا كان املسلم <strong>يف</strong> جمتمع ال يعرف احلياء واألدب ويكثر فيه التعري واجملاهرة َبملنكرات<br />
واملشني من األخالق والعادات قل حياؤه وضعف إميانه وضاعت مروءته.<br />
قلة بقاع اخلري وأهله:<br />
فاملسلم هناك يعاين من قلة املساجد والعلماء وأهل اخلري ومنتدايهتم وجيد <strong>يف</strong> املقابل وفرة وكثرة لبقاع الشر<br />
وأهله حيث تنتشر دور البغاء وحاانت اخلمور وأماكن اللهو الباطل والفساد العريض ودعاة الشر والباطل<br />
وجرأهتم .<br />
كثرة املنصرين ودعاة الباطل وأعالم الضالل:<br />
فينشط <strong>يف</strong> تلك البالد من يلبس على املسلمني <strong>يف</strong> أصول دينهم وفروعه ويسعى إلضالهلم وفتنتهم عن<br />
دينهم .<br />
فشو الزان واخلمر واملال احلرام واالختالط والتربج والسفور وغريها من املنكرات؛ ألنه إذا انعدمت الرقابة<br />
فحدث وال حرج عن االنفالت األخالقي واتباع الشهوات وامللذات بكل طريق وال شك أبن مشاهدة<br />
املسلم ملثل ذلك ووجوده <strong>يف</strong> بيئة كهذه فتنة له <strong>يف</strong> دينه وخطر على عقيدته وخلقه.<br />
حتكيم القوانني الوضعية:<br />
فكل نزاع قد حيدث للمسلم <strong>يف</strong> تلك البالد تفصل فيه حماكمهم الوضعية وال جمال للتحاكم إىل شريعة<br />
الرمحن وتزداد خطورة هذا األمر <strong>يف</strong> املشاكل العائلية والنزاعات الزوجية حيث يقف القانون هناك إىل<br />
جانب الزوجة السيما إذا كانت من تلك البالد كما يكون األوالد عرضة لتحويلهم إىل دور احلضانة<br />
حيث يتعلمون القيم والعادات غري <strong>اإلسالم</strong>ية بل ويتعرضون للتنصري أو التهويد.<br />
االعتداء على نفس املسلم وماله وعرضه:<br />
فقد زادت موجات العنف ضد املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفار السيما بعد أحداث احلادي عشر من سبتمرب<br />
حني هدمت أبراج مركز التجارة العاملي <strong>يف</strong> أمريكا ونسب ذلك للمسلمني فتولد لدى كثري من املتعصبني<br />
)1584( ينظر: أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، سامل الرافعي، ص77، بتصرف.
<strong>يف</strong> تلك البلدان حقد أشعل ما كان <strong>يف</strong> صدورهم من أحقاد سابقة دفينة فتعرض كثري من املسلمني للقتل<br />
وسلب املال ومصادرة املمتلكات واحلقوق، واحلبس ظلماً وعدواانً واإلذالل.<br />
التضييق على املسلمني <strong>يف</strong> دينهم حيث جيد املسلم صعوبة <strong>يف</strong> إقامة شعائر دينه أو إظهار ذلك <strong>يف</strong> بعض<br />
األماكن ويتعرض لعقوَبت واعتداءات <strong>يف</strong> بعض األحوال.<br />
فهذه مناذج من الفنت اليت تواجه السائح املسلم <strong>يف</strong> بالد الكفار وهي كثرية متنوعة وتتفاوت <strong>يف</strong> خطورهتا وقوهتا أو ضعفها<br />
-7<br />
حبسب الزمان واملكان. )1585(<br />
اثنياً: املوقف من هذه الفنت:<br />
جيب على املسلم أن يتقي ربه – عز وجل – ويعتصم بكتابه وبسنة رسوله وجيتنب مواطن الفنت وأسباهبا، ويهاجر<br />
)1586(<br />
من كل بالد ال يقوى فيها على القيام مبا وجب من شعائر <strong>اإلسالم</strong> فراراً بدينه من الفنت ما مل يكن عاجزاً ، كما<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
)1587(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فال جيوز للقادر على الفرار بدينه و ُخلُِّقِّه من الفنت أن يبقى <strong>يف</strong> مواطنها ويتعرض ألسباهبا ويشهد أماكنها<br />
فإن حاضر املنكر كفاعله إذا كان َبختياره لغري حاجة شرعية )1588( ، قال هللا سبحانه وتعاىل:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويقول سبحانه: <br />
)1589( ،<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومن هذا الباب اهلجرة من دار الكفر<br />
)1590(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع أمحد الدويش )59-47/12( و )252،362(، و)68/2(، واملفيد، البن جربين، مجع<br />
العر<strong>يف</strong>ي، ص )145-143(، بتصرف.<br />
سورة النساء، اآلايت: 99-97 .<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> بن تيمية، )204-203/28( ، بتصرف.<br />
.68<br />
.140<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
)1585(<br />
)1586(<br />
)1587(<br />
)1588(<br />
)1589(<br />
)1590(
والفسوق إىل دار <strong>اإلسالم</strong> واإلميان فإنه هجر للمقام بني الكفار واملنافقني الذين<br />
ال ميكنونه من فعل ما<br />
)1592(. <br />
<br />
أمر هللا به )1591( ، ومن هذا قوله سبحانه: <br />
أما من كان قادراً على إقامة شعائر دينه <strong>يف</strong> تلك البالد وكان <strong>يف</strong> بقائه مصلحة راجحة من دعوة أو تعليم أو كان مثََّ<br />
ضرورة لبقائه فعليه َبلسعي فيما يعصمه من الفنت َبجتناب أسباهبا ومواطنها وغض البصر وحتصني الفرج وااللتجاء إىل<br />
هللا عز وجل َبلدعاء والعبادة والصالة فإهنا تنهى عن الفحشاء واملنكر وتقطع دابر الفتنة وتعمق الصلة بني العبد وربه<br />
وتريب النفس على الصرب واجملاهدة، كما أن عليه القيام بواجب الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتبصري الناس َبحلق ومجع<br />
كلمة املسلمني <strong>يف</strong> تلك البالد وتقوية شوكتهم وتكثري سوادهم وأن يعامل أهل تلك البالد من غري املسلمني َبللطف<br />
واللني إذا طمع <strong>يف</strong> إسالمهم؛ ألن ذلك من التأل<strong>يف</strong> على <strong>اإلسالم</strong>. )1593(<br />
)1591(<br />
)1592(<br />
)1593(<br />
املصدر السابق.<br />
سورة املدثر، اآلية<br />
.5<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة )362-252-59-47/12( و )68/2( ، واملفيد، البن جربين )145-143(، وأحكام األحوال<br />
الشخصية، للرافعي ،<br />
79<br />
وما بعدها، بتصرف.
املطلب السابع<br />
األخذ بأقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت
املطلب السابع: األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.<br />
أقوال الكفار وأخبارهم إما أن تكون متواترة أو آحاداً وال تلو إما أن تكون صدقاً أو كذَبً:<br />
فاخلرب من حيث العلم بصدقه وكذبه على ثالثة أقسام:<br />
األول: ما يعلم صدقه وهو أنواع:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
ما يكون العلم بصدقه ضرورايً بنفس اخلرب، كاخلرب املتواتر وسيأيت بيانه.<br />
ما يكون العلم بصدقه ضرورايً ال من نفس اخلرب وإمنا لكونه موافقاً للضروري فالعقل يدرك صدقه ضرورة؛ ألن<br />
متعلقة معلوم لكل أحد عقالً كالعلم أبن الواحد نصف االثنني.<br />
ما يكون العلم بصدقه نظرايً أي حيتاج إىل نظر وأتمل مع إفادته للعلم بذلك كخرب هللا ورسوله وخرب أهل<br />
اإلمجاع.<br />
القسم الثاين: ما يعلم كذبه وهو أنواع:<br />
-1<br />
-2<br />
ما يعلم كذبه ضرورة عقالً أو حساً كالقول أبن النار َبردة والنقيضان جيتمعان.<br />
ما يعلم كذبه َبلنظر واالستدالل كأخبار الفالسفة أبن العامل قدمي.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
القسم الثالث: ما حيتمل الصدق والكذب حبسب ظهوره <strong>يف</strong> أحدمها وهو على أنو اع:<br />
ما يرتجح صدقه كخرب الواحد العدل.<br />
ما يرتجح كذبه كخرب املعروف َبلكذب.<br />
ما يشك فيه كخرب جمهول احلال فيحتاج إىل مرجح لتساوي االحتماالت فيه فرتجيح أحدها<br />
بال دليل حتكم.<br />
وأما حصول العلم َبخلرب وإفادته له فيختلف حبسب كونه متواتراً أو آحاداً، واملتواتر هو:<br />
)خرب عدد ميتنع معه لكثرته تواطؤ على الكذب وكان مستندهم احلس(.<br />
فاخلرب جنس يشمل اآلحاد واملستفيض واملتواتر وغريه.<br />
وامتناع تواطؤهم على الكذب للكثرة وفيه احرتاز عن خرب اآلحاد كما سيأيت بيانه و<strong>يف</strong> قيد الكثرة احرتاز عمن أفاد<br />
خربهم العلم ال لكثرة املخربين بل لذاهتم كخرب الرسول واملالئكة.<br />
والتقييد َبملستند احلسي احرتاز عما كان مستندهم فيه النظر واالستدالل َبلعقل كاإلخبار أبن العامل حادث فإنه مدرك<br />
َبلعقل فاملخْربِّ واملُخْرب فيه سواء، واملراد َبحلس أحد احلواس اخلمس.<br />
ومن خالل هذا التعر<strong>يف</strong> تتبني شروطه املتفق عليها وهي:<br />
يكونوا – أن 1-<br />
-2<br />
-3<br />
أي املخربين – قد انتهوا <strong>يف</strong> الكثرة إىل حد ميتنع تواطؤهم على الكذب.<br />
أن يكونوا عاملني مبا أخربوا به ال ظانني وأن يعلموا ذلك عن ضرورة.<br />
أن يكون علمهم مستنداً إىل احلس ال إىل دليل العقل.
4- أن يستوي طرفا اخلرب ووسطه <strong>يف</strong> هذه الشروط.<br />
فإذا كان اخلرب متواتراً فهو مفيد للعلم بنفسه كما عرفه بذلك بعض األصوليني أي أنه مفيد للقطع واليقني مبخربه َبتفاق<br />
علماء املسلمني.<br />
ودليل ذلك ما جيده كل عاقل من نفسه من العلم الضروري بوجود البالد النائية واألمم السالفة وامللوك واألنبياء والوقائع<br />
اجلارية بني السلف مما يرد علينا من األخبار حسب وجداننا كالعلم َبحملسوسات عند إدراكنا هلا َبحلواس.<br />
ومن أنكر ذلك فقد سقطت مكانته وظهر جنونه أو جماحدته ومل يعرف دينه ودنياه وأمه وأَبه وعمه وأخاه، وليس من<br />
شروط التواتر – على<br />
الصحيح –<br />
أن يكون املخربون مسلمني وال عدوالً فال فرق فيه بني املسلمني والكفار، ملا تقدم<br />
فمعلوم أن أهل بالد الكفر يعلمون َبلبالد النائية واألمم السالفة بتواتر أهل دينهم كما نعلمه حنن فدل على أنه ال اعتبار<br />
َبإلسالم كما قال <strong>يف</strong> مراقي السعود:<br />
واقطع بصدق خرب التواتر<br />
وسو بني مسلم وكافر<br />
وذلك للقطع بصدق خربهم من حيث أن اجتماعهم وتواطأهم على الكذب مستحيل عادة لكثرهتم والعادة حتيل ذلك<br />
<strong>يف</strong> الكفار واملسلمني وليس صدق خربهم من حيث أهنم عدول مسلمون.<br />
فإان جند من أنفسنا العلم أبخبار العدد الكثري وإن كانوا كفاراً كما لو أخرب أهل القسطنطينية بقتل ملكهم وهذا ضروري<br />
ولو قيل إنه مكتسب فإن اخلرب طريق العلم من حيث مل يكن للمخربين داع إىل الكذب وال كان احلق فيه مكتسباً<br />
عليهم وجمموع ذلك ميكن حصوله <strong>يف</strong> الكفار كاملسلمني، واشرتاط بعض الشافعية <strong>اإلسالم</strong> والعدالة <strong>يف</strong> املخربين هنا<br />
حبجة أن الكفر عرضة للكذب والتحر<strong>يف</strong> و<strong>اإلسالم</strong> والعدالة ضابط الصدق ولذا اختص املسلمون بداللة إمجاعهم على<br />
القطع وألنه لو وقع العلم بتواتر خرب الكفار لوقع العلم مبا أخرب به النصارى مع كثرة عددهم عن قتل املسيح وصلبه وما<br />
نقلوه عنه من كلمة التثليث.<br />
وجياب عن ذلك:<br />
مبا تقدم من أن الكثرة مانعة من التواطؤ على الكذب وهو مشاهد، وأما اإلمجاع فإمنا اختص علماء <strong>اإلسالم</strong><br />
َبالحتجاج به لألدلة السمعية دون العقلية خبالف التواتر، وأما أنه مل حيصل لنا علم خبرب النصارى السابق فالختالل<br />
شرط من شروط التواتر فيه وهو عدم استواء طر<strong>يف</strong> اخلرب ووسطه <strong>يف</strong> توافر الشروط فيهم؛ وألهنم ليسوا مضطرين إىل علم<br />
ما أخربوا عنه لوكانوا قد بلغوا حد التواتر فلذا جند أنفسنا غري مضطرين إىل علم ما أخربوان عنه ولو كانوا عدداً كثرياً<br />
ومجاً غفرياً؛ وألهنم ما مسعوا كلمة التثليث صرحياً بل مسعوا كلمة تومهوا منها ذلك فنقلوا التثليث، وجيب اعتقاد ذلك نفياً<br />
للكفر عن املسيح أو ألن املسيح شُبِّه هلم فنقلوا قتله وصلبه وال ب ُْعَد <strong>يف</strong> ذلك.<br />
وضابط التواتر ما حصل العلم عنده من أقوال املخربين ال أن العلم مضبوط بعدد خمصوص فكل عدد <strong>يف</strong>رض ميكن أن<br />
حيصل به العلم وميكن أن ال حيصل َبختالف القرائن وتعيني عدد لذلك حتكم ال دليل عليه، وقد أورد على املتواتر
بعض األسئلة واملعارضات وفسادها أظهر من صحتها وال حاجة للخوض فيها ألن التشكيك <strong>يف</strong> الضرورايت ال<br />
يستحق اجلواب. )1594(<br />
وأما إذا كان خربهم من قبيل اآلحاد<br />
وهو ما ليس مبتواتر أو ما كان من األخبار غري منته إىل حد التواتر فيختلف حبسب القرائن الدالة على صدقه واملفيدة<br />
للعلم َبملُخَرب وحبسب العادات والعبادات ففي الرواية والشهادة أمجع الفقهاء على رد أخبا راهم.<br />
َ<br />
أما <strong>يف</strong> الرواية ؛ فألن الكافر متهم <strong>يف</strong> الدين فال يؤمتن عليه <strong>يف</strong> خرب ديين كالرواية فاإلمجاع منعقد على سلبه أهلية هذا<br />
املنصب <strong>يف</strong> الدين وإن كان عدالً <strong>يف</strong> دين نفسه خلسته؛ وألن خصومته للمسلمني وعداوته هلم <strong>يف</strong> الدين مما حيمله على<br />
الكيد هلم واحلرص على التلبيس عليهم <strong>يف</strong> دينهم فإنه إمنا أبغضهم من أجله، وليس املعتمد <strong>يف</strong> رد روايته القياس األولوي<br />
على الفاسق؛ ألن الفاسق إمنا مل تقبل روايته ملا عُلِّم من جرأته على فعل احملرمات مع اعتقاد حترميها وهذا غري متحقق<br />
<strong>يف</strong> الكافر العدل <strong>يف</strong> دينه وإمنا ال تقبل رواية الكافر إذا روى <strong>يف</strong> حال كفره أما لو حتمل وهو كافر مث أدى بعد <strong>اإلسالم</strong><br />
فإهنا تقبل على الصحيح. )1595(<br />
وأما اإلمجاع على رد شهادة الكافر على املسلم، فلقوله تعاىل: <br />
)1596( <br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله:<br />
<br />
)1597(<br />
، والكافر ليس بعدل وليس منا.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1598(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
، وهو غري مرض <strong>يف</strong> الشهادة للتهمة.<br />
)1599(<br />
وألن الشهادة فيها معىن الوالية وهو تنفيذ القول على الغري وال والية للكافر على املسلم فال شهادة له عليه.<br />
وألن الكافر أفسق الفساق ويكذب على هللا تعاىل فال يؤمن منه الكذب على خلقه. )1600(<br />
)1594(<br />
ينظر فيما تقدم: كشف األسرار، للبخاري )360/2(، واملغين <strong>يف</strong> أصول الفقه، للخبازي، حتقيق حممد مظهربقا، ص )190( ،<br />
وإحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول ، للباجي ، حتقيق عبد اجمليد الرتكي )328/1(، واحملصول، للرازي )323/2(، واإلحكام،<br />
لامدي، تعليق عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي )41-22/1( ، والبحر احمليط، للزركشي )231/4(، والتميهد، أليب اخلطاب )32/3(، ومذكرة<br />
الشنقيطي ، ص)118( ، واملعتمد، للبصري )80/2( و<strong>يف</strong> رد شهادة الكافر ينظر: اإلمجاع البن املنذر<br />
63<br />
واالفصاح البن هبرية<br />
-2<br />
-2<br />
361<br />
309<br />
وبدائع الصنائع للكاساين<br />
وروضة الطالبني للنووي<br />
420-6<br />
وحاشية ابن عابدين<br />
81-11<br />
والكا<strong>يف</strong> البن عبد الرب<br />
892 -2<br />
222-11<br />
ومغين احملتاج للشربيين<br />
.438 -4<br />
)1595(<br />
)1596(<br />
)1597(<br />
)1598(<br />
)1599(<br />
)1600(<br />
وبداية اجملتهد البن رشد<br />
ينظر: املصادر السابقة، واملستصفى للغزايل، حتقيق محزة حافظ )229/2( ، والباعث احلثيث، شرح اختصار علوم احلديث، البن<br />
كثري، ألمحد شاكر، ص77 ، والتقريب للنووي، ص12، ومقدمة ابن الصالح، ص50، واملوسوعة الفقهية الكويتية )11/30(.<br />
سورة الطالق، اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 2<br />
.282<br />
.282<br />
ينظر: بغية التمام، للزيد )380/1(.<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )222/26(، واملصادر السابقة ص<br />
.429
واستثىن احلنابلة مما سبق شهادة الكافر على املسلم <strong>يف</strong> الوصية <strong>يف</strong> السفر فتقبل )1601( ، واجلمهور على املنع مطلقاً. )1602(<br />
األدلة:<br />
استدل احلنابلة على هذا االستثناء مبا أييت:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
1- قوله سبحانه وتعاىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قضاء النيب وأصحابه من بعده.<br />
)1603( ، اآلية، فدلت مبنطوقها على ذلك صراحة.<br />
فقد روي عن ابن عباس قال: )كان متيم الداري وعدي بن بداء خيتلفان إىل مكة َبلتجارة فخرج معهم<br />
رجل من بين سهم فتوَف أبرض ليس هبا مسلم فأوصى إليهما فدفعا تركته إىل أهله وحبسا جاماً من فضة<br />
خموصاً َبلذهب فتفقده أولياؤه فأتوا رسول هللا فحلفهما: ما كتمتما وال<br />
أضعتما، مث عُرف اجلام مبكة<br />
فقالوا: اشرتيناه من متيم وعدي فقام رجالن من أولياء السهمي فحلفا َبهلل أن هذا اجلام للسهمي<br />
ولشهادتنا أحق من شهادهتما وما اعتدينا<br />
اآلية.( )1604( ، فهذا قضاء النيب وبه نزلت اآلية.<br />
،<br />
إان إذاً ملن الظاملني فأخذوا اجلام وفيهما نزلت هذه<br />
)كما روي أن رجال من املسلمني حضرته الوفاة بدقوقاء ومل جيد أحداً من املسلمني يُ ْشِّه ُدهُ على وصيته<br />
ِّدمَا برتكته ووصيته<br />
فأشهد رجلني من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا أَب موسى األشعري فأخرباه وقَ<br />
فاستحلفهما بعد العصر: ما اشرتينا به مثناً قليالً وال كتمنا شهادة هللا إان إذاً ملن اآلمثني، مث قال: إن هذه<br />
القضية ما قضي فيها مُذ مات رسول هللا إىل اليوم(. )1605(<br />
-2<br />
)1601(<br />
)1602(<br />
)1603(<br />
)1604(<br />
ينظر: اإلقناع، للحجاوي، حتقيق الرتكي )503/4( ، واملغين البن قدامة )170/14(، ومنتهى اإلرادات، للفتوحي )360/5(،<br />
وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )592/7(، والطرق احلكمية، البن القيم ، ص)182( وما بعدها.<br />
ينظر: املصادر السابقة، للجمهور ص<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
.429<br />
.106<br />
رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوصااي، َبب قوله تعاىل: اي أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم املوت .. اآلية، رقم<br />
)2780( ، ص )224(، و ينظر: تفسري ابن كثري )144/2(، ومتيم الداري هو: ابن أوس بن حارثة ، أبو رقية، كان نصرانياً مث قدم<br />
املدينة وأسلم سنة تسع وذكر للنيب قصة اجلساسة والدجال وكان عابد أهل فلسطني، وقد سكنها بعد مقتل عثمان ومات هبا،<br />
وعدي بن بداء كان صاحبه <strong>يف</strong> النصرانية وكاان خيتلفان َبلتجارة وقيل إنه أسلم والصواب خالفه. ينظر: اإلصابة، البن حجر )191/1(<br />
و )228/4(.<br />
)1605(<br />
رواه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب األقضية، َبب شهادة أهل الذمة و<strong>يف</strong> الوصية <strong>يف</strong> السفر، رقم 3605، ص )1490(، وسكت عنه املنذري.<br />
ودقوقاء: بلد بني بغداد وأربل، و ينظر: الطرق احلكمية البن القيم، ص<br />
. 138
قال ابن القيم رمحه هللا: "فهؤالء أئمة املؤمنني: أبو موسى األشعري وابن عباس و روي حنو ذلك عن علي<br />
رضي هللا عنه، ذكر ذلك أبو حممد بن حزم ..... وال خمالف هلم من الصحابة". )1606(<br />
وهبذا قال أئمة التابعني ومجهور فقهاء احلديث.<br />
3- الضرورة واحلاجة داعية إىل ذلك. )1607(<br />
واستدل اجلمهور <strong>يف</strong> طرد املنع:<br />
-1<br />
مبا تقدم من العمومات فإهنا دلت على اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> الشاهد وأن يكون من أهل <strong>اإلسالم</strong> وأن يكون<br />
مرضياً والكافر ليس كذلك بل وال يؤمن أن يكذب على هللا عز وجل فال تقبل شهادته كسائر<br />
احلقوق. )1608(<br />
قوله <br />
، فدل مبنطوقه<br />
: )ال جتوز شهادة ملة على ملة إال أميت فإهنا جتوز شهادهتم على غريهم(. )1609(<br />
على عدم قبول شهادة أهل دين على غري أهل دينهم فال تقبل شهادة الكافر على املسلم.<br />
-2<br />
<br />
3- القياس على الفاسق، فقد أمر هللا َبلتوقف <strong>يف</strong> خربه كما <strong>يف</strong> قوله: <br />
، )1610( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذا جممع عليه فالكافر من َبب أوىل فال تقبل شهادته على املسلم إطالقاً. )1611(<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
أجيب عن استدالل اجلمهور املتقدم أبن هذه اآلايت العامة جاءت <strong>يف</strong> احلكم بني املسلمني؛ ألن السياق كله <strong>يف</strong><br />
خطاهبم وليس فيها تعرض حلكم الكفار ألبتة.<br />
وأما احلديث فضع<strong>يف</strong> ال حجة فيه.<br />
)1606(<br />
)1607(<br />
)1608(<br />
)1609(<br />
)1610(<br />
)1611(<br />
املصدر السابق، ص185.<br />
ينظر: املصدر السابق، ص192، وبغية التمام، للزيد )380/1(.<br />
ينظر: بغية التمام، للزيد )380/1(، وتبصرة احلكام، البن فرحون )184/1(، وحاشية الدسوقي )164/4(، واجملموع للنووي<br />
)20-19/23(، وتفسري ابن كثري )144/2(.<br />
أخرجه الدارقطين، وابن عدي، وضفعه، ينظر: الدراية، البن حجر )172/2(، وقال الزيلعي <strong>يف</strong> نصب الراية )86/4(: )عمر بن<br />
راشد ليس َبلقوي ضعفه أمحد بن حنبل وأبو زرعة وابن معني ورواه ابن عدي <strong>يف</strong> الكامل وأعله بعمر بن راشد وأسند تضع<strong>يف</strong>ه عن<br />
البخاري وأمحد(.<br />
وعمر بن راشد ساقط، كما قال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )409/9(.<br />
سورة احلجرات، اآلية:6.<br />
ينظر: املصادر السابقة، للجمهور ص<br />
.429
-1<br />
وأما القياس فأجاب عنه ابن حزم أبن الذي هناان عن قبول شهادة الفاسق هو الذي أمران بقبول شهادة الكافر على<br />
املسلم َبلوصية <strong>يف</strong> السفر فيجب الوقوف عند أمريه مجيعاً وليس أحدمها أوىل َبلطاعة من اآلخر. )1612(<br />
ونوقشت أدلة القول األول مبا أييت:<br />
أن اآلية منسوخة آبية الدين فهي من آخر ما نزل وقد دلت على رد شهادة الكافر مطلقاً.<br />
وأجيب عن ذلك أبنه يتضمن أن حكمها َبطل ال حيل العمل به وأنه ليس من الدين وهذا ليس مبقبول<br />
إال حبجة صحيحة ال معارض هلا وال ميكن أحداً قط أن أييت بنص صحيح صريح متأخر عن هذه اآلية<br />
خمالف هلا ال ميكن اجلمع بينه وبينها فإن وجد إىل ذلك سبيالً صح النسخ و إال فما معه إال جمرد الدعوى<br />
الباطلة. )1613(<br />
مث إن عائشة رضي هللا عنها قالت عن املائدة: )إهنا آخر سورة أنزلت فما وجدم فيها من حالل<br />
فاستحلوه وما وجدم فيها من حرام فحرموه(. )1614( ، فدل على أهنا حمكمة غري منسوخة وعمل هبا<br />
أصحاب رسول هللا بعده ولو جاز قبول دعوى النسخ بال حجة لكان كل من احتج عليه بنص<br />
يقول: هو منسوخ.<br />
أن املراد بقوله )من غريكم( أي من غري قبيلتكم كما قال احلسن والزهري وغريمها.<br />
وال خ<strong>يف</strong>ى بطالن هذا فإنه ليس <strong>يف</strong> أول اآلية خطاب قبيلة دون غريها بل هو عام جلميع املؤمنني وال يكون<br />
)1615(<br />
غريهم إال من الكفار.<br />
أن املراد َبلشهادة <strong>يف</strong> اآلية أميان الوصي َبهلل تعاىل للورثة ال للشهادة املعروفة.<br />
وهذا َبطل من وجوه ذكرها ابن القيم<br />
)1616(<br />
منها:<br />
أنه سبحانه قال: )شهادة بينكم( ومل يقل أميان بينكم، وقال )اثنان( واليمني ال تتص هبما، واشرتط<br />
العدالة وليست شرطاً <strong>يف</strong> اليمني، وقيد َبلضرب <strong>يف</strong> األرض وليس شرطاً فيها، مث إن حكم رسول هللا <br />
الذي حكم به وحكم الصحابة بعده هو تفسري اآلية قطعاً وما عداه َبطل جيب أن يرغب عنه وهناك<br />
مناقشات ال تعدو كوهنا من الرأي الباطل املخالف للنصوص الصحيحة الصرحية فال يلتفت إليها.<br />
-2<br />
-3<br />
)1612(<br />
)1613(<br />
)1614(<br />
)1615(<br />
)1616(<br />
وصححه.<br />
ينظر: احمللى، البن حزم )409/9(.<br />
ينظر: الطرق احلكمية، البن القيم )186(.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )188/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )172/7(، واحلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )311/2( <strong>يف</strong> تفسري سورة املائدة،<br />
ينظر: الطرق احلكمية، البن القيم )186(.<br />
املصدر السابق.
وبناء على ما تقدم يظهر رجحان القول األول للحنابلة <strong>يف</strong> هذا االستثناء من اإلمجاع على رد شهادة الكافر على<br />
املسلم.<br />
وقد علل اإلمام أمحد قبوهلا <strong>يف</strong> هذا املوضع أبنه ضرورة وهذا يقتضي قبوهلا <strong>يف</strong> كل ضرورة حضراً وسفراً، قال ابن القيم:<br />
"ولو قيل: تقبل شهادهتم مع أمياهنم <strong>يف</strong> كل شيء عدم فيه املسلمون: لكان له وجه ويكون بدالً مطلقاً". )1617(<br />
َ<br />
وذََكر ما يؤيد هذا من قضاء بعض الصحابة رضي هللا عنهم وليس <strong>يف</strong> قبول شهادهتم على املسلمني هنا إكراماً هلم أو<br />
رفعاً ملنزلتهم وقدرهم؛ ألن احلاجة والضرورة داعية إىل ذلك فجاز بنص القرآن وقد أَبح هللا معاملتهم وأكل طعامهم<br />
أي أهل الكتاب – ونكاح نسائهم – إذا كن كتابيات – وذلك يستلزم الرجوع إىل أخبارهم <strong>يف</strong> املعامالت وجواز<br />
االعتماد على شبهاهتم <strong>يف</strong> مواطن الضرورات.<br />
وعليه فللمسلم أن أيخذ بشهادة الكافر ليتوصل هبا ألخذ حقه عند الضرورة كما تقدم <strong>يف</strong> التحاكم إليهم. )1618(<br />
-<br />
وما عدا الشهادة والرواية من سائر أخبار الكفار فإن كانت <strong>يف</strong> أمور الدين والعبادات، فقد ذهب مجاهري العلماء من<br />
املذاهب األربعة إىل ردها.<br />
فال يقبل خرب الكافر <strong>يف</strong> جناسة املاء وطهارته ووقت الصالة وطهارة موضعها واإلخبار عن جهة القبلة ووقت السحور<br />
)1619(<br />
واإلفطار، وحنو ذلك.<br />
ملا أييت:<br />
)1620(<br />
وقوله ، <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
1- قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قوله <br />
)1621( ، أي: ال تتولوهم <strong>يف</strong> الدين وهذه الفروع من الدين.<br />
: ))ال تستضيئوا بنار املشركني(( )1622( . أي: ال أتخذوا آبرائهم.<br />
-2<br />
)1617(<br />
)1618(<br />
)1619(<br />
املصدر السابق، ص192<br />
ص<br />
.<br />
.) 399 (<br />
ينظر: املبسوط، للسرخسي )165-164/10(، والتقرير والتحبري، البن أمري حاج )247/2(، والفتاوى اهلندية )310/5(،<br />
وتبيني احلقائق، للزيلعي )12/6(، والفواكه الدواين، للقريواين )126/1(، وحاشية الدسوقي )164/4(، واألم، للشافعي<br />
،)115/1(<br />
)1620(<br />
)1621(<br />
ومغين احملتاج، للشربيين )427/4(، وأسىن املطالب، لألنصاري )23/1( ، وشرح اخلرشي )113/1(، واملغين ، البن قدامة )115/2(،<br />
وشرح خمتصر الروضة، للطو<strong>يف</strong> )136/2(، واآلداب الشرعية، البن مفلح )462/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض )592/7(،<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية )69/4(.<br />
سورة املمتحنة، اآلية:13.<br />
سورة املمتحنة، اآلية:1.
وألن الكافر متهم <strong>يف</strong> الدين فال يؤمتن عليه <strong>يف</strong> خرب ديين كالرواية فهو ليس مبوضع لألمانة، ولذا قال عمر<br />
رضي هللا عنه: )ال أتمتنوهم بعد إذ خوهنم هللا(. )1623(<br />
وألن الكفار يقطعون خبطأ املسلمني حسداً وحقداً وكيداً أو جهالً وبغياً واملسلمون يقطعون خبطئهم<br />
فريون –<br />
أي الكفار – الكذب قربة ليكيدوا به <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني.<br />
أن الكفر وإن كان ال ينا<strong>يف</strong> الصدق فإنه يوجب شبهة جيب هبا رد اخلرب؛ ألن الباب َبب الدين والكافر<br />
ساع ملا يهدم الدين احلق فيصري متهماً <strong>يف</strong><br />
َبب الدين كما قال تعاىل:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1624( ، أي ال يقصرون <strong>يف</strong> إفساد أمركم فال تقبل أخبارهم كما ال تقبل شهادة الولد لوالده.<br />
وألن الكفار ليسوا<br />
من أهل الشهادة وال الوالية فال يلزم قبول خربه مكالطفل واجملنون.<br />
وألن الكافر ليس أهالً حلكم الشرع فال يكون له والية إلزام ذلك احلكم على الغري و<strong>يف</strong> قبول خربه جعله<br />
أهالً لذلك. )1625(<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
وذكر بعض احلنفية أبن الكافر إذا أخرب عن جناسة املاء ووقع <strong>يف</strong> قلب املسلم صدقة فيستحب له العمل به دفعاً<br />
للوسوسة العادية؛ ألن احتمال الصدق غري منقطع عن خربه؛ ألن الكفر ال ينا<strong>يف</strong> الصدق كما تقدم فعلى تقدير صدقه<br />
ال حتصل طهارة فكان االحتياط <strong>يف</strong> اإلراقة مث التيمم لتحصل الطهارة واالحرتاز عن النجاسة بيقني. )1626(<br />
واستثىن الشافعية من رد خربه <strong>يف</strong> جناسة املاء ما إذا أخرب عن فعله وبَنيََّ السبب كبوله فيه، فيقبل كما لو أخرب ذمي عن شاة<br />
أبنه ذكاها، بل هو أوىل؛ ألن الذكاة حيتاط فيها ما ال حيتاط <strong>يف</strong> ذينك وقد أطلق السلف إَبحة ذَبئح أهل الكتاب ومل<br />
)1627(<br />
يشرتطوا املشاهدة لذحبها بل عولوا عليهم <strong>يف</strong> ذلك توسيعاً <strong>يف</strong> الرجوع إىل أصل اإلَبحة.<br />
)1622(<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )99/3(، والنسائي <strong>يف</strong> كتاب الزينة، َبب قول النيب : ))ال تنقشوا على خواتيمكم عربياً(( ، رقم<br />
5212، ص )2422(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )127/10(، وقال حمققا أحكام أهل الذمة البن القيم )451/1(: "هذا إسناد ضع<strong>يف</strong>"<br />
ألن فيه أزهر بن راشد، قال أبو حام: جمهول، وقال ابن حبان: كان فاحش الوهم، وقال األزدي: منكر احلديث إسناده ليس َبملرضي،<br />
وقال ابن القيم: "الصحيح أن معناه: مباعدهتم وعدم=<br />
املشركني ال ترآآي انرمها" ، املصدر السابق.<br />
=<br />
)1623(<br />
)1624(<br />
)1625(<br />
)1626(<br />
)1627(<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )127/10(، وذكره ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )115/2(.<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
. 118<br />
ينظر: املصادر السابقة، وكشف األسرار ، للبخاري )392/2(.<br />
املبسوط، للسرخسي )165-164/10(، والتقرير والتحبري، البن أمري حاج )247/2(.<br />
ينظر: أسىن املطالب، لألنصاري )23/1(.<br />
مساكنتهم كما <strong>يف</strong> احلديث اآلخر: أان بريء من كل مسلم بني طهراين
وإذا وافق خرب الكافر األصل ومل يظهر ما خيالفه عمل به ال لذاته بل ملوافقته األصل كما لو أخرب بطهارة ماء شك <strong>يف</strong><br />
جناسته فريجع خلربه؛ ألنه أقر مبا حيمل عليه املاء استصحاَبً لألصل ما مل يظهر <strong>يف</strong> املاء ما يقتضي جناسته أو يسلب<br />
طهوريته. )1628(<br />
وعلى هذا فإنه ال يقبل خرب الكافر <strong>يف</strong> أمور الدين كما <strong>يف</strong> الشهادة والرواية ما مل يغلب على الظن<br />
صدقه للقرائن الظاهرة أو ملوافقته األصل ومل يظهر ما خيالفه أو إلخباره عن فعل نفسه مع بيان<br />
السبب كما تقدم.<br />
ويستثىن من ذلك حال الضرورة، فيقبل قول الطبيب غري املسلم عند عدم التمكن من سؤال غريه<br />
أبن <strong>يف</strong> املسلم من املرض ما مينعه من الصوم فإذا وجدت الضرورة ودلت القرائن على صدقه<br />
إبحساس املريض بذلك أو اشتهار ذلك عند الناس وحنوه جاز قبول خرب الطبيب الكافر هنا<br />
للضرورة.<br />
وأما أخبار الكفار <strong>يف</strong> املعامالت وسائر شؤون احلياة كالداللة على الطريق والعلوم الدينية من طب<br />
وفلك وحساب وحنوها مما حيتاج فيه لعلماء الفنون وأهل اخلربة والرأي والتجربة واألخبار العادية <strong>يف</strong><br />
شؤون احلياة العامة، فال شك <strong>يف</strong> جواز األخذ والعمل هبا إذا كان املخرب ثقة وغلب على الظن<br />
صدقه فإنه من ضرورات احلياة البشرية وكما جتوز معاملتهم على األرض وكاستئجار النيب وأبو<br />
بكر ملا خرجا من مكة مهاجرين ابن أريقط<br />
–<br />
رجالً من بين الديل<br />
–<br />
)1629(<br />
َبهلداية وائتمناه على أنفسهما ودواهبما وواعداه غار ثور صبح اثلثة.<br />
هادايً خريتاً، واخلريت املاهر<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والكفار فيهم املؤمتن الصادق كما قال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1630( ، اآلية.<br />
فجاز قبول خربهم فيما يعلمونه من أمر الدنيا وائتماهنم على ذلك ما مل يكن فيه مفسدة راجحة<br />
ولذا منع بعض احلنابلة قبول خرب الطبيب الكافر <strong>يف</strong> وصف الدواء؛ ألنه ال يؤمن أن خيلط به شيئاً<br />
من السمومات والنجاسات فمدار القبول على وجود الثقة وانتفاء املفسدة الراجحة، مث إن خربهم<br />
ينظر: الفواكه الدواين، للقريواين )126/1(.<br />
تقدم ترجيه ص<br />
363<br />
سورة آل عمران،اآلية:<br />
.75<br />
)1628(<br />
)1629(<br />
)1630(
صحيح لصدوره عن عقل ودين يعتقد فيه حرمة الكذب واحلاجة ماسة لقبول قوهلم لكثرة وقوع<br />
املعامالت، وهذه األخبار ليست على جهة الشهادة، وإمنا هي علم يؤخذ عمن يبصره ويعرفه ويوثق به <strong>يف</strong> ذلك. )1631(<br />
)1631(<br />
ينظر: تبصرة احلكام، البن فرحون )243/1(، جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )114/4(، واملستدرك عليها )141/3(، واآلداب<br />
الشرعية، البن مفلح )462/2(، وفتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم )1836/4(.
املطلب الثامن<br />
الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد
املطلب الثامن: الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.<br />
أوالً: حكم دخول املسلم للكنيسة والبيعة.<br />
اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك على أقوال:<br />
القول األول: يكره ذلك مطلقاً وهو قول احلنفية، واملالكية، ورواية عن أمحد. )1632(<br />
ألهنا جممع الشياطني ال من حيث أنه ليس له حق الدخول )1633( ، وذكر بعض األحناف أبن الكراهة هنا حترميية؛ ألهنا<br />
املرادة عند<br />
إطالقهم. )1634(<br />
القول الثاين: ال جيوز للمسلم دخوهلا إال إبذهنم، وقال به بعض الشافعية.<br />
لعموم األدلة <strong>يف</strong> االستئذان. )1635(<br />
القول الثالث: جواز دخوهلا بال إذن وهو قول بعض الشافعية ورواية عن أمحد )1636( ، وقيد بعض احلنابلة ذلك مبا ال<br />
)1637( ، ولقول<br />
<br />
<br />
<br />
صورة فيه و<strong>يف</strong> غري يوم نريوزهم ومهرجاهنم؛ لقوله سبحانه: <br />
عمر: )ال تدخلوا على املشركني <strong>يف</strong> كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم( )1638( ، وقال بعض الشافعية: إذا<br />
كانت الصورة على الستور وما ليس مبوطوء مل جيز له الدخول؛ ألن ذلك كالتعظيم والتبجيل هلا. )1639(<br />
والراجح التفصيل، فإذا كان فيها صور ومتاثيل أو كان يوم عيدهم ونريوزهم أو كان <strong>يف</strong> الدخول مضرة على املسلم <strong>يف</strong><br />
نفسه أو دينه أو عرضه أو ترتب على الدخول مفسدة راجحة أوكان الدخول متكرراً أو على وجه التعظيم واالحرتام<br />
واإلعجاب أو إلظهار التساهل والتسامح وحمبة الكفار ومودهتم فإنه يكره دخوهلا كراهة حترميية.<br />
أما إذا كان الدخول ملصلحة شرعية كدعوة لإلسالم أو النظر والتأمل <strong>يف</strong> احنرافهم وجهلهم وبيانه وحنو ذلك ومل يرتتب<br />
على ذلك شيء من املفاسد السابقة فإن الدخول جائز.<br />
)1632(<br />
)1633(<br />
)1634(<br />
)1635(<br />
)1636(<br />
،)441<br />
)1637(<br />
)1638(<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )43/2(، والتاج واإلكليل، للحطاب )66-65/2(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )1230/3(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />
املصدر السابق.<br />
ينظر: حاشيتا قليويب وعمرية )235/4(، واآلداب الشرعية، البن مفلح )440/3(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )246/20(.<br />
ينظر: اجملموع للنووي، حتقيق املطيعي )115/3( واملغين، البن قدامة )478/2(، واآلداب الشرعية، البن مفلح )440/3-<br />
وأحكام أهل الذمة، البن القيم )1230/3(.<br />
سورة الفرقان، اآلية:<br />
. 72<br />
)1639(<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )234/9(، وصححه ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )1246/3(، وقال حمققه: )ليس بصحيح فهو<br />
منقطع بني عطاء بن دينار اهلذيل وعمر بن اخلطاب(، وأخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه )208/6( من طريق وكيع عن ثور عن عطاء،<br />
قال حمققا أحكام أهل الذمة: )وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخني إال عطاء(.<br />
ينظر: اآلداب الشرعية، البن مفلح )440/3(
وقد سئل الشيخ ابن جربين عن دخول الكنائس واملعابد جملرد الفرجة و<strong>السياحة</strong> فأجاب: أبن جمرد الفرجة وأخذ فكرة<br />
عن معابدهم وك<strong>يف</strong>يتها ومعرفة دينهم دون أن يصاحب ذلك تعظيم هلم أو احرتام ولكن جملرد معرفة سذاجتهم وجهلهم<br />
واحنرافهم وقلة فكرهم <strong>يف</strong> هذه العبادات واملعابد وملعرفة اترخيها وما حييط هبا من حوادث جائز ، وحيصل بدخوهلا مرة<br />
واحدة أما تكرار ذلك أو دخوهلا للتعظيم واالحرتام فال جيوز شرعاً. )1640(<br />
وأفتت اللجنة الدئمة أبن دخول الكنائس جملرد إظهار التسامح والتساهل ال جيوز وإذا كان للدعوة لإلسالم أو ملصلحة<br />
شرعية راجحة دون أتثر بعقائدهم وعاداهتم ودون مشاركتهم <strong>يف</strong> عبادهتم فذلك جائز. )1641(<br />
ينظر: املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر، البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي ص )151(.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع أمحد الدويش )268/6(، )115/2(.<br />
)1640(<br />
)1641(
اثنياً: حكم الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.<br />
اختلف العلماء <strong>يف</strong> ذلك على أقوال:<br />
القول األول: الكراهة وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضي هللا عنهما ، وهو قول اجلمهور من احلنفية ، واملالكية،<br />
والشافعية، واحلنابلة )1642( ، وظاهر كالمهم أن الكراهة حترميية )1643( ، وإذا كان دخوهلا مكروه كراهة حترمي عند بعض<br />
)1644(<br />
األحناف فإن الصالة كذلك من َبب أوىل.<br />
القول الثاين: صحتها بال كراهة إذا كانت نظ<strong>يف</strong>ة وطاهرة.<br />
ونقل ذلك عن أيب موسى واحلسن وعمر بن عبد العزيز واألوزاعي وهو رواية عن ابن عباس، وقول للشافعية، ورواية عن<br />
أمحد اختارها ابن قدامة وهي ظاهر املذهب. )1645(<br />
القول الثالث: التفريق بني ما فيه صورة فتكره الصالة فيه وما ال فال.<br />
وهو قول مالك وبعض الشافعية، ورواية عن أمحد. )1646(<br />
)1642(<br />
)1643(<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )43/2(، وبداية اجملتهد، البن رشد )172/1(، والتاج واإلكليل، للحطاب )66-65/2(، واجملموع<br />
للنووي )115/3(، وأسىن املطالب، لألنصاري )175/1(، واملغين، البن قدامة )478/2(، واآلداب الشرعية، البن مفلح )440/3(،<br />
وأحكام أهل الذمة، البن القيم )1230/3(.<br />
ينظر: املصادر السابقة، واختلف املالكية <strong>يف</strong> علة الكراهة على ثالثة أقوال:<br />
األول: وهي النجاسة اآلتية من وطء أقدامهم وما يدخلونه فيها من النجاسات قاله مالك.<br />
الثاين: ألهنا بيوت متخذة للكفر، قاله ابن حبيب.<br />
الثالث: جمموع األمرين.<br />
فعلى القول األول أبن علة الكراهة جناستها ال جتب اإلعادة إن صلى على ثوب بسطه و إال أعاد على قول ابن حبيب؛ ألن األصل<br />
عنده أن من صلى على ثوب جنس عامداً يعيد أبداً وقيل يعيد <strong>يف</strong> الوقت ، وقيد ذلك بغري املضطر، وحرر النفراوي املالكي املسألة وبني<br />
أبن الكراهة تنزيهية وأن اإلعادة مشروطة أبن يصلي فيها اختياراً وعلى فرشها وأن تكون عامرة، ينظر: املصادر السابقة، والفواكه الدواين<br />
)128-127/1( ، وجملة اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي، العدد<br />
اجلزء 3<br />
، 2 ص .)1248(<br />
)1644(<br />
)1645(<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />
وقال به<br />
الشعيب والنخعي<br />
واختاره ابن املنذر،ينظر: بداية اجملتهد،البن رشد)172/1(،واجملموع للنووي)115/3(، واملغين،البن<br />
قدامة)478/2(،وأحكام أهل الذمة،البن القيم)1230/3(،وتقدمت ترمجة احلسن واألوزاعي ص<br />
158-141<br />
)1646(<br />
ينظر: املصادر السابقة.
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول مبا أييت:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
ألهنا ملعونة وجنسة وهي من أماكن الغضب وقد هنى عن الصالة <strong>يف</strong> أرض َببل، وقال: ))إهنا<br />
ملعونة(( )1647( ، فعلل منع الصالة فيها َبللعنة وهذه كنائسهموهي مواضع اللعنة والسخطة والغضب<br />
فيها.<br />
ينزل عليهم )1648(<br />
ألن هللا ال ي َُتعَبَّْد <strong>يف</strong> بيوت أعدائه وهذه من بيوت أعداء هللا. )1649(<br />
ألهنا مأوى الشياطني ومواطن الكفر والشرك فهي أوىل َبلكراهة من احلمام واملقربة. )1650(<br />
ألنه كالتعظيم والتبجيل هلا. )1651(<br />
وألنه تكثري لسوادهم. )1652(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
أبنه روي عن عمر وأيب موسى أهنما صليا فيها، وهي طاهرة، وال يضر املصلي شرك املشرك فيها فذلك شرك فيها<br />
واملسلم يوحد فله غنمه وعلى املشرك غرمه، وقد صلى الصحابة <strong>يف</strong> الكنائس والبيع. )1653(<br />
واستدل أصحاب القول الثالث:<br />
بوجود الصور ومالئكة الرمحة ال تدخل بيتاً فيه صورة، وعن عمر رضي هللا عنه أنه قال:<br />
)إان ال ندخل كنائسكم من أجل التماثيل اليت فيها الصور( )1654( ، وألن الصورة تقابل املصلي وتواجهه وهي كاألصنام<br />
إال أهنا جمسدة فهي شعار الكفر ومأوى الشيطان وقد كره الفقهاء الصالة على البسط واحلصر املصورة كما صرح به<br />
أصحاب أيب حن<strong>يف</strong>ة وأمحد وهي متتهن وتداس َبألرجل، فك<strong>يف</strong> إذا كانت <strong>يف</strong> احليطان والسقوف. )1655(<br />
)1647(<br />
)1648(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه، َبب <strong>يف</strong> املواضع اليت ال جتوز فيها الصالة، رقم )490(، وضعفه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )631/1( ، والقرطيب<br />
)45/5(، وقال <strong>يف</strong> عون املعبود )1560/2(: )<strong>يف</strong> إسناد هذا احلديث مقال وال أعلم أحداً من العلماء حَرَّمَ الصالة <strong>يف</strong> أرض َببل وقد<br />
عارضه ما هو أصح منه وهوقوله : ))جعلت يل األرض مسجداً وطهوراً((.<br />
.)1230/3(<br />
)1649(<br />
)1650(<br />
)1651(<br />
)1652(<br />
)1653(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )172/1(، والتاج واإلكليل، للحطاب )66-65/2(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم<br />
ينظر: املصادر السابقة، وفتاوى السبكي )405/2(.<br />
ينظر: املصادر السابقة، و حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />
ينظر: اآلداب الشرعية، البن مفلح )440/3(.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع أمحد الدويش )117/2(.<br />
ينظر: اجملموع للنووي )115/3(، واملغين، البن قدامة )478/2(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )1230/3(.
ونو قش ذلك أبن النيب صلى <strong>يف</strong> الكعبة وفيها صور )1656( ، مث هي داخلة <strong>يف</strong> قوله : ))فأينما أدركتك الصالة<br />
فصل فإنه مسجد((. )1657(<br />
ونوقش ما روي عن عمر وأيب موسى <strong>يف</strong> الصالة فيها أبنه حممول على أهنما مل يقصدا ذلك وإمنا اضطرا إليه. )1658(<br />
واألقرب أن جناستها معنوية ال متنع من صحة الصالة فيها، وليست من أماكن وداير املعذبني ومل ينزل هبا لعنة أو عقاب<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
<br />
<br />
)1659( ، وهي مل تدل على كون هذه األمكنة – غري املساجد – حمبوبة مرضية له<br />
لكنه أخرب أنه لوال دفعه الناس بعضهم ببعض هلدمت هذه األمكنة اليت كانت حمبوبة له قبل <strong>اإلسالم</strong> وأقر منها ما أقر<br />
بعده وإن كانت مسخوطة له، كما أقر أهل الذمة وإن كان ي بغضهم وميقتهم ويدفع عنهم َبملسلمني مع بغضه هلم، وعن<br />
)1660(<br />
أيب العالية أنه قال <strong>يف</strong> اآلية: )صوامع وإن كان يشرك به( و<strong>يف</strong> لفظ: )إن هللا حيب أن يذكر ولو من كافر(.<br />
والراجح أن الصالة فيها من غري ضرورة أو مصلحة راجحة صحيحة مع الكراهة واإلمث ملا تقدم من أدلة القول األول.<br />
واألوىل أن ينأى املسلم بنفسه عن هذه األماكن ما مل يكن مث ضرورة؛ ألن النيب يقول: ))جعلت يل األرض<br />
مسجداً وطهوراً، فأميا رجل أدركته الصالة فليصل(( )1661( ، فإذا اضطر للصالة فيها صحت صالته بال كراهة عند<br />
اجلمهور )1662( .<br />
وأما اتاذ الكنائس مساجد فجائز للحديث السابق، وحلديث عثمان بن أيب العاص أن رسول هللا أمره أن جيعل<br />
، ولقول عمر السابق.<br />
مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم )1663(<br />
)1654(<br />
)1655(<br />
)1656(<br />
أخرجه البخاري تعليقاً، <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب الصالة <strong>يف</strong> البيعة، ص )37(، رقم )54(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )1230/3(.<br />
قال <strong>يف</strong> زاد املعاد )458/3( : )و<strong>يف</strong> القصة<br />
– قصة فتح مكة –<br />
)1657(<br />
)1658(<br />
)1659(<br />
)1660(<br />
)1661(<br />
)1662(<br />
منه، ففيه دليل على كراهة الصالة <strong>يف</strong> املكان املصور(، و ينظر: املغين، البن قدامة )478/2(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 303<br />
ينظر: فتاوى السبكي )405/2(.<br />
سورة احلج، اآلية:<br />
. 40<br />
أن النيب دخل البيت وصلى فيه ومل يدخله حىت حميت الصور<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم، وقال حمققه: هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم )1170/3(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )303<br />
.)<br />
وأفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )117/2( و )268/6(، وكذا الشيخ ابن جربين كما <strong>يف</strong> املفيد ،<br />
ص)152(، وذكر السبكي <strong>يف</strong> فتاواه أنه إذا كان من غري قصد لكن حبضور وقت الصالة فال تكره الصالة فيها حينئذ؛ ألنه حال ضرورة وعليه حيمل<br />
فعل الصحابة رضوان هللا عليهم،فتاوى السبكي )405/2(.
وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي قراراً جبواز استئجار الكنائس للصالة فيها عند احلاجة وجتتنب الصالة إىل التماثيل<br />
والصور وتسرت حبائل إذا كانت َبجتاه القبلة. )1664(<br />
)1663(<br />
)1664(<br />
رواه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة، َبب <strong>يف</strong> بناء املساجد ، ص )1256(، رقم )450(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب املساجد، َبب أين<br />
جيوز بناء املساجد، ص )2521(، رقم )743(.<br />
ينظر: قرارات جممع الفقه، ص47 ، قرار رقم )23( )3/11(، السؤال التاسع عشر، وقضااي فقهية معاصرة، حملمد تقي العثماين،<br />
ص )343(، وللشيخ أمحد شاكر كالم مجيل <strong>يف</strong> حضور املسلمني الصالة <strong>يف</strong> الكنائس <strong>يف</strong> كتابه كلمة احلق، ص )189(.
املطلب التاسع<br />
تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً
املطلب التاسع: تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.<br />
املراد هبذا املطلب:<br />
هو ما يعاين منه املسلمون <strong>يف</strong> املناطق اليت ال تغيب عنها الشمس إال قليالً أو اليت تغيب عنها وتكون <strong>يف</strong> ظالم دامس<br />
وليل دائم أي يغلب عليها الليل أو النهار فيصعب مع ذلك ضبط وتقدير أوقات العبادة من صالة وصيام وهي املناطق<br />
القطبية واإلسكندانفيه وما <strong>يف</strong> حكمها واليت تقع فوق خط العرض 66 َشاالً وجنوَبً، واملناطق اليت ال يغيب عنها<br />
الشفق فال يوجد فيها وقت للعشاء حبيث يتحد مع الفجر، وهي البالد الشمالية اليت تتجاوز خط العرض 84 َشاالً<br />
وجنوَبً.<br />
فتبني أبن هذه البلدان غري املعتدلة قسمان قسم ال تغيب عنه الشمس لفرتة طويلة )ستة أشهر تقريباً( مث تغيب مطلقاً<br />
بقية السنة وقسم تتميز فيه األوقات عدا العشاء فإنه يتحد مع الفجر. )1665(<br />
فأما حكم الصالة ابلنسبة للقسم األول:<br />
فإن وجوب الصلوات اخلمس عليهم جممع عليه وهو من األمور املعلومة من الدين َبلضرورة وال ينبغي أن يرد فيه خالف<br />
إذا ك<strong>يف</strong> يعفون من وجوب الصالة عليهم طوال ستة أشهر وستة أخرى، وك<strong>يف</strong> ميكن اعتبار هذه املدة الطويلة يوماً<br />
واحداً أو يومني.<br />
واألدلة من الكتاب والسنة وإمجاع األمة متضافرة على وجوب الصالة وأهنا أول أركان <strong>اإلسالم</strong> وهي صلة العبد بربه فال<br />
ميكن أن تنقطع <strong>يف</strong> مجيع األحوال مهما صعبت بل جتب على العاجز املريض واملسافر واخلائف واحملارب قدر<br />
االستطاعة وهي الفرقان بني املؤمن والكافر. )1666(<br />
ويؤكد وجوهبا <strong>يف</strong> تلك البلدان قوله ملا ذكر الدجال عنده فسأله الصحابة عن لبثه <strong>يف</strong> األرض، فقال: )أربعون يوماً،<br />
يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أايمه كأايمكم( فقالوا: اي رسول هللا فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه<br />
)1667(<br />
صالة يوم؟ قال: ال. أقدروا له قدره(.<br />
)1665(<br />
ينظر: املوسوعة الفقهية الكويتية )188/7(، ومن فقه األقليات املسلمة، خالد عبد القادر على موقع الشبكة <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
www.islamweb.net<br />
)1666(<br />
، وجملة الدعوة العدد 1841، ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني وك<strong>يف</strong> يصومون، علي القره داغي، ص20،<br />
وجملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، العدد الثالث، اجلزء الثاين، ص1093، وما بعدها، وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية، العدد احلادي والثالثون،<br />
ص369، وما بعدها.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )19-18/2(، ومواهب اجلليل، للحطاب )18-17/2(، وحتفة احملتاج، البن حجر اهليتمي<br />
)429/1(، واإلقناع للحجاوي، حتقيق الرتكي )128/1(، واملستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، مجع ابن قاسم )63/3(، ك<strong>يف</strong><br />
يصلي أهل القطبني، للقره داغي، جملة الدعوة<br />
، 1841 ص 20<br />
)1667(<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الفنت ، َبب الدجال ، ص1168، رقم<br />
، وما بعدها.<br />
.2937
فنص على وجوب الصالة حسب الوقت املقدر َبلزمن السابق جمليء الدجال فكذا يقدر <strong>يف</strong> البالد القطبية حسب<br />
الوقت املقدر <strong>يف</strong> البالد املعتدلة، فتجب عليهم الصلوات اخلمس <strong>يف</strong> كل 24 ساعة.<br />
قال <strong>يف</strong> شرح فتح القدير: "أو جب أكثر من ثالمثائة عصر قبل صريورة الظل مثالً أو مثلني وقس عليه فاستفدان أن<br />
الواجب <strong>يف</strong> نفس األمر مخس على العموم غري أن توزيعها على تلك األوقات عند وجودها ال يسقط بعدمها<br />
)1668(<br />
الوجوب".<br />
بل أوجب عليهم <strong>يف</strong> اليوم األول ألفاً وسبعمائة ومخساً وسبعني صالة إذا اعتربان تلك السنة قمرية و<strong>يف</strong> الثاين مائة<br />
ومخسني صالة إذا اعتربان الشهر ثالثني و<strong>يف</strong> الثالث مخساً وثالثني صالة. )1669(<br />
وهذا دليل ظاهر جلي على وجوب الصالة عليهم تقديراً النعدام العالمات الواضحة وال يسقط الفرض أبداً.<br />
ولكن اختلف العلماء <strong>يف</strong> ك<strong>يف</strong>ية التقدير هنا على قولني:<br />
األول: أهنا تقدر أبقرب املناطق املعتدلة إليها واليت تتمايز فيها األوقات.<br />
الثاين: أهنا تقدر َبلبالد املعتدلة اليت وقع فيها التشريع كمكة واملدينة.<br />
وكالمها جائز؛ ألنه اجتهاد ال نص فيه. )1670(<br />
وقد أف تت هيئة كبار العلماء َبألول )1671( ، واألمر <strong>يف</strong> ذلك واسع لكن البد من االتفاق على شيء معني حىت ال<br />
تتلف الصلوات <strong>يف</strong> البلد الواحد فيحصل الشقاق واالختالف املذموم. )1672(<br />
)224/1(، وذكر الزيلعي <strong>يف</strong> تبيني احلقائق ذلك )83-82/1(، وكذا درر احلكام ملنال خسرو )53/1(.<br />
ينظر: ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني، للقره داغي، جملة الدعوة<br />
، 1841 ص 20<br />
، وما بعدها.<br />
ذكر ذلك الشيخ رشيد رضا <strong>يف</strong> فتواه عن هذه املسألة، ينظر: املصدر السابق، ص24.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )130/6(.<br />
املصادر السابقة.<br />
)1668(<br />
)1669(<br />
)1670(<br />
)1671(<br />
)1672(
)1673(<br />
ويرى بعض الفقهاء التفريق هنا بني البالد القطبية والبالد اليت ال يغيب فيها الشفق فيتحد الفجر معه، ففي<br />
البالد القطبية ليس هناك يوم إطالقاً وإمنا يظل النهار أو الليل طوال ستة أشهر فيكون هلا حقيقة يوم واحد يتكون من<br />
هنار أو ليل طويل جمموع ساعاته 8760 ساعة لكل منهما 4380 ساعة، فال داعي العتبار األقرب هنا؛ ألنه إذا كان<br />
األمر منوطاً َبلتقدير فالتقدير بوقت مكة مهبط الوحي ومركز األرض ووسطها أفضل، أما البالد اليت ال يغيب فيها<br />
الشفق فتتداخل فيها األوقات فمشكلتها <strong>يف</strong> وقت واحد هو العشاء فيعترب أبقرب األماكن املعتدلة، أما بقية األوقات فال<br />
حاجة فيها للتقدير لوضوح معاملها.<br />
وهذا القول له وجاهته، واألفضل أن يرجع <strong>يف</strong> اختيار أحد االجتهادين إىل اتفاق علماء املسلمني أو مراكزهم <strong>يف</strong> تلك<br />
األماكن.<br />
وأما حكم الصالة ابلنسبة للقسم الثاين، وهي البالد اليت يتحد الفجر فيها مع العشاء، فال يكون له وقت، فقد<br />
اختلف <strong>يف</strong> وجوب الصالة وك<strong>يف</strong>ية تقديرها فيها:<br />
فاجلماهري على وجوب الصلوات اخلمس فيها كغريها )1674( ، وتقدر ملا تقدم.<br />
إىل سقوط الصلوات اليت ليس هلا وقت كالعشاء <strong>يف</strong> هذه البالد.<br />
وذهب بعض احلنفية )1675(<br />
األدلة:<br />
استدل اجلمهور مبا تقدم من األدلة على وجوب الصلوات اخلمس وتقديرها عند تعذر العالمات الظاهرة قياساً على أايم<br />
الدجال، كما تقدم.<br />
)1676(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين َبنتفاء السبب كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من املرفقني.<br />
ونوقش ذلك:<br />
أبنه "ال يراتب متأمل <strong>يف</strong> ثبوت الفرق بني عدم حمل الفرض وبني سببه اجلعلي الذي جعل عالمة على الوجوب اخلفي<br />
الثابت <strong>يف</strong> نفس األمر وجواز تعدد املعرِّفات للشيء فانتفاء الوقت انتفاء ملَُعرِّفِّهِّ وانتفاء الدليل على الشيء ال يستلزم<br />
)1673(<br />
)1674(<br />
كالقره داغي <strong>يف</strong> جملة الدعوة<br />
، 1841 ص 24<br />
)1675(<br />
)1676(<br />
، و ينظر: جملة جممع الفقه ، العدد الثالث، اجلزء الثاين ، ص1093 ، وما بعدها.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )19-18/2(، و تبيني احلقائق ،للزيلعي )83-82/1(، و درر احلكام ملنال خسرو )53/1(، و<br />
ومواهب اجلليل، للحطاب )18-17/2(، وهناية احملتاج، للرملي )363/1(، ومطالب أويل النهى، للرحيباين )317-316/1(، و<br />
واإلقناع للحجاوي، حتقيق الرتكي )128/1(، ومل ينص احلنابلة على فاقد وقت العشاء، بل ذكروا التقدير أايم الدجال.<br />
املصادر السابقة، للحنفية، ومن القائلني هبذا عندهم البقايل واحللواين، والزيلعي واحلليب وغريهم.<br />
املصادر السابقة.
انتفاءه جلواز دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت به أخبار اإلسراء من فرض هللا تعاىل مخساً بعدما أمروا أوالً خبمسني<br />
مث استقر األمر على اخلمس شرعاً عاماً ألهل اآلفاق ال تفصيل فيه بني أهل قطر و قطر". )1677(<br />
وأجيب عن ذلك:<br />
أبن األمر استقر أيضاً على أن للوجوب أسباَبً وشروطاً ال يوجد بدوهنا مث إن احلائض لو طهرت بعد طلوع الشمس مل<br />
يكن الواجب عليها <strong>يف</strong> ذلك اليوم إال أربع صلوات وبعد خروج وقت الظهر مل جيب عليها <strong>يف</strong> ذلك اليوم إال ثالث<br />
صلوات وهكذا ، ومل يقل أحد إهنا إذا طهرت <strong>يف</strong> بعض اليوم <strong>يف</strong> أكثره وجب عليها متام صلوات اليوم والليلة؛ ألجل أن<br />
َد هنا كما أهنا حالة<br />
الصلوات فرضت مخساً على املكلف، وأجيب أبن هذا غري وارد؛ ألهنا معذورة وشرط الوجوب فُقِّ<br />
فردية <strong>يف</strong> حني أن القول بعدم وجوب صالة العشاء يُ ْسقِّ ُط الفرض كلية عن عموم أهل البالد مث إن صالة احلائض حمرمة<br />
وصالة هؤالء صحيحة أداء وقضاءً. )1678(<br />
ونوقش قياس هذه املسألة على حديث الدجال أبنه ال مدخل للقياس <strong>يف</strong> وضع األسباب واحلديث ورد على خالف<br />
القياس.<br />
وأجيب َبملنع فالقياس صحيح؛ ألنه وارد <strong>يف</strong> حالة متشاهبة متاماً حبالة الزمن <strong>يف</strong> حديث الدجال حيث تنتهي األوقات<br />
العادية ؛ ألنه ذلك اليوم كسنة ومع ذلك وجبت الصلوات اخلمس تقديراً أبوقاهتا السابقة. )1679(<br />
والراجح:<br />
قول اجلمهور لقوة أدلتهم واجلواب عن دليل املخالف ومناقشاته وك<strong>يف</strong> يتصور أن يكون عدد الصلوات املفروضة على<br />
هؤالء أربعاً مع أن النصوص الشرعية متواترة على فرضية مخس صلوات على كل مسلم <strong>يف</strong> كل يوم من غري تفريق بني<br />
إقليم وآخر، كما نص <strong>يف</strong> حديث الدجال على وجوب الصلوات وتقديرها وإن مل يوجد سببها على وجه العموم، ومل<br />
يوجد نص يسقط شيئاً من الصلوات بسقوط شرطها وهو الوقت بل العكس و إال لسقطت صالة سنة <strong>يف</strong> يوم واحد<br />
لعدم توفر الوقت والكتفي خبمس صلوات فقط.<br />
)1677(<br />
)1678(<br />
فتح القدير، البن اهلمام )224/1(، ومعىن كالمه أنه إذا عدمت عالمة دخول وقت العشاء وهي غياب الشفق، وعدم طلوع<br />
الفجر معه َبعتبارها عالمة معرِّفة له ليس معناه أن الصالة تسقط بعدمها لوجود دليل آخر يدل على وجوهبا وإن مل توجد العالمة الدالة<br />
على الوقت وقد وجد هذا اآلخر وهو أخبار اإلسراء املتواطئة كما بني وكذا حديث الدجال.<br />
ينظر: املصادر السابقة، وك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني، القره داغي، جملة الدعوة<br />
1841، ص<br />
،<br />
)1679(<br />
20، وما بعدها ، واملوسوعة الفقهية<br />
الكويتية )188/7(، وجملة جممع الفقه ، ع3 ج2 1093، وما بعدها.<br />
وابن اهلمام مل يذكر حديث الدجال ليقيس عليه مسألتنا بل ذكره دليالً على افرتاض الصلوات اخلمس وإن مل يوجد السبب افرتاضاً<br />
عاماً، ينظر: فقه األقليات املسلمة، خالد عبد القادر، ص240، بتصرف، وينظر: املصادر = =السابقة، وأسىن املطالب، لألنصاري<br />
)118/1(، واملستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )63/3(، وقال <strong>يف</strong> أايم الدجال: )تكون بقدر األوقات <strong>يف</strong> األايم<br />
املعتادة وال ينظر فيها إىل حركة الشمس ال بزوال وال بغروب وال مغيب شفق، وحنو ذلك، وهكذا كما قيل <strong>يف</strong> قوله: )وهلم رزقهم فيها<br />
بكرة وعشياً( وقال بعضهم يؤتون على مقدار البكرة والعشي <strong>يف</strong> الدنيا، وقيل: يعرف ذلك أبنوار تظهر من انحية العرش، كما يعرف<br />
ذلك <strong>يف</strong> الدنيا بنور الشمس(ا.ه .
وأما ك<strong>يف</strong>ية تقدير الصلوات <strong>يف</strong> هذا القسم فاختلفوا فيه:<br />
القول األول: أنه يقدر مغيب شفق أقرب البالد إليهم فإذا كان بعد ساعة من غروب الشمس مثالً ومدة الليل عندهم<br />
مثاين ساعات فيكون أول العشاء عندهم بعد ساعة من غروب الشمس، وهكذا ما مل يؤد ذلك إىل طلوع الفجر فحينئذ<br />
يقدر َبلنسبة. )1680(<br />
)1681(<br />
وهذا قول اجلمهور وهم بعض احلنفية واملالكية والشافعية.<br />
القول الثاين: أنه <strong>يف</strong>رتض وجود الوقت وإن كان وقتاً للصبح، فتكون قضاءً.<br />
أي: أنه جيب قضاء العشاء أبن يقدر أن الوقت – وهو سبب الوجوب – قد وجد كما يقدر وجوده <strong>يف</strong> أايم الدجال؛<br />
ألنه ال جيب بدون السبب، وهو قول بعض احلنفية )1682( ، واألظهر عندهم األول.<br />
والراجح األول؛ ألنه مبين على معيار حقيقي موجود ميكن االعتماد عليه <strong>يف</strong> حني أن الثاين بعيد لكونه تقدير قائم على<br />
فرض غري حمتاج إليه وهو تقدير أن الوقت قد وجد فالوقت موجود )1683( ، كما أن األول هو األقرب حلديث الدجال<br />
فتكون العشاء فيه أداء واملغرب قضاء النتهاء وقتها حسب التقدير وهبذا أخذ اجملمع الفقهي التابع للرابطة حيث حدد<br />
درجة 45<br />
للقياس عليها و<strong>يف</strong> هذا رفع للحرج وتيسري على الناس. )1684(<br />
وأما تقدير الصيام <strong>يف</strong> تلك البلدان:<br />
فإنه يقدر بصوم أقرب البالد أو بصوم مكة واملدينة على التفصيل السابق. )1685(<br />
لكن قد يكون الوقت قصرياً بني غروب الشمس وطلوع الفجر فيؤدي وجوب املواالة <strong>يف</strong> الصيام إىل اهلالك فالبد من<br />
التقدير كما <strong>يف</strong> الصالة.<br />
)1680(<br />
)1681(<br />
)1682(<br />
)1683(<br />
كما <strong>يف</strong> حتفة احملتاج، البن حجر اهليتمي )429/1(: )من ال شفق هلم يعترب أبقرب بلد إليهم ويظهر أن حمله ما مل يؤد اعتبار ذلك<br />
إىل طلوع فجر هؤالء أبن كان ما بني الغروب ومغيب الشفق عند هم بقدر ليل هؤالء ففي هذه الصورة ال ميكن اعتبار مغيب الشفق النعدام<br />
وقت العشاء حينئذ وإمنا الذي ينبغي أن ينسب وقت املغرب عند أولئك إىل ليلهم فإن كان السدس مثال جعلنا ليل هؤالء سدسه وقت املغرب<br />
وبقيته وقت العشاء وإن قصر جدا( ا.ه<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )19-18/2(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )83-82/1(، ومواهب اجلليل، للحطاب )18-17/2(،<br />
وأسىن املطالب، لألنصاري )118/1(، و حتفة احملتاج،)429/1(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )190/7(.<br />
املصادر السابقة، و<strong>يف</strong> املوسوعة الفقهية الكويتية: )اللجنة ترى أن األخذ َبلرأي الثاين أقرب إىل مقاصد الشريعة، أال وهو الذي<br />
يؤيده حديث الدجال(.<br />
ينظر: ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني، للقره داغي، جملة الدعوة<br />
1841، ص20<br />
، وما بعدها، وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية، العدد<br />
، 31<br />
ص369 ، وما بعدها، وفتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )157/4-3( وما بعدها، وفتاوى اللجنة الدائمة، مجع<br />
الدويش )130/6(.<br />
)1684(<br />
)1685(<br />
ينظر: فقه األقليات املسلمة، خالد عبد القادر، ص248<br />
، بتصرف.<br />
ومل خيالف أحد <strong>يف</strong> وجوب الصيام عليهم حىت إن بعض متأخري احلنفية كابن عابدين قال بوجوبه ملا مل يتعرض هلذه املسألة<br />
متقدموهم لتصبح مسألة جممع عليها لوجود السبب وهو شهود جزء من الشهر، و ينظر: املصدر السابق.
لكن هل يقدر ليلهم أبقرب البالد إليهم أو مبا يسع األكل والشرب أم جيب القضاء دون األداء؟<br />
قال ابن عابدين )1686( : "الكل حمتمل لكن ال ميكن القول هنا بعدم وجوب الصوم أصالً كالعشاء عند القائل فيها؛ ألن<br />
العلة فيه عدم وجود السبب وهنا وجد السبب، وهو شهود جزء من الشهر وطلوع فجر كل يوم".<br />
والراجح أنه مىت متيز وقت الليل والنهار فوقت الصوم من الفجر إىل الليل بنص القرآن فإذا كان وقت الليل قصرياً كما<br />
تقدم فتقدر أبقرب البالد ملا دلت عليه قواعد الشريعة من اليسر ورفع احلرج والسماحة؛ وألن خالف ذلك يؤدي لنوع<br />
من الوصال املنهي عنه بل قد يؤدي للهالك وهذا متعارض مع نصوص الشرع وقواعده ومقاصده.<br />
والقول بعدم وجوب الصيام <strong>يف</strong> هذه احلال وقضاؤه <strong>يف</strong> وقت يستع ليله له حظه من الوجاهة واالعتبار قياساً على املريض<br />
واملسافر. )1687(<br />
لكن الراجح هنا هو العمل َبلتقدير فيعتمدون على أوقات أقرب بلد إليهم يكون الليل فيه متسعاً لألكل والشرب؛ ألنه<br />
يعتمد على معايري منضبطة كما <strong>يف</strong> تقدير أوقات الصالة وال ضري <strong>يف</strong> إفطارهم قبل الليل للضرورة، كما أن أهل القطبني<br />
يصومون <strong>يف</strong> الليل إذا غلب تقديراً. )1688(<br />
وإذا مل يكن وقت الليل قصرياً جداً مبا يؤدي إىل اهلالك والضرر عند املواالة لكن طال النهار جداً كما لو وصل إىل<br />
عشرين ساعة مثالً كما <strong>يف</strong> بعض بالد أوروَب فهنا خالف على قولني عند املعاصرين:<br />
األول: وجوب الصيام للتمايز بني الوقتني ووجود زمن مناسب للفطر دون ضرر وعموم األدلة <strong>يف</strong> وقت الصوم ظاهرها<br />
يؤيد هذا فإن جمرد طول النهار ال يعد عذراً شرعياً يبيح الفطر فإن كان <strong>يف</strong> صومه ضرر ملرضه أو ضعفه وحنو ذلك<br />
ترخص َبلفطر؛ ألنه معذور.<br />
وهبذا أفتت هيئة كبار العلماء َبلسعودية والشيخ حسنني خملوف، وغريه. )1689(<br />
الثاين: أنه جيوز هلؤالء تقدير زمن صومهم أبقرب البالد املعتدلة إليهم أو مبكة أو املدينة.<br />
ألن صيام غالب اليوم كعشرين أو ثالث وعشرين ساعة وحنو ذلك تكل<strong>يف</strong> أتَبه مقاصد الشريعة ورمحة أرحم الرامحني،<br />
وهبذا أفتت دار اإلفتاء املصرية ملسلمي النرويج ومن شاهبهم. )1690(<br />
والراجح هو القول األول:<br />
)1686(<br />
)1687(<br />
)1688(<br />
<strong>يف</strong> حاشية رد احملتار )19-18/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />
ينظر: ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني، جملة الدعوة<br />
. 149<br />
، 1841 ص20<br />
)1689(<br />
وما بعدها.<br />
كما أفىت بذلك الشيخ شلتوت، وأفىت جممع الفقه أبنه يقدر اإلمساك <strong>يف</strong> الصوم حبسب آخر فرتة يتمايز فيها الشفقان، و ينظر:<br />
فتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم )157/4-3( وما بعدها، وفتاوى اللجنة الدائمة )130/6(.<br />
املصادر السابقة، وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية، عدد<br />
وفقه األقليات، خالد عبد القادر، ص<br />
، 31 ص 369<br />
، وما بعدها، وجملة الدعوة<br />
، 1841 ص20<br />
336<br />
)1690(<br />
املصدر السابق.<br />
، وما بعدها.<br />
، وما بعدها،
لظاهر النصوص الشرعية <strong>يف</strong> حتديد مدة الصيام كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
<br />
، )1691( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهؤالء يتميز<br />
عندهم الليل والنهار ويتبني هلم اخليط األبيض من األسود من الفجر، وقوله : ))إذا أقبل<br />
الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم(( )1692( ، فإهنا مل تفرق بني طول النهار وقصره،<br />
وقد َشلت كل مسلم وكل إقليم، و املعذور له الفطر لعذره.<br />
وهذا هو احلق الذي به جتتمع األدلة الشرعية وليس فيه منافاة ملقاصد الشريعة <strong>يف</strong> اليسر والتخف<strong>يف</strong> وسائر العبادات من<br />
احلج والزكاة، يعمل فيها َبلتقدير واحلساب كالصالة والصيام حلديث الدجال، كما تقدم وإرشاده فيه ألصحابه عن<br />
)1693(<br />
ك<strong>يف</strong>ية حتديد أوقات الصلوات <strong>يف</strong> تلك احلال وال فرق <strong>يف</strong> ذلك بني الصالة والصيام واحلج والزكاة.<br />
وقد صدر قرار من اجملمع الفقهي التابع لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> 1402/4/10ه جاء فيه:<br />
( تنقسم اجلهات اليت تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إىل ثالث:<br />
األوىل: تلك اليت يستمر فيها الليل أو النهار أربعاً وعشرين ساعة فأكثر حبسب اختالف فصول السنة ففي هذه<br />
احلال تقدر مواقيت الصالة والصيام وغريمها <strong>يف</strong> تلك اجلهات على حسب أقرب اجلهات إليها مما يكون فيها الليل<br />
والنهار متمايزين <strong>يف</strong> ظرف أربع وعشرين ساعة.<br />
الثانية: البالد اليت ال يغيب فيها شفق الغروب حىت يطلع الفجر حبيث ال يتميز شفق الشروق من شفق الغروب ففي<br />
هذه اجلهات يقدر العشاء اآلخرة واإلمساك <strong>يف</strong> الصوم وقت صالة الفجر حبسب آخر فرتة يتمايز فيها الشفقان.<br />
الثالثة: تلك البالد اليت يظهر فيها الليل والنهار خالل أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها األوقات إال أن اللي ل يط ول فيه ا<br />
<strong>يف</strong> فرتة من السنة طوالً مفرطاً ويطول النهار <strong>يف</strong> فرتة أخرى طوالً مفرطاً( فأوجبوا عليهم الصالة والصيام <strong>يف</strong> أوقاهتا املعروف ة<br />
)1694(<br />
ش رعاً لعم وم األدل ة <strong>يف</strong> ذل ك.<br />
)1691(<br />
)1692(<br />
)1693(<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
.187<br />
)1694(<br />
أخرجه البخاري، كتاب الصوم ، َبب مىت حيل فطر الصائم ، ص)153( رقم )1954(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )18/2(، ومواهب اجلليل، للحطاب )17/2(، وأسىن املطالب، لألنصاري )118/1(، واإلقناع<br />
للحجاوي )128/1(، وفتاوى اللجنة الدائمة،مجع الدويش )130/6( وما بعدها، وفتاوى حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )3-<br />
157/4( وما بعدها.<br />
ينظر: جملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية، العدد<br />
، 31 ص369<br />
، وما بعدها.<br />
و<strong>يف</strong> املوسوعة الفقهية الكويتية: )أما البالد اليت يقصر فيها وقت الظهر فيبلغ ظل الشيء مثله بعد زوال الشمس عن وسط السماء بوقت<br />
قصري ال يتمكن فيه املصلي من صالة الظهر فلم جند <strong>يف</strong> كتب الفقهاء نصاً على حكم هذه املسألة(. )190/7(.
املطلب العاشر<br />
الصالة <strong>يف</strong> الطائرات<br />
وذكر القره داغي <strong>يف</strong> جملة الدعوة ، ص24<br />
البالد إليها كما سبق.<br />
: أبنه ال خيتلف فيها عن تداخل الفجر مع العشاء فيقدر للظهر والعصر وقتاً حسب أقرب
املطلب العاشر: الصالة <strong>يف</strong> الطائرات.<br />
<br />
<br />
–<br />
لقد امنت هللا على عباده <strong>يف</strong> سورة النحل أبنواع املركوَبت -<br />
ومنها املستحدثة<br />
<strong>يف</strong> قوله:<br />
، وأشار إىل امتننانه مبركوَبت مل تلق ومل يعلمها املوجودون<br />
)1695(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1696(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<strong>يف</strong> زمن النيب <br />
فقوله:<br />
مقرتانً جبنس املركوَبت يدل على أنه من<br />
جنس ما يركب ، وقد شوهد ذلك <strong>يف</strong> إنعام هللا على عباده مبركوَبت مل تكن معلومة وقت نزول اآلية<br />
)1697(<br />
كالطائرات والقطارات والسيارات وغريها مما مل يكتشفه البشر بعد.<br />
وقد أقسم النيب - كما <strong>يف</strong> صحيح مسلم<br />
اآلن لالستغناء عنها َبملراكب املذكورة.<br />
–<br />
أبن اإلبل سترتك فال يسعى عليها )1698( ، وهو مشاهد<br />
والطائرة <strong>يف</strong> اجلو على منت اهلواء كالباخرة <strong>يف</strong> البحر على منت املاء وليس بينهما فرق له أثر <strong>يف</strong> احلكم؛ ألن<br />
كالً منهما سفينة متحركة ماشية على جرم؛ ألن اهلواء جرم إبمجاع احملققني من نظار املسلمني<br />
والفالسفة.<br />
ويتحقق صحة ذلك إذا نفخت قربة مثالً فإن الرائي يظنها مملوءة من املاء ولو كان اهلواء غري جرم ملا<br />
شغل الفراغ مبلء األوعية املنفوخة وبني اهلواء واملاء مناسبات كثرية حىت إن أحدمها لينتقل من عنصره إىل<br />
عنصر اآلخر أال ترى أن املاء إذا بلغ مائة درجة من درجات احلرارة تبخر فصار هواء. )1699(<br />
فإذا مل يكن بينهما فارق مؤثر <strong>يف</strong> احلكم فإن املسكوت عنه يدخل <strong>يف</strong> حكم املنطوق به فيما يعرف عند<br />
األصوليني َبإلحلاق بنفي الفارق وهو نوع من تنقيح املناط ويسميه الشافعي القياس <strong>يف</strong> معىن<br />
)1700(<br />
األصل.<br />
وقد دل الكتاب والسنة واإلمجاع على صحة الصالة <strong>يف</strong> السفينة كما سيأيت، وداللة القرآن على ذلك من<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قبيل داللة اإلشارة حيث امنت بركوب السفينة <strong>يف</strong> قوله :<br />
)1701( ، ومعلوم أنه ال يتيسر النزول َبلساحل عند كل صالة فالصالة فيها صحيحة قطعاً. )1702(<br />
)1695(<br />
)1696(<br />
)1697(<br />
)1698(<br />
سورة النحل اآلية:8<br />
سورة النحل اآلية:8<br />
.<br />
.<br />
)1699(<br />
)1700(<br />
ينظر: اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة، للشنقيطي، تعليق الطيار، ص14.<br />
فعن أيب هريرة مرفوعاً: ))وهللا لينزلن بن مرمي حكما عادال فليكسرن الصليب وليقتلن اخلنزير وليضعن اجلزية ولترتكن القالص فال<br />
يسعى عليها ولتذهنب الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إىل املال فال يقبله أحد(.<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان، َبب نزول عيسى بن مرمي حكماً بشريعة نبينا حممد ، رقم )243(.<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة، للشنقيطي، تعليق الطيار، ص14.
والصالة <strong>يف</strong> الطائرات كالصالة <strong>يف</strong> السفن؛ ألن الطائرة <strong>يف</strong> اجلو على منت اهلواء – كما تقدم<br />
على منت املاء )1703( ،وقد ذكر الفقهاء أبن السفينة ال تلو من حالني:<br />
األوىل: أن تكون واقفة.<br />
– كالباخرة<br />
وحينئذ إن كانت مستقرة فتصح الصالة فيها أبركاهنا وشروطها ولو أمكنه اخلروج منها؛ ألن حكمها<br />
كاألرض فإن أخل بشيء من ذلك مل جتزئه الصالة فيها لعدم العذر وإن كانت غري مستقرة فال تصح<br />
الصالة فيها مع إمكان اخلروج منها؛ ألهنا مبنزلة الدابة وال جيوز أداء الفرض على الدابة من غري عذر مع<br />
إمكان النزول. )1704(<br />
الثانية: أن تكون سائرة.<br />
فإن أمكنه اخلروج للشاط استحب له ذلك؛ ألنه خياف دوران الرأس فيها فيحتاج للقعود؛ وألن الصالة<br />
َبلشاط أقرب للخشوع وآمن من طراين املفاسد فإن مل خيرج أجزأه الصالة فيها قائماً بركوع وسجود<br />
)على اإلكمال(. )1705(<br />
؛ملا روي عن ابن سريين أنه قال: )صلينا مع أنس قعوداً ولو شئنا خلرجنا إىل احلد(. )1706(<br />
؛وألهنا مبنزلة األرض.<br />
؛وألن سريها غري مضاف إليه فال يكون منافياً للصالة خبالف الدابة. )1707(<br />
وجيب استقبال القبلة <strong>يف</strong> استفتاح الصالة و<strong>يف</strong> سائرها لقدرته وإذا دارت وهو يصلي فإنه يتوجه إىل القبلة<br />
حيث دارت عند اجلمهور. )1708(<br />
)1701(<br />
)1702(<br />
)1703(<br />
)1704(<br />
)1705(<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
املصدر السابق.<br />
.<br />
164<br />
كما ذكر ذلك الشيخ ابن َبز <strong>يف</strong> فتاواه )462/2( مجع عبد هللا الطيار وأمحد بن َبز.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، الكاساين )184/1(.<br />
ينظر: املصدر السابق، واملبسوط، للسرخسي )110/1(، والبحر الرائق، البن جنيم )309/1(، ومواهب اجلليل، للحطاب<br />
)480/3(، وحاشية الدسوقي )227/1(.<br />
)1706(<br />
هكذا أورده <strong>يف</strong> املبسوط )110/1(، و<strong>يف</strong> بدائع الصنائع )184/1(، وقال اهليثمي )163/2(: "عن أنس بن سريين قال: خرجت<br />
مع أنس بن مالك ... فأمنا قاعداً على بساط <strong>يف</strong> السفينة. رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري ورجاله ثقات". وورد أنه صلى قائماً كما <strong>يف</strong> سنن<br />
البيهقي )155/3(، ومصنف ابن أيب شيبة )69/2(، ومصنف عبد الرزاق )581/2(، وذكروا أبن أنساً سئل عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة<br />
فقال عبد هللا بن أيب عتبة موىل أنس: سافرت مع أيب سعيد اخلدري وأيب الدرداء وجابر وأانس مساهم فكان إمامنا يصلي بنا <strong>يف</strong> السفينة<br />
قائماً وحنن نصلي خلفه قياماً ولو شئنا ألرفأان وخرجنا(، وتقدمت ترمجة ابن سريين ص<br />
. 159<br />
)1707(<br />
)1708(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )184/1(، واملصادر السابقة.<br />
ينظر: املصادر السابقة، ودرر احلكام ملنال خسرو )132/1(، واجملموع للنووي )155/3(، وحاشيتا قليويب وعمرية )155/1(،<br />
وحتفة احملتاج، البن حجر اهليتمي )493/1(، وهناية احملتاج، للرملي )436/1(، ومطالب أويل النهى، للرحيباين )711/1(، وكشاف<br />
القناع، للبهويت )597/1(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )119/2(.
؛ألنه قادر على حتصيل هذا الشرط من غري تعذر فوجب عليه حتصيله وإن مل يقدر أجزأته صالته )1709( ،<br />
و<strong>يف</strong> وجه للحنابلة أنه ال جيب أن يدور كاملتنفل. )1710(<br />
وتصح الصالة قاعداً بركوع وسجود لعجزه عن القيام<br />
لكوهنا جارية وال يستطيع اخلروج منها ولو قام<br />
رأسه، وهذا َبتفاق الفقهاء )1711( ، فأركان الصالة تسقط للعجز عنها والسقوط بقدر الضرورة. )1712(<br />
)1713(<br />
وإذا كان قادراً على القعود بركوع وسجود فصلى َبإلمياء فال جيزئه َبالتفاق.<br />
لدار<br />
وإذا كان قادراً على القيام أو اخلروج للشط فصلى قاعداً بركوع وسجود فعند اجلمهور وصاحبا أيب حن<strong>يف</strong>ة<br />
أنه ال جيزئه ذلك.<br />
وعند أيب حن<strong>يف</strong>ة أنه جيزئه ذلك استحساانً. )1714(<br />
واستدل أبو حن<strong>يف</strong>ة مبا أييت:<br />
-1<br />
-2<br />
حديث أنس السابق.<br />
)سُئل أبو<br />
بكر وعمر رضي هللا عنهما عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة فقاال: إن كانت جارية<br />
فيصلي قاعداً وإن كانت سارية يصلي قائماً من غري فصل بني ما إذا قدر على القيام أو<br />
ال(. )1715(<br />
وألن سري السفينة سبب لدروان الرأس غالباً والسبب يقوم مقام املسبب إذا كان <strong>يف</strong><br />
الوقوف على املسبب حرج أو كان املسبب حبال يكون عدمه مع وجود السبب <strong>يف</strong> غاية<br />
الندرة فأحلقوا النادر َبلعدم وههنا عدم دوران الرأس <strong>يف</strong> غاية الندرة فسقط اعتباره. )1716(<br />
-3<br />
واستدل اجلمهور:<br />
-1 بقوله <br />
-2<br />
: ))فإن مل تستطع فقاعداً(( )1717( ، وهذا مستطيع للقيام.<br />
ومبا روي أنه ملا بعث جعفراً إىل احلبشة أمره أن يصلي <strong>يف</strong> السفينة قائماً إال أن خياف<br />
الغرق. )1718(<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: الفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندوس، حتقيق الرتكي )119/2(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )184/1(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
أخرجه احلسن بن زايد <strong>يف</strong> كتابه إبسناده عن سويد بن غفلة، ينظر: بدائع الصنائع )184/1(<br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة، َبب إذا مل يطق قاعداً صلى على جنب، ص)87(، رقم )1117(.<br />
)1709(<br />
)1710(<br />
)1711(<br />
)1712(<br />
)1713(<br />
)1714(<br />
)1715(<br />
)1716(<br />
)1717(
وألن القيام ركن <strong>يف</strong> الصالة فال يسقط إال بعذر ومل يوجد. )1719(<br />
وأبنه القياس ووجهه أن السفينة <strong>يف</strong> حقه كالبيت حيث ال يصلي فيه َبإلمياء تطوعاً مع<br />
القدرة على الركوع والسجود فكما إذا ترك القيام <strong>يف</strong> البيت مع قدرته عليه ال جيزئه <strong>يف</strong> أداء<br />
الفرض فكذلك <strong>يف</strong> السفينة؛ ألن سقوط القيام <strong>يف</strong> املكتوبة للعجز أو للمشقة وقد زال ذلك<br />
)1720(<br />
بقدرته على القيام أو على اخلروج.<br />
-3<br />
-4<br />
والراجح قول اجلمهور لقوة أدلتهم واملوقوف ال يقوى على معارضة املرفوع؛ وألنه ركن أمكن القيام به فال<br />
تصح الصالة من دونه والقياس يقتضي ذلك، وما روي عن أنس فمن أين هلم أنه صلى قاعداً وهو قادر<br />
على القيام؟!<br />
وبناءً على ما تقدم أفىت فقهاؤان املعاصرون جبواز الصالة على منت الطائرة؛ لعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب أداء<br />
الصالة إذا دخل وقتها وال فرق <strong>يف</strong> ذلك بني من كان <strong>يف</strong> الرب واجلو والبحر )1721(<br />
ومن – -كما تقدم<br />
ادعى بطالن الصالة فيها فعليه بيان دليل البطالن ومدعي الصحة معه األصل؛ ألهنا صالة مل خيتل منها<br />
ركن وال شرط وال دليل على بطالهنا من كتاب وال سنة وال إمجاع وال كالم أحد من أصحاب املذاهب.<br />
فإذا حان وقت الصالة والطائرة مستمرة <strong>يف</strong> طرياهنا وخيشى فوات وقت الصالة قبل هبوطها <strong>يف</strong> أحد<br />
املطارات وكانت الصالة اليت أدركته <strong>يف</strong> اجلو ال ميكن مجعها مع ما بعدها كالعصر والفجر فيلزمه أن<br />
يصليها <strong>يف</strong> الطائرة قبل خروج وقتها وليس له أتخريها إىل ما بعد الوقت.<br />
فيؤديها بقدر استطاعته ركوعاً وسجوداً وقياماً واستقباالً للقبلة، فإن استطاع أن يصلي قائماً صلى قائماً<br />
وإن مل يستطع صلى قاعداً ويكون مستقبل القبلة يدور معها حيث دارت ما أمكن، لقوله تعاىل: <br />
)1718(<br />
)1719(<br />
)1720(<br />
)1721(<br />
أخرجه الدراقطين )349/1(. وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )163/2(: )رواه البزار وفيه رجل مل يسم، وبقية رجاله ثقات وإسناده<br />
متصل( وقال <strong>يف</strong> تنقيح حتقيق أحاديث التعليق )318/1(: )فيه مقال فقال أبو حام الرازي والدارقطين: حسني بن علوان مرتوك، وقال<br />
ابن معني: كذاب وقال ابن عدي: يضع احلديث(.<br />
-462/2(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )184/1(.<br />
ينظر: املبسوط للسرخسي)110/1(.<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع أمحد الدويش )119/8- وما بعدها(، وجمموع فتاوى ابن َبز، مجع الطيار، وأمحد بن َبز<br />
وما بعدها(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>، حملمد بن صاحل العثيمني، مجع فهد السلمان، ص )380(، واملفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام<br />
املسافر، البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي ، ص )45( وما بعدها.
: ))إذا أمرتكم أبمر فأتوا منه ماستطتعم((. )1723( ، ولقوله<br />
، ولقوله )1722( <br />
<br />
<br />
<br />
للمريض: ))صل قائماً فإن مل تستطع فقاعداً فإن مل تستطع فعلى جنب((. )1724(<br />
أما إن علم أهنا ستهبط قبل خروج وقت الصالة بقدر يكفي ألدائها أو كانت مما جيمع مع غريه كالظهر<br />
مع العصر واملغرب مع العشاء وعلم أهنا ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي ألدائها، فاجلمهور<br />
على جواز أدائها <strong>يف</strong> الطائرة لوجوب األمر أبدائها بدخول وقتها حسب االستطاعة، وصوبت اللجنة<br />
الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ذلك واختار الشيخ ابن عثيمني أنه ينتظر حىت هتبط على األرض<br />
فيصلي ألنه أكمل وأم. )1725(<br />
وهو معذور على أتخريها <strong>يف</strong> الوقت ألدائها أبركاهنا وشروطها لقدرته على ذلك بعد هبوط الطائرة فال<br />
يسقط عنه وهو األقرب ما مل خيش فوات الوقت فال جيزئه على الصحيح أن يصلي <strong>يف</strong> الطائرة على تلك<br />
احلال مع اتساع الوقت وإمكان الوصول قبل خروج الوقت. إال إن كان قادراً على أدائها على اإلكمال<br />
فيصح كما تقدم <strong>يف</strong> السفينة واألفضل التأخري إىل النزول ألنه أقرب للخشوع وآمن من طراين املفسد وأم<br />
وأكمل، والسفر َبلطائرة أو غريها ليس عذراً لرتك اجلماعة <strong>يف</strong> الصالة لعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب ذلك<br />
لكن املسافر َبلطائرة له أحوال:<br />
.<br />
األوىل: أن يكون جبانبه<br />
– <strong>يف</strong> الكرسي –<br />
مسلم يريد الصالة فتجب اجلماعة <strong>يف</strong> حقهم َبلصفة السابقة.<br />
الثانية: أن يكون بينه وبني من يريد الصالة أماكن بعيدة فإن أمكنهم االجتماع لزمتهم اجلماعة و إال فال<br />
)1726(<br />
لكوهنم من أهل األعذار <strong>يف</strong> تركها.<br />
وهذا كله <strong>يف</strong> صالة الفريضة، أما النافلة فيصلي إىل جهة سري الطائرة وجيوز أن يصليها قاعداً مع قدرته<br />
على القيام واألفضل أن يصليها إىل القبلة إذا تيسر ذلك فإذا شق عليه صلى إىل جهة سريه؛ ألنه <br />
كان يصلي النافلة على راحلته حيث توجهت به. )1727(<br />
)1722(<br />
)1723(<br />
سورة التغابن، اآلية:<br />
.16<br />
)1724(<br />
)1725(<br />
)1726(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب االعتصام، َبب االقتداء بسنن رسول هللا ، ص )607( ، رقم )7288(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج،<br />
َبب فرض احلج مرة <strong>يف</strong> العمر، ص )901(، رقم )1337(.<br />
تقدم ترجيه ص<br />
.460<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة )119/8(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>، البن عثيمني )380(، واملفيد، البن جربين )45(.<br />
ينظر: اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة، للشنقيطي، تعليق الطيار، ص )41( ، بتصرف.
أن النيب كان يستقبل<br />
ويشر ع له أن يستقبل القبلة عند اإلحرام هبا؛ ألنه ورد <strong>يف</strong> حديث أنس )1728(<br />
القبلة عند إحرامه َبلنافلة إذا كان <strong>يف</strong> السفر. )1729(<br />
)1727(<br />
)1728(<br />
)1729(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوتر، َبب الوتر <strong>يف</strong> السفر، ص)78(، رقم )1000(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافر، َبب جواز صالة<br />
النافلة على الدابة <strong>يف</strong> السفر، ص )787(، رقم )700(.<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه، َبب استقبال القبلة َبلناقة عند اإلحرام )5/2(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.
املطلب احلادي عشر<br />
نكاح الكتابيات وإجراء العقد <strong>يف</strong> الكنائس
املطلب احلادي عشر: نكاح الكتابيات وإجراء العقد <strong>يف</strong> الكنائس.<br />
املسألة األوىل: املراد ابلكتابيات.<br />
الكتابيات نسبة إىل أهل الكتاب وهو مصطلح أطلق <strong>يف</strong> الكتاب والسنة على اليهود والنصارى بفرقهم املختلفة؛ ألهنم<br />
)1730(<br />
، <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أهل التوراة واإلجنيل كما قال تعاىل: <br />
فأهل التوراة اليهود و السامرة، وأهل اإلجنيل النصارى ومن وافقهم <strong>يف</strong> أصل دينهم من اإلفرنج واألرمن وغريهم.<br />
وهذا هو قول اجلمهور. )1731(<br />
وتوسع االحناف <strong>يف</strong> ذلك فقالوا: أهل الكتاب هم كل من يؤمن بنيب ويقر بكتاب ويشمل اليهود والنصارى ومن آمن<br />
)1732(<br />
بزبور داود وصحف إبراهيم وشيث وذكره القاضي وجهاً للحنابلة.<br />
)1733(<br />
؛ألهنم متسكوا بكتاب من كتب هللا عز وجل فأشبهوا اليهود والنصارى.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله سبحانه: <br />
)1734( ، عام <strong>يف</strong> كل كتاب.<br />
والصواب قول اجلمهور؛ لاية السابقة؛ وألن تلك الكتبكانت مواعظ وأمثال ال أحكام فيها فلم يثبت هلا حكم<br />
الكتب املشتملة على األحكام، وأما اآلية اليت ذكروها فعرف القرآن من أوله إىل آخره <strong>يف</strong> الذين أوتوا الكتاب أهنم أهل<br />
الكتابني خاصة وعليه إمجاع املفسرين والفقهاء. )1735(<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> الصابئة:<br />
فذهب أبو حن<strong>يف</strong>ة إىل أهنم من أهل الكتاب.<br />
وهو رواية عن أمحد وأحد الوجهني عند الشافعية. )1736(<br />
)1730(<br />
)1731(<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
. 156<br />
)1732(<br />
)1733(<br />
)1734(<br />
)1735(<br />
)1736(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )427/2(، واجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )78/3(، وشرح خمتصر خليل، للخرشي<br />
)227/3(، واألم، للشافعي )خمتصر املزين( ص )169(، وروضة الطالبني، للنووي )135/7(، واملغين، البن قدامة )546/9(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )134/4(، واملغين البن قدامة )547/9(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(، والفروع، البن<br />
مفلح، مع تصحيح املرداوي، وحاشية ابن قندس )253/8(.<br />
ينظر: املصادر السابقة، وروضة الطالبني، للنووي )135/7(.<br />
سورة املائدة،اآلية:<br />
. 5<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )428/2(، وتكملة اجملموع، للنووي، للمطيعي )231/17(.<br />
وقال الكاساين: "قيل : ليس هذا َبختالف <strong>يف</strong> احلقيقة، وإمنا االختالف الشتباه مذهبهم، فعند أيب حن<strong>يف</strong>ة هم قوم يؤمنون بكتاب فإهنم<br />
يقرءون الزبور وال يعبدون الكواكب ولكن يعظموهنا كتعظيم املسلمني الكعبة <strong>يف</strong> االستقبال إليها إال أهنم خيالفون غريهم من أهل الكتاب
والصحيح فيهم أهنم إن وافقوا اليهود والنصارى <strong>يف</strong> أصل دينهم فهم منهم وإن خالفوهم <strong>يف</strong> الفروع أما إن خالفوهم <strong>يف</strong><br />
أصل الدين فليسوا منهم وهو مذهب الشافعي واختاره ابن قدامة )1737( ، وأما اجملوس فعامة الفقهاء على أهنم ليسوا من<br />
أهل الكتاب وإن كانوا يعاملون معاملتهم <strong>يف</strong> قبول اجلزية فقط.<br />
ومل خيالف <strong>يف</strong> ذلك إال أَب ثور فاعتربهم من أهل الكتاب )1738 ؛(<br />
لقوله <br />
: ))سنوا هبم سنة أهل الكتاب((<br />
)1740(<br />
وألنه يروى عن حذ<strong>يف</strong>ة أنه تزوج جموسية؛ وألهنم يقرون َبجلزية فأشبهوا اليهود والنصارى.<br />
)1739 ؛(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واستدل اجلمهور على أهنم ليسوا من أهل الكتاب بقوله سبحانه: <br />
)1742( ، ومل<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1741( ، وقوله: <br />
من عداهم على العموم ومل يثبت أن للمجوس كتاَبً ولو كان<br />
الكتابني )التوراة واإلجنيل( لاية السابقة، وقوله <br />
هلم<br />
خيص من ذلك إال أهل الكتاب فيبقى<br />
كتاب فإن احلكم ال يثبت لغري أهل<br />
: ))سنوا هبم سنة أهل الكتاب(( دليل على أنه ال<br />
كتاب هلم وأهنم غريهم ولو كانوا منهم ملا توقف عمر <strong>يف</strong> أخذ اجلزية منهم حىت روي له هذا احلديث وهذا<br />
كله على فرض صحة احلديث، والصحيح ضعفه فال حجة، ومل يثبت أن حذ<strong>يف</strong>ة تزوج جموسية وقد َضعَّ َف<br />
أمحد ذلك، وجاءت الرواايت متعارضة فقد نقل أهنا يهودية ونقل أهنا نصرانية ومع التعارض ال يثبت حكم<br />
أحدها دون مرجح، مث إنه لو ثبت ذلك عن حذ<strong>يف</strong>ة فإنه ال حجة فيه ملخالفته الكتاب وقول سائر<br />
العلماء.<br />
أما إقرارهم<br />
ونسائهم. )1743(<br />
َبجلزية فألننا َغلَّبْنَا حكم التحرمي لدمائهم فيجب أن يغلب حكم التحرمي <strong>يف</strong> ذَبئحهم<br />
)1737(<br />
)1738(<br />
<strong>يف</strong> بعض دايانهتم وذا ال مينع املناكحة كاليهود مع النصارى، وعند أيب يوسف وحممد أهنم قوم يعبدون الكواكب، وعابد الكواكب كعابد<br />
الوثن فال جيوز للمسلمني مناكحاهتم" ا.ه ،<br />
و ينظر: املغين، البن قدامة )546/9(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )546/9(، وأبو ثور هو : إبراهيم بن خالد الكليب البغدادي الفقيه مفيت العراق أبوعبدهللا<br />
ولد عام 170ومسع من سفيان بن عيينه ووكيع وحدث عنه أبوداود وابن ماجه ، قال أمحد : أعرفه َبلسُنة منذ مخسني<br />
سنة ، وقال ابن حبان : كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضالً ، كان يقول َبلرأي مث رجع عنه للحديث بعد<br />
قدوم الشافعي واختالفه عليه كما قال اخلطيب ، تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong><br />
240<br />
)1739(<br />
)1740(<br />
)1741(<br />
)1742(<br />
)1743(<br />
ه ينظر: سري أعالم النبالء )72-12( .<br />
أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ، كتاب الزكاة، َبب جزية أهل الكتاب واجملوس، حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي )233/1(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )428/2(، واجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )77/3(، وعقد اجلواهر، البن شاس )54/2(،<br />
وروضة الطالبني، للنووي )135/7(، واملغين، البن قدامة )546/9(.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة املمتحنة، اآلية:<br />
. 221<br />
. 10<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )548-547/9(، وتكملة اجملموع للنووي،<br />
للمطيعي )229/17(.
املسألة الثانية: حكم نكاح الكتابيات.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أمجع الفقهاء على حترمي نكاح غري الكتابيات )1744( ، لقوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1745(<br />
<br />
، وحترمي نكاح املسلمة بغري املسلم لقوله سبحانه<br />
. )1747( <br />
<br />
<br />
، وقوله: )1746( <br />
<br />
)1748(<br />
واتفق األئمة األربعة ومجاهري األمة على حل نكاح املسلم للكتابية احلرة.<br />
ونقل عن ابن عمر واهلادي من الزيدية واإلمامية من الشيعة القول بتحرميها. )1749(<br />
األدلة:<br />
استدل اجملوزون: َبلكتاب والسنة وإمجاع الصحابة.<br />
أوالً: الكتاب.<br />
)1750(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهو قوله تعاىل: <br />
فقد<br />
عطف هللا احملصنات<br />
<strong>يف</strong> اآلية على الطيبات املصرح حبلها <strong>يف</strong> صدر اآلية، واحملصنات معناها احلرائر أو العف<strong>يف</strong>ات فتكون اآلية<br />
دليالً على حل احلرائر أو العف<strong>يف</strong>ات من أهل الكتاب؛ ألن قضية العطف التشريك <strong>يف</strong> احلكم، وهذه اآلية<br />
<br />
<br />
<br />
حمكمة ليس مبنسوخ حكمها على القول بعدم تناول آية البقرة –<br />
وهي قوله تعاىل:<br />
)1751( - للكتابيات إذ تكون كل من اآليتني جار على أفراده، وعليه فال نسخ وال<br />
<br />
<br />
)1744(<br />
)1745(<br />
ينظر: املصدر السابق، وبدائع الصنائع، للكاساين )427/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، واجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب<br />
)76/3(، والكا<strong>يف</strong>، البن عبد الرب )543/2(، وبداية اجملتهد، البن رشد )81/3(، وروضة الطالبني، للنووي)135/7(.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 221<br />
)1746(<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 221<br />
)1747(<br />
سورة املمتحنة، اآلية:<br />
. 10<br />
)1748(<br />
)1749(<br />
)1750(<br />
السابقة.<br />
ينظر: تكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، واملغين، البن قدامة )547/9(، واإلفصاح، البن هبرية )116/2(،واملصادر<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )126/4(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، واملغين، البن قدامة )547/9(، وأحكام<br />
أهل الذمة، البن القيم )795/2(.<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
.<br />
5<br />
)1751(<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 221
تصيص، وعلى أن آية البقرة متناولة للكتابيات تكون هذه اآلية خمصصة للعموم أو انسخة على اخلالف<br />
املعروف <strong>يف</strong> علم األصول. )1752(<br />
والصحيح أن املراد َبحملصنات <strong>يف</strong> اآلية العفائف لوجوه:<br />
أحدها: أن احلرية ليست شرطاً <strong>يف</strong> نكاح املسلمة.<br />
<br />
الثاين: أنه ذكر اإلحصان <strong>يف</strong> جانب الرجل كما ذكره <strong>يف</strong> جانب املرأة فقال: <br />
وال شك أن هذا إحصان عفة فكذلك اإلحصان املذكور <strong>يف</strong> جانب املرأة.<br />
<br />
<br />
الثالث: أنه سبحانه ذكر الطيبات من املطاعم والطيبات من املناكح فقال سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
والزانية خبيثة بنص القرآن،<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل حرم على عباده اخلبائث )1753( ، وشنع على نكاح الزانية <strong>يف</strong> قوله: <br />
. )1754(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد بني ابن القيم رمحه هللا بطالن القول إبَبحة تزوج الزواين من أكثر من عشرين وجهاً. )1755(<br />
الرابع: "حىت ال جيتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غري عف<strong>يف</strong>ة ف<strong>يف</strong>سد حاهلا َبلكلية ويتحصل<br />
زوجها على ما قيل <strong>يف</strong> املثل: )حشفاً وسوء كيلة( ". )1756(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
اخلامس: أنه الظاهر من اآلية؛ ألنه قال <strong>يف</strong> اآلية األخرى: <br />
)1758()1757(<br />
<br />
)1752(<br />
)1753(<br />
)1754(<br />
)1755(<br />
)1756(<br />
)1757(<br />
)1758(<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )324/2(، وبدائع الصنائع، للكاساين )426/2(، وحاشية ابن عابدين )128/4(، وبداية<br />
اجملتهد، البن رشد )81/3(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، واملغين، البن قدامة )547/9(، وأحكام أهل الذمة،<br />
البن القيم )795/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض )306/6(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )794/2(.<br />
سورة النور، اآلية:<br />
. 3<br />
كما ذكر ذلك <strong>يف</strong> املصدر السابق، وقد ذكرها <strong>يف</strong> إغاثة اللهفان )67-65/1( وزاد املعاد )115-114/5(.<br />
تفسري ابن كثري )28/2(.<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
املصدر السابق.<br />
.25
اثنياً: السنة، وهي:<br />
ما رواه جابر بن عبد هللا عن رسول هللا <br />
أنه قال: ))نتزوج نساء أهل الكتاب وال يتزوجون<br />
نساءان((. )1759(<br />
وعن عمر بن اخلطاب قال: ))املسلم يتزوج النصرانية، وال يتزوج النصراين املسلمة((. )1760(<br />
فدل ما تقدم على حل الكتابي ة للمس لم، وأي ده فع ل بع ض الص حابة، فق د تزوج وا بكتابي ات ومل ينك ر<br />
)1761(<br />
بعضهم على بعض ، كما روي عن عمر وعثمان وغريمها من الصحابة القول إبَبحتهن.<br />
اثلثاً: إمجاع الصحابة. )1762(<br />
اثنياً:<br />
أما الكتاب:<br />
استدل احملرمون َبلكتاب، واألثر، و املعقول:<br />
)1763( ، وج ه الدالل ة أن هللا تع اىل ح رم<br />
<br />
<br />
<br />
ف أوالً: قول ه تع اىل: <br />
املش ركات َبلنه ي ال وارد <strong>يف</strong> اآلي ة، والكتابي ة مش ركة فيح رم نكاحه ا، وتش هد اللغ ة والكت اب والس نة<br />
بشرك الكتابية.<br />
)1759(<br />
)1760(<br />
أخرجه ابن جرير )378/2(، وقال: )هذا اخلرب وإن كان <strong>يف</strong> إسناده ما فيه فالقول به إلمجاع اجلميع على صحة القول به أوىل(،<br />
والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )198/5(، وابن كثري )319/1(.<br />
أخرجه ابن جرير )378/2(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،َبب نكاح نساء أهل الكتاب )78/6(، رقم 10085، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر<br />
املنثور )198/5(.<br />
)1761(<br />
رواه اخلالل إبسناده، كما <strong>يف</strong> املغين )545/9(، وأخرجه عبد الرزاق <strong>يف</strong> كتاب النكاح وكتاب أهل الكتاب، َبب نكاح نساء أهل<br />
الكتاب )78/6(، )10058(، وابن أيب شيبة <strong>يف</strong> َبب من رخص <strong>يف</strong> نكاح نساء أهل الكتاب )475/3(، َبب )39(، والبيهقي <strong>يف</strong><br />
َبب ما جاء <strong>يف</strong> حترمي حالئل أهل الشرك )170/7(، وقال ابن املنذر: )ال يصح عن أحد من األوائل أنه حرم ذلك(، و ينظر: تكملة<br />
اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، وقد نكح عثمان نصرانية، ونكح حذ<strong>يف</strong>ة يهودية، وسئل جابر عن نكاحهن فقال: تزوجناهن<br />
َبلكوفة عام الفتح فلما انصرفنا طلقناهن نساؤهم حل لنا ونساؤان حيرمن عليهم، املصدر السابق، وروي أن حذ<strong>يف</strong>ة بن اليمان وطلحة<br />
بن اجلارود بن املعلى وأذينة العبدي تزوجوا نساء من أهل الكتاب و ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )324/2(، وحاشية ابن<br />
عابدين )126/4(، واملغين، البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي<br />
.)229/17(<br />
)1762(نقله ابن املنذر وابن قدامة ، كما <strong>يف</strong> املصادر السابقة.
أم ا اللغ ة فك ون الش رك معن اه اإلش راك ب ني ش يئني، وم ن جعل ت عيس ى أو عزي راً ابن اً هلل فق د أش ركت<br />
مع ه غ ريه <strong>يف</strong> العبودي ة، وأم ا الكت اب فق د نط ق بش ركها <strong>يف</strong> قول ه تع اىل:<br />
<br />
<br />
<br />
، ونس ب إل يهم الق ول َبالبني ة هلل، وه و ع ني الش رك ق ال تع اىل: <br />
)1764( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1765( ، وك ذلك الس نة الص حيحة<br />
وص فتهم َبلش رك، فق د روي ع ن اب ن عم ر أن ه ك ان إذا س ئل ع ن نك اح الرج ل النص رانية أو اليهودي ة<br />
ق ال: ح رم هللا املش ركات عل ى امل ؤمنني، وال أعل م ش يئاً م ن اإلش راك أعظ م م ن أن تق ول امل رأة: رهب ا<br />
عيسى، وهو عبد من عباد هللا. )1766( ، فصرح احلديث بشركهم، ونطق بعل ة تس ميتهم، وكي ف ال تك ون<br />
الكتابي ة مش ركة وق د ت وفرت فيه ا عل ة النه ي املقتض ية للتح رمي وحتق ق فيه ا الوص ف ال ذي نعت ت ب ه<br />
املشركات<br />
)1767(<br />
<strong>يف</strong> قوله تعاىل:<br />
)1768(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واستدلوا اثنياً من الكت اب بقول ه تع اىل:<br />
، )1769(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وج ه الدالل ة: أن<br />
ه ذا هن ي ع ن إبق اء الك افرة <strong>يف</strong> عص مة املس لم، فاقتض ى النه ي ع ن ابت داء نكاحه ا والكتابي ة داخل ة <strong>يف</strong><br />
مسمى الكوافر. )1770(<br />
واستدلوا اثلثاً َبألثر:<br />
وه و م ا روي أن عم ر ب ن اخلط اب رض ي هللا عن ه ف َ َّر َق ب ني م ن تزوج وا بكتابي ات وأزواجه ن، وح ني<br />
نك ح طلح ة يهودي ة، وحذ<strong>يف</strong> ة ب ن اليم ان نص رانية غض ب غض باً ش ديداً فق الوا: نطل ق اي أم ري امل ؤمنني<br />
)1771(<br />
فال تغضب فقال: "إن حَلَّ طالقهن فقد َحلَّ نكاحهن، ولكن أنتزعهن منكم".<br />
)1763(<br />
)1764(<br />
)1765(<br />
)1766(<br />
)1767(<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة يونس، اآلية:<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
. 221<br />
. 18<br />
. 30<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الطالق، َبب قوله تعاىل )وال تنكحوا املشركات حىت يؤمن(، ص )456(، رقم<br />
.)5285(<br />
)1768(<br />
)1769(<br />
)1770(<br />
)1771(<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )324/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، واملغين، البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل<br />
الذمة، البن القيم )795/2(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة املمتحنة، اآلية:<br />
املصادر السابقة.<br />
. 221<br />
.<br />
10<br />
أخرجه ابن جرير )377/2(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )248/12(، وقال ابن كثري )319/1(: )حديث غريب جداً وهذا األثر غريب<br />
عن عمر( ، وقال ابن جرير بعد حكايته اإلمجاع على إَبحة تزويج الكتابيات )وإمنا كره عمر ذلك لئال يزهد الناس <strong>يف</strong> املسلمات(.
فدل هذا على عدم جو از نكاح الكتابيات للمس لمني؛ ألن ه ل و ك ان نك احهن ح الالً ج ائزاً مل ا غض ب<br />
عمر، وألنكر عليه الصحابة، ولصح طالقهن، فتفريقه وعدم إجازته الطالق دليل على احلرمة. )1772(<br />
واستدلوا َبملعقول من وجهني:<br />
<br />
<br />
<br />
أوهلم ا: أن الكتابي ة ام رأة تع ارض دلي ل حله ا، وه و قول ه تع اىل: <br />
)1774( ، و<strong>يف</strong><br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1773( ، م ع دلي ل حترميه ا، وه و قول ه تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
مثل هذا يلزم الرجوع إىل األصل، وهو التحرمي؛ ألن األبض اع مم ا يل زم االحتي اط فيه ا فيح رم نك اح الكتابي ة<br />
لذلك.<br />
اثنيهما: أن الكتابية متمسكة بكتاب دار أمر القول فيه بني حالني مها التغيري أو النس خ، واملغ ري ت زول عن ه<br />
صفة الكتاب واملنسوخ ترتفع أحكامه، وحينئذ يكون ال فرق بينه وبني ما مل يكن، وعليه تكون الكتابية <strong>يف</strong><br />
حك م م ن ال كت اب هل ا، وم ن ه ذا ش أهنا ال حي ل نكاحه ا لتحق ق ال نقص الف احش فيه ا فس اوت عاب دة<br />
الوثن. )1775(<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
نوقشت أدلة القول األول مبا أييت:<br />
-1<br />
عدم التسليم بتفس ري احملص نات َبحلرائ ر أو العف<strong>يف</strong> ات، وتفس ريها َبملس لمات؛ ألن امل راد هب ن ال اليت ك ن<br />
<br />
كتابيات فأسلمن. اس تناداً إىل قول ه تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقوله: )1776( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وإىل أن الص حابة قب ل ن زول آي ة املائ دة ك انوا يتحرج ون ع ن ال زواج َبلكتابي ات<br />
)1777( <br />
<br />
<br />
الاليت أسلمن فأنزل هللا هذه اآلية بياانً حللهن. )1778(<br />
وأجيب عن ذلك:<br />
)1772(<br />
)1773(<br />
)1774(<br />
)1775(<br />
)1776(<br />
)1777(<br />
)1778(<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها.<br />
سورة املائدة،اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 5<br />
. 221<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين 126-4و أحكام القرآن، للجصاص )324/2(.<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
. 114-113<br />
. 199
أبن تفسري احملصنات َبملسلمات غري صحيح من وجوه متعددة:<br />
<br />
الوج ه األول: أن هللا تع اىل ق د ذك ر املؤمن ات <strong>يف</strong> قول ه: <br />
قبله ا<br />
ف انتظم <strong>يف</strong> ه ذا س ائر املؤمن ات مم ن ك ن كتابي ات أو مش ركات فأس لمن وم ن نش أن عل ى دي ن<br />
اإلس الم، ف إذا عط ف بع د ذل ك احملص نات م ن ال ذين أوت وا الكت اب مل يك ن م ن اجل ائز أن ي راد<br />
َبجلمل ة املعطوف ة م ا أفادت ه اجلمل ة قبله ا إذ املؤمن ات ال اليت ك ن كتابي ات إن ك ن ق د انقرض ن ف ال<br />
فائدة؛ ألنه ال يتصور اخلطاب حبل األموات للمخاطبني األحي اء، وإن ك ن أحي اء، ودخل ن <strong>يف</strong> دي ن<br />
اإلس الم فاحل ل معل وم م ن اجلمل ة قبله ا، وال حاج ة إىل التك رار وال إىل خل و الك الم ع ن الفائ دة؛<br />
ألنه عبث عليه تعاىل حمال.<br />
الوج ه الث اين: أن <strong>يف</strong> الق ول هب ذا التأوي ل ال ذي ذه ب إلي ه اب ن عم ر ص رف اللف ظ ع ن ظ اهره ب ال<br />
مقتض، وهو غري جائز.<br />
الوجه الثالث: أن تفسري احملصنات َبملس لمات تفس ري إرادة ال لغ ة أم ا تفس ريها َبلعف<strong>يف</strong> ات فتفس ري<br />
لغ ة؛ ألن اإلحص ان <strong>يف</strong> اللغ ة عب ارة ع ن املن ع، ومع ىن املن ع حيص ل َبلعف ة والص الح كم ا حيص ل<br />
َبحلري ة واإلس الم، والنك اح إذا الك ل م انع<br />
للم رأة ع ن ارتك اب الفاحش ة، فيتن اوهلن عم وم<br />
احملص نات، ومم ا ي رجح تفس ريها َبلعف<strong>يف</strong> ات ورود اإلحص ان مبع ىن العف ة <strong>يف</strong> ك الم هللا تع اىل:<br />
<br />
.<br />
<br />
<br />
الوجه الرابع: عدم قول أحد من أهل العلم أبن املراد م ن قول ه تع اىل: <br />
<br />
طعام م ن ك انوا أه ل كت اب فأس لموا م رجح لع دم تفس ري احملص نات م ن الل ذين أوت وا الكت اب "مب ن<br />
ك ن أه ل كت اب فأس لمن" وكي ف ي راد ذل ك وقول ه: واحملص نات م ن ال ذين أوت وا الكت اب تفي د<br />
حصول الوصف <strong>يف</strong> حال اإلَبحة وهو منفي على تلك اإلرداة.<br />
<br />
<br />
<br />
أم ا أتيي د امل دعي دع واه مب ا ورد <strong>يف</strong> اآليتني: <br />
اآلية فال <strong>يف</strong>يده؛ ألن تقييدمها َبإلميان دليل على أنه مل يرد هبم أهل الكت اب عن د اإلط الق ب ل أراد<br />
هب م طائف ة معين ة م نهم ، ذل ك ألن لف ظ أه ل الكت اب إذا أطل ق م ن غ ري تقيي د انص رف إل يهم م ن<br />
غ ري إرادة م ن أس لم م نهم، ف إن أري د ن وع آخ ر ج اء اللف ظ مقي داً دون إط الق كم ا <strong>يف</strong> اآليت ني<br />
املذكورتني، وعليه فذكر آية املائدة مطلق ة ال مقي دة ي دل عل ى أن امل راد أبه ل الكت اب فيه ا حقيق ة<br />
اللفظ عند اإلطالق. )1779(<br />
)1779(<br />
ينظر:حاشية ابن عابدين<br />
126، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، واملغين، البن قدامة )545/9(، وأحكام<br />
-4<br />
أهل الذمة، البن القيم )795/2(.
كما نوقش هذا الدليل:<br />
أبن آي ة املائ دة منس وخة آبي ة البق رة فجعل وا ال يت <strong>يف</strong> البق رة ه ي الناس خة وال يت <strong>يف</strong> املائ دة ه ي<br />
املنسوخة يعين فحرموا نكاح كل مشركة كتابية أو<br />
وأجيب عن ذلك:<br />
غريكتابية. )1780(<br />
مبنع نسخ آية املائدة آبية البقرة، ألن البقرة من أول ما نزل َبملدينة، واملائ دة م ن آخ ر م ا ن زل هب ا،<br />
واملت أخر ينس خ املتق دم، وعل ى تس ليم ك ون آي ة املائ دة منس وخة ال ي تم ال دليل إال إذا كان ت آي ة<br />
البقرة الناس خة عام ة <strong>يف</strong> الوثني ات والكتابي ات، وليس ت ك ذلك ل ورود العط ف املقتض ي للمغ ايرة <strong>يف</strong><br />
، )1781( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
غ ري آي ة م ن الق رآن مث ل <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله: <br />
)1782( ، وحىت على القول َبلعم وم<br />
-3<br />
تكون آي ة املائ دة خمصص ة آلي ة البق رة أو انس خة ، والعك س ممتن ع، مث ال يعك ر ذل ك عل ى ال دليل؛<br />
ألنه ما مل يكن سبيل إىل التوفيق بني تلك اآليتني إال بذلك وجب املصري إليه. )1783(<br />
أن الرواي ة ع ن عم ر مض طربة، فف ي بعض ها الق ول َبحل ل، و<strong>يف</strong> أخ رى تفريق ه ب ني م ن ت زوج<br />
بكتابيات وب ني أزواجه ن، وم ع االض طراب ال يؤخ ذ بقول ه، وميك ن أتوي ل احل ديث األول أبن ذل ك<br />
كان <strong>يف</strong> زمن قلة النساء املؤمنات <strong>يف</strong> ابتداء <strong>اإلسالم</strong>.<br />
وأجيب:<br />
أبن الرواية الصحيحة عن عمر هي الناطقة حبل ت زويج املس لم للنص رانية، وه ي ن ص، ف ال يعارض ها<br />
غريه ا، وال دليل عل ى ذل ك أن بعض اً م ن الص حابة أق دموا عل ى الت زوج بكتابي ات م نهم طلح ة<br />
وكع ب ب ن مال ك وعثم ان ب ن عف ان، وك ذا خط ب املغ رية ب ن ش عبة هن د بن ت النعم ان ب ن املن ذر ،<br />
وكان ت تنص رت، وثب ت ع ن الص حابة طالقه م للكتابي ات وه و دلي ل عل ى ح ل نك احهن، والق ول<br />
أبن م ا ورد ع ن الص حابة حمم ول عل ى زم ن قل ة النس اء املؤمن ات ال يس تند إىل دلي ل وإمن ا يعتم د<br />
علي ه ل و مل يك ن كت اب أو س نة واردي ن َبحل ل، وغاي ة م ا <strong>يف</strong>ي د ه ذا احل ل ه و كراهي ة الكتابي ات ال<br />
املصادر السابقة.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة البينة، اآلية:<br />
املصادر السابقة.<br />
. 105<br />
.<br />
1<br />
)1780(<br />
)1781(<br />
)1782(<br />
)1783(
حرمتهن على املسلمني، وقد قال َبحلل مع الكراهة، وأبنه خالف األوىل املالكي ة واحلنفي ة، وعلل وا<br />
الكراهة أبن الكتابية تشرب اخلمر، وأتكل اخلنزير، فال تؤمن على تربية أوالدها. )1784(<br />
ونوقشت أدلة القول الثاين:<br />
أبن اآلية األوىل متنع كون الكتابية مشركة من وجوه:<br />
أوهل ا: أن يُصْ رَف م ا ورد م ن وص فهم َبلش رك إىل غ ري احلقيق ة أب ن يق ال أطل ق لف ظ الش رك علي ه<br />
َبعتبار فعلهم كما صح أن يطلق على املرائي بفعله.<br />
أما الوجه الثاين: أن يوج ه ال وارد أبن اليه ود والنص ارى ملَّا ابت دعوا الش رك م ن عن دهم م ع أن ه ل يس<br />
م ن أص ل دي نهم ش رك<br />
–<br />
إذا األص ل في ه اتب اع الكت ب املنزل ة ال يت وردت َبلتوحي د<br />
ص ح إط الق –<br />
اس م الش رك عل يهم، وك ون العل ة امل ذكورة <strong>يف</strong> عج ز اآلي ة احملرم ة للمش ركات متحقق ة <strong>يف</strong> الكتابي ة ال<br />
جتعلهم ا متح دتني <strong>يف</strong> احلقيق ة، ف الفرق بينهم ا فيه ا مق رر مع روف فض الً عم ا <strong>يف</strong> املش ركة م ن<br />
االش تهار َبلع داوة الديني ة والتظ اهر َبملخالف ة، وليس ت الكتابي ة ك ذلك، ألهن ا رض يت َبلقه ر<br />
والغلبة على أمرها، ودفعت اجلزية نظري أماهنا.<br />
<br />
<br />
ول و جرين ا عل ى الق ول القائ ل يك ون قول ه تع اىل: <br />
عل ة لقول ه:<br />
خلرج ت<br />
العل ة امل ذكورة ع ن داللته ا إذ تك ون عل ة لألفض لية واخلريي ة<br />
<br />
)1785(<br />
ال للتحرمي، وعليه فال اشرتاك بني املشركة والكتابية <strong>يف</strong> العلة، فال حترم الكتابية.<br />
وقد فرق هللا تعاىل بني املشركني وأهل الكتاب <strong>يف</strong> مواضع من كتابه، كما سبق، فلفظ املشركني ال يطلق<br />
على أهل الكتاب، وإمنا على غريهم من اجملوس والوثنيني، وقد أطلق <strong>يف</strong> القرآن على الوثنيني من العرب<br />
خاصة وخص اليهود والنصارى أبهل الكت اب ليق ع التم ايز بي نهم وال يع ين ه ذا أن أه ل الكت اب ليس وا<br />
مشركني؛ ألن القرآن صرح ببيان ذلك حيث عبدوا املسيح واألحبار والرهبان وقالوا: إن هللا اثلث ثالثة<br />
وإن املسيح ابن هللا تعاىل هللا عن ذلك.<br />
الوجه الثالث: أن لف ظ املش ركني عل ى ف رض تناول ه أله ل الكت اب تك ون آي ة البق رة عام ة <strong>يف</strong> النه ي ع ن<br />
نكاح املشركات سواء ك ن وثني ات أو كتابي ات، وآي ة املائ دة خاص ة <strong>يف</strong> ح ل الكتابي ات واخل اص يقض ى<br />
به على العام. )1786(<br />
وأما ما نقل عن ابن عمر فقد انفرد به عن سائر الصحابة فال يعتد به . )1787(<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها، املدونة )220-219/2(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(.<br />
)1784(<br />
)1785(<br />
)1786(
ونوقش استدالهلم َبآلية الثانية أبمرين:<br />
أوهلم ا: أن قول ه تع اىل:<br />
<br />
<br />
<br />
ال الم <strong>يف</strong> الك وافر لتعري ف العه د،<br />
واملعه ودات ك ن مش ركات عب دة أواثن أو اآلي ة نزل ت <strong>يف</strong> مش ركات احلديبي ة، وعلي ه ف ال تتن اول اآلي ة<br />
الكتابيات، وعلى أن اخلطاب متوجه ملن كان <strong>يف</strong> عصمتهكافرة مشركة اتركاً هلا بدار احل رب ت رج اآلي ة<br />
عن الداللة، وقد فهم الصحابة رضوان عليهم منها ذلك، فطلق عمر امرأتني كانت ا مش ركتني مبك ة ح ني<br />
نزلت اآلية َبحلديبية.<br />
اثنيهم ا: أن اآلي ة نزل ت َبحلديبي ة ح ني ه اجر رس ول هللا إىل املدين ة، وأن زل هللا س ورة املمتحن ة، وفيه ا<br />
األمر َبمتحان املهاجرات، فهي واردة <strong>يف</strong> ذلك، مث أنزل هللا حل الكتابي ات بع د ذل ك <strong>يف</strong> آي ة أخ رى <strong>يف</strong><br />
سورة املائدة هي قوله تعاىل: <br />
ونوقش استدالهلم َبألثر:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، فتكون خمصصة هلا. )1788(<br />
أبن املروي عن عمر غري جيد وقال ابن كثري: إن ه غري ب. )1789( ، ويعارض ه م ا روي عن ه أن ه ق ال لل ذين<br />
تزوجوا من الكتابيات: )طلقوهن، فطلقوهن إال حذ<strong>يف</strong>ة، فقال له عم ر: طلقه ا ق ال: تش هد أهن ا ح رام؟<br />
قال: هي مجرة طلقه ا، فلم ا ك ان بع د طلقه ا، فقي ل ل ه: أال طلقته ا ح ني أم رك عم ر؟ ق ال: كره ت أن<br />
)1790(<br />
يرى الناس أين ركبت أمراً ال ينبغي يل(.<br />
فنط ق ه ذا األث ر <strong>يف</strong> هنايت ه بع دم حرم ة الكتابي ة، ودل عل ى ع دم التح رمي أيض اً طل ب عم ر الط الق م ن<br />
املت زوجني. )1791( ، ف القول إبَبح ة نك احهن ه و األص ح ول و ثب ت عن ه التح رمي فإن ه مع ارض خبالف ه<br />
وَبلكتاب والسنة كما تقدم.<br />
)1787(<br />
وقال ابن املنذر: )ال ح<strong>يف</strong>ظ عن أحد من األوائل أنه حرم ذلك(<br />
،<br />
.)229/17(<br />
)1788(<br />
)1789(<br />
)1790(<br />
ينظر: املصادر السابقة ه1و2 ص<br />
تقدم ترجيه ص<br />
.477<br />
472<br />
، وترمجة ابن كثري ص<br />
. 35<br />
)1791(<br />
ينظر: املصادر السابقة، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي<br />
رواه اخلالل <strong>يف</strong> أحكام أهل امللل، ص460، وإسناده ضع<strong>يف</strong> من أجل سعيد بن أيب عروبة مدلس اختلط، والراوي عنه حممد بن<br />
جعفر امللقب بغندر روى عنه بعد االختالط كما <strong>يف</strong> التهذيب )58/4(، و<strong>يف</strong> اإلسناد علة اثنية وهي االنقطاع بني قتادة وعمر بن<br />
اخلطاب رضي هللا عنه. ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )796/2(.<br />
و<strong>يف</strong> رواية أن حذ<strong>يف</strong>ة كتب إليه: )أتزعم أهنا حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: ال أزعم أهنا حرام ولكين أخاف أن تعاطوا املومسات منهن(<br />
أخرجه عبد الرزاق )12670(، وابن جرير )716/3(، والبيهقي )172/7( ، والسيوطي )564/2(.<br />
ويؤيده ما نقله ابن املنذر نقالً صحيحاً عن عمر <strong>يف</strong> قوله جبواز نكاح الكتابيات وتقدم بيانه <strong>يف</strong> أدلة القول األول.
وأم ا دل يلهم األول م ن املعق ول فنوقش:بتس ليم ك ون األص ل <strong>يف</strong> النك اح احلرم ة وأن ه الب د م ن ن ص دال<br />
<br />
عل ى احل ل لك ن قول ه تع اىل بع د تع داد حمرم ات النك اح <strong>يف</strong> س ورة النس اء <br />
ال خيل و م ن أن تك ون انزل ة بع د حت رمي املش ركات أو قبله ا، ف إن كان ت بع دها ص ح الق ول<br />
<br />
أبهنا انسخة آلية البقرة، وإن كانت متقدمة عنها وآية البقرة مت أخرة تك ون املش ركة مس تثناة م ن العم وم<br />
<strong>يف</strong> آية احلل،<br />
وعلى كل حال فالكتابيات داخالت <strong>يف</strong> عموم آي ة احل ل غ ري خمرج ات منه ا مل ا س بق<br />
<br />
<br />
بيانه من أن اسم املشرك ال يتناول الكتايب، وتكون آية املائ دة وه ي قول ه: <br />
جاءت مؤكدة للحل الوارد <strong>يف</strong> العموم. رافعة لتوهم حرمتهن كم ا فه م<br />
<br />
<br />
<br />
بعض الصحابة.<br />
ون وقش دل يلهم الث اين م ن املعق ول: أبن م ن هل ا كت اب مغ ري أو منس وخ يص ح أن تن درج حت ت م ن<br />
هلا شبهة كتاب نظ راً لكتاهب ا املغ ري وص حة دينه ا <strong>يف</strong> أص له، ف ال مس اواة بينه ا وب ني م ن ال كت اب<br />
هل ا أص الً، وتفرق ة الش ارع بينهم ا <strong>يف</strong> األحك ام دلي ل عل ى ذل ك، فق د حق ن دم اء األوىل دون<br />
الثانية، وكذا أحل ذبيحتها دون األخرى، فناسب أن <strong>يف</strong>رتقا <strong>يف</strong> حكم النكاح. )1792(<br />
وهبذا يتبني رجحان قول اجلمهور لقوة أدلتهم واجلواب عن أدلة اخلصم ومناقشاهتم.<br />
وق د ابتل ي كث ري م ن املس لمني <strong>يف</strong> ه ذا العص ر بنك اح الغربي ات خاص ة األوروبي ات واألمريكي ات<br />
وب الد الغ رب تل ك وإن غل ب عليه ا دي ن اليهودي ة والنص رانية واص طبغت ب ذلك إال أن ه ال ميك ن<br />
اجلزم بكوهنم مجيعاً من أه ل الكت اب؛ ألن اإلحل اد س رى <strong>يف</strong> تل ك الش عوب بت أثري الفلس فة املادي ة<br />
فأضحى كثري منهم غري متمسك بدينه أو مؤمن به وينظ ر ل ه َبعتب اره ع ادات وتقالي د ورثه ا ع ن<br />
أج داده فالب د قب ل اإلق دام عل ى ال زواج َبلغربي ات م ن التح ري ع ن دينه ا وعقي دهتا للتثب ت م ن<br />
كوهنا كتابية )1793( .<br />
أم ا املش ركة ف ال جي وز للمس لم نكاحه ا كم ا تق دم والف رق أن ازدواج الك افرة وخمالطته ا م ع قي ام<br />
العداوة الديني ة ال حيص ل مع ه الس كن وامل ودة ال ذي ه و ق وام مقاص د النك اح إال أن ه جُ وَِّز نك اح<br />
الكتابي ة لرج اء إس المها؛ ألهن ا آمن ت بكت ب األنبي اء والرس ل <strong>يف</strong> اجلمل ة وإمن ا نقض ت اجلمل ة<br />
َبلتفص يل بن اء عل ى أهن ا أخ ربت ع ن األم ر عل ى خ الف حقيقت ه فالظ اهر أن ه م ىت نبه ت عل ى<br />
حقيق ة األم ر تنبه ت وأتيت َبإلمي ان عل ى التفص يل عل ى حس ب م ا كان ت أت ت ب ه عل ى اجلمل ة<br />
)1792(<br />
)1793(<br />
ينظر: أحكام القرآن، للجصاص )324/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(،<br />
واملغين، البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )795/2(.<br />
ينظر: األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، سامل الرافعي، ص )411(، بتصرف.
و ال زوج ي دعوها إىل اإلس الم وينبهه ا عل ى حقيق ة األم ر فك ان <strong>يف</strong> نك اح املس لم إايه ا رج اء<br />
إس المها فَ ُج وَِّز نكاحه ا هل ذه العاقب ة احلمي دة خب الف املش ركة فإهن ا اخت ارت الش رك تقلي داً<br />
فالظاهر أهنا ال تنظر <strong>يف</strong> احلجة وال تلتفت إليها عند الدعوة. )1794(<br />
<br />
<br />
والكتابية مشركة على احلقيقة ألن<br />
املشرك من يشرك َبهلل <strong>يف</strong> ألوهيته وهللا<br />
تع اىل يق ول:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
إن هللا اثلث ثالثة لكن دينها<br />
هلا<br />
)1795( ، وقال ت النص ارى<br />
<strong>يف</strong> أصله قبل حتر<strong>يف</strong>ه دين مساوي قائم على أدلة وبراهني.<br />
ومن دخل من غري بين إسرائيل <strong>يف</strong> دي ن أه ل الكت اب بع د تبديل ه وحتر<strong>يف</strong> ه وقب ل نس خه ف إن متس كوا<br />
َبحلق منه واجتنبوا احملرف حل نكاح حرائرهم و إال فال جي وز نك اح حرائ رهم؛ ألهن م دخل وا <strong>يف</strong> دي ن<br />
َبط ل فه م كاملرت دين م ن املس لمني، وم ن دخ ل في ه بع د التحري ف والنس خ فم ن َبب أوىل كم ن<br />
دخل ه بع د بعث ة الن يب كالش عوب ال يت ت دخل <strong>يف</strong> النص رانية عل ى ي د املبش رين م ن أه ل الفلب ني<br />
وأندونيس يا والس ودان وحن وهم ف ال جي وز نك احهم قطع اً وك ذا م ن ال يعل م حال ه؛ ألن الف روج حيت اط<br />
فال يثب ت حله ا م ع الش ك وهب ذا حكم ت الص حابة <strong>يف</strong> نص ارى الع رب )1796( ، وقي ل <strong>يف</strong> نص ارى<br />
بين تغلب إهنم بقية اليهود والنصارى من العرب فيحل نكاحهم وهو األصح عند احلنابلة )1797( .<br />
وأم ا الكتابي ة اإلس رائيلية فيج وز نكاحه ا عل ى اإلط الق م ن غ ري نظ ر إىل آَبئه ا أدخل وا <strong>يف</strong> ذل ك<br />
ال دين قب ل التحري ف أم بع ده، وجعله ا بع ض الش افعية كغريه ا )1798( ، وأم ا ال دخول في ه بع د بعث ة<br />
حممد <br />
فهي كغريها ملا تقدم.<br />
وق د ك ره كث ري م ن الفقه اء نك اح الكتابي ة بك ل ح ال وأم ر عم ر م ن تزوج وهن م ن الص حابة أبن<br />
يطلق وهن<br />
)1799(<br />
وذل ك ألن ه ال ي ؤمن أن تفتن ه ع ن دين ه أو تزع زع عقي دة أبنائ ه منه ا )1800(<br />
فه ي<br />
)1794(<br />
)1795(<br />
)1796(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )426/2(، بتصرف.<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
. 30<br />
.)550/9(<br />
.)306/6(<br />
)1797(<br />
)1798(<br />
)1799(<br />
ينظر: املصدر السابق، وروضة الطالبني، للنووي )135/7(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )229/17(، واملغين، البن قدامة<br />
ينظر: الفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )253/8(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع<br />
وقال ابن العريب )555/2(: )روي عن ابن عباس أنه تؤكل ذَبئحهم وأحلقهم َبلكتابيني لقوله تعاىل: )ومن يتوهلم منكم فإنه منهم ) وبه<br />
قال الشعيب والشافعي ، وقرأ الشعيب: )وما كان ربك نسيا( وقاله ابن شهاب؛ وألهنم يذكرون اسم هللا .... وعن علمائنا روايتان ...<br />
ألهنم ال حيللون ما حتلل النصارى وال حيرمون ما حيرمون وهذا دليل أنه مل يلحقهم هبم؛ ألهنم مل يتولوهم وال دانوا بدينهم(.<br />
ينظر: روضة الطالبني، للنووي )135/7(.<br />
تقدم ترجيه، ص (<br />
.) 478
-1<br />
-2<br />
مجرة والزواج هبا ال خيلو من مضرة سيما <strong>يف</strong> هذا العصر املل يء َبلفتن ة ولطامل ا رأين ا ملح دين وخون ة<br />
وعمالء يرجع سبب ذلك إىل أتث رهم أبمه اهتم غ ري املس لمات فينقلب ون عل ى أم تهم وعل ى عقائ دها<br />
وشرائعها وال يودون هلا عزاً وال جيلبون هلا نصراً. )1801(<br />
وهل ذا أف ىت كث ري م ن املعاص رين بتح رمي نك اح الغربي ات ذوات األص ول الكتابي ة )1802( ، وذل ك مل ا<br />
يرتتب على الزواج هبن <strong>يف</strong> هذا العصر من مفاسد كثرية منها )1803( :<br />
الوقوع <strong>يف</strong> الزواج من الكتابية غري العف<strong>يف</strong>ة ذلك أن أغلب تلك النس اء غ ري عف<strong>يف</strong> ات لكث رة<br />
ال زىن <strong>يف</strong> أوس اط الكف ار ح ىت أص بح م ن الغري ب بق اء الش ابة بك راً <strong>يف</strong> س ن الثاني ة عش رة<br />
وحنوه ومنع الزواج هبن يعصم كثرياً من املس لمني م ن الوق وع <strong>يف</strong> ش رك املومس ات وق د أثب ت<br />
الت اريخ الباح ث ع ن أخ الق النص ارى أن امل رأة ال تقب ل خطب ة الرج ل إال بع د االختب ار<br />
والتجرب ة والص حبة الطويل ة بينهم ا ورمب ا اخت ار كث ري م نهم البق اء عل ى الس فاح واملخادن ة<br />
وفضله على النكاح فأين العفاف واإلحصان من هذا؟!<br />
أن ال زواج هب ن <strong>يف</strong> ه ذا العص ر الس يما األوروبي ات واألمريكي ات ميث ل خط راً آخ ر عل ى<br />
األبن اء حي ث أف ادت التج ارب أبن أوالد النص رانية وبناهت ا م ن املس لم يكون ون نص ارى<br />
حمض اً حبي ث ينش أون عل ى عقي دة أمه م وس لوك طريقته ا حس ب تربيته ا هل م ألن الغ اذي<br />
ش بيه املغت ذي وم ن املعل وم أن األوالد والبن ات أعل ق َبألم <strong>يف</strong> الق دوة واالحت ذاء م نهم<br />
أبب يهم وقب ول التعل يم منه ا أعل ق <strong>يف</strong> نفوس هم وه ذا مش هود ب ه <strong>يف</strong> البل دان ال يت يش يع فيه ا<br />
مثل هذا الزواج. وبناته منه ا ق د يس تبحن نك اح النص ارى تبع اً لرغب ة أمهم وه و حم رم كم ا<br />
تقدم، وكما قيل:<br />
تلك العصا من هذه العصية هل تلد احلية إال حية<br />
كم ا أن <strong>يف</strong> ال زواج هب ن خط ر عل ى ال زوج املس لم حي ث غل ب أتث ر ال زوج <strong>يف</strong> ه ذا ال زمن<br />
بتقاليد املرأة الغربي ة وعاداهت ا ح ىت ت رى كث رياً م ن األزواج يت درج ه و وأوالده ش يئاً فش يئاً<br />
<strong>يف</strong> ذل ك اجملتم ع املختل ف <strong>يف</strong> دين ه وعادات ه بس بب غلب ة احلض ارة املادي ة <strong>يف</strong> تل ك ال دول،<br />
)1800(<br />
)1801(<br />
)1802(<br />
)1803(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )548/9(، وتكملة اجملموع للنووي، للمطيعي )230-229/17(.<br />
ينظر: املصدر السابق. بتصرف.<br />
ينظر: قضااي فقهية معاصرة، حممد البويطي )211/1(، واألحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب، سامل الرافعي ، ص )416( ،<br />
والتزوج َبلكتابيات وعموم ضرره على البنني والبنات، لعبد هللا آل حممود، وأفىت الشيخ ابن َبز أبن ترك ذلك أوىل <strong>يف</strong> هذا العصر ومل<br />
حيرمه كما <strong>يف</strong> سلسلة كتاب الدعوة، فتاوى ابن َبز )233/4(.<br />
ينظر: املصادر السابقة، بتصرف.
ومن أجل هذه املفسدة أو غريها نرى كثري اً من الدول حترم عل ى س فرائها وض باط جيش ها<br />
الزواج من األجنبيات بناء على مصاحل وطنية هلا اعتبارها من هذا الوجه.<br />
أن كثري اً من األزواج إذا رزق أبوالد م ن تلك الزوج ة الغربي ة مث حص ل بينهم ا ش قاق، ف إن<br />
الق انون حيم ي جان ب امل رأة ف يحكم هل ا القاض ي َبألوالد، وب ذا يق ع ال زوج مبش كلة ك ربى<br />
وه و أن أوالده س يكونون <strong>يف</strong> حض انة ام رأة ك افرة، و<strong>يف</strong> بيئ ة وجمتم ع موب وء وه ذا ال دافع<br />
يشهد له كثري من األزواج ممن ابتلي<br />
َبلزواج من أولئك الغربيات.<br />
أن ال زواج هب ن وت رك ال زواج م ن املس لمات <strong>يف</strong> ال بالد الك افرة ي ؤثر<br />
املس لمات ال اليت<br />
اض طررن<br />
س لباً عل ى الفتي ات<br />
للع يش <strong>يف</strong> ب الد الكف ر، الس يما وأن تع دد الزوج ات <strong>يف</strong> عص ران<br />
أص بح أم راً اندراً ، وم ن املعل وم َبلض رورة أن املس لمة ال حي ل هل ا أن تت زوج إال مس لماً ف ال<br />
ح ل هل ذه املعادل ة إال<br />
سداً هلذه<br />
بس د<br />
َبب ال زواج م ن غ ري املس لمات فتح رمي املف يت ملث ل ه ذا ال زواج<br />
ال ذرائع واملفاس د وغريه ا ل ه وج ه ق وي <strong>يف</strong> َبب الفق ه والفت وى ، و<strong>يف</strong> َبب حتقي ق<br />
املقاصد الشرعية املتمثلة <strong>يف</strong> حتصيل املصاحل ودرء املفاسد. )1804(<br />
-4<br />
-5<br />
وأم ا إج راء العق د <strong>يف</strong> الكنيس ة فمب ين عل ى حك م دخوهل ا أص الة وق د تق دم ذك ره مفص الً)1805( ، وعلي ه<br />
فإن إجراء العقد <strong>يف</strong> الكنيسة إذا كان على وجه التعظيم واإلعجاب ومش اهبة الكف ار ومل ت دع ل ه ض رورة<br />
فإنه حمرم شرعاً ملا تقدم ، أما إذا دعت إلي ه الض رورة ومل يك ن في ه تش به َبلكف ار ب ل ك ان عق داً ش رعياً<br />
عل ى طريق ة أه ل اإلس الم وخ ال م ن املفاس د واملنك رات ومل يرتت ب علي ه م واالة الكف ار وم ودهتم ف إن<br />
الضرورات تبيح احملظورات، كما هو مقرر شرعاً وتقدر الضرورة بقدرها. )1806(<br />
)1804(<br />
)1805(<br />
)1806(<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
<strong>يف</strong> ص )439(ومابعدها.<br />
ينظر: فتاوى <strong>يف</strong> ذلك لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> موقع املسلم:<br />
فتوى بعنوان: دخول الكنيسة حلضور زواج مسلم من نصرانية: ا.د. انصر العمر.<br />
وكذا <strong>يف</strong> الشبكة <strong>اإلسالم</strong>ية:<br />
www.almoslim.nt<br />
www.islamweb.net
املطلب الثاني عشر<br />
نكاح مسلمة ال ولي هلا
؛(<br />
املطلب الثاين عشر: نكاح مسلمة ال ويل هلا.<br />
الويل شرط <strong>يف</strong> عقد النكاح على الصحيح من أقوال أهل العلم وعليه اجلمه ور خالف اً للحنفي ة )1807<br />
لقوله <br />
: )) ال نكاح إال بويل (( )1808( ، وحديث عائشة مرفوعاً: )) أميا امرأة نكحت نفسها بغري<br />
إذن وليه ا فنكاحه ا َبط ل َبط ل َبط ل ف إن أص اهبا فله ا امله ر مب ا اس تحل م ن فرجه ا ف إن اش تجروا<br />
)1809(<br />
فالسلطان ويل من ال ويل هلا((<br />
وروي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأيب هريرة وعائشة رضي هللا عنهم. )1810(<br />
والعلة <strong>يف</strong> منعها صيانتها عن مباشرة م ا يش عر بوقاحته ا ورعونته ا وميله ا إىل الرج ال وذل ك ح ال ين ا<strong>يف</strong><br />
حال أهل الصيانة واملروءة. )1811(<br />
)1812( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
وفيه داللة على ض رورة حض وره محاي ة<br />
وحفظاً للمرأة ورعاية ملصاحلها َبختيار الزوج املناس ب هل ا والنص ح هل ا <strong>يف</strong> ذل ك والنظ ر <strong>يف</strong> مس تقبلها مب ا<br />
يعود هلا َبخلري؛ ألهنا <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> جوهرة مصونة ودرة مكنونة.<br />
وق د فص ل الفقه اء أحك ام والي ة النك اح وترتي ب األولي اء ونق ل اب ن قدام ة اإلمج اع عل ى أن للس لطان<br />
)1813(<br />
والية تزويج املرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم.<br />
)1807(<br />
)1808(<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )383/2(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )117/2(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )15/2(،<br />
وروضة الطالبني، للنووي )53/7(، والفروع، البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )218-217/8(.<br />
أورده البخاري <strong>يف</strong> كتاب النكاح فقال: َبب من قال ال نكاح إال بويل، ص )443(، وأخرجه احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )171/2(<br />
وقال: )استدللنا َبلرواايت الصحيحة وأبقاويل أهل العلم على صحة حديث أيب موسى مبا فيه غنية ملن أتمله و<strong>يف</strong> الباب عن علي وابن<br />
عباس ومعاذ وابن عمر وأيب ذر ... وقد صحت الرواايت فيه عن أزواج النيب <br />
) ا.ه<br />
)1809(<br />
)1810(<br />
)1811(<br />
)1812(<br />
وأخرجه ابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه )391/9( َبب ذكر نفي إجازة عقد النساء النكاح على أنفسهن، وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب النكاح، َبب <strong>يف</strong><br />
الويل ، ص )1376(، رقم )2085(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب النكاح، َبب ال نكاح إىل بويل، رقم )1880(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه، َبب ال<br />
نكاح إال بويل )104/7(، والرتمذي، َبب ما جاء ال نكاح إال بويل، ص )2589(، رقم )1105(.<br />
أخرجه احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك ، كتاب النكاح، ص )171( وأبو داود، َبب <strong>يف</strong> الويل، ص )1376(، رقم )2083(، وابن ماجه،<br />
َبب ال نكاح إال بويل، ص )2589(، رقم )1879(، والرتمذي وقال: حديث حسن، ص )1757(، رقم )1102(، وابن حبان <strong>يف</strong><br />
صحيحه )384/9(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص )156/3(: تكلم فيه بعضهم من جهة أن ابن جريج قال: مث لقيت الزهري فسألته<br />
عنه فأنكره لكن ذكر ابن معني أنه مل ينقله عنه غري ابن جريج وضعف ذلك وأعلها ابن حبان وابن عدي واحلاكم وغريهم وأجابوا عنها<br />
على تقدير الصحة أبنه ال يلزم من نسيان الزهري له أن يكون ابن موسى وهم فيه.<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )345/9(.<br />
املصدر السابق.<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
34<br />
)1813(املغين، البن قدامة )345/9(.<br />
. ويقول سبحانه:<br />
سورة النور اآلية: ، 32 فخاطب الرجال بتزويج النساء.
واألصل <strong>يف</strong> ذلك قوله <strong>يف</strong> احلديث السابق ))السلطان ويل من ال ويل ل ه ((، وألن للس لطان والي ة عام ة<br />
ب دليل أن ه يل ي امل ال وح<strong>يف</strong> ظ الض وال فكان ت ل ه الوالي ة <strong>يف</strong> النك اح ك األب )1814( ، وال يري د أه ل العل م<br />
َبلسلطان إمام املسلمني وحده بل يشمل ذلك والته ونوابه وقضاته وقد عقد البخاري <strong>يف</strong> صحيحه َبَبً<br />
عنون له بقوله: )َبب السلطان ويل( واستدل له بتزويج النيب للواهب ة نفس ها ل ه م ن ذل ك الص حايب<br />
)1815(<br />
الذي رغب <strong>يف</strong> نكاحها.<br />
وق رر نظ ام املرافع ات الش رعية الس عودي <strong>يف</strong> امل ادة الثاني ة والثالثني أبن احمل اكم العام ة ت تص َبلنظ ر <strong>يف</strong><br />
تزويج من ال ويل هلا من النساء.<br />
وب َيَّنَ ْت الالئحة التنفيذية أبنه يدخل <strong>يف</strong> ذلك: م ن انقط ع أولياؤه ا بفق د أو م وت أو غيب ة يتع ذر معه ا<br />
االتصال هبم أو حضورهم أو توكيلهم ومن عضلها أولياؤها وحُكِّم بثب وت عضلهم وم ن أس لمت ول يس<br />
هلا ويل مسلم. )1816(<br />
َ<br />
فإذا كانت املرأة <strong>يف</strong> موضع ال يوجد فيه للمسلمني سلطان وال ويل هلا مطلق اً كاملس لمني <strong>يف</strong> داير الكف ر<br />
<strong>يف</strong> أمريك ا أو بريطاني ا وحنوه ا ف إن وج د <strong>يف</strong> تل ك ال داير مراك ز ومؤسس ات إس المية تق وم عل ى رعاي ة<br />
شؤون املسلمني فإهنا تقوم بتزوجيه ا وك ذا إن وج د للمس لمني أم ري مط اع أو مس ئول يرع ى ش ؤوهنم كم ا<br />
أفىت بذلك كثري من الفقهاء املعاصرين )1817( ؛ ألنه ذو سلطان فيدخل <strong>يف</strong> عموم احلديث. )1818(<br />
؛وألن<br />
)1819(<br />
تزويج األايمى فرض كفاية إمجاعاً قاله ابن تيمية.<br />
وقياساً على العضل. )1820(<br />
وق د ق ال أمح د <strong>يف</strong> الرس تاق )1821(<br />
)1822(<br />
والكفء أرجو أال يكون به أبس (.<br />
يك ون فيه ال وايل وليس في ه ق اض: (<br />
ي ُ زَوِّجْ إذا احت اط هل ا <strong>يف</strong> امله ر<br />
)1814(<br />
)1815(<br />
)1816(<br />
)1817(<br />
)1818(<br />
املصدر السابق.<br />
صحيح البخاري، كتاب النكاح َبب السلطان ويل، ص )444( ، رقم )5135(.<br />
نظام املرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية، وزارة العدل، ص )30-28(.<br />
ينظر: فتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )95-93/10-9(، وفقه األسرة، د/حممد الصاحل )213/1(، وأحكام<br />
الزواج ، د/عمر األشقر، ص )150(، وفتاوى <strong>يف</strong> موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم.<br />
.)63/5(<br />
)1819(<br />
)1820(<br />
)1821(<br />
)1822(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )346/9(.<br />
ينظر: الفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )218-217/8( ومطالب أويل النهى للرحيباين<br />
املصادر السابقة.<br />
الرُّستاق: السواد والقرى.<br />
ينظر: املغين؛ البن قدامة )361/9(.
وس ئل ش يخ اإلس الم ع ن أع راب وأه ل َبدي ة ل يس عن دهم ح اكم: أجي وز أن يعق د أئم تهم مل ن ال ويل هل ا؟<br />
فق ال: "أم امن ال ويل هل ا ف إن ك ان <strong>يف</strong> القري ة أو احملل ة انئ ب ح اكم زوجه ا ه و، وأم ري األع راب ورئ يس القري ة<br />
وإن كان فيهم إمام مطاع زوجها أيضاً إبذهنا". )1823(<br />
وإذا مل يوجد <strong>يف</strong> ذلك املوضع حاكم وال إمام وال مركز إسالمي وال رجل مطاع من املسلمني:<br />
فق د اختل ف الفقه اء <strong>يف</strong> ذل ك، أم ا األحن اف ف ال أتيت ه ذه املس ألة عن دهم؛ ألهن م ال يش رتطون ال ويل<br />
لصحة عقد النكاح فيجوز<br />
عندهم أن تزوج احل رة املكلف ة نفس ها ب ال ويل وبعض هم كمحم د ب ن احلس ن<br />
يوقف ذلك عل ى إج ازة ال ويل ف إن مل يك ن هل ا ويل وال ق اض <strong>يف</strong> ذل ك املوض ع فينعق د )1824( ، ويتوق ف عل ى<br />
إجازهت ا بع د البل وغ إن كان ت ص غرية وإن ك ان هل ا ويل فأج ازه ج از وهل ا اخلي ار إذا بلغ ت )1825( ، وأم ا عن د<br />
اجلمهور القائلني َبشرتاط الويل – وهو الصحيح ملا تقدم – ففي هذه احلال اختلفوا على أقوال:<br />
القول األول: هلا أن تويلِّ أمرها رجالً عدالً فيزوجها.<br />
وه و ق ول للمالكي ة ووج ه عن د الش افعية واحلنابل ة، وق ال اب ن قدام ة:<br />
ذلك"، واشرتط املالكية أال تضع نفسها <strong>يف</strong> دانءة. )1826(<br />
القول الثاين: هلا أن تزوج نفسها للضرورة.<br />
وهو وجه عند الشافعية وقول للمالكية. )1827(<br />
القول الثالث: ال تزوج مطلقاً.<br />
وهو وجه عند الشافعية واحلنابلة. )1828(<br />
"روي ع ن أمح د م ا ي دل عل ى<br />
للسلطان. )1829(<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول:<br />
-1<br />
أبن الواجب يسقط مع العجز وليس كل امرأة تقدر على رفع أمرها<br />
)1823(<br />
)1824(<br />
)1825(<br />
)1826(<br />
)1827(<br />
)1828(<br />
جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>؛ البن تيمية، مجع ابن قاسم )34/32(.<br />
قال <strong>يف</strong> حاشية ابن عابدين )198/4(: )صغرية زوجت نفسها وال ويل وال حاكم مثة توقف ونفذ إبجازهتا بعد بلوغها ألن له جميزاً<br />
وهو السلطان .... هذا قول بعض املتأخرين ... فإن كانت <strong>يف</strong> موضع مل يكن فيه قاض: إن كان ذلك املوضع حتت والية قاضي تلك<br />
البلدة ينعقد ويتوقف على إجازة ذلك القاضي و إال فال ينعقد، وقال بعض املتأخرين: ينعقد ويتوقف على إجازهتا بعد البلوغ( ا.ه<br />
ينظر: الفتاوى اهلندية )287/1(.<br />
ينظر: عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )20/2(، واملنتقى للباجي )271/3(، ومواهب اجلليل، للحطاب )60/5- وما بعدها<br />
(، وروضة الطالبني، للنووي )66/7(، وكفاية األخيار، حملمد احلسيين )89/2(، بواسطة أحكام الزواج، لألشقر، ص )150( ، والفروع<br />
البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )218/8(، ومطالب أويل النهى للرحيباين )63/5(، واملغين؛ البن<br />
قدامة )361/9(، وما بعدها.<br />
املصادر السابقة.<br />
املصادر السابقة.
وألن من القواعد الشرعية<br />
أن األمر إذا ضاق اتسع وهذه املسألة من جزئياهتا. )1830(<br />
-2<br />
<br />
3- وألن املشقة جتلب التيسري وهللا تعاىل يقول: <br />
)1831( .<br />
<br />
<br />
وألن اش رتاط ال ويل <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة مين ع النك اح َبلكلي ة فل م جي ز كاش رتاط ك ون ال ويل<br />
عصبة <strong>يف</strong> حق من ال عصبة له. )1832(<br />
-4<br />
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
أبن مب ىن ه ذه املس ألة عل ى الض رورات ومس يس احلاج ات وجي وز <strong>يف</strong> ح ال االض طرار م ا ال جي وز <strong>يف</strong> ح ال<br />
االختيار. )1833(<br />
وتزوجيها لنفسها بال ويل مصلحة راجحة <strong>يف</strong> هذه احلالة فتقدم.<br />
واستدل أصحاب القول الثالث:<br />
بعموم األدلة واألخبار <strong>يف</strong> اشرتاط الويل. )1834(<br />
وجياب عن دليل القول الثاين:<br />
أبن <strong>يف</strong> إمكاهن ا توكي ل ع دل <strong>يف</strong> تزوجيه ا ف ال تض طر إىل ت زويج نفس ها، ف إن <strong>يف</strong> ذل ك إهان ة هل ا وإش عار<br />
بوقاحتها ورعونتها وميله ا إىل الرج ال وخم اطرة مبص احلها م ن غ ري ض رورة م ع إمك ان ص يانتها ع ن ذل ك<br />
بتوكيل العدل دون أن تضع نفسها موضع الدانءة.<br />
وأج اب <strong>يف</strong> الغي اثي ع ن الق ول الثال ث بقول ه: " إذا مل يك ن هل ا ويل حاض ر وش غر الزم ان ع ن الس لطان<br />
ف نعلم أن حس م َبب النك اح حم ال <strong>يف</strong> الش ريعة وم ن أب دى <strong>يف</strong> ذل ك تش كيكاً فل يس عل ى بص رية بوض ع<br />
الشرع واملصري إىل سد َبب النكاح يضاهي الذهاب إىل حترمي االكتساب". )1835(<br />
ينظر: عقد اجلواهر الثمينة ، البن شاس )20/2(.<br />
ينظر: املنثور <strong>يف</strong> القواعد للزركشي )47/1(.<br />
سورة الشرح، اآلية:<br />
. 6-5<br />
ينظر: مطالب أويل النهى للرحيباين )63/5(.<br />
ينظر: قواعد األحكام، للعز بن عبد السالم )88-87/1(.<br />
ينظر: املغين؛ البن قدامة )361/9( وما بعدها.<br />
الغياثي، للجويين، حتقيق عبد العظيم الديب، ص )388- وما بعدها(.<br />
)1829(<br />
)1830(<br />
)1831(<br />
)1832(<br />
)1833(<br />
)1834(<br />
)1835(
والضرورات تبيح احملظورات فما استدل به أصحاب القول الثاين جياب به على هؤالء.<br />
وعليه فالراجح هو القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة.<br />
وي رى <strong>يف</strong> الغي اثي أن ال ذي يت وىل أم ر النك اح <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة ه م العلم اء ال ذين يتع ني الرج وع إل يهم <strong>يف</strong><br />
)1836(<br />
تفاصيل النقض واإلبرام ومآخذ األحكام.<br />
)1836( املصدر السابق.
املطلب الثالث عشر<br />
األكل من ذبائح الكفار
املطلب الثالث عشر: األكل من ذابئح الكفار.<br />
املسألة األوىل: حترير حمل النزاع <strong>يف</strong> ذابئح الكفار ما حيل منها وما حيرم:<br />
أمج ع أه ل العل م عل ى حت رمي ذَبئ ح س ائر<br />
الكف ار م ن عب دة األواثن والزاندق ة واجمل وس وغ ريهم، وأمجع وا<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
عل ى إَبح ة ذَبئ ح أه ل الكت اب )1837(<br />
لقول ه س بحانه:<br />
و، )1838( <br />
الطعام اسم ملا يؤك ل وامل راد ب ه هن ا ال ذَبئح؛ ألن غريه ا حي ل م نهم وم ن غ ريهم ف ال يك ون مث<br />
مزية وال معىن لتخصيصهم، ولعلهم ُخص وا ب ذلك ألهن م أه ل كت اب ويعتق دون حت رمي ال ذبح لغ ري هللا وال<br />
هللا.<br />
)1839(<br />
يذكرون على ذَبئحهم إال اسم<br />
هبم سنة أهل الكتاب(( )1841(<br />
برواية عن سعيد بن املسيب. )1842(<br />
وشذ أبو ثور فأَبح ذبيحة اجملوس )1840(<br />
: (( سُنُّوا<br />
لقوله <br />
وألهنم يقرون َبجلزية فيباح صيدهم وذَبئحهم ك اليهود والنص ارى واح تج<br />
<br />
قال بن قدامة: "وهذا قول خيالف اإلمجاع فال عربة ب ه " )1843( ؛ ألن هللا تع اىل يق ول: <br />
فمفهوم ه حت رمي طع ام غ ريهم م ن الكف ار؛ وألهن م ال كت اب هل م فل م حت ل<br />
<br />
ذَبئحهم كأهل األواثن؛ وألن كفرهم مع كوهنم غري أهل كت اب يقتض ي حت رمي ذَبئحه م ونس ائهم ب دليل<br />
سائر الكفار من غري أهل الكتاب، ورواية سعيد روي عنه خالفها، واجلزية إمنا أخذت منهم ألن شبهة<br />
الكت اب تقتض ي التح رمي ل دمائهم فلم ا غُل ِّب ت <strong>يف</strong> التح رمي ل دمائهم فيج ب أن يغل ب ع دم الكت اب <strong>يف</strong><br />
حت رمي ال ذَبئح والنس اء احتياط اً للتح رمي <strong>يف</strong> املوض عني؛ وألن اجلزي ة أخ ذت لض رورة حق ن دم ائهم وال<br />
ضرورة <strong>يف</strong> حل ذَبئحهم. )1844(<br />
)1837(<br />
)1838(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )262/2(، واإلمجاع، البن املنذر، ص )58(، واجملموع، للنووي )53-52/9(، واملغين، البن<br />
قدامة )293/13(، واإلفصاح، البن هبرية )309/2(، وتفسري ابن كثري )27/2(.<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
َبلتايل حل طعامهم.<br />
5<br />
)1839(<br />
)1840(<br />
466. ص<br />
)1841(<br />
)1842(<br />
)1843(<br />
)1844(<br />
. وعلى هذا عمل النيب كما <strong>يف</strong> أكله من الشاة املسمومة عند اليهودية وألنه إذا ثبت حل نسائهم ثبت<br />
ينظر: تفسري ابن كثري )27/2(، وبدائع الصنائع، للكاساين )75/5(.<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )265/2(، واجملموع للنووي )52/9(، واملغين، البن قدامة )293/13(،وسبقت ترمجة أبو ثور<br />
تقدم ترجيه، ص<br />
.)466(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )293/13(<br />
املصدر السابق.<br />
.<br />
املصدر السابق ، وبدائع الصنائع، للكاساين )75/5(، وحاشية ابن<br />
عابدين )428/9(.
<strong>يف</strong><br />
املسألة الثانية: املراد ابلكتايب الذي حتل ذبيحته:<br />
اختلفوا <strong>يف</strong> املراد َبلكتايب الذي حتل ذبيحته، وينطبق عليه هذا الوصف على قولني:<br />
األول: أنه من تدين بدين اليهودية أو النصرانية.<br />
وهو قول مجاهري األمة.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
لقول ه تع اىل: <br />
)1845( ، فل و ك انوا أكث ر م ن<br />
طائفتني ملا خصهم بذلك ونقل ابن عطية اإلمجاع على أن املراد بذلك اليهود والنصارى فقط. )1846(<br />
وعلى هذا دل عرف القرآن والسنة <strong>يف</strong> أهل الكتاب وفهمه الصحابة ومن بعدهم.<br />
الثاين: أنه كل من اعتقد ديناً مساوايً له كتاب منزل فيشمل إضافة ملا سبق من آمن بصحف إبراهيم وزبور داود.<br />
واحلديث نص <strong>يف</strong> أخذ اجلزية منهم وقد اتفق الصحابة على حترمي ذَبئحهم فيقتصر على مورد النص وال يصح قياس الذَبئح عليها وال<br />
قياسهم على أهل الكتاب؛ ألهنم كسائر الكفار كما سبق ومما يدل على أهنم ليسوا من أهل الكتاب قوله : ))سنوا هبم سنة أهل<br />
الكتاب(( فدل على أهنم ليسوا منهم بل امر مبساواهتم هبم <strong>يف</strong> أخذ اجلزية فقط، كما أنه سبحانه وتعاىل يقول:<br />
<br />
<br />
<br />
سورة احلج اآلية )17( فذكر ست ملل<br />
وفصل بينها ، وقال:<br />
البقرة<br />
<br />
<br />
69 واملائدة 62<br />
ومل يذكر اجملوس.<br />
ينظر: أحكام األطعمة والذَبئح، د/أبو سريع حممد عبد اهلادي، ص<br />
186، بتصرف.<br />
)1845(<br />
)1846(<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
احملرر الوجيز )404/5(.<br />
. 156
وهبذا قال احلنفية ونص عليه الشافعي )1847( ، ولعلهم نظروا إىل طبيعة اللفظ اللغوية. )1848(<br />
ورجح اجلصاص قول اجلمهور وقال: "اآلية ص رحية <strong>يف</strong> أن أه ل الكت اب <strong>يف</strong> ع رف الق رآن ه م اليه ود والنص ارى دون<br />
غريهم". )1849(<br />
وهو الراجح وتدل عليه احلقيقة العرفية.<br />
واشرتط بعض العلماء التزام الكتايب أبحكام دينه وعمله به فإذا تركه ونب ذه وراء ظه ره ك بعض املنتس بني للنص رانية <strong>يف</strong><br />
عصران فال يعد كتابياً.<br />
والصحيح أنه إذا كان إنكاره للدين مبع ىن جح وده وإحل اده فه ذا ال يع د كتابي اً، أم ا إذا الت زم بعقي دهتم ونس ب نفس ه<br />
إليهم فإن هذا كاف <strong>يف</strong> اعتباره منهم فإن هللا تعاىل اندى أهل الكتاب بذلك مع ع دم متس كهم أبحكام ه وحت ر<strong>يف</strong>هم<br />
وتب ديلهم ل ه كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه: <br />
<br />
<br />
)1850( ، وحل ذَبئحهم هو َبعتبار أصل دينهم ال َبعتبار ما ابتدعوه<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
وقد اشرتط بعض العلماء أيضاً لكونه كتابياً أن يكون هو أو آَبؤه قد دخلوا <strong>يف</strong> ذلك الدين قب ل النس خ والتب ديل، ق ال<br />
شيخ <strong>اإلسالم</strong>: "وهذا قول ضع<strong>يف</strong> ال دليل عليه بل املقطوع به أن كون الرجل كتابياً أو غريكتايب ه و حك م يس تفيده<br />
بنفس ه ال بنس به..... وه و املنص وص الص ريح ع ن مجه ور الفقه اء والثاب ت ب ني الص حابة ب ال ن زاع بي نهم .... وذك ر<br />
)1851(<br />
الطحاوي أن هذا إمجاع قدمي".<br />
واملتدين بدين أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن وافقهم <strong>يف</strong> أصول داينتهم م ن ف رقهم املختلف ة ق د يك ون حربي اً<br />
أو ذمياً ومن العرب أو غريهم وقد يكون أبواه كتابيان أو غريكتابيني أو أحدمها كتايب دون اآلخر.<br />
فاتفقوا أنه ال فرق بني احلريب والذمي منهم. )1852(<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> نصارى العرب على قولني:<br />
)1853(<br />
األول: حلها، وهو قول احلنفية واملالكية، وآخر الروايتني عن أمحد.<br />
)1847(<br />
)1848(<br />
)1849(<br />
)1850(<br />
)1851(<br />
)1852(<br />
)1853(<br />
ينظر: تبيني احلقائق )110/3(، واألم )281/4(، وبه قال أبو يعلى من احلنابلة.<br />
ينظر: فقه األقليات، خالد عبد القادر، ص )20(، وأحكام األطعمة ، أبو سريع ، ص )196(.<br />
أحكام القرآن )327/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
دقائق التفسري )19/3<br />
. 35<br />
. 68<br />
.)<br />
املصادر السابقة، واإلمجاع، البن املنذر، ص )58(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5(، وحاشية ابن عابدين )428/9(، وبداية اجملتهد، البن رشد )262/2(، واملنتقى،<br />
للباجي )112/3(، واملغين، البن قدامة )229-228/13(، و أحكام أهل الذمة، البن القيم )513/1(.
، وهو قول الشافعي ورواية عن أمحد. )1855(<br />
الثاين حترمي ذَبئحهم، قاله علي بن أيب طالب رضي هللا عنه )1854(<br />
وسبب اخلالف: "هل يتناول العرب املتنصرين اس م ال ذين أوت وا الكت اب كم ا يتن اول ذل ك األم م املختص ة َبلكت اب<br />
وهم بنوا إسرائيل والروم" )1856(<br />
واستدل أصحاب القول األول:<br />
<br />
بدخوهلم <strong>يف</strong> عموم قوله سبحانه: <br />
، وألهن م أه ل كت اب يق رون<br />
)1857(<br />
على دينهم ببذل املال فتحل ذَبئحهم ونسائهم كبين إسرائيل؛ وألنه قول مجاهري الصحابة<br />
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
أبهن م مل يتمس كوا م ن دي نهم إال بش رب اخلم ر؛ وألهن م مل يقوم وا َبلش روط ال يت اش رتطها عل يهم عثم ان،<br />
وم ن ك ان من تحالً مل ة ه و غ ري متمس ك منه ا بش يء فه و إىل ال رباءة منه ا أق رب من ه إىل اللح اق هب ا<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأبهله ا )1858( ، واس تدل عل ي )1859(<br />
عل ى ذل ك بقول ه س بحانه:<br />
)1860( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وال راجح الق ول األول؛ لق وة أدل تهم، وك ون ه ؤالء م ن الع رب ال خي رجهم ع ن عم وم اآلي ة وتس اهلهم <strong>يف</strong><br />
)1861(<br />
بعض الواجبات واحملظورات من دين أهل الكتاب ال خيرجهم كذلك.<br />
واآلية السابقة دليل لنا؛ ألن )من( للتبعيض أي من أهل الكتاب. )1862(<br />
)1854(<br />
ومنه دخلت الشبهة على الشيعة – كما قال ابن القيم<br />
–<br />
)1855(<br />
فانفردوا بتحرمي ذَبئح أهل الكتاب وهذا القول خمالف للكتاب والسنة<br />
وإمجاع الصحابة والتابعني ومن بعدهم فال يلتفت إليه، كما قال ابن القيم حيث بني بطالنه <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )506/1- وما<br />
بعدها(.<br />
.)237/3(<br />
)1856(<br />
ينظر: املصادر السابقة، واجملموع، للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج، للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني، للنووي<br />
بداية اجملتهد، البن رشد )263/2(.<br />
)1857("قال األثرم: وما علمت أحداً كرهه من أصحاب النيب إال علياً"، املغين، البن قدامة )228/13(.<br />
)1858(<br />
)1859(<br />
)1860(<br />
)1861(<br />
)1862(<br />
ينظر: املصدر السابق، وتفسري ابن جرير الطربي )102/6(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5(.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 78<br />
ينظر: األطعمة، لصاحل الفوزان، ص107 ، وأحكام األطعمة ، أبو سريع ، ص )193(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5(.
واتفق أهل العلم على أن من كان أبواه كتابيني فإنه حتل ذبيحت ه واختلف وا فيم ا إذا ك اان غ ري كت ابيني أو<br />
أحدمها كذلك دون اآلخر. )1863(<br />
فالقول األول: حل ذبيحته.<br />
وهو قول احلنفية واملالكية وقول للشافعي إذا كان األب كتابياً، ورواية عن أمحد. )1864(<br />
و القول الثاين: حترميها.<br />
وهو قول مالك<br />
األدلة:<br />
–<br />
استدل أصحاب القول األول:<br />
إن كاان غري كتابيني )1865(<br />
–<br />
والشافعي، ورواية عن أمحد وعليها أصحابه. )1866(<br />
أبن االعتبار بدين الذابح ال بدين أبيه بدليل أن االعتبار <strong>يف</strong> قبول اجلزية بذلك، ولعموم النص والقياس<br />
فهو كتايب يُِّقرُّ على دينه فتحل ذبيحته كما لو كان اب ن كت ابيني؛ وألن جع ل الول د تبع اً للكت ايب منهم ا<br />
أوىل ألنه خريمها ديناً. )1867(<br />
و استدل أصحاب القول الثاين:<br />
أبنه وجد ما يقتضي التحرمي واإلَبحة فَغُل َب ِّ م ا يقتض ي التح رمي كم ا ل و جرح ه مس لم وجموس ي،<br />
وجود ما يقتضي التحرمي: أن كونه ابن جموسي أو وثين يقتضي حترمي ذبيحته. )1868(<br />
وبي ان<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
ُّل ذَبئحهم ومناكحتهم مرتب عل ى أدايهن م ال عل ى أنس اهبم ف ال يكش ف<br />
قال ابن القيم رمحه هللا : " حِّ<br />
عن آَبئهم هل دخلوا <strong>يف</strong> الدين قبل املبعث أو بعده ... فإن هللا سبحانه أمرهم َبجلزية ومل يشرتط ذلك<br />
)1869(<br />
وأَبح ذَبئحهم وأطعمتهم ومل يشرتط ذلك <strong>يف</strong> حلها".<br />
)1863(<br />
)1864(<br />
)1865(<br />
)1866(<br />
)1867(<br />
)1868(<br />
)1869(<br />
ينظر: املصدر السابق، وبداية اجملتهد، البن رشد )264/2(، واملدونة )573/1(، وشرح خليل، للخرشي )6/3(، واجملموع،<br />
للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج، للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني، للنووي )237/3(، واملغين، البن قدامة )228/13(، و<br />
أحكام أهل الذمة، البن القيم )506/1(.<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
املصادر السابقة، وقد قال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )294/13(: )إن كان ابن وثنيني أو جموسيني فمقتضى مذهب األئمة الثالثة حترميه<br />
ومقتضى مذهب أيب حن<strong>يف</strong>ة حله( ورد عليه شيخ <strong>اإلسالم</strong> بقوله: )حكي ذلك عن مالك وغالب ظين أن هذا غلط على مالك فإين مل<br />
أجده <strong>يف</strong> كتب أصحابه(، جمموع الفتاوى )221/35(.<br />
املصادر السابقة.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5(، واملغين، البن قدامة )294/13(.<br />
املصادر السابقة.<br />
أحكام أهل الذمة، البن القيم )506/1(.
وعليه فالراجح حلها مطلقاً ولعموم النصوص والقياس كما تقدم.<br />
<br />
املسألة الثالثة: شروط حل ذبيحة الكتايب:<br />
من أهم الشروط <strong>يف</strong> حل ذبيحته:<br />
-1<br />
أال يكون مما حرمه هللا علينا بعينه كاخلنزير والدم أو بوصفه كامليتة، لقوله سبحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقول ه: <br />
)1870( <br />
<br />
<br />
، ولقول ه: <br />
)1871( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1872(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
التذكي ة الش رعية، لقول ه<br />
س بحانه <strong>يف</strong> آي ة املائ دة الس ابقة:<br />
-2<br />
أي ال خي رج م ن حك م احلرم ة إال احلي وان ال ذي مي وت بت ذكيتكم ولعم وم<br />
<br />
األدل ة <strong>يف</strong> اش رتاط ال ذكاة حل ل األك ل، وه ذا ق ول مج اهري الفقه اء ف إن خ الف الكت ايب<br />
ذلك صارت كامليتة.<br />
وذه ب بع ض املالكي ة<br />
اب ن الع ريب )1873(<br />
املالكية )1874(<br />
إىل ح ل م ا خنق ه الكت ايب بقص د التذكي ة كم ا ن ص عل ى ذل ك<br />
إال أن ه اض طرب وذك ر التح رمي <strong>يف</strong> موض ع آخ ر لك ن بع ض<br />
أيده <strong>يف</strong> قوله َبحلل وهو اختيار علماء األزهر وحممد رشيد. )1875(<br />
والراجح حترمي ذلك؛ ألن هللا تعاىل حرم علينا أكل امليتة واملنخنقة واملوقوذة،<br />
وما يقتله<br />
الكت ايب عل ى ه ذا الوج ه مم ا ح رم هللا ؛ ألن ه إم ا ميت ة أو منخنق ة ... إخل حس ب أداة<br />
وك<strong>يف</strong>ية القتل.<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
. 145<br />
.<br />
173<br />
.<br />
3<br />
<strong>يف</strong> أحكام القرآن )556/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />
كالونشريسي <strong>يف</strong> املعيار املعرب )9/2(.<br />
.26<br />
ينظر: فقه األقليات، خالد عبد القادر، ص )503( ، وتقدمت ترمجة رشيد ص<br />
.356<br />
)1870(<br />
)1871(<br />
)1872(<br />
)1873(<br />
)1874(<br />
)1875(
وكم ا أن اخلنزي ر م ن طع امهم وال قائ ل حبل ه لن ا فك ذلك ه ذا املقت ول عل ى غ ري وجه ه<br />
الشرعي؛ ألن امليتة واخلنزير حرما <strong>يف</strong> اآلي ة نفس ها وعم وم اآلي ة املبيح ة لطع امهم مقي د<br />
َبحملرمات <strong>يف</strong> األخرى واحلاظر يقدم على املبيح إذا تعارضا. )1876(<br />
التسمية.<br />
وقد اختلف أهل العلم هنا <strong>يف</strong> مسألتني:<br />
-3<br />
األوىل: ما تركوا التسمية عليه ابلكلية، فللعلماء فيه قوالن:<br />
األول: التحرمي، وهو قول احلنفية واحلنابلة. )1877(<br />
الثاين: اإلَبحة وهو قول املالكية والشافعية. )1878(<br />
واستدل أصحاب القول األول: أبن التسمية ش رط <strong>يف</strong> ح ل ذبيح ة املس لم فالكت ايب م ن َبب أوىل، وإن قي ل<br />
إهنا ليست بشرط <strong>يف</strong> املسلم فألن اسم هللا <strong>يف</strong> قلبه وإن تركه بلسانه والنسيان معفو عنه خبالف الكتايب.<br />
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
<br />
<br />
بظ اهر الق رآن <br />
فظاهره ا العم وم فيتن اول م ا مل ي ذكر اس م هللا<br />
عليه.<br />
–<br />
وألن التسمية إذا مل تكن شرطاً <strong>يف</strong> ذبيحة املسلم –<br />
على قول<br />
مل تكن شرطاً <strong>يف</strong> ذبيحة الكتايب. )1879(<br />
)1876(<br />
)1877(<br />
)1878(<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5( وما بعدها، وحاشية ابن عابدين )428/9(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي<br />
وحاشية ابن قندس، حتقيق الرتكي )399/10(، واملغين، البن قدامة )294/13(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )264/2(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )583/1(، واجملموع، للنووي )53-52/9(،<br />
ومغين احملتاج، للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني، للنووي )237/3(، وجملة اجملمع الفقهي ع3<br />
.)404/2(<br />
)1879(<br />
املصادر السابقة.
املناقشة والرتجيح:<br />
محل املالكية اآلية اليت تنهى عن أكل ما مل يذكر اسم هللا علي ه عل ى م ا إذا ك ان ال ذابح مس لماً أم ا الكت ايب<br />
فال، ورد ذلك أبن النص مطلق فيشمل كل ذابح وذبح.<br />
ومح ل الش افعية اآلي ة ال يت حت رم أك ل م ا مل ي ذكر اس م هللا علي ه عل ى م ا ذك ر علي ه غ ري اس م هللا، وقول ه:<br />
<br />
جممل مفسر آبية األنعام )قل ال أجد..( اآلية ، ومفهومه جواز األكل إذا مل يكن فسقاً .<br />
ون وقش ذل ك أبن التأكي د أبن وال الم <strong>يف</strong> قول ه: <br />
ينف ي ك ون اجلمل ة حالي ة واإلمج اع ممن وع<br />
الش تهار مع ىن الفس ق، و<strong>يف</strong> اآلي ة بي ان أن احلرم ة لع دم ذك ر اس م هللا؛ ألن التح رمي يوص ف<br />
وهو املوجب للحرمة.<br />
بذلك الوص ف<br />
<br />
والراجح اشرتاط التسمية <strong>يف</strong> حل ذبيحة املسلم لظاهر النص، وعليه فالكتايب أوىل، وهللا تعاىل يقول: <br />
وه ذا يش مل ذبيح ة الكت ايب وه و خمص ص لعم وم اآلي ة<br />
)1880( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الس ابقة؛ ألن امل راد هب ا م ا ذحب وه بش رطه كاملس لم وم ن ش رطه التس مية، ف ال حت ل ذبيح ة الكت ايب إذا ت رك<br />
التسمية عليها، قال اب ن الق يم: " لعم ر هللا إهن ا لش رط بكت اب هللا وس نة رس وله وأه ل الكت اب وغ ريهم فيه ا<br />
ا.ه<br />
سواء فال يؤكل مرتوك التسمية سواء ذحبه مسلم أو كتايب لبضعة عشر دليالً" )1881(<br />
<br />
<br />
ولعل <strong>يف</strong> قوله: <br />
إش ارة إىل ه ذا؛ ألن اخلط اب هن ا يش مل<br />
املخاطبني من املسلمني وكذلك أهل الكتاب الذين حتل ذَبئحهم كاملسلمني.<br />
املسألة الثانية: ما مسوا عليه غري هللا كاملسيح مثالً فهل يلحق مبا تقدم أم ال؟<br />
اختلف العلماء فيه على ثالثة أقوال:<br />
)1882(<br />
األول: التحرمي، وهو قول احلنفية، والشافعية، وأصح الروايتني عن أمحد.<br />
الثاين: اإلَبحة، وهو رواية عن أمحد وقول مجاعة من السلف. )1883(<br />
<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
. 121<br />
أحكام أهل الذمة، البن القيم )510/1(، ومن تلك األدلة قوله سبحانه:<br />
<br />
<br />
)1880(<br />
)1881(<br />
<br />
<br />
<br />
سورة املائدة، اآلية: 4.<br />
وقوله سبحانه:<br />
سورة<br />
األنعام، اآلية:<br />
<br />
<br />
. 119 ، وقوله سبحانه: <br />
)1882(<br />
سورة احلج، اآلية: .<br />
وأما إن نسيها فتقام امللة مقام التسمية <strong>يف</strong> حق الناسي؛ ألنه معذور، ينظر: تبيني احلقائق )288/5(، وفقه األقليات، )508(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )75/5(، وحاشية ابن عابدين )428/9(، واجملموع للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج<br />
للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني )237/3(، وحاشية ابن قندس )403/10(، واملغين، البن قدامة )294/13(، وهبذا أفتت<br />
اللجنة الدائمة كما <strong>يف</strong> الفتوى رقم )1216(.
الثال ث: التفص يل، ف إن ك انوا ذحب وه تق رَبً آلهل تهم وترك وه فل م ينتفع وا ب ه ف ال حي ل لن ا أكل ه؛ ألن ه ل يس م ن<br />
طعامهم وما ذحبوه ألنفسهم بقصد األكل منه ولو <strong>يف</strong> أعيادهم لكن مسوا عليه اسم آهلتهم تربكاً فيك ره أكل ه<br />
وال حيرم، وهذا قول املالكية. )1884(<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
بقوله سبحانه: <br />
، وبقوله س بحانه:<br />
وه ذا ص ريح ع ام <strong>يف</strong> حت رمي ك ل م ا ذب ح لغ ري هللا ومن ه ه ذا ألهن م أخلص وا الكف ر عن د<br />
)1885( <br />
<br />
<br />
تلك الذبيحة. )1886(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ونوقش أبنه مقيد بقوله: <br />
فهي خمصصة لاية السابقة. )1887(<br />
ينظر: املصادر السابقة.<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )264/2(، عقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )583/1(، وحاشية الدسوقي )53/1(.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 173<br />
ينظر: املصادر السابقة، وأحكام أهل الذمة، البن القيم )510/1(، وما بعدها.<br />
وسيأيت اجلواب عن ذلك قريباً ، و ينظر: حاشية ابن عابدين )428/9(.<br />
)1883(<br />
)1884(<br />
)1885(<br />
)1886(<br />
)1887(
واستدل أصحاب القول الثاين:<br />
أبن ه ذا م ن طع امهم وق د أَبح ه هللا لن ا م ع علم ه أهن م يس مون غ ري امس ه، فل و ك ان حمرم اً لبُنيِّ ْ إذا ال جي وز<br />
أتخري البيان عن وقت احلاجة، وقد أكل النيب من الشاة املسمومة اليت قدمها له اليه ود ومل يس أل أذك ر<br />
اسم هللا عليها أم ال؟ )1888(<br />
<br />
واستدل أصحاب القول الثالث:<br />
بعم وم قول ه:<br />
فإن ه يص رفه ع ن التح رمي إىل الكراه ة ل ذكر اس م<br />
<br />
)1889(<br />
اآلهلة.<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
الراجح القول األول لعموم اآلية وإَبحة ذَبئح أه ل الكت اب وإن كان ت مطلق ة لكنه ا مقي دة مب ا مل يهل وا ب ه<br />
لغري هللا فيحمل املطلق على املقيد مجعاً بني النصوص، وال يصح العكس لوجوه )1890( :<br />
أحدها: النص على حترمي م ا مل ي ذكر اس م هللا علي ه <strong>يف</strong> قول ه س بحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
فنص على حترمي أكله، وأخرب أبنه فسق و<strong>يف</strong> هذا تنبيه على أن ما ذكر اس م هللا<br />
عليه أشد وأوىل <strong>يف</strong> التحرمي والفسق فال حيل.<br />
الثاين: أن إَبحة طعامهم خص منه مما يستحلونه مماه هو حمرم علينا كامليتة وحلم اخلنزير فألن خي ص من ه م ا<br />
يستحلونه مما أهل به لغري هللا من َبب أوىل.<br />
الثالث: أنه تعارض دليل احلظر واإلَبحة فريجح احلظر؛ ألنه أحوط.<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:" )وما أهل به لغري هللا( عم وم حمف وظ مل ت ص من ه ص ورة خب الف طع ام ال ذين أوت وا<br />
الكت اب فإن ه يش رتط ل ه ال ذكاة املبيح ة فل و ذك ى الكت ايب <strong>يف</strong> غ ري احمل ل املش روع مل يبح ذكات ه ألن غاي ة<br />
الكتايب أن تكون ذكاته كاملسلم واملسلم لو ذبح لغري هللا أو ذب ح َبس م غ ري هللا مل يب يح وإن ك ان يكف ر<br />
ب ذلك فك ذلك ال ذمي ألن قول ه تع اىل:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
سواء، وهم وإن كانوا يستحلون ه ذا وحن ن ال نس تحله فل يس ك ل م ا اس تحلوه حي ل لن ا؛ وألن ه<br />
تع ارض ح اظر ومب يح فاحل اظر أوىل أن يق دم؛ وألن ال ذبح لغ ري هللا أو َبس م غ ريه ق د علمن ا يقين اً أن ه ل يس<br />
.)2190(<br />
)1888(<br />
)1889(<br />
)1890(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي، َبب الشاة اليت مست للنيب رقم )4003( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب السالم، َبب السم، رقم<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )264/2(، وعقد اجلواهر الثمينة، البن شاس )583/1(.<br />
ينظر: أحكام أهل الذمة، البن القيم )527/1(.
من دين األنبياء عليهم السالم فهو من الشرك الذي أحدثوه فاملعىن الذي ألجله حلَّ ت ذَبئحه م منت ف <strong>يف</strong><br />
هذا". )1891(<br />
الرابع: أن ما أهل به لغري هللا ال جيوز أن أتيت الشريعة إبَبحته أصالً فإنه مبنزلة عبادة غري هللا.<br />
وما استدل به أصحاب القول الثاين م ردود أبن هللا س بحانه ك ان يعل م أيض اً أن النص ارى م ن أه ل الكت اب<br />
أيكل ون اخلنزي ر ويش ربون اخلم ر وه و ال ذي أَبح لن ا ذَبئحه م وح رم علين ا م ا أه ل لغ ري هللا ب ه فيج ب أن<br />
يكون حكم احلل مراعى فيه حكم اآلية األخ رى مبع ىن أن ذبيح تهم حت ل بش رط ع دم اإله الل عليه ا بغ ري<br />
<br />
<br />
اسم هللا و إال فلماذا ال نستخرج من قوله: <br />
إَبحة ذلك<br />
أيضاً؟<br />
وأم ا اس تدالهلم بش اة اليه ود املس مومة فإمن ا يص ح ل و ثب ت أن اليه ود <strong>يف</strong> ذل ك الزم ان م ا ك انوا ي ذكرون<br />
اسم هللا على ذَبئحهم وأنه رغم علمه هبذا أكل من ذبيحتهم، وأم ا جم رد أن ه أك ل م ن ذبيح تهم ومل<br />
يسأل فال دليل فيه على استثنائهم من وجوب التسمية. )1892(<br />
وقال ابن كثري: "إن أهل الكتاب<br />
–<br />
<strong>يف</strong> ذلك الوقت – كانوا ي ذكرون اس م هللا عل ى ذَبئحه م وق رابينهم<br />
وكانوا متعبدين بذلك وهلذا فإن هللا تعاىل مل يبح ذَبئح من عداهم من أهل الشرك ومن شاهبهم ألهنم ال<br />
يذكرون اسم هللا على ذَبئحهم". )1893(<br />
اقتضاء الصراط املستقيم، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )60-59/2(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )428/9(، وذَبئح أهل الكتاب، أليب يعلى املودودي، ص)30( بتصرف.<br />
تفسري ابن كثري )27/2(، وسبقت ترمجته ص<br />
. 35<br />
)1891(<br />
)1892(<br />
)1893(
وسبب اخلالف <strong>يف</strong> هذه املسألة واليت قبلها التعارض بني عمومني. )1894(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فف ي األوىل تع ارض قول ه: <br />
م ع قول ه:<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> الثاني ة تع ارض م ع قول ه: <br />
والقاع دة األص ولية تق ول: إذا تع ارض<br />
–<br />
عمومان يرجح العموم احملفوظ –<br />
الباقي على عمومه<br />
على العم وم ال ذي خ ص من ه ص ور وه ذا يؤي د<br />
ما تقدم ترجيحه <strong>يف</strong><br />
املسألتني.<br />
وتفري ق املالكي ة ال دلي ل علي ه؛ ألن عل ة التح رمي ال ذبح لغ ري هللا وه ي متحقق ة <strong>يف</strong> ك ل ح ال وم ا ذحب وه<br />
وتقربوا به لغري هللا فهو شرك ويدخل فيما أهل به لغري هللا ولو ذكروا علي ه اس م هللا ومن ه م ا يذحبون ه <strong>يف</strong><br />
أعيادهم وكنائسهم إذا نوى هبا التقرب إىل غري هللا، ونقلت الرخصة فيها عن طائفة من الصحابة رضي<br />
)1895(<br />
هللا عنهم وهذا فيما إذا مل يسموا غري هللا.<br />
ومن اخلطأ ما علل به بعض املعاصرين <strong>يف</strong> إَبح ة ذَبئ ح أه ل الكت اب مطلق اً لعم وم االب تالء مبخ الطتهم<br />
للمس لمني واحتي اجهم إىل م ا يذحبون ه <strong>يف</strong> ك ل زم ان ومك ان فه ذا غل ط واض ح مل يق ل ب ه أح د م ن<br />
املس لمني ف إن خمالط ة املس لمني للمش ركني كم ا <strong>يف</strong> مك ة و الط ائف وغريمه ا أعظ م وأكث ر م ن خم الطتهم<br />
ألهل الكتاب ومع هذا مل تبح ذَبئحهم والذبيحة برتك التسمية عليها أو بذكر اسم غري هللا عليها حتمل<br />
اخلبث وهللا سبحانه وتعاىل حرم علينا اخلبائث واخلبث. )1896(<br />
وإذا مل تعل م تس ميته فإن ه ال يس أل عنه ا وال ت رتك ذبيحت ه إال ب دليل ق اطع عل ى وج ود م ا حيرمه ا إذا<br />
)1897(<br />
األصل احلل مث إن الشرط مىت شق العلم به وكان فيه أعظم احلرج سقط اعتبار العلم به.<br />
وال يباح للسائح <strong>يف</strong> بالد الكفر أكل ما مل يذبح على الطريقة الشرعية إال للضرورة املبيح ة للمحظ ور<br />
،<br />
أما كون املسلم يشق عليه حتصيل احلالل فإن هذا ال جيعل ه مضطراً فبإمكان ه حتص يل الطع ام املب اح م ن<br />
األمساك واحلبوب واأللبان وغريها.<br />
)1894(<br />
)1895(<br />
)1896(<br />
)1897(<br />
ينظر: بداية اجملتهد، البن رشد )264/2(.<br />
ينظر: اقتضاء الصراط املستقيم، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> )57/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )454/7(.<br />
ينظر: حكم اللحوم املستوردة وذَبئح أهل الكتاب وغريهم، عبد هللا بن محيد، ص )28( بتصرف، وأحكام األطعمة، أبو سريع ،<br />
ص )193(، وما بعدها.<br />
كما ذكر ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )247/1( و<strong>يف</strong> بداية اجملتهد )450/1(: )إذا مل يعلم أن أهل الكتاب مسوا هللا على<br />
الذبيحة فقال اجلمهور تؤكل وهو مروي عن علي ولست أذكر <strong>يف</strong> هذا الوقت خالفاً(.
و<strong>يف</strong> هذا الزمن ابتلي املسلمون بكثرة استرياد اللحوم من بالد غري إسالمية وقد أصدر اجملمع الفقهي <strong>يف</strong><br />
قراره رقم )94( بشأن الذَبئح ما يبني حكم ذلك بقوله:<br />
)أ( إذا كان استرياد اللحوم من بالد غالبية سكاهنا من أهل الكتاب وتذبح حيواانهتا <strong>يف</strong> اجملازر احلديثة<br />
مبراعاة شروط التذكية الشرعية فهي حلوم حالل.<br />
)ب( اللح وم املس توردة م ن ب الد غالبي ة س كاهنا م ن غ ري أه ل الكت اب حمرم ة لغلب ة الظ ن أبن إزه اق<br />
روحها وقع ممن ال حتل تذكيته.<br />
)ج( اللح وم املس تورة م ن ال بالد املش ار إليه ا <strong>يف</strong> البن د الس ابق إذا مت ت ت ذكيتها تذكي ة ش رعية حت ت<br />
إشراف هيئة إسالمية معتمدة وكان املذكي مسلماً أو كتابياً فهي حالل. )1898(<br />
وأف ىت الش يخ اب ن َبز أبن ه إن عل م كوهن ا<br />
م ن ذَبئ ح أه ل الكت اب فاألص ل حله ا م ا<br />
مل يعل م أهن ا ذحب ت<br />
على غري الوجه الشرعي؛ ألنه ال يعدل عن األصل إال بيقني وإن كان من غري ذَبئح أهل الكتاب وإمنا<br />
من بقية الكفار فهي حرام وال تكفي التسمية عليها عند<br />
غسلها أو أكلها. )1899(<br />
وأفتت اللجنة الدائمة بنحو ذلك وأن الكتايب إذا ذكر اسم غري هللا عليه ا أو مل<br />
ي ذكره عم داً أو ض رهبا <strong>يف</strong><br />
رأس ها مبس دس أو َبلطع ن الكهرَبئ ي وحن و ذل ك فه ي ميت ة حمرم ة وعلي ه، وكم ا أف ىت الش يخ اب ن عثيم ني<br />
أيضاً)1900( ، فإن هلذه اللحوم ثالثة أحوال إذا كانت من كتابيني:<br />
األوىل: أن نعلم أبن ذحبه كان على الطريقة <strong>اإلسالم</strong>ية بذكاة وتسمية فاملذبوح حالل.<br />
الثاني ة: أن نعل م أبن ذحب ه ك ان عل ى غ ري الطريق ة اإلس المية مث ل اخلن ق والطع ن والض رب وت رك التس مية أو<br />
ذكر غري اسم هللا أو ذحبها لصنم وحنوه تقرَبً فاملذبوح حرام.<br />
الثالثة: أن نعلم أن الذبح وقع وجنهل ك<strong>يف</strong>يته وصفته وهل مسى عليها أم ال؟<br />
فهنا األصل حله وال جيب السؤال عنه<br />
تيسرياً على العباد ويدل عليه قصة أكله <br />
تق دم وحل ديث عائش ة رض ي هللا عنه ا أن قوم اً ق الوا للن يب <br />
من الشاة املسمومة كما<br />
إن قوم اً أت وان بلح م ال ن دري أذك ر اس م هللا<br />
عليه أم ال فقال: ))مسوا عليه أنتم وكلوه(( قالت: وكانوا حديثي عهد بكفر فالشك موج ود وك وهنم ح ديثوا<br />
عهد َبلكفر قرينة له فقد جيهلون أن التسمية ش رط للح ل لق رب نش أهتم <strong>يف</strong> اإلس الم فإحالل ه <br />
دليل على ما تقدم؛ وألن األصل <strong>يف</strong> األفعال والتصرفات الواقعة من أهلها الصحة. )1901(<br />
م ع ذل ك<br />
)1898(<br />
)1899(<br />
)1900(<br />
)1901(<br />
ينظر: قرارات اجملمع الفقهي املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي ، ص )224(.<br />
ينظر: أحباث هيئة كبار العلماء )546/2(، وما بعدها.<br />
املصدر السابق.<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف، وعليه ال يصح استدالل املهلب حبديث عائشة السابق والذي رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصيد<br />
والذَبئح، َبب ذبيحة األعراب وحنوهم ، ص474، رقم )5507( على أن التسمية ليست فرضاً بل سنة؛ ألنه انب والسنة ال تنوب عن
وق د ص در بي ان هليئ ة كب ار العلم اء <strong>يف</strong> اململك ة <strong>يف</strong> ه ذا املوض وع بن اءً عل ى مكاتب ات وتق ارير ح ول واق ع<br />
ال ذَبئح املس توردة توص لت في ه إىل أن ه ال اطمئن ان حي ل األك ل منه ا ب ل يبق ى الش ك عل ى األق ل يس اور<br />
النفوس <strong>يف</strong> موافقة ذحبها للطريقة <strong>اإلسالم</strong>ية واألصل املنع. )1902(<br />
)1902(<br />
الفرض بل هو دليل على أنه ال يلزم أن يعلموا التسمية فيما جيلب ألسواق املسلمني. ومتام احلديث: )وكانوا حديثي عهد بكفر( فدل<br />
على لزوم التسمية و إال لبني هلم عدم لزومها فال يصح أتخري البيان عن وقت احلاجة.<br />
ينظر: نيل األوطار )140/8(، وسبل السالم )1406/4(، وفقه األقليات، خالد عبد القادر، ص )507(.<br />
أحباث هيئة كبار العلماء )546/2(.
املطلب الرابع عشر<br />
املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم
املطلب الرابع عشر: املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.<br />
في ه<br />
للكفار على اختالف مللهم وحنلهم أعياد كثرية متنوعة منها ما هو ديين<br />
–<br />
–<br />
من أساس دينهم أو مما أحدثوه<br />
وكث ري م ن أعي ادهم م ن قبي ل الع ادات واملناس بات كاألعي اد القومي ة وغريه ا ول يس عل ى املس لم أن<br />
يبح ث عنه ا وال يعرفه ا ب ل يكفي ه أن يع رف <strong>يف</strong> أي فع ل أو ي وم أو مك ان خص وه بعي د أن س ببه تعظ يمهم<br />
هلذا املكان أو الزمان وأنه ال أصل له <strong>يف</strong> دين <strong>اإلسالم</strong> وأقل أحواله أنه من البدع.<br />
وقد ابتلي كثري من املسلمني َبملشاركة <strong>يف</strong> أف راح الكف ار وأعي ادهم وه ذه املش اركة ق د تتمث ل <strong>يف</strong> حض ور تل ك<br />
املناس بات واالحتف ال هب ا وإجاب ة دع وهتم إليه ا جمامل ة هل م أو ملص احل دنيوي ة أو جه الً حبك م ذل ك أو تك ون<br />
املش اركة بنق ل احتف االهتم إىل ب الد اإلس الم وال رتويج لتل ك األعي اد والش عائر وتقلي دهم فيها وم وافقتهم <strong>يف</strong><br />
أفع اهلم ف<strong>يف</strong>عل ون فيه ا كم ا <strong>يف</strong>ع ل الكف ار أو َبإلعان ة عل ى عي دهم ببي ع أو ش راء أو إه داء أو مكاف أة هل م أو<br />
بتهنئ تهم بتل ك األعي اد أو َبس تعمال مص طلحاهتا ومس مياهتا <strong>يف</strong> اجتماع ات املس لمني ومس راهتم وأف راحهم<br />
كاس تخدام لف ظ املهرج ان عل ى ك ل جتم ع كب ري م بهج وحن و ذل ك م ن أوج ه املش اركة، وهللا تع اىل يق ول:<br />
<br />
ول: <br />
)1903(<br />
ويق <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1904(<br />
<br />
<br />
أي: عيداً خيتصون به.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فم ا حيص ل م ن بع ض املس لمني<br />
– ه داهم هللا –<br />
م ن املش اركة واملش اهبة واالغ رتار والف رح أبعي اد الكف ار<br />
وأفراحهم السيما <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حي ث يكث ر ذلك حبج ة الفرج ة والنزه ة وم ا عل م ه ؤالء أن ه ذا االحتف ال م ا<br />
هو إال إحياء لشعائر أهل الكفر ونصرة لباطلهم وإظهار وإعالء له.<br />
ومن أصول الدين ومبانية وقواع ده الراس خة ال والء لإلس الم وأهل ه وال رباءة م ن الكف ر وأهل ه ، وم ن حمتم ات<br />
تلك الرباءة متيز املسلم عن أهل الكفر وإظهار اعتزازه بدينه وفخره إبسالمه وعدم التشبه والتقليد مبن أذهلم<br />
هللا وغضب عليهم وأضلهم عن طريقه املستقيم وهذا االعتزاز والتميز من أحسن القول، كم ا ق ال س بحانه:<br />
والش ك أن<br />
)1905( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<strong>يف</strong> تل ك املش اركة مهم ا ك ان نوعه ا دالئ ل ظ اهرة عل ى م ودهتم وحمب تهم وه ذا من اقض ألص ول ال دين ف اهلل<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
سورة احلج، اآلية:<br />
سورة فصلت، اآلية:<br />
. 48<br />
. 67<br />
. 33<br />
)1903(<br />
)1904(<br />
)1905(
س بحانه يق ول: <br />
<br />
<br />
)1906(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
واملشاهبة تورث املودة واحملبة واملواالة <strong>يف</strong> الباطن كما أن احملبة <strong>يف</strong> الباطن تورث املشاهبة <strong>يف</strong> الظاهر.<br />
وأمج ع الفقه اء عل ى حت رمي حض ور أعي ادهم أو التش به هب م فيه ا أو مش اركتهم فيه ا أبي ش كل ك ان؛ ألدل ة<br />
كثرية منها:<br />
)1907( <br />
<br />
<br />
<br />
بحانه: قول ه س <br />
أي ال مي الئون أه ل<br />
-1<br />
الش رك عل ى ش ركهم وال خي الطوهنم بغ ري إنك ار وفس ر ال زور أبعي اد الكف ار؛ ألهن م عل ى<br />
منك ر وإذا خ الط أه ل املع روف أه ل املنك ر بغ ري اإلنك ار عل يهم ك انوا كالراض ني<br />
املؤثرين له فيخشى من نزول سخط هللا<br />
ما تقدم ذكره <strong>يف</strong> النهي عن التشبه َبلكفار.<br />
على مجاعتهم فيعم اجلميع.<br />
مناقضة ذلك ألصول الدين <strong>يف</strong> الوالء والرباء كما سبق.<br />
اإلمجاع املنعقد <strong>يف</strong> عهد الصحابة والتابعني على عدم حضورها ودليله من وجهني:<br />
ب ه<br />
األول: أن أه ل الكت اب وج دوا ب ني املس لمني وأق روا عل ى البق اء مقاب ل اجلزي ة، وك انوا<br />
حيتفلون أبعيادهم ومل يش راكهم فيها أحد من املسلمني فلوال قيام امل انع لوج د املقتض ي<br />
ووقع فعلم أن الدين هو املانع من ذلك.<br />
الث اين: م ا ج اء <strong>يف</strong> ش روط عم ر رض ي هللا عن ه<br />
– وتق دم ذكره ا –<br />
أن أه ل الذم ة ال<br />
يظهرون أعيادهم <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> فإذا اتفق املسلمون على منعهم من إظهاره ا فكي ف<br />
مبن يشاركهم فيها من املسلمني.<br />
ما ورد عن الصحابة والتابعني <strong>يف</strong> املنع من ذلك والتح ذير من ه، فق د ذك ر البيهق ي <strong>يف</strong><br />
َبب كراهية الدخول على أهل الذمة <strong>يف</strong> كنائسهم والتشبه هب م ي وم ن ريوزهم ومهرج اهنم<br />
شيئاً من ذلك. )1908(<br />
وألن مشاركتهم فيها وهتنئتهم هبا والتش به هب م إق رار هل م عل ى كف رهم وتعظ يم ل ه وإعان ة<br />
عل ى اإلمث والع دوان ورض ى مب ا ه م علي ه م ن املنك ر<br />
وهللا ال يرض ى ذل ك كم ا ق ال<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
س بحانه: <br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
سورة الفرقان، اآلية:<br />
.<br />
. 51<br />
72<br />
كما سبق ، ص )441( ، والبيهقي تقدمت ترمجته ص . 150<br />
)1906(<br />
)1907(<br />
)1908(
، )1909( <br />
<br />
<br />
<br />
وخالقن ا تع اىل، وعلي ه<br />
فكي ف نق ر وهنن عل ى كف ر ال يرض اه ربن ا<br />
ف إهنم إذا هن ؤوان أبعي ادهم فإنن ا ال جني بهم عل ى ذل ك؛ ألهن ا<br />
ليس ت أبعي اد لن ا؛ وألهن ا أعي اد ال يرض اها هللا تع اىل؛ ألهن ا إم ا مبتدع ة <strong>يف</strong> دي نهم أو<br />
مش روعة فس خها اإلس الم:<br />
<br />
<br />
)1910(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وإجابة دعوهتم هلا حمرم أيضاً؛ ألنه أعظم من هتنئتهم<br />
، وم ن فعل ه أمث س واء فعل ه جمامل ة أو ت ودداً أو حي اءً أو لغ ري ذل ك؛ ألن ه م ن املداهن ة<br />
<strong>يف</strong> دي ن هللا وم ن أس باب تقوي ة نف وس الكف ار وفخ رهم ب دينهم، وأق بح م ن ه ذا فع ل<br />
بعض السياح م ن املس لمني <strong>يف</strong> حض وره تل ك األعي اد حبج ة النزه ة والفرج ة وحترمي ه م ن<br />
َبب أوىل ملا تقدم.<br />
لكن إذا ك ان <strong>يف</strong> ش هود أعي ادهم مص لحة راجح ة ش رعاً ج از ذل ك ك دعوهتم لإلس الم<br />
ورجاء هدايتهم بذلك لفعله <br />
مع الصيب اليهودي الذي ع اده <strong>يف</strong> م رض موت ه ودع اه<br />
لإلسالم فأسلم، لكن كثرياً ما تش تبه املص احل الديني ة َبألغ راض الشخص ية في زعم أبهن ا<br />
أغراض دينية ومصاحل شرعية وليست كذلك.<br />
كما أن لْ َجأْ إىل ذل ك ل دفع ض رر غال ب ال ميك ن حتمل ه ع ادة ل ه أن حيض ر وجيام ل<br />
املُ<br />
<strong>يف</strong> الظ اهر م ع اإلنك ار َبلقل ب؛ ألن الض رورات تب يح احملظ ورات ول دفع الض رر<br />
واملفسدة. )1911(<br />
)1909(<br />
)1910(<br />
)1911(<br />
سورة الزمر، اآلية:<br />
. 7<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
. 85<br />
ينظر فيما تقدم: اقتضاء الصراط املستقيم، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> بن تيمية )12-9/2(، وما بعدها، وأحكام أهل الذمة، البن القيم<br />
)1245/3( وما بعدها، وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم، مجع ابن قاسم )253/6-5(، ودليل املسافر، البن َبز، وابن<br />
عثيمني، ص )30/29(، وجملة البيان، العدد )143(، السنة الرابعة عشرة، ص )14( وما بعدها، بتصرف، وقال ابن القيم رمحه هللا: "<br />
وكما أهنم ال جيوز هلم إظهاره فال جيوز للمسلمني مماالهتم عليه وال مساعدهتم وال احلضور معهم َبتفاق أهل العلم الذين هم أهله".
املطلب اخلامس عشر<br />
املعامالت التجارية مع الكفار
املطلب اخلامس عشر: املعامالت التجارية مع الكفار.<br />
-1<br />
-2<br />
املع امالت ه ي األحك ام الش رعية املتعلق ة أبم ر ال دنيا لتص ر<strong>يف</strong>ها وص يانتها م ن بي ع وش راء وإج ارة وحنوه ا<br />
واإلنس ان م دين بطبع ه ال غ ىن ل ه ع ن ب ين جنس ه <strong>يف</strong> حتقي ق حاجات ه ومص احله كم ا تق دم ، وق د حيت اج <strong>يف</strong><br />
سياحته إىل التعامل التجاري مع الكفار ببيع أو شراء وحنوه والكفار عموماً على قسمني:<br />
أهل حرب حتل دماؤهم وأمواهلم وال عصمة هلم.<br />
وأهل عهد وذمة وأمان حترم دماؤهم وأمواهلم ما مل ينقضوا عهدهم.<br />
-1<br />
وأنه ال يدخل <strong>يف</strong> مواالهتم ملا أييت:<br />
وقد قرر الفقهاء جواز التعامل مع الكفار َبلبيع والشراء )1912(<br />
ألن األص ل أن ه ال حي رم عل ى الن اس م ن املع امالت ال يت حيت اجون إليه ا إال م ا دل الكت اب<br />
<br />
والسنة على حترميه، وهللا تع اىل يق ول: <br />
اآلية )1913( ، و<strong>يف</strong> هذا دليل على حل التعامل مع الكافر.<br />
<br />
<br />
فيما أحل هللا ما مل يكن فيه مض رة عل ى املس لمني<br />
نقل بعضهم اإلمجاع على جواز ذلك )1914(<br />
وتقوية ألعدائهم به، وعمل املسلمني على ذلك إىل يومنا هذا.<br />
س رية الن يب وخلف اؤه وأئم ة املس لمني، فق د س افر للتج ارة وتعام ل م ع الكف ار َبلبي ع<br />
والشراء وغريه، وبوب البخاري : )الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب(، وذكر فيه م ا ي دل<br />
عل ى ذل ك وق ال ش ارحه: " معامل ة الكف ار ج ائزة إال بي ع م ا يس تعني ب ه أه ل احل رب عل ى<br />
املسلمني". )1915(<br />
-2<br />
-3<br />
وعامل النيب <br />
)1916(<br />
اليهود <strong>يف</strong> خيرب َبملساقاة واملزارعة و<strong>يف</strong> املدينة َبلبيع والشراء<br />
واستقرض من يهودي ثالثني عاصاً من شعري وأرهنه درعه )1917(<br />
)1912(<br />
ينظر: العناية للبابريت )39/7(، وبدائع الصنائع، للكاساين )214/7(، وفتاوى ابن رشد، حتقيق املختار بن الطاهر التليلي<br />
)973/2(، وفتح الباري، البن حجر )478/4(، وشرح صحيح مسلم، للنووي )43/11(، وأحكام أهل الذمة، البن القيم<br />
.)551/1(<br />
)1913(<br />
)1914(<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
. 75<br />
)1915(<br />
)1916(<br />
كابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )648/1(، والنووي <strong>يف</strong> شرح صحيح مسلم )43/11(، وقال: أمجع املسلمون على جواز معاملة<br />
أهل الذمة وغريهم والكفار إذا مل يتحقق حترمي ما معه لكن ال جيوز للمسلم أن يبيع أهل احلرب سالحاً وآلة حرب وال يستعينون به <strong>يف</strong><br />
إقامة دينهم وال بيع مصحف وال العبد املسلم لكافر مطلقاً وهللا أعلم" ا.ه ونقل ابن هبرية <strong>يف</strong> اإلفصاح اإلمجاع على صحة بيع كل َبلغ<br />
عاقل خمتار مطلق التصرف )317/1(.<br />
فتح الباري، البن حجر )479-478/4(.<br />
وعليه بوب البخاري )املزارعة مع اليهود( <strong>يف</strong> صحيحه.
واشرتى من يهودي سلعة إىل امليس رة )1918( ، ق ال اب ن الق يم: )وفي ه دلي ل عل ى ج واز مع املتهم<br />
ورهنهم السالح( )1919(<br />
وق ال عب د ال رمحن ب ن ع وف رض ي هللا عن ه: " كاتب ت أمي ة ب ن خل ف كت اَبً أبن ح<strong>يف</strong>ظ ين <strong>يف</strong><br />
– أي أهلي ومايل – صياغيت مبكة<br />
وأحفظه <strong>يف</strong> صياغته َبملدينة" )1920(<br />
وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> معاملة التتار: " جيوز فيها ما جيوز <strong>يف</strong> معاملة أمثاهلم وحيرم فيها ما حيرم<br />
<strong>يف</strong> معامل ة أمث اهلم فيج وز أن ييبت اع الرج ل م ن مواش يهم وخ يلهم وحن و ذل ك كم ا يبت اع م ن<br />
مواشي األعراب والرتكمان واألك راد وجي وز أن يب يعهم م ن الطع ام والثي اب وحن و ذل ك م ا يبيع ه<br />
ألمث اهلم فأم ا إن َبعه م أو َبع غ ريهم م ا يعي نهم ب ه عل ى احملرم ات كبي ع اخلي ل والس الح مل ن<br />
)1921(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يقات ل ب ه قت االً حمرم اً فه ذا ال جي وز ، ق ال تع اىل: <br />
اآلي ة، وإذا ك ان ال ذي معه م أو م ع غ ريهم أم وال يع رف أهن م غص بوها م ن معص وم ف ذلك ال<br />
جيوز اشرتاؤها ملن ميتلكها لكن إذا اشرتيت على طريق االستنقاذ لتصرف <strong>يف</strong> مصارفها الشرعية<br />
فتعاد إىل أصحاهبا<br />
– إن أمكن –<br />
-1<br />
و إال ص رفت <strong>يف</strong> مص احل املس لمني ج از ه ذا و إذا عل م أن<br />
<strong>يف</strong> أمواهلم شيئاً حمرماً ال تعرف عينه فهذا ال حترم معاملتهم فيه كما إذا علم أن <strong>يف</strong> األسواق ما<br />
هو مغصوب ومسروق ومل يعلم عينه".<br />
وقال: " إذا سافر الرجل إىل دار احلرب ليشرتي منه ا ج از عن دان كم ا دل علي ه ح ديث جت ارة<br />
أيب بك ر رض ي هللا عن ه <strong>يف</strong> حي اة رس ول هللا إىل أرض الش ام وه ي حين ذاك دار ح رب وغ ري<br />
ذلك من األحاديث".<br />
وبناء على هذا فاألصل إَبحة التعامل التجاري مع الكفار عموماً َبلضوابط التالية:<br />
أن يك ون ذل ك فيم ا أح ل هللا ومل يتحق ق حت رمي ع ني املتعام ل في ه، واألص ل <strong>يف</strong> املع امالت<br />
هو االلتفات إىل العلل واملصاحل واملقاصد فما حقق منها مصلحة معتربة فهو حالل و إال فال<br />
حيل.<br />
)1917(<br />
)1918(<br />
)1919(<br />
)1920(<br />
)1921(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الرهن ، َبب الرهن عند اليهود، رقم )2513(، ص )198(.<br />
أخرجه البخاري، كتاب الرهن، َبب من رهن درعه، رقم )2509(، ص )197(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الرهن ، َبب الرهن وجوازه <strong>يف</strong><br />
احلظر كالسفر، رقم )1603( ، ص )957(.<br />
أحكام أهل الذمة، البن القيم )551/1(.<br />
أخرجه البخاري ،كتاب الوكالة، َبب إذا وكل املسلم حربياً، رقم )2301(، ص )179(.<br />
املسائل املاردينية، ص )132( حتقيق الشاويش، بواسطة الوالء والرباء للقحطاين، ص )356(.
فيح رم التعام ل مب ا ه و ح رام س واء ك ان <strong>يف</strong> ذات ه أو <strong>يف</strong> الوس يلة املوص لة إلي ه وس واء ك ان ه ذا<br />
التعامل بيعاً أو شراء أو هبة أو تربعاً أو وصية أو غري ذلك وسواء كان املتعامل معه حربي اً أو<br />
ذمياً <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> أو غريها. فال جيوز<br />
– مثالً –<br />
معاملة الكافر َبلرَب.<br />
وق د أمج ع املس لمون عل ى أن ه حي رم <strong>يف</strong> دار اإلس الم ب ني املس لمني وأه ل العه د م ا حي رم ب ني املس لمني م ن<br />
املعامالت الفاسدة، فال جيوز معامل ة ال ذمي واحل ريب إذا دخ ل دار اإلس الم أبم ان وعه د َبل رَب إمجاع اً؛ ألن<br />
تعامل املسلم مع ال ذميني واملس تأمنني <strong>يف</strong> دار اإلس الم ل ه حك م تعام ل املس لمني بعض هم م ع بع ض لوج وب<br />
الت زام املس لم َبألحك ام الش رعية وعق د الذم ة خل ف ع ن اإلس الم <strong>يف</strong> عص مة امل ال ووج وب الت زام أحك ام<br />
<strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> ال دنيا فيم ا يرج ع إىل املع امالت واملس تأمنون <strong>يف</strong> دار اإلس الم مبنزل ة ال ذميني <strong>يف</strong> ذل ك، ب ل ون ص<br />
الفقهاء على منع املستأمنني والذميني من التعامل َبلرَب فيما بينهم <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
لك ن الفقه اء اختلف وا <strong>يف</strong> وق وع ال رَب ب ني املس لم واحل ريب <strong>يف</strong> دار احل رب وع دم وقوع ه، فم ن ق ال بوقوع ه ق ال<br />
بتحرميه ومن قال بعدم وقوعه قال جبواز التعامل بينهما فاخلالف فيه على قولني )1922( :<br />
األول: جراين الرَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب وحترميه كما <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.<br />
وهذا قول اجلمهور من املالكية والشافعية واملشهور عن احلنابلة وقال به أبو يوسف من احلنفية. )1923(<br />
الثاين: أنه ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب، فيجوز أخذ الزايدة منهم.<br />
)1924(<br />
وه و ق ول أيب حن<strong>يف</strong> ة وحمم د ب ن احلس ن، وبع ض املالكي ة ورواي ة ع ن أمح د.<br />
وجود األمان وأخذها بعضهم على ظاهرها إبطالق.<br />
وق د قي دها بعض هم بع دم<br />
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول الثاين مبا أييت:<br />
-1<br />
قول النيب : ))ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب((. )1925(<br />
)1922(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )99/6(، واإلفصاح، البن هبرية )317/1(، والقواعد النورانية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ، ص<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية )209/20(.<br />
،)165(<br />
)1923(<br />
)1924(<br />
ينظر: الفروق، للقرا<strong>يف</strong> )208/3(، واألم للشافعي )359/7(، واجملموع للنووي )295/9(، وروضة الطالبني )395/3(، املغين،<br />
البن قدامة )98/6(، والفروع، البن مفلح )292/6(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )214/7(، والعناية للبابريت )39/7(، والبحر الرائق، البن جنيم )148/6(، وتبيني احلقائق،<br />
للزيلعي )98/4(.<br />
)1925(<br />
قال الزيلعي <strong>يف</strong> نصب الراية )44/4(: )غريب وأسنده البيهقي <strong>يف</strong> املعرفة <strong>يف</strong> كتاب السري عن الشافعي قال قال أبو يوسف: إمنا<br />
قال أبو حن<strong>يف</strong>ة هذا؛ ألن بعض املشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول هللا فذكر احلديث<br />
حجة فيه(.<br />
–<br />
قال الشافعي وهذا ليس بثابت وال
فمقتضى النفي اإلَبحة فدل مبنطوقه صراحة على إَبحة ذلك.<br />
أن العباس رضي هللا عنه كان يعامل أهل مكة َبلرَب وهو مسلم ومل ينهه ع ن ذل ك،<br />
مث وضع رَب اجلاهلية <strong>يف</strong> خطبة حجة الوداع بقوله: ))كل رَب اجلاهلي ة موض وع وأول رَب<br />
أض عه رَب العب اس ب ن عب د املطل ب((<br />
)1926(<br />
فخص ه َبل ذكر مم ا ي دل عل ى قيام ه ب ه م ع<br />
إس المه قبل الف تح، فل و مل يك ن ال رَب ب ني املس لمني وأه ل احل رب ح الالً <strong>يف</strong> دار احل رب<br />
لك ان رَب العب اس موض وعاً ي وم أس لم وم ا ق بض من ه بع د ذل ك م ردود )1927( ، لقول ه<br />
-2<br />
)1928( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
سبحانه: <br />
قوله <br />
: )) أميا دار قسمت <strong>يف</strong> اجلاهلية فهي على قسم اجلاهلية(( )1929(<br />
وج ه الدالل ة: أن م ا وق ع <strong>يف</strong> دار اجلاهلي ة م ن قس مة للم رياث فإن ه ميض ي ذل ك<br />
القس م وإن خ الف أحك ام اإلس الم فيق اس عل ى ذل ك املعامل ة َبل رَب ب ني املس لم<br />
واحلريب. )1930(<br />
أن أم وال أه ل احل رب مباح ة للمس لمني َبالغتن ام ب ال عق د فبالعق د الفاس د ال ذي<br />
دخل ه ال رَب م ن َبب أوىل؛ ألن م ن ش رط ج راين ال رَب أن يك ون الب دالن معص ومني<br />
ومل يتحقق هن ا ؛ وألن ه ذا يك ون برض اهم ول يس في ه غ در بي نهم، مث إن ه ال عص مة<br />
هل م فم اهلم مب اح <strong>يف</strong> داره م فب أي طري ق أخ ذه املس لم أخ ذ م االً مباح اً ول و دخ ل<br />
دارهم أبمان؛ ألهنا ال تصري معصومة بذلك. )1931(<br />
-3<br />
-4<br />
)1926(<br />
وذكر ابن حجر <strong>يف</strong> الدراية <strong>يف</strong> تريج أحاديث اهلداية )158/2( حنواً من ذلك، وقال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )98/6( وما بعدها: )خربهم<br />
مرسل ال نعرف صحته(، وسيأيت الكالم عليه.<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )72/5(، والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب التفسري، َبب ومن سورة التوبة ، رقم )3087(، ص )1963(، وابن<br />
ماجه <strong>يف</strong> كتاب احلج، َبب حجة رسول رقم )3074(، ص )2662(، وابن خزمية )251/4(، وابن حبان )257/9(، والبيهقي<br />
.)274/5(<br />
)1927(<br />
)1928(<br />
)1929(<br />
)1930(<br />
)1931(<br />
بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة، والرَب واملعامالت املصرفية، د/ عمر املرتك، ص 220، وأحكام املال احلرام، لعباس الباز، ص )202(،<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
279<br />
أخرجه البيهقي، َبب قسم الدور واألراضي <strong>يف</strong> اجلاهلية )122/9( رقم )18064(.<br />
ينظر: املصادر السابقة للحنفية، والرَب للمرتك، ص )222(.<br />
ينظر: اجملموع، للنووي )295/9(، واملغين، البن قدامة )98/6(، واملصادر السابقة للحنفية.
واستدل أصحاب القول األول مبا أييت:<br />
-1<br />
إطالق وعموم النصوص من الكتاب والسنة <strong>يف</strong> حترمي الرَب وليس فيها ما يدل على قصر التحرمي<br />
على املسلمني أو اعتباره مبكان دون آخر.<br />
)1932(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومن ذلك قوله سبحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقول ه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)1933( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-2<br />
وقول ه : ))فم ن زاد أو ازداد فق د أرىب(( )1934( ، وقول ه ))لع ن هللا آك ل ال رَب وموكل ه<br />
وكاتبه وشاهده((. )1935(<br />
أن م ا ك ان حمرم اً عل ى املس لمني <strong>يف</strong> بالده م فه و حم رم عل يهم <strong>يف</strong> غريه ا ك الزان، ف إن<br />
)1936(<br />
الغاية هي منع أكل املال َبلباطل فاحلكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.<br />
أن الكف ار خم اطبون بف روع الش ريعة<br />
عل ى الص حيح فحرم ة ال رَب اثبت ة <strong>يف</strong> حقه م<br />
-3<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أيضاً)1937( ، وهللا تعاىل يقول: <br />
)1938(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
املناقشة والرتجيح:<br />
ميكن اجلواب عن أدلة القول الثاين أبن احلديث مرسل ضع<strong>يف</strong> ال حج ة في ه، وي دل عل ى ع دم االعتم اد علي ه<br />
اعت ذار أب و يوس ف ل رأي أيب حن<strong>يف</strong> ة ب ه وم ع ذل ك مل ي رتض األخ ذ ب ه ف ال يص ح االعتم اد علي ه وت رك م ا ورد<br />
بتحرميه القرآن والسنة على اإلطالق.<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
275<br />
.279-278<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة، َبب الصرف وبيع الذهب َبلورق نقداً، رقم<br />
،1587 ص .)953(<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب املساقاة، َبَب لعن آكل الرَب وموكله ، رقم )1598(، ص )955(.<br />
ينظر: ، األم للشافعي )359/7(، ، واجملموع للنووي )295/9(، واملغين، البن قدامة )98/6(، والفروع، البن مفلح )292/6(.<br />
ينظر: بدائع الصنائع، للكاساين )214/7(، وأحكام القرآن، البن العريب )516/1(.<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
. 161<br />
)1932(<br />
)1933(<br />
)1934(<br />
)1935(<br />
)1936(<br />
)1937(<br />
)1938(
وعلى فرض صحته فإنه حممول على نفي اإلَبحة للرَب بني املس لم واحل ريب فيك ون قول ه: )ال رَب( مبع ىن النه ي،<br />
والدليل إذا تطرق إليه االحتمال ف ال جي وز معارض ته َبل نص الص ريح مث إن ه حيتم ل النف ي أو النه ي فيق دم احمل رم<br />
على املبيح؛ ألن ترك املباح أهون من ارتكاب احملرم و<strong>يف</strong> هذا مجع بني األدلة.<br />
وأم ا االس تدالل مبعامل ة العب اس فيج اب عن ه أبن ه ال دلي ل عل ى اس تمرار العب اس <strong>يف</strong> ال رَب بع د إس المه فيحم ل<br />
احلديث على أنه كان له رَب <strong>يف</strong> اجلاهلية قبل إس المه ول و سُلِّم اس تمراره علي ه فق د ال يك ون عامل اً بتحرمي ه ف إن<br />
َ<br />
حترمي الرَب جاء متدرجاً كاخلمر، وكانت آية الرَب من آخر ما نزل ولو فهم الصحابة جواز ذلك لعملوا ب ه فيم ا<br />
بينهم ومل ينقل عن أحد أنه استحل مال حريب بتلك الطريقة فال داللة <strong>يف</strong> حديث العباس على اجلواز.<br />
وأما قوله )أميا دار قسمت( احل ديث، فل يس في ه م ا ي دل عل ى ج واز التعام ل َبل رَب م ع غ ري املس لم وإمنا معن اه<br />
أن ما م بني املشركني من عق ود قب ل اإلس الم ال تنقض ي وال يتع رض هل ا، وي دل عل ى ه ذا ح ديث اب ن عب اس<br />
مرفوع اً: ))ك ل قس م قس م <strong>يف</strong> اجلاهلي ة فه و عل ى م ا قس م وك ل قس م أدرك ه اإلس الم فه و عل ى قس م<br />
<strong>اإلسالم</strong>((. )1939(<br />
وأما االس تدالل َبملعق ول، ف ال يل زم م ن اس تباحة أم واهلم َبالغتن ام اس تباحتها َبلعق د الفاس د ب دليل أن أبض اع<br />
نسائهم تستباح َبلسيب وال تستباح َبلعقد الفاسد وكذلك ما حنن فيه.<br />
مث إن احلريب إذا دخل داران أبمان مل حيل للمسلمني معاملته َبلرَب فكذلك العكس؛ ألن العلة وجدت وتل ف<br />
احلكم فتنتقض.<br />
وقد حرم هللا الرَب حلكم عظيمة وملا ينجم عنه من مضار اقتصادية وخلقية واجتماعية وهذه املضار الناجتة ع ن<br />
التعام ل َبل رَب ال تتل ف َبخ تالف املك ان أو األح وال، ب ل إن <strong>يف</strong> جوازه ا <strong>يف</strong> دار احل رب زايدة ض رر عل ى<br />
املسلمني بتحويل أمواهلم إىل البنوك غري <strong>اإلسالم</strong>ية.<br />
وعليه فالراجح حترمي الرَب مطلقاً للعمومات، وما ذكره املخالف ال يصلح لتخصيص ذلك أو تقييده كما سبق<br />
، و<strong>يف</strong> العمل به من الضرر على املسلمني ما مل أتت الشريعة مبثله. )1940(<br />
2- أن ال يكون <strong>يف</strong> هذا التعامل ضرر على املسلمني.<br />
)1939(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> َبب من أسلم على مرياث ، رقم 2914، ص )1441(، وابن ماجه <strong>يف</strong> َبب قسمة املاء، رقم<br />
)2626(، والبيهقي <strong>يف</strong> َبب ما قسم من الدور واألراضي <strong>يف</strong> اجلاهلية )122/9( رقم<br />
2485، ص<br />
.18065<br />
)1940(<br />
ينظر: املغين، البن قدامة )98/6- وما بعدها(، والرَب واملعامالت املصرفية، للمرتك ، ص )217(، وأحكام املال احلرام، للباز، ص<br />
)197، وما بعدها بتصرف.
وهل ذا ح رم إمجاع اً بي ع الس الح وغ ريه مم ا يس تعان ب ه عل ى قت ال املس لمني، ويك ون في ه تقوي ة ألع دائهم<br />
وح رم إج ارة املس لم نفس ه للك افر ليخدم ه، كم ا<br />
فالواج ب من ع م ا ي ؤدي ل ذلك ال اإلعان ة علي ه. )1941(<br />
وحرم إمجاعاً بيع املصحف للكافر خماف ة أن يهين ه وملنع ه م ن ملس ه كم ا ح رم الس فر ب ه إىل<br />
تقدم. )1942(<br />
بالد الكفار إن خ<strong>يف</strong> وقوعه <strong>يف</strong> أيديهم؛ ملا <strong>يف</strong> ذلك من ضرر على <strong>اإلسالم</strong> و املسلمني. )1943(<br />
)1944(<br />
بل منع بعض الفقهاء فداء املسلم بكافر أو مبال إذا كان يتقوى به الكفار.<br />
واملقصود أن كل تعامل فيه ضرر على املسلمني فإنه حمرم كما تقدم وهو من اإلعانة على اإلمث والعدوان<br />
وخيانة للمسلمني.<br />
-3<br />
أن ال يؤدي هذا التعامل إىل مواالهتم وحمبتهم والتشبه هبم.<br />
لعموم األدلة الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> حترمي مواالة الكفار والتش به هب م فم ا أدى إىل ذل ك فه و حم رم أيض اً<br />
سداً للذريعة، كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة بقوهلا: "األصل جواز شراء املسلم ما حيتاجه مما أحل هللا<br />
ل ه م ن املس لم أو الك افر، وق د اش رتى الن يب <br />
م ن اليه ود لك ن إذا ك ان ع دول املس لم ع ن الش راء م ن<br />
أخيه املسلم من غري سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إىل حمبة الشراء من كافر والرغبة <strong>يف</strong> ذلك<br />
وإيثاره على املسلم دون مربر<br />
–<br />
فهذا حرام؛ ملا فيه من مواالة الكفار ورضاء عنهم وحمبة هلم وملا فيه من<br />
النقص على جتار املسلمني وكساد سلعتهم وعدم رواجها إذا اتذ املسلم ذلك عادة له.<br />
وأما إن كانت هناك دواع للعدول من حنو ما تقدم فعليه أن ينص ح ألخي ه املس لم ب رتك<br />
م ا يص رفه عن ه<br />
من العيوب فإن انتصح فاحلمد هلل و إال عدل عنه إىل غ ريه ول و إىل ك افر حيس ن تب ادل املن افع ويص دق<br />
<strong>يف</strong> معاملته". )1945(<br />
فإذا توفرت هذه الضوابط جاز التعامل مع الكفار للحاجة وملا تقدم وترك ذلك أوىل كما جاء <strong>يف</strong> فتوى<br />
اللجن ة الدائم ة لإلفت اء : " جت وز مش اركتهم <strong>يف</strong> األعم ال التجاري ة املباح ة إذا أم ن م ن يش اركهم م ن<br />
)1941(<br />
)1942(<br />
)1943(<br />
ينظر: البحر الرائق، البن جنيم )155/5(، وتبيني احلقائق، للزيلعي )247/3(، وشرح خمتصر خليل، للخرشي )12-11/5( ،<br />
وحاشية الدسوقي )8/3(، وأسىن املطالب، لألنصاري )32/2(، وهناية احملتاج، للرملي )391/3(، وحاشيتا قليويب وعمرية )197/2(،<br />
ونقل النووي <strong>يف</strong> اجملموع )260/9( اإلمجاع على ذلك.<br />
ص )368(.<br />
)1944(<br />
ينظر: حاشية الدسوقي )8/3(، وشرح اخلرشي )12-11/5(، وهناية احملتاج، للرملي )390-392/3(، وحتفة احملتاج، للهيثمي<br />
)230/4(، ومطالب أويل النهى، للرحيباين )18/3(.<br />
وهو قول أيب حن<strong>يف</strong>ة، والصاحبان على خالفه؛ ألن فيه تليص املسلم وهو أوىل من قتل الكافر، ينظر: شرح فتح القدير، البن<br />
اهلمام )220/5(.<br />
)1945(<br />
فتاوى اللجنة الدائمة، مجع أمحد الدويش )18/13(.
املس لمني غش هم وتع املهم مب ا ح رم هللا م ن ال رَب والقم ار والغ رر وحن و ذل ك ولك ن ت رك مش اركتهم <strong>يف</strong><br />
التجارة خري وأوىل بعداً عن موارد الريبة ومواقع التهم والظنون واخلطر". )1946(<br />
)1946( املصدر السابق )99/2(.
املطلب السادس عشر<br />
املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك
املطلب السادس عشر: املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.<br />
املقاطعة لغة مفاعلة من القطع واإلَبنة واهلجران ضد الوصل وقد شاع استعمال املقاطعة االقتصادية <strong>يف</strong><br />
االمتناع عن شراء منتجات من حيارب املسلمني أو يعينهم دون االمتن اع ع ن البي ع؛ ألن املس لمني اآلن<br />
صاروا مستهلكني وقل إنتاجهم.<br />
وميكن تعر<strong>يف</strong> املقاطعة االقتصادية أبهنا:<br />
"وقف العالئ ق التجاري ة م ع ف رد أو مجاع ة أو بل د لتحقي ق غ رض اقتص ادي أو سياس ي أو عس كري <strong>يف</strong><br />
السلم واحلرب". )1947(<br />
وتعت رب املقاطع ة االقتص ادية م ن أه م أس لحة احل رب االقتص ادية وذل ك م ن خ الل مقاطع ة كامل ة لس لع<br />
الدول ة وع دم االس ترياد منه ا أو التص دير إليه ا عل ى اإلط الق وع دم إعطائه ا أي فرص ة ل رتويج س لعها<br />
التصديرية. )1948(<br />
و<strong>السياحة</strong> صناعة اقتصادية هلا أمهيتها البالغة <strong>يف</strong> االقتصاد العاملي ورمبا كانت املص در األساس ي مل وارد بع ض<br />
العامل. الدول <strong>يف</strong><br />
وللس ائح الع ريب عموم اً واخلليجي عل ى وج ه اخلص وص أمهي ة َبلغ ة ل دى كث ري م ن ال دول الس ياحية <strong>يف</strong> ب الد<br />
الكفر ملا ينفقه من مب الغ طائل ة ق درت حب وايل )27( ملي ار دوالر وم ع أن ه ذا املبل غ ال ميث ل س وى<br />
م ن إمج ايل العائ دات العاملي ة م ن الس ياحة ع ام<br />
%5.6<br />
2001م والبالغ ة )476( ملي ار دوالر حس ب تق ديرات<br />
املنظمة العاملية للسياحة فإن إنفاق اخلليجيني خالل ج والهتم الس ياحية <strong>يف</strong> ب الد الغ رب<br />
–<br />
–<br />
يعد األعلى مقارنة َبجلنسيات األوروبية نفسها.<br />
وبل غ ع دد اللي ايل ال يت ش غلها اخلليجي ون <strong>يف</strong> الفن ادق العاملي ة حن و<br />
منه ا<br />
200<br />
108<br />
مالي ني ليل ة وس جل الس عوديون حن و<br />
4.8<br />
رغ م قل ة ع ددهم<br />
ملي ون ليل ة ك ان نص يب الس عوديني<br />
مالي ني رحل ة س ياحية إىل خمتل ف دول الع امل ع ام<br />
2001م وم ع احلج م امل ايل اهلائ ل للس ياحة اخلليجي ة <strong>يف</strong> ب الد الغ رب والكف ر يك ون للمقاطع ة االقتص ادية<br />
الس ياحية أث ر َبل غ وأمهي ة قص وى فه ي الس الح الفع ال <strong>يف</strong> إض عاف االقتص اد لل دول احملارب ة للمس لمني أو<br />
املعينة على أذاهم أو املظهرة لعدائهم وهي <strong>يف</strong> نفس الوقت دعم ونصرة وتنشيط لالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي وحفظ<br />
لث روات األم ة ومق دراهتا إببقائه ا <strong>يف</strong> أرض ها لينتف ع منه ا أبناؤه ا الس يما بع د أتث ر ال بالد العربي ة واإلس المية<br />
سياحياً نتيجة العدوان الغاشم<br />
على أرضها والتهديد الظامل ألمنها <strong>يف</strong> فلسطني والعراق وغريها.<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور )276/8(، واملقاطعة االقتصادية وأحكامها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، تركي الرشودي، ص )18(.<br />
ينظر: احلروب االقتصادية، املفهوم واألدوات ، حلسام الدين حممد السيد، على الرابط: qatta3.i8.com<br />
)1947(<br />
)1948(
وقد أثبتت التقارير واإلحصائيات االنتعاش االقتصادي <strong>يف</strong> بالد املس لمني بفع ل الس ياحة فعل ى س بيل املث ال<br />
بلغ ت زايدة الس ياح <strong>يف</strong> األردن<br />
%25<br />
ع ام 2001م وعائ داهتم تش كل<br />
لألردن وهي املصدر الثاين للبالد من العمالت األجنبية.<br />
وتوقع ت مكات ب الس ياحة <strong>يف</strong> م اليزاي زايدة الس ياح فيه ا ألكث ر م ن<br />
%10<br />
250<br />
م ن إمج ايل ال دخل الق ومي<br />
أل ف <strong>يف</strong> ع ام 120 أل ف مقاب ل<br />
2001م نتيج ة اإلحج ام ع ن الس فر ل بالد الغ رب م ن قب ل كث ري م ن املس لمني وس اهم القط اع الس ياحي<br />
خ الل ذل ك الع ام <strong>يف</strong> الن اتج احملل ي امل اليزي مبق دار<br />
5.5<br />
ملي ارات دوالر، و<strong>يف</strong> املقاب ل ك ان للمقاطع ة<br />
االقتص ادية عموم اً أث ر <strong>يف</strong> إض عاف اقتص اد أع داء اإلس الم ف ورد <strong>يف</strong> بي ان ل وزارة التج ارة املص رية أن واردات<br />
اليه ود <strong>يف</strong> فلس طني اخنفض ت بفع ل املقاطع ة م ن<br />
545<br />
8 ملي ون دوالر إىل<br />
مالي ني دوالر فق ط، واض طرت<br />
كث ري م ن الش ركات العاملي ة إىل إظه ار تعاطفه ا م ع قض ااي املس لمني ونص رهتا هل ا وتص يص ج زء م ن ريعه ا<br />
لدعمها وعمدت بعضها إىل تغيري شعاراهتا وزايدة محالهتا اإلعالمية اليت تتربأ فيه ا م ن ص لتها َبليه ود وق ام<br />
بعض ها إبع داد ومتوي ل دورات تدريبي ة ملوظفيه ا ح ول آداب التعام ل م ع املس لمني وتربع ت إبقام ة مالع ب<br />
ألطفال املسلمني.<br />
وأكدت أحدث التقارير اليت أجرهتا مؤسسة أمريكية متخصصة <strong>يف</strong> البح وث واالس تطالعات أن ح وايل<br />
10<br />
من أهم الشركات األمريكية العاملية ذات األمساء واملاركات العاملية عانت من اهنيار <strong>يف</strong> مبيعاهتا على مستوى<br />
الع امل مبع دالت ت رتاوح م ن<br />
%30 إىل %15<br />
بس بب املقاطع ة االقتص ادية هل ا احتجاج اً عل ى دعمه ا<br />
للسياسات الصهيونية <strong>يف</strong> فلسطني.<br />
وال شك أن املقاطعة السياحية أكثر أتثرياً السيما على اليهود الذين يس عون جل ذب الس ياح ديني اً لألراض ي<br />
املقدسة.<br />
وق د تس ببت املقاطع ة االقتص ادية عموم اً <strong>يف</strong> إحل اق خس ائر إلس رائيل تق در بتس عني مليار دوالر من ذ بداي ة<br />
املقاطعة العربية هبا عام 1951م وحىت<br />
1999م .<br />
وتعرضت ه ذه املقاطع ة وال زال ت تتع رض لض غوط م ن ال دول الغربي ة إللغائه ا وال دعوة إىل تطبي ع العالق ات<br />
مع اليهود.<br />
كم ا أتث رت الس ياحة <strong>يف</strong> إس رائيل نتيج ة اخ تالل األم ن فيه ا جبه ود أبط ال احلج ارة والض غوط االقتص ادية<br />
عليها من قبل املسلمني من خالل املقاطعة، فقل وفود السياح الغربيني عليها. )1949(<br />
)1949(<br />
ينظر: انصر أخاك َبلسياحة، على موقع إسالم أون الين اقتصاد وأعمال<br />
–<br />
املنطقة العربية، وموقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم، وموقع مفكرة<br />
<strong>اإلسالم</strong>، واملقاطعة االقتصادية، فيصل مولوي، أول العبوات الناسفة، تركي النفيعي، واملقاطعة العربية إلسرائيل ط<strong>يف</strong> مل <strong>يف</strong>قد بريقه، سارة<br />
فايز، قاطع اسأل فكر ، جمدي صبحي، سني جيم <strong>يف</strong> مسألة مقاطعة البضائع األمريكية، علي حرت، املقاطعة دماء بال حرب، مغاوري<br />
شليب، حجج ومزاعم املعارضني للمقاطعة واهية وهزيلة، إبراهيم علوش، ملن ينادي َبستحالة املقاطعة، ابتهال السامرائي، املقاطعة<br />
وسالح اإلنرتنت، بدر البدر، وغريها من املقاالت على املوقع<br />
www. qatta3.i8.com<br />
وفتاوى <strong>يف</strong> املقاطعة على موقع
فاملقاطع ة االقتص ادية عموم اً و<strong>يف</strong> الس ياحة عل ى وج ه اخلص وص هل ا أث ر َبل غ <strong>يف</strong> إض عاف اقتص اد أع داء<br />
اإلس الم وم ن يعم ل عل ى اإلض رار أبهل ه الس يما إذا كان ت م ن أه ل اخلل يج األكث ر إنفاق اً <strong>يف</strong> الس ياحة كم ا<br />
تقدم.<br />
فإذا كان للمقاطعة االقتصادية <strong>يف</strong> اجملال السياحي أثر َبلغ <strong>يف</strong> نصرة املسلمني وقض اايهم وإض عاف أع دائهم<br />
وتوجي ه السياس ات الدولي ة مل ا خي دم قض ااي املس لمني وحيق ق مط البهم فه ل جي ب عل ى املس لم االلت زام هب ا<br />
َبالمتناع عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> تلك البلدان أم ال؟<br />
حترير حمل النزاع:<br />
إن أمر ويل األمر وإمام املس لمني ب ذلك ف ال خ الف <strong>يف</strong> وج وب طاعت ه لعم وم األدل ة <strong>يف</strong> ذل ك وحكم ه راف ع<br />
للخالف، واإلمام له تقييد املباح للمصلحة كما دل ت عل ى ذل ك س نة اخللف اء الراش دين لك ن إذا مل أيم ر ب ذلك<br />
فإن علم أو غلب على الظن تقوِّيهم بذلك على املسلمني مل جيز دفع اً للض رر املتحق ق أو الغال ب ولإلمج اع الس ابق عل ى<br />
حت رمي التعام ل م ع أه ل احل رب مب ا يق ويهم، ف إن مل يغل ب عل ى الظ ن ذل ك ومل أيم ر ب ه اإلم ام فق د اختل ف املعاص رون <strong>يف</strong><br />
حكمه على قولني:<br />
األول: وج وب املقاطع ة االقتص ادية عموم اً و<strong>يف</strong> الس ياحة عل ى وج ه اخلص وص، ف ال جي وز للمس لم الس فر<br />
لبالدهم للسياحة.<br />
وهب ذا أف ىت الش يخ اب ن ج ربين، ومف يت مص ر د/نص ر فري د، و د/القرض اوي، ومجاع ة م ن علم اء الس عودية<br />
والسودان واألردن والعراق. )1950(<br />
الثاين: استحباب املقاطعة االقتصادية عموماً وع دم وجوهب ا، وب ه أفت ت اللجن ة الدائم ة والش يخ اب ن عثيم ني<br />
)1951(<br />
والفوزان ، وابن منيع والشيخ انصر العمر، وغريهم.<br />
وعليه فتجوز <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> تلك البلدان عند من جييز <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املس لمني َبلض وابط الس ابقة كم ا<br />
تقدم. )1952(<br />
islamweb.net<br />
almoslim. Com<br />
<strong>اإلسالم</strong>، العدد<br />
للشيخ انصر العمر وغريه. وفتاوى ومقاالت <strong>يف</strong> املقاطعة على الرابط<br />
وجملة املستقبل<br />
112<br />
رمضان 1421ه ، ص<br />
، 11 بتصرف.<br />
ينظر: املصادر السابقة، وموقع مفكرة <strong>اإلسالم</strong>، والروابط:<br />
Alsunnah.info – usaproduct.8m.com – meshkat.net – whyusa.net – rayig.com –<br />
)1950(<br />
mitglied.1ycos.de<br />
)1951( ينظر: فتوى اللجنة الدائمة رقم<br />
21776<br />
almoslim.net – islamt ody.net<br />
)1952( ص )382( .<br />
ومابعدها<br />
اتريخ<br />
1421/12/25ه ، والباب املفتوح، البن عثيمني، ص )95(، والروابط:
األدلة:<br />
استدل أصحاب القول األول )1953(<br />
مبا يلي:<br />
<br />
<br />
<br />
)1954(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
قول ه س بحانه: <br />
وقول ه:<br />
-1<br />
)1955(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله : ))جاهدوا املشركني أبموالكم وأيديكم((. )1956(<br />
فح ث عل ى اجله اد َبمل ال وأم ر ب ه وكم ا أن ب ذل امل ال للمجاه دين <strong>يف</strong> س بيل هللا جه اد ف إن منع ه ع ن<br />
الكف ار إذا تق ووا ب ه <strong>يف</strong> ح رهبم عل ى املس لمني جه اد أيض اً ب ل ه و آك د م ن األول؛ ألن درء<br />
املفاس د<br />
مق دم عل ى جل ب املص احل، وه ذه املقاطع ة ج زء م ن دع م اجملاه دين ومس امهة <strong>يف</strong> إض عاف الكف ار،<br />
"<br />
واجلهاد يتطور بتط ور األح وال وك ل س عي وك ل عم ل في ه ص الح املس لمني وفي ه نفعه م وفيه ع زهم فه و<br />
من اجلهاد، وك ل س عي وك ل عم ل في ه دف ع الض رر ع ن<br />
املس لمني وإيق اع الض رر َبألع داء الك افرين فه و<br />
م ن اجله اد ... وم ن أنف ع اجله اد وأعظم ه مقاطع ة األع داء <strong>يف</strong> الص ادرات وال واردات ف ال يس مح<br />
لوارداهتم وجتاراهتم وال تفتح هلا أسواق املس لمني وال ميكن ون م ن جلبه ا عل ى ب الد املس لمني ب ل يس تغين<br />
املس لمون مب ا عن دهم ... فجه اد األع داء َبملقاطع ة التام ة هل م م ن أعظ م اجله اد <strong>يف</strong> ه ذه األوق ات ....<br />
وق د نف ع هللا هب ذه املقاطع ة هل م نفع اً كب رياً وأض رت األع داء وأجحف ت َبقتص ادايهتم وص اروا م ن ه ذه<br />
اجله ة حمص ورين مض طرين إىل إعط اء املس لمني كث رياً م ن<br />
احلق وق ال يت ل وال ه ذه املقاطع ة ملنعوه ا ....<br />
واملقصود أن مقاطعة األعداء َبالقتص ادايت والتج ارات واألعم ال وغريه ا رك ن عظ يم م ن أرك ان اجله اد<br />
وله النفع األكرب وهو جهاد سلمي وجهاد حريب ". )1957(<br />
<br />
2- قول ه س بحانه: <br />
فه ذه اآلي ة وغريه ا م ن العموم ات <strong>يف</strong> األم ر بقت ال الكف ار والتض ييق عل يهم<br />
)1958(<br />
<br />
<br />
<br />
)1953(<br />
)1954(<br />
)1955(<br />
)1956(<br />
ينظر: املصادر السابقة هلم.<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
.<br />
.<br />
41<br />
111<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )124/3( ، رقم )12268(، وأبو داود ، َبب كراهية ترك الغزو، رقم )2504(، ص )1408(،<br />
والنسائي <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد َبب وجوب اجلهاد ، رقم )3098(، ص )2286(، والدارمي ، َبب <strong>يف</strong> جهاد املشركني ، رقم )2431(،<br />
ينظر: موقع: www. qatta3.i8.com<br />
.)280/2(<br />
)1957(<br />
)1958(<br />
وجدته من مصنفاته، ومل يعرف صحة نسبته من سألته من طالبه.<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
. 5<br />
، وقد نسب هذا الكالم للشيخ عبد الرمحن السعدي، ولكين مل أعثر عليه فيما
-3<br />
ال حيص ل<br />
وحص رهم أي م نعهم م ن التص رف <strong>يف</strong> ب الد اإلس الم للتض ييق عل يهم <strong>يف</strong> حمله م الواس ع )1959(<br />
امتثاهلا دون مقاطعتهم اقتصادايً إلضعافهم عسكرايً وسياسياً.<br />
قول ه س بحانه:<br />
<br />
)1960(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فح دد املوق ف م ن أع داء املس لمني واملرتبص ني هب م الس وء وه و مع اداهتم ومق اطعتهم وإهن اك ق واهم العس كرية<br />
واالقتصادية فمن خالف ذلك وقع فيما هنى عنه املوىل سبحانه من توليهم ونصرهتم على املس لمني، واملقاطع ة<br />
حتقق مفهوم الوالء والرباء وهو ما يشكل<br />
%70<br />
من أسباب املقاطعة.<br />
. )1961( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
4- قوله سبحانه: <br />
واملقاطعة االقتصادية ألعداء املسلمني من التعاون على الرب والتقوى خبالف ضدها.<br />
-5 قوله <br />
: ))املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال خيذله((. )1962(<br />
وأي ظلم وخذالن للمسلمني أشد من اإلصرار على الدعم لعدوهم َبلتعامل التجاري معه وترك مقاطعتهم.<br />
-6 قوله <br />
-7<br />
: ))من مل يهتم أبمر املسلمني فليس منهم((. )1963(<br />
وأبس ط مظ اهر االهتم ام َبملس لمني املقاطع ة االقتص ادية ألع دائهم <strong>يف</strong> ك ل جم ال والعم ل عل ى إض عاف وإهن اك<br />
مواردهم املادية قدر االستطاعة وأقل ذلك االمتناع عن البذل ملصاحلهم، فك<strong>يف</strong> يبذل املسلم ماله ملن يستعني<br />
به على قتل إخوانه!<br />
فع ل الن يب حي ث حاص ر يه ود ب ين النض ري مل ا نقض وا عه دهم ف أتلف زرعه م وأي ده رب ه س بحانه عل ى<br />
<br />
ذل ك كم ا <strong>يف</strong> قول ه <br />
وحاصر أهل الطائف وأمر بقطع أعناب حوائطهم وحتريقها. )1965(<br />
)1964( <br />
<br />
<br />
)1959(<br />
)1960(<br />
)1961(<br />
)1962(<br />
)1963(<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب )320/6(.<br />
سورة املمتحنة، اآلية:<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
. 9<br />
. 2<br />
)1964(<br />
)1965(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املظامل، َبب ال يظلم املسلم املسلم، رقم )2442(، ص )192(.<br />
أخرجه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط )151/1(، رقم )471(، واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )342/2(، رقم )2645(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع<br />
)248/10(: )فيه يزيد الرحيب وهو مرتوك(، وله شاهد عند احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك، كتاب الرقاق، )317/4، ورواه الطرباين عن أنس<br />
بلفظ آخر، و ينظر: كشف اخلفا )368/2(.<br />
سورة احلشر، اآلية:<br />
. 5<br />
كما <strong>يف</strong> صحيح البخاري، َبب غزوة الطائف، من كتاب املغازي ، رقم )4325(، ص )353(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب غزوة الطائف<br />
من كتاب اجلهاد والسري، رقم )1778(، ص )994(.
-8 إقراره <br />
لثمامة بن أاثل رضي هللا عنه مقاطعته لقومه اقتصادايً، بقوله: )وهللا ال أيتيكم من اليمامة حبة<br />
حنطة حىت أيذن فيها رسول هللا <br />
)1966( .)<br />
-9<br />
-10<br />
اإلمجاع على حترمي جلب منفعة للكافر احملارب والتعامل معه مبا يقويه على املسلمني. )1967(<br />
قاع دة س د ال ذرائع فك ل وس يلة أدت حملظ ور فه ي حمظ ورة ول و كان ت <strong>يف</strong> األص ل مباح ة والس ياحة <strong>يف</strong><br />
بالد غري املسلمني دعم القتصادهم وتقوية هلم على املسلمني وتدمري لألمة وفتنة هلا.<br />
-11<br />
م ا ج اءت ب ه الش ريعة م ن مقاص د األخ وة اإلمياني ة ونص رة املس لمني والتع اطف معه م وم ن ذل ك ت رك<br />
مقاطعة من يضر هبم ويعاديهم.<br />
-12<br />
أ-<br />
ما يرتتب عليها من املصاحل الراجحة والفوائد األخرى الكثرية النافعة ومنها:<br />
توعية املسلمني أببعاد املؤامرات الغربية على اقتصادهم ووحدهتم ومقدراهتم.<br />
ب-<br />
ت-<br />
ج-<br />
التخلص من التبعية واهليمنة الغربية على حياة املسلمني <strong>يف</strong> مأكلهم ومشرهبم وسياحتهم وشؤون<br />
حي اهتم العام ة واخلاص ة وحتقي ق االس تقالل واالكتف اء ال ذايت وإب راز الق درات واملواه ب<br />
واإلبداعات.<br />
تشجيع الص ناعات احمللي ة وت وفري ب دائل وطني ة وتعزي ز<br />
الصعاب وعدم اخلضوع وعزة النفس.<br />
الثق ة َبل نفس وتربي ة األجي ال عل ى حت دي<br />
ث- تغي ري سياس ات الع امل جت اه املس لمني مب ا حيق ق مص احلهم وي دفع مظ املهم ومين ع دع م أع دائهم<br />
فاملقاطعة رد أخالقي وسياسي وحضاري ودفاع مشروع عن النفس.<br />
ترشيد عادة االس تهالك املف رط ل دى الش عوب <strong>اإلسالم</strong>ية ال يت غل ب عليه ا االس ترياد م ن الغ رب<br />
واس تهالك منتجات ه مب ا يق وي اقتص اده ويض عف اقتص اد املس لمني وحيق ق االس تعمار<br />
االقتصادي. )1968(<br />
واستدل أصحاب القول الثاين مبا أييت:<br />
-1<br />
عموم األدلة على كون األصل <strong>يف</strong> املعامالت هو احلل، وقد سبق بيان ذلك. )1969(<br />
-2 تعامله <br />
مع اليهود فقد اشرتى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي. )1970(<br />
)1966(<br />
)1967(<br />
)1968(<br />
)1969(<br />
)1970(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي،َبب وفد بين حن<strong>يف</strong>ة وحديث مثامة بن أاثل، رقم )4372(، ص )358(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
اجلهاد، َبب ربط األسري وحبسه ، رقم )1764(، ص )991(.<br />
كما سبق بيان ذلك <strong>يف</strong> املطلب السابق، ص )512(.<br />
ينظر: املصادر السابقة هلذا القول ص<br />
.526<br />
ص )313(<br />
. ومابعدها<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )182(.
-3<br />
ما رواه عبد الرمحن بن أيب بكر رضي هللا عنه قال: )كنا مع النيب مث جاء رجل مش رك مش عان طوي ل<br />
بغنم يسوقها فقال له النيب : بيعاً أم عطية، أو قال: هبة؟ قال: ال بل بيع فاشرتى منه شاة(. )1971(<br />
وعليه بوب البخاري:<br />
<strong>يف</strong> يده. )1972(<br />
]الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب[، ففيه جواز بيع الكافر وإثبات ملك ه عل ى م ا<br />
-4<br />
أن املقاطع ة االقتص ادية تس بب خس ائر للمس لمني وكس اد لتج ارهتم وف وات ملص احلهم وه ذا إض رار هب م<br />
والضرر ال يزال بضرر مثله فك<strong>يف</strong> أبعلى منه؛ ألن جناح املقاطعة غري مقطوع به.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> َبب الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب من كتاب البيوع، رقم )2216( ، ص )172(.<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )478/4(.<br />
)1971(<br />
)1972(
املناقشة والرتجيح:<br />
نوقشت أدلة القول الثاين أبنه مل يقاطع اليهود <strong>يف</strong> املدينة أول األمر حني كانوا مساملني؛ ألهن م مل تظه ر هل م<br />
نوااي ضد <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني فلما ظهر لرسول هللا نواايهم وخاف من شرهم وضررهم وقد نقضوا عهودهم<br />
قاطعهم وحاصرهم حىت أهنك اقتصادهم فاهنزموا فأجالهم.<br />
مث إن قياس احلال <strong>يف</strong> ه ذا الزم ان عل ى يه ود املدين ة ال ذي ه م قل ة َبلنس بة للمس لمني م ع أهن م مل يعلن وا احل رب<br />
عليهم قياس فاسد فأعداء املسلمني اآلن يعملون عل ى ح رب املس لمني واهليمن ة االقتص ادية والعس كرية عل يهم<br />
وإهناك قوة املسلمني واقتصادهم ويستعينون بتعامالهتم مع املسلمني على اإلضرار هبم وهزميتهم ودعم كل عدو<br />
هلم وإحداث الفرقة والفتنة <strong>يف</strong> صفوفهم.<br />
وم ع ض عف املس لمني وتف رقهم وت اذهلم ع ن اجله اد <strong>يف</strong> س بيل هللا َبل نفس ال يبق ى إال اجله اد َبمل ال وأقل ه<br />
املقاطعة االقتصادية.<br />
وم ا م ن ح رب إال وهل ا تض حيات فم ا ين تج ع ن املقاطع ة م ن خس ائر وأض رار كاخنف اض حج م االس تثمارات<br />
وحج م الس ياحة وانقط اع امل نح واملس اعدات وغ ري ذل ك الب د من ه لتحقي ق االنتص ارات واملكاس ب املادي ة<br />
واملعنوي ة األعظ م كاحلري ة <strong>يف</strong> ات اذ الق رار وتقوي ة اإلدارة واحملافظ ة عل ى ث روات األم ة وحتقي ق االكتف اء ال ذايت<br />
واخل روج م ن التبعي ة االقتص ادية واهليمن ة السياس ية وتنمي ة الق درات والتع اون والتعام ل االقتص ادي والنش اط <strong>يف</strong><br />
العم ل ب ني املس لمني وغ ري ذل ك م ن مص احل ال دنيا فض الً ع ن الث واب اجلزي ل <strong>يف</strong> اآلخ رة وال ذي أع ده هللا<br />
للمجاهدين <strong>يف</strong> سبيله وهذا منه كما سبق.<br />
وقواع د الش ريعة تقتض ي دف ع أعظ م الض ررين وأش د املفس دتني َبرتك اب أخفهم ا وال ش ك أن ض رر املقاطع ة<br />
أهون وأخف من ضرر التعامل االقتصادي املقوي ألعداء هللا واملعني هلم على هزمية املس لمني واهليمن ة عل يهم،<br />
)1973(<br />
وقد أثبت الواقع جناح املقاطعة رغم حمدوديتها وعدم تفعيلها رمسياً.<br />
وبناء على ما تقدم يرتجح وج وب املقاطع ة االقتص ادية <strong>يف</strong> األم ور الكمالي ة والتحس ينية كالس ياحة للرتفي ه عن د<br />
م ن حيتم ل حص ول ض رر عل ى املس لمني َبلتعام ل مع ه، أم ا عن د وج ود ض رورة ل ذلك التعام ل كش راء الس الح<br />
وال دواء وغريمه ا فيعم ل مب ا نص ت علي ه قواع د الش ريعة م ن أن الض رورات تب يح احملظ ورات وتق در الض رورة<br />
بقدرها.<br />
وكذا احلاجات اليت يرتتب على تركه ا َبملقاطع ة ح رج ومش قة عام ة كان ت أو خاص ة فإهن ا تن زل منزل ة الض رورة<br />
دفعاً ورفعاً للحرج واملشقة فإذا مل يكن مث ضرورة و ال حاجة لذلك التعامل وظن تضرر املسلمني به وانتفاعهم<br />
)1973( ينظر: islam-onlin.net , Alsunnah.info<br />
وموقع مفكرة <strong>اإلسالم</strong>.
برتك ه ف إن ترك ه ومقاطعت ه واجب ة <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة مل ا تق دم، ويؤك د ذل ك وج ود الب دائل لتل ك الكمالي ات<br />
والتحسينيات <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحتقق املفاسد واملضار ورجحان التحرمي <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> بغري بالدهم كما سبق.<br />
وهذا كله إذا مل أيمر اإلمام َبملقاطعة ومل يعلم املسلم أو يغلب على ظنه تضرر املسلمني بذلك التعامل وتق وي<br />
أعدائهم به عليهم و إال وجبت املقاطعة بال خالف كما سبق.
املطلب السابع عشر<br />
استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين اهلل وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر
املطلب السابع عشر: استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.<br />
لقد جاءت الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية لتستوعب ش ؤون احلي اة كله ا وحتق ق للن اس س عادهتم وهن اءهم والغاي ة ال يت<br />
ألجلها خلقهم خالقهم وموالهم فهي ليست إبقليمية وال عنصرية بل عاملية عامة للناس كلهم قال تعال:<br />
)1974( ، فجمي ع الن اس خم اطبون هب ا فه ي<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
دين الفطرة السوية ومنهاج احلياة الفاضلة السعيدة.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وغايته ا حتقي ق عب ادة هللا <strong>يف</strong> أرض ه كم ا ق ال س بحانه: <br />
)1975( <br />
، ف ال ينبغ ي للس ائح املس لم أن يغف ل أو يتغاف ل ع ن ذل ك ب ل جي ب علي ه اس تثمار س ياحته <strong>يف</strong> حتقي ق<br />
تلك الغاية العظيمة واهلدف النبيل لنفسه ولغريه فيدعوا إىل دين هللا بقوله وفعل ه ول و ك ان <strong>يف</strong> رحل ة س ياحية يه دف<br />
من خالهلا للرتويح والرتفيه واالستجمام وغريه.<br />
<br />
فق د دل الكت اب والس نة عل ى وج وب ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقول ه: )1976( <br />
<br />
، وقول ه: )1978( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، وقول ه: )1977( <br />
)1979(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وال شك أن اجملتمعات وامليادين املتنوعة حباجة إىل الدعوة إىل دين هللا؛ ألهنا مادة حياة الروح والب دن وحاج ة<br />
اجملتمع ات إليه ا أش د م ن ح اجتهم لألك ل والش رب واللب اس كم ا ب ني ذل ك اب ن الق يم رمح ه هللا )1980( ، وه ي<br />
س بيل التع رف عل ى ال وحي ألن العق ل البش ري قاص ر ع ن االس تقالل مبعرف ة احل ق وهب ا يتحق ق الت وازن <strong>يف</strong><br />
سورة األعراف، اآلية:<br />
سورة الذارايت، اآلية:<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
سورة النحل، اآلية:<br />
سورة القصص، اآلية:<br />
سورة يوسف، اآلية:<br />
. 158<br />
. 56<br />
. 104<br />
. 125<br />
. 87<br />
. 108<br />
<strong>يف</strong> مفتاح دار السعادة )2/2(.<br />
)1974(<br />
)1975(<br />
)1976(<br />
)1977(<br />
)1978(<br />
)1979(<br />
)1980(
اجملتمع ات فتس دد حي اة الن اس ونفوس هم األم ارة َبلس وء وتص وب أوض اعهم وأح واهلم وتع اجل أخط اءهم هب ذه<br />
الدعوة فهي جناة من األزمات وإنقاذ للخالئق من الدركات والضالالت. )1981(<br />
وعص ران احلاض ر أش د العص ور حاج ة لل دعوة وافتق اراً إليه ا، وأب رز ميادينها ال يت يش تد فيه ا الفق ر )فق ر الق يم<br />
واملث ل والش ريعة والعقي دة(: املواق ع الس ياحية ال يت ع ادة م ا يغزوه ا الل وث الفك ري جبوانب ه املختلف ة ألهن ا مح ى<br />
مستباحة يسهل النفوذ إليها بسبب بعدها امللحوظ عن هللا غالباً.<br />
ل ذا فالس ائحون واملتنزه ون <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية أبم س احلاج ة إىل ال دعوة ال يت توج ه إل يهم مبختل ف ص ورها<br />
وألواهنا ووسائلها وأساليبها. )1982(<br />
و<strong>اإلسالم</strong> دين اجلماعة واألصل <strong>يف</strong> املسلم االختالط َبلناس ومعاشرهتم فالنيب يقول: ))املؤمن ال ذي خي الط<br />
و( َبملخالط ة ي تمكن<br />
الن اس ويص رب عل ى أذاه م خ ري م ن ال ذي ال خي الط الن اس وال يص رب عل ى أذاه م(( )1983<br />
الداعي ة م ن االط الع عل ى أح وال املواق ع الس ياحية وطبيع ة مراتديه ا ومعرف ة حقيق ة االحنراف ات وأبعاده ا<br />
ملعاجلتها َبألسلوب األمثل. )1984(<br />
فهي من واجبات الدعاة حنو امل دعوين س واء َبلس ياحة الدعوي ة أو بغش يان امل دعوين <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية وإن<br />
كان ت ح اهلم فيه ا غ ري س وية ف اهلل تع اىل يق ول: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
و<br />
<br />
)1985(<br />
فب ني أبن اإلع راض يك ون بع د ال ذكرى وه و الت ذكري وال دعوة، وض ابط ه ذه املخالط ة ه و املوازن ة<br />
بني املصاحل واملفاسد فيها. )1986(<br />
كانت حياة النيب <br />
وأصحابه وكفاحهم وجه ادهم <strong>يف</strong> س بيل ه ذه ال دعوة إلخ راج الن اس م ن ظلم ات الكف ر<br />
والباط ل إىل ن ور اإلس الم احل ق وعدل ه وم ن عب ادة العب اد إىل عب ادة رب العب اد، وه ي ف رض كفاي ة كم ا دل ت<br />
على ذلك النصوص السابقة، وقد تكون فرض عني إذا ك ان املس لم <strong>يف</strong> مك ان ل يس في ه م ن يق وم ب ذلك س واه<br />
وكذا عند قلة الدعاة وعند كثرة املنك رات وعن د غلب ة اجله ل كحالن ا الي وم تك ون ال دعوة ف رض ع ني عل ى ك ل واح د<br />
حبسب طاقته وعلى قدر علمه وهبذا يعلم أن كوهنا فرض عني أو كفاية أمر نسيب خيتلف َبختالف األحوال.<br />
وقد ورد <strong>يف</strong> فضلها آايت وأحاديث كثرية منها:<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص )294( وما بعدها، بتصرف.<br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
أخرجه ابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب الفنت، َبب الصرب على البالء رقم )4032(.<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص 348، وما بعدها، بتصرف.<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
. 68<br />
)1981(<br />
)1982(<br />
)1983(<br />
)1984(<br />
)1985(<br />
)1986(
قو ل ه س بحانه: <br />
)1987( <br />
واملعىن: ال أحد أحسن قوالً منه لكونه دعا إىل هللا وأرشد إىل دينه وعمل ميا يدعو إليه م ن احل ق وت رك وح ذر<br />
مما هنى عنه من الباطل وصرح بذلك معتزاً مفتخراً مب ا ه و علي ه م ن احل ق ومل خيج ل كم ن يس تنكف ع ن ذل ك<br />
ويكره أن ينطق أبنه مسلم أو أبنه يدعو إىل <strong>اإلسالم</strong> حياء من الناس وما أقبحه من حياء بل رمب ا ت وهم بع ض<br />
م ن اغ رت َبحلض ارات الغربي ة املادي ة أبن ذل ك مع ارض للمدني ة احلديث ة واحلض ارة والرق ي وت دخل <strong>يف</strong> احل رايت<br />
)1988(<br />
الشخص ية وم ا عل م ه ذا املس كني أبن املس لم مفت اح للخ ري مش عل للن ور ومنب ع للطي ب حي ب لاخ رين<br />
الس عادة واهل دى واتب اع احل ق وحتص يل اخل ري ودخ ول اجلن ان ويب ذل هل م جه ده ووس عه ل نفعهم وإنق اذهم دون<br />
طلب العوض منهم فأي حضارة ورقي وتقدم ونيل وكرم وحسن خلق أعظم من هذا وأجل وأروع؟<br />
أيساوي هذا من مهه حتصيل ملذاته وشهواته والرتويح عن نفسه <strong>يف</strong> س ياحته وت رك اآلخ رين <strong>يف</strong> ظلم ات اجله ل<br />
والضاللة والغواية دون إرشاد وداللة ودعوة؟! كال وهللا ال يستواين أبداً.<br />
- ح ىت الس ياحة<br />
فل ذا ك ان املس لم الداعي ة إىل دين ه <strong>يف</strong> ك ل أحوال ه )1989(<br />
-<br />
))<br />
موع وداً َبخل ري العظ يم والث واب<br />
اجلزي ل م ن احل ق ج ل جالل ه كم ا أخ رب ب ذلك نبين ا فق ال: ))م ن دل عل ى خ ري فل ه مث ل أج ر فاعل ه((<br />
)1990( ، وقال: )) من دعا إىل هدى كان له من األجور مثل أجور من تبعه ال ينقص ذلك م ن أج ورهم ش يئاً<br />
)1991( ، وقال لعلي رضي هللا عنه: ))ألن يهدي هللا بك رجالً واحداً خري لك من محر النعم(( )1992(<br />
فعل ى املس لم أن يس تثمر س ياحته <strong>يف</strong> ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل لنف ع اآلخ رين وحتص يل الث واب اجلزي ل م ن رب<br />
العاملني وهذه وظ<strong>يف</strong>ة الرسل عليهم الصالة والسالم وهم خري اخللق وأفضلهم وأنفعهم هلم.<br />
)1987(<br />
)1988(<br />
سورة فصلت، اآلية:<br />
. 33<br />
)1989(<br />
)1990(<br />
وهي مزاعم يبتكرها و<strong>يف</strong>رتيها دعاة الضاللة ليطفئوا نور هللا أبفواههم وهللا متم نوره ولو كره الكافرون، وأقول إن التدخل <strong>يف</strong> احلرايت<br />
الشخصية إمنا يظهر حقاً <strong>يف</strong> وسائل املنصرين ودعاة اإلحلاد من خالل إجبار الناس على دخول دينهم املنحرف لتحصيل الضرورات من<br />
أكل وشرب ودواء َبسم املعوانت اإلنسانية! فأي استغالل وتدخل <strong>يف</strong> حرايت اآلخرين أبشع من هذا وأجلى ! و<strong>يف</strong>ارق هذا ما يقوم به<br />
املسلم <strong>يف</strong> سياحته من بذل اخلري للغري َبجملان طلباً لعفو وعطاء املنان، وللفائدة ينظر: فتوى مهمة برقم )20096( من اللجنة الدائمة<br />
للبحوث العلمية واإلفتاء َبململكة <strong>يف</strong> التحذير من وسائل التنصري ، <strong>يف</strong> فتاوى اللجنة ، مجع الدويش )298/12(.<br />
حىت <strong>يف</strong> أدائه لشعائره وعباداته، وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء جبواز وقوف النصارى <strong>يف</strong> صفوف املسلمني<br />
ومشاهدهتم لعبادهتم وجماراهتم حلركاهتم وأتملهم لذلك ملا فيه من املصلحة العامة والرتغيب <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> وحسن السمعة للمسلمني كما <strong>يف</strong><br />
الفتوى رقم )14269( <strong>يف</strong> املصدر السابق )257-256/2( ، بتصرف.<br />
أخرجه مسلم ، كتاب اإلمارة، َبب فضل إعانة الغازي <strong>يف</strong> سبيل هللا مبركوب وغريه، ص )1017(، رقم )1893(.<br />
)1991(تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )367(.<br />
)1992(<br />
أخرجه البخاري، كتاب اجلهاد والسري، َبب دعاء النيب إىل <strong>اإلسالم</strong> ، ص )224(، رقم )2783(.
وق د دل ت النص و ص عل ى ك<strong>يف</strong>ي ة ال دعوة وأس لوهبا كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه: <br />
)1993( ، فيب دأ املس لم َبحلكم ة وه ي األدل ة املقنع ة<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الواضحة الكاشفة للحق والداحضة للباطل فإن كان<br />
لدى املدعو بعض اجلف اء واالع رتاض فينتق ل إىل املوعظ ة<br />
احلس نة َبآلايت واألحادي ث والرباه ني العقلي ة واملعج زات اإلهلي ة الرَبني ة ف إن ك ان لدي ه ش به فيج ادل َبحلس ىن<br />
<br />
دون غلظة أو تعني ف أو عجل ة ب ل كم ا ق ال س بحانه ملوس ى وه ارون: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
بقول ه: ، وكما وص ف نبي ه حمم داً )1994( <br />
<br />
)1995( ، فالب د أن يتحل ى الداعي ة َبحلكم ة والعل م والص رب وحس ن<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
األخالق والتأدب مع املخالفني وحتمل أخطائهم فال يشق على الناس وال ينفرهم من دي ن هللا بغلظت ه ومحاقت ه<br />
وجهله وأسلوبه العن<strong>يف</strong> الضار فإن سلس القياد لني اجلانب طيب الكالم بشوش الوجه مؤثر <strong>يف</strong> القلوب.<br />
والناس يتباينون <strong>يف</strong> كل شيء <strong>يف</strong> ذكائهم وعلمهم وأمزجتهم ومشاعرهم ومي وهلم واجتاه اهتم وطب ائعهم وأفك ارهم<br />
وتص وراهتم وغ ري ذل ك مم ا <strong>يف</strong> رض عل ى الداعي ة أن حيس ن اختي ار األس لوب وامل دخل األكث ر مناس بة لنفوس هم<br />
ومالءمة لعقوهلم.<br />
وعلي ه أن يراع ي م ا يكره ه الن اس م ن إب راز عي وهبم <strong>يف</strong> العل ن فإن ه ن وع م ن الت وبيخ والس خرية وم ن األس لوب<br />
املباش ر <strong>يف</strong> النق د ف إن التع ريض والتنبي ه ك اف ألص حاب القل وب احلي ة، وم ن الرتكي ز عل ى الس لبيات وجتاه ل<br />
احلسنات ومن الرتكيز على األخطاء والزالت ومن املعاملة َبستعالء واحتقار وكرب وحنو ذلك.<br />
كما أن عليه مراعاة ما حيبونه من إظهار االهتمام هبم واستماع حديثهم وع دم اإلف راط <strong>يف</strong> جم ادلتهم وتق ديرهم<br />
واح رتامهم وش كرهم عل ى حس ناهتم وتش جيعهم عليه ا وتص حيح أخط ائهم دون ج رح مش اعرهم ومن اداهتم<br />
أبح ب األمس اء إل يهم ف إن <strong>يف</strong> ذل ك َبل غ األث ر عل يهم، وال ب د م ن مراع اة أح وال الس ائحني واملتنزهني النفس ية<br />
وتفاعلهم مع روعة اجلمال <strong>يف</strong> املوقع السياحي واستجابتهم الفطرية ملؤثراته َبلبهجة والسرور وانبساط األس ارير<br />
وذل ك أبن تنس اق ال دعوة <strong>يف</strong> اجمل رى الع ام وتتواف ق م ع اجل و احمل يط ومتت زج <strong>يف</strong> املي دان ال دعوي <strong>يف</strong> موض وعها<br />
وأس لوهبا ووس ائلها مب ا يع زز انبع اث الس رور <strong>يف</strong> نفوس هم فيس تثمر هب وب ري ح األن س والبهج ة َبلته ذيب<br />
والتشذيب والتقومي املنسجم مع طبيعة الفطرة واملوقع السياحي كما <strong>يف</strong> دعوة سليمان مللكة سبأ. )1996(<br />
سورة النحل، اآلية:<br />
سورة طه، اآلية:<br />
. 125<br />
. 44<br />
سورة آل عمران، اآلية:<br />
. 159<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص 357، وما بعدها ، بتصرف.<br />
)1993(<br />
)1994(<br />
)1995(<br />
)1996(
كم ا أن أس لوب الق دوة احلس نة م ن أعظ م الوس ائل الناجع ة <strong>يف</strong> إقن اع امل دعو والت أثري علي ه وتقبل ه لل دعوة<br />
والنصيحة.<br />
فم ن أه م أخ الق الداعي ة العم ل مب ا ي دعو إلي ه م ن دي ن عظ يم ومب ادئ س امية وأخ الق راقي ة كرمي ة فاض لة<br />
<br />
فيمتثلها قوالً وعمالً وسلوكاً، حىت ال يكون ممن قال هللا ف يهم: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، أو مم ن وخبه م س بحانه م ن اليه ود بقول ه: )1997( <br />
<br />
<br />
)1998(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
والسائح املسلم سفري لبلده وجمتمعه وأمته وقيم ه وعادات ه وعقيدت ه فيج ب أن ميثله ا أحس ن متثي ل وأفض له وأن<br />
يكون مثاالً لاخرين <strong>يف</strong> تعامله وسلوكه وانضباطه واحرتامه ملشاعر اآلخرين وتقيده أبنظم تهم احملقق ة للمص احل<br />
الدنيوية.<br />
ولل دعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية والس ياحة وس ائل عام ة وخاص ة كث رية )1999( ، فم ن الوس ائل العام ة<br />
لذلك:<br />
القدوة احلسنة.<br />
فقي ام الداعي ة َبلتطبي ق العمل ي مل ا ي دعو إلي ه ظ اهراً وَبطن اً دلي ل ص دقه في ه وهل ذا ك ان األنبي اء<br />
والرسل عليهم الصالة والسالم قمماً سامقة <strong>يف</strong> السرية احلمي دة والتطبي ق العمل ي مل ا جاءوا ب ه م ن<br />
احلق.<br />
والق دوة احلس نة أه م الوس ائل ال يت ميك ن أن يس تخدمها الداعي ة للوص ول إىل قل وب امل دعوين<br />
والتأثري عليهم.<br />
احملاضرة الدعوية.<br />
وينبغ ي أن تعتم د عل ى احلج ج واألس لوب املنطق ي <strong>يف</strong> الع رض والبح ث وهت تم َبلرباه ني<br />
واالس تنتاجات وأن يك ون فيه ا اس تئناس ع اطفي وع رض تش ويقي يش د احلض ور إىل االس تماع<br />
واإلنصات.<br />
الوسائل الكتابية.<br />
)1997(<br />
)1998(<br />
)1999(<br />
سورة الصف، اآلية:<br />
سورة البقرة، اآلية:<br />
. 2<br />
. 44<br />
ينظر <strong>يف</strong> ذلك: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص )549-495( وقد عمل <strong>يف</strong> ذلك دراسة ميدانية <strong>يف</strong> ص<br />
.)763-728(
فتمت از الكلم ة املطبوع ة بوض وح األه داف واملقاص د ، وب ذا تك ون أكث ر تثبيت اً وتركي زاً وأفض ل<br />
وسيلة لإلقناع وأقدر على االحتفاظ َبملعلومات، وميكن ترمجتها إىل لغات املدعوين املختلفة.<br />
ومن الوسائل الكتابية: الكتب والنشرات واللوحات اإلرشادية املختلفة.<br />
الوسائل السمعية واملرئية.<br />
وميكن أن تكون منتج اً س ياحياً خاص اً بتوزيعه ا ع ن طري ق الس يارات املزين ة والع رَبت اجلوال ة ال يت<br />
جتوب املواقع السياحية ومن خالل األفراد أيضاً، ويراعى تناسبها مع املستوايت العمرية املختلفة.<br />
-4<br />
ومن الوسائل اخلاصة:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
املعارض واملتاحف.<br />
فق د أص بح غال ب جمتم ع ه ذا العص ر مولع اً مبختل ف أن واع الفن ون )الزخرف ة والرس م والتش كيل<br />
واخلط املعماري ... اخل( ملا هلا من آاثر عقلية ونفسية.<br />
وه ذه الفن ون اجلميل ة ميك ن توجيهه ا م ن خ الل التص ور اإلس المي وجه ة ص حيحة لتك ون أداة<br />
لل دعوة إىل هللا وجتس يد التع ابري اإلس المية <strong>يف</strong> ص ور ش ىت ت دل عل ى عقي دة املس لم بص فائها<br />
وإشراقها وحتث على الفضائل وتنهى عن الرذائل وتغري االجتاهات واألفكار غري الس وية وتص حح<br />
املفاهيم والرؤى املنحرفة وترسخ القيم واملبادئ الصائبة.<br />
ومن هذه املعارض:<br />
معارض الكائنات احلية اليت ميكن من خالهلا إظهار قدرة اخل الق وعظمت ه <strong>يف</strong> خلق ه ونعمت ه علين ا<br />
<strong>يف</strong> تس خريها لن ا، ومع ارض املخالف ات الفكري ة والس لوكية وغريه ا وم ن خالهل ا ميك ن التح ذير م ن<br />
خطورة تلك االحنرافات واملخالفات وأثرها السي على اجملتمع ، وك ذا تتن وع املت احف م ن اترخيي ة<br />
وأثرية وواثئقية ومتاحف صناعات يدوية وغريها.<br />
املخيمات الدعوية.<br />
وتقام <strong>يف</strong> املواقع الس ياحية ومنه ا م ا يك ون خاص اً بفئ ة معين ة كالش باب أو النس اء، أو عام اً لك ل<br />
الناس ومن خالهلا تعمق روابط اإلميان <strong>يف</strong> اجملتمع ويشغل فراغ الناس مبا ي نفعهم وتق ام النش اطات<br />
الدعوي ة والرتبوي ة النافع ة املفي دة، و<strong>يف</strong> ه ذا الن وع م ن وس ائل ال دعوة جان ب مه م يتعل ق ب دعوة<br />
الس ائحني األجان ب وه و اخليم ة الثقافي ة وم ن خالهل ا يعرف ون بك رم الض يافة العربي ة اإلس المية<br />
األصيلة وتقتنص الفرص واملداخل املناسبة لدعوهتم إىل <strong>اإلسالم</strong> وتعر<strong>يف</strong>هم به.<br />
اإلرشاد السياحي.
فاملرش د الس ياحي يق دم للس ائحني معلوم ات متنوع ة تت أثر بطبيع ة اهتمام ات الس ياح ورغب اهتم<br />
ومقاصدهم وطبيعة املوقع السياحي املقصود.<br />
وم ن خ الل ه ذه املعلوم ات املتنوع ة ميك ن تعري ف الس ياح َبإلس الم ودع وهتم إلي ه وت رغيبهم في ه<br />
وإبراز عظمته ومبادئه السمحة َبألسلوب اجلذاب املمتع والطريقة األنسب.<br />
وال ينبغي أن يقتصر التعر<strong>يف</strong> السياحي على املقومات السياحية املادية بل يضفي املرشد إليها م ا<br />
جيعلها تنعكس على نفسية السائح وسلوكه واجتاهاته وأفكاره.<br />
كما ينبغي االستفادة من األساليب الدعوية العامة واخلاصة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> مبا يتناسب مع املقام.<br />
ومن األساليب الدعوية العامة:<br />
األسلوب القصصي، وأسلوب ضرب األمثال، وأسلوب الشعر.<br />
ومن األساليب اخلاصة:<br />
الرتغيب، واملؤانسة )احملادثة( وعرض حضارات األمم وما حدث هلا من خالل القرآن الكرمي.<br />
وق د ك ان لكث ري م ن جت ار املس لمني وس ياحتهم أث ر <strong>يف</strong> نش ر ال دعوة اإلس المية <strong>يف</strong> الع امل فه دى هللا هب م<br />
قل وَبً عمي اً وآذاانً ص ماً، فم ن ذل ك دخ ول اإلس الم وانتش اره <strong>يف</strong> اهلن د عل ى أي دي التج ار والبح ارة<br />
الع رب ال ذين ك انوا <strong>يف</strong> دون إىل امل دن اهلندي ة الواقع ة عل ى س احل حب ر الع رب و<strong>يف</strong> ج زر لك د<strong>يف</strong><br />
ومالد<strong>يف</strong> كذلك وكذا <strong>يف</strong> الصني دخل <strong>اإلسالم</strong> مع التجار الذين كانوا يس لكون الطري ق البح ري الق دمي<br />
وكذا <strong>يف</strong> بالد األرخبيل وإفريقي ة وغريه ا ق دمياً وح ديثاً ال ت زال طائف ة م ن املس لمني يس تثمرون س ياحتهم<br />
<strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا فيصطحبون معهم الوسائل الدعوية املرئية والس معية واملق روءة ويتمثل ون <strong>يف</strong> س لوكياهتم<br />
خلق <strong>اإلسالم</strong> وآدابه فيحملون اخلري للغري وينريون هلم دروب الظالم فنعم القوم ونعم <strong>السياحة</strong>. )2000(<br />
بي ان ض رورة إظه ار املس لم لدين ه وش عائره<br />
وق د تق دم <strong>يف</strong> ه ذا املطل ب وك ذا <strong>يف</strong> املطل ب اخل امس )2001(<br />
والتصريح بذلك واالفتخار به وإذا كان عجزه عن ذلك موجب للهجرة عليه كما تقدم ف إن عج زه عن ه<br />
<strong>يف</strong> س ياحته املؤقت ة؛ مل ا يرتت ب علي ه م ن ض رر َبل غ وخط ورة جس يمة يوج ب علي ه ال دعوة إىل ذل ك<br />
َبلط رق الس رية والوس ائل الس لمية ق در اس تطاعته م ع القي ام بش عائره <strong>يف</strong> الس ر دفع اً للض رر واملفس دة،<br />
أم ا م ع الق درة عل ى ذل ك فإن ه ال جي وز للمس لم إخف اء دين ه والس كوت ع ن دع وة غ ريه إلي ه م ع قدرت ه<br />
خوف اً أو حي اءً وخج الً كم ا تق دم ف إن إظه ار ال دين م ن أه م األه داف وأمساه ا وألجل ه أرس ل هللا نبي ه<br />
و ينظر منوذج مشرق لذلك <strong>يف</strong> جملة األسرة، العدد )86( مجادى األوىل<br />
1421ه ، ص )25(.<br />
ص )411(.<br />
)2000(<br />
)2001(
كم ا ق ال: <br />
<br />
)2002( ، فكي ف خ<strong>يف</strong> ى املس لم عقيدت ه ويس تنكف ع ن ال دعوة إليه ا <strong>يف</strong> س ياحته وه ي<br />
<br />
نور وحق وخري وهدى؟!<br />
وال عز وال كرامة وال خري وال فالح للمسلم إال إبظهار دينه واالعتزاز به وال دعوة إلي ه ح ىت <strong>يف</strong> س ياحته<br />
واستغالل كل طريق ووسيلة توصله إىل ذلك وتعينه عليه. )2003(<br />
والقي ام َبل دعوة<br />
يتطل ب م ن الداعي ة أن يك ون وثي ق الص لة َبهلل تع اىل ليس تمد من ه الع ون والتوفي ق والنص رة<br />
والتأييد واحلماية وقبول العمل ومن مظاهر الصلة الوثيقة )2004( :<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
اإلخالص هلل تعاىل <strong>يف</strong> القول والعمل واحلذر من الرايء والسمعة فبإخالصه ينال الثواب من امل وىل<br />
سبحانه ويكون أدع ى لقب ول الس ائحني لدعوت ه وأدل هل م عل ى ص دقه وأن ه مل حي رتف هب ا ويطل ب<br />
من ورائها مكاسب مادية.<br />
حمب ة هللا تع اىل وه ي م ن أعظ م مظ اهر ه ذا االتص ال الوثي ق َبهلل وتس توجب من ه اإلكث ار م ن<br />
الطاعات والتقرب أبصناف العبادات املشروعة لتتحقق له الوالية والتأييد واحلفظ والرعاية.<br />
التجرد من التطلع إىل زهرة احلياة الدنيا وتعلق القلب بزخرفها والزهد مما <strong>يف</strong> أيدي الناس.<br />
كم ا يتطل ب القي ام َبل دعوة توثي ق الداعي ة ص لته هب ا م ن خ الل العل م َبمل نهج ال دعوي الق ومي لل دعوة إىل هللا<br />
عل ى بص رية والتف اؤل املق رون َبلعم ل ملس تقبل ال دعوة فه و ه دي األنبي اء عل يهم الس الم وبدون ه تطب ق علي ه<br />
ظلمات اليأس فال ميلك بصرية حية يستطيع هبا مواصلة مسريته الدعوية.<br />
كما يتطلب القيام َبلدعوة اتصاف الداعية َبالتصال الوثيق َبمل دعوين م ن خ الل حتلي ه َبخلل ق احلس ن معه م<br />
<strong>يف</strong> قوله وعمله ومن لوازمه التواضع مع اجلميع مبا حيببه إليهم فيس تمعون إلي ه ويت أثرون ب ه وحتلي ه ك ذلك َبهليئ ة<br />
اجلذاب ة اجلميل ة احلس نة ف إن <strong>يف</strong> ذل ك َبل غ األث ر عل ى امل دعوين فتطم ئن نفوس هم ويس رتيح نظ رهم ل ه وال مت ل<br />
)2002(<br />
)2003(<br />
سورة الصف، اآلية:<br />
. 9<br />
ينظر فيما تقدم : رسالة <strong>يف</strong> وجوب الدعوة إىل هللا سبحانه وأخالق الدعاة ، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن َبز، ص )39-1(،<br />
وك<strong>يف</strong> ندعو إىل <strong>اإلسالم</strong>، فتحي يكن، ص )27-11(، وفن التعامل مع الناس، د/عبد هللا اخلاطر، ص )59-23( ، والدعوة إىل هللا<br />
توجيهات وضوابط، للخاطر أيضاً، ص )13(، واحلرص على هداية الناس، د/فضل إهلى ، وفقه االحتساب على غري املسلمني، د/عبد<br />
هللا الطريقي، ص )40(، وفتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش )227/12-وما بعدها(، وجمموع فتاوى ابن َبز، مجع الشويعر<br />
-104/3(<br />
وما بعدها(، وجملة الدعوة ، العدد<br />
27 ،1748<br />
ربيع األول 1421ه ، ص )21(، وكذلك العدد<br />
18 ،1844<br />
)2004(<br />
1423ه ، ص )32( ، وللفائدة ينظر: التعامل مع جمتمع غري مسلم، عدانن النحوي.<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص )309(، وما بعدها ، بتصرف.<br />
ربيع األول
آذاهن م م ن حديث ه وجيلون ه ويتف اعلون مع ه، وي دخل <strong>يف</strong> ه ذه اهليئ ة فاعلي ة الق ول وبالغ ة البي ان وإقن اع<br />
األسلوب. )2005(<br />
وق د ج اء الق رآن الك رمي ب بعض النم اذج لل دعوة إىل هللا <strong>يف</strong> الس ياحة )2006( ، وم ن ذل ك قي ام موس ى واخلض ر<br />
عليهم ا الس الم َبل دعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> س ياحتهما العلمي ة ال يت قص د هب ا موس ى طل ب العل م م ن اخلض ر<br />
<br />
عليهم ا الس الم كم ا ق ص هللا تع اىل ذل ك <strong>يف</strong> س ورة الكه ف <strong>يف</strong> قول ه: <br />
)2007(<br />
....إخل اآلايت املليئ ة َبحلك م<br />
وامل واعظ واملواق ف<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
الدعوية والرتبوية من خالل اجلوالت الثالث املذكورة <strong>يف</strong> اآلايت واملتعلقة أبحداث سياس ية واجتماعي ة وكان ت<br />
ال دعوة متبادل ة ب ني موس ى واخلض ر عليه ا الس الم <strong>يف</strong> احل ث عل ى فع ل اخل ري واإلحس ان إىل الن اس لوج ه هللا<br />
ووضع أعظم الضررين وأشد املفسدتني َبرتكاب أخفهما وأدانمها كما قام ذو الق رنني – <strong>يف</strong> رحالت ه الس ياحية<br />
– ال ثالث<br />
ال وارد بياهن ا <strong>يف</strong> الس ورة نفس ها<br />
–<br />
إىل املش رق واملغ رب والوس ط وه و مك ان الس د ب ني اجلبل ني<br />
–<br />
َبل دعوة إىل هللا تع اىل وكان ت س ياحته دعوي ة واستكش افية فك ان جي وب ال بالد ي دعو العب اد إىل عب ادة هللا<br />
وينذرهم ويرى عجائب األرض فدعا الكفار الذين وجدهم <strong>يف</strong> مغرب األرض إىل اإلميان َبهلل تعاىل كما <strong>يف</strong><br />
قول ه س بحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2008( ، فهو يدعوهم إىل اإلميان َبهلل تع اىل وعبادت ه فم ن رف ض عذب ه َبلقت ل<br />
<br />
<br />
<br />
مث يناله عقاب هللا األشد ومن استجاب أكرم ه وأحس ن إلي ه، مث <strong>يف</strong> جولت ه الثاني ة للمش رق وج د قوم اً مل جيع ل<br />
هللا هلم دون الشمس سرتاً يقيهم حرها فأقام فيهم العدل ودعاهم إىل اإلميان كسابقيهم وهذا يتض ح م ن عمل ه<br />
اإلغاثي هلم إبرشادهم إىل اتاذ املالبس واملساكن فإغاثتهم َبإلميان والدعوة إىل الرمحن من َبب أوىل ملن ن ذر<br />
نفس ه ل ذلك، مث <strong>يف</strong> جولت ه الثالث ة أغ اث م ن ك انوا ب ني الس دين ببنائ ه الس د هل م لوج ه هللا ع ز وج ل فلم ا أمته<br />
(<br />
<br />
عر ج على الدعوة القولية زايدة <strong>يف</strong> التوضيح والنصح وحرصاً على اهلداية فقال: <br />
ينظر: املصدر السابق.<br />
اختصرهتا من رسالة دكتوراه بعنوان: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، علي األمحد، ص<br />
سورة الكهف، اآلية:<br />
سورة الكهف، اآلية:<br />
286-228، بتصرف.<br />
، وما بعدها. 60<br />
. 88-86<br />
)2005<br />
)2006(<br />
)2007(<br />
)2008(
)2009(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذا توجيه<br />
هلم بعدم االغرتار مبناعته فإن هللا القوي<br />
<br />
سيدكه دكاء إذا جاء وعد اآلخرة كما أن فيه تذكري هلم للعمل واالستعداد لذلك اليوم وطلب رمحة هللا<br />
عز وجل فيه .<br />
وم ن ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل <strong>يف</strong> الس ياحة م ا ق ام ب ه س ليمان علي ه الس الم م ع ملك ة س بأ <strong>يف</strong> س ياحتها<br />
االستكشافية من بالد اليمن إىل الشام لرؤية ملك سليمان وحضارته كما قص هللا تعاىل ذلك <strong>يف</strong> سورة<br />
النمل، وقد قيل إهنا أشهر سائحة مبفهوم <strong>السياحة</strong> احلديث.<br />
وكان ت غاي ة س ليمان علي ه الس الم م ن أم ره إبحض ار عرش ها قب ل ارت داد طرف ه وبن اءه الص رح <strong>يف</strong> حم ل<br />
ق دومها ه و دعوهت ا إىل هللا تع اىل ، وق د حتق ق ذل ك مبج رد دخوهل ا الص رح مباش رة فلم ا هبره ا م ا رأت<br />
علمت من خالله أن سليمان عليه الس الم ص ادق فيم ا دعاه ا إلي ه وأن ه مؤي د م ن عن د هللا تع اىل، وأن<br />
<br />
ملك ه م ن هللا وعلم ت <strong>يف</strong> املقاب ل بط الن دينه ا ودي ن قومه ا، وقال ت: <br />
)2010(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كما قام موسى عليه السالم بدعوة السحرة واملنتزهني والسائحني <strong>يف</strong> موقع يوم الزينة إىل دين هللا وأظهر<br />
مبا أيده هللا به من املعجزات بطالن ما هم عليه كما جاء بيان ذلك <strong>يف</strong> سورة طه )2011(<br />
مث قام نبينا حممد َبلدعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> س ياحته إىل مدين ة الط ائف والل يت الق ى فيه ا م ن العن ت<br />
واملشقة ما هو أشد من يوم أحد ورغم ذلك فإنه مل أيم ر مل ك اجلب ال إبطب اق األخش بني عل يهم )2012( ،<br />
وقال <br />
: ))بل أرجو أن خيرج هللا من أصالهبم من يعبد هللا وحده وال يشرك به شيئاً((. )2013(<br />
كم ا ق ام َبل دعوة إىل هللا ع ز وج ل <strong>يف</strong> س ياحته إىل من ازل الع رب املتفرق ة ككن دة وكلب اً وب ين حن<strong>يف</strong> ة<br />
)2014(<br />
وبين عامر بن صعصعة وغريهم ، و<strong>يف</strong> أسواقهم كسوق عكاظ وجمنة وذي اجملاز.<br />
3231<br />
)2009(<br />
)2010(<br />
)2011(<br />
)2012(<br />
)2013(<br />
سورة الكهف، اآلية:<br />
سورة النمل، اآلية:<br />
<strong>يف</strong> اآلايت<br />
. 98<br />
. 44<br />
وما بعدها. 59<br />
ومها جبال مكة أبو قبيس والذي يقابله قعيقعان.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب بدء اخللق َبب إذا قال أحدكم آمني واملالئكة <strong>يف</strong> السماء ... اخل، رقم<br />
اجلهاد، َبب ما لقي النيب من أذى املشركني ، رقم<br />
، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />
.1795<br />
)2014(<br />
ينظر: سرية ابن هشام، هتذيب عبد السالم هارون، ص 112، وما بعدها.
املبحث الثالث<br />
أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة<br />
املطلب األول<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ديار املعذبني
املبحث الثالث: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة<br />
املطلب األول: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني<br />
ال خيلو السفر إىل داير املعذبني ودخول منازهلم وزايرهتا و<strong>السياحة</strong> فيها من حالني :<br />
األوىل :<br />
ذلك .<br />
الثانية :<br />
أن يكون ذلك ملصلحة راجحة كتعليم أو توثيق ودعوة لإلسالم أو تفكر أو وعظ وإرشاد وحنو<br />
أن يكون ذلك جملرد النزهة والفرجة والرتويح مع ما قد يصاحبه من اإلعجاب هبا والتعظيم هلا .<br />
فإن كانت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> دايرهم من قبيل احلالة األوىل فهي جائزة بشرط أن يكون الداخل إليها والسائح<br />
فيها على هيئة من اخلوف والبكاء املانع من العذاب.<br />
)2015(<br />
لقوله <br />
: )) ال تدخلوا على هؤالء املعذبني إال أن تكونوا َبكني فإن مل تكونوا َبكني فال تدخلوا<br />
عليهم ال يصيبكم ما أصاهبم ((.<br />
)2016(<br />
فنهى عن عبور دايرهم إال على وجه اخلوف املانع من العذاب، قال ابن حجر : " قوله إال أن تكونوا<br />
َبكني ليس املراد االقتصار <strong>يف</strong> ذلك على ابتداء الدخول بل دائماً عند كل جزء من الدخول، وأما االستقرار<br />
فالك<strong>يف</strong>ية املذكورة مطلوبة فيه َبألولية ... ووجه هذه اخلشية أن البكاء يبعثه على التفكر واالعتبار فكأنه<br />
أمرهم َبلتفكر <strong>يف</strong> أحوال توجب البكاء من تقدير هللا تعاىل على أولئك َبلكفر مع متكينه هلم <strong>يف</strong> األرض<br />
وإمهاهلم مدة طويلة مث إيقاع نقمته هبم وشدة عذابه وهو سبحانه مقلب القلوب فال أيمن املؤمن أن تكون<br />
عاقبته إىل مثل ذلك، وأيضاً التفكر <strong>يف</strong> مقابلة أولئك نعمة هللا َبلكفر وإمهاهلم إعمال عقوهلم فيما يوجب<br />
اإلميان به والطاعة له فمن مر عليهم ومل يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً أبحواهلم فقد شاهبهم <strong>يف</strong> اإلمهال<br />
ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه فال أيمن أن جيره ذلك إىل العمل مثل أعماهلم فيصيبه ما أصاهبم".<br />
)2017(<br />
وهذا اإلرشاد احلكيم فيه توجيه عميق منه للمؤمنني ليكونوا دائماً على وعي ملا يرون ويسمعون فال<br />
ريب أن املألوف <strong>يف</strong> النظر آلاثر األقدمني أايً كانوا هو حتقيق املتعة للسياح وشيء من املعرفة دون النظر <strong>يف</strong><br />
)2015(<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب (<br />
حتقيق د. انصر العقل (<br />
/5<br />
/1<br />
)2016(<br />
45(، وفتح الباري البن حجر )631/1(، واقتضاء الصراط املستقيم، البن تيمية،<br />
261(، واملفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر البن جربين، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي، ص)103(.<br />
أخرجه البخاري، كتاب الصالة، َبب الصالة <strong>يف</strong> مواضع اخلسف والعذاب (<br />
والرقائق، َبب النهي عن الدخول على أهل احلجر (<br />
،)37 رقم (<br />
،)1194 رقم ( .)2981<br />
)2017(<br />
فتح الباري (<br />
. )631 /1<br />
433(، ومسلم، <strong>يف</strong> كتاب الزهد
العواقب والتأمل <strong>يف</strong> األحداث واستخالص الدروس والعرب منها كما هي طريقة العقالء املتدبرين ال الغافلني<br />
العابثني.<br />
)2018(<br />
وإىل هذه الطريقة وتلك الك<strong>يف</strong>ية أُرشد وأُمر السائح <strong>يف</strong> داير املعذبني فال جيوز اخلروج عنها إىل طريقة<br />
العابثني الالهني الغافلني املرتفني .<br />
والنصوص <strong>يف</strong> ذلك وردت <strong>يف</strong> داير مثود كما <strong>يف</strong> حديث ابن عمر قال: نزل رسول هللا َبلناس عام<br />
تبوك، نزل هبم احلجر عند بيوت مثود فاستسقى الناس من اآلَبر اليت كان يشرب منها مثود فعجنوا منها<br />
ونصبوا القدور َبللحم فأمرهم رسول هللا فأهراقوا القدور وعلفوا العجني اإلبل مث ارحتل هبم حىت نزل هبم<br />
على البئر اليت كانت تشرب منها الناقة وهناهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال: )) إين أخشى أن<br />
يصيبكم مثل ما أصاهبم فال تدخلوا عليهم (( .<br />
)2019(<br />
ويلحق بداير مثود غريها ألن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ونبه على ذلك ابن حجر بقوله : " وهذا<br />
يتناول مساكن مثود وغريهم ممن هوكصفتهم وإن كان السبب ورد فيهم ".<br />
)2020(<br />
وقد ورد عن علي قوله : ( إن حبييب النيب هناين أن أصلي <strong>يف</strong> أرض َببل فإهنا ملعونة )<br />
وقال: ما كنت أصلي أبرض خسف هبا ثالث<br />
، )2021(<br />
مرات )2022( .<br />
وكره أمحد ذلك موافقة له. )2023( ، وذكر شيخ <strong>اإلسالم</strong> أبن احلديث املشهور <strong>يف</strong> احلجر<br />
– املتقدم ذكره –<br />
يوافق فإنه إذا كان قد هنى عن الدخول إىل أرض العذاب دخل <strong>يف</strong> ذلك الصالة وغريها من َبب أوىل ويوافق<br />
)2024(<br />
<br />
<br />
<br />
ذلك قوله سبحانه عن مسجد الضرار : <br />
فإنه كان من أمكنة العذاب .<br />
وبناء على ذلك فكل ما كان وقع عليه عذاب هللا وسخطه وعقوبته ال جيوز دخوله إال على الك<strong>يف</strong>ية<br />
املذكورة <strong>يف</strong> احلديث للعلة اجلامعة بينه وبني ما ورد النص بشأنه كما تقدم.<br />
ومن تلك املواقع<br />
: )2025(<br />
)2018(<br />
)2019(<br />
)2020(<br />
)2021(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، علي األمحد ، ص (<br />
)116 ، بتصرف .<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، َبب اإلحسان إىل األرملة واملسكني ( 1194(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده (<br />
فتح الباري ، البن حجر (<br />
. )9/2<br />
. )631 /1<br />
)2022(<br />
سبق ترجيه ص )443(،وقال اخلطايب ( 1560/2(: "ال أعلم أحداً من العلماء حرم الصالة <strong>يف</strong> أرض َببل فإن كان حديث علي<br />
اثبتاً فلعله هناه أن يتخذها وطناً ألنه إذا أقام هبا كانت صالته فيها يعين أطلق امللزوم وأراد الالزم".<br />
قال ابن حجر (<br />
علياً قال ذلك ثالاثً " .<br />
/1<br />
)2023(<br />
)2024(<br />
)2025(<br />
631( : " والظاهر أن قوله ثالث مرار ليس متعلقاً َبخلسف ألنه ليس فيها إال خسف واحد وإمنا أراد أن<br />
ينظر: اقتضاء الصراط املستقيم، البن تيمية (<br />
سورة التوبة اآلية : (<br />
. )264 /1<br />
. ) 108<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، علي األمحد ، ص (<br />
. ) 121 – 115
1- موقع قوم عاد <strong>يف</strong> منطقة األحقاف بني الربع اخلايل وحضر موت كما قال تعاىل :<br />
وقد حكى هللا ما حل هبم من العذاب<br />
)2026(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<strong>يف</strong> قوله :<br />
<br />
<br />
)2027(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
موقع قوم مثود ويعرف اليوم مبدائن صاحل تبعد عن العال<br />
15 كلم َشاالً وقد حكى هللا ما حل<br />
-2<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
هبم من العذاب <strong>يف</strong> قوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
.<br />
)2028( <br />
<br />
3- موقع قوم لوط وفيه قال عز وجل :<br />
)2029(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
4- موقع قوم مدين َبلقرب من تبوك وفيه قال سبحانه :<br />
)2030(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
5- موقع أهل َببل جنوب مدينة بغداد <strong>يف</strong> العراق وفيه قال سبحانه :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2031(<br />
.<br />
مساكن قوم سبأ <strong>يف</strong> اليمن على بعد<br />
192 كلم من صنعاء َبلقرب من السد<br />
قال تعاىل : وفيهم<br />
-6<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
. ) 21 (<br />
. ) 25- 24<br />
) 52-51<br />
. ) 82<br />
سورة األحقاف اآلية<br />
سورة األحقاف اآليتني (<br />
سورة النمل اآليتني (<br />
سورة هود اآلية (<br />
سورة الشعراء اآلية : (<br />
وينظر املرفقات )11(.<br />
. ) 189<br />
. ) 26<br />
سورة النحل اآلية : (<br />
)2026(<br />
)2027(<br />
)2028(<br />
)2029(<br />
)2030(<br />
)2031(
)2032(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فال جيوز دخول هذه األمكنة إال َبكياً معترباً وال ينزل وال يقيم فيها ملا تقدم ويدل على جواز دخوهلا<br />
َبلصفة املشروطة<br />
الراجحة ما<br />
–<br />
–<br />
أييت :<br />
-1<br />
للتفكر واالعتبار أو التعليم والتوثيق أو الوعظ والدعوة لإلسالم<br />
عموم األدلة اآلمرة َبالعتبار أبحواهلم كقوله تعاىل :<br />
<br />
<br />
<br />
وحنو ذلك من املصاحل<br />
<br />
<br />
)2034(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أي: مترون بداير هؤالء األقوام، وقوله :<br />
أي : أنكم<br />
)2033( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
مترون عليها <strong>يف</strong> سبيلكم وطريقكم، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2035( ، وقوله :<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2036( <br />
<br />
<br />
فدلت على جواز السفر إىل منازل هؤالء ودخوهلا للعظة والعربة<br />
والنظر <strong>يف</strong> قوهتم وحيلهم مع قلة إالمكاانت <strong>يف</strong> ذلك الزمن والتفكر بقدرة هللا وعظمته وجربوته<br />
وك<strong>يف</strong> أهلكهم وعاقبهم ا عصوه.<br />
أن النهي عن دخول داير املعذبني استثين منه الدخول هبيئة خمصوصة من اخلوف والبكاء مع ملَّ<br />
)2037(<br />
<br />
اإلسراع وعدم النزول وذلك لالتعاظ واالعتبار وقرر الفقهاء جواز الدخول على هذه اهليئة لفعله<br />
<strong>يف</strong> داير مثود ووادي حمسر فإنه مل مينع الدخول مطلقاً فدل ذلك على جواز الدخول بتلك<br />
اهليئة ملصلحة راجحة.<br />
أنه <br />
.<br />
مل مينع من االنتفاع َبلطعام الذي فيه من ماء آَبرهم مطلقاً، فإطعامهم للدواب منه نوع<br />
من االنتفاع ، والصحيح طهارة ماء بئر مثود وإمنا هنى عن االنتفاع به <strong>يف</strong> الوضوء واألكل لتأثري<br />
شؤم املعصية <strong>يف</strong> املاء فاالنتفاع آباثرهم للتعلم والدراسة ونفع املسلمني ال دليل على منعه وحترميه<br />
-2<br />
-3<br />
)2032(<br />
)2033(<br />
)2034(<br />
)2035(<br />
)2036(<br />
)2037(<br />
سورة سبأ اآليتني : (<br />
سورة الصافات اآلية: (<br />
سورة احلجر اآلية : (<br />
سورة يوسف اآلية : (<br />
سورة احلج اآلية : (<br />
. ) 16- 15<br />
. ) 137<br />
. ) 76<br />
. ) 109<br />
. ) 46<br />
ينظر: املفيد، البن جربين، مجع العر<strong>يف</strong>ي (<br />
. )103
وأما دخوهلا للفرجة و<strong>السياحة</strong> والرتويح َبعتبارها ترااثً حضارايً أو دخوهلا لالستقرار والسكىن هبا أو زايرهتا<br />
لإلعجاب هبا وتعظيمها فإنه مورد النهي <strong>يف</strong> األحاديث السابقة.<br />
وهو خمالف للحالة اليت أمر أن يتصف هبا املؤمن <strong>يف</strong> هذا املوقف وغالب زوارها اآلن من هذا القبيل<br />
فتجدهم ميكثون فيها وتنتاهبم الفرحة واالعتزاز مبا يشاهدونه من آاثر إضافة إىل ما يصاحب ذلك من<br />
)2038(<br />
منكرات وتربج وسفور وتعاطي للمحرمات وغريها من املعاصي.<br />
وإذا كان النهي ورد عن الصالة <strong>يف</strong> األماكن امللعونة والدخول إليها خصوصاً وعمل بذلك النيب <br />
فكانت عادته <strong>يف</strong> املواضع اليت نزل فيها أبس هللا أبعدائه اإلسراع <strong>يف</strong> السري وتقنع الثوب والبكاء خوفاً من<br />
عذاب هللا وعمل بذلك اخللفاء الراشدون ومن بعدهم، مع كون األصل <strong>يف</strong> النهي التحرمي والفساد فإنه مل يبق<br />
للعدول عن التحرمي هنا وجه السيما والنهي هنا كان مؤكداً وهذا ملا عجنوا دقيقهم مباء آل مثود أمرهم أن<br />
يعلفوه النواضح وال يطعموه فأي حترمي أبني من هذا ؟<br />
ق وم جماه دون <strong>يف</strong> س بيل هللا و<strong>يف</strong> غ زوة العس رة ال يت غل ب عل يهم فيه ا احلاج ة وه ي غ زوة تب وك وخرج وا <strong>يف</strong> قل ة م ن<br />
العيش واملال ومع هذا هناهم عن أكل عجينهم املختلط مباء بئر آل مثود فلو ك ان لإلَبح ة س بيل لك ان أولئ ك الق وم<br />
أحق الناس هبا فعلم هبذا أن النهي عن الدخول واالستقاء كان هني حترمي وال قرينة تصرفه عن ذلك <strong>يف</strong> هذه احلال<br />
)2039(<br />
<br />
)2040(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تع اىل يق ول :<br />
ويق ول :<br />
)2041( وهو هني عن خمالطة أه ل الش رك ودخ ول دايره م عل ى ه ذه احل ال ن وع م ن<br />
<br />
<br />
<br />
املخالطة وألفة دايرهم وآاثرهم .<br />
)2038(<br />
ينظر: فتاوى لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> ذلك على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم :<br />
عبد هللا الفقيه على الرابط:<br />
www.islamtody.net<br />
www.islamweb.net<br />
)2039(<br />
ينظر: شرح العمدة، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية (<br />
مسنداً ومنها ما رواه معلقاً بصيغة التمريض<br />
/4<br />
–<br />
، ومركز الفتوى إبشراف د.<br />
507( . واألدلة على حترمي دخول داير املعذبني منها ما أخرجه البخاري<br />
فإنه ذكر حديثني وبَنيََّ ابن حجر اتصاهلما<br />
–<br />
ومنها ما رواه بصيغة اجلزم، وهو حديث<br />
واحد وصله البزار من طريق عبد هللا بن قدامة عنه أنه قال: )) إنكم بواد ملعون فأسرعوا (( ، ومنها ما أخرجه على سبيل املتابعة ،<br />
وقال ابن القيم معلقاً عليها <strong>يف</strong> الزاد ( 26/3( : "من مر بداير املغضوب عليهم واملعذبني مل ينبغ له أن يدخلها وال يقيم هبا بل يسرع<br />
السري ويتقنع بثوبه حىت جياوزها وال يدخل عليهم إال َبكياً معترباً" فنهى عن دخوهلا إال <strong>يف</strong> هذه احلالة وتلك الصفة فلو بقي <strong>يف</strong> أجزاء<br />
منها بدون ذلك لصدق عليه أنه داخل <strong>يف</strong> اجلزء وهو غري َبك فيكون منهياً عن الدخول فيه والنهي يقتضي الفساد ، وقد ورد بيان عن<br />
هيئة كبار العلماء <strong>يف</strong> حكم إحياء داير مثود وحتديد املمنوع منه <strong>يف</strong> ذلك فينظر أحباث اهليئة (<br />
. )15 /3<br />
)2040(<br />
سورة إبراهيم اآلية : (<br />
. )45<br />
)2041(<br />
سورة الفرقان اآلية : (<br />
. )72
)2042(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويق ول س بحانه :<br />
ويس تفاد م ن ه ذا<br />
مشروعية اهلرب من الكفار والظلمة والبعد عن حماهلم ودايرهم.<br />
)2043(<br />
ويؤكد حترمي دخوهلا على هذا النحو ما يشتمل عليه من منكرات ومفاسد تتناقض مع األحاديث السابقة وحاله <br />
مع أصحابه .<br />
وأحلق بعض العلماء ال دخول <strong>يف</strong> مق ابر الكف ار هب ذا فق الوا ال ي دخلها إال عل ى الص فة ال يت أرش د إليه ا الن يب م ن<br />
االعتبار واخلوف واإلسراع.<br />
وهللا تع اىل يق ول :<br />
<br />
)2044(<br />
<br />
)2045(<br />
<br />
والنهي للتحرمي .<br />
<br />
<br />
<br />
وأما العناية هبا وترميمها وبناؤها وتعظيمها فهو حمرم شرعاً بل أوىل َبلتحرمي من جمرد دخوهلا كم ا تق دم وس يأيت مزي د<br />
بيان لذلك <strong>يف</strong> آخر املطلب التايل.<br />
سورة النساء اآلية : (<br />
. )140<br />
ينظر: فتح الباري ، البن حجر (<br />
كالقرطيب <strong>يف</strong> تفسريه (<br />
سورة التوبة اآلية : (<br />
. )631 /1<br />
. )45 /5<br />
. )84<br />
)2042(<br />
)2043(<br />
)2044(<br />
)2045(
املطلب الثاني<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة
املطلب الثاين : <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة<br />
قد تكون <strong>السياحة</strong> بغرض قصد موضع للعبادة كالصالة فيه والدعاء وحنو ذل ك ول يس <strong>يف</strong> ش ريعة اإلس الم<br />
بقعة تقصد لعبادة هللا فيها َبلصالة والدعاء والذكر والق راءة وحن و ذل ك إال املس اجد ومش اعر احل ج ، وأم ا م ا<br />
كان عليه املشركون وأهل الكت اب م ن تعظ يم بق اع للعب ادة كح راء والط ور والغ ار ال ذي جبب ل قاس يون بدمش ق<br />
ال ذي يق ال ل ه مغ ارة ال دم واملقام ان الل ذان جبانبي ه الش رقي والغ ريب يق ال ألح دمها مق ام إب راهيم ولاخ ر مق ام<br />
عيسى وما ش ابه ذل ك م ن البق اع واملش اهد <strong>يف</strong> ش رق األرض وغرهب ا فإن ه ال يش رع الس فر إليه ا لزايرهت ا َبتف اق<br />
أئمة املسلمني.<br />
)2046(<br />
ب ل ثب ت <strong>يف</strong> الص حيحني عن ه أن ه ق ال : )) ال تش د الرح ال إال إىل ثالث ة مس اجد املس جد احل رام،<br />
واملس جد األقص ى، ومس جدي ه ذا ((<br />
)2047(<br />
– وك ان الص حابة<br />
رض وان هللا عل يهم<br />
–<br />
ملا فتح وا ب الد الش ام<br />
والع راق ومص ر وخراس ان وغريه ا ال يقص دون ه ذه البق اع وال يزوروهن ا وال يقص دون الص الة وال دعاء فيه ا ب ل<br />
كانوا مستمسكني بشريعة نبيهم <strong>يف</strong> عمارة املساجد.<br />
)2048(<br />
ب ل إن املس اجد املبني ة عل ى غ ري الوج ه الش رعي ال يقص دوهنا كمس جد الض رار، وامل واطن تتغ ري بتغ ري<br />
األزم ان واألح وال فق د حتم د أو ت ذم <strong>يف</strong> بع ض األوق ات كح ال أهله ا مث يتغ ري ح اهلم، فتك ون البقع ة دار كف ر<br />
إذا كان أهلها كفاراً مث تصري دار إس الم إذا أس لم أهله ا كم ا كان ت مك ة <strong>يف</strong> أول األم ر دار كف ر وح رب مث مل ا<br />
فتحها صارت دار إسالم وهي <strong>يف</strong> نفسها أم القرى وأحب األرض إىل هللا .<br />
)2049(<br />
وقد اتفق أهل العلم على داللة احلديث السابق على جواز شد الرحال إىل املساجد الثالثة ألهنا مس اجد<br />
األنبياء وحنن مأمورون َبالقتداء هبم وهو مسنون وجيب إذا كان حلج بيت هللا احلرام .<br />
واختلفوا <strong>يف</strong> احلديث من أربعة وجوه من حيث داللته<br />
:<br />
)2050(<br />
الوجه األول:<br />
اختلفوا <strong>يف</strong> داللة القصر <strong>يف</strong> احلديث على قولني:<br />
األول: أن القصر إضا<strong>يف</strong>، واملراد منه: ( ال تشد الرحال إىل مس جد إال املس اجد الثالث ة( ليك ون املس تثىن<br />
م ن ج نس املس تثىن من ه، واجل نس القري ب ه و املس جد ف ال ي دخل في ه ش د الرح ال إىل القب ور وال غريه ا،<br />
ينظر: اجلامع الفريد ص ( 473(، واقتضاء الصراط املستقيم (<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )136(.<br />
ينظر : اجلامع الفريد ص (<br />
. )340/2<br />
. )473<br />
ينظر: اقتضاء الصراط املستقيم (<br />
ينظر: جمموع الفتاوى (<br />
340/2( وما بعدها .<br />
)20/27 ، وأحكام املساجد، للخضريي ( )281/1 .<br />
)2046(<br />
)2047(<br />
)2048(<br />
)2049(<br />
)2050(
فاحل ديث وارد <strong>يف</strong> املس اجد َبلنس بة للص الة ألن املس اجد غ ري الثالث ة متماثل ة <strong>يف</strong> الفض ل َبلنس بة للص الة ف ال<br />
معىن للرحيل إىل مس جد آخ ر ليص لي في ه وعلي ه ف ال م انع م ن ش د الرح ال إىل غ ري الثالث ة ألج ل ال زايرة فإهن ا<br />
ألجل املكني ( الويل ) ال للمكان كما قال ابن حزم وبعض احلنفية وبعض الشافعية.<br />
)2051(<br />
وقال ابن تيمية : املراد منه هو أن ال تشد الرحال إىل بقعة لتعظيمها إال إىل املساجد الثالثة وهبذا يك ون<br />
شد الرحال إىل القبور ممنوعاً بداللة احلديث.<br />
الق ول الث اين :<br />
)2052(<br />
أن القص ر حقيق ي ومعن اه: ال جي وز ش د الرحال إىل أي ش يء إال املس اجد الثالث ة وإمن ا<br />
خرج منه السفر للتجارة وطلب العلم َبإلمجاع وخص غريه كزايرة الوالدين وحنوها أبدلة أخرى.<br />
)2053(<br />
َ<br />
الوجه الثاين:<br />
اختلفوا <strong>يف</strong> النهي <strong>يف</strong> احلديث : )) ال تشد الرحال (( أه و للتح رمي أم للكراه ة التنزيهي ة مبع ىن أن ه ال<br />
يستحب ؟<br />
وذلك على قولني :<br />
األول: أن النهي للتحرمي .<br />
وروي أن أَب موس ى أنك ر عل ى أيب ذر رض ي هللا<br />
وهو مذهب مالك وبه قال أكثر أصحاب أمح د )2054(<br />
عنهما ذهابه للطور وقَبِّل<br />
)2055(<br />
إنكاره.<br />
القول الثاين: أن النهي للكراهة التنزيهية.<br />
)2056(<br />
وقال به بعض الشافعية<br />
.<br />
واس تدل أص حاب الق ول األول: بظ اهر ن ص احل ديث وأن ه ال قرين ة تص رفه ع ن ظ اهر داللت ه وهك ذا فه م<br />
أبو موسى هذه الداللة ومل ينكر أبو ذر إنكاره لفعله ومل يعرف هلما خمالف من الصحابة. )2057(<br />
)2051(<br />
)2052(<br />
)2053(<br />
)2054(<br />
)2055(<br />
<strong>يف</strong> احمللى ( 45/4(، وفتح القدير )182/3(، وحاشية البجريمي على اخلطيب )414/2( .<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> (<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر )76/3<br />
ينظر: جواهر اإلكليل (<br />
. )21/27<br />
. )77-<br />
/1<br />
185(، ومطالب أويل النهى للرحيباين (<br />
. )236 /2<br />
ينظر: نيل األوطار ، للشوكاين )212/6( ، وقيل: إن أَب بصرة هو الذي أنكر على أيب هريرة ذلك، ينظر: سبل السالم،<br />
للصنعاين ( /4 )192 .<br />
)2056(<br />
ينظر: فتح الباري، البن حجر (<br />
/3<br />
هي <strong>يف</strong> شد الرحال إىل الثالثة خاصة ، ينظر: اجملموع (<br />
/8<br />
)2057(<br />
ينظر: املغين البن قدامة (<br />
. )118-117 /3<br />
76(، وقال النووي : الصحيح عند أصحابنا أنه ال حيرم وال يكره واملراد أن الفضيلة التامة<br />
154(، وطرح التثريب، للعراقي )42/6(.
واس تدل أص حاب الق ول الث اين: إبتي ان الن يب مس جد قب اء، وألن لف ظ احل ديث بص يغة اخل رب والتح رمي<br />
منقطع إبمجاع العلماء على جواز شد الرحال إىل سائر مطالب الدنيا، فش د الرح ال إىل س ائر املس اجد مثل ه.<br />
)2058(<br />
املناقشة :<br />
إم ا إتي ان الن يب ملس جد قب اء فه و م ن املدين ة ومل يش د ل ه رحالً، وقي ل: إن جميئ ة <br />
ملواصلة األنصار وتفقد أحواهلم .<br />
لقب اء إمن ا ك ان<br />
)2059(<br />
)2058(<br />
ينظر: فتح القدير (<br />
،)182 /3 والفتاوى اهلندية ( /1 ،)266 وفتح الباري ( /3 ،)77-76 وطرح التثريب ،)44-42/6(<br />
واملغين ( /3<br />
.<br />
117(، ومطالب أويل النهى، للرحيباين (<br />
-236 /2<br />
237(، وسبل السالم، للصنعاين، حتقيق حممد حالق (<br />
)192 /4<br />
)2059(<br />
ينظر: البداية والنهاية ، البن كثري (<br />
. ) 229 /3
وأما كونه ورد بصيغة اخلرب فإن بعض الرواايت قد وردت بصيغة النه ي الص ريح وال ذي يظه ر<br />
م ن ن ص احل ديث التح رمي<br />
)2060(<br />
ق ال ش يخ اإلس الم : "فالس فر إىل ه ذه املس اجد الثالث ة للص الة<br />
فيها والدعاء والذكر والقراءة واالعتك اف م ن األعم ال الص احلة وم ا س وى ه ذه املس اجد ال يش رع الس فر إلي ه<br />
َبتف اق أه ل العل م ح ىت مس جد قب اء يس تحب قص ده م ن املك ان القري ب كاملدين ة وال يش رع ش د الرح ال<br />
)2061(<br />
إليه".<br />
و<strong>يف</strong> الص حيحني ع ن اب ن عم ر ق ال : ( ك ان الن يب أييت مس جد قب اء ك ل س بت ماش ياً وراكب اً(، وك ان<br />
ابن عمر <strong>يف</strong>عله. و<strong>يف</strong> لفظ مسلم: ( فيصلي فيه ركعتني( .<br />
)2062(<br />
وقوله <br />
: )) من تطهر <strong>يف</strong> بيته مث أتى مسجد قباء فصلى فيه ص الة ك ان ل ه ك أجر عم رة((<br />
)2063(<br />
في ه<br />
تنبي ه على أن ه ال يش رع قص ده بش د الرح ال ب ل إمن ا أيتي ه الرج ل م ن بيت ه ال ذي يص لح أن يتطه ر في ه مث أيتي ه<br />
فيقصده كما يقصد الرجل مسجد مصره دون املساجد اليت يسافر إليها.<br />
ومل خيص الن يب غ ريه م ن املس اجد إبتي ان ول ذا ك ان فقه اء املدين ة ال يقص دون ش يئاً م ن تل ك األم اكن<br />
إال قباء خاصة.<br />
)2064(<br />
وق د خيل ط ال بعض ب ني املس جد األقص ى والص خرة ح ىت إهن م ق د يعظم ون الص خرة كاملس جد، وق د كان ت<br />
مكشوفة زمن الصحابة ومل يكن أحد منهم خيصها بعبادة ومل ينب اخللف اء الراش دون عليه ا قب ة وإمن ا ك ان ذل ك<br />
<strong>يف</strong> زمن من بعدهم ومل يكونوا يعظموهنا وال يتحرون الصالة عندها بل كان ابن عمر رضي هللا عنهما أييت من<br />
احلجاز للمسجد األقصى وال أيتيها وذلك أهنا كانت قبلة مث نسخت وهي قبلة اليهود فلم يبق <strong>يف</strong> ش ريعتنا م ا<br />
يوجب تصيصها حبكم كما ليس <strong>يف</strong> شريعتنا ما يوجب تصيص يوم الس بت و<strong>يف</strong> تصيص ها َبلتعظ يم مش اهبة<br />
لليهود.<br />
)2065(<br />
الوجه الثالث :<br />
)2060(<br />
)2061(<br />
)2062(<br />
ينظر: أحكام املساجد، للخضريي (<br />
اقتضاء الصراط املستقيم ، البن تيمية ص (<br />
. )286 /1<br />
. )340<br />
صحيح البخاري، كتاب فضل الصالة <strong>يف</strong> مسجد مكة واملدينة ، َبب من أتى مسجد قباء كل سبت (<br />
وصحيح مسلم، كتاب احلج، َبب فضل مسجد قباء (<br />
92(، رقم)1193(،<br />
،)909 رقم ( )1399 .<br />
)2063(<br />
رواه النسائي <strong>يف</strong> فضل مسجد قباء والصالة فيه ( 2132(، وابن ماجه، <strong>يف</strong> كتاب إقامة الصلوات، َبب ما جاء <strong>يف</strong> الصالة <strong>يف</strong><br />
مسجد قباء (<br />
،)2561 رقم ( )1411 .<br />
)2064(<br />
)2065(<br />
ينظر: اقتضاء الصراط املستقيم، البن تيمية، ص (<br />
ينظر: املصدر السابق<br />
342(، بتصرف.<br />
.
اختلفو ا <strong>يف</strong> مسافة السفر املعنية َبحلديث والظ اهر أن من اط ذل ك ه و الع رف كم ا تق دم <strong>يف</strong> رخ ص الس فر<br />
الختالف ذلك َبختالف الزمان واملكان .<br />
الوجه الرابع :<br />
اختلف وا <strong>يف</strong> ش د الرح ال إىل القب ور<br />
)2066(<br />
م ع اتف اقهم عل ى من ع ذل ك إذا ك ان بقص د عبادهت ا أو الص الة<br />
)2067(<br />
عندها والدعاء وأنه ال يستلم ق رباً لن يب أو غ ريه وال يتمس ح ب ه وال يقص ده لش يء م ن ذل ك واختلف وا <strong>يف</strong><br />
شد الرحال للقبور لزايرهتا والدعاء ألصحاهبا دون أن يتخلل ذلك شيء من أعمال الشرك.<br />
فمنع األكثر من ذلك وقال ابن تيمية : "إنه مذهب مجهور العلماء وأئمة الس لف وق الوا إن ه غ ري مش روع<br />
وال مأمور به سواء كان قرب النيب أو غريه"<br />
.<br />
وجَ َّوَز بع ض الفقه اء الس فر ل زايرة القب ور واس تدلوا حب ديث اب ن عم ر مرفوع اً : )) م ن ج اءين زائ راً ال<br />
تنزعه إال زايريت كان حقاً علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة (( .<br />
)2068(<br />
وقوله : )) من زار قربي فقد وجبت له شفاعيت ((، وقوله : )) من حج ومل يزرين فقد جفاين((. )2069(<br />
فإذا كان السفر لزايرة قربه مشروعاً فيقاس على ذلك سائر قبور األنبياء والصاحلني .<br />
وق د ثب ت عن ه قول ه: )) كن ت هني تكم ع ن زايرة القب ور فزوروه ا ((<br />
يدل على جواز زايرة القبور خاصة قبور األنبياء والصاحلني .<br />
)2070(<br />
وه ذا وغ ريه م ن العموم ات<br />
واستدل أصحاب القول األول :<br />
)2066(<br />
)2067(<br />
ينظر: أحكام املساجد، للخضريي (<br />
. )281/1<br />
نقله شيخ <strong>اإلسالم</strong> كما <strong>يف</strong> جمموع الفتاوى (<br />
/27<br />
)2068(<br />
31( ، ويدل على ذلك ما جاءت به الشريعة من حترمي أعمال الشرك وأنه ال<br />
جيوز صرف شيء من الدعاء واخلضوع والصالة وحنو ذلك من ألوان العبادة القولية والفعلية إال هلل واألدلة على ذلك ظاهرة قد جاءت<br />
رسالة <strong>اإلسالم</strong> حملاربة هذا الشرك .<br />
ينظر: فتح القدير (<br />
،)182 /3 اجملموع (<br />
حممد املقدسي، ينظر: جمموع الفتاوى ص ( 28(، وممن قال َبملنع اجلويين وعياض<br />
.<br />
)2069(<br />
)2070(<br />
154/8(، وقال ابن تيمية : رخص <strong>يف</strong> ذلك بعض املتأخرين كالغزايل وابن عبدوس وأبو<br />
قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> : ( وأما قوله : )) من زار قربي فقد وجبت له شفاعيت (( وأمثال هذا احلديث مما روي <strong>يف</strong> زايرة قربه فليس<br />
منها شيء صحيح ومل يرو أحد من أهل الكتب املعتمدة منها شيئاً ال أصحاب الصحيح= =كالبخاري ومسلم وال أصحاب السنن<br />
كأيب داود والنسائي وال األئمة من أهل املسانيد كاإلمام أمحد وأمثاله وال اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك والشافعي وأمحد<br />
وإسحاق بن راهويه وأيب حن<strong>يف</strong>ة ... وأمثاهلم بل عامة هذه األحاديث مما يعلم أهنا كذب موضوعة ...وليس عن النيب <strong>يف</strong> زايرة قربه،<br />
وال قرب اخلليل حديث اثبت أصالً بل إمنا اعتمد على أحاديث السالم والصالة عليه ) جمموع الفتاوى )29/27( .<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب األضاحي، َبب بيان ما كان من النهي عن أكل حلوم األضاحي (<br />
،)1030 رقم ( 1977 ) .
َبحلديث السابق <strong>يف</strong> النهي عن شد الرحال لغري املساجد الثالثة كما تقدم وأبن ذلك م ن أس باب الش رك<br />
<br />
وعب ادة األواثن كم ا ق ال س بحانه :<br />
وكانوا رج االً ص احلني م ن ق وم ن وح فلم ا م اتوا عكف وا عل ى قب ورهم مث ص وروا مت اثيلهم<br />
)2071(<br />
<br />
<br />
<br />
فعب دوهم، ومل يك ن أح د م ن الص حابة يس تحب الس فر لش يء م ن البق اع ال آاثر األنبي اء وال قب ورهم وال<br />
مساجدهم إال املساجد الثالثة وكانوا ينكرون على من فعل شيئاً من ذلك .<br />
)2072(<br />
وق د دل ت الش ريعة عل ى وج وب س د ال ذرائع القولي ة والفعلي ه واح تج العلم اء عل ى ذل ك أبدل ة ال حتص ى<br />
كثرة وذكر منها ابن القيم <strong>يف</strong> إعالم املوقعني تسعة وتسعني دليالً كله ا ت دل عل ى وج وب س د ال ذرائع املفض ية<br />
للشرك.<br />
)2073(<br />
وأجاب املخالفون عن احلديث أبن املراد به اختصاص الثالثة بفضل الصالة فيها فقط لقوله : )ال ينبغي<br />
للمط ي أن تش د رحال ه إىل مس جد تبتغ ي في ه الص الة غ ري ك ذا وك ذا( فب ني أبن امل راد ش د الرح ل إىل مس جد<br />
تبغي فيه الصالة ال كل سفر )2074( ، والصحيح أبنه ال فرق بني النهي عن شد الرحال لسائر املساجد ألج ل<br />
الصالة فيها وشدها لزايرة قبور األولياء فكلها قصد ملوضع معني على وجه التقرب وطلب املثوبة.<br />
ونوقشت أدلة القول الثاين :<br />
أبن األحاديث <strong>يف</strong> فضل زايرة النيب كذب ومل يثبت عنه حديث <strong>يف</strong> زايرة قربه وما ذكره ال جي وز إثب ات<br />
حكم شرعي مبوجب ه لع دم ثبوت ه َبالتف اق ب ل ك ان مال ك<br />
يق ال : زرت ق رب الن يب <br />
– رمح ه هللا –<br />
وه و أعل م الن اس حبقوق ه يك ره أن<br />
وم ا ذك ره بع ض الفقه اء م ن اس تحباب زايرة ق ربه فم رادهم الس فر إىل مس جده<br />
وه ذا مش روع َبإلمج اع ول و قص د املس افر إلي ه فه و إمن ا يص ل إىل املس جد واملس جد منته ى س فره ال يص ل إىل<br />
الق رب خب الف غ ريه فإن ه يص ل إىل الق رب وعلي ه فالقي اس لسائر القب ور عل ى ق ربه <br />
َبط ل فالس فر لق ربه ه و<br />
للمس جد <strong>يف</strong> حي اة الرس ول وبع د دفن ه وقب ل دخ ول احلج رة وبع د دخوهل ا في ه فه و س فر للمس جد س واء ك ان<br />
القرب هن اك أو مل يك ن ف ال جي وز أن يش به ب ه الس فر إىل ق رب جم رد، والس فر ملس جده مس تحب َبل نص واإلمج اع<br />
)2071(<br />
سورة نوح اآلية : (<br />
. ) 23<br />
)2072(<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> (<br />
. )31 /27<br />
)2073(<br />
كقوله سبحانه :<br />
وينظر: فتاوى ابن َبز (<br />
سورة األنعام اآلية : ( 108 ،)<br />
. ) 340 /3<br />
)2074(<br />
ينظر: طرح التثريب (<br />
/8<br />
44-42(، واجملموع، للنووي (<br />
/6<br />
154(، وعليه نصوا على استحباب شد الرحل لزايرة القبور<br />
واملشاهد وقالوا البن تيمية كالم بشع عجيب يتضمن منع شد الرحل لزايرة قربه وأنه ليس من القرب بل بضد ذلك وأنكروا عليه كما<br />
<strong>يف</strong> املصادر السابقة وفتح الباري البن حجر (<br />
. )76 /3
والسفر إىل قبور غريه من األنبياء والصاحلني ليس كذلك ومل يع رف ع ن أح د م ن الص حابة والت ابعني وأتب اعهم<br />
وال استحبه أحد من األئمة األربعة وال غريهم فك<strong>يف</strong> يقاس هذا هبذا .<br />
ومل يكن على عهد الصحابة قرب نيب ظاهر يزار ال بسفر وال بغري سفر ومل يدع الصحابة ش يئاً منه ا <strong>يف</strong>ت نت<br />
به الناس أو يسافرون إليه بل منعوا ذلك حبسب اإلمكان .<br />
وأما قوله : )) كنت هنيتكم ع ن زايرة القب ور فزوروه ا فإهن ا ت ذكركم اآلخ رة (( فه ذه زايرة ألج ل ت ذكر<br />
اآلخرة وليس فيه داللة على قصد السفر إليها تعظيماً وتعب داً وح ديث النه ي ع ن ش د الرح ال ي دل عل ى من ع<br />
ول ذا جي وز زايرة ق رب الك افر<br />
ذلك، فهذه زايرة شرعية ال خيلط بينه ا وب ني البدعي ة وهب ذا جتتم ع النص وص )2075(<br />
لتذكر اآلخرة على هيئة خمصوصة كما تقدم .<br />
وكان <br />
خيرج إىل البقيع فيسلم على موتى املسلمني ويدعو هلم.<br />
)2076(<br />
ومما يتعلق َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن العبادة ما ابتلي به الناس <strong>يف</strong> هذا العصر من العناية َبآلاثر واملشاهد اليت<br />
<br />
منها ما ورد الشرع بتعظيمه كاملسجد احلرام وما حيويه <strong>يف</strong> قوله سبحانه: <br />
)2077(<br />
<br />
<br />
والكعبة كما<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يقول سبحانه :<br />
. )2078(<br />
<br />
)2079(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقوله : <br />
)2075(<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف. فاملشروع ملن أراد زايرة قرب النيب أن يقصد َبلسفر زايرة مسجده فتدخل زايرة قربه وأصحابه <strong>يف</strong><br />
ذلك تبعاً ولونوامها جاز ألنه جيوز تبعاً ما ال جيوز استقالالً أما نية القرب َبلزايرة فقط فال جتوز مع شد الرحال أما إذا كان قريباً فال حيتاج<br />
إىل شد رحال وال يسمى ذهابه للقرب سفراً فال حرج <strong>يف</strong> ذلك ألن زايرة قربه وأصحابه سنة وكذا سائر قبور املسلمني ، وهبذا أفىت ابن َبز<br />
( /8 ،)337 واللجنة الدائمة ( /9 .)116<br />
)2076(<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف، وثبت أن عمر بن اخلطاب كان <strong>يف</strong> بعض األسفار فرأى قوماً يتناوبون مكاانً يصلون فيه<br />
فقال: ما هذا ؟، قالوا: مكان صلى فيه رسول هللا ، فقال: ومكان صلى فيه رسول هللا أتريدون أن تتخذوا أثر األنبياء لكم<br />
مساجد؟ إمنا هلك من كان قبلكم هبذا من أدركته الصالة فليصل وإال فليمض ، قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> : ( وهذا ألن هللا مل يشرع للمسلمني<br />
مكاانً يتناوبونه للعبادة إال املساجد خاصة فما ليس مبسجد مل يشرع قصده للعبادة وإن كان مكان نيب أو قرب نيب ) (<br />
. )34-33 /27<br />
وأما السفر للصالة على امليت وحضور الدفن وتعزية أهله فهو جائز ألن شد الرحل هنا ليس من أجل البقعة واحملرم هو قصد موضع<br />
معني للعبادة غري ما ورد به الشرع وهبذا أفىت ابن َبز – رمحه هللا<br />
- <strong>يف</strong> فتاواه ( /13 )138 .<br />
)2077(<br />
)2078(<br />
)2079(<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
. )144<br />
.) 125<br />
. ) 125
)2080(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقال سبحانه : <br />
)2081( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومقام إبراهيم كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه : <br />
<br />
<br />
<br />
والصفا واملروة كما <strong>يف</strong> قوله :<br />
)2082(<br />
. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2083( ، والوقوف فيها<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومشاعر احلج كما <strong>يف</strong> قوله: <br />
)2084(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
من أركان احلج، وكقوله : <br />
وهو مزدلفة كلها، ومىن كقوله<br />
وهي أايم التشريق واحلاج حينئذ <strong>يف</strong> مىن .<br />
)2085(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ومسجد قباء <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />
)2086(<br />
.<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وسائر املساجد <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />
، وهذه املشاعر املقدسة ليست جمرد شخوص تزين للمشاهدة والرتفيه بل هي مكان عبادة وتعظيم<br />
)2087(<br />
<br />
ومن تلك اآلاثر واملشاهد ما ورد الشرع َبلنهي عن تعظيمه حترمياً أو كراهة كمسجد الضرار وداير<br />
املعذبني وقبور الكفار كما تقدم وحنو ذلك من األصنام واألواثن .<br />
وورد <strong>يف</strong> القرآن بعض اآلاثر واملشاهد <strong>يف</strong> سياق ذكر حوادث ومل يرد شرعاً ما يدعوا إىل تعظيمها أو<br />
أداء شعائر فيها كغار ثور وشجرة بيعة الرضوان وموقع غزوة بدر وحنو ذلك وقد توالها اآلن السذج<br />
.<br />
.) 97<br />
.) 125<br />
. )158<br />
.) 198<br />
. 198<br />
. ) 203<br />
. ) 108<br />
.) 36<br />
سورة املائدة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة البقرة اآلية: (<br />
سورة التوبة اآلية: (<br />
سورة النور اآلية: (<br />
)2080(<br />
)2081(<br />
)2082(<br />
)2083(<br />
)2084(<br />
)2085(<br />
)2086(<br />
)2087(
وقليلوا العلم والبصرية َبحلضور والزايرة وسنوا هلا شعائر ما أنزل هللا هبا من سلطان وكل ذلك من البدع<br />
احملدثة اليت مل يكن عليها أمر هللا وال رسوله وال السف الصاحل<br />
. )2088(<br />
والنيب <br />
يقول : )) من عمل عمالً ليس عليه أمران فهو رد ((<br />
)2089(<br />
ومن اآلاثر واملشاهد قبور<br />
األنبياء والصاحلني .<br />
واملقصود أنه إذا كان النهي عن شد الرحال إىل غري املساجد الثالثة قد دل على منع شد الرحال<br />
إىل قبور األولياء وغريهم وأن ذلك يتفاوت من كونه معصية إىل كونه كفراً حبسب قصد املسافر من<br />
سالم على صاحب القرب أو دعاء عنده وصالة أو دعائه وعبادته من دون هللا عز وجل، فداللته على<br />
منع الوسائل املؤدية لذلك أبلغ ومنها العناية هبذه اآلاثر وإبرازها وتعظيمها وترميمها وحنو ذلك .<br />
فكل ما مل يرد الشرع بتعظيمه من اآلاثر وكان <strong>يف</strong> العناية به ذريعة إىل الشرك أو مفسدة راجحة فإنه<br />
حمرم شرعاً .<br />
وإمنا يكون تعظيم اآلاثر على وفق ما جاء الشرع َبألمر بتعظيمه والعناية به كما تقدم وَبتباع أهلها<br />
<strong>يف</strong> أعماهلم اجمليدة وأخالقهم احلميدة وجهادهم الصاحل قوالً وعمالً .<br />
قال الشيخ ابن َبز<br />
- رمحه هللا –<br />
: " وأما تعظيم اآلاثر َبألبنية والزخارف والكتابة وحنو ذلك فهو<br />
خالف هدي السلف الصاحل وإمنا ذلك سنة اليهود والنصارى ومن تشبه هبم وهو من أعظم وسائل<br />
)2090(<br />
الشرك " .<br />
كما أن <strong>يف</strong> ذلك إنفاقاً لألموال <strong>يف</strong> غري وجهها .<br />
وعلى هذا فإن تعظيم اآلاثر <strong>اإلسالم</strong>ية كغار ثور وحمل بيعة الرضوان وقبور الصحابة والسلف وحنوها<br />
وتعمري ما هتدم منها وإبرازه وتعبيد الطرق إليها واتاذ املصاعد ملا كان مرتفعاً منها ووضع اللوحات واملرشدين<br />
السياحيني هلا كله وغريه من وسائل العناية هبذه اآلاثر خمالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية اليت جاءت بتحصيل املصاحل<br />
وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل املفضية إليها وهو خالف ما<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كان عليه عمل النيب <br />
وأصحابه وقد قال سبحانه :<br />
)2088(<br />
ينظر: اآلاثر واملشاهد وأثر تعظيمها على األمة <strong>اإلسالم</strong>ية، عبد العزيز اجلفري ص ( 132-130( ، بتصرف، وهناك دعوات كثرية<br />
لتنظيم املزارات والقبور واملشاهد سياحياً ليؤمها املسلمون من مجيع أحناء العامل وينظر على سبيل املثال جملة <strong>السياحة</strong> <strong>اإلسالم</strong>ية العدد (<br />
) 18 ص ( 6<br />
)2089(<br />
)2090(<br />
) حيث التصريح بذلك بكل جباحة ! .<br />
سبق ترجيه ص )318( .<br />
ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة البن َبز (<br />
)391 /1 و ( /1 401<br />
(<strong>يف</strong> الرد على مقال ملصطفى أمني نشرته صح<strong>يف</strong>ة الندوة<br />
<strong>يف</strong> 1380/6/24ه بعنوان : آاثر املدينة املنورة وكذلك ما نشرته <strong>يف</strong> 1387/5/24ه لصاحل حممد مجال بعنوان اآلاثر <strong>اإلسالم</strong>ية .
فكل ما مل يكن مشروعاً <strong>يف</strong> عهده <br />
وعهد أصحابه<br />
)2091(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
رضوان عليهم ال يكون مشروعاً بعدهم وال يصلح آخر هذه األمة إال ما صلح به<br />
وإذا نظران ملنهجه وأصحابه وموقفهم من االهتمام َبآلاثر يتبني لنا ما يلي:<br />
أوهلا )2092( .<br />
-1<br />
أن األماكن اليت زارها قبل البعثة وبعد البعثة مل يرد دليل واحد على أنه قصد زايرهتا أو حث<br />
على االهتمام هبا كغار حراء واجلبل الذي كان عند مىن وكان فيه قبة الفداء .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
2- أنه ملا فتح مكة كسر األصنام حول الكعبة وهو يقرأ :<br />
)2093( <br />
-3<br />
ومل حيافظ عليها لكوهنا من اآلاثر والرتاث.<br />
مل يعرف عن أحد من الصحابة أنه اعتىن َبآلاثر أو أمر بزايرهتا وترميمها وكانت األهرامات مبصر<br />
بعد الفتح ومل يرد ذكرها <strong>يف</strong> كتب التاريخ ومل ينقل عنهم زايرهتم هلا فضالً عن األمر بصيانتها<br />
والعناية هبا بل إن كثرياً منها كان مطموراً َبلرمال وهذا يدل على إمهاهلا .<br />
وقد يعرتض البعض أبن من اآلاثر والتماثيل ما ليس أبصنام فال مانع من العناية ويستدلون على التفريق<br />
. )2094( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
بقوله سبحانه : <br />
وجياب عن ذلك أبنه ال فرق بني التماثيل والصنم لعموم النصوص <strong>يف</strong> حترمي الصور والتماثيل والنهي عن<br />
اقتنائها ومن ذلك قوله : )) ال تدخل املالئكة بيتاً فيه متاثيل أو تصاوير (( )2095( ، وأما اآلية فذكر<br />
القرطيب أبن ذلك كان مباحاً <strong>يف</strong> زمن سليمان ونسخ بشريعة <strong>اإلسالم</strong><br />
)2096(<br />
والنصوص <strong>يف</strong> حترمي التماثيل<br />
اجملسمة ولو مل تعبد كثرية جداً ال يتسع املقام لذكرها وهذا قول مجاهري العلماء بل نقل كثري من املالكية<br />
اإلمجاع عليه.<br />
)2097(<br />
لكن العناية واالهتمام َبآلاثر واملشاهد والبقاع اليت أمرت الشريعة بتعظيمها وصيانتها ودلت النصوص<br />
على جواز قصدها َبلعبادة كاملساجد الثالثة وما جاء الشرع بتعظيمه من املشاعر املقدسة واملساجد وغري<br />
ذلك أمر مشروع بل واجب كما تقدم .<br />
)2091(<br />
سورة املائدة اآلية : (<br />
. ) 3<br />
)2092(<br />
ينظر: جملة البيان العدد (<br />
6 اهلبدان ص (<br />
)2093(<br />
وما بعدها (.<br />
سورة اإلسراء اآلية : (<br />
.) 81<br />
)2094(<br />
سورة سبأ اآلية : (<br />
. )13<br />
)2095(<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب اللباس والزينة (<br />
162( ، السنة السادسة عشرة، صفر (<br />
،)1056 رقم ( .)2112<br />
)2096(<br />
ينظر: اجلامع ألحكام القرآن، للقرطيب (<br />
.) 271 /7<br />
)2097(<br />
لالستزادة ينظر: أحكام التصوير <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ، ص (<br />
. )208<br />
1422ه ) ، تعظيم اآلاثر رؤية شرعية، حملمد بن عبد هللا
وكذلك فإن العناية َبآلاثر اليت تعد جزءاً من تراث األمة وهويتها وحضارهتا <strong>اإلسالم</strong>ية مما ال يقصد<br />
َبلعبادة وال يرتتب على االهتمام والعناية به حمذور شرعي أو مفسدة راجحة ال مانع منه شرعاً وقد أنشئت<br />
وكالة لااثر واملتاحف تنفيذاً لقرار جملس الوزراء رقم (<br />
)272 <strong>يف</strong> 1383 /11 /8<br />
ه وربطت بوزارة املعارف<br />
مث صدر نظام اآلاثر َبملرسوم امللكي رقم )26( واتريخ 1392/6/23ه وتضمن إنشاء جملس أعلى لااثر<br />
وتضمن النظام سبعة فصول ، األول <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ات وأحكام عامة ، والثاين <strong>يف</strong> اآلاثر الثابتة، والثالث <strong>يف</strong><br />
املنقولة، والرابع <strong>يف</strong> االجتار َبآلاثر، واخلامس <strong>يف</strong> تصديرها، والسادس <strong>يف</strong> التنقيب عنها، والسابع <strong>يف</strong> العقوَبت<br />
املرتتبة على خمالفة أحكام النظام . )2098(<br />
وهذا التنظيم جيب أن يكون جماله اآلاثر املذكورة قريباً مما ال حمذور فيه شرعاً وهو من َبب<br />
السياسة الشرعية حلماية تلك اآلاثر َبعتبارها من أمالك الدولة وهيمنتها عليها من مظاهر سيادهتا<br />
وهي جزء من تراثها وهويتها <strong>اإلسالم</strong>ية واترخيها اجمليد و<strong>يف</strong> العناية هبا حفظ لذلك الرتاث وتلك اهلوية<br />
إضافة ملا يتحقق من فوائد علمية للباحثني والدارسني <strong>يف</strong> جمال اآلاثر وفيه تعر<strong>يف</strong> لغري املسلمني<br />
بعظمة <strong>اإلسالم</strong> وحضارته وتراثه وإبداع علمائه ومفكريه.<br />
وأما العناية َبآلاثر واملشاهد اليت ال جيوز تعظيمها وال االهتمام هبا شرعاً كما تقدم فال جيوز أن<br />
يتناوهلا هذا التنظيم َبلعناية واالهتمام ملا تقدم .<br />
)2099(<br />
وإدارج اتريخ هذه اآلاثر ضمن املقررات الدراسية إذا كان على سبيل الدعوة إىل احلق والتذكري<br />
أبحواله <br />
<strong>يف</strong> بيته و<strong>يف</strong> غار ثور ودار األرقم وغريها واالستفادة من املعجزات اليت حصلت <strong>يف</strong> تلك<br />
البقاع فإنه مشروع وال مانع منه ألن ذلك مما يقوي اإلميان <strong>يف</strong> القلوب ويريب النشء على االقتداء به<br />
)2098(<br />
)2099(<br />
ينظر:<br />
www.moe.gov.sa/alathar<br />
ومما يؤسف له أن الواقع اآلن على خالف أحكام الشرع املطهر و<strong>يف</strong> بالدان من يدعوا ويعمل على تعظيم اآلاثر والشواهد املنهي<br />
عن تعظيمها وإبرازها كالقبور وداير املعذبني والتماثيل والتصاوير ومن ذلك ما نشر <strong>يف</strong> جريدة الرايض <strong>يف</strong> 1420/10/21ه بعنوان:<br />
ترميم بيت الشيخ حممد بن عبد الوهاب وذكر فيه أن اإلدارة العامة لااثر واملتاحف أولت اهتماماً َبلغاً مبنزل جمدد الدعوة <strong>يف</strong> حي<br />
غيالن حبرميالء حيث متت صيانته وأعيد ترميمه وعني له حارس خاص، وقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء على ذلك<br />
وأفتت بتحرميه وأنه وسيلة للغلو وطلبت من اجلهة املسؤولة هدمه، كما نشرت اجلريدة ذاهتا <strong>يف</strong> يوم اخلميس املوافق 1421/1/22ه <strong>يف</strong><br />
عددها (<br />
1630( خرباً بعنوان: املسؤلون <strong>يف</strong> العال انقشوا <strong>السياحة</strong> وتطويرها ومهرجان الص<strong>يف</strong> وجاء فيه أنه م إصدار كتب ونشرات عن<br />
آاثر مدائن صاحل لتوزيعها على السياح وأعدت خطط لتطوير <strong>السياحة</strong> هناك والشك أن العناية هبذه اآلاثر خمالف ملا تقرر سابقاً وجيب<br />
االنتهاء عن مثل هذا ، كما نشرت جريدة االقتصادية <strong>يف</strong> يوم األربعاء 1421/1/21ه العدد ( 2396( أنه شكلت جلنة إلصالح<br />
وترميم مقربة حام الطائي فإن كان ذلك ملنع الدواب من دخوهلا وحنو ذلك فال إشكال، لكن املصيبة أن يكون مثل هذا جزءاً من<br />
أعمال العناية َبآلاثر وتعظيمها واالهتمام هبا . نسأل هللا السالمة والعافية
ويساعدهم على فهم أحواله وكذا تضمني صور اآلاثر واملشاهد البدعية والشركية واترخيها <strong>يف</strong><br />
املناهج الدراسية كداير املعذبني والقبور وحنو ذلك ال مانع منه شرعاً؛ ألنه نوع من البيان فهو<br />
كتضمني املهندسني وعلماء احلساب للصور واهلياكل واألشكال اهلندسية وفيه إعانة للمتعلم على<br />
الفهم وال حمذور فيه إذا خال من الصور احملرمة ( صور ذوات األرواح ) وينبغي أن يقوم على ذلك<br />
األكفاء األمناء حىت ال يستغل مثل هذا <strong>يف</strong> إدخال األفكار اإلحلادية واملبادئ الغربية واإلعجاب<br />
حبضارات األمم الكافرة.<br />
)2100(<br />
)2100(<br />
ينظر: جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة، البن َبز (<br />
. )401 /1
املطلب الثالث<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة
املطلب الثالث: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة.<br />
تق دم بي ان حك م اإلس الم <strong>يف</strong> س ياحة الله و والرتفي ه )2101(<br />
وأن ش ريعة اإلس الم عامل ت اإلنس ان عل ى أس اس<br />
مراع اة غرائ زه النفس ية وحاجات ه اجلس دية حبي ث كفلت ل ه ق دراً كافي اً حم دوداً إلش باعها م ع حتدي د الض وابط<br />
واجملاالت لتصر<strong>يف</strong>ها وإمتاعها ومل يكن <strong>اإلسالم</strong> يوماً من األايم عدواً متسلطاً على طبيعة النفس البشرية بل هو<br />
دي ن الفط رة يتعام ل معه ا مب ا حيق ق مص احلها وحاجاهت ا دون انف الت أو تض ييق ف التوازن ص بغته واالعت دال<br />
)2102(<br />
طبيعته وقد أقر حق النفس <strong>يف</strong> الرتويح والرتفيه واالستجمام.<br />
ويتب ني فيم ا تق دم أبن الله و واللع ب أص لهما عل ى اإلَبح ة <strong>يف</strong> أص ح أق وال أه ل العل م ف ال مين ع اإلنس ان م ن<br />
ذلك إال إذا قام الدليل على املنع والتحرمي. )2103(<br />
وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة إن اشتملت على منكرات وحماذير شرعية ومفاسد راجحة كسائر<br />
ما يتلهى به البطالون <strong>يف</strong> عصران هذا من أنواع اللهو احملرم <strong>يف</strong> ذاته كالنرد والشطرنج واملزاجلة َبحلمام واملالكم ة<br />
وألع اب القم ار وص رب البه ائم<br />
والتح ريش بينه ا وغ ري ذل ك مم ا ال يس تعان ب ه <strong>يف</strong> ح ق وال يس تجم ب ه <strong>يف</strong> درك<br />
واجب أو من أنواع اللهو احملرم ملا يؤدي إليه من املفاسد أو ملا يرتتب عليه من تضييع الواجبات والف رائض أو<br />
الش تماله عل ى منك رات أخ رى كالس ياحة <strong>يف</strong> أغل ب املنتجع ات والفن ادق وم دن األلع اب واألس واق واملق اهي<br />
وقاع ات الس ينما والس ريك وحنوه ا مم ا يش تمل عل ى منك رات الت ربج والس فور والع ري واالخ تالط والغن اء<br />
واملسكرات وشيوع الفواحش وغري ذلك.<br />
فهذا كله من اللهو الباطل و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مثل تلك األماكن حمرمة شرعاً مل ا تش تمل علي ه م ن منك رات ومفاس د<br />
ظ اهرة تض افرت أدل ة الش رع عل ى<br />
حترميه ا والتح ذير منه ا م ن س حر واخ تالط وإش اعة للف واحش وجم اهرة<br />
َبملعاص ي وش رب للخم ور وغريه ا، وق د ص ور هللا تع اىل لن ا اهل الك ال ذي حي ل <strong>يف</strong> امل واطن ال يت تكث ر فيه ا<br />
احملرم ات وتظه ر و<strong>يف</strong>ش و فيه ا املنك ر لت وخي احل ذر منه ا وليق وم املس لم َبل دور املن وط ب ه م ن التغي ري واإلنك ار<br />
واإلص الح ال املش اركة <strong>يف</strong> اهل دم والفس اد، فق ال س بحانه: <br />
)2105()2104(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فإذا رأى املسلم شيئاً من تلك املنكرات وجب عليه املناصحة<br />
واإلنكار فإن مل يكن قادراً عل ى ذل ك ف ال جي وز<br />
ل ه حب ال البق اء <strong>يف</strong> تل ك األم اكن املوب وءة ؛ ألن ذل ك موج ب للعقوب ة وإعان ة عل ى اإلمث وهللا س بحانه وتع اىل<br />
.) 90 <strong>يف</strong> ص (<br />
ينظر: قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية، والضوابط الشرعية، مادون رشيد، ص )121(.<br />
ينظر: موسوعة القواعد الفقهية، مجع وترتيب حممد البورنو )121/1(، القاعدة الرابعة واألربعون بعد األربعمائة.<br />
سورة اإلسراء، اآلية:<br />
. 16<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
111، بتصرف.<br />
)2101(<br />
)2102(<br />
)2103(<br />
)2104(<br />
)2105(
، )2106( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يق ول: <br />
ويق ول:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
، ويقول سبحانه: )2107( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2108( ، فقصد السائح ملثل<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
هذه األماكن يقتضي إقراره َبملنكر ورضاه به وهذا يصريه مبنزلة الفاعل فيشرتك <strong>يف</strong> اإلمث )2109( ، قال ابن<br />
الق يم رمح ه هللا )2110( : " وإذا خ الط أه ل املع روف أه ل املنك ر بغ ري اإلنك ار عل يهم ك انوا كالراض ني ب ه<br />
املؤثرين له فنخشى من نزول سخط هللا على مجاعتهم فيعم اجلميع"، إضافة إىل ما يرتتب على احلض ور<br />
لتلك األماكن من الصد عن ذكر هللا وإضاعة املال ومساع األغاين واملعازف احملرمة اليت هي من أعظم ما<br />
يقوي األحوال الشيطانية وهي بري د ال زىن ب ل بوق ه ومزم اره وه و مبنزل ة اخلم ر ب ل ي ؤثر <strong>يف</strong> النف وس أعظ م<br />
من أتثري اخلمر ومن كان أبعد عن املعرفة والعلم مبا دلت عليه الشريعة من حترمي ذلك وحترمي كل املفاسد<br />
وكان أبعد عن كمال والية هللا وكان نصيب الشيطان منه أكثر.<br />
وق د ع رف َبالض طرار م ن دي ن اإلس الم أن الن يب مل يش رع ألمت ه أن جيتمع وا عل ى اس تماع الغن اء<br />
والفاحش من القول مع ما يصاحب ذلك من رقص وعري وتفسخ.<br />
ومل ي بح ألح د أن خي رج ع ن متابعت ه واتب اع م ا ج اء ب ه م ن الكت اب واحلكم ة ال <strong>يف</strong> َبط ن األم ر وال <strong>يف</strong><br />
ظ اهره ولك ن رخ ص للنس اء أن يض ربن َبل دف <strong>يف</strong> األع راس واألف راح وأم ا الرج ال فل م يك ن أح د م نهم<br />
يضرب بدف وال يصفق بكف وملا كان هذا من عمل النساء كان السلف يس مون م ن <strong>يف</strong>ع ل ذل ك م ن<br />
الرجال خمنثاً ويسمون الرجال املغنني خمانيثاً ويردون شهادهتم و<strong>يف</strong>سقوهنم )2111(<br />
وإن مما عم به البالء <strong>يف</strong> هذا الوقت ما يسمى َبملهرجاانت الغنائية واحلفالت املوسيقية وما تشتمل عليه<br />
من مفاسد ظاهرة ال تفى على كل ذي لب.<br />
)2106(<br />
)2107(<br />
)2108(<br />
)2109(<br />
)2110(<br />
)2111(<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
سورة األنعام، اآلية:<br />
. 2<br />
.140<br />
.68<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
<strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )722/2(.<br />
113، بتصرف.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )565-531/11(، بتصرف، وفتاوى <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت، البن عثيمني، مجع خالد أبو<br />
صاحل، ص )101-98-82(.
وق د ب ذل علم اء ه ذه ال بالد ووالهت ا ومص لحوها جه وداً مش كورة <strong>يف</strong> من ع ذل ك وأف ىت الش يخ حمم د ب ن<br />
إبراهيم بتحرمي الغناء والس ينما واملاله ي ومن ع االخ تالط <strong>يف</strong> األس واق واألم اكن العام ة ، وب ذل م ع والة<br />
األم ر وفقه م هللا جه وداً مش كورة <strong>يف</strong> إغ الق مث ل تل ك األم اكن. )2112( ، وأص درت اللجن ة الدائم ة<br />
للبحوث العلمية واإلفتاء عددً من البياانت والفتاوى <strong>يف</strong> ذلك ومنها ما جاء <strong>يف</strong> الفتوى رقم<br />
1420/3/15ه حيث سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء عن:<br />
<strong>يف</strong> 20856<br />
حكم إقامة املهرجاانت واحلفالت اليت تتضمن اللهو والغناء والط رب ودع وة املغن ني واملغني ات والش عراء<br />
واملمثلني وإنفاق األموال الطائلة <strong>يف</strong> ذلك وإهلاء الناس عما ينفعهم <strong>يف</strong> دينهم ودنياهم وعن حكم حضور<br />
هذه االحتفاالت واملهرجاانت ومشاهدهتا؟<br />
وبعد دراسة اللجنة لالستفتاء أجابت أبنه:<br />
" حيرم على املسلم إقامة حفالت أو مهرجاانت مشتملة عل ى أم ور منك رة كالغن اء واملوس يقى واخ تالط<br />
الرجال َبلنساء وإحضار السحرة واملشعوذين، لألدلة الشرعية الكثرية الدالة على حترمي هذه األمور وأهنا<br />
م ن أس باب الوق وع فيم ا ح رم هللا م ن الف واحش والفج ور، وق د توع د هللا ع ز وج ل م ن أح ب ش يوع<br />
<br />
الفاحش ة ب ني امل ؤمنني ودع ا إىل ذل ك وأع ان علي ه َبلع ذاب األل يم فق ال س بحانه: <br />
رر أن وإذا تق<br />
إقامة هذه احلفالت واملهرجاانت حم رم فحض ورها وب ذل األم وال فيه ا وتش جيعها والدعاي ة هل ا ك ل ذل ك<br />
حمرم أيضاً؛ ألنه من إضاعة املال واألوقات فيما ال يرض هللا سبحانه، ومن التعاون على اإلمث والعدوان،<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تع اىل يق ول: <br />
و<strong>يف</strong> احلديث املتفق على صحته أن النيب كان ينهى عن إضاعة املال.<br />
وَبهلل التوفيق. وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،<br />
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء".<br />
كما سئل فضيلة الشيخ: حممد بن صاحل بن عثيمني<br />
السؤال التايل: – رمحه هللا –<br />
"انتش ر <strong>يف</strong> اآلون ة األخ رية إقام ة األمس يات واملهرج اانت الغنائي ة <strong>يف</strong> بع ض املص ائف وال يت يكث ر فيه ا<br />
اجتماع الناس عليها من الداخل واخلارج و<strong>يف</strong>د إليها العديد من املغنني واملغنياتوحيص ل فيها اخ تالط<br />
عند الدخول لألمسيات النسائية واخلروج منها، وبذل األموال <strong>يف</strong> الدخول إىل هذه املسارح.<br />
)2112( ينظر: فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم )260-253-250-46/10-9(.
فنأمل من فضيلتكم تبيني احلكم <strong>يف</strong> هذا ونسأل هللا أن جيزيكم خري اجلزاء.<br />
اجلواب: ال جيوز حضور املهرج اانت ال يت يك ون فيه ا أغ اين ومغن ني أو أغ اين ومغني ات أو اخ تالط ب ني<br />
الرج ال والنس اء وب ذل األم وال <strong>يف</strong> الوص ول إىل ذل ك ح رام؛ ألن ذل ك إض اعة للم ال وب ذل ل ه فيم ا ال<br />
يرض ي هللا تع اىل، ونس أل هللا العافي ة وأن يعص منا وإخوانن ا املس لمني م ن أس باب س خطه وعقوبت ه وأن<br />
جيعل ما رزقنا عوانً لنا على طاعته ال على معصيته إنه مسيع جميب."<br />
ا.ه .<br />
كما سئل فضيلة الشيخ/ عبد هللا بن عبد الرمحن بن جربين<br />
–<br />
حفظه هللا ورعاه-<br />
"عمَّ ا أش يع <strong>يف</strong> بع ض امل دن واملن اطق م ن إقام ة احلف الت الغنائي ة، والس هرات عل ى مس اع األغ اين،<br />
واأله ازيج الوطني ة، وغ ري الوطني ة، وإقام ة املسلس الت والتمثيلي ات <strong>يف</strong> مس ارح بع ض األندي ة األدبي ة.<br />
ويدعى هلا املطربون واملغنون واملمثلون من كل مكان وأحياانً يكون الدخول فيها عن طريق تذاكر تب اع<br />
وأحي اانً يك ون ال دخول جم اانً وب دون مقاب ل، والس ؤال اي فض يلة الش يخ: م ا حكم إقام ة ه ذه احلف الت<br />
واألمسيات، وما حكم حضورها ومشاهدهتا ألجل الرتفي ه ع ن ال نفس وال رتويح عنه ا، وه ل جي وز يل أن<br />
أشارك معهم <strong>يف</strong> ه ذه األغ اين واألانش يد الوطني ة؟ أفت وان م أجورين حي ث أن األم ر مش كل، فم ن الن اس<br />
من يقول إن هذا ال أبس به و هو من قبيل االستجمام والرتويح،ومنهم من يقول بل هو حمرم ال جيوز ،<br />
َبرك هللا فيكم ونفع بكم <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني.. آمني.<br />
اجلواب: ينبغي على اجلمي ع أن يتق وا هللا وأن يراقب وه <strong>يف</strong> س رهم وعالني تهم ويعلم وا أن ه مطل ع عل يهم<br />
وال خ<strong>يف</strong>ى عليه منهم شيء <strong>يف</strong> األرض وال <strong>يف</strong> السماء ق ال هللا تع اىل:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أي: اي أص حاب العق ول الواعي ة والقل وب احلي ة اتق وا هللا<br />
واعملوا على إرضائه َبلذي يعود عليكم نفعه <strong>يف</strong> ال دنيا واآلخ رة. وأم ا م ا س وى أول وا األلب اب فه م<br />
الذين صرفوا مهمهم وعقوهلم إىل ما يغضب هللا تعاىل.<br />
وما سأل عنه السائل من إقامة حفالت وس هرات غنائي ة ي دعى إليه ا مطرب ون ومغن ون وممثل ون م ن<br />
ك ل مك ان، وال دخول هل ا جم اانً أو ب ثمن، وحض ور ه ذه احلف الت ومش اهدهتا، أو املش اركة فيه ا أو<br />
دعمه ا أو أتيي دها، ك ل ذل ك ح رام ال جي وز؛ ألن هللا تع اىل يق ول:<br />
<br />
<br />
. <br />
<br />
وك ان اب ن مس عود رض ي هللا عن ه وأرض اه يقس م أبن امل راد ب ه الغن اء، وه و بالش ك وال ري ب إض الل<br />
ع ن س بيل هللا وبع د عن ه بقت ل األوق ات وض ياعها، وع ن أيب ع امر واب ن مال ك األش عري رض ي هللا
عنهما أن رسول هللا قال: ))ليكونن من أميت أق وام يس تحلون احل ر واحلري ر واخلم ر واملع ازف((،<br />
فدل قوله:<br />
)يس تحلون احل ر واحلري ر واخلم ر وملع ازف(<br />
س يكون <strong>يف</strong> املس تقبل<br />
عل ى<br />
أن األص ل فيه ا التح رمي وكلم ة )ليك ونن( تفي د م ا<br />
واملع ىن: أن ه س يأيت أانس يس تحلون ويبيح ون ألنفس هم م ا ك ان حمرم اً م ن ح ر<br />
وحري ر ومخ ر ومع ازف. وع ن أن س رض ي هللا عن ه وأرض اه مرفوع اً: ))ليك ونن <strong>يف</strong> ه ذه األم ة خس ف<br />
وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا اخلمور واتذوا القينات وضربوا َبملعازف((.<br />
وال ش ك أن م ا جيل ب ه ذه العق وَبت حم رم ب ل كب رية م ن كب ائر ال ذنوب وال ح ول وال ق وة إال َبهلل،<br />
وقد نص العلماء املتقدمون كاإلمام أمحد رمحه هللا على حت رمي آالت الله و والع زف ك العود والطنب ور<br />
والشباب والرَبب، فم ن َبب أوىل آالت الله و <strong>يف</strong> ه ذا الزم ان وال يت ه ي أش د فتن ة مم ا ك ان عن دهم<br />
رمحهم هللا.<br />
وعلي ه حي رم إقام ة مث ل ه ذه احلف الت الغنائي ة وليتق ي هللا الق ائمون عل ى ذل ك وليتق ي هللا أولي اء<br />
األمور <strong>يف</strong> أخذ أوالده م وأس رهم إىل ه ذه األم اكن وليعلم وا أهن م آمث ون ب ذلك وسيس ألون غ داً عم ا<br />
فعلوه وليعلموا أن الرتفيه والرتويح عن النفس يكون <strong>يف</strong> طاعة هللا من حفظ لكتابه وس نة رس وله <br />
والصيام وزايرة احلرمني واجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا ونشر دين هللا والدعوة إليه وغري ذلك من أعمال اخل ري<br />
وال رب، كم ا حيص ل ذل ك َبلرتفي ه ع ن ال نفس َبألم ور املباح ة ك تعلم الس باحة والرم ي ورك وب اخلي ل<br />
َبإلض افة إىل رك وب البح ر وال ذهاب إىل احل دائق واملنتزه ات وحنوه ا م ع مراع اة اآلداب<br />
ومتثل األخالق الفاضلة.<br />
وفق هللا اجلميع ملا فيه اخلري والسداد وجنبنا أسباب سخطه وأليم عقابه.<br />
وهللا أعلم .... وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني". )2113(<br />
اإلس المية<br />
أم ا الق ادر عل ى اإلنك ار ف إن حض وره لتل ك األم اكن لألم ر َبملع روف والنه ي ع ن املنك ر واج ب<br />
<br />
ش رعي ب ه متي زت ه ذه األم ة، كم ا ق ال س بحانه: <br />
)2114(<br />
وترك ه موج ب للعقوب ة والع ذاب، كم ا ق ال ج ل ش انه: ، <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
منشور بعنوان )حكم املهرجاانت الغنائية(.<br />
سورة آل عمران، اآلية<br />
.110<br />
)2113(<br />
)2114(
)2115(<br />
<br />
وقد سئلت اللجنة الدائمة للبح وث العلمي ة واإلفت اء ع ن ذه اب الن اس إىل اإلس كندرية لقض اء الص <strong>يف</strong> هن اك ويوج د<br />
على البحر اآلالف من النساء الكاسيات والعارايت واختالط الرجال َبلنساء وغري ذلك من املنكرات، فأجابت:<br />
" إذا ك ان الواق ع كم ا ذك ر ف ال جي وز للمس لم أن ي ذهب إىل تل ك اجملتمع ات خش ية الفتن ة واجتن اَبً ملواطنه ا إال أن<br />
يكون ممن يقوى على إزالة ما فيها من املنك رات مل ا ل ه م ن س لطة ومعرف ة َبلش رع وق وة عل ى البي ان <strong>يف</strong> األم ر َبملع روف<br />
والنهي عن املنكر" )2116(<br />
كم ا س ئلت ع ن ال ذهاب إىل احل دائق العام ة واملت احف واملع ارض م ع وج ود االخ تالط وتض ييع الص الة وض رورة<br />
كشف املرأة لوجهها هن اك وك ذا ال ذهاب للش واط م ع وج ود الع ري واإلَبحي ة فيه ا وع دم ق درة اإلنس ان عل ى غ ض<br />
بصره عن احملرمات <strong>يف</strong> تلك األماكن اليت انتشرت فيها املنكرات لكثرهتا وانتشارها، فأجابت:<br />
" ال جيوز اإلتيان إىل األماكن اليت انتشرت فيها املنكرات و<strong>يف</strong> املتع اليت أحلها هللا لنا غنية عما حرم علينا" )2117(<br />
وم ن أم اكن الله و واملتع ة ال يت يقص دها الس ياح <strong>يف</strong> ه ذا العص ر املالع ب الرايض ية املتنوع ة الش املة لك رة الق دم والي د<br />
)2118(<br />
والطائرة والسلة وألعاب القوى والسباحة وغريها من الرايضات املتنوعة.<br />
وال ش ك <strong>يف</strong> ج واز أو اس تحباب ممارس ة أو حض ور م ا ك ان منه ا بريئ اً هادف اً مم ا في ه ت دريب عل ى اجله اد وتنش يط<br />
لألب دان وقل ع لألم راض وتقوي ة ل ألرواح، فق د ثب ت عن ه أن ه س ابق َبألق دام وس ابق ب ني اإلب ل وس ابق ب ني اخلي ل<br />
وحضر نضال السهام وصارع مع إحدى الطائفتني وطع ن َبل رمح ورك ب اخلي ل مس رجة ومع راة وص ارع ركان ة فص رعه،<br />
وكُتُب الصحاح والسنن واملسانيد مليئة مبا يدل على ذلك من الش واهد الثابت ة وق د بس ط اب ن الق يم رمح ه هللا ذل ك <strong>يف</strong><br />
كتاب ه الفروس ية، كم ا أش ار <strong>يف</strong> زاد املع اد إىل أن رك وب اخلي ل ورم ي النش اب واملص ارعة واملس ابقة َبألق دام ك ل ذل ك<br />
رايضة للبدن قالعة لألمراض املزمنة كاالستقاء والقولنج. )2119(<br />
ونص شيخ <strong>اإلسالم</strong> على حكم الشرع <strong>يف</strong> الكرة نفسها، فقال:<br />
)2115(<br />
)2116(<br />
)2117(<br />
سورة املائدة، اآليتني<br />
. 79-78<br />
ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، مجع أمحد الدويش )362-361/12(.<br />
املصدر السابق، وصدرت فتوى أخرى برقم<br />
18093<br />
)2118(<br />
واتريخ 1416/8/18ه خبصوص إقامة حفالت <strong>يف</strong> األعياد تشتمل على<br />
العرضات الشعبية وضرب الطبول حىت ساعات متأخرة من الليل ومبكربات صوتية مزعجة وينفق عليها الكثري من األموال، ونصت<br />
الفتوى على أن ذلك عمل منكر وينبغي منعه الشتماله على تلك املنكرات.<br />
األردن <strong>يف</strong><br />
للفائدة ينظر: األلعاب الرايضية أحكامها وضوابطها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، رسالة ماجستري، لعلي حسني يونس، دار النفائس،<br />
471 صفحة.<br />
)2119(<br />
ينظر: الفروسية، البن القيم، وزاد املعاد )225/4(.
-1<br />
" ولع ب الك رة إذا ك ان قص د ص احبه املنفع ة للخي ل والرج ال حبي ث يس تعان هب ا عل ى الك ر والف ر وال دخول واخل روج<br />
وحن وه <strong>يف</strong> اجله اد وغ رض االس تعانة عل ى اجله اد ال ذي أم ر هللا ب ه رس وله فه و حس ن وإن ك ان <strong>يف</strong> ذل ك مض رة<br />
َبخليل أو الرجال فإنه ينهى عنه". )2120(<br />
لكن غالب األلعاب الرايضية <strong>يف</strong> هذا العصر اش تملت عل ى منك رات ومفاس د متن ع م ن جوازه ا ومش اهدهتا م ا مل ت ل<br />
من ذلك، ومن هذه املخالفات واملنكرات واملفاسد ما يلي:<br />
أن كث رياً م ن ه ذه األلع اب تق ام عل ى ح ال م ن التش به َبلكف ار <strong>يف</strong> ك ل ص غرية وكب رية ول يس املش كل مطل ق<br />
املش اهبة ف إن أح وال الن اس <strong>يف</strong> ع اداهتم متقارب ة لك ن املص يبة <strong>يف</strong> التش به هب م <strong>يف</strong> تل ك األلع اب مب ا خي الف الش رع م ن<br />
مالب س تكش ف الع ورات وع ادات ت رم امل روءات وق وانني تع ارض الش رع وتتض من أك ل امل ال َبلباط ل إض افة إىل<br />
اشتماهلا على منكرات االختالط والغناء وغري ذلك مما ه و مش ابه مل ا علي ه الكف ار )2121( ، والن يب يق ول: ))خ الفوا<br />
املشركني(( )2122( ، ويقول: ))من تشبه بقوم فهو منهم((. )2123(<br />
2- م ا تتض منه بع ض ه ذه األلع اب م ن الص د ع ن ذك ر هللا وع ن الص الة وإيق اع احل ق والع داوة ب ني الالعب ني<br />
<br />
واملش اهدين وتع اطي وحض ور ومش اهدة م ا هوك ذلك حم رم لقول ه س بحانه: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2124(<br />
-3<br />
كما أن من هذه األلعاب ما يتضمن املقامرة وشرب اخلمر وهو أوىل َبملنع بنص اآلية.<br />
وبعض هذه األلعاب طبيعتها إجياد حتزَبت وتنمية أحقاد حتت ستار املنافسة الش ر<strong>يف</strong>ة! وه ذا عك س م ا ي دعو إلي ه اإلس الم<br />
من التسامح والتآلف والتآخي وتطهري النفوس والضمائر من األحقاد والض غائن وتربيته ا عل ى املنافس ة <strong>يف</strong> اخل ريات والق وة <strong>يف</strong><br />
الصرب والتحمل واإليثار ومجيل املعاين واملكارم. )2125(<br />
م ن ه ذه األلع اب املالكم ة وفيه ا ض رب للوج ه فض الً ع ن التش به َبلكف ار <strong>يف</strong> منك ر وض رر )2126( ، ف إن ض رب<br />
)2127(<br />
الوجه منهي عنه وقد ثبت عنه أنه قال : )) إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه ((.<br />
ينظر: املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )58/4(.<br />
ينظر: الدرر السنية )231-206-204-203-200/15( بتصرف، وفتاوى حممد بن إبراهيم )114/8-7(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص)407<br />
.)<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )406(.<br />
سورة املائدة، اآلية:<br />
.91<br />
ينظر: الدرر السنية )231-200/15( بتصرف.<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong>، هلاشم انقور ص )250( بتصرف.<br />
)2120(<br />
)2121(<br />
)2122(<br />
)2123(<br />
)2124(<br />
)2125(<br />
)2126(
-5<br />
4- عق د ال دورات الرايض ية <strong>يف</strong> حماف ل دولي ة عاملي ة م ا ه ي إال أعي اد للكف ار <strong>يف</strong> األص لك دورة األلع اب األوملبي ة<br />
وأص لها عي د عن د الي وانن مث الروم ان مث النص ارى )2128( ، ف ال جي وز حض ورها مل ا يتض منه م ن مش اركتهم <strong>يف</strong> أعي ادهم<br />
ومنكراهتم الظاهرة وما يرتتب على ذلك من مفاسد راجحة وبذل للمال <strong>يف</strong> غري حمله ووجهه.<br />
بع ض ه ذه األلع اب الرايض ية يتض من التح ريش ب ني احلي واانت كمهارش ة الديك ة م ثالً ومناطح ة<br />
األكباش ومصارعة اخليول وحتريض الكالب على بعضها، وه ذا مع ارض ألص ول اإلس الم ومبادئ ه <strong>يف</strong><br />
األمر برمحة احليوان والرفق به والنهي عن تعذيبه حىت عند ذحبه ألكله فك<strong>يف</strong> بتعذيب ه لِّلَّه و! ه ذا مم ا<br />
جيرمه العقل السليم ومما يتناَف مع مكارم األخالق فضالً عن حترميه <strong>يف</strong> ش ريعة اإلس الم الغ راء، مل ا في ه<br />
من ظلم وإضاعة للمال. )2129(<br />
وم ن ه ذه األلع اب م ا يتض من<br />
ص رب<br />
البه ائم وق د ثب ت عن ه <br />
أن ه ق ال: ))ال تتخ ذوا ش يئاً في ه<br />
-6<br />
الروح غرضاً((. )2130(<br />
ومر ابن عم ر بفتي ان م ن ق ريش نص بوا ط رياً يرمون ه وق د جعل وا لص احب الط ري ك ل خاطئة م ن ن بلهم<br />
فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال: )من فعل هذا لعن هللا من اتذ شيئاً فيه الروح غرضاً(. )2131(<br />
فال جيوز حضور ما يتضمن شيئاً من ذلك كمصارعة الثريان؛ ألنه إعانة على املنكر ورض ى ب ه وب ذل<br />
للمال <strong>يف</strong> أمر حمرم شرعاً فإن ذلك عبث ضار وظلم حمض ومن يصارع هذه الث ريان ل يس بط الً ب ل ال<br />
يستحق أن تنسحب عليه أوصاف اإلنسانية فهو إىل احليوانية والبهيمية والوحشية أقرب. )2132(<br />
وم ن ه ذه األلع اب م ا يس مى أبلع اب الس ريك وحتت وي عل ى ألع اب ت وازن واستعراض ات<br />
هبلواني ة خط رة وع روض للحي واانت الشرس ة املدرب ة واس تعراض للق وى <strong>يف</strong> كس ر احلدي د<br />
والبق اء حت ت امل اء م دة طويل ة ودخ ول الن ار وغ ري ذل ك م ن أل وان الس حر والش عوذة وال يت<br />
كان <strong>يف</strong>علها املشعوذون واملتمسخرون منذ القدم. )2133(<br />
-7<br />
)2127(<br />
)2128(<br />
)2129(<br />
)2130(<br />
)2131(<br />
)2132(<br />
)2133(<br />
أخرجه البخاري ، كتاب العتق، َبب إذ ضرب العبد فليجتنب الوجه )201(، رقم )559(.<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong>، هلاشم انقور ص )251( بتصرف.<br />
ينظر: قضااي اللهو، مادون رشيد، ص )265( بتصرف.<br />
أخرجه مسلم ، كتاب الصيد والذَبئح، َبب النهي عن صرب البهائم، ص )1027(، رقم )1957(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> املوضع السابق، برقم )1958(.<br />
ينظر: قضااي اللهو، مادون رشيد، ص )280(، بتصرف.<br />
وقد صدر قرار اجملمع الفقهي التابع للرابطة <strong>يف</strong> دورته العاشرة عام 1408ه بتحرمي املالكمة واملصارعة احلرة ومصارعة الثريان والتحريش<br />
بني احليواانت، ينظر: قرارات اجملمع، ص )27(.<br />
املصدر السابق، ص )292(.
وحضور مثل هذه األماكن على احلال املذكورة حمرم ش رعاً لغلب ة املفاس د وش يوع املنك رات فيه ا<br />
من سحر وشعوذة وغريها.<br />
أم ا إذا خل ت م ن ذل ك وغل ب عل ى الظ ن س المة م ن يق وم هب ا م ن الض رر واهل الك ومل يك ن<br />
اللعب هبا على مال وكان ذلك <strong>يف</strong> أايم الفرح والسرور فإن حضور ذلك ومشاهدته جائز شرعاً<br />
مل ا تق دم م ن إذن ه لعائش ة أن تنظ ر للحبش ة وه م يلعب ون حب راهبم <strong>يف</strong> املس جد وقول ه <br />
))لتعلم يهود أن <strong>يف</strong> ديننا فسحة (( )2134(<br />
:<br />
فإذا خلت هذه األماكن من املنكرات واملفاسد فإن حض ورها ومش اهدهتا والس ياحة فيه ا ج ائز<br />
ش رعاً وال دلي ل عل ى منع ه، فق د ح ض الش رع عل ى م ا في ه نف ع ومص لحة م ن أن واع الرايض ات<br />
والسباقات كالرماية والسباحة وركوب اخليل واملصارعة ، ويلحق بذلك كل ما خال عن املفاسد<br />
واحملاذير السابقة من الغطس والغوص والتجد<strong>يف</strong>، ولعب الكرة وحنو ذلك.<br />
أما إذا اشتملت على تلك احملظورات وكذا سائر أماكن اللهو املختلط مبح ذور ش رعي مين ع م ن<br />
ممارس ته ش رعاً فم ن َبب أوىل أال يس افر إلي ه؛ ألن الوس ائل هل ا أحك ام املقاص د، ودرء املفاس د<br />
مقدم على جلب املصاحل. )2135(<br />
و<strong>يف</strong> ب الدان وهلل احل م د م ن أم اكن الله و واملتع ة املباح ة م ا يس تغىن ب ه ع ن غ ريه م ن املنتجع ات<br />
البحرية واملدن الرتفيهي ة والرايض ية واحل دائق املتنوع ة والن وادي الرايض ية )س باحة<br />
س لة أو ط ائرة أو غريه ا<br />
– مص ارعة –<br />
لعب ة اجلول ف-<br />
الغوص والتزجل والصيد( وغريها من النوادي الرايضية املتنوعة.<br />
– الفروس ية<br />
– ك رة ق دم أو<br />
األلع اب املائي ة كن وادي<br />
كما تتواجد األسواق واملطاعم والشواط اخلالية من املنكرات غالباً وتق ام فيه ا أنش طة تروحيي ة<br />
ومسابقات هادفة وحماضرات انفعة.<br />
وم ا يوج د فيه ا م ن منك رات االخ تالط والت ربج والغن اء وغريه ا فإن ه ال يق ارن مب ا <strong>يف</strong> ال دول<br />
األخ رى م ن الف واحش الظ اهرة وم ع ذل ك جي ب عل ى أه ل اخل ري والص الح االس تمرار <strong>يف</strong> توعي ة<br />
سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 93<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong>، هلاشم انقور ص )251-250( بتصرف.<br />
)2134(<br />
)2135(
الن اس وتبص ريهم للقض اء عل ى مظ اهر الفس اد <strong>يف</strong> تل ك األم اكن م ن ب الدان لتك ون الس ياحة<br />
نقية طاهرة خالية مما يغضب املوىل سبحانه.<br />
وحض ور تل ك األم اكن والس ياحة فيه ا مض بوطة بض وابط الش رع كم ا تق دم ف إذا خل ت م ن<br />
املنكرات واملفاسد أو وجد شيء من ذلك وكان <strong>يف</strong> احلض ور مص لحة راجح ة وإنك ار للمنك ر<br />
ومل يرتت ب علي ه ب ذل للم ال <strong>يف</strong> احل رام وال إعان ة عل ى املنك رات وال ص د ع ن ذك ر هللا وال<br />
إضاعة للفرائض والواجب ات وال مش اهدة للمنك رات وال تع اطي للمحرم ات فإن ه ال م انع م ن<br />
ذلك إن شاء هللا تعاىل.<br />
وعلى املسلم أن يوازن ب ني املص احل واملفاس د <strong>يف</strong> ذل ك ويس تفت قلب ه فك ل إنس ان عل ى نفس ه<br />
بص رية ول و ألق ى مع اذيره وال ورع والتق ى َبجتن اب م واطن الش هوات والش بهات وإب راء الذم ة<br />
إبنكارها عند مشاهدهتا.<br />
وم ن قواع د وأص ول الش ريعة س د ال ذرائع فك ل فع ل أفض ى إىل حم رم أو ك ان س بباً للش ر<br />
والفس اد أو ك ان مظن ة التهم ة ومل بك ن في ه مص لحة ش رعية راجح ة ت دعو إىل غش يانه<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فاألص ل النه ي عن ه واملن ع من ه، ق ال تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2136( ، فمج رد إتي ان ه ذه األم اكن منه ي عن ه الس يما مل ن ل يس ل ه س لطان<br />
<br />
<strong>يف</strong> إنكار املنكر؛ ألنه خيشى علي ه أن أيل ف ه ذه املنك رات ف ال يتمع ر وجه ه إن رآه ا م رة<br />
أخ رى كم ا خيش ى علي ه أن يق ع فيه ا، والن يب يق ول: ))م ن ك ان ي ؤمن َبهلل والي وم اآلخ ر<br />
)2137(<br />
فال جيلس على مائدة يدار عليها اخلمر((.<br />
)2136(<br />
)2137(<br />
سورة النور، اآلية:<br />
. 21<br />
أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى، َبب الرجل يدعى إىل الوليمة وفيها املعصية )266/7(، رقم )4326(، والدارمي <strong>يف</strong> َبب<br />
النهي عن القعود على مائدة يدار عليها اخلمر )153/2( رقم )2092(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )213/1( رقم )688(.
الفصل الثاني<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> وآثارها على الفرد واجملتمع
املبحث األول<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآدابها<br />
املطلب األول<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة
املطلب األول: ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />
هذه الضوابط منها ما يتعلق َبلسائح ومنها ما يتعلق َبلزمان أو املكان السياحي، وهي <strong>يف</strong> اجلملة كالتايل:<br />
-1<br />
-2<br />
إحسان القصد من <strong>السياحة</strong> وأن يكون غرضها مباحاً.<br />
فالنية رأس األمر وعموده وعليها مدار صالح األعمال ومشروعيتها أو فسادها وحظرها، والبد أن حيسن<br />
السائح <strong>يف</strong> قصده فال يقصد من سياحته نيل امللذات والشهوات احملرمة ومقارفة املعاصي والذنوب، فإن قصد<br />
ذلك فحكم سياحته يتبع أصل نيته ما دام قد وطن املعصية بضمريه وعزم عليها بقلبه إذ العمل اتبع للنية<br />
يصح بصحتها و<strong>يف</strong>سد بفسادها )2138( ، ولذا كان النيب إذا استوى على بعريه خارجاً إىل سفر كرب مث قال:<br />
))سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون اللهم إان نسألك <strong>يف</strong> سفران هذا الرب<br />
والتقوى ومن العمل ما ترضى(( .. احلديث )2139(<br />
فأين حمل الرب والتقوى والعمل املرضي <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>؟ أيكون <strong>يف</strong> مشاهدة املنكرات وارتياد مواطنها ومقارفتها<br />
دون حياء من هللا؟!<br />
وهل يستشعر السائح عند سفره حتقيق الرب والتقوى إبحسان قصده وحل مقصده؟<br />
أال يرتتب عليها مفسدة دينية أودنيوية إبفضائها إىل ارتكاب حمذور شرعي أو ترك واجب أو<br />
حلوق ضرر وحنو ذلك، وال يتشاغل هبا عما هو أهم وأوىل منها من احلقوق والواجبات وإذا مل<br />
يقصد السائح التوصل بسياحته إىل احملذور الشرعي لكنها أفضت به إليه فينظر <strong>يف</strong> مقدار<br />
إفضائها من حيث وقوعه غالباً أو اندراً مث يتصور حجم املفسدة واملصلحة ويرجح األغلب.<br />
فإن كان اإلفضاء إىل احملذور اندراً واملفسدة مرجوحة فالشريعة جاءت إبَبحة هذا أو استحبابه أو إجيابه<br />
حبسب درجات املصلحة )2140( .<br />
وإن كان اإلفضاء إىل احملذور غالباً، واملفسدة أرجح من املصلحة فاملنع من ذلك كراهة<br />
أو حترمياً حبسب درجاته <strong>يف</strong> املفسدة )2141( .<br />
)2138(<br />
)2139(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
79<br />
)2140(<br />
)2141(<br />
وما بعدها، بتصرف.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج، َبب استحباب الذكر إذا ركب دابته متوجهاً حلج أو غريه، رقم )1342(، ص902.<br />
ينظر: املصدر السابق، وإعالم املوقعني، البن القيم )113-109/3(، وقال الشاطيب <strong>يف</strong> املوافقات: "ما يكون أداؤه إىل املفسدة<br />
اندراً فهو على أصله من اإلذن؛ ألن املصلحة إذا كانت غالبة فال اعتبار َبلندور <strong>يف</strong> اخنرامها إذ ال توجد <strong>يف</strong> العادة مصلحة عرية عن<br />
املفسدة مجلة إال أن الشارع إمنا اعترب <strong>يف</strong> جماري الشرع غلبة املصلحة ومل يعترب ندور املفسدة".<br />
ينظر: املصادر السابقة، لألمحد، وابن القيم، والفتوى السابقة ذكرها شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية <strong>يف</strong> سفر صاحب العيال وموازنته فيها<br />
بني املصاحل واملفاسد.
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
توفر الضوابط الشرعية لسياحة املرأة املسلمة فال تسافر من غري حمرم ولو عرب وسائل احلديثة،<br />
كما سبق )2142( ، وال تراتد مواطن االختالط والفنت والشبهة، وجتتنب كل ما يؤدي إىل االفتتان<br />
هبا من التربج والسفور وإظهار الزينة، وحتافظ على سرتها وحيائها وعفافها.<br />
لعموم األدلة <strong>يف</strong> أمرها َبحلجاب والسرت واحلياء وحتذيرها الشديد من التربج والسفور واالختالط والتعطر<br />
وإظهار الزينة.<br />
فإذا توافرت الضوابط والقيود ومل يكن <strong>يف</strong> سفرها ما يدعو للفتنة هلا أو هبا فإن سياحتها مع زوجها أوىل؛ ألنه<br />
إحصان هلما ومنع للسائح من التطلع إىل غريها )2143( .<br />
حمافظة السائح على الفرائض والواجبات وإظهاره دينه واعتزازه به وحتمل مسؤولية الدعوة إليه<br />
والقيام َبألمر َبملعروف والنهي عن املنكر قدر االستطاعة.<br />
التزام السائح عموماً َبألنظمة اليت سنها ويل األمر، وحمافظته على اآلداب العامة وتقاليد اجملتمع<br />
<strong>اإلسالم</strong>ي وعاداته وعدم الظهور مبظاهر غريبة تتناَف مع آداب <strong>اإلسالم</strong> وعادات املسلمني.<br />
التزام السائح املسلم َبلنظم والقوانني والتعليمات املتعلقة بشؤون احلياة العامة <strong>يف</strong> البلدان <strong>السياحة</strong><br />
ما دامت حمققة للمصلحة وغري خمالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، وهذا جزء من قيامه بواجب الدعوة<br />
إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من خالل إحسانه إىل اآلخرين وظهوره َبملظهر الالئق واخللق اجلميل الرائع.<br />
التقيد مبنهج الشرع وتوجيهاته <strong>يف</strong> كافة شؤون <strong>السياحة</strong> وسائر أحوال السائح وتعلم أحكام<br />
الشرعية اليت حيتاجها السائح <strong>يف</strong> سياحته وآداهبا وضوابطها وسؤال أهل العلم <strong>يف</strong> ذلك وعدم<br />
التساهل <strong>يف</strong> إفتاء الناس بذلك من غري علم.<br />
استغالل <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جتديد النشاط وترويح النفس لالستعانة بذلك على عبادة هللا، فال يتوسع<br />
فيها جملرد اللهو؛ ألن ذلك يعوِّد النفس على إدامة الراحة واملداومة على امللذات والشهوات<br />
وحظوظ النفس فيقسو القلب ويوجد الكسل والفتور والعجز، وهتدر األوقات والطاقات فينبغي<br />
املوازنة واالعتدال والتوسط <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الرتفيهية، كما ال ينبغي إشغال النفس فيها مبا ال يليق<br />
نتيجة للفراغ الذي تكون عليه النفس <strong>يف</strong> مثل هذه الظروف والنفس إذا مل تشغل َبحلق اشتغلت<br />
َبلباطل وإذا مل تلهها َبملعايل واملقاصد أهلتك َبلسفاسف واملفاسد.<br />
مراعاة األولوايت فال يسافر للسياحة من مل حيج فرضه مع استطاعته ذلك تكاسالً منه وكذا من<br />
وجبت عليه حقوق مالية من ديون أو نفقات واجبة وحنو ذلك وكذلك من تعني عليه اجلهاد ال<br />
جيوز له ترك اإلنفاق <strong>يف</strong> ذلك والتوجه للسياحة.<br />
)2144(<br />
)2142( ص ( 145 .)<br />
)2143(<br />
ينظر: املصدر السابق، لألمحد، ص95، بتصرف.
التزام السائح القصد واالعتدال <strong>يف</strong> نفقاته بقدر حاجته فال يسرف <strong>يف</strong> ذلك ويبالغ <strong>يف</strong> املتع<br />
وامللذات فإنه يؤدي إىل فقره وتفويت ما عليه من حقوق وواجبات أو التقصري فيها، كما أن<br />
اإلسراف <strong>يف</strong> ذلك مدعاة للفخر والكرب واإلعجاب كما هو مشاهد وهو بذاته مفسدة وخيانة<br />
لألمانة وكفر َبلنعمة وصرفها <strong>يف</strong> احلرام داخل <strong>يف</strong> ذلك َبألولوية فهو إضاعة للمال وإعانة على<br />
اإلمث ومقارفة للمنكر )2145( .<br />
أال يكون <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وبذل املال فيها إعانة وتقوية<br />
ودعم ألعداء <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني سياسياً أو<br />
اقتصادايً أو حىت معنوايً وكذا من يرتتب على دعمهم وتقويتهم بذلك إضرار َبملسلمني أبي<br />
شكل )2146( .<br />
.<br />
اجتناب السائح لفنت الشبهات والشهوات واحلذر من كل طرقها ووسائلها والتزام التقوى والورع<br />
، وأال تتضمن سياحته ما يقدح <strong>يف</strong> العدالة أو خيرم املروءة ويراعي <strong>يف</strong> ذلك مكانته وأعراف الناس<br />
َبختالف الزمان واملكان واحلال<br />
ويعتصم<br />
بكتاب ربه وسنة نبيه <strong>يف</strong> مواجهة الفنت والصرب على<br />
ذلك وجماهدة النفس واإلخالص <strong>يف</strong> الدعاء واملناجاة مع بذل األسباب لتحقيق العصمة والنجاة<br />
احلذر من التشبه َبلكفار أو تقليدهم واحملافظة على الشخصية <strong>اإلسالم</strong>ية املتميزة ومواالة<br />
املسلمني وحمبتهم وبغض أعدائهم برتك ذلك.<br />
ترك التحاكم إىل غري املسلمني ما مل يضطر السائح لذلك لتحصيل حقه ودفع املظلمة عنه مع<br />
عدم اعتقاده كون غري حكم هللا أحسن أو أعدل من حكم هللا وشرعه.<br />
التزام املسلم َبلضوابط السابقة عند سياحته <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني، واستغالهلا <strong>يف</strong> التفكر بنعم<br />
هللا عليه وجناته مما هم فيه من ضالل وهوى وظلمات وردى.<br />
اجتناب املواقع السياحية احملرمة، كبالد الكفر؛ ملا <strong>يف</strong> ذلك من األخطار والعواقب الوخيمة<br />
وخمالفة األحاديث الصحيحة املانعة كما تقدم، وكاملواقع اليت أصبحت شعاراً للمحرمات<br />
ومنتدى للمنكرات وموئالً للفنت والشهوات<br />
والشبهات كالبارات واملراقص واملسارح ودور السينما<br />
والسريك وحنوها من أماكن اللهو الباطل واملنكر الظاهر إال ملن قدر على اإلنكار وذهب ألجله،<br />
و إال فال؛ ألن ذلك إقرار َبملنكر ورضى به وتعريض النفس لسخط هللا وعقابه مبخالطة العصاة<br />
اجملاهرين ، وأما األماكن السياحية<br />
املباحة اليت يعرتيها بعض األوصاف احملرمة من غري أن تصبح<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
)2144(<br />
)2145(<br />
ينظر: أحكام األغنياء، عبد هللا إبراهيم ، ص<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
152، بتصرف.<br />
)2146(<br />
املصدر السابق.
شعاراً هلا كحال األغلب اليوم فينظر فيها لغلبة الوصف من عدمه، وكون السائح منعزالً عن<br />
اجلو العام حبيث ال خيالط العصاة وال يشهد منكراهتم أو عدم ذلك وقدرته على اإلنكار من<br />
عدمها مع مراعاة املوازنة بني املصاحل واملفاسد واقرتان النظر اجلزئي َبلنظر الكلي للمآالت<br />
واملقاصد والقواعد الكلية العامة. وكذلك داير املعذبني وآاثر املبتدعة <strong>يف</strong> الدين من املشاهد<br />
واملزارات وكل ما يقصد تعظيماً من البقاع غري املساجد الثالثة، كما تقدم فال جيوز قصدها<br />
للسياحة والنزهة.<br />
وكذا كل مكان يلحق السائح فيه ضرر على دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله فإنه ال<br />
جيوز قصده للسياحة؛ ألن الشريعة جاءت َبحملافظة على الضرورات اخلمس وقطع كل ما <strong>يف</strong>وهتا<br />
أو يضر هبا.<br />
)2147(<br />
أن تكون املواقع واألماكن السياحية مراعية خلصوصية اجملتمع املسلم )2148(<br />
للنساء خالية مما خيدش احلياء أو يقدح <strong>يف</strong> املروءة.<br />
من حيث كوهنا ساترة<br />
أن يوفر <strong>يف</strong> األماكن السياحية مواضع للعبادة والذكر )مساجد أو مصليات( وتظهر فيها شعائر<br />
الدين وأتخذ مظهراً إسالمياً بعيداً عن مشاهبة األماكن السياحية <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني مشاهبة<br />
تطمس اهلوية ومتيع الشخصية وتدعو لإلعجاب حبضارهتم وفنوهنم.<br />
منع غري املسلمني من <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جزيرة العرب ما مل يكن مث مصلحة مشروعة راجحة مع<br />
اإلشراف واملتابعة والدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والتعر<strong>يف</strong> به لتعطيل املفاسد أو تقليلها، وإلزامهم َبحرتام<br />
املقدسات والشعائر الدينية وما يلزم محلهم عليه من الشروط العمرية ومنعهم من دخول املساجد<br />
للنزهة وتدنيسها بذلك ، دون وجود مصلحة راجحة كالدعوة.<br />
عدم املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم وشعائرهم الدينية ما مل يكن مث مصلحة راجحة كدعوهتم<br />
لإلسالم من القادر على ذلك.<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
-20<br />
)2147( ينظر: الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> املواقع السياحية ، لألمحد، ص106 وما بعدها، بتصرف.<br />
)2148(<br />
ينظر: املصدر السابق.
املطلب الثاني<br />
آداب <strong>السياحة</strong>
املطلب الثاين: آداب <strong>السياحة</strong>:<br />
-1<br />
تقدم بيان معىن <strong>السياحة</strong>، وأما اآلداب فجمع أدب وهو حسن التناول، واألصل فيه الدعاء، ومنه قيل<br />
للطعام الذي يصنع للضيوف ويدعون إليه مأدبة، ومسي األدب الذي يتأدب به األديب من الناس أدَبً؛ ألنه<br />
يدعو الناس إىل احملامد وينهاهم عن املقابح. )2149(<br />
واملراد آبداب <strong>السياحة</strong> حمساهنا اليت تزينها وجتملها وجتعلها من القرَبت إذا حسنت النيات.<br />
و<strong>السياحة</strong> سفر خمصوص كما تقدم، وآداهبا مما تتكرر احلاجة إليه ويتأكد االهتمام به، وهي على درجات<br />
فمنها:<br />
ما يكون قبل الشروع <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong> مثل:<br />
االستخارة: 1-<br />
فعن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال: كان رسول هللا يعلمنا االستخارة <strong>يف</strong> األمور كلها كما يعلمنا<br />
السورة من القرآن، يقول: ))إذا هم أحدكم َبألمر فلريكع ركعتني من غري الفريضة، مث ليقل: اللهم إين<br />
أستخريك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر وال أقدر، وتعلم وال أعلم،<br />
وأنت عالم الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا األمر خري يل <strong>يف</strong> ديين ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال:-<br />
عاجل أمري وآجله فاقدره يل ويسره يل مث َبرك يل فيه. وإن كنت تعلم أن هذا األمر شر يل <strong>يف</strong> ديين<br />
ومعاشي وعاقبة أمري.<br />
-<br />
أو قال:- عاجل أمري وآجله فاصرفه عين، واصرفين عنه، واقدر يل اخلري حيث<br />
)2150(<br />
كان مث رضِّين به((.<br />
وعن سعد بن أيب وقاص رضي هللا عنه قال: قال رسول هللا : ))من سعادة املرء استخارته ربه، ورضاه مبا<br />
قدر له، ومن شقاوة املرء تركه االستخارة ، وسخطه بعد القضاء((. )2151(<br />
2- االستشارة:<br />
)2152(. <br />
<br />
قال هللا تعاىل: <br />
فيشاور من يعلم من حاله النصيحة والشفقة واخلربة ويثق <strong>يف</strong> دينه وخلقه.<br />
-3<br />
التوبة من مجيع املعاصي ورد املظامل وأداء األماانت وقضاء الديون:<br />
)2149(<br />
)2150(<br />
)2151(<br />
)2152(<br />
ينظر: لسان العرب )43/1(، بتصرف.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> أبواب التطوع ،َبب ما جاء <strong>يف</strong> التطوع مثىن مثىن، ص)91(، رقم )1126(.<br />
أخرجه أمحد )168/1(، والرتمذي بنحوه، وقال حديث غريب، واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )275/1(، وصححه احلاكم )518/1( ،<br />
ووافقه الذهيب.<br />
سورة آل عمران، اآلية<br />
. 159
الوفاء.<br />
-4<br />
وهذا مطلوب <strong>يف</strong> كل حال لكنه أدعى عند السفر؛ ألن السفر مظنة اهلالك ، ورمبا انقطع <strong>يف</strong> سفره فعجز عن<br />
التزود من العلم الذي حيتاج إليه <strong>يف</strong> السفر:<br />
حىت حيقق غرضه من سفره على الوجه األكمل، فيتعلم اتريخ وعادات وثقافات أهل البالد لدعوهتم<br />
واالستفادة مما ينفعه لدينهم وللقدرة على التعامل معهم خالل سياحته.<br />
-5<br />
إعداد النفقة اليت حيتاجها <strong>يف</strong> سفره والزايدة عليها مبا يدفع النكبات ويعني على احلاجات<br />
والصدقات.<br />
2- ومن اآلداب ما يكون عند الشروع <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong>، مثل:<br />
-1<br />
توديع األهل واألصدقاء واجلريان ليظفر بربكة دعائهم له وليحفظوا وده ويرعوا أهله وبيته:<br />
فعن أيب هريرة رضي هللا عنه قال: ودعين رسول هللا فقال: ))أستودعك هللا الذي ال تضيع<br />
ودائعه((. )2153(<br />
-2<br />
والسنة أن يقول له الذي يودعه ما جاء عن أيب هريرة رضي هللا عنه أن النيب كان إذا ودع أحداً قال:<br />
)2154(<br />
))أستودع هللا دينك وأمانتك وخواتيم عملك((.<br />
واألمانة هنا أهله ومن خيلفه، وماله الذي عند أمينه. وذكر الدين؛ ألن السفر مظنة املشقة فرمبا كان سبباً<br />
إلمهال بعض أمور الدين.<br />
طلب الوصية والدعاء:<br />
فعن أنس رضي هللا عنه قال: جاء رجل إىل النيب فقال: اي رسول هللا إين أريد سفراً فزودين، فقال:<br />
))زودك هللا التقوى((، قال: زدين، قال: ))وغفر ذنبك((، قال: زدين أبيب أنت وأمي، قال: ))ويسر لك<br />
اخلري حيثما كنت((. )2155(<br />
وعن أيب هريرة رضي هللا عنه أن رجالً قال: اي رسول هللا، إين أريد أن أسافر فأوصين، قال: ))عليك بتقوى<br />
هللا تعاىل، والتكبري على كل شرف((، فلما وىل الرجل قال: ))اللهم اطو له البعيد، وهون عليه<br />
السفر((. )2156(<br />
)2153(<br />
)2154(<br />
أخرجه ابن ماجه، كتاب اجلهاد، َبب تشييع الغزاة ووداعهم ، ص)2647(،رقم )2825(، وصححه األلباين <strong>يف</strong> صحيح سن ابن<br />
ماجه )2278( ، وأخرجه البيهقي <strong>يف</strong> َبب ما يقول عند الوداع )130/6(.<br />
)2155(<br />
أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )136/2( ، وابن خزمية، َبب توديع املسلم أخاه )137/4(، وابن حبان ،َبب ذكر ما يقول املرء ألخيه<br />
عند الوداع، وصححه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة، ص )16(، و ينظر: حاشية الصاوي )487/1( ، واجملموع، للنووي )186/4(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />
.) 84
كما يستحب أن يوصي املقيم املسافر َبلدعاء له وأن أيخذ بيده فال يدعها حىت يدعها هو لفعله حيث<br />
كان يشيع أصحابه َبملشي معهم والدعاء هلم. )2157(<br />
3- الدعاء: وذلك <strong>يف</strong> مواطن:<br />
أوهلا: عند اخلروج من البيت:<br />
فعن أم سلمة رضي هللا عنها قالت: ما خرج رسول هللا من بييت قط إال رفع طرفه إىل السماء، فقال:<br />
))اللهم إين أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو جيهل علي((. )2158(<br />
واملوطن الثاين: دعاء ركوب الدابة:<br />
فإذا وضع رجله <strong>يف</strong> الركاب )أو موضع القدم( قال: بسم هللا، مث إذا استوى على املركوب قال: احلمد هلل<br />
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون، وهللا أكرب ثالث مرات، مث يقول:<br />
سبحانك إين ظلمت نفسي فاغفريل إنه ال يغفر الذنوب إال أنت؛ لفعله <br />
واملوطن الثالث: دعاء السفر:<br />
وأصحابه. )2159(<br />
فقد كان رسول هللا إذا استوى على بعريه خارجاً إىل سفر كرب ثالاثً، مث قال: ))سبحان الذي سخر لنا<br />
هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون، اللهم إان نسألك <strong>يف</strong> سفران هذا الرب والتقوى ومن العمل ما<br />
ترضى، اللهم هون علينا سفران هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب <strong>يف</strong> السفر واخلل<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> األهل،اللهم<br />
إين أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة املنظر وسوء املنقلب <strong>يف</strong> املال واألهل((. وإذا رجع قاهلن، وزاد فيهن:<br />
)2160(<br />
))آيبون اتئبون عابدون لربنا حامدون((.<br />
4- اختيار الرفقة الصاحلة، وعدم الوحدة <strong>يف</strong> السفر:<br />
)2156(<br />
)2157(<br />
)2158(<br />
أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> املوضع السابق، وقال: حسن غريب. وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )331/2(، وابن خزمية )138/4(، والدارمي<br />
)372/2(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )305/1(.<br />
فعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال: مشى معهم إىل بقيع الغرقد حني وجههم مث قال: )انطلقوا على اسم هللا اللهم أعنهم(<br />
رواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )266/1(، والبخاري <strong>يف</strong> صحيحه عمم <strong>يف</strong> التبويب فقال: َبب التوديع وهذا يشمل املسافر للمقيم والعكس وأورد<br />
حديثاً جاء فيه )مث أتينا نودعه حني أردان اخلروج( قال ابن حجر: "قول البخاري َبب التوديع عند السفر أي أعم من أن يكون من<br />
املسافر للمقيم وعكسه، وحديث الباب ظاهر لألول ويؤخذ الثاين منه بطريق األوىل وهو األكثر <strong>يف</strong> الوقوع"، فتح الباري )134/6(.<br />
أخرجه أبو داود ، َبب ما جاء فيمن دخل بيته، رقم )5094(، ص )1596(، وابن ماجه ، َبب ما يدعو به الرجل إذا خرج من<br />
بيته، من كتاب الدعاء،<br />
رقم )3884(، ص )2709(.<br />
)2159(<br />
)2160(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب ما يقول الرجل إذا سافر، رقم )2598(، ص )1415( ، والرتمذي <strong>يف</strong> َبب ما يقول إذا<br />
ركب الناقة، رقم )3446( ، ص )2006(، والبيهقي )251/5(، والدارمي )501/5(.<br />
تقدم ترجيه، ص )586(.
فقد قال رسول هللا : ))لو يعلم الناس ما <strong>يف</strong> الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده((. )2161(<br />
وقال <br />
: ))الراكب شيطان، والراكبان شيطاانن، والثالثة ركب((. )2162(<br />
قال الباجي: "يريد حكمه حكم الشيطان وفعله فعل الشيطان <strong>يف</strong> انفراده عن اإلنس وتركه األُنس هبم وبعده<br />
)2163(<br />
عن االرتفاق مبجاورهتم ومرافقتهم وتركه اجلماعة املأمور هبا ".<br />
وقال الطربي: "هذا الزجر زجر أدب وإرشاد ملا خيُ شى على الواحد من الوحشة والوحدة، وليس حبرام، فالسائر<br />
وحده <strong>يف</strong> فالة وكذا البائت <strong>يف</strong> بيت وحده ال أيمن من االستيحاش، السيما إذا كان ذا فكرة رديئة وقلب ضع<strong>يف</strong>،<br />
واحلق أن الناس يتباينون <strong>يف</strong> ذلك". )2164(<br />
فالظاهر أن احلكم خيتلف حبسب نوع األسفار والظروف واألزمان والوسائل الناقلة واألشخاص لكن يبقى<br />
احلكم العام على عمومه، فاخلري والسالمة <strong>يف</strong> اجلماعة والشر واهلالك <strong>يف</strong> الشذوذ واالنفراد.<br />
وإن كان جائزاً فقد بوب البخاري )هل يبعث الطليعة وحده( وذكر فيه حديث جابر أنه ندب الناس يوم<br />
اخلندق فانتدب الزبري مث ندهبم فانتدب الزبري ... احلديث. فيه داللة على جواز السفر لوحده وأن النهي عنه<br />
إمنا هو من حيث ال تدعو احلاجة إليه لكن إيراد البخاري للعنوان بصيغة االستفهام مينع اجلزم هبذا ويؤكد تكرار<br />
ندبه <br />
)2165(<br />
غريه.<br />
-5<br />
بعدما ندب الزبري مما يشعر َبحلاجة إىل أكثر من واحد ما مل يتعسر ذلك كما حصل للزبري وفعله مع<br />
فيختار الرفيق الذي يعينه <strong>يف</strong> دينه ودنياه فالرفيق قبل الطريق؛ ألنه يذكره إذا غفل وينبهه إذا جهل وينصحه<br />
إذا أخطأ ويؤنسه إذا استوحش.<br />
اختيار أمري على الرفقة:<br />
أحدهم وينبغي أن يكون أحسنهم خلقاً وأحلمهم وأرفقهم وأجودهم.<br />
فمن السنة أتمري املسافرين )2166(<br />
)2161(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong>كتاب اجلهاد، َبب السري وحده، رقم )2997(، ص )241(.<br />
)2162( أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> الرجل يسافر وحده، رقم )2607(، ص )1416(، والرتمذي ، َبب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية أن يسافر<br />
الرجل وحده، رقم )1674( ، ص )1823(، من كتاب اجلهاد، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )186/2(.<br />
)2163(<br />
)2164(<br />
)2165(<br />
)2166(<br />
املنتقى، للباجيب )303/7(، وتقدمت ترمجته ص<br />
. 153<br />
<strong>يف</strong> فتح الباري، البن حجر )64-63/6(، وتقدمت ترمجة الطربي ص<br />
. 21<br />
ينظر: املصدر السابق، وآداب السفر، للحريري <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد46، ص )165(.<br />
وأوجب املاوردي الشافعي ذلك وقال: إن األمر فيه على سبيل الوجوب وعامة أهل العلم على الندب وهو الصحيح؛ حلديث أيب<br />
سعيد وأيب هريرة .
وعليه فعل النيب <br />
فعن أيب هريرة رضي هللا عنه قال: قال رسول هللا : ))إذا خرج ثالثة فليؤمروا أحدهم((. )2167(<br />
وأصحابه، وينبغي أن يشاورهم ويراعي ظروفهم وينظر <strong>يف</strong> مصلحتهم ليكون أمرهم منتظماً فإن اآلراء تتلف <strong>يف</strong> تعيني<br />
املنازل والطرق ومصاحل السفر وغري ذلك.<br />
-6<br />
استحباب السفر يوم اخلميس <strong>يف</strong> أول النهار:<br />
)2168(<br />
فقلما كان رسول هللا خيرج إذا خرج <strong>يف</strong> سفر إال يوم اخلميس.<br />
وقال <br />
: ))اللهم َبرك ألميت <strong>يف</strong> بكورها(( )2169( ؛ وألن أول النهار وقت النشاط واحليوية وقد عنون أبو داود <strong>يف</strong><br />
سننه: )َبب <strong>يف</strong> أي يوم يستحب السفر( وأورد حديث كعب السابق. )2170(<br />
-3<br />
-1<br />
ومن اآلداب ما يكون أثناء سفر <strong>السياحة</strong>، مثل:<br />
تفقد األمري للرفقة:<br />
لقوله : ))كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته((. )2171(<br />
وعن جابر رضي هللا عنهما قال: كان رسول هللا يتخلف <strong>يف</strong> املسري فيزجي الضع<strong>يف</strong>، ويردف ويدعو<br />
هلم. )2172(<br />
-2<br />
فينبغي لألمري أن يراقب صحبه ويالحظهم فيعني احملتاج ويصلح شأهنم.<br />
اخلدمة <strong>يف</strong> السفر وإعانة الرفقة على مشقة الطريق واإلحسان إليهم:<br />
فالبد <strong>يف</strong> السفر من طيب الكالم وإطعام الطعام وإظهار مكارم األخالق وحماسن األفعال، فقد قال :<br />
وقال: ))وهللا <strong>يف</strong> عون العبد ما كان العبد <strong>يف</strong> عون أخيه((. )2174(<br />
))كل معروف صدقة((. )2173(<br />
وقال :<br />
))كل سُالمى عليه صدقة كل يوم: يعني الرجل <strong>يف</strong> دابته حيمله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة((. )2175(<br />
)2167(<br />
)2168(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> القوم يسافرون يؤمرون أحدهم، رقم )2608(، ص )1416( ، وابن خزمية <strong>يف</strong><br />
صحيحه )141/4(، رقم )2541( ، َبب استحباب أتمري املسافرين أحدهم.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب من أراد غزوة فورى بغريها ... إخل ، عن كعب بن مالك رضي هللا عنه ،رقم )2949(،<br />
ص )237(.<br />
)2169(<br />
أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> َبب االبتكار <strong>يف</strong> السفر، رقم )2606( ، ص )1416(، وابن ماجه <strong>يف</strong> َبب ما يرجى من الربكة <strong>يف</strong> البكور،<br />
رقم )2236(، ص )2610(، والبيهقي )151/9(.<br />
)2170(<br />
)2171(<br />
ونص على استحباب السفر يوم اخلميس النووي وابن القيم وغريمها، وزاد النووي يوم االثنني إذا فاته اخلميس؛ ألنه هاجر يوم<br />
االثنني من مكة. وميكن االستئناس <strong>يف</strong> ذلك مبا ورد أن األعمال تعرض يوم االثنني واخلميس على هللا تعاىل، وقد كانت أسفارهم كلها<br />
طاعات فيحبون أن تعرض أعماهلم وهم <strong>يف</strong> طاعة، ينظر: زاد املعاد البن القيم )445/1(، وفتح الباري، البن حجر )132/6(،<br />
واجملموع، للنووي )188/4(.<br />
تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )377(.<br />
)2172( رواه أبو داود <strong>يف</strong> َبب <strong>يف</strong> لزوم الساقة، رقم )2639(، ص )1418(.<br />
وقوله: )يزجي( أي يسوقه ليلحقه َبلرفاق، ينظر: النهاية <strong>يف</strong> غريب احلديث )297/2(.
كما أن على كل واحد من الرفقة أن يظهر حسن اخللق ويصرب ويتحمل ويصون لسانه وجوارحه عن أذى<br />
أصحابه.<br />
-3<br />
ترك السري <strong>يف</strong> أول الليل وأن يكون <strong>يف</strong> آخر جزء منه. )2176(<br />
فعن جابر رضي هللا عنهما قال: قال رسول هللا : ))أقلوا اخلروج إذا هدأت الرجل، إن هللا يبيت <strong>يف</strong> ليله<br />
من خلقه ما شاء(( )2177( ، ويقول : ))عليكم َبلدجلة فإن األرض تطوى َبلليل(( )2178( ، فيقطع فيه ما ال<br />
يقطعه هناراً؛ وألن هذا اجلزء من الليل يُسَلِّمك إىل النهار فتغنم بركة الليل وتصل النهار، وقال : ))ال<br />
ترسلوا فواشيكم<br />
وصبيانكم إذا غابت الشمس حىت تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطني تعبث إذا غابت<br />
الشمس حىت تذهب فحمة العشاء(( )2179( .<br />
فأخذ بعض أهل العلم منه كراهية السري <strong>يف</strong> أول الليل وعارض النووي ذلك أبن احلديث ليس فيه ما يقتضي<br />
إطالق الكراهة <strong>يف</strong> حق املسافر واختار عدم الكراهة مع أنه صرح بندب البكور والسرى. )2180(<br />
والصحيح الكراهة<br />
ملا تقدم؛ وألن القول بندب البكور والسرى يقتضي كراهة ضده أو أنه خالف األوىل وال<br />
يستلزم عدم اجلواز، فقد شرع <strong>يف</strong> سفر احلج عقب الظهر. )2181(<br />
)2173(<br />
)2174(<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب األدب، َبب كل معروف صدقة، رقم )6021(، ص )509(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الذكر، َبب فضل االجتماع على تالوة القرآن، رقم )2699(، ص )1147(.<br />
)2175( أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد والسري، َبب فضل من محل متاع صاحبه <strong>يف</strong> السفر، رقم )2891(، ص )232(.<br />
وقال ابن حجر: "ذكر البخاري هذا احلديث ظاهر فيما ترجم له؛ ألنه يتناول حالة السفر من هذا اإلطالق بطريق<br />
األوىل" فتح الباري )100/6(، ويؤيد ذلك عموم األدلة كقوله سبحانه: <br />
وتعاونوا على الرب والتقوى ، وقوله :<br />
))وهللا <strong>يف</strong> عون العبد ما دام العبد <strong>يف</strong> عون أخيه (( وحنو ذلك ، وتتأكد هذه احلقوق كلما اشتدت احلاجة وضاق املخرج كوقوع حادث <strong>يف</strong><br />
الطريق أو توقف سيارة عن املسري. ينظر: آداب السفر، للحريري، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد<br />
،46 ص .)176(<br />
)2176(<br />
وقال شيخنا عبد هللا اجلربين<br />
- حفظه هللا –<br />
)2177(<br />
)2178(<br />
)2179(<br />
)2180(<br />
: "لكننا نرى أن األوىل <strong>يف</strong> زماننا هو السري <strong>يف</strong> النهار فهو أفضل وذلك لألمن من<br />
األخطار والتقليل من احلوادث وللسري على بصرية ووضوح <strong>يف</strong> الطريق فينتبه املسافر إىل ما قد يعرض أمامه من إبل أو سيارات متعطلة أو<br />
حنو ذلك، واملالحظ أن السري َبلليل <strong>يف</strong> هذه األزمنة خيتلف عن زماهنم فهم كانوا حيبون السري َبلليل من أجل هدوء الناس؛ وألهنم<br />
يقطعون أيضاً مفازة صحراء طويلة ليس فيها سكان ف<strong>يف</strong>رحون يقطعها بسرعة دون أشغال أو توقف أو حرارة َشس أو حنو ذلك" املفيد،<br />
ص)102(.<br />
أخرجه ابن خزمية ،<br />
وصححه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )1518(.<br />
َبب كراهية سري أول الليل )148/4(، رقم )2559(، واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )41/4(، رقم )4723(،<br />
أخرجه أبو داود، <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد، َبب <strong>يف</strong> الدجلة، رقم )2571(، ص )1413(.<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب األشربة، َبب األمر بتغطية اإلانء ... إخل، رقم )2013(، ص )1038(.<br />
والفواشي مجع فاشية وهي املاشية اليت تنتشر كاإلبل والبقر ، وفحمة العشاء إقباله وأول سواده، وهو أشد الليل سواداً.<br />
ينظر: شرح صحيح مسلم، للنووي )75/13(، والنهاية <strong>يف</strong> غريب األثر )449/3(.<br />
واستدل حبديث صخر الغامدي وكان اتجراً فكان يبعث جتارته أول النهار فأثرى وكثر ماله. ينظر: اجملموع )188/4(.
-4<br />
وال ريب أن األخذ َبلبكور من أسباب السالمة <strong>يف</strong> عصران احلاضر حيث كثرت احلوادث <strong>يف</strong> السري وغالبها<br />
يرجع إىل اإلرهاق والتعب واختيار الوقت السي املتعب للسائق. )2182(<br />
التوقف عن املشي عند اإلعياء:<br />
فعلى املسافر أن يتوقف عن السري عند اإلعياء واشتداد احلر الستعادة نشاطه وحيويته وحفظ حياته من<br />
خماطر الطريق وحوادث السري الشنيعة فاملنبت ال أرضاً قطع و ال ظهراً أبقى، واملخاطر <strong>يف</strong> ذلك ملق بنفسه<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
إىل التهلكة، وإذا ضل املسافر طريقه فينبغي أن يقول: <br />
-5<br />
)2183( ، فقد قاله موسى عليه السالم ملا خرج من مصر يريد مدين فهداه هللا للطريق.<br />
اختيار املكان املناسب للنزول والتعريس:<br />
والتعريس : هوالنزول <strong>يف</strong> أواخر الليل للنوم والراحة. )2184(<br />
فيكره النزول <strong>يف</strong> قارعة الطريق، لقوله : ))إذا عرَّستم فاجتنبوا الطريق فإهنا طرق الدواب، ومأوى اهلوام<br />
َبلليل((. )2185(<br />
-6<br />
فينبغي اجتناب ذلك وكل مواطن السباع واهلوام.<br />
ويكره تفرق الرفقة عند النزول لغري حاجة، ويستحب اجتماعهم؛ حلديث أيب ثعلبة اخلشين رضي هللا عنه<br />
قال: كان الناس إذا نزلوا منزالً تفرقوا <strong>يف</strong> الشعاب واألودية، فقال رسول هللا : ))إن تفرقكم <strong>يف</strong> هذه<br />
الشعاب واألودية إمنا ذلكم من الشيطان(( )2186( ، فلم ينزلوا بعد ذلك منزالً إال انضم بعضهم إىل بعض.<br />
عدم اصطحاب الكالب واألجراس، أو محل آالت اللهو والطرب وغريها مما يسخط هللا تعاىل:<br />
)2181(<br />
)2182(<br />
)2183(<br />
)2184(<br />
وبوب البخاري )اخلروج بعد الظهر( وأورد حديث أنس <strong>يف</strong> صالته َبملدينة الظهر أربعاً والعصر بذي احلل<strong>يف</strong>ة ركعتني، قال ابن<br />
حجر: "وكأن البخاري أورد هذا احلديث إشارة إىل أن قوله )بورك ألميت <strong>يف</strong> بكورها( ال مينع جواز التصرف <strong>يف</strong> غري وقت البكور وإمنا<br />
خص البكور َبلربكة لكونه وقت نشاط" فتح الباري )133/6(.<br />
ينظر: آداب السفر، للحريري، جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد 46، ص )158(،بتصرف.<br />
سورة القصص، اآلية<br />
. 22<br />
وقيل: هو النزول <strong>يف</strong> أي وقت كان من ليل أو هنار، قال النووي: املراد َبحلديث هو املعىن األول، وتؤيده الروايتني فاألوىل )عرستم<br />
َبلليل( والثانية )مأوى اهلوام َبلليل( وال شك أنه مكمن اخلطر لظالمه أما النهار فهو اآلية املبصرة فيستطيع اإلنسان أن يبصر ما حييق<br />
به من األخطار قبل وقوعها فيدفعها.<br />
ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي )74/13(، واملصدر السابق، بتصرف.<br />
وقال الشيخ اجلربين <strong>يف</strong> املفيد، ص 127: "لكن السيارات غالباً ال تكون خفية وتكون قريبة من صاحبها النائم والسيارات ليست<br />
كالرواحل فإهنم سابقاً كانوا يسافرون على الرواحل فإذا نزلوا للنوم أطلقوا رواحلهم أو ربطوها بعيداً عنهم وال يشعر املارون هبذا النائم وال<br />
يرونه وقد يتعثرون به، أما السيارات فالغالب أن صاحبها ينام جبانبها أو بداخلها ففي هذه احلاالت تقل األسباب وتزول العلل اليت هنُي<br />
عن النوم والتعريس جبانب الطريق ألجلها".<br />
)2185( أخرجه مسلم، كتاب اإلمارة، َبب مراعاة مصلحة الدواب <strong>يف</strong> السري ... إخل، رقم )1926(، ص )102(.<br />
)2186(<br />
رواه أبو داود ، كتاب اجلهاد، َبب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته، رقم )2628(، ص )1417(، وابن حبان <strong>يف</strong> َبب<br />
املسافر، )408/6(، والبيهقي )152/9(.
فعن أيب هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا قال: ))ال تصحب املالئكة رفقة فيها كلب وال<br />
جرس(( )2187( ، ففي هذا ابتعاد ملالئكة الرمحان عنه واستحواذ للشيطان عليه وإنقاص لألجر.<br />
)2187(<br />
رواه مسلم ، َبب كراهة الكلب واجلرس <strong>يف</strong> السفر، رقم )2113(، ص )1056(، وقال النووي <strong>يف</strong> شرحه )340/14(: "فيه<br />
كراهة اصطحاب الكلب واجلرس <strong>يف</strong> األسفار وأن املالئكة ال تصحب رفقة فيها أحدمها واملراد َبملالئكة مالئكة الرمحة واالستغفار ال<br />
احلفظة"ا.ه
-7<br />
فعن رسول هللا<br />
ذكر دعاء النزول:<br />
<br />
قال : ))من نزل منزالً مث قال:<br />
شيء حىت يرحتل من منزله ذلك((. )2188(<br />
أعوذ بكلمات هللا التامات من شر ما خلق، مل يضره<br />
إذا أراد املسافر دخول بلد <strong>يف</strong> أثناء السفر، فيقول حني يراها كما قال : ))اللهم رب<br />
السموات السبع وما أظللن، ورب األرضني وما أقللن، ورب الشياطني وما أضللن، ورب الرايح<br />
وما ذرين، فإان نسألك خري هذه القرية وخري أهلها، ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها<br />
وشر ما فيها((. )2189(<br />
-8<br />
-9<br />
التكبري واالستغفار إذا صعد نشزاً أو هبط وادايً:<br />
فعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال: كان النيب وجيوشه إذا علوا الثنااي كربوا، وإذا هبطوا سبحوا. )2190(<br />
واحلكمة <strong>يف</strong> ذلك تنزيه هللا عند التسبيح عن صفات االخنفاض، كما انسب تكبريه عند االرتفاع.<br />
-10<br />
اإلكثار من الدعاء:<br />
لتحصيل خريي الدنيا واآلخرة فإن السفر من مواطن إجابة الدعاء كما <strong>يف</strong> احلديث عنه قال: ))ثالث<br />
دعوات مستجاَبت ال شك فيهن: دعوة املظلوم، ودعوة املسافر، ودعوة الوالد على ولده((. )2191(<br />
-11<br />
عدم السرعة <strong>يف</strong> السري وصيانة املركبة:<br />
فقد كان النيب <strong>يف</strong> حجة الوداع حني دفع إىل املزدلفة يسري العنق فإذا وجد فجوة نصَّ، والعنق هو ما بني<br />
اإلبطاء واإلسراع، وقيل سري سهل <strong>يف</strong> سرعة، مسي بذلك ألن املشي به حيرك عُنُق الراحلة والنصُّ أسرع منه.<br />
وملا تعجل أصحابه <strong>يف</strong> السري ملزدلفة أشار بسوطه إليهم َبلتمهل وقال: ))أيها الناس عليكم َبلسكينة فإن<br />
)2192(<br />
الرب ليس َبإليضاح((، أي اإلسراع.<br />
وقدمياً قيل: <strong>يف</strong> التأين السالمة و<strong>يف</strong> العجلة الندامة.<br />
وإمنا حث على اإلسراع دون إجهاد أو إفراط <strong>يف</strong> مواطن اجلدب والقحط من أجل الدواب وإذا وصل<br />
ملشارف املدينة ورأى معاملها وإذا كان له بذلك حاجة. )2193(<br />
)2188(<br />
)2189(<br />
أخرجه مسلم ، َبب <strong>يف</strong> التعوذ من سوء القضاء .. رقم )2708(، ص )1148(.<br />
أخرجه ابن خزمية ، َبب الدعاء عند رؤية القرى )150/4(، رقم )2556(، وابن حبان <strong>يف</strong> ذكر ما يقوله املسافر إذا رأى قريته يريد<br />
دخوهلا ، ،)2425/6( رقم .)2709(<br />
)2190(<br />
)2191(<br />
)2192(<br />
رواه أبو داود، َبب ما يقول الرجل إذا سافر، رقم )2599( ، ص )1415(.<br />
رواه أبو داود <strong>يف</strong> َبب الدعاء بظهر الغيب ، رقم )1536(، ص 1336(، والرتمذي <strong>يف</strong> َبب ما جاء <strong>يف</strong> دعوة الوالدين ، رقم<br />
)1905( ، ص )1844(،وابن ماجه <strong>يف</strong> َبب دعوة الوالد ودعوة املظلوم ، رقم )3862(، ص )2707(.<br />
أخرجه البخاري ، كتاب احلج، َبب السري إذا دفع من عرفة، رقم )166(، ص )131(، وَبب أمر النيب َبلسكينة عند<br />
اإلفاضة، رقم )1671(، ص )131(، و ينظر: فتح الباري، البن حجر )605/3(.
لكن األمر <strong>يف</strong> هذا العصر جتاوز احلدود فصار اإلسراع <strong>يف</strong> السري مسة غالبة على املسافرين <strong>يف</strong> الطرقات ومعظم<br />
احلوادث واآلفات انجتة عنه وهو تعد موجب للضمان عند اإلتالف.<br />
وقد جاءت الشريعة بعدم<br />
حتميل الدواب فوق طاقتها وإراحتها ومراعاة مصاحلها رفقاً هبا ومحاية لراكبها وغريه<br />
وذلك دليل على وجوب مراعاة قواعد السري وأنظمة املرور املعاصرة؛ ألن الرفق َبإلنسان أوىل وملا <strong>يف</strong> ذلك<br />
من املصاحل العامة، ودفع املفاسد واألضرار.<br />
فعلى املسافر أن يقوم بصيانة مركبته وتفقد أجزائها وضمان سالمتها وإصالح خللها وأتمني حاجاهتا قبل<br />
وأثناء الشروع <strong>يف</strong> سفره.<br />
<br />
وعليه أال حيمل عليها من الركاب أو املتاع ما فيه ضرر على الطريق وسالكيه لزايدة احلمولة. )2194(<br />
وخمالفة ذلك تفريط أو تعد يوجب الضمان واإلمث ملعصية ويل األمر فيما أمر بطاعته املنان.<br />
وهناك آداب ينبغي مراعاهتا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> املعاصرة ذاهتا، ومنها:<br />
-1<br />
احملافظة على نظافة األماكن السياحية ووضع النفاايت <strong>يف</strong> أماكنها.<br />
وقد وضع الدين <strong>اإلسالم</strong>ي قواعد وتشريعات حمكمة لرعاية البيئة ومحايتها من التلويث واإلفساد، فقال سبحانه:<br />
)2195(<br />
<br />
َ<br />
<br />
<br />
وجعل البيئة وما تتضمنه من مقومات سياحية مُس َّخرة للسائح ومتالئمة مع حتقيق متعه <strong>يف</strong> اجملال السياحي<br />
وغريه من جماالت احلياة، قال تعاىل: <br />
<br />
)2196(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهذ التسخري نعمة تستوجب الشكر بصيانة البيئة وحتسينها وتنميتها وعدم اإلضرار هبا أبي شكل سواء<br />
)2197(<br />
َبلتلويث أو التشويه أو غريه.<br />
اختيار األماكن الساترة للنساء دون إفراط أو تفريط واحملافظة على جو احلياء واحلشمة.<br />
عدم إيذاء املنتزهني والسياح بقول أو فعل أو سلوك من السائح أو من حتت يده من الصغار<br />
والكبار.<br />
-2<br />
-3<br />
كما <strong>يف</strong> صحيح البخاري ، كتاب العمرة، َبب )20(، وكتاب )54(، َبب )136( وغريها.<br />
ينظر: آداب السفر، للحريري، جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد 46، ص )172(،بتصرف.<br />
سورة األعراف، اآلية<br />
سورة اجلاثية، اآلية<br />
. 56<br />
. 12<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
وما بعدها. 491<br />
)2193(<br />
)2194(<br />
)2195(<br />
)2196(<br />
)2197(
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
اإلحسان إىل الناس من العمال والسياح واخلدم وغريهم َبلكالم احلسن واخللق اجلميل والدعوة<br />
إىل هللا والنصح وإهداء الكتيبات واألشرطة النافعة وعدم تكل<strong>يف</strong>هم ما يشق عليهم وإعطاء كل<br />
ذي حق حقه.<br />
اجتناب مواطن الشبهات وطرقها ومسالكها َبلبعد عنها وعدم ارتيادها دون حاجة والظهور<br />
أمام الناس َبملظهر الالئق.<br />
اجتناب مواطن املنكرات من دور اللهو وغريها إال إذا قدر على اإلنكار فيها.<br />
البعد عن االختالط والتربج وعدم خروج املرأة للنزهة دون حمرم.<br />
استثمار املواقف واألحداث واألماكن والشواهد اليت مير هبا اإلنسان والتعليق عليها سلباً أو<br />
إجياَبً واستنباط الفوائد الرتبوية منها وفحص احلاالت االجتماعية <strong>يف</strong> البلدان السياحية وتقييمها<br />
للنظر <strong>يف</strong> أسباب ونتائج حدوثها أو سوئها.<br />
التنويع والتغيري <strong>يف</strong> الربانمج السياحي مبا حيقق للسائح أكرب قدر من الفائدة املباحة <strong>يف</strong> املعرفة<br />
والثقافة والرتفيه والرتويح.<br />
مراعاة السائح للفروق الفردية بني الكبار والصغار والرجال والنساء من أهله ورعيته <strong>يف</strong> براجمه<br />
السياحية وحتقيق رغباهتم ومصاحلهم املرجوة.<br />
التأدب آبداب <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> األكل والشرب والنوم وقضاء احلاجة وسائر األمور واألحوال.<br />
البعد عن اإلسراف <strong>يف</strong> النفقات والعدل بني األوالد فيها.<br />
التأذي واإلنكار قدر االستطاعة عند رؤية املنكرات والبعد عنها.<br />
احلذر من اإلزدواجية الرديئة <strong>يف</strong> الشخصية، فال يكون صاحلاً <strong>يف</strong> زمان ومكان منحرفاً غافالً <strong>يف</strong><br />
آخر.<br />
عدم االخنداع واالنسياق وراء املظاهر اخلداعة واملادايت <strong>يف</strong> حياة الغافلني.<br />
ترك ما يلهي عن الواجبات ويضيع األوقات واألموال والطاقات.<br />
تؤيدها قواعد الشريعة ومقاصدها ونصوصها العامة واخلاصة لتحقيق املصاحل، وهي من<br />
وهذه اآلداب وغريها كثري )2198(<br />
مجلة األخالق <strong>اإلسالم</strong>ية واليت تتكاثر نصوص الوحيني <strong>يف</strong> بياهنا واحلض عليها.<br />
)2198(<br />
ينظر: لالستزادة فيما تقدم وما سيأيت من اآلداب للسفر و<strong>السياحة</strong>: إحياء علوم الدين للغزايل )152/2(، واآلداب الشرعية،البن<br />
مفلح )478/1(، ومن آداب السفر وأحكامه، عبد هللا العتييب، والصبح السافر فيما حيتاج إليه املسافر، صالح الشر<strong>يف</strong>، ص )27(،<br />
وآداب السفر وأحكامه، أبو عبد الرمحن العالوي، وأنيس املسافر، أليب عمر الندوي، ص )71( ، واملختصر <strong>يف</strong> أحكام السفر،<br />
للعماري، ص )5( ، والسفر بني املتعة واألثر، للخزمي ، ص )43(، وأربعة وأربعون سنة وأدَبً من سنن السفر و<strong>السياحة</strong> وآداهبما<br />
،د/محدان احلمدان، وآداب املسافرين، د/عبد احلميد السحيباين، وزاد املسافر، لسامل املفتاح، واالحتساب على خمالفات السفر، د/خالد
-4<br />
-1<br />
-2<br />
ومن اآلداب ما يكون عند الرجوع من سفر <strong>السياحة</strong>، مثل:<br />
التعجيل <strong>يف</strong> الرجوع من السفر إىل األهل بعد قضاء الغرض واحلاجة:<br />
فعن أيب هريرة رضي هللا عنه، أن رسول هللا قال: ))السفر قطعة من العذاب مينع أحدكم طعامه وشرابه،<br />
فإذا قضى أحدكم هنمته من سفره فليعجل إىل أهله((. )2199(<br />
الدعاء عند االقرتاب من البلد:<br />
فعن أنس رضي هللا عنه قال: أقبلنا مع النيب ، حىت إذا كنا بظهر من املدينة، قال: ))آيبون اتئبون<br />
عابدون لربنا حامدون((، فلم يزل يقول ذلك حىت قدمنا املدينة. )2200(<br />
-5<br />
-1<br />
ومن اآلداب ما يكون بعد الرجوع من سفر <strong>السياحة</strong>، مثل:<br />
النهي عن طرق األهل ليالً:<br />
فعن جابر رضي هللا عنهما أن رسول هللا هنى أن يطرق الرجل أهله ليالً. )2201(<br />
وعلل ذلك أبال يرى من أهله ما يسوءه من مظهر املُغِّيبة وال َشعِّثة )2202( ؛ ولئال <strong>يف</strong>سر فعله َبلتخون وتلمس<br />
)2203(<br />
العثرات وحنو ذلك.<br />
والكراهة معللة كما سبق وليست على إطالقها فتدور مع علتها، و<strong>يف</strong> هذه األزمنة تطورت وسائل االتصال<br />
احلديثة فيمكن من خالهلا إعالم األهل قبل القدوم عليهم ليالً ليتهيئوا له بكل مرغوب ويبتعدوا عن كل نفور<br />
فيزول احملذور. )2204(<br />
2- القدوم هناراً واالبتداء َبملسجد:<br />
القريشي، واإلجازات ، أمحد َبدويالن، ورسالة إىل كل مسافر، حممد اخلطيب، واملفيد البن جربين، مجيع العر<strong>يف</strong>ي، ص )101( وما<br />
بعدها، وجملة الدعوة ، العدد<br />
1847، ص 36، بتصرف.<br />
)2199(<br />
)2200(<br />
)2201(<br />
تقدم ترجيه ، ص (<br />
.) 23<br />
)2202(<br />
تقدم ترجيه ص )586(.<br />
أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب النكاح، َبب ال يطرق أهله ليالً إذا أطال الغيبة، رقم )5244(، ص )453(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة،<br />
َبب كراهة الطروق ، رقم )1927( ، ص )1021(.<br />
واملغيبة بضم امليم وكسر الغني املرأة اليت غاب عنها زوجها. والشعثة بفتح الشني وكسر العني من تلبد شعرها لعدم غسله ومشطه.<br />
ينظر: شرح صحيح مسلم، للنووي )75-74/13(.<br />
)2203(<br />
)2204(<br />
كما <strong>يف</strong> صحيح مسلم، كتاب اإلمارة َبب كراهة الطروق ليالً ملن ورد من السفر حيث أشار لذلك. و<strong>يف</strong> تبويب البخاري إشارة<br />
لذلك أيضاً.<br />
ينظر: آداب السفر، للحريري، جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد<br />
46، ص )194(، بتصرف.
فقد كان رسول هللا ال يقدم من سفر إال هناراً <strong>يف</strong> الضحى، فإذا قدم بدأ َبملسجد، فصلى فيه ركعتني<br />
فجلس فيه. )2205(<br />
وبسنية هاتني الركعتني قال عامة الفقهاء من املذاهب األربعة، وقال النووي: هذه الصالة مقصودة للقدوم من السفر<br />
ينوي هبما صالة القدوم ال أهنا حتية املسجد ... لكن حتصل التحية هبا. )2206(<br />
-3<br />
إهداء األهل:<br />
فيحمل معه من اهلدااي ما يناسبهم؛ ألن <strong>يف</strong> ذلك تطييباً ألهله، وإدخاالً للسرور عليهم، وعلى هذا عمل<br />
السلف. )2207(<br />
-4<br />
تلقي القادم من سفره أبوالده:<br />
))فقد كان إذا قدم من سفر ت ُلُقِّيَ بصبيان أهل بيته((. )2208(<br />
و<strong>يف</strong> هذا إظهار للرتابط األسري وفرح َبالجتماع بعد التفرق.<br />
-5<br />
لفعله <br />
-6<br />
فإنه <br />
تقبيله ومعانقته:<br />
وأصحابه )2209( ، وفيه أتل<strong>يف</strong> للقلوب وإشاعة للمودة واأللفة واحملبة والرمحة.<br />
صنع الطعام له وصنعه ملهنئيه:<br />
ملا قدم املدينة حنر جزوراً أو بقرة )2210( ، ووردت السنة إبكرام الض<strong>يف</strong>، والقادم من سفره أبلغ، و<strong>يف</strong><br />
ذلك هتنئة َبلقدوم وإكرام للقادم ومشاركة َبلفرحة واللقيا وإظهار لنعم هللا وشكرها، واكتساب األجر إبطعام<br />
الطعام، ويسمي الفقهاء ما يذبح للقادم من سفره َبلنقيعة وما يذحبه املسافر إذا قدم ليطعم زائريه ومهنئيه<br />
)2211(<br />
بسالمة الوصول َبلتحفة.<br />
)2205(<br />
)2206(<br />
)2207(<br />
)2208(<br />
أخرجه مسلم، عن كعب بن مالك ، َبب استحباب الركعتني ملن قدم .... رقم )716(، ص )790(.<br />
ينظر: حاشية ابن عابدين )24/2(، والفتاوى اهلندية )221/1(، واملدخل البن احلاج )46/4(، والفواكه الدواين، للقريواين<br />
)376/1(، واجملموع للنووي )186/4( وما بعدها، وأسىن املطالب، لألنصاري )206/1(، ومطالب أويل النهى، للرحيباين<br />
)295/2(، وكشاف القناع ، للبهويت )399/2(، واملوسوعة الفقهية )42/25(.<br />
ينظر: حاشية الصاوي )487/1(، وأما احلديث املرفوع <strong>يف</strong> ذلك فضع<strong>يف</strong>، كما ذكر األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )1436(، وقد أخرجه<br />
الدارقطين )300/2(، وفيه حممد بن املنذر يروي املوضوعات عن األثبات.<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> َبب فضائل عبد هللا بن جعفر، رقم )2428(، ص )1105(.<br />
)2209( حيث قَبَّل زيد بن احلارثة ملا قدم املدينة واعتنقه كما عانق جعفراً وأصحابه ملا قدموا. وكان الصحابة يتعانقون عند القدوم من السفر.<br />
)2210(<br />
)2211(<br />
ينظر: سنن الرتمذي، االستئذان، رقم )2732(، وزاد املعاد البن القيم )444/1( وما بعدها، وحاشية الدسوقي )367/1(،واجملموع<br />
للنووي )186/4( وما بعدها.<br />
رواه البخاري، َبب الطعام عند القدوم، رقم )3089(، ص )248(.<br />
ينظر <strong>يف</strong> ذلك وفيما تقدم من آداب السفر:
املبحث الثاني<br />
آثار <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع<br />
املطلب األول<br />
آثارها السياسية.<br />
البحر الرائق، البن جنيم )333/2(، والفتاوى اهلندية )220/1(، واملنتقى، للباجي )168/3(، وحاشية الصاوي )487/1(، وما<br />
بعدها، واملدخل، البن احلاج )37/4(، وفتح الباري، البن حجر )224/6(، وروضة الطالبني، للنووي )332/7(، واجملموع، للنووي<br />
)186/4( وما بعدها، ومطالب أويل النهى، للرحيباين )503/2(، وزاد املعاد، البن القيم )408/2( و )444/1( وما بعدها،<br />
واملوسوعة الفقهية الكويتية )41/25( وما بعدها.
املبحث الثاين:آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع.<br />
املطلب األول: آاثرها السياسية.<br />
أوالً: اآلاثر السياسية السلبية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
من اآلاثر السياسية لسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد املسلمني زايدة أطماع الدول الكافرة <strong>يف</strong> ثروات وآاثر<br />
وتراث البالد <strong>اإلسالم</strong>ية، والتمهيد لتكوين وجود هلم فيها يعني على الغزو الفكري وتضييع ومتييع<br />
اهلوية <strong>اإلسالم</strong>ية ورمبا أدى التساهل <strong>يف</strong> ذلك إىل إعفائهم من حكم <strong>اإلسالم</strong> فيها وإنشاء حماكم<br />
خاصة هبم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> يتقاضون إليها وكذلك إنشاء معابد ومراكز جتمع ديين وثقا<strong>يف</strong> هلم <strong>يف</strong><br />
بالد <strong>اإلسالم</strong>، وهذا كله تكوين لوجودهم اخلطري املؤثر <strong>يف</strong> سياسات البالد <strong>اإلسالم</strong>ية وهويتها<br />
حيث تصاب بغربة وغياب ألخالقها وآداهبا واحتقار ملاضيها وانشطار <strong>يف</strong> وحدهتا وآليات<br />
حياهتا.<br />
ومن اآلاثر السلبية لذلك االنفتاح السياسي الواسع بني دول العامل <strong>اإلسالم</strong>ي، ودول الكفر<br />
حبيث أصبحت العالقة السلمية هي األصل حىت مع احملاربني فعطل اجلهاد وأصبحت احلروب<br />
غالباً فيما بني املسلمني إبيقاد من الكفار الذي فرقوا فسادوا وتسلطوا على املسلمني وحتكموا <strong>يف</strong><br />
سياسات بالدهم وشؤون احلكم فيها.<br />
عقد معاهدات سياحية سياسية بني الدول <strong>اإلسالم</strong>ية ودول الكفر تتضمن شروطاً جمحفة متثل<br />
تدخالً صرحياً <strong>يف</strong> سيادة الدول <strong>اإلسالم</strong>ية واستقالهلا ومتيزها.<br />
املساواة بني املسلم وغريه <strong>يف</strong> احلقوق والواجبات كما نصت على ذلك بعض القوانني الوضعية <strong>يف</strong><br />
بالد املسلمني بل رمبا وصل األمر إىل تقدمي السياح غري املسلمني على املسلمني ومتييزهم<br />
وإكرامهم حبجة حسن الوفادة وكرم الضيافة!<br />
اثنياً: اآلاثر السياسية اإلجيابية:<br />
-1<br />
التواصل مع اجملتمع الدويل وتعزيز فرص السالم والتفاهم من حيث أتثريها <strong>يف</strong> تعزيز سبل التواصل<br />
اإلنساين وحتقيق التفاهم والتجاوب والتالحم بني شعوب الدول املختلفة ولذلك <strong>يف</strong> بورصة لندن<br />
اليت عقدت عام 1999م حتت شعار <strong>السياحة</strong> من أجل السالم أو <strong>السياحة</strong> صانعة السالم كان
سبب اختيار هذا الشعار اقتناع املسؤولني عن البورصة والعاملني <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> بقدرهتا على<br />
املسامهة <strong>يف</strong> صنع التفاهم واحلوار والسالم بني الشعوب.<br />
حتسني صورة البالد <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> اجملتمعات األخرى وإظهار حسن سياساهتا وعدالتها.<br />
تكوين روابط سياسية متينة بني الدول السياحية تيسر للسياح و<strong>السياحة</strong> اإلجراءات النظامية<br />
)2212(<br />
والتنقالت بسهولة ويسر.<br />
-2<br />
-3<br />
)2212(<br />
ينظر: مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>، مثىن احلوري وإمساعيل الدَبغ، ص )104(، مبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص<br />
)94(، والتساهل مع غري املسلمني مظاهره وآاثره، لعبد هللا الطريقي.
املطلب الثاين: آاثرها الدينية:<br />
أوالً: اآلاثر الدينية السلبية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
تعريض النفس لفنت الشهوات والشبهات <strong>يف</strong> بالد الكفر وأماكن املنكرات مما <strong>يف</strong>قد احلياء<br />
ويضعف الوازع الديين ويؤثر <strong>يف</strong> النفس.<br />
وال شك أن غياب املسلم واألسرة عن اجلو والبيئة <strong>اإلسالم</strong>ية فرتة من الزمن مع وجود املفاتن واملغرايت املتفقة<br />
مع طبيعة النفس األمارة َبلسوء جتعلها أتلف هذه األشياء ورمبا تستحسنها مث تعود بقلوب الهية غافلة<br />
ضائعة.<br />
صعوبة االلتزام أبحكام الشريعة وتعاليم الدين عند <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد الكفر ومواطن املنكرات<br />
فيجد املسلم خطورة <strong>يف</strong> إظهار دينه أمامهم ويصعب عليه اجتناب منكراهتم وخمازيهم فال يتمكن<br />
من حفظ جوارحه عن النظر أو السماع ملا حرم هللا وكثرة املساس واالختالط هبم متيت<br />
اإلحساس.<br />
التشبه َبلكفار واتباعهم ومعصية هللا<br />
– عز وجل –<br />
برتك خمالفتهم وتقليدهم فيما حرم من حلق<br />
اللحى ومساع الغناء والتربج والسفور والوقوع <strong>يف</strong> الكثري من املنكرات والفواحش والرذائل نتيجة<br />
املخالطة املؤثرة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وارتداء أزايء الكفار ورفع شعاراهتم وإحياء أعيادهم وتقاليدهم وقد<br />
تقدم بيان خطورة التشبه هبم وحرمته.<br />
تفشي اجلهل بني املسلمني <strong>يف</strong> دينهم ونشوء البدع واخلرافات الوافدة إليهم من غريهم.<br />
االهنزامية لدى كثري من املسلمني الذي اغرتوا حبضارة الغرب املادية وتقدمهم الصناعي فربطوها<br />
بعقائده ودايانته واهنزموا أمامهم نفسياً وفقد كثري منهم هويته <strong>اإلسالم</strong>ية وعزته بدينه واقتناعه<br />
بعقيدته وَحنُِّيَ ْت الشريعة وقل االهتمام هبا وبعلمائها وفشت الشبهات، وكثري من جوانب<br />
<strong>السياحة</strong> املعاصرة ما هي إال استكمال ملسلسل الغزو الفكري الذي ابتليت به األمة.<br />
ظهور املنكرات وفشوها وانتشارها <strong>يف</strong> بالد املسلمني بسبب سياحة غري املسلمني فيها ممن ال<br />
يعرفون معروفاً وال ينكرون منكراً فيتأثر هبم ضعاف النفوس من املسلمني ويصبح مفهوم <strong>السياحة</strong><br />
الرتفيهية عندهم مرتبطاً َبالنفتاح واإلَبحية واحلرية غري املنضبطة.<br />
سفر املرأة املسلمة من غري حمرم واختالطها َبألجانب وتكشفها وإظهارها حملاسنها مما يرتتب<br />
عليه ضياع دينها وعفافها وحيائها فالفسحة <strong>يف</strong> بالد الغرب جتعل الفتاة تستهني حبجاهبا<br />
وتستشكله أحياانً كما هو مشاهد.
-8<br />
مواالة الكفار والتودد وامليل إليهم واإلعجاب هبم وتقريبهم ومعاشرهتم وإحياء تراثهم وفكرهم<br />
املنحرف والتساهل مع دعاهتم ومنصريهم برتكهم يعيثون <strong>يف</strong> بالد املسلمني فساداً ويعلنون إحلادهم<br />
وينشرونه بني الناس واإلذن هلم ببناء الكنائس واملعابد واملدارس <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>، ومن هذه<br />
اآلاثر ما يكون نتيجة سياحتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أو <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالدهم.<br />
ومن أبرز النماذج الواقعية املؤكدة لذلك ما حل جبمهورية املالد<strong>يف</strong> مثالً وهي جزر متفرقة رملية ومرجانية<br />
دخلها <strong>اإلسالم</strong> عام 548ه وتقع <strong>يف</strong> احمليط اهلندي وهي دولة إسالمية نسبة األلفاظ العربية فيها<br />
%40<br />
دخلتها <strong>السياحة</strong> أبول فوج سياحي عام 1970م مث تزايد ذلك حىت بلغ عدد السياح فيها عام 2001م<br />
460829<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-9<br />
-10<br />
سائحاً، وكان لسياحة غري املسلمني فيها عدة انعكاسات سلبية <strong>يف</strong> جوانب خمتلفة أبرزها:<br />
وقد<br />
دخول معتقدات خمالفة لتعاليم <strong>اإلسالم</strong> كاالحتفال بعيد ميالد املسيح ورأس السنة<br />
وغريها من أعياد الكفار.<br />
انتشار السلوكيات احملرمة والظواهر الغريبة على اجملتمع وأخالقياته ومبادئه كاملسكرات<br />
والعري وحنوه.<br />
انتشار الفواحش واجلرائم األخالقية واجلنائية.<br />
أتثر املرشدين والسكان َبلسائحني سلباً مما بدل أخالقهم وآداهبم وأفكارهم. )2213(<br />
أتثر النشء من األبناء والبنات عند سياحتهم <strong>يف</strong> بالد الكفار مبا يرونه من االختالط والتربج<br />
واالحنطاط األخالقي والتفكك األسري، ورمبا أورث لديهم قناعات وكراهية ومترد على دينهم<br />
وقيمهم فللشهوة نزواهتا وللشيطان وسوسته.<br />
فساد ما بني الزوجني من األلفة واحملبة عند نظر الزوج للنساء الكاسيات العارايت وافتتانه هبم <strong>يف</strong><br />
سياحته ووقوعه <strong>يف</strong> شرك املومسات.<br />
اثنياً: اآلاثر الدينية اإلجيابية:<br />
-1<br />
انتشار <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> األرض فقدكان لسياحة اجلهاد األثر والفضل بعد هللا<br />
راية <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> أرجاء املعمورة، وكذا سياحة الدعاة إىل دين هللا<br />
–<br />
عز وجل –<br />
عز وجل – <strong>يف</strong> رفع<br />
قدمياً وحديثاً، –<br />
وكذا سياحة التجار اليت أدخلت <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> بالد املشرق وغريها كما تقدم و<strong>السياحة</strong> الرتفيهية<br />
املؤثرة فيه إذا استثمرها املسلم <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا<br />
– عز وجل –<br />
وكشف الغشاوة اليت<br />
)2213(<br />
ينظر: حبوث املؤمتر العاملي التاسع للندوة العاملية للشباب <strong>اإلسالم</strong>ي املقام <strong>يف</strong> الرايض 1423/8/26-23ه ، حبث بعنوان االنفتاح<br />
السياحي وانعكاساته على الشباب <strong>يف</strong> مجهورية املالد<strong>يف</strong> ، عبد هللا إبراهيم )442/2(، بواسطة : الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع<br />
السياحية، لألمحد، ص )633( وما بعدها، بتصرف.
أحدثتها احلضارة املادية املعاصرة وظن بسببها اجلهال أن دين <strong>اإلسالم</strong> سبب للتخلف واجلهل،<br />
فعلى املسلم أن يستغل سياحته مهما كان غرضه منها <strong>يف</strong> نشر دين <strong>اإلسالم</strong> والدعوة إليه كما<br />
تقدم بيان ذلك مفصالً، وما يزال <strong>اإلسالم</strong> حبمد هللا منتشراً جبهود احلريصني من السياح<br />
املسلمني وَبستثمار الدعاة لسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>.<br />
انتشار العلوم الشرعية فقد كان للسياحة بغرض طلب العلم َبلغ األثر <strong>يف</strong> نشر علوم الشريعة كما<br />
تقدم فرحل كثري من السلف <strong>يف</strong> طلب العلم ونشره وكان لبعضهم فضل على أمم بكاملها ونشروا<br />
فيها علم الشريعة ونور احلق واهلدى واألمة اليوم أبمس احلاجة إىل سياحة العلماء وطالب العلم<br />
لنشر العلم الصحيح وتبصري الناس والقضاء على اجلهل.<br />
االتعاظ أبحوال الناس واالعتبار أبمورهم واالطالع على األسرار املكنونة واحلكم اليت دبر هللا هبا<br />
املخلوقات وأحكم هبا صنع الكائنات من خالل التفكر <strong>يف</strong> خملوقاته وآايته وعظيم قدرته<br />
سبحانه، وَبلتايل زايدة اإلميان وتقوية النفس على الطاعات وهذه <strong>السياحة</strong><br />
–<br />
سياحة التفكر من<br />
أجل العبادات وأفضل القرَبت واليت يغفل عنها كثري من السياح ومن وقف على تلك احلكم<br />
واألسرار زاد تعظيمه وتقربه ومتسكه بدينه، فيا سائح اي مسلم أما رأيت الطبيعة جبماهلا أما<br />
سألت نفسك من خلقها وأبدعها؟<br />
أتمل <strong>يف</strong> نبات األرض وانظر إىل آاثر ما صنع املليك<br />
عيون من جلني شاخصات أبحداق الذهب السبيك<br />
على كثب الزبرجد شاهدات أبن هللا ليس له شريك<br />
معرفة نعم هللا وشكرها من خالل االحتكاك َبآلخرين ومشاهدة أحوال الضائعني والبائسني<br />
واخلائفني وغريهم ممن حرموا نعمة <strong>اإلسالم</strong> أو األمن أو احلواس. )2214(<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
)2214(<br />
ينظر: حماسن التأويل للقامسي )513/5(، وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور، ص255، وما بعدها، القيد <strong>يف</strong> الرحالت<br />
والصيد، للسويد، ص )13( وما بعدها، أيها املصطاف ، عائض القرين، ص )12(، التساهل مع غري املسلمني ، للطريقي، ص )12(<br />
، رسالة إىل هواة االصطياف <strong>يف</strong> بالد الغرب ، للخطيب.
املطلب الثالث<br />
آثارها االجتماعية واألخالقية
املطلب الثالث: آاثرها االجتماعية واألخالقية<br />
أوالً: اآلاثر االجتماعية واألخالقية السلبية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
التأثر بعادات وسلوكيات وأخالق الكفار واالقتداء هبم <strong>يف</strong> امللبس واملأكل واملشرب والسلوك<br />
وغري ذلك وال شك أن املشاركة <strong>يف</strong> اهلدي الظاهر يورث ويقود إىل التناسب واملشاكلة <strong>يف</strong><br />
األخالق واألعمال والبواطن كما تقدم.<br />
وقد جاء <strong>اإلسالم</strong> أبكمل األخالق وأمجل اخلصال وأحسن األفعال فك<strong>يف</strong> يرتك ذلك كله ويستبدل به<br />
األدىن.<br />
والواقع شاهد على ضياع أخالق كثري من أبناء املسلمني وتغري عاداهتم وسلوكهم احلميدة إىل عادات<br />
وسلوكيات غريبة قبيحة نشأت من خالل اخللطة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ببالد الكفر واملنكر.<br />
إفساد حياء وعفاف املؤمنات الطاهرات السيما من قبل األزواج الذين يقضون ما يسمى بشهر<br />
العسل <strong>يف</strong> بالد الفساد فيخرجون َبملؤمنة املصونة والدرة املكنونة عن حيائها وعفافها وأخالقها<br />
اجلميلة ليستبدلوا بذلك التربج والسفور والبذاءة فال يبقى فيهن خري إذا ذهب احلياء والعفاف.<br />
نشر الثقافات الغربية وضرب احلصار على عقلية املسلم عن اترخيه ولغته والعمل على تكوين<br />
اإلحساس املعمق لدى املسلم بقصور ثقافاته ولغته وآدابه وحضارته واستعمار لسانه َبلرطانة<br />
األعجمية ومعلوم أن كل لغة حتمل فكر الناطقني هبا وقيمهم.<br />
األثر السيء على النفس وتوريث الوحشة <strong>يف</strong> القلب وضعف اإلميان َبهلل من خالل النظر إىل<br />
املنكرات األخالقية حيث يظهر <strong>يف</strong> الشواط واألماكن السياحية من يتعرى من الرجال والنساء<br />
ويرتكب الفواحش جهاراً هناراً على مرأى اجلميع كما البهائم وتشرب املسكرات على أنغام<br />
املعازف وتصم اآلذان من قبيح الكالم وسي املنظر ورمبا أدت تلك املصائب إىل الوقوع <strong>يف</strong><br />
مهاوي الرذيلة وضياع األخالق والعقول.<br />
ما حيصل بسبب التربج والسفور واالختالط احملرم من هتيج غريزي لدى السياح نتيجة نظرهم<br />
للنساء أو مالمستهم أبداهنن أو التزاحم <strong>يف</strong> املركبات واملمرات الضيقة وحنوها، وذلك يؤدي<br />
ملمارسات حمرمةكاالستمناء والزىن والسحاق واللواط، وجرائم اغتصاب واختطاف وقتل.<br />
مث إن هذا امليدان السياحي املختلط كاملصنع املنتج لألمراض والعلل <strong>يف</strong> اجملتمع فتنتشر من خالله ظاهرة<br />
الكذب والغش واخلداع واخليانة واملعاكسات وغريها.<br />
إضافة إىل األمراض الصحية واألوبئة الناجتة عن انتشار املمارسات اجلنسية احملرمة. )2215(<br />
)2215( ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص )488(، بتصرف.
زايدة نسبة اجلرائم والقضااي األخالقية نتيجة املمارسات اخلاطئة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.<br />
أتثر البيئة من املمارسات السيئة لبعض السياح كممارستهم لرايضات حبرية تضر َبحلياة البحرية<br />
واألمساك النادرة والشعب املرجانية، وكإلقائهم للمخلفات والفضالت وتلويثهم للبيئة ومجال<br />
الطبيعة.<br />
تدهور احلياة االجتماعية الطبيعية نتيجة الزايدة املستمرة <strong>يف</strong> أعداد السياح وما متثله من عبء<br />
على مرافق الدولة<br />
اخلدمية من ماء ومسكن وكهرَبء ووسائل النقل وغري ذلك فيؤدي عجز<br />
االقتصاد القوي عن الوفاء َبحتياجات املواطنني من السلع واخلدمات إىل خلق تنافس شديد<br />
بينهم وبني السياح رمبا وصل للعداوة والبغضاء واملضارة.<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
اثنياً: اآلاثر االجتماعية واألخالقية اإلجيابية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
نشر القيم والثقافات والتقاليد واألخالق <strong>اإلسالم</strong>ية من خالل أسلوب القدوة احلسنة للسائح<br />
املسلم.<br />
تسهل <strong>السياحة</strong> االتصال واالحتكاك بثقافات اآلخرين املتميزة وحضاراهتم املادية والتارخيية<br />
املختلفة واالستفادة من حماسن ذلك وتعميق أواصر الصداقة بني الشعوب.<br />
<strong>السياحة</strong> الوطنية أداة لتعميق االنتماء القومي واالعتزاز َبلوطن وتسهم <strong>يف</strong> بناء الشخصية<br />
اإلنسانية ومتاسك اجملتمع مما تنتجه من ألوان التآلف والتعاون.<br />
نقل العاملني <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> إىل طبقات اجتماعية أعلى ملا حيققونه من مكاسب وأرَبح من<br />
العمل السياحي.<br />
القضاء على البطالة بتوطني الوظائف السياحية وتدريب أبناء البلد عليها فإهنم األجدر َبلتعر<strong>يف</strong><br />
ببالدهم ومنجزاهتا وحضارهتا.<br />
حتسني نوعية البيئة ومحاية احلياة الفطرية وجتميل املواقع السياحية واحملافظة على املواقع األثرية<br />
والتارخيية واملعمارية وتكوين اتريخ وحضارة وثقافات البلد السياحي لتعر<strong>يف</strong> السياح هبا.<br />
إجياد وتطوير بعض املرافق واملصاحل واملؤسسات مبا خيدم السكان احملليني.<br />
حتصيل السائح املسلم لعلوم ومعارف ومكاسب دنيوية وأخروية <strong>يف</strong> سياحته وقد أمجل الشاعر<br />
ذلك <strong>يف</strong> قوله:<br />
تغرب عن األوطان <strong>يف</strong> طلب العال<br />
تفرج هم واكتساب معيشة<br />
وسافر ففي األسفار مخس فوائد<br />
وعلم وآداب وصحبة ماجد
فللسياحة آاثر إجيابية على الفرد حتقق له مصاحل متنوعة من ترفيه وقضاء حاجات وعمل وطلب علم وتفريج<br />
للهموم والغموم وقضاء على السآمة وامللل والتعرف على األخيار واألماجد وزايدة اهلمة وتنشيط العقل ورفع<br />
املعنوايت واكتساب معلومات وخربات جديدة وتنمية وكشف عن املواهب واكتساب الصفات واألخالق<br />
احلميدة وك<strong>يف</strong>ية التعامل معها وتعويد النفس على العيش <strong>يف</strong> ظروف خمتلفة وغري ذلك من الفوائد واآلاثر<br />
)2216(<br />
األخالقية واالجتماعية اإلجيابية على الفرد واجملتمع للسياحة.<br />
)2216(<br />
ينظر: املصادر السابقة، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>، احلوري والدَبغ، ص )112(، وصناعة <strong>السياحة</strong>، حممد الزوكة، ص )271(،<br />
ومبادئ <strong>السياحة</strong>، نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص )106(، واإلعالم السياحي ، حممد حجاب، ص )88(، ورسالة للمسافرين<br />
واملتزوجني، عبد الرمحن الوهييب، بتصرف.
املطلب الرابع<br />
آثارها االقتصادية
املطلب الرابع: آاثرها االقتصادية:<br />
أوالً: اآلاثر االقتصادية السلبية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
التضخم والبطالة وقلة العمل نتيجة املومسية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حيث تزهر <strong>يف</strong> أوقات ومواسم حمددة<br />
ولذا فإن معظم وظائفها مؤقتة والعديد منها منخفضة العائد وال تتطلب مهارة عالية.<br />
سرعة أتثر االقتصاد احمللي َبهلزات اليت يتعرض هلا الطلب السياحي؛ ألن <strong>السياحة</strong> صناعة<br />
حساسة تتأثر بسرعة كبرية َبلعديد من املتغريات كتذبذب أسعار العمالت والطاقة وتغري الذوق<br />
أو النمط السياحي العام.<br />
إضعاف القوة االقتصادية الوطنية وتسرب الدخل القومي من خالل هجرة رؤوس األموال إىل<br />
بالد الكفر والفساد، وقد أمجع االقتصاديون على أن ظاهرة السفر للخارج كلفت االقتصاد<br />
السعودي ميزانية طائلة وصلت إىل مليارات الرايالت وأشارت إحدى الدراسات إىل أن<br />
مليار رايل تكبدها االقتصاد خالل عام واحد وهو عام 1996م مقابل<br />
هذا املبلغ على املستوى الداخلي، و<strong>يف</strong> عام 97م بلغت<br />
25<br />
%16.7<br />
31<br />
الناتج احمللي اإلمجايل لذلك العام. وحيتل السعوديون املرتبة<br />
مليار رايل وهو ما يوازي<br />
من إمجايل<br />
%6<br />
11<br />
من<br />
بني اجلنسيات <strong>يف</strong> اإلنفاق<br />
السياحي العاملي، فاإلنفاق السعودي على <strong>السياحة</strong> الدولية وحدها مياثل ميزانية دولة متوسطة<br />
ونصيبه من الناتج الوطين ال يستهان به مما يعترب نز<strong>يف</strong>اً رأمسالياً وخسارة واضحة.<br />
وذكرت بعض اإلحصائيات أبن<br />
مرات سنوايً، و<br />
أسبوعياً.<br />
%51<br />
يسافرون مرة واحدة <strong>يف</strong> السنة، و<br />
%23<br />
3 ينفقون %39<br />
آالف رايل <strong>يف</strong> األسبوع، و<br />
%18<br />
يسافرون أربع<br />
ينفقون مخسة آالف رايل
اثنياً: اآلاثر االقتصادية اإلجيابية:<br />
-1<br />
حتقيق التنمية االقتصادية للدولة من خالل ما حتققه <strong>السياحة</strong> من مزااي وفوائد عديدة تعود على<br />
اجملتمع بواسطة االستثمارات املختلفة اليت توجه هلذا القطاع حيث يقدر سوق <strong>السياحة</strong> حول<br />
70<br />
400<br />
العامل مبا يزيد على مليار دوالر سنوايً تتداول إنتاجاً وإنفاقاً على مليون سائح سنوايً<br />
جيوبون املعمورة فهي الصناعة الثانية <strong>يف</strong> العامل وتقوى على إجياد موارد اقتصادية كبرية، و<strong>يف</strong> ندوة<br />
<strong>السياحة</strong> اليت عقدت جبدة <strong>يف</strong> 1421/1/30ه وشارك فيها حنواً من<br />
30<br />
خبرياً وخمتصاً وقدموا<br />
دراسات هامة أكدت على وجود آفاق واعدة لصناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جدة وهذه الصناعة من<br />
األنشطة االقتصادية اليت يعول عليها <strong>يف</strong> تنويع مصادر الدخل القومي وهو القطاع الوحيد القادر<br />
على جتاوز عقبات التنمية بل ترتفع درجة أتثريه على دفع عجلة التنمية االقتصادية <strong>يف</strong> األقاليم<br />
املختلفة وعلى الدخل وعلى حتقيق التوازن االقتصادي الداخلي واخلارجي، ف<strong>السياحة</strong> اثين أهم<br />
مساهم <strong>يف</strong> االقتصاد بعد النفط مع أهنا صناعة غري منظمة <strong>يف</strong> اململكة حالياً وما زالت عشوائية<br />
كما صرح بذلك األمني العام للهيئة العليا للسياحة.<br />
وبلغت مسامهة القطاع السياحي لعام 2001م ما يعادل<br />
% 5.4<br />
املرتبة الثالثة بعد النفط والصناعة التحويلية وقدرت إنفاقات السياح حبوايل<br />
حجم احلركة االقتصادية للمهرجاانت السياحية<br />
من إمجايل الناتج احمللي وجاء <strong>يف</strong><br />
53<br />
مليارات رايل. 10<br />
مليار رايل ، وبلغ<br />
وذكر تقرير جملس الشورى عن <strong>السياحة</strong> أبن اإلنفاق السياحي <strong>يف</strong> اململكة لألعوام<br />
23 و 22 و 21<br />
و 1424ه يقدر ب )35.2( بليون رايل سعودي منها )22.4( بليوانً نصيب <strong>السياحة</strong> الداخلية بينما<br />
أسهم السياح القادمون من اخلارج ب )12.8( بليون رايل، وبلغ عدد السياح الداخليني<br />
سنوايً، والدوليني<br />
14.5<br />
)6.3( ماليني %30<br />
وذكر التقرير أبن <strong>السياحة</strong> ستوفر بني<br />
منهم من احلجاج واملعتمرين.<br />
1.5 -1.1<br />
بليون وظ<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> غضون السنوات القادمة.<br />
مليوانً<br />
تنمية واستقرار احلياة َبملدن الصغرية والقرى؛ ألن املشروعات السياحية غالباً تقام <strong>يف</strong> مناطق<br />
اجلذب السياحي الطبيعية البعيدة عن املناطق الصناعية والتجارية فتليب حاجاهتا من املرافق<br />
واخلدمات للمساعدة على جذب االستثمارات إليها وتشغل السكان <strong>يف</strong> أعمال <strong>السياحة</strong><br />
ووظائفها فيتحقق النمو واالستقرار <strong>يف</strong> تلك املناطق النائية.<br />
-2
تعد مصدراً هاماً من مصادر الدخل القومي، وتعمل على زايدته وَبلتايل رفع مستوى معيشة<br />
الفرد من خالل زايدة العمالت الصعبة.<br />
تعد مصدراً هاماً من مصادر العمالت األجنبية.<br />
توفري فرص العمل املتنوعة واليت ال تقل عن<br />
149.645<br />
فرصة عمل، والقضاء على البطالة<br />
والركود االقتصادي، وفتح أبواب االستثمار <strong>يف</strong> اجملال السياحي واملنشآت السياحية مبا خيدم البلد<br />
واقتصاده.<br />
األثر املضاعف، فاالقتصاد السياحي يتميز أبنه أسرع من دورات االقتصاد األخرى حوايل<br />
مرة، وبذلك فإن العملة الصعبة اليت تدخل البلد تعطي أثراً مضاعفاً.<br />
تنمية وتطوير البىن التحتية األساسية لتحقيق املردود املتوقع من الناتج السياحي، وتتمثل <strong>يف</strong>:<br />
5.5<br />
وكهرَبء،<br />
البنية األساسية وتشمل شبكات الطرق واخلدمات املرفقية من ماء، أ- وصرف صحي ، وتعليم، ومطارات، وموان ... إخل<br />
البنية العلوية وتشمل منشآت اإلقامة كالفنادق والشقق واملنتجعات والشاليهات<br />
ب- واملخيمات وغريها من املنشآت السياحية والرتفيهية.<br />
منو احلرف والفنون والصناعات املتصلة َبلسياحة واملكملة خلدماهتا، ومن الصناعات اليت شهدت<br />
منواً وتطوراً ملقابلة احتياجات منو النشاط السياحي املتوقع َبململكة العربية السعودية:<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
1- صناعة مواد البناء واألدوات الكهرَبئية.<br />
2- صناعة األاثث واملفروشات.<br />
3- صناعة املواد الغذائية.<br />
4- صناعة تصفية وحتلية املياه. )2217(<br />
)2217(<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong>، حممد الزوكة، ص )239(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>، مثىن احلوري وإمساعيل الدَبغ ص)102( ، ومبادئ<br />
<strong>السياحة</strong>، د/نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص)105(، واإلعالم السياحي، حممد حجاب، ص )87(، صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود<br />
اخلطيب، ص 228، اقتصادايت <strong>السياحة</strong>، نبيل الرويب، أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية، للطيار، ص165، وما<br />
بعدها، املوسوعة العربية العاملية )313/13(، وجملة املعرفة، العدد 49، ربيع اآلخر 1420ه ، ص )12(، وجملة الدعوة، العدد<br />
،1798<br />
7ربيع اآلخر 1422ه ، ص )21(، وجملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي، العدد 95، ربيع األول 1420ه ، ص )6( ، جريدة عكاظ العدد<br />
1229، الثالاثء<br />
1421/1/15ه ، وعكاظ العدد<br />
اخلميس<br />
اخلميس<br />
1421/1/20ه ، وجريدة الرايض، عدد<br />
11624، اجلمعة<br />
1421/1/16ه ، والعدد<br />
11623، اخلميس<br />
12299، السبت<br />
1421/1/24ه ، والعدد<br />
12291، اجلمعة<br />
1421/1/16ه ، والعدد<br />
،12297<br />
،10066<br />
12297، والعدد 12298، اخلميس<br />
1421/1/23ه ، والعدد<br />
12305، اجلمعة<br />
1421/1/15، بتصرف.<br />
1421/2/1ه ، واجلزيرة العدد
املبحث الثالث<br />
واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong><br />
املطلب األول<br />
واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />
والرابط:<br />
WWW. Sauditourism.gov.sa<br />
واجلزيرة العدد 11905، الثالاثء<br />
24/ربيع األول /<br />
1426ه .
املطلب األول: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />
<strong>السياحة</strong> املشروعة حباجة إىل احملافظة على بقائها وسالمتها وترسيخ دعائمها وتلبية احتياجاهتا وإن من أهم<br />
الواجبات اليت يرتتب عليها صالح اجملتمع وسالمته وجناته <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة األمر َبملعروف والنهي عن املنكر<br />
فهو صمام األمان وسفينة النجاة كما قال : ))مثل القائم على حدود هللا والواقع فيها مثل قوم استهموا<br />
على سفينة فأصاب بعضهم أعالها وبعضهم أسفلها فكان الذين <strong>يف</strong> أسفلها إذا استقوا من املاء مروا على<br />
من فوقهم فقالوا: لو أان خرقنا من نصيبنا خرقاً ومل نؤذ من فوقنا، فقال : فإن يرتكوهم وما أرادوا هلكوا<br />
مجيعاً وإن أخذوا على أيديهم جنوا وجنوا مجيعاً(( )2218(<br />
فيجدر بوالة األمر من احلكام والعلماء وكذلك العامة أن يعنوا هبذا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> للمحافظة على نقائها<br />
وسالمتها وخصوصيتها فيأمرون َبملعروف وأيتونه وينهون عن املنكر وجيتنبونه، وقد شكلت دولتنا – رعاها<br />
هللا – جهازاً مستقالً يتوىل ذلك فيجب على الكل دعمه ومساندته وإعانته على تطهري سياحتنا من<br />
الشوائب واملنكرات لتحقيق الصالح العام للمجتمع، قال تعاىل:<br />
<br />
<br />
)2219(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد ذم هللا –<br />
سبحانه –<br />
من ترك هذا الواجب من كفار بين إسرائيل ولعنهم على ذلك فقال سبحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2220(<br />
<br />
<br />
و<strong>يف</strong> هذا حتذير بليغ لألمة من سلوك سبيلهم الوخيم وخلقهم الذميم.<br />
واإلنكار على درجات، كما قال : ))من<br />
يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإلميان((. )2221(<br />
رآى منكم منكراً فليغريه بيده، فإن مل يستطع فبلسانه، فإن مل<br />
فاإلنكار يكون َبليد <strong>يف</strong> حق من استطاع ذلك كوالة األمر واهليئة املختصة بذلك فيما جعل إليها واألمري<br />
فيما جعل إليه والقاضي فيما جعل إليه واإلنسان مع أوالده وأهل بيته ومن اليستطيع ذلك أو كان يرتتب<br />
أخرجه البخاري، كتاب الشركة، َبب هل يقرع <strong>يف</strong> القسمة، رقم )2493(، ص )196(.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
. 71<br />
.79-78<br />
رواه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان ، َبب كون النهي عن املنكر من اإلميان، رقم )49(، ص )688(.<br />
)2218(<br />
)2219(<br />
)2220(<br />
)2221(
عليه فتنة ونزاع فينكر بلسانه ويكفيه لئال يقع إبنكاره َبليد ما هو أنكر من املنكر الذي أنكره، فإن مل<br />
يستطع فبقلبه فيكره املنكر بقلبه ويظهر ذلك َبالمتعاض وحنوه وال جيلس مع أهله، وعلى العلماء واجب<br />
مناصحة والة األمر بتعقل وأتدب إلزالة منكرات <strong>السياحة</strong>، كما جيب على الدعاة والعلماء واملصلحني أن<br />
ينشروا احلق ويعلموا الناس وحيذروهم من الباطل واملنكر <strong>يف</strong> سياحتهم وحيثوهم على استثمارها فيما يعود<br />
عليهم َبخلري <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة وحيذروهم من منكراهتا ومفاسدها وحماذريها ليجتنبوها ومىت سكت العلماء<br />
عن ذلك فلم ينصحوا ومل يرشدوا انتشر الباطل واخنرقت السفينة وحصل الضرر العام والعقاب، ولنا فيمن<br />
سبقنا من األمم عظة وعربة. )2222(<br />
"وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن<br />
األمر والنهي فيكون ذلك من ذنوهبم فيحصل التفرق واالختالف والشر وهذا من أعظم الفنت والشرور قدمياً<br />
وحديثاً" )2223(<br />
ومجيع الوالايت <strong>اإلسالم</strong>ية مقصودها األمر َبملعروف والنهي عن املنكر ومىت اهتمت الوالة إبصالح دين<br />
الناس صلح للطائفتني دينهم ودنياهم و إال اضطربت األمور عليهم.<br />
فيجب عليهم إلزام رعيتهم َبلواجبات والفرائض وإظهار الشعائر <strong>اإلسالم</strong>ية واالمتناع عن كل منكر وسد<br />
ذرائعه، ومن ذلك منع اختالط الرجال َبلنساء <strong>يف</strong> األماكن السياحية فإن التمكني منه أصل كل بلية وشر<br />
)2224(<br />
وهو من أعظم أسباب العقوَبت العامة وفساد األمور العامة واخلاصة.<br />
وعلى املسلم أن يستغل سياحته فيما يعينه على أمور دينه وحيسن النية <strong>يف</strong> ذلك ويستثمر أوقاته <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong><br />
َبلدعوة إىل هللا قدر استطاعته والنصح والتوجيه واإلرشاد للخري والداللة عليه ليكون كالغيث أينما وقع نفع.<br />
كما أن على الدول <strong>اإلسالم</strong>ية القيام بتحمل مسؤوليتها بتبليغ الدعوة <strong>اإلسالم</strong>ية إىل اآلفاق لتحقيق منهج هللا<br />
<strong>يف</strong> األرض وإقراره <strong>يف</strong> احلياة اإلنسانية، ولن تقوم الدعوة وتتحقق غايتها <strong>يف</strong> جماالت <strong>السياحة</strong> إال مبن حيمل<br />
رايتها ويسندها وهذا ال يتأتى إال بسلطان يدين َبإلسالم وداعية جيهر َبلبيان فإذا اجتمعت الدعوة والسلطة<br />
كانت الضمانة العظمى لنصرة الدعوة ونشرها وصالح <strong>السياحة</strong> ونفعها و إال فإنه ال ينفع حق ال نفاذ له.<br />
ومن أبرز صور دعم الدولة للدعوة <strong>يف</strong> امليدان السياحي السماح بقيامها <strong>يف</strong> املواقع السياحية املناسبة ودعم<br />
القائمني عليها مادايً ومعنوايً وصد توجهات املعرضني واملعادين هلا. )2225(<br />
ينظر: جمموع فتاوى ابن َبز، مجع الشويعر )70-64/6( و )264/3( ، بتصرف.<br />
ينظر: جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>، البن قاسم )142/28(.<br />
ينظر: السياسة الشرعية، لشيخ <strong>اإلسالم</strong>، ص)105(، والطرق احلكمية، البن القيم، ص )280-338(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص600، بتصرف.<br />
، بتصرف.<br />
)2222(<br />
)2223(<br />
)2224(<br />
)2225(
وعلى املسلم احملافظة على الظهور َبملظهر الالئق والبعد عن التشبه َبلكفار <strong>يف</strong> امللبس واملأكل واملشرب<br />
واحملافظة على حياء نسائه وإبعادهن عن جمامع الرجال وطلب األماكن الساترة لذلك.<br />
وعليه مقاطعة كل من <strong>يف</strong> معاملته إعانة له على فساد <strong>السياحة</strong> وفشو املنكرات فيها من املكاتب السياحية<br />
والوكاالت اليت ترغب <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وكذا املشاريع السياحية املعروفة َبلفساد وانتشار املنكرات<br />
وغريها.<br />
وعلى والة األمر واجب عظيم <strong>يف</strong> تنمية <strong>السياحة</strong> املشروعة النقية وتوفري البنية التحتية هلا وتذليل العقبات اليت<br />
تواجه ذلك وبذل اجلهود <strong>يف</strong> جذب الناس إىل هذه <strong>السياحة</strong> وتوعيتهم بضوابطها وآداهبا وحتذيرهم من<br />
منكرات <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وأضرارها وآفاهتا وإنشاء املشاريع السياحية الرائدة وفتح اجملال للقطاع اخلاص<br />
لالستثمار <strong>يف</strong> ذلك مع اإلشراف والرقابة والتوجيه وتفعيل مشاركة اجملتمعات احمللية <strong>يف</strong> تطوير العملية السياحية<br />
وتنظيمها وإدارهتا إبنشاء<br />
اجلمعيات وزايدة الوعي والتثق<strong>يف</strong> عن طريق الندوات واملؤمترات ووسائل اإلعالم.<br />
والبد كذلك من العمل على تشكيل جلان خاصة للتنشيط السياحي <strong>يف</strong> كل املناطق السياحية لتفعيل<br />
<strong>السياحة</strong> الداخلية وحتقيق احتياجاهتا ومعاجلة العوائق واملشكالت اليت تواجهها.<br />
وجيب أيضاً التوسع <strong>يف</strong><br />
إنشاء وتطوير املعاهد واملراكز والكليات واملناهج املتخصصة <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />
ظل أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وآداهبا وضوابطها مع مراعاة خصوصية اجملتمع <strong>يف</strong> عاداته وتقاليده.<br />
كما ينبغي تشجيع املهتمني <strong>يف</strong> تنمية وتطوير <strong>السياحة</strong> الداخلية ومساعدهتم وتوجيههم وحثهم على االلتزام<br />
َبلضوابط <strong>اإلسالم</strong>ية واألحكام الشرعية <strong>يف</strong> مشاريعهم لتكون رافداً للسياحة املشروعة النقية وكذا حثهم على<br />
توطني الوظائف السياحية والعناية أبهل الدين واخللق واألمانة والقوة <strong>يف</strong> ذلك.<br />
ومن وسائل إعانة القطاع اخلاص على االستثمار <strong>يف</strong> املشاريع السياحية احمللية قيام الدولة مبنح األراضي<br />
أبسعار ميسرة وتقدمي القروض امليسرة وزايدة الفرص االستثمارية املتاحة أمام القطاع اخلاص وتكوين شركات<br />
مسامهة تعمل على االستفادة من املقومات السياحية َبململكة وإماطة اللثام عن الشواط البكر واجلزر<br />
املغمورة واألماكن اجلميلة املطمورة املهملة<br />
يسهم بصورة فعالة ونشطة <strong>يف</strong> ظهور مشاريع وأنشطة سياحية جديدة.<br />
ووضع املرافق اخلدمية هلا، وإنشاء صندوق للتنمية السياحية حبيث<br />
وعلى املؤسسات والشركات اليت هلا عالقة َبجملال السياحي واجب دعم النشاط السياحي من خالل املشاركة<br />
<strong>يف</strong> متويل املشاريع السياحية. )2226(<br />
)2226(<br />
ينظر: اجلزيرة، الثالاثء<br />
السبت 1421/1/17ه ، وعكاظ عدد<br />
1421/1/23ه ، والرايض العدد<br />
1421/1/20، العدد 10071، والعدد 10074، اجلمعة<br />
1421/1/23ه ، واملدينة العدد<br />
،13513<br />
12299، السبت<br />
1421/1/24ه ، واالقتصادية ، العدد<br />
، 2398 واجلمعة<br />
11624، اجلمعة<br />
1421/1/16ه ، وعكاظ العدد 12292، السبت 1421/1/17ه ، بتصرف.
وعلى والة األمر والقطاع اخلاص واجب مراعاة الفروق الفردية بني الناس <strong>يف</strong> مستوايهتم املادية بتوفري مشاريع<br />
وخدمات سياحية تكون أسعارها معتدلة و<strong>يف</strong> متناول اجلميع؛ ألن األسعار غالباً هي احملور الذي حيدد وجهة<br />
السائح وهي أحد أكرب أسباب اهلروب للسياحة اخلارجية.<br />
فعلى والة األمر منع املغاالة <strong>يف</strong> ذلك من خالل اإلشراف واملتابعة والرقابة، ومن الضروري جداً لتحقيق<br />
التنمية املطلوبة للسياحة احمللية املشروعة إجياد وكاالت ومؤسسات للتسويق السياحي ووضع نظام هلا يعني<br />
على رقابتها ومتابعتها وإيقاع العقوَبت على ما يقع منها من خمالفات وجتاوزات <strong>يف</strong> التعامل مع السياح أو <strong>يف</strong><br />
االستثمار غري املشروع أو <strong>يف</strong> الدعاايت واإلعالانت املضللة والومهية وغري املشروعة أو األخالقية، وحنو ذلك.<br />
والبد من تشجيع الوكاالت السياحية املوجودة على الدخول <strong>يف</strong> جمال هذه <strong>السياحة</strong> حيث إن هناك حوايل<br />
%50<br />
منها ال تعمل <strong>يف</strong> هذا اجملال وتوجه نشاطها إىل <strong>السياحة</strong> اخلارجية.<br />
كما ينبغي االستفادة من كل اخلربات احمللية والدولية <strong>يف</strong> صياغة األنظمة والقوانني املنظمة للعمل السياحي<br />
مع ضرورة متيزها بعدم<br />
قبل خطوة البداية.<br />
خمالفة األحكام والقواعد الشرعية والشفافية الكاملة اليت تكفل للسائح معرفة النهاية<br />
كما ينبغي االستفادة من هذه اخلربات <strong>يف</strong> تنسيق وهتيئة برامج اجلذب السياحي مبا يتناسب مع خصوصية<br />
اجملتمع وال يتعارض مع عقيدته وأخالقه وتعاليمه.<br />
والبد من إزالة كل أشكال البريوقراطية اإلدراية من اإلجراءات التنظيمية واإلدارية ذات العالقة بقطاع<br />
<strong>السياحة</strong> خاصة فيما يتعلق َبجملاالت اليت تشهد تداخالً <strong>يف</strong> املسئولية بني اجلهات احلكومية املختلفة؛ ألن<br />
ذلك من أكرب عوائق التنمية السياحية.<br />
و<strong>يف</strong> سبيل حتقيق احتياجات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة والقضاء على عوائق تنميتها وشوائب شرعيتها ونقائها البد<br />
من عمل الدراسات امليدانية للتعرف على ذلك بصفة دو ر ية. )2227(<br />
)2227( ينظر: املصادر السابقة، بتصرف.
املطلب الثاني<br />
واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.
املطلب الثاين: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.<br />
إذا كان كان من واجب املسلمني حكاماً وحمكومني احملافظة على قوة وسالمة وبقاء <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />
وتطويرها وتنميتها وتلبية احتياجاهتا ودعم القائمني عليها فمن واجبهم كذلك القضاء على <strong>السياحة</strong> غري<br />
املشروعة <strong>يف</strong> الداخل أو اخلارج ومنع سبلها ووسائلها وسد الذرائع املؤدية هلا ومعاقبة الداعي إليها واملعني<br />
عليها وتوعية الناس وإلزامهم بتجنبها والبعد عنها.<br />
وتقوية الوازع الديين عند الناس برتبيتهم على الدين ومحلهم عليه وأطرهم على احلق أطراً واستغالل املناهج<br />
التعليمية والوسائل اإلعالمية <strong>يف</strong> توعيتهم وإرشادهم وبيان مضار وأخطار <strong>السياحة</strong> غري املشروعة هلم واملسلم<br />
إذا ترىب على اإلميان َبهلل واليوم اآلخر واستشعر هول يوم القيامة وما فيه من جزاء وحماسبة محله ذلك على<br />
مراقبة هللا <strong>يف</strong> السر والعلن وردعه عن تلك <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وتولدت لديه قناعات بذلك.<br />
وال شك أن الوسائل اإلعالمية – لألسف الشديد – هلا َبلغ األثر <strong>يف</strong> محل الناس على <strong>السياحة</strong> غري<br />
املشروعة من خالل احلمالت اإلعالمية اجلذابة والربامج السياحية املمتعة اخلالبة والصور الفاتنة املميعة للدين<br />
واخللق كما هو مشاهد، فعلى والة األمر مسؤولية اإلصالح والتطهري لوسائل اإلعالم وتوجيهها الوجهة<br />
الصحيحة من خالل نشرها للوعي الديين واخللقي واالجتماعي والصحي واألمين وتقويتها للوازع الديين،<br />
ومحلها الناس على <strong>السياحة</strong> املشروعة َبلرتغيب فيها وتطويرها وجذهبم هلا َبلوسائل املشروعة واإلعالانت<br />
السليمة وَبلرتهيب من <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وبيان أضرارها وخماطرها ومفاسدها على الفرد واجملتمع ونشرها<br />
للوعي الصحي واحلقائق الطبية املبينة ملخاطر <strong>السياحة</strong> غري املشروعة صحياً فيما يتعلق َبخلمور واملسكرات<br />
والعالقات اجلنسية الشاذة احملرمة اليت جتر على اجملتمع الويالت واحلسرات بنشرها لألمراض الوَبئية والفساد<br />
األخالقي والتفكك األسري.<br />
وقد جاءت الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية الغراء َبلتدابري الواقية من املهلكات والعقوَبت العامة وسد الذرائع املفضية<br />
لفساد اجملتمع واحنالله فإذا حرم الرب<br />
– جل وعال –<br />
شيئاً فإن كل الطرق والوسائل املفضية إليه حمرمة<br />
ممنوعة أيضاً حتقيقاً لتحرميه وتثبيتاً له ومنعاً أن يُقرب محاه.<br />
و<strong>السياحة</strong> غري املشروعة وسيلة ملفاسد ومهلكات وآفات ومضار وآاثر سلبية كثرية دينياً وخلقياً واجتماعياً<br />
وسياسياً وصحياً وأمنياً واقتصادايً، وغري ذلك.<br />
فعلى والة األمر مسؤولية منع وردع وسد كل ما <strong>يف</strong>ضي إليها ويعني عليها وأن يكونوا قدوة حسنة لرعيتهم <strong>يف</strong><br />
ترك ذلك والتشجيع على <strong>السياحة</strong> النقية الطاهرة غري املخالفة للشريعة وأحكامها وآداهبا وليس إقامة أمر<br />
الدين مما جيب عليهم دون غريهم لكنهم أوىل به وأحق َبستعماله واألخذ آبدابه خلصال متعددة منها أن نعم<br />
هللا عليهم أظهر فاألوىل أن يكونوا له أشكر وأطوع وإىل أوامره ونواهيه أسرع، ومنها أن مقامهم مقام الذب<br />
عن حوزة الدين والقيام أبمور املسلمني فإذا ضيعوا شيئاً مما فوض إليهم ضاع، ومنها أن فعل الوالة أفعال
وقوهلم أقوال؛ ألهنم ممن يقتدى هبم <strong>يف</strong> أفعاهلم ويؤمتر أبوامرهم فتصري أقواهلم سنناً وأفعاهلم سرياً تبقى على مر<br />
الزمان وتتابع األايم، وعلى العلماء املصلحني واجب النصيحة هلم ولعامة املسلمني حلملهم على منع وإلغاء<br />
كل وسائل الفساد وحثهم على تطهري اجملتمع وتوعيته هبا ليحذرها ويتجنبها رغبة أو رهبة، فالنيب يقول:<br />
))الدين النصيحة قلنا: ملن اي رسول هللا، قال: هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني وعامتهم(( )2228(<br />
واجلائز من األمر َبملعروف والنهي عن املنكر مع السالطني التعر<strong>يف</strong> والوعظ أبدب وأما تشني القول فإن<br />
كان حيرك فتنة يتعدى شرها للغري مل جيز؛ ألن املنكر ال يدفع مبنكر أعظم ومفسدة أكرب، وأما ما جرى<br />
للسلف<br />
من التعرض ألمرائهم فإهنم كانوا يهابون العلماء فإذا انبسطوا إليهم احتملوهم <strong>يف</strong> األغلب وال شك <strong>يف</strong><br />
مراعاهتم جلانب املصلحة واملفسدة <strong>يف</strong> ذلك وحال اخلل<strong>يف</strong>ة وطبائعه ونوع األسلوب املؤثر فيه.<br />
وعلى كل حال فاآلمر<br />
َبملعروف والناهي عن املنكر ينبغي أن يكون عاملاً متواضعاً رفيقاً فيما يدعو إليه<br />
شفيقاً رحيماً غري فظ وال غليظ القلب وال متعنتاً وال منافقاً وال مرائياً وال مداهناً وال مفاخراً وال ممن خيالف<br />
قوله فعله.<br />
و<strong>يف</strong> رسولنا أسوة حسنة وقد كان رفيقاً <strong>يف</strong> دعوته رحيماً أبمته حريصاً على هداية اجلميع ومل تكن الغلطة<br />
والشدة وإساءة القول أو الفعل طريقاً له <strong>يف</strong> الدعوة والنصح.<br />
وعلى املسلمني التناصح فيما بينهم واألمر َبملعروف والنهي عن املنكر واحلث على <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />
والتحذير مما خيالفها وهجر من جياهر َبملعاصي ويقيم عليها حىت يتوب منها وهو خيتلف َبختالف اهلاجرين<br />
<strong>يف</strong> قوهتم وضعفهم وقلتهم وكثرهتم فاملقصود به زجر املهجور وأتديبه ورجوع العامة عن مثل حاله فإن كانت<br />
املصلحة <strong>يف</strong><br />
ذلك راجحة حبيث <strong>يف</strong>ضي هجره إىل ضعف الشر وخفته كان مشروعاً و إال فال وهذا اهلجر من<br />
َبب العقوَبت الشرعية حلق هللا تعاىل فهو من جنس اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا فإنه <strong>يف</strong>عل لتكون كلمة هللا هي<br />
العليا ويكون الدين كله هلل، ومن املؤسف أن كثرياً من املسلمني يستقبل العائدين من سياحتهم غري املشروعة<br />
َبحلفالت والوالئم احتفاءً هبم وهذا إقرار هلم على املنكر ودافع هلم إىل االستمرار فيه وهو غش هلم برتك<br />
إصالحهم ونصحهم.<br />
ولذا يعود كثري منهم مشبعاً َبألفكار االستعمارية ليحكي مغامراته البشعة وصفقاته اخلاسرة واإلشادة والثناء<br />
واإلعجاب واملديح لبالد الكفر والفساد وما فيها من إَبحية واحنالل خلقي وانتقاد واهتام <strong>اإلسالم</strong> َبلتحجر<br />
والرجعية وفرض القيود على احلرية بزعمه والتشكيك <strong>يف</strong> حمبة هللا للمؤمنني حبرماهنم مما لدى الكفار من متع<br />
)2228(<br />
أخرجه البخاري، َبب قول النيب الدين النصيحة، كتاب اإلميان ، ص)7(، ومسلم <strong>يف</strong> َبب بيان أن الدين النصيحة، رقم<br />
،)55( ص .)689(<br />
ومن النماذج املشرقة <strong>يف</strong> عصران هذا جهود الشيخ حممد بن إبراهيم <strong>يف</strong> مكاتبة والة األمر ملنع كل املشاريع السياحية احملرمة ووسائل اللهو<br />
الباطل من سينما ومقاهي وغريها. ينظر: فتاواه )259-10-9(.
:<br />
ومباهج وزخارف الدنيا وقد غاب عنه قول احلق -<br />
– تبارك وتعاىل<br />
)2229(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
–<br />
والبد للحد من هذه الظواهر اخلطرية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من وضع ضوابط وقيود على الراغبني <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اخلارجية<br />
يتوالها من عرف بصالحه وتقواه وتتمثل <strong>يف</strong> منع القصر والسفهاء واملعروفني َبالحنراف والفساد واالحنالل أو<br />
من ليس لديهم سبب شر<strong>يف</strong> وغرض مشروع ومقصد حالل من السفر للخارج حفاظاً على أمن األمة<br />
وقيمها ومقدراهتا ومسعتها وعلى كل مسلم مناصحة القائمني على املناشط السياحية الداخلية وتو<strong>يف</strong>هم َبهلل<br />
عز وجل –<br />
ووعظهم وتذكريهم خبطورة املنكرات واحملاذير املشتملة عليها ومحلهم على تنقيتها من كل<br />
شائبة لتكون سياحتنا نقية من املخالفات ساملة من املفاسد، والبد ألهل اخلري والصالح من زايرة األماكن<br />
السياحية الداخلية ورصد ما فيها من منكرات وخمالفات الطالع املسؤولني عليها وبذل الوسع <strong>يف</strong> مزامحة<br />
املناشط الفاسدة َبلنافعة املفيدة املناسبة ونصح الناس برفق وأدب، مث مقاطعة كل املناشط احملرمة املنكرة<br />
والتحذير منها ودعوة الناس إىل جتنبها وهجرها.<br />
والبد أيضاً للحد من املنكرات <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الداخلية من تقوية وتدعيم هيئة األمر َبملعروف والنهي عن<br />
املنكر، وزايدة أعضائها ومراكزها وصالحياهتا، وتفعيل األنظمة اليت تساعد على استتباب األمن وقطع دابر<br />
الشر والفساد وتفعيل الوعي الديين من خالل اخلطب واملناهج ووسائل اإلعالم للحث على جتنب املنكرات<br />
واملناشط السياحية غري املشروعة وتوسيع نطاق عمل مكاتب الدعوة واإلرشاد ومراكز األحياء واملراكز<br />
الص<strong>يف</strong>ية لتوعية اجملتمع وتثق<strong>يف</strong>ه من خالل براجمها التوعوية واالجتماعية والرتفيهية.<br />
وكذا البد من تفعيل الدور اإلعالمي اهلادف بكافة وسائله لتعزيز الوعي الشرعي واالجتماعي واألمين<br />
والرتبوي ومنع التجاوزات املوجودة <strong>يف</strong> بعض الوسائل اإلعالمية واحلزم <strong>يف</strong> معاقبتها ومعاقبة كل من خيل<br />
َبآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية واألحكام الشرعية من السياح أو القائمني على املناشط السياحية، وتذكري وتنبيه أولياء األمور<br />
َبملسؤولية امللقاة على عاتقهم <strong>يف</strong> متابعة أسرهم وأوالدهم وزايدة هامش احلرية املنضبطة والتوسع <strong>يف</strong> إقامة الربامج<br />
والفعاليات السياحية الدعوية الرتوحيية اليت يقوم عليها أهل اخلري والصالح واليت أثبتت رغم قلتها وضعف دعمها<br />
كبري األثر والنفع للمجتمع.<br />
سورة التوبة، اآلية<br />
. 55<br />
)2229(
كما جيب على املسؤولني عن صناعة <strong>السياحة</strong> وضع ضوابط تكفل للسياحة خلوها من املنكرات واملفاسد<br />
واحملاذير الشرعية وتضمن وجود سياحة نقية مالئمة خلصائص اجملتمع وتقاليده وأخالقه.<br />
ومن ذلك مثالً: االهتمام خبصوصية املرأة ووضع األماكن السياحية املناسبة هلا، ومنع كل سبل االختالط <strong>يف</strong><br />
األماكن السياحية. )2230(<br />
فيجب توجيه املسؤولني عن املرافق السياحية مبنع النساء من اخلروج متزينات متجمالت كاسيات عارايت<br />
ومنعهن من حمادثة الرجال <strong>يف</strong> الطرقات واالختالط احملرم بينهم فإنه أصل كل شر وبلية وهو أعظم أسباب<br />
نزول العقوَبت العامة وفساد أمور العامة واخلاصة وكثرة الفواحش، كما جيب عليها توجيههم مبنع كل<br />
)2231(<br />
السلوكيات املخالفة لدى السياح ومعاجلتها َبلطرق املناسبة وسد ذرائع الفساد وقطع دابر الفتنة.<br />
)2230(<br />
ينظر فيما تقدم: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها، هاشم انقور، ص )295( وما بعدها، ونصيحة امللوك ، للماوردي، ص)207( وما<br />
بعدها، واآلداب الشرعية، البن مفلح )196/1<br />
، 214 ،<br />
)2231(<br />
259( ، واالحتساب على خمالفات السفر، د/خالد القرشي، ص )103(،<br />
واهلجر الشرعي لشيخ <strong>اإلسالم</strong>، ص )19-11(، وتذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر، عبد هللا اجلار هللا، ص )43( وما بعدها.<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص )489(، بتصرف.
الفصل الثالث<br />
واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية
املبحث األول<br />
اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />
املطلب األول<br />
نشأتها وأهدافها وخمططاتها.
املبحث األول: اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية:<br />
املطلب األول: نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.<br />
اهليئة العليا للسياحة ليست أبول منظمة سياحية، فقد وجد <strong>يف</strong> الدول الصناعية قبلها منظمات سياحية حملية<br />
ودولية منها: منظمة <strong>السياحة</strong> العاملية، واالحتاد الدويل للخرباء السياحيني، واالحتاد اإلفريقي )األفرا( والعريب<br />
)األكور( ، واحتاد املنظمات السياحية ألمريكا الالتينية، وغريها، لكن هذه اهليئة هي األوىل من نوعها <strong>يف</strong><br />
اململكة العربية السعودية وهلا نظام مييزها عن سائر املنظمات األخرى نظراً خلصوصية البالد وأهلها.<br />
وهلذه اهليئات واملنظمات دور حيوي وهام <strong>يف</strong> كافة جوانب النشاط السياحي، ويتلخص دورها <strong>يف</strong> رسم<br />
السياسة العامة لصناعة <strong>السياحة</strong> وتنميتها وتطويرها وتبادل اخلربات مع اآلخرين وإعطاء التسهيالت اخلاصة<br />
ملن يقوم هبذا النشاط والتشاور بني األعضاء فيما خيدم مصلحة <strong>السياحة</strong>. )2232(<br />
أوالً: نشأة اهليئة العليا للسياحة:<br />
متهيد حول بيان واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة:<br />
هتتم الدول <strong>يف</strong> العامل املعاصر بتنظيم <strong>السياحة</strong> لكوهنا من معامل احلضارة احلديثة وعنوان تقدمها وعنصراً أساسياً<br />
<strong>يف</strong> اقتصادها، "و<strong>السياحة</strong> بكوهنا ظاهرة اقتصادية واجتماعية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية ال تعد أمراً جديداً<br />
أو هامشياً، حيث بينت األحباث أن <strong>السياحة</strong> الداخلية <strong>يف</strong> عام 1422ه )الرحالت السياحية اليت يقوم هبا<br />
السكان اليت تتضمن اإلقامة لليلة واحدة أو أكثر داخل اململكة( قد نتج عنها ما يقارب<br />
رحلة، وبلغ جمموع نفقاهتا ما يقارب<br />
لغرض قضاء أوقات الفراغ، بينما كان<br />
و<strong>يف</strong> العام نفسه زار اململكة حوايل<br />
و%22<br />
57.6<br />
50.7<br />
بليون رايل سعودي، وكانت حوايل<br />
%36<br />
%26<br />
7.5<br />
مليون<br />
من هذه الرحالت<br />
منها لزايرة األصدقاء واألقارب، و%23 ألسباب دينية.<br />
مليون سائح أجنيب؛ وذلك لألغراض الدينية )%36 للعمرة،<br />
للحج(، وكذلك ألغراض أخرى مثل زايرة األصدقاء واألقارب اليت شكلت ما نسبته<br />
اإلمجايل م تقدير جمموع النفقات حبوايل<br />
املواطنني السياحية لوجهات أجنبية<br />
%19، ومن<br />
12.8<br />
7.9<br />
بليون رايل. و<strong>يف</strong> الوقت نفسه، بلغ جمموع رحالت السكان<br />
مليون رحلة، واستنزفت ما يقارب<br />
بليون رايل. 27.6<br />
)2232( مبادئ <strong>السياحة</strong>، د/ نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص )49-48( بتصرف.
و<strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية حوايل 800 فندق، حتتوي على أكثر من 81.000 غرفة، كما يوجد أيضاً<br />
على األقل مبىن لشقق سكنية مفروشة توفر أكثر من شقة سكنية، َبإلضافة إىل السكن<br />
45.000<br />
2.456<br />
اخلاص. وهناك ما يقارب<br />
1.100<br />
يعتمدون على الزوار من داخل اململكة وخارجها بدرجات خمتلفة.<br />
شركة سفر وسياحة تعمل <strong>يف</strong> اململكة والعديد من موفري اخلدمات الذين<br />
ومن الواضح أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة تعد حالياً صناعة ذات وزن؛ وذلك فيما خيص املنشآت وعدد السياح<br />
الذين تستقبلهم اململكة. و<strong>يف</strong> الواقع تعد اململكة من هذا املنطلق أكرب الوجهات السياحية <strong>يف</strong> الشرق<br />
األوسط، وهي أيضاً أكرب مولد للسياحة اخلارجية <strong>يف</strong> املنطقة.<br />
ومن منطلق اقتصادي، تسهم النشاطات السياحية مبا نسبته<br />
<strong>السياحة</strong> صناعة مولدة للفرص الوظ<strong>يف</strong>ية أيضاً حيث يتوافر<br />
%4.6<br />
600.000<br />
%15-10<br />
فقط منها." )2233(<br />
وق د ج اء ص دور الق رار امللك ي الك رمي<br />
للس ياحة<br />
برائس ة األم ري س لطان ب ن عب د العزي ز، وعضوية عش رة وزاراء<br />
َبعتباره قطاعاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادايً مهماً،<br />
اجلهات املسؤولة<br />
َبلتخطيط لتطويره وتنميته،<br />
من انتج اإلمجايل احمللي، كما تعد<br />
وظ<strong>يف</strong>ة، يعمل املواطنون <strong>يف</strong> حوايل<br />
رق م )9( واتري خ 1421/1/12ه ، والقاض ي إبنش اء اهليئ ة العلي ا<br />
أتكي داً عل ى<br />
اعتم اد قط اع الس ياحة<br />
وأتكيداً على أن <strong>السياحة</strong> الداخلي ة واقع اً وطني اً يس تلزم قي ام<br />
مبا يتالءم م ع طبيع ة ال بالد وخصوص يتها ومب ا ال يتن اَف مع أحك ام الش ريعة اإلس المية الس محة، وق د اش تمل<br />
النظام األساسي للهيئة على املواد التالية )2234( :<br />
"املادة األوىل:<br />
تنشأ<br />
مبوجب هذا التنظيم هيئة عليا تسمى ( اهليئة العليا للسياحة ) ويشار إليها فيما بعد<br />
املادة الثانية:<br />
يكون للهيئة شخصية اعتبارية مستقلة ، وترتبط برئيس جملس الوزراء، ويكون<br />
وهلا إنشاء فروع أو مكاتب حسب احلاجة.<br />
َبهليئة<br />
مقرها الرئيس مدينة الرايض ،<br />
)2233(<br />
)2234(<br />
خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
وجريدة الشرق األوسط، العدد<br />
واجلزيرة،<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
. وجزيرة اجلزيرة، العدد<br />
10064، الثالاثء 1421/1/13ه ،<br />
7812، الثالاثء<br />
1421/1/13ه ، وجريدة عكاظ، العدد<br />
،12310<br />
األربعاء،<br />
1421/2/6ه ،<br />
1006، اخلميس، 1421/1/15ه .
وهبذا يتكون اهليكل اإلداري للهيئة على النحو التايل )2235( :<br />
)2235( خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.
املادة الثالثة:<br />
غرض اهليئة األساسي االهتمام َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة، وتنميتها، وتطويرها ، والعمل على تعزيز دور قطاع<br />
<strong>السياحة</strong> ، وتذليل معوقات منوه ، َبعتباره رافداً مهماً من روافد االقتصاد الوطين ويضطلع القطاع األهلي<br />
َبلدور الرئيس <strong>يف</strong> إنشاء املنشآت السياحية االستثمارية.<br />
-1<br />
املادة الرابعة:<br />
تقوم اهليئة بوضع السياسة العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره ، وتشمل اختصاصاهتا ( دون حصر ) ما<br />
يلي:<br />
إقامة مشروعات البنية األساسية للمناطق السياحية املختلفة ووضع الربامج الالزمة الستكماهلا .<br />
-2<br />
-3<br />
تذليل املعوقات اليت يتعرض هلا النشاط السياحي وتقدمي التسهيالت واحلوافز للمستثمرين.<br />
إقامة مركز معلومات شامل وإعداد خطة إعالمية لتشجيع <strong>السياحة</strong> وتنشيطها وذلك بعد التنسيق مع<br />
اجلهات ذات العالقة وإصدار املواد اإلعالمية الالزمة .<br />
-4<br />
إجراء مسح شامل للمناطق السياحية <strong>يف</strong> اململكة وحتديثه دورايً َبالتفاق مع اجلهات املعنية وتقومي<br />
اإلمكاانت السياحية لكل منطقة .<br />
-5<br />
دعم اجلهود اليت تساعد على تنمية <strong>السياحة</strong> وتشجيعها واحملافظة على املواقع السياحية واحلرف<br />
والصناعات واألسواق الشعبية ومحايتها من االنداثر.<br />
تنسيق اجلهود بني اجلهات احلكومية<br />
واألهلية املعنية فيما خيدم أغراض اهليئة .<br />
-6<br />
تعزيز التعاون والتنسيق بني<br />
اململكة والدول األخرى مبا حيقق أهداف القطاع السياحي َبململكة.<br />
جملس إدارة اهليئة<br />
-7<br />
املادة اخلامسة:<br />
يكون للهيئة جملس إدارة يشكل على النحو اآليت:<br />
صاحب السمو امللكي النائب الثاين لرئيس جملس الوزراء ووزير الدفاع والطريان واملفتش<br />
رئيساً
العام<br />
صاحب السمو امللكي وزير الشؤون البلدية والقروية<br />
صاحب السمو امللكي وزير الداخلية<br />
ص احب الس مو امللك ي وزي ر اخلارجي ة والعض و املنت دب للهيئ ة الوطني ة حلماي ة احلي اة<br />
الفطرية وإمنائها<br />
صاحب السمو امللكي الرئيس العام لرعاية الشباب<br />
معايل وزير املالية<br />
معايل وزير التخطيط واالقتصاد الوطين<br />
معايل وزير التجارة والصناعة<br />
معايل وزير الزراعة<br />
معايل وزير الرتبية والتعليم<br />
معايل وزير الكهرَبء واملياه<br />
معايل وزير احلج<br />
معايل وزير الثقافة واإلعالم<br />
األمني العام للهيئة<br />
املهندس/ عادل حممد عبد القادر فقيه<br />
األستاذ/ فيصل بن فهد بن تركي بن أمحد السديري<br />
األستاذ/ إبراهيم بن عبد الرمحن البليهي<br />
املهندس/ راشد بن سعد الراشد<br />
الدكتور/ أمحد بن عمر بن حممد آل عقيلي الزيلعي<br />
حيىي بن مرضي صويلح الزهراين<br />
الدكتور/ علي بن عيسى بن حممد الشعيب<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
عضواً<br />
اختصاصات جملس اإلدارة<br />
-1<br />
املادة السادسة:<br />
جملس إدارة اهليئة هو السلطة املهيمنة على شؤون اهليئة وتصر<strong>يف</strong> أمورها ، ويتخذ مجيع القرارات الالزمة<br />
لتحقيق أغراضها <strong>يف</strong> حدود هذا التنظيم ، وله على وجه اخلصوص ما يلي:<br />
املوافقة على مشروع السياسة العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره ورفعه إىل جملس الوزراء.
2- إقرار اخلطط والربامج الالزمة<br />
إصدار اللوائح 3-<br />
لتنفيذ السياسة العامة لتنمية وتطوير قطاع <strong>السياحة</strong> .<br />
اإلدارية اليت تسري عليها اهليئة ، وإصدار اللوائح املالية َبالتفاق مع وزارة<br />
اخلدمة املدنية .<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
النظر <strong>يف</strong> التقارير الدورية اليت تقدم عن سري العمل <strong>يف</strong><br />
املوافقة على مشروع ميزانية اهليئة وحساهبا اخلتامي .<br />
اهليئة .<br />
تكوين جلان دائمة أو مؤقتة من األعضاء أو من غريهم ، ألداء مهام معينة ، وهلا االستعانة مبن تراه<br />
لدراسة ما يكلفها به اجمللس .<br />
-7<br />
-8<br />
تكوين<br />
جلان استشارية من خرباء متخصصني .<br />
املوافقة على التقرير السنوي للهيئة <strong>يف</strong> هناية كل عام متهيداً لرفعه إىل رئيس جملس الوزراء .<br />
9- جمللس إدارة اهليئة أن <strong>يف</strong>وض بعضاً من صالحياته لرئيس جملس اإلدارة أو لألمني العام للهيئة .<br />
-10<br />
اقرتاح مشروعات األنظمة واللوائح املتعلقة َبلسياحة ومراجعة األنظمة القائمة واقرتاح تعديلها .
معه<br />
اجتماعات جملس اإلدارة<br />
املادة السابعة:<br />
تنعقد اجتماعات جملس إدارة اهليئة بصفة دورية مرتني على األقل <strong>يف</strong> السنة ولرئيس اجمللس دعوته كلما دعت<br />
احلاجة إىل ذلك .<br />
املادة الثامنة:<br />
جيتمع جملس إدارة اهليئة برائسة رئيس اجمللس أو من ينيبه وال يكون االجتماع نظامياً إال حبضور أغلبية<br />
األعضاء ، وتصدر القرارات مبوافقة أغلبية أصوات احلاضرين ، وعند التساوي يرجح اجلانب الذي يصوت<br />
الرئيس .<br />
األمني العام للهيئة واختصاصاته<br />
املادة التاسعة:<br />
يكون للهيئة أمني عام يعني أبمر ملكي. )2236(<br />
)2236(<br />
وقد صدر األمر امللكي رقم أ/90 واتريخ<br />
1412/8/27<br />
بتعيني صاحب السمو امللكي األمري سلطان بن سلمان بن عبد العزيز<br />
آل سعود أميناً عاماً للهيئة مبرتبة وزير، وفيما يلي نبذة موجزة عنه:<br />
ولد <strong>يف</strong> 18/ذي القعدة 1375ه املوافق 27/يونيو 1956م مبدينة الرايض ونشأ هبا حيث تلقى تعليمه االبتدائي والثانوي، مث ابتعث<br />
بعد ذلك إىل الوالايت املتحدة األمريكية حيث درس اإلعالم والطريان و<strong>يف</strong> عام 1982م عاد إىل اململكة العربية السعودية وشغل وظ<strong>يف</strong>ة<br />
َبحث إبدارة اإلعالم اخلارجي بوزارة اإلعالم، و<strong>يف</strong> عام 1984م كلف انئباً ملدير جلنة اإلعالم األوملبية للمملكة العربية السعودية <strong>يف</strong> دورة<br />
األلعاب األوملبية بلوس أجنلوس، و<strong>يف</strong> وقت الحق من نفس العام وعند إنشاء إدارة اإلعالن بوزارة اإلعالم توىل منصب مدير اإلدارة<br />
املكلف.<br />
كما أنيطت بسموه عام 1985م مهمة أخصائي احلمولة على منت مكوك الفضاء /ديسكفري/ <strong>يف</strong> رحلته<br />
شوال 1405ه / املوافق/<br />
6 رمضان إىل 29 جي/ 51<br />
24 إىل 17<br />
يونيو 1985م / حيث مثل املنظمة العربية لالتصاالت الفضائية/ عربسات/ للمشاركة <strong>يف</strong> إطالق<br />
قمر االتصالت/ 1 يب/ وكان ضمن الطاقم املالحي املكون من سبعة رواد من الوالايت املتحدة اإلمريكية وفرنسا.<br />
و<strong>يف</strong> عام 1985م عني ضابطاً <strong>يف</strong> القوات اجلوية امللكية السعودية وترقى هبا حتىحصل على ربتة عقيد طيار <strong>يف</strong> عام 1994م وتقاعد<br />
مبكراً <strong>يف</strong> عام 1996م من اخلدمة العسكرية بطلب منه.<br />
وشارك <strong>يف</strong> عام 1985م <strong>يف</strong> أتسيس مجعية مستكشفي الفضاء وهي مجعية دولية تضم <strong>يف</strong> عضويتها رواد الفضاء وبقي <strong>يف</strong> جملس إدارهتا<br />
لعدة سنوات وال يزال عضواً فيها.=<br />
=ومسوه الرئيس الفخري جلمعية احلاسبات السعودية من عام 1991م حىت عام 1998م، ويرأس اللجنة االستشارية ملشروع واحة العلوم<br />
اليت يزمع إنشاؤها <strong>يف</strong> مدينة الرايض.<br />
و<strong>يف</strong> عام 1989م م انتخابه رئيساً جمللس إدارة مجعية األطفال املعاقني َبململكة العربية السعودية وأعيد انتخابه <strong>يف</strong><br />
1998م.<br />
ويرأس جملس أمناء مركز األمري سلمان ألحباث اإلعاقة َبململكة العربية السعودية منذ عام 1992م.<br />
و 1995 و 1992
-1<br />
املادة العاشرة:<br />
األمني العام للهيئة هو املسؤول التنفيذي عن إدارة اهليئة وفقاً هلذا التنظيم وما يقرره جملس إدارة اهليئة ، وعليه<br />
بوجه خاص:<br />
اقرتاح مشروع السياسة العامة لتنمية وتطوير قطاع <strong>السياحة</strong> ، واخلطط والربامج الالزمة لتنفيذ ذلك بعد<br />
دراستها ومناقشتها مع اجلهات ذات العالقة .<br />
-2<br />
-3<br />
إعداد مشروع<br />
متثيل<br />
امليزانية السنوية للهيئة ورفعه إىل جملس اإلدارة واعتماده .<br />
اهليئة لدى اجلهات احلكومية واملؤسسات واهليئات األخرى ذات العالقة داخل اململكة<br />
وخارجها .<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
املوافقة على الربامج والندوات ومجيع نشاطات اهليئة <strong>يف</strong> حدود<br />
إعداد اللوائح الالزمة لسري العمل<br />
<strong>يف</strong> اهليئة .<br />
امليزانية السنوية املخصصة للهيئة .<br />
الصرف من امليزانية املعتمدة واتاذ مجيع اإلجراءات املالية وفق األنظمة واللوائح املقررة .<br />
االشراف على سري العمل <strong>يف</strong> اهليئة من خالل اللوائح املعتمدة .<br />
إعداد التقارير اخلاصة بتنفيذ خطط اهليئة وبراجمها ودراساهتا، وعرضها على جملس إدارة اهليئة .<br />
أحكام عامة<br />
ومسوه الرئيس الفخري للجمعية السعودية لعلوم العمران منذ عام 1992م وهي مجعية متخصصة <strong>يف</strong> جمال البيئة املبنية <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />
السعودية.<br />
و<strong>يف</strong> عام 1996م أسس مسابقة األمري سلطان بن سلمان حلفظ القرآن الكرمي لألطفال املعاقني َبململكة العربية السعودية.<br />
وهو رئيس مؤسسة الرتاث منذ عام 1996م وهي مؤسسة مقرها الرايض وتعمل <strong>يف</strong> جمال احلفاظ وتنمية االهتمام َبلرتاث السعودي وال<br />
هتدف إىل الربح بشكل أساسي.<br />
و<strong>يف</strong> عام 1996م كلف رئيساً للجنة اليت قامت إبعداد دراسة برانمج تطوير املنطقة التارخيية َبلدرعية و<strong>يف</strong> عام 1999م أسس جائزة<br />
األمري سلطان بن سلمان للرتاث العمراين، وحصل <strong>يف</strong> عام 1999م على شهادة املاجستري <strong>يف</strong> جمال العلوم السياسية واالجتماع من كلية<br />
َبكسويل <strong>يف</strong> جامعة سرياكيوز األمريكية.<br />
و<strong>يف</strong> عام 2000م اختري عضواً جمللس اإلدارة التأسيسي جلمعية خرجيي معهد العاصمة النموذجي َبلرايض.<br />
ولسموه مشاركات أخرى،هي:<br />
عضو َبجلمعية السعودية اجلغرافية. عضو جبمعية مستكشفي الفضاء. عضو َبجلمعية الفلكية الربيطانية. عضو َبجلميعة اجلغرافية<br />
األمريكية. عضو َبجلمعية الفضائية األمريكية. عضو برانمج الفضائيني الشباب / الوالايت املتحدة األمريكية/. عضو َبجلمعية الوطنية<br />
للفضاء / الوالايت املتحدة األمريكية/. عضو مبعهد الدراسات الفضائية / جامعة برنستون/ . عضو أبكادميية رواد الفضاء الدويل/<br />
فرنسا/ . عضو مشارك بندوة األوضاع الدولية / الوالايت املتحدة.<br />
ينظر: جريدة عكاظ، العدد<br />
12310، األربعاء<br />
1421/2/6ه ، و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
. /http://WWW.sct.gov.sa
املادة احلادية عشرة:<br />
تطبق على منسويب اهليئة أنظمة ولوائح اخلدمة املدنية <strong>يف</strong> األمور اليت ال يتم تنظيمها مبوجب اللوائح اليت<br />
تصدر وفقاً للفقرة الثالثة من املادة السادسة من هذا التنظيم كما خيضع عمال اهليئة لنظام التأمينات<br />
االجتماعية .<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
املادة الثانية عشرة:<br />
يكون للهيئة ميزانية مستقلة تعد وتصدر وفقا لرتتيبات إصدار امليزانية العامة للدولة ويصرف منها وفقا<br />
لتعليمات ميزانية الدولة وتتكون أموال اهليئة من:<br />
االعتمادات<br />
اليت تصص هلا <strong>يف</strong> ميزانية<br />
الدولة .<br />
اهلبات واإلعاانت واملنح والوصااي اليت تقبلها اهليئة وفقا لقواعد يضعها جملس إدارة اهليئة .<br />
املوارد األخرى اليت يقرر جملس إدارة اهليئة إضافتها إىل أموال<br />
املقابل املايل للعضوية وحيدد مقداره<br />
واخلدمات اليت تقدمها اهليئة .<br />
اهليئة .<br />
بقرار من جملس إدارة اهليئة، ويستو<strong>يف</strong> من املستثمرين املستفيدين<br />
املادة الثالثة عشرة:<br />
تبدأ السنة املالية للهيئة وتنتهي مع السنة املالية<br />
للدولة، واستثناء من ذلك تبدأ السنة<br />
األوىل<br />
للهيئة من اتريخ<br />
إنشائها .<br />
املادة الرابعة عشرة:<br />
مع عدم اإلخالل حبق ديوان املراقبة العامة <strong>يف</strong> الرقابة على حساَبت اهليئة يعني جملس إدارة اهليئة مراجعاً أو<br />
أكثر للحساَبت من األشخاص ذوي الصفة الطبيعية الذين تتوافر فيهم شروط مراجعي احلساَبت وحيدد<br />
جملس اإلدارة مكافأهتم، و<strong>يف</strong> حالة تعدد املراجعني يكونون مسؤولني َبلتضامن .<br />
املادة اخلامسة عشرة:<br />
ترفع اهليئة حساهبا اخلتامي إىل جملس الوزراء خالل ثالثة أشهر على األكثر من اتريخ انتهاء السنة املالية،<br />
كما ترفع تقريراً سنوايً عن أعماهلا إىل رئيس جملس الوزراء، ويزود ديوان املراقبة العامة بنسخة من احلساب
اخلتامي للهيئة ونسخة من التقرير السنوي .<br />
نشره". )2237(<br />
املادة السادسة عشرة:<br />
ينشر هذا التنظيم <strong>يف</strong> اجلريدة الرمسية، ويعمل به من<br />
اتريخ<br />
)2237(<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
وجريدة الشرق األوسط، العدد<br />
واجلزيرة،<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
. وجزيرة اجلزيرة، العدد<br />
10064، الثالاثء 1421/1/13ه ،<br />
7812، الثالاثء<br />
1421/1/13ه ، وجريدة عكاظ، العدد<br />
12310، األربعاء، 1421/2/6ه ،<br />
1006، اخلميس، 1421/1/15ه .<br />
وخطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.<br />
ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
/http://WWW.mas.gov.sa
"<br />
اثنياً: أهداف اهليئة العليا للسياحة:<br />
جاء <strong>يف</strong> خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية بيان اهلدف من إنشاء اهليئة العليا للسياحة وحتديد الرؤية هلا، فقالت:<br />
تس عى اململك ةُ العربي ةُ الس عوديةُ وه ي مَه دُ اإلس المِّ، إىل تنمي ة س ياحية قيم ة وممي زة، ذاتِّ مناف َع<br />
اجتماعي ة ، وثقافي ة ، وبيئي ة ، واقتص ادية ، انطالق اً م ن قِّيَمِّه ا اإلس الميةِّ، وأص الةِّ تُراثِّه ا العري ق وضِّ يافَتِّها<br />
التقليدية".<br />
وم تفصيل ذلك <strong>يف</strong> أهداف رئيسة وأخرى تنفيذية، وذلك على النحو التايل:<br />
أ. األهداف الرئيسية:<br />
تتلخص األهداف الرئيسية للهيئة العليا للسياحة فيما يلي:<br />
-1"<br />
الس عي لتحقي ق النم و املت وازن ألمن اط النش اط الس ياحي املالئم ة، وخباص ة الس ياحة الداخلي ة وذل ك<br />
بغرض حتقيق التوازن بني املنافع االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية.<br />
2- تسخري صناعة <strong>السياحة</strong> كعامل مساعد <strong>يف</strong> التنويع االقتصادي وتنمية املناطق.<br />
-3<br />
األجنبية.<br />
زايدة ال دخل احملل ي وحتفي ز اس تثمارات القط اع اخل اص ورف ع القيم ة املثل ى إلي رادات التح ويالت<br />
إجياد فرص عمل وتعزيز تنمية املوارد البشرية وأتسيس برامج التعليم والتدريب والتأهيل املناسبة.<br />
تقومي الفاقد االقتصادي وتقليصه دون التنقيص من قيمة التجربة السياحية.<br />
حتديد املوارد الطبيعية والبيئية واالجتماعية والثقافية واالستفادة منها واحلفاظ عليها بصورة مستدامة.<br />
االستفادة من فرص السوق اليت يوفرها احلج والعمرة وقيم اجملتمع وضيافته التقليدية.<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
حتقيق التنوع <strong>يف</strong> املنتجات السياحية <strong>يف</strong> اململك ة م ن خ الل تنمي ة جمموع ة م ن املراف ق الس ياحية ودع م<br />
وسائل النقل والبنية التحتية اخلاصة بكل منطقة.<br />
-9<br />
تش جيع وتنمي ة املؤسس ات الص غرية واملتوس طة، وعل ى وج ه اخلص وص املمارس ة جمل االت الفن ون<br />
واحلرف اليدوية والصناعات الر<strong>يف</strong>ية.
-10<br />
تطوير مرافق سياحية ذات جودة على مدار العام ملقابلة احتياجات خمتلف شراح الدخل.<br />
11- تعزيز الشعور َبلفخر الوطين وتنمية اإلملام بقيمة عوامل اجلذب السياحي َبململكة.<br />
-12<br />
تعزيز األنشطة الرتفيهية والتج ارب الس ياحية للمجموع ات احمللي ة وخاص ة الع ائالت والش باب<br />
هم <strong>يف</strong> حاجة إىل عناية خاصة مبا يسهم <strong>يف</strong> رفاهية الفرد واجملتمع." )2238(<br />
وم ن<br />
ب. األهداف التنفيذية:<br />
وميكن إجياز األهداف التنفيذية للهيئة العليا للسياحة فيما يلي:<br />
"1- صياغة وتطبيق أنظمة ولوائح وإجراءات ذات شفافية لضمان تنمية سياحية فعالة ومؤثرة.<br />
-2<br />
استحداث إطار عمل<br />
<strong>السياحة</strong> وتشغيلها.<br />
وهيكل تنظيمي لتنسيق املهام واملسئوليات والصالحيات ذات العالقة بتط وير<br />
السعي لتحقيق اإلصالح التنظيمي واإلجرائي لالزمني لتنمية سياحة مستدامة.<br />
تسهيل التعاون بني خمتلف اجلهات ذات العالقة على املستوايت احمللية واإلقليمية والوطنية والدولية.<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
تفعي ل مش اركة املس تفيدين م ن ص ناعة الس ياحة وتش جيع إقام ة ش راكات القط اعني الع ام واخل اص<br />
حيثما كان ذلك مالئماً.<br />
6- تشجيع ورعاية البحوث وإنشاء مراكز لألحباث السياحية.<br />
-7<br />
السياحية.<br />
التأكي د عل ى القي ام إبج راء تق ومي للت أثريات االجتماعي ة والثقافي ة واالقتص ادية قب ل القي ام َبلتنمي ة<br />
تشجيع وتطوير املشاريع السياحية املستدامة وهتيئة البيئة السياحية واحلفاظ عليها.<br />
تطوير وتطبيق أنظمة إدارة بيئية.<br />
-8<br />
-9<br />
10- تطوير معايري وأنظمة مراقبة وضمان اجلودة خلدمات <strong>السياحة</strong> ومنتجاهتا.<br />
)2238(<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
1441ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة، ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
، و خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية<br />
-1422<br />
/http://WWW.mas.gov.sa
-11<br />
-12<br />
تطوير إسرتاتيجية تسويق وفقاً للرؤية واملهمة.<br />
حتس ني مس توى تق دمي اخل دمات الس ياحية وتعزي ز إط ار عمله ا وتنظيمه ا م ن خ الل تب ين التقني ة<br />
احلديثة كوسيلة نقل للمعلومات وعرضها من خالل وسائل اإلعالم.<br />
13- تسهيل وتشجيع وأتمني املعلومات اخلاصة َبلسياح ووسائل التوضيح اإلعالمية." )2239(<br />
)2239( املصادر السابقة.
اثلثاً: خمططات اهليئة العليا للسياحة:<br />
التخط يط االس رتاتيجي للس ياحة ه و: عملي ة تك وين ورس م سياس ة اس رتاتيجية لبل د أو إقل يم مع ني حبي ث<br />
تعك س أه داف وتطلع ات وروح اجملتمع ات املض <strong>يف</strong>ة وم ن مث تنفي ذ ه ذه اخلط ط ع رب التوجيه ات املطلوب ة<br />
لالستغالل األمثل للم وارد املت وفرة، فه و رس م لص ورة تقديري ة مس تقبلية للنش اط الس ياحي <strong>يف</strong> دول ة معين ة وف رتة<br />
زمنية معينة، وهذا يقتضي حصر امل وراد الس ياحية <strong>يف</strong> الدول ة م ن أج ل حتدي د أه داف اخلط ة الس ياحية وحتقي ق<br />
تنمية سياحية سريعة ومنتظمة من خالل إعداد وتنفيذ برانمج متناسق شامل لفروع النشاط السياحي ومناطق<br />
اجلذب السياحي <strong>يف</strong> الدولة ، والتخطيط يتواله إدارة عليا <strong>يف</strong> اهليئة وقد يس تعان ب بعض اخل رباء واملستش ارين <strong>يف</strong><br />
ذلك.<br />
وللتخط يط أمهي ة َبلغ ة تتمث ل <strong>يف</strong> ترش يد ات اذ الق رارات <strong>يف</strong> العملي ة اإلداري ة والس يطرة اإلداري ة عل ى امل وارد<br />
والعمل على زايدة الناتج والعائد فيها والتنسيق بني أوجه النشاط املختلفة لتحقيق األهداف املرسومة ومعاجل ة<br />
املش اكل املتوقع ة أو من ع ح دوثها وتط وير املن اطق الس ياحية املهج ورة وت وفري االحتياج ات هل ا وحتقي ق النج اح<br />
)2240(<br />
بشكل عام هلذه الصنعة.<br />
واهليئ ة تس عى بش كل ع ام ألن تق وم اململك ة العربي ة الس عودية، <strong>يف</strong> ظ ل قيمه ا ومقوماهت ا املتمي زة بتنمي ة<br />
س ياحة متوازن ة<br />
واألصالة الثقافية.<br />
ومس تدامة، حتق ق تنوع اً اقتص ادايً، وإث راءً اجتماعي اً، وتوج د فرص اً للعم ل، وحت افظ عل ى البيئ ة<br />
وقد نص قرار جملس الوزراء رقم )9( واتريخ 1421/1/12ه على إنشاء اهليئ ة العلي ا للس ياحة، عل ى أن<br />
تضطلع َبالهتمام َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة، وتنميتها، وتطويرها،<br />
والعمل على تعزي ز دور قط اع الس ياحة، وت ذليل<br />
معوقات منوه، وذلك حىت تكون <strong>السياحة</strong> قطاعاً أساسياً منتجاً وداعماً القتصاد اململكة العربية السعودية.<br />
وتنفيذاً لقرار جملس الوزراء، م إنشاء اهليئة العليا للس ياحة ، وب دأت َبلعم ل عل ى مش روع تنمي ة الس ياحة<br />
الوطني ة، م ا ب ني ص فر 1421ه<br />
-<br />
ش عبان 1423ه . وك ان اهل دف م ن ه ذا املش روع ه و إع داد خط ة تنمي ة<br />
س ياحية وطني ة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية. وتشتمل اخلط ة عل ى إس رتاتيجية تنمي ة س ياحية م دهتا عش رون<br />
سنة، وخطة عمل مخسية مفصلة للمرحلة األوىل من م دة اخلط ة الرئيس ة، ويط رح املش روع سياس ة واس رتاتيجية<br />
)2240( ينظر: التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب ، فؤادة البكري، ص127-125، بتصرف.
ش املة وجمموع ة م ن ال ربامج ذات العالق ة، وذل ك م ن أج ل حتقي ق تنمي ة متكامل ة ومس تدمية لص ناعة الس ياحة<br />
)2241(<br />
<strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.<br />
وقد انطلق املخططون من واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة والنمو املتوقع هلا والذي جاء بيانه على النحو التايل:<br />
"وفق اً ملس ار من و الس ياحة "املتوق ع" أو احل ايل ال ذي تبنت ه االس رتاتيجية العام ة ، س ريتفع ع دد ال رحالت<br />
الس ياحية )ك ل م ن احمللي ة والواف دة( م ن<br />
65.1<br />
هناية اخلطة حبلول عام 1441ه . ويتضمن هذا العدد<br />
وَبألخص من اخلليج والدول العربية األخرى.<br />
وس ريتفع مع دل مص روفات الس ياح احمللي ني م ن<br />
ملي ون رحل ة <strong>يف</strong> ع ام 1422ه إىل<br />
141.1<br />
128<br />
50.7<br />
ملي ون رحل ة <strong>يف</strong><br />
مليون رحل ة حملي ة ، و13.1 ملي ون رحل ة واف دة<br />
بلي ون س عودي <strong>يف</strong> ع ام 1422ه إىل<br />
78.3<br />
رايل س عودي حبل ول ع ام 1441ه ، <strong>يف</strong> ح ني س تزداد نس بة إنف اق الس ياح الق ادمني م ن اخل ارج م ن<br />
بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام 1422ه إىل<br />
بلي ون<br />
12.8<br />
23<br />
مصروفات السياح <strong>يف</strong> اململكة العربية من<br />
1441ه أبسعار اثبتة.<br />
بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام 1441ه . وَبلت ايل، يتوق ع أن ي زداد حج م<br />
63.5<br />
بليون رايل <strong>يف</strong> ع ام 1422ه إىل<br />
101.3<br />
وس ينتج ع ن النم و "املتوق ع" <strong>يف</strong> الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية م ا يق ارب<br />
بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام<br />
807.7<br />
ملي ون ليل ة<br />
يقض يها الس ياح حبل ول ع ام 1441ه . وم ن أج ل اس تيعاب ه ذا احلج م الكب ري املتوق ع للس ياحة ينبغ ي ت وفري<br />
48.000<br />
غرف ة إض افية س تكون <strong>يف</strong> الغال ب <strong>يف</strong> فن ادق جدي دة، إض افة إىل احلاج ة ل زايدة اس تيعاب الش قق<br />
املفروشة. وهذا يوفر فرصاً استثمارية يتوقع من القطاع اخلاص أن يتوالها.<br />
وتس اعد ه ذه املؤش رات املتعلق ة َبلنم و "املتوق ع" عل ى توض يح اإلمك اانت احملتمل ة للس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة،<br />
كما تعمل أيضاً على تسليط الضوء حول التحدايت اليت ستواجه كل م ن القط اعني الع ام واخل اص <strong>يف</strong> عملي ة<br />
التطوير. هذا إىل جانب الدور ال داعم واملس اند لألعم ال اإلض افية ال يت تق وم هب ا مص لحة اإلحص اءات العام ة<br />
َبالحتاد مع اإلحصاءات السكانية الوطنية، والعمل على صياغة نظام اإلحصاءات والوطنية )93( <strong>يف</strong> حتس ني<br />
وإقرار هذه املؤشرات الكمية" )2242(<br />
)2241(<br />
اعتمد جملس إدارة اهليئة العليا للسياحة مشروع تنمية <strong>السياحة</strong> الوطنية <strong>يف</strong> اململكة واالسرتاتيجية العامة، <strong>يف</strong> اتريخ<br />
واعتمدها جملس الوزراء بتاريخ<br />
1423/3/28ه ،<br />
1425/1/24ه .<br />
)2242(<br />
و ينظر: خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.<br />
ينظر: خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة. ومركز ماس<br />
للمعلومات واألحباث السياحية<br />
/http://WWW.mas.gov.sa
وفيما يلي رسم بياين هلذا النمو املتوقع:<br />
مالمح هذه االسرتاتيجية:<br />
"<br />
تعت رب إس رتتيجية تنمي ة الس ياحة الوطني ة مش روعاً تطيطي اً ش امالً لتحقي ق تنمي ة<br />
اهليئة العليا للسياحة إبع داده وفق أسس واضحة ومنظمة.<br />
الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة وتق وم<br />
وتت ألف اإلس رتاتيجية م ن ث الث مراح ل، متث ل األوىل منه ا مرحل ة وض ع اإلس رتاتيجية العام ة لتنمي ة وتط وير<br />
<strong>السياحة</strong> الوطنية للعشرين سنة القادمة <strong>يف</strong> حني تناولت املرحلة التالية وض ع اخلط ط التنفيذي ة للخم س س نوات<br />
القادمة، و لتقدمي األسس التفصيلية لتنمية الس ياحة <strong>يف</strong> املناط ق، وإجناز خط ط تط وير مواق ع التنمي ة الس ياحية<br />
فيها.<br />
وق د م إع داد وتص ميم مرحل ة اإلس رتاتيجية العام ة َبلتش اور املس تمر م ع اجله ات األساس ية ذات العالق ة <strong>يف</strong><br />
القط اعني الع ام واخل اص، واس تغرق إع دادها أربع ة عش ر ش هراً، م ن ش هر ذي احلج ة 1421إىل ش هر ص فر<br />
1422ه .<br />
ومتث ل اإلس رتاتيجية العام ة لتنمي ة وتط وير الس ياحة الوطني ة مرحل ة أتسيس ية مهم ة وض رورية للتع رف عل ى ك ل<br />
أبعاد النشاط السياحي وتداخالته، وصممت لتضع إسرتاتيجية لسياحة قيم ة تراع ي خصوص ية اململك ة كوهن ا<br />
مهد اإلس الم وم وطن احل رمني الش ر<strong>يف</strong>ني وقبل ة املس لمني، وترتك ز عل ى مجل ة م ن األس س واملب ادئ جتع ل منه ا<br />
سياحة مميزة، وأييت <strong>يف</strong> مقدمة هذه األسس واملبادئ الثوابت والقيم <strong>اإلسالم</strong>ية، والتوافق م ع خصوص ية اجملتم ع<br />
وقيم ه ال يت يعت ز هب ا، َبإلض افة إىل االس تدامة واجل دوى االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة والبيئي ة، واإلس هام
احلقيقي والفعال <strong>يف</strong> التنمية الوطنية الش املة. وق د أخ ذت مرحل ة اإلس رتاتيجية العام ة <strong>يف</strong> االعتب ار حتدي د رؤي ة<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة ومهمتها، وتعرفت على املوارد السياحية املتوافرة والقابل ة لالس تثمار، واألس واق املس تهدفة<br />
وكذلك على النشاط السياحي احلايل واملتوقع <strong>يف</strong><br />
السياحية، ومقاييس<br />
ميزة<br />
املستقبل، كما استوعبت ه ذه املرحلة األبعاد املكانية للتنمية<br />
التطوير وإرشادات التصميم، وكذلك أنظمة ومقاييس ض مان اجل ودة، ال يت تض من حتقي ق<br />
تنافسية على مستوى الوجهات واملنتجات السياحية. ومن بني املوضوعات املتعددة ال يت<br />
االسرتاتيجية موضوع األدوار واملس ئوليات، وحتدي د اهليك ل التنظيم ي<br />
العام واخلاص <strong>يف</strong> التنمية السياحية وحتسني<br />
العامل ة <strong>يف</strong> قط اع<br />
مناخ االستثمار، كما تناولت موضوع تطوير<br />
تض منتها مرحل ة<br />
لتنمي ة الس ياحة الوطني ة، ودور القط اعني<br />
املوارد البشرية والق وى<br />
الس ياحة والقطاع ات املرتبط ة هب ا، واهتم ت ك ذلك َبلتع رف عل ى آاثر تنمي ة الس ياحة<br />
اقتصادايً، وبيئياً، واجتماعياً، وثقافياً والتعرف على معوقات االستثمار السياحي<br />
وق د انبثق ت ه ذه املرحل ة م ن حق ائق حم ددة منه ا أن الس ياحة ليس ت<br />
الوطني ة الش املة، وأهن ا بطبيعته ا ص ناعة معق دة<br />
وحيوية على مستوى اململكة،<br />
التخطيط املنظم<br />
وحتفيزه.<br />
ه دفاً ب ل وس يلة للمس امهة <strong>يف</strong> التنمي ة<br />
متع ددة األط راف ومرتابط ة اجلوان ب، كم ا تتمي ز أبهن ا انش ئة<br />
وتعاين من ازدواجية التخصصات، وتضارب وتداخل الصالحيات مبا يس تدعى<br />
ووضع اخلطط التنفيذية للتأكد م ن اس تغالل اإلمك اانت واملقوم ات الس ياحية املت وافرة<br />
تعزز هذه املقومات وحتافظ عليها.<br />
بص ورة<br />
وميثل مشروع تنمية <strong>السياحة</strong> الوطنية مشروعاً رائداً <strong>يف</strong> هذا اإلطار؛ حيث أنه قب ل إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة<br />
<strong>يف</strong> ع ام 1421ه 2000م مل يك ن هن اك تط يط م نظم لتنمي ة س ياحية <strong>يف</strong> اململك ة، ل ذا فاحلاج ة إلي ه كان ت<br />
ملح ة كمش روع تطيط ي أساس ي لتنمي ة الس ياحة الداخلي ة وف ق أس س مدروس ة وحمكم ة أتخ ذ <strong>يف</strong><br />
املتغريات ذات العالقة َبلنشاط السياحي وآليات حتفيزه.<br />
والبد من التنويه<br />
هنا أبن <strong>السياحة</strong> والتخطيط هل ا ال ينطل ق م ن كوهن ا ه دفا حبد ذاهت ا، ب ل أداة حموري ة<br />
أهداف التنمية الش املة <strong>يف</strong> اململك ة حي ث تكف ل التنمي ة الس ياحية اس تغالل<br />
املت وافرة، وتس هم م ن خ الل ذل ك <strong>يف</strong> زايدة ال دخل،<br />
الرتاث والثقافة، وربط املواطن<br />
وتع د الس ياحة القيم ة املفه وم األساس ي<br />
القيمة( على<br />
مبجتمعه وبيئته، وثقافته، وتعزيز انتمائه لوطنه.<br />
االعتب ار<br />
لتحقي ق<br />
املقوم ات واإلمكاني ات الس ياحية<br />
وتنوي ع اإلنت اج، وإجي اد ف رص العم ل للم واطنني، وإث راء<br />
لص ناعة الس ياحة الناش ئة <strong>يف</strong> اململك ة، إذ يرتك ز ه ذا املفهوم)الس ياحة<br />
جمموعة من األبعاد الرئيسة اليت جتعل منها سياحة فريدة ومتميزة تنفرد هبا اململكة<br />
دول الع امل، مب ا <strong>يف</strong> ذل ك األبع اد املش رتكة لص ناعة الس ياحة <strong>يف</strong> الع امل<br />
وتتس م الس ياحة القيم ة أبهن ا س ياحة متوازن ة هت تم<br />
أمج ع مب ا يتواف ق م ع<br />
عن غريه ا م ن<br />
خصوص ية اململك ة،<br />
َبجلوان ب الروحي ة واملادي ة لإلنس ان؛ فتوص ف أبهن ا س ياحة
ملتزم ة َبملب ادئ واألس س اإلس المية، وذات ج دوى اقتص ادية، واجتماعي ة،<br />
)2243(<br />
اجلانب املمتع هلا مبا جيعلها قادرة على استقطاب السائح وجذبه".<br />
وثقافي ة، وبيئي ة، تض من ت وفر<br />
وذك ر األم ني الع ام للهيئ ة أبن اململك ة تط ط إلنف اق 1.3<br />
صناعة <strong>السياحة</strong> الواعدة فيها.<br />
ملي ار رايل خ الل اخلم س الس نوات املقبل ة لتط وير<br />
وذك ر األم ري س لطان بع د مش اركته <strong>يف</strong> م ؤمتر ح ول الس ياحة عق د حالي اً <strong>يف</strong> البح رين، أن املبل غ سيس تخدم <strong>يف</strong><br />
إنش اء مرك ز للمعلوم ات الس ياحية واألحب اث وت دريب م وظفي اهليئ ة العلي ا وال دخول <strong>يف</strong> مش اريع مش رتكة<br />
والتخط يط ملن اطق س ياحية جدي دة واس تقطاب االس تثمارات. وأض اف"كثري م ن ه ذه املش اريع س وف تق ام<br />
خ الل الع امني املقبل ني، وحن ن نتوق ع أن يك ون هل ذا املبل غ عائ د ي رتاوح ب ني<br />
اخلمس املقبلة. أي إنه سريد على احلكومة قيمة مضافة تبلغ حنو<br />
6<br />
مليار رايل". 11<br />
إىل 11 ض عفاً خ الل الس نوات<br />
وقال األمري سلطان: "<strong>يف</strong> الوقت احلاضر تعترب <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> السعودية اثين أهم مساهم <strong>يف</strong> االقتصاد الوطين بعد<br />
ال نفط م ع أهن ا غ ري منظم ة حالي اً وم ا زال ت عش وائية. واحلكوم ة تنظ ر للس ياحة عل ى أهن ا ص ناعة املس تقبل<br />
وتعطيها اهتماماً مكثفاً <strong>يف</strong> الوقت احلاضر". واتبع "سوف نفتح أبواَبً جديدة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مجيع االجتاهات<br />
كالربامج الرايضية وسياحة الرتاث وسياحة املغامرات وال زايرات العائلي ة والنش اطات األخ رى ال يت جتل ب ال زوار<br />
األجانب".<br />
وكشف عن خطة إلقامة جهة واحدة لرتخيص االس تثمارات الس ياحية لتجن ب إض اعة الوق ت ب ني<br />
حكومية<br />
جه ات 9<br />
يتعامل معها املستثمر حالياً، مض<strong>يف</strong>اً أن " منظوران اجلدي د أن املس تثمر س يتعامل م ع جه ة واح دة <strong>يف</strong><br />
وق ت م ا خ الل الع ام املقب ل" وأوض ح "الي وم َبلنس بة لن ا أه م مس تثمر هواملس تثمر الس عودي؛ ألن األم وال<br />
الس عودية َبخل ارج كث رية وإذا م ا اس تطعنا أن نس هل للمس تثمر الطري ق لوض ع أموال ه <strong>يف</strong> قط اع الس ياحة <strong>يف</strong><br />
)2244(<br />
اململكة فنحن على ثقة أن االستثمارات األجنبية سوف تلحقها دون تردد".<br />
وهتدف اخلطط املرسومة<br />
إىل حتقيق األهداف التالية:<br />
"توسعة صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية بناء على مسارات النمو املتوقع للصناعة.<br />
املس اعدة <strong>يف</strong> تنوي ع مص ادر االقتص اد م ن خ الل تقوي ة وتنمي ة الس ياحة كقط اع اقتص ادي جدي د،<br />
ودفع عجلة التطور اإلقليمي وكذلك تطوير املؤسسات املتوسطة والصغرية احلجم.<br />
-1<br />
-2<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
/http://WWW.mas.gov.sa<br />
)2243(<br />
)2244(
املساعدة <strong>يف</strong> إجياد وحتفيز االستثمار اخلاص املناسب من أج ل ت وفري املنش آت الس ياحية املطلوب ة،<br />
وذلك خلدمة النمو املتوقع.<br />
إجياد فرص وظ<strong>يف</strong>ية جديدة للمواطنني واملسامهة <strong>يف</strong> جمال سعودة الوظائف.<br />
ض مان أن عملي ة تنمي ة الس ياحة ت تم بطريق ة اس تدامتها بيئي اً واجتماعي اً وثقافي اً واقتص ادايً، ع ن<br />
طري ق تق دمي املزي د م ن م دخالت اخلط ط عل ى مس توى املن اطق واملس توى احملل ي وف رض مع ايري<br />
وتصميمات التطوير املناسبة.<br />
التأك د م ن حتدي د األراض ي العام ة ذات اإلمكاني ة لتقب ل عملي ة التط وير الس ياحي، وأن ي تم<br />
التخطيط هلا بشكل مناسب وتسهيل استثمارها من قبل القطاع اخلاص.<br />
املساعدة <strong>يف</strong> إنشاء وتقوية التنظ يم املؤسس ي لقط اع الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية، وذل ك<br />
عن طريق أتسيس مجيع التنظيمات واهليئات املقرتحة بواسطة خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية على مستوى<br />
املناطق واملستوى احمللي.<br />
إجي اد حم يط مؤسس ي وبيئ ة تنظيمي ة للعم ل عل ى املس اعدة <strong>يف</strong> دف ع عجل ة تط ور ومن و ص ناعة<br />
الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة َبالش تمال عل ى تش كيلة م ن املنتج ات املنافس ة واملتنوع ة ، وك ذلك ض مان<br />
)2245(<br />
حتسني معايري جودة املنتجات السياحية واحملافظة عليها".<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
وللموقع اجلغرا<strong>يف</strong> أمهية منظورة <strong>يف</strong> التخطيط السياحي وقد جاء <strong>يف</strong> اخلطة الوطنية للسياحة:<br />
"مت ت ص ياغة اخلط ة اهليكلي ة للس ياحة الوطني ة بن اء عل ى تقي يم مواق ع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> والطبيع ي. ووض ع ذل ك<br />
حجر الزاوية لإلسرتاتيجية املكاني ة املقرتح ة لعملي ة تط وير الس ياحة طويل ة امل دى <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية.<br />
وتستند اخلطة اهليكلية للسياحة الوطني ة عل ى أربع ني منطق ة تنمي ة س ياحية حالي ة وجدي دة تغط ي مجي ع أرج اء<br />
اململكة. َبإلضافة إىل ذلك م حتديد املواقع السياحية الفردية لكي تشملها عملية التنمية". )2246(<br />
كم ا ت رى خط ة الس ياحة الوطني ة أبن ك الً م ن الس ياحة وقط اع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية<br />
يعتم دان عل ى بعض هما، فم ن جه ة ي وفر قط اع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> لص ناعة الس ياحة عناص ر ج ذب فري دة وم وارد<br />
منتجات جيدة، كما توفر صناعة <strong>السياحة</strong> من جهة أخرى وسائل العرض والتعر<strong>يف</strong> للرتاث الثق ا<strong>يف</strong>، وإمكاني ة<br />
حتقيق إيرادات يستفاد منها <strong>يف</strong> صيانة الرتاث الثقا<strong>يف</strong> واحملافظة عليه.<br />
ويضع عنصر تنمية سياحة الرتاث الثقا<strong>يف</strong> املوجود ضمن خطة العمل الوطني ة للس ياحة التص ورات جملموع ة م ن<br />
الربامج <strong>يف</strong> اجملاالت التالية:<br />
خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.<br />
املصدر السابق.<br />
)2245(<br />
)2246(
اآلاثر.<br />
الرتاث العمراين.<br />
املتاحف.<br />
احلرف اليدوية والصناعات التقليدية.<br />
الرتاث املادي وغري املادي.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
وهذه اخلطة اإلمجالية سيتلوها خطط تفصيلية لكل منطقة، وسيتم إعداد خطط سياحة ملناطق اململكة الثالث عشرة،<br />
وذل ك بن اء عل ى خط ة تنمي ة الس ياحة الوطني ة واس رتاتيجية التنمي ة األساس ية لتنمي ة الس ياحة بطريق ة منظم ة وخمطط ة.<br />
وسيعمل هذا على إكمال إط ار عم ل اخلط ة الوطني ة عل ى مس توى املن اطق والتخط يط املفص ل للمن اطق واملواق ع ذات<br />
األو لوية <strong>يف</strong> التنمية السياحية. )2247(<br />
وفيما يلي جدول تفصيلي َبملناطق املقصودة َبلتنمية السياحية وواقع كل منها سياحياً:<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
/http://WWW.mas.gov.sa<br />
)2247(<br />
السياحية<br />
املصدر السابق، و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
. http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />
، مركز ماس للمعلومات واألحباث<br />
و موقع اململكة السياحي<br />
وذكر أحد املختصني <strong>يف</strong> اهليئة أبن املنهج الذي اختطته <strong>يف</strong> إعداد مشروع التنمية متدرج وم تقسيمه إىل مراحل تتناسق وتتكامل مع بعضها<br />
مبيناً أن املرحلة األوىل م فيها حتديد االسرتاتيجية العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره، والثانية طرحت فيها خطة العمل الالزمة للتنفيذ <strong>يف</strong> األمر<br />
القصري، مث انطلقت املرحلة العملية التنفيذية عام 1424ه .<br />
ينظر: اجلزيرة ، عدد<br />
11905، الثالاثء<br />
24/ربيع أول /26<br />
، ص .)8(
املطلب الثاني<br />
مشاريعها وأعماهلا
املطلب الثاين: مشاريعها وأعماهلا.<br />
يقول األمني العام للهيئة األمري سلطان بن سلمان:<br />
"تع د الس ياحة <strong>يف</strong> املق ام األول ص ناعة حيركه ا القط اع اخل اص، فيم ا يتكف ل القط اع الع ام بت وفري بيئ ة حمف زة<br />
للتطوير املستدمي تشتمل على التخطيط الفعال، واهليكلة التنظيمية، واملؤسسية املناسبة، ت دعمها الب ىن التحتي ة<br />
)2248(<br />
املناسبة واخلدمات العامة الضرورية".<br />
فللقطاع اخلاص دور رئيسي <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> يتمث ل <strong>يف</strong> تط وير واس تثمار املش اريع واملن اطق الس ياحية وت وفري<br />
البنية التحتية للسياحة <strong>يف</strong> اململك ة، ويك ون عم ل اهليئ ة َبإلش راف والتنظ يم وإجي اد البيئ ة املس اعدة عل ى حتقي ق<br />
التطور والتنمية السياحية من خالل التخطيط الناجح والتنظيم الصحيح للعمل.<br />
"وتتض من اهليئ ة العلي ا للس ياحة <strong>يف</strong> هيكله ا التنظيم ي واإلداري األمان ة العام ة، وال يت تطم ح أن تك ون جه ازاً<br />
فعاالً ومرانً قادراً على التعامل مع الس ياحة كص ناعة مرتابط ة ومتكامل ة وس ريعة التغ ري، وذا ق درة عل ى التكي ف<br />
مع املستجدات، ويسهم بش كل مباش ر <strong>يف</strong> تنمي ة امل وارد البش رية املؤهل ة <strong>يف</strong> جم ال الس ياحة والص ناعات املرتبط ة<br />
هبا وتطويرها. وذلك َبستيعاب أفضل القدرات الس عودية وتطويره ا وأتهيله ا م ن خ الل املؤسس ات الس ياحية<br />
واجلامع ات واملعاه د. وس يهتم جه از األمان ة َبملعلوم ات الدقيق ة واملوثوق ة ويق دمها بش فافية ودق ة َبلغ ة<br />
للمهتمني بقطاع <strong>السياحة</strong>. َبإلضافة إىل أنه سوف يستخدم أفضل السبل اإلدارية والتقنية <strong>يف</strong> تس يري معامالت ه<br />
واتص االته الداخلي ة واخلارجي ة وإدارة براجم ه بش كل متط ور، ويس عى إىل تط وير آلي ات إدارة القط اع الس ياحي،<br />
وإىل تقل يص مهام ه ت درجيياً م ع اس تكمال األعم ال األساس ية ال يت يق وم هب ا، واس تيعاب القط اعني احلك ومي<br />
واألهل ي ل دورمها <strong>يف</strong><br />
جم ال الس ياحة، ويؤم ل أن تتح ول مه ام اهليئ ة ت درجيياً لص احل املؤسس ات واآللي ات ال يت<br />
ستنش أ، وخاص ة <strong>يف</strong> املن اطق وعل ى مس توى القط اع األهل ي عل ى أن يبق ى دور اهليئ ة ال رئيس <strong>يف</strong> توجي ه دف ة<br />
<strong>السياحة</strong> وحتفيز منوها ودعمها على املستوى الوطين.<br />
فاألمانة العامة هي:<br />
جه از فع ال وم رن ق ادر عل ى التعام ل م ع الس ياحة كص ناعة مرتابط ة وس ريعة التغ ري ويس هم <strong>يف</strong> تنمي ة وتط وير<br />
امل وارد البش رية <strong>يف</strong> جم ال الس ياحة ويه تم َبملعلوم ات الدقيق ة واملوثق ة ويط ور آلي ات الس ياحة الداخلي ة بش كل<br />
علمي متطور ويستخدم أفضل السبل اإلداري ة والتقني ة، ويس عى إىل تط وير آلي ات إدارة القط اع الس ياحي وإىل<br />
تقليص مهامه تدرجيياً". )2249(<br />
خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
)2248(<br />
)2249(
وهبذا يتبني أبن دور اهليئة العليا للسياحة هو:<br />
حتفيز منو <strong>السياحة</strong> الوطنية َبعتبارها قطاعاً منتجاً اقتصادايً وإجيابياً اجتماعياً وثقافياً وبيئياً.<br />
وذل ك م ن خ الل هتيئ ة البيئ ة املناس بة لتحقي ق التنمي ة املتوازن ة واملس تدامة وحتفي ز ال دعم املؤسس ي لص ناعة<br />
الس ياحة، والقطاع ات املس اندة هل ا <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية م ن خ الل مب دأ الش راكة ب ني اهليئ ة والقط اع<br />
)2250(<br />
اخلاص واجلهات األخرى ذات العالقة.<br />
ومتث ل الش راكة أداة مهم ة وركي زة أساس ية لتط وير ص ناعة الس ياحة، حي ث تتطل ب ه ذه الص ناعة، املمي زة<br />
َبلعالق ات املرتابط ة م ع قطاع ات أخ رى، إتب اع من اهج وآلي ات غ ري تقليدي ة تنح و حن و الش راكة ب ني األط راف<br />
ذات العالقة واالهتمام املشرتك.<br />
وتبع اً ملفه وم الش راكة جي ري حتدي د وبل ورة قن وات تف اهم ب ني وح دات وكي اانت خمتلف ة للعم ل بص ورة تعاوني ة<br />
مش رتكة بغي ة إجن از مهم ة معين ة. وتس عى ب رامج الش راكة إىل تنس يق اجله ود املبذول ة م ن قب ل املس ؤولني،<br />
واملس تثمرين، واجملتمع ات احمللي ة، واألم ارات، واحملافظ ات، والبل دايت، <strong>يف</strong> اجمل ال الس ياحي وتوحي دها، وك ذلك<br />
إىل دعم جهود القطاع اخلاص واملناطق، <strong>يف</strong> تطيط <strong>السياحة</strong> وإدارهتا وتطويره ا هبدف حتقي ق املزي د م ن القيم ة<br />
املضافة الناجتة عن مشروع معني وأبعلى قدر من الكفاءة. وتشمل برامج الشراكة السياحية التنمية املستدمية،<br />
والسياس ات اإلقليمي ة واحمللي ة، وتطبي ق الق وانني والتش ريعات، وتط وير وحتس ني ال نظم، وإنش اء الب ىن التحتي ة،<br />
والتموي ل واالس تثمار، ودع م املنش آت الص غرية واملتوس طة احلج م، وتنس يق جه ود التس ويق واإلع الم، وتط وير<br />
املنتجات السياحية، والتعليم والتدريب، والصحة والبيئة، واألمن والسالمة، والثقافة والرتاث.<br />
ويتطلب العمل ضمن منظومة الشراكة تطبيق مجلة من املب ادئ واألس س منه ا االنفت اح والش فافية، والتحدي د<br />
الدقيق الواض ح واملبك ر لأله داف، مث العم ل عل ى تواف ق الواجب ات وامله ام م ع اإلمك اانت وامل ؤهالت لك ل<br />
طرف، وتوافر صالحية اتاذ القرار ملمثل ي أط راف الش راكة، وأتس يس الق رار عل ى النق اش والتف اوض واملعلوم ة<br />
الدقيقة.<br />
كم ا يتطل ب تفعي ل الش راكة تطبي ق خط وات وط رق حم ددة منه ا نش ر ال وعي أبمهي ة الش راكة، مث حتدي د<br />
االحتياجات وحصر املوارد الكامنة. يلي ذلك حتديد اهل دف، ورص د اخلي ارات واألنش طة، مث تص ميم املش روع<br />
وإدارة برانمج الشراكة، َبلصورة املثلى اليت تكفل حتقق األهداف.<br />
وق د َبدرت اهليئ ة العلي ا للس ياحة من ذ إنش ائها عل ى إرس اء وتفعي ل وترس يخ الش راكة كآلي ة معتم دة لتحقي ق<br />
الرسالة والرؤى ، وكأداة لتنفيذ األهداف اليت م إقرارها خلطة تنمي ة الس ياحة املس تدمية. وق د انبث ق ذل ك األم ر<br />
<strong>يف</strong> تك وين جمل س إدارة اهليئ ة ال ذي ج رى اعتم اده من ذ بداي ة إنش اء اهليئ ة ليمث ل أمنوذج اً للش راكة تتمث ل في ه<br />
)2250( املصدر السابق.
جه ات وأط راف متع ددة ي ربط بينه ا رَبط العالق ة َبلس ياحة واالهتم ام َبلتنمي ة االقتص ادية م ن خ الل ه ذه<br />
الص ناعة الواع دة. وي تلخص دور اهليئ ة <strong>يف</strong> املب ادرة، واإلش راف والتنس يق، والتوجي ه واملتابع ة، كم ا وتعم ل اهليئ ة<br />
على خلق البيئة واملناخ، والثقافة، والشروط املناسبة ملنظومة الشراكة، وإىل اس تحداث الط رق الكفيل ة ب دعمها<br />
وتعميقها وذلك على صعيد التوجيه، والتخطيط، والعملي ات والتنفي ذ. وتتس م األه داف ال يت تس عى اهليئ ة إىل<br />
حتقيقها من مش اريع الش راكة الراهن ة واملس تقبلية َبلطم وح كم ا أهن ا تص ب <strong>يف</strong> خان ة ال رؤى ال يت ح ددهتا الدول ة<br />
ل دور الس ياحة <strong>يف</strong> اجملتم ع واالقتص اد الس عوديني، وتتناس ق مرحلي اً م ع متطلب ات اخلط ة اإلس رتاتيجية لتنمي ة<br />
الس ياحة املس تدمية. وتض م من اذج الش راكة الفعال ة جه ات وأط راف منه ا اجملل س االستش اري، واجملموع ات<br />
االستش ارية للهيئ ة، والقط اع احلك ومي )جمل س الش ورى وال وزارات واملن اطق( ، والقط اع اخل اص، ومؤسس ات<br />
اجملتمع املدين املختلفة". )2251(<br />
كم ا أن م ن ص ميم عم ل اهليئ ة مج ع املعلوم ات ح ول واق ع الس ياحة <strong>يف</strong> البل د للعم ل عل ى تطويره ا كم ا ن ص<br />
على ذلك قرار جملس الوزراء السابق.<br />
"ف<strong>السياحة</strong> صناعة مكثفة للمعلوم ات، ويعتم د التخط يط للس ياحة والتنمي ة والتس ويق والعملي ات اليومي ة عل ى<br />
توفري املعلومات والبياانت الص حيحة ذات الص لة واملتدفق ة بش كل ي ومي. وتع د احلاج ة ملث ل ه ذا األم ر ملح ة<br />
جداً <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية، حيث جند أنه وعلى ال رغم م ن اإلمك اانت الس ياحية <strong>يف</strong> الس وق الس عودي،<br />
إال أن املعلومات األساسية عن <strong>السياحة</strong> السعودية حمدودة جداً.<br />
ولذلك أنشأت اهليئة مركز املعلومات واألحباث السياحية )ماس(؛ وذلك ليتوىل حتقيق اآليت:<br />
-1<br />
-2<br />
ت وفري مرك ز ومص در للمعلوم ات ميك ن م ن خالل ه البح ث واحلص ول ع ن املعلوم ات املطلوب ة<br />
واحلصول عليها بيسر وسهولة.<br />
خدم ة مجي ع الش ركاء الرئيس يني والعدي د م ن ال زوار، وخباص ة اإلدارات احلكومي ة وقط اع الص ناعة<br />
اخلاص والسائح.<br />
وال شك أبن عملية بناء املعلومات حول <strong>السياحة</strong> السعودية وسد فج وات البي اانت احلالي ة، ال يت تع وق عملي ة<br />
التخط يط واإلدارة مهم ة كب رية للغاي ة. وحتت اج الص ناعة إىل إمت ام ه ذه املهم ة <strong>يف</strong> أس رع وق ت ممك ن. وَبملقاب ل<br />
حتت اج اململك ة إىل تنفي ذ ذل ك وف ق األس س العلمي ة العاملي ة م ن أج ل حتقي ق التواف ق م ع مع ايري البي اانت<br />
السياحية الدولية.<br />
)2251( املصدر السابق.
وتعتمد اهليئة العليا للسياحة وجلاهنا السياحية <strong>يف</strong> املناطق على التعاون بني اإلدارات احلكومية الرئيس ة األخ رى<br />
من أجل احلصول على معلومات س ياحية أساس ية، وأيض اً م ن أج ل إج راء املس وحات والدراس ات عن د مناف ذ<br />
العبور <strong>يف</strong> اململكة و<strong>يف</strong> املنشآت التجارية والسكنية فيها". )2252(<br />
ومن مشاريع اهليئة العليا للسياحة:<br />
املشروع الوطين لتنمية املوارد البشرية للعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.<br />
ويرك ز عل ى حتقي ق ه دف إس رتاتيجي وه و س عودة القط اع الس ياحي حبي ث يت وىل دفت ه أبن اء اململك ة العربي ة<br />
السعودية، وذلك من خالل:<br />
برانمج السعودة:<br />
"فالغالبي ة العظم ى م ن الع املني <strong>يف</strong> القط اع الس ياحي ه م م ن العمال ة الواف دة حي ث ال تتج اوز نس بة العمال ة<br />
السعودية <strong>يف</strong> القطاع السياحي<br />
%10.5<br />
و<strong>يف</strong> هذا اإلطار فإن إسرتاتيجية املشروع تقتض ي العم ل عل ى التنس يق<br />
م ع كاف ة األط راف ذات العالق ة لتفعي ل عملي ة الس عودة <strong>يف</strong> القط اع الس ياحي م ن خ الل خط ة ش املة تتض من<br />
رعاي ة وتش جيع مب ادرات ب رامج الت دريب املنتهي ة َبلتوظي ف م ن خ الل التع اون م ع منش آت القط اع الس ياحي<br />
وع دد م ن اجله ات األخ رى وذل ك لت دريب وأتهي ل وتوظي ف م واطنني للعم ل <strong>يف</strong> وظ ائف حيتاجه ا القط اع<br />
السياحي بشكل عاجل <strong>يف</strong> هذه املرحلة. وترتكز إسرتاتيجيات املشروع على أن تتم عملية السعودة وفقاً ملعايري<br />
تض من أن يك ون العنص ر ال وطين مس توفياً لكاف ة متطلب ات العم ل <strong>يف</strong> املنش آت الس ياحية مب ا ي دعم قدرت ه<br />
التنافس ية، كم ا تتض من خط ط املش روع فيم ا يتعل ق بس عودة وت وطني الوظ ائف الس ياحية التنس يق م ع اجله ات<br />
املعني ة إلنش اء مجعي ات مهني ة للوظ ائف الس ياحية تع ىن بكاف ة قض ااي الع املني <strong>يف</strong> امله ن الس ياحية عل ى<br />
اختالفه ا، وك ذلك حف ز منش آت القط اع الس ياحي عل ى تق دمي مزي د م ن امل زااي واحل وافز للع املني وتط وير بيئ ة<br />
وظروف العمل، كما تتوجه جهود املشروع حنو إنشاء موقع على شبكة اإلنرتنت لرتغي ب امل واطنني َبلعم ل <strong>يف</strong><br />
الوظ ائف الس ياحية وت وجيههم حن و مص ادر املعلوم ات وتق دمي االستش ارة الالزم ة، حي ث س يعمل ه ذا املوق ع<br />
كحلق ة وص ل ب ني منش آت القط اع الس ياحي وال راغبني <strong>يف</strong> احلص ول عل ى وظ<strong>يف</strong> ة <strong>يف</strong> القط اع، وك ذلك ي وفر<br />
معلوم ات متكامل ة ح ول طبيع ة امله ن الس ياحية ومتطلب ات العم ل هب ا. ويت يح ه ذا املوق ع اجمل ال للمنش آت<br />
)2252(<br />
خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة. و مركز ماس<br />
للمعلومات واألحباث السياحية /http://WWW.mas.gov.sa
الس ياحية لع رض م ا ل ديها م ن وظ ائف ش اغرة كم ا ميك ن الب احثني ع ن فرص ة عم ل م ن تق دمي طلب اهتم<br />
إلكرتونياً". )2253(<br />
كم ا تس عى اهليئ ة م ن خ الل ه ذا املش روع إىل "إنش اء نظ ام وط ين موح د للمع ايري املهني ة الس ياحية هب دف<br />
االرتقاء َبألداء ومبستوى اخلدمات السياحية.<br />
ويتمث ل ه ذا النظ ام <strong>يف</strong> حتدي د كاف ة امله ارات والعل وم واملع ارف والس لوكيات املطلوب ة لتأدي ة امله ام واملس ؤوليات<br />
مبس توى اح رتا<strong>يف</strong> لك ل مهن ة م ن مه ن القط اع الس ياحي. وت ربز الفائ دة م ن ه ذا النظ ام م ن حي ث حون ه يعت رب<br />
مرجعاً للعاملني <strong>يف</strong> القطاع السياحي حول املتطلبات القياسية ألداء متطلبات ومس ئوليات وظ ائفهم ، وك ذلك<br />
َبلنسبة للمنشأة حيث يسهم <strong>يف</strong> االرتقاء َبإلنتاجية وجودة اخلدمة وَبلت ايل احلص ول عل ى رض ا العم الء ال ذي<br />
ينعكس إجيابياً <strong>يف</strong> حتقيق مستوايت عالية من الرحبية للمنشأة". )2254(<br />
كما أييت <strong>يف</strong> مقدمة مشاريع اهليئة ما يعرف بالتعليم والتدريب السياحي.<br />
"فالقط اع الس ياحي <strong>يف</strong> اململك ة حيت اج إىل<br />
48<br />
معه د تعل يم وت دريب س ياحي خ الل العش رين س نة القادم ة<br />
وذلك للوفاء مبتطلبات واحتياجات سوق العمل من الكوادر الوطنية املؤهلة، و<strong>يف</strong> ه ذا اإلط ار ف إن إس رتاتيجية<br />
املشروع تتضمن التنسيق مع اجلهات املختصة لبحث اخليارات املتاحة فيما يتعلق إبنشاء هذه املعاهد حسب<br />
خطط مرحلية ، والتوسع <strong>يف</strong> املعاهد احلالية لزايدة طاقتها االستيعابية وإجياد التنوع املطلوب <strong>يف</strong> ب رامج الت دريب<br />
والتأهي ل الس ياحي م ع إاتح ة الفرص ة وت وفري التس هيالت وإجي اد عوام ل التحفي ز والتش جيع للقط اع اخل اص<br />
لالخنراط <strong>يف</strong> االستثمار <strong>يف</strong> إنشاء املعاهد التدريبية.<br />
كم ا تتض من إس رتاتيجيات املش روع احملافظ ة عل ى مس توى ع ال م ن ج ودة من اهج التعل يم وب رامج الت دريب<br />
وذلك من خالل إخضاعها لنظام اعتماد<br />
)Accreditation system (<br />
وذلك على املستوى احمللي وال دويل مب ا يض من ج ودة خمرج ات التعل يم والت دريب وق درهتا عل ى الوف اء مبتطلب ات العم ل <strong>يف</strong><br />
القطاع". )2255(<br />
)2253(<br />
)2254(<br />
)2255(<br />
وذلك عرب املوقع: موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
املصادر السابقة.<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
املصادر السابقة، ومن تلك املعاهد واجلهات التدريبية: كلية األمري سلطان للسياحة والفندقة أبهبا وكذلك الكليات التقنية ومعاهد<br />
التدريب املهين، فعلى سبيل املثال م <strong>يف</strong> كلية التقنية َبملدينة املنورة تشكيل جلنة من أعضاء الكلية والغرفة التجارية واخلطوط السعودية<br />
واملكتب السعودي للسياحة ومكتب اهلاَشي للسياحة بغرض اخلروج بدراسة علمية لفتح تصص سفر وسياحة <strong>يف</strong> الكلية حيقق حاجات<br />
سوق العمل. ينظر: ، moheet.com وجريدة الرايض، العدد<br />
اجلمعة 11624،<br />
1421/1/16ه .
وقد انتهجت اململكة كث رياً م ن اخلط وات ال يت ميك ن أن تس هم كث رياً <strong>يف</strong> ت وطني العمال ة َبلقط اع الس ياحي وح ل املش اكل<br />
اليت ميكن أن تواجه هذا النشاط، ومنها:<br />
إعداد الدراسات اخلاصة بسوق العمل <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong> وحتديد حج م املش كلة لوض ع خط وات معاجلته ا<br />
َبالشرتاك مع الغرف التجارية.<br />
افتتاح أول معهد فندقي <strong>يف</strong> الرايض تشرف عليه املؤسسة العامة للتعليم والتدريب املهين.<br />
دع م معه د اإلدارة وف تح كلي ة لعل وم إدارة الفن ادق ، وكلي ة أهلي ة للعل وم الس ياحية بعس ري لتأهي ل الك وادر<br />
الوطنية للعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.<br />
إدخال املناهج السياحية <strong>يف</strong> التخصصات اجلامعية بكلية اجملتمع جبازان.<br />
إنشاء صندوق تنمية املوارد البشرية ويهدف إىل حتمل نسبة من رواتب املوظفني <strong>يف</strong> القطاع اخلاص، وتقدمي<br />
القروض ملنشآت أتهيل وتدريب القوى العاملة الوطنية واملش اركة <strong>يف</strong> أتهيله ا ومتوي ل ب رامج ميداني ة لتوظ<strong>يف</strong>ه ا<br />
وإحالهلا حمل العمالة الوافدة وإعداد الدراسات والبحوث اخلاصة بذلك. )2256(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
كم ا يتض من مش روع الس عودة تنفي ذ ب رانمج وط ين عل ى مس توى اململك ة حت ت مس مى "مرحب ا" يع ىن خبدم ة العم الء<br />
َبلتعاون مع العديد من اجلهات واألجهزة احلكومية واخلاصة. ويهدف هذا الربانمج إىل توعية العاملني <strong>يف</strong> تل ك اجله ات<br />
على خمتلف الوظائف اليت تتطلب طبيعة العمل فيها التعامل املباشر م ع الس ياح وإكس اهبم امله ارات الالزم ة والس لوكيات<br />
املالئم ة لتق دمي اخل دمات املطلوب ة للس ياح أبس لوب ودي ومه ين راق يعكس قيمن ا اإلس المية، وتقالي د الض يافة العريق ة<br />
للمجتمع السعودي.<br />
ويش مل ذل ك عل ى س بيل املث ال م وظفي اجل وازات، واجلم ارك، واألم ن الع ام، والط ريان، وم وظفي اخل دمات األرض ية <strong>يف</strong><br />
املطارات، واالستعالمات، وسائقي التاكسي.<br />
وتتض من إس رتاتيجيات املش روع أيض اً دع م وتش جيع منش آت القط اع الس ياحي حن و ت دريب موظفيه ا عل ى رأس العم ل<br />
على اختالف مستوايهتم الوظ<strong>يف</strong>ية لتطوير وزايدة إنتاجهم.<br />
ويعترب تشجيع املواطنني على االلتحاق بوظائف القطاع السياحي أحد أهم إسرتاتيجيات املشروع. و<strong>يف</strong> هذه الصدد ف إن<br />
خطط املشروع تتضمن تنفيذ محالت توعية مكثفة على خمتلف املستوايت ومن خالل وسائل وأساليب متعددة لرتغيب<br />
املواطنني <strong>يف</strong> االلتحاق َبلعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي وإبراز املزااي والفوائد العديدة اليت يوفرها القطاع. كم ا تتض من مح الت<br />
)2256( ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة ، انصر الطيار، ص)187(.
التوعية خططاً الستهداف طلب ة امل دارس واجلامع ات <strong>يف</strong> مراحله ا املختلف ة وال ذين ميثل ون القاع دة املس تقبلية للع دد الكب ري<br />
م ن الوظ ائف ال يت س يوفرها القط اع وذل ك م ن خ الل ب رامج التوجي ه امله ين وتنظ يم زايرات للمنش آت الس ياحية، وإقام ة<br />
مهرج اانت التعري ف َبمله ن الس ياحية إض افة للعدي د م ن الفعالي ات األخ رى ال يت ستس هم <strong>يف</strong> توجي ه الطلب ة حن و اختي ار<br />
التخصصات السياحية ، والعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.<br />
كما تقوم اهليئة بتنظيم املهرجاانت السياحية واإلشراف عليها مثل: ملتقى أهبا، مهرجان الشرفية، مهرجان جدة –<br />
اجلوف – والطائف – وبريدة – وعنيزة –<br />
واملدينة املنورة – والباحة – وحائل –<br />
ومكة. وجنران –<br />
وتعم ل عل ى ال رتويج هل ا <strong>يف</strong> وس ائل اإلع الم وج ذب الن اس إليه ا َبلش عارات اجلميل ة اهلادف ة وال ربامج الرتفيهي ة<br />
املتنوعة. )2257(<br />
وس تقدم اهليئ ة العلي ا للس ياحة برانجم اً تروحيي اً موجه اً حن و األس واق املس تهدفة، وخاص ة املس تفيدين م ن اإلج ازات احمللي ة<br />
الس عودية، وال زوار م ن دول اخلل يج الع ريب وال دول اجمل اورة، واملعتم رين ال ذي مي ددون رحل تهم )س وق م ا بع د العم رة(،<br />
وستعمل اهليئة على حتقيق ذلك من خالل:<br />
ترويج اململكة العربية السعودية وجهة سياحية.<br />
دعم الوجهات اإلقليمية.<br />
إجياد صورة سياحية مميزة وعالمة جتارية فارقة للسياحة <strong>يف</strong> اململكة . )2258(<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
)2257(<br />
مثل االستعراضات اجلوية، والطريان الشراعي، وسوق احلرف اليدوية القدمية، واألكالت الشعبية، ومسابقة الطهي، وحياة اخلالء،<br />
ومعارض الفن التشكيلي، ومهرجاانت التسوق وسباقات اخليول والسيارات،والفعاليات الثقافية، واحملاضرات الدينية، والربامج الرتفيهية <strong>يف</strong><br />
ملتقى البحر الص<strong>يف</strong>ي جبدة وكذلك قافلة اخلري <strong>يف</strong> املنطقة الشرقية وغريها وسباقات التحمل واملسابقات احلركية واأللعاب النارية<br />
واألمسيات الشعرية وغريها من الفعاليات اإلجيابية املتنوعة اهلادفة.<br />
ينظر: املصادر السابقة، وجملة املسافر العريب، العدد<br />
،2004 ،20 ص 51<br />
ص29 ، وجملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي، العدد ، 95 ربيع األول 1420ه ، ص10-8.<br />
ولالستزادة ، ينظر: املرفقات من )13( إىل )28(.<br />
، وجريدة اجلزيرة 11610، االثنني 24/مجادى األوىل /<br />
1425ه ،<br />
)2258(<br />
املصادر السابقة.
املطلب الثالث<br />
احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك
املطلب الثالث: احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك.<br />
إن إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة كجه ة تنظيمي ة وإش رافية تس عى إىل إجي اد س ياحة نقي ة <strong>يف</strong> ب الد احل رمني ومتن ع<br />
ح دوث التج اوزات النظامي ة والش رعية م ن قب ل الس ياح أو اجله ات ذات العالق ة م ن القط اع اخل اص هل و م ن<br />
أعظم الواجبات اليت يقوم هب ا والة األم ر لسياس ة الرعي ة والتص رف مب ا حيق ق املص لحة العام ة للمجتم ع وض بط<br />
تعامالت الناس وتيسري أمورهم.<br />
وق د ج اء <strong>يف</strong> نظ ام اهليئ ة <strong>يف</strong> امل ادة الثاني ة: تك وين شخص ية اعتباري ة مس تقلة هل ا ت رتبط ب رئيس جمل س ال وزراء<br />
واملقص ود هب ذه الشخص ية االعتباري ة ه و ص الحية ه ذه اهليئ ة َبعتباره ا ش خص معن وي الكتس اب احلق وق<br />
وحتم ل االلتزام ات وه ذه الشخص ية وإن مل تع رف ل دى فقه اء اإلس الم هب ذا االس م إال أهن م ذك روا أحكام اً<br />
رتبته ا الش ريعة اإلس المية عل ى الوق ف واملس جد وبي ت امل ال وال ميك ن ترتبه ا إال عل ى أس اس م ن فك رة<br />
الشخصية املعنوية والذمة املستقلة فجاء <strong>يف</strong> درر احلكام: )الوالية <strong>يف</strong> أمر الوق ف للواق ف وإن مل يش رتطها؛ ألن ه<br />
أحق من األجنيب ويعزل لو خان كالوصي رعاية ملصلحة الوقف...( )2259(<br />
وه ذا <strong>يف</strong>ي د أبن الواق ف أع رف الن اس بغاي ة الوق ف ليق وم بتوجيه ه إىل م ا حيققه ا ول ذا ك ان ل ه األولوي ة <strong>يف</strong><br />
اإلشراف على أنه لو أه در املص احل اخلاص ة<br />
ممثل ملصاحل الوقف كالوصي.<br />
َبلوق ف والغ رض ال ذي أن شء ألجل ه فإن ه يع زل<br />
وم ا ذاك إال ألن ه<br />
فظه ر جلي اً أبن الوق ف أص بح حم الً الكتس اب احلق وق وحتم ل االلتزام ات وذل ك مل ن ل ه أهلي ة وج وب وأهلي ة<br />
أداء وهذه األهلية من آاثر منح الشخصية املعنوية.<br />
و<strong>يف</strong> أسىن املطال ب: )وجعل البقع ة<br />
)2260(<br />
و<strong>يف</strong> أهنما ميلكان كاحلر(.<br />
مس جداً أو مق ربة حتري ر هلم ا كتحري ر الرقب ة <strong>يف</strong> أن ك الً منهم ا انتق ل إىل هللا<br />
وهذا تشبيه صريح َبلشخص الطبيعي فكما أن الرقيق حني يعتق يكون شخصاً كامل احلرية واألهلية فكذلك<br />
إخراج املال من ملكية صاحبه جيعل له أهلية وشخصية معنوية.<br />
فأج ازت الش ريعة اإلس المية لك ل م ن الوق ف واملس جد أن يكتس ب احلق وق ويتحم ل االلتزام ات وال يك ون<br />
ذلك إال بثبوت الشخصية املعنوية والذمة املالية املستقلة هلما، وجاء مثل هذا<br />
فيما يتعلق ببيت املال ، وعلي ه<br />
فإن إعطاء اهليئة شخصية معنوية أو اعتبارية ال مانع منه شرعاً وهو اثبت <strong>يف</strong> كالم الفقه اء وإن مل يع رف هب ذا<br />
االسم.<br />
درر احلكام ، ملنال خسرو احلنفي ، )140/2(.<br />
أسىن املطالب، لألنصاري الشافعي )470/2(.<br />
)2259(<br />
)2260(
وما جاء <strong>يف</strong> املادة الرابعة من ذك ر االختصاص ات اهليئ ة وب ذهلا للجه ود الكفيل ة إبجن اح ه ذه الص نعة فه ذا كل ه<br />
من َبب حتقيق املصاحل والتعاون على الرب والتقوى وبذل اجله د <strong>يف</strong> خدم ة ال وطن وامل واطنني وه و م ن واجب ات<br />
والة األمر جتاه رعيتهم.<br />
وما ورد من املواد األخرى فهي أمور تنظيمية وإجراءات شكلية ليس فيها مانع شرعي.<br />
وملا صدر هذا النظام كان من أهم أهدافه عدم تعارض <strong>السياحة</strong> مع مبادئ الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وهذا أساس<br />
مشروعية عمل اهليئة وكل النصوص الواردة <strong>يف</strong> وجوب طاعة والة األمر مقيدة <strong>يف</strong> غري معصية، وقد قال :<br />
))إمنا الطاعة <strong>يف</strong> املعروف(( )2261( ، وقال: ))على املرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إال أن يؤمر مبعصية((<br />
احلديث. )2262(<br />
فكل ما يعارض مبادئ الشريعة وقواعدها فهو َبطل ال جيوز العمل به وال تنفيذه وال بذل املال فيه.<br />
وإذا كان هذا اهلدف قد رمسته الدولة<br />
القط اع اخل اص<br />
– وفقها هللا –<br />
–<br />
ومشاريعه وأهدافه مع<br />
وه و الش ريك اهل ام <strong>يف</strong> ص ناعة الس ياحة<br />
مبادئ الشرعية <strong>اإلسالم</strong>ية. )2263(<br />
–<br />
لك ل أجهزهت ا ومرافقه ا ومنه ا اهليئ ة العلي ا للس ياحة ف إن<br />
جي ب أن يلت زم ب ذلك ف ال تتع ارض أعمال ه<br />
كم ا ج اء <strong>يف</strong> أه داف اهليئ ة: اح رتام الع ادات والتقالي د االجتماعي ة واخلصوص ية العائلي ة ال يت متي ز اجملتم ع<br />
السعودي املسلم عن غريه.<br />
وه ذا يس تدعي م ن اهليئ ة والقط اع اخل اص أن يراع وا <strong>يف</strong> مش اريعهم وأنش طتهم الس ياحية مالئمته ا لع ادات<br />
وتقالي د اجملتم ع وع دم خروجه ا ع ن ذل ك أو التب ذل فيه ا مب ا خي دش احلي اء وامل روءة واحلش مة كم ا يل زمهم <strong>يف</strong><br />
املشاريع أن تكون مصممة <strong>يف</strong> بنائها وتفصيلها على أساس من السرت ومراع اة اخلصوص ية للع ائالت ومن ع ك ل<br />
)2264(<br />
ما يؤدي لالختالط والسفور وكشف العورات.<br />
وج اء <strong>يف</strong> امل ادة الثالث ة م ن نظ ام اهليئ ة ال نص عل ى أن غرض ها األساس ي ه و االهتم ام َبلس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة<br />
وتنميته ا وتطويره ا والعم ل على تعزي ز دور الس ياحة َبعتب اره راف داً مهم اً م ن رواف د االقتص اد ال وطين ويض طلع<br />
القط اع األهل ي َبل دور الرئيس ي <strong>يف</strong> إنش اء املش اريع الس ياحية االس تثمارية وه ذا غ رض ه ام وم ورد اقتص ادي<br />
جائز إذ أن األصل <strong>يف</strong> املعامالت اإلَبحة فإذا خلت هذه املشاريع من الرَب والغش والغرر فإن عوائ دها ح الل<br />
شرعاً وعليه فإن من واجب القطاع اخلاص أن خيلص مشاريعه واس تثماراته الس ياحية م نك ل حمظ ور ش رعي ،<br />
فل و ك ان املش روع منتجع اً حب رايً م ثالً ف ال يك ون في ه اخ تالط وال غن اء موسيقي، وال قن وات فاس دة وال يك ون<br />
)2261(<br />
)2262(<br />
)2263(<br />
)2264(<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب اإلمارة، َبب وجوب طاعة األمراء <strong>يف</strong> غري معصية، رقم<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه، كتاب اإلمارة، َبب وجوب طاعة األمراء <strong>يف</strong> غري معصية، رقم<br />
ينظر: جملة الدعوة، العدد<br />
ينظر: املصدر السابق، بتصرف.<br />
. 1840<br />
. 1839<br />
25 ،1752<br />
ربيع اآلخر، 1421ه ، ص27<br />
.
متويله ربوايً إىل غري ذلك من املنكرات و إال كان هذا من الرَب والسحت وأكل امل ال َبلباط ل، وم ن املؤم ل <strong>يف</strong><br />
اهليئ ة العلي ا للس ياحة أن تض ع ض وابط ش رعية دقيق ة وملزم ة لك ل املنتجع ات وامل دن الرتفيهي ة واألم اكن<br />
السياحية واألسواق إلزالة كل املنكرات واملخالفات الشرعية ومنع أتصيل املنكرات <strong>يف</strong> جمتمعنا الطاهر. )2265(<br />
وأما استغالل ما يسمى َبلسياحة الدينية )احلج والعمرة( وتطويرها كنش اط س ياحي ه ام <strong>يف</strong> ب الد احل رمني<br />
واالس تفادة م ن عوائ دها االقتص ادية فاألص ل في ه احل ل،<br />
يق ول: س بحانه وهللا<br />
<br />
<br />
<br />
)2266( ، وال ش ك أن ه ذا م ن أعظ م املن افع عل ى أن ال يك ون <strong>يف</strong> ذل ك خ داع واس تغالل للحج اج<br />
واملعتمرين أو تضييق عليهم فهم ضيوف الرمحن وضيافتهم وجب على بالد احلرمني.<br />
وأم ا م ا يتعل ق بتعزي ز الش عور َبلفخ ر ال وطين كه دف رئيس ي للس ياحة ف إن ك ان املقص ود ب ه توعي ة اجملتم ع<br />
َبلس ياحة الداخلي ة واس تمالته عاطفي اً إىل التج ول <strong>يف</strong> وطن ه ونف ع أهل ه فه ذا أم ر حس ن، ب ل ه و م ن واجب ات<br />
اهليئة درءاً ملفاسد السفر و<strong>السياحة</strong> اخلارجية.<br />
وأم ا إن ك ان املقص ود ب ه إحي اء القومي ات والعنص رايت ورب ط ال والء املطل ق َبألرض والنس ب فه ذا م ن أم ور<br />
اجلاهلية اليت هنى عنها <strong>اإلسالم</strong> وهو ذريعة إىل الشرك َبهلل<br />
احلب الطبيعي للوطن دون مغاالة <strong>يف</strong> ذلك فال حرج فيه.<br />
– عز وجل –<br />
فالوالء املطل ق ال يك ون إال هلل، أم ا<br />
وقد جاء <strong>يف</strong> أهداف اهليئة: تعزيز األنشطة الرتفيهية السياحية، وقد ذكران فيما تقدم أبن األصل <strong>يف</strong> املس لم ه و<br />
اجل د ال اهل زل والله و وإمن ا يس رتوح وي روح ع ن نفس ه لتجدي د طاقات ه وه ذا ال حم ذور في ه ش رعاً كم ا س بق <strong>يف</strong><br />
أتص يل احلاج ة إىل الس ياحة الرتفيهي ة ش رعاً، لك ن ينبغ ي أن يك ون ه ذا التعزي ز لتل ك األنش طة مض بوطاً<br />
َبلض وابط الش رعية، حبي ث ال خي ل حب ق وال يض يع واجب اً، وال يك ون في ه إس راف وال تب ذير وأن خيل و م ن<br />
املنكرات الشرعية كالسحر واالختالط والغناء والفحش <strong>يف</strong> القول والكذب واهلزل احملرم<br />
وحنو ذلك.<br />
وفيما يتعلق بتسهيل التعاون بني خمتلف اجلهات ذات العالقة عل ى املس توايت احمللي ة والدولي ة فالب د م ن أط ره<br />
َبلضوابط الش رعية ف ال جي وز نق ل األفك ار واملظ اهر الس ياحية الغربي ة جملتمعن ا املس لم إال بع د فحص ها وتنقيته ا<br />
حىت تلو من كل شائبة متس ديننا وعقي دتنا وأخالقن ا وعل ى اهليئ ة أن تك ون ص مام أم ان وحص ن دف اع يق ف<br />
<strong>يف</strong> مواجه ة ال دعوات التغريبي ة واهلجم ات اإلحلادي ة املادي ة فس ياحتنا الرتفيهي ة ال يص ح أن تل و م ن س ياحة<br />
روحية حتقق الغاية اإلهلية من خلق البشرية <br />
. )2267( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وقد أحسنت اهليئة <strong>يف</strong> خطتها اإلسرتاتيجية العامة لتطوير وتنمية <strong>السياحة</strong><br />
الوطنية، حيث نصت على أن ه ذه<br />
اخلط ة ص ممت لتض ع إس رتاتيجية لس ياحة قيم ة تراع ي خصوص ية اململك ة كوهن ا مه د اإلس الم ووط ن احل رمني<br />
ينظر: املصدر السابق ، بتصرف.<br />
سورة احلج، اآلية<br />
. 28<br />
سورة الذارايت، اآلية<br />
. 56<br />
)2265(<br />
)2266(<br />
)2267(
وقبلة املسلمني، وتركز على مجلة م ن األس س واملب ادئ والق يم اإلس المية والتواف ق م ع خصوص ية اجملتم ع وقيم ه<br />
ال يت يعت ز هب ا، وه ذه الس ياحة )الس ياحة القيم ة( ه ي املفه وم األساس ي لص ناعة الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة ، وه ذا<br />
يتض من اإلش ارة أله م أه داف اهليئ ة والغ رض م ن إنش ائها، وك ان م ن املف رتض أن ي نص علي ه <strong>يف</strong> األه داف<br />
األساسية للهيئة ال أن يكتفى بذكره ضمناً <strong>يف</strong> الرؤية واملهمة واخلط ة اإلس رتاتيجية وه ذا اهل دف م ن املس لمات<br />
<strong>يف</strong> بالد احلرمني القائمة على حتكيم الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> كل نواحي احلياة.<br />
أما فيما يتعلق َبهتمام <strong>السياحة</strong> َبلرتاث املادي وغري امل ادي ف إن إحي اء اآلاثر اإلس المية والعربي ة واس تخالص<br />
العرب والدروس منها وربط حاضر األمة مباضيها اجمليد واترخيها العريق من أسس الرتبية <strong>يف</strong> اتريخ <strong>اإلسالم</strong>.<br />
أما االهتم ام َبل رتاث امل ادي اجمل رد للتس لية والرتفي ه ال غ ري فه و م ن إض اعة اجله ود واألوق ات واألم وال فيم ا ال<br />
نف ع م ن ورائ ه، ك ذلك ف إن االهتم ام ب رتاث اهل الكني م ن األم م املعذب ة كم دائن ص احل م ن الب دع احملدث ة وق د<br />
تقدم احلديث عنه، وقد ظهر حديثاً م ا يع رف َبل رتاث الفلك وري والف ن الش عيب، ويق وم عل ى أس اس االهتم ام<br />
َبألغ اين الش عبية الرتاثي ة والرقص ات القبيح ة والكلم ات املاجن ة غالب اً ، وه ذا م ن املنك رات ال يت ال تل و م ن<br />
إسفاف وتبذير ومفاسدها ال تفى على كل ذي لب فال جي وز للهيئ ة وال للق ائمني عليه ا م ن القط اع اخل اص<br />
أن يهتموا مبثل هذا.<br />
وأم ا االهتم ام َبلتح ف واحل رف اليدوي ة والص ناعات القدمي ة وماض ي األج داد واترخيه م وقصص هم املاتع ة<br />
وتراثهم الفكري املفيد فاألصل فيه اإلَبحة وال خيلو من فائدة.<br />
وإذا نظران إىل مشاريع اهليئة وأعماهل ا وس عيها لتط وير الس ياحة كقط اع من تج ومش اركتها للجه ات والقطاع ات<br />
وتعاوهنا معها <strong>يف</strong> سبيل ذلك من خالل مبدأ الشراكة فإنه ال يظهر منها حمذور شرعي <strong>يف</strong> ذاهتا.<br />
لكن تطبيق القوانني والتشريعات كجزء م ن ب رامج الش راكة الس ياحية وتط وير وحتس ني ال نظم، إن ك ان املراد ب ه<br />
الق وانني والتش ريعات وال نظم الوض عية املخالف ة للش ريعة اإلس المية ف إن ه ذا م ن أعظ م املنك رات، وهللا تع اىل<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
يق ول: <br />
)2268(<br />
و<strong>يف</strong> آي ة أخ رى: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2269(<br />
و<strong>يف</strong> آي ة أخ رى: ، <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2270(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وأم ا إن ك ان امل راد هب ا م ا ال خي الف الش ريعة اإلس المية م ن نظ م حتق ق أه داف الس ياحة وتض بط تع امالت<br />
الناس وتيسر عليهم أمورهم فإن ذلك جائز شرعاً، وهو من السياسة الشرعية.<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
سورة املائدة، اآلية<br />
. 44<br />
. 45<br />
. 47<br />
)2268(<br />
)2269(<br />
)2270(
مع ع امل ش افعي: "ج رى <strong>يف</strong> ج واز العم ل <strong>يف</strong> الس لطنة َبلسياس ة الش رعية : أن ه ه و<br />
وقد تناظر ابن عقيل )2271(<br />
احل زم، وال خيل و م ن الق ول ب ه إم ام . فق ال الش افعي : ال سياس ة إال م ا واف ق الش رع . فق ال اب ن عقي ل :<br />
السياسة ما كان فعال يكون معه الناس أقرب إىل الصالح، وأبعد عن الفساد، وإن مل يضعه الرس ول ص لى هللا<br />
علي ه وس لم، وال ن زل ب ه وح ي، ف إن أردت بقول ك : إال م ا واف ق الش رع أي مل خي الف م ا نط ق ب ه الش رع :<br />
فص حيح . وإن أردت : ال سياس ة إال م ا نط ق ب ه الش رع : فغل ط، وتغل يط للص حابة فق د ج رى م ن اخللف اء<br />
الراشدين من القتل والتمثيل ما ال جيح ده ع امل َبلس نن، ول و مل يك ن إال حتري ق عثم ان املص احف . فإن ه ك ان<br />
رأاي اعتمدوا فيه على مصلحة األمة، وحتريق علي رضي هللا عنه الزاندقة <strong>يف</strong> األخاديد وقال :<br />
ملا رأيت األمر أمرا منكراً أججت انري ودعوت قنربا<br />
ونفي عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه لنصر بن حجاج . ا ه .<br />
وهذا موضع مزلة أقدام ، ومضلة أفهام ، وهو مقام ضنك ، ومعرتك صعب". )2272(<br />
وأم ا االنفت اح والش فافية كمب دأ م ن مب ادئ الش راكة فينبغ ي أن يقي د ه ذا االنفت اح مب ا ال خي الف الش رع والق يم<br />
<strong>اإلسالم</strong>ية واملروءة العربية السيما إذا كان االنفتاح مع جهات سياحية خارجية كما أشران لذلك آنفاً.<br />
وفيم ا يتعل ق َبملش اريع األخ رى ال يت تس عى اهليئ ة م ن خالهل ا لتنمي ة الك وادر البش رية املؤهل ة والعناي ة بس عودة<br />
الوظ ائف الس ياحية والتأهي ل والت دريب عل ى العم ل الس ياحي وتش جيع االس تثمار <strong>يف</strong> ذل ك وتط وير مه ارات<br />
الع املني <strong>يف</strong> الس ياحة، فه ذا ق ائم عل ى مجل ة م ن املص احل املعت ربة فالس عودة هت دف للقض اء عل ى البطال ة ب ني<br />
ش باب ال وطن وه م أح ق م ن غ ريهم َبلعم ل <strong>يف</strong> أرض هم إض افة إىل م ا يتمتع ون ب ه م ن ع ادات وتقالي د يق ل<br />
تواجدها <strong>يف</strong> العمالة الوافدة اليت غالباً ما تنقل لبالدان جتارب غربية وعادات أجنبية ويكثر وقوع اجلرائم والغ ش<br />
منها إضافة إىل افتقادها لألساليب والتقاليد املالئمة للمجتمع السعودي.<br />
وإجي اد كلي ات ومعاه د تدريبي ة إلع داد الش باب ملث ل ه ذه األعم ال ال م انع من ه ش رعاً وفي ه مص احل ظ اهرة<br />
وتع اون عل ى ال رب والتق وى وتعل يم ألبن اء املس لمني م ا ي نفعهم <strong>يف</strong> أم ور دني اهم، بي د أن ه ينبغ ي أن تل و املن اهج<br />
التدريبي ة م ن ك ل خمالف ة ش رعية وأن يس تفاد م ن التج ارب األخ رى فيم ا ال خي الف دينن ا وعاداتن ا وأن يعت ىن<br />
بتدريبهم عل ى أحك ام وآداب الش ريعة اإلس المية <strong>يف</strong> الس ياحة والض يافة والتعام ل م ع الن اس وأن توض ع من اهج<br />
مستقلة <strong>يف</strong> ذلك.<br />
أم ا قي ام اهليئ ة َبل رتويج واإلع الانت الس ياحية ألنش طتها وبراجمه ا فينطب ق علي ه م ا س يأيت <strong>يف</strong> وس ائل ال رتويج<br />
السياحي وحكمها الشرعي قريباً. )2273(<br />
ابن عقيل تقدمت ترمجته ص<br />
331<br />
الطرق احلكمية، البن القيم اجلوزية، ص )14-13(.<br />
<strong>يف</strong> ص )715( ، و ينظر: مناذج لوسائلها الرتوجيية <strong>يف</strong> املرفقات )22( و )23( و )24( و )25(.<br />
)2271(<br />
)2272(<br />
)2273(
وم ن أب رز املش اريع ال يت تق وم هب ا اهليئ ة عل ى أرض الواق ع وتش رف عل ى تنفي ذها وتعم ل عل ى تروجيه ا:<br />
املهرجاانت السياحية <strong>يف</strong> مناطق اململكة املختلف ة واملش تملة عل ى ب رامج متنوع ة س بقت اإلش ارة إىل مجل ة منه ا<br />
وه ذا ال حم ذور في ه ش رعاً إذا ض بطت َبلض وابط<br />
وغالبه ا ال خيل و م ن نف ع وفائ دة وت رويح ع ن األنف س، )2274(<br />
وك ان منه ا<br />
الش رعية املتقدم ة لك ن حص ل <strong>يف</strong> ه ذه املهرج اانت بع ض التج اوزات واملخالف ات الش رعية )2275(<br />
على سبيل املثال ما يلي:<br />
-2<br />
أوالً: منكرات مهرجان أهبا<br />
وه ي كث رية وك ان م ن أمهه ا م ا حص ل <strong>يف</strong> ص <strong>يف</strong> 1422ه و 1423ه <strong>يف</strong> مهرج ان بعن وان "إال أان أهب ى"<br />
وهي:<br />
املنكر األول:<br />
األمس يات الغنائي ة م ن أك رب ب رامج مهرج ان أهب ا حي ث يش ارك في ه ع دد كب ري م ن جن وم الف ن كم ا يق ال <strong>يف</strong><br />
ال ذي يتس ع ألكث ر<br />
اململك ة ودول جمل س التع اون اخلليج ي، وتق ام ه ذه األمس يات عل ى مس رح املفتاح ة )2276(<br />
من )3600( متفرج، وقد القت إقباالً مجاهريايً كبرياً،كما يتابعه ماليني املشاهدين هلذه احلفالت الغنائي ة <strong>يف</strong><br />
القن وات الفض ائية، ومل تقتص ر ه ذه األمس يات عل ى الغن اء فق ط ولك ن ص ارت مس تنقعاً للج نس الثال ث م ن<br />
الش واذ وم ا حي دث <strong>يف</strong> ه ذه احلف الت <strong>يف</strong> آخ ر اللي ل م ن رق ص ش به نس ائي للش باب تف اعالً م ع املغ ين، وق د<br />
وص ل بعض هم إىل اجمل اهرة هب ذه العالق ات الش اذة، وق د ض بط بعض هم يتزاوج ون فيم ا بي نهم وأق يم عل ى ثالث ة<br />
منهم حكم القتل )2277(<br />
و<strong>يف</strong> 1423ه خص ص األس بوع الثال ث "حمل يب األص وات الفني ة <strong>يف</strong> احلف الت الغنائي ة ال يت أص بحت م ن<br />
األحداث الفنية املهمة على مستوى اخلليج العريب، مث خيتم الص<strong>يف</strong> َبحلفل الغنائي الكبري" )2278(<br />
-3<br />
املنكر الثاين:<br />
فرقة موسيقية تتكون من عشرات املطربني والراقصني، ومعهم مكربات صوت ضخمة حتم ل لوح دها <strong>يف</strong> س يارة<br />
وانيت ويسمع صوهتا من على بعد )1000-700م( تقريباً وهذه الفرق ة حمروس ة ب دوريتني م ن الش رطة وتق وم<br />
ينظر: مناذج لبعض فعالياهتا وأنشطتها <strong>يف</strong> املرفقات )26( و )27( و )28(.<br />
ينظر: موقع احلسبة: WWW.hesba.org<br />
ينظر: املرفقات )29(<br />
ينظر: االقتصادية، العدد<br />
ينظر: الوطن، العدد<br />
1422/10/18ه ، 3006 .<br />
1423/2/22ه ،583 .<br />
)2274(<br />
)2275(<br />
)2276(<br />
)2277(<br />
)2278(
-4<br />
َبلغن اء واملوس يقى وس ط منتزه ات العوائ ل فيجتم ع الرج ال والنس اء حلق اً ح وهلم ويتزامح ون وس ط منك رات ال<br />
يصدقها إال من رآها.<br />
وه ذه الفرق ة أقام ت ع روض موس يقية <strong>يف</strong> منت زه )الس ودة( و )دلغ ان( و )احلبل ة( و )حديق ة أب و خي ال( و<br />
)حديقة امللك فهد <strong>يف</strong> اخلميس( و )منتزه احلرايب <strong>يف</strong> اخلميس( و )فندق قصر أهبا(، وهي مصرح هل ا <strong>يف</strong> كتي ب<br />
<strong>السياحة</strong> ودليلها َبسم الفنون الشعبية .... واملؤسف أن هذه الفرقة عزاب ويدخلون منتزهات العوائل .<br />
املنكر الثالث:<br />
مرك ز املع ارض ال دويل للتس ويق )مهرج ان التس وق(، واألص ل <strong>يف</strong> مثل ه اجل واز لكن ه يش تمل عل ى منك رات<br />
وجتاوزات ال بد من معاجلتها، ومن أبرز ذلك:<br />
-1<br />
-2<br />
عام<br />
حيضره مئات العوائل يومياً، ب ل إحص ائية التنش يط الس ياحي أن ه يدخل ه يومي اً )2000(<br />
شخص ما ب ني رج ل وام رأة، وه ذا حيت اج إىل تنظ يم مين ع االخ تالط والت ربج <strong>يف</strong> مث ل ه ذه<br />
األماكن.<br />
يوجد َبملركز أجنحة مثل:<br />
أ- اجلناح الكوييت ويبعن فيه نساء كويتيات ويعرضن وهن سافرات.<br />
ب- اجلناح اللبناين، وقد شوهد <strong>يف</strong> املعرض ام رأة لبناني ة ب ني الرج ال اللبن انيني وه ي س افرة ص <strong>يف</strong><br />
1421ه .<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
مقاهي خمتلطة تقدم فيها الشيشة للرجال والنساء.<br />
ال تغلق احملالت أبداً وقت الصالة.<br />
املمرات داخل املركز ضيقة فيتزاحم فيها الرجال والنساء.<br />
تقوم جمموعة لبنانيني غاي ة <strong>يف</strong> الوس امة َبل رقص )الدبك ة اللبناني ة( وجيتم ع ح وهلم الرج ال<br />
والنساء <strong>يف</strong> منكر عظيم يتزاحم فيه الرجال والنساء َبألكتاف.<br />
وجود السحرة وألعاب السحر والشعوذة املسماة َبلسرك <strong>يف</strong> هذا املهرجان.<br />
-5<br />
املنكر الرابع:<br />
قافل ة االص طياف: وه ي س يارة م ن ك ل دائ رة حكومي ة معمول ة أبش كال ترم ز هل ذه ال دوائر تكل ف م ا ب ني<br />
)100000-30000( رايل وتق وم َبلتج ول وس ط منتزه ات الع زاب والعوائ ل وداخ ل امل دن وخارجه ا<br />
والش وراع العام ة وهب ا أص وات م ن املوس يقى وع ادة م ا تب دأ َبلتج وال يومي اً بع د الظه ر إىل بع د العش اء وه ي
أكث ر م ن عش رين س يارة م ن الن وع الكب ري )بعض ها ش احنات( وه ذه جت وب ش وارع املدين ة الرئيس ة وتنتق ل <strong>يف</strong><br />
بعض السنوات إىل مدينة مخيس مشيط، وتسمى قافلة االصطياف. )2279(<br />
ولو خلت هذه القافل ة م ن املنك رات واقتص د <strong>يف</strong> نفقاهت ا دون إس رافكم ا ه و احل ال ب بعض اجله ات املش اركة<br />
<strong>يف</strong> القافلة واليت متيزت بذلك لكان <strong>يف</strong> هذا خرياً كثرياً.<br />
-6<br />
املنكر اخلامس:<br />
إقام ة م ا يس مى َبخليم ة الفض ائية ألول م رة <strong>يف</strong> ع ام 1422ه ، وم فيه ا مقابل ة أكث ر م ن<br />
30 ش اعراً و 30<br />
فن اانً و 30 ص حفياً ... وغ ريهم، وتعت رب أك رب خيم ة تلفزيونية تقيمه ا ملهرج ان أهب ا الس ياحي )2280( ، وه ذه<br />
اخليم ة للقن اة الفض ائية ART وال يت تق وم فيه ا مذيع ة متربج ة م ن األردن مبق ابالت م ع الش باب والفن انني<br />
يصاحبها <strong>يف</strong> ذلك مذيع سعودي، ويتخلل ذلك شيء من األغواء والتكسر <strong>يف</strong> الكالم والتميع واخللوة. )2281(<br />
-7<br />
املنكر السادس:<br />
احلفالت الغنائية النسائية، واملسرحيات النسائية، فمثالً استض<strong>يف</strong>ت عام 1421ه مخس فرق وهي:<br />
أ- فرقة مسيحة<br />
. 4/1<br />
ب- فرقة نورة مبارك<br />
ج- فرقة هدى احلكمي<br />
د- فرقة زبيدة<br />
ه<br />
. 4/15<br />
. 4/21<br />
. 4/29<br />
املطربة عتاب -<br />
. 5/7<br />
وكانت تلك املسرحيات تعرض على مسرح املفتاح ة أبهب ا خ الل الس نوات املاض ية، ويق ول د.العضاض ي أم ني<br />
جلن ة التنش يط الس ياحي:<br />
"<br />
... وأوض ح أن القط اع النس ائي حظ ي بنص يب األس د <strong>يف</strong> ه ذه ال ربامج و<strong>يف</strong><br />
مقدمتها تنظيم مسرحية نسائية ببطولة عدد من جنمات اخلليج ...". )2282(<br />
-8<br />
املنكر السابع:<br />
حديقة أهبا الرتفيهية جبانب عرَبت التلفريك <strong>يف</strong> أهبا اجلديدة وهذه احلديقة هبا مايلي:<br />
ينظر: املدينة، العدد<br />
ينظر: الوطن ، العدد<br />
ينظر: الوطن ، العدد<br />
ينظر: الرايض العدد<br />
1422/2/25ه ،13905 .<br />
1422/4/12ه ،277 .<br />
1423/2/10ه ،571 .<br />
1422/4/24ه ،12074 .<br />
)2279(<br />
)2280(<br />
)2281(<br />
)2282(
ع روض للص وت والض وء ث الث م رات <strong>يف</strong> األس بوع الواح د م ن بع د العش اء وإعالانهت ا<br />
موج ودة ومنتش رة <strong>يف</strong> الش وارع واحلض ور هل ا خم تلط ب ني الرج ال والنس اء، تق ام ك ل س نة،<br />
وتستخدم أضواء الليزر َبإلضافة إىل املوسيقى الص اخبة ع رب مك ربات الص وت َبإلض افة<br />
إىل أغ اين ل بعض الفن انني )2283( ، وق د أعل ن ع ن<br />
20<br />
ليل ة تق ام فيه ا ه ذه الع روض ف وق<br />
حب رية أهب ا اجلدي دة تكل ف الليل ة الواح دة منه ا مئ ات اآلالف وجممله ا يص ل إىل مالي ني<br />
الرايالت، وهذا تبذير وإسراف لألموال <strong>يف</strong> غ ري مص لحة معت ربة فينبغ ي االقتص اد <strong>يف</strong> مث ل<br />
هذه العروض.<br />
دَبَبت مائية للرجال والنساء سوايً وهذه األلعاب تقام منذ ص<strong>يف</strong><br />
1421ه .<br />
القط ار امل ائي للنس اء والرج ال مب رأى م ن الرج ال و<strong>يف</strong> آخ ر مس اره ين زل م ن مك ان مرتف ع<br />
ج داً فيص طدم َبمل اء فيتن اثر امل اء عل ى أجس ام النس اء ومالبس هن فيلص قها عل يهن <strong>يف</strong><br />
منظر مزري من الصياح والتكشف وترج املرأة ومالبسها مبتلة ملتصقة عليه ا مب رأى م ن<br />
الرجال.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
اثنياً: مهرجان الباحة:<br />
ففي برانمج <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الباحة لص<strong>يف</strong> 1423ه تضمن الربانمج<br />
– وهلل احلمد –<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
عدداً م ن املناش ط الش رعية<br />
والثقافية واالجتماعية ولكنه كذلك اشتمل على ع دد م ن املنك رات جت اوز املعل ن منه ا الثالث ني منك راً ، نس أل<br />
هللا العافية والسالمة، وفيما يلي عرض موجز ملنكرات <strong>السياحة</strong> َبلباحة:<br />
حفلة شعبية للسيدات بتعليم البنات.<br />
احلفل النسائي للفنون الشعبية مبسرح تعليم البنات َبلباحة.<br />
أمسيات ثقافية وفنية غنائية مبجمع احلكري السياحي.<br />
عروض متنوعة للفنون الشعبية.<br />
استضافة عدد من الفنانني ومشاهري الرايضة.<br />
استضافة عدد من املمثلني.<br />
اثلثاً: منكرات مهرجان جدة:<br />
ينظر: الوطن<br />
)2283( 1423/1/16ه .
وأما مهرجان جدة غري 1423ه فقد تضمن املهرجان عدداً من املناشط الدينية والثقافية واالجتماعية والطبية<br />
وه ي مم ا يش كر علي ه املنظم ون للمهرج ان، ولك ن ولألس ف الش ديد تض من ب رانمج املهرج ان ع دداً كب رياً م ن<br />
املنكرات املعلنة )2284( ، ونعدد بعضاً منها فيما يلي:<br />
العرض م<br />
املوقع<br />
التاريخ<br />
–<br />
4/9<br />
ع روض جن وم الرول ر إس كريت واأللع اب<br />
مركز فن اتمي الكورنيش، شركة<br />
1<br />
5/22<br />
اإلكروَبتية<br />
ترفي ه للش ماريع الس ياحية<br />
احملدودة<br />
4/16-15<br />
عروض فرقة القناة املصرية السادسة 2<br />
منتزه ومالهي الرمي<br />
2<br />
-4/21<br />
جدة ليايل art<br />
مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />
3<br />
– مؤسس ة راند لإلنت اج 5/22<br />
والتوزيع<br />
4/23<br />
األمسية الفنية األوىل )حممد عبده(<br />
مركز ج دة ال دويل للمع ارض-<br />
4<br />
م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />
العرض م<br />
املوقع<br />
التاريخ<br />
5/1<br />
األمسية الفنية الثاني ة )عب د هللا الرويش د<br />
مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />
5<br />
–<br />
نبيل شعيل –<br />
سامل العرميي(<br />
م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />
–<br />
5/8<br />
األمسية الفنية الثالث ة )عب ادي اجل وهر –<br />
مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />
6<br />
–<br />
رابح صقر –<br />
عبد اهلادي حسني(<br />
م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />
5/22<br />
األمس ية الفني ة اخلامس ة )خال د عب د<br />
مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />
7<br />
–<br />
–<br />
ال رمحن –<br />
عل ي عب د الس تار<br />
ف ايز<br />
م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />
السعيد(<br />
رابعاً: منكرات مهرجان املدينة املنورة:<br />
)2284(<br />
كما <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة الوطن، العدد<br />
،614<br />
1423/3/24ه ، واجلزيرة العدد<br />
،11615<br />
13172، السبت<br />
29/مجادى األوىل<br />
1425ه .<br />
السبت 29/مجادى األوىل 1425ه ، والرايض
-1<br />
أم ا مهرج ان املدين ة املن ورة وش عاره "عب ادة واس تفادة" فق د اش تملت فقرات ه عل ى ع دد م ن املناش ط الثقافي ة<br />
واالجتماعي ة والرايض ية ..... ولكنه ا ك ذلك تض منت س ت حف الت غنائي ة لفرق ة اي لي ل الش عبية وحفلت ني<br />
ال يت ال تل و م ن<br />
غن ائيتني لفرق ة املدين ة الش عبية فض الً ع ن الع روض البهلواني ة وع روض التيل ي م اتش )2285(<br />
منكرات وخمالفات جيدر بل وجيب على املسئولني تطهري طيبة منها.<br />
و من خالل ما تقدم يتبني لنا أبن أبرز املنكرات <strong>يف</strong> املهرجاانت بشكل عام ما يلي )2286( :<br />
اختالط الرجال ابلنساء <strong>يف</strong> كثري من األم اكن ال يت م ن املف رتض أن خيص ص هب ا أم اكن للنس اء دون<br />
الرج ال مثل مراك ز وص االت الرتفي ه وم دن املاله ي، املط اعم، املق اهي، وغريه ا م ن األم اكن، والن يب <br />
، إض افة مل ا يص احب ذل ك االخ تالط<br />
يقول: ))ال خيلون رجل َبم رأة إال ك ان الش يطان اثلثهم ا((. )2287(<br />
<br />
من تربج وس فور وهللا تع اىل يق ول: <br />
)2288(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-2<br />
تفش ي ظ اهرة ع دم إغ الق احمل ال التجاري ة ألبواهب ا أوق ات الص لوات واالس تمرار <strong>يف</strong> اس تقبال<br />
عمالئه ا؛ ألن الن اس يكث رون م ن التن زه والتفس ح وينس ون الص الة <strong>يف</strong> زمح ة هل وهم، وهللا تع اىل يق ول: <br />
)2289(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-3<br />
تفش ي ظ اهرة وج ود ابع ة أش به م ا يكون ون ابلنس اء م ن الرج ال، بقص ات ش عور غريب ة ومبالب س<br />
فاضحة خمجلة، يقابلون الزَبئن من النساء ويتكلمون ويضحكون معهن.<br />
-4<br />
-5<br />
انف الت الوض ع األخالق ي داخ ل بع ض الش اليهات إذ ال وج ود ي ذكر للتس رت والعب اءة وإمن ا<br />
االخ تالط <strong>يف</strong> مجي ع مراف ق تل ك الش اليهات، إض افة لت ربج بع ض النس اء وس باحتها أم ام الرج ال وقيادهت ا<br />
للسيارات.<br />
انتش ار ظ اهرة ممارس ة النس اء لرك وب دابابت البح ر واليخ وت البحري ة مبالب س فاض حة عل ى<br />
شاط أحبر، وقد هنى النيب عن كشف العورات والنظر إليها فق ال: ))ال ينظ ر الرج ل إىل ع ورة الرج ل<br />
وال املرأة إىل عورة املرأة ...(( احلديث. )2290(<br />
)2285(<br />
)2286(<br />
)2287(<br />
ينظر: جريدة الرايض، يوم اخلميس<br />
1423/4/2ه .<br />
ينظر: موقع احلسبة: WWW.hesba.org<br />
أخرجه الرتمذي، كتاب الرضاع، َبب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية الدخول على املغيبات ، رقم<br />
الزجر أن خيلو املرء َبمرأة أجنبية )399/12(، رقم )5568(، و ينظر: الدراية )229/2(.<br />
1171، وصححه ابن حبان، َبب ذكر<br />
)2288(<br />
)2289(<br />
)2290(<br />
سورة األحزاب ، اآلية<br />
سورة املاعون، اآليتني<br />
. 59<br />
. 5-4<br />
أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب احليض، َبب حترمي النظر إىل العورات، رقم )338(.
6- انتش ار ظ اهرة ش رب الشيش ة واملعس ل م ن قب ل النس اء <strong>يف</strong> األم اكن العام ة مث ل املق اهي واملط اعم<br />
واملنتزهات البحرية ومراكز الرتفيه العائلي <strong>يف</strong> جو خمتلط وموسيقي صاخبة.<br />
-7<br />
تشويه مسعة البالد وأهله ا ابألفع ال الس يئة<br />
وه ذا ن وع م ن الص د ع ن دي ن هللا ، ق ال هللا تع اىل: <br />
)2291( ، فالك افر إذا رأى م ن املس لم س وء التعام ل والغ ش واخل داع<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
-8<br />
قال لو كان هذا دين حق ملا فعلوا هذا.<br />
انتشار املنكرات <strong>يف</strong> األسواق وأماكن الرتفيه:<br />
فق د غ دت األس واق ومراك ز الرتفي ه املغلق ة واملفتوح ة مرتع اً للفتن ة والفس اد؛ وحم ط أنظ ار الع ابثني أبع راض<br />
الن اس، ف التربج الس افر املخج ل م ن بن ات ه ذا البل د الطي ب ال ذي تن زل ب ه هل ذه األم اكن وق د فاح ت منه ا<br />
، روائ ح األعط ار<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
انهي ك ع ن مش ية اإلس رتجال ومض ايقة الرج ال ك ل ذل ك م ن الفتي ات؛ لي أيت الش باب <strong>يف</strong><br />
الط رف اآلخ ر بكام ل زينت ه ليتح رش َبلفتي ات املتربج ات والعف<strong>يف</strong> ات أيض اً مم ا ين تج عن ه ممارس ات غريب ة ع ن<br />
اجملتمع.<br />
ومن األمثلة على ذلك مركز ترفيهي جبده ، فيه من املنكرات:<br />
<strong>يف</strong> املرك ز ص الة للت زجل عل ى اجللي د َبلتن اوب ب ني الش باب والفتي ات، والفتي ات إىل س ن<br />
15و 14<br />
س نة، حي ث يب دأ الش باب والفتي ات واملتف رجني م ن ح ول الص الة يش اهدوهنم<br />
وهم يتزجلون مث أييت دور الفتيات ليخرج الشباب ويلتقوا حول الصالة ليش اهدوا الفتي ات<br />
ببناطيلهن الفاتنة املخلة.<br />
الدور الث اين ط اوالت للقه وة والش اهي للعوائ ل م ن دون أي ح واجز، ع الوةً عل ى جم اهرة<br />
النساء بشرب الشيشة واملعسل أمام املارة.<br />
املعاكسات الظاهرة <strong>يف</strong> املركز بني الشباب والفتيات.<br />
املوسيقى اليت تعج هبا الصالة.<br />
وجود حمل للوشم اخلارجي والرسم على األجساد.<br />
حم ل للعب اءة ال يت تفص ل اجلس م وتظه ر مفاتن ه وال تتواف ق م ع احلج اب الش رعي، ليق وم<br />
العامل أبخذ مقاسات الراغبات لتفصيل عباءة مباشرة على أجسادهن.<br />
9- تضخيم مهارات غري املسلمني املشاركني <strong>يف</strong> هذه املهرجاانت:<br />
سورة املمتحنة، اآلية<br />
. 5<br />
)2291(
-1<br />
وذلك َبإلعجاب هبم ومصافحتهم أو التصوير معه م <strong>يف</strong> مجي ع م ا يع رض م ن ع روض هبلواني ة يش وهبا الش عوذة<br />
واالحتيال على الناس ومن تلك الفعاليات:<br />
زوروا البط ل: وه ي ع روض هولي وود للمجازف ات املث رية حي ث يرس م البط ل وبي ده س <strong>يف</strong><br />
ح رفz، وإع الن آخ ر يق ول: )زوروا حي ارب األش رار <strong>يف</strong> ج دة( وص ورة نس اء بعض هن<br />
س افرات الوج ه م ع أطف ال وص ورة أخ رى للبط ل زوروا يص افح املعجب ني م ن الص غار بع د<br />
العرض والنساء <strong>يف</strong> اخللف. )2292(<br />
ع روض املص ارعة احل رة األمريكي ة: مب ارايت املص ارعة احل رة حملرتف ني وال يت حيض رها النس اء<br />
والرج ال وال خ<strong>يف</strong> ى عل يكم إظه ار ع ورات املص ارعني الرج ال املش اركني <strong>يف</strong> ه ذه الع روض،<br />
ومش اهدة النس اء هل م مم ا خي دش احلي اء ويث ري الغرائ ز، ويق در مث ن ت ذكرة ال دخول م ن<br />
-50<br />
150<br />
رايالً حسب قرب املقعد من احللبة. )2293(<br />
الع روض البهلواني ة واملس رحية: وه ي عب ارة ع ن ع روض حركي ة يغل ب عليه ا الش عوذة<br />
واالحتيال وتقام <strong>يف</strong> أكثر من مكان خاص ة عل ى املنتزه ات واملاله ي املختلف ة، حي ث خي تلط<br />
الرجال َبلنساء على طاوالت متجاورة <strong>يف</strong> جو من الغناء واملوسيقى.<br />
-2<br />
-3<br />
-10<br />
حي ث تق وم إدارات<br />
ومن املنكرات ما يوجد <strong>يف</strong> مهرجاانت التسوق اخلاصة ببعض املراكز التجارية:<br />
األس واق الكب رية بعم ل مس ابقات يومي ة يص احبها املوس يقى ويغل ب عليه ا الت ربج<br />
واالخ تالط م ع إمه ال لش عرية الص الة وع دم التوق ف ألدائه ا واس تمرار املتس وقني داخ ل املرك ز ب دون حي اء أو<br />
خوف من هللا. وعادة ما يكون <strong>يف</strong> ه ذه املهرج اانت التس ويقية تش جيع للنس اء والش باب الع اطلني ع ن العم ل<br />
عل ى ال ذهاب لألس واق م ن أج ل املس ابقات واملق ابالت اإلذاعي ة والتلفزيوني ة حي ث تق وم بع رض القن وات<br />
الفض ائية ومقابل ة احلض ور م ن النس اء والرج ال واألطف ال و<strong>يف</strong> ه ذا الكث ري م ن االخ تالط وإض عاف احلي اء عن د<br />
اجلنسني ودعوهتم للتعلق َبلدنيا وإاثرة الغريزة اجلنسية والتغنج ونبذ احلجاب.<br />
11- إقامة احلفالت الغنائية:<br />
ينظر: املرفقات (<br />
ينظر: املرفقات (<br />
.) 30<br />
.) 31<br />
)2292(<br />
)2293(
فهو قاسم مشرتك لكث ري م ن املهرج اانت )2294( ، حي ث تق ام احلف الت الغنائي ة للعدي د م ن الفن انني الس عوديني<br />
وغ ريهم، وق د يص احب ذل ك تغطي ات إعالمي ة وتواج د مل ذيعات وم ذيعني َبرزي ن جل ذب الن اس وإضفاء روح<br />
اإلاثرة على ما ال روح له ودعوة األسرة للس هر واملش اركة ب دعوى الرتفي ه فيم ا ثب ت حترمي ه ش رعاً ولكن ه التقلي د<br />
وإلغاء اهلوية املسلمة.<br />
وق د ص رح األم ني الع ام للهيئ ة – حفظ ه هللا<br />
–<br />
)2295( أبن املهرج اانت واحلف الت الغنائي ة ليس ت م ن العناص ر<br />
األساس ية للج ذب الس ياحي وينبغ ي ت وفري عناص ر ج ذب أك رب عمق اً وفعالي ة لكن ه جع ل ه ذه احلف الت م ن<br />
اختصاص أمري املنطقة فهو املقرر لطبيعة النشاطات اليت تتم فيها من غري تدخل للهيئة <strong>يف</strong> عناصر املهرجاانت<br />
وال أظن ه ذا يعف ي اهليئ ة م ن مس ئولياهتا املنوط ة هب ا <strong>يف</strong> تنقي ة وتط وير الس ياحة الداخلي ة والتع اون م ع اجله ات<br />
األخرى <strong>يف</strong> ذلك.<br />
وم ا ذك رت ه ذه املخالف ات واملنك رات إال غ رية ل دين هللا<br />
احلرمني وقبلة املسلمني.<br />
– ع ز وج ل –<br />
–<br />
وحرص اً عل ى نق اء الس ياحة <strong>يف</strong> ب الد<br />
وعل ى اهليئ ة العلي ا للس ياحة ن أع ان هللا الق ائمني عليه ا مس ؤولية هام ة وجه د كب ري <strong>يف</strong> إزال ة ه ذه املنك رات<br />
وتنقي ة املهرج اانت الس ياحية م ن ك ل تل ك الش وائب ال يت تس ي لس معة ه ذه ال بالد وقادهت ا ال ذين م ا فتئ وا<br />
يناض لون ع ن ش ريعة هللا وحيكمون ه <strong>يف</strong> أنفس هم ورعي تهم ويرفع ون ل واء التوحي د ويس عون <strong>يف</strong> خدم ة ض يوف<br />
الرمحن وحيرصون على بقاء هذه الصورة املشرقة املشرفة لبالد احلرمني اململكة العربية السعودية، وال ش ك أبهن م<br />
ال يرضون مبا خيالف ذلك ويناقضه من خمالفات شرعية ومنكرات وجتاوزات <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong> أو غريه.<br />
وال يتحق ق اهل دف والغ رض ال رئيس م ن إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة إال َبلقض اء عل ى ه ذه املظ اهر الس لبية<br />
وإزالتها وتنقية <strong>السياحة</strong> منها.<br />
11615، السبت<br />
)2294(<br />
ينظر: الرايض، العدد<br />
13172، السبت<br />
1425ه ، وجملة املسافر العريب ، السنة العشرون، العدد<br />
29/مجادى األوىل 1425ه ، واجلزيرة العدد<br />
29/مجادى األوىل<br />
،4 ص ،)50( واملرفقات .)29(<br />
)2295(<br />
ينظر: الرايض العدد<br />
13543، السبت<br />
17/مجادى اآلخرة 1426ه ، ص44<br />
.
فعليها أن تتقبل بصدر رحب كل ما يرد إليها من شكاوى وتبليغه ا ع ن ه ذه املنك رات للتحق ق منه ا وإزالته ا<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
فما نلنا اخلريية إال ب ذلك، ق ال تع اىل: <br />
)2296( .<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وَبلس كوت ع ن مث ل ه ذه املنك رات وإقراره ا نس تحق اللعن ة والعق وَبت م ن رب الع زة واجل الل، كم ا اس حقها بن وا<br />
إسرائيل <strong>يف</strong> قوله سبحانه:<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2297(<br />
<br />
سورة آل عمران، اآلية<br />
سورة املائدة، اآليتني<br />
.110<br />
. 79-78<br />
)2296(<br />
)2297(
املبحث الثاني<br />
مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />
املطلب األول<br />
املقومات
املطلب األول: املقومات.<br />
متتاز اململكة العربية السعودية على سبيل اإلمجال َبملقومات السياحية التالية:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
نعمة األمن واألمان اللذين تتميز هبما على سائر البلدان.<br />
أص الة اجملتم ع الس عودي املض ياف ومتس كه بدين ه ومتاس ك أف راده وق وة عالقات ه وعدال ة وتواض ع<br />
حكامه.<br />
متيز املوقع اجلغرا<strong>يف</strong>.<br />
املس احة الشاس عة للمملك ة وم ا تش تمل علي ه م ن تض اريس متباين ة ذات من اخ متن وع ومن اظر<br />
خالبة.<br />
وجود املواقع املقدسة واألثرية والتارخيية املهمة، ومتيز الرتاث الثقا<strong>يف</strong> الوطين.<br />
ت وفر اخل دمات احلديث ة والبني ة التحتي ة الالزم ة لص ناعة الس ياحة )2298( ، وميك ن تفص يل تل ك<br />
املقومات على النحو التايل:<br />
-1<br />
املقومات الدينية:<br />
وهي تشمل األماكن املقدسة،<br />
وألن اململكة هي مه د<br />
اإلس الم ف إن هل ا مكان ة ممي زة <strong>يف</strong> الع امل اإلس المي، فه ي<br />
مهبط الوحي وبالد احل رمني ومنب ع الرس الة، وتع د ه ذه املغ رايت الس ياحية مص در دخ ل كب ري للمملك ة العربي ة<br />
الس عودية، حي ث تتج ه أفئ دة أكث ر م ن ملي ار مس لم م ن أج ل<br />
ال زايرة أو العم ر ة أو أداء فريض ة احل ج، وق د<br />
س اعدت ه ذه املقوم ات الديني ة <strong>يف</strong> تنش يط حرك ة الس ياحة خاص ة بع د الق وانني اجلدي دة اخلاص ة َبلعم رة<br />
مم ا<br />
جيعله ا ت زداد خ الل أش هر ش عبان، رج ب، رمض ان، وأش هر احل ج، وم ن أه م املن اطق املقدس ة مك ة املكرم ة<br />
مه بط ال وحي وأطه ر بق اع األرض واملك ان ال ذي خ رج وظه ر في ه خ ام الرس ل حمم د حي ث تع د الكعبة<br />
املش رفة أول أث ر معم اري اترخي ي عرفت ه األرض املقدس ة<br />
ال يت يق وم عليه ا املس جد احل رام فق د ورد <strong>يف</strong> الق رآن<br />
<br />
الك رمي قول ه تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2299(<br />
<br />
<br />
، وق ال تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
)2300(<br />
<br />
، وسيظل احلرم املكي الشر<strong>يف</strong><br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
25<br />
،1752<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة /http://WWW.sct.gov.sa<br />
، وجملة الدعوة العدد<br />
ربيع اآلخر،<br />
)2298(<br />
1421ه ، ص25<br />
.<br />
سورة احلج، اآلية<br />
. 26<br />
)2299(<br />
سورة البقرة، اآلية<br />
. 127<br />
)2300(
إىل ي وم ال دين أه م وأطه ر بقع ة ؛ ألن ه ذا البن اء مل يك ن يوم اً جم رد مك ان، ولكن ه اتري خ ملي َبألح داث<br />
والتغريات. واملسجد النب وي الش ر<strong>يف</strong> َبملدين ة املن ورة وال يت يوج د هب ا أيض اً العدي د م ن املس اجد التارخيي ة املهم ة<br />
كمسجد القبلتني ذي املكانة الرفيعة <strong>يف</strong> قلوب املس لمني وه و املك ان ال ذي أعل ن في ه الرس ول علي ه الص الة<br />
والس الم<br />
–<br />
–<br />
ع ن حت ول القبل ة إىل مك ة املكرم ة، فتحول وا إليه ا أثن اء ص الهتم؛ وهل ذا مس ي مبس جد القبلت ني،<br />
وكذلك مسجد قباء، ومنطقة العال وهب ا العدي د م ن املس اجد كمس جد الص خرة، ومس جد املص لى ال ذي ك ان<br />
يصلي فيه الرسول<br />
–<br />
عليه الصالة والسالم<br />
– صالة العيدين. )2301(<br />
وغريه ا م ن املس اجد ال يت تفخ ر ب الدان بكثرهت ا <strong>يف</strong> امل دن والق رى وعل ى الط رق واملنتزه ات واملواق ع الس ياحية<br />
وتدل عليها مآذهنا ومناراهتا الشاهقة وتقوم بوظ<strong>يف</strong>تها التعبدية املتمثلة <strong>يف</strong> إقام ة الص لوات وق راءة الق رآن وال ذكر<br />
واالعتكاف ووظ<strong>يف</strong>تها التوجيهية املتمثلة <strong>يف</strong> التعليم واإلفتاء وتوجيه الرأي<br />
-2<br />
التعارف بني املسلمني وتقوية الوازع الديين والرتبية على االنضباط وبث روح األخوة. )2302(<br />
املقومات الطبيعية:<br />
العام ووظ<strong>يف</strong>تها االجتماعية املتمثلة <strong>يف</strong><br />
وه ي ك ل م ا تتمي ز ب ه املنطق ة الس ياحية م ن م زااي املوق ع والطق س واملن اخ، والطبيع ة اجلغرافي ة للس طح، واملي اه،<br />
واحلياة النباتية، واحلياة البيئية وغري ذلك من القيم اجلمالية للطبيعة، وبياهنا كما يلي:<br />
أ- املوق ع والس طح: تق ع اململك ة العربي ة الس عودية <strong>يف</strong> أقص ى اجلن وب الغ ريب م ن ق ارة آس يا، وحتت ل اجل زء<br />
األك رب م ن ش به اجلزي رة وحي دها غ رَبً البح ر األمح ر، وش رقاً اخلل يج الع ريب واإلم ارات وقط ر، وَش االً الكوي ت<br />
والعراق واألردن، وجنوَبً اليمن وسلطنة عمان. وتقدر مساحة اململكة العربية السعودية حبوايل مليونني ومائتني<br />
ومخس ني كيل و م رتاً مربع اً تش مل الس واحل عل ى البح ر األمح ر وال يت يبل غ طوهل ا 1800ك م تض يق <strong>يف</strong> الش مال<br />
وتتس ع كلم ا اجتهن ا جن وَبً، وس واحل اإلقل يم الش رقي ال يت متت د عل ى س احل اخلل يج مس افة 500ك م.ك ذلك<br />
توج د السالس ل اجلبلي ة ال يت ترتف ع قممه ا إىل م ا يزي د عل ى<br />
9000<br />
ق دم ف وق س طح البح ر كجب ال طوي ق،<br />
و جب ال الس روات وهض بة جن د وغريه ا، وتتمي ز ه ذه املرتفع ات ال يت تق ع <strong>يف</strong> اجلان ب الغ ريب، وجن وب اململك ة<br />
العربي ة الس عودية َبعت دال طقس ها ط وال الع ام، وغاَبهت ا املخض رة<br />
واملكس وة أبش جار العرع ر والزيت ون ال ربي،<br />
والنب ااتت العطري ة والش جريات. وق د أص بحت الغ اَبت <strong>يف</strong> ح د ذاهت ا ج اذَبً س ياحياً جدي داً أص بحت الدول ة<br />
هت تم ب ه إلش باع رغب ات عش اق ه ذا الن وع م ن الس ياحة. وك ذلك ف إن الص حاري الرملي ة ومنه ا ص حراء الرب ع<br />
اخلايل اليت تبلغ مساحتها حوايل<br />
400<br />
صحراء النفوذ وصحراء الدهناء اليت تشكل امتداداً للربع اخلايل.<br />
ألف كم مربع، تع د م ن أض خم األح واض الرملي ة <strong>يف</strong> الع امل وإض افة إىل<br />
ينظر: أثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اقتصادايت اململكة، انصر الطيار، ص76-75<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص<br />
، واملرفقات .)32(<br />
، 203 بتصرف.<br />
)2301(<br />
)2302(
وتع د ه ذه املقوم ات الطبيعي ة كن وزاً س ياحية إذا مجع ت ب ني الس واحل والص حاري والبح ار فه ي <strong>يف</strong> مجيعها<br />
عوامل منشطة للسياحة و<strong>يف</strong> إمكاهنا تلبية مجيع الرغبات لطاليب <strong>السياحة</strong>، كذلك ف إن عي ون املي اه املعدني ة وم ا<br />
اتصفت هبا من مزااي <strong>يف</strong> العالج واالستطباب قد متيزت اململكة العربية السعودية بوجود الكثري منها وأمهها بئر<br />
زم زم ال يت َبركه ا هللا حي ث مل يقتص ر ارتياده ا عل ى املرض ى فحس ب وإمن ا ك ل العُ ادبَّ ال ذين يرغب ون <strong>يف</strong> إراح ة<br />
)2303(<br />
أعصاهبم ونفسياهتم وكذلك مواقع العيون احلارة َبألحساء وجازان.<br />
كما متتاز َبملنتزهات الطبيعية الرائعة <strong>يف</strong> أهبا وعسري والباحة وجازان وف<strong>يف</strong>ا والطائف وغريها.<br />
وق د حص رت اهليئ ة العلي ا للس ياحة أكث ر م ن<br />
موقعاً سياحياً طبيعياً و<br />
12000<br />
7946<br />
موقعاً للثقافة والرتاث.<br />
موقع اً س ياحياً طبيعي اً واترخيي اً وثقافي اً منه ا 4500<br />
وعلى هذا فإن عناصر <strong>السياحة</strong> البيئية متوافرة <strong>يف</strong> اململكة حيث تتوفر <strong>يف</strong> الشواط البحرية وما فيها من ثروات<br />
طبيعية وأجواء مناخية تتلف عن بقية املن اطق إض افة للجب ال<br />
واملرتفع ات ال يت ميك ن تطويره ا وك ذلك الكثب ان<br />
والعروق الرملية املتناثرة <strong>يف</strong> خمتلف مناطق اململكة وتشبه ه ذه الرم ال الغط اءات الثلجي ة <strong>يف</strong> املن اطق الب اردة ال يت<br />
جتذب الس ياح م ن مجي ع من اطق الع امل، كم ا تكث ر العي ون والين ابيع الدائم ة واملومسي ة <strong>يف</strong> خمتل ف من اطق اململك ة<br />
وتعت رب مص دراً للش رب والزراع ة والع الج ،كم ا تتك ون البح ريات املومسي ة <strong>يف</strong> اململك ة <strong>يف</strong> املن اطق املنخفض ة بع د<br />
سقوط األمطار وتستمر ألسابيع أو أشهر وهي مناسبة جداً لالستثمار الس ياحي وممارس ة النش اطات البحري ة<br />
<strong>يف</strong> بعض ها، وتكث ر الكه وف واملغ ارات األرض ية <strong>يف</strong> املن اطق الرس وبية م ن اململك ة وتس مى<br />
)َبل دحول( وق د<br />
أصبح بعض السياح واملغامرين يهتمون َبكتشافها واجللوس فيها وهي جمال خصب للمشاريع الس ياحية، وق د<br />
أنش أت الدول ة ع دداً م ن احملمي ات واملنتزه ات الطبيعي ة كمنت زه عس ري واألحس اء وسَ عْد والثمام ة وح رميالء<br />
)2304(<br />
والطائف والباحة وغريها.<br />
و<strong>يف</strong> كث ري م ن<br />
األحي ان جتم ع املنطق ة الواح دة ب ني املع امل الطبيعي ة واحلي اة الفطري ة واآلاثر واملواق ع اجليولوجي ة<br />
اخلاص ة ك الكهوف واملغ ارات األم ر ال ذي حي تم العناي ة هب ا جمتمع ة كمواق ع ج ذب فري دة واندرة لص ناعة<br />
الس ياحة، فعل ى سبيل املث ال ال احلص ر جن د أن احملمي ات الش مالية )ح رة احل رة واخلنف ة والطبي ق( مب ا حتوي ه م ن<br />
صنوف احلياة الفطرية تقع َبلقرب م ن آاثر اجل وف )دوم ة اجلن دل( كم ا أن حممي ة ع روق ب ين مع ارض جن وب<br />
غريب الربع اخلايل مب ا تنف رد ب ه م ن خص ائص طبيعي ة تق ع َبلق رب م ن قري ة الف او األثري ة وتق ع ح رة ع ويرض مب ا<br />
)2303(<br />
ينظر: املصدر السابق، ص<br />
66-65 ، و<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة، إبراهيم األحيدب، ص18 وما بعدها، و ينظر: املرفقات (<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
.) 33<br />
)2304(<br />
و<strong>السياحة</strong><br />
ينظر: <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة، إبراهيم األحيدب، وقد بني ك<strong>يف</strong>ية استثمار هذه الكنوز الطبيعية <strong>يف</strong> إجياد سياحة بيئية<br />
متميزة، و ينظر: جريدة عكاظ، العدد<br />
1425ه ، ص34، والرايض، العدد<br />
12310، األربعاء<br />
1421/2/6ه ، وعكاظ عدد<br />
،13828 الثالاثء 18<br />
،13207 السبت 5<br />
رجب 1425ه ، ص17، وكذا العدد<br />
رجب 4 اجلمعة 13206<br />
مجادى األوىل،<br />
1425ه ،<br />
. 13
فيه ا م ن وع ول وغ زالن ومواق ع ذات مج ال جيول وجي خ اص تص لح كموق ع للتخي يم أو إلقام ة منتجع ات<br />
للس يحة البيئي ة، ويع د جب ل أج ا منطق ة مفض لة للتخي يم م ن قب ل أه ايل حائ ل والقص يم وال رايض لطبيعته ا<br />
الفطرية الساحرة وهناك خمطط كامل وتصميم ملتنزه بري ومركز تعليمي للزوار م إعداده مع جامع ة املل ك عب د<br />
العزيز <strong>يف</strong> وادي مثار.<br />
وإىل جانب ما تتميز به جبال قراقر م ن من اظر طبيعي ة خالب ة وعي ون دائم ة اجل راين تتمي ز مبواق ع أثري ة وأخ رى<br />
للغوص بني مرجانيات البحر األمحر وتعد هذه املناطق وغريه اكمقل ع طمي ة وجب ل بث رة وس د جن ران ومح ى آل<br />
عباس القدمي فيها مبثابة روافد طبيعية متجددة لصناعة <strong>السياحة</strong> ومناخاً خصباً لالستثمار فيه. )2305(<br />
ب- املن ا:: تتس م اململك ة العربي ة الس عودية مبن اخ ق اري يتص ف بوج ه ع ام َبرتف اع درج ات احل رارة واخنف اض<br />
نسبة الرطوب ة ون درة األمط ار، فه و ح ار ص <strong>يف</strong>اً َبرد ش تاءً واألمط ار ش توية، وق د يب دو للوهل ة األوىل أن مناخ اً<br />
هبذه املواصفات يصعب معه قيام نشاط سياحي انجح، ولكن األمر غري ذل ك فبمتابع ة من اخ اململك ة العربي ة<br />
الس عودية يتض ح متي ز اململك ة بتع دد املناخ ات الخ تالف التض اريس فاململك ة تق ع حت ت اتث ري املرتف ع اجل وي<br />
امل داري، وجن د أن تب اين الفص ول املناخي ة املتعاقب ة يس اعد عل ى جن اح النش اط الس ياحي، ف إذا أمعن ا النظ ر <strong>يف</strong><br />
درج ات احل رارة <strong>يف</strong> املرتفع ات الغربي ة واجلنوبي ة الغربي ة ال يت تض م قم م اجلب ال، جن د أهن ا متت از َبعت دال اجل و <strong>يف</strong><br />
فصل الص<strong>يف</strong> عن بقية أحناء اململكة وغزارة األمطار املومسية الص<strong>يف</strong>ية مما جيعلها من املن اطق املس تهدفة س ياحياً<br />
خالل هذه الفرتة إضافة إىل املناطق األخرى كالطائف والباحة وعسري.<br />
وترتفع الرطوبة على السواحل واملرتفعات الغربية <strong>يف</strong> معظم أايم السنة.<br />
وأم ا <strong>يف</strong> فص ل الش تاء ف إن درج ة احل رارة ت نخفض إىل درج ة التجم د <strong>يف</strong> بع ض أجزائه ا الش مالية، والش مالية<br />
الغربي ة، وك ذلك تنش ط حرك ة الس ياحة الش توية <strong>يف</strong> الس واحل، خصوص اً <strong>يف</strong> ك ل م ن: حف ر الب اطن، اجل وف،<br />
تبوك، الرايض، ج ده، ال دمام، ينب ع، وجي زان، ومنطق ة هتام ة.<br />
وم ع أن املن اخ املالئ م يع د ع امالً رئيس اً <strong>يف</strong> كث ري<br />
من األحيان لنج اح النش اط الس ياحي إال أن اإلمكاني ات الس ياحية احلديث ة ال يت تعتم د عل ى التقني ة املتط ورة،<br />
ق د غط ت عل ى ك ل الن واقص وق د ظه ر<br />
ذل ك بوض وح <strong>يف</strong> دع م الدول ة للمس تثمرين، وم نحهم مواق ع َبملن اطق<br />
الس ياحية والش واط بتس هيالت كب رية لتنفي ذ مش روعات س ياحية عمالق ة كمش اريع )درة الع روس( و<br />
)البح ريات( <strong>يف</strong> ج دة و )ش اليهات حب رية اليمام ة( <strong>يف</strong> ال رايض، وقري ة اخل يلج َبملنطق ة الش رقية. وش ركة س ياحية<br />
مبنطق ة عس ري،<br />
وه ي مش اريع س ياحية متكامل ة تش مل مالع ب األطف ال واملط اعم الس ياحية، وكله ا تق ع <strong>يف</strong><br />
مناطق حا ر ة ص<strong>يف</strong>اً، ولكن م إعدادها وجتهيزه ا بك ل الض رورايت ال يت متكنه ا م ن اس تيعاب متطلب ات الس ائح<br />
)2305(<br />
ينظر: مقال بعنوان: اهليئة العليا للسياحة رافد جديد يعزز االقتصاد الوطين واحملافظة على املوارد الطبيعية، د. عبد العزيز أبو زانده،<br />
<strong>يف</strong> جريدة عكاظ، العدد<br />
12305، اجلمعة 1421/2/1ه .
ط وال الع ام بغ ض النظ ر ع ن الفص ول املناخي ة. فأص بحت م ن املغ رايت الس ياحية املهم ة َبململك ة العربي ة<br />
السعودية، ومن مث فال غرابة أن تستحوذ <strong>السياحة</strong> البيئية والرتفيهية على أكرب نصيب من النشاط الس ياحي <strong>يف</strong><br />
اململكة العربية السعودية. )2306(<br />
-3<br />
املقومات االقتصادية:<br />
ويقصد هبا أهم العوامل واملميزات االقتص اد َبملنطق ة الس ياحية مل ا هل ا م ن أث ر ي نعكس عل ى البني ات األساس ية<br />
للدولة؛ فاكتمال البنيات األساسية ألي دولة يوضح إمكاانهتا االقتصادية.<br />
وق د كان ت اململك ة العربي ة الس عودية <strong>يف</strong> مرحل ة س ابقة الكتش اف الب رتول تعتم د عل ى الزراع ة والرع ي وص يد<br />
األمساك، حيث كان ميتهنها أكثر من<br />
%90<br />
من الس كان. والتج ارة، وتع د ه ذه األنش طة اترخيي ة أي ج اءت<br />
مع اتريخ سكان اجلزيرة العربية، وقد نشطت بعد ظهور <strong>اإلسالم</strong> وتش جيعه هل ذه األنش طة، وحض ور املس لمني<br />
ألداء فريضة احلج ومناسك العمرة وقد<br />
القرآن وصف<br />
حي اة الع رب، ونش اطهم االقتص ادي، وأك د عل ى من افع<br />
<br />
احل ج االقتص ادية، كم ا ورد <strong>يف</strong> قول ه س بحانه وتع اىل <strong>يف</strong> س ورة احل ج: <br />
<br />
)2307(<br />
إىل آخ ر اآلايت، وبع د اكتش اف الب رتول والث روات املعدني ة<br />
اهلائل ة َبململك ة،<br />
<br />
<br />
خاص ة مع دن ال ذهب حي ث عرف ت اململك ة )مبه د ال ذهب( أص بح االعتم اد عل ى عائ دات الب رتول كب رياً إذ<br />
كانت متثل الدخل الرئيس <strong>يف</strong> ب داايت مرحل ة التح ول التنم وي، وبع دها قل ت درج ة االعتم اد عل ى الب رتول إذ<br />
شرعت الدولة <strong>يف</strong> إجياد مصادر إضافية للدخل القومي يعتمد عل ى التن وع امل دروس، وك ان م ن نت ائج ذل ك أن<br />
اخنف ض نص يب الب رتول <strong>يف</strong> ال دخل الق ومي، حي ث أمث رت اجله ود الكب رية للدول ة ع ن اكتش اف العدي د م ن<br />
املكامن والتواجدات املعدني ة ذات املؤش رات اإلجيابي ة ال يت ميك ن أن ت وفر أساس اً راس خاً لقي ام ص ناعة تعديني ة<br />
متطورة على املدى البعيد، ومن املتوقع أن حيقق القطاع التعديين معدالت منو تفوق مثيالته <strong>يف</strong> أي قطاع آخر<br />
حيث تنمو القيمة احلقيقية املض افة مبع دل س نوي ق دره<br />
%9<br />
، وك ان لوج ود الطاق ة َبململك ة العربي ة الس عودية<br />
دور مه م <strong>يف</strong> تنش يط قط اع الص ناعة، وتطويره ا م ن أعم ال حرفي ة، وص ناعات يديوي ة بس يطة، مث ل: ص ناعة<br />
الفخ ار واألخش اب واجلل ود، إىل ص ناعات متط ورة ومهم ة <strong>يف</strong> حي اة اإلنس ان العص ري، فظه رت ص ناعة<br />
املش روَبت وامل واد الغذائي ة وص ناعة املنتج ات اخلش بية، وص ناعة ال ورق والطباع ة، ودخل ت اململك ة إىل ع امل<br />
املصادر السابقة.<br />
سورة احلج، اآليتني:<br />
. 28-27<br />
)2306(<br />
)2307(
الص ناعات الكيماوي ة، وبل غ ع دد املص انع العامل ة املرخص ة 3163 مص نعاً بلغ ت مجل ة االس تثمارات فيه ا<br />
231.3<br />
بليون رايل سعودي.<br />
وقد كانت إسهامات الزراعة <strong>يف</strong> الناتج احمللي غري النفطي <strong>يف</strong> هناية اخلط ة اخلمس ية اخلامس ة مب ا نس بته<br />
، وتسعى الدول ة إىل الوص ول إىل متوس ط مع دل<br />
من و س نوي حقيق ي للقيم ة املض افة <strong>يف</strong> قط اع الزراع ة إىل<br />
% 6.4<br />
3.1<br />
%<br />
، وعليه م توزيع أكثر من<br />
زايدة الرقع ة املزروع ة لتص ل إىل<br />
2.8<br />
3<br />
مليوين هكتار من األراضي الصاحلة للزراعة على امل واطنني مم ا س اعد عل ى<br />
مالي ني هكت ار أس همت <strong>يف</strong> زايدة اإلنت اج الزراع ي، وحتقي ق مس توى م ن<br />
االكتفاء الذايت <strong>يف</strong> إنتاج الفواكه واخلض روات واللح وم، كم ا جت اوزت بع ض احملاص يل مس توى االكتف اء ال ذايت،<br />
وَبلت ايل فم ن املتوق ع أن يبل غ إس هام القط اع الزراع ي <strong>يف</strong> الن اتج احملل ي اإلمج ايل غ ري النفط ي<br />
الناتج احمللي غري النفطي َبململكة العربية السعودية %30، وهذا املعدل <strong>يف</strong> ازدايد سنوي.<br />
وس وف ي زداد بص ورة أكث ر خاص ة بع د أن اجته ت اململك ة العربي ة الس عودية<br />
% 9.5<br />
–<br />
وفق اً للمتغ ريات العاملي ة<br />
، ويبل غ<br />
إىل –<br />
إج راء بع ض التع ديالت <strong>يف</strong> اخلط ط االقتص ادية القص رية والطويل ة إبدخ ال أرق ام جدي دة <strong>يف</strong> موازانهت ا حبس اَبت<br />
االستثمار والعائدات تتعلق َبلنشاط العاملي الذي ظهر مندفعاً ومؤثراً على اقتصادايت الدول. )2308(<br />
كما أن ه تنش يطاً حلرك ة االقتص اد، ودعم اً لقط اع الس ياحة، أص درت الدول ة الق رارات اجلدي دة املنظم ة للعم رة،<br />
ومتديد فرتهتا إىل تسعة أشهر بدالً من س تة أش هر س نوايً والس ماح للمعتم رين ب زايرة بقي ة م دن اململك ة لغ رض<br />
<strong>السياحة</strong> )2309( ، وكذلك فتح َبب <strong>السياحة</strong> َبململكة لغري املعتمرين، والسماح للمستثمرين األجان ب َبل دخول<br />
<strong>يف</strong> أي مشروعات استثمارية وسيعود ذلك قطعاً َبلزايدة <strong>يف</strong> الناتج احمللي.<br />
السكان: 4-<br />
لق د أاتح ت البي اانت املستخلص ة م ن نت ائج اإلحص اء الس كاين الفرص ة للجه ات املختص ة إلج راء حتلي ل ع ن<br />
ك<strong>يف</strong>ية منو السكان َبململكة العربي ة الس عودية، وعل ى ال رغم م ن ه ذه الزايدة ومع دالت النم و العالي ة إال أهن ا مل<br />
حتقق بعد التناسب الطبيعي بني عدد السكان ومساحة اململك ة العربي ة الس عودية املرتامي ة األط راف، ال يت تزي د<br />
مساحتها عن مساحة اجلزء األكرب من قارة أور وَب الغربية، وتعود هذه الزايدة <strong>يف</strong> ع دد الس كان إىل العدي د م ن<br />
العوامل <strong>يف</strong> مقدمتها: تطور اخل دمات الص حية والعالجي ة، مم ا أدى إىل حماص رة األم راض واحملافظ ة عل ى ص حة<br />
اإلنسان وهذا بدوره أدى إىل حتسني الظروف االقتصادية للملكة بوجه عام.<br />
أم ا فيم ا يتعل ق َبهلج رة م ن اجملتم ع الر<strong>يف</strong> ي والب دوي إىل املراك ز احلض ارية الك ربى <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية<br />
فق د تراج ع <strong>يف</strong> اآلون ة األخ رية نظ راً للتحس ن الكب ري ال ذي م <strong>يف</strong> اخل دمات الص حية والبلدي ة واالجتماعي ة<br />
وغريها.<br />
املصدر السابق.<br />
ينظر: جريدة عكاظ ، العدد<br />
12308، االثنني 1421/2/4ه .<br />
)2308(<br />
)2309(
أم ا ع دد الس كان، فق د بل غ <strong>يف</strong> أول إحص اء رمس ي أج ري ع ام 1974م س بعة مالي ني نس مة، وق درت األم م<br />
املتح دة ع ددهم <strong>يف</strong> ع ام 1983م بتس عة مالي ني نس مة، أم ا اإلحص اء الرمس ي لع ام 1999م فق د أوض ح أن<br />
ع دد الس كان وص ل إىل ح وايل<br />
21<br />
ملي ون نس مة وق د بلغ ت نس بة الش باب<br />
للسكان َبململكة ، ويرتاوح مع دل النم و الس كاين َبململك ة م ا ب ني<br />
% 50<br />
%2-1.2<br />
املع دل لعق دين ق ادمني، أي أن ع دد الس كان َبململك ة العربي ة الس عودية، يتض اعف ك ل<br />
فمن املتوق ع أن يص ل ع دد الس كان <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية ع ام 2018م إىل ح وايل<br />
م ن الرتكيب ة العمري ة<br />
، وم ن املتوق ع أن يس تمر ه ذا<br />
عام اً، وَبلت ايل 18<br />
42 ملي وانً. )2310( ،<br />
وه ؤالء مس تهدفون ب ربامج الس ياحة احمللي ة بدرج ة أولي ة واس تمالتهم للس ياحة الداخلي ة س يجعل منه ا ص ناعة<br />
انجحة ومورداً هاماً القتصاد الدولة، كما أن للسكان أتثري على جناح <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة ملا يتمتع به اجملتمع<br />
السعودي من أصالة عربية إسالمية تتمثل <strong>يف</strong> الكرم والشهامة.<br />
السنة<br />
1932م<br />
1962م<br />
1982م<br />
1993م<br />
تطور احلجم السكاين للمملكة العربية السعودية<br />
عدد السكان<br />
2-1.2<br />
3<br />
10<br />
16.9<br />
-5<br />
املقومات التارخيية واألثرية:<br />
تعت رب املقوم ات التارخيي ة واألثري ة مغ رايت س ياحية مهم ة. ف التعرف عل ى احلض ارات والت اريخ اإلنس اين م ن<br />
خ الل املع امل األثري ة يع د متع ة ذهني ة رفيع ة. فليس ت مش اهدة أو دراس ة اآلاثر جم رد وس يلة لله روب م ن<br />
احلاض ر، ولكنه ا وس يلة ل زايدة فهمن ا لنفوس نا، فب التطلع إىل ال وراء عل ى ط ول الطري ق ال ذي قطعن اه، نك ون<br />
أكث ر فهم اً للمس تقبل، وتع د اآلاثر انعكاس اً حلض ارات وامت داداً مض طرداً للتط ور واملعرف ة اإلنس انية.<br />
واس تطالع املاض ي ل يس َبألم ر احل ديث، خاص ة مبنطق ة اجلزي رة العربي ة حي ث ج اء ذك ر ذل ك <strong>يف</strong> الق رآن <strong>يف</strong><br />
<br />
<br />
قوله تعاىل: <br />
، )2311( <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار، ص<br />
سورة حممد، اآلية:<br />
. 72<br />
. 11-10<br />
)2310(<br />
)2311(
وقول ه تع اىل: <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
)2312( ، واالتع اظ واالعتب ار م ن أه م مث ار س ياحة اآلاثر إض افة مل ا <strong>يف</strong> ذل ك م ن تعري ف<br />
<br />
لاخ رين َبل رتاث اإلس المي واملن اطق التارخيي ة اجلميل ة، واملن اطق األثري ة <strong>يف</strong> الس عودية غني ة بقيمته ا اإلس المية<br />
والتارخيية، وتضم اململكة العربية السعودية معامل أثرية تراثية <strong>يف</strong> أماكن متعددة تع د مغ رايت س ياحية تتق ارب <strong>يف</strong><br />
أمهيتها وتغطي فرتة زمنية تق ارب املليون عام اً وتش مل ف رتات م ا قب ل الت اريخ، فج ر الت اريخ، املمال ك العربي ة ،<br />
العص ر اجل اهلي، ف رتة النب وة والعص ور اإلس المية. وم ن أه م اجملموع ات الس ياحية األثري ة <strong>يف</strong> اململك ة اآلاثر<br />
املوج ودة <strong>يف</strong> مك ة املكرم ة واملدين ة املن ورة، وآاثر اللحي انيني <strong>يف</strong> منطق ة وادي الع ال، واألخ دود، وقص ر ش ربا<br />
التارخيي، ومنطقة سوق عك اظ، والس دود األثري ة مبنطق ة الط ائف، وآاثر منطق ة تب وك الش هرية، وم دائن ص احل<br />
مقر قوم مثود الذين أرسل هللا هلم صاحلاً علي ه وعل ى نبين ا الس الم ي دعوهم لعب ادة هللا، وجع ل م ن آايت ه الناق ة<br />
فكذبوه فعقروها فحق عليهم الع ذاب ، واس م مك ان ق وم مث ود ه و احلج ر ال ذي م ا زال ح ىت يومن ا ه ذا حيم ل<br />
<br />
ه ذا االس م وه و عل ى بع د<br />
400ك م َش ال املدين ة املن ورة حي ث ج اء <strong>يف</strong> الق رآن الك رمي: <br />
)2313( ،ك ذلك مدين ة ج رش ال يت تع ود إىل عص ر م ا قب ل اإلس الم، وهض بة<br />
<br />
<br />
العروس، وقصر شذا مبنطقة عسري وهو من أقدم وأهم املعامل األثرية. )2314(<br />
ويض اف إىل ذل ك وج ود ال رتاث العم راين املنتش ر <strong>يف</strong> أحن اء اململك ة ل يعكس أبمناط ه الشخص ية العمراني ة لك ل<br />
منطق ة والت أثريات املناخي ة وم واد البن اء املت وفرة وأس اليب احلي اة <strong>يف</strong> ك ل منطق ة، وال رتاث غري امل ادي املتمث ل <strong>يف</strong><br />
الع ادات والتقالي د الش عبية <strong>يف</strong> ك ل منطق ة، ويه تم مهرج ان اجلنادري ة ال ذي يق ام <strong>يف</strong> ال رايض ك ل ع ام هب ذه<br />
اجلوانب الرتاثية وهو حبد ذاته مصدر جذب سياحي.<br />
كم ا يوج د َبململك ة أكث ر م ن<br />
60<br />
الشعيب <strong>يف</strong> مركز امللك عبد العزيز التارخيي <strong>يف</strong> مدينة الرايض. )2315(<br />
متحف اً حكومي اً أو خاص اً م ن أش هرها املتح ف ال وطين ل ااثر وال رتاث<br />
6- املقومات االجتماعية:<br />
.<br />
)2312(<br />
)2313(<br />
)2314(<br />
)2315(<br />
سورة آل عمران، اآلية: 139-137<br />
سورة احلجر، اآلية:<br />
.<br />
. 80<br />
أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار، ص<br />
. 75<br />
موقع اململكة السياحي http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />
ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
. /http://WWW.mas.gov.sa
وه ي ال يت تص ف حي اة األم م وس لوكها وال يت جتم ع ب ني املاض ي الب ديع واحل ديث املتط ور َبإلض افة إىل ال نظم<br />
االجتماعية اليت تعيش <strong>يف</strong> ظلها. وقد اتسمت احلياة َبململكة العربي ة الس عودية وانف ردت مبواص فات اجتماعي ة<br />
مميزة انبعة من مكارم <strong>اإلسالم</strong> وأخالق العرب الكرمية.<br />
وقد أسهمت احلرك ة التجاري ة عل ى الس واحل الش رقية والغربي ة، ومواس م احل ج والعم رة <strong>يف</strong> دخ ول عناص ر أخ رى<br />
<strong>يف</strong> الرتكيب ة العام ة للس كان؛ مم ا أدخ ل ثقاف ات وأعراف اً أخ رى عربي ة وإس المية، وخصوص اً <strong>يف</strong> منطق ة احلج از<br />
حيث انصهرت مجيعه ا <strong>يف</strong> بوتق ة واح دة. وق د متي زت العالق ات املتبادل ة ب ني جمتمع ات الرع ي والزراع ة والص يد<br />
البحري والتجارة َبالنس جام والتع اون العتم اد ك ل م نهم عل ى اآلخ ر <strong>يف</strong> أتم ني االحتياج ات الض رورية، وعل ى<br />
الرغم من ذلك فإن التباين اجلغرا<strong>يف</strong> والبيئي أسهم <strong>يف</strong> تنوع التقالي د االجتماعي ة <strong>يف</strong> اجملتم ع، وم ن أب رز املقوم ات<br />
االجتماعية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية:<br />
ما تتمتع به من أمن وأمان حيث تقل فيه ا اجل رائم العارض ة أم ا املنظم ة فه ي معدوم ة متام اً، أم ا م ا حص ل <strong>يف</strong><br />
األع وام األخ رية م ن ح وادث إرهابي ة ك ان هل ا أث ر س ليب عل ى ج ذب الس ياح األجان ب )غ ري الس عوديني(<br />
للمملك ة فه و ال يتع دى الت أثري الس ليب عل ى اجلان ب االقتص ادي هل ذه الفئ ة و إال فم ا زال ت وال ت زال ب الدان<br />
حبمد هللا تتمتع َبألمن واألمان ومل تتأثر <strong>السياحة</strong> الداخلية وال أبناء البلد مبثل ذلك.<br />
وال شك أن هذا األم ن نعم ة كب رية م ن هللا تع اىل تع ود إىل إقام ة ح دوده وحتك يم ش رعه <strong>يف</strong> ه ذه ال بالد إض افة<br />
إىل متسك اجملتمع السعودي َبلتقالي د والع ادات العربي ة األص لية ال يت أقره ا اإلس الم وامت دحها وه ذه الق يم م ن<br />
شأهنا أن جتعل الفرد ميقت اجلرمية ويستهجنها كما أن للتقدم العلمي والصناعي أثر <strong>يف</strong> ذلك.<br />
وال شك أن النشاط السياحي حباجة ماسة لألمن املادي واملعنوي بكافة أش كاله خالف اً لألنش طة االقتص ادية<br />
األخ رى مم ا جيع ل األم ن مرتك زاً أساس ياً للتنمي ة الس ياحية، واألجه زة األمني ة <strong>يف</strong> اململك ة مل أتل جه داً <strong>يف</strong> ب ذل<br />
ك ل م ا م ن ش أنه حتقي ق األم ن أله ل ال بالد وقاص ديها وتق دمي الع ون واملس اعدة هل م ومكافح ة اجل رائم<br />
السياحية. )2316(<br />
كم ا أن السياس ة اإلعالمي ة هل ذه ال بالد تنطل ق م ن ق يم وع ادات وتقالي د أهله ا وعقي دهتم اإلس المية وت دعو<br />
لتهيئة األجواء النظ<strong>يف</strong>ة للسائحني بعيداً عن الفساد املستش ري <strong>يف</strong> ب الد الس ياحة اخلارجي ة، ف ال يوج د<br />
هللا تعاىل<br />
–<br />
–<br />
حبم د<br />
فيها مسارح ونواد ليلية للبغاء ومعاقرة املسكرات وال شواط حبرية جتمع األراذل وتشيع الفواحش<br />
كما هو احلال <strong>يف</strong> البلدان األخرى وال شك بوجود شيء من املخالفات واملنك رات لكنه ا وهلل احلم د ال تص ل<br />
إىل مثل تلك األحوال املشينة.<br />
)2316(<br />
األمن السياحي، علي اجلحين والبداينة والصياد وحممد فاروق، ص<br />
182<br />
، وما بعدها ، و ينظر: جريدة الرايض ، العدد<br />
3233<br />
الثالاثء ، 20<br />
1425 ربيع اآلخر<br />
. ه ، ص24
وال ش ك أبن أص الة ه ذا اجملتم ع وش يمه ومروءت ه وعفت ه ومتس كه بعقيدت ه وهويت ه اإلس المية ي ورث األم ن<br />
والطمأنين ة والس عادة والس ياحة النقي ة وم ا ي زال الغ رب منبه راً م ن متاس ك ه ذا اجملتم ع وطهارت ه وتالمح ه وأمن ه<br />
واعتزازه بعقيدته وهو األمر الذي <strong>يف</strong>تقده غريهم ويذوق بسبب ذلك<br />
الويالت. )2317(<br />
-7<br />
توافر اخلدمات السياحية:<br />
وتشمل:<br />
أ( اخلدمات الصحية:<br />
حي ث تت وفر <strong>يف</strong> اململك ة بني ة ص حية متكامل ة وش املة، تض م ع دداً كب رياً م ن املستش فيات واملراك ز الطبي ة<br />
املتخصص ة واجمله زة أبح دث التجهي زات الطبي ة، يتب ع ج زء منه ا للدول ة واجل زء اآلخ ر يتب ع للقط اع اخل اص.<br />
وتق دم أرق ى اخل دمات الص حية والتشخيص ية والعالجي ة أبح دث األجه زة واملع دات الطبي ة، وأص بحت<br />
مستشفياهتا ومراكزها الطبية املتخصصة مقصداً للراغبني <strong>يف</strong> احلصول على العالج.<br />
وتع د اململك ة م ن ال دول ال يت تقص د بغ رض الع الج م ن أحن اء خمتلف ة م ن الع امل، فق د انل ت عل ى س بيل املث ال<br />
نصيباً وافراً <strong>يف</strong> جمال زراعة األعضاء، فلم يعد نشاط املركز السعودي لزراعة األعض اء مقص وراً عل ى اململك ة ب ل<br />
تعدت خدماته لدول جملس التعاون اخلليجي، بل أصبحت قنوات االتصال دائبة احلركة لتبادل األعضاء احلية<br />
عل ى مس توى الع امل، وحقق ت املستش فيات املتخصص ة <strong>يف</strong> اململك ة جناح ات مرموق ة <strong>يف</strong> زراع ة القل ب والكب د<br />
وزراعة النخاع وجراحة العيون.<br />
كما دخلت اململكة مرحلة متقدمة <strong>يف</strong> الطب إبدخاهلا الطب االتصايل عرب األقمار الص ناعية إث ر افتت اح قس م<br />
االتصال الفضائي <strong>يف</strong> مستشفى امللك فيصل التخصصي َبلرايض.<br />
وتق وم مجعي ة اهل الل األمح ر الس عودي بتق دمي اخلدمات الص حية واالجتماعي ة واإلس عافية <strong>يف</strong> احل االت الطارئ ة<br />
ووقت األزمات من خالل مراكزها املنتشرة <strong>يف</strong> أحناء اململكة اليت تضم كوادر مؤهلة من األطباء واملسعفني.<br />
كما يوجد أكثر من صيدلية مناوبة يومياً <strong>يف</strong> كل مدينة.<br />
ب( االتصال:<br />
)2317(<br />
ينظر: الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية، لألمحد، ص202، وما بعدها، بتصرف.<br />
وقد م وضع إسرتاتيجية لسياحة متميزة تراعي خصوصية هذه البالد وأهلها وتركز على جعلها أمنوذجاً للسياحة املثالية املتحضرة الراقية<br />
املبنية على الثوابت والقيم <strong>اإلسالم</strong>ية واملتوافقة مع خصوصية اجملتمع وقيمه اليت يعتز هبا، ومما يؤكد هذا أن دخول اململكة ملنظمة <strong>السياحة</strong><br />
العاملية كان مشروطاً من قبل جملس الوزراء َبلتزامها َبلقانون األساسي للمنظمة فيما ال خيالف أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية واألنظمة<br />
السارية فيها، وأكد األمني العام للهيئة العليا للسياحة على ذلك <strong>يف</strong> قوله: )إننا سنلتزم َبألنشطة السياحية اليت تتوافق مع ما يؤمله أهل<br />
هذه البالد مبا يعود على الوطن َبخلري والربح و<strong>يف</strong> إطار من األخالق العربية األصيلة( ينظر: املصدر السابق، ص<br />
. 207-206
حيث يتوفر َبململكة العربية السعودية مجيع خدمات االتص ال األساس ية مث ل اهل اتف وال تلكس والربي د بنوعي ه<br />
العادي والسريع، الفاكس، اإلنرتنت، اهلواتف أبنواعها الثابتة واحملمولة.<br />
وميكن احلصول عل ى خدم ة اهل اتف احملم ول )GSM( واملعروف ة حملي اً َبس م )اجل وال(، إم ا م ن خ الل االش رتاك<br />
املباشر عن طريق شركة االتصاالت السعودية أو من خالل البطاقات املسبقة الدفع.<br />
كما ميكن احلصول على خدمة اإلنرتنت إما من خ الل االش رتاك املباش ر م ع ش ركات تق دمي اخلدم ة املتع ددة،<br />
أو م ن خ الل ش راء البطاق ات اخلاص ة َبإلنرتن ت وه ي مت وفرة بع دة ش رائح تتل ف حس ب م دة االتص ال<br />
والسعر، كما ميكن استخدام اإلنرتنت من خالل مقاهي اإلنرتنت املنتشرة.<br />
وتعترب أسعار خدمات االتصال <strong>يف</strong> اململكة مقبولة بشكل عام.<br />
ج( املواصالت والنقل:<br />
فتتوفر <strong>يف</strong> اململكة أحدث وأفضل وسائل املواصالت اجلوية والبحرية والربية:<br />
ففي الرحالت اجلوية:<br />
تق وم اخلط وط اجلوي ة العربي ة الس عودية بتش غيل كاف ة ال رحالت الداخلي ة أبس عار معقول ة ومناس بة، م ن خ الل<br />
)25( مطاراً إقليمياً وحملي اً تص ل أج زاء اململك ة ببعض ها، وتع د ح وادث الط ريان <strong>يف</strong> اململك ة م ن أق ل احل وادث<br />
عاملياً نظراً للعناية الفائقة والصيانة املستمرة والتحديث ألسطوهلا.<br />
ومن وسائل النقل الشبكة احلديدية:<br />
حي ث يت وفر <strong>يف</strong> اململك ة حالي اً خ ط س كة حدي د يس ري َبجت اه واح د عل ى امت داد 570ك م م ن ال رايض إىل<br />
الدمام <strong>يف</strong> املنطقة الشرقية، ومير هذا اخلط َبلظهران وبقيق واهلفوف وهرد، واخلرج.<br />
و<strong>يف</strong> السنوات األخرية أدخلت عدت عمليات حتسني وتطوير على هذا اخلط، كما م إنشاء خط إضا<strong>يف</strong> يربط<br />
بني الرايض بتسيري ثالث رحالت يومية.<br />
كما تتوفر شركات أتجري السيارات <strong>يف</strong> اململكة بكثرة َبإلضافة إىل وجود فروع لشركات دولية ومكاتب أتجري<br />
سيارات <strong>يف</strong> املطارات والفنادق.<br />
كما تتوفر وسائل النقل اجلماعي من خالل الشركة السعودية للنقل اجلماعي )سابتكو(<br />
وال يت أتسس ت <strong>يف</strong> ع ام 1399ه<br />
املدن الرئيسية <strong>يف</strong> اململكة.<br />
وتصص سابتكو حوايل<br />
-<br />
2000<br />
1979م . وه ي ت وفر خ دمات النق ل الع ام أبس عار مقبول ة داخ ل وب ني<br />
َبص كل عام خلدمة احلجاج <strong>يف</strong> مكة واملدينة. كما أهنا تقدم رح الت دولي ة<br />
لنقل املسافرين بني اململكة ومصر واألردن وسوراي واإلمارات العربية املتحدة، وقطر والكويت والبحرين وتركيا.<br />
كما تتوفر سيارات األجرة )الليموزينات( <strong>يف</strong> كافة املدن الرئيسية خاصة <strong>يف</strong> املطارات واملراكز التجارية.
د( السكن واإلقامة:<br />
يوجد َبململكة العديد من اخليارات املميزة لإلقامة، واليت تشتمل عل ى سلس لة م ن الفن ادق العاملي ة املنتش رة <strong>يف</strong><br />
مجي ع حمافظ ات وم دن اململك ة، َبإلض افة إىل الفن ادق األخ رى ذات ال درجات املختلف ة ل تالئم متطلب ات<br />
وميزانيات مجيع الفئات.<br />
ه ) اخلدمات الرايضية والرتفيهية واألسواق املتنوعة:<br />
فهن اك العدي د م ن األندي ة واملراك ز الرايض ية ال يت ت وفر العدي د م ن األلع اب الفردي ة واجلماعي ة، كم ا يوج د <strong>يف</strong><br />
اململكة عدد من حدائق احليوان ترتكز <strong>يف</strong> املدن الرئيسية وحتتوي ه ذه احل دائق عل ى م ا يق ارب األربع ني جنس اً<br />
من احليواانت.<br />
وتضم هذه احلدائق العديد من اخلدمات املساندة كاملطاعم واملقاعد املنتشرة <strong>يف</strong> ك ل مك ان ومواق ف الس يارات<br />
َبإلضافة إىل قطار للتنزه ومشاهدة معامل احلديقة.<br />
وحتتوي اململكة على عدد كب ري م ن املراك ز التجاري ة احلديث ة التص ميم، َبإلض افة إىل األس واق الش عبية املنتش رة<br />
<strong>يف</strong> عدد من حمافظات اململكة واليت تتميز بوجود البضائع التقليدية، مما يعطي التسوق فيها متعة فريدة.<br />
وتض م املراك ز التجاري ة احلديث ة أج ود الس لع احمللي ة والعاملي ة، َبإلض افة إىل اخل دمات املس اندة م ن مط اعم<br />
وأماكن للصالة ودورات مياه وأماكن أللعاب األطفال ومواقف للسيارات.<br />
وتق ام <strong>يف</strong> اململك ة ع دد م ن مهرج اانت التس وق ال يت تتمي ز بش موليتها واخنف اض أس عارها م ع م ا يرافقه ا م ن<br />
برامج ترفيهية وفقرات مسلية، َبإلضافة إىل توزيع اجلوائز املتنوعة.<br />
وحتتضن اململكة عدداً من مدن الرتفيه املصممة وفقاً للمفاهيم العاملية احلديثة من حيث التصميم واحملتوى.<br />
وتشتمل هذه املدن على آالف األمتار م ن املب اين املقفل ة واملس احات املكش وفة، وه ي تتض من ألع اب ج ذب<br />
تعليمية تشد الصغار والكبار معاً َبإلضافة إىل عدد من ألعاب املهارات وكذلك املسابقات املختلفة.
كم ا تض م ه ذه امل دن العدي د م ن اخل دمات املس اندة كاملط اعم واحمل الت واملع ارض ومواق ف الس يارات<br />
وغريها )1( .<br />
)1(<br />
ينظر فيما تقدم موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
و<br />
/http://WWW.sct.gov.sa موقع اململكة السياحي<br />
. http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />
ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
. /http://WWW.mas.gov.sa
املطلب الثاني<br />
االحتياجات
املطلب الثاين:االحتياجات<br />
1- االحتياجات املادية:<br />
أوالً: احلاجة إىل تطوير اهليكل التنظيمي للسياحة السعودية، ومعاجلة ما فيه من قصور.<br />
فلم يكن هناك أي كيان خمتص َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة قبل إنشاء اهليئة العليا للسياحة. وال زال هناك بعض<br />
الفجوات التنظيمية املهمة على املستوى اإلقليمي و<strong>يف</strong> القطاع اخلاص املرتبط هبذه الصناعة.<br />
وتعد اهليئة العليا للسياحة استناداً إىل مكانتها اهليئة الوطنية اإلدارية السياحية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.<br />
حيث تضطلع بدور وزارة للسياحة و<strong>يف</strong> الوقت نفسه هي جهاز قائم خارج نطاق اخلدمة املدنية الرئيس، يتوىل<br />
مسئولية تنمية وترويج <strong>السياحة</strong>، وتتبع اهليئة مباشرة جملس الوزراء.<br />
-1<br />
-2<br />
وأهم التحدايت وأكثرها إحلاحاً <strong>يف</strong> عملية منو وتطور صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية هو احلاجة<br />
إىل إنشاء هيكل تنظيمي مناسب وجاهز للعمل، وكذلك زايدة الطاقة السياحية لكل من القطاعني العام<br />
واخلاص. وبشكل عملي، فإن من أهم اخلطوات املطلوبة <strong>يف</strong> ذلك وأكثرها إحلاحاً هي )2318( :<br />
"بناء الطاقات للهيئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اجملاالت الرئيسة اخلاضعة ملسئوليتها، وعلى سبيل املثال،<br />
التخطيط ووضع السياسات، وتطوير املنتج والتسويق، وإدارة املعلومات والدراسات، واملهام<br />
التنظيمية واملتعلقة بضمان اجلودة.<br />
إنشاء هيئات سياحية <strong>يف</strong> املناطق واملساعدة <strong>يف</strong> بناء طاقاهتا.<br />
– أ<br />
ب<br />
ج<br />
–<br />
–<br />
وتعد عملية إنشاء <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املناطق أهم االحتياجات التطويرية املؤسسية اليت تلي عملية إنشاء اهليئة العليا<br />
للسياحة ، وذلك يعود لألسباب واالعتبارات الرئيسة التالية:<br />
الرقعة اجلغرافية الشاسعة، وتنوع املوارد ومستوايت التنمية السياحية احلالية واحملتملة <strong>يف</strong> اململكة، اليت<br />
تتطلب الرتكيز على املناطق والتنظيم الداعم إلكمال وتقوية عمل اهليئة العليا للسياحة .<br />
التقسيم اإلداري احلايل <strong>يف</strong> مناطق اململكة العربية السعودية الثالث عشرة اليت توفر إطار عمل مناسب<br />
ومريح هليكلة نظام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة <strong>يف</strong> م ؤازرة اخلطوط اإلقليمية.<br />
ستكون اهليئات السياحية <strong>يف</strong> املناطق على مقربة من املشغلني السياحيني الفرديني، وخاصة الشركات<br />
الصغرية واملتوسطة داخل نطاق عملها اجلغرا<strong>يف</strong>. وهكذا سيتمكنون من توفري وسيلة تنظيمية أفضل؛ مما ميكن<br />
)2318( ينظر: خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية 1441-1422ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.
– د<br />
حتفيز مشاركة القطاع اخلاص واجملتمع احمللي بشكل أكرب <strong>يف</strong> عملية تنمية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املنطقة بشكل <strong>يف</strong>وق<br />
قدرة اهليئة العليا للسياحة على املستوى الوطين.<br />
املعرفة احمللية واإلقليمية َبلسياحة، واليت تعد ضرورية لتشكيل السياسة الوطنية للهيئة العليا للسياحة،<br />
وميكن الوصول إىل التخطيط التشغيلي واإلسرتاتيجي على أفضل حنو من خالل التنظيمات اإلقليمية.<br />
و<strong>يف</strong> الوقت نفسه، هناك حاجة ملحة أخرى إلنشاء وتشغيل مجعيات القطاع السياحي اخلاص. ويعد هذا<br />
متطلباً أساسياً من أجل توحيد الصناعة ورفع مكانتها من خالل زايدة املشاركة، وحتسني مستوى االحرتافية،<br />
وزايدة معايري املنتجات واخلدمات ، َبإلضافة إىل توفري شركاء مناسبني ومؤثرين للهيئة العليا للسياحة<br />
وللهيئات السياحية املقرتحة <strong>يف</strong> املناطق.<br />
-3<br />
-4<br />
املساعدة <strong>يف</strong> تشكيل وتشغيل مجعيات املهن التجارية للقطاعات الرئيسة <strong>يف</strong> الصناعة.<br />
إكمال وتوضيح إطار العمل القانوين من أجل تسهيل اإلنشاء والتشغيل لكل من<br />
التنظيمي للسياحة <strong>يف</strong> اململكة". )2319(<br />
اهليكل<br />
)2319( املصدر السابق.
اثنياً: احلاجة إىل معاجلة معوقات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> كل اجلوانب.<br />
"فهناك جمموعة من العوائق اليت تواجه عملية االستثمار <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> كاليت تتعلق َبلقوى العاملة، والسوق،<br />
واملؤسسات، والبنية التحتية، والقضااي املالية. وجيب التعامل<br />
تقليصها إذا ما أريد لالستثمار النجاح.<br />
مع هذه األمور ومعاجلتها بشكل مقنع أو<br />
وتتضمن املشاكل املتعلقة َبلعمال قلة عدد السعوديني املؤهلني وقلة وجود املنشآت التدريبية. ومما يزيد من<br />
تعقيد هذه املشكلة صعوبة استقطاب الكفاءات األجنبية. وعالوة على ذلك ونتيجة ملا سبق، ينظر القطاع<br />
اخلاص إىل تطبيق عملية سعودة الوظائف على أهنا أحد أبرز العوائق اليت يواجهها.<br />
و<strong>يف</strong> الوقت الراهن تغطي صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة احتياجاهتا من القوى العاملة من العمالة األجنبية<br />
وخاصة العمالة األرخص من جنوب آسيا وجنوب شرقها. وتبلغ نسبة املواطنني العاملني <strong>يف</strong> القطاع حوايل<br />
فقط. %15-10<br />
ويتوقع مع حلول عام<br />
1441ه /<br />
2020م أن توفر صناعة <strong>السياحة</strong> ما جمموعه<br />
1.5<br />
مليون وظ<strong>يف</strong>ة مباشرة<br />
وغري مباشرة، وعليه فإن اجملال يعد مالئماً لتوفري فرص وظ<strong>يف</strong>ية للمواطنني كجزء من سياسة توطني الوظائف،<br />
لكن البد <strong>يف</strong> عالج هذا العائق وإشباع هذه احلاجة من تطبيق سياسة السعودة بصورة مرنة وتدرجيية، وذلك<br />
للعديد من األسباب اليت تشمل:<br />
ً أوال: وجود األفكار اخلاطئة والسلبية املتأصلة اليت تدور حول العمل <strong>يف</strong> اجملال السياحي، وخاصة <strong>يف</strong> قطاع<br />
الضيافة، وهلذا فالرغبة <strong>يف</strong> العمل السياحي لدى بعض املواطنني منخفضة بشكل كبري.<br />
اثنياً: أن منشآت التعليم والتدريب السياحي احلالية غري كافية، وهذا يعين أن قدرة اململكة على توفري العدد<br />
الكا<strong>يف</strong> من األفراد ذوي الكفاءات واملهارات املناسبة خالل فرتة زمنية قصرية حمدودة.<br />
وتتضمن األسباب األخرى اآلاثر السلبية لتطبيق عملية السعودة بشكل عشوائي على الكفاءات التشغيلية،<br />
وتنافسية األسعار، والرحبية بشكل عام.<br />
ولذلك ستتبىن اهليئة العليا للسياحة خطة لتنمية املوارد البشرية السياحية، وستكون أهدافها األساسية على<br />
النحو التايل:<br />
<br />
<br />
إطالق محالت توعية مكثفة لتغيري الصورة النمطية السلبية االجتماعية والثقافية<br />
السياحي لتشجيع املواطنني على االخنراط <strong>يف</strong> الوظائف السياحية.<br />
حول العمل <strong>يف</strong> القطاع<br />
حتسني بيئة العمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي، َبإلضافة إىل توفري احلوافز املشجعة للموظفني وأصحاب<br />
العمل.
تطوير نظام اعتماد أكادميي ملناهج ومقررات التعليم والتدريب السياحي مبين على معايري حمددة<br />
للمهارات الوظ<strong>يف</strong>ية املتفق عليها؛ ليؤدي بدوره إىل االعرتاف املهين َبلوظائف السياحية، وفتح اجملال<br />
أمام املستقبل املهين.<br />
العمل والتنسيق بشكل لصيق مع وزارة العمل، وصندوق تنمية املوارد البشرية، واملؤسسة العامة للتعليم<br />
الفين والتدريب املهين والشركاء الرئيسيني اآلخرين.<br />
إجياد املزيد من مؤسسات وبرامج التعليم والتدريب السياحي وخاصة على مستوى املهن واإلشراف<br />
واإلدارة، واليت ستوجه لتطوير وتوفري كوادر مؤهلة للعمل <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong>.<br />
تبين مبادرات التوظ<strong>يف</strong> والتسكني، وسياسات منع تسرب املوظفني، والعمل على توفري التدريب<br />
املستمر.<br />
طرح برانمج خدمة العمالء )اي هال( جلميع موظفي الصفوف األمامية الذين تتطلب طبيعة أعماهلم<br />
التعامل املباشر مع السياح. )2320(<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
كما أن من أهم العوائق اليت تواجه صناعة <strong>السياحة</strong> فيما خيتص َبلقضااي السوقية هي مومسية الصناعة اليت<br />
تضعف بدورها عملية االستثمار. وسيتم من أجل عالج هذه املشكلة طرح العديد من املنتجات السياحية<br />
وتنويع جماالت السوق. َبإلضافة إىل ذلك، هناك حاجة إىل إعادة النظر <strong>يف</strong> بعض اإلصالحات املؤسسية<br />
مثل تغيري نظام اإلجازات املدرسية التقليدية، وضرورة أن يصاحب ذلك تغيري لنظام اإلجازات <strong>يف</strong> اخلدمة<br />
املدنية.<br />
وأما خبصوص العوائق املؤسسية، مثلما يراها القطاع اخلاص، فإهنا ترتكز على تضارب النظم والقوانني وعدم<br />
وضوحها وعدم الشفافية، ويشكل ذلك عائقاً لألعمال التجارية.<br />
<strong>يف</strong> حني ال يبدو أن توفر رأس املال يشكل مشكلة للشركات الكربى، إال أنه وبال شك يعد عائقاً أمام<br />
املؤسسات املتوسطة والصغرية احلجم. ومبا أن طابع املؤسسات املتوسطة والصغرية هو الغالب على صناعة<br />
<strong>السياحة</strong>، فبالتأكيد ستتأثر عملية تطور هذه الصناعة ومنوها بذلك إن مل يتم معاجلة هذه القضااي وتلك<br />
األخرى ذات الصلة بشكل كامل". )2321(<br />
وقد قدمت جلنة الشؤون االقتصادية والطاقة مبجلس الشورى تقريراً <strong>يف</strong><br />
23<br />
ربيع اآلخر 1426ه ذكرت فيه<br />
مشكالت مجة تعاين منها <strong>السياحة</strong>، وطالبت إبعداد برامج إعالمية للتعر<strong>يف</strong> َبلسياحة الداخلية وَبلتنسيق<br />
)2320(<br />
املصدر السابق، و مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />
وموقع اهليئة العليا للسياحة<br />
/http://WWW.mas.gov.sa<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
)2321(<br />
املصادر السابقة، والرايض العدد<br />
، 13169 األربعاء<br />
، و أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار.<br />
26 مجادى األوىل 1425ه ، ص<br />
. 24
مع اخلطوط السعودية ووكالء السفر لتشجيع الرحالت وتقدمي أسعار مناسبة كما طالبت إبشراف اهليئة على<br />
الفنادق والشقق من حيث تصن<strong>يف</strong>ها والتصريح هلا ملا يعانيه هذا القطاع من سوء تنظيم وذكر التقرير أبن من<br />
الصعوَبت اليت تواجه اهليئة: تداخل األدوار واملسؤوليات وغياب املعلومات وندرة الكفاءات الوطنية<br />
املتخصصة وعدم كفاية املوارد املالية. )2322(<br />
ينظر: جريدة اجلزيرة ، الثالاثء 24/ربيع اآلخر/ 1426ه العدد<br />
، 11905 ص8 .<br />
)2322(
اثلثاً: احلاجة إىل ضمان جودة املنتج السياحي واإلشراف على ذلك وتنظيمه ومعاقبة املخالفني.<br />
ويكون ذلك بعدم فتح الرتاخيص للقطاعات السياحية إال بعد توفر أدىن حد من املقاييس العاملية فيما<br />
خيتص َبلسالمة واألمن والنظافة واالحرتافية والكفاءة، وهذا حيتاج أيضاً إىل نقل خمتلف الوظائف التنظيمية<br />
والصالحيات ذات الصلة َبلقطاعات السياحية من اإلدارات احلكومية املختلفة املسئولة عنها حالياً إىل اهليئة<br />
العليا للسياحة كما <strong>يف</strong>تقر ضمان جودة املنتج السياحي إىل خفض أسعار اخلدمات السياحية ومنع التالعب<br />
)2323(<br />
واملغاالة واالستغالل فيها.<br />
رابعاً: احلاجة إىل زايدة الوعي حول إمكاانت <strong>السياحة</strong> الداخلية ومعاجلة املخاوف اليت تدور حول حتمل<br />
تكال<strong>يف</strong> املنتجات السياحية احمللية وقدرهتا على املنافسة مع ما يوجد <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> األجنبية من مثيل.<br />
وهذا يشمل توعية القطاع اخلاص جبدوى االستثمار السياحي وتقدمي التسهيالت له <strong>يف</strong> سبيل ذلك.<br />
كما يشمل توعية اجملتمع عموماً جبدوى <strong>السياحة</strong> الداخلية وإبراز حماسنها وتطويرها واستخدام وسائل اجلذب<br />
والرتويج هلا، وإبراز مفاسد ومساوئ <strong>السياحة</strong> اخلارجية وذلك عرب وسائل اإلعالم املرئي واملسموع واملقروء<br />
)2324(<br />
فلإلعالم السياحي أمهية َبلغة <strong>يف</strong> معاجلة ذلك.<br />
خامساً: احلاجة إىل إجياد شرطة خاصة بتنظيم<br />
ومتابعة شؤون السياح على غرار الدول املتقدمة <strong>يف</strong> هذا<br />
اجملال. )2325(<br />
سادساً: احلاجة إىل تقوية وتعزيز قنوات توزيع الرحالت السياحية الداخلية والتفاهم مع الناقل اجلوي<br />
الستيعاب الرحالت املومسية مبرونة وتنظيم فائق.<br />
سابعاً: احلاجة إىل حصر املواقع السياحية وتقدمي خدمات اإلرشاد السياحي هلا والعناية بتنظيمها<br />
ونظافتها وجتهيز مواقع <strong>السياحة</strong> البيئية ابخلدمات املهمة. )2326(<br />
)2323(<br />
ينظر: املصادر السابقة، و<br />
السبت 29، مجادى األوىل 1425ه ، ص17<br />
WWW.suad.net/mktarat/egazh/15. htm<br />
، وجريدة الرايض العدد<br />
،13172<br />
1421ه ،<br />
.<br />
)2324(<br />
)2325(<br />
ينظر: اإلعالم السياحي، حممد منري حجاب، ص<br />
. 70<br />
ينظر: األمن السياحي، علي اجلحين والبداينة والصياد وحممد فاروق، وجملة الدعوة العدد<br />
25 ، 1752<br />
)2326(<br />
ربيع اآلخر<br />
ص25 ، وقد صرح األمني العام للهيئة أبهنم بصدد دراسة إنشاء قطاع أمين للسياحة َبلتعاون مع وزارة الداخلية، وكلية امللك فهد<br />
األمنية.<br />
<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة، إبراهيم األحيدب، وقد فصَّل وبَنيََّ طريقة حتقيق هذه احلاجة، و ينظر: جريدة اجلزيرة ، العدد<br />
، 11609 األحد 23<br />
، مجادى األوىل 1425ه ، ص29 ، والرايض العدد<br />
، 13164 اجلمعة<br />
21 مجادى األوىل 1425ه ، ص<br />
13<br />
، والعدد ، 13163 اخلميس<br />
20 مجادى األوىل 1425ه ، ص12
وقد أمجلت إحدى الكاتبات ما تفتقده <strong>السياحة</strong> الداخلية من مقومات النجاح بقوهلا: "حنن <strong>يف</strong> الواقع نفتقد<br />
مقومات اجلذب فغالء األسعار مقرتنة خبدمة متواضعة مع االفتقار للتجديد واإلبداع.<br />
حيث نرى اجلهود املبذولة مكررة والفعاليات <strong>يف</strong> كل مناسبة كإجازة – العيد، الص<strong>يف</strong>، آخر األسبوع –<br />
نفسها وإن اختلفت التسميات. إننا حباجة جلهود أكرب تتوافق مع تطلعات مدينة طموحة كالرايض اليت<br />
نتمىن أن نراها سباقة <strong>يف</strong> التميز واإلبداع والكف عن جمرد الدوران <strong>يف</strong> حلقة واحدة دون التقدم خطوة لفتح<br />
نوافذ جديدة للرتفيه السياحي مبا ال يتعارض مع مبادئنا <strong>اإلسالم</strong>ية. ومع قدوم فصل الص<strong>يف</strong> سيقفز السؤال<br />
ملحاً "أين نذهب للرتفيه كعائلة"؟.<br />
نعم متتل مدننا َبملنتزهات وأماكن الرتفيه لكنها متتل هي األخرى َبملفارقات الغريبة والتخطيط العشوائي<br />
الذي يربز أكثر من خالل التطفل على خصوصيات الغري بال مربر وحماولة احتكار املكان من قبل صاحبه<br />
لفرض أنظمته الشخصية وما يتوافق مع أهوائه ومرئياته اخلاصة إبجحاف واضح حبق املستخدمني ، ويربز<br />
أيضاً من خالل االستغالل املادي املقيت من قبل أصحاب املنشأة ، فتجد أنك تضطر أبسى أن تدفع<br />
مبالغ كبرية دون أن يكون مقابل ذلك خدمة ممتازة، فلدينا <strong>يف</strong> الواقع افتقار للتخطيط والتنظيم السليم الذي<br />
ميكن أن نطوعه ببساطة ليتناسب مع خصوصيتنا الدينية و<strong>يف</strong> نفس الوقت يرضي طموحاتنا، بدالً من<br />
االعتماد على وجهات نظر شخصية ملوظفني <strong>يف</strong>تقدون أبسط أجبدايت التعامل مع الغري واحرتامهم فما َبلك<br />
بتقدمي خدمة مميزة هلم مستغلني حاجة الناس هلم <strong>يف</strong> ظل حمدودية ما هو موجود، أيضاً َبت من الضروري<br />
إجياد هيئة رقابية تقوم بعملية تنظيم األسعار مبا يتوازى مع اخلدمات املقدمة محاية للمستهلك ومبا يصب<br />
بذات الوقت <strong>يف</strong> مصلحة كال الطرفني، فمن غري املنطقي مثالً أن يصل إجيار شاليه لليلة واحدة <strong>يف</strong> أحد<br />
مدننا الساحلية إىل ألف ومخسمائة رايل وسعر الشقة الواحدة <strong>يف</strong> الليلة إىل ما يزيد عن ألف رايل! فليس<br />
هناك مربر واحد هلذا الغالء حىت لو افرتضنا أن هناك خدمة جيدة، فأنت لن تضطر إىل دفع سوى نصف<br />
أو ربع هذا املبلغ لو كنت <strong>يف</strong> مدن أخرى كبريوت، أو القاهرة مثالً.<br />
وعلى رجال األعمال أصحاب العقليات التجارية أن يكونوا واقعيني <strong>يف</strong> تقديراهتم للسياحة لدينا على األقل<br />
<strong>يف</strong> الوقت الراهن حىت تزدهر <strong>السياحة</strong> وترتقي ملستوى ما أنمله بعد ذلك لن نستخسر أن ندفع هبا ما نصرفه<br />
<strong>يف</strong> دول أخرى وأكثر". )2327(<br />
جريدة الرايض ، العدد<br />
، 13542 اجلمعة<br />
16 مجادى اآلخرة 1426ه ، ص<br />
18<br />
، مقال ندى اهلدلق.<br />
)2327(
2/ االحتياجات املعنوية:<br />
أوالً: احلاجة إىل نشر الوعي السياحي املنضبط بتعاليم الدين <strong>اإلسالم</strong>ي احلن<strong>يف</strong> واخلايل من املنكرات <strong>يف</strong><br />
األقوال واألعمال واحلامل لألفراد على العناية َبملناطق السياحية وعدم العبث هبا أو تشويهها واحملافظة عليها<br />
كثروة وطنية.<br />
اثنياً:<br />
احلاجة إىل استثمار <strong>السياحة</strong> الداخلية <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا عرب وسائل اإلعالم ومن خالل املخيمات<br />
)2328(<br />
الدعوية <strong>يف</strong> املناطق السياحية ومن خالل توزيع الكتيبات واملطوايت واألشرطة النافعة.<br />
اثلثاً:<br />
احلاجة إىل العناية َبلنشاطات الثقافية كأحد أوجه النشاط السياحي.<br />
)2328( ينظر: منوذج لذلك <strong>يف</strong> مهرجان أهبا <strong>يف</strong> املرفقات )34(.
املطلب الثالث<br />
وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي
املطلب الثالث:وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
يتفنن القائمون واملهتمون بصناعة <strong>السياحة</strong> – سواء كانوا جهات دولية أو قطاع خاص – <strong>يف</strong> استخدام كل<br />
الوسائل الرتوجيية جلذب السياح.<br />
وميكن إمجال هذه الوسائل <strong>يف</strong> ثالثة عناصر أساسية هي:<br />
اخلصائص املكانية.<br />
اخلصائص اخلدمية.<br />
اإلعالم أو اإلعالن السياحي.<br />
فأما الوسيلة أو العنصر األول وهو اخلصائص املكانية فيتمثل <strong>يف</strong> استغالل ما يتميز به املكان من خاصية<br />
طبيعية أو دينية أو اترخيية أو ثقافية وحضارية أو غري ذلك فتستغل كأداة أو وسيلة للجذب والرتويج، فمن<br />
األماكن ما له خصائص طبيعية وهبها هللا إايه كمناخ لط<strong>يف</strong> أو خضرة غناء وحدائق ذات هبجة أو شالالت<br />
وأهنار وحبريات أو مناطق جبلية ذات طبيعة خالبة فعلى سبيل املثال ظلت شالالت نياجرا من أهم<br />
)2329(<br />
العجائب الطبيعية لعدة قرون مث م استغالهلا فيما بعد كعنصر جذب .<br />
وهذه الوسيلة مباحة بال شك ، وقد نص القرآن على السري <strong>يف</strong> األرض والتفكر <strong>يف</strong> عجيب صنع هللا وبديع<br />
خلقه.<br />
ومن األماكن ما له خاصية دينية كاملساجد الثالثة <strong>يف</strong> مكة واملدينة والقدس وكاملساجد التارخيية <strong>يف</strong> املدينة<br />
املنورة كقباء والقبلتني وغريمها، ويدخل <strong>يف</strong> ذلك –كعنصر جذب<br />
–<br />
املزارات واملشاهد املبتدعة وكل مكان به<br />
قدسية دينية وقد تقدم الكالم عن حكم شد الرحال لغري املساجد الثالثة وأن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة هلا<br />
أحكامها اخلاصة <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية، وإذا كان شد الرحال لغري املساجد الثالثة من مساجد وقبور<br />
ومشاهد وغريمها مما يقصد على سبيل القربة حمرماً فك<strong>يف</strong> أبماكن عبادة الكفار ولذا فمن التخلف العقدي<br />
ما يقوم به بعض املسلمني من تشجيع <strong>السياحة</strong> لزايرة القبور واملشاهد كمشهد علي <strong>يف</strong> النجف ومرقد عبد<br />
القادر اجليالين ببغداد وكاجلامع احلسيين َبلقاهرة وال شك <strong>يف</strong> حرمة ذلك وقد تقدم بيانه فال حاجة إلعادته<br />
لكن املقصود هنا أن هذه الوسيلة جيوز استخدامها للسياحة <strong>يف</strong> املساجد الثالثة فقط.<br />
ومن األماكن ما له خاصية اترخيية كمنطقة العال حيث يوجد فيها كثري من األماكن التارخيية وكمدائن صاحل<br />
إضافة إىل أماكن الغزوات <strong>اإلسالم</strong>ية كبدر وأحد وغريمها، وهذه اآلاثر تعترب <strong>يف</strong> زمننا من أفضل وسائل<br />
اجلذب السياحي فاإلنسان ال ينفك عن حب االستطالع، و<strong>يف</strong> اململكة آاثر ال حتصى ، وكذلك توجد<br />
)2329(<br />
ينظر: أصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محيد الطائي، ص225 ، وما بعدها، و أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار،<br />
ص109 ، <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة، إبراهيم األحيدب، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر، خلود اخلطيب.
األهرامات <strong>يف</strong> مصر وبعلبك <strong>يف</strong> لبنان وكذا املتاحف األثرية <strong>يف</strong> كثري من املدن وبرج إ<strong>يف</strong>ل <strong>يف</strong> فرنسا ما بين أصالً<br />
إال كعنصر جذب <strong>يف</strong> هناية القرن التاسع عشر. )2330(<br />
والقرآن أمر َبلسري <strong>يف</strong> األرض والنظر <strong>يف</strong> أحوال السابقني وأخذ العظة والعربة من ذلك والبد من استخدام<br />
هذا املنهج <strong>يف</strong> مثل هذه الوسيلة فال يكون الرتويج لالماكن التارخيية عرايً عن أخذ العرب والدروس مما حل هبم<br />
وبيان ذلك حىت للسائح غري املسلم ليتعرف على تلك احلضارات وما حل أبهلها ويُ ْستَغَل ذلك <strong>يف</strong> دعوته<br />
للحق وتبصريه به أما استخدام هذه الوسيلة <strong>يف</strong> إحياء الوثنيات والتأمل <strong>يف</strong> الشكليات وبعث روح القومية<br />
واجلاهلية <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> فإنه منكر عظيم ال جيوز السكوت عنه حبال. )2331(<br />
كما أن من األماكن ما له خاصية ثقافية أو حضرية كاألندلس )أسبانيا حالياً( وكالبالد املتقدمة صناعياً أو<br />
اليت يكثر فيها املثقفون والعلماء واملكتبات ودور النشر.<br />
ومن األماكن ما له خاصية جتارية كالدول اليت تتميز مبوقع جتاري إسرتاتيجي وتكثر فيها األسواق واملراكز<br />
التجارية واملناطق الصناعية واملعارض التجارية الدولية. )2332(<br />
وهذه الوسائل األصل فيها اإلَبحة ما مل تشتمل على حمظور شرعي، كأن تفوت حقاً أو تضيع واجباً أو<br />
تستهلك أموال املسلمني وتبذر فيما ال حاجة فيه. )2333(<br />
)2330(<br />
املصادر السابقة، و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />
/http://WWW.sct.gov.sa<br />
http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />
هاشم انقور، ص280<br />
.<br />
)2331(<br />
و موقع اململكة السياحي<br />
، وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ،<br />
ففي مصر على سبيل املثال تزعم لويس عوض وهو عريب مسيحي مصري الدعوة للفرعونية وإحياء التاريخ الفرعوين واتريخ رمسيس<br />
وبناة األهرامات وزعموا أبن العامية املصرية ذات جذور قدمية ال صلة هلا َبلعربية الفصحى وأن تقدمهم احلضاري متوقف على إحياء<br />
اآلاثر الفرعونية وعلومها وآداهبا وفنوهنا،<br />
وهكذا <strong>يف</strong>عل أعداء هللا <strong>يف</strong> كل بلد إسالمي توجد فيه آاثر قدمية، فنسأل هللا أن يرد كيدهم <strong>يف</strong> حنورهم، ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ،<br />
هاشم انقور، ص284-283<br />
، بتصرف .<br />
ينظر: جريدة احلياة، العدد<br />
13557، االثنني 1421/1/19ه ، و www.moheet.com<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور، ص287، بتصرف.<br />
)2332(<br />
)2333(
وأما الوسيلة الثانية وهي اخلصائص اخلدمية:<br />
فتتمثل <strong>يف</strong> إجياد خدمات سياحية متنوعة وجذابة وتستعمل كأداة جلذب السياح، ومن تلك اخلدمات:<br />
اخلدمات الطبية العالجية وقد تكون طبيعية كحمامات ما عني <strong>يف</strong> األردن مثالً أو صناعية حيث تكثر املدن<br />
الطبية <strong>يف</strong> البلدان املتقدمة وتستعمل كعنصر جذب جيمع بني االستشفاء و<strong>السياحة</strong>.<br />
وكذلك اخلدمات الرايضية أبنواعها املختلفة من سباحة ورماية وسباقات للخيول وألعاب رايضية كحمل<br />
األثقال واملصارعة وكرة القدم والسلة واملراكز الرايضية الشاملة وملزودة أبحدث األجهزة الرايضية.<br />
ومن اخلدمات ما يكون للرتفيه والتسلية:<br />
كإقامة املهرجاانت واالحتفاالت املتعددة، وإقامة املنتجعات )2334( ، والفنادق واحلدائق واملالعب ودور القمار<br />
والبغاء وحدائق احليوان واحملميات واملالهي واملسارح ومراكز الفنون االستعراضية وغريها من املرافق اخلدمية<br />
الرتفيهية. )2335(<br />
وهذه الوسيلة األصل فيها اإلَبحة ما مل تشتمل تلك اخلدمات على حمظور شرعي كاملهرجاانت الغنائية<br />
واالحتفاالت البدعية واملناسبات املشتملة على منكر من اختالط وفجور وغريه وكدور القمار والبغاء<br />
واملسارح ومراكز الفنون االستعراضية املعروفة َبلسريك وال تلو من استخدام السحر وكاملصارعة املعروفة<br />
حديثاً ملا فيها من تكشف وإظهار للعورات واعتداء على الغري فكل خدمة اشتملت على حمرم أو أدت إليه<br />
أو غلبت مفسدهتا فإهنا حمرمة شرعاً وال جيوز استخدامها <strong>يف</strong> الرتويج السياحي.<br />
واألصل <strong>يف</strong> املسلم اجلد والعزوف عن اللهو واللعب واهلزل وسفاسف األمور وإضاعة الوقت <strong>يف</strong> غري فائدة؛<br />
ألنه حماسب ومسئول عن وقته وماله وعمله وأنفاسه.<br />
والناظر <strong>يف</strong> حال اخلدمات السياحية <strong>يف</strong> بالد املسلمني جيد أكثرها مل يسلم من التشبه َبلكفار وال تكاد تلو<br />
من منكرات وقد تقدمت اإلشارة إىل ذلك، وتعليل مثل ذلك َبحلد من <strong>السياحة</strong> اخلارجية ال يربر نقل<br />
مظاهر <strong>السياحة</strong> اخلارجية املخالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية إىل بالد املسلمني، ف<strong>اإلسالم</strong> ال يقف عائقاً أمام الرتويح<br />
عن النفس لكنه يضبط ذلك وأيطره مبا ح<strong>يف</strong>ظ للمجتمع نقاءه وصفاءه وطهره وعفافه وأمنه وأمانه. )2336(<br />
)2334(<br />
يكمن الفرق بني املنتجعات وغريها من املرافق الفندقية <strong>يف</strong> انحيتني: املوقع والوظ<strong>يف</strong>ة:<br />
فاملنتجعات غالباً ما تقع <strong>يف</strong> أفضل األماكن الطبيعية مقارنة َبلفنادق اليت تنشأ عادة <strong>يف</strong> املدن، وعلى املستوى الوظ<strong>يف</strong>ي تتيح املنتجعات<br />
أكثر من جمرد تقدمي خدمة اإلقامة والطعام للنزالء فتقدم هلم أيضاً وسائل اإلقامة املرحية وأماكن الرتفيه والرايضات املختلفة.<br />
ينظر: صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر ، خلود اخلطيب،<br />
. 60<br />
)2335(<br />
ينظر: أصول صناعة <strong>السياحة</strong>، محد الطائي، ص<br />
ص33 ، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر ، خلود اخلطيب.<br />
225<br />
)2336(<br />
ينظر: أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور،<br />
.287<br />
وما بعدها، وتسويق اخلدمات السياحية، إلياس والرفاعي والدمياسي وعطري،
وأما الوسيلة الثالثة وهي اإلعالم أو اإلعالن السياحي:<br />
فهو من أهم عناصر الرتويج السياحي إن مل يكن أكثرها أمهية <strong>يف</strong> هذا العصر، بل إن جناح أي برانمج<br />
سياحي يتوقف على قدرة الشركة السياحية على تروجيه عرب وسائل اإلعالم مما يوجد تفاعالً إجيابياً بني<br />
السائح وبني املعلومات اليت حصل عليها عن طريق اجلهود الرتوجيية واإلعالن بصفة عامة هو نشر املعلومات<br />
والبياانت عن السلع أو اخلدمات أو األفكار أو املؤسسات أو غريها بقصد بيعها وتسويقها أو املساعدة<br />
)2337(<br />
فيه.<br />
وعرف اإلعالن السياحي أبنه:<br />
"اجلهود غري الشخصية اليت تعمل على التأثري <strong>يف</strong> وجدان وعواطف ومدركات السياح وتوجيه سلوكهم<br />
السياحي حنو التعاقد على برانمج سياحي معني أو على خدمات سياحية لشركة سياحية حمدودة". )2338(<br />
وهو مهم جداً <strong>يف</strong> تدفق السواح وجناحه يعين جناح <strong>السياحة</strong>.<br />
وقد يكون اإلعالن السياحي رمسياً سواء على املستوى احمللي أو العاملي حبيث تقوم به الدول أواهليئات<br />
السياحية احلكومية وتعمل على إقناع السائح أبمهية االستمتاع مبا تتميز به الدولة من هبات طبيعية أو آاثر<br />
اترخيية أو مقدسات دينية أو غري ذلك، وقد يكون خاصاً تقوم به شركات ووكاالت <strong>السياحة</strong> لإلعالن عن<br />
براجمها اخلاصة، وقد يكون شخصياً )2339( ، ومنه ما يكون بقصد إرشاد السياح وتوجيههم وتنمية الوعي<br />
السياحي لدى املواطنني، ومنه ما يكون بقصد املنافسة <strong>يف</strong> إبراز خصائص املنتج السياحي.<br />
والوسائل املستخدمة <strong>يف</strong> اإلعالن منها املرئي كالقنوات التلفازية ومواقع اإلنرتنت ومنها املسموع كاإلذاعات<br />
ومنها املقروء كالصحف واجملالت ولكل منها مسات ومميزات خاصة به. )2340(<br />
)2337(<br />
ينظر: اإلعالم السياحي، حممد منري حجاب، ص75.<br />
واإلعالن <strong>يف</strong> اللغة من العالن واملعالنة وهي اجملاهرة وعلن األمر يعلن علوانً وعالنية إذا أشاع وظهر والعالن واملعالنة إذا أعلن كل واحد<br />
لصاحبه ما <strong>يف</strong> نفسه وهللا تعاىل يقول: مث إين أعلنت هلم وأسررت هلم إسراراً ويقول:<br />
وينفقوا مما رزقناهم سراً وعالنية وَبستقراء استعماالت الفقهاء هلذه الكلمة يظهر عدم خروجهم عما سبق من اجملاهرة واإلشاعة<br />
واملبالغة <strong>يف</strong> اإلظهار.<br />
ينظر: لسان العرب، البن منظور، والقاموس احمليط، مادة علن<br />
1096<br />
، واإلعالن، ملساعد الفاحل، ص14<br />
، بتصرف.<br />
)2338(<br />
)2339(<br />
اإلعالم السياحي، حممد حجاب، ص93<br />
.<br />
وذلك من خالل قيام من له أثر <strong>يف</strong> اجملتمع جلاهه أو ماله أو علمه أو منصبه َبلدعاية للسياحة وحث الناس عليها ومن أمثلة ذلك<br />
ما قام به األمني العام للهيئة كما <strong>يف</strong> جريدة اجلزيرة العدد<br />
11613، اخلميس<br />
برشلونة وكذلك ما قام به الشيخ الدكتور عبد هللا اجلربين <strong>يف</strong> جريدة الرايض عدد<br />
أثىن على <strong>السياحة</strong> الداخلية ودعى إليها، ينظر: املرفقات )35(.<br />
27 مجادى األوىل 1425ه خالل افتتاحه جلسة منتدى<br />
، 13168 الثالاثء<br />
،1903<br />
)2340(<br />
25 مجادى األوىل 1425ه حيث<br />
اإلعالم السياحي، حممد حجاب ، وتسويق اخلدمات السياحية، إلياس والرفاعي والدمياسي وعطري، ص33، وجملة الدعوة العدد<br />
2/مجادى اآلخرة 1424ه ، ص<br />
.53-52
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
ويعد موقع اهليئة العليا للسياحة على اإلنرتنت أحد الوسائل الرمسية <strong>يف</strong> اإلعالن السياحي <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />
السعودية ويقدم مزجياً من املعلومات واألخبار والدراسات والبحوث املتعلقة َبلسياحة الداخلية والعاملية وهو<br />
املصدر األساسي للفصل الثالث من هذا البحث وهو موقع حيوي يتم حتديثه بشكل يومي وقد كان افتتاحه<br />
<strong>يف</strong> يوم 28/ربيع األول عام 1424ه وأصبح يقدم األخبار والتقاريراليومية وامللف الصحفي اخلاص بكل ما<br />
)2341(<br />
يهم <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الصحافة إضافة إىل املقاالت واللقاءات والبحوث والدراسات ومشاركات اهليئة.<br />
ومن أهم خصائص اإلعالن السياحي الناجح:<br />
جتانسه مع عادات وتقاليد واتريخ وقيم اجملتمع املخاطب.<br />
اعتماده على احلقائق والبياانت الصادقة املعربة دون مبالغة أوكذب.<br />
تعبريه عن احملفزات السياحية وعناصر اجلذب السياحي من أماكن وخدمات وأسعار خمفضة<br />
وحنو ذلك.<br />
تنوع وتطور املادة السياحية لتالئم خمتلف األذواق. )2342(<br />
وأهم أهداف اإلعالن السياحي:<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
زايدة عدد السائحني للمنطقة املعلن عنها وجين العوائد االقتصادية املثمرة.<br />
التعر<strong>يف</strong> بنمط جديد من األمناط السياحية مع الرتكيز على مقوماهتا وتسهيالهتا السياحية.<br />
تكوين صورة ذهنية إجيابية للمنتج السياحي.<br />
متهيد الطريق أمام منظمي الربامج السياحية والوسطاء لطرح براجمهم. )2343(<br />
-1<br />
وهذه الوسيلة – اإلعالن السياحي – األصل فيها اإلَبحة ملا فيها من تسهيل معامالت الناس وخدمتهم <strong>يف</strong><br />
معاشهم وتعر<strong>يف</strong>هم حبوائجهم وهي وسيلة لذلك والوسائل هلا أحكام املقاصد فإذا كان املعلن عنه مباحاً كان<br />
ومن<br />
اإلعالن مباحاً، لكن على املعْلِّن أال خيالف <strong>يف</strong> ذلك املقاصد الشرعية والضوابط الفقهية للتجارة )2344(<br />
أمها:<br />
أن يكون املعلن عنه مباحاً شرعاً ونظاماً ملا تقدم، كما جيب على املعلن مراعاة أحكام العقيدة<br />
<strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> إعالنه فكثرياً ما يتحول اإلعالن إىل وسيلة مادية جمردة ال تقيم للدين وال للقيم<br />
)2341(<br />
)2342(<br />
)2343(<br />
)2344(<br />
ينظر: جملة مدينة الرايض، أمانة مدينة الرايض، العدد 38 مجادى األوىل 1424ه ، ص63-62.<br />
ينظر: اإلعالم السياحي، حممد منري حجاب، ص<br />
املصدر السابق.<br />
. 93<br />
ينظر: جملة البحوث الفقهية املعاصرة، العدد 14، <strong>يف</strong> حبث اإلعالن التجاري وبعض ما يرتتب عليه من أحكام، للنفيسة،<br />
ص207، واإلعالن املشروع واملمنوع <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي، مساعد الفاحل، ص98-96<br />
.
وال لألخالق اعتباراً وتصيص مراعاة العقيدة <strong>اإلسالم</strong>ية َبحلديث هنا لكوهنا األساس الذي<br />
يقوم عليه بنيان األمم فصالح كل أمة ورقيها بسالمة عقيدهتا وأفكارها فكل ما خيدش عقيدة<br />
املسلم أو يلبس عليه أو يشككه فإنه حيرم تضمينه <strong>يف</strong> اإلعالن السياحي )2345( ، وقد نص<br />
النظام األساسي للحكم على هذا <strong>يف</strong> مادته السابعة وكذا <strong>يف</strong> املادة األوىل من السياسة اإلعالمية<br />
للمملكة ومادة )74( <strong>يف</strong> الالئحة التنفيذية لنظام املطبوعات والنشر وكذا <strong>يف</strong> قواعد اإلعالن <strong>يف</strong><br />
التلفاز. )2346(<br />
أن يكون اإلعالن عن املنتج السياحي متفقاً مع حقيقته و إال كان من الغرر املنهي عنه وهو ما<br />
طوي عنك علمه وخفي عليك َبطنه وكل ما كان املقصود منه جمهوالً غري معلوم و<strong>يف</strong>سر مبا ال<br />
تعلم عاقبته وَبخلداع الذي هو مظنة أال يرضى به عند حتققه فيكون من أكل املال َبلباطل<br />
-2<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
وهللا تعاىل يقول: <br />
)2347(. <br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
ويالحظ على كثري من اإلعالانت التجارية بشكل عام املبالغة <strong>يف</strong> وصف السلعة إىل حد خيرج<br />
هبا عن حقيقتها ومطابقتها لواقعها مما يوقع <strong>يف</strong> الغرر والغش املضاد للنصوص والقواعد الشرعية.<br />
ويعظم ذلك فيما يتعلق َبلسياحة الدينية كما يسموهنا وذلك أن كثرياً من محالت احلج والعمرة<br />
تبالغ <strong>يف</strong> إعالهنا السياحي حلج بيت هللا أو أداء العمرة فيه أو زايرة مسجد النيب مث جيد<br />
احلاج واملعتمر أن الواقع خبالف ذلك وهذا واقع ومشاهد وال حول وال قوة إال َبهلل، فيجب<br />
<br />
الصدق والبيان <strong>يف</strong> اإلعالن، كما قال تعاىل: <br />
)2348(. <br />
أن يكون َبللغة العربية الفصحى فهي جزء من هوية األمة وحضارهتا فال يصح إضعافها<br />
وهتميشها.<br />
أن يكون اإلعالن ساملاً من احملاذير الشرعية فال جيوز استخدام الوسائل احملرمة لرتويج السلعة<br />
والدعاية هلا كاستخدام صور حمرمة أو كالم فاحش منكر أو ما خيل َبملروءة و<strong>يف</strong>سد األخالق<br />
-3<br />
-4<br />
ينظر: جملة الدعوة<br />
ينظر: جملة الدعوة ، العدد<br />
سورة النساء، اآلية:<br />
سورة التوبة، اآلية:<br />
، العدد ، 1903<br />
1903، ص52<br />
2/مجادى اآلخرة 1424ه ، ص53-52.<br />
، والبث املباشر، لناصر العمر، ص53-52<br />
.<br />
.29<br />
.119<br />
)2345(<br />
)2346(<br />
)2347(<br />
)2348(
فهذا خدش للحياء وهدم للقيم وحماربة<br />
ويثري الغرائز ويشيع الفحشاء، وحنو ذلك. )2349(<br />
للفضيلة ونشر للرذيلة، وقد نصت املادة<br />
جملس الوزراء رقم<br />
15<br />
177<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
من قواعد تنظيم لوحات الدعاية واإلعالن <strong>يف</strong> قرار<br />
واتريخ 1410/11/3ه على وجوب كون )اإلعالن منسجماً مع<br />
عادات وتقاليد البالد وأن تتالءم مع الذوق السليم وأن تكون الصور والكتاَبت <strong>يف</strong> إطار<br />
)2350(<br />
اآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية(.<br />
هذا وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بياانً حتدد فيه الضوابط الشرعية لإلعالانت<br />
التجارية وفيما يلي نصه )2351( :<br />
"احلمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نيب بعده نبينا حممد وعلى آله وصحبه وبعد:<br />
فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء نظرت <strong>يف</strong> موضوع: "اإلعالانت التجارية" اليت تنشر <strong>يف</strong> أي من<br />
وسائل اإلعالم أو <strong>يف</strong> اللوحات <strong>يف</strong> الشوارع والطرقات ورأت أن اإلعالن عن السلع واخلدمات وغريها مما ينفع<br />
الناس أنه <strong>يف</strong> أصله جائز ما مل يشتمل على حمذور شرعي فيكون حمرماً، وعليه فإن الواجب أن يكون اإلعالن<br />
ملتزماً َبلضبواط الشرعية اليت دلت عليها األدلة والقواعد العامة <strong>يف</strong> الشريعة املطهرة اليت ميكن حتديدها<br />
َبآليت:<br />
أال يرتتب على اإلعالن إضرار َبلغري على أي وجه كان، ألن ذلك يؤدي إىل التباغض والشحناء والغل<br />
واحلسد بني املسلمني وما كان هذا سبيله فهو حمرم شرعاً.<br />
أال يكون اإلعالن عن السلع أو اخلدمات فيه تدليس وتلبيس على الناس، ألنه من أكل<br />
األموال َبلباطل، وسبب حملق الربكة <strong>يف</strong> املكاسب، والواجب هو التوضيح والبيان، ومطابقة<br />
الواقع من غري زايدة أو نقصان.<br />
أال يكون <strong>يف</strong> اإلعالن دعاية إىل شيء من احملرمات أو وسائلها كاخلمور والقمار ومنه اليانصيب<br />
والرَب والزىن وأسبابه والدخان والتأمني التجاري وغري ذلك.<br />
أال يؤدي اإلعالن إىل التهوين بشيء من أصول <strong>اإلسالم</strong> أو عباداته أو أخالقه أو احلط على<br />
املسلمني والسخرية هبم.<br />
)2349(<br />
املصادر السابقة، ويالحظ على بعض اإلعالانت السياحية إبراز سفور املرأة فمثالً جاء <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة االقتصادية العدد<br />
صفحة كاملة لعائلة سعودية حتمل هدااي واملرأة سافرة الوجه وابنتها ذات<br />
وأخرى مثلها <strong>يف</strong> العدد<br />
عدد<br />
2410<br />
12<br />
2458<br />
بعنوان: الناس على هنا جايني<br />
–<br />
و 7878 و 7867<br />
، 7922 واالقتصادية 2461<br />
)2350(<br />
)2351(<br />
ينظر: جملة الدعوة عدد<br />
ينظر: جملة الدعوة عدد<br />
1903<br />
،1718<br />
)37( و )38( .)39(<br />
سنة تلبس بنطلوانً ضيقاً حتت عنوان: اي جدة راجعني!<br />
جدة التذوق، وكذا إعالانت أخرى من هذا القبيل <strong>يف</strong> الشرق األوسط<br />
، وغريها، و ينظر: املرفقات )36(.<br />
، ص52، وكالم ابن تيمية <strong>يف</strong> اقتضاء الصراط املستقيم عن حكم الكالم َبألعجمية بال حاجة.<br />
10/شعبان /1420ه ، ص18، و ينظر: مناذج من اإلعالانت السياحية <strong>يف</strong> املرفقات )11( و
أال يشتمل اإلعالن على شيء من صور ذوات األرواح من إنسان أو حيوان أو طري.<br />
حيرم تصوير املرأة أو شيء من جسدها <strong>يف</strong> اإلعالانت سواء كان اإلعالن متعلقاً حباجات املرأة<br />
أم ال، ألن املرأة عورة، و<strong>يف</strong> هذا األسلوب إهانة هلا وحط من كرامتها، وإغراء َبلفساد<br />
والفاحشة.<br />
أال يكون لإلعالن عالقة مبناسبة أو أمر بدعي.<br />
ال جيوز مصاحبة اإلعالن َبملوسيقى واألغاين لألدلة الشرعية اليت حترم ذلك.<br />
أن يكون اإلعالن َبللغة العربية الفصيحة حفظاً هلا وإعزازاً هبا؛ ألهنا لغة أهل <strong>اإلسالم</strong>، والطريق<br />
لفهم القرآن والسنة، وبناء على ذلك فال تستعمل العبارات العامية فضالً عن غريها من اللغات<br />
األجنبية ، وَبهلل التوفيق. وصلى هللا على نبينا حممد وآله وصحبه وسلم.<br />
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء<br />
".<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن كثرياً من وس ائل اإلع الم تق وم َبل رتويج للس ياحة احملرم ة <strong>يف</strong> ب الد الكف ر والفس اد<br />
وحتث على ذل ك وترغ ب في ه ب ل وتع ني علي ه وتق دم التس هيالت والتخفيض ات لل راغبني فت زج أببن اء املس لمني<br />
<strong>يف</strong> حماض ن األه واء وبل دان اإلَبحي ة والفس اد ليتش ربوا ثقاف ات منحل ة وأيت وا أبم راض وأوبئ ة وه ذا يس توجب<br />
مضاعفة اجلهود الرمسية وفرض الرقاب ة عل ى وس ائل اإلع الم وتطهريه ا م ن وس ائل اإلغ راء واس تغالهلا <strong>يف</strong> توجي ه<br />
وإرشاد اجملتمع للصواب.
اخلامتة
اخلامتة<br />
احلمد هلل الذي يسر بكرمه ومَنِّه إجناز هذا البحث وأعان بقدرته على جتاوز عقباته وما عرض من صعابه فاحلمد هلل<br />
الذي بنعمته تتم الصاحلات.<br />
وال شك أنه ما من عمل بشري إال ويعرتيه النقص والزلل واخلطأ فما كان <strong>يف</strong> هذا البحث من ذلك فمن نفسي<br />
والشيطان وأستغفر هللا منه وما كان فيه من صواب ورشاد وتوفيق فمن هللا وحده.<br />
وأساله أن جيعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكرمي وأن ينفعنا مبا نقول ونسمع ونقرأ.<br />
وفيما يلي بيان ألبرز النتائج و التوصيات اليت توصلت إليها <strong>يف</strong> هذا البحث:<br />
أوال : النتائج العامة.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ال متنع من إشباع الغرائز لكن وفق ضوابط وأطر حتفظ استقامتها ومتنع احنرافها، و<br />
الرتفيه غريزة فطرية وحاجة بشرية ال متنع الشريعة من إشباعها بضوابط هتذب<br />
احنرافها.<br />
النفس البشرية ومتنع<br />
<strong>اإلسالم</strong> يراعي حقوق الفرد واجملتمع ومصلحة كل طرف أما غريه من القوانني الوضعية فقد ي ُغَلِّبُ<br />
جانب احلرية الفردية وال ينظر للمصلحة العامة للمجتمع.<br />
حرية كل فرد تنتهي عند حد عدم التعدي على حرايت اآلخرين .<br />
<strong>اإلسالم</strong> صان املرأة ورفعها وراعى حقوقها.<br />
َشولية الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ووسطيتها وصالحيتها لكل زمان ومكان.<br />
القصد واالعتدال أصل <strong>يف</strong> الكماليات ح<strong>يف</strong>ظ توازن احلياة.<br />
الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية تدعوا إىل سد الذرائع املوصلة للمحرم وهتدف إىل قطع دابر الفساد.<br />
شخصية املسلم متميزة ومعتدلة، فال يصح أن يكون إمعة يركض خلف اآلخرين.<br />
ال متنع الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية من تنظيم وضبط أمور اخللق <strong>يف</strong> معاشاهتم مبا حيقق مصاحلهم وح<strong>يف</strong>ظ<br />
نظامهم.<br />
اليسر ورفع احلرج واملشقة من معامل شريعة <strong>اإلسالم</strong> الغراء .<br />
للضرورة أحكامها وتقدر بقدرها.<br />
احلذر والورع وجتنب الشبهات حيقق الفالح والنجاة.<br />
املسلم<br />
حيقق الغاية من وجوده َبلنية الصاحلة فتكون أعماله وسياحته وترفيهه عبادات يثاب عليها<br />
فيجتمع له األجر الدنيوي واألخروي.
املؤمن يعيش لغاايت وأهداف سامية فال جيدر به أن تكون حياته هلواً جمرداً ال جد فيه وال هدف<br />
وال غاية بل جمرد حياة هبيمية شهوانية.<br />
كلنا راع ومسؤول عن رعيته فعلى كل ويل أمر مسؤولية النصح والرتبية واحلفظ والصيانة والرعاية ملن<br />
حتت يده وحتقيق رغبته <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> املشروعة الربيئة.<br />
على كل مسلم أن حيقق القدوة احلسنة املثالية <strong>يف</strong> سياحته وال يسيء لدينه بتصرفاته.<br />
<strong>اإلسالم</strong> ليس دين رهبانية وتبتل وانغالق ورجعية وتلف، بل دين حياة وسعادة وروحانية فاملؤمن ال<br />
ينسى نصيبه من الدنيا ويسأل هللا <strong>يف</strong> الدنيا حسنه و<strong>يف</strong> اآلخرة حسنه.<br />
كما أن املوت <strong>يف</strong> سبيل هللا هدف نبيل وشر<strong>يف</strong> فإن احلياة <strong>يف</strong> سبيل هللا أساس وجود املؤمن <strong>يف</strong><br />
الدنيا وإشباعه لرغباته الفطرية ال يتناقض الغاية اليت ألجلها يعيش فكل أعماله <strong>يف</strong> سبيل حتقيق غاية<br />
العبودية أو هكذا جيب أن تكون.<br />
القيادة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية تتميز بروح املنافسة والرغبة <strong>يف</strong> حتقيق الرايدة والتقدم <strong>يف</strong> كل<br />
اجملاالت أبسرع وقت وعملها <strong>يف</strong> سبيل حتقيق ذلك ملموس مشاهد.<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
اثنياً : أبرز النتائج والتوصيات اخلاصة هبذا البحث.<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األصل من ( سيح ) وهو استمرار الشيء و ذهابه <strong>يف</strong> األرض ووردت <strong>يف</strong> االصطالح<br />
الشرعي مبعان عدة منها الصيام واجلهاد والسري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار أو للقرَبت وغري ذلك وأصح ما<br />
مجع له بينها هو السفر <strong>يف</strong> القرَبت مع اشرتاكها <strong>يف</strong> االصطالح العام واألصل اللغوي وهو مطلق<br />
السري <strong>يف</strong> األرض.<br />
<strong>السياحة</strong> املعاصرة صناعة مؤثرة <strong>يف</strong> االقتصاد الدويل والغالب فيها قصد الرتفيه والنزهة واالستكشاف.<br />
التعر<strong>يف</strong> املختار للسياحة هو : ( التنقل <strong>يف</strong> غري موطن اإلقامة لغرض من أغراض <strong>السياحة</strong> )<br />
واألغراض تتلف وظابط ذلك هو العرف، فإذا أطلق لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر مثالً تبادر<br />
لألذهان غرض اللهو والرتفيه واالستكشاف.<br />
السائح هو املسافر ألي مكان وألي غرض من أغراض <strong>السياحة</strong>.<br />
بني <strong>السياحة</strong> والسفر واهلجرة والسري واالرحتال عموم وخصوص.<br />
<strong>السياحة</strong> حاجة بشرية فطرية طبيعية وهي مصلحة معتربة شرعاً وأصول الشريعة ومقاصدها ال متنع<br />
منها.<br />
<strong>السياحة</strong> الرتفيهية من املصاحل التحسينية.
خيتلف حكم <strong>السياحة</strong> حبسب الغرض منها وما يغلب من املصاحل واملفاسد وما قد يشوهبا من<br />
احملاذير واملنكرات فتدور عليها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية اخلمسة.<br />
جيب على القاضي عند سياحته أن يراعي أمهية وشرف املنصب فال خيل مبروءته أو يرتكب ما يقدح<br />
<strong>يف</strong> عدالته، وعليه أال يتعدى سلطاته وصالحياته املخولة له من ويل األمر فال حيكم <strong>يف</strong> غري ما ويل<br />
فيه نوعاً ومكاانً.<br />
املرأة املسلمة هلا حظ <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> من الصيانة واالحرتام فقد راعى <strong>اإلسالم</strong> شرفها وحياءها وحشمتها<br />
فمنع اختالطها َبألجانب وكل ما خيل بذلك من اخللوة والتربج والزينة وإظهار املفاتن و<strong>يف</strong> هذا صيانة<br />
هلا وللمجتمع.<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني للنزهة وشد الرحال للمسجد األقصى للصالة فيه هذا الوقت يرتجح حترميه<br />
لغلبة املفاسد واألضرار.<br />
حترم سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب و<strong>يف</strong> األماكن املقدسة صيانة حلرمتها ومراعاة لقدسيتها إذا كان<br />
غرضهم من <strong>السياحة</strong> النزهة والرتفيه وجيوز دخوهلم للمسجد النبوي وغريه من املساجد عدا املسجد<br />
احلرام إذا كان <strong>يف</strong> ذلك مصلحة راجحة من دعوة وحنوها. وإخراجهم من جزيرة العرب موكول لإلمام<br />
ال للعامة وسياحتهم <strong>يف</strong> َبقي داير <strong>اإلسالم</strong> جائز ما مل يرتتب عليه ضرر أو مفسدة.<br />
<strong>السياحة</strong> سفر جيوز فيه الرتخيص َبلقصر واجلمع والفطر وغريه من رخص السفر إذا حتققت شروطه.<br />
جيوز اإلنفاق االستثماري واالستهالكي على املشاريع السياحية املباحة من غري إسراف.<br />
جتب الزكاة <strong>يف</strong> غلة املشاريع السياحية وأجرهتا ال <strong>يف</strong> أعياهنا.<br />
جيوز عمل املسلم <strong>يف</strong> وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر ما مل يتضمن مباشرة عمل حمرم أو إعانة عليه أو<br />
تعرض للفنت أو خدمة للكافر على وجه اإلذالل.<br />
جيوز عمل املرأة <strong>يف</strong> ذلك إذا توفرت الضوابط الشرعية وانتفت احملاذير واملفاسد وكان العمل مالئماً<br />
لطبيعتها وخصوصيتها وحيائها.<br />
ال جيوز السفر لبالد الكفار لغرض <strong>السياحة</strong> الرتفيهية لغلبة املفاسد واألضرار واملنكرات.<br />
جيوز التقيد َبألنظمة العامة <strong>يف</strong> بالد الكفار وهي من مجلة املصاحل وال جيوز التحاكم إليهم إال<br />
لضرورة مع اعتقاد فساد حكمهم وأن حكم هللا أم وأعدل.<br />
ال جيوز التقيد بعادات وتقاليد غري املسلمني ألنه من التشبه املذموم ما مل تكن مث ضرورة وتقدر<br />
بقدرها.<br />
اإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار مع عدم القدرة على إظهار الدين ووجود الفتنة والقدرة على اهلجرة وعدم<br />
وجود مصلحة راجحة <strong>يف</strong> البقاء حمرم شرعاً.<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
-20<br />
-21
على املسلم مواجهة الفنت <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني وذلك َبلتمسك َبلكتاب والسنة والدعاء والصرب<br />
واعتزال أماكن ومسببات الفنت وحفظ اجلوارح.<br />
تقبل أخبار الكفار املتواترة وكذا اآلحاد <strong>يف</strong> مواضع الضرورة و<strong>يف</strong> غري الشهادة والرواية و<strong>يف</strong> شؤون احلياة<br />
العامة.<br />
ال جيوز دخول الكنائس إال ملصلحة شرعية كالدعوة واالتعاظ والتفكر وبيان ضالل أهلها مع انتفاء<br />
املفاسد واحملاذير.<br />
تصح الصالة <strong>يف</strong> الكنائس لضرورة أو مصلحة راجحة بال كراهة وتصح بدون ذلك مع الكراهة.<br />
تقدر أوقات الصالة والصيام <strong>يف</strong> البالد غري املعتدلة أبقرب البلدان أو مبكة واملدينة وال تسقط عنهم<br />
للعمومات وحلديث الدجال.<br />
تصح الصالة <strong>يف</strong> الطائرة كالصالة <strong>يف</strong> السفينة وجيب أداؤها فيها إذا خشي خروج الوقت قبل اهلبوط<br />
ومل ميكن مجعها مع ما بعدها ويسقط ما عجز عنه من األركان والشروط وأييت مبا قدر عليه.<br />
أحل هللا نكاح احملصنات من أهل الكتاب لكن الغربيات ذوات األصول الكتابية <strong>يف</strong> هذا العصر غري<br />
حمصنات <strong>يف</strong> األعم األغلب و<strong>يف</strong> نكاحهن ضرر على املسلم <strong>يف</strong> دينه وعرضه وعلى أوالده من بعده<br />
ولذا رجح أكثر املعاصرين حترميه.<br />
ال حيل إجراء العقد <strong>يف</strong> الكنيسة ما مل يضطر لذلك ويكون عقداً إسالمياً خالياً من املنكرات.<br />
املسلمة اليت ال ويل هلا يقوم السلطان وأمري القوم ورئيس املركز <strong>اإلسالم</strong>ي مقام الويل <strong>يف</strong> تزوجيها وإال<br />
فتويل أمها رجالً عدالً ليزوجها.<br />
حتل ذبيحة الكتايب إذا كان مما أحل لنا وذكاها و ذكر اسم هللا عليها وإذا مل نعلم ذلك جاز األكل<br />
دون سؤال ما مل نعلم أنه ذحبها على غري الوجه الشرعي.<br />
حترم املشاركة <strong>يف</strong> أفراح وأعياد الكفار ما مل يكن ذلك ملصلحة الدعوة لإلسالم.<br />
األصل <strong>يف</strong> املعامالت مع الكفار هو اإلَبحة ما دام النشاط <strong>يف</strong> مباح خال من الرَب والغش والغرر<br />
احملرم واإلضرار َبملسلمني.<br />
املقاطعة االقتصادية سالح وجهاد ألعداء املسلمني يضعف من قوهتم وفيه نصرة لإلسالم، و<strong>السياحة</strong><br />
جزء من املنتجات واملوارد االقتصادية اليت ينتج عن مقاطعتهم فيها اإلضرار هبم وهي واجبة على<br />
املسلم إذا علم أو ظن تقويهم وانتفاعهم بعوائدها.<br />
جيب استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتبليغه لاخرين قوالً وعمالً كل حسب<br />
قدرته.<br />
-22<br />
-23<br />
-24<br />
-25<br />
-26<br />
-27<br />
-28<br />
-29<br />
-30<br />
-31<br />
-32<br />
-33<br />
-34<br />
-35
ال جيوز دخول داير املعذبني إال على هيئة من اخلوف والبكاء اتعاظاً وتدبراً وذلك عند وجود<br />
املصلحة الراجحة.<br />
تعظيم اآلاثر واملشاهد البدعية وقصدها للعبادة و<strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية وهي سياحة أهل التصوف<br />
من البدع احملدثة وليست من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء.<br />
جيوز تعظيم ما ورد الشرع بتعظيمه من اآلاثر كما جتوز العناية واالهتمام برتاث واتريخ األمة<br />
وحضارهتا وهويتها.<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو األصل فيها اإلَبحة ما مل تغلب فيها املنكرات وتكثر املفاسد والفنت وتصد<br />
عن ذكر هللا.<br />
مراعاة ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا حيقق السعادة والربكة واألجر <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة ويساهم <strong>يف</strong><br />
إجياد سياحة بريئة نقية حتقق الرتفيه الربيء املنشود وتشبع الغرائز الطبيعية دون احنراف أو شذوذ.<br />
للسياحة آاثر سلبية َبلغة على عالقات الدول وهيمنتها السياسية والفكرية واقتصادها وأخالقها<br />
ودينها كما أن هلا آاثر إجيابية <strong>يف</strong> حتقيق الروابط املتينة ونقل القيم واملعارف وتيسري التنقالت وحتسني<br />
صورة <strong>اإلسالم</strong> وأهله ونشره والتعر<strong>يف</strong> به ونقل قيم وأخالق اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي وحتقيق التنمية<br />
االقتصادية وزايدة الدخل و<strong>يف</strong> اجلملة فإن <strong>السياحة</strong> سالح حيقق أهدافاً سياسية ودينية واقتصادية<br />
واجتماعية متنوعة.<br />
جيب على املسلمني أفراداً ومجاعات حكاماً وحمكومني أن يتكاتفوا ويتعاونوا للمحافظة على نقاء<br />
<strong>السياحة</strong> وصفائها وخلوها من املنكرات واملفاسد وحماربة ذلك والتوعية خبطره وبذل كل اجلهود<br />
الفردية واحلكومية وتذليل كل املعوقات <strong>يف</strong> سبيل ذلك.<br />
اجلهة احلكومية املنظمة للسياحة <strong>يف</strong> اململكة هي اهليئة العليا للسياحة وهي شخصية اعتبارية مستقلة<br />
مرتبطة برئيس جملس الوزراء وهلا أمني عام مبرتبة وزير.<br />
الغرض األساسي إلنشاء اهليئة العليا للسياحة هو االهتمام َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة وتطويرها وتنميتها<br />
واإلسهام <strong>يف</strong> إجياد سياحة نقية موافقة ألحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية الغراء.<br />
تطور <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة يعتمد بشكل أساسي على الشراكة بني اجلهات احلكومية والقطاع اخلاص<br />
<strong>يف</strong> سبيل حتقيق بنية حتتية مالئمة هلذه الصناعة.<br />
تتوفر <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية مقومات <strong>السياحة</strong> بشىت صورها وأغراضها الدينية واالقتصادية<br />
والتارخيية والعالجية والرايضية والرتفيهية والعلمية وغريها. ولكنها تفتقد إىل التخطيط والتنظيم والعمل<br />
اجلاد <strong>يف</strong> استثمارها واستغالهلا أبكمل وجه.<br />
-36<br />
-37<br />
-38<br />
-39<br />
-40<br />
-41<br />
-42<br />
-43<br />
-44<br />
-45<br />
-46
اخلدمات السياحية الضرورية متوفرة <strong>يف</strong> بالدان ولكنها حباجة للتطوير ومراقبة جودة املنتج السياحي<br />
واإلشراف على األسعار ومدى مالءمتها ملا يقدم فالغالء <strong>يف</strong> األسعار سبب َبرز <strong>يف</strong> حتول كثري من<br />
أفراد اجملتمع للسياحة اخلارجية إضافة إىل وجود االبتزاز والغش واالستغالل ورداءة اخلدمات <strong>يف</strong> بعض<br />
القطاعات السياحية.<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اخلارج أضرت ببالدان وأبنائنا وال ميكن عالج ذلك إال َبلعمل اجلاد الدؤوب على<br />
معاجلة القصور <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الداخلية وتطوير بنيتها التحتية وتوفر اخلدمات السياحية الراقية أبسعار <strong>يف</strong><br />
متناول اجلميع.<br />
قد يكون للظروف البيئية أثر <strong>يف</strong> اإلعراض عن <strong>السياحة</strong> الداخلية لكنه ال يؤثر <strong>يف</strong> جناحها لو عوجل<br />
قصورها <strong>يف</strong> اجلوانب األخرى وإال فما لذي يدفع الكثريين لتفضيل دول مماثلة <strong>يف</strong> ظروفها اجلوية<br />
واملناخية كاإلمارات ؟ ال شيء سوى تطور اخلدمات السياحية املقدمة ورقيها وكثرهتا مقارنة مبا لدينا.<br />
البد من تطوير وسائل اجلذب والرتويج السياحي ال سيما اخلدمية منها أما اإلعالمية فقد بدأت<br />
تتحسن وتتطور بعد إنشاء اهليئة العليا للسياحة.<br />
-47<br />
-48<br />
-49<br />
-50<br />
هذا وَبهلل التوفيق وصلى هللا على خري الورى وإمام اهلدى نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم.
الفهارس<br />
أوالً:<br />
فهرس اآليات القرآنية
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
539<br />
البقرة 44<br />
<br />
496<br />
البقرة 78<br />
<br />
<br />
<br />
220<br />
البقرة 105<br />
<br />
<br />
189<br />
البقرة 114<br />
<br />
<br />
<br />
309<br />
البقرة 115<br />
<br />
<br />
<br />
408<br />
البقرة 120<br />
<br />
<br />
<br />
563<br />
البقرة 125<br />
<br />
<br />
690<br />
البقرة 127<br />
<br />
105<br />
البقرة 143<br />
<br />
<br />
563<br />
البقرة 144<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
47<br />
البقرة 152<br />
<br />
<br />
<br />
564<br />
البقرة 158<br />
<br />
<br />
458<br />
البقرة 164<br />
<br />
<br />
365<br />
البقرة 172<br />
<br />
<br />
311<br />
البقرة 173<br />
<br />
<br />
<br />
501<br />
البقرة 173<br />
<br />
<br />
286<br />
البقرة 173<br />
<br />
<br />
89<br />
البقرة 179<br />
...<br />
<br />
<br />
28<br />
البقرة 183<br />
<br />
287<br />
البقرة 184<br />
... <br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
310<br />
البقرة 185<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
94<br />
البقرة 185
454<br />
البقرة 187<br />
<br />
323<br />
البقرة 187<br />
<br />
<br />
89<br />
البقرة 188<br />
<br />
<br />
<br />
564<br />
البقرة 198<br />
<br />
<br />
564<br />
البقرة 203<br />
<br />
<br />
220<br />
البقرة 217<br />
<br />
<br />
73<br />
البقرة 218<br />
<br />
<br />
<br />
466<br />
البقرة 221<br />
<br />
<br />
471<br />
البقرة 221<br />
<br />
323<br />
البقرة 229<br />
<br />
<br />
<br />
309<br />
البقرة 239-238<br />
<br />
316<br />
البقرة 275<br />
<br />
<br />
115<br />
البقرة 282<br />
...<br />
<br />
333<br />
البقرة 267<br />
<br />
<br />
<br />
518<br />
البقرة 279-278<br />
<br />
<br />
517<br />
البقرة 279<br />
<br />
<br />
<br />
430<br />
البقرة 282<br />
<br />
<br />
<br />
473<br />
آل عمران 14-13<br />
<br />
387<br />
آل عمران 28<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
394<br />
آل عمران 76-75<br />
<br />
510<br />
آل عمران 85<br />
<br />
<br />
159<br />
آل عمران 97<br />
... <br />
534<br />
آل عمران 104<br />
<br />
135<br />
آل عمران 110<br />
....
220<br />
آل عمران 118<br />
<br />
698<br />
آل عمران 139-137<br />
538<br />
آل عمران 159<br />
<br />
593<br />
آل عمران 159<br />
<br />
<br />
38<br />
آل عمران 191-190<br />
.....<br />
<br />
<br />
375<br />
آل عمران 195<br />
<br />
<br />
473<br />
آل عمران 199<br />
<br />
<br />
325<br />
النساء 5<br />
<br />
<br />
469<br />
النساء 25<br />
<br />
<br />
<br />
316<br />
النساء 29<br />
<br />
<br />
296<br />
النساء 29<br />
<br />
<br />
375<br />
النساء 32<br />
<br />
<br />
486<br />
النساء 34<br />
<br />
<br />
250<br />
النساء 43<br />
<br />
<br />
174<br />
النساء 48<br />
..<br />
<br />
<br />
402<br />
النساء 59<br />
<br />
<br />
<br />
401<br />
النساء 60<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
401<br />
النساء 65<br />
<br />
220<br />
النساء 89<br />
<br />
<br />
74<br />
النساء 89<br />
<br />
<br />
<br />
31<br />
النساء 95<br />
<br />
412<br />
النساء 97<br />
<br />
<br />
74<br />
النساء 97<br />
<br />
<br />
<br />
412<br />
النساء 98
417<br />
النساء 100<br />
<br />
238<br />
النساء 101<br />
<br />
<br />
<br />
220<br />
النساء 101<br />
<br />
<br />
407<br />
النساء 115<br />
<br />
<br />
425<br />
النساء 140<br />
<br />
<br />
372<br />
النساء 141<br />
<br />
<br />
518<br />
النساء 161<br />
.. <br />
138<br />
املائدة 2<br />
<br />
<br />
<br />
366<br />
املائدة 2<br />
<br />
<br />
498<br />
املائدة 3<br />
<br />
<br />
<br />
400<br />
املائدة 3<br />
<br />
<br />
290<br />
املائدة 3<br />
<br />
492<br />
املائدة 5<br />
<br />
<br />
465<br />
املائدة 5<br />
<br />
<br />
<br />
304<br />
املائدة 6<br />
<br />
<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
403<br />
املائدة 6<br />
<br />
<br />
193<br />
املائدة 38<br />
<br />
409<br />
املائدة 44<br />
<br />
<br />
49<br />
-45-44<br />
47<br />
-<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
– الفاسقون <br />
<br />
الظاملون<br />
املائدة<br />
401<br />
املائدة 48<br />
<br />
508<br />
املائدة 48<br />
<br />
<br />
402<br />
املائدة 50<br />
<br />
<br />
139<br />
... املائدة 52-51<br />
<br />
494<br />
املائدة 68
577<br />
املائدة 79-78<br />
<br />
230<br />
املائدة 82<br />
<br />
<br />
<br />
98<br />
املائدة 87<br />
.... <br />
<br />
89<br />
املائدة 91<br />
<br />
<br />
563<br />
املائدة 97<br />
<br />
431<br />
املائدة 106<br />
<br />
<br />
356<br />
األنعام 11<br />
<br />
<br />
<br />
92<br />
األنعام 38<br />
<br />
<br />
<br />
425<br />
األنعام 68<br />
<br />
<br />
<br />
41<br />
األنعام 79<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
األنعام<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
409<br />
90<br />
<br />
<br />
348<br />
األنعام 99<br />
<br />
293<br />
األنعام 119<br />
<br />
<br />
<br />
316<br />
األنعام 119<br />
<br />
<br />
365<br />
األنعام 120<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
500<br />
األنعام 121<br />
<br />
498<br />
األنعام 145<br />
<br />
465<br />
األنعام 156<br />
<br />
347<br />
األنعام 162<br />
324<br />
األعراف 31<br />
<br />
<br />
98<br />
األعراف 32<br />
<br />
<br />
<br />
602<br />
األعراف 56<br />
<br />
<br />
365<br />
األعراف 157
350<br />
األعراف 158<br />
<br />
141<br />
األنفال 28-27<br />
... <br />
220<br />
األنفال 36<br />
<br />
<br />
<br />
119<br />
األنفال 67<br />
<br />
<br />
<br />
417<br />
األنفال 72<br />
<br />
32<br />
التوبة 2<br />
<br />
<br />
34<br />
التوبة 4<br />
<br />
<br />
<br />
527<br />
التوبة 5<br />
<br />
<br />
167<br />
التوبة 6<br />
<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
189<br />
التوبة 17<br />
<br />
<br />
190<br />
التوبة 18<br />
<br />
<br />
169<br />
التوبة 28<br />
<br />
175<br />
التوبة 30<br />
... <br />
<br />
526<br />
التوبة 41<br />
<br />
632<br />
التوبة 55<br />
<br />
<br />
624<br />
التوبة 71<br />
<br />
<br />
554<br />
التوبة 84<br />
<br />
334<br />
التوبة 103<br />
<br />
374<br />
التوبة 105<br />
<br />
<br />
550<br />
التوبة 108<br />
<br />
564<br />
التوبة 108<br />
<br />
<br />
526<br />
التوبة 111<br />
<br />
<br />
21<br />
التوبة 112<br />
... <br />
<br />
724<br />
التوبة 119
350<br />
التوبة 122<br />
<br />
471<br />
يونس 18<br />
<br />
<br />
317<br />
يونس 59<br />
<br />
<br />
408<br />
يونس 89<br />
<br />
<br />
<br />
349<br />
يونس 92<br />
<br />
<br />
551<br />
هود 82<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
138<br />
هود 113<br />
<br />
<br />
<br />
40<br />
يوسف 105<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
534<br />
يوسف 108<br />
<br />
552<br />
يوسف 109<br />
<br />
<br />
47<br />
الرعد 28<br />
<br />
<br />
<br />
553<br />
إبراهيم 45<br />
<br />
<br />
552<br />
احلجر 76<br />
<br />
<br />
698<br />
احلجر 80<br />
<br />
<br />
<br />
457<br />
النحل 8<br />
<br />
<br />
356<br />
النحل 14<br />
<br />
<br />
551<br />
النحل 26<br />
<br />
<br />
92<br />
النحل 89<br />
<br />
<br />
<br />
375<br />
النحل 92<br />
<br />
375<br />
النحل 97<br />
<br />
<br />
98<br />
النحل 116<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
...<br />
409<br />
النحل 123
135<br />
النحل 125<br />
...<br />
<br />
42<br />
اإلسراء 1<br />
<br />
<br />
321<br />
اإلسراء<br />
واألنعام<br />
15و164<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
326<br />
اإلسراء 16<br />
<br />
<br />
<br />
322<br />
اإلسراء 26<br />
<br />
<br />
157<br />
اإلسراء 32<br />
<br />
<br />
85<br />
اإلسراء 70<br />
... <br />
<br />
566<br />
اإلسراء 81<br />
<br />
544<br />
الكهف 60<br />
<br />
<br />
42<br />
الكهف 66<br />
<br />
<br />
544<br />
الكهف 88-86<br />
<br />
545<br />
الكهف 98<br />
<br />
338<br />
مرمي 64<br />
<br />
<br />
538<br />
طه 44<br />
<br />
354<br />
األنبياء 30<br />
<br />
<br />
350<br />
األنبياء 107<br />
<br />
<br />
172<br />
احلج 17<br />
<br />
<br />
177<br />
احلج 25<br />
<br />
<br />
690<br />
احلج 26<br />
694<br />
احلج 28-27<br />
<br />
672<br />
احلج 28<br />
<br />
444<br />
احلج 40<br />
<br />
41<br />
احلج 46<br />
<br />
<br />
508<br />
احلج 67
259<br />
احلج 78<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
469<br />
النور 3<br />
<br />
115<br />
النور 4<br />
<br />
<br />
583<br />
النور 21<br />
<br />
<br />
379<br />
النور 31<br />
<br />
<br />
<br />
190<br />
النور 36<br />
<br />
408<br />
النور 63<br />
<br />
<br />
401<br />
الفرقان 1<br />
<br />
<br />
324<br />
الفرقان 67<br />
<br />
<br />
<br />
440<br />
الفرقان 72<br />
<br />
551<br />
الشعراء 189<br />
<br />
545<br />
النمل 44<br />
<br />
551<br />
النمل 52-51<br />
<br />
<br />
138<br />
القصص 17<br />
<br />
<br />
<br />
86<br />
القصص 21<br />
..<br />
<br />
<br />
599<br />
القصص 22<br />
<br />
377<br />
القصص 23<br />
<br />
<br />
<br />
138<br />
القصص 86<br />
<br />
<br />
534<br />
القصص 87<br />
<br />
<br />
39<br />
العنكبوت 20<br />
<br />
<br />
86<br />
العنكبوت 26<br />
<br />
<br />
39<br />
الروم 9<br />
<br />
<br />
348<br />
الروم 50<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة
323<br />
لقمان 6<br />
<br />
<br />
406<br />
األحزاب 21<br />
<br />
<br />
53<br />
األحزاب 33<br />
<br />
<br />
<br />
<br />
379<br />
األحزاب 53<br />
<br />
<br />
683<br />
األحزاب 59<br />
<br />
<br />
567<br />
سبأ 13<br />
<br />
<br />
<br />
551<br />
سبأ 16-15<br />
<br />
<br />
292<br />
يس 12<br />
<br />
<br />
41<br />
الصافات 99<br />
<br />
<br />
40<br />
الصافات 137<br />
<br />
<br />
354<br />
ص 42<br />
<br />
<br />
510<br />
الزمر 7<br />
<br />
<br />
<br />
29<br />
الزمر 10<br />
<br />
54<br />
الزمر 28<br />
<br />
<br />
<br />
349<br />
غافر 21<br />
<br />
<br />
<br />
38<br />
غافر 71<br />
<br />
350<br />
فصلت 33<br />
<br />
<br />
40<br />
فصلت 53<br />
<br />
<br />
200<br />
الشورى 7<br />
<br />
<br />
315<br />
الشورى 21<br />
<br />
603<br />
اجلاثية 12<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
117<br />
األحقاف 20<br />
<br />
<br />
550<br />
األحقاف 21<br />
<br />
550<br />
األحقاف 25-24
39<br />
حممد 10<br />
<br />
<br />
<br />
143<br />
حممد 35<br />
..<br />
<br />
112<br />
احلجرات 6<br />
... <br />
<br />
85<br />
احلجرات 13<br />
... <br />
<br />
<br />
354<br />
ق 6<br />
<br />
<br />
<br />
40<br />
الذارايت 20<br />
<br />
<br />
348<br />
الذارايت 21<br />
<br />
<br />
534<br />
الذارايت 56<br />
<br />
<br />
106<br />
النجم 32<br />
<br />
<br />
30<br />
احلديد 27<br />
<br />
<br />
<br />
49<br />
احلديد 28<br />
<br />
<br />
220<br />
اجملادلة 22<br />
<br />
<br />
529<br />
احلشر 5<br />
<br />
73<br />
احلشر 8<br />
<br />
<br />
122<br />
احلشر 20-19<br />
..<br />
<br />
<br />
220<br />
املمتحنة 1<br />
<br />
<br />
683<br />
املمتحنة 5<br />
<br />
<br />
138<br />
املمتحنة 9<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
466<br />
املمتحنة 10<br />
<br />
<br />
435<br />
املمتحنة 13<br />
<br />
539<br />
الصف 2<br />
<br />
542<br />
الصف 9<br />
<br />
<br />
<br />
274<br />
اجلمعة 9
سعب<br />
<br />
<br />
320<br />
اجلمعة 10<br />
<br />
<br />
461<br />
التغابن 16<br />
<br />
115<br />
الطالق 2<br />
<br />
<br />
<br />
323<br />
الطالق 3-2<br />
<br />
... <br />
375<br />
الطالق 6<br />
<br />
<br />
21<br />
التحرمي 5<br />
<br />
<br />
400<br />
امللك 14<br />
<br />
84<br />
امللك 15<br />
<br />
<br />
319<br />
امللك 15<br />
<br />
<br />
334<br />
املعارج 24<br />
<br />
<br />
<br />
561<br />
نوح 23<br />
<br />
84<br />
املزمل 20<br />
<br />
<br />
425<br />
املدثر 5<br />
<br />
<br />
348<br />
24<br />
<br />
<br />
348<br />
الطارق 5<br />
<br />
<br />
348<br />
الغاشية 17<br />
<br />
489<br />
الشرح 6-5<br />
<br />
<br />
طرف اآلية<br />
السورة<br />
رقم اآلية<br />
رقم الصفحة<br />
175<br />
البينة 1<br />
<br />
<br />
41<br />
الفيل 5-1<br />
<br />
<br />
85<br />
قريش 4-1<br />
..... <br />
<br />
683<br />
املاعون 5-4<br />
<br />
...
ثانياً:<br />
فهرس األحاديث واآلثار<br />
حسب ورودها <strong>يف</strong> البحث
طرف احلديث أو األثر<br />
الراوي<br />
أبو هريرة<br />
رقم الصفحة<br />
21<br />
23<br />
26<br />
29<br />
29<br />
30<br />
31<br />
31<br />
31<br />
34<br />
34<br />
36<br />
37<br />
37<br />
43<br />
44<br />
47<br />
48<br />
48<br />
49<br />
71<br />
24<br />
84<br />
--<br />
عائشة<br />
--<br />
أبو أمامة<br />
سعد بن أيب<br />
وقاص<br />
--<br />
--<br />
معاذ<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
ابن عمر<br />
عائشة<br />
--<br />
أبو سعيد اخلدري<br />
" " " "<br />
السائحون هم الصائمون<br />
السفر قطعة من العذاب<br />
سياحة هذه األمة الصيام<br />
كل عمل ابن آدم يضاعف احلسنة بعشر أمثاهلا<br />
إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل<br />
رد رسول هللا على عثمان بن مظعون التبتل<br />
أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟<br />
مثل اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا<br />
أما رأس األمر ف<strong>اإلسالم</strong><br />
فنادى: أن هللا برئ من املشركني ورسوله<br />
من كان بينه وبني رسول هللا عهد<br />
إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض<br />
إن هلل مالئكة يطوفون <strong>يف</strong> الطرق<br />
إن هلل تبارك وتعاىل مالئكة سيارة<br />
كان النيب إذا قفل من غزوة<br />
ملا ابتلي املسلمون خرج أبو بكر مهاجراً<br />
أرحنا َبلصالة اي بالل<br />
يوشك أن يكون خري مال الرجل غنم<br />
أي الناس خري؟<br />
كانت ملوك بعد عيسى بن مرمي بدلوا التوراة واإلجنيل<br />
لست أعرفك وال يضرك أن ال أعرفك<br />
سافروا تصحوا<br />
زودك هللا التقوى<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل<br />
والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون<br />
كان طويل الصمت، وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده<br />
ابن عباس<br />
عمر<br />
أبو هريرة وابن<br />
عمر<br />
أنس<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
84<br />
90<br />
92<br />
93<br />
93<br />
93<br />
94<br />
94<br />
94<br />
94<br />
94<br />
--<br />
حنظلة<br />
جابر بن مسرة<br />
--<br />
--<br />
أذن <br />
للحبشة أن يلعبوا بسهامهم<br />
أَبح للنساء الغناء املباح وضرب الدف <strong>يف</strong> األعراس<br />
مل يكن أصحاب رسول هللا مُتَحزقني<br />
أبيب شبيهٌ َبلنيب، ليس شبيهاً بعلي<br />
كان أصحاب رسول هللا يتبادحون َبلبطيخ<br />
أرحيوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمي<br />
إن للقلوب شهوة وإقباالً وفرتة وإدَبراً<br />
ليس اللهو إال <strong>يف</strong> ثالثة<br />
أبو سلمة بن<br />
عبد الرمحن<br />
أبو بكر<br />
--<br />
ابن مسعود<br />
ابن مسعود<br />
--
96<br />
109<br />
113<br />
114<br />
118<br />
120<br />
25<br />
135<br />
136<br />
138<br />
140<br />
145<br />
146<br />
146<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
إمنا األعمال َبلنيات<br />
أال أنبئكم أبكرب الكبائر<br />
أد األمانة إىل من ائتمنك<br />
سيكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصالة عن وقتها<br />
احلالل بني واحلرام بني<br />
حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات<br />
كفى َبملرء إمثاً أن يضيع من يقوت<br />
استفت قلبك –ثالاثً- الرب ما اطمأنت إليه النفس<br />
ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد<br />
لزوال الدنيا كلها أهون على هللا من قتل رجل مسلم<br />
ال ضرر وال ضرار<br />
ال تسافر املرأة ثالاثً إال مع ذي حمرم<br />
ال حيل المرأة تؤمن َبهلل واليوم اآلخر أن تسافر<br />
ال تسافر امرأة مسرية يومني<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
146<br />
151<br />
151<br />
151<br />
151<br />
160<br />
160<br />
171<br />
172<br />
172<br />
178<br />
178<br />
179<br />
179<br />
179<br />
182<br />
182<br />
183<br />
186<br />
186<br />
187<br />
187<br />
--<br />
--<br />
عائشة<br />
انفع موىل ابن<br />
عمر<br />
--<br />
--<br />
عائشة<br />
أبو هريرة<br />
جابر بن عبد هللا<br />
جابر بن عبد هللا<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
ال تسافر بريداً<br />
يوشك أن ترج الظعينة من احلرية<br />
ليس كل النساء جتد حمرماً<br />
كان يسافر مع عبدهللا ابن عمر موليات له<br />
أذن ألزواج النيب َبحلج<br />
ال متنعوا إماء هللا مساجد هللا<br />
لكن أحسن اجلهاد وأمجله احلج<br />
ال حيج بعد العام مشرك<br />
إال أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة<br />
ال يدخل املسجد احلرام مشرك<br />
إن إبراهيم حرم مكة<br />
املدينة حرم فمن أحدث فيها<br />
ال هتدموا اآلطام<br />
اي أَب عمري ما فعل النغري<br />
كان آلل رسول هللا وحش<br />
مات <br />
ودرعه مرهونة عند يهودي<br />
أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده<br />
سألت رسول هللا عن أول مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض<br />
بعث رسول هللا خيالً قبل جند<br />
أن وفد ثق<strong>يف</strong> قدموا على رسول هللا <br />
دخل رجل على مجل فأانخه <strong>يف</strong> املسجد مث عقله<br />
إن اليهود أتوا النيب وهو جالس <strong>يف</strong> املسجد<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
أبو ذر<br />
أبو هريرة<br />
عثمان بن أيب<br />
العاص<br />
أنس بن مالك<br />
أبو هريرة<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة
188<br />
190<br />
190<br />
190<br />
191<br />
191<br />
200<br />
200<br />
200<br />
200<br />
203<br />
204<br />
204<br />
204<br />
204<br />
205<br />
205<br />
205<br />
205<br />
211<br />
215<br />
215<br />
215<br />
--<br />
دخول أبو سفيان ملسجد النيب وهو مشرك<br />
قل لكاتبك هذا يقرأ لنا كتاَبً<br />
كتب عمر أن مينع اليهود والنصارى من دخول املساجد<br />
أبو موسى<br />
األشعري<br />
--<br />
--<br />
بصر علي مبجوسي وهو على املنرب فنزل وضربه<br />
أعيان الكفار جنسة كالكالب<br />
ال جيلس قاض <strong>يف</strong> مسجد يدخل عليه اليهودي والنصراين فيه<br />
إن الشيطان يئس أن يعبده املصلون<br />
ابن عباس<br />
عمر بن عبد<br />
العزيز<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
قاتل هللا اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد<br />
ألخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب<br />
إن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ<br />
أخرجوا املشركني من جزيرة العرب<br />
أسلموا تسلموا واعلموا أن األرض هلل ورسوله<br />
أقركم على ذلك ما شئنا<br />
أجلى رسول هللا بين النضري وأقر قريظة<br />
اخرجوا اليهود من احلجاز وأهل جنران<br />
ال يرتك جبزيرة العرب دينان<br />
أمر أن ال ندع <strong>يف</strong> املدينة ديناً غري <strong>اإلسالم</strong><br />
أخرجوا اليهود من جزيرة العرب<br />
ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب<br />
أجلى عمر بن اخلطاب يهود جنران وفدك<br />
ابن عباس<br />
أبو هريرة<br />
ابن عمر<br />
ابن عمر<br />
أبو عبيدة بن<br />
اجلراح<br />
عائشة<br />
أبو رافع<br />
أم سلمة<br />
ابن شهاب<br />
الزهري<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
ذمة املسلمني واحدة يسعى هبا أدانهم<br />
أال من قتل نفساً معاهداً له ذمة هللا وذمة رسوله<br />
املؤمنون تكافأ دماؤهم<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
من قتل معاهداً مل يرح رائحة اجلنة<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
216<br />
232<br />
238<br />
238<br />
238<br />
239<br />
239<br />
249<br />
249<br />
249<br />
249<br />
250<br />
251<br />
--<br />
--<br />
إن هللا حيب أن تؤتى رخصه<br />
صليت مع النيب الظهر َبملدينة أربعاً<br />
خرج علي فقصر<br />
أنس<br />
--<br />
كان ابن عمر يقصر الصالة حني خيرج<br />
ألست ترى البيوت؟<br />
أتيت أنس بن مالك <strong>يف</strong> رمضان وهو يريد سفراً<br />
فرضت الصالة ركعتني ركعتني<br />
فرض هللا الصالة على لسان نبيكم <strong>يف</strong> احلضر أربعاً<br />
صالة السفر ركعتان<br />
خرجت مع شرحبيل بن السمط إىل قرية<br />
خرج رجالن <strong>يف</strong> سفر فحضرت الصالة وليس معهما ماء<br />
اي أهل مكة أمتوا صالتكم<br />
انفع<br />
عبيد بن جبري<br />
حممد بن كعب<br />
عائشة<br />
ابن عباس<br />
عمر<br />
جبري بن نفري<br />
أبو سعيد اخلدري<br />
--
251<br />
252<br />
252<br />
252<br />
253<br />
253<br />
258<br />
265<br />
--<br />
كاان يقصران و<strong>يف</strong>طران <strong>يف</strong> أربعة برد<br />
ركب إىل رمي فقصر الصالة<br />
أقصر <strong>يف</strong> الصالة إىل عرفة؟<br />
اي أهل مكة ال تقصروا الصالة <strong>يف</strong> أقل من أربعة برد<br />
جعل رسول هللا ثالثة أايم ولياليهن للمسافر<br />
كان رسول هللا إذا خرج مسرية ثالثة أميال<br />
سألت أنس عن قصر الصالة<br />
أقام رسول هللا <strong>يف</strong> بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتني<br />
سامل بن عبد هللا<br />
عطاء<br />
ابن عباس<br />
شريح بن هان<br />
أنس بن مالك<br />
--<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
ابن عباس<br />
الراوي<br />
جابر بن عبد هللا<br />
مثامة بن شراحيل<br />
ابن عمر<br />
رقم الصفحة<br />
265<br />
266<br />
266<br />
266<br />
266<br />
267<br />
269<br />
269<br />
270<br />
271<br />
271<br />
272<br />
272<br />
272<br />
272<br />
303<br />
303<br />
303<br />
304<br />
305<br />
--<br />
--<br />
--<br />
ابن عباس<br />
ابن عباس وابن<br />
عمر<br />
سعيد بن املسيب<br />
--<br />
--<br />
--<br />
أقام رسول هللا بتبوك عشرين يوماً يقصر الصالة<br />
خرجت إىل ابن عمر فقلت ما صالة املسافر؟<br />
ارتج علينا الثلج وحنن أبذربيجان<br />
إين أقيم َبملدينة حوالً ال أشد على سري<br />
إان نطيل القيام َبلغزو خبراسان<br />
أقام أصحاب رسول هللا برامهرمز تسعة أشهر<br />
أقام النيب عام الفتح مخس عشرة يقصر الصالة<br />
إذا قدمت بلدة وأنت مسافر و<strong>يف</strong> نفسك أن تقيم مخسة عشر يوماً<br />
إذا أزمعت بقيام مخس عشرة ليلة فأم<br />
ميكث املهاجر بعد قضاء نسكه ثالاثً<br />
ضرب لليهود والنصارى واجملوس َبملدينة إقامة ثالثة ليال<br />
الضيافة ثالثة أايم فما كان وراء ذلك فهو صدقة<br />
خرجنا مع النيب من املدينة إىل مكة فكان يصلي ركعتني ركعتني<br />
قدم مكة صبيحة رابعة من ذي احلجة<br />
أقام النيب تسعة عشر يقصر<br />
أعطيت مخساً مل يعطهن أحد من األنبياء قبلي<br />
ما منعك اي فالن أن تصلي مع القوم<br />
إمنا كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا<br />
ويل لألعقاب من النار<br />
دعهما فإين أدخلتهما طاهرتني<br />
أنس بن مالك<br />
ابن عباس<br />
ابن عباس<br />
--<br />
عمران بن حصني<br />
عمار<br />
--<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
املغرية بن شعبة<br />
الراوي<br />
عمر<br />
جرير بن عبد هللا<br />
يعلى بن أمية<br />
رقم الصفحة<br />
305<br />
305<br />
306<br />
307<br />
307<br />
307<br />
307<br />
308<br />
308<br />
عمداً صنعته اي عمر<br />
رأيت النيب صنع مثل هذا<br />
صدقة تصدق هللا هبا عليكم فاقبلوا صدقته<br />
صحبت رسول هللا <strong>يف</strong> السفر<br />
كان النيب إذا ارحتل قبل أن تزيغ الشمس<br />
مث أذن مث أقام فصلى الظهر مث أقام فصلى العصر<br />
كان إذا عجل عليه السري يؤخر الظهر إىل وقت العصر<br />
كان <strong>يف</strong> غزوة تبوك إذا ارحتل قبل زيغ الشمس<br />
استغيث على بعض أهله فجد به السري فأخر<br />
ابن عمر<br />
أنس بن مالك<br />
جابر<br />
--<br />
معاذ<br />
ابن عمر
309<br />
309<br />
310<br />
310<br />
311<br />
311<br />
311<br />
318<br />
318<br />
320<br />
322<br />
322<br />
322<br />
--<br />
كان إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعاً<br />
كان النيب يصلي <strong>يف</strong> السفر على راحلته<br />
كان يصلي على راحلته حنو املشرق<br />
إن شئت فصم وإن شئت فأفطر<br />
ابن عمر<br />
جابر بن عبد هللا<br />
--<br />
كنا نسافر مع النيب فلم يعب الصائم على املفطر<br />
يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن<br />
سافران مع رسول هللا إىل مكة وحنن صيام<br />
كل شرط ليس <strong>يف</strong> كتاب هللا فهو َبطل<br />
من عمل عمالً ليس عليه أمران فهو رد<br />
إذا قامت الساعة و<strong>يف</strong> يد أحدكم فسيلة<br />
أنس بن مالك<br />
أبو سعيد اخلدري<br />
أبو سعيد اخلدري<br />
بريرة<br />
عائشة<br />
--<br />
ال تنفق <strong>يف</strong> َبطل<br />
لو أنفق اإلنسان كل ماله <strong>يف</strong> احلق ما كان تبذيراً<br />
إن هللا كره لكم ثالاثً<br />
ابن عباس<br />
جماهد<br />
--<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
كلوا واشربوا <strong>يف</strong> غري إسراف وال خميلة<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
324<br />
325<br />
332<br />
332<br />
332<br />
334<br />
338<br />
353<br />
353<br />
353<br />
353<br />
354<br />
355<br />
355<br />
356<br />
363<br />
363<br />
365<br />
367<br />
368<br />
370<br />
375<br />
376<br />
376<br />
376<br />
376<br />
--<br />
--<br />
إن هللا حرم عليكم إضاعة املال<br />
ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة<br />
ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال <strong>يف</strong> فرسه صدقة<br />
علي وجابر<br />
ومعاذ<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
<strong>يف</strong> الرقة ربع العشر<br />
أدوا زكاة أموالكم<br />
ال زكاة <strong>يف</strong> مال حىت حيول عليه احلول<br />
ما أنزل هللا داءً إال أنزل له شفاء<br />
نعم اي عباد هللا تداووا<br />
احرص على ما ينفعك<br />
أمر النيب العرنيني ملا اجتووا <strong>يف</strong> املدينة َبخلروج<br />
إهنا مباركة إهنا طعام طعم وشفاء سقم<br />
زار رجل أخاً له <strong>يف</strong> قرية<br />
صلوا األرحام تدخلوا اجلنة بسالم<br />
من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً<br />
استأجر النيب وأبو بكر رجالً ليدهلما على الطريق<br />
إمنا مثلكم ومثل أهل الكتاب<br />
إن هللا إذا حرم شيئاً حرم مثنه<br />
من دعى إىل هدى<br />
لعن رسول هللا <strong>يف</strong> اخلمر عشرة<br />
أن علياً أجر نفسه من يهودي يسقي له<br />
طلب العلم فريضة على كل مسلم<br />
أنس<br />
علي<br />
--<br />
امرأة غزت مع زوجها<br />
قد أذن أن ترجن <strong>يف</strong> حاجتكن<br />
حفصة<br />
--<br />
كنت أعلف فرسه<br />
أن امرأة كانت تَقُمُّ املسجد<br />
أمساء<br />
--
طرف احلديث أو األثر<br />
لعن رسول هللا املتشبهات َبلرجال<br />
الراوي<br />
ابن عباس<br />
رقم الصفحة<br />
377<br />
377<br />
377<br />
383<br />
383<br />
391<br />
406<br />
406<br />
407<br />
407<br />
408<br />
413<br />
413<br />
414<br />
415<br />
415<br />
416<br />
417<br />
418<br />
418<br />
431<br />
431<br />
432<br />
433<br />
435<br />
435<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته<br />
إن املرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان<br />
أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني<br />
ال يقبل هللا من مشرك عمالً<br />
كان املشركون على منزلتني من النيب <br />
لتتبعن سنن من كان قبلكم<br />
ابن عباس<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
من تشبه بقوم فهو منهم<br />
خالفوا املشركني<br />
خالفوا اليهود<br />
ليس منا من تشبه بغريان<br />
من جامع املشرك وسكن معه فإنه مثله<br />
إن إقامتك مبكة خري<br />
وحيك إن اهلجرة شأهنا شديد<br />
قومك خري لك من قومي<br />
اي فديك أقم الصالة وآت الزكاة<br />
ال هجرة اليوم<br />
نزلت <strong>يف</strong> أانس من املسلمني<br />
ال هجرة بعد الفتح<br />
عائشة<br />
ابن عباس<br />
--<br />
--<br />
ال تنقطع اهلجرة ما قوتل الكفار<br />
كان متيم الداري وعدي بن بداء خيتلفان إىل مكة<br />
أن رجال من املسلمني حضرته الوفاة بدقوقاء<br />
ابن عباس<br />
--<br />
--<br />
ال جتوز شهادة ملة على ملة إال أميت<br />
إهنا آخر سورة أنزلت<br />
ال تستضيئوا بنار املشركني<br />
عائشة<br />
--<br />
ال أتمتنوهم بعد إذ خوهنم هللا<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
ال تدخلوا على املشركني <strong>يف</strong> كنائسهم<br />
عمر<br />
الراوي<br />
عمر<br />
رقم الصفحة<br />
441<br />
443<br />
444<br />
445<br />
448<br />
454<br />
457<br />
458<br />
460<br />
--<br />
هنى عن الصالة <strong>يف</strong> أرض َببل<br />
إان ال ندخل كنائسكم<br />
أمره أن جيعل مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم<br />
عمر<br />
--<br />
--<br />
--<br />
أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر<br />
إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا<br />
ولترتكن القالص فال يسعى<br />
صلينا مع أنس قعوداً<br />
سُئل أبو بكر وعمر رضي هللا عنهما عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة<br />
أبو هريرة<br />
ابن سريين<br />
سويد بن غفلة
460<br />
460<br />
462<br />
463<br />
463<br />
466<br />
470<br />
470<br />
470<br />
471<br />
472<br />
478<br />
485<br />
485<br />
486<br />
502<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
فإن مل تستطع فقاعداً<br />
أمره أن يصلي <strong>يف</strong> السفينة قائماً<br />
إذا أمرتكم أبمر فأتوا منه ماستطتعم<br />
كان يصلي النافلة على راحلته<br />
كان يستقبل القبلة عند إحرامه َبلنافلة<br />
سنوا هبم سنة أهل الكتاب<br />
أنس<br />
--<br />
جابر بن عبد هللا<br />
عمر<br />
--<br />
ابن عمر<br />
عمر<br />
عمر<br />
--<br />
عائشة<br />
--<br />
--<br />
نتزوج نساء أهل الكتاب وال يتزوجون نساءان<br />
املسلم يتزوج النصرانية، وال يتزوج النصراين املسلمة<br />
عن عمر وعثمان القول إبَبحة نساء أهل الكتاب<br />
حرم هللا املشركات على املؤمنني<br />
إن حَلَّ طالقهن فقد حَلَّ نكاحهن<br />
هي مجرة طلقها<br />
ال نكاح إال بويل<br />
أميا امرأة نكحت نفسها بغري إذن وليها<br />
تزويج النيب للواهبة نفسها له<br />
أكل النيب من الشاة املسمومة<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
الراوي<br />
عائشة<br />
رقم الصفحة<br />
506<br />
514<br />
514<br />
514<br />
514<br />
516<br />
517<br />
517<br />
518<br />
518<br />
519<br />
527<br />
528<br />
528<br />
529<br />
529<br />
530<br />
535<br />
537<br />
537<br />
546<br />
--<br />
--<br />
--<br />
عبد الرمحن بن<br />
عوف<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
مسوا عليه أنتم وكلوه<br />
عامل النيب اليهود <strong>يف</strong> خيرب َبملساقاة واملزارعة و<strong>يف</strong> املدينة<br />
استقرض من يهودي ثالثني صاعاً<br />
اشرتى من يهودي سلعة إىل امليسرة<br />
كاتبت أمية بن خلف كتاَبً أبن ح<strong>يف</strong>ظين <strong>يف</strong> صياغيت مبكة<br />
ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب<br />
كل رَب اجلاهلية موضوع<br />
أميا دار قسمت <strong>يف</strong> اجلاهلية فهي على قسم اجلاهلية<br />
فمن زاد أو ازداد فقد أرىب<br />
لعن هللا آكل الرَب وموكله<br />
كل قسم قسم <strong>يف</strong> اجلاهلية فهو على ما قسم<br />
جاهدوا املشركني أبموالكم وأيديكم<br />
املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال خيذله<br />
من مل يهتم أبمر املسلمني فليس منهم<br />
حاصر أهل الطائف<br />
وهللا ال أيتيكم من اليمامة حبة حنطة<br />
جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم<br />
املؤمن الذي خيالط الناس ويصرب على أذاهم<br />
من دل على خري فله مثل أجر فاعله<br />
ألن يهدي هللا بك رجالً واحداً خري لك من محر النعم<br />
بل أرجو أن خيرج هللا من أصالهبم من يعبد هللا وحده<br />
مثامة بن أاثل<br />
عبد الرمحن بن<br />
أيب بكر<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--
548<br />
549<br />
559<br />
560<br />
--<br />
ال تدخلوا على هؤالء املعذبني<br />
إين أخشى أن يصيبكم مثل ما أصاهبم<br />
كان النيب أييت مسجد قباء كل سبت<br />
من جاءين زائراً<br />
ابن عمر<br />
ابن عمر<br />
--<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
من زار قربي<br />
من حج ومل يزرين<br />
كنت هنيتكم عن زايرة القبور فزوروها<br />
ال تدخل املالئكة بيتاً فيه متاثيل<br />
إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه<br />
ال تتخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً<br />
لعن هللا من اتذ شيئاً فيه الروح غرضاً<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
560<br />
560<br />
561<br />
576<br />
579<br />
580<br />
580<br />
583<br />
586<br />
592<br />
593<br />
593<br />
594<br />
594<br />
595<br />
595<br />
595<br />
596<br />
596<br />
597<br />
597<br />
597<br />
597<br />
598<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
من كان يؤمن َبهلل واليوم اآلخر فال جيلس على مائدة يدار اخلمر<br />
ابن عمر<br />
--<br />
--<br />
جابر بن عبد هللا<br />
سعد بن أيب<br />
وقاص<br />
أبو هريرة<br />
أبو هريرة<br />
أبو هريرة<br />
--<br />
أم سلمة<br />
--<br />
--<br />
--<br />
أبو هريرة<br />
كعب بن مالك<br />
--<br />
سبحان الذي سخر لنا هذا<br />
إذا هم أحدكم َبألمر فلريكع ركعتني<br />
من سعادة املرء استخارته ربه<br />
أستودعك هللا<br />
أستودع هللا دينك وأمانتك<br />
عليك بتقوى هللا تعاىل<br />
سبحانك إين ظلمت نفسي<br />
اللهم إين أعوذ بك أن أضل أو أضل<br />
لو يعلم الناس ما <strong>يف</strong> الوحدة<br />
ندب الناس يوم اخلندق فانتدب الزبري<br />
الراكب شيطان، والراكبان شيطاانن<br />
إذا خرج ثالثة فليؤمروا أحدهم<br />
لقلما كان رسول هللا خيرج<br />
اللهم َبرك ألميت <strong>يف</strong> بكورها<br />
كان رسول هللا يتخلف <strong>يف</strong> املسري<br />
كل معروف صدقة<br />
جابر<br />
--<br />
طرف احلديث أو األثر<br />
وهللا <strong>يف</strong> عون العبد<br />
كل سُالمى عليه صدقة<br />
أقلوا اخلروج إذا هدأت الرجل<br />
عليكم َبلدجلة<br />
ال ترسلوا فواشيكم وصبيانكم<br />
إذا عرَّستم فاجتنبوا الطريق<br />
إن تفرقكم <strong>يف</strong> هذه الشعاب<br />
ال تصحب املالئكة رفقة فيها كلب وال جرس<br />
من نزل منزالً مث قال<br />
الراوي<br />
رقم الصفحة<br />
598<br />
598<br />
598<br />
598<br />
599<br />
600<br />
600<br />
600<br />
601<br />
--<br />
--<br />
جابر<br />
--<br />
--<br />
--<br />
أبو ثعلبة اخلشين<br />
أبو هريرة<br />
خولة
601<br />
601<br />
601<br />
602<br />
605<br />
605<br />
606<br />
606<br />
606<br />
624<br />
625<br />
631<br />
671<br />
671<br />
682<br />
683<br />
--<br />
اللهم رب السموات السبع وما أظللن<br />
كان النيب وجيوشه إذا علوا الثنااي<br />
ثالث دعوات مستجاَبت<br />
أيها الناس عليكم َبلسكينة<br />
هنى أن يطرق الرجل أهله ليالً<br />
كان ال يقدم من سفر إال هناراً<br />
إذا قدم من سفر ت ُلُقِّيَ بصبيان<br />
ابن عمر<br />
--<br />
--<br />
جابر<br />
كعب بن مالك<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
--<br />
كان <br />
تقبيله املسافر ومعانقته<br />
ملا قدم املدينة حنر جزوراً<br />
مثل القائم على حدود هللا والواقع فيها<br />
من رآى منكم منكراً فليغريه<br />
الدين النصيحة<br />
إمنا الطاعة <strong>يف</strong> املعروف<br />
على املرء السمع والطاعة<br />
ال خيلون رجل َبمرأة إال كان الشيطان اثلثهما<br />
ال ينظر الرجل إىل عورة الرجل<br />
ثالثاً:<br />
فهرس األعالم
حسب الرتتيب اهلجائي
اسم العلم<br />
إسحاق بن راهويه<br />
أبو أمامة<br />
األوزاعي<br />
الباجي<br />
أبو بصرة الغفاري<br />
ابن بطال<br />
البغوي<br />
البهويت<br />
البيضاوي<br />
البيهقي<br />
متيم الداري<br />
مثامة بن أاثل<br />
أبو ثور<br />
جابر بن مسرة<br />
جبري بن نفري<br />
ابن جرير<br />
اجلصاص<br />
ابن حجر العسقالين<br />
ابن حجر اهليتمي<br />
احلسن البصري<br />
حنظلة<br />
ابن خلدون<br />
ابن الدغنة<br />
أبو رافع<br />
الرملي<br />
الزهري<br />
سفيان بن عيينة<br />
سفيان الثوري<br />
رقم الصفحة<br />
236<br />
30<br />
158<br />
153<br />
239<br />
24<br />
147<br />
148<br />
333<br />
150<br />
431<br />
173<br />
466<br />
92<br />
249<br />
21<br />
35<br />
24<br />
108<br />
141<br />
90<br />
103<br />
44<br />
205<br />
199<br />
205<br />
23<br />
87<br />
اسم العلم<br />
ابن سريين<br />
رقم الصفحة<br />
159
249<br />
253<br />
108<br />
22<br />
149<br />
25<br />
44<br />
239<br />
187<br />
31<br />
431<br />
155<br />
26<br />
53<br />
22<br />
26<br />
331<br />
42<br />
40<br />
415<br />
50<br />
120<br />
22<br />
23<br />
106<br />
107<br />
35<br />
104<br />
شر حبيل بن السمط<br />
شريح بن هان<br />
ابن الصالح<br />
الضحاك<br />
ابن عابدين<br />
ابن عبد الرب<br />
عبد الرمحن بن زيد بن أسلم<br />
عبيد بن جرب<br />
عثمان بن أيب العاص<br />
عثمان بن مظعون<br />
عدي بن بداء<br />
عدي بن حام<br />
ابن العريب<br />
العز بن عبد السالم<br />
عطاء<br />
ابن عطية<br />
ابن عقيل<br />
عكرمة<br />
الغزايل<br />
فديك<br />
القامسي<br />
القاضي أبو بكر الباقالين<br />
قتادة<br />
ابن قتيبة<br />
ابن قدامة<br />
القرا<strong>يف</strong><br />
ابن كثري<br />
املاوردي<br />
اسم العلم<br />
جماهد<br />
حممد رشيد رضا<br />
نعيم النحام<br />
النووي<br />
رقم الصفحة<br />
22<br />
356<br />
415<br />
37
109<br />
255<br />
140<br />
الواحدي<br />
يعلى بن أمية<br />
أبو يوسف
رابعاً:<br />
قائمة املصادر واملراجع<br />
حسب الرتتيب اهلجائي
أوالً: الكتب
( أ )<br />
أحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة. حملمد األشقر، وابنه عمر، وحممد شبري، وحممد نعيم ايسني. ط1.) دار إحياء الرتاث العريب<br />
–<br />
– 1417ه .)<br />
أحباث هيئة كبار العلماء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية. ط1. ( الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية<br />
بريوت<br />
– الرايض – -1409 1422ه .)<br />
اآلاثر واملش اهد وأث ر تعظيمه ا عل ى األم ة اإلس المية. د/ عب د العزي ز اجلف ري. ط1. ( دار اهل دى النب وي ودار الفض يلة<br />
– مص ر ال رايض –<br />
1424ه (.<br />
أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية. انصر الطيار. ط1.<br />
( مكتبة العبيكان –<br />
الرايض<br />
– 1421ه .)<br />
اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة. حملمد األمني الشنقيطي. تعليق د/ عبد هللا الطيار. ط1. ( دار املتعلم<br />
اإلجازات فوائد حماذير عرب. ألمحد سامل دويالن.<br />
( دار طويق<br />
– الزلفي – 1424ه .)<br />
– الرايض – 1422ه .)<br />
اإلجازة بني احلفظ والضياع. سعد احلجري. ط1.<br />
( دار بلنسية –<br />
اإلمجاع. البن املنذر. حتقيق فوائد عبد املنعم. ط3. ( وزارة األوقاف<br />
الرايض<br />
– 1422ه .)<br />
قطر –<br />
– 1411ه .)<br />
االحتساب على خمالفات السفر. د/ خالد القريشي. ط1. ( دار احلضارة – الرايض<br />
إحكام األحكام شرح عمدة األحكام. البن دقيق العيد. حتقيق: أمحد شاكر. ط2.<br />
–1424ه (.<br />
( دار اجليل –<br />
أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب. سامل عبد الغين الرافعي. ط1. ( دار الوطن<br />
بريوت<br />
– 1416ه .)<br />
–<br />
أحكام األطعمة والذابئح <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. د/ أبو سريع حممد عبد اهلادي. ط2. ( دار اجليل<br />
أحكام األغنياء. عبد هللا إبراهيم. ط1. ( دار النفائس<br />
الرايض<br />
– 1422ه .)<br />
– بريوت – 1407ه .)<br />
األردن –<br />
أحكام أهل الذمة. البن القيم. حتقيق. يوسف البكري والعروري.ط1.<br />
أحكام الزكاة. لعبد هللا اجلار هللا. ( دار عامل الكتب –<br />
– 1423ه .)<br />
( رمادي للنشر – الدمام – 1418ه (.<br />
الرايض – 1423ه (.<br />
أحكام الزواج <strong>يف</strong> ضوء الكتاب والسنة. عمر األشقر. ط3. ( دار النفائس<br />
األردن –<br />
– 1424ه .)<br />
األحكام السلطانية. أليب يعلى الف ر اء احلنبلي. تعليق حممد حامد الفقي. ( دار الكتب العلمية – بريوت – 1403ه (.<br />
األحكام السلطانية والوالايت الدينية، للماوردي. أبو احلسن علي حممد بن حبيب. ط1. ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />
أ حكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها. هاشم انقور. ط1. ( دار ابن اجلوزي<br />
– 1405ه .)<br />
الدمام –<br />
– 1424ه(.<br />
األحكام السياحية لألقليات املسلمة <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. سليمان توبولياك. ط1. ( دار النفائس<br />
–<br />
األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية، للمزروعي. إبراهيم بن عبد هللا. ط2. ( مؤسسة الراين<br />
بريوت<br />
األردن<br />
– 1418ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1423ه .)<br />
األحكام الشرعية ومنافاهتا للقوانني الوضعية. عبد هللا آل حممود. ( مطابع قطر الوطنية – الدوحة (.<br />
إحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول. للباجي، أبو الوليد سليمان بن خلف. حتقيق: عبد اجمليد تركي. ط1و2. ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
–<br />
– 1407و 1415ه (.<br />
اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام. البن حزم األندلسي. حققه جلنة من العلماء. ط2. ( دار اجليل<br />
اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام. لآلمدي، علي بن حممد. تعليق عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي. ط1.<br />
بريوت –<br />
– 1407ه .)<br />
( دار الصميعي –<br />
أحكام القرآن. البن العريب، أبو بكر حممد بن عبد هللا. حتقيق: علي البجاوي. ( دار املعرفة بريوت (.<br />
أحكام القرآن. للجصاص، أبو بكر أمحد بن علي الرازي. ( دار الكتب العريب – بريوت(.<br />
أحكام القرآن. للشافعي. تعليق عبد الغين عبد اخلالق. ( دار الكتب العلمية<br />
الرايض<br />
– 1424ه .)<br />
– 1412ه .)<br />
أحكام القرآن ( اجلامع (. للقرطي، أبو عبد هللا حممد بن أمحد األنصاري. ( دار الكتاب العريب<br />
أحكام املال احلرام. عباس الباز. ط2. ( دار النفائس – األردن<br />
أحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. أمحد الكردي. ط1. ( مطبعة الصباح<br />
القاهرة –<br />
– 1387ه .)<br />
– 1420ه .)<br />
– 1984م .)<br />
أحك ام املس اجد <strong>يف</strong> الش ريعة اإلس المية. إب راهيم اخلض ريي. ( وزارة الش ؤون اإلس المية مرك ز البح وث والدراس ات اإلس المية – ال رايض<br />
–<br />
1419ه (.<br />
إحياء علوم الدين للغزايل، وبذيله كتاب املغين عن محل األسفار <strong>يف</strong> األسفار <strong>يف</strong> ختريج ما <strong>يف</strong> اإلحياء من األخبار. للحافظ العراقي. ط1.<br />
حتقيق:<br />
هيئة التحقيق بدار اهلادي. )بريوت – 1412ه (.وإحياء علوم الدين. للغزايل. ( دار املعرفة<br />
بريوت –<br />
– 1402ه .)<br />
-1<br />
-2<br />
-3<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
-7<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13<br />
-14<br />
-15<br />
-16<br />
-17<br />
-18<br />
-19<br />
-20<br />
-21<br />
-22<br />
-23<br />
-24<br />
-25<br />
-26<br />
-27<br />
-28<br />
-29<br />
-30<br />
-31<br />
-32<br />
-33
االختصاص القضائي. انصر الغامدي. ط1. ( مكتبة الرشد<br />
– الرايض – 1420ه .)<br />
اختالف الدارين وآاثره <strong>يف</strong> أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية. د/ عبد العزيز األمحدي. ط1.<br />
( اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />
املدينة املنورة<br />
االختيار لتعليل املختار. عبد هللا بن حممود املوصلي احلنفي. وعليه تعليقات أبو دقيقة. ط2. ( مطبعة مصطفى احلليب وأوالده<br />
– 1424ه .)<br />
– مصر –<br />
–<br />
1370ه (.<br />
آداب السفر وأحكامه. العالوي، أبو عبد الرمحن. ط1.<br />
( مكتبة السنة –<br />
القاهرة<br />
– 1423ه .)<br />
اآلداب الشرعية. البن مفلح، أبو عبد هللا حممد بن مفلح املقدسي. ( رائسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء<br />
آداب املسافرين. د/ عبد احلميد السحيباين. ط1. ( دار الوطن<br />
– الرايض .)<br />
الرايض –<br />
– 1423ه .)<br />
أدب القاضي، للماوردي، أبو احلسن علي بن حممد الشافعي. حتقيق حميي السرحان.<br />
( مطبعة اإلرشاد –<br />
بغداد<br />
– 1391ه .)<br />
أدب القضاء. البن أيب الدم، شهاب الدين إبراهيم بن عبد هللا. حتقيق. حممد عطا. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
األدب املفرد، للبخاري. ختريج وتعليق األلباين. ط1. ( دار الصديق<br />
و األدب املفرد. للبخاري. ط1. ( مؤسسة الكتب الثقافية<br />
– بريوت – 1407ه .)<br />
اجلبيل –<br />
– 1419ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1406ه .)<br />
أربعٌ وأربعون سنة وأدابً من سنن السفر و<strong>السياحة</strong> وآداهبما. د/ محدان احلمدان. ( دار الوطن<br />
إرواء الغليل <strong>يف</strong> ختريج أحاديث منار السبيل. حملمد انصر الدين األلباين. ط2. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– الرايض .)<br />
بريوت –<br />
االستثمار، أحكامه وضوابطه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. قطب مصطفى سانو. ط1. ( دار النفائس – األردن<br />
االستذكار. البن عبد الرب القرطي. حتقيق: سامل عطا و حممد معوض. ط1. ( دار الكتب العلمية بريوت<br />
االستقامة. لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية. حتقيق: حممد رشاد سامل. ط2. ( مؤسسة قرطبة<br />
االستيعاب. البن عبد الرب القرطي. تعليق. علي البجاوي. ط1. ( دار اجليل<br />
– 1405ه .)<br />
– 1420ه .)<br />
– 2000م .)<br />
–<br />
– األندلس .)<br />
بريوت –<br />
– 1412ه .)<br />
أسد الغابة <strong>يف</strong> معرفة الصحابة، البن األث ري، عل ي ب ن حمم د اجل زري. تص حيح ع ادل الرف اعي. ط1. ( دار إحي اء ال رتاث الع ريب<br />
–<br />
1417ه (.<br />
أسىن املطالب شرح روض الطالب. لألنصاري، زكراي. ( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />
األشباه والنظائر. للسيوطي، جالل الدين عبد الرمحن. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
بريوت –<br />
– 1399ه .)<br />
اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة. البن حجر العسقالين، أمحد بن علي بن حممد املصري الشافعي. ( دار الكتب العلمية –<br />
أصول الصناعة السياحية، محيد الطائي. ط1. ( مؤسسة الوراق<br />
بريوت (.<br />
األردن –<br />
– 2001م(.<br />
أضواء البيان <strong>يف</strong> إيضاح القرآن ابلقرآن. للشنقيطي، حممد األمني بن حممد املختار.<br />
األطعمة وأحكام الصيد والذابئح. صاحل الفوزان. ط1. ( مكتبة املعارف<br />
األعالم. للزركلي، خري الدين. ط7. ( دار العلم للماليني<br />
( عامل الكتب – بريوت (.<br />
– 1408ه .)<br />
–<br />
–<br />
اإلعالم السياحي. حممد منري حجاب. ط1و2. ( دار الفجر<br />
بريوت<br />
الرايض<br />
.) 1986 –<br />
القاهرة –<br />
إعالم املوقعني عن رب العاملني. البن القيم. حتقيق: طه عبد الرؤوف. ( دار اجليل<br />
اإلعالن املشروع واملمنوع <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. مساعد الفاحل. ط1.<br />
اإلفصاح عن معاين الصحاح. البن هبرية، أبو املظفر حيىي بن حممد.<br />
اقتصادايت <strong>السياحة</strong>، د/ نبيل الرويب. ( مؤسسة الثقافة اجلامعية –<br />
– 2002و .) 2003<br />
بريوت –<br />
– 1973م .)<br />
( دار العاصمة –<br />
الرايض<br />
– 1415ه .)<br />
( املؤسسة السعيدية – الرايض (.<br />
االسكندرية (.<br />
ب ريوت<br />
إقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم. البن تيمية، أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم. حتقيق ودراسة. د/ انصر العقل. ط7.<br />
( دار عامل الكتب<br />
الرايض –<br />
– 1419ه .)<br />
األقليات املسلمة. أسئلة أجاب عنها ابن ابز وابن عثيمني. ط1. ( دار الوطن<br />
الرايض –<br />
– 1415ه .)<br />
اإلقناع لطالب علم االنتفاع. للحجاوي. شرف الدين موسى بن أمحد املقدسي. حتقيق: عبد هللا<br />
واألوقاف –<br />
اململكة العربية السعودية – 1419ه (.<br />
إكمال املعلم شرح صحيح مسلم، لأليب املالكي الوشتاين. ط1. ( مطبعة السعادة<br />
األم. للشافعي. ط2.<br />
– مصر – 1328ه .)<br />
( دار املعرفة –<br />
بريوت<br />
– 1393ه .)<br />
الرتكي. ط2.) وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
-34<br />
-35<br />
-36<br />
-37<br />
-38<br />
-39<br />
-40<br />
-41<br />
-42<br />
-43<br />
-44<br />
-45<br />
-46<br />
-47<br />
-48<br />
-49<br />
-50<br />
-51<br />
-52<br />
-53<br />
-54<br />
-55<br />
-56<br />
-57<br />
-58<br />
-59<br />
-60<br />
-61<br />
-62<br />
-63<br />
-64<br />
-65<br />
-66<br />
-67
األمن الس ياحي، عل ي اجلح ين، وذايب البداني ة، وعب د الع اطي الص ياد، وحمم د عب د احلمي د. ط1. ( جامع ة اني ف العربي ة للعل وم األمني ة<br />
–<br />
1425ه (.<br />
األنظمة واللوائح، ط2. ( وزارة العدل<br />
– 1420ه .)<br />
أنيس املسافر. الندوي، أبو عمر عبد العزيز السعيد. ط1. ( دار األرقم<br />
أين وك<strong>يف</strong> تقضي اإلجازة. رايض احلقيل. ط1.<br />
أيها املصطاف، عائض القرين. ط1. ( دار الوطن<br />
القصيم –<br />
– 1415ه .)<br />
( دار الصميعي –<br />
الرايض<br />
– 1413ه .)<br />
– الرايض – 1424ه .)<br />
-68<br />
-69<br />
-70<br />
-71<br />
-72<br />
( ب )<br />
الباعث احلثيث شرح اختصار علوم احلديث البن كثري. أمحد شاكر. ط3. ( دار الرتاث<br />
القاهرة –<br />
– 1399ه .)<br />
البحر الرائق شرح كنز الدقائق. البن جنيم، زين الدين إبراهيم. ط2. ( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />
البحر احمليط. للزركشي، بدر الدين حممد الشافعي. حترير عمر األشقر، ومراجعة عبد الستار أبو غدة، وحممد األشقر.<br />
ط1. ( دار الصفوة<br />
– القاهرة – 1409ه .)<br />
حبوث فقهية <strong>يف</strong> قضااي عصرية. صاحل الفوزان. ط1. ( دار العاصمة<br />
حبوث <strong>يف</strong> الزكاة. رفيق املصري.ط1. ( دار املكتيب<br />
حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة. حممد تقي العثماين.ط1.<br />
الرايض –<br />
– 1415ه .)<br />
– سوراي – 1420ه .)<br />
( دار القلم –<br />
دمشق<br />
– 1419ه .)<br />
بدائع التفسري اجلامع لتفسري ابن القيم اجلوزية. مجع وتوثيق وتريج: يسرى السيد حممد. ط1. ( دار ابن اجلوزي – الدمام<br />
ب دائع الص نائع <strong>يف</strong> ترتي ب الش رائع. للكاس اين، ع الء ال دين أب و بك ر ب ن مس عود. حتقي ق:<br />
حمم د حل يب. ط1. ( دار املعرف ة<br />
– 1414ه .)<br />
– ب ريوت –<br />
-73<br />
-74<br />
-75<br />
.1<br />
-76<br />
-77<br />
-78<br />
-79<br />
-80<br />
1420ه (.<br />
بدائع الفوائد. البن القيم اجلوزية. تريج أمحد عبد السالم. ط1. ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />
بداي ة اجملته د وهناي ة املقتص د. الب ن رش د، حمم د ب ن أمح د ب ن حمم د. حتقي ق:<br />
– 1414ه .)<br />
عب د اجملي د طعم ة حل يب. ط2. ( دار املعرف ة<br />
– ب ريوت –<br />
-81<br />
-82<br />
1420ه (.<br />
البداية والنهاية. البن كثري، عماد الدين إمساعيل بن عمر. حتقيق: حممد النجار.<br />
( مكتبة الفالح – الرايض (.<br />
بذل اجملهود، <strong>يف</strong> حل أيب داود. للسها رنفوري مع تعليق الكاندهلوي. ( دار الكتب العلمية<br />
بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام للتمراتشي. صاحل الزيد. ط1. ( دار املعارف<br />
هبجة اجملالس، البن عبد الرب القرطي. ( دار الكتب العلمية –<br />
– بريوت .)<br />
– الرايض – 1416ه .)<br />
بريوت (.<br />
البيان والتحصيل. البن رشد القرطي. حتقيق: حممد حجي. ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي – بريوت<br />
– 1404ه .)<br />
-83<br />
-84<br />
-85<br />
-86<br />
-87<br />
( ت(<br />
اتج العروس، للزبيدي حممد مرتضى. دار ليبيا للنشر بنغازي. ( مطابع دار صادر<br />
– بريوت – 1386ه .)<br />
التاج واإلكليل شرح خمتصر خليل. للمواق، أبو عبد هللا حممد بن يوسف. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
– 1416ه .)<br />
اتري خ قض اة األن دلس ( املرقب ة العلي ا ف يمن يس تحق القض اء والفتي ا (. للنب اهي، أب و احلس ن ب ن عب د هللا األندلس ي. ( املكت ب التج اري<br />
للطباعة<br />
– بريوت .)<br />
الرايض –<br />
تبصرة احلكام <strong>يف</strong> أصول األقضية ومنهج األحكام. البن فرحون، أبو الوفاء إبراهيم املالكي. تريج وتعليق مجال مرعشلي. ( دار ع امل الكت ب<br />
– 1423ه .)<br />
تبيني احلقائق شرح كنز الدقائق. للزيلعي، عثمان بن علي. ط2.) دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />
حتذير أهل اإلميان عن احلكم بغري ما أنزل الرمحن. إمساعيل اخلطيب احلسين السلفي. ط4.<br />
( اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />
املدينة املنورة<br />
– 1408ه<br />
.)<br />
-88<br />
-89<br />
-90<br />
-91<br />
-92<br />
-93
حتري ر األحك ام <strong>يف</strong> ت دبري أه ل اإلس الم. الب ن مجاع ة. حتقي ق:<br />
1411ه (.<br />
حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي. للمباركفوري، حممد بن عبد الرمحن. ط3. ( دار الفكر<br />
–<br />
ف ؤاد عب د امل نعم. ط2. ( رائس ة احمل اكم الش رعية والش ؤون الديني ة – قط ر<br />
بريوت<br />
حتفة احملتاج بشرح املنهاج. البن حجر اهليتمي، أمحد بن حممد بن علي. ( دار إحياء الرتاث العريب (.<br />
حتكيم القوانني. حممد بن إبراهيم<br />
آل الشيخ. ط3.) دار الوطن<br />
– 1399ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1411ه .)<br />
ختريج الفروع على األصول. للزجناين، شهاب الدين حممود بن أمحد. ط2. حتقيق: حممد أديب الصاحل. ( الشركة املتحدة للتوزيع<br />
–<br />
– 1398ه .)<br />
تذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر. عبد هللا اجلار هللا. ط1. ( دار الطيببة<br />
– الرايض – 1410ه .)<br />
الرتغيب والرتهيب. للمنذري، عبد العظيم بن عبد القوي. حتقيق إبراهيم َشس الدين. ط1. ( دار الكتب العلمية –<br />
التزوج ابلكتابيات وعموم ضرره على البنني والبنات. عبد هللا احملمود. ط1. ( مطابع قطر الوطنية<br />
بريوت<br />
بريوت – 1417ه (.<br />
الدوحة –<br />
تسويق اخلدمات السياحية، سراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري. ط1. ( دار املسرية –<br />
التشبه املنهي عنه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. مجيل اللوحيق. ط1. ( دار األندلس اخلضراء<br />
.) 1395 –<br />
مصر – 1422ه (.<br />
– جدة – 1419ه .)<br />
التعر<strong>يف</strong>ات. للجرجاين، أبو احلسن عل ي ب ن حمم د احلس يين. وض ع حواش يه حمم د َبس ل عي ون الس ود. ط1. ( دار الكت ب العلمي ة<br />
– ب ريوت –<br />
–<br />
1421ه (.<br />
التعليق ات الس لفية عل ى س نن النس ائي. أليب الطي ب الفوجي اين. تعلي ق أمح د ش اغف وأمح د الس لفي. ط2. ( املكتب ة الس لفية<br />
–<br />
1421ه (.<br />
تفسري ابن أيب حامت. لعبد الرمحن بن حممد الرازي ابن أيب ح امت. حتقي ق: أس عد الطي ب. ط1. ( مكتب ة ن زار الب از<br />
مك ة املكرم ة –<br />
َبكس تان<br />
– 1417ه<br />
.)<br />
تفسري ابن كثري ( تفسري القرآن العظيم (. البن كثري، أبو الفداء إمساعيل بن كثري الدمشقي. ط1. ( دار عامل الكتب<br />
الرايض –<br />
– 1416ه<br />
.)<br />
تفسري البغوي ( معامل التنزيل (. للبغوي، احلسني بن مسعود. حتقيق حممد النمر. ( دار طيبة<br />
تفسري الطربي. البن جرير الطربي. ( دار الفكر<br />
– الرايض – 1409ه .)<br />
بريوت –<br />
تفسري القرآن، للعز بن عبد السالم.ط1. ( دار ابن حزم<br />
– 1405ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1422ه .)<br />
التفسري الكبري ( مفاتيح الغيب (. لفخر الدين الرازي. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
تفسري املنار. حممد رشيد رضا. ط2. ( دار الفكر –<br />
– بريوت – 1411ه .)<br />
( مكتبة احللبوين (.<br />
بريوت (.<br />
التقريب <strong>يف</strong> فن أصول احلديث. للنووي، حميي الدين أبو زكراي الشافعي.<br />
تقريب التهذيب. البن حجر العسقالين، أمحد بن علي. حتقيق: عبد الوهاب عبد اللط<strong>يف</strong>. ط2. ( دار املعرفة<br />
التقرير والتحبري <strong>يف</strong> شرح التحرير. البن أمري حاج، حممد بن حممد بن حممد. ط2. ( دار الكتب العلمية – 1403ه (.<br />
تلخيص احلبري. البن حجر العسقالين. حتقيق: عبد هللا اليماين املدين. ( املدينة املنورة<br />
جدة<br />
التمهيد <strong>يف</strong> أص ول الفق ه. أليب اخلط اب، حمف وظ ب ن أمح د ب ن احلس ن الكل وذاين. حتقي ق:<br />
– بريوت – 1495ه .)<br />
– 1384ه .)<br />
حمم د ب ن عل ي ب ن إب راهيم. ط1. ( دار امل دين<br />
–<br />
–<br />
– 1406ه .)<br />
تنقيح حتقيق أحاديث التعليق. البن عبد اهلادي احلنبلي. حتقيق: أمين شعبان. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب. د/ فؤاد البكري. ط1.<br />
هتذيب التهذيب. البن حجر العسقالين، أمحد بن علي.<br />
– بريوت – 1998م .)<br />
( عامل الكتب – القاهرة – 1424ه (.<br />
( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
توشيح األسفار <strong>يف</strong> مديح األسفار. للمرادي أيب الفضل حممد خليل. ط1. ( دار الشر<strong>يف</strong><br />
تيس ري الك رمي ال رمحن <strong>يف</strong> تفس ري ك الم املن ان. لعب د ال رمحن الس عدي. حتقي ق:<br />
– القاهرة .)<br />
الرايض –<br />
– 1417ه .)<br />
عب د ال رمحن اللوحي ق. ط1. ( مؤسس ة الرس الة<br />
–<br />
1423ه (.<br />
ب ريوت<br />
-94<br />
-95<br />
-96<br />
-97<br />
-98<br />
-99<br />
-100<br />
-101<br />
-102<br />
-103<br />
-104<br />
-105<br />
-106<br />
-107<br />
-108<br />
-109<br />
-110<br />
-111<br />
-112<br />
-113<br />
-114<br />
-115<br />
-116<br />
-117<br />
-118<br />
-119<br />
-120<br />
-121<br />
-122
( ث )<br />
-123<br />
الثقات. البن حبان، حممد بن حبان بن أمحد البسيت.<br />
ط1. ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />
– 1393ه .)<br />
( ج )<br />
جامع العوم واحلكم. البن رجب. حتقيق: شعيب األرانؤوط وإبراهيم َبجس. ط7.<br />
( مؤسسة الرسالة – بريوت – 1417ه (.<br />
اجلامع الفريد حيتوي على كتب ورسائل أئمة الدعوة <strong>اإلسالم</strong>ية: التوحيد، حملمد بن عب د الوه اب. وال زايرة، لش يخ اإلس الم اب ن تيمي ة. وم ا<br />
هك ذا تعظ يم اآلاثر، الب ن ابز. وتطه ري االعتق اد، للص نعاين. وش رح الص دور، للش وكاين. وال رد عل ى ش بهات املس تغيثني بغ ري هللا، الب ن<br />
عيسى. ط5. ( طبع بتمويل من شركة اجلميح<br />
جزيرة <strong>اإلسالم</strong>. سلمان العودة. ( دار الوطن<br />
الرايض –<br />
– 1423ه .)<br />
– الرايض .)<br />
جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر.<br />
جواهر اإلكليل شرح العالمة خليل. لآليب األزهري، صاحل عبد السميع. ( دار الفكر<br />
( مصور .)<br />
– بريوت .)<br />
-124<br />
-125<br />
-126<br />
-127<br />
-128<br />
( ح )<br />
حاشية ابن عابدين ( رد احملتار على الدر املختار (. البن عابدين، حممد أمني بن عم ر عاب دين. حتقي ق: ع ادل عب د املوج ود زعل ي مع وض. (<br />
دار عامل الكتب – الرايض<br />
– 1423ه .)<br />
حاشية البجريمي على اخلطيب. لسليمان بن حممد البجريمي. ( دار الفكر<br />
العلمية<br />
بريوت –<br />
– 1415ه .)<br />
بريوت –<br />
حاشيتا التفتازاين واجلرجاين عل ى خمتص ر اب ن احلاج ب. لس عد ال دين التفت ازاين والش ر<strong>يف</strong> اجلرج اين م ع حاش ية اهل اروي. ط2. ( دار الكت ب<br />
– 1403ه .)<br />
حاشية اجلمل على املنهج، لسليمان العجيلي املصري الشهري ابجلمل.<br />
( دار الفكر (.<br />
حاشية الدسوقي على الشرح الكبري. لشمس الدين حممد عرفه الدسوقي. ( دار الفكر<br />
حاشية زاده على تفسري البيضاوي. حمليي الدين شيخ زاده.<br />
– بريوت .)<br />
( دار<br />
إحياء الرتاث العريب (.<br />
حاشية الصاوي على الشرح الصغري ( بلغة السالك (. ألمحد الصاوي أب و العب اس. حتقي ق:<br />
د/ مص طفى وص في. ( دار املع ارف<br />
–<br />
.)<br />
حاشية ابن قاسم على الروض املربع. لعبد الرمحن بن قاسم النجدي. ط1. (<br />
حاشيتا قليويب وعمريه على شرح احمللي على املنهاج. ( دار الفكر<br />
العلمية<br />
1419ه (.<br />
بريوت –<br />
– 1415ه .)<br />
بريوت –<br />
مص ر<br />
احلاوي الكبري. للماوردي. علي بن حممد بن حبي ب امل اوردي البص ري. حتقي ق وتعلي ق عل ي مع وض وع ادل عب د املوج ود. ط1. ( دار الكت ب<br />
– 1414ه .)<br />
حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر. املاجد، سليمان بن عبد هللا. ط1. ( دار طيبة<br />
احلرص على هداية الناس. د/ فضل إهلي. ط1.<br />
– الرايض – 1421ه .)<br />
( 1411ه .)<br />
حكم دخول غري املسلمني للمسجد. عبد هللا بن حممد األمني الشنقيطي. ط1. ( مكتبة العلوم واحلكم<br />
حكم اللجوء واإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار. صاحل الشثري. حتقيق: د/ حممد الشثري. ( دار احلبيب –<br />
حكم اللحوم املستوردة وذابئح أهل الكتاب وغريهم. عبد هللا بن محيد.<br />
–<br />
الرايض (.<br />
( املطابع النموذجية – الرايض (.<br />
املدينة املنورة – 1423ه (.<br />
-129<br />
-130<br />
-131<br />
-132<br />
-133<br />
-134<br />
-135<br />
-136<br />
-137<br />
-138<br />
-139<br />
-140<br />
-141<br />
-142<br />
-143<br />
( خ )<br />
اخلراج. أليب يوسف، يعقوب بن إبراهيم.ط6.<br />
( املطبعة السلفية<br />
–<br />
خصائص جزيرة العرب. بكر أبو زيد. ( وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية واألوقاف<br />
خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للمملكة العربية السعودية 1422<br />
القاهرة<br />
– 1397ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1420ه .)<br />
– 1441ه .<br />
( اهليئة العليا للسياحة<br />
–<br />
األمانة العامة (.<br />
-144<br />
-145<br />
-146
ابن خلدون. حياته وتراثه الفكري. حممد عبد هللا عنان. ( مؤسسة خمتار للنشر والتوزيع<br />
ابن خلدون ورسالته للقضاة. حتقيق فؤاد أمحد. ط1.<br />
القاهرة –<br />
- 1991م .)<br />
( دار الوطن –<br />
الرايض<br />
– 1417ه .)<br />
-147<br />
-148<br />
( د )<br />
الدراية <strong>يف</strong> ختريج أحاديث اهلداية. البن حجر العسقالين. حتقيق: عبد هللا اليماين. ( دار املعرفة<br />
الدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية. للصاليب، أسامة حممد. ط1. ( مكتبة الصحابة<br />
– بريوت .)<br />
– الشارقة – 1424ه .)<br />
درر احلكام <strong>يف</strong> شرح غرر األحكام وهبامشه حاشية حسن الشرنباليل. ملنالخسرو احلنفي، حممد بن فراموز. ( دار إحياء الكتب العربية (.<br />
درر احلكام شرح جملة األحكام. علي حيدر. تعريب فهمي احلسيين. ( دار عامل الكتب<br />
الرايض –<br />
الدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية. مجع عبد الرمحن بن قاسم النجدي. ( دار العربية<br />
الدرر املنثور. للسيوطي، جالل الدين عبد الرمحن. حتقيق: عبد هللا الرتكي.ط1. ( مركز هجر<br />
1423ه (.<br />
– بريوت ،) ط1. ( 1420ه .)<br />
– القاهرة – 1424ه .)<br />
الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية دراسة أتصيلية مع دراسة ميدانية عل ى اململك ة العربي ة الس عودية. عل ي ب ن أمح د األمح د. إش راف<br />
عبد الرمحن اخلل<strong>يف</strong>ي. ( كلية الدعوة واإلعالم جبامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
الدعوة إىل هللا توجيهات وضوابط. د/ عبد هللا اخلاطر. ط1. ( املنتدى <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
دليل املسافر. لإلمامني ابن ابز وابن عثيمني. ط1. ( دار ابن األثري<br />
– الرايض – 1424 – 1425ه .)<br />
– 1419ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1425ه .)<br />
الديباج املذهب <strong>يف</strong> معرفة أعيان علماء املذهب. البن فرحون املالكي.حتقيق:حممد األمحدي أبو النور. دار الرتاث – القاهرة (.<br />
ديوان الشافعي. حممد إدريس الشافعي. تعليق حممد الزعيب. ط3. ( دار اجليل<br />
ذابئح أهل الكتاب. أبو األعلى املودودي. ط1.<br />
بريوت –<br />
– 1392ه .)<br />
( ذ )<br />
( املكتبة العلمية<br />
الهور –<br />
– َبكستان .)<br />
الذخرية. للقرا<strong>يف</strong>، شهاب الدين أمحد بن إدريس. حتقيق: سعيد أعراب. ط1. ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
بريوت –<br />
– 1994م .)<br />
-149<br />
-150<br />
-151<br />
-152<br />
-153<br />
-154<br />
-155<br />
-156<br />
-157<br />
-158<br />
-159<br />
-160<br />
-161<br />
الرايض<br />
( ر )<br />
الراب واملعامالت املص رفية <strong>يف</strong> نظ ر الش ريعة اإلس المية. د/ عم ر ب ن عب د العزي ز امل رتك. ت ريج بك ر أب و زي د . ط 1و2و3. ( دار العاص مة<br />
–<br />
– 14و17و 1418ه (.<br />
الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها. للزحيلي، وهبة. ط1. ( دار اخلري –<br />
الرخص الشرعية وإثباهتا ابلقياس. عبد الكرمي النملة. ط1. ( مكتبة الرشد<br />
بريوت – 1413ه (.<br />
الرايض –<br />
الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة. لنخبة من كبار العلماء. ط2. ( مطابع النهضة<br />
الرسالة. للشافعي. حتقيق: أمحد شاكر. ( بدون بياانت (.<br />
رسالة إىل القضاة. عبد هللا اجلار هللا. ط1. ( دار طيبة<br />
رسالة إىل كل مسافر. حممد مصطفى اخلطيب. ( دار الوطن<br />
– 1410ه .)<br />
– الرايض – 1405ه .)<br />
– الرايض – 1408ه .)<br />
– الرايض .)<br />
رسالة إىل هواة االصطياف <strong>يف</strong> بالد الغرب. حممد مصطفى اخلطيب.<br />
( دار الوطن<br />
– الرايض .)<br />
رسالة <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا سبحانه وأخالق الدعاة. البن ابز. ( الرائسة العامة إلدارات البحوث واإلفتاء<br />
الرايض –<br />
روح املعاين <strong>يف</strong> تفسري القرآن والسبع املثاين. لآللوسي، حممود شكري البغدادي. ط4. ( دار إحياء الرتاث العريب<br />
روضة القضاة وطريق النجاة. للسمناين، علي بن حممد . حتقيق: صالح الدين الناهي. ط2. ( مؤسسة الرسالة –<br />
رايض الصاحلني. للنووي، حيىي بن شرف. حتقيق: علي أبو اخلري. ط2. ( دار أسامة – عمان<br />
– 1400ه .)<br />
– بريوت – 1405ه .)<br />
بريوت – 1404ه (.<br />
– 1418ه .)<br />
( ز )<br />
-162<br />
-163<br />
-164<br />
-165<br />
-166<br />
-167<br />
-168<br />
-169<br />
-170<br />
-171<br />
-172<br />
-173
زاد املسافر. للمفتاح، سامل فهد. ط1و2. ( الدار السلفية<br />
الكويت –<br />
– 1398ه .)<br />
زاد املسري. البن اجلوزي، أبو الفرج مجال الدين عبد الرمحن بن علي. ط4. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
زاد املعاد. البن القيم . حتقيق: عبد القادر وشعيب األرانؤوط. ط29. ( مؤسسة الرسالة<br />
الزكاة <strong>يف</strong> امليزان. حممد وهبة وعبد العزيز مججوم. ط2. ( دار البالد<br />
بريوت –<br />
– 1407ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1416ه .)<br />
– جدة – 1405ه .)<br />
الزواجر عن اقرتاف الكبائر. البن حجر اهليتمي. تعليق حممد حليب، تريج خليل شيحا. ط1. ( دار املعرفة – بريوت<br />
– 1419ه .)<br />
-174<br />
-175<br />
-176<br />
-177<br />
-178<br />
( س )<br />
س بل الس الم املواص لة إىل بل وغ امل رام. للص نعاين، حمم د ب ن إمساعي ل األم ري. حتقي ق:<br />
حمم د حالق. ط1. ( دار اب ن اجل وزي<br />
– ال دمام –<br />
-179<br />
1418ه (.<br />
السفر بني املتعة واألثر. اخلزمي، حممد بن صاحل. ط1. ( دار القاسم<br />
– الرايض – 1422ه .)<br />
السفر الذي يثبت به القصر. عبد العزيز ال ربيش. ط1. ( مطابع احلميضي – الرايض – 1422ه (.<br />
سلسلة األحاديث الصحيحة، لأللباين. ط1و2و3و4. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي – بريوت – 1392 و 1399 و 1403 و 1405ه (.<br />
سلسلة أعالم املسلمني. د/ حممد الزحيلي.ط1.<br />
( دار القلم –<br />
دمشق – 1410ه و<br />
سلسلة كتاب الدعوة، الفتاوى. البن ابز. ط1. ( مؤسسة الدعوة الصحفية<br />
السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>. شوكت عليان. ط1.<br />
( دار الرشيد<br />
سنن البيهقي الكربى. حتقيق: حممد عبد القادر عطا. ( دار الباز<br />
سنن الدارقطين. حتقيق السيد عبد هللا هاشم مياين املدين.<br />
1412ه (.<br />
الرايض –<br />
– 1421ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1402ه .)<br />
–<br />
( دار املعرفة<br />
مكة املكرمة<br />
– 1414ه .)<br />
–<br />
سنن الدارمي. حتقيق: فواز زمريل وخالد السبع. ط1. ( دار الكتاب العريب<br />
السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه اب لكفار. سهيل عبد الغفار.<br />
<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>. عبد الباري داود. ( دار املعرفة اجلامعية<br />
بريوت<br />
.) 1386 –<br />
– بريوت – 1407ه .)<br />
( دار السلف (.<br />
القاهرة –<br />
<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية. إبراهيم األحيدب. ط2.<br />
– 1996م .)<br />
<strong>السياحة</strong> الشرعية. لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية. ( وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية واألوقاف<br />
سري أعالم النبالء. للذهي، مشس الدين حممد بن أمحد. ط1. ( مؤسسة الرسالة<br />
السرية. البن هشام. هتذيب: عبد السالم هارون. ( دار الفكر<br />
( الرايض – 1424ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1418ه .)<br />
– بريوت – 1402ه .)<br />
– دمشق .)<br />
-180<br />
-181<br />
-182<br />
-183<br />
-184<br />
-185<br />
-186<br />
-187<br />
-188<br />
-189<br />
-190<br />
-191<br />
-192<br />
-193<br />
-194<br />
( ش )<br />
ش رح أدب القاض ي، للخص اف.<br />
للحس ام الش هيد. حتقي ق:<br />
أب و الوف اء األفغ اين وأب و بك ر اهل اَشي.ط1. ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />
–<br />
-195<br />
141ه (.<br />
شرح حدود ابن عرفة. حملمد بن قاسم الرصاع. ط1.<br />
العلمية ( املكتبة<br />
– تونس – 1350ه .)<br />
شرح اخلرشي على خمتصر خليل وهبامشه حاشية العدوي. للخرشي، حممد بن عبد هللا. ( دار الفكر<br />
شرح الزرقاين. حممد بن عبد الباقي الزرقاين. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
– بريوت .)<br />
بريوت –<br />
– 1411ه .)<br />
شرح السري الكبري حملمد بن احلسن. للسرخسي، حممد بن أمحد. حتقيق: صالح الدين املنجد.<br />
شرح صحيح مسلم. للنووي، حميي الدين أبو زكراي الشافعي. راجعه خليل امليس. ط1. ( دار القلم<br />
ش رح العقي دة الطحاوي ة. الب ن أيب الع ز الدمش قي. حتقي ق:<br />
( مؤسسة قرطبة (.<br />
بريوت –<br />
– 1407ه .)<br />
عب د هللا الرتك ي وش عيب األرانؤوط. ط2. ( مؤسس ة الرس الة – ب ريوت<br />
–<br />
-196<br />
-197<br />
-198<br />
-199<br />
-200<br />
-201<br />
1413ه (.<br />
شرح فتح القدير. للكمال بن اهلمام. ( دار إحياء الرتاث العريب<br />
– بريوت .)<br />
-202
شرح القواعد السعدية. للزامل، عبد احملسن بن عبد هللا. ت ريج عب د ال رمحن العبي د وأمي ن العنق ري. ط1. ( دار أطل س – ال رايض<br />
– 1422ه<br />
.)<br />
شرح خمتصر الروضة. للطو<strong>يف</strong>، جنم ال دين س ليمان ب ن عب د الق وي. حتقي ق:<br />
د/ عب د هللا الرتك ي. ط2. ( وزارة الش ؤون اإلس المية<br />
–<br />
– 1419ه .)<br />
شرح معاين اآلاثر. للطحاوي. أبو جعفر بن حممد احلنفي. ط2. ( دار الكتب العلمية<br />
شرح منتهى اإلرادات. للبهويت، منصور بن يونس. ( عامل الكتب<br />
بريوت –<br />
– 1407ه .)<br />
– بريوت .)<br />
شرح ميارة الفاسي على حتفة احلكام. للفاسي، حممد بن أمحد. ( دار الفكر – بريوت (.<br />
شعب اإلميان. للبيهقي، أبو بكر أمحد بن احلسني. حتقيق: أبو هاجر زغلول. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
بريوت –<br />
– 1410ه .)<br />
ال رايض<br />
-203<br />
-204<br />
-205<br />
-206<br />
-207<br />
-208<br />
( ص )<br />
الصبح السافر فيما حيتاج إليه املسافر. صالح الشر<strong>يف</strong>.ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
الصحاح. للجوهري. ط1و2. حتقيق أمحد عطار. ( دار العلم للماليني – بريوت<br />
بريوت –<br />
– 1423ه .)<br />
1399ه .) و – 1376<br />
صحيح ابن حبان. حتقيق شعيب األرانؤوط. ط2. ( الرسالة بريوت –<br />
صحيح ابن خزمية. حتقيق: األعظمي. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– 1414ه .)<br />
– بريوت – 1390ه .)<br />
صحيح اجلامع الصغري. لأللباين، حممد انصر الدين. ط1. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong>. حممد الزوكة. ( دار املعرفة اجلامعية – مصر<br />
صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر. خلود اخلطيب. ط1. ( هال للنشر والتوزيع<br />
بريوت –<br />
– 1388ه .)<br />
– 1423ه .)<br />
مصر –<br />
الصوم مدرسة تريب الروح وتقوي اإلرادة. عبد الرمحن الدوسري. ط1. ( مكتبة الرشد<br />
– 1421ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1404ه .)<br />
( ض )<br />
ضع<strong>يف</strong> اجلامع الصغري وزايدته ( الفتح الكبري ) حملم د انص ر ال دين األلب اين. إش راف زه ري الش اويش. ط3. ( املكت ب اإلس المي<br />
– ب ريوت –<br />
1410ه (.<br />
ضع<strong>يف</strong> سنن أيب داود. حملمد انصر الدين األلباين. ط1. ( مؤسسة غراس للنشر والتوزيع<br />
الكويت –<br />
– 1423ه .)<br />
( ط )<br />
طبقات الشافعية الكربى. اتج الدين السبكي. حتقيق:عبد الفتاح احللو، ومحود الطناحي. ( دار إحياء الكتب العربية (.<br />
الطبقات الكربى. البن سعد، أبو عبد هللا البصري الزهري. ( دار صادر<br />
– بريوت .)<br />
طرح التثريب <strong>يف</strong> شرح التقريب. للعراقي، عبد الرحيم. ( دار الفكر العريب (.<br />
الطرق احلكمية <strong>يف</strong> السياسة الشرعية. البن اجلوزية، حممد بن أيب بكر الدمشقي. حتقيق: حممد حامد الفقي. ( دار الوطن –<br />
طريق اهلجرتني وابب السعادتني. البن القيم اجلوزية. ( دار الكتاب العريب –<br />
الطيبات من الرزق. مجع أبو ذر القلموين. ( دار البشري<br />
الرايض (.<br />
بريوت (.<br />
– القاهرة .)<br />
-209<br />
-210<br />
-211<br />
-212<br />
-213<br />
-214<br />
-215<br />
-216<br />
-217<br />
-218<br />
-219<br />
-220<br />
-221<br />
-222<br />
-223<br />
-224<br />
( ع )<br />
عارض ة األح وذي بش رح ص حيح الرتم ذي. الب ن الع ريب امل الكي، أب و بك ر حمم د ب ن عب د هللا. وض ع حواش يه مج ال مرعش لي. ط1. ( دار<br />
بريوت – الكتب العلمية<br />
– 1418ه .)<br />
العزلة، للخطايب. حتقيق: ايسني السواس. ط2.<br />
( دار ابن كثري<br />
بريوت –<br />
– 1410ه .)<br />
عقد اجلواهر الثمينة <strong>يف</strong> فقه عامل املدينة. البن شاس. حتقيق: حممد أبو األجفان وعبد احلفيظ منص ور. إش راف احلبي ب ب ن خوج ه وبك ر أب و<br />
زيد. ط1. ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– 1415ه .)<br />
-225<br />
-226<br />
-227
علل الرتمذي. أبو طالب القاضي. حتقيق: السامرائي والنوري والصعيدي. ط1. ( عامل الكتب –<br />
علم القضاء. للحصري، أمحد. ط1. ( دار الكتب العريب بريوت<br />
العمدة <strong>يف</strong> األحكام. عبد الغين املقدسي. حتقيق: مصطفى عطا. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
عمدة القاري. بدر الدين العيين. ( دار إحياء الرتاث<br />
بريوت – 1409ه (.<br />
– بريوت – 1406ه .)<br />
– 1416ه .)<br />
–<br />
– بريوت .)<br />
عمل املرأة. هند اخلويل. إشراف مصطفى البغا. ط1. ( مكتبة الفارايب<br />
العناية شرح اهلداية. للبابريت، حممد بن حممد. ( دار الفكر<br />
عون املعبود ش رح س نن أيب داود. للعظ يم أابدي،<br />
دمشق –<br />
– 1421ه .)<br />
– بريوت .)<br />
م ع ش رح اب ن الق يم اجلوزي ة. حتقي ق:<br />
عب د ال رمحن عثم ان. ط2و3. ( املكتب ة الس لفية<br />
–<br />
1399ه (. و 1388<br />
-228<br />
-229<br />
-230<br />
-231<br />
-232<br />
-233<br />
-234<br />
( غ )<br />
غربة <strong>اإلسالم</strong>. لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية. تعليق خمتار اجلبايل.ط1. ( دار البيارق<br />
الغرر البهية <strong>يف</strong> شرح البهجة الوردية. لزكراي األنصاري. ( املطبعة امليمنية<br />
بريوت –<br />
– 1414ه .)<br />
– مصر .)<br />
الغلو <strong>يف</strong> حياة املسلمني املعاصرة. د/ عبد الرمحن اللوحيق.ط1. ( مؤسسة الرسالة<br />
غمز عيون البصائر. للحموي، أمحد بن حممد. ط1.<br />
( دار الكتب العلمية<br />
– بريوت – 1412ه .)<br />
– 1405ه .)<br />
.)<br />
الغياثي ( غياث األمم <strong>يف</strong> التياث الظلم (. إلمام احلرمني اجلويين، عب د املل ك ب ن عب د هللا. حتقي ق:<br />
عب د العظ يم ال ديب. ط2. ( 1401ه<br />
-235<br />
-236<br />
-237<br />
-238<br />
-239<br />
– الرايض .)<br />
( ف )<br />
فتاوى ابن ابز. مجع أمحد بن ابز، وعبد هللا الطيار.ط1. ( دار الوطن<br />
فتاوى ابن رشد. أليب الوليد حممد بن أمحد بن أمحد بن رشيد. حتقيق: املختار بن الط اهر التليل ي. ط1. ( دار الغ رب اإلس المي – ب ريوت<br />
– 1407ه .)<br />
فتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>. البن عثيمني. مجع فهد السليمان. ط1. ( دار الثراي<br />
فتاوى الزكاة. للشيخ عبد هللا اجلربين. إعداد أبو أنس علي أبو لوز. ط1.<br />
فتاوى السبكي. تقي الدين علي بن عبد الكا<strong>يف</strong>.<br />
الرايض –<br />
– 1422ه .)<br />
دار الوطن (<br />
– الرايض – 1417ه .)<br />
( دار املعرفة – بريوت (.<br />
الفتاوى السعدية. للشيخ عبد الرمحن بن انصر السعدي. ط1و2. ( مكتبة العارف – الرايض<br />
فتاوى الشيخ حممد العثيمني. إعداد أشرف عبد املقصود. ط1. ( دار عامل الكتب<br />
فتاوى علماء البلد احلرام. إعداد خالد اجلريسي. ط1. (<br />
1402ه .) و – 1388<br />
الرايض –<br />
– 1411ه .)<br />
1420ه (.<br />
فتاوى <strong>يف</strong> أحكام قصر ومجع الصالة. البن ابز. ط1. ( رائسة إدارات البحوث<br />
الرايض –<br />
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء. مجع أمحد الدويش. ط1. ( دار العاصمة<br />
الفتاوى اهلندية. جلنة علماء برائسة نظام الدين البلخي. ط2. ( دار الفكر<br />
فتاوى هيئة كبار العلماء. ( مكتبة الرتاث <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– 1421ه .)<br />
– الرايض – 1416<br />
1419ه (. و<br />
– 1310ه .)<br />
– مصر .)<br />
فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت. البن عثيمني. إعداد خالد أبو صاحل. ط1. (<br />
1417ه (.<br />
فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم. مجع حممد بن قاسم. ط1. ( مطابع احلكومة – مكة املكرمة – 1399ه (.<br />
فتح الباري. البن حجر العسقالين. حتقيق: عبد القادر شيبة احلمد. ط1. (<br />
1421ه (.<br />
فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب ومعه فتح اجملي د <strong>يف</strong> اختص ار خت ريج أحادي ث التمهي د. للمغ راوي، حمم د ب ن عب د ال رمحن.<br />
ط1. ( جمموعة التحف النفائس<br />
الرايض –<br />
– 1416ه .)<br />
-240<br />
-241<br />
-242<br />
-243<br />
-244<br />
-245<br />
-246<br />
-247<br />
-248<br />
-249<br />
-250<br />
-251<br />
-252<br />
-253<br />
-254<br />
-255
بريوت<br />
الفتح الرابين <strong>يف</strong> ترتيب مسند أمحد بن حنبل الشيباين مع بلوغ األماين. للبن ا، أمح د ب ن عب د ال رمحن. ط1و2. ( دار إحي اء ال رتاث الع ريب<br />
–<br />
( دار املعرفة (.<br />
.)<br />
فتح العلي املالك <strong>يف</strong> الفتوى على مذهب مالك. حملمد عليش.<br />
فتح القدير. للشوكاين، حممد بن علي. حتقيق: عبد الرمحن عمرية. ط2. ( دار الوفاء<br />
فتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار. بكر بن عبد هللا أبو زيد. ط1. ( دار العاصمة<br />
الفروع.<br />
الكتب العلمية<br />
– املنصورة – 1418ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1421ه .)<br />
–<br />
البن مفلح، حممد بن مفلح املقدسي احلنبلي. وبذيله تص حيح الف روع للم رداوي. حتقي ق:<br />
بريوت<br />
– 1418ه .)<br />
والفروع. البن مفلح، مع تصحيحه للمرداوي، وحاشية ابن قندس. حتقيق: الرتكي. ط1. ( مؤسسة الرسالة<br />
الفروق. للقرا<strong>يف</strong>، شهاب الدين أمحد بن إدريس. ( عامل الكتب<br />
فقه االحتساب على غري املسلمني. د/ عبد هللا الطريقي. ط1.<br />
أيب الزه راء ح ازم القاض ي. ط1. ( دار<br />
بريوت –<br />
– 1424ه .)<br />
– بريوت .)<br />
( دار املسلم –<br />
الرايض<br />
فقه األسرة عند شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية <strong>يف</strong> الزواج وآاثره. د/ حممد الصاحل. ط1. (<br />
فقه السرية. حملمد الغزايل. تعليق األلباين. ط7. ( دار الكتب احلديثة<br />
– 1416ه .)<br />
1416ه (.<br />
القاهرة –<br />
فقه وفتاوى البيوع، جملموعة من العلماء. مجع أشرف عبد املقصود. ط2. ( مكتبة أضواء السلف<br />
– 1976م .)<br />
الرايض –<br />
فن التعامل مع الناس. د/ عبد هللا اخلاطر. ط1. ( املنتدى <strong>اإلسالم</strong>ي لندن<br />
الفوائد. البن القيم اجلوزية. حتقيق: مركز البحوث مبكتبة الباز. ط1. ( مكتبة نزار مصطفى الباز – مكة املكرمة<br />
– 1417ه .)<br />
– 1417ه .)<br />
– 1413ه .)<br />
–<br />
الفواكه الدواين على رسالة أيب زيد القريواين. ألمحد بن غنيم النفراوي. ( دار الفكر<br />
<strong>يف</strong> ظالل القرآن. سيد قطب. ط5. ( دار الشروق<br />
بريوت –<br />
– 1415ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1397ه .)<br />
-256<br />
-257<br />
-258<br />
-259<br />
-260<br />
-261<br />
-262<br />
-263<br />
-264<br />
-265<br />
-266<br />
-267<br />
-268<br />
-269<br />
القاموس احمليط. للفري وزآابدي. ( دار الفكر – بريوت (.<br />
القبسات الوضيئة. لسعيد األمسري. ط1. ( مكتبة السوادي<br />
( ق )<br />
– جدة – 1411ه .)<br />
قصر الصالة للمغرتبني. د/ إبراهيم الصبيحي. تعليق ابن َبز. ط1. ( دار طيبة<br />
القضاء <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية. فاروق مرسي. ط1.<br />
قضااي فقهية معاصرة. حممد سعيد البوطي. ط6.<br />
( عامل املعرفة<br />
( دار الفارايب<br />
الرايض –<br />
– 1415ه .)<br />
– جدة – 1405ه .)<br />
دمشق –<br />
– 1422ه .)<br />
قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية والضوابط الشرعية. ما دون رشيد. ط1و2. ( دار طيبة – الرايض<br />
1420ه .) و – 1419<br />
قرارات اجملم ع الفقه ي اإلس المي لرابط ة الع امل اإلس المي لدورات ه 10- 11- 12 <strong>يف</strong> 1408ه و 1409ه و 1410ه . ( رابط ة الع امل<br />
– <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
مكة املكرمة (.<br />
قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. منظمة امل ؤمتر اإلس المي <strong>يف</strong> ج دة. ال دورات 10-1. تعلي ق عب د الس تار أب و غ دة. ط1و2. ( دار<br />
العلم ودار القلم<br />
– جدة ودمشق –<br />
1409ه و<br />
1418ه (.<br />
قواعد األحكام <strong>يف</strong> مصاحل األانم. للعز بن عبد السالم. تعليق طه عبد الرؤوف. ط2. ( دار اجليل<br />
بريوت –<br />
القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية. عبد السالم احلصني. ط1. ( دار التأصيل<br />
القوعد الفقهية. علي الندوي. ط1. ( دار القلم<br />
– 1400ه .)<br />
– مصر – 1422ه .)<br />
دمشق –<br />
– 1406ه .)<br />
القوعد النورانية الفقهية. لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية. حتقيق: حممد حامد الفقي. ( دار الندوة اجلديدة<br />
القوانني الفقهية. البن جزي. ( دار القلم<br />
– بريوت .)<br />
– بريوت .)<br />
القيد <strong>يف</strong> الرحالت والصيد. للسويد، عبد احلكيم بن علي. ط1. ( دار الوطن – الرايض<br />
– 1422ه .)<br />
( ك )<br />
الكا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> فقه أهل املدينة املالكي. البن عبد الرب، يوسف بن عبد هللا القرطي. ط1. ( مكتبة الرايض احلديثة<br />
– الرايض – 1398ه .)<br />
-270<br />
-271<br />
-272<br />
-273<br />
-274<br />
-275<br />
-276<br />
-277<br />
-278<br />
-279<br />
-280<br />
-281<br />
-282<br />
-283<br />
-284
الكتب الستة ( صحيح البخاري وصحيح مسلم وس نن أيب داود والنس ائي والرتم ذي واب ن ماج ة (. إش راف ص احل آل الش يخ . ط1. ( دار<br />
السالم –<br />
مصر<br />
الرايض<br />
– 1420ه .)<br />
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل <strong>يف</strong> وجوه التأويل. للزخمشري، جار هللا حممود بن عمر. ط األخرية. ( مطبع ة مص طفى احلل يب<br />
–<br />
– 1392ه .)<br />
كشاف القناع عن منت اإلقناع. حتقيق: إبراهيم عبد احلميد. ( دار عامل الكتب<br />
الرايض –<br />
كشف األسرار عن أصول البزدوي. للبخاري، عبد العزيز بن أمحد. ( دار الكتاب العريب<br />
كشف اخلفاء. للعجلوين، إمساعيل بن حممد. حتقيق: أمحد القالش. ط4. ( مؤسسة الرسالة<br />
– 1423ه .)<br />
– بريوت – 1394ه .)<br />
– بريوت – 1405ه .)<br />
كش ف الش بهات ع ن املش تبهات عم ا ج اء <strong>يف</strong> ح ديث احل الل ب ني واحل رام ب ني وبينهم ا أم ور مش تبهات. للش وكاين. حتقي ق: ع ادل<br />
السعيدان. ( مكتبة احلرمني<br />
– الدمام .)<br />
كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم. مصطفى العدوي. ط1. ( مكتبة ابن حجر – مكة املكرمة – 1407ه (.<br />
ك<strong>يف</strong> ندعو إىل <strong>اإلسالم</strong>؟. فتحي يكن. ط6.<br />
( مؤسسة الرسالة<br />
–<br />
ك<strong>يف</strong> نستفيد من اإلجازة. القسم العلمي بدار الوطن. ط1. ( دار الوطن<br />
بريوت<br />
– 1403ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1422ه .)<br />
( ل )<br />
لسان العرب. البن منظور. حتقيق: عبد هللا الكبري، وحممد حسب هللا، وهاشم الشاذيل. ( دار املعارف (.<br />
لقاء الباب املفتوح ( 34<br />
و<br />
) و ( 41 ) و ( 51<br />
) للش يخ حمم د العثيم ني. إع داد عب د هللا الطي ار. ط1. ( دار ال وطن – ال رايض<br />
– 1417ه<br />
1418ه (.<br />
للمسافرين واملتزوجني. الوهيي، عبد الرمحن بن راشد. ط1. ( دار القاسم<br />
الرايض –<br />
– 1415ه .)<br />
( م )<br />
املال <strong>يف</strong> القرآن الكرمي دراسة موضوعية. سليمان احلصني. ط1. ( دار املعراج الدولية<br />
مبادئ <strong>السياحة</strong>. نعيم الظاهر وسراب إلياس. ط1.<br />
املبسوط. للسرخسي، حممد بن أمحد. ( دار املعرفة<br />
– الرايض – 1415ه .)<br />
األردن – دار املسرية (<br />
– 1422ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1414ه .)<br />
جممع الزوائد ومنبع الفوائد. للهيثمي، علي بن أيب بكر. ط2. ( دار الكتاب<br />
اجملموع للنووي مع تكملة الطيعي. حتقيق: حممد جنيب املطيعي. ( دار عامل الكتب<br />
– بريوت – 1967 .)<br />
الرايض –<br />
– 1423ه .)<br />
جمم وع فت اوى ش يخ اإلس الم اب ن تيمي ة. مج ع عب د ال رمحن ب ن قاس م وابن ه حمم د. ( وزارة الش ؤون اإلس المية واألوق اف – اململك ة العربي ة<br />
السعودية<br />
– 1416ه .)<br />
جمموع فت اوى ومق االت متنوع ة.البن ابز. مج ع د. حمم د الش ويعر. ط1و2و3. ( رائس ة إدارة البح وث العلمي ة واإلفت اء –<br />
ال رايض – 1411<br />
و 1416<br />
– 1414ه .)<br />
–<br />
1421ه (.<br />
و<br />
اجملموع املرتضى <strong>يف</strong> أمهية القضاء ونصائح أخرى. إبراهيم احلديثي. ( مكتبة املؤيد الرايض<br />
اجملموع املغيث <strong>يف</strong> غريي القرآن واحلديث. لألصفهاين، حممد بن أيب بكر. حتقيق: عبد الكرمي الغ رَبوي. ط1. ( مرك ز إحي اء ال رتاث جبامع ة<br />
مكة الكرمة – أم القرى<br />
– 1408ه .)<br />
حماسن التأويل. جلمال الدين القامسي ( تفسري القامسي (. تريج حمم د َبس ل عي ون الس ود. ط1. ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />
– 1418ه<br />
.)<br />
حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة والدعوة. صاحل الفوزان. ط1. ( رائسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء<br />
احمل رر الوجيز.البن عطي ة، حمم د عب د احل ق األندلس ي. حتقي ق:<br />
العلوم<br />
الرايض –<br />
– 1422ه .)<br />
قطر –<br />
– 1404ه .)<br />
عب د هللا األنص اري والس يد عب د الع ال، وحمم د العن اين. ط1. ( مؤسس ة دار<br />
-285<br />
-286<br />
-287<br />
-288<br />
-289<br />
-290<br />
-291<br />
-292<br />
-293<br />
-294<br />
-295<br />
-296<br />
-297<br />
-298<br />
-299<br />
-300<br />
-301<br />
-302<br />
-303<br />
-304<br />
-305<br />
-306<br />
-307<br />
-308
الرايض<br />
احملصول <strong>يف</strong> علم أصول الفقه. للرازي، فخر الدين حممد بن عمر. حتقيق: طه العلواين. ط1. ( جامعة اإلمام حممد بن س عود اإلس المية<br />
–<br />
– 1400ه .)<br />
احمللى. البن حزم، علي بن أمحد بن سعيد. مقابلة على النسخة اليت حققها أمحد شاكر. ( املكتب التجاري<br />
خمتار الصحاح. للرازي احلنفي. تدقيق حممد حالق. ط1. ( دار إحياء الرتاث العريب. بريوت .<br />
خمتصر سنن أيب داود. للحافظ املنذري،<br />
ومعامل السنن للخطايب مع هتذيب اب ن الق يم. حتقي ق:<br />
– بريوت .)<br />
1419ه (.<br />
أمح د ش اكر وحمم د الفق ي. ( دار املعرف ة<br />
–<br />
بريوت (.<br />
املختصر <strong>يف</strong> أحكام السفر. فهد العماري. ط1. ( دار طيبة اخلضراء<br />
مدخل إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والطريان. محيد الطائي. ط1.<br />
املدخل. البن احلاج، حممد العبدي.<br />
–<br />
( دار الرتاث (.<br />
املدونة. لإلمام مالك بن أنس. ط1. ( دار الكتب العلمية – 1415ه (.<br />
مكة املكرمة – 1422ه (.<br />
( مؤسسة الوراق – األردن – 2003م (.<br />
مذكرة <strong>يف</strong> أصول الفقه. حملمد األمني بن حممد املختار الشنقيطي. ط5. ( مكتبة العلوم واحلكم<br />
املرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>. حممد حممود أبو حجري. ط1. ( مكتبة الرشد<br />
املدينة املنورة –<br />
– 1422ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1417ه .)<br />
األردن –<br />
مسائل <strong>يف</strong> الفقه القارن. جملموعة من العلماء ( عمر األشقر وماجد أبو رخي ة وحمم د ش بري وعب د الناص ر أب و البص ل (. ط1. ( دار النف ائس<br />
– 1416ه .)<br />
املسافر وما خيتص به من أحكام العبادات. للكبيسي، أمحد عبد الرزاق.<br />
( مطابع الصفا –<br />
مكة املكرمة<br />
املستدرك على الصحيحني. للحاكم، أبو عبد هللا النيسابوري. وبذيله التلخيص للذهيب. ( دار املعرفة<br />
املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية. مجع حممد بن قاسم. ط1.<br />
املستصفى. للغزايل. حتقيق محزه حافظ. ( املدينة املنورة (.<br />
املسند. لإلمام أمحد بن حنبل. ( مؤسسة قرطبة<br />
– 1409ه .)<br />
– بريوت .)<br />
( 1418ه .)<br />
– مصر .)<br />
مسند الطيالسي. لليمان بن داود بن اجلارود. ( دار املعرفة<br />
– بريوت .)<br />
مشكلة السرف <strong>يف</strong> اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي وعالجها <strong>يف</strong> ضوء <strong>اإلسالم</strong>. عبد هللا الطريقي. ط1. وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
املصباح املنري <strong>يف</strong> غريب الشرح الكبري. للفيومي، أمحد بن حممد.<br />
– الراض – 1422ه .)<br />
( دار الفكر (.<br />
-309<br />
-310<br />
-311<br />
-312<br />
-313<br />
-314<br />
-315<br />
-316<br />
-317<br />
-318<br />
-319<br />
-320<br />
-321<br />
-322<br />
-323<br />
-324<br />
-325<br />
-326<br />
-327<br />
مصنف ابن شيبة. عبد هللا بن حممد الكو<strong>يف</strong>. حتقيق:كمال احلوت. ط1. ( مكتبة الرشد الرايض – 1409ه (.<br />
–<br />
-328<br />
مصنف عبد الرزاق. أبو بكر الصنعاين. حتقيق: حبيب الرمحن األعظمي. ط2. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
مطالب أويل النهى <strong>يف</strong> شرح غاية املنتهى. للرحيباين، مصطفى بن سعد. ط2. ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
1403ه (. بريوت –<br />
بريوت –<br />
– 1415ه .)<br />
معامل السنن شرح سنن أيب داود. للخط ايب، مح د ب ن حمم د البس يت. ت ريج عبد الس الم عب د الش ا<strong>يف</strong>. ط1. ( دار الكت ب العلمي ة<br />
– ب ريوت –<br />
1411ه (.<br />
املعتمد <strong>يف</strong> أصول الفقه. للبصري، أيب احلسني حممد بن علي املعتزيل. ضبطه خليل امل يس. ط1. ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />
- 1403ه<br />
– جامعة –<br />
.)<br />
معجم األصوليني. حممد مظهر بقا. ( مركز الدراسات <strong>اإلسالم</strong>ية أم القرى مكة املرمة – 1414ه (.<br />
املعجم األوسط. للطرباين، سليمان بن أمحد. حتقيق: طارق عوض هللا وعبد احملسن احلسيين. ( دار احلرمني القاهرة<br />
املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن. عبد العزيز السريوان. ط1. ( دار العلم للماليني<br />
– 1415ه .)<br />
–<br />
بريوت –<br />
املعجم الكبري. للطرباين، سليمان بن أمحد. حتقيق: محدي السلفي.ط2. ( مكتبة العلوم واحلكم<br />
– 1986م .)<br />
املوصل –<br />
– 1404ه .)<br />
معجم مقاييس اللغة. البن فارس، أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكراي. حتقيق: عبد السالم هارون. ( دار الكتب العلمية –<br />
املعجم الوسيط. إبراهيم مصطفى، أمحد الزايت، حامد عبد القادر، حممد النجار. ( جممع اللغة العربية<br />
معرفة السنن واآلاثر. للبيهقي، أمحد بن احلسني. تعليق عبد املعطي قلعجي. ط1. ( دار الوعي<br />
إيران (.<br />
–<br />
املكتبة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />
تركيا (.<br />
القاهرة –<br />
– 1411ه .)<br />
املعيار املعرب واجل امع املغ رب ع ن فت اوى علم اء إفريقي ة واألن دلس واملغ رب. للونشريس ي، أمح د ب ن حي ىي. إش راف د/ حمم د حج ي. ( دار<br />
الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– بريوت .)<br />
-329<br />
-330<br />
-331<br />
-332<br />
-333<br />
-334<br />
-335<br />
-336<br />
-337<br />
-338<br />
-339<br />
-340
مع ني احلك ام عل ى القض ااي واألحك ام. اب ن عب د الرفي ع، أب و إس حاق إب راهيم ب ن حس ن. حتقي ق:<br />
بريوت – <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– 1989م .)<br />
املصباح املنري <strong>يف</strong> غريب الشرح الكبري. للفيومي، أمحد بن حممد.<br />
–<br />
( دار الفكر (.<br />
حمم د ب ن قاس م ب ن عي اد. ( دار الغ رب<br />
املغين. البن قدامة. حتقيق عبد هللا الرتكي وعبد الفتاح احللو. ط1و2. ( دار هجر مصر – 1406ه 1412ه (.<br />
املغين <strong>يف</strong> أصول الفقه. للخبازي، جالل الدين أبو حممد عمر بن حممد. حتقيق: حممد مظهر بق ا. ط1. ( جامع ة أم الق رى<br />
–<br />
– 1403ه .)<br />
مغين احملتاج. للخطيب الشربيين، حممد. ( دار الفكر<br />
بريوت (.<br />
– بريوت .)<br />
مفتاح دار السعادة. البن القيم اجلوزية.) دار الكتب العلمية –<br />
املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن. للراغب األصفهاين. حتقيق: حممد مسيالين. ط األخرية. ( مطبعة مصطفى احلليب<br />
مصر –<br />
املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر ( 171 ) فتوى هتم املسافر للشيخ ابن جربين. مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي. ط2. ( دار عامل الفوائ د<br />
مك ة املكرم ة<br />
– 1381ه .)<br />
–<br />
– 1419ه .)<br />
املقاطعة االقتصادية وأحكامها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي. تركي بن عبد هللا الرشودي. إشراف حممد جرب األلفي. ( املعهد الع ايل للقض اء<br />
مك ة املكرم ة<br />
–<br />
– 1424ه .)<br />
مقدمة ابن خلدون. عبد الرمحن بن حممد بن احلضرمي.<br />
( دار العودة –<br />
بريوت(.<br />
مقدمة ابن الصالح. <strong>يف</strong> علوم احلديث. البن الصالح، عثمان بن عبد الرمحن. ( دار الكتب العلمية<br />
بريوت –<br />
– 1398ه .)<br />
–<br />
ال رايض<br />
املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف. للموفق ابن قدامة، عبد هللا بن أمحد وأبو الفرج بن قدامة، عبد الرمحن بن حممد بن أمحد وامل رداوي،<br />
علي بن سليمان. حتقيق: عبد هللا الرتكي. ط1. ( دار هجر مصر<br />
– 1415ه .)<br />
ماال يسع التاجر جهله. للمصلح، عبد هللا، والصاوي، صالح. ط1. ( دار املسلم<br />
من آداب السفر وأحكامه. عبد هللا العتيي. ط1.<br />
من تشبه بقوم فهو منهم. انصر العقل. ط1. ( 1421ه<br />
املنتقى شرح املوطأ. للباجي، سليمان بن خلف. ط2.<br />
( دار الوطن<br />
الرايض –<br />
– 1422ه .)<br />
الرايض –<br />
– 1422ه .)<br />
.)<br />
( دار الكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
– القاهرة .)<br />
منتهى اإلرادات. للفتوحي، حممد بن أمحد. ومعه حاشية النجدي. حتقيق: عب د هللا الرتك ي. ط1. ( مؤسس ة الرس الة – ب ريوت<br />
– 1419ه<br />
.)<br />
املنثور <strong>يف</strong> القواعد. للزركشي، حممد بن هبادر بن عبد هللا. حتقيق: حممد حسن إمساعيل. ط1. ( دار الكتب العلمية<br />
– 1421ه بريوت –<br />
–<br />
.)<br />
منح اجلليل شرح خمتصر خليل. حملمد بن أمحد بن عليش. ( دار الفكر بريوت<br />
املنهاج. للبيضاوي مع شرحه لألصفهاين، حممود عبد الرمحن. حتقيق: عبد الكرمي النملة.<br />
ط1. ( مكتبة الرشد – الرايض<br />
.) 1409 –<br />
– 1410ه .)<br />
املوافقات <strong>يف</strong> أصول الشريعة. للشاطي، إبراهيم بن موسى أبو إسحاق. تعليق عبد هللا دراز. ( دار املعرفة –<br />
مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل. للحطاب، حممد بن حممد املغريب. تريج زكراي عمريات. ( دار عامل الكتب<br />
موجز أحكام الزكاة والكفارات والنذور <strong>يف</strong> الفقه. للكردي، أمحد احلجي. ط1. ( دار البشائر <strong>اإلسالم</strong>ية<br />
املوسوعة العربية العاملية. ط1و2. ( أعمال املوسوعة للنشر<br />
بريوت (.<br />
– الرايض – 1423ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1422ه .)<br />
–<br />
الرايض – 1416ه و<br />
املوسوعة الفقهية الكويتية. وزارة األوقاف والشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية. ط1. ( دار الصفوة<br />
موسوعة القواعد الفقهية. مجع حممد البورنو. ط1. (<br />
1419ه (.<br />
الكويت –<br />
– 1412ه .)<br />
1416ه (.<br />
املوطأ. ملالك بن أنس مع تعليق اجملد عليه. للكنوي، عبد احلي. تعليق الندوي. ط1. ( دار السنة ودار القلم<br />
(. وتعليق حممد فؤاد عبد الباقي على املوطأ ( نسخة أخرى (. ( دار احلديث<br />
بومباي ودمش ق –<br />
– 1412ه<br />
– القاهرة .)<br />
-341<br />
-342<br />
-343<br />
-344<br />
-345<br />
-346<br />
-347<br />
-348<br />
-349<br />
-350<br />
-351<br />
-352<br />
-353<br />
-354<br />
-355<br />
-356<br />
-357<br />
-358<br />
-359<br />
-360<br />
-1<br />
-361<br />
-362<br />
-363<br />
-364<br />
-365<br />
-366<br />
-367
( ن )<br />
النج وم الزاه رة <strong>يف</strong> مل وك مص ر والق اهرة. مج ال ال دين ب ن تغ ري ب ردي. تعلي ق حمم د َش س ال دين. ط1. ( دار<br />
بريوت – الكتب العلمية<br />
– 1413ه .)<br />
نصب الراية. للزيلعي، عبد هللا بن يوسف احلنفي. حتقيق: حممد البنوري. ( دار احلديث<br />
نصيحة امللوك. للماوردي، علي بن حممد. حتقيق: حممد احلديثي. ( وزارة الثقافة<br />
نظام املرافعات الشرعية ولوائحة التنفيذية. ( وزارة العدل<br />
- 1357 .) مصر –<br />
العراق –<br />
.) 1986 –<br />
– 1423ه .)<br />
النهاية <strong>يف</strong> غريب األثر. أليب السعادات ابن اجلزري. حتقيق: ط اهر ال زاوي وحمم ود الطن احي. ( املكتب ة العلمي ة<br />
بريوت<br />
–<br />
– 1399ه .)<br />
هناية احملتاج إىل شرح ألفاظ املنهاج. للرملي، حممد بن شهاب الدين. ( دار الفكر<br />
بريوت –<br />
ن وادر األص ول <strong>يف</strong> أحادي ث الرس ول ص لى هللا علي ه وس لم. للرتم ذي، حمم دبن عل ي. ط1. حتقي ق:<br />
عمريه. ( دار اجليل<br />
جدة<br />
– 1404ه .)<br />
بريوت –<br />
– 1992م .)<br />
عب د ال رمحن<br />
نونية القحطاين، أبو حمم د عب د هللا األندلس ي القحط اين. تعلي ق حمم د ب ن أمحد س يد. ط1. ( مكتب ة الس وادي<br />
–<br />
– 1409ه .)<br />
نيل األوطار شرح منتقى األخبار من أحادي ث س يد األخي ار ص لى هللا علي ه وس لم. للش وكاين، حمم د ب ن عل ي.<br />
حتقيق:<br />
طه عبد الرؤوف ومصطفى اهلوارى. ( مكتبة الكليات األزهرية<br />
القاهرة –<br />
– 1398ه .)<br />
-368<br />
-369<br />
-370<br />
-371<br />
-372<br />
-373<br />
-374<br />
-375<br />
-376<br />
( و )<br />
الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب. البن قيم اجلوزية. حتقيق: عبد الرمحن بن قائد. إشراف بك ر أب و زي د. ط1. ( دار ع امل الفوائ د<br />
مك ة –<br />
-377<br />
املكرمة – 1425ه (.<br />
( مطابع اجلامعة –<br />
الرايض<br />
وجوب تطبيق الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية. جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية.<br />
الوسيط للغزايل. حتقيق: القره داغي، علي حميي الدين. ط1. ( وزارة األوقاف والشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية – قطر<br />
الوالء والرباء <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>. حممد بن سعيد القحطاين. ط3. ( دار طيبة<br />
– 1404ه .)<br />
– 1414ه( .<br />
الرايض –<br />
– 1409ه .)<br />
-378<br />
-379<br />
-380
ثانياً:<br />
مواقع االنرتنت
WWW 0 Khotab 0 netFirms 0 com / maKKah 0<br />
WWW 0 traveL 4 arab 0 com 0<br />
WWW 0 boKhari 0 faithweb 0 com 0<br />
WWW 0 isLam – online 0 net 0<br />
WWW 0 isLamtody 0 net 0<br />
WWW 0 aLmosLim 0 net 0<br />
WWW 0 saaib 0 net 0<br />
www 0 sct 0 gov 0sa 0<br />
www 0 mas 0 gov 0 sa 0<br />
www 0 saubitourism 0 gov 0 sa 0<br />
www 0 hesba 0org 0<br />
WWW. Moheet 0 com 0<br />
1- خطبة: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ميزان الشريعة، عبد الرمحن السديس. 1422ه 4/ 1/<br />
-3<br />
موقع املسافرون العرب.<br />
<strong>اإلسالم</strong> على االنرتنت.<br />
موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم.<br />
موقع املسلم.<br />
موقع:<br />
www 0 moe 0 gov 0 sa / aLathar / prg 0<br />
-2<br />
-4<br />
-5<br />
-6<br />
7- صيد اإلنرتنت.<br />
موقع اهليئة العليا للسياحة.<br />
مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية.<br />
موقع اململكة السياحي.<br />
موقع احلسبة.<br />
موقع حميط.<br />
موقع.<br />
-8<br />
-9<br />
-10<br />
-11<br />
-12<br />
-13
ثالثاً:<br />
الصحف واجملالت
2398<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
2392<br />
)1(ج ري دة االق ت ص ادي ة:<br />
2423<br />
األعداد<br />
ج ري دة ال ج زي رة :<br />
2396<br />
)2(<br />
3006<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
اخلميس 27 مجاد األوىل<br />
األحد 23 مجادى األوىل<br />
السبت 29 مجادى األوىل<br />
االثنني 24 مجادى األوىل<br />
1421ه / 1 / 13 .<br />
1421ه / 1 / 15 .<br />
األربعاء<br />
الثالاثء<br />
اخلميس<br />
/ 21 ربيع اآلخر / 1425ه .<br />
1421ه / 2 / 20 .<br />
1421ه / 1 / 23 .<br />
1421ه / 1 / 20 .<br />
الثالاثء<br />
األربعاء<br />
اجلمعة<br />
الثالاثء<br />
/ 24 ربيع األول / 1426ه .<br />
7812<br />
)3( ج ري دة ال ح ي اة :<br />
1613<br />
11609<br />
11615<br />
11610<br />
10064<br />
10066<br />
11577<br />
10100<br />
10074<br />
10071<br />
11905<br />
العدد<br />
االثنني<br />
التاريخ<br />
1421ه / 1 / 19 .<br />
ج(<br />
)4 ري دة ال ري اض :<br />
13557<br />
2461 2410<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
اجلمعة 11 مجادى األوىل 1424ه<br />
الثالاثء 25 مجادى األوىل 1425ه<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
1425ه .<br />
السبت 29 مجادى األوىل<br />
األربعاء 26 مجادى األوىل<br />
اجلمعة 21 مجادى األوىل<br />
اخلميس 20 مجادى األوىل<br />
السبت 5<br />
الثالاثء<br />
رجب<br />
20 ربيع اآلخر<br />
1422ه /4 / 24 .<br />
السبت 29 مجادى األوىل<br />
1421ه / 1 / 16 .<br />
1421ه 1 / 22 .<br />
1425ه .<br />
اجلمعة<br />
اخلميس<br />
السبت 15 مجادى األوىل<br />
1421ه /1 / 16 .<br />
1421ه 1 / 15 .<br />
1426ه .<br />
1426ه .<br />
اجلمعة<br />
اخلميس<br />
اجلمعة 16 مجادى اآلخر<br />
السبت 17 مجادى اآلخر<br />
ج ري دة ال ش رق األوس ط :<br />
7922<br />
األعداد<br />
)5(<br />
7878<br />
12803<br />
13168<br />
13172<br />
13169<br />
13164<br />
13163<br />
13207<br />
3133<br />
12074<br />
13172<br />
11624<br />
11630<br />
13158<br />
1124<br />
11623<br />
13542<br />
13543<br />
7867
ة :<br />
:<br />
العدد<br />
)6( ج ري دة ع ك<br />
اظ<br />
األربعاء<br />
التاريخ<br />
1421ه / 2 / 6 .<br />
1421ه / 2 / 1 .<br />
الثالاثء<br />
اجلمعة<br />
/ 18 مجاد األوىل / 1425ه .<br />
1421ه / 1 / 23 .<br />
االثنني 1421ه / 2 / 4 .<br />
1421ه / 1 / 22 .<br />
1421ه / 1 / 16 .<br />
1421ه / 1 / 17 .<br />
1421ه / 1 / 24 .<br />
ج ري دة امل دين ة:<br />
السبت<br />
السبت<br />
)7(<br />
12310<br />
12305<br />
13828<br />
12298<br />
12308<br />
12297<br />
12291<br />
12292<br />
12299<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
1422ه / 2 / 25 .<br />
1421ه / 1 / 17 .<br />
ن ج ري دة ال وط<br />
السبت<br />
:<br />
)8(<br />
13905<br />
13513<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
1423ه<br />
1422ه<br />
1423ه<br />
1423ه<br />
1419ه .<br />
/ 2 / 22<br />
/ 4 / 12<br />
/ 2 / 10<br />
/ 3 / 24<br />
)9( م ج ل ة األس رة :<br />
583<br />
277<br />
571<br />
614<br />
العدد<br />
ربيع اآلخر<br />
التاريخ<br />
)10( مجلة ال ب ح وث <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
العدد<br />
رجب<br />
التاريخ<br />
– شوال 1409ه .<br />
– شوال 1411ه .<br />
)11( جم ل ة ال ب ح وث ال ف ق ه ي ة ال م عاص رة :<br />
رجب<br />
25<br />
31<br />
61<br />
العدد<br />
السنة<br />
التاريخ<br />
1422ه ،13 .<br />
1424ه ،15 .<br />
1413ه .<br />
1416ه .<br />
1421ه .<br />
1425ه .<br />
1422ه .<br />
1420ه .<br />
1418ه .<br />
)12( جم ل ة ال ب ي ان :<br />
السنة<br />
السنة الرابعة ،<br />
السنة السابعة ،<br />
السنة الثانية عشرة ،<br />
السنة السادسة عشرة ،<br />
50<br />
59<br />
14<br />
26<br />
46<br />
63<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
السنة السادسة عشرة ، صفر ،<br />
السنة الرابعة عشرة ، رجب ،<br />
السنة الثانية عشرة ، حمرم ،<br />
162<br />
143<br />
113
العدد<br />
)13( جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية :<br />
التاريخ<br />
مجادى اآلخرة 1414ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم ، د. مساعد الفاحل.<br />
)14(<br />
العدد<br />
جم ل ة ال دع وة :<br />
)15( جم لة ال س ي اح ة <strong>اإلسالم</strong>ية :<br />
التاريخ<br />
/ 9 ربيع اآلخر / 1420ه .<br />
/ 9 ربيع اآلخر / 1423ه .<br />
مجادى األوىل<br />
1425ه .<br />
/ 22 ربيع األول / 1422ه .<br />
/ 25 ربيع اآلخر / 1421ه .<br />
/ 2 مجادى اآلخر / 1424ه .<br />
/ 10 شعبان / 1420ه .<br />
/ 6 ربيع األول /<br />
1421ه<br />
/ 27 ربيع األول / 1421ه .<br />
/ 22 ربيع األول / 1422ه .<br />
/ 26 صفر / 1423ه .<br />
/ 4 ربيع اآلخر / 1421ه .<br />
/ 7 ربيع اآلخر / 1422ه .<br />
18/ ربيع األول / 1423ه .<br />
1701<br />
1847<br />
12<br />
1796<br />
1752<br />
1903<br />
1718<br />
1745<br />
1748<br />
1796<br />
1841<br />
1749<br />
1798<br />
1844<br />
العدد<br />
)16( م ج ل ة ال م ج ت م ع :<br />
مجادى األوىل<br />
التاريخ<br />
1426ه . اآلخرة –<br />
18<br />
العدد<br />
التاريخ<br />
1415ه / 10 / 6 .<br />
1140<br />
10<br />
)17(<br />
العدد<br />
الثالث<br />
جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي :<br />
التاريخ<br />
الدورة الثالثة،اجلزء الثاين، 1408ه ، والدورة الثانية، العدد الثاين، اجلزء األول،<br />
1407ه ،<br />
<strong>اإلسالم</strong>ي – جدة (.<br />
( منظمة املؤمتر<br />
)18(<br />
العدد<br />
العدد الثاين<br />
، 1408ه . ط2<br />
جملة اجملمع الفقهي :<br />
التاريخ<br />
( رابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي<br />
–<br />
مكة املكرمة –<br />
1410ه (.<br />
)19(<br />
العدد<br />
جملة مدينة الرياض، أمانة المدينة :<br />
التاريخ<br />
1424ه . اآلخرة – مجادى األوىل<br />
38
العدد<br />
)20( جمل ة امل س اف ر ال ع ريب :<br />
التاريخ<br />
20، يوليو- السنة<br />
)21(<br />
أغسطس 2004م.<br />
جملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي. الندوة العاملية للشباب <strong>اإلسالم</strong>ي :<br />
التاريخ<br />
4<br />
العدد<br />
ربيع األول<br />
1420ه .<br />
رمضان ، 1421ه .<br />
)22( جملة املعرفة :<br />
95<br />
112<br />
العدد<br />
ربيع اآلخر<br />
التاريخ<br />
1420ه .<br />
49
خامساً:<br />
فهرس املوضوعات
احملتوى<br />
رقم الصفحة<br />
)16-2(<br />
)99-17(<br />
18<br />
18<br />
20<br />
21<br />
55<br />
62<br />
69<br />
70<br />
72<br />
75<br />
77<br />
79<br />
80<br />
84<br />
)583-101(<br />
102<br />
103<br />
105<br />
122<br />
127<br />
163<br />
231<br />
313<br />
327<br />
343<br />
360<br />
-1<br />
-2<br />
املقدمة............................................................<br />
التمهيد................................................................<br />
املبحث األول: التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة:......................................<br />
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة.......................................<br />
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً..................................<br />
األول: املفهوم الشرعي للسياحة..........................................<br />
الثاين: املفهوم العصري للسياحة..........................................<br />
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً.............................<br />
املبحث الثاين: االصطالحات ذات العالقة:<br />
.............................<br />
املطلب األول: تعر<strong>يف</strong> السفر............................................<br />
املطلب الثاين: تعر<strong>يف</strong> اهلجرة............................................<br />
املطلب الثالث: تعر<strong>يف</strong> السري............................................<br />
املطلب الرابع: تعر<strong>يف</strong> االرحتال..........................................<br />
املبحث الثالث: حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً:...............<br />
املطلب األول: حاجة البشر للسياحة.....................................<br />
املطلب الثاين: أتصيل ذلك شرعاً........................................<br />
-3<br />
الفصل األول أحكام <strong>السياحة</strong><br />
املبحث األول: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>:.........................<br />
املطلب األول: سياحة القاضي...........................................<br />
الفرع األول: أثرها على عدالته..........................................<br />
الفرع الثاين: أثرها على واليته ونفاذ حكمه...............................<br />
املطلب الثاين: سياحة عامة املسلمني......................................<br />
املطلب الثالث: سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها...........<br />
املطلب الرابع: أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>........................<br />
املطلب اخلامس: اإلنفاق على املشاريع السياحية...........................<br />
املطلب السادس: زكاة املشاريع السياحية.................................<br />
املطلب السابع: أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها....................<br />
املطلب الثامن: عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر....................<br />
احملتوى<br />
املبحث الثاين: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني:.....................<br />
املطلب األول: سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني.........................<br />
رقم الصفحة<br />
381<br />
382
389<br />
399<br />
405<br />
411<br />
422<br />
426<br />
439<br />
446<br />
456<br />
464<br />
484<br />
491<br />
507<br />
512<br />
522<br />
533<br />
547<br />
548<br />
555<br />
570<br />
)634-584(<br />
585<br />
586<br />
591<br />
املطلب الثاين: أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.........................<br />
املطلب الثالث: التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم............<br />
املطلب الرابع: التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم..........................<br />
املطلب اخلامس: اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر...............................................<br />
املطلب السادس: الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها....................<br />
املطلب السابع: األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت..........................<br />
املطلب الثامن: الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد...........................................<br />
املطلب التاسع: تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً............<br />
املطلب العاشر: الصالة <strong>يف</strong> الطائرة...................................................<br />
املطلب احلادي عشر: نكاح الكتابيات، وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس..............<br />
املطلب الثاين عشر: نكاح مسلمة ال ويل هلا.........................................<br />
املطلب الثالث عشر: األكل من ذَبئح الكفار........................................<br />
املطلب الرابع عشر: املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم..............................<br />
املطلب اخلامس عشر: املعامالت التجارية مع الكفار..................................<br />
املطلب السادس عشر: املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك............<br />
املطلب السابع عشر: استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر..........<br />
املبحث الثاين: أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة:.........................................<br />
املطلب األول: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني ......................................................<br />
املطلب الثاين: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة.......................................................<br />
املطلب الثالث: <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة................................................<br />
4-الفصل الثاين:<br />
ضوابط <strong>السياحة</strong> وآاثرها على الفرد واجملتمع<br />
املبحث األول: ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا:..........................................<br />
املطلب األول: ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.....................................................<br />
املطلب الثاين: آداب <strong>السياحة</strong>.................................................................<br />
احملتوى<br />
املبحث الثاين: آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع:............................................<br />
املطلب األول: آاثرها السياسية...............................................................<br />
املطلب الثاين: آاثرها الدينية..................................................................<br />
املطلب الثالث: آاثرها االجتماعية واألخالقية..................................................<br />
املطلب الرابع: آاثرها االقتصادية..............................................................<br />
رقم الصفحة<br />
607<br />
608<br />
610<br />
614<br />
618
623<br />
624<br />
629<br />
)726-635(<br />
636<br />
637<br />
659<br />
669<br />
688<br />
689<br />
705<br />
715<br />
727<br />
735<br />
735<br />
750<br />
764<br />
768<br />
805<br />
809<br />
املبحث الثالث: واجب املسلمني جتاه<br />
<strong>السياحة</strong>:..............................................<br />
املطلب األول: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة................................................<br />
املطلب الثاين: واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.............................................<br />
5- الفصل الثالث<br />
واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />
املبجث األول: اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :............................<br />
املطلب األول: نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.....................................................<br />
املطلب الثاين: مشاريعها وأعماهلا.............................................................<br />
املطلب الثالث: احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك......................................................<br />
احملث الثاين: مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :.................................<br />
املطلب األول: املقومات.....................................................................<br />
املطلب الثاين: االحتياجات..................................................................<br />
املطلب الثالث: وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي...........................<br />
6- اخلامتة:<br />
وتشتمل على أهم التوصيات والنتائج.........................................................<br />
7- الفهارس:<br />
1- فهرس اآلايت القرآنية...................................................................<br />
2- فهرس األحاديث واآلاثر................................................................<br />
3- فهرس األعالم..........................................................................<br />
4- فهرس املراجع واملصادر.................................................................<br />
5- فهرس املوضوعات.....................................................................<br />
8- امللحقات<br />
وتشتمل على بعض النماذج والواثئق واإلحصائيات اهلامة......................................
امللحقات