18.02.2017 Views

السياحة يف اإلسالم

15037

15037

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

المملكة العربية السعودية<br />

وزارة التعليم العالي<br />

جامعة اإلمام محمد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

المعهد العالي للقضاء<br />

قسم الفقه المقارن<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong><br />

أحكامها ضوابطها آثارها واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />

حبث تكميلي مقدم لنيل درجة املاجستري <strong>يف</strong> الفقه املقارن<br />

‏)اجلزء األول(‏<br />

إعداد<br />

عبد اهلل بن إبراهيم بن صاحل اخلضريي<br />

فضيلة الشيخ د/‏<br />

إشراف<br />

يوسف بن عبد اهلل الشبيلي<br />

المساعد األستاذ<br />

بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء<br />

‎1426-1425‎ه


K


بسم هللا الرمحن الرحيم<br />

احلمد هلل الذي خلق اخلليقة وأعماهلا،‏ وردَّها بنور اهلداية عن الغواية وأمَاهلَا،‏ أمحده محد من احْتَسَى<br />

من النِّعَم زُالَهلَا،‏ واكْتَسَى سِّ‏ رَْبَ‏ هلَا،‏ وأشهد أن ال إله إال هللا وحده ال شريك له شهادة ت ‏ُث ‏َبِّتُ‏ األَقْدَام<br />

إذا زُلْزِّلَت األرض زلزاهلا،‏ وأخرجت األرض أثقاهلا،‏ وقال اإلنسان ما هلا،‏ وأشهد أن حممداً‏ عبده<br />

ورسوله أرسله واجلاهلية تُشَرِّعُ‏ ضَالَهلَا فلم يزل صلى هللا عليه وسلم يُكْثِّرُ‏ جِّ‏ دَاهلَا،‏ ويُضَيِّقُ‏ جماهلا ويدعو<br />

رجاهلا حىت عَرَفَتْ‏ حالهلا وحرامها،‏ صلى هللا عليه وعلى آله وأصحابه ما خالفت اجلنوب <strong>يف</strong> اهلُبوب<br />

‏َشَ‏ اهلا،‏ وسلم تسليماً‏ كثرياً.‏<br />

: أما بعد<br />

فهذه وريقات متواضعة ملشروع حبثي أقدمه استكماالً‏ ملتطلبات احلصول على درجة املاجستري <strong>يف</strong> قسم<br />

الفقه املقارن ‏َبملعهد العايل للقضاء بعنوان:‏<br />

)) <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong><br />

أحكامها –<br />

– ضوابطها –<br />

– آاثرها<br />

السعودية )) .<br />

واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />

وقد اجتهدت <strong>يف</strong> بيان مشروعية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> عصران وما يتعلق هبا من أحكام فقهية ونوازل معاصرة مع<br />

ربط ذلك ‏َبلواقع السياحي <strong>يف</strong> بالدان،‏ ومقوماته،‏ وأحكام املشاريع السياحية اليت تقوم هبا وترعاها اهليئة<br />

العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة،‏ وضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة،‏ وآاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع.‏<br />

وأرفقت بذلك ما رأيت أمهيته من املستندات ذات العالقة.‏<br />

وال شك أننا <strong>يف</strong> عصر تزينت فيه الشهوات،‏ وتنوعت فيه الشبهات وتزايدت فيه املغرايت،‏ وكثرت<br />

امللهيات حىت كادت معها أن تعمى القلوب،‏ ومتوت األرواح.‏<br />

فغفل الكثري عن قوت القلوب وغذاء الروح ولذة العبادة وحالوة الطاعة فصارت نفوسهم هزيلة<br />

متكدرة وتلك بلية البالاي ورزية الرزااي،‏ فأهل <strong>اإلسالم</strong> يواجهون زحف حياة عصرية،‏ وحضارة غربية<br />

مادية،‏ ومدنية دنيئة عارية عن القيم واألخالق واآلداب،‏ مدنية احندار وحضارة اهنيار اصطلى هبا<br />

صانعوها وذاقوا بلياهتا وويالهتا فهي ال تفرق بني مشروع وممنوع وانفع وضار،‏ أسواقها الغية وأنديتها<br />

الهية وقلوب أهلها خاوية مدنية خائبة عاجزة عن محاية أفرادها،‏ مل تستطع يوماً‏ ما صون أعراضهم أو<br />

حفظ كرامتهم أو كفكفة دموعهم أو إسعادهم <strong>يف</strong> حياهتم،‏ بل صنعت وسائل ترفيه ال حصر هلا لتعاجل


أجواء القلق وأخطار األرق فلم تستطع إىل ذلك سبيالً‏ بل كانت وسائل إغواء وتدمري وفساد،‏ و<strong>يف</strong><br />

زحفها إىل العامل <strong>اإلسالم</strong>ي حماولة مستميتة لطمس معامل هويته الذاتية وجره إىل تقليد األمناط الغربية <strong>يف</strong><br />

مجيع النواحي احلياتية العقدية والفكرية واالجتماعية واألخالقية وغريها.‏<br />

ومن هنا جاءت الدعاايت املضللة إىل سياحة الفساد <strong>يف</strong> بالد الكفر واإلفساد،‏ بالد خادعة للعقول<br />

وغادرة لأللباب ليس فيها إال مصائد هالك وفخوخ تلف وحياة عابثة صاخبة،‏ ودعاايت آمثة،‏ تبذل<br />

التسهيالت واملغرايت،‏ وتدفع الغوغاء والدمهاء إىل تلك البالد دفعاً‏ وتؤزهم إليها أزاً،‏ كل ذلك ليسايروا<br />

ركب احلضارة املشؤوم ويسلكوا درب املدنية املزعوم.‏<br />

وال شك أن موارد اخلسار ومشاريع البوار إمنا هي <strong>يف</strong> طاعة الكفار الفجار،‏ و<strong>اإلسالم</strong> ال مينع من أخذ<br />

املفيد من خمرتعات هذه املدنية ومبتكراهتا وال مينع من <strong>السياحة</strong> الربيئة اهلادفة النقية لكنه يرفض سياحة<br />

الفساد والعصيان أبمراضها املدنفة وأسقامها املتلفة.‏<br />

والرتويح عن النفس مبا أَبح هللا هلا هو مسرح لالستئناس الربيء اخلايل من الصخب واللغط،‏ واليكون<br />

ذلك برحالت عابثة تفتقر إىل اهلدف احملمود والنفع املنشود،‏ أدىن سوئها اإلسراف والتبذير انهيك عما<br />

يشاهد من حمرمات وخمازي،‏ فاجلل من السياح هنارهم <strong>يف</strong> دُجنة وليلهم جَهْوَري ألذ ما عند بعضهم مسر<br />

العشاق أو شَغْل املشغولني ‏َبلفراغ،‏ عبادهتم ندر وغوايتهم غِّمْر أيكلون األرطال ويشربون األسطال<br />

ويسهرون الليل هلواً‏ وإن طال.‏<br />

وقد كان املسلمون <strong>يف</strong> القرون املفضلة يُعِّدُّوْنَ‏ لسياحة ليست كسياحتنا ويقومون ‏َبلتنشيط والدعاية هلا<br />

من منابر املساجد سياحة عبادة وجهاد وإسراج للخيول وتدريب للفتيان ال سياحة هلو وتسوق وغناء<br />

ورقص ولعب وقمار،‏ إننا <strong>يف</strong> أمس احلاجة لسياحة ترفيه نقية،‏ براجمها املكثفة ال عبث فيها وال هلو وال<br />

بطالة وال عطالة وال تضييع لألوقات وال هتميش للصلوات وال ارتكاب للمحرمات وال إيذاء وال<br />

معاكسات.‏<br />

فبالد احلرمني ال جيوز أن تكون مرتعاً‏ للفساق ومرقصاً‏ للعشاق،‏ وال تعتز آباثر قوم معذبني أهلكهم هللا<br />

بكفرهم وأبقاها شاهدة عليهم،‏ بل ينبغي أن يرى السائح <strong>يف</strong> هذه البالد منطاً‏ فريداً‏ من <strong>السياحة</strong> ال<br />

يتوافر <strong>يف</strong> أي بلدان العامل قوامه العبودية هلل رب العاملني وشعاره كرامة اإلنسان،‏ وداثره القيم اخللقية،‏<br />

ومظاهره املتعة ‏َبجلمال والسحر احلالل.‏ )1(<br />

وتربز أمهية هذا املوضوع <strong>يف</strong> عصران احلاضر من خالل النقاط التالية:‏<br />

)1(<br />

ينظر:‏ مقال بعنوان سياحة روحية،‏ للدكتور علي ‏َبدحدح على الرابط:‏<br />

www.islamtody.net<br />

، وخطبة الشيخ سعود الشرمي<br />

بعنوان <strong>السياحة</strong> كلمة ومعىن على الرابط:‏ ، www.islamtody.com وخطبة الشيخ صالح البدير بعنوان تكالب الكفار على<br />

املسلمني على الرابط:‏<br />

www.khotab.net<br />

، وخطبة الشيخ عبد هللا الغامدي عن <strong>السياحة</strong> على موقع املنرب،‏ بتصرف.‏


اآلاثر اهلامة للسياحة <strong>يف</strong> الوقت املعاصر سياسياً‏ ودينياً‏ وأخالقياً‏ واقتصادايً.‏<br />

توجه الدولة إىل تطوير مرفق <strong>السياحة</strong>،‏ ووضع هيئة عامة له.‏<br />

تطور وسائل االتصاالت واملواصالت وأثرها <strong>يف</strong> تيسري السفر واالرحتال مما أدى إىل<br />

انتشار <strong>السياحة</strong> وفشوها <strong>يف</strong> اجملتمعات وتطورها حىت أصبحت ظاهرة عاملية ومصدراً‏<br />

اقتصادايً‏ مهماً‏ لكثري من البلدان.‏<br />

كثرة من يقيم <strong>يف</strong> بالد الكفر من املسلمني وحاجتهم لفهم األحكام الشرعية لكثري من<br />

املسائل اليت تواجههم وتشكل عليهم <strong>يف</strong> تلك البلدان،‏ ووجود خلل لدى بعضهم <strong>يف</strong><br />

التعامل والتعايش مع تلك اجملتمعات.‏<br />

حرص كثري من أبناء املسلمني على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اخلارج ألسباب مشروعة وغري<br />

مشروعة وما ينتج عن ذلك من آاثر ونتائج سلبية وإجيابية.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5


ولذلك كان من أسباب اختياري هلذا املوضوع:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

ماله من أمهية كما تقدم.‏<br />

وألين ال أعلم حبثاً‏ أكادميياً‏ شامالً‏ قد سبق تسجيله حول هذا املوضوع.‏<br />

والرتباطه مبجال التخصص.‏<br />

وملعرفة مدى شرعية األعمال واملشاريع السياحية وما يتعلق هبا من أحكام.‏<br />

والنتشار ظاهرة السفر للخارج <strong>يف</strong> بالد املسلمني.‏<br />

وحلاجة املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفر ملعرفة كثري من األحكام اليت تشكل عليهم.‏<br />

والدراسات السابقة <strong>يف</strong> هذا املوضوع<br />

– حسب معرفيت –<br />

-1<br />

هي:‏<br />

أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هلاشم بن حممد انقور،‏ وهي رسالة ماجستري <strong>يف</strong> جامعة أم القرى،‏ قسم<br />

الدراسات <strong>اإلسالم</strong>ية.‏<br />

وهو حبث جيد حتدث فيه الباحث عن:‏ مفهوم <strong>السياحة</strong>،‏ وأحكام الرخص فيها،‏ و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد<br />

املسلمني وبالد الكفار،‏ و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة كداير املعذبني،‏ وآاثر <strong>السياحة</strong>،‏ ووسائل اجلذب<br />

السياحي،‏ والسياسة الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.‏<br />

– بعون هللا - وسأقوم<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

إبضافة اجلوانب اليت مل يتطرق إليها وهي:‏<br />

اإلنفاق على املشاريع السياحية.‏<br />

زكاة املشاريع السياحية.‏<br />

سياحة القضاة.‏<br />

التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم.‏<br />

التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم.‏<br />

أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.‏<br />

املقاطعة االقتصادية لبالد الكفار وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.‏<br />

الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها.‏<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.‏<br />

اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية ‏)أهدافها<br />

– مشاريعها –<br />

-<br />

الشرعي فيها(.‏<br />

الواقع املعاصر للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية ومقوماهتا السياحية.‏<br />

احلكم


-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-2<br />

ما يشكل على السائح من أحكام العبادات واملعامالت،‏ مثل:‏<br />

األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.‏<br />

تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.‏<br />

الصالة <strong>يف</strong> الطائرات.‏<br />

نكاح الكتابيات،‏ وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس.‏<br />

نكاح مسلمة ال ويل هلا.‏<br />

األكل من ذَبئح الكفار.‏<br />

املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.‏<br />

املعامالت التجارية مع الكفار.‏<br />

حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً.‏<br />

أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها.‏<br />

التفصيل <strong>يف</strong> آاثر <strong>السياحة</strong> سياسياً‏ واجتماعياً‏ وأخالقياً‏ واقتصادايً.‏<br />

واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة واملمنوعة.‏<br />

حكم العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر.‏<br />

آداب <strong>السياحة</strong>.‏<br />

‏)مسئولية وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي(،‏ لبكر بن عبد اللط<strong>يف</strong> اهلبوب.‏<br />

وهو حبث تكميلي تقدم به لنيل درجة املاجستري <strong>يف</strong> املعهد العايل للقضاء<br />

وقد تناول <strong>يف</strong> خطته:‏<br />

–<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

قسم الفقه املقارن.‏<br />

التعر<strong>يف</strong> ‏َبملسئولية وبوكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وتطور مفهومها.‏<br />

دراسة عقود وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وتكي<strong>يف</strong>ها الفقهي وحكم اجتماع عقدين <strong>يف</strong><br />

عقد وجتزئة العقد.‏<br />

حاالت مسئولية الوكاالت:‏ حال إلغاء الرحلة<br />

للرحلة<br />

–<br />

أو وقوع حادث<br />

–<br />

–<br />

وما يتصل ‏َبإلخالل بشروط العقد.‏<br />

أحكام املسئولية:‏ من خالل بيان التزامات العميل ووكالة السفر و<strong>السياحة</strong><br />

الضمان والتعويض<br />

أو سوء التنظيم<br />

–<br />

–<br />

وذلك <strong>يف</strong> متهيد وفصلني،‏ أعقبهما ‏َبخلامتة والفهارس.‏<br />

واالتفاق على اإلعفاء من املسئولية.‏<br />

ومبدأ


ومن خالل النظر <strong>يف</strong> مضامني هذا البحث يتبني عدم وجود صلة بينه وبني املوضوع الذي تقدمت به<br />

بعنوان:‏ ( <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أحكامها-‏ ضوابطها<br />

السعودية ) إال <strong>يف</strong> جزئية واحدة <strong>يف</strong>:‏<br />

– آاثرها –<br />

-3<br />

-4<br />

واقعها املعاصر <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />

املطلب الثامن من املبحث األول من الفصل األول:‏ وهي حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong><br />

والسفر.‏<br />

وقد ذكرهتا ألمهيتها ولصلتها أبحكام <strong>السياحة</strong>،‏ ومل ينص الباحث اهلبوب على ذكر هذه اجلزئية؛ ألنه<br />

جعل صلب حبثه خمتصاً‏ مبسئولية وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وما يرتتب عليها من أحكام والتزامات<br />

وضمان وحكم ما جتريه من عقود وتكي<strong>يف</strong>ها.‏<br />

وذكري هلذه اجلزئية من حيث حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> هذه الوكاالت،‏ وما يتصل بذلك من حكم<br />

مشروعية ما تقوم به الوكاالت من العمل السياحي أساساً.‏<br />

أما التفصيل <strong>يف</strong> بيان مسئوليتها والتزاماهتا وتكي<strong>يف</strong> عقودها فليس هذا جمال حبثي،‏ فإن كان مث تشابه<br />

فرمبا يكون <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> بوكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> كتمهيد هلذه اجلزئية،‏ وبذلك يتبني ضعف الصلة بني<br />

املوضوعني.‏<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ لعبد الباري حممد داود.‏<br />

وقد جعله <strong>يف</strong> أربعة فصول األول:‏ <strong>السياحة</strong> والتعرف على حقيقة الكون،‏ الثاين:‏ <strong>السياحة</strong> الروحية عند<br />

األنبياء والصحابة والصوفية،‏ والثالث:‏ <strong>السياحة</strong> االجتماعية والرتفيهية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ والرابع:‏ <strong>السياحة</strong><br />

الروحية <strong>يف</strong> أركان <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

وجله <strong>يف</strong> احلديث عن <strong>السياحة</strong> الروحية و<strong>السياحة</strong> عند الصوفية،‏ وقد تكلم عن <strong>السياحة</strong> الرتفيهية إبجياز<br />

ومثل هلا بعيد الفطر ويغلب على هذا البحث الصبغة األدبية والفلسفة الصوفية.‏<br />

الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لعلي األمحد.‏<br />

وهي رسالة حديثة قدمت لنيل درجة الدكتوراه <strong>يف</strong> الدعوة واالحتساب من كلية الدعوة واإلعالم جبامعة<br />

اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية ‏َبلرايض عام ‎1425-1424‎ه ، وقد تكلم الباحث <strong>يف</strong> الفصل<br />

التمهيدي عن مفهوم <strong>السياحة</strong> بعرض متميز مث أعقبها ببيان ضوابط <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ضوء الشريعة<br />

<strong>اإلسالم</strong>ية وذكر فيها 11 ضابطاً‏ وبعضها تكرار لبعض،‏ وقد أشرت إليها وأضفت هلا كثرياً‏ من<br />

الضوابط اليت مل يتطرق إليها كما حتدث عن دوافع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ضوء الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وذكر خصائص<br />

ومسات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية .<br />

مث تكلم <strong>يف</strong> الفصل األول والثاين والثالث وهي لب حبثه عن الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من خالل<br />

القرآن والسنة وبني صفات الدعاة <strong>يف</strong> املواقع السياحية وواجباهتم وأصناف املدعوين وسلوكهم وأسس


ومضامني ووسائل وأساليب الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وآاثر الدعوة <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ مث جعل<br />

الفصل الرابع <strong>يف</strong> الدراسة امليدانية اليت قام هبا مبيناً‏ من خالهلا ما توصل إليه من نتائج وتوصيات <strong>يف</strong><br />

هذا الشأن،‏ ومل أر من سبقه <strong>يف</strong> التأل<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> هذا املوضوع،‏ وهذه الرسالة تتعلق مبطلب من مطالب هذا<br />

البحث،‏ وقد استفدت منها فيه وأشرت لذلك <strong>يف</strong> موضعه،‏ كما تطرقت لبعض املطالب إبجياز كتمهيد<br />

ومدخل للموضع،‏ وقد التقيت ‏َبلباحث واستشرته وانقشته واستفدت من بعض مراجعه.‏<br />

وسألتزم <strong>يف</strong> منهج البحث<br />

– إبذن هللا –<br />

وطباعتها الواردة <strong>يف</strong> تعميم فضيلة عميد الدراسات العليا رقم<br />

مبا نصت عليه القواعد املنظمة لكتابة الرسائل العلمية<br />

واتريخ 957<br />

‎1422/7/11‎ه .


وذلك من خالل السري على املنهج التايل:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

تص وير املس ألة امل راد حبثه ا تص ويراً‏ دقيق اً‏ قب ل بي ان حكمه ا؛ ليتض ح املقص ود م ن<br />

دراستها.‏<br />

إذا كانت املسألة م ن مواض ع االتف اق ف أذكر حكمه ا ب دليلها ، م ع توثي ق االتف اق م ن<br />

مظانه املعتربة.‏<br />

إذا كانت املسألة من مسائل اخلالف ، فأتبع ما يلي:‏<br />

أ:‏ حترير حمل النزاع إن وجد.‏<br />

ب:‏ ذكر األقوال ونسبتها وعرض اخلالف حسب<br />

الرتتيب الزمين للمذاهب.‏<br />

ج:‏ االقتصار على املذاهب الفقهية املعتربة مع<br />

املعاصرين من الفقهاء والقضاة.‏<br />

التنبيه على ما تيسر من أقوال السف،‏ وآراء<br />

توثيق األقوال د:‏<br />

األصلية.‏ املصادر من واألدلة<br />

ه : ذكر األدلة مع وجه الداللة وما قد يرد من املناقشات مع اجلواب عنها إن وجد.‏<br />

سببه مع بيان الرتجيح و:‏<br />

، ومثرة اخلالف إن وجدت.‏<br />

االعتم اد عل ى أمه ات<br />

واجلمع.‏<br />

الرتكيز<br />

العناية<br />

املص ادر واملراج ع األص لية <strong>يف</strong> التحري ر ، والتوثي ق والتخ ريج،‏<br />

على موضوع البحث وجتنب االستطراد.‏<br />

بضرب األمثلة،‏ وخباصة الواقعية؛ لتوضيح املسألة .<br />

جتنب ذكر األقوال الشاذة .<br />

العناية بدراسة ما جدَّ‏ من القضااي مما له صلة واضحة ‏َبلبحث.‏<br />

ترقيم اآلايت وبيان سورها مع الضبط ‏َبلشكل.‏<br />

تر يج األحادي ث م ن املص ادر األص لية،‏ وذل ك م ع إثب ات الكت اب والب اب واجل زء<br />

والصفحة،‏<br />

وإذا كان احلديث <strong>يف</strong> الصحيحني أو أحدمها اقتصرت عليه و إال فإين أنظ ره<br />

<strong>يف</strong> كتب احل ديث املعت ربة وأورد ك الم أه ل العل م والش أن <strong>يف</strong> تص حيحه أو تض ع<strong>يف</strong>ه،‏ وق د<br />

اعتم دت <strong>يف</strong> التخ ريج م ن الكت ب الس تة عل ى الطبع ة اخلاص ة ب دار الس الم ‏)اجلامع ة<br />

للكتب الستة <strong>يف</strong> جملد واحد(‏ وهي طبعة مشهورة.‏<br />

تريج<br />

اآلاثر من مصادرها األصيلة ، واحلكم عليها.‏<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11


التعر<strong>يف</strong> ‏َبملصطلحات من كتب الفن الذي يتبعه املصطلح،‏ أو من كت ب املص طلحات<br />

املعتمدة.‏<br />

توثيق املعاين من معاجم اللغة املعتمدة،‏ وتكون اإلحالة عليها ‏َبملادة واجلزء والصفحة.‏<br />

العناي ة بقواع د اللغ ة العربي ة ، واإلم الء وعالم ات الرتق يم،‏ ومنه ا عالم ات التنص يص<br />

ل اايت الكرمي ة،‏ ولألحادي ث الش ر<strong>يف</strong>ة،‏ ول ااثر،‏ وألق وال العلم اء،‏ ومتي ز العالم ات<br />

واألقواس فيكون لكل منها عالمته اخلاصة.‏<br />

تكون اخلامتة متضمنة أهم النتائج والتوصيات.‏<br />

ترمج ة األع الم غ ري املش هورين إبجي از ب ذكر:‏ اس م العل م ونس به،‏ واتري خ وفات ه،‏ ومذهب ه<br />

العقدي والفقهي،‏ والعلم الذي اشتهر به،‏ وأهم مؤلفاته،‏ ومصادر ترمجته.‏<br />

إذا ورد <strong>يف</strong> البح ث ذك ر أم اكن أو قبائ ل،‏ أو ف رق،‏ أو أش عار،‏ أو غ ري ذل ك توض ع هل ا<br />

فهارس خاصة،‏ إن كان هلا من العدد ما يستدعي ذلك.‏<br />

وضع الفهارس الفنية املتعارف عليها ، وهي:‏<br />

فهرس اآلايت القرآنية.‏<br />

فهرس األحاديث واآلاثر.‏<br />

فهرس األعالم.‏<br />

فهرس املصادر واملراجع.‏<br />

فهرس املوضوعات.‏<br />

ذكر ما قد يوجد من نسب وإحصاءات.‏<br />

وضع ملحقات مما له تعلق ‏َبلبحث إن وجد.‏<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

-20<br />

ويتكون البحث من مقدمة ومتهيد وثالثة فصول وخامتة:‏<br />

فأوالً:‏<br />

وفيه مباحث:‏<br />

املبحث األول:‏ التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

التمهيد:‏


املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة.‏<br />

املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً.‏<br />

وفيه فرعان:‏<br />

األول:‏ املفهوم الشرعي للسياحة.‏<br />

الثاين:‏ املفهوم العصري للسياحة.‏<br />

املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً.‏<br />

املبحث الثاين:‏ االصطالحات ذات العالقة:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> السفر.‏<br />

املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> اهلجرة.‏<br />

املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السري.‏<br />

املطلب الرابع:‏ تعر<strong>يف</strong> االرحتال.‏<br />

املبحث الثالث:‏ حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ حاجة البشر للسياحة.‏<br />

املطلب الثاين:‏ أتصيل ذلك شرعاً.‏<br />

الفصل األول<br />

أحكام <strong>السياحة</strong><br />

وفيه مباحث:‏<br />

املبحث األول:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ سياحة القاضي.‏<br />

وفيه فرعان:‏<br />

الفرع األول:‏ أثرها على عدالته.‏<br />

الفرع الثاين:‏ أثرها على واليته ونفاذ حكمه.‏


املطلب الثاين:‏ سياحة عامة املسلمني.‏<br />

املطلب الثالث:‏ سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها.‏<br />

املطلب الرابع:‏ أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.‏<br />

املطلب اخلامس:‏ اإلنفاق على املشاريع السياحية.‏<br />

املطلب السادس:‏ زكاة املشاريع السياحية.‏<br />

املطلب السابع:‏ أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها.‏<br />

املطلب الثامن:‏ عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر.‏


املبحث الثاين:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني.‏<br />

املطلب الثاين:‏ أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.‏<br />

املطلب الثالث:‏ التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم.‏<br />

املطلب الرابع:‏ التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم.‏<br />

املطلب اخلامس:‏ اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر.‏<br />

املطلب السادس:‏ الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها.‏<br />

املطلب السابع:‏ األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.‏<br />

املطلب الثامن:‏ الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.‏<br />

املطلب التاسع:‏ تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.‏<br />

املطلب العاشر:‏ الصالة <strong>يف</strong> الطائرة.‏<br />

املطلب احلادي عشر:‏ نكاح الكتابيات،‏ وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس.‏<br />

املطلب الثاين عشر:‏ نكاح مسلمة ال ويل هلا.‏<br />

املطلب الثالث عشر:‏ األكل من ذَبئح الكفار.‏<br />

املطلب الرابع عشر:‏ املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.‏<br />

املطلب اخلامس عشر:‏ املعامالت التجارية مع الكفار.‏<br />

املطلب السادس عشر:‏ املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

املطلب السابع عشر:‏ استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.‏<br />

املبحث الثاين:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني .<br />

املطلب الثاين:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة.‏<br />

املطلب الثالث:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة.‏<br />

الفصل الثاين:‏<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> وآاثرها على الفرد واجملتمع


وفيه مباحث:‏<br />

املبحث األول:‏ ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا:‏<br />

وفيه مطلبان:‏<br />

املطلب األول:‏ ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.‏<br />

املطلب الثاين:‏ آداب <strong>السياحة</strong>.‏<br />

املبحث الثاين:‏ آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ آاثرها السياسية.‏<br />

املطلب الثاين:‏ آاثرها الدينية.‏<br />

املطلب الثالث:‏ آاثرها االجتماعية واألخالقية.‏<br />

املطلب الرابع:‏ آاثرها االقتصادية.‏<br />

املبحث الثالث:‏ واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong>:‏<br />

وفيه مطالب:‏<br />

املطلب األول:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة.‏<br />

املطلب الثاين:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.‏


الفصل الثالث<br />

واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />

وفيه مباحث:‏<br />

املبجث األول:‏ اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :<br />

املطلب األول:‏ نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.‏<br />

املطلب الثاين:‏ مشاريعها وأعماهلا.‏<br />

املطلب الثالث:‏ احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

احملث الثاين:‏ مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :<br />

املطلب األول:‏ املقومات.‏<br />

املطلب الثاين:‏ االحتياجات.‏<br />

املطلب الثالث:‏ وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي.‏<br />

وتشتمل على أهم التوصيات والنتائج.‏<br />

اخلامتة:‏<br />

وتشتمل على:‏<br />

الفهارس:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

فهرس اآلايت القرآنية.‏<br />

فهرس األحاديث واآلاثر.‏<br />

فهرس األعالم.‏<br />

فهرس املراجع واملصادر.‏<br />

فهرس املوضوعات.‏<br />

امللحقات<br />

وتشتمل على بعض النماذج والواثئق واإلحصائيات اهلامة.‏<br />

وقد كان من أبرز الصعوَبت اليت واجهيت <strong>يف</strong> هذا البحث ‏َشولية املطالب وتنوعها وحساسية بعض<br />

املسائل وخطورهتا،‏ مع ضيق الوقت مقارنة أبمهية املوضوع وطوله.‏


،<br />

وال <strong>يف</strong>وتين أن أتقدم ‏َبلشكر اجلزيل لكل من أعانين بتوجيه أو نصح أو مشورة أو تصويب أو<br />

إعارة كتاب وأخص بذلك والدي الكرمي<br />

– ، حفظه هللا –<br />

وشيخي الفاضل د.‏ يوسف الشبيلي<br />

ومكتبة ابن القيم جبامع شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ‏َبلسويدي،‏ وكل خادم للعلم وأهله.‏<br />

هذا وصلى هللا على خري الورى وإمام اهلدى نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم.‏


التمهيد<br />

املبحث األول<br />

التعر<strong>يف</strong> ب<strong>السياحة</strong><br />

املطلب األول<br />

تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة


املبحث األول:‏ التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة<br />

املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة :<br />

أبن السني والياء واحلاء أصل صحيح،‏ وقياسه قياس ما قبله،‏ وهو ‏)سيب(‏<br />

ذكر <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة )2(<br />

فإهنما يدالن على استمرار الشيء وذهابه.‏<br />

يقال:‏ سَاح <strong>يف</strong> األرض يَسِّ‏ يْحُ‏ سِّ‏ يَاحَةً‏ وسُيُوحَاً‏ وسَيْحاً‏ وسيَحَاانً،‏ أي:‏ ذهب.‏<br />

: السيح املاء الظاهر اجلاري على وجه األرض،‏ ومجعه سُيوحٌ،‏ وقد سَاحَ‏ يَسِّ‏ يْحُ‏ سَيْحاً‏ وسَيَحَاانً‏<br />

و<strong>يف</strong> اللسان )3(<br />

إذا جرى على وجه األرض.‏<br />

وماء سَيْح ومجعه أسيَاح : إذا جرى على وجه األرض.‏<br />

والسِّ‏ يَاحَة : الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة ، والرتهب.‏<br />

وقد سَاْح،‏ ومنه املسيح ابن مرمي ، عليهما السالم،‏ ألنه كما جاء <strong>يف</strong> بعض األقاويل:‏ كان يذهب <strong>يف</strong> األرض<br />

فأينما أدركه الليل صف قدميه،‏ وصلى حىت الصباح،‏ فإذا كان كذلك فهو مفعول مبعىن فاعل.‏<br />

)4(<br />

قال <strong>يف</strong> فتح الباري : ‏"وأما عيسى فقيل مسي بذلك ... ألنه كان ميسح األرض بسياحته".‏<br />

والسَّيْحُ‏ : الِّمسْحُ‏ املخطط ومجعه سيوح .<br />

يقال : عباءةٌ‏ مَسِّ‏ يْحَةٌ‏ وب ‏ُرْدٌ‏ مَسِّ‏ يْحٌ‏ وجرادٌ‏ مَسِّ‏ يْحٌ‏ أي خمطط .<br />

مسي بذلك تشبيهاً‏ خلطوطها ‏َبلشيء اجلاري )5(<br />

وقال <strong>يف</strong> اتج العروس:‏ أبن ما ذكره صاحب اللسان من كون <strong>السياحة</strong> هي:‏ الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة<br />

والرتهب إمنا هو معىن اصطالحي مقيد وهو حمل أتمل،‏ وأما السُّيُوح والسَّيَحَانْ‏ والسَّيْح:‏ فإنه مطلق الذهاب<br />

<strong>يف</strong> األرض،‏ سواء كان للعبادة أو غريها.‏ )6(<br />

و<strong>يف</strong> املعجم الوسيط:‏ ‏"السِّ‏ يَاحة:‏ التنقل من بلد إىل بلد طلباً‏ للتنزه أو االستطالع والكشف"‏ )7(<br />

و<strong>يف</strong> املفردات:‏ ‏"ساح فالن <strong>يف</strong> األرض مَرَّ‏ مَرَّ‏ السائح،‏ قال تعاىل:‏ فَسِّ‏ يحُواْ‏ <strong>يف</strong>ِّ‏ األَرْضِّ‏ أَرْب ‏َعَةَ‏ أَشْهُر<br />

)8(<br />

سائح <strong>يف</strong> األرض وسَيَّاحٌ"‏<br />

ورجل<br />

وهبذا يتبني أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اللغة هي مطلق الذهاب <strong>يف</strong> األرض للعبادة أو للتنزه أو االستطالع أو غري ذلك.‏<br />

) 2 (<br />

) 3 (<br />

) 4 (<br />

) 5 (<br />

) 6 (<br />

) 7 (<br />

) 8 (<br />

ينظر : معجم مقاييس اللغة ، البن فارس )120/3( بتصرف .<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )2167/4(، مادة:‏ سيح،‏ بتصرف.‏<br />

فتح الباري،‏ البن حجر،‏ حتقيق عبدالقادر شيبة احلمد )371/2(.<br />

املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ اتج العروس ، للزبيدي )168/2( بتصرف.‏<br />

املعجم الوسيط،‏ إبراهيم مصطفى وأمحد الزايت وحامد عبدالقادر وحممد النجار،‏ )467/2-1(.<br />

املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن ، للراغب األصفهاين،‏ ص‎246‎‏.‏


أي رجع من<br />

قال <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة:‏ ‏"ومما يدل على صحة هذا القياس قوهلم:‏ ساح الظل إذا فاء"‏ )9(<br />

املغرب إىل املشرق.‏<br />

) 9 (<br />

البن فارس )120/3(.


املطلب الثاني<br />

تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً‏


:<br />

املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً.‏<br />

الفرع األول:‏ املفهوم الشرعي للسياحة :<br />

وردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن والسنة مبعان متنوعة متعددة وذلك كما أييت<br />

املعىن األول : الصيام<br />

<br />

يقول تبارك وتعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

)10(<br />

<br />

<br />

ويقول عز وجل:‏ <br />

)11(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأخرج ابن جرير بسنده عن أيب هريرة <br />

قال:‏ قال رسول هللا <br />

الصائمون((‏ )12( ، وأخرجه عن ابن عباس وابن مسعود موقوفاً)‏‎13‎‏(‏ ،<br />

: ‏))السائحون هم<br />

) 10 (<br />

) 11 (<br />

) 12 (<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

سورة التحرمي،‏ اآلية<br />

.112<br />

.5<br />

) 13 (<br />

أخرجه ابن جرير عن أيب هريرة مرفوعاً‏ وموقوفاً،‏ وعن عبيد بن عمري مرفوعاً‏ <strong>يف</strong> جامع البيان )37/11( وقال ابن كثري <strong>يف</strong> حديث أيب هريرة:‏<br />

املوقوف أصح،‏ وقال <strong>يف</strong> حديث عبيد بن عمري:‏ هذا مرسل جيد )484/2(، وأخرجه السيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )547-546/7( عن الفراييب<br />

ومسدد <strong>يف</strong> مسنده،‏ والبيهقي <strong>يف</strong> شعب االميان )293/3( وقال:‏ احملفوظ عن ابن عيينة عن عمر وعن عبيد بن عمري عن النيب مرسالً.‏<br />

وابن جرير الطربي هو : حممد بن جرير بن يزيد بن كثري بن غالب ويكىن أبيب جعفر،‏ والطربي نسبة إىل طربستان وهي والية كبرية <strong>يف</strong> بالد فارس<br />

على حبر قزوين،‏ وقد ولد عام ‎224‎ه وقيل ‎225‎ه ، كان من فقهاء الشافعية مث صار إماماً‏ جمتهداً‏ صاحب مذهب مستقل صنف:‏ ‏"أخبار األمم<br />

واترخيهم وجامع البيان <strong>يف</strong> أتويل آي القرآن واشتهر بتفسري ابن جرير ، ولط<strong>يف</strong> القول <strong>يف</strong> أحكام شرائع <strong>اإلسالم</strong> وهو مذهبه الذي اختاره وجوده<br />

واحتج له وهو ثالثة ومثانون كتاَبً‏ ، وله كتاب القراءات واختالف علماء األمصار،‏ واملناسك وشرح السنة وهو لط<strong>يف</strong> بني فيه مذهبه واعتقاده<br />

املوافق لعقيدة السلف أهل السنة واجلماعة وقد تو<strong>يف</strong> رمحه هللا عشية األحد ليومني بقيا من شوال سنة عشر وثالث مائة ودفن <strong>يف</strong> بغداد ، ينظر:‏<br />

سلسلة أعالم املسلمني 33، اإلمام الطربي،‏ د/‏ حممد الزحيلي،‏ وسري أعالم النبالء،‏ للذهيب،‏ )282-267/14(، بتصرف.‏<br />

جامع البيان،‏ البن جرير الطربي )37/11( والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )546/7(.


. و(‏<br />

الضحاك )17(<br />

وهبذا قال أكثر السلف كقتادة )14(<br />

وجماهد )15( ، وعطاء 16(<br />

وقال سفيان بن عيينة:‏ ‏"إمنا مسي الصائم سائحاً،‏ ألنه اترك للذات الدنيا كلها،‏ من<br />

) 14 (<br />

ينظر:‏ تفسري القرآن العظيم،‏ البن أيب حا م )1890/6(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )521/14( والدر املنثور للسيوطي )546/7-<br />

547(، تفسري ابن كثري )484/2(، زاد املسري البن اجلوزي )394/3(، وفتح القدير للشوكاين )577/2( ، وقتادة هو ابن دعامة بن<br />

قتادة بن عزيز السدوسي البصري الضرير األكمه أبو اخلطاب حافظ عصره،‏ روى عن أنس بن مالك وأيب الطفيل وسعيد بن املسيب ،<br />

وغريهم،‏ وروى عنه أيوب السختياين واألوزاعي وأبو عوانة وغريهم قال الذهيب:‏ ‏"وهو حجة ‏َبإلمجاع إذا بني السماع فإنه مدلس معروف<br />

بذلك وكان يرى القدر،‏ نسأل هللا العفو ومع هذا فما توقف أحد <strong>يف</strong> صدقه وعدالته وحفظه"‏<br />

قال ابن معني:‏ ولد قتادة سنة ستني وكان من سدوس،‏ مات رمحه هللا بواسط سنة سبع عشرة ومائة،‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء للذهيب<br />

.)269/5(<br />

)15(<br />

)16(<br />

)17(<br />

جماهد هو:‏ اإلمام جماهد بن جرب،‏ أبو احلجاج املكي ، األسود،‏ موىل السائب بن أيب السائب املخزومي،‏ روى عن ابن عباس وأخذ<br />

عنه القرآن والتفسري والفقه وعن أيب هريرة وعائشة وسعد بن أيب وقاص ، وغريهم .<br />

وتلى عليه مجاعة منهم:‏ ابن كثري الداري ، وأبو عمرو بن العالء وحدث عنه عكرمة وطاووس وعطاء وهم من أقرانه.‏<br />

قال سفيان الثوري:‏ ‏"خذوا التفسري من أربعة"‏ وذكر جماهد ‏.قال الذهيب:‏ ‏"وجملاهد أقوال وغرائب <strong>يف</strong> العلم والتفسري تستنكر"،‏ ومات رمحه<br />

هللا سنة مائة وقيل ثنتني ومائة وقيل أربع وسبع ومثان بعد املائة.‏ وعن ابن جريج قال:‏ بلغ جماهد ثالاثً‏ ومثانني سنة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )457-449/4(.<br />

عطاء هو ابن أيب رَبح أبو حممد القرشي موالهم املكي مفيت احلرم وشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ كان من مولدي اجلند أثناء خالفة عثمان ونشأ<br />

مبكة،‏ حدث عن عائشة وأم سلمة ‏،وغريهم،‏ وحدث عنه جماهد بن جرب ، والزهري وقتادة وغريهم.‏<br />

قال ابن املديين : ‏"اسم أيب رَبح أسلم موىل صبيبة بنت ميسرة بن أيب غثيم"‏ ، وقال ابن سعد : ‏"هو موىل لبين فهر أو بين مجح انتهت<br />

فتوى أهل مكة إليه وإىل جماهد وأكثر ذلك إىل عطاء"‏ مسعت بعض أهل العلم يقولون:‏ كان عطاء أسود أعور أفطس أشل أعرج مث<br />

عمي وكان ثقة فقيهاً‏ عاملاً‏ كثري احلديث.‏ مات عطاء سنة أربع عشرة ومائة وقيل مخس عشرة ومائة وعاش مثانياً‏ ومثانني سنة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء للذهيب )78/5(.<br />

الضحاك هو بن مزاحم اهلاليل أبو حممد وقيل أبو القاسم املفسر قال الذهيب:‏ ‏"كان من أوعية العلم وليس ‏َبجملود حلديثه وهو صدوق<br />

وحدث عنه عمارة بن أيب حفصة وجويرب بن سعيد ومقاتل وغريهم وثقه أمحد بن حنبل وحيىي بن معني وغريمها وحديثه <strong>يف</strong> السنن ال <strong>يف</strong><br />

الصحيحني وضعفه حيىي بن سعيد وقيل:‏ كان يدلس ، له ‏َبع كبري <strong>يف</strong> التفسري والقصص ، وقيل إنه مل يلق ابن عباس.‏<br />

تو<strong>يف</strong> الضحاك رمحه هللا سنة اثنني ومائة وقيل مخس وقيل ست مائة ينظر سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )600-598/4(.


املطعم واملشرب واملنكح،‏ فهو اترك للدنيا مبنزلة السائح"‏ )18(<br />

وقال ابن قتيبة:‏ ‏"السائحون:‏ الصائمون،‏ وأصل السائح الذاهب <strong>يف</strong> األرض .. والسائح <strong>يف</strong> األرض ممتنع من<br />

، أو ألن <strong>السياحة</strong> االستمرار<br />

الشهوات فشبه الصائم به إلمساكه <strong>يف</strong> صومه عن املطعم واملشرب والنكاح"‏ )19(<br />

على الذهاب <strong>يف</strong> األرض كاملاء الذي جيري والصائم يستمر على فعل الطاعات وترك امللذات<br />

)20(<br />

واملشتهيات.‏<br />

وما ذكره ابن قتيبة نص عليه كثري من املفسرين،‏ وهو قياس مستقيم <strong>يف</strong> زمنهم أما <strong>يف</strong> هذا الزمن فالغالب من<br />

حال السائح استمتاعه بشهوات املطعم وامللبس،‏ وعدم حصول املشقة عليه كما كان سابقاً‏ ، نظراً‏ للتقدم<br />

الصناعي والتكنولوجي <strong>يف</strong> وسائل االتصاالت واملواصالت وغريها،‏ وقد ورد <strong>يف</strong> الصحيح قوله <br />

قطعة من العذاب مينع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم هنمته من وجهه فليعجل إىل<br />

: ‏))السفر<br />

أهله((‏ )21(<br />

وال شك أن السفر قطعة من العذاب،‏ ولو مل يكن إال مفارقة األهل واألصحاب وكون املسافر غري مستقر<br />

كاملقيم أما احلر والربد والتعب ومشقة السري فهذه تتفاوت بتفاوت األشخاص واألزمنة،‏ والغالب <strong>يف</strong> هذا<br />

) 18 (<br />

املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، إعداد عبدالعزيز السريوان ص )213-212( ، وسفيان بن عيينة هو ابن أيب عمران ميمون<br />

موىل حممد بن مزاحم أخي الضحاك ابن مزاحم أبو حممد اهلاليل الكو<strong>يف</strong> مث املكي.‏ ولد ‏َبلكوفة سنة سبع ومائة ، وطلب احلديث وهو<br />

غالم ولقي الكبار ومحل عنهم ومسع من عمرو بن دينار وابن شهاب الزهري،‏ وغريهم.‏<br />

وحدث عنه األعمش وابن جريج وشعبة ‏–وهؤالء من شيوخه-‏ ، وابن معني وابن املديين وإسحاق بن راهوية وغريهم.‏<br />

قال الشافعي : ‏"لوال مالك وسفيان بن عينة لذهب علم احلجاز"،‏ قال الذهيب:‏ ‏"وكان مشهوراً‏ ‏َبلتدليس ... إال أنه ال يدلس إال عن<br />

ثقة عنده ... وسفيان حجة مطلقاً‏ وحديثه <strong>يف</strong> مجيع دواوين <strong>اإلسالم</strong> ... وكان سفيان رمحه هللا صاحب سنة واتباع"‏ ، وقد ولد رمحه هللا<br />

<strong>يف</strong> النصف من شعبان سنة سبع ومائة وعاش إحدى وتسعني سنة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )454/8<br />

،)475 –<br />

–<br />

) 19 (<br />

بتصرف.‏<br />

املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، عبدالعزيز السريوان ‏)ص‎213-212‎‏(‏ ،<br />

وابن قتيبة هو : أبو حممد عبدهللا بن مسلم بن قتيبة الدينوري،‏ وقيل املروزي الكاتب صاحب التصان<strong>يف</strong>،‏ نزل بغداد،‏ وحدث عن<br />

إسحاق بن راهوية وأيب حام السجستاين وغريهم،‏ حدث عنه ابنه القاضي أمحد وعبيدهللا السكري وغريه . ومن تصان<strong>يف</strong>ه:‏ غريب القرآن<br />

– غريب احلديث<br />

)20(<br />

)21(<br />

مشكل القرآن،‏ مشكل احلديث،‏ أدب الكاتب،‏ عيون األخبار،‏ وغريها.‏ ويل قضاء الدينور ، وكان يرى رأي<br />

الكرامية،‏ ومييل إىل التشبيه .<br />

قال الذهيب : ‏"هذا مل يصح وإن صح عنه فسحقاً‏ له فما <strong>يف</strong> الدين حماَبة ... والرجل ليس بصاحب حديث وإمنا هو من كبار العلماء<br />

املشهورين عنده فنون مجة وعلوم مهمة".‏ مات <strong>يف</strong> شهر رجب سنة ست وسبعني ومائتني رمحه هللا وعفا عنه.‏<br />

ينظر : سري أعالم النبالء ، للذهيب )302-296/13(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ مفاتيح الغيب،‏ للرازي )162/8(.<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب اإلمارة ، ‏َبب السفر قطعة من العذاب،‏ رقم )1927(، قال النووي <strong>يف</strong> شرحه:‏ )75-74/13(<br />

‏"معناه مينعه كماهلا ولذيذها ملا فيه من املشقة والتعب ومقاساة احلر والربد والسرى واخلوف ومفارقة األهل واألصحاب وخشونة<br />

العيش...‏ واملقصود <strong>يف</strong> هذا احلديث استحباب تعجيل الرجوع إىل األهل بعد قضاء شغله وال يتأخر مبا ليس له مبهم".‏


الزمان انعدامها ‏َبلنسبة لسفر <strong>السياحة</strong> وإن كانت قد حتصل لبعض السواح كما أهنا قد حتصل لغري السواح<br />

من املسافرين كالعمال وغريهم.‏<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"<strong>يف</strong> احلديث كراهة التغرب عن األهل لغري حاجة واستحباب استعجال الرجوع وال سيما<br />

من خيشى عليهم الضيعة ‏َبلغيبة،‏ وملا <strong>يف</strong> اإلقامة <strong>يف</strong> األهل من الراحة املعينة على صالح الدين والدنيا،‏ وملا<br />

<strong>يف</strong> اإلقامة من حتصيل اجلمع واجلماعات والقوة على العبادة.‏ قال ابن بطال:‏ وال تعارض بني هذا احلديث<br />

وحديث ابن عمر مرفوعاً‏ ‏))سافروا تصحوا((‏ فإنه ال يلزم من الصحة ‏َبلسفر ملا فيه من الرايضة أن ال<br />

يكون قطعة من العذاب ملا فيه من املشقة،‏ فصار كالدواء املر املعقب للصحة وإن كان <strong>يف</strong> تناوله<br />

الكراهة"‏ )22(<br />

وقال ابن عبدالرب:‏ ‏"<strong>يف</strong> هذا احلديث دليل على أن طول التغرب عن األهل لغري حاجة وكيدة من دين أو<br />

دنيا ال يصلح وال جيوز،‏ وأن من انقضت حاجته،‏ لزمه االستعجال إىل أهله الذين ميوهنم ويقوهتم خمافة ما<br />

حيدثه هللا بعده فيهم،‏ قال رسول هللا : ‏))كفى ‏َبملرء إمثاً‏ أن يضيع من يقوت((‏<br />

)23( ."<br />

)22(<br />

فتح الباري )730/3( ، وابن حجر هو : أمحد بن علي بن حممد الكناين العسقالين ، أبو الفضل شهاب الدين ابن حجر ، أصله<br />

من عسقالن بفلسطني ومولده ووفاته مبصر ‏)‏‎852-773‎ه ) وويل قضاءها وكان مولعا ‏َبألدب والشعر مث أقبل على احلديث وصار<br />

حافظ <strong>اإلسالم</strong> وله تصان<strong>يف</strong> بديعة منها : فتح الباري شرح صحيح البخاري وبلوغ املرام وتلخيص احلبري ولسان امليزان وهتذيب<br />

التهذيب واإلصابة ولتلميذه السخاوي كتاب <strong>يف</strong> ترمجته .<br />

ينظر : األعالم ، للزركلي<br />

178 -1<br />

ولالستزادة : الضوء الالمع<br />

36-2<br />

والبدر الطالع<br />

. 87-1<br />

وابن بطال هو : أبو احلسن علي بن خلف بن بطال البكري القرطيب ، ويعرف ‏َببن اللجام ، عين ‏َبحلديث عناية اتمة<br />

وشرح الصحيح <strong>يف</strong> عدة أسفار ، واستقضي حبصن لورقة ، كان من كبار املالكية قاله القاضي عياض وتو<strong>يف</strong> عام‎449‎<br />

ينظر : سري أعالم النبالء ، )47-18<br />

.)<br />

وحديث ( سافروا تصحو ) رواه أبو هريرة أيضا،‏ كما أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده،‏ أبواب صالة املسافر،‏ ‏َبب فضل السفر واحلث عليه رقم<br />

1151، وصححه املناوي،‏ وحسنه السيوطي،‏ ينظر:‏ الفتح الرَبين مع بلوغ األماين،‏ للبنا )54/5(، وضعفه األلباين <strong>يف</strong> ضع<strong>يف</strong> اجلامع<br />

)3210( ، وله شواهد أخرى ضعفها األلباين )3211<br />

كشف اخلفا،‏ للعجلوين )239/1(، رقم )1455(=<br />

– 3213 – 3212 –<br />

)23(<br />

3219(، و<strong>يف</strong> إسناده ابن هليعة،‏ ص)‏‎471‎‏(‏ وينظر:‏<br />

= وقال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )324/5(: ‏"رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط عن شيخه موسى بن زكراي فإن كان الراوي عن شباب فقد تكلم فيه<br />

الدار قطين وإن كان غريه فلم أعرفه وبقية رجاله ثقات.‏ وعن ابن عمر قال قال رسول هللا سافروا تصحوا وتسلموا رواه الطرباين <strong>يف</strong><br />

األوسط وفيه حممد بن عبدالرمحن بن رواد وهو ضع<strong>يف</strong>".‏<br />

فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب،‏ ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار أحاديث التمهيد،‏ للمغراوي )65/8( ، وابن عبد<br />

الرب هو : أبوعمر يوسف بن عبد هللا بن حممد األندلسي القرطيب كان ظاهراي مث صار مالكيا<br />

مع ميل ألقوال الشافعي كان فقيها حمداث عاملا ‏َبلقراءات والرجال واحلديث صنف التمهيد والكا<strong>يف</strong> والبيان وغريها بلغ<br />

رتبة اجملتهدين وادرك الكبار وطال عمره وعالسنده ومات <strong>يف</strong> ‎463‎عاش‎95‎سنه ينظر:‏ سريأعالم النبالء<br />

. 153-18<br />

و احلديث أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الزكاة ، ‏َبب <strong>يف</strong> صلة الرحم،‏ ص )1349( رقم )1692( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )160/2<br />

–<br />

)195 –194


وقد سئل فضيلة الشيخ عبدهللا اجلربين عن هذا احلديث وعدم توافقه مع احلال <strong>يف</strong> هذا الزمان فأجاب<br />

حفظه هللا بقوله:‏ ‏"احلديث صحيح ولكنه حممول على السفر <strong>يف</strong> ذلك الزمان فإن النيب عندما تكلم<br />

‏َبحلديث كان السفر عند السامعني فيه مشقة وصعوبة،‏ فإهنم كانوا يسافرون على اإلبل وكان أكثرهم<br />

سريهم على أقدامهم ألن الرواحل قد تكون مرهقة وحمملة ‏َبملتاع فقد كانوا إذا طال هبم السفر محلوا<br />

رواحلهم الزاد واملتاع كالطعام والشراب والفرش واألواين فال يبقى هلم مكان عليها فيضطرون للمشي على<br />

األقدام بل إهنم حىت لو ركبوا على رواحلهم فإن املشقة ال تزال فكان أحدهم يركب فوق الرحل على ظهر<br />

البعري وجيمع ركبتيه وقد ال يتمكن من اجللوس إال جبلسة القرفصاء أو جيلس مُستوفزاً‏ فال ينزل إال وقد<br />

أرهق إضافة إىل أنه يكون ‏َبرزاً‏ للشمس والشمس تشوي صدره وظهره،‏ مث إذا نزل احتاج إىل إعداد<br />

الطعام وإصالحه وهتيئته علف لراحلته ومجع احلطب وإصالح ظل ليجلس فيه وترتيب الفراش وحنو<br />

ذلك فيكون عليه مشقة <strong>يف</strong> إصالح ذلك كله،‏ فيكون السفر فيه عذاب وصعوبة ومشقة أما <strong>يف</strong> هذه<br />

األزمنة مع وجود هذه الرواحل السريعة <strong>يف</strong> سريها واملك<strong>يف</strong>ة واملهيئة واليت ال يكلف الركوب فيها وال<br />

قيادهتا مشقة والطرق مأمونة ويوجد غالباً‏ على الطريق اسرتاحات جيد فيها املسافر من خيدمه وجيد<br />

فيها الطعام والشراب والظل والفراش فتصبح األسفار <strong>يف</strong> هذه احلال ال مشقة فيها.‏<br />

فيكون احلديث حمموالً‏ على السفر املعتاد قدمياً‏ وإذا وجد بعض املشقة حىت <strong>يف</strong> زماننا هذا صار<br />

)24(<br />

السفر قطعة من العذاب"‏ ا.ه .<br />

وقال ابن قتيبة <strong>يف</strong> قوله:‏ سَائِّحَات<br />

)25(<br />

تشبيهاً‏ ‏َبلسائح الذي ال زاد معه"‏<br />

: ‏"صائمات.‏ ويرى أهل النظر أنه إمنا مسي الصائم سائحاً:‏<br />

وقال ابن عطية : ‏"السائحون معناه:‏ الصائمون،‏ وروي عن عائشة رضي هللا عنها أهنا قالت:‏ ‏"سياحة<br />

هذه األمة الصيام"‏ ، أسنده الطربي،‏ وروي أنه من كالم النيب "<br />

)26(<br />

)24(<br />

املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر<br />

171<br />

) 25 (<br />

) 26 (<br />

فتوى هتم املسافر للعالمة عبدهللا اجلربين ، مجع وإعداد حممد العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص )101-100(.<br />

املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، للسريوان )2/3( ، وابن قتيبة تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص<br />

. 23<br />

احملرر الوجيز ، البن عطية ، )55/7( ، قال احملقق:‏ ‏"اخلرب املسند إىل عائشة أسنده الطربي،‏ أما أنه من كالم النيب فقد روي<br />

عن أيب هريرة موقوفاً‏ كما قال الشوكاين"‏ ، وقد أخرجه السيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )546/7( موقوفاً‏ على عائشة.‏<br />

وابن عطية هو:‏ شيخ املفسرين أبو حممد عبداحلق بن احلافظ أيب بكر غالب بن عطية احملاريب األندلسي الغرانطي املالكي،‏ حدث عن<br />

أبيه وعن احلافظ الغساين وغريهم،‏ كان إماماً‏ <strong>يف</strong> الفقه والتفسري والعربية،‏ من مصنفاته احملرر الوجيز <strong>يف</strong> التفسري ولد سنة مثانني وأربع مائة،‏<br />

ويل قضاء املرية سنة تسع وعشرين ومخس مائة،‏ تو<strong>يف</strong> حبصن لورقة <strong>يف</strong> اخلامس والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وأربعني ومخس<br />

مائة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء ، للذهيب ( /588-587(، بتصرف ، والطربي تقدم ترجيه ص<br />

. 21


وقال ابن العريب:‏ ‏"السائحون هم الصائمون <strong>يف</strong> هذه امللة،‏ حىت فسد الزمان فصارت <strong>السياحة</strong> اخلروج من<br />

األرض عن اخللق لعموم الفساد وغلبة احلرام،‏ وظهور املنكر"‏ )27(<br />

وذكر بعض أهل اللغة أبن تفسري <strong>السياحة</strong> ‏َبلصوم <strong>يف</strong> هذه اآلايت هو قول أهل اللغة والتفسري مجيعاً.‏ )28(<br />

وهذا حمل نظر فإن منهم من خالف <strong>يف</strong> ذلك كما سيأيت ولكنه قول اجلمهور من املفسرين )29(<br />

)30(<br />

‏)واستعريت <strong>السياحة</strong> للصوم ألنه يعوق عن الشهوات،‏ كما أن <strong>السياحة</strong> متنع عنها <strong>يف</strong> األكثر(‏<br />

وخص بعضهم السائحني <strong>يف</strong> هذه اآلايت مبن يصوم رمضان أو مبن يدمي الصيام.‏ )31(<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا : ‏"<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد لغري مقصود مشروع كما يعانيه بعض النساك أمر<br />

منهي عنه،‏ قال اإلمام أمحد:‏ ليست <strong>السياحة</strong> من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء،‏ وال من فعل النبيني وال الصاحلني وأما<br />

<strong>السياحة</strong> املذكورة <strong>يف</strong> القرآن من قوله:‏<br />

<br />

ومن قوله:‏ <br />

<br />

فليس املراد هبا هذه <strong>السياحة</strong> املبتدعة،‏ فإن هللا قد وصف النساء الاليت<br />

يتزوجهن رسوله بذلك،‏ واملرأة املتزوجة ال يشرع هلا أن تسافر <strong>يف</strong> الرباري سائحة،‏ بل املراد ‏َبلسياحة شيئان:‏<br />

وهو يشري بكالمه إىل ما <strong>يف</strong>عله غالة الصوفية من اعتزال اخللق والتفرد <strong>يف</strong> الرباري<br />

‏)أحدمها(‏ الصيام"‏ )32(<br />

=<br />

) 27 (<br />

أحكام القرآن،‏ البن العريب )1020/2(، وهو:‏ القاضي أبو بكر حممد بن عبدهللا بن حممد ابن العريب األندلسي اإلشبيلي املالكي،‏<br />

صاحب التصان<strong>يف</strong>،‏ ولد <strong>يف</strong> سنة مثان وستني وأربع مائة،‏ وكان أبوه من كبار أصحاب ابن حزم الظاهري خبالف ابنه القاضي فإنه منافر<br />

البن حزم.‏<br />

ارحتل مع أبيه لبغداد ودمشق وبيت املقدس واملدينة ومصر وأخذ عن علمائها،‏ وتفقه ‏َبإلمام الغزايل والشاشي والتربيزي،‏ ورجع لألندلس<br />

سنة إحدى وتسعني وأربع مئة ، وكان من كبار احملدثني فيها =<br />

صنف:‏ عارضة األحوذي <strong>يف</strong> شرح جامع الرتمذي،‏ وفسر القرآن <strong>يف</strong> أحكام القرآن،‏ وله كوكب احلديث واملسلسالت،‏ قال الذهيب:‏<br />

‏"كان القاضي أبو بكر ممن يقال:‏ إنه بلغ رتبة االجتهاد"‏<br />

تو<strong>يف</strong> رمحه هللا بفاس <strong>يف</strong> شهر ربيع اآلخر سنة ثالث وأربعني ومخس مائة ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب<br />

بتصرف.‏<br />

)204-197/20(<br />

) 28 (<br />

) 29 (<br />

قاله الزجاج،‏ ينظر:‏ حماسن التأويل جلمال الدين القامسي )510/5(.<br />

ينظر:‏ تفسري القرآن العظيم البن أيب حا م )1889/6(، أحكام القرآن،‏ البن العريب )1020/2(، احملرر الوجيز،‏ البن عطية )55/7(،<br />

)521/14(، زاد املسري ، البن اجلوزي )506/3(، تفسري ابن كثري )484/2(، اجلامع ألحكام القرآن للقرطيب )270/4(، الدر املنثور<br />

، للسيوطي )547/7(، فتح القدير للشوكاين )577/2 و<br />

333/5( حماسن التأويل ، للقامسي )275/9(.<br />

) 30 (<br />

) 31 (<br />

حماسن التأويل ، جلمال الدين القامسي )511/5(.<br />

ينظر:‏ تفسري القرآن العظيم،‏ البن أيب حا م )1890/6( تفسري ابن كثري )484/2(، الدر املنثور ، للسيوطي )547/7( فتح القدير،‏<br />

للشوكاين )577/2(.<br />

) 32 (<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )643/10(.


واملشاقة <strong>يف</strong> العبادة حىت وصل هبم األمر إىل ادعاء الكشف واخلوارق ويقولون:‏ ‏)<strong>السياحة</strong> الروحية احلقيقية أن<br />

تعود للبداية حىت تنكشف لك النهاية(‏ )33(<br />

وهلم تفصيل <strong>يف</strong> ذلك،‏ ال أرى حاجة لذكره.‏ )34(<br />

واملراد أن الصيام من معاين <strong>السياحة</strong> شرعاً،‏ فهو سياحة للنفس <strong>يف</strong> التحرر من شهواهتا والتقرب إىل ‏َبرئها<br />

وتربيتها على الصرب وقوة اإلرادة والعزمية الصادقة واإلميان الراسخ وال شك أن فيه مشقة اخلروج عن املألوف<br />

واالمتناع عن شهوات النفوس حىت ال حتكمها عادة وال تضعها شهوة ، فإذا ما قهر العبد نفسه ‏َبلصوم<br />

أسلمت له قيادها وألقت إليه زمامها فيسري هبا إىل اخلري الذي ينشده والسعادة اليت يريدها،‏ فالصوم من<br />

أجنح ما يداوي به املرء نفسه ويستعني به على تقوى هللا والفوز برضاه )35(<br />

كما قال سبحانه:‏ <br />

)36(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> هذا إشارة إىل أن الصوم تطهري للنفس وتزكية وتربية هلا على مراقبة هللا وجتنب الرايء واملنكرات والكف<br />

عن الشهوات فيقوى إميان العبد وتصفو عقيدته وتعلو مهته وتكتمل مروءته وميلك أمر نفسه ويبلغ الرفعة<br />

والسمو والكمال الروحي وال شك أن هذا من ألوان <strong>السياحة</strong> الروحية للنفس )37(<br />

فاإلنسان جسد سفلي وروح علوي فلجسده مطالب من جنس علله السفلى ولروحه مطالب علوية من<br />

جنسها فإذا أخضع روحه ملطالب جسده وحَكَّمَ‏ غريزته احليوانية فقد استحكمت هبيميته على عقله وروحه<br />

أما إذا عرف قيمة نفسه وحَكَّمَ‏ جانب الروح حىت خيُْضِّعَ‏ جسده هلا فتغلب روحه على نزعات جسده<br />

ويصفو قلبه من مهزات الشيطان ويزداد حباً‏ لربه وقرَبً‏ إليه فيكون إنساانً‏ عاقالً‏ مرتفعاً‏ عن الداناي متحرراً‏ من<br />

سلطان أهوائه وغرائزه البهيمية ومتغلباً‏ عليها )38(<br />

ولذا كان للصوم منزلة رفيعة <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> فهو أحد أركانه ومبانيه وثوابه عظيمكما قال : ‏))كل عمل ابن<br />

آدم يضاعف احلسنة بعشر أمثاهلا إىل سبعمائة ضعف قال هللا عز وجل إال الصوم فإنه يل وأان أجزي به،‏<br />

) 33 (<br />

) 34 (<br />

) 35 (<br />

) 36 (<br />

) 37 (<br />

) 38 (<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود ، ص‎96‎‏.‏<br />

لالستزادة بنظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق ص‎188‎‏،‏ بتصرف .<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.183<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎188‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ الصوم مدرسة تريب الروح وتقوي اإلرادة،‏ عبدالرمحن الدوسري،‏ ص‎228‎ بتصرف.‏


يدع شهوته وطعامه من أجلي وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه وخللوف فم الصائم عند<br />

هللا أطيب من ريح املسك((‏ )39(<br />

)40(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول سبحانه:‏ <br />

والصيام من الصرب،‏ أو هو نصف<br />

الصرب )41(<br />

املعىن الثاين:‏ اجلهاد<br />

فقد ذهب عطاء،‏ وبعض املفسرين )42( ، إىل تفسري <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />

‏َبجلهاد .<br />

<br />

وقد جاء <strong>يف</strong> السنة ما يدل على أن <strong>السياحة</strong> اجلهاد ، كما <strong>يف</strong> حديث أيب أمامة:‏ ‏))أن رجالً‏ قال:‏ اي رسول<br />

هللا،‏ ائذن يل ‏َبلسياحة فقال النيب <br />

:<br />

‏))إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل((‏ )43(<br />

قال <strong>يف</strong> عون املعبود:‏ ‏"كأن هذا السائل استأذن النيب <strong>يف</strong> الذهاب <strong>يف</strong> األرض قهراً‏ لنفسه مبفارقة املألوفات<br />

واملباحات واللذات وترك اجلمعة واجلماعات،‏ وتعليم العلم وحنوه،‏ فرد عليه ذلك كما رد على عثمان بن<br />

مظعون التبتل"‏ )44(<br />

) 39 (<br />

متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم ، ‏َبب فضل الصوم وَبب هل يقول إين صائم إذا شتم،‏ ‏)ص‎148‎‏(‏ ، )1894-<br />

1904( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام ، ‏َبب فضل الصيام رقم<br />

163/2706-161/2704، ص‎862‎‏.‏<br />

) 40 (<br />

) 41 (<br />

) 42 (<br />

سورة الزمر ، اآلية<br />

ص<br />

.10<br />

ينظر:‏ شعب اإلميان للبيهقي ، حتقيق أبو هاجر زغلول ، )291/3( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ تفسري القرآن العظيم،‏ البن أيب حا م )1889/6( ، زاد املسري البن اجلوزي )506/3( واجلامع ألحكام القرآن للقرطيب<br />

)270/4( وتفسري ابن كثري )484/2(، وفتح القدير للشوكاين )577/2(، الدر املنثور للسيوطي )548/7( ، وعطاء تقدم ترجيه <strong>يف</strong><br />

. 22<br />

) 43 (<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> النهي عن <strong>السياحة</strong>،‏ عن القاسم أيب عبدالرمحن عن أيب أمامة،‏ قال املنذري:‏ القاسم<br />

هذا تكلم فيه غري واحد وقال أمحد شاكر:‏ ‏"ما هكذا يكون التعليل وما أبس <strong>يف</strong> أن يتكلم فيه غري واحد؟ القاسم هذا هو ابن عبد<br />

الرمحن الشامي،‏ وكنيته أبو عبد الرمحن،‏ وهو ثقة،‏ وثقة ابن معني وغريه،‏ ومن تكلم فيه لبعض رواايته فالراجح أن العلة <strong>يف</strong> الرواة عنه<br />

ولذلك ترمجه البخاري <strong>يف</strong> الكبري ‎4‎ق‎1‎ص‎159‎ ومل يذكر=‏<br />

=<br />

فيه جرحاً"‏ ينظر:‏ خمتصر سنن أيب داود للحافظ املنذري ومعامل السنن<br />

للخطايب وهتذيب ابن القيم،‏ حتقيق أمحد شاكر وحممد الفقي )357/3(<br />

واحلديث صححه احلاكم )73/2( وأقره الذهيب ، وقال النووي <strong>يف</strong> رايض الصاحلني )307/1( رواه أبو داود إبسناد جيد وأخرجه ابن<br />

أيب حام <strong>يف</strong> تفسريه )1890/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> شعب اإلميان )14/4( والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )548/7(.<br />

وأبو أمامة هو صدي بن عجالن بن احلارث ويقال ابن وهب الباهلي مشهور بكنيته،‏ صاحب رسول هللا ، ونزيل محص روى علماً‏<br />

كثرياً‏ وحدث عن النيب وعمر ومعاذ وغريهم وروى عنه شهر بن حوشب وشرحبيل بن مسلم وخالد بن معدان وغريهم روي أنه ‏َبيع<br />

حتت الشجرة،‏ قال ابن سعد سكن الشام وأخرج الطرباين بسند ضع<strong>يف</strong> أنه شهد أحداً‏ وقال ابن حبان:‏ كان مع علي بصفني ومات<br />

سنة ست ومثانني وقيل إحدى ومثانني .<br />

ينظر:‏ اإلصابة ، البن حجر )240/4-3( ، سري أعالم النبالء،‏ للذهيب،‏ )363-359/3( .


و<strong>يف</strong> بذل اجملهود:‏ ‏"أراد – يعين ‏َبلسياحة – مفارقة األمصار وسكن الرباري وترك اجلمعة واجلماعات قال<br />

النيب <br />

: ‏))إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل((‏ وإمنا مل أيذنه <br />

ملا فيه ترك تعلم العلم وترك<br />

اجلهاد:‏ وإمنا دله على اجلهاد ألن اجلهاد <strong>يف</strong> ذلك الزمان وكذا <strong>يف</strong> أكثر األزمان ذروة سنام <strong>اإلسالم</strong> وفيه كبت<br />

الكفر والضالل"‏ )45(<br />

و<strong>يف</strong> هذا إشارة إىل أن <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية املبتدعة املذمومة املتمثلة <strong>يف</strong> التبتل واالنقطاع<br />

التام للعبادة<br />

<br />

<br />

واالعتزال لذلك واملشاقة فيه ليست<br />

من <strong>اإلسالم</strong> كما قال سبحانه:‏<br />

)46( <br />

<br />

وعن سعد بن أيب وقاص<br />

رضي هللا عنه<br />

قال:‏ ‏"رد رسول هللا <br />

على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له<br />

)47(<br />

الختصينا"‏<br />

وقال <br />

للثالثة الذين تقالوا عبادته – فقال أحدهم أصلي وال أانم وقال اآلخر أصوم وال أفطر وقال<br />

الثالث:‏ ال أتزوج النساء:‏ ‏))أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما وهللا إين ألخشاكم هلل وأتقاكم له،‏ لكين أصوم<br />

وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنيت فليس مين((‏ )48(<br />

فهذه <strong>السياحة</strong> ليست من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء وإمنا سياحة األمة اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل فإن فضله وأثره<br />

وأجره أعظم من هذه الرهبانية وهلذا أرشد النيب السائل إىل اجلهاد،‏ وملا قيل له ما يعدل اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل<br />

هللا،‏ قال ال تستطيعوه ، قال فأعادوا عليه مرتني أو ثالاثً‏ كل ذلك يقول:‏ ال تستطيعونه،‏ وقال <strong>يف</strong> الثالثة<br />

‏))مثل اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا كمثل الصائم القائم القانت آبايت هللا ال <strong>يف</strong>رت من صيام وال صالة حىت يرجع<br />

اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا تعاىل((‏ )49(<br />

) 44 (<br />

) 45 (<br />

) 46 (<br />

) 47 (<br />

عون املعبود ، شرح سنن أيب داود للعظيم أَبدي مع شرح ابن القيم اجلوزية )164/7( وسيأيت حديث عثمان بن مظعون وترمجته.‏<br />

بذل اجملهود <strong>يف</strong> حل أيب داود،‏ للسهارنفوري مع تعليق الكاندهلوي )383/12-11(.<br />

سورة احلديد،‏ اآلية<br />

.27<br />

=<br />

) 48 (<br />

) 49 (<br />

أخرجه البخاري ، كتاب النكاح،‏ ‏َبب ما يكره من التبتل واخلصاء ‏)ص‎439‎‏(‏ رقم )5073( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب النكاح ، ‏َبب<br />

استحباب النكاح ملن اتقت إليه نفسه ‏)ص‎910‎‏(‏ رقم )1402/6/3404( =<br />

وعثمان بن مظعون هو:‏ ابن حبيب بن وهب بن حذافة اجلمحي ، أبو السائب من سادة املهاجرين،‏ كان أول من دفن ‏َبلبقيع<br />

وقد أسلم بعد ثالثة عشر رجالً،‏ وهاجر اهلجرتني وتو<strong>يف</strong> بعد بدر وكان من العباد حىت هم أن خيتصي،‏ وكان ممن حرم اخلمر <strong>يف</strong> اجلاهلية<br />

مات <strong>يف</strong> شعبان سنة ثالث.‏<br />

ينظر:‏ اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة،‏ البن حجر )225/4-3( وسري أعالم النبالء ، للذهيب )160-153/1(، بتصرف.‏<br />

أخرجه البخاري ، كتاب النكاح ، ‏َبب الرتغيب <strong>يف</strong> النكاح ‏)ص‎438‎‏(‏ رقم )5063( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب النكاح ، ‏َبب استحباب<br />

النكاح ملن اتقت نفسه إليه ‏)ص‎910‎‏(‏ رقم )1401/5/3403(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة ‏َبب فضل الشهادة <strong>يف</strong> سبيل هللا ص )1015( ، رقم )1878/110/4869(، وأخرج البخاري حنوه <strong>يف</strong><br />

كتاب اجلهاد والسري ‏َبب فضل اجلهاد والسري ، ص‎224‎<br />

رقم )2785( .


ويقول املوىل سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

)50( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال <br />

ملعاذ بن جبل:‏ ‏))إن شئت أنبأتك برأس األمر وعموده وذروة سنامه،‏ فقال معاذ:‏ أجل اي رسول هللا ، فقال:‏<br />

((<br />

)51(<br />

أما رأس األمر ف<strong>اإلسالم</strong> وأما عموده فالصالة،‏ وأما ذروة سنامه فاجلهاد((‏<br />

فاجلهاد هو <strong>السياحة</strong> والرهبانية املشروعة .<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا : ‏"واألمر ‏َبجلهاد وذكر فضائله <strong>يف</strong> الكتاب والسنة أكثر من أن حيصر<br />

وهلذا كان أفضل ما تطوع به اإلنسان وكان ‏َبتفاق العلماء أفضل من احلج والعمرة ومن الصالة التطوع<br />

والصوم التطوع كما دل عليه الكتاب والسنة"‏ مث ذكر األدلة <strong>يف</strong> فضل اجلهاد وعظم منزلة اجملاهد،‏ مث قال:‏<br />

‏"وهذا ‏َبب واسع مل يرد <strong>يف</strong> ثواب األعمال وفضلها مثل ما ورد فيه وهو ظاهر عند االعتبار فإن نفع اجلهاد<br />

)52(<br />

عام لفاعله ولغريه <strong>يف</strong> الدين والدنيا ومشتمل على مجيع أنواع العبادات"‏<br />

<br />

<br />

املعىن الثالث : األمان<br />

قال ابن قتيبة - <strong>يف</strong> تفسري قول هللا عز وجل:‏ <br />

-<br />

)53( <br />

<br />

: ‏"اذهبوا آمنني أربعة أشهر"‏ )54(<br />

و<strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن:‏ ‏"أي سريوا <strong>يف</strong> األرض مقبلني ومدبرين آمنني غري خائفني أحداً‏ من املسلمني<br />

حبرب وال سلب وال قتل وال أسر"‏ )55(<br />

) 50 (<br />

) 51 (<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.95<br />

رواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )237/5(، رقم 22121، وابن ماجة <strong>يف</strong> كتاب الفنت ‏َبب كف اللسان <strong>يف</strong> الفتنة ص)‏‎2715‎‏(‏ رقم )3973(<br />

والرتمذي <strong>يف</strong> أبواب اإلميان،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> حرمة الصالة ص )1915( رقم )2616( والنسائي <strong>يف</strong> الكربى،‏ كتاب التفسري ‏َبب قوله<br />

تعاىل:‏ تَتَجَاَفَ‏ جُنُوهبُُْم عَنِّ‏ الْمَضَاجِّ‏ ‏ِّع )428/6( وقال احلاكم:‏ صحيح على شرطهما ووافقه الذهيب )76/2( وأخرجه الطيالسي <strong>يف</strong><br />

مسنده )76/2( رقم )560( .<br />

) 52 (<br />

) 53 (<br />

) 54 (<br />

وصححه شعيب األرانؤوط مبجموع طرقه،‏ ينظر:‏ جامع العلوم واحلكم )274/1(.<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )352/28(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.2<br />

املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن ، للسريوان ، ص‎213‎ ، وابن قتيبة تقدم ترجيه ص<br />

23<br />

( 55 ) للقرطيب .)64/4(


وقال ابن العريب : ‏"املعىن:‏ لكم <strong>يف</strong> األرض مسري أربعة أشهر ، واختربوا فيها،‏ وحرروا أعمالكم،‏ وانظروا<br />

مآلكم،‏ فإن دخلتم <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> فلكم األمان واالحرتام وإن استمررم على الكفر عوملتم مبعاملة الكفار من<br />

القتل واإلسار"‏ )56(<br />

و<strong>يف</strong> حماسن التأويل:‏ ‏"أي فقولوا هلم:‏ سريوا <strong>يف</strong> األرض بعد نبذان العهد آمنني من القتل والقتال مدة أربعة<br />

)57(<br />

أشهر ... واملقصود أتمينهم من القتل،‏ وتفكرهم واحتياطهم ليعلموا أهنم ليس هلم بعدها إال الس<strong>يف</strong>"‏<br />

فاهلل عز وجل <strong>يف</strong> هذه اآلية أمر املشركني ‏َبلسياحة والسري <strong>يف</strong> األرض إىل حيث يريدون خالل هذه املدة،‏<br />

وإمنا هي مهلة وأمان هلم<br />

وليس املراد تكل<strong>يف</strong>هم ‏َبلسياحة والسري <strong>يف</strong> األرض حقيقة كما قال الشوكاين )58(<br />

خالل هذه املدة وقد اختلف املفسرون <strong>يف</strong> هذه األشهر اليت قدرت للسياحة على أربعة أقوال:‏<br />

األول:‏ أهنا من شوال <strong>يف</strong> السنة الثامنة إىل صفر من السنة التاسعة.‏<br />

الثاين:‏ أهنا عشرون من ذي احلجة أوهلا يوم النحر إىل متام أربعة أشهر.‏<br />

الثالث:‏ أهنا من الثالث من أول يوم من ذي القعدة.‏<br />

الرابع:‏ أهنا <strong>يف</strong> الرابع من يوم يبلغهم العلم.‏ )59(<br />

قال ابن العريب : ‏"والصحيح أنه من يوم النحر،‏ فبذلك كان البدء وإليه كان املنتهى"‏ )60(<br />

واختلفوا ملن هذا العهد واألمان :<br />

فقيل:‏ إن هذه األشهر األربعةكانت عهداً‏ ملن له عهد دون األربعة أشهر فأمتت له وأما من كان له عهد<br />

مؤقت فأجله إىل مدته مهما كانت .<br />

)61(<br />

واختار هذا ابن جرير وغريه.‏<br />

)62(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

لقوله تعاىل:‏ <br />

( 56 ) <strong>يف</strong> أحكام القرآن ، 894/2<br />

وابن العريب تقدمت ترمجته ص<br />

، 26<br />

) 57 (<br />

و<strong>يف</strong> تفسري العز بن عبدالسالم،‏ ص‎201‎ : ‏"قوله:‏ ‏)فسيحو(‏ أمان،‏<br />

‏)<strong>يف</strong> األرض(:‏ تصرفوا ك<strong>يف</strong> شئتم أو سافروا حيث أرد م و<strong>السياحة</strong> : السري على مهل أو البعد على وجل"‏<br />

جلمال الدين القامسي<br />

.347/5<br />

( 58 ) <strong>يف</strong> فتح القدير )477/2(، بتصرف.‏<br />

) 59 (<br />

) 60 (<br />

) 61 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )895/2(، وزاد املسري البن اجلوزي )394/3(، وأضواء البيان،‏ للشنقيطي )429/2(،<br />

بتصرف.‏<br />

. املصدر السابق<br />

ينظر:‏ احملرر الوجيز ، البن عطية )402/6(، واجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )64/4( ، وفتح القدير للشوكاين )477/2( ، وابن<br />

جرير تقدمت ترمجته ص<br />

. 21<br />

) 62 (<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.4


وقيل:‏ هذا أتجيل للمشركني مطلقاً،‏ فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر رفع إليها ومن كانت أكثر<br />

حط إليها ومن كان عهده بغري أجل حُدَّ‏ هبا مث هو بعد ذلك حرب هلل ولرسوله،‏ يقتل حيث وجد إال أن<br />

يتوب ويؤمن.‏ )63(<br />

وقيل:‏ هو أتجيل للصنفني،‏ فمن كانت مدة عهده أقل من أربعة أشهر فيمهل متام األربعة،‏ ومن كانت مدة<br />

)64(<br />

عهده غري حمددة فيقصر على األربعة.‏<br />

ولعل األول هو األقرب مجعاً‏ بني اآليتني ملا ورد ‏))أن رسول هللا بعث أَب بكر وأمره أن ينادي هبؤالء<br />

الكلمات مث اتبعه عليا وأمره أن ينادي هبؤالء الكلمات،‏ فانطلقا فحجا،‏ فقام علي <strong>يف</strong> أايم التشريق فنادى:‏<br />

أن هللا برئ من املشركني ورسوله فسيحوا <strong>يف</strong> األرض أربعة أشهر وال حيجن بعد العام مشرك..((‏ احلديث )65(<br />

و<strong>يف</strong> رواية:‏ ‏))ومن كان بينه وبني رسول هللا <br />

عهد فعهده إىل مدته ومن مل يكن له عهد فأجله أربعة<br />

أشهر((‏ )66(<br />

<br />

<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"استدل هبذا الكالم األخري على أن قوله تعاىل:‏ <br />

خيتص مبن مل يكن له عهد مؤقت أو مل يكن له عهداً‏ أصالً،‏ وأما من له عهد مؤقت فهو إىل مدته"‏ )67(<br />

قال ابن كثري:‏ ‏"وهذا أحسن األقوال وأقواها"‏ )68(<br />

وقال اجلصاص:‏ ‏"وجائز أن يكون املعنيان صحيحني وأن يكون جعل أجل بعضهم إىل مدته طالت املدة أو<br />

قصرت...‏ فكان أجل بعضهم وهم الذين خ<strong>يف</strong> غدرهم وخيانتهم أربعة أشهر وأجل من مل خيش غدرهتم إىل<br />

مدهتم"‏ )69(<br />

) 63 (<br />

) 64 (<br />

) 65 (<br />

) 66 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ، وأحكام القرآن ، للجصاص )78/3(، وزاد املسري،‏ البن اجلوزي )395/3( ، وتفسري ابن كثري )412/2(،<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ، وحماسن التأويل،‏ للقامسي )347/5( بتصرف.‏<br />

أخرجه الرتمذي،‏ <strong>يف</strong> كتاب التفسري،‏ ‏َبب ومن سورة التوبة ‏)ص/‏‎1964‎‏(‏ ، رقم )3091( وقال:‏ حسن غريب،‏ وصححه احلاكم<br />

)52/3( ووافقه الذهيب.‏<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> التفسري ‏)ص‎1964‎‏/رقم‎3092‎‏(‏ وقال:‏ حديث حسن،‏ وصححه احلاكم )52/3( ووافقه الذهيب.‏<br />

( 67 ) <strong>يف</strong> فتح الباري ، حتقيق عبدالقادر شيبة احلمد )175/8( ، وابن حجر تقدمت ترمجته ص<br />

. 24<br />

( 68 ) <strong>يف</strong> تفسريه )412/2( ، وابن كثري هو :<br />

مؤرخ فقيه ولد ‏َبلشام<br />

701<br />

وكان من كبار علماء الشافعية تو<strong>يف</strong> عام<br />

إمساعيل بن عمر بن كثري أبو الفداء عماد الدين الدمشقي القرشي حافظ<br />

وكان من تصان<strong>يف</strong>ه البداية والنهاية والباعث احلثيث واختصار السرية النبوية والتكميل<br />

774<br />

ه ، ينظر ‏:األعالم<br />

320-1<br />

ولالستزادة : شذرات الذهب<br />

231 - 6<br />

( 69 ) <strong>يف</strong> أحكام القرآن )78/3( ، واجلصاص هو :<br />

أمحد بن علي ، أبو بكر الرازي ، كان مشهورا ‏َبلزهد والورع درس


املعىن الرابع:‏ السري <strong>يف</strong> األرض<br />

فقد وردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> كالم الشارع مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض،‏ وذلك على ثالثة أقسام:‏<br />

األول:‏ <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض مطلقاً‏ :<br />

ومن ذلك ما تقدم <strong>يف</strong> املعىن الثالث <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

السري <strong>يف</strong> األرض.‏<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"فسيحوا : فسريوا"‏ )70(<br />

فاملراد هو<br />

و<strong>يف</strong> فتح القدير : ‏"هذا أمر منه سبحانه ‏َبلسياحة بعد اإلخبار بتلك الرباءة و<strong>السياحة</strong>:‏ السري،‏<br />

فالن <strong>يف</strong> األرض يسيح سياحة وسيوحاً‏ وسيحاانً"‏ )71(<br />

يقال:‏ ساح<br />

ولكن ليس املراد<br />

و<strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن وكذا <strong>يف</strong> حماسن التأويل:‏ ‏"فسيحوا : أي سريوا <strong>يف</strong> األرض"‏ )72(<br />

تكل<strong>يف</strong>هم ‏َبلسري <strong>يف</strong> األرض حقيقة وإمنا هو كناية عن أتمينهم خالل هذه املدة،‏ ولذا أفردته مبعىن مستقل.‏<br />

قال <strong>يف</strong> زاد املسري:‏ ‏"قوله تعاىل : <br />

<br />

<br />

مكروه"‏ )73(<br />

أي : انطلقوا فيها آمنني ال يقع بكم منا<br />

وورد <strong>يف</strong> السنة قول النيب : ‏))إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض فُضُالً‏ عن كُتَّابِّ‏ الناس فإذا وجدوا أقواماً‏<br />

يذكرون هللا تنادوا هلموا إىل بغيتكم فيجيئون فيحفون هبم إىل السماء الدنيا فيقول هللا:‏ أي شيء تركتم<br />

عبادي يصنعون؟ فيقولون:‏ تركناهم حيمدونك وميجدونك ويذكرونك ...(( احلديث<br />

)74(<br />

و<strong>يف</strong> حتفة األحوذي:‏ ‏"قوله:‏ ‏))سياحني <strong>يف</strong> األرض((‏ بفتح السني املهملة وشدة التحتية من ساح <strong>يف</strong> األض إذا<br />

ذهب فيها وسار"‏ )75(<br />

370<br />

على الكرخي صنف : أحكام القران وشرح خمتصر الكرخي والطحاوي واجلامع وله <strong>يف</strong> أصول الفقه كتاب ، تو<strong>يف</strong> عام<br />

ه ببغداد ، ينظر ‏:الطبقات السنية <strong>يف</strong> تراجم احلنفية ، للغزي املصري ، حتقيق عبدالفتاح احللو )412-1(<br />

( 70 ) <strong>يف</strong> فتح الباري )173/8(، وذكر ابن العريب مثله <strong>يف</strong> أحكام القرآن )894/2(، وكذا جاء حنوه <strong>يف</strong> املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن،‏<br />

للسريوان ، ص )213(.<br />

( 71 ) للشوكاين )477/2(<br />

) 72 (<br />

) 73 (<br />

) 74 (<br />

اجلامع،‏ للقرطيب )64/4( ، وحماسن التأويل ، للقامسي )347/5(.<br />

البن اجلوزي )393/3(.<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الدعوات،‏ ‏َبب ما جاء أن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض وقال:‏ حديث حسن صحيح وقد روي عن<br />

أيب هريرة من غري هذا الوجه ‏)ص 2022( رقم )3600( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده عن ابن مسعود )251/2( وله شواهد عند البخاري ومسلم<br />

والنسائي وأمحد كما سيأيت.‏<br />

وفضالً‏ : صفة للمالئكة معناه أهنم مالئكة زائدون على احلفظة وغريهم من املرتبني مع اخلالئق ، ينظر:‏ حتفة األحوذي،‏ للمباركفوري<br />

)58/10( وشرح صحيح مسلم للنووي )18/18-17(.


و<strong>يف</strong> رواية:‏ ‏))إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض يبلغوين من أميت السالم((‏ )76(<br />

قال <strong>يف</strong> التعليقات السلفية:‏ ‏"قوله:‏ ‏))سياحني((‏ صفة املالئكة،‏ يقال : ساح <strong>يف</strong> األرض يسيح سياحة،‏ إذا<br />

ذهب فيها"‏ )77(<br />

و<strong>يف</strong> رواية البخاري:‏ ‏))إن هلل مالئكة يطوفون <strong>يف</strong> الطرق يلتمسون أهل الذكر((‏ احلديث )78(<br />

)79(<br />

و<strong>يف</strong> رواية مسلم:‏ ‏))إن هلل تبارك وتعاىل مالئكة سيارة فضالً‏ يتبعون جمالس الذكر((‏<br />

قال النووي:‏ ‏"أما السيارة فمعناه سياحون <strong>يف</strong> األرض"‏ )80(<br />

فاملراد ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> هذه اآلاثر:‏ السري <strong>يف</strong> األرض مطلقاً،‏ وهو متفق مع أصل املعىن اللغوي كما تقدم.‏ )81(<br />

ومنه مسي املسيح ابن مرمي عليه السالم مسيحاً‏ على قول،‏ فيكون اسم فاعل من ساح يسيح:‏ سار.‏ )82(<br />

الثاين:‏ <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار والتفكر وتعبد هللا عز وجل بذلك.‏<br />

-<br />

<br />

فقد ذكر بعض املفسرين<br />

‏-<strong>يف</strong> قوله سبحانه : <br />

: ‏"هم اجلائلون أبفكارهم <strong>يف</strong> توحيد رهبم<br />

وملكوته وما خلق من العرب و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اللغة أصلها الذهاب على وجه األرض كما يسيح املاء،‏ وهي مما<br />

يعني العبد على الطاعة النقطاعه عن اخللق وملا حيصل له من االعتبار ‏َبلتفكر <strong>يف</strong> خملوقات هللا سبحانه"‏ )83(<br />

وقال ابن عطية:‏ ‏"هذا قول حسن،‏ وهي من أفضل العبادات...‏ ويروى أن بعض العباد أخذ القدح ليتوضأ لصالة<br />

، فأدخل إصبعه <strong>يف</strong> أذن القدح وجعل <strong>يف</strong>كر حىت طلع الفجر،‏ فقيل له <strong>يف</strong> ذلك فقال:‏ أدخلت إصبعي <strong>يف</strong> أذن<br />

) 75 (<br />

) 76 (<br />

رقم<br />

حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي،‏ للمباركفوري )58/10(<br />

أخرجه النسائي ، كتاب السهو،‏ ‏َبب التسليم على النيب ‏)ص/‏‎2170‎‏(‏ رقم )1283(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده عن ابن مسعود )441/1(<br />

4210<br />

، والدارمي <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب الرقاق،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> فضل الصالة على النيب صلى هللا عليه وسلم )490/2( رقم<br />

شاهد عند البخاري ومسلم كما سيأيت.‏<br />

2774، وله<br />

) 77 (<br />

التعليقات السلفية على سنن النسائي،‏ أليب الطيب الفوجياين،‏ تعليق أمحد شاغف وأمحد السلفي )244/2(<br />

( 78 ) كتاب الدعوات،‏ ‏َبب فضل ذكر هللا تعاىل:‏ ‏)ص/‏‎538‎‏(‏ رقم )6408( ، وينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر<br />

.)212/11(<br />

) 80 (<br />

( 79 ) كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار ، ‏َبب فضل جمالس الذكر ‏)ص/‏‎1146‎‏(،‏ رقم : )2689/25/6839(.<br />

شرح صحيح مسلم ، للنووي )18/18-17(<br />

، والنووي هو :<br />

حيىي بن شرف بن مري بن حسن النووي الشافعي<br />

أبو زكراي ، حميي الدين ، من أعالم الفقه واحلديث وكان مولده ووفاته <strong>يف</strong> )631- ‎676‎ه ) بنوا من قرى سوراي وهلا<br />

نسب ، كان له مصنفات بديعة منها : اجملموع شرح املهذب ومنهاج الطالبني وروضة الطالبني <strong>يف</strong> الفقه الشافعي وشرح<br />

صحيح مسلم وصنف <strong>يف</strong> تراجم الشافعية واحلديث ‏،ينظر:‏ االعالم ‏)‏‎149-8‎‏(وطبقات الشافعيه للسبكي<br />

. 165-5<br />

( 81 ) <strong>يف</strong> ص )18(<br />

) 82 (<br />

) 83 (<br />

ينظر:‏ املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن،‏ للسريوان ، ص‎213‎ وفتح الباري،‏ البن حجر )371/2( ، قال:‏ ‏"قيل:‏ ألنه كان ميسح<br />

األرض بسياحته".‏<br />

فتح القدير،‏ للشوكاين )577/2(.


)84(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

القدح فتذكرت قول هللا تعاىل:‏ <br />

وفكرت ك<strong>يف</strong> أتلقى الغُلَّ‏<br />

<br />

وبقيت <strong>يف</strong> ذلك ليلي أمجع"‏ )85(<br />

و<strong>يف</strong> حماسن التأويل:‏ ‏"جيب محل لفظ ‏)السائحون(‏ على معناه الظاهر احلقيقي،‏ وهو السائرون الذاهبون <strong>يف</strong><br />

الداير ألجل الوقوف على اآلاثر توصالً‏ للعظة هبا واالعتبار ... ‏َبتعاظه أبحوال الناس واعتباره أبمورهم،‏<br />

واطالعه <strong>يف</strong> سياحته على األسرار املكنونة،‏ واحلكم اليت دبر هللا هبا أمر املخلوقات وأحكم هبا صنع<br />

الكائنات.‏ فمن وقف على سر اخلالق زاد <strong>يف</strong> تعظيمه وتقرب إليه ‏َبلطاعة واالمتثال ألوامره ونواهيه،‏ وليس<br />

خباف ما وقع لألنبياء واملرسلني،‏ والصحابة والتابعني واألولياء والصاحلني،‏ من التنقالت واألسفار <strong>يف</strong> القرى<br />

واألمصار،‏ للنظر واالعتبار"‏ )86(<br />

،<br />

وحيتمل أن تشمل اآلية التفكر من غري سري <strong>يف</strong> األرض كما <strong>يف</strong> ظالل<br />

القرآن : ‏"<strong>السياحة</strong> هي التأمل والتدبر والتفكر <strong>يف</strong> إبداع هللا و<strong>السياحة</strong> ‏َبلقلب <strong>يف</strong> ملكوته".‏ )87(<br />

و<strong>يف</strong> موضع آخر : ‏"السائحون .. وتتلف الرواايت فيهم ... وحنن منيل إىل اعتبارهم املتفكرين <strong>يف</strong> خلق هللا<br />

<br />

وسنته،‏<br />

ممن قيل <strong>يف</strong> أمثاهلم <strong>يف</strong> موضع آخر : <br />

<br />

، فهذه الصفة أليق هنا ‏َبجلو<br />

)88( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

بعد التوبة والعبادة واحلمد فمع التوبة والعبادة واحلمد يكون التدبر <strong>يف</strong> ملكوت هللا على هذا النحو الذي<br />

ينتهي ‏َبإلانبة إىل هللا وإدراك حكمته <strong>يف</strong> خلقه"‏ )89(<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> ترد مبعىن التفكر <strong>يف</strong> ملكوت هللا سواء اقرتن بذلك السري <strong>يف</strong> األرض ‏–وهو أبلغ-‏ أو مل<br />

يقرتن به .<br />

والسري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار على نوعني :<br />

النوع األول:‏ سري <strong>يف</strong> األرض للنظر <strong>يف</strong> آاثر اهلالكني من األمم السابقة وك<strong>يف</strong> كان عاقبة أمرهم ملا كذبوا<br />

)90(<br />

الرسل وأعرضوا عن احلق وصدوا عن دين هللا وكفروا به.‏<br />

) 84 (<br />

) 85 (<br />

) 86 (<br />

) 87 (<br />

سورة غافر ، اآلية<br />

. 71<br />

احملرر الوجيز ، البن عطية )55/7( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

جلمال الدين القامسي )512/5(.<br />

. 26<br />

) 88 (<br />

) 89 (<br />

) 90 (<br />

لسيد قطب )3616/6(، وسيأيت <strong>يف</strong> كالم ابن سعدي ما يشري إىل هذا املعىن عند قوله:‏ ‏)وفسرت <strong>السياحة</strong> بسياحة القلب <strong>يف</strong> معرفة<br />

هللا وحمبته(.‏<br />

سورة آل عمران اآلية )191-190(.<br />

املصدر السابق )1719/3(.<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور،‏ ص‎42‎‏،‏ بتصرف.‏


ومنه قول احلق سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

)91(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله سبحانه:‏ <br />

)92(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

النوع الثاين:‏ سري <strong>يف</strong> األرض للنظر والتفكر <strong>يف</strong> بديع صنع هللا تعاىل وك<strong>يف</strong>ية بدء اخللق،‏ والتأمل <strong>يف</strong> آايت هللا<br />

وسننه الكونية كاختالف األلسنة واأللوان وإنبات الزرع وإدرار الضرع وإخراج احلي من امليت وغري ذلك.‏ )93(<br />

<br />

<br />

ومنه قوله سبحانه:‏ <br />

)94(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

)95( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

<br />

وعلى القعود عن هذا السري ورد اإلنكار بقوله سبحانه:‏ <br />

)96(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)97(<br />

وبقوله:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)98( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قال اإلمام الغزايل رمحه هللا:‏ ‏"فمن يسر هللا له هذا السفر مل يزل <strong>يف</strong> سريه متن زهاً‏ <strong>يف</strong> جنة عرضها السماوات<br />

واألرض وهو ساكن ‏َبلبدن مستقر <strong>يف</strong> الوطن،‏ وهو السفر الذي ال تضيق فيه املناهل واملوارد وال يضر فيه<br />

التزاحم والتوارد بل تزيد بكثرة املسافرين غنائمه وتتضاعف مثراته وفوائده،‏ فغنائمه دائمة غري ممنوعة ومثراته<br />

.9<br />

.10<br />

سورة الروم ، اآلية<br />

سورة حممد،‏ اآلية<br />

املصدر السابق ، بتصرف.‏<br />

سورة العنكبوت ، اآلية 20.<br />

.53<br />

.20<br />

.137<br />

.105<br />

سورة فصلت،‏ اآلية<br />

سورة الذارايت،‏ اآلية<br />

سورة الصافات ، اآلية<br />

سورة يوسف،‏ اآلية<br />

) 91 (<br />

) 92 (<br />

) 93 (<br />

) 94 (<br />

) 95 (<br />

) 96 (<br />

) 97 (<br />

) 98 (


متزايدة غري مقطوعة إال إذا بدا للمسافر فرتة <strong>يف</strong> سفره ووقفة <strong>يف</strong> حركته فإن هللا ال يغري ما بقوم حىت يغريوا ما<br />

أبنفسهم"‏ )99(<br />

وقد خسر وخاب من مل يؤهل نفسه للجوالن <strong>يف</strong> هذا امليدان و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> منتزهات هذا البستان.‏ )100(<br />

فهذه <strong>السياحة</strong> من األمور اهلامة اليت دعت إليها الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ملا تؤدي إليه من تعميق معرفة هللا تعاىل<br />

<strong>يف</strong> النفوس كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

)101(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وال شك أن هذا السري يوسع مدارك اإلنسان وآفاقه ل<strong>يف</strong>كر ويتدبر <strong>يف</strong> عظمة هللا وقدرته وآايته البينات ، كما<br />

أن فيه نوعاً‏ من االتعاظ واالعتبار ، فاحلاج مثالً‏ إذا رأى الكعبة وأتمل عظمة هللا <strong>يف</strong> محايتها وتذكر ما حل<br />

أبصحاب الفيل فيكون قد حقق هذه <strong>السياحة</strong> بنوعيها )102(<br />

<br />

قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)103(<br />

<br />

<br />

وهذه <strong>السياحة</strong> سري إىل هللا تعاىل وتقرب إليه قال تعاىل:‏ <br />

)104( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد قام هبا األنبياء عليهم الصالة والسالم كما قال اخلليل إبراهيم عليه السالم:‏ <br />

<br />

)105( <br />

) 99 (<br />

إحياء علوم الدين )245-244/2( ، والغزايل هو : أبو حامد حممد بن حممد بن حممد بن أمحد الطوسي الغزايل الشافعي،‏ صاحب<br />

التصان<strong>يف</strong>،‏ والذكاء املفرط،‏ تفقه ببلده مث رحل إىل نيسابور والزم إمام احلرمني اجلويين،‏ ومهر <strong>يف</strong> الكالم وعلم اجلدل،‏ واله النظام تدريس<br />

نظامية بغداد،‏ صنف <strong>يف</strong> األصول والفقه والكالم ‏،كان من مصنفاته اإلحياء والوسيط <strong>يف</strong> الفقه،‏ واملستصفى <strong>يف</strong> األصول والقسطاس<br />

واملنخول واللباب وهتافت الفالسفة وغريها .<br />

وتو<strong>يف</strong> رمحه هللا <strong>يف</strong> يوم االثنني رابع عشر مجادى اآلخرة سنة مخس ومخسمائة وله مخس ومخسون سنه ودفن مبقره الطابران قصبة بالد<br />

طوس،‏ و<strong>يف</strong> تسميته ‏َبلغزايل نسبة إىل قرية يقال هلا غزالة كما نقل عنه ال إىل صنعة،‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )322/19-<br />

)346 ، بتصرف.‏<br />

( 100 ‏(إحياء علوم الدين ، للغزايل )245-244/2(، بتصرف.‏<br />

) 101 (<br />

) 102 (<br />

) 103 (<br />

) 104 (<br />

) 105 (<br />

سورة احلج ، اآلية<br />

.46<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود،‏ ص ‏)‏‎19‎‏-وما بعدها (، بتصرف .<br />

سورة الفيل،‏ اآلايت<br />

سورة فصلت ، اآلية<br />

سورة الصافات،‏ اآلية<br />

.5-1<br />

.53<br />

.99


وقال:‏ <br />

)106( <br />

<br />

ومن ذلك سياحة موسى الكليم عليه الصالة والسالم للقيا العبد<br />

الصاحل طلباً‏ ملزيد من العلم فقال له:‏ <br />

)107(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وكانت سياحة مليئة ‏َبلعرب والفكر كما حكاها القرآن.‏ وكانت سياحة حممد <br />

‏َبإلسراء واملعراج كما قال<br />

<br />

سبحانه:‏ <br />

)108( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد عرف بعض<br />

وهي سياحة فريدة مليئة ‏َبملعجزات واآلايت والبينات املفصلة <strong>يف</strong> القرآن والسنة )109(<br />

املعاصرين هذا النوع من <strong>السياحة</strong> ‏-)سياحة التفكر(-‏ بقوله:‏ ‏"<strong>السياحة</strong> هي الذهاب <strong>يف</strong> أرجاء املعمورة للنظر<br />

والتأمل والتفكر والتدبر <strong>يف</strong> ملك هللا سبحانه وتعاىل للتوصل من خالل ذلك إىل تعميق املعرفة ‏َبهلل تعاىل<br />

والتوجه إليه ‏َبلعبادة"‏ )110(<br />

الثالث:‏ <strong>السياحة</strong> مبعىن السري <strong>يف</strong> األرض للمطلوب الشرعي والبحث عنه،‏ عبادة هلل وقرىب لديه:‏<br />

وذلك كالسفر للحج وزايرة املساجد الثالثة وحنو ذلك.‏<br />

<br />

<br />

<br />

وفسر عكرمة قوله سبحانه:‏ <br />

‏َبملسافرين لطلب احلديث والعلم )111(<br />

) 106 (<br />

) 107 (<br />

) 108 (<br />

) 109 (<br />

) 110 (<br />

) 111 (<br />

سورة األنعام:‏ اآلية<br />

سورة الكهف : اآلية<br />

سورة اإلسراء : اآلية<br />

.79<br />

.66<br />

.1<br />

=<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود،‏ ص ‏)‏‎19‎‏-وما بعدها (، بتصرف .<br />

املصدر السابق ، ص‎15‎‏.‏<br />

ينظر:‏ فتح القدير،‏ للشوكاين )577/2( بتصرف ، وقد أخرج ذلك عن عكرمة ابن أيب حا م <strong>يف</strong> تفسريه )1890/6( ،<br />

والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )549/7(<br />

وعكرمة هو:‏ العالمة احلافظ املفسر أبو عبدهللا القرشي موالهم املدين الرببري األصل،‏ حدث عن ابن عباس وعائشة وأيب هريرة وابن عمر<br />

وغريهم وحدث عنه النخعي والشعيب وعمرو بن دينار وقتادة وخلق كثري ، وقال قتادة:‏ أعلم الناس ‏َبحلالل واحلرام احلسن وأعلمهم<br />

‏َبملناسك عطاء وأعلمهم ‏َبلتفسري عكرمة.‏ وقال ابن املديين:‏ كان عكرمة يرى رأي جندة احلروري ، ونقل عن عطاء قوله:‏ كان عكرمة<br />

إَبضياً.‏ وقال حيىي بن سعيد:‏ كان كذاَبً‏ وقال أيوب:‏ مل يكن بكذاب.‏ وكان مالك يكره عكرمة وال يراه ثقة.‏ وقال املروزي قلت ألمحد :<br />

حيتج حبديث عكرمة قال نعم:‏ حيتج به =<br />

وقال ابن معني:‏ عكرمة ثقة وإذا رأيت إنساانً‏ يقع <strong>يف</strong> عكرمة فاهتمه على <strong>اإلسالم</strong> . قال الذهيب:‏ هذا حممول على الوقوع فيه هبوى<br />

وح<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> وزنه أما من نقل ما قيل <strong>يف</strong> جرحه وتعديله على اإلنصاف فقد أصاب ، وقال العجلي عنه:‏ مكي اتبعي ثقة بريء مما يرميه به<br />

الناس من احلرورية ، وقال البخاري:‏ ‏"ليس أحد من أصحابنا إال وهو حيتج بعكرمة"‏ وقال النسائي:‏ ‏"ثقة"‏ ، قال الذهيب:‏ ‏"خرج له مسلم


وفسر بعضهم قوله سبحانه:‏ <br />

‏َبلذاهبات <strong>يف</strong> طاعة هللا تعاىل.‏ )112(<br />

وقيل:‏ ‏"مسافرات،‏ سواء كان السفر هلجرة أو اطالع على آاثر األمم البائدة"‏ )113( ، وهذا أقرب للمعىن<br />

اللغوي وهو مطلق السري.‏<br />

وقال الشيخ عبدالرمحن بن سعدي رمحه هللا:‏ ‏"فسرت <strong>السياحة</strong> ‏َبلصيام أو <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> طلب العلم،‏ وفسرت<br />

بسياحة القلب <strong>يف</strong> معرفة هللا وحمبته،‏ واإلانبة إليه على الدوام والصحيح أن املراد ‏َبلسياحة:‏ السفر <strong>يف</strong> القرَبت<br />

كاحلج،‏ والعمرة،‏ واجلهات،‏ وطلب العلم،‏ وصلة األقارب وحنو ذلك"‏ )114(<br />

ومن هذا املعىن ما ورد عن ابن عمر رضي هللا عنهما قال:‏ ‏"كان النيب إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة<br />

فعال فَدْ‏ فَدَاً‏ من األرض أو شَرَفاً‏ كربَّ‏ ثالاثً‏ مث قال:‏ ‏))ال إله إال هللا وحده ال شريك له له امللك وله احلمد<br />

وهو على كل شيء قدير آيبون اتئبون عابدون سائحون لربنا حامدون(("‏ احلديث.‏ )115(<br />

قال <strong>يف</strong> حتفة األحوذي:‏ ‏"سائحون مجع سائح من ساح املاء يسيح إذا جرى على وجه األرض أي سائرون<br />

ملطلوبنا ودائرون<br />

حملبوبنا"‏ )116(<br />

و<strong>يف</strong> احلديث أنه كان يقوله إذا رجع من غزوة أو حج أو عمرة وهذا كله من سفر القرَبت.‏<br />

املعىن اخلامس : اهلجرة<br />

وهي سري <strong>يف</strong> األرض ملقصد مشروع لكنه خمصوص ‏َبخلروج من دار الكفر إىل دار <strong>اإلسالم</strong>،‏ والفرار ‏َبلدين<br />

إىل أرض هللا الواسعة ومفارقة الدور واألهل <strong>يف</strong> سبيل هللا.‏<br />

وللهجرة مكانة عظيمة <strong>يف</strong> دين هللا،‏ وقد أفاض الفقهاء <strong>يف</strong> الكالم على أحكامها وقد أفردهتا لعظم منزلتها<br />

وخصوصية معناها.‏<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

<br />

قال بعض املفسرين <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

هم:‏ املهاجرون<br />

واملهاجرات.‏ )117(<br />

) 113 (<br />

مقروانً‏ بطاووس <strong>يف</strong> احلج،‏ فالذين أهدروه كبار،‏ والذين احتجوا به كبار وهللا أعلم ‏َبلصواب"‏ ، ومات ‏َبملدينة سنة مخس أو ست أو سبع<br />

ومائة ، ينظر:‏ سري أعالم النبالء للذهيب )36-12/5( بتصرف.‏<br />

( 112 ‏(كما <strong>يف</strong> احملرر الوجيز ، البن عطية ، )521/14(<br />

حماسن التأويل،‏ للقامسي )276/9(<br />

( 114 ) <strong>يف</strong>:‏ تيسري الكرمي الرمحن <strong>يف</strong> تفسريكالم املنان حتقيق:‏ عبدالرمحن اللوحيق ‏)ص/‏‎353‎‏(.‏<br />

) 115 (<br />

أخرجه الرتمذي ، كتاب احلج،‏ ‏َبب ما جاء ما يقول عند القفول من احلج والعمرة ‏)ص‎1742‎‏(‏ رقم )950(، وقال الرتمذي:‏ حديث<br />

حسن صحيح،‏ و<strong>يف</strong> الباب عن الرباء وأنس وجابر وله شاهد عند البخاري <strong>يف</strong> احلج والدعوات ومسلم <strong>يف</strong> احلج وأبو داود <strong>يف</strong> اجلهاد<br />

والنسائي <strong>يف</strong> السري.‏<br />

( 116 ) للمباركفوري .)22-21/4(


وقال عبدالرمحن بن زيد بن أسلم:‏ ‏"ليس <strong>يف</strong> أمة حممد سياحة إال اهلجرة وكان سياحتهم اهلجرة حني<br />

هاجروا إىل املدينة"‏ )118(<br />

و<strong>يف</strong> حديث عائشة رضي هللا عنها:‏ ‏))ملا ابتلي املسلمون خرج أبو بكر مهاجراً‏ حنو أرض احلبشة حىت إذا بلغ<br />

برك الغماد لقيه ابن الدغنة – وهو سيد القارة-‏ فقال:‏ أين تريد اي أَب بكر؟ فقال أبو بكر:‏ أخرجين قومي<br />

فأريد أن أسيح <strong>يف</strong> األرض وأعبد ريب،‏ فقال ابن الدغنة فإن مثلك اي أَب بكر ال خيرج وال خيُ‏ رج إنك تكسب<br />

املعدوم وتصل الرحم وحتمل الكل وتقري الض<strong>يف</strong> وتعني على نوائب احلق فأان لك جار إرجع واعبد ربك<br />

ببلدك((‏ احلديث )119(<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"قوله : ‏"فأريد أن أسيح"‏ ‏َبملهملتني ، لعل أَب بكر طوى عن ابن الدغنة تعيني جهة مقصده<br />

لكونه كان كافراً،‏ وإال فقد تقدم أنه قصد التوجه إىل أرض احلبشة،‏ ومن املعلوم أنه ال يصل إليها من الطريق<br />

اليت قصدها حىت يسري <strong>يف</strong> األرض وحده زماانً‏ فيصدق أنه سائح،‏ لكن حقيقة <strong>السياحة</strong> أن ال يقصد موضعاً‏<br />

بعينه يستقر فيه"‏ )120(<br />

وعليه ف<strong>السياحة</strong> هنا مبعىن اهلجرة إىل وجهة غري معلومة لكونه أخفى مقصده ومل يعينه.‏<br />

ومن هذا املعىن املقولة املشهورة عن شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا – إَبن اضطهاده وامتحانه<br />

- : ‏"ما<br />

<strong>يف</strong>عل أعدائي يب؟ أان جنيت وبستاين <strong>يف</strong> صدري،‏ أين رحت فهي معي ال تفارقين ، أان حبسي خلوة وقتلي<br />

)121(<br />

شهادة وإخراجي من بلدي سياحة"‏<br />

) 117 (<br />

ينظر:‏ احملرر الوجيز ‏،البن عطية )521/14( ، وزاد املسري،البن اجلوزي )312/8( وفتح القدير،‏ للشوكاين )577/2-<br />

.)333/5<br />

) 118 (<br />

) 119 (<br />

ومائة،‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وتفسري ابن أيب حام )1890/6(، والدر املنثور،‏ للسيوطي )548/7(، وعبدالرمحن هو ابن زيد ابن أسلم<br />

العمري املدين،‏ كان صاحب قرآن وتفسري،‏ مجع تفسرياً‏ <strong>يف</strong> جملد،‏ وكتاَبً‏ <strong>يف</strong> الناسخ واملنسوخ حدث عن أبيه وابن املنكدر،‏ وذكر الذهيب<br />

أبن فيه ليناً،‏ وضعفه أمحد وابن املديين وأبو داود ، والنسائي وأبو زرعة،‏ وقال أبو حام:‏ ‏"ليس ‏َبلقوي <strong>يف</strong> احلديث كان <strong>يف</strong> نفسه صاحلاً‏<br />

و<strong>يف</strong> احلديث واهياً"‏ وقال ابن اجلوزي : ‏"أمجعوا على ضعفه"‏ ‏،روى عنه عبدالرزاق ووكيع وابن عيينة وغريهم،‏ وتو<strong>يف</strong> سنة اثنتني ومثانني<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء ، للذهيب )349/8( ، هتذيب التهذيب،‏ البن حجر )177/6(.<br />

أخرجه البخاري كتاب مناقب األنصار،َبب هجرة النيب<br />

<br />

=<br />

) 120 (<br />

) 121 (<br />

إىل املدينة)ص/‏‎317‎‏(رقم ‏)‏‎3905‎‏(.وابن الدغنة هو:احلارث بن<br />

يزيد،وحكي أن امسه مالك والدغنة هي أمه وقيل أم أبيه وقيل دابته،ومعناها:‏ املسرتخية وأصلها الغمامة الكثرية املطر،وابن الدغنة سيد<br />

القارة وهي قبيلة مشهورة<br />

قوة الرمي=‏<br />

قال الشاعر : قد أنصف القارة من راماها .<br />

فتح الباري ، البن حجر )274/7( .<br />

من بين اهلون ابن خزمية بن مدركه بن الياس بن مضر وكانوا حلفاء بين زهرة من قريش وكان يضرب هبم املثل <strong>يف</strong><br />

ينظر:‏ الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب،‏ البن قيم اجلوزية ، حتقيق عبدالرمحن بن قائد،‏ إشراف بكر أبو زيد،‏ ص‎109‎‏،‏ وجمموع<br />

فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد،‏ )259/3(.


ومن أعظم من قام هبذا اللون من <strong>السياحة</strong> الرسل واألنبياء عليهم الصالة والسالم فكانت سياحة نوح عليه<br />

السالم ‏َبلفلك وجناته بفضل هللا من الطوفان وكانت سياحة كل رسول للنجاة من أعداء هللا والدعوة إىل دين<br />

هللا كما <strong>يف</strong> هجرة لوط لقومه وسياحته <strong>يف</strong> األرض للدعوة إىل دين هللا والتفكر <strong>يف</strong> آايته،‏ وكذا موسى عليه<br />

السالم خرج من دايره خائفاً‏ يرتقب قال رب جنين من القوم الظاملني وساح <strong>يف</strong> األرض تعبداً‏ هلل ودعوة إليه.‏<br />

وإبراهيم اخلليل عليه السالم ترك زوجته وولده إمساعيل بواد غري ذي زرع عند بيت هللا احلرام وساح مهاجراً‏ <strong>يف</strong><br />

سبيل هللا ، ونبينا حممد خرج من مكة مهاجراً‏ ممتثالً‏ ألمر هللا فأسس <strong>يف</strong> املدينة أعظم دولة <strong>يف</strong> التاريخ.‏<br />

وكذا أصحابه رضوان هللا عليهم هاجروا إىل احلبشة مث إىل املدينة فساحوا فارين إىل هللا جماهدين <strong>يف</strong> سبيل هللا<br />

وكان الوحي أنيسهم واإلميان الراسخ دليلهم.‏ )122(<br />

املعىن السادس:‏ دوام العبادة والطاعة .<br />

وقد تقدم أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الشرع ترد مبعىن اجلهاد والصيام ولكن املراد هنا هو دوام العبادة واالستمرار عليها<br />

واعتزال الناس لذلك و<strong>السياحة</strong> هبذا املفهوم منها ما هو مشروع وغري مشروع وهو الرهبانية وقد تقدم اإلشارة<br />

إىل هذا <strong>يف</strong> معىن اجلهاد.‏ )123(<br />

فمن <strong>السياحة</strong> مبعىن دوام العبادة والطاعة دون مشاقة وال غلو:‏<br />

<br />

<br />

تفسري بعض أهل العلم لقوله سبحانه:‏ <br />

مبن يدمي الصيام من املؤمنني )124(<br />

وليس املراد<br />

بذلك الوصال املنهي عنه،‏ وإمنا اإلكثار من هذه العبادة دون مشاقة وال تكلف،‏ كما كان عليه عمل كثري<br />

من الصحابة والسلف.‏<br />

ومن هذا الباب خروج أيب بكر للسياحة كما تقدم <strong>يف</strong> املعىن السابق،‏ فإنه ما خرج ليهاجر إال ألجل أن<br />

حيافظ على دينه ومداومته على عبادة ربه كما قال:‏ ‏"فأريد أن أسيح <strong>يف</strong> األرض وأعبد ريب"‏ ولذا قالت<br />

عائشة رضي هللا عنها : ‏"مل أعقل أبوي قط إال ومها يدينان الدين ... فلما ابتلي املسلمون خرج أبو بكر<br />

مهاجراً.."‏ احلديث )125(<br />

) 122 (<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود،‏ ص )85/77/65( ، بتصرف.‏<br />

( 123 ) <strong>يف</strong> ص .)30(<br />

) 124 (<br />

) 125 (<br />

ينظر : تفسري القرآن العظيم ، البن أيب حا م )1890/6(، تفسري ابن كثري )484/2( الدر املنثور للسيوطي )548/7( ،<br />

فتح القدير،‏ للشوكاين )577/2(.<br />

تقدم ذكره وترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 44


فهذه سياحة مشروعة قصد هبا املداومة على عبادة ربه وطاعته سبحانه.‏<br />

‏–رمحه هللا-‏ : ‏"فسرت <strong>السياحة</strong> ‏َبلصيام وفسرت ‏َبلسفر <strong>يف</strong> طلب العلم،‏ وفسرت<br />

وقال ابن القيم )126(<br />

‏َبجلهاد،‏ وفسرت بدوام الطاعة،‏ والتحقيق فيها أهنا سياحة القلب <strong>يف</strong> ذكر هللا وحمبته واإلانبة إليه والشوق إىل<br />

لقائه ويرتتب عليها كل ما ذكر من األفعال،‏ ولذلك وصف هللا سبحانه نساء النيب الاليت لو طلق أزواجه<br />

بدَّله هبن أبهنن سائحات،‏ وليست سياحتهن جهاداً‏ ، وال سفراً‏ <strong>يف</strong> طلب علم وال إدامة صيام وإمنا هي<br />

سياحة قلوهبن <strong>يف</strong> حمبة هللا تعاىل وخشيته واإلانبة إليه وذكره"‏ )127(<br />

وسياحة القلب <strong>يف</strong> عبادة هللا سياحة روحية شاملة أللوان من العبادة فالذكر سياحة روحية قلبية كما قال<br />

)129( <br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه:‏ <br />

فذكر<br />

)128( <br />

<br />

<br />

تعاىل:‏ <br />

هللا نور للقلوب وحياة هلا.‏<br />

والصالة سياحة روحية بدنية وهي عماد الدين ومناجاة للرب وقيام بني يديه وشكر له جبميع اجلوارح ، وقد<br />

كان <br />

ينشد الراحة فيها فيقول:‏ ‏))أرحنا ‏َبلصالة اي بالل((‏ )130(<br />

والزكاة سياحة روحية وقد جعلها هللا طهرة لألموال واألبدان وتزكية للنفوس واألرواح وإخراجها بنفس طيبة<br />

ابتغاء مرضاة هللا من أعظم القرَبت وألذ الطاعات.‏<br />

والصيام كذلك من سياحة القلب <strong>يف</strong> عبادة هللا وطاعته وقد تقدمت اإلشارة إليه،‏ وهو سر بني العبد وربه.‏<br />

واحلج سياحة روحية أيضاً‏ ويشتمل على ألوان من العبادات والقرب العظيمة تكون قلوب املؤمنني فيها<br />

سائحة <strong>يف</strong> حمبة هللا وخشيته وذكره واإلانبة إليه واالنشغال بعبادته )131(<br />

فهذه كلها من ألوان <strong>السياحة</strong> الروحية القلبية اليت أشار إليها ابن القيم رمحه هللا تعاىل.‏<br />

وهذا املفهوم داخل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> مبعىن املداومة على الطاعات والعبادات فإن هذا شامل للقلب واجلوارح وهذا<br />

كله من <strong>السياحة</strong> والرهبانية املشروعة واجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا داخل <strong>يف</strong> هذا كما تقدم.‏<br />

أما جمرد <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض ودوام العبادة والطاعة ‏َبعتزال اخللق والتفرد <strong>يف</strong> الرباريكما <strong>يف</strong>عله بعض الصوفية<br />

فليس من <strong>السياحة</strong> املشروعة إبطالق.‏<br />

) 126 (<br />

) 127 (<br />

) 128 (<br />

) 129 (<br />

) 130 (<br />

<strong>يف</strong> بدائع التفسري اجلامع لتفسري اإلمام ابن قيم اجلوزية،‏ مجع وتوثيق وتريج يسرى السيد حممد،‏ )380/2(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة الرعد،‏ اآلية<br />

.152<br />

،28<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب األدب،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> صالة العتمة ص)‏‎1588‎‏(‏ ، رقم )85 و 4986( ، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده<br />

.)371/364/5(<br />

) 131 (<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود ، ص)‏‎191-119‎‏(،‏ بتصرف.‏


ولذا قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ‏–رمحه هللا-:‏ ‏"<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد لغري مقصود مشروع كما يعانيه بعض<br />

النساك أمر منهي عنه،‏ قال اإلمام أمحد:‏ ليست <strong>السياحة</strong> من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء،‏ وال من فعل النبيني وال<br />

الصاحلني"‏ )132(<br />

لكن هذا النوع من <strong>السياحة</strong> يكون مشروعاً‏ أايم الفنت والزالزل <strong>يف</strong> الدين كما قال ابن كثري ‏–رمحه هللا-‏<br />

:<br />

‏"ليس املراد من <strong>السياحة</strong> ما قد <strong>يف</strong>هم من بعض من يتعبد مبجرد <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض،‏ والتفرد <strong>يف</strong> شواهق اجلبال<br />

، وهذا ملن خشي على<br />

والكهوف والرباري فإن هذا ليس مبشروع إال <strong>يف</strong> أايم الفنت والزالزل <strong>يف</strong> الدين"‏ )133(<br />

نفسه االفتتان أما من أمن على نفسه ذلك وكان به قوة على التغيري فسياحته ‏َبلدعوة إىل هللا واألمر<br />

‏َبملعروف والنهي عن املنكر.‏<br />

ويؤيد هذا حديث أيب سعيد اخلدري أن رسول هللا قال : ‏))يوشك أن يكون خري مال الرجل غنم<br />

يتبع هبا شَعَفَ‏ اجلبال،‏ ومواقع القطر،‏ <strong>يف</strong>ر بدينه من الفنت((‏ )134(<br />

وعن أيب سعيد قال:‏ ‏))جاء أعرايب إىل النيب فقال:‏ اي رسول هللا أي الناس خري؟ قال:‏ رجل جاهد<br />

بنفسه وماله ورجل <strong>يف</strong> شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره((‏ )135(<br />

قال ابن حجر رمحه هللا:‏ ‏"اختلف السلف <strong>يف</strong> أصل العزلة...‏ فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة ملا ينشأ فيها غالباً‏<br />

من الوقوع <strong>يف</strong> احملذور،‏ وقد تقع العقوبة أبصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها كما قال هللا تعاىل:‏ <br />

<br />

)136( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأما <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية املذمومة والتبتل ودوام العبادة والطاعة بتكلف وغلو ومشاقة فمنها ما تقدم ذكره<br />

، ونقل عنه أنه أراد أن ينظر أيستطيع<br />

<strong>يف</strong> حديث الثالثة،‏ وما نقل عن عثمان بن مظعون <strong>يف</strong> التبتل )137(<br />

<strong>السياحة</strong>؟ قال الراوي:‏ ‏"وكانوا يعدون <strong>السياحة</strong> قيام الليل وصيام النهار"‏ )138(<br />

ومن هذا ماكان عليه رهبان النصارى املبتدعون،‏ فقد روي عن ابن عباس رضي هللا عنهما قال:‏ ‏"كانت<br />

ملوك بعد عيسى بن مرمي بدلوا التوراة واإلجنيل،‏ وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة،‏ قيل مللوكهم:‏ ما جند<br />

) 132 (<br />

) 133 (<br />

) 134 (<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )643/10(<br />

تفسري ابن كثري )484/2( ، وتقدمت ترمجة ابن كثري <strong>يف</strong> ص<br />

. 35<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب اإلميان،‏ ‏َبب من الدين الفرار من الفنت ‏)ص‎3‎‏(‏ رقم )19( و<strong>يف</strong> كتاب الفنت ، ‏َبب التَّعَرُّب <strong>يف</strong> الفتنة )591(<br />

رقم )7088(.<br />

) 135 (<br />

) 136 (<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الرقاق،‏ ‏َبب العزلة )545( رقم )6494(.<br />

فتح الباري ، البن حجر )47-46/13(<br />

( 137 ) <strong>يف</strong> ص ( 30 .)<br />

) 138 (<br />

ينظر:‏ تفسري القرآن العظيم ، البن أيب حا م )1890/6( ، وتفسري ابن كثري )484/2( والدرر املنثور،‏ للسيوطي )548/7(.


شتماً‏ اشد من شتم يشتموان هؤالء أهنم يقرؤون <br />

)139(<br />

<br />

وهؤالء اآلايت مع ما يعيبوان به <strong>يف</strong> أعمالنا <strong>يف</strong> قراءهتم،‏ فادعهم فليقرؤو اكما نقرأ،‏ وليؤمنوا كما آمنا،‏<br />

فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل،‏ أو يرتكوا قراءة التوراة واإلجنيل،‏ إال ما بدلوا منها،‏ فقالوا ما تريدون<br />

إىل ذلك،‏ دعوان .... وقالت طائفة منهم:‏ دعوان نسيح <strong>يف</strong> األرض وهنيم ونشرب كما يشرب الوحش فإن<br />

قدر م علينا فاقتلوان ، وقالت طائفة منهم:‏ ابنو لنا دوراً‏ <strong>يف</strong> الفيا<strong>يف</strong> وحنتفر اآلَبر وحنرتث البقول فال نرد عليكم<br />

وال منر بكم،‏ وليس أحد من القبائل إال وله محيم فيهم،‏ قال ففعلوا ذلك ، فأنزل هللا عز وجل:‏ <br />

<br />

)140(<br />

<br />

<br />

واآلخرون قالوا:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

نتعبد كما تعبد فالن،‏ ونسيح كما ساح فالن،‏ ونتخذ دورا كما اتذ فالن وهم على شركهم ال علم هلم إبميان الذين<br />

اقتدوا به فلما بعث هللا النيب ومل يبق منهم إال قليل احنط رجل من صومعته وجاء سائح من سياحته،‏ وصاحب الدير<br />

<br />

من ديره فآمنوا به وصدقوه فقال هللا تبارك وتعاىل:‏ <br />

)142( )141( <br />

<br />

<br />

فهذه <strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية اليت ابتدعوها واملراد أهنم جاءوا برايضة شاقة وانقطاع عن الناس من عند<br />

)143(<br />

أنفسهم.‏<br />

وهذا كله من التكلف واملشاقة وهو سياحة غري مشروعة هبذا املفهوم.‏<br />

اجلمع بني املعاين املتقدمة :<br />

اختلف أهل العلم من املفسرين واحملدثني <strong>يف</strong> تفسري لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم الشرعي على معان متعددة كما<br />

تقدم.‏<br />

وحاول بعضهم اجلمع بني هذه املعاين والتوفيق بينها،‏ كالقامسي <strong>يف</strong> حماسن التأويل )144( ، وذكر للجمع<br />

طريقان،‏ مث ارتضى اآلخر منها،‏ فقال بعد ذكر حديث أيب أمامة املتقدم <strong>يف</strong> تفسري <strong>السياحة</strong> ‏َبجلهاد )145(<br />

:<br />

<br />

) 139 (<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

.44<br />

) 140 (<br />

سورة احلديد،‏ اآلية<br />

.27<br />

) 141 (<br />

سورة احلديد،‏ اآلية<br />

.28<br />

) 142 (<br />

أخرجه النسائي ، كاب آداب القضاة،‏ ‏َبب أتويل قول هللا عز وجل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

) 143 (<br />

) 144 (<br />

قال احملقق:‏ صحيح اإلسناد موقوف،‏ تفرد به املؤلف،‏ ينظر:‏ التعليقات السنية على سنن النسائي،‏ أليب الطيب الفرجياين )463/5(.<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

)512-511-510/5( ، والقامسي هو : مجال الدين بن حممد سعيد بن قاسم احلالق ولد وتو<strong>يف</strong> بدمشق <strong>يف</strong><br />

1332-1283 (<br />

ه ) درس ‏َبلشام مث رحل ملصر وملا عاد حبس الهتامه بتأسيس مذهب جديد ، صنف ‎72‎مصنف<br />

منها : دالئل التوحيد والفتوى وإصالح املساجد من البدع وقواعد التحديث ومذاهب األعراب وفالسفة <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong>


‏"لو أخذ هذا احلديث تفسرياً‏ لاية اللتقى مع كل ما روي عن السلف فيها،‏ ألن اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا،‏ كما<br />

يطلق على قتال املشركني يطلق على كل ما فيه جماهدة للنفس <strong>يف</strong> عبادته تعاىل،‏ ومنه اهلجرة والصوم،‏ والسفر<br />

للتفقه <strong>يف</strong> الدين أو لالعتبار،‏<br />

بل ذلك هو اجلهاد األكرب هذا على إرادة التوفيق بني املأثورات"‏ )146(<br />

فهذا هو الطريق األول <strong>يف</strong> اجلمع بني املعاين الشرعية للسياحة،‏ مث ذكر الطريق اآلخر فقال:‏ ‏"أما لو أريد<br />

‏َبللفظ أصل حقيقته اللغوية،‏ أعين الضرب <strong>يف</strong> األرض خاصة،‏ الذي عرب عنه عكرمة ‏َبملنتقلني لطلب العلم،‏<br />

لكان مبفرده كافياً‏ <strong>يف</strong> املعىن ... وهو احلق <strong>يف</strong> أتويل اآلية"‏ )147(<br />

مث بني القامسي وقوفه على مقالة لبعض احملققني تؤيد ما ذهب إليه،‏ وذلك أن القرآن الكرمي كثرياً‏ ما أيمر<br />

اإلنسان أبن يضحي بقسم من حياته <strong>يف</strong> السري و<strong>السياحة</strong> الكتشاف اآلاثر،‏ والوقوف على أخبار األمم<br />

البائدة،‏ لالعتبار واالتعاظ،‏ ومثل على هذا بقوله سبحانه:‏ <br />

<br />

وقال أبن معناه:‏ السائرون،‏<br />

ألننا عهدان من ألفاظ القرآن أهنا حتمل على ظواهرها ومعانيها احلقيقية،‏ وال جيوز محلها على معان جمازية إال<br />

عند قيام القرينة املانعة من احلمل على املعىن احلقيقي لكن األمر هنا ‏َبلعكس،‏ لكثرة القرائن الدالة على إرادة<br />

املعىن احلقيقي،‏ وهي قوله <strong>يف</strong> أكثر من موضع:‏ )148 و(‏<br />

يَسِّ‏ ريُواْ‎ )150(<br />

قال<br />

)149(<br />

وأَفَلَمْ‏<br />

<br />

<br />

<br />

،<br />

وفَسِّ‏ ريُواْ‎ )151(<br />

فهذه اآلايت وغريها كثري قرائن نرية تدل على أن املراد ‏َبلسياحة السري )152(<br />

القامسي:‏ ‏"فصرف هذا اللفظ عن ظاهره تكسيل لألمة وتدبري على فتور مهتها،‏ وضعف نشاطها،‏<br />

وحيلولة بينها وبني سعادة اإلحاطة آباثر األمم البائدة،‏ ورؤية عمراان ملسكونة،‏ األمر الذي هو اآلن الضالة<br />

املنشودة عند الغربيني،‏ وفيه سرت لنور الكتاب الذي هو أول مرشد للعامل أال أيلو جهداً‏ <strong>يف</strong> السري<br />

.<br />

و<strong>السياحة</strong>"‏ )153(<br />

مث فسر القامسي قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

‏َبملعىن احلقيقي أيضاً،‏ وذكر أبن <strong>يف</strong> هذا دليل على<br />

مشروعية <strong>السياحة</strong> للنساء هلجرة أو اطالع على اآلاثر أو غريه وادعى أبن سبب تفسري بعض املفسرين<br />

اجلن وحماسن التأويل املعروف بتفسري القامسي <strong>يف</strong><br />

17<br />

جملد ، ينظر األعالم ، للزركلي )2-<br />

) 135<br />

( 145 ) <strong>يف</strong> ص ( 29 .)<br />

) 146 (<br />

) 147 (<br />

) 148 (<br />

) 149 (<br />

) 150 (<br />

) 151 (<br />

حماسن التأويل،‏ جلمال الدين<br />

املصدر السابق.‏<br />

سور األنعام،‏ اآلية<br />

سورة الروم،‏ اآلية<br />

القامسي )511/5(<br />

، والنمل،‏ اآلية 11<br />

69<br />

، وفاطر،‏ اآلية 9<br />

44<br />

سور : يوسف،‏ اآلية 109، واحلج،‏ اآلية<br />

والعنكبوت،‏ اآلية 20، والروم،‏ اآلية 42، وسبأ،‏ اآلية‎18‎‏.‏<br />

، وغافر،‏ اآلية<br />

.21<br />

46<br />

سور:‏ آل عمران،‏ اآلية 137، والنمل،‏ اآلية<br />

( 152 ‏(حماسن التأويل،‏ جلمال الدين القامسي<br />

10. و حممد،‏ اآلية 82 و غافر،‏ اآلية<br />

. 36<br />

، بتصرف.‏<br />

( 153 ) املصدر السابق )512/5( .


للسائحات ‏َبلصائمات أو املهاجرات تصوره أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد ال تناسب طبيعة النساء املأمورات<br />

‏َبحلجاب قال:‏ ‏"وكأنه <strong>يف</strong>هم من احلجاب أنه احلبس املؤيد أو كأن اهلواء نعمة خمصوصة بغري النساء،‏ أو<br />

كأهنن مل خيلقن إال لسجون البيوت اليت رمبا تكون أنكى من أعمق سجون اجلناة،‏ أو كأهنن مل خيلق هلن من<br />

هذه الدنيا الرحيبة سوى بيت واحد"‏ )154(<br />

وما أورده القامسي <strong>يف</strong> الطريق الثاين عليه بعض املآخذ وذلك أنه ‏َبلغ <strong>يف</strong> أتييد ما ذهب إليه من محل اللفظ<br />

على أصل معناه وحقيقته اللغوية،‏ حىت حرم صرفه عن هذا ونفى وجود قرائن تدل على محله على املعان<br />

اجملازية األخرى،‏ وقال أبن صرف اللفظ عن هذا املعىن تكسيل لألمة وإضعاف لنشاطها ومهتها ‏...اخل.‏<br />

<br />

وهذا غري وجيه،‏ فإن مجهور املفسرين ذهبوا إىل تفسري <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

‏َبلصيام،‏ ووردت <strong>يف</strong><br />

ذلك آاثر كما تقدم .<br />

وال يعقل أن يتجرأ مجهور سلف األمة وكبار املفسرين والعلماء على تفسري ذلك ‏َبلصيام مع عدم وجود<br />

قرائن تصرف اللفظ عن أصل معناه اللغوي وقد عهد من الشارع استعمال بعض األلفاظ <strong>يف</strong> غري معناها<br />

اللغوي على سبيل االستعارة واجملاز وقد بني املفسرون وجه ذلك كما تقدم.‏<br />

ومن جانب آخر فإن اهتمام القامسي ‏َبآلاثر وكأهنا هي الغاية األهم من <strong>السياحة</strong> حمل نظر وقوله إن <strong>يف</strong><br />

صرف اللفظ عن املعىن اللغوي حيلولة بني األمة وسعادة اإلحاطة آباثر األمم البائدة غري وجيه ف<strong>السياحة</strong><br />

للنظر <strong>يف</strong> آاثر األمم السابقة ليس املقصود هبا إدخال السعادة والبهجة على النفس والرتويح عنها بذلك<br />

األمر الذي هو الضالة املنشودة عند الغربيني كما قال!‏ وإمنا املقصود أخذ العظة والعربة واملرور بدايرهم على<br />

وجه السرعة واخلوف والبكاء ألهنا داير معذبني،‏ وقد سبق ذكر اآلايت <strong>يف</strong> السري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار<br />

واالتعاظ وسيأيت مزيد بيان هلذا ‏–مبشيئة هللا-‏ عند الكالم على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني.‏<br />

وال أدري ك<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> تفسري العلماء للسياحة ‏َبملعاين املتقدمة سرت لنور الكتاب الذي هو أول مرشد للناس<br />

أال أيلوا جهداً‏ <strong>يف</strong> السري و<strong>السياحة</strong>!‏ كما قال القامسي!‏<br />

فهذه املعاين هلا مستند شرعي وقرائن ظاهرة صرفت اللفظ عن معناه احلقيقي اللغوي إىل معان جمازية،‏ وقد<br />

قال هبا بعض الصحابة والتابعني وكبار املفسرين فك<strong>يف</strong> يكون هذا سرتاً‏ لنور الكتاب؟ معاذ هللا أن يكون <strong>يف</strong><br />

عملهم شيئاً‏ من هذا.‏<br />

وأما دعواه أبن سبب تفسري بعض العلماء للسياحة <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

‏َبلصائمات أو املهاجرات<br />

تصوره أبن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البالد ال تناسب طبيعة النساء املأمورات ‏َبحلجاب فال أعلم ما مستنده <strong>يف</strong> هذا؟<br />

) 154 (<br />

املصدر السابق )276/9(.


وهل يعقل أن <strong>يف</strong>سر أبو هريرة وابن عباس وقتادة والضحاك السائحات ‏َبلصائمات،‏ و<strong>يف</strong>سر عبدالرمحن<br />

بن زيد بن اسلم ووالده السائحات ‏َبملهاجرات وليس هلم مستند <strong>يف</strong> ذلك،‏ وإمنا هو ‏َبهلوى والعقل والتشهي<br />

؟!‏<br />

معاذ هللا أن يظن هبم مثل هذا وهم خري األمة وما ذكره القامسي ‏–عفا هللا عنه-‏ عن احلجاب حمل نظر،‏<br />

<br />

وك<strong>يف</strong> يكون قرار املرأة <strong>يف</strong> دارها سجناً‏ أنكى من سجون اجلناة؟!‏ وهللا عز وجل أمرهن ‏َبلقرار:‏ <br />

، فبيوهتن خري هلن كما أخرب النيب <br />

وليس <strong>يف</strong><br />

)155( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

تفضيل القرار ما مينع من <strong>السياحة</strong> املشروعة للنساء فقد سافر النيب وأزواجه للحج واجلهاد والعمرة<br />

واهلجرة.‏<br />

ولعل اختالف هذه املعاين من اختالف التنوع ال التضاد،‏ فإن لفظ ‏)س ي ح(‏ يدل على صحة هذه<br />

األقوال مجيعاً،‏ ف<strong>السياحة</strong> أصلها وحقيقتها الذهاب على وجه األرضكما يسيح املاء،‏ فالصائم مستمر على<br />

طاعة هللا <strong>يف</strong> إمساكه عن املفطرات وحتمله للمشقة <strong>يف</strong> ذلك،‏ فهو مبنزلة السائح واملتفكرون <strong>يف</strong> ملكوت هللا<br />

جتول قلوهبم فيما ذكروا فهم <strong>يف</strong> سري معنوي قد يرافقه سري حسي واملداوم على طاعة هللا وعبادته على الوجه<br />

املشروع مستمر <strong>يف</strong> ذلك سائر عليه أينما حل وسار <strong>يف</strong> األرض،‏ واملهاجر واجملاهد سائرون <strong>يف</strong> األرض <strong>يف</strong><br />

سبيل هللا )156(<br />

وما ذكره ابن القيم من تفسري <strong>السياحة</strong> بسياحة القلب <strong>يف</strong> ذكر هللا وحمبته واإلانبة إليه وما يرتتب على ذلك<br />

داخل <strong>يف</strong> هذا فالسائح بقلبه <strong>يف</strong> ذكر هللا وعبادته مستمر على<br />

من األفعال من جهاد وصوم وحج...اخل )157(<br />

ذلك سائر عليه بقلبه وجوارحه فكل هذه املعاين أفراد للمعىن العام للسياحة وهو السري <strong>يف</strong> األرض وال<br />

تعارض بينها.‏<br />

<br />

ولذا فسر العز بن عبدالسالم قوله تعاىل : <br />

‏–رمحه هللا-‏<br />

فقال:‏ ‏"اجملاهدون أو<br />

.<br />

الصائمون أو املهاجرون أو طلبة العلم"‏ فكلها من معاين <strong>السياحة</strong> )158(<br />

) 155 (<br />

) 156 (<br />

) 157 (<br />

) 158 (<br />

سورة األحزاب،‏ اآلية<br />

.33<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )270/4( بتصرف.‏<br />

سبق <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 46<br />

تفسري القرآن،‏ للعز بن عبدالسالم،‏ واختصار النكت للماوردي،‏ ص)‏‎218‎‏(،‏ وقال <strong>يف</strong> قوله تعاىل <strong>يف</strong> سورة التحرمي:‏ سَائِّحَات<br />

:<br />

‏"صائمات ألن الصائم كالسائح <strong>يف</strong> السفر بغري زاد أو مهاجرات لسفرهن للهجرة"‏ ص)‏‎599‎‏(.‏<br />

والعز بن عبدالسالم هو:‏ عبدالعزيز بن عبدالسالم بن أيب القاسم بن حسن السُّلَمي أبو حممد،‏ امللقب بعز الدين أو العز وبسلطان<br />

العلماء،‏ الفقيه الشافعي اجملتهد األصويل املفسر اللغوي ذو التصان<strong>يف</strong> الفائقة ولد بدمشق سنة ‎577‎ه ونشأ هبا وتوىل خطابة اجلامع<br />

األموي وحبس مث هاجر ملصر فعني قاضياً‏ للقضاة،‏ ومارس التدريس واإلفتاء جاهد ضد الترت والصليبيني ومات ‏َبلقاهرة سنة ‎660‎ه<br />

ودفن هبا،‏ تفقه على ابن عساكر واآلمدي<br />

=<br />

‏=وغريهم،‏ وصنف ما يزيد على ثالثني كتاَبً‏ منها تفسري القرآن العظيم،‏ واألمايل <strong>يف</strong> شرح


وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم الشرعي هلا معنيان:‏<br />

األول:‏ معىن عام شامل لكل ما تقدم وهو مطلق السري <strong>يف</strong> األرض الذي هو أصل الوضع اللغوي للسياحة<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

)159( ، واألصل محل الكالم على<br />

احلقيقة واألمر ‏َبلسري <strong>يف</strong> القرآن قرينة على إرادة ذلك إضافة إىل اآلايت واألحاديث األخرى اليت جاءت هبذا<br />

املعىن املطلق.‏<br />

الثاين:‏ معىن خاص وهو السري <strong>يف</strong> األرض مبا يصدق عليه اسم السفر واملقصد منه طاعة هللا،‏ وأقوال السلف<br />

كلها تدور <strong>يف</strong> هذا الفلك ولذا قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ " إن السلف تذكر أقواهلم <strong>يف</strong> اآلية فيقع <strong>يف</strong> عباراهتم تباين<br />

<strong>يف</strong> األلفاظ حيسبها من ال علم عنده اختالفاً‏ فيحكيها أقواالً‏ وليس كذلك فإن منهم من يعرب عن الشيء<br />

بالزمه أو بنظريه،‏ ومنهم من ينص على الشيء بعينه والكل مبعىن واحد".‏ )160(<br />

فهي داخلة <strong>يف</strong> هذا املعىن إما جمازاً‏ كالصيام والتفكر الذي عرب عنه ابن القيم ‏َبلسياحة القلبية أو حقيقة<br />

كاجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا واهلجرة والسفر لطلب العلم واحلج والعمرة،‏ وهبذا جتتمع األقوال ويكون اختالف<br />

تنوع )161( ، وهذا ما رجحه الشيخ عبد الرمحن بن سعدي حيث محل <strong>السياحة</strong> على السفر <strong>يف</strong> القرَبت فيدخل<br />

)162(<br />

فيها كل ما تقدم.‏<br />

الفرع الثاين:‏ املفهوم العصري للسياحة :<br />

اختلف الباحثون <strong>يف</strong> ظاهرة <strong>السياحة</strong> املعاصرة <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ها،‏ نظراً‏ الختالف الزاوية اليت ينظر منها كل ‏َبحث<br />

إىل <strong>السياحة</strong>،‏ فبعضهم ينظر إليها بوصفها ظاهرة اجتماعية وآخرون يروهنا ظاهرة اقتصادية،‏ والبعض يركز<br />

)159(<br />

)160(<br />

)161(<br />

بعض اآلايت واألحاديث واملسائل،‏ وخمتصر صحيح مسلم،‏ وبداية السول <strong>يف</strong> تفضيل الرسول وامللحة <strong>يف</strong> االعتقاد،‏ وغريها.‏ ومن<br />

أشهر تالميذه:‏ ابن دقيق العيد،‏ وعبداللط<strong>يف</strong> بن العز،‏ القرا<strong>يف</strong> ، وغريهم ، وكان الشيخ رمحه هللا أشعرايً‏ وله مواقف مشهودة <strong>يف</strong> مواجهة<br />

الفرق املخالفة كاملعتزلة واملشبهة واحلشوية وغريها.‏<br />

ينظر : سلسلة أعالم املسلمني 39، العز بن عبدالسالم،‏ د/‏ حممد الزحيلي.‏<br />

سورة الزمر،‏ اآلية:‏<br />

. 28<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع ابن قاسم )369/13(.<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

57-37، بتصرف.‏<br />

)162(<br />

ينظر:‏ تيسري الكرمي الرمحن <strong>يف</strong> تفسري كالم املنان،‏ ص )353(.


على دورها <strong>يف</strong> تنمية العالقات الدولية أو يروهنا عامالً‏ من عوامل العالقات اإلنسانية أو الثقافية،‏ إىل غري<br />

ذلك من احملاور املتنوعة )163(<br />

وقد بدأت تتبلور األفكار <strong>يف</strong> حتديد مفهوم ظاهرة <strong>السياحة</strong>،‏ مع بداية القرن العشرين،‏ فأول تعر<strong>يف</strong> حمدد<br />

للسياحة يعود إىل العامل األملاين ‏)جويري فرديلر(‏ وذلك <strong>يف</strong> عام ‎1905‎م،‏ حيث عرف <strong>السياحة</strong> أبهنا : ‏"ظاهرة<br />

عصرية تنبثق من احلاجة املتزايدة إىل الراحة وإىل تغيري اهلواء وإىل مولد اإلحساس جبمال الطبيعة ومنو هذا<br />

اإلحساس إىل الشعور ‏َبلبهجة واملتعة واإلقامة <strong>يف</strong> مناطق هلا طبيعتها اخلاصة وأيضاً‏ إىل منو االتصاالت وعلى<br />

األخص بني الشعوب وهذه االتصاالت كانت مثرة اتساع نطاق التجارة والصناعة كبرية أو متوسطة أو صغرية<br />

ومثرة تقدم وسائط النقل"‏ )164(<br />

وهذا التعر<strong>يف</strong> ينص ويؤكد على ما يلي :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

البعد االجتماعي الناتج من زايدة <strong>يف</strong> أوقات الفراغ وحاجة إىل الراحة واملتعة،‏ والتخف<strong>يف</strong> من<br />

ضغوط احلياة احلديثة،‏ وإرهاق العمل.‏<br />

أمهية التطور التكنولوجي ودوره اهلام <strong>يف</strong> تطوير االتصاالت واملواصالت.‏<br />

أمهية <strong>السياحة</strong> ودورها الفاعل <strong>يف</strong> توطيد العالقات اإلنسانية بني الشعوب.‏<br />

ويؤخذ على هذا التعر<strong>يف</strong> الطول وقصر اهلدف من <strong>السياحة</strong> على املتعة واإلقامة بعيداً‏ عن حمل السكن دون<br />

)165(<br />

حتديد إلطار احلركة وطول املسافة ومدة البقاء واجلوانب االقتصادية املرتتبة على النشاط السياحي<br />

وممن مال إىل التعر<strong>يف</strong> االقتصادي للسياحة:‏ شولرين شراتنهوفن حيث عرف <strong>السياحة</strong> أبهنا ‏"التفاعالت االقتصادية املباشرة<br />

وغري املباشرة الناجتة عن وصول زوار إىل إقليم أو دولة بعيداً‏ عن موطنهم األصلي واليت توفر اخلدمات اليت حيتاجون إليها<br />

)166(<br />

وتشبع حاجياهتم املختلفة طوال فرتة إقامتهم"‏<br />

وهذا التعر<strong>يف</strong> وإن كان مولعاً‏ ‏َبجلانب االقتصادي بدرجة أولية إال أنه ربط بني <strong>السياحة</strong> من انحية واإلقامة<br />

غري الدائمة وغري املرتبطة أبي سعي للربح املادي من انحية أخرى )167(<br />

ومن الرواد األوائل <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> العامل النمساوي ‏)هرمن فون شولرا(‏ فهو ممن حاول وضع<br />

تعر<strong>يف</strong> 30<br />

منضبطاً‏ للسياحة واعتىن <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ها ‏َبلعامل االقتصادي حيث قال:‏ ‏"هي اصطالح يطلق على كل العمليات<br />

)163(<br />

) 165 (<br />

ينظر:‏ مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس ص‎29‎‏،‏ بتصرف.‏ و<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية،‏ إبراهيم<br />

األحيدب،‏ ص‎14‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

)164( صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong>،حممد الزوكه،‏ ص‎43‎‏،ومبادئ <strong>السياحة</strong>،نعيم الظاهر وسراب إلياس،ص‎29‎و‎30‎‏.‏<br />

املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏<br />

( 166 ) صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong> ، حممد الزوكه،‏ ص‎43‎‏.‏<br />

) 167 (<br />

املصدر السابق ، بتصرف .


-1<br />

-2<br />

التالية وخصوصاً‏ العمليات االقتصادية اليت تتعلق بدخول األجانب داخل منطقة معينة أو خارج بلدة أو<br />

دولة وترتبط هبم ارتباطاً‏ مباشراً"‏ )168(<br />

وَبلنظر إىل األحباث والدراسات اليت عاجلت ظاهرة <strong>السياحة</strong> خالل العقود الثالثة األوىل من القرن العشرين<br />

جند أهنا وضعت أساسني ال بد منهما للسياحة ومها:‏<br />

أن تكون إقامة السائح <strong>يف</strong> األقاليم أو الدول اليت يسافر إليها مؤقتة تقل عن عام.‏<br />

أن يكون إنفاقه من أموال مل يكتسبها من تلك األقاليم أو الدول اليت جاء إليها بغرض <strong>السياحة</strong>.‏ )169(<br />

فقصرت <strong>السياحة</strong> على املسافر ألي دولة غري دولته وألي سبب عدا اإلقامة والعمل وبشرط أن ينفق من<br />

أموال جلبها واستفادها من غري هذه الدول وهذا خيرج السائح الداخلي أو احمللي أو الوطين عن مفهوم<br />

<strong>السياحة</strong>.‏ )170(<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎1937‎م حصرت جلنة <strong>السياحة</strong> التابعة لعصبة األمم السائحني <strong>يف</strong> الفئات التالية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

املسافرون للمتعة أو ألسباب صحية أو متعلقة ‏َبلعمل وعقد صفقات جتارية أو ألسباب خاصة.‏<br />

املسافرون <strong>يف</strong> مهمات سياسية أو علمية أو رايضية أو دينية.‏<br />

املشرتكون <strong>يف</strong> رحالت حبرية حىت ولو أمضوا <strong>يف</strong> الدولة املقصودة فرتة تقل عن<br />

واستبعدت اللجنة من فئة السياح كل من :<br />

24<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

الراغب <strong>يف</strong> اإلقامة الدائمة ‏)املهاجر(.‏<br />

الدارس <strong>يف</strong> املؤسسات التعليمية املختلفة .<br />

العابر للدولة املتوقف فيها مؤقتاً‏ أثناء طريقه لدولة أخرى ‏)الرتانزيت(.‏<br />

الساكن <strong>يف</strong> حدود دولة متامخة ويلحق ‏َبلدولة للعمل فيها.‏<br />

الوافد للدولة للبحث عن عمل.‏ )171(<br />

ساعة.‏<br />

ونتيجة هلذا احلصر اهتمت التعار<strong>يف</strong> مبعيار مدة اإلقامة واالحرتاز عن هذه الفئات،‏ فحصر الباحثان هونزيكر<br />

وكرافت عام ‎1942‎م تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> إطار ‏)الظواهر واالرتباطات الناجتة عن إقامة املسافرين غري الدائمة<br />

وغري املرتبطة أبي عمل سواء كان دائماً‏ أو مؤقتاً(.‏ )172(<br />

) 168 (<br />

) 169 (<br />

) 170 (<br />

) 171 (<br />

) 172 (<br />

مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ د/‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص‎30‎‏.‏<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ حممد الزوكه،‏ ص‎44-43‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق ، بتصرف .<br />

املصدر السابق ، بتصرف.‏<br />

مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس ص‎30‎‏،‏ ‏َبإلضافة إىل املصدر السابق،‏ ص‎45‎ وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب،‏<br />

ص‎30-29‎‏.‏


-1<br />

-2<br />

-3<br />

ووردت تعر<strong>يف</strong>ات كثرية ومتعددة لباحثني غربيني يتضح من جمموعها أن اإلطار العام للسياحة يتألف من ثالثة<br />

عناصر رئيسية هي:‏<br />

العنصر املتغري واملتمثل <strong>يف</strong> السفر للمكان املقصود.‏<br />

العنصر الثابت واملتمثل <strong>يف</strong> اإلقامة املؤقتة <strong>يف</strong> املكان املقصود.‏<br />

العنصر الناتج وهي اآلاثر والنتائج املرتتبة عن العنصرين السابقني <strong>يف</strong> اجملاالت االقتصادية واالجتماعية<br />

والطبيعية.‏ )173(<br />

وذهب بعض الباحثني العرب من املهتمني بظاهرة <strong>السياحة</strong> إىل تعر<strong>يف</strong>ها بقوله:‏ ‏"هي عبارة عن نشاط فرد<br />

يسافر ويستقر خارج مكان إقامته األصلي لفرتة ال تزيد عن العام،‏ للرتفيه أو العمل التجاري،‏ أو أي غرض<br />

من األغراض اليت تليب رغبات الفرد واحتياجاته"‏ )174(<br />

وهذا تعر<strong>يف</strong> شامل وواسع يدخل<br />

العاملي كما تقدم.‏<br />

فيه الدارس والعامل ومها من الفئات اخلارجة عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم<br />

وعرفها آخر بقوله:‏ ‏"هي التأثريات املتبادلة بني املسافرين وأهل بلد املقصد"‏ )175(<br />

ولكن هذا وإن كان مفهوماً‏ صحيحاً‏ للسياحة عموماً‏ إال أن أرَبب <strong>السياحة</strong> العاملية املعاصرة ال يرتضونه فإنه<br />

مل يتقيد بضوابطهم السابقة <strong>يف</strong> حصر <strong>السياحة</strong> على فئات معينة مع االهتمام مبعيار الوقت واآلاثر ، كما أنه<br />

تعر<strong>يف</strong> للشيء أبثره .<br />

)176(<br />

و<strong>يف</strong> املوسوعة العربية العاملية جاء تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> أبهنا:‏ ‏"توفري اخلدمات للسياح"‏ وهذا غري<br />

وجيه فاخلدمات السياحية أمر آخر وليس هو ذات <strong>السياحة</strong><br />

هذا فيما يتعلق بتعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم العصري وهناك بعض االصطالحات ذات العالقة أورد<br />

بعضاً‏ منها على سبيل اإلجياز للتفريق بينها وبني <strong>السياحة</strong> :<br />

1- التنمية السياحية :<br />

) 173 (<br />

) 174 (<br />

) 175 (<br />

) 176 (<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ حممد الزوكة،‏ ص‎46‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية،‏ انصر الطيار ص‎31‎‏.‏<br />

أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور ص‎18‎‏.‏<br />

املوسوعة العربية العاملية )313/13( ، حرف ‏)س(.‏


-2<br />

وهي عبارة عن خمتلف اخلطط والربامج اليت هتدف إىل حتقيق زايدة مستمرة متوازنة <strong>يف</strong> املوارد السياحية وتعميق<br />

وترشيد اإلنتاجية <strong>يف</strong> القطاع السياحي،‏ وهدفها حتقيق التنمية االقتصادية <strong>يف</strong> الدولة ‏َبجتذاب أكرب قد ممكن<br />

من حركة <strong>السياحة</strong> العاملية.‏ )177(<br />

املنتج السياحي :<br />

وهو املقومات األثرية واحلديثة والتسهيالت واخلدمات اليت تليب حاجات السياح من فنادق ‏–وإرشاد<br />

سياحي-‏ واتصاالت<br />

– ومطاعم –<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

اخلدمات السياحية :<br />

وغري ذلك.‏ )178(<br />

وهي ‏)جمموع الوسائل املادية الضرورية لتأمني أو تسهيل اشرتاك الناس <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>،‏ وحتقيق أهدافها وخلق<br />

واستعمال اخلدمات للسياح(‏ )179(<br />

واألوىل التعبري ‏)إبجياد(‏ بدل ‏)خلق(‏ أتدَبً‏ مع هللا عز وجل واخلدمات جزء من املنتج السياحي كما تقدم.‏<br />

املنطقة السياحية :<br />

‏)هي املكان الذي يصبح هدفاً‏ للطلب السياحي نتيجة العالقات اليت تتحقق من املغرايت السياحية اليت<br />

تتمتع هبا املنطقة(‏ )180(<br />

املشروع السياحي :<br />

هو املنشأة اليت تدم السائح بدرجة أولية مثل الفندق،‏ القرية السياحية الرتفيهية،‏ الشاليهات البحرية،‏ صاالت<br />

الرايضة والرتفيه،‏ وغريها من أماكن التنزه املتنوعة واملنشآت السياحية.‏<br />

وهدفه النهائي خدمة التنمية السياحية وتشغيل القوى املادية والبشرية واالرتقاء ‏َبقتصاد الدولة واألفراد<br />

معاً.‏ )181( ، واملشروع السياحي يشمل تقدمي اخلدمات السياحية،‏ ومها جزء من املنتج السياحي الشامل<br />

الستثمار املنشآت السياحية األثرية واحلديثة وتقدمي التسهيالت واخلدمات للسياح.‏<br />

اإلنفاق السياحي :<br />

وهي ‏)األموال اليت ينفقها السائح وتشمل تكال<strong>يف</strong> السفر واإلقامة والتنقل والطعام واخلدمات األخرى،‏ وله<br />

أثر ‏َبلغ <strong>يف</strong> اقتصاد كثري من الدول ودخلها القومي(‏ )182(<br />

) 177 (<br />

) 178 (<br />

) 179 (<br />

ينظر:‏ التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب ، د/‏ فؤادة البكري،‏ ص‎62-61‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق ، ص‎71‎<br />

، بتصرف.‏<br />

) 180 (<br />

) 181 (<br />

) 182 (<br />

تسويق اخلدمات السياحية،‏ سراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري،‏ ص‎26‎‏،‏ وينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على<br />

اقتصادايت اململكة،‏ للطيار،‏ ص‎31‎‏.‏<br />

التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب،‏ فؤادة البكري ص‎72‎‏.‏<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق.‏


7- االستثمار السياحي :<br />

(<br />

وهو ‏)توظ<strong>يف</strong> املدخرات <strong>يف</strong> إنشاء مشاريع سياحية وزايدة الطاقة اإلنتاجية وحتقيق األرَبح(.‏ )183(<br />

* التعر<strong>يف</strong> املختار للسياحة :<br />

تبني مما سبق أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املفهوم اللغوي والشرعي شاملة ملعان متعددة جيمع بينها مطلق التنقل <strong>يف</strong><br />

األرض ألي غرض،‏ وأما <strong>يف</strong> املفهوم العصري فقد تركزت على معىن السفر لغري اهلجرة والعمل وراعت<br />

التعار<strong>يف</strong> املعاصرة ما عليه العمل <strong>يف</strong> العامل املعاصر وما ضبطته املنظمات السياحية الدولية.‏<br />

وحيث أن هذا البحث يتناول بعض أحكام <strong>السياحة</strong> املعاصرة من املنظور<br />

الشرعي فمن الواجب وضع تعر<strong>يف</strong><br />

للسياحة املعاصرة يتالءم مع املفهوم الشرعي هلا ليكون البحث منصباً‏ على جانب من جوانب <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />

املفهوم الشرعي دون إنكار ‏َشول املفهوم الشرعي أللوان أخرى من <strong>السياحة</strong> وإن مل تسم <strong>يف</strong> عرف املعاصرين<br />

سياحة،‏ ولعل أقرب تعر<strong>يف</strong> للسياحة اليت هي حمور هذا البحث هو:‏<br />

السفر ملمارسة نشاط تروحيي <strong>يف</strong> مدة التزيد عن سنة<br />

شرح التعر<strong>يف</strong> وبيان حمرتزاته :<br />

.<br />

)1( )<br />

( السفر<br />

) : احرتاز من اإلقامة ف<strong>السياحة</strong> سفر،‏ واإلقامة فيها مؤقتة ، وقد يكون هذا السفر مشروعاً‏ أو غري<br />

مشروع داينة أو نظاماً‏ وال أرى حاجة لتقييد السفر ‏َبملشروعية الشرتاك <strong>السياحة</strong> املشروعة وغري املشروعة <strong>يف</strong><br />

بعض األحكام كالرتخص <strong>يف</strong> سفر املعصية على قول ، إال أنه ال يعد السفر و التنقل غري املشروع نظاماً‏<br />

سياحة عند املعاصرين.‏<br />

( ملمارسة نشاط تروحيي ) : يتضمن بيان أغراض <strong>السياحة</strong> ، والرتويح يشمل التنزه والرتفيه والتواصل<br />

اإلجتماعي بني األفراد والشعوب والدول ، والتجارة والتسوق ، والعالج ، واالستكشاف واالستطالع ،<br />

والعبادة ، فالرتويح عن النفس مسة مشرتكة بينها وهذا خيرج اهلجرة والسفر إلجناز األعمال الوظ<strong>يف</strong>ية ، فالعامل<br />

ليس سائحا <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر للسياحة .<br />

وأغراض <strong>السياحة</strong><br />

متنوعة ومتعددة وقد يغلب بعضها على مفهوم <strong>السياحة</strong> وذلك ‏َبختالف األشخاص<br />

واألزمان واألمكنة فقد تكون بعض األمور من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زمن دون غريه وهكذا،‏ كما أن من<br />

األغراض ما هو مشروع ومنها ما ليس كذلك.‏<br />

فإذا كانت أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األزمنة الفاضلة تتمثل <strong>يف</strong> العبادة<br />

أو اهلجرة أو اجلهاد أو السفر لطلب العلم أو<br />

للدعوة إىل هللا أو للتجارة وطلب الرزق فإهنا <strong>يف</strong> هذا الزمن تتناول غالباً‏ السفر للمتعة والرتفيه واالستكشاف<br />

واالستجمام والرتويح عن النفس والبدن عموما .<br />

) 183 (<br />

)1(<br />

املصدر السابق.‏<br />

و مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ د/‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص‎31‎<br />

، بتصرف.‏<br />

ينظر : www.mas.gov.sa


أما من كان غرضه اهلجرة أو العمل الوظ<strong>يف</strong>ي أو الدراسة فقط فليس سائحاً‏ <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر.‏<br />

( <strong>يف</strong> مدة التزيد عن سنة ) : ألن جتاوزها حيوله إىل مقيم وهبذا القيد ترج اهلجرة إذا كان ‏َبعثها الرتويح .


املطلب الثالث<br />

تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً‏


املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً:‏<br />

أوالً:‏ تعر<strong>يف</strong> السائح لغة :<br />

)188(<br />

43<br />

جاء <strong>يف</strong> املعجم الوسيط:‏ ‏"السائح:‏ املتنقل <strong>يف</strong> البالد للتنزه أو لالستطالع والبحث والكشف وحنو ذلك،‏<br />

)184(<br />

ومجعه سُيَّاحٌ‏ ... والسَّيَّاح : الكثري <strong>السياحة</strong>،‏ وهي:‏ سيَّاحة"‏<br />

و<strong>يف</strong> اللسان:‏ ‏"سَاحَ‏ <strong>يف</strong> األرض يَسِّ‏ يْحُ‏ سِّ‏ يَاحةً‏ وسُيُوْحَاً‏ وسَيْحَاً‏ وسَيَحَاانً‏ أي ذهب ... واملِّسْيَاحُ‏ الذي يسيح<br />

<strong>يف</strong> األرض ‏َبلنميمة والشر"‏ )185(<br />

و<strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة:‏ ‏"املساييح،‏ هم الذين يسيحون <strong>يف</strong> األرض ‏َبلنميمة والشر واإلفساد بني الناس"‏<br />

وقال <strong>يف</strong> اللسان:‏ ‏"املساييح ليس من <strong>السياحة</strong> ولكنه من التسييح والتسييح <strong>يف</strong> الثوب أن تكون فيه خطوط<br />

خمتلفة ليست من حنو واحد"‏ )186(<br />

و<strong>يف</strong> املفردات:‏ ‏"ساح فالن <strong>يف</strong> األرض مَرَّ‏ مَرَّ‏ السائح ... ورجل سائح <strong>يف</strong> األرض وسيَّاح"‏ )187(<br />

وهبذا يتبني أبن معىن السائح <strong>يف</strong> اللغة : املتنقل والذاهب <strong>يف</strong> األرض ألي غرض كان من نزهة أو عبادة أو<br />

كشف واستطالع . والسيَّاح كثري <strong>السياحة</strong>.‏<br />

اثنياً:‏ تعر<strong>يف</strong> السائح اصطالحاً‏ :<br />

ال خيرج عن املعىن اللغوي لكن املراد ذكر تعر<strong>يف</strong>ه <strong>يف</strong> اصطالح املشتغلني بعلم <strong>السياحة</strong> أي ‏)<strong>يف</strong> االصطالح<br />

ومنها :<br />

-1<br />

املعاصر(،‏ وقد أوصلها البعض إىل تعر<strong>يف</strong>اً‏<br />

‏)الشخص الذي يسافر بعيداً‏ عن بلده سواء داخل وطنه أو خارجه ليوم واحد على األقل،‏ أو ليلة<br />

واحدة(‏ )189(<br />

وقد قيد السائح مبن كان سفره بعيداً‏ عن بلده ليخرج من كان دون مسافة السفر عرفاً،‏ وحتديد املسافة<br />

مما اختلف فيه قدمياً‏ وحديثاً‏ ففي الوالايت املتحدة األمريكية حددت مسافة <strong>السياحة</strong> الداخلية خبمسني<br />

ميالً‏ و<strong>يف</strong> كندا خبمسة وعشرين ميالً‏ وقوله:‏ ‏"سواء داخل وطنه"‏ يقصد السائح احمللي أو الوطين ‏)أو<br />

خارجه(‏ يقصد السائح الدويل وقيدت املدة بيوم واحد على األقل أو ليلة واحدة .<br />

) 184 (<br />

) 185 (<br />

) 186 (<br />

) 187 (<br />

) 188 (<br />

) 189 (<br />

البراهيم مصطفى وأمحد الزايت وحامد عبدالقادر وحممد النجار،‏ )467/2-1(.<br />

البن منظور )2168/4(.<br />

املصدر السابق .<br />

املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن،‏ للراغب األصفهاين ‏)ص‎246‎‏(.‏<br />

ص‎16‎‏.‏<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> األسس واملفاهيم دراسة تطبيقية على منطقة عسري،‏ حممد القحطاين،‏ بواسطة أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏<br />

املوسوعة العربية العاملية )313/13(


2- وعرفته منظمة <strong>السياحة</strong> العاملية أبنه ‏"الشخص الذي يزور مكاانً‏ ما ويقضي هناك ليلة واحدة على األقل<br />

قبل أن يعود إىل بيته"‏ )190(<br />

وهذا كسابقه إال أنه مل حيدد املسافة ومل ينص على أقسام السائح.‏<br />

‏"املسافر من أجل املتعة والراحة على أن يقضي ليلة مبيت واحدة على األقل <strong>يف</strong> املكان املقصود"‏ )191(<br />

وقوله:‏ ‏"املسافر"‏ خيرج املسافة اليت ال تعترب سفراً‏ عرفاً،‏ وقيد غرض السائح ‏َبملتعة والراحة واالستجمام<br />

كما قيد املدة بليلة واحدة على األقل <strong>يف</strong> املكان املقصود.‏<br />

‏"الشخص الذي سافر خارج حمل إقامته األصلي ألي سبب غري الكسب املادي أو الدراسة سواء كان<br />

داخل بلده ‏)السائح الوطين(‏ أو داخل بلد غري بلده ‏)السائح األجنيب(‏ ولفرتة تزيد على<br />

قلت عن ذلك أصبح متنزهاً"‏ )192(<br />

ساعة وإن 24<br />

-3<br />

-4<br />

وعلى هذا فإن تعر<strong>يف</strong> السائح ال ينطبق على كل من :<br />

وهذا<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

املسافرون العابرون ‏)طاقم الطائرة ، الباخرة ‏....اخل(‏<br />

األشخاص املقيمون عند احلدود ويعلمون <strong>يف</strong> أراضي دولة أخرى.‏<br />

أفراد القوات املسلحة األجنبية .<br />

أعضاء اهليئات الدبلوماسية .<br />

أصحاب عقود العمل .<br />

الالجئون السياسيون أو أصحاب اإلقامة الدائمة.‏ )193(<br />

. الدارسون<br />

–<br />

ومن خالل التعار<strong>يف</strong> السابقة يتبني اتفاق أكثر التعار<strong>يف</strong> على تقييد السائح ‏َبملسافر إلخراج من كانت<br />

مسافته قصرية ال يطلق عليها سفراً‏ عرفاً‏ كما قيدت املدة بيوم أو ليلة واحدة على األقل إلخراج املسافر<br />

العابر كطاقم الطائرة وتقييد الغرض ‏َبملتعة فيه قصور،‏ ولذا عرف بعضهم السائح بقوله:‏ ‏"أي شخص يقضي<br />

ليلة على أقل تقدير خارج مقر إقامته األصلي بغض النظر عن الدوافع"‏ )194(<br />

لكن اصطلح أكثر املشتغلني بعلم <strong>السياحة</strong> على إخراج الدارس والعامل فال يعتربون سياحاً‏ عندهم.‏<br />

أعين التعر<strong>يف</strong> الرابع<br />

–<br />

هو املتبادر من لفظ السائح <strong>يف</strong> الوقت احلاضر لدى العامة .<br />

ولكون هذا البحث يهتم ‏َبجلانب الشرعي للسياحة فإن األقرب <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> السائح<br />

) 190 (<br />

املصدر السابق،‏ وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب،‏ ص‎30-29‎‏.‏<br />

( 191 ) صناعة <strong>السياحة</strong> من املنظور اجلغرا<strong>يف</strong> ، حممد الزوكه ، ص‎55‎‏.‏<br />

) 192 (<br />

) 193 (<br />

) 194 (<br />

مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس ص‎34‎‏.‏<br />

املصدر السابق .<br />

أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار،‏ ص‎31‎‏.‏


هو:‏ ‏"املسافر أكثر من يوم وليلة ألي مكان وألي غرض تروحيي " )195(<br />

‏)فاملسافر(:‏ احرتاز ممن ال يسمى مسافراً‏ عرفاً‏ لكون املسافة اليت قطعها ال يطلق عليها سفراً‏ <strong>يف</strong> العرف.‏<br />

( أكثر<br />

من يوم وليلة ) : خيرج زوار اليوم الواحد كما سيأيت ، كما خيرج املهاجر والعامل والدارس فإن إقامتهم<br />

دائمة أو مستمرة أكثر من يوم وليسوا سياحاً‏ <strong>يف</strong> املفهوم املعاصر .<br />

‏)ألي مكان(‏ يشمل السائح الداخلي واخلارجي ‏)الوطين والدويل(‏ ويشمل بالد <strong>اإلسالم</strong> وغريها.‏<br />

‏)وألي غرض ) يشمل ما كان حالالً‏ أو حراماً‏ حمموداً‏ أو مذموماً‏ واألغراض متعددة منها:‏ اهلجرة واملتعة<br />

واالستطالع والعمل والدراسة والزايرة وغري ذلك )196( ، وتتلف األغراض ‏َبختالف األعراف واألحوال كما<br />

تقدم فاملهاجر سائح حىت يستقر به املقام <strong>يف</strong> مهجره فيتحول ملقيم،‏ والدارس سائح وإن طال به املقام وكذا<br />

العامل وهكذا وهذا <strong>يف</strong> املفهوم اللغوي و الشرعي كما تقدم<br />

،<br />

وإال فإن املهاجر الدارس والعامل ال يعدون<br />

سياحاً‏ <strong>يف</strong> االصطالح املعاصر للمشتغلني ‏َبلسياحة لكون الدراسة والعمل ليسا من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />

. املفهوم العصري<br />

‏)تروحيي(‏ : فالرتويح مسة <strong>السياحة</strong> املعاصرة ، ومن األغراض الرتوحيية : الرتفيه وزايرة األقارب واألصدقاء –<br />

على املستوى الفردي واجلماعي الرمسي كالوفود السياحية الرمسية – والتسوق والتسويق ، واالستكشاف<br />

واالستطالع ، والعالج ، والعبادة وغريها ، فكلها تروح عن البدن والنفس .<br />

هذا وقد بينت اهليئة<br />

العليا للسياحة تعار<strong>يف</strong> ألكثر املصطلحات استخداماً‏ <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> ومنها:‏<br />

) 195 (<br />

وعرفه هاشم انقور <strong>يف</strong> ‏)أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها(ص‎17‎<br />

أبنه:‏ "<br />

املسافر ألي مكان وألي غرض غري هجرة وعمل قال:‏ وقويل:‏ ‏"غري<br />

هجرة وعمل"‏ إلخراج املقيم إقامة دائمة ألن السائح إقامته مؤقتة،‏ وكذا إلخراج من جاء بقصد العمل والكسب،‏ فهو وإن طال به املقام<br />

أصبح كأنه مقيم إقامة دائمة،‏ وَبلنظر إىل اجلانب االقتصادي فهو املستفيد األول من البلد ال العكس <strong>يف</strong> الغالب ‏)والتجارة عمل ولكنها<br />

غري داخله <strong>يف</strong> مقصود العمل هنا(‏<br />

."<br />

)196(<br />

ويرى بعض املعاصرين أبنه ال يليق إطالق اسم السائح على من قصد احلج والعمرة والزايرة حيث ال عالقة بني عمل السائح وعمل<br />

احلاج واملعتمر والزائر،‏ فاألعمال األخرية هي طاعات هلل تعاىل أما عمل السائح فهو جمرد عادة دنيوية وفق ما هو شائع أو عبادة مبتدعة<br />

ذات طابع رهباين واحلجاج والعمار والزوار ‏)وفد هللا(‏ وهو اللقب الالئق واملناسب هلم ومثله لقب ‏)ضيوف الرمحن(،‏ ينظر:‏ جريدة<br />

اجلزيرة،‏ عدد<br />

، 10100 األربعاء<br />

‎1421/2/20‎ه <strong>يف</strong> مقال بعنوان ‏)حنو مفهوم أعمق وأَشل للسياحة(‏ للدكتور عبد هللا الطريقي،‏ ولعله<br />

راعى املفهوم العصري للسياحة املغلب للرتفيه واملتعة الدنيوية واليت ال تتماشى مع مقاصد احلج والعمرة والزايرة وإن قلنا ال مشاحة <strong>يف</strong><br />

االصطالح وقد استعمل لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن والسنة وأطلق على أعمال القرَبت فال مانع من إطالقه على املعتمر واحلاج ‏َبعتبار<br />

‏َشول املعىن ولكون العبادة من أغراض <strong>السياحة</strong> وفيها ترويح عن نفس املؤمن ، إال أن هلذا الرأي حظ من الوجاهة والنظر.‏


<strong>السياحة</strong> احمللية:‏ ومتثل نشاطات سكان اململكة العربية السعودية املسافرين إىل مناطق داخل اململكة ولكن<br />

خارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد املدة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي<br />

أغراض أخرى.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الوافدة:‏ وتتمثل <strong>يف</strong> األنشطة اليت يقوم هبا السياح غري املقيمني <strong>يف</strong> اململكة <strong>يف</strong> منطقة ما خارج<br />

حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي<br />

أغراض أخرى.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الداخلية:‏ وهي جمموع <strong>السياحة</strong> احمللية والوافدة.‏<br />

<strong>السياحة</strong> اخلارجية:‏ ومتثل األنشطة اليت يقوم هبا املقيمون <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية حني سفرهم وإقامتهم <strong>يف</strong><br />

وجهات خارج البالد وخارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء<br />

األعمال التجارية أو أي أغراض أخرى.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الدولية:‏ وتتضمن <strong>السياحة</strong> الوافدة و<strong>السياحة</strong> اخلارجية.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الوطنية:‏ وهي جمموع <strong>السياحة</strong> الداخلية واخلارجية.‏<br />

الغرض من الزايرة:‏<br />

ويشري إىل الباعث على السفر إذ بدونه ال تتم زايرة مكان املقصد .<br />

زوار اليوم الواحد:‏<br />

زايرة اليوم الواحد سواء كانت حملية أو دولية تعين أن الزائر ال يقضي الليلة <strong>يف</strong> مسكن <strong>يف</strong> الوجهة اليت<br />

قصدها بل يعود إىل مكان سكنه <strong>يف</strong> نفس اليوم الذي سافر فيه.‏<br />

<strong>السياحة</strong>:‏ وتتضمن األنشطة اليت يقوم هبا املسافرون إىل وجهات خارج حميطهم االعتيادي على أن ال تزيد<br />

مدة الزايرة عن سنة بغرض الرتفيه أو قضاء األعمال التجارية أو أي أغراض أخرى.‏<br />

السائح:‏ سواء كان حملياً‏ أو دولياً‏ هو ذلك الشخص الذي يقضي ليلة واحدة على األقل <strong>يف</strong> مسكن خاص<br />

أو مجاعي <strong>يف</strong> املكان الذي يزوره.‏<br />

الزائر:‏ وهو أي شخص يسافر إىل مكان خارج حميطه االعتيادي ألقل من<br />

12<br />

شهراً‏ متتالية ويكون غرضه<br />

األساسي من الزايرة هو ممارسة أي نشاط على أن ال تتحمل نفقات هذا النشاط املنطقة أو املكان الذي<br />

يقوم بزايرته كما يتم تصن<strong>يف</strong>ه كسائح إذا ما أمضى ليلة واحدة أو أكثر بعيداً‏ عن بيته.‏<br />

ولتفادي اإلزدواجية فإن كل زايرة سياحية هلا منشأ رحلة واحد فقط ويقصد ‏َبملنشأ:‏ مكان اإلقامة الفعلي<br />

للزائر.‏<br />

ومن املمكن أن يكون لكل رحلة سياحية أكثر من وجهة ولكن الوجهة الرئيسية فيها واحدة فقط وهي<br />

املكان أو البلد الذي سيقضي فيها السائح فرتة أطول من أي فرتة يقضيها <strong>يف</strong> أي وجهة أخرى وعلى الرغم


من أنه قد يكون هناك أغراض متعددة لزايرة أماكن خمتلفة <strong>يف</strong> نفس الرحلة إال أن لكل زايرة سياحية غرض<br />

رئيس واحد ال تتم الرحلة بدونه.‏ )197(<br />

ينظر:‏ )197(<br />

www.mas.gov.sa


املبحث الثاني<br />

االصطالحات ذات العالقة<br />

املطلب األول<br />

تعر<strong>يف</strong> السفر


املبحث الثاين:‏ االصطالحات ذات العالقة :<br />

املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> السفر :<br />

قال <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة :<br />

‏"السني والفاء والراء أصل واحد يدل على االنكشاف واجلالء،‏ من ذلك السَّفَر ، مسي بذلك ألن الناس<br />

ينكشفون عن أماكنهم،‏ والسَّفْر : املسافرون"‏ )198(<br />

والسَّفَرُ‏ قطع املسافة واجلمع األسفار وهو خالف احلضر،‏ والسَّفْرُ‏ مجع سافر ، واملسافر كالسَّافِّر ، واملِّسْفَرُ‏ :<br />

الكثري األسفار القوي عليها.‏<br />

ويقال:‏ سفرت أسفُرُ‏ سفوراً:‏ خرجت إىل السفر،‏ فأان سَافرٌ‏ وقوم سفرٌ‏ مثل صاحب وصحب وسُفَّارٌ‏ مثل<br />

راكب وركاب،‏ وسافرت إىل بلدة كذا مُسَافَرَةً‏ وسِّ‏ فَاراً.‏ )199(<br />

قال <strong>يف</strong><br />

ويقال:‏ استفرت اإلبل:‏ تصرفت وذهبت <strong>يف</strong> األرض،‏ ويقال:‏ بعري مسفر:‏ أي قوي على السفر )200(<br />

اللسان:‏ مسي املسافر مسافراً‏ لكشفه قناع الكِّنِّ‏ عن وجهه،‏ ومنازل احلضر عن مكانه،‏ ومنزل اخلفض عن<br />

نفسه،‏ وبروزه إىل األرض الفضاء ومسي السفر سفراً‏ ألنه يسفر عن وجوه املسافرين وأخالقهم،‏ فيظهر ما كان<br />

خافياً‏ منها.‏<br />

)201(<br />

ومنه قوهلم سفرت املرأة عن وجهها إذا أظهرته فهي امرأة سافر ، وقال <strong>يف</strong> املفردات:‏ ‏"السفر كشف<br />

الغطاء وخيتص ذلك ‏َبألعيان حنو:‏ سفر العمامة عن الرأس واخلمار عن الوجه وسفر البيت كنسه ‏َبملسفر<br />

أي:‏ املكنس...‏ واألسفار خيتص ‏َبللون حنو ‏)والصبح إذا أسفر(‏ أي أشرق لونه..‏ وسفر الرجل فهو مسافر<br />

واجلمع السفر حنو ركب وسافر خص ‏َبملفاعلة اعتباراً‏ أبن اإلنسان قد سفر عن املكان واملكان سفر<br />

عنه"‏ )202(<br />

فالسفر <strong>يف</strong> أصل معناه اللغوي:‏ الظهور والربوز واالنكشاف واجلالء وقطع املسافة سفر من هذا املعىن ألنه<br />

ينكشف عن احلضر ويربز إىل األرض الفضاء وتنكشف فيه أخالق املسافر ويظهر ما كان خافياً.‏<br />

وهلذا قال عمر بن اخلطاب لرجل شهد عنده:‏ ‏"لست أعرفك وال يضرك أن ال أعرفك ائت مبن يعرفك<br />

فقال رجل من القوم:‏ أان أعرفه قال:‏ أبي شيء تعرفه؟ قال ‏َبلعدالة والفضل قال فهو جارك األدىن الذي<br />

تعرف ليله وهناره ومدخله وخمرجه؟ قال:‏ ال قال:‏ فمعاملك ‏َبلدينار والدرهم اللذين هبما يستدل على الورع؟<br />

) 198 (<br />

) 199 (<br />

) 200 (<br />

) 201 (<br />

) 202 (<br />

البن فارس )82/3(<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )2024/4( بتصرف ، والقاموس احمليط للفريوزاَبدي )49/2( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ معجم مقاييس اللغة ، البن فارس )83-82/3( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب البن منظور )2024/4( بتصرف،‏ والقاموس احمليط،‏ للفريوزاَبدي )49/2( بتصرف.‏<br />

املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن،‏ للراغب األصفهاين )233(.


قال:‏ ال قال:‏ فرفيقك <strong>يف</strong> السفر الذي يستدل به على مكارم األخالق؟ قال:‏ ال قال:‏ فلست تعرفه،‏ مث قال<br />

للرجل ائت مبن يعرفك"‏ )203(<br />

وقال الغزايل رمحه هللا:‏ ‏"وَبجلملة فإن النفس <strong>يف</strong> الوطن مع موااتة األسباب ال تظهر خبائث أخالقها<br />

الستئناسها مبا يوافق طبعها من املألوفات املعهودة،‏ فإذا محلت وعثاء السفر وصرفت عن مألوفاهتا املعتادة<br />

)204(<br />

وامتحنت مبشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوهبا فيمكن االشتغال بعالجها"‏<br />

ومل يرد حتديد السفر مبسافة معينة <strong>يف</strong> اللغة وال <strong>يف</strong> الشرع مما أدى إىل اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك والصواب هو<br />

الرجوع إىل العرف <strong>يف</strong> ذلك وعلى هذا فالسفر اصطالحاً:‏ ‏"اخلروج من العمران على قصد قطع مسافة القصر<br />

الشرعية فما فوقها"‏ )205(<br />

وبني <strong>السياحة</strong> والسفر عموم وخصوص فإن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> االصطالح الشرعي تطلق على معان غري السفر<br />

كالصيام كما أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اصطالح املعاصرين سفر خمصوص أبغراض ومدة معينة فهي من أغراض السفر<br />

وقد وردت مادة ‏)سفر(‏ <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong><br />

11 موضع.‏ )206(<br />

) 203 (<br />

) 204 (<br />

) 205 (<br />

) 206 (<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> الكربى )125/10(، كتاب آداب القاضي،‏ ‏َبب من يرجع إليه <strong>يف</strong> السؤال جيب أن تكون معرفته ‏َبطنة،‏ و<strong>يف</strong> معرفة<br />

السنن واآلاثر )237/14(، والبغوي إبسناد حسن واخلطيب <strong>يف</strong> الكفاية وغريهم عن خرشة بن أحبر ورواه ابن أيب الدنيا <strong>يف</strong> الصمت<br />

والدينوري <strong>يف</strong> اجملالسة وصححه ابن السكن ، ينظر:‏ كشف اخلفا،‏ للعجلوين )549/1(.<br />

إحياء علوم الدين،‏ للغزايل )246/2( ، وتقدم ترمجته ص<br />

40<br />

ينظر:‏ التعر<strong>يف</strong>ات،‏ للجرجاين ص‎122‎‏،‏ واملوسوعة الفقهية الكويتية )26/25(.<br />

<strong>يف</strong> سورة البقرة اآلايت 283-185-184، والنساء اآلية 43، واملائدة اآلية 6، والتوبة اآلية<br />

19، واجلمعة،‏ اآلية 5، واملدثر اآلية 34، وعبس،‏ اآلية<br />

42، والكهف<br />

.15<br />

اآلية 62، وسبأ اآلية


املطلب الثاني<br />

تعر<strong>يف</strong> اهلجرة


املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> اهلجرة :<br />

جاء <strong>يف</strong> معجم مقاييس اللغة:‏ ‏"اهلاء واجليم والراء أصالن يدل أحدمها على قطيعة وقطع،‏ واآلخر على شد<br />

شيء وربطه"‏<br />

فاألول اهلجر : ضد الوصل،‏ وكذلك اهلجران،‏ وهاجر القوم من دار إىل دار:‏ تركوا األوىل للثانية.‏ )207(<br />

و<strong>يف</strong> اللسان ‏"هجره يهجره هجراً‏ وهجراانً:‏ حَرَمَهُ‏ ، ومها يهتجران ويتهاجران واالسم اهلجرة ... واهلِّجْرَةُ‏<br />

واهلُجْرَة : اخلروج من أرض إىل أرض ...<br />

وأصل املهاجرة عند العرب خروج البدوي من ‏َبديته إىل املدن،‏ وكذلك كل خمُِّلِّ‏ مبسكنه منتقل إىل قوم<br />

آخرين بسكناه،‏ فقد هاجر قومه ومسي املهاجرون مهاجرين ألهنم تركوا دايرهم ومساكنهم اليت نشئوا هبا هلل<br />

وحلقوا بدار ليس هلم هبا أهل وال مال...‏ فكل من فارق بلده من بدوي أو حضري أو سكن بلداً‏ آخر فهو<br />

مهاجر"‏ )208(<br />

قال <strong>يف</strong> املفردات:‏ ‏"املهاجرة <strong>يف</strong> األصل مصارمة الغري ومتاركته...‏ فالظاهر منه اخلروج من دار الكفر إىل دار<br />

اإلميان كمن هاجر من مكة إىل املدينة"‏ )209(<br />

فاهلجرة <strong>يف</strong> اللغة مفارقة البلد ومصارمة الغري ومتاركته،‏ يقطع املهاجر صلته ببلده وينتقل لبلد آخر لسكناه<br />

واإلقامة الدائمة فيه فهي أخص من السفر <strong>يف</strong> اللغة،‏ ألن املهاجر يقصد اإلقامة الدائمة واهلجرة <strong>يف</strong><br />

يقول سبحانه:‏ <br />

االصطالح:‏ اخلروج من دار <strong>اإلسالم</strong> إىل دار الكفر )210(<br />

<br />

)211(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)212(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول سبحانه:‏ <br />

)213( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول جل وعال:‏ <br />

)214( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول عز وجل:‏ <br />

) 207 (<br />

) 208 (<br />

) 209 (<br />

) 210 (<br />

) 211 (<br />

) 212 (<br />

) 213 (<br />

البن فارس )34/6(.<br />

لسان العرب ، البن منظور )4616/8(، والقاموس احمليط،‏ للفريوزاَبدي )157/2(<br />

للراغب األصفهاين ‏)ص‎536‎‏(.‏<br />

املصدر السابق ، وفتح الباري ، البن حجر )270/7( ، واملغين البن قدامه )149/13(، واهلجرة والنصرة <strong>يف</strong> القرآن الكرمي،‏ موسى<br />

العليلي ص‎9‎‏،‏ وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )48/12(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة احلشر،‏ اآلية<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.218<br />

.8<br />

.97


واهلجرة <strong>يف</strong> االصطالح أخص من السفر ألهنا سفر لغرض خمصوص ومكان خمصوص وهو دار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

وقد وردت مادة ‏)هجر(‏ <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong> عشرين موضعاً.‏ )215(<br />

) 214 (<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

( 215 ) <strong>يف</strong> سور:‏ البقرة،‏ اآلية<br />

218<br />

.89<br />

، وآل عمران اآلية‎195‎ ، والنساء اآلايت<br />

100 و 97 و 89<br />

، و<strong>يف</strong> سورة األنفال اآلايت<br />

74 و و 72<br />

، 67<br />

75<br />

، والتوبة اآلايت<br />

والنور اآلية<br />

117 و 100 و 20<br />

، والنحل اآلايت<br />

، ومرمي اآلية 110 و 41<br />

، واحلج اآلية 46<br />

58<br />

22<br />

، والفرقان اآلية<br />

30<br />

، والعنكبوت اآلية 26، واألحزاب اآلية<br />

.6<br />

، واملؤمنون اآلية


املطلب الثالث<br />

تعر<strong>يف</strong> السري


املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السري :<br />

أصل مادة ‏)سري(‏ يدل على مضي وجراين يقال:‏ سار يسري سرياً،‏ وذلك يكون ليالً‏ وهناراً.‏ )216(<br />

والسَّريُْ‏ : الذهاب ، يقال:‏ سَارَ‏ يَسِّ‏ ريُْ‏ سَريَْاً‏ ومَسِّ‏ ريْ‏ اً‏ ومسريَْة وسَريْ‏ ورَة وتَسْاراً:‏ يذهب ، واالسم:‏ السِّ‏ ريَةُ.‏<br />

ويقال:‏ سار القوم يسريون سرياً‏ ومسرياً‏ إذا امتد هبم السري <strong>يف</strong> جهة توجهوا هلا.‏<br />

وقوله:‏ مسرية شهر أي املسافة اليت يسار فيها من األرض كاملنزلة أو هو مصدر مبعىن السري كاملعيشة )217(<br />

<br />

و<strong>يف</strong> املفردات:‏ ‏"السري املضي <strong>يف</strong> األرض ورجل سَائِّرٌ‏ وسَيَّارٌ‏ ، والسَيَّارةُ‏ اجلماعة،‏ قال تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

يقال سِّ‏ رْتُ‏ وسِّ‏ رْتُ‏ بفالن وسِّ‏ رْتُهُ‏ أيضاً‏ وسَريَّْتُهُ‏ على التكثري،‏ فمن األول قوله:‏ أَفَلَمْ‏ يَسِّ‏ ريُوا<br />

سِّ‏ ريُوا سِّ‏ ريُوا فِّيهَا لَيَايلِّ‏ َ ومن الثاين قوله:‏ سَارَ‏ أبَِّهْلِِّّه ومل جييء <strong>يف</strong> القرآن القسم الثالث وهو سِّ‏ رْتُه<br />

والرابع قوله:‏ وَسُريَِّتِّ‏ اجلِّْبَاُل هُوَ‏ الَّذِّي يُسَريُِّكُمْ‏ <strong>يف</strong>ِّ‏ الْربَِّ‏ وَالْبَحْرِّ‎<br />

– قُلْ‏<br />

.<br />

-<br />

–<br />

وأما قوله : سِّ‏ ريُواْ‏ <strong>يف</strong>ِّ‏ األَرْضِّ‏ <br />

)218(<br />

الفكر ومراعاة أحواله.‏<br />

فقد قيل حث على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض ‏َبجلسم،‏ وقيل حث على إحالة<br />

فالسري اصطالحاً:‏ املضي <strong>يف</strong> األرض والسري أخص من السفر فليس كل سري سفر.‏ وقد وردت مادة سري <strong>يف</strong><br />

القرآن <strong>يف</strong><br />

32 موضع.‏ )219(<br />

) 216 (<br />

) 217 (<br />

) 218 (<br />

) 219 (<br />

ينظر:‏ معجم مقاييس اللغة البن فارس )121-120/3( ، بتصرف .<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )2169/4(، والقاموس احمليط،‏ للفريوزاَبدي )54/2( واجملموع املغيث <strong>يف</strong> غرييب القرآن واحلديث،‏<br />

لألصفهاين )162/2( بتصرف.‏<br />

املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن،‏ للراغب األصفهاين ، ص‎247‎‏.‏<br />

<strong>يف</strong> سور:‏ آل عمران اآلية 137، واملائدة اآلية 96، واألنعام اآلية 11، ويوسف اآلايت<br />

، والنحل اآلية<br />

31 والرعد اآلية 109 و 65 و 19 و 10<br />

36<br />

والعنكبوت اآلايت<br />

، والكهف اآلية<br />

47<br />

، وطه اآلية 21، واحلج اآلايت<br />

، 69 والنمل اآلية 70 و 46<br />

والقصص اآلية<br />

، 29<br />

18. وسبأ اآلية 42 و 9 والروم اآلايت 20 و 19


املطلب الرابع<br />

تعر<strong>يف</strong> االرحتال


املطلب الرابع:‏ تعر<strong>يف</strong> االرحتال :<br />

أصل االرحتال:‏ رحل وهو أصل واحد يدل على مضي <strong>يف</strong> سفر،‏ يقال:‏ رَحَل ي ‏َرْحَل رِّحْلَة ومجل رحيل:‏ ذو<br />

رحلة ، إذا كان قوايً‏ على الرِّحلة والرِّحلة:‏ االرحتال .<br />

والراحلة:‏ املركب من اإلبل ويقال:‏ رَاحَلَ‏ فالنٌ‏ فالانً‏ إذا عاونه على رحلته ورَحَّله إذا أظعنه من مكانه،‏ وأرحله<br />

أعطاه راحلة.‏ )220(<br />

و<strong>يف</strong> اللسان : رحل الرجل إذا سار،‏ ورجل رَحُولٌ‏ وقوم رُحَّلٌ‏ أي يرحتلون كثرياً،‏ وارحتل البعري رحْلَةً:‏ سار<br />

فمضى،‏ مث جرى ذلك <strong>يف</strong> املنطق حىت قيل ارحتل القوم عن املكان ارحتاالً‏ ، ورحل عن املكان يرحل:‏ انتقل<br />

والرتحل واالرحتال : االنتقال وهو الرِّحْلَةُ‏ والرُّحْلَةُ،‏ والرِّحْلةُ‏ : اسم لالرحتال للمسري .<br />

يقال : دنت رحلتنا ، ورحل فالن وارحتل وترحل مبعىن<br />

والرَّحيْلُ‏ : اسم ارحتال القوم للمسري والرتحل:‏ ارحتال <strong>يف</strong> مهلة )221(<br />

و<strong>يف</strong> القاموس:‏ ‏"الرِّحلةُ‏ ‏َبلكسر االرحتال وَبلضم الوجه الذي تقصده"‏ )222(<br />

وعلى هذا فاالرحتال هو االنتقال واملضي <strong>يف</strong> السفر ، وقد وردت مادة ‏)رحل(‏ <strong>يف</strong> القرآن <strong>يف</strong> أربعة مواضع )223(<br />

) 220 (<br />

) 221 (<br />

) 222 (<br />

ينظر:‏ معجم مقاييس اللغة البن فارس )497/2( ، بتصرف .<br />

ينظر:‏ لسان العرب البن منظور )1610-1609/3( ، بتصرف.‏<br />

القاموس احمليط للفريوزاَبدي )383/3(.<br />

( 223 ) <strong>يف</strong> سور:‏ قريش،‏ اآلية<br />

2<br />

، ويوسف اآلايت<br />

.75 و 70 و 62


املبحث الثالث<br />

حاجة البشر للسياحة وتأصيل ذلك شرعاً‏ .<br />

املطلب األول<br />

حاجة البشر للسياحة


املبحث الثالث:‏ حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً‏ .<br />

املطلب األول:‏ حاجة البشر للسياحة :<br />

خلق هللا اإلنسان مدنياً‏ بطبعه،‏ خلقه وفيه دافع حب العيش مع اجلماعة،‏ فال ميكن أن يعيش منعزالً‏ عن بين<br />

جنسه ال خيالطهم وال خيالطونه فاهلل عز وجل جعل الناس بعضهم لبعض سخرايً.‏<br />

وكل بين آدم ال تتحقق وال تتم مصاحلهم الدنيوية واألخروية إال ‏َبالجتماع والتعاون والتناصر على جلب<br />

منافعهم ودفع مضارهم،‏ ولذا يقال:‏ اإلنسان مدين ‏َبلطبع.‏<br />

وإذا اجتمع الناس فال بد هلم من أمور <strong>يف</strong>علوهنا جيتلبون هبا املصلحة وأمور جيتنبوهنا ملا فيها من املفسدة.‏<br />

)224(<br />

فمما حيتاجه البشر و<strong>يف</strong>علونه الجتالب مصاحلهم أو لدفع املفاسد عنهم:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أرض هللا الواسعة.‏<br />

والباعث عليها إما أمر دنيوي كالرتفيه والتسلية و املال واجلاه أو ديين من علم أو عمل والعلم إما علم ديين<br />

أو علم أبخالق نفسه وصفاته على سبيل التجربة،‏ أو علم آبايت األرض وعجائبها،‏ أو علم دنيوي مادي.‏<br />

والعمل إما عبادة وإما زايرة،‏ فالعبادة كاحلج والعمرة ، وقد تكون الزايرة أيضاً‏ من القرَبت كما لو قصد هبا<br />

مكة أو املدينة أو بيت املقدس<br />

)225(<br />

.<br />

وكون املطلوب الدنيوي هو الرتويح عن النفس ، وطلب النزهة واملتعة،‏ مما شاع <strong>يف</strong> اآلونة األخرية حىت صار<br />

أغلب بواعث <strong>السياحة</strong> من هذا القبيل نتيجة للتطور الصناعي والتقدم التكنولوجي <strong>يف</strong> العصر احلديث<br />

، وقد عمل استطالع ‏َشل<br />

و<strong>السياحة</strong> رغبة <strong>يف</strong> الرتويح والرتفيه مما غرسه هللا <strong>يف</strong> الطبيعة البشرية )226(<br />

أسرة سعودي نتج عنه أن حوايل<br />

500<br />

%33<br />

يرون <strong>يف</strong> السفر و<strong>السياحة</strong> فرصة لتغيري املناخ والبعد عن راتبة احلياة<br />

رب<br />

اليومية،‏ و‎%26‎ يرونه وسيلة الكتشاف مناطق جديدة والتعرف على ثقافات وحضارات أخرى.‏ )227(<br />

ومثة حاجات أخرى للسياحة تتمثل <strong>يف</strong> توطيد األلفة واحملبة بني القلوب وذلك من خالل الرحالت اليت يقوم<br />

هبا املربون <strong>يف</strong> حماضن التعليم والرتبية ألبنائهم الطالب.‏<br />

يقول الشيخ حممد بن عثيمني <strong>يف</strong> احلث على هذا النوع من <strong>السياحة</strong>:‏ ‏"أحث الشباب على إقامة الزايرات<br />

فيما بينهم،‏ حىت تتوطد األلفة واحملبة بني القلوب وعليهم أن يدرسوا أحواهلم وأحوال أمتهم،‏ ليكونوا كقلب<br />

رجل واحد وما أعظم مثرة الزايرات،‏ وإذا قرنت برحالت قريبة أو بعيدة فإن هلا أثراًكبرياً،‏ وعلى املربني…‏<br />

قسط كبري من هذا التوجيه"‏ )228(<br />

) 224 (<br />

) 225 (<br />

) 226 (<br />

) 227 (<br />

) 228 (<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد،‏ )62/28( ، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ إحياء علوم الدين،‏ للغزايل )245-244/2( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة ، إبراهيم األحيدب ، ص‎5‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ اإلجازات فوائد ، حماذير ، عرب ، ألمحد سامل دويالن ، ص‎115‎<br />

، بتصرف.‏<br />

فتاوى <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت،‏ لفضيلة الشيخ حممد بن عثيمني،‏ إعداد/‏ خالد أبو صاحل<br />

- ص‎7‎‏.‏


ويؤكد اإلمام الشافعي رمحه هللا مسيس احلاجة إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والرتحال فيقول:‏<br />

م ا <strong>يف</strong> املق ام ل ذي عق ل وذي ل ب م ن راح ة ف دع األوط ان واغ رتب<br />

س افر جت د عوض اً‏ عم ن تفارق ه وانص ب ف إن لذي ذ الع يش <strong>يف</strong> النَّص بِّ‏<br />

إين رأي ت وق وف امل اء <strong>يف</strong>س ده إن س اح ط اب وإن مل جي ر مل يَط ‏ِّب<br />

واألس د ل وال ف راق األرض م ا افرتس ت والس هم ل وال ف راق الق وس مل يص بِّ‏<br />

والش مس ل و وقف ت <strong>يف</strong> الفل ك دائم ة ملله ا الن اس م ن عج م وم ن ع ربِّ‏<br />

والتِّ‏ ربُْ‏ كالت ذرْب ملق ى <strong>يف</strong> أماكن ه والع ود <strong>يف</strong> أرض ه ن وع م ن احلط بِّ‏<br />

ف إن تغ رَّبَ‏ ه ذا عَ‏ زَّ‏ مطلب ه وإن تغ رب ذاك ع ز كال ذَهَ‏ ‏ِّب )229 )<br />

وإذا كانت <strong>السياحة</strong> ظاهرة قدمية مرتبطة مبا جبل هللا البشر عليه من االجتماع واملخالطة وحتصيل املصاحل<br />

ودرء املفاسد،‏ فقد حتولت من جمرد وسيلة لتحقيق رغبات اإلنسان وحاجاته األساسية إىل ظاهرة اجتماعية<br />

وثقافية من أهدافها حتقيق املتعة والراحة واالستجمام،‏ وأصبح ينظر إليها على أهنا صناعة مركبة وهادفة إىل<br />

وصارت احلاجة إليها ليست قاصرة على األفراد فحسب بل وحىت<br />

حتقيق تقدم اقتصادي واجتماعي.‏ )230(<br />

الدول فإهنا حتتاج إىل توجيه كافة املوارد املادية والبشرية لزايدة اإلنتاج وحتقيق االستقالل االقتصادي للفرد<br />

واجملتمع ورفع مستوى الدخل وللسياحة أثر ‏َبلغ <strong>يف</strong> ذلك.‏ )231(<br />

فعندما يرتفع معدل <strong>السياحة</strong> بتزايد الدخل القومي وتتزايد العمالة ويرتفع مستوى األفراد مادايً،‏ ويتم القضاء<br />

على كثري من املشكالت خاصة البطالة،‏ وعندما يتزايد الدخل القومي تنتعش الدولة وتؤيت التنمية االقتصادية<br />

)232(<br />

مثارها.‏<br />

وكثري من الدول <strong>يف</strong> الوقت احلاضر تعتمد على <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> حتقيق أهم حاجاهتا وأغراضها وأهدافها السياسية<br />

واالقتصادية واالجتماعية بل وأحياانً‏ الدينية.‏<br />

واحلاجة إىل <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> العصر احلاضر أشد،‏ والدوافع هلا أكثر فهي جزء أساسي من احلياة االجتماعية<br />

املعاصرة واحلاجة إليها تشمل األفراد والدول.‏<br />

) 229 (<br />

) 230 (<br />

) 231 (<br />

ديوان الشافعي ، ص‎26‎<br />

.<br />

ينظر:‏ مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص‎11‎<br />

، بتصرف.‏<br />

) 232 (<br />

ينظر:‏ التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب،‏ فؤادة البكري،‏ ص‎45‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق ، بتصرف.‏


املطلب الثاني<br />

تأصيل ذلك شرعاً‏


املطلب الثاين:‏ أتصيل ذلك شرعاً‏ :<br />

تبني مما سبق أن <strong>السياحة</strong> من احلاجات املالزمة للبشر،‏ املالئمة للطبيعة اليت فطر هللا الناس عليها،‏ فهي عارض<br />

أكيد لكثري من الناس إما ألداء عبادة كاحلج والعمرة أو استشفاء أو استطالع واستكشاف أو جتارة وتسوق أو<br />

ترفيه وتسلية أوتواصل أو تغيري للبيئة ، وغري ذلك من األغراض املشروعة املباحة.‏ )233(<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> من املصاحل املعتربة شرعاً،‏ والشريعة إمنا وضعت ملصاحل العباد <strong>يف</strong> العاجل واآلجل<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

معاً)‏‎234‎‏(‏<br />

والسفر للسياحة مشروع <strong>يف</strong> اجلملة،‏ واألصل <strong>يف</strong> ذلك قول هللا تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله:‏ <br />

)235(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وسافر النيب <strong>يف</strong> اهلجرة واجلهاد واحلج والعمرة.‏<br />

)236( <br />

<br />

<br />

وعن أيب هريرة قال:‏ قال رسول هللا : ‏))سافروا تصحوا،‏ واغزوا تستغنوا((‏ )237(<br />

وجاء رجل إىل النيب فقال:‏ اي رسول هللا إين أريد سفراً‏ فزودين،‏ قال:‏ ‏))زودك هللا التقوى،‏ قال:‏ زدين،‏ قال:‏ وغفر<br />

ذنبك،‏ قال زدين أبيب وأمي،‏ قال:‏ ويسر لك اخلري حيثما كنت((‏ )238(<br />

وقال <br />

)239(<br />

: ‏))إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً‏ صحيحاً((‏<br />

ومنذ خلق هللا البشر وهم <strong>يف</strong> تنقل وارحتال،‏ وقد يسر هللا هلم سبل ذلك وامنت عليهم<br />

<br />

سبحانه فقال : <br />

)240(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه:‏ <br />

)241(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

) 233 (<br />

) 234 (<br />

) 235 (<br />

) 236 (<br />

ينظر:‏ ص )51(<br />

ينظر:‏ املوافقات،‏ للشاطيب )6/2( بتصرف.‏<br />

سورة املزمل،‏ اآلية<br />

سورة امللك،‏ اآلية<br />

.20<br />

.15<br />

) 237 (<br />

سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

) 24<br />

) 238 (<br />

) 239 (<br />

) 240 (<br />

) 241 (<br />

رواه الرتمذي وحسنه ‏–كتاب الدعوات-‏ ‏َبب منه دعاء:‏ زودك هللا التقوى ص،‏ )2006( رقم )3444(، وقال:‏ حسن غريب.‏<br />

رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب يكتب للمسافر مثل ما كان يعمل <strong>يف</strong> اإلقامة ‏)ص‎241‎‏(‏ رقم )2996(.<br />

سورة اإلسراء،‏ اآلية<br />

سورة قريش،‏ اآلايت<br />

.70<br />

. 4-1


فامنت هللا عليهم برحلتني،‏ كانت إحدامها <strong>يف</strong> الشتاء إىل اليمن،‏ ألهنا بالد حامية،‏ واألخرى إىل الشام <strong>يف</strong><br />

الص<strong>يف</strong>،‏ ألهنا بالد ‏َبردة،‏ وقيل:‏ كانوا أيضاً‏ يشتون مبكة لدفئها،‏ ويص<strong>يف</strong>ون ‏َبلطائف هلوائها،‏ وهذه من أجل<br />

النعم أن يكون للقوم انحية حر تدفع عنهم برد الشتاء،‏ وانحية برد تدفع عنهم حر الص<strong>يف</strong>،‏ فذكرهم هللا<br />

تعاىل هبذه النعمة العظيمة،‏ و<strong>يف</strong> هذا دليل على جواز تصرف الرجل <strong>يف</strong> الزمانني بني حملني،‏ يكون حاهلما <strong>يف</strong><br />

)242(<br />

كل زمان أنعم من اآلخر،‏ كاجللوس <strong>يف</strong> اجمللس البحري <strong>يف</strong> الص<strong>يف</strong> و<strong>يف</strong> القبلي <strong>يف</strong> الشتاء.‏<br />

<br />

<br />

ويقول هللا تعاىل:‏ <br />

)243( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والتعارف بني الشعوب واألمم ال يتم إال ‏َبملعاشرة واخللطة والتقارب،‏ و<strong>السياحة</strong> وسيلة لذلك وطريق<br />

)244(<br />

لتحقيقه<br />

ومن خالهلا يقوم املسلم بواجب الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتعليمه قوالً‏ وعمالً‏ وسلوكاً‏ وقد تكلم العلماء<br />

عن فوائد املخالطة وآفات العزلة وذكروا من الفوائد:‏ التعليم والتعلم،‏ واالنتفاع ‏َبلكسب واملعاملة وحتصيل<br />

الرزق،‏ والنفع للناس ومساعدهتم على قضاء حوائجهم وأتديب النفس بتحمل األذى والرتويح عنها<br />

وهذا كله يتحقق <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.‏<br />

‏َبملؤانسة،‏ ونيل الثواب ‏َبلدعوة إىل هللا واجلهاد <strong>يف</strong> سبيله وغري ذلك.‏ )245(<br />

وقد جاءت الشريعة ببيان أحكام السفر وفضله ورخصه على أم وجه وأكمله وهذا كله مما يؤكد مشروعية<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اجلملة وسيأيت مزيد تفصيل عند الكالم على أغراض <strong>السياحة</strong> وأثرها <strong>يف</strong> مشروعيتها حبول هللا<br />

تعاىل.‏ )246(<br />

واملقصود أن تكال<strong>يف</strong> الشريعة ترجع إىل حفظ مقاصدها <strong>يف</strong> اخللق وهذه املقاصد ال تعدو ثالثة أقسام.‏ )247(<br />

أحدها:‏ أن تكون ضرورية<br />

مبعىن أنه ال بد منها <strong>يف</strong> قيام مصاحل الدين والدنيا حبيث إذا فقدت مل جتر مصاحل الدنيا على استقامة ، بل<br />

على فساد وهتارج وفوت حياة،‏ و<strong>يف</strong> اآلخرة فوت النجاة والنعيم،‏ والرجوع ‏َبخلسران املبني فالشريعة هتدف إىل<br />

حفظ الضرورات اخلمس:‏ الدين والنفس والنسل واملال والعقل وهي مراعاة <strong>يف</strong> كل ملة،‏ وقد تكون <strong>السياحة</strong><br />

مبفهومها الواسع – حيث وردت مبعىن اهلجرة<br />

-<br />

) 242 (<br />

) 243 (<br />

) 244 (<br />

) 245 (<br />

بتصرف.‏<br />

من هذا الباب،‏ كما لو كانت هرَبً‏ من أذى عام أو خاص<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب،‏ )208-206( ، وأحكام القرآن،‏ البن العريب )1982/4(، وتفسري ابن كثري )666/4(،<br />

سورة احلجرات ، اآلية<br />

.13<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار،‏ ص )34-33(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ إحياء علوم الدين ، للغزايل،‏ )236/2(<br />

( 246 ) <strong>يف</strong> ص )343( .<br />

) 247 (<br />

ينظر:‏ املوافقات،‏ للشاطيب )11-8/2(، بتصرف.‏


)248(<br />

<br />

<br />

<br />

<strong>يف</strong> أمور الدين أو الدنيا،‏ كما قال إبراهيم عليه السالم ملا خاف من قومه:‏ <br />

)249( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال تعاىل عن موسى عليه السالم:‏ <br />

)250( <br />

)251(<br />

ويقول الناظم :<br />

وم ىت أم رت ببدع ة أو زل ة ف اهرب ب دينك آخ ر البل دان<br />

ال دين رأس امل ال فاستمس ك ب ه فض ياعه م ن أعظ م اخلس ران<br />

وسافر سفيان الثوري رمحه هللا بسبب غالء األسعار إىل حيث رخصها )252(<br />

.<br />

وقد أدركت الفتنة بعد مقتل عثمان عشرة آالف من الصحابة مل يشرتك فيها أربعون منهم فمنهم من<br />

هرب إىل بلد آخر ومنهم من لزم بيته.‏ )253(<br />

ف<strong>السياحة</strong> هنا من املصاحل الضرورية اليت هتدف إىل احملافظة على مقصود الشرع <strong>يف</strong> اخللق وذلك <strong>يف</strong> حفظ هذه<br />

األحوال اخلمسة وهي من أقوى املراتب <strong>يف</strong> املصاحل فكل ما تضمن حفظ هذه األحوال فهو مصلحة وكل ما<br />

<strong>يف</strong>وهتا فهو مفسدة ودفعه مصلحة وحفظ هذه الضرورايت حيقق مقصد الشارع من تشريع األحكام وهو<br />

حتقيق مصاحل العباد <strong>يف</strong> دينهم ودنياهم.‏ )254(<br />

) 248 (<br />

) 249 (<br />

) 250 (<br />

) 251 (<br />

) 252 (<br />

سورة العنكبوت،‏ اآلية<br />

سورة الصافات،‏ اآلية<br />

سورة القصص،‏ اآلية<br />

.26<br />

.99<br />

.21<br />

القحطاين <strong>يف</strong> نونيته،‏ تعليق حممد سيد،‏ ص )38(.<br />

ينظر:‏ إحياء علوم الدين،‏ للغزايل )1091/2( وسفيان الثوري هو:‏ ابن سعيد بن مسروق بن حبيب بن رافع بن عبدهللا بن موهبة بن<br />

ثور،‏ أبو عبدهللا الثوري الكو<strong>يف</strong> اجملتهد .<br />

مصنف كتاب اجلامع،‏ ولد سنة سبع وتسعني اتفاقاً،‏ وكان والده من أصحاب الشعيب وعداده <strong>يف</strong> صغار التابعني روى له اجلماعة الستة<br />

وتتلمذ سفيان على والده وأيوب السختياين وغريهم ، ويقال إن عدد شيوخه ست مائة شيخ ، أما الرواة عنه فذكر ابن اجلوزي أهنم أكثر<br />

من عشرين ألفاً.‏ حدث عنه أبو حن<strong>يف</strong>ة واألوزاعي وغريهم .<br />

قال الذهيب:‏ ‏"قد كان سفيان رأساً‏ <strong>يف</strong> الزهد،‏ والتأله واخلوف رأساً‏ <strong>يف</strong> احلفظ رأساً‏ <strong>يف</strong> معرفة اآلاثر،‏ رأساً‏ <strong>يف</strong> الفقه،‏ ال خياف <strong>يف</strong> هللا لومة<br />

الئم من أئمة الدين واغتفر له غري مسألة اجتهد فيها وفيه تشيع يسري،‏ كان ي ‏ُثَلِّث بعلي،‏ ... وكان ينكر على امللوك وال يرى اخلروج<br />

أصالً،‏ وكان يدلس <strong>يف</strong> روايته ورمبا دلس عن الضعفاء"،‏ ومات رمحه هللا <strong>يف</strong> شعبان سنة إحدى وستني ومائة . ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏<br />

للذهيب )279/229(.<br />

) 253 (<br />

) 254 (<br />

ينظر:‏ العزلة ، للخطايب ، حتقيق ايسني السواس ص)‏‎100-61‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة ، تغري األحكام بتغري األزمان ، حسني الرتتوري ، العدد<br />

59<br />

، ص‎193‎‏،‏ بتصرف.‏


أما <strong>السياحة</strong> املعاصرة – اليت هي حمور حبثنا – فليست من هذا القسم غالباً‏ .<br />

والقسم الثاين:‏ أن تكون حاجية :<br />

أي ي ‏ُفْتَقَرُ‏ إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق املؤدي <strong>يف</strong> الغالب إىل احلرج واملشقة الالحقة بفوت املطلوب،‏<br />

فإذا مل تراعَ‏ دخل على املكلفني<br />

‏–<strong>يف</strong> اجلملة-‏ احلرج واملشقة،‏ ولكنه ال يبلغ مبلغ الفساد املتوقع <strong>يف</strong> املصاحل<br />

العامة و<strong>السياحة</strong> قد تكون من املصاحل احلاجية وهذا كثري كما تقدم،‏ <strong>يف</strong> املطلب السابق.‏<br />

والقسم الثالث:‏ أن تكون حتسينية :<br />

ومعناها األخذ مبا يليق من حماسن العادات وجتنب األحوال املدل ‏ِّسات اليت أتنفها العقول الراجحات.‏<br />

و<strong>السياحة</strong> قد تكون من املصاحل التحسينية اليت يتحقق هبا هذا املقصد كما <strong>يف</strong> سياحة اللهو والرتفيه عن<br />

النفس وهو الغالب <strong>يف</strong> إ طالق <strong>السياحة</strong> املعاصر.‏<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> عموماً‏ قد تكون من املصاحل الضرورية أو احلاجية أو التحسينية.‏ )255(<br />

و<strong>السياحة</strong> املعاصرة من املصاحل احلاجية أو التحسينية <strong>يف</strong> الغالب .<br />

ومن مقاصد الشريعة حتقيق هذه املصاحل وحتصيلها،‏ ودفع ما يقابلها من املفاسد ‏"فإذا كانت املصلحة غالبة<br />

عند مناظرهتا مع املفسدة <strong>يف</strong> حكم االعتياد فهي مقصودة شرعاً،‏ ولتحصيلها وقع الطلب على العباد،‏ ليجري<br />

قانوهنا على أقوام طريق وأهدى سبيل،‏ وليكون حصوهلا أم وأقرب وأوىل بنبل املقصود على مقتضى العادات<br />

اجلارية <strong>يف</strong> الدنيا.‏<br />

فإن تبعها مفسدة أو مشقة فليست مبقصودة <strong>يف</strong> شرعية ذلك الفعل وطلبه وكذلك املفسدة إذا كانت هي<br />

)256(<br />

الغالبة ‏َبلنظر إىل املصلحة <strong>يف</strong> حكم االعتياد فرفعها هو املقصود شرعاً"‏<br />

واحلاصل أن املصاحل املعتربة شرعاً‏ خالصة غري مشوبة بشيء من املفاسد ال قليالً‏ وال كثرياً،‏ وإن توهم أهنا<br />

مشوبة،‏ فليست <strong>يف</strong> احلقيقة الشرعية كذلك،‏ والطاعة أو املعصية تعظم حبسب عظم املصلحة أو املفسدة<br />

)257(<br />

الناشئة عنها<br />

و<strong>السياحة</strong> من العادات،‏ واألصل <strong>يف</strong> العادات ‏َبلنسبة إىل املكلف االلتفات إىل املعاين واألصل <strong>يف</strong> العبادات<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> وإن كانت مشروعة <strong>يف</strong> اجلملة لكون األصل <strong>يف</strong><br />

التعبد دون اإللتفات إىل املعاين )258(<br />

) 255 (<br />

) 256 (<br />

) 257 (<br />

) 258 (<br />

ينظر:‏ املوافقات،‏ للشاطيب )11-8/2( بتصرف.‏<br />

املصدر السابق،‏ ص‎26‎ –27.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎27‎<br />

، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎300‎‏،‏ بتصرف.‏


األشياء اإلَبحة،‏ و ملا تقدم من األدلة على مشروعيتها إال أهنا تتلف ‏َبختالف الغرض منها وتفاوت املصاحل<br />

واملفاسد فيها وسيأيت مزيد بيان هلذا عند الكالم على أغراض <strong>السياحة</strong> وأثرها <strong>يف</strong> املشروعية حبول هللا تعاىل.‏<br />

والدليل على أن األصل <strong>يف</strong> العادات اإللتفات إىل املعاين أمور،‏ منها : )259(<br />

االستقراء،‏ فإان وجدان الشارع قاصداً‏ ملصاحل العباد،‏ واألحكام العادية تدور معه حيثما دار فرتى الشي<br />

الواحد مينع <strong>يف</strong> حال ال تكون فيه مصلحة،‏ فإن كان فيه مصلحة جاز،‏ كالدرهم ‏َبلدرهم إىل أجل ميتنع <strong>يف</strong><br />

املبايعة وجيوز <strong>يف</strong> القرض،‏ ومل جند هذا <strong>يف</strong> ‏َبب العبادات مفهوماً‏ كما فهمناه <strong>يف</strong> العادات .<br />

<br />

ويقول:‏ <br />

)260( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يقول هللا تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول:‏ <br />

)261(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

اآلية،‏ وغري ذلك كثري ومجيعه يشري بل يصرح ‏َبعتبار املصاحل للعباد<br />

)262( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأن األذن دائر معها أينما دارت فدل ذلك على أن العادات مما اعتمد الشارع فيها االلتفات إىل املعاين )263(<br />

و<strong>السياحة</strong> من هذا الباب.‏<br />

وملا كان الغالب <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حسب املفهوم العصري طلب املتعة واللهو والرتويح عن النفس واألهل فإنه<br />

حيسن بيان موقف الشريعة من ذلك فإن <strong>يف</strong> جنس اإلنسان جانباً‏ آخر ال بد من مراعاته،‏ وحاجة غري<br />

حاجته إىل اجلد ال بد من إشباعها،‏ وإال كانت النتيجة هي الفشل التام،‏ واإلحباط النفسي والكسل وامللل<br />

الضار حبياة الفرد وعبادته لربه ونشاطه <strong>يف</strong> ذلك وهذا اجلانب هو االستجمام والرتويح والرتفيه من خالل<br />

<strong>السياحة</strong>.‏<br />

فاملواظبة على احلزم واجلد شاقة على النفس،‏ ألهنا جبلت على حب املراوحة بني األشياء،‏ والتحول من عمل<br />

)264(<br />

آلخر.‏<br />

ولذا ملا قال حنظلة : انفق حنظلة اي رسول هللا،‏ قال له : وما ذاك؟ فقال حنظلة:‏ اي رسول هللا نكون عندك تذكران<br />

‏َبلنار واجلنة حىت كأهنا رأي العني فإذا خرجنا من عندك عافسنا األزواج واألوالد والضيعات نسينا كثرياً،‏ فقال <br />

: ‏))والذي<br />

) 259 (<br />

) 260 (<br />

) 261 (<br />

) 262 (<br />

ينظر:‏ املوافقات،‏ للشاطيب ، ص‎307-305‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

.179<br />

.188<br />

.91<br />

( 263 ‏(ينظر:‏<br />

) 264 (<br />

املصدر السابق ، ص‎305‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية،‏ إبراهيم املزروعي،‏ ص‎12-11‎ ، قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية<br />

والضوابط الشرعية،‏ ما دون رشيد،‏ ص‎140-111‎‏،‏ جملة الدعوة،‏ العدد 1752، إهدار املال <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> كفر ‏َبلنعمة،‏ إلبراهيم<br />

اخلضريي،‏ ص‎24‎‏،‏ بتصرف.‏


نفسي بيده إنكم لو تدومون على ما تكونون عندي و<strong>يف</strong> الذكر لصافحتكم املالئكة على فرشكم و<strong>يف</strong> طرقكم،‏ ولكن اي<br />

)265(<br />

حنظلة ساعة وساعة((‏ قاهلا ثالاثً‏<br />

وقوله:‏ ‏"عافسنا األزواج واألوالد والضيعات،‏ أي:‏ عاجلنا معايشنا وحظوظنا واشتغلنا هبا،‏ والضيعات مجع<br />

ضيعة وهي معاش الرجل من مال أو حرفة أو صناعة وروي عانسنا ومعناه العبنا وروي ‏َبلشني املعجمة<br />

)266(<br />

ومعناه عانقنا<br />

، قال النووي:‏ ‏"واألول هو املعروف وهو أعم،‏ قوله ‏"انفق حنظلة"‏ معناه أنه خاف أنه<br />

منافق حيث كان حيصل له اخلوف <strong>يف</strong> جملس النيب <br />

اآلخرة فإذا خرج اشتغل ‏َبلزوجة واألوالد ومعاش الدنيا،‏<br />

فخاف أن يكون ذلك نفاقاً‏ فأعلمهم النيب <br />

وساعة أي ساعة كذا وساعة كذا"ا.ه )267(<br />

ويظهر عليه ذلك مع املراقبة والفكر واإلقبال على<br />

وأصل النفاق إظهار ما يكتم خالفه من الشر<br />

أنه ليس بنفاق وأهنم ال يكلفون الدوام على ذلك وساعة<br />

قال <strong>يف</strong> اإلكمال <strong>يف</strong> شرح هذا احلديث:‏ ‏"سنة هللا تعاىل <strong>يف</strong> عامل اإلنسان أن فعله متوسط بني عامل املالئكة<br />

وعامل الشياطني،‏ فمكن املالئكة <strong>يف</strong> اخلري حبيث <strong>يف</strong>علون ما يؤمرون ويسبحون الليل والنهار ال <strong>يف</strong>رتون،‏ ومكن<br />

الشياطني <strong>يف</strong> الشر واإلغواء،‏ حبيث ال يغفلون وجعل عامل اإلنسان متلوانً،‏ وإليه أشار صاحب الشرع <br />

بقوله:‏ ‏))ولكن اي حنظلة ساعة وساعة((‏ وعلى العاقل أن تكون له ساعة يناجي فيها ربه،‏ وساعة حياسب<br />

فيها نفسه،‏ وساعة <strong>يف</strong>كر فيما صنع هللا وساعة خيلو فيها حباجته من املطعم واملشرب"‏ )268(<br />

و<strong>يف</strong> حتفة األحوذي:‏ ‏"يعين ال يكون الرجل منافقاً‏ ، أبن يكون <strong>يف</strong> وقت على احلضور و<strong>يف</strong> وقت على الفتور،‏<br />

ففي ساعة احلضور تؤدون حقوق ربكم،‏ و<strong>يف</strong> ساعة الفتور تقضون حظوظ أنفسكم"‏ )269(<br />

والرواية الثانية حلديث حنظلة أوضح وأدق <strong>يف</strong> الداللة على الطبيعة اجلبلية <strong>يف</strong> الرتويح عن النفس،‏ حيث يقول<br />

حنظلة <br />

: ‏"كنا عند رسول هللا <br />

والعبت املرأة..."‏ احلديث )270(<br />

فوعظنا فذكر النار،‏ قال مث جئت إىل البيت فضاحكت الصبيان<br />

) 265 (<br />

) 266 (<br />

) 267 (<br />

) 268 (<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب التوبة،‏ ‏َبب فضل دوام الذكر والفكر <strong>يف</strong> أمور اآلخرة واملراقبة ..)1154( رقم )2750(، وقال<br />

الرتمذي:‏ هذا حديث حسن صحيح،‏ ينظر:‏ حتفة األحوذي،‏ للمباركفوري )218/7( وحنظلة هو:‏ بن الربيع بن ص<strong>يف</strong>ي بن رَبح بن<br />

احلارث التميمي األسيدي أبو ربعي املعروف حبنظلة الكاتب وهو ابن أخي<br />

أكثم بن ص<strong>يف</strong>ي حكيم العرب نزل الكوفة مث انتقل إىل قرقيسيا،‏ روى عن النيب ، وروى عنه أبو عثمان النهدي واحلسن البصري<br />

وقتادة ومل يدركه وغريهم،‏ وشهد مع خالد بن الوليد حروبه ‏َبلعراق،‏ قيل مسي الكاتب ألنه كتب للنيب الوحي تو<strong>يف</strong> بعد علي معتزال<br />

الفتنة،‏ وقال حممد بن إسحاق بعث رسول هللا حنظلة إىل أهل الطائف،‏ وقال ابن حبان مات <strong>يف</strong> أايم معاوية رضي هللا عنهم.‏<br />

ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )43-42/2-1(، وهتذيب التهذيب،‏ البن حجر )60/3(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ شرح صحيح مسلم ، للنووي،‏ راجعه خليل امليس،‏ )73-72/18(، بتصرف ، وتقدمت ترمجته ص<br />

املصدر السابق.‏<br />

إكمال إكمال املعلم شرح صحيح مسلم ، لأليب املالكي الوشتاين،‏ )156/7(.<br />

37<br />

) 269 (<br />

حتفة األحوذي،‏ للمباركفوري )218/7(.


فإقرار النيب لتلون نفس حنظلة وتقلبها بني اجلد والعبادة من جهة وبني املرح واالنبساط والرتفيه<br />

والرتويح من جهة أخرى اعرتاف شرعي ودليل مساوي على اعتبار الرتويح والرتفيه من كماالت النفس<br />

ولوازمها األساسية املعينة على أداء احلقوق والقيام ‏َبلعبادات على أكمل وجه.‏ )271(<br />

قال <strong>يف</strong> اآلداب الشرعية:‏ ‏"وكان عليه الصالة والسالم يالعب احلسن واحلسني،‏ ويداعبهما،‏ وسابق عائشة،‏<br />

ويداري زوجاته،‏ والعاقل إذا خال بزوجاته وإمائه . . . داعب ومازح وهازل ليعطي للزوجة والنفس حقها<br />

)272( "<br />

وذكر ابن القيم رمحه هللا أبن احلصول على قسط كاف من االستجمام والراحة إلزالة التعب واإلرهاق،‏<br />

وجتديد النشاط والقدرة على العلم وتقوية طاقة احلركة أمر ضروري لإلنسان،‏ وال بد من العدل <strong>يف</strong> ذلك وهو<br />

التوسط بني طر<strong>يف</strong> اإلفراط والتفريط.‏ )273(<br />

والشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية أبصوهلا وفروعها تعامل اإلنسان على أساس مراعاة غرائزه النفسية وحاجاته اجلسدية،‏<br />

فكفلت له القدر الكا<strong>يف</strong> إلشباعها مع وضع األطر وحتديد الضوابط لتصر<strong>يف</strong>ها وإمتاعها،‏ و<strong>يف</strong> هذا إقرار<br />

واعرتاف حبق البدن <strong>يف</strong> أخذ نصيبه من الراحة واالستجمام،‏ وحق الروح <strong>يف</strong> أن تنال حظها من الرتويح<br />

والتلطف ليقوى كل منهما على متابعة الطريق إىل اآلخرة بلطف وثبات.‏<br />

ف<strong>اإلسالم</strong> دين الفطرة يتعامل مع النفس البشرية مبا يالئم فطرهتا السوية،‏ ويواكبها بدون انفالت أو كبت<br />

)274(<br />

فالتوازن صبغته،‏ والسماحة منهجه.‏<br />

ونظرة <strong>اإلسالم</strong> إىل الرتويح تقوم على قاعدتني :<br />

األوىل:‏ واقعية <strong>اإلسالم</strong> ، فهو يعيش واقع اإلنسان وظروفه ويتالئم مع فطرته وطبيعته واختالف ميوله ورغباته،‏<br />

ف<strong>اإلسالم</strong> دين احلياة والفطرة لكنه ضبط هذه الرغبات وامليول مبا حيقق النفع العاجل واآلجل.‏<br />

الثانية:‏ ‏َشولية <strong>اإلسالم</strong> وكماله :<br />

فهو شامل لكل مناحي احلياة،‏ والنيب ما ترك خرياً‏ إال ودل األمة عليه وال شراً‏ إال وحذر األمة منه.‏ )275(<br />

)276( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأحكام الشريعة شاملة كاملة كما قال سبحانه:‏ <br />

وقال<br />

)277( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

سبحانه:‏ <br />

،<br />

) 270 (<br />

) 271 (<br />

) 272 (<br />

) 273 (<br />

) 274 (<br />

عند مسلم وسبق ترجيه <strong>يف</strong> الصفحة السابقة .<br />

ينظر:‏ قضااي اللهو والرتفيه،‏ ما دون رشيد<br />

البن مفلح احلنبلي،‏ )248-247/3(.<br />

ينظر:‏ الفوائد،‏ البن القيم ‏)ص‎198‎<br />

، ص‎114‎ – 115 ، بتصرف.‏<br />

– ،)200 بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية،‏ إبراهيم املزروعي،‏ ص‎12-11‎<br />

بتصرف.‏<br />

، قضااي اللهو والرتفيه،‏ مادون رشيد‎121‎<br />

) 275 (<br />

املصدر السابق،‏ ص‎122‎<br />

، بتصرف.‏


وقد مارس النيب بطبيعته البشرية جوانباً‏ متعددة من ألوان الرتفيه واللهو والرتويح املباح فكان خيرج<br />

ويداعب ويسابق.‏<br />

قال جابر بن مسرة ملا سئل:‏ أكنت جتالس رسول هللا ؟ قال:‏ ‏))نعم كان طويل الصمت،‏ وكان<br />

أصحابه يتناشدون الشعر عنده ويذكرون أشياء من أمر اجلاهلية ويضحكون،‏ فيبتسم معهم إذا<br />

)278(<br />

ضحكوا((‏<br />

وأذن <br />

للحبشة أن يلعبوا بسهامهم وحراهبم على عادهتم <strong>يف</strong> مسجده<br />

أن تنظر إليهم وهو يقول:‏ ‏))دونكم اي بين أرفدة((‏ )279(<br />

الشر<strong>يف</strong>،‏ وأذن لعائشة رضي هللا عنها<br />

وأَبح للنساء الغناء املباح وضرب الدف <strong>يف</strong> األعراس واألعياد )280( ، وكذا أصحابه رضوان هللا عليهم فقد كانوا<br />

ميثلون أمنوذج املسلم املتوازن <strong>يف</strong> حياته بني حاجات الروح ومطالب اجلسد.‏<br />

يقول أحدهم:‏ ‏"مل يكن أصحاب رسول هللا مُتَحزقني وال متماوتني،‏ وكانوا يتناشدون األشعار <strong>يف</strong> جمالسهم،‏ ويذكرون أمر<br />

جاهليتهم ، فإذا أريد أحدهم على شيء من دينه دارت محاليق عينيه"‏ )281(<br />

) 276 (<br />

) 277 (<br />

) 278 (<br />

سورة األنعام،‏ اآلية<br />

سورة النحل،‏ اآلية<br />

.38<br />

.89<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب املساجد ومواضع الصالة،‏ ‏َبب فضل اجللوس <strong>يف</strong> مصاله بعد الصبح،‏ ص)‏‎782‎‏(‏ رقم )286(،<br />

وجابر بن مسرة هو ابن جنادة بن جندب أبو خالد السوائي ويقال أبو عبدهللا،‏ روى عن النيب <br />

=<br />

‏=وسكن الكوفة وحدث عنه<br />

الشعيب ومساك وأبو إسحاق السبيعي وغريهم،‏ شهد فتح املدائن،‏ وله وألبيه صحبة ، وهو حل<strong>يف</strong> بين زهرة وأمه خالدة بنت أيب وقاص<br />

أخت سعد،‏ أخرج له أصحاب الصحيح مات <strong>يف</strong> والية بشر بن مروان على العراق سنة ست وسبعني وقيل سنة ست وستني،‏ قال<br />

الذهيب:‏ ‏)واألول أصح(‏ ، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> اإلصابة:‏ ‏"تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> والية بشر على العراق سنة أربع وسبعني".‏<br />

ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )2-1<br />

/<br />

) 279 (<br />

) 280 (<br />

211( ، سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )188-186/3(.<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العيدين،‏ ‏َبب احلراب والدرق يوم العيد ‏)ص‎74‎‏(‏ رقم )949( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة العيدين،‏<br />

‏َبب الرخصة <strong>يف</strong> اللعب الذي ال معصية فيه <strong>يف</strong> أايم العيد ص)‏‎816‎‏(‏ رقم )19(، وقوله:‏ ‏))دونكم((‏ قال ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )511/2(<br />

: ‏)َبلنصب على الظرفية مبعىن اإلغراء واملغرى به حمذوف وهو لعبهم ‏َبحلراب وفيه إذن وتنهيض هلم وتنشيط.‏ قوله ‏))اي بين أرفدة((...‏<br />

قيل هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس هلم ، وقيل اسم جدهم األكرب وقيل املعىن اي بين اإلماء(.‏<br />

ينظر:‏ صحيح البخاري،‏ أول كتاب العيدين ، ص)‏‎75-74‎‏(،‏ كتاب النكاح،‏ ‏َبب ضرب الدف <strong>يف</strong> النكاح،‏ ص)‏‎445‎‏(‏ رقم<br />

جامع الرتمذي ، كتاب النكاح،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> إعالن النكاح ص )1756( رقم<br />

الزفاف <strong>يف</strong> السنة املطهرة وحترمي آالت الطرب للشيخ حممد انصر الدين األلباين رمحه هللا.‏<br />

،5147<br />

1088<br />

) 281 (<br />

=<br />

وما بعده ، ولالستزادة ينظر:‏ كتايب آداب<br />

القائل:‏ أبو سلمة بن عبدالرمحن ، واألثر أخرجه البخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد،‏ ‏َبب الكرب ص)‏‎190‎‏(،رقم )555( وابن أيب شيبة <strong>يف</strong><br />

مصنفه )524-523/8( وحسنه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )557/556/10( =<br />

وحسنه األلباين <strong>يف</strong> تعليقه على األدب املفرد وقال:‏ ‏"متحزقني:‏ أي متقبضني وجمتمعني وقيل للجماعة حزقة النضمام بعضهم إىل بعض،‏<br />

وقوله ‏)متماوتني : يقال متاوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم،‏ محاليق عينيه:‏ مجع محالق<br />

العني وهو ما يسوده الكحل من ‏َبطن أجفاهنا وهو كناية عن فتح العينني والنظر بنظر شديد ص‎190‎‏.‏


‏))وصلى أبو بكر العصر مث خرج ومعه علي،‏ فرأى احلسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه<br />

أبيب شبيهٌ‏ ‏َبلنيب،‏ ليس شبيهاً‏ بعلي،‏ وعلي يضحك((‏ )282(<br />

وقال:‏<br />

وكان أصحاب رسول هللا <br />

يتبادحون ‏َبلبطيخ،‏ فإذا كانت احلقائق كانوا هم الرجال )283(<br />

.<br />

، وقال أيضاً:‏ ‏"إن للقلوب شهوة وإقباالً‏<br />

وقال ابن مسعود:‏ ‏"أرحيوا القلوب،‏ فإن القلب إذا أكره عمي"‏ )284(<br />

)285(<br />

وفرتة وإدَبراً،‏ فخذوها عند شهواهتا وإقباهلا،‏ وذروها عند فرتهتا وإدَبرها"‏<br />

وهذا يوضح أبن الدين <strong>اإلسالم</strong>ي دين السماحة واليسر،‏ فقد رفع هللا سبحانه عن أمتنا ما كان على األمم<br />

السابقة من مشقة التكال<strong>يف</strong> فديننا يعدو إىل عدم املغاالة <strong>يف</strong> الدين واإلفراط املؤدي إىل امللل واإلجهاد<br />

املؤدي<br />

إىل االنقطاع والفتور،‏ فالتشدد يتناَف مع روح <strong>اإلسالم</strong> كما قال سبحانه:‏ <br />

<br />

)286( <br />

<br />

فليس بدين شعوذة وال رهبنة وال تعقيد بل دين حياة وسعادة وغذاء<br />

)287(<br />

للجسم والروح فالعبادة غذاء األرواح وَبلرتفيه االستعانة على ذلك.‏<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> ألجل الرتفيه والرتويح عن النفس واألهل أمر مشروع تقتضيه الفطرة السليمة وتقره<br />

الطباع املستقيمة،‏ وأحكام الشريعة السمحة .<br />

وأما قوله <br />

: ‏))ليس اللهو إال <strong>يف</strong> ثالثة:‏ أتديب الرجل فرسه ومالعبته امرأته ورميه بقوسه((‏ و<strong>يف</strong> رواية:‏<br />

‏))كل ما يلهو به الرجل املسلم ‏َبطل إال رميه بقوسه وأتديبه فرسه ومالعبته أهله((‏ )288(<br />

أي نوع خارج عن هذه الثالثة.‏<br />

) 282 (<br />

رواه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب املناقب،‏ ‏َبب صفة النيب ص)‏‎289‎‏(‏ ، رقم<br />

.3542<br />

) 283 (<br />

رواه البخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد،‏ ‏َبب املزاح،‏ ص‎66‎<br />

، رقم .268<br />

) 284 (<br />

) 285 (<br />

) 286 (<br />

ينظر:‏ هبجة اجملالس وأنس اجملالس،‏ البن عبدالرب،‏ ص )115(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.185<br />

) 287 (<br />

) 288 (<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ عبدالباري داود،‏ ص )107-99(، بتصرف .<br />

أخرجه الرتمذي كتاب فضائل اجلهاد،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> فضل الرمي<br />

اجلهاد ، ‏َبب الرمي <strong>يف</strong> سبيل هللا،‏ )2646( رقم<br />

.<br />

2811<br />

فإنه قد يوهم حرمة<br />

<strong>يف</strong> سبيل هللا ‏)ص/‏‎1820‎‏(‏ رقم )637( وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب<br />

والنسائي <strong>يف</strong> كتاب اخليل والسبقوالرمي<br />

‏)ص/‏‎324‎‏(‏ رقم )3608( ، وقال الرتمذي حسن صحيح،‏ وقال احلافظ العراقي <strong>يف</strong> تريج اإلحياء<br />

–<br />

‏َبب أتديب الرجل فرسه<br />

)411-410/2( <strong>يف</strong><br />

سنده<br />

اضطراب قال األلباين <strong>يف</strong> ترجيه لفقه السرية،‏ ص‎221‎‏:‏ ‏)وبيانه:‏ أنه رواه عبدالرمحن بن يزيد بن جابر عن أيب إسالم عن خالد بن زيد<br />

عن عقبة وبه أخرجه أبو داود والنسائي واحلاكم وأمحد وخالفه حيىي بن أيب كثري فقال:‏ حدثنا أبو سالم عبدهللا األزرق عن عقبة بن عامر<br />

أخرجه الرتمذي وابن ماجة وأمحد وقال الرتمذي:حديث حسن)‏‎6/3‎‏(‏<br />

وقال احلاكم:‏ ‏)صحيح اإلسناد )9/2( ووافقه الذهيب وكأهنم مل يقفوا على هذا االضطراب الذي نبه عليه احلافظ العراقي رمحه هللا،‏ وأيضاً‏<br />

فإن له علة أخرى هي جهالة خالد بن زيد وعبدهللا بن األزرق وهو بن زيد بن األزرق فسواء كانت الرواية عن هذا أو ذاك فهي معلولة<br />

للجهالة . نعم ذكرا حلاكم للحديث شاهداً‏ من حديث أيب هريرة وقال إنه صحيح على شرط مسلم فتعقبه الذهيب أبن فيه سويد بن عبد<br />

العزيز وهو مرتوك(‏ أ.ه .


و<strong>يف</strong> رواية:‏ ‏))كل شيء ليس من ذكر هللا عز وجل فهو لغو وهلو أو سهو إال أربع خصال:‏ مشي الرجل بني<br />

الغرضني،‏ وأتديبه فرسه،‏ ومالعبته أهله وتعلم السباحة((‏ )289(<br />

فهذا قد <strong>يف</strong>هم منه أن مجيع أنواع اللهو والرتفيه عن النفس ‏َبلسياحة وغريها حمرم إال هذه اخلصال،‏ وقد<br />

اختلف احملدثون والفقهاء <strong>يف</strong> هذا احلديث .<br />

فحمل بعضهم احلديث على ظاهره وجعله مفيداً‏ لتحرمي مجيع أنواع اللهو إال ما ذكر وقيل ليس املراد حترمي ما<br />

عدا ذلك وإمنا املراد أنه عار من الثواب ال تعلق له ‏َبآلخرة وهو ‏َبق على اإلَبحة.‏ )290(<br />

ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رمحه هللا:‏ ‏"الباطل من األعمال هو ما ليس فيه منفعة فهذا يرخص فيه<br />

للنفوس اليت ال تصرب على ما ينفع،‏ وهذا احلق <strong>يف</strong> القدر الذي حيتاج إليه،‏ <strong>يف</strong> األوقات اليت تقتضي ذلك:‏<br />

األعياد،‏ األعراس،‏ وقدوم الغائب وحنو ذلك،‏ وهذه نفوس النساء والصبيان فهن اللوايت كن يغنني <strong>يف</strong> ذلك<br />

على عهد النيب وخلفائه،‏ ويضربن ‏َبلدف،‏ وأما الرجال فلم يكن ذلك فيهم،‏ بل كان السلف يسمون<br />

الرجل املغين:‏ خمنثاً،‏ لتشبهه ‏َبلنساء..‏ وأما اللذة اليت ال تعقب لذة <strong>يف</strong> دار القرار وال أملاً‏ ، وال متنع لذة دار<br />

القرار فهذه لذة ‏َبطلة،‏ إذ ال منفعة فيها،‏ وال مضرة،‏ وزماهنا يسري ليس لتمتع الناس هبا قدر،‏ وهي ال بد أن<br />

تشغل عما هو خري منها <strong>يف</strong> اآلخرة وإن مل تشغل عن أصل اللذة <strong>يف</strong> اآلخرة،‏ وهذا هو الذي عناه النيب <br />

بقوله:‏ ‏))كل هلو يلهو به الرجل فهو ‏َبطل ...(( احلديث...‏ لكن ما أعان على اللذة املقصودة من اجلهاد<br />

والنكاح فهو حق وأما ما مل يعن على ذلك فهو ‏َبطل ال فائدة فيه،‏ ولكنه إن مل يكن فيه مضرة راجحة مل<br />

حيرم ومل ينه عنه...‏ وحمبة النفوس للباطل نقص لكن ليس كل اخللق مأمورين ‏َبلكمال،‏ وال ميكن ذلك فيهم،‏<br />

فإذا فعلوا ما به يدخلون اجلنة مل حيرم عليهم ما ال مينعهم من دخوهلا"‏ )291(<br />

وللحديث شاهد آخر بلفظ:‏ ‏))كل شيء ليس من ذكر هللا عز وجل فهو لغو وهلو أو سهو إال أربع خصال:‏ مشي الرجل بني الغرضني<br />

وأتديبه فرسه ومالعبته أهله،‏ وتعلم السباحة((‏ أخرجه النسائي <strong>يف</strong> الكربى <strong>يف</strong> كتاب عشرة النساء،‏ ‏َبب مالعبة الرجل زوجته )302/5(<br />

رقم )8939(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )269/6-5( : ‏)رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط والكبري والبزار ورجال الطرباين رجال الصحيح،‏ خال<br />

عبد الوهاب بن خبت وهو ثقة(ا.ه ، وصححه املنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )280/2( ، وابن حجر <strong>يف</strong> اإلصابة )225/1( واأللباين كما <strong>يف</strong>:‏<br />

صحيح اجلامع الصغري )175/4-3(، رقم<br />

4410 والسلسلة،‏ ،)562/1( رقم .)315(<br />

) 289 (<br />

) 290 (<br />

) 291 (<br />

حديث صحيح تقدم ترجيه <strong>يف</strong> اهلامش السابق،‏ وهو أصح من الرواية األوىل.‏<br />

فمن الصنف األول:‏ اخلطايب <strong>يف</strong> معامل السنن ومن الصنف الثاين:‏ ابن العريب <strong>يف</strong> عارضة األحوذي ، ينظر:‏ معامل السنن للخطايب،‏ تريج<br />

عبدالسالم عبدالشا<strong>يف</strong>،‏ )210-209/2-1(، وعارضة األحوذي البن العريب،‏ وضع حواشيه مجال مرعشلي )102-100/8-7(.<br />

االستقامة،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ حتقيق حممد رشاد سامل،‏ )277/1(، وقال الغزايل معلقاً‏ على احلديث:‏ ‏"قوله ‏َبطل ال يدل على<br />

التحرمي بل على عدم الفائدة وقد يسلم ذلك على أن التلهي ‏َبلنظر إىل احلبشة خارج عن هذه الثالثة وليس حبرام بل يلحق ‏َبحملصور<br />

غري احملصور قياساً‏ كقوله : ‏))ال حيل دم امرئ مسلم إىل إبحدى ثالث((‏ فإنه يلحق به رابع وخامس فكذلك مالعبته المرأته ال


أ<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-<br />

وخالصة جواب أهل العلم عن احلديث ال خيرج عن أربعة أمور هي :<br />

أن معىن لفظة ‏))َبطل((:‏ ما ال ثواب فيه وال إمث.‏<br />

أن ما عدا ما ذكر ليس حمرماً‏ لكن منه ما هو مباح ومنه ما هو حمرم.‏<br />

أن هذا املباح قد يكون مكروهاً‏ <strong>يف</strong> حق من هو قادر على تصر<strong>يف</strong> وقته فيما هو مستحب.‏<br />

إذا كان املباح تعقبه فائدة أخروية فهو من هذه الثالثة )292(<br />

وال شك أن للنية أثر ‏َبلغ <strong>يف</strong> حتويل العمل من عادة إىل عبادة كما <strong>يف</strong> احلديث:‏ ‏))إمنا األعمال ‏َبلنيات وإمنا<br />

لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إىل هللا ورسوله فهجرته إىل هللا ورسوله ومن كانت هجرته إىل دنيا<br />

يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه((‏ )293(<br />

فمن نوى بسياحته جتديد النشاط واالستعانة بذلك على عبادة هللا سبحانه أو نوى بسياحته اجلمع بني<br />

الرتفيه والرتويح وعمل آخر من القرب اليت يتقرب هبا إىل هللا سبحانه من دعوة أو تعليم أو أتديب وغري ذلك<br />

فإن سياحته ترتقي من دائرة اإلَبحة إىل الندب والعبادة،‏ ومما يقع فيه كثري من الناس الغلو <strong>يف</strong> حترمي <strong>السياحة</strong><br />

الرتفيهية من ‏َبب الزهد والبعد عن الشبه وهذا أمر <strong>يف</strong> غاية اخلطورة فإن أصل الدين أن احلالل ما أحله هللا<br />

ورسوله واحلرام ما حرمه هللا ورسوله والدين ما شرعه هللا ورسوله ليس ألحد أن خيرج عن ذلك وال جيوز أن<br />

يقال هذا مستحب أو مشروع أو مكروه أو حمرم إال بدليل شرعي وحترمي احلالل من أصول الضالل فمعظم<br />

الضالل <strong>يف</strong> األرض إمنا نشأ من أصلني:‏<br />

اتاذ دين مل يشرعه هللا . ب-‏ حترمي ما مل حيرمه هللا .<br />

ولذا قرر علماء األمة أن أعمال اخللق تنقسم إىل قسمني:‏ عبادات وعادات واألصل <strong>يف</strong> العبادات أن ال<br />

يشرع منها إال ما شرعه هللا واألصل <strong>يف</strong> العادات أن ال حيظر منها إال ما حظره هللا.‏ )294(<br />

<br />

ولذا أنكرا هلل على من حرم احلالل فقال:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه:‏ <br />

)295( <br />

<br />

)296( <br />

<br />

<br />

) 292 (<br />

) 293 (<br />

فائدة له إال التلذذ،‏ و<strong>يف</strong> هذا دليل على أن التفرج <strong>يف</strong> البساتني ومساع أصوات الطيور وأنواع املداعبات مما يلهو به الرجل ال حيرم عليه<br />

شيء منها وإن جاز وصفه أبنه ‏َبطل"‏ ينظر اإلحياء للغزايل وبذيله كتاب املغين عن محل األسفار <strong>يف</strong> األسفار <strong>يف</strong> تريج ما <strong>يف</strong> اإلحياء<br />

من األخبار للعراقي،‏ )411-410/2(.<br />

ينظر:‏ قضااي اللهو والرتفيه ، مادون رشيد ، ص‎140‎ واألحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية،‏ للمزروعي ص‎15‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب بدء الوحي،‏ ‏َبب ك<strong>يف</strong> كان بدء الوحي إىل رسول هللا ‏)ص<br />

كتاب اإلمارة ، ‏َبب قوله : ‏))إمنا األعمال ‏َبلنيات((‏ ‏)ص<br />

1( رقم )1( ، ومسلم <strong>يف</strong><br />

)1019 رقم .)1907(<br />

) 294 (<br />

) 295 (<br />

ينظر:‏ الغلو <strong>يف</strong> الدين <strong>يف</strong> حياة املسلمني املعاصرة،‏ د/‏ عبدالرمحن اللوحيق،‏ ص‎400‎<br />

سورة األعراف،‏ اآلية<br />

– ،401 بتصرف.‏<br />

. 32


وقال سبحانه:‏ <br />

)297( <br />

<br />

<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

)298(<br />

فال أعظم من حترمي ما أحله هللا وأَبحه لعباده والناس <strong>يف</strong> املباحات على ثالثة أقسام:‏<br />

قوم ال يتصرفون فيها إال حبكم األمر الشرعي وهو حال نبينا <br />

وقوم يتصرفون فيها حبكم إرادهتم والشهوة اليت ليست حمرمة وهو حال النيب امللك واألبرار أهل اليمني.‏<br />

وقوم ال يتصرفون هبذا وال هبذا أما األول فلعدم علمهم به وأما الثاين فلزهدهم فيه والزهد النافع املشروع<br />

الذي حيبه هللا ورسوله ليس حترمياً‏ للحالل وغلواً‏ وتبتالً‏ وإمنا هو زهد فيما ال ينفع <strong>يف</strong> اآلخرة وأما الزهد<br />

<strong>يف</strong> النافع فجهل وضالل،‏ واملنافع اخلالصة أو الراجحة الزهد فيها محق والورع املشروع هو الورع عما قد<br />

تاف عاقبته وهو ما يعلم حترميه أو يشك <strong>يف</strong> حترميه فتدخل فيه احملرمات والشبهات ألهنا قد تضر.‏<br />

.<br />

ومتام الورع أن يعم اإلنسان خري اخلريين وشر الشرين ويعلم أن الشريعة مبناها على حتصيل املصاحل وتكميلها<br />

وتعطيل املفاسد وتقليلها وإال فمن مل يوازن ما <strong>يف</strong> الفعل والرتك من املصلحة الشرعية واملفسدة الشرعية فقد<br />

يدع واجبات و<strong>يف</strong>عل حمرمات.‏ )299(<br />

وما مل يعلم هل هو بعينه مباح ال مضرة فيه أو فيه مضرة مثل السفر إىل مكان معني أو شخص معني،‏<br />

والذهاب إىل مكان معني أو شخص معني،‏ فإن جنس هذا العمل ليس حمرماً‏ وال كل أفراده مباحه،‏ بل حيرم<br />

على اإلنسان أن يذهب إىل حيث حيصل له ضرر <strong>يف</strong> دينه فأمره ‏َبلكف حىت يظهر أو يتبني له <strong>يف</strong> الباطن أن<br />

هذا مصلحة،‏ ألنه إذا مل يتبني له أن الذهاب واجب أو مستحب مل ينبغ له فعله،‏ وإذا خاف الضرر ينبغي له<br />

تركه وإذا تبني له أنه مصلحة راجحة كان حسناً.‏ )300(<br />

) 296 (<br />

) 297 (<br />

) 298 (<br />

) 299 (<br />

) 300 (<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

سورة النحل،‏ اآلية<br />

.87<br />

.116<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )408-615-511-469/10(، بتصرف.‏<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق )521/10(، بتصرف،‏ ويقول ابن القيم رمحه هللا <strong>يف</strong> طريق اهلجرتني وَبب السعادتني ‏)ص‎322‎‏(:‏ ‏"الزهد على أقسام:‏<br />

‏)أحدها(:‏ فرض على كل مسلم وهو الزهد <strong>يف</strong> احلرام وهذا مىت أخل به انعقد سبب العقاب فال بد من وجود مسببه ما مل ينعقد سبب<br />

آخر يضاده.‏ ‏)الثاين(:‏ زهد مستحب وهو على درجات <strong>يف</strong> االستحباب حبسب املزهود فيه،‏ وهو الزهد <strong>يف</strong> املكروه،‏ وفضول املباحات<br />

والتغين <strong>يف</strong> الشهوات املباحة.‏ ‏)الثالث(:‏ زهد الداخلني <strong>يف</strong> هذا الشأن وهم املشمرون <strong>يف</strong> السري إىل هللا وهو نوعان:‏<br />

أحدمها:‏ الزهد <strong>يف</strong> الدنيا مجلة وليس املراد تليها من اليد وال إخراجها وقعوده صفراً‏ منها وإمنا املراد إخراجها من قلبه ‏َبلكلية فال يلتفت<br />

إليها وال يدعها تساكن قلبه وإن كانت <strong>يف</strong> يده .. والنوع الثاين:‏ الزهد <strong>يف</strong> نفسك وهو أصعب األقسام وأشقها...اخل.‏<br />

وقال املاوردي <strong>يف</strong> نصيحة امللوك ، ص )523(: ‏"إن هللا عز وجل خلق مجيع ما <strong>يف</strong> هذا العامل خللقه ال لنفسه،‏ فلم حيظر عليهم شيئاً‏ منها<br />

خبالً‏ به عليهم وال استئثاراً‏ به دوهنم ... ‏–ولكن-‏ نظراً‏ منه هلم ورمحة هبم وإبقاء عليهم وتعويضاً‏ ملا هو أنفع هلم وأبقى،‏ وأزين وأهبى ،<br />

وأعم لصالحهم وأوىل،‏ فوقع احلظر والتحرمي <strong>يف</strong> كل ما وقعا فيه جلهات من العلل معلومة وأغراض للخلق عند العلماء مفهومة...‏ والناس<br />

<strong>يف</strong> هذا الباب على طبقات ثالث : فمنهم:‏ الناسك الورع الذي يدع كثرياً‏ مما أحل هللا له،‏ ويقنع من الدنيا ‏َبلقوت الذي يزجي به يومه،‏


فتبني هبذا أن جنس <strong>السياحة</strong> مشروع غري حمرم ولكن ليس كل أفراده مباحة بل يتفاوت ذلك حبسب الغر ض<br />

من <strong>السياحة</strong> واملوازنة بني املصاحل واملفاسد فيها.‏<br />

والناس خمتلفون وهم <strong>يف</strong> اإلميان والعمل على درجات،‏ فمنهم الذي يكون منشغالً‏ مبا هو أفضل من <strong>السياحة</strong><br />

بدافع جمرد الرتويح فهذا ال ينبغي له أن <strong>يف</strong>عل من املباحات ومنها هذه <strong>السياحة</strong> إال ما يستعني به على<br />

الطاعة.‏<br />

وهذا سبيل املقربني السابقني الذين يتقربون إىل هللا تعاىل ‏َبلنوافل بعد الفرائض وال يزالون على ذلك فاألفضل<br />

<strong>يف</strong> حقهم ترك <strong>السياحة</strong> جملرد النزهة النشغاله مبا هو أفضل ما مل حيتج لذلك لالستعانة به على الطاعة وجتديد<br />

النشاط وتقوية اهلمة.‏<br />

و إال ففضول املباح اليت ال تعني على الطاعة عدمها خري من وجودها إلشغاهلا عن الطاعة املتحققة عند<br />

عدمها.‏<br />

ومن الناس من يكون منشغالً‏ مبا هو أقل مرتبة من <strong>السياحة</strong> الرتفيهية إن مل يكن <strong>يف</strong> دائرة املنهيات فسياحة<br />

مثل هذا وفق الضوابط الشرعية تسهم <strong>يف</strong> نقله من درجة إىل درجة أعلى وهذا مقصد شرعي فاملباحات إذا<br />

شغلت عما دوهنا أو عن املعاصي فهي مقصودة مطلوبة وإن كان االشتغال ‏َبلطاعات خري منها.‏ )301(<br />

)301(<br />

رغبة عنها وزهداً‏ فيها...اخل ومنهم:‏ املتهتك مبحارم هللا الذي ال <strong>يف</strong>كر <strong>يف</strong> عاقبة،‏ وال ينظر <strong>يف</strong> آخره ‏...اخل ومنهم:‏ من رغب من الدنيا <strong>يف</strong><br />

لذة العيش،‏ وطيب احلياة،‏ ومن اآلخرة <strong>يف</strong> نيل األجر والثواب ، فتوخى فيه احلالل،‏ واجتنب احلرام ومتتع ‏َبلدنيا وقام بوظائف الدين<br />

وأمل أن يكون من الذين أاتهم هللا <strong>يف</strong> الدنيا حسنة و<strong>يف</strong> اآلخرة حسنة..اخل.‏<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص 189-187، بتصرف،‏ وهو استنباط ملا قرره النووي <strong>يف</strong> اجملموع <strong>يف</strong><br />

كالمه عن املباحات.‏


الفصل األول<br />

أحكام <strong>السياحة</strong>


املبحث األول<br />

أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong><br />

املطلب األول<br />

سياحة القاضي


الفصل األول:‏ أحكام <strong>السياحة</strong><br />

املبحث األول:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong><br />

املطلب األول:‏ سياحة القاضي :<br />

للقضاء منزلة رفيعة ومكانة شر<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ وهو من أجل األعمال وأهم الوظائف وأخطرها<br />

شأانً‏ فبه تعصم الدماء أو تسفك وحترم األبضاع أو تنكح،‏ ويثبت ملك املال أو يسلب.‏<br />

وألمهيته وخطورته وتناوله لرقاب الناس وأبضاعهم وأمواهلم كان طبيعياً‏ أن هتتم األنظمة القضائية قاطبة<br />

‏َبلقضاء والقضاة ال سيما النظام <strong>اإلسالم</strong>ي القائم على العدل واإلنصاف املستمد من نور النبوة فالقضاء <strong>يف</strong><br />

<strong>اإلسالم</strong> من أجل األمور قدراً‏ وأعزها مكانة فهو أعظم واجبات اخلل<strong>يف</strong>ة وأهم وظائفه وقد تواله النيب <br />

بنفسه وواله بعض أصحابه.‏<br />

يقول ابن خلدون <strong>يف</strong> املقدمة:‏ ‏"وأما القضاء فهو من الوظائف الداخلة حتت اخلالفة ألنه منصب الفصل بني<br />

الناس <strong>يف</strong> اخلصومات حسماً‏ للتداعي وقطعاً‏ للتنازع إال أنه ‏َبألحكام الشرعية املتلقاة من الكتاب والسنة،‏<br />

فكان لذلك من وظائف اخلالفة ومندرجاً‏ <strong>يف</strong> عمومها"‏ )302(<br />

وقد أوىل النيب وخلفاؤه الراشدون ومن بعدهم عناية واهتماماً‏ <strong>يف</strong> اختيار األصلح لوالية القضاء واهتم<br />

الفقهاء ببيان شروط القاضي وواجباته وآدابه وشروط صحة تقليده ومن يصلح للقضاء ومن ال يصلح ...<br />

اخل وذلك حىت ال يتوىل القضاء إال من كان أهالً‏ له.‏<br />

وال شك أن من يتوىل القضاء سيكون له منزلته ومكانته الرفعية <strong>يف</strong> اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي فالقاضي إما أن يكون<br />

اخلل<strong>يف</strong>ة نفسه أو من ينيبه،‏ فال بد فيمن هذا قدره أن يكون على درجة عالية من احملامد واملكارم واهليبة<br />

تتناسب مع شرف القضاء وأمهيته،‏ وقد ذكر املاوردي <strong>يف</strong> نصيحة امللوك أبنه ال أحد أحق ‏َبختيار احملامد من<br />

امللك،‏ ألنه ال يكون مؤدايً‏ حق جاللته وعارفاً‏ بفضل منزلته،‏ حىت يرتك كثرياً‏ من شهوات النفس ولذات<br />

) 302 (<br />

مقدمة ابن خلدون،‏ ص‎174‎‏،‏ وابن خلدون هو:‏ ويل الدين عبدالرمحن بن حممد بن حممد بن حممد بن احلسن بن جابر بن خلدون<br />

ويرجع أصله إىل العرب اليمانية <strong>يف</strong> حضرموت ونسبه إىل وائل بن حجر ، ولد ابن خلدون بتونس <strong>يف</strong> غرة رمضان سنة ‎732‎ه ، حفظ<br />

القرآن وتفقه <strong>يف</strong> القراءات السبع ودرس شيئاً‏ من التفسري واحلديث والفقه والنحو واللغة على أشهر أساتذة تونس.‏<br />

وكان من أبرز فقهاء املالكية،‏ وتسلم عدداً‏ من املناصب السياسية،‏ ويالحظ على شعره وجود مسحة من التصوف وأنه ينحو منحى<br />

الشعراء الصوفيني كما يتضح ذلك مما دونه <strong>يف</strong> املقدمة عن التصوف.‏<br />

وكان ممن درس عليه املقريزي وابن حجر،‏ وعني ابن خلدون عام ‎786‎ه قاضياً‏ لقضاة املالكية مبصر مث عزل مث ويل مرة اثنية مث<br />

عزل وجال <strong>يف</strong> البالد وصنف املقدمة املشهورة مبقدمة ابن خلدون وله كتاب العرب وهو مقدمة لكتابه الضخم الشهري <strong>يف</strong> التاريخ،‏ وقد<br />

ترجم له ابن حجر والسخاوي وابن تغرى بردى وابن اخلطيب ، وكانت وفاته ‏َبلقاهرة عام ‎807‎ه وقيل ‎808‎ه ، ودفن مبقابر الصوفية<br />

وله من العمر ست وسبعون سنه ومخسة وعشرون يوماً.‏ ينظر:‏ ابن خلدون حياته وثرائه الفكري،‏ حممد عبدهللا عنان.‏


البدن <strong>يف</strong> جنب الفضائل اليت جيب عليه حيازهتا،‏ فيختار التدين على التهتك،‏ والعلم على اجلهل والعقل على<br />

احلمق واحللم على الطيش والرزانة على اخلفة والصدق على الكذب والتواضع على التكرب والعدل على اجلور<br />

والصواب على اخلطأ فإن لكل شيء من املذام مثرة مذمومة ولكل شيء من احملامد عاقبة حممودة )303(<br />

والقاضي أوىل الناس ‏َبلتزام هذا.‏<br />

فينبغي ملن توىل هذا املنصب الشر<strong>يف</strong> أال يشتهر ‏َبلفعل السيء القبيح وال شك أن القاضي بشر يعرض له<br />

ما يعرض لغريه من بين جنسه وحيتاج إىل ما حيتاجه الناس من طلب الراحة بعد عناء العمل واألنس مع<br />

األهل بعد شغب اخلصوم وجلجهم ، وقد تقدم بيان احلاجة إىل <strong>السياحة</strong> وأتصيلها شرعاً)‏‎304‎‏(‏<br />

فالقاضي حباجة إىل <strong>السياحة</strong> كغريه،‏ لكن عظم منزلته وخطورة منصبه ومكانته بني الناس،‏ جتعله متميزاً‏ عن<br />

غريه <strong>يف</strong> قضاء حوائجه وهذا يستدعي بيان ضوابط هذه <strong>السياحة</strong> وأثرها على عدالته وعلى نفاذ أحكامه <strong>يف</strong><br />

غري حمل الوالية.‏<br />

وفيما يلي بيان هذين الفرعني :<br />

الفرع األول:‏ أثرها على عدالته :<br />

اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي حمل خالف بني الفقهاء و<strong>السياحة</strong> قد تكون قادحة <strong>يف</strong> العدالة وقد ال تكون<br />

كذلك،‏ وهذا راجح إىل تعر<strong>يف</strong> العدالة وضابط <strong>السياحة</strong> فهل كل سياحة تقدح <strong>يف</strong> العدالة أم ال؟<br />

وما ضابط <strong>السياحة</strong> غري القادحة <strong>يف</strong> عدالة القاضي ؟<br />

هذا كله حيتاج إىل بيان ما يلي :<br />

املسألة األوىل:‏ تعر<strong>يف</strong> العدالة :<br />

فالعدل خالف اجلور،‏<br />

وهو <strong>يف</strong> اللغة:‏ القصد <strong>يف</strong> األمور،‏ أي التوسط فيها من غري إفراط وال تفريط،‏ والعدل<br />

من الناس:‏ املرضي قوله وحكمه،‏ ورجل عدل أي بنيِّ‏ العدل،‏ والعدالة وصف ‏َبملصدر معناه:‏ ذو عدل<br />

)305(<br />

ويقال:‏ عدالن وعدول واألنثى:‏ عدلة<br />

) 303 (<br />

ينظر:‏ نصيحة امللوك ، للماوردي،‏ حتقيق حممد احلديثي ، ص‎96‎ ، بتصرف ، واملاوردي هو:‏ أبو احلسن علي بن حممد بن حبيب<br />

البصري املاوردي الشافعي حدث عنه أبو بكر اخلطيب ووثقه وقال:‏ ‏"مات <strong>يف</strong> ربيع األول سنة مخس وأربع مائة،‏ وقد بلغ ستاً‏ ومثانني<br />

سنة،‏ وويل القضاء ببلدان شىت مث سكن بغداد".‏<br />

وتفقه ‏َبلبصرة على أيب القاسم الصيمري مث ارحتل إىل االسفراييين ومن مصنفاته:‏ احلاوي <strong>يف</strong> الفقه،‏ وتفسري للقرآن مساه النكت ، وأدب<br />

الدنيا والدين،‏ واألحكام السلطانية،‏ واإلقناع خمتصر <strong>يف</strong> املذهب قال ابن الصالح:‏ ‏"هو متهم ‏َبالعتزال وكنت أأتول له وأعتذر عنه حىت<br />

وجدته خيتار <strong>يف</strong> بعض األوقات أقواهلم"،‏ مات ببغداد سنة<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )68-64/29( .<br />

‎450‎ه .<br />

( 304 ) <strong>يف</strong> ص .)80(<br />

) 305 (<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )2838/5 وما بعدها(،‏ واملفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن،‏ لألصفهاين <strong>يف</strong> ص‎325‎‏،‏ التعر<strong>يف</strong>ات،‏<br />

للجرجاين،‏ حتقيق حممد عيون السود ص‎150‎ ، القوانني الفقهية،‏ البن جزي،‏ ص‎203‎‏،‏ بتصرف.‏


ومنه قوله سبحانه:‏ <br />

)306(<br />

أي عدوالً،‏ فالعدل والوسط مبعىن واحد.‏<br />

وأما <strong>يف</strong> االصطالح : فقد تعددت تعر<strong>يف</strong>ات الفقهاء للعدالة،‏ فقال اجلمهور : هي صفة زائدة على <strong>اإلسالم</strong><br />

وهو أن يكون ملتزماً‏ لواجبات الشرع ومستحباته،‏ جمتنباً‏ للمحرمات واملكروهات،‏ وقال أبو حن<strong>يف</strong>ة:‏ يكفي <strong>يف</strong><br />

العدالة ظاهر <strong>اإلسالم</strong> وأن ال تعلم منه جرحة.‏ )307(<br />

قال <strong>يف</strong> بداية اجملتهد:‏ ‏"وسبب اخلالف:‏ كما قلنا ترددهم <strong>يف</strong> مفهوم اسم العدالة املقابلة للفسق"‏ )308(<br />

، فقد<br />

اختلفوا أيضاً‏ <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> الفسق وهل يقتصر على ارتكاب الكبائر فقط أم يشمل غريها كما اختلفوا <strong>يف</strong> حد<br />

الكبرية.‏<br />

ومما قيل <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> العدالة:‏ أهنا:‏ ‏"صفة توجب مراعاهتا االحرتاز عما خيل ‏َبملروءة عادة <strong>يف</strong> الظاهر"‏ )309(<br />

والعدل:‏ ‏"من تكون حسناته غالبة على سيئاته"‏ )310(<br />

وقيل:‏ العدل ‏"من مل تظهر منه ريبة"‏ )311(<br />

قال ابن قدامة:‏ ‏"ومجلته أن العدل هو الذي تعتدل أحواله <strong>يف</strong> دينه وأفعاله.‏ قال القاضي:‏ يكون ذلك <strong>يف</strong><br />

الدين واملروءة واألحكام أما الدين فأن ال يرتكب كبرية وال يداوم على صغرية...‏ وال خيرجه عن العدالة فعل<br />

) 306 (<br />

) 307 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.143<br />

) 308 (<br />

) 309 (<br />

) 310 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بدائع الصنائع للكاساين )423/6( بداية اجملتهد،‏ البن رشد )308/4(، املغين،‏ البن قدامه )150/14(<br />

البحر احمليط،‏ للزركشي،‏ حترير عمر األشقر )273/4(.<br />

بداية اجملتهد،‏ البن رشد )308/4(.<br />

املوسوعة الفقهية الكويتية )5/30( .<br />

بدائع الصنائع ، للكاساين )423/6(، درر احلكام شرح جملة األحكام )406/4( املادة<br />

.1705<br />

) 311 (<br />

املغين،‏ البن قدامة )150/14(.


)312(<br />

قيل اللمم صغار<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

صغرية،‏ لقول هللا تعاىل:‏ <br />

الذنوب،‏ وألن التحرز منها غري ممكن"‏ )313(<br />

و<strong>يف</strong> منتهى اإلرادات:‏ ‏"العدالة هي استواء أحواله <strong>يف</strong> دينه واعتدال أقواله وأفعاله ويعترب هلا شيئان:‏ الصالح <strong>يف</strong><br />

الدين وهو أداء الفرائض برواتبها فال تقبل ممن داوم على تركها واجتناب احملرم أبن ال أييت كبرية وال يدمن<br />

على صغرية....‏ الثاين:‏ استعمال املروءة بفعل ما جيمله ويزينه وترك ما يدنسه ويشينه عادة"‏ )314(<br />

وقال املاوردي:‏ العدالة:‏ ‏"أن يكون صادق اللهجة ظاهر األمانة عف<strong>يف</strong>اً‏ عن احملارم متوقياً‏ للمآمث بعيداً‏ عن<br />

)315(<br />

الريب مأموانً‏ <strong>يف</strong> الرضا والغضب مستعمالً‏ ملروءة مثله <strong>يف</strong> دينه"‏<br />

وإذا أتملنا هذه التعار<strong>يف</strong> وجدانها تكاد تتفق على تعر<strong>يف</strong> العدالة أبهنا هيئة راسخة ي النفس يرتتب عليها<br />

اجتناب الكبائر وعدم اإلصرار على الصغائر والبعد عن كل ما خيل ‏َبملروءة )316(<br />

فما تقدم ال خيرج عن هذا،‏ ولكن البعض يدخل <strong>يف</strong> العدالة أموراً‏ خيالفه فيها غريه لكوهنا ليست كبرية مثالً‏ أو<br />

ليست مقنعة أو ليست خارمة للمروءة ألن هذا مما خيتلف فيه الناس ‏َبختالف أعرافهم وعاداهتم وأماكنهم<br />

فما يعد خارماً‏ للمروءة <strong>يف</strong> بلد أو زمان قد ال يعد كذلك <strong>يف</strong> بلد أو زمان آخر فاالختالف <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> العدالة<br />

راجع إىل هذه األمور كما تقدم وقد اختلف العلماء <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> الكبرية فمنهم من عرفها ‏َبلعد ومنهم من<br />

) 312 (<br />

سورة النجم،‏ اآلية<br />

،32<br />

وابن قدامة هو:‏ موفق الدين أبو حممد عبدهللا بن أمحد بن حممد بن قدامه املقدسي اجلماعيلي احلنبلي<br />

الدمشقي صاحب املغين.‏<br />

ولد جبماعيل من عمل انبلس سنة إحدى وأربعني ومخس مائة <strong>يف</strong> شعبان،‏ وهاجر مع أهله وهو ابن عشر سنني،‏ وحفظ القرآن ولزم<br />

االشتغال من صغره.‏<br />

ودرس على علماء بدمشق واملوصل ومكة،‏ وحدث عنه ابن النجار وابن بدران وابن الصري<strong>يف</strong> وابن الفراء وغريهم،‏ كان عامل أهل الشام <strong>يف</strong><br />

زمانه وإمام احلنابلة جبامع دمشق،‏ صنف املغين والكا<strong>يف</strong> واملقنع والعمدة ومسألة العلو واالعتقاد وعاشوراء وفضل العشر وخمتصر العلل<br />

للخالل وغريها كان رمحه هللا إماماً‏ <strong>يف</strong> التفسري والفقه واحلديث وعلم اخلالف والفرائض وأصول الفقه والنحو واحلساب واملنازل،‏ وكان<br />

مناظراً‏ ومل يناظر أحداً‏ إال وهو يبتسم وما روى أكثر احتماالً‏ منه وما علم أنه أوجع قلب طالب وال يراه أحد إال أحبه،‏ تو<strong>يف</strong> يوم السبت<br />

يوم الفطر ودفن من الغد سنة عشرين وست مئة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )173-165/22(.<br />

) 313 (<br />

) 314 (<br />

) 315 (<br />

) 316 (<br />

املصدر السابق.‏<br />

منتهى اإلرادات،‏ للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي،‏ حتقيق الرتكي )360/5(.<br />

أدب القاضي ، للماوردي ، حتقيق حميي السرحان )634/1(، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

104<br />

ينظر:‏ املستصفى،‏ للغزايل،‏ حتقيق محزه حافظ )231/2( بتصرف،‏ وقال:‏ ‏"وَبجلملة كل ما يدل على ركاكة دينه إىل حد يستجرئ<br />

على الكذب ‏َبألغراض الدنيوية"،وينظر:‏ القضاء <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ فاروق مرسي،ص‎171‎‏.‏


عرفها ‏َبحلد والذين عرفوها ‏َبلعد اختلفت أقواهلم فمنهم من قال سبعة وقيل سبعة عشر وقيل إهنا إىل<br />

السبعني أقرب ‏....اخل )317(<br />

وقال شارح الطحاوية إن هذه األقوال جمرد دعوى )318(<br />

واجلمهور على تعر<strong>يف</strong>ها ‏َبحلد )319(<br />

وقال القرا<strong>يف</strong>:‏ ‏"الصغرية والكبرية <strong>يف</strong> املعاصي ليس من جهة من عصي بل من جهة املفسدة الكائنة <strong>يف</strong> ذلك<br />

)320(<br />

الفعل فالكبرية ما عظمت مفسدهتا،‏ والصغرية ما قلت مفسدهتا"‏<br />

وقال العز بن عبدالسالم:‏ ‏"مل أقف ألحد من العلماء على ضابط للكبرية ال يسلم من االعرتاض،‏ واألوىل<br />

ضبطها مبا يشعر بتهاون مرتكبها بدينه إشعاراً‏ دون الكبائر املنصوص<br />

ضابط جيد"‏ )322(<br />

عليها"‏ )321(<br />

.<br />

، قال ابن حجر:‏ ‏"وهو<br />

وقال ابن الصالح:‏ للكبائر أمارات منها إجياب احلد،‏ واإليعاد عليها ‏َبلعذاب ‏َبلنار وحنوها <strong>يف</strong> الكتاب<br />

والسنة،‏ ومنها وصف صاحبها ‏َبلفسق ومنها:‏ اللعن )323(<br />

) 317 (<br />

) 318 (<br />

) 319 (<br />

) 320 (<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ شرح العقيدة الطحاوية،‏ البن أيب العز،‏ حتقيق الرتكي واألرانؤوط ص‎525‎‏،‏ واملوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )148/34(،<br />

ينظر:‏ شرح العقيدة الطحاوية،‏ البن أيب العز،‏ حتقيق الرتكي واألرانؤوط ، ص‎527‎‏.‏<br />

املصادر السابقة،‏ وفتح الباري،‏ البن حجر )423/10(، وتفسري القرطيب )158/5( و )106/9(، وتفسري ابن كثري )302/4(،<br />

البحر احمليط <strong>يف</strong> أصول الفقه،‏ للزركشي )276/4(.<br />

الفروق ، للقرا<strong>يف</strong> )66/4(، وهو شهاب الدين أبو العباس أمحد بن أيب العالء إدريس بن عبدالرمحن الصنهاجي املصري القرا<strong>يف</strong>،‏ انتهت<br />

إليه رائسة الفقه على مذهب مالك،‏ كان ‏َبرعاً‏ <strong>يف</strong> الفقه واألصول والعلوم العقلية،‏ وله معرفة ‏َبلتفسري تتلمذ على العز بن عبدالسالم<br />

وأبو بكر املقدسي وغريمها =<br />

=<br />

) 321 (<br />

من مصنفاته:‏ الذخرية <strong>يف</strong> الفقه املالكي،‏ والقواعد،‏ والتنقيح <strong>يف</strong> األصول واألمنية <strong>يف</strong> إدراك النية واإلحكام <strong>يف</strong> الفرق بني الفتاوى<br />

واألحكام واليواقيت <strong>يف</strong> أحكام املواقيت واالنتقاد <strong>يف</strong> االعتقاد،‏ تو<strong>يف</strong> بدير الطني <strong>يف</strong> مجادى اآلخرة عام أربعة<br />

‏َبلقرافة.‏<br />

ينظر:‏ الديباج املذهب،‏ البن فرحون )239-236/2-1( ومعجم األصوليني،‏ حممد مظهر بقا )91/1(، بتصرف.‏<br />

ومثانني وستمائة ودفن<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )423/10(، والزواجر عن اقرتاف الكبائر،‏ البن حجر اهليثمي،‏ تعليق حممد حليب،‏ تريج خليل شيحا،‏<br />

)11/1(، وقد تقدمت ترمجة العز بن عبد السالم ص<br />

. 53<br />

) 322 (<br />

فتح الباري،‏ )423/10( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

. 24<br />

) 323 (<br />

ينظر:‏ مطالب أويل النهي <strong>يف</strong> شرح غاية املنتهى،للرحيباين)‏‎614-612/6‎‏(،‏ وفتح الباري،‏ البن حجر )423/10(، والفروع البن<br />

مفلح وبذيله تصحيح الفروع للمرداوي حتقيق حازم القاضي )484/6( وما بعدها،‏ والزاوجر،‏ للهيتمي )11/1( وابن الصالح هو:‏ تقي<br />

الدين أبو عمرو عثمان بن صالح الدين عبدالرمحن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري املوصلي الشافعي صاحب علوم احلديث<br />

وهو أهم مصنفاته،‏ وله أدب املفيت واملستفيت وغريها،‏ ولد سنة سبع وسبعني ومخس مائة وتفقه<br />

على والده بشهرزور درس ‏َبملدرسة<br />

الصالحية ببيت املقدس مث درس ‏َبلرواحية بدمشق مث صار شيخ الدار األشرفية.‏ تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> سنة اخلوارزمية <strong>يف</strong> سحر يوم األربعاء اخلامس<br />

والعشرين من شهر ربيع اآلخر سنة ثالث وأربعني وست مائة ودفن بدمشق.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء ، للذهيب )144-140/23(، بتصرف .


ونفى الواحدي وجود حد للكبرية وأنه<br />

وقال ابن حجر اهليتمي:‏ ‏"قصدوا التقريب وليست حبدود جامعة"‏ )324(<br />

بقصد الشارع فقال:‏ ‏"الصحيح أنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد وتتميز به عن الصغائر متييز إشارة ولو<br />

عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة،‏ ولكن أخفي ذلك على العباد ليجتهد كل واحد <strong>يف</strong> اجتناب ما هني عنه<br />

رجاء أن يكون جمتنباً‏ للكبائر"‏ )325(<br />

)326(<br />

وقال الغزايل:‏ ‏"إنكار الفرق بني الصغرية والكبرية ال يليق ‏َبلفقيه"‏<br />

ويؤيده ما ورد <strong>يف</strong> النصوص من تقسيم<br />

)327(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

املعاصي إىل كبائر وصغائر كقوله سبحانه:‏ <br />

وقوله <br />

)328(<br />

: ‏))أال أنبئكم أبكرب الكبائر...((‏ احلديث والنصوص <strong>يف</strong> هذا كثرية<br />

واملراد ‏َبلوعيد<br />

وأمثل األقوال وأقرب التعار<strong>يف</strong> للكبرية هو:‏ ‏"ما فيه حد <strong>يف</strong> الدنيا أو وعيد <strong>يف</strong> اآلخرة"‏ )329(<br />

الوعيد اخلاص ‏َبلنار أو اللعنة أو الغضب فالوعيد اخلاص <strong>يف</strong> اآلخرة كالعقوبة اخلاصة <strong>يف</strong> الدنيا أي املقدرة<br />

‏)احلدود(.‏<br />

وذكر شارح الطحاوية أبن هذا الضابط يسلم من القوادح الواردة على غريه،‏ ويدخل فيه كل ما ثبت ‏َبلنص<br />

أنه كبرية،‏ وترجيحه من وجوه :<br />

أحدها : أنه هو املأثور عن السلف كابن عباس وابن حنبل وغريهم .<br />

) 324 (<br />

) 325 (<br />

الزواجر،‏ للهيتمي )11/1( ، وابن حجر اهليتمي هو:‏ أمحد بن حممد بن حممد بن علي بن حجر،‏ شهاب الدين أبو العباس اهليتمي<br />

السعدي األنصاري املكي الشافعي.‏ ولد <strong>يف</strong> حملة أيب اهليتم مبصر <strong>يف</strong> رجب عام ‎909‎ه ، وبرع <strong>يف</strong> علوم كثرية منها التفسري واحلديث وعلم<br />

الكالم وأحوال الفقه وفروعه والفرائض واحلساب وغريها ومن مشائخه زكراي الشافعي والشهاب الرملي وغريهم ومن مصنفاته الصواعق<br />

احملرقة على أهل البدع والضالل والزندقة،‏ وحتفة احملتاج لشرح املنهاج <strong>يف</strong> فقه الشافعي والزواجر عن اقرتاف الكبائر وشرح مشكاة املصابيح<br />

للتربيزي،‏ وله كتاب <strong>يف</strong> التصوف.‏ وأقام مبكة ثالاثً‏ وثالثني عاماً‏ وتو<strong>يف</strong> هبا <strong>يف</strong> عام ‎974‎ه وقيل <strong>يف</strong> عام ‎973‎ه ، ينظر:‏ معجم األصوليني،‏<br />

حممد مظهر بقا،‏ )229/1(.<br />

البحر احمليط،‏ للزركشي )276/4(، والواحدي هو:‏ علي بن أمحد بن حممد بن علي الواحدي النيسابوري اإلمام أبو احلسن املفسر من<br />

أوالد التجار أصله من ساوه،‏ صنف <strong>يف</strong> التفسري:‏ البسيط والوسيط واجليز،‏ وهبا مسي الغزايل<br />

تصان<strong>يف</strong>ه كما صنف أسباب النزول وكتاب الدعوات واملغازي وتفسري النيب واإلعراب <strong>يف</strong> علم اإلعراب وشرح ديوان املتنيب وغريها،‏ وله<br />

شعر مليح تو<strong>يف</strong> بنيسابور <strong>يف</strong> مجادي اآلخرة عام<br />

‎468‎ه .<br />

) 326 (<br />

.<br />

) 327 (<br />

) 328 (<br />

ينظر:‏ طبقات السبكي حتقيق عبدالفتاح احللو وحممود الطناحي )243-240/5(، والنجوم الزاهرة <strong>يف</strong> ملوك مصر والقاهرة ، جلمال<br />

الدين بن تغري بردي األاتبكي تعليق حممد ‏َشس الدين،‏ )105/5(.<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )423/10(، وينظر:‏ اإلحياء للغزايل )32/4(، والزواجر،‏ للهيتمي )11/1(، وتقدمت ترمجة الغزايل ص<br />

سورة النجم،‏ اآلية<br />

40<br />

.32<br />

متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب األدب ‏َبب عقوق الوالدين ‏)ص/‏‎506‎‏(‏ رقم )5976( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان ‏َبب الكبائر<br />

‏)ص/‏‎693‎‏(‏ رقم )87( من حديث أيب بكرة <br />

.<br />

) 329 (<br />

املصدر السابق،‏ ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي،‏ حتقيق الرتكي )361/5(.


الثاين:‏ قول هللا:‏ <br />

<br />

<br />

فال يستحق هذا من توعد بغضب أو لعن أو وعيد أو استحق إقامة احلد عليه.‏<br />

الثالث:‏ أنه حد متلقى من خطاب الشارع.‏<br />

الرابع:‏ أنه ميكن الفرق بني الكبائر والصغائر )330(<br />

واملروءة مشتقة من املرأ وهي من اإلنسانية،‏ وقيل هي:‏ السمت احلسن وحفظ اللسان وجتنب السخف<br />

، أو هي:‏ ‏)ك<strong>يف</strong>ية نفسانية حتمل املرء على مالزمة التقوى وترك<br />

واجملون واالرتفاع عن كل خلق دينء )331(<br />

الرذائل(‏ )332(<br />

)333(<br />

الفضل(‏<br />

، والذي يقدح فيها هو:‏ ‏)إتيان اإلنسان مبا يعتذر منه مما يبخسه عن مرتبته عند أهل<br />

وقيل:‏ إتيانه األمور املزرية الدنيئة وهي نوعان :<br />

أحدمها من األفعال:‏ كاألكل <strong>يف</strong> السوق أو التمسخر إلضحاك الناس .<br />

والثاين <strong>يف</strong> الصناعات الدنيئة : كالكساح والكناس<br />

.<br />

واألقرب أن يقال:‏ املروءة هي:‏ استواء أقوال اإلنسان وأفعاله )334(<br />

فكل ما خرج عن هذا احلد فهو قادح <strong>يف</strong> املروءة وهذا مما يتفاوت بتفاوت أعراف الناس وأزماهنم وأماكنهم<br />

ومن أمثلة ذلك:‏ املشي <strong>يف</strong> األسواق مكشوف الرأس <strong>يف</strong> مواضع ال يعتاد أهلها ذلك،‏ واألكل <strong>يف</strong> األسواق<br />

حبضرة الناس،‏ وغري ذلك فمثل هذا سخف ودانءة فمن رضيه لنفسه واستحسنه فليست له مروءة فال حتصل<br />

الثقة بقوله،‏ وكذا الكذب فهو دانءة،‏ واملروءة متنع من الدانءة وإذا كانت املروءة مانعة من الكذب اعتربت <strong>يف</strong><br />

العدالة كالدين،‏ لكن من فعل هذه األمور خفية أو شيئاً‏ قليالً‏ فال تتل مروءته بذلك ما مل يكن عادة )335(<br />

وضد العدالة:‏ الفسق وهو اخلروج عن الطاعة وعن الدين وعن االستقامة )336( ، وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:‏<br />

)337(<br />

‏"الفسق اترة يكون برتك الفرائض واترة بفعل احملرمات"‏ وينقسم الفسق إىل قسمني :<br />

) 330 (<br />

) 331 (<br />

ينظر:‏ شرح العقيدة الطحاوية،‏ البن أيب العز،‏ حتقيق الرتكي واألرانؤوط،‏ ص)‏‎526‎‏-وما بعدها(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ للكمال بن اهلمام )486/6( ، روضة القضاة للسمناين حتقيق صالح الدين الناهي<br />

)239/2001( ، بتصرف.‏<br />

) 332 (<br />

) 333 (<br />

املصادر السابقة .<br />

منتهى اإلرادات،‏ للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي،‏ حتقيق الرتكي )363/5(.<br />

املصادر السابقة،والسياسة الشرعية،البن تيمية،ص‎111‎‏،شرح مي ارة الفاسي على حتفة احلكام،للفاسي )11/2-1<br />

.) ) 334 (<br />

) 335 (<br />

) 336 (<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه )152-151/14( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )3413/6(، واملفردات ، للراغب األصفهاين ص )380(، واملوسوعة الفقهية الكويتية،‏<br />

.)141-140/32(


1- فسق أفعال:‏ وهو ما تعلق أبفعال يتبع فيها الشهوة .<br />

-2<br />

فسق اعتقاد : وهو ما اختص ‏َبعتقاد يتعلق فيه بشبهة يتأول فيها خالف احلق.‏<br />

فمن األول:‏ السرقة والرشوة وشرب اخلمر ولعب امليسر والتعامل ‏َبلرَب واخللوة ‏َبألجنبية ‏....اخل<br />

ومن الثاين:‏ ما عليه بعض املبتدعة كالقدرية والرافضية واخلوارج وغريهم ( 338 )<br />

) 339 (<br />

قال ابن قدامه <strong>يف</strong> القسم األول:‏ ‏"ال نعلم خالفاً‏ <strong>يف</strong> رد شهادته"‏<br />

) 340 (<br />

و<strong>يف</strong> سقوط العدالة ‏َبلثاين خالف.‏<br />

املسألة الثانية:‏ اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />

ملا اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حد الكبرية وما <strong>يف</strong>سق به القاضي وما ال <strong>يف</strong>سق به وما يدخل <strong>يف</strong> العدالة وما ال يدخل<br />

فيها فإهنم اختلفوا تبعاً‏ لذلك <strong>يف</strong> اشرتاط هذه العدالة للقاضي وذلك على قولني:‏<br />

القول األول:‏ اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />

وعليه:‏ فال ينعقد للفاسق والية،‏ وال ينفذ من أحكامه شيء ولو صادف احلق وبه قال املالكية والشافعية<br />

واحلنابلة )341(<br />

القول الثاين:‏ عدم اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> القاضي<br />

إال أنه ينبغي أال يقلد الفاسق القضاء ألنه أمانة عظيمة ال يوفيها إال من كمل ورعه فإن قلد الفاسق نفذ<br />

)342(<br />

من أحكامه ما مل جياوز فيها حد الشرع وبه قال:‏ احلنفية وبعض املالكية<br />

األدلة:‏<br />

أ(‏ استدل أصحاب القول األول مبا يلي :<br />

) 337 (<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )251/7(.<br />

( 338 ‏(كتاب أدب القضاء،‏ البن أيب الدم،‏ حتقيق حممد عطا،ص‎34‎‏،‏ واملغين البن قدامه،‏ حتقيق الرتكي واحللو)‏‎148/14‎‏(.‏<br />

) 339 (<br />

) 340 (<br />

املصدر السابق ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

. 106<br />

) 341 (<br />

) 342 (<br />

فبعض من قال بسقوط العدالة للفسق العملي،‏ ذهب إىل عدم سقوطها بفسق االعتقاد ومن هؤالء:‏ بعض الشافعية وبعض احلنابلة<br />

وبعض األحناف واحلقوا فسق االعتقاد ‏َبخلالف <strong>يف</strong> الفروع الذي ال يؤثر على العدالة وألن فسقهم ال يدل على كذهبم لكوهنم ذهبوا إىل<br />

ذلك تديناً‏ واعتقاداً‏ أنه احلق ومل يرتكبوه عاملني بتحرميه خبالف فسق األفعال قال ابن قدامه:‏ ‏"لنا أنه أحد نوعي الفسق،‏ فرتد به الشهادة<br />

كالنوع اآلخر وألن املبتدع فاسق فرتد شهادته لاية واملعىن"‏ املغين )149/14( وقال ابن أيب الدم:‏ ‏"إن فسق ‏َبعتقاد تعلق فيه بشبهة<br />

أوجبت له أتويالت أتول به خالف احلق ففي جواز تقليده القضاء وجهان حكامها املاوردي"ص‎34‎‏.‏ واخلالف <strong>يف</strong> هذا مبسوط <strong>يف</strong> كتب<br />

الفقهاء.‏<br />

بداية اجملتهد،‏ البن رشد )305/4( ، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )63/8(، تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )21/1(، شرح ميارة الفاسي<br />

على حتفة احلكام ، للفاسي )11/2-1(، تكملة اجملموع للنووي،‏ حملمد املطيعي )223-221/22(، أدب القضاء البن أيب الدم،‏<br />

حتقيق حممد عطاء ص‎33‎ املغين،‏ البن قدامة )13/14(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية للنجدي،‏ حتقيق الرتكي )268/5( .<br />

شرح فتح القدير البن اهلمام )357/6(، مسعفة احلكام على األحكام،‏ للتمراتشي،‏ مع حتقيقه بغية التمام لصاحل الزيد،‏ )222/1(،<br />

حاشية ابن عابدين )25/8(. بداية اجملتهد )305/4( ، تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )21/1(.


1- قوله تعاىل:‏ <br />

)343( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ووجه الداللة:‏ أن هللا سبحانه أمر املؤمنني ‏َبلتثبت والتبني من خرب الفاسق فال يقبل مبجرد إلقائه<br />

واحلاكم ال بد أن يكون ممن يقبل إخباره مبجرد إلقائه وإال الحتيج إىل أتخري احلكم حىت يتثبت<br />

منه وتتبني حقيقة أمره وهذا يعطل املصاحل ويضعف القضاء فال يصح أن يتوىل الفاسق<br />

القضاء )344(<br />

قوله <br />

والفاسق خائن هلل مل يؤد<br />

: ‏))أد األمانة إىل من ائتمنك وال تن من خانك((‏ )345(<br />

األمانة،‏ فال يتحملها ، والقضاء أعظم األماانت فال يتواله إال من كمل ورعه ومتت عدالته وحتقق<br />

)346(<br />

صدقه.‏<br />

القياس على الشهادة جبامع الوالية <strong>يف</strong> كل منهما،‏ فكما ال تصح الشهادة من الفاسق فال يصح<br />

قضاؤه وإذا كانت العدالة شرطاً‏ <strong>يف</strong> الشاهد ففي القاضي من ‏َبب أوىل.‏ )347(<br />

أن الفاسق ممنوع من النظر <strong>يف</strong> ماله وولده مع شفقته عليهم فنظره <strong>يف</strong> أمر العامة أوىل ‏َبملنع،‏<br />

فالقضاء متضمن للوالية <strong>يف</strong> التزويج،‏ والنظر <strong>يف</strong> أموال السفهاء واليتامى واألوقاف والفسق ينا<strong>يف</strong><br />

هذه الوالايت.‏ )348(<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

) 343 (<br />

) 344 (<br />

) 345 (<br />

) 346 (<br />

) 347 (<br />

سورة احلجرات،‏ اآلية . 6<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة،‏ حتقيق الرتكي )14/14(.<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب البيوع،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> الرجل أيخذ حقه من حتت يده،‏ ص)‏‎1485‎‏(،‏ رقم )3534( و )3535(،<br />

والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب البيوع،‏ ‏َبب أد األمانة إىل من ائتمنك،‏ ص)‏‎1778‎‏(،‏ رقم )1264(، وقال:‏ حسن غريب ، والدارمي،‏ <strong>يف</strong> سننه،‏<br />

كتاب البيوع،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> أداء األمانة )343/2( رقم )2597( ، واحلاكم <strong>يف</strong> كتاب البيوع)‏‎46/2‎‏(،‏ وقال:‏ ‏)حديث شريك عن أيب حصني<br />

صحيح على شرط مسلم(،‏ ووافقه الذهيب وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )145/4(: ‏)رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري والصغري ورجال الكبري ثقات(‏<br />

وقال األلباين <strong>يف</strong> السلسلة معقباً‏ على كالم احلاكم:‏ ‏"وفيه نظر فإن شريكاً‏ إمنا أخرج له مسلم متابعة كما قال الذهيب نفسه <strong>يف</strong> امليزان وهو<br />

سي احلفظ ومثله متابعة قيس وهو ابن الربيع لكن احلديث حسن ‏َبقرتاهنما معً‏ وهو صحيح لغريه لوروده من طرق أخرى"‏ ، ينظر:‏<br />

السلسلة )708/1( ، رقم )423(، ومن تلك الطرق ما ورد عند أمحد <strong>يف</strong> مسنده )414/3( عن رجل من قريش،‏ وقال أمحد البنا <strong>يف</strong><br />

الفتح الرَبين لرتتيب مسند أمحد الشيباين )93/19(: ‏"مل يذكر <strong>يف</strong> هذا احلديث اسم الصحايب روايه،‏ وجهالة الصحايب ال تضر و<strong>يف</strong> سنده<br />

من ال يعرف ورواه ‏)د مذ(‏ والبخاري <strong>يف</strong> التاريخ عن أيب هريرة ... وللحديث طرق كثرية غري ما تقدم ولكنها ال تلو من مقال وبكثرة<br />

طرقه يتقوى"‏ ا.ه .<br />

ينظر:‏ بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام على األحكام للتمراتشي،‏ د.‏ صاحل الزيد،‏ )223/1(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )221/1، وتكملة اجملموع للنووي،‏ حملمد جنيب املطيعي )221/22( ، واملغين،‏ البن قدامة،‏ حتقيق<br />

الرتكي )14/14(.<br />

) 348 (<br />

ينظر:‏ مغين احملتاج،‏ للشربيين )375/4(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ حملمد املطيعي،‏ )221/22(، بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة<br />

احلكام،‏ للتمراتشي،‏ د/‏ صاحل الزيد،‏ )224/1(.


ب(‏ واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي:‏<br />

-1 قوله <br />

: ‏))سيكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصالة عن وقتها،‏ فصلوا الصالة لوقتها،‏<br />

واجعلوا صالتكم معهم تطوعاً((‏ )349(<br />

وجه الداللة:‏ إخباره بوالية من ال يصلي الصالة لوقتها وهذا فسق ومل مينع من تويل أمور<br />

املسلمني،‏ فلو كان الفسق مانعاً‏ من صحة الوالية لنهى عن اتباعهم لكنه مل ينه عن ذلك،‏<br />

وال يسكت على ‏َبطل <br />

)350( .<br />

القياس على الشهادة:‏ فالقضاء كالشهادة جبامع الوالية،‏ والفاسق تصح شهادته فيصح<br />

قضاؤه.‏ )351(<br />

-2<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

ميكن مناقشة أدلة القول الثاين كما يلي :<br />

أما دليلهم األول من السنة : فهو إخبار بوقوع ذلك وليس فيه داللة على مشروعية تولية الفاسق وهو حمل<br />

النزاع.‏ )352(<br />

وأما دليلهم الثاين من القياس :<br />

) 349 (<br />

رواه أبو داود كتاب الصالة ‏َبب إذا أخر اإلمام الصالة عن الوقت ‏)ص/‏‎1255‎‏(رقم )434-433-432-431( وأمحد<br />

)124/4-405/1( ورجال إسناده <strong>يف</strong> سنن أيب داود ثقات ينظر:‏ نيل األوطال )81/2(، وللحديث رواايت أخرى،‏ ينظر صحيح<br />

اجلامع الصغري،‏ لأللباين )297/2(، رقم )1066-2390( ، ورمز له ‏َبلصحة.‏ وللحديث شاهد عند مسلم من حديث أيب ذر أن<br />

النيب <br />

، قال:‏ <br />

) 350 (<br />

) 351 (<br />

) 352 (<br />

قال له : ‏))ك<strong>يف</strong> أنت إذا كانت عيك أمراء يؤخرون الصالة عن وقتها أو مييتون الصالة عن وقتها؟،‏ قال : قلت:‏ فما أتمرين؟<br />

الصالة لوقتها،‏ فإن أدركتها معهم فصل،‏ فإهنا لك انفلة((.‏<br />

ينظر:‏ صحيح مسلم ، كتاب املساجد،‏ ‏َبب الندب إىل وضع األيدي على الركب ‏...اخل ‏)ص 760(، رقم )534( ورواه النسائي <strong>يف</strong>:‏<br />

كتاب اإلمامة ‏َبب الصالة مع أئمة اجلور ‏)ص‎2137‎‏(‏ رقم )779(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه،‏ حتقيق الرتكي )14-13/14(، السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ د/‏ شوكت عليان،‏ ص‎125‎‏،‏ القضاء <strong>يف</strong><br />

الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ فاروق مرسي ، ص‎175‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير ، للكمال ابن اهلمام )357/6( وما بعدها،‏ حاشية ابن عابدين )25/8(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )6/7-<br />

7( بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام،‏ للتمراتشي،‏ لصاحل الزيد )225/2(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه،‏ حتقيق الرتكي )14-13/14(، السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ شوكت عليان،‏ ص‎125‎‏،‏ بتصرف.‏


لقوله سبحانه:‏ <br />

فيجاب عنه ‏َبملنع فالصحيح أن الفاسق ال تقبل شهادته )353(<br />

)354( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والعدالة شرط <strong>يف</strong> الشاهد كما قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)355(<br />

<br />

<br />

والفاسق ليس ممن يرضى .<br />

)356( <br />

<br />

<br />

<br />

ويقول سبحانه:‏ <br />

والفاسق ليس كذلك والقضاء يشرتط فيه ما ال<br />

يشرتط <strong>يف</strong> الشهادة،‏ ألن الشهادة أدىن الوالايت والقضاء أعلى الوالايت.‏ )357(<br />

قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"وأقل ما يشرتط فيه صفات الشاهد ‏َبتفاق العلماء ألنه جيب عليه احلكم ‏َبلعدل<br />

وذلك يستلزم أن يكون عدالً‏ <strong>يف</strong> نفسه"‏ )358(<br />

وهبذا يتبني رجحان القول األول،‏ لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة القول الثاين .<br />

وإذا كان القضاء من املناصب اهلامة اليت ينظر الناس من خالهلا إىل عدل الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ ويرجون من وراء<br />

ذلك حتقيق العدل بينهم ورفع املظامل عن املظلومني منهم فمن األوىل أن ال يتوىل هذا املنصب إال من كان<br />

متصفاً‏ ‏َبلعدالة بعيداً‏ عن الفسق والفجور.‏<br />

فالفاسق غري مأمون على نفسه فال يؤمن على غريه،‏ وارتكابه للمفسق ضرر لنفسه والشريعة ما منعت من ارتكاب<br />

املضرات إال ملفسدهتا ومن مقاصد الشريعة جلب املصاحل ودفع املفاسد )359(<br />

وهبذا يرتجح القول ‏َبشرتاط العدالة فيمن يتوىل القضاء ولكن حبسب اإلمكان فإن وجد العدل من كل وجه،‏<br />

وإال قل د األمثل فاألمثل .<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:‏ ‏"فيجب على كل من ويل شيئاً‏ من أمر املسلمني من هؤالء وغريهم أن يستعمل<br />

فيما حتت يده <strong>يف</strong> كل موضع أصلح من يقدر عليه ... ويقدم <strong>يف</strong> والية القضاء:‏ األعلم األورع األكفأ فإن<br />

كان أحدمها أعلم واآلخر أورع،‏ قدم ‏–فيما قد يظهر حكمه،‏ وخياف فيه اهلوى األورع،‏ وفيما يدق حكمه،‏<br />

) 353 (<br />

) 354 (<br />

) 355 (<br />

) 356 (<br />

) 357 (<br />

) 358 (<br />

املصادر السابقة،‏ وبغية التمام،‏ لصاحل الزيد )225/1(.<br />

سورة النور،‏ اآلية<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.4<br />

سورة الطالق،‏ اآلية<br />

.282<br />

.2<br />

) 359 (<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )6/7(.<br />

إعالم املوقعني،‏ البن القيم )105/1(.<br />

ينظر:‏ بغية التمام،‏ للزيد )226-225/1(، بتصرف.‏


وخياف فيه االشتباه:‏ األعلم...‏ ويقدم األكفأ إن كان القضاء حيتاج إىل قوة وإعانة للقاضي،‏ أكثر من<br />

حاجته إىل مزيد العلم والورع ... وسئل بعض العلماء : إذا مل يوجد من يويل القضاء،‏ إال عامل فاسق أو<br />

جاهل دين،‏ فأيهما يقدم؟ فقال:‏ إن كانت احلاجة إىل الدين أكثر لغلبة الفساد قدم الدين.‏ وإن كانت<br />

احلاجة إىل العلم أكثر خلفاء احلكومات قدم العامل"‏ )360(<br />

وقال <strong>يف</strong> موضع آخر:‏ ‏"شروط القضاء تعترب حسب اإلمكان،‏ وجيب تولية األمثل فاألمثل وعلى هذا يدل<br />

كالم أمحد وغريه فيوىل لعدم أنفع الفاسقني وأقلهما شراً،‏ وأعدل املقلدين وأعرفهما ‏َبلتقليد"‏ )361(<br />

وقال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"إذا مل جيد السلطان من يوليه إال قاضياً‏ عارايً‏ من شروط القضاء مل يعطل البلد عن<br />

قاض ووىل األمثل فاألمثل .... فلكل زمان حكم،‏ والناس بزماهنم أشبه منهم آبَبئهم وإذا عم الفسوق وغلب<br />

على أهل األرض فلو منعت إمامة الفاسق وشهاداهتم وأحكامهم وفتاويهم ووالايهتم لتعطلت األحكام وفسد<br />

نظام اخللق،‏ وبطلت أكثر احلقوق،‏ ومع هذا فالواجب اعتبار األصلح فاألصلح،‏ وهذا عند القدرة واالختيار،‏<br />

وأما عند الضرورة والغلبة ‏َبلباطل فليس إال االصطبار والقيام أبضعف مراتب اإلنكار"‏ )362(<br />

املسألة الثالثة:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على عدالة القاضي<br />

بعد بيان العدالة ورجحان اشرتاطها <strong>يف</strong> القاضي حسب اإلمكان،‏ نتطرق اآلن إىل بيان أثر <strong>السياحة</strong> على<br />

هذه العدالة،‏ فالقاضي كما تقدم له خصوصيته املنبثقة من أمهية هذا املنصب وخطورته وقد اعتىن الفقهاء<br />

آبداب القاضي ومسته حىت تكتمل هيبته وتتحقق عدالته وذكروا ما ينبغي للقاضي أن يتخلق ويتأدب ويتزين<br />

به من اآلداب الشرعية ألنه منظور إليه،‏ ترمقه العيون بلحظاهتا،‏ وتقتدي به األرواح والنفوس <strong>يف</strong> صفاهتا فإذا<br />

أكمل نفسه وأصلحها فينبغي أن يكمل غريه ‏َبلدعوة واإلرشاد والتعليم ويكون قدوة <strong>يف</strong> ذلك وهذا من أجل<br />

املقاصد <strong>يف</strong> منصب القضاة )363(<br />

قال <strong>يف</strong> تبصرة احلكام:‏ ‏"اعلم أنه جيب على من توىل القضاء أن يعاجل نفسه وجيتهد <strong>يف</strong> صالح حاله،‏ ويكون<br />

ذلك من أهم ما جيعله من ‏َبله،‏ فيحمل نفسه على أدب الشرع وحفظ املروءة وعلو اهلمة،‏ ويتوقى ما يشينه<br />

<strong>يف</strong> دينه ومروءته وعقله،‏ وحيطه عن منصبه ومهته،‏ فإنه أهل ألن ينظر إليه ويقتدى به،‏ وليس يسعه <strong>يف</strong> ذلك<br />

ما يسع غريه،‏ فالعيون إليه مصروفة،‏ ونفوس اخلاصة على االقتداء هبديه موقوفة...‏ وال جيعل حظه من الوالية<br />

املباهاة ‏َبلرايسة وإنفاذ األمور والتلذذ ‏َبملطاعم واملالبس واملساكن،‏ فيكون ممن خوطب بقوله تعاىل:‏<br />

) 360 (<br />

) 361 (<br />

) 362 (<br />

) 363 (<br />

السياسة الشرعية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ ص‎8‎ وما بعدها.‏<br />

املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم،‏ )157-156/5(.<br />

إعالم املوقعني،‏ البن القيم،‏ تعليق طه عبدالرؤوف )220-197/4(.<br />

ينظر:‏ رسالة إىل القضاة،‏ مجعها عبدهللا اجلار هللا،‏ ص‎12‎‏،‏ بتصرف.‏


)364(<br />

<br />

وليجتهد أن يكون مجيل اهليئة ظاهر األهبة وقور املشية<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واجللسة حسن النطق والصمت حمرتزاً‏ <strong>يف</strong> كالمه من الفضول،‏ وما ال حاجة به،‏ كأمنا يعد حروفه على نفسه<br />

عداً‏ فإن كالمه حمفوظ وزلل ه <strong>يف</strong> ذلك ملحوظ....‏ وليكن ضحكه تبسماً‏ ونظره فراسة وتومساً‏ وإطراقه تفهماً‏<br />

ويكون أبداً‏ مرتدايً‏ بردائه حسن الزي وليلبس ما يليق به فإن ذلك أهيب <strong>يف</strong> حقه وأمجل <strong>يف</strong> شكله وأدل على<br />

فضله وعقله،‏ و<strong>يف</strong> خمالفة ذلك نزول وتبذل،‏ وليلزم من السمت احلسن والسكينة والوقار ما ح<strong>يف</strong>ظ به<br />

مروءته"‏ )365(<br />

فإذا كان الفقهاء تشددوا <strong>يف</strong> عدالة القاضي وأحاطوها بسياج من اآلداب حتفظ مروءته وتصون هيبته وحتفظ<br />

مسعة القضاء ومكانته فهل للسياحة أثر على ذلك يستدعي املنع منها أم ال؟<br />

للجواب عن هذا نؤكد ما تقرر سابقاً‏ أبن العدالة:‏ هيئة راسخة <strong>يف</strong> النفس يرتتب عليها اجتناب الكبائر وعدم<br />

اإلصرار على الصغائر والبعد عن كل ما خيل ‏َبملروءة أو بعبارة موجزة ‏–كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>-‏<br />

هي الصالح <strong>يف</strong> الدين واملروءة ‏َبستعمال ما جيمله ويزينه،‏ وجتنب ما يدنسه ويشينه"‏ )366(<br />

والصالح <strong>يف</strong> الدين ‏َبجتناب الكبائر وعدم اإلصرار على الصغائر كما<br />

: ‏"العدالة<br />

تقدم وسياحة القاضي ال تلو : إما<br />

أن تشتمل على إرتكاب شيء من الكبائر ، كشرب اخلمر أو القمار وامليسر وغري ذلك وحينئذ فال إشكال<br />

<strong>يف</strong> سقوط عدالته بذلك وإما أن تشتمل على صغائر مع اإلصرار كتكرار النظر إىل احملرمات،‏ وتكرار مساعها<br />

وحنو ذلك فهذه أيضاً‏ مؤثرة <strong>يف</strong> سقوط عدالته وإما أن تلوا من ذلك كله لكن تتضمن ما خيرم مروءته<br />

ويدنسه ويشينه من قول أو فعل فهذه أيضاً‏ مؤثرة <strong>يف</strong> سقوط عدالته،‏ واملرجع فيها إىل عرف الناس وعاداهتم<br />

فهذا مما يتفاوتون فيه ‏َبختالف األماكن واألزمان واألعراف وَبجلملة ف<strong>السياحة</strong> تدور عليها األحكام<br />

التكل<strong>يف</strong>ية<br />

اخلمسة،‏ وإن كانت <strong>يف</strong> أصلها على اإلَبحة كما تقدم لكن قد يعرتيها ما جيعلها حمرمة أو مكروهة<br />

أو واجبة أو مندوبة ف<strong>السياحة</strong> املشروعة اخلالية من املنكرات غري املؤثرة <strong>يف</strong> املروءة ال تسقط هبا عدالة القاضي<br />

أما إذا اشتملت <strong>السياحة</strong> على منكرات وخوارم للمروءة فإن عدالة القاضي تسقط هبا.‏<br />

وقد تكون <strong>السياحة</strong> من املشتبهات فيتعني على القاضي اجتناهبا حينئذ لقوله <br />

: ‏))احلالل بني واحلرام بني<br />

وبينهما أمور مشتبهات ال يعلمها كثري من الناس فمن اتقى الشبهات استربأ لدينه وعرضه ومن وقع <strong>يف</strong><br />

الشبهات كراع حول احلمى يوشك أن يواقعه((احلديث )367(<br />

) 364 (<br />

) 365 (<br />

) 366 (<br />

) 367 (<br />

سورة األحقاف،‏ اآلية<br />

.20<br />

تبصرة احلكام،‏ البن فرحون،‏ )26/1(.<br />

السياسة الشرعية،‏ ص‎111‎‏.‏<br />

متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اإلميان ‏َبب فضل من استربأ لدينه ‏)ص/‏‎6‎‏(‏ ، رقم )39(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة ، ‏َبب أخذ<br />

احلالل وترك الشبهات ‏)ص/‏‎955‎‏(‏ ، رقم )1599( وله شواهد ورواايت متعددة .


فاحلالل البني واحلرام البني ال إشكال فيه أما املشتبه خلفائه فال يدري أحالل أم حرام؟ فهذا ينبغي للقاضي<br />

بدرجة أولية اجتنابه ألنه إن كان <strong>يف</strong> نفس األمر حراماً‏ فقد برئ من التبعة،‏ وإن كان حالالً‏ فقد استحق<br />

األجر على الرتك هبذا القصد،‏ وقد قال بعض أهل العلم املباح عقبة بني العبد وبني املكروه فمن استكثر منه<br />

يطرق إىل املكروه واملكروه عقبة بينه وبني احلرام فمن استكثر منه يطرق إىل احلرام.‏ )368(<br />

وذكر ابن حجر رمحه هللا أبن املشتبهات ما تعارضت فيه األدلة على أصح األقوال،‏ مث قال:‏ ‏"وخيتلف ذلك<br />

‏َبختالف الناس،‏ فالعامل الفطن ال خ<strong>يف</strong>ى عليه متييز احلكم فال يقع له ذلك إال <strong>يف</strong> االستكثار من املباح أو<br />

املكروه ومن دونه يقع له الشبهة <strong>يف</strong> مجيع ما ذكر حبسب اختالف األحوال وال خ<strong>يف</strong>ى أن املستكثر من<br />

املكروه،‏ يصري فيه جرأة على ارتكاب املنهي عنه <strong>يف</strong> اجلملة أو حيمله اعتياده الرتكاب املنهي عنه غري احملرم<br />

على ارتكاب املنهي عنه احملرم إذا كان من جنسه أو يكون ذلك لشبهة فيه وهو أن من تعاطى ما هني عنه<br />

يصري معظم القلب لفقدان نور الورع،‏ فيقع <strong>يف</strong> احلرام،‏ ولو مل جيرتأ الوقوع فيه"‏ )369(<br />

فينبغي على القاضي أن حيتاط لنفسه،‏ وال يقدم على ما يرى فيه شبهة احتياطاً‏ لدينه وأمانته وعرضه وصيانة<br />

لألمانة امللقاة على عاتقه فهو أوىل من غريه ‏َبلزهد والورع وترك الشبهات ومن آدابه كما تقدم أن ال <strong>يف</strong>رط<br />

<br />

<strong>يف</strong> االشتغال ‏َبلدنيا الزائلة واللهث وراء متعها واإلكثار من اللهو قال تعاىل:‏ <br />

)370(<br />

<br />

<br />

وإذا أفرط القاضي <strong>يف</strong> سياحته املشروعة بقصد الرتفيه وأكثر من خمالطة الناس <strong>يف</strong> ذلك قلت هيبته وسقطت<br />

شخصيته واقتدى به غريه ورمبا أدى ذلك لسقوط عدالته فال ينبغي له أن ينهمك <strong>يف</strong> ذلك ويتوسع فيه . بل<br />

، وال يصح منعه من سياحة مشروعة ليس فيها ما يقدح <strong>يف</strong> عدالته أو ينقص مروءته<br />

يوازن بني األمور )371(<br />

ألنه حباجة إىل ذلك كغريه و<strong>يف</strong> حديث أيب ذر الطويل،‏ عن النيب الذي فيه من أنواع العلم واحلكمة وفيه<br />

أنه كان <strong>يف</strong> حكمة آل داود عليه السالم:‏ ‏))حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات:‏ ساعة يناجي فيها<br />

ربه،‏ وساعة حياسب فيها نفسه،‏ وساعة خيلو فيها أبصحابه الذين خيربونه بعيوبه وحيدثونه عن ذات نفسه<br />

وساعة خيلو فيها بلذته فيما حيل وجيمل،‏ فإن <strong>يف</strong> هذه الساعة عوانً‏ على تلك الساعات((‏<br />

فبني أنه ال بد من اللذات املباحة اجلميلة فإهنا تعني على تلك األمور....‏ وكان أبو الدرداء –- يقول:‏<br />

‏"إين ألستجم نفسي ‏َبلشيء من الباطل،‏ ألستعني به على احلق . وهللا سبحانه إمنا خلق اللذات والشهوات<br />

) 368 (<br />

) 369 (<br />

) 370 (<br />

ينظر:‏ كشف الشبهات عن املشتبهات عما جاء <strong>يف</strong> حديث احلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات،‏ للشوكاين،‏ حتقيق عادل<br />

السعيدان،‏ ص)‏‎8-6‎ وما بعدمها(‏ ، بتصرف.‏<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )155/1(، وتقدمت ترمجته ص<br />

سورة األنفال،‏ اآلية<br />

. 24<br />

.67<br />

) 371 (<br />

ينظر:‏ القبسات الوضيئة ، لسعيد األمسري،‏ ص‎173‎‏،‏ بتصرف.‏


<strong>يف</strong> األصل لتمام مصلحة اخللق،‏ فإهنم بذلك جيتلبون ما ينفعهم،‏ كما خلق الغضب ليدفعوا به ما يضرهم،‏<br />

وحرم من الشهوات ما يضر تناوله وذم من اقتصر عليها فأما من استعان ‏َبملباح اجلميل على احلق فهذا من<br />

األعمال الصاحلة"‏ )372(<br />

وعلى هذا فال تسقط عدالة القاضي ‏َبلسياحة إذا خلت مما يقدح <strong>يف</strong> عدالته بضابطها السابق ف<strong>السياحة</strong><br />

املشروعة اخلالية من احملاذير وإن قصد منها اللهو املباح والرتفيه عن النفس واألهل،‏ مع متسك القاضي مبا<br />

يكفل وح<strong>يف</strong>ظ مسعته ومكانته وهيبته ومنزلته ويصون مسعة القضاء من اآلداب واملروءات وحسن السمت<br />

والتصرف ال تقدح <strong>يف</strong> عدالته وال تسقطها وقد كان من قضاة املسلمني من ساح <strong>يف</strong> األرض ألغراض مشروعة<br />

متنوعة فلم يؤثر ذلك على هيبته ومكانته .<br />

وتوىل بعض املناصب <strong>يف</strong> الدوله<br />

فهذا القاضي أبو بكر الباقالين من أئمة الفقه وكبار القضاة <strong>يف</strong> عصره )373(<br />

وصار له اختصاص بعضد الدولة،‏ فوجهه سفرياً‏ عنه إىل ملك الروم ليظهر به رفعة <strong>اإلسالم</strong>،‏ ويغض من<br />

النصرانية فخرج وهو <strong>يف</strong> سكينة املؤمن ووقار العامل وهيبة القاضي ومل متنعه سياحته <strong>يف</strong> تلك البالد من اعتزازه<br />

بدينه ودعوته إليه فجرت له مناظرات وحماورات <strong>يف</strong> القسطنطينية بني يدي ملكها مع بطارقته ونبالء مِّلَّته،‏<br />

حىت خُشِّ‏ يَ‏ على النصرانية منه فأبعد"‏ فقد دعي رمحه هللا مرة إىل حمفل من حمافل النصرانية فلما حضر أدانه<br />

ملكهم وألطف سؤاله وأجلسه بقربه مث حضر البطرك قيم داينتهم آخر الناس ومعه اتباعه فلما توسط اجمللس<br />

قام امللك ورجاله تعظيماً‏ له فقضوا حقه ومسحوا أعطافه مث سلم على القاضي فقال له القاضي:‏ ك<strong>يف</strong> األهل<br />

والولد فعظم عليه وعلى أتباعه ذلك فقال القاضي:‏ اي هؤالء تستعظمون هلذا اإلنسان اتاذ الصاحبة والولد<br />

وتربون به عن ذلك وال تستعظمونه لربكم – عز وجهه-‏ فتض<strong>يف</strong>ون إليه ذلك سدةً‏ هلذا الرأي!‏ ما أبني غلطه<br />

فسقط <strong>يف</strong> أيديهم وتداخلتهم له هيبة عظيمة وانكسروا،‏ مث قال امللك للبطرك : ما ترى <strong>يف</strong> أمر هذا الرجل؟<br />

) 372 (<br />

السياسة الشرعية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ ص)‏‎111-110‎‏(،‏ واحلديث رواه البيهقي <strong>يف</strong> شعب اإلميان )164/4( رقم ‎4677‎و<br />

4678، وعبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه )21/11(، رقم 19790، كتاب اجلامع،‏ ‏َبب جمالس الطريق،‏ ونقله ابن تيمية عن أيب حام البسيت <strong>يف</strong><br />

صحيحه عن أيب ذر <br />

.<br />

) 373 (<br />

هو:‏ القاضي أبو بكر حممد بن الطيب بن حممد بن جعفر بن قاسم البصري مث البغدادي،‏ ابن الباقالين ، كان ثقة إماماً‏ ‏َبرعاً‏ يضرب<br />

املثل بفهمه وذكاءه،‏ صنف <strong>يف</strong> الرد على الرافضة واملعتزلة واخلوارج واجلهمية والكرامية وانتصر لطريقة أيب احلسن األشعري وقد خيالفه <strong>يف</strong><br />

مضائق،‏ وغالب قواعده على السنة ذكر عياض أبنه يلقب بس<strong>يف</strong> السنة ولسان األمة،‏ إليه انتهت رائسة املالكية <strong>يف</strong> وقته،‏ حدث عنه<br />

أبو ذر اهلروي وغريه والباقالين نسبة إىل الباقال وبيعه ، ومن مصنفاته:‏ اإلَبنة عن إبطال مذهب أهل الكفر والضاللة ، االستشهاد ،<br />

التعديل والتجريح،‏ فضل اجلهاد،‏<br />

تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> ذي القعدة سنة ثالث وأربع مائة،‏ ينظر:‏ الديباج املذهب،‏ البن فرحون )229-228/2-1( ، واتريخ قضاة األندلس،‏ للنباهي<br />

، ص‎37‎‏،‏ وسري أعالم النبالء ، للذهيب )193-190/17(.


قال:‏ تقضي حاجته وتالطف صاحبه وترج هذا العراقي عن بلدك من يومك إن قدرت وإال مل أتمن الفتنة<br />

على النصرانية منه"‏ )374(<br />

فهذه <strong>السياحة</strong> وإن مل تكن سياحة ‏َبملفهوم املعاصر لكوهنا بقصد العمل إال أن املراد هو التنبيه على إمكانية<br />

احتفاظ القاضي آبدابه ومسته ومرءوته واعتزازه بدينه <strong>يف</strong> سياحته سواء قصد منها العمل أو التنزه والرتفيه فما<br />

دامت خالية من احملاذير الشرعية وليس فيها ما ميس عدالته فال مانع منها إال أن <strong>السياحة</strong> خلارج بالد<br />

املسلمني بقصد الرتفيه والتنزه ‏–وهو املراد ‏َبلسياحة املعاصرة كما تقدم-‏ ال جتوز للقاضي <strong>يف</strong> هذا الزمان،‏ بل<br />

وتسقط عدالته بذلك ألهنا ال تلوا من فعل كبرية أو إصرار على صغرية أو على أقل األحوال قدحها <strong>يف</strong><br />

مروءته وإسقاطها ملكانته ومسعته وهذا ظاهر <strong>يف</strong> عرف املسلمني <strong>يف</strong> هذا الزمن.‏ )375(<br />

وقد جاء <strong>يف</strong> رسالة ابن خلدون للقضاة التنبيه على رذائل أخالق أوقعت <strong>يف</strong> ذم احلكام وانكساف نورهم )376(<br />

أوهلا:‏ الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان هللا العظيم املتولد قليالً‏ قليالً‏ من غري شعور به،‏ من اعتياد احلاكم<br />

نفوذ الكلمة والتآمر على الناس ورهبتهم منه وتعظيمهم لشأنه،‏ وهذا النسيان قد جيرؤه على حرمات هللا فعلى<br />

القاضي احلذر من ذلك .<br />

واثنيها:‏ الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان املبدأ واملنتهى املتولد من اشتغال احلاكم أبحوال الناس الدنيوية<br />

الصرفة ورؤيته ما هم عليه من جتاذب الدنيا فقد <strong>يف</strong>تنت ويشتغل هبا كغريه.‏<br />

واثلثها:‏ الرذائل املهلكة الناشئة من نسيان النفس وهتذيبها الناش من معاجلة احلاكم غري أرَبب الكماالت<br />

من أويل األهواء والشهوات فقد يتأثر هبم <strong>يف</strong> سلوكه وأخالقه فينسى ما عليه من آداب ومروءة.‏<br />

<br />

<br />

وقد أشار هللا تعاىل لذلك بقوله:‏ <br />

)377(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فعلى القاضي أن حيمي نفسه من ذلك خبشية هللا <strong>يف</strong> الغيب والشهادة وكلمة احلق <strong>يف</strong> الرضا والغضب والقصد<br />

)378(<br />

<strong>يف</strong> الفقر والغىن وطلب نعيم اآلخرة وعدم االهنماك <strong>يف</strong> ملذات الدنيا الفانية.‏<br />

الفرع الثاين:‏ أثرها على واليته ونفاذ أحكامه<br />

) 374 (<br />

) 375 (<br />

) 376 (<br />

) 377 (<br />

اتريخ قضاة األندلسي،‏ أليب احلسن النباهي،‏ ص‎37‎‏،‏ وملا جاء ذكر القاضي أبو عبدهللا حممد الفشتايل قال عنه:‏ ‏)وقد كان ويل قبل<br />

تقدمه بفاس القضاء أيضاً‏ بطرابلس،‏ وجتوَّل <strong>يف</strong> نواحي إفريقية"،‏ ص‎170‎‏.‏<br />

وسيأيت تفصيل الكالم عن ذلك <strong>يف</strong> ص<br />

.382<br />

ينظر:‏ ابن خلدون ورسالته للقضاة،‏ حتقيق فؤاد أمحد ، ص‎150-149‎‏،‏ بتصرف ، وتقدمت ترمجته ص<br />

سورة احلشر،‏ اآلايت )20-19(.<br />

( 378 ‏(ينظر:‏ ابن خلدون ورسالته للقضاة،‏ حتقيق فؤاد أمحد ، ص‎150-149‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

. 103


<strong>السياحة</strong> سفر كما تقدم،‏ ينتقل القاضي فيها <strong>يف</strong> غري حمل إقامته فهل لذلك أثر على واليته حبيث ال تنفذ<br />

أحكامه <strong>يف</strong> غري حمل إقامته وواليته أم أنه ال أثر لذلك؟<br />

ابتداء حيسن بيان معىن الوالية : فالوالية <strong>يف</strong> اللغة مبعىن اإلمارة والسلطة والنصرة والتقليد على عمل معني )379(<br />

أو هي:‏ ‏"سلطة شرعية لشخص <strong>يف</strong> إدارة شأن من<br />

و<strong>يف</strong> االصطالح:‏ تنفيذ القول على الغري شاء أو أىب )380(<br />

)381(<br />

الشئون وتنفيذ إرادته منه على الغري،‏ فرداً‏ كان أو مجاعة"‏<br />

فهي أيضاً‏ سلطة خمولة لشخص تبيح له التصرف <strong>يف</strong> شئون غريه جرباً‏ عنه وقد تكون <strong>يف</strong> الشئون العامة<br />

كاخلالفة والقضاء أو <strong>يف</strong> الشئون اخلاصة كالوالية على النفس .<br />

فالوالية القضائية سلطة تثبت للخل<strong>يف</strong>ة أو الدولة توهلا رعاية مصاحل رعاايها وغريهم عن طريق ما تنشئه<br />

لذلك من هيئات وجهات خمتصة وفقاً‏ للضوابط احملددة شرعاً‏ أو نظاماً)‏‎382‎‏(‏<br />

واألصل فيها العموم والشمول:‏ ألن القضاء من سلطات الدولة ووالايهتا العامة،‏ فتتعدد حبدود سيادهتا<br />

وخيضع لسلطة القاضي كل القاطنني على أرض الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية مهما كانت جنسياهتم أو داينتهم،‏ وتعىن<br />

الدول <strong>يف</strong> القوانني الوضعية بتقرير والية القضاء،‏ وسلطة القاضي بصفة إقليمية كاملة ‏َبعتباره من مظاهر<br />

سيادهتا على أرضها )383(<br />

وقد كان القضاء <strong>يف</strong> صدر <strong>اإلسالم</strong> ال خيتص حبد معني من القضااي بل ينظر القاضي <strong>يف</strong> مجيع ما يرد عليه من<br />

القضااي ألنه انئب عن اخلل<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> ذلك فاألصل أن القضاء من وظائف اخلالفة كما تقدم.‏<br />

لكن بعد اتساع رقعة دولة <strong>اإلسالم</strong> وَشوهلا ألرجاء املعمورة وكثرة املشاكل واخلصومات اضطر الوالة إىل توزيع<br />

اختصاصات السلطة القضائية فأوكلت بعض املهام إىل جهات أخرى وانفصلت السلطة التنفيذية عن<br />

)384(<br />

القضائية<br />

وتعدد أعوان القاضي وخصص القضاء <strong>يف</strong> املكان والزمان والنوع وهذا من التنظيم والرتتيب للعمل القضائي،‏<br />

وهو من السياسة الشرعية والشريعة ليس فيها حد معني ملا يدخل <strong>يف</strong> اختصاص القاضي بل ذلك مرتوك لويل<br />

وعلى هذا فالوالية نوعان:‏ )386(<br />

األمر حيدده تبعاً‏ للمصلحة وحاجات الناس )385(<br />

) 379 (<br />

) 380 (<br />

) 381 (<br />

) 382 (<br />

) 383 (<br />

) 384 (<br />

) 385 (<br />

ينظر:‏ لسان العرب ، البن منظور ‏)‏‎4920/8‎‏-وما بعدها(،‏ التعر<strong>يف</strong>ات،‏ للجرجاين )249(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،و السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ شوكت عليان،‏ ص‎97‎‏.‏<br />

االختصاص القضائي،‏ انصر الغامدي،‏ ص )80(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ السلطة القضائية،‏ شوكت عليان،‏ ص‎99‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏


عامة وهو األصل كما تقدم فإذا كانت والية القاضي عامة مطلقة التصرف <strong>يف</strong> مجيع ما تضمنته فقد ذكر<br />

الفقهاء أبهنا توله القيام أبعمال كثرية كالفصل بني اخلصوم والنظر <strong>يف</strong> أمور القصر وإقامة احلدود وإمامة<br />

اجلمعة والعيد والنظر <strong>يف</strong> مصاحل البالد من إصالح الطرقات وحنو ذلك .<br />

وهذا كله من السياسة الشرعية اليت تتغري بتغري األزمان و<strong>يف</strong> زمننا هذا غالب هذه األعمال أنيطت<br />

جبهات خمتصة كالوزارات وغريها وعلى هذا فاملرجع <strong>يف</strong> حتديد هذه الصالحيات هو العرف واحلال وما <strong>يف</strong>يده<br />

. لفظ التولية<br />

)387(<br />

والنوع الثاين:‏ الوالية اخلاصة مبكان أو زمان أو نوع أو شخص وحنو ذلك وقد قرر الفقهاء جواز<br />

تصيص القضاء مبا تقتضيه املصلحة )388(<br />

واملرجع فيه إىل العرف بل إن بعض الفقهاء جعل حتديد مكان القضاء وتصيصه مبكان معني شرطاً‏ <strong>يف</strong><br />

صحة التولية فجاء <strong>يف</strong> تبصرة احلكام:‏ ‏"وال تتم الوالية إال بثالثة<br />

عليه الوالية ليتميز عن غريه"‏ )389(<br />

شروط...‏ الثالث:‏ ذكر البلد الذي عقدت<br />

والقاضي انئب عن اخلل<strong>يف</strong>ة فإن أطلق كانت واليته عامة حسب العرف وإال فللخل<strong>يف</strong>ة أن يقيده بزمان أو<br />

مكان أو نوع فيتقيد بذلك وال ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غري حمل الوالية،‏ ومن أهم أنواع التخصيص:‏<br />

فللخل<strong>يف</strong>ة<br />

التخصيص املكاين ، وهو توزيع العمل القضائي بني حماكم الطبقة الواحدة على أساس مكاين )390(<br />

أو السلطان أن جيعل والية القاضي شاملة جلميع البالد أو خاصة مبحل معني وانحية بعينها فال تكون له<br />

والية فيما جاوزها وينقسم هذا التخصيص إىل أربعة أقسام أو أنواع هي:‏ )391(<br />

1- أن يوليه عموم النظر <strong>يف</strong> عموم العمل مثل سائر األحكام <strong>يف</strong> سائر البالد .<br />

) 386 (<br />

ينظر:‏ روضة القضاة،‏ للسمناين ، حتقيق الناهي )72/2-1( حاشية ابن عابدين،‏ )113/8(، تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )21/1-<br />

22(، تكملة اجملموع للنووي،‏ حملمد جنيب املطيعي )225/22(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي،‏ حتقيق عبدهللا<br />

الرتكي،‏ )265/5(، املوسوعة الفقهية الكويتية ، )298/33(، حبوث فقهية <strong>يف</strong> قضااي عصرية،‏ صاحل الفوزان،‏ ص‎47-46‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

( 387 ) ينظر :<br />

) 388 (<br />

) 389 (<br />

) 390 (<br />

) 391 (<br />

الطرق احلكمية <strong>يف</strong> السياسة الشرعية،‏ البن قيم اجلوزية،‏ ص‎239‎‏.‏<br />

ينظر:‏ األحكام السلطانية،‏ للماوردي )89(، واألحكام السلطانية أليب يعلى تعليق حممد الفقي )65( ‏،وروضة القضاة للسمناين،‏<br />

حتقيق صالح الدين الناهي )73-72/2-1( و حاشية رد احملتار ، البن عابدين،‏ )113/8( ، و مواهب اجلليل لشرح خمتصر خليل<br />

املالكي،‏ للحطاب )98/8( و تبصرة احلكام ، البن فرحون،‏ تعليق مجال مرعشلي )22-21/1( ، وتكملة اجملموع ، حملمد جنيب<br />

املطيعي )225/22( و منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية املنتهى للنجدي،‏ حتقيق الرتكي،‏ )265/5( و املستدرك على جمموع فتاوى<br />

شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع حممد بن قاسم )159/5(<br />

تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )20/1( وينظر : األحكام السلطانية أليب يعلى ‏)ص‎65‎‏(،‏ وجاء حنو ذلك <strong>يف</strong> بغية التمام حتقيق ودراسة<br />

مسعفة احلكام للتمراتشي،‏ للزيد )644/2(.<br />

ينظر:‏ االختصاص القضائي،‏ للغامدي،‏ ص‎302‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

املصادر السابقة،‏ واملغين البن قدامه )90-89/14(<br />

.


-2<br />

-3<br />

-4<br />

أن يوليه خصوص النظر <strong>يف</strong> خصوص العمل مثل األنكحة <strong>يف</strong> بلد كذا.‏<br />

أن يوليه خصوص النظر <strong>يف</strong> عموم العمل مثل املواريث <strong>يف</strong> مجيع البالد.‏<br />

أن يوليه عموم النظر <strong>يف</strong> خصوص العمل مثل سائر األحكام <strong>يف</strong> بلد كذا.‏<br />

وإذا كانت واليته <strong>يف</strong> بلد معني نفذ حكمه <strong>يف</strong> املقيم به والطارئ إليه فقط سواء كان نظره عاماً‏ أو خاصاً‏ فيه<br />

)392(<br />

ومل ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غريه من البلدان<br />

والتخصيص قد يكون <strong>يف</strong> املكان أو الزمان أو بنوع من اخلصوم أو بنوع من الدعاوى أو بنصاب معني<br />

وهكذا.‏<br />

وقد قرر الفقهاء ذلك ونصوا على جوازه،‏ وعليه العمل <strong>يف</strong> نظام القضاء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية )393(<br />

ومن خالل ما تقدم يتبني أثر <strong>السياحة</strong> على والية القاضي ونفاذ أحكامه فإذا كانت واليته عامة فال أثر<br />

للسياحة وينفذ حكمه <strong>يف</strong> كل بلد وإال فال ينفذ حكمه <strong>يف</strong> غري حمل واليته فإن خص مبكان مل ينفذ حكمه<br />

<strong>يف</strong> غريه وإن خص بزمان مل ينفذ حكمه فيما عداه وهكذا وقد ذكر الفقهاء أبن القاضي إذا كان <strong>يف</strong> غري حمل<br />

واليته فليس له أن ينظر <strong>يف</strong> الدعوى وال يقوم أبي من إجراءاهتا وال يسمع الشهود<br />

)394(<br />

فحكمه <strong>يف</strong> غري حمل واليته ال ينفذ ألنه ليس بقاض فيه،‏ إال إذا فوضه بذلك اإلمام أو من ينيبه )395(<br />

وهذا ما نص عليه النظام <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.‏ )396(<br />

،<br />

) 392 (<br />

) 393 (<br />

( 394 ) ينظر :<br />

) 395 (<br />

املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ نظام القضاء،‏ املواد:‏ )55-50-26-24-22-10-8( .<br />

بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام للتمراتشي،‏ د/‏ صاحل الزيد،‏ )648/2( و معني احلكام على القضااي واألحكام،‏<br />

أليب إسحاق بن عبدالرفيع،‏ حتقيق حممد بن قاسم بن عياد،‏ )613/2(.<br />

ينظر : مجيع املصادر السابقة.‏<br />

( 396 ‏(كما <strong>يف</strong> املواد )61-60-56-55(.


املطلب الثاني<br />

سياحة عامة املسلمني


املطلب الثاين : سياحة عامة املسلمني :<br />

تقدمي :<br />

تشكل بالد <strong>اإلسالم</strong> مساحة شاسعة مرتامية األطراف،‏ وقد حباها هللا جل جالله خبريات ونعم وفرية،‏<br />

وأماكن طبيعية رائعة تسر الناظرين .<br />

و<strong>يف</strong> بالد املسلمني غنية ملن أراد الرتويح والرتفيه والنزهة واالستجمام وفق ضوابط شريعة <strong>اإلسالم</strong> .<br />

كما أن فيها كماً‏ هائالً‏ من اآلاثر والتحف واألماكن التارخيية الشاهدة على حضارات وأمم عظيمة .<br />

و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد املسلمني تعود ‏َبلنفع الكبري على<br />

)397(<br />

وترويح أو غريه وتنعم البالد بعوائد اقتصادية تنعش اقتصادها القومي.‏<br />

السائح والبلد املقصود فيتحقق للسائح مبتغاه من ترفيه<br />

يكلل ذلك السالمة من خماطر وأضرار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد الكفار،‏ وقد يقال:‏ إن <strong>يف</strong> هذا مبالغة <strong>يف</strong> التفاؤل<br />

فحال كثري من بالد املسلمني ال خيتلف كثري اً‏ عما يوجد من منكرات <strong>يف</strong> بالد الغرب فمعظم السائحني<br />

جتدهم <strong>يف</strong> النهار على الشواط يستحمون مبالبس فاضحة ويلهون ويتمتعون وأيكلون كما أتكل األنعام وال<br />

تلوا موائد بعضهم من اخلمر ويباع <strong>يف</strong> كثري من بالد املسلمني جهاراً‏ هناراً‏ .<br />

وكل مسلم أيمل أبن تتطهر بالد املسلمني من مظاهر التبعية وآاثر االستعمار الغريب وتكون <strong>السياحة</strong> فيها<br />

نقية من كل ذلك ، ومع وجود تلك املنكرات <strong>يف</strong> بالد املسلمني إال أن فيها حبمد هللا كثرياً‏ من األماكن<br />

الطاهرة الطيبة اخلالية من املنكرات وهي مقصودان <strong>يف</strong> هذا املطلب .<br />

فينبغي على كل مسلم أن يتلمس مواطن احلاجة <strong>يف</strong> بالد املسلمني فيسيح فيها ويستغل سياحته <strong>يف</strong> تعليم<br />

جاهلهم وتذكري غافلهم وتوعيتهم بقوله وفعله وكذا على أثرايء املسلمني أن يسيحوا <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> لدعمها<br />

اقتصادايً.‏<br />

وهبذا تتقوى روابط األخوة <strong>اإلسالم</strong>ية وتتطهر بالد املسلمني من رجس التبعية ورواسب اجلاهلية ، ويقوى<br />

اقتصادها وينشر العلم والصالح بني رعاايها.‏ )398(<br />

ومما يبعث على األسى أن <strong>يف</strong> األمة كثري من املنهزمني عَبُّوا من ثقافة الغري حىت مثلوا،‏ وزعموا وبئس ما زعموا<br />

أن <strong>السياحة</strong> ال تتحقق إال أبايم سوداء ، وليال محراء،‏ وجمانبة للفضائل،‏ ونبذ للحياء وإعالن للفضائح<br />

وجماهرة ‏َبلقبائح .<br />

ويرون أن بالد املسلمني ال تكون انجعة سياحياً‏ حىت تعمل على حتقيق ذلك أسوة ببالد الغرب وال شك أن<br />

الولوغ <strong>يف</strong> هذه املياه العكرة،‏ واالنسياق وراء أمراض األمم املعاصرة وإفرازاهتا املنتنة ال يقبله ذوو النفوس املؤمنة<br />

واجملتمعات احملافظة.‏<br />

( 397 )<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور ، ص‎171‎ –<br />

، 172 بتصرف .<br />

( 398 )<br />

ينظر:‏ املصدر السابق ، بتصرف .


فنقول:‏ نعم لسياحة التأثري ال التأثر ، واالعتزاز ال االبتزاز ، والفضيلة ال الرذيلة،‏ والثبات ال االنفالت ،<br />

واإلبداع ال التقليد فقد حبا هللا بالد املسلمني مقومات شرعية واترخيية وحضارية جتعلها مؤهلة لتكون بلد<br />

<strong>السياحة</strong> النظ<strong>يف</strong>ة النقية )399(<br />

وال سيما بالد احلرمني اململكة العربية السعودية مهوى أفئدة املسلمني وحمط أنظارهم،‏ فهي تنعم حبمد هللا<br />

أبجواء متنوعة وتضاريس خمتلفة تشكل منظومة متآلفة وجمموعة متكاملة،‏ فمن البقاع املقدسة إىل الشواط<br />

اجلميلة والبيئة النظ<strong>يف</strong>ة السليمة من أمراض احلضارة املادية الغربية وإفرازاهتا،‏ إىل اجلبال الشم الشاهقة،‏ ذات<br />

املنظر اجلميل واهلواء العليل،‏ واألودية اخلالبة والسهول اجلذابة واجلداول املنسابة مروراً‏ ‏َبملصائف اجلميلة<br />

والصحارى البديعة والقمم الرفيعة والوهاد الواسعة والبطاح الشاسعة وأهم من هذا كله اخلصائص <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

واحلضارية والقيم العربية األصيلة واآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية النبيلة املعطرة ‏َبإلميان الندية ‏َبملروءة واإلحسان.‏ )400(<br />

أفبعد هذا يستبدل بعضنا الذي هو أدىن ‏َبلذي هو خري ؟!‏<br />

فهذه بالد حممد صلى هللا عليه وسلم بالد اإلميان والطهر والقداسة فشكر هللا ملن تعوض هبا وفضلها على<br />

بالد الكفر ، وأتى ليحفظ إميانه وأمنه وأهله<br />

م ن ب الدي يطل ب احلس ن وال يطل ب احلس ن م ن الغ رب الغ ي<br />

وهب ا مه بط وح ي هللا ب ل أرس ل هللا هب ا خ ري ن ي )401(<br />

فنحن املسلمني أصحاب حضارة ومعتقد سليم ودين ختم هللا به األداين ولنا خصوصيتنا وشخصيتنا املتميزة،‏<br />

وينبغي أن يكون لسياحتنا متيز عن سياحة اآلخرين .<br />

)402(<br />

فال نقع <strong>يف</strong> احملظور أبي لون من األلوان،‏ وإبمكاننا تقدمي النموذج األمثل لاخرين <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong><br />

هذا وقد أثرت األحداث السياسية <strong>يف</strong> الفرتة األخرية على توجهات كثري من املسلمني وأظهر استطالع نشر<br />

<strong>يف</strong> شبكة املعلومات العاملية ‏)اإلنرتنت(‏ بعنوان : أين ستقضي إجازتك الص<strong>يف</strong>ية للعام ‎2004‎م؟ تفوقاً‏<br />

ملحوظاً‏ <strong>يف</strong> التوجه حنو البالد <strong>اإلسالم</strong>ية فعلى سبيل املثال:‏ حصلت ماليزاي وسنغافوره على وهو<br />

ما يعادل )236( من األصوات بينما حصلت فرنسا وأملانيا على<br />

%36.53<br />

%4.80<br />

جمموع األصوات )646( )403(<br />

وهو ما يعادل 31 صواتً‏ من<br />

بواسطة :<br />

( 399 )<br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ميزان الشريعة ، خطبة <strong>يف</strong> احلرم املكي لفضيلة الشيخ عبدالرمحن السديس،‏ بتاريخ ‎1422/4/1‎ه ، بتصرف<br />

www.khotab.netfirms.com/makkah/makkah1-1422.htm).<br />

( 400 )<br />

( 401 )<br />

( 402 )<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف،‏ وجملة األسرة،‏ العدد‎61‎‏،‏ ربيع اآلخرة<br />

ينظر:‏ أيها املصطاف ، عائض القرين،‏ ص‎14-13‎‏،‏ بتصرف .<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة،‏ العدد<br />

‎1419‎ه .<br />

9 ،1701<br />

بتصرف .<br />

( 403 )<br />

ينظر:‏ موقع املسافرون العرب على شبكة اإلنرتنت :<br />

ربيع اآلخر ‎1420‎ه ، لنجدد <strong>يف</strong> مفهوم <strong>السياحة</strong>،‏ مقال للشيخ سليمان العودة،‏ ص‎25-24‎‏،‏<br />

(travel4arab.com)


ومن األغراض اليت يقصدها املسلم <strong>يف</strong> سياحته <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> اللهو والرتفيه الربئ وإدخال السرور والفرح<br />

على نفسه وأهله وإذهاب امللل والسآمة .<br />

وقد ذكر الغزايل <strong>يف</strong> اإلحياء أبن من فوائد املخالطة االستئناس واإليناس وهو غرض من حيضر مواضع املعاشرة<br />

واألنس وهذا يرجع إىل حظ النفس وقد يكون على وجه حرام أو مباح وقد يتعلق حبظ النفس ويستحب إذا<br />

كان الغرض منه ترويح القلب لتهييج دواعي النشاط <strong>يف</strong> العبادة،‏ فالقلوب إذا أكرهت عميت،‏ وهذا أمر ال<br />

يستغىن عنه فإن النفس ال أتلف احلق على الدوام ما مل تروح )404(<br />

وقد تقدم تفصيل هذا عند الكالم على حاجة البشر للسياحة وأتصيله شرعاً)‏‎405‎‏(‏<br />

.<br />

وقد أوصى جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورة مؤمتره الرابع جبدة من 23-18 مجادى اآلخرة لعام ‎1408‎ه <strong>يف</strong><br />

38 قراره رقم<br />

)4/13( الفقرة ‏)و(‏ ‏)بتهيئة مجيع الوسائل اليت حتقق تربية النش تربية إسالمية حبيث يلتزم<br />

أبركان <strong>اإلسالم</strong> وسلوكياته ، ويدرك واجباته جتاه ربه وأمنه،‏ ويتخلص من اخلواء الروحي الذي يتسبب <strong>يف</strong><br />

تعاطي املخدرات واملسكرات والتفسخ األخالقي أبشكاله املتعددة ، وإشغال الشباب مبهمات األمور<br />

وإعطاؤه املسؤليات كل حسب قدرته وكفاءته،‏ وإشغال أوقات الفراغ لديهم مبا هو مفيد،‏ وإجياد وسائل<br />

الرتفيه والرايضات واملسابقات الربيئة الطاهرة،‏ وأن توجه وجهة إسالمية كاملة(‏ )406(<br />

.<br />

وهذا حيتاج إىل تطبيق من قبل أصحاب القرار <strong>يف</strong> بالد املسلمني لتشجيع <strong>السياحة</strong> الربيئة النقية فيها<br />

واستغالل املقومات الطبيعية وإنشاء املنتجعات وملؤها ‏َبألنشطة الرتفيهية املمتعة واملؤمترات الثقافية والعلمية<br />

النافعة <strong>يف</strong> جو من احلشمة والصفاء والنقاء )407(<br />

.<br />

وينبغي لكل مسلم أن يوازن <strong>يف</strong> سياحته فال تطغى على عبادته ألهنا غاية وجوده وحياته بل تكون سياحته<br />

حمطة يسرتوح فيها لتجديد مهته ونشاطه <strong>يف</strong> العبادة أما إضاعة العمر <strong>يف</strong> اللهو والسفر للنزهة فقط فهو خسارة<br />

على صاحبه .<br />

( 404 )<br />

ينظر:‏ إحياء علوم الدين للغزايل،‏ )239/2( ، بتصرف .<br />

) 405 ( <strong>يف</strong> ص )80( .<br />

( 406 )<br />

العدد<br />

قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي جبدة،‏ للدورات<br />

10-1<br />

ربيع اآلخر 61<br />

‎1419‎ه .<br />

( 407 )<br />

، ص)‏‎83‎‏(،‏ وينظر:‏ جملة األسرة<br />

تشتهر فنادق املنتجعات ‏َبألنشطة الرتفيهية واستقبال املسافرين للمتعة وتعمل العديد من فنادق املنتجعات بنجاح كبري <strong>يف</strong> اإلعداد<br />

للمؤمترات واللقاءات ‏،والفرق الرئيسي بني املنتجع وغريه من املرافق السياحية هو تركيز املنتجعات على األنشطة الرتفيهية املمتعة من<br />

محامات السباحة والنوادي الصحية واأللعاب الرايضية.‏<br />

وغالباً‏ ما تقع املنتجعات <strong>يف</strong> أفضل األماكن الطبيعية مقارنة ‏َبلفنادق اليت عادة ما تنش <strong>يف</strong> املدن وتعترب اجلبال واجلزر والصحارى<br />

والبحريات من أفضل املواقع إلقامة وتطوير املنتجعات .<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب،‏ ص )5/-65-60( ، بتصرف .


‏)فوا أسفاه واحسراته ك<strong>يف</strong> ينقضي الزمان وينفذ العمر والقلب حمجوب ما شم هلذا رائحة وخرج من الدنيا<br />

كما دخل إليها وما ذاق أطيب ما فيها بل عاش فيها عيش البهائم وانتقل منها انتقال املفاليس فكانت<br />

حياته عجزا وموته كمداً‏ ومعاده حسرة وأسفا(‏ )408(<br />

وإذا كان األصل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> احلل واملشروعية كما تقدم فإن كل ما كان من املباحات ذريعة إىل احلرام ولو<br />

اندراً‏ فالورع الوقوف عنده وتركه .<br />

ولذا قال بعض السلف:‏ ‏"إن الورع ترك ما ال أبس به حذراً‏ مما به البأس وقد كان السلف الصاحل أيخذون<br />

من ذلك أبوفر نصيب حىت إن كثرياً‏ منهم متر عليه السنون الكثرية فال يرى متبسماً"‏ )409(<br />

والورع الذي يعد الوقوف عنده زهداً‏ واتقاء للشبهة،‏ ليس ترك مجيع املباحات ألهنا من احلالل املطلق،‏ وإمنا<br />

هو ترك ما كان منها مدخالً‏ للحرام،‏ ومدرجاً‏ لااثم .<br />

واملكروه مجيعه شبهة ألنه مل أيت عن الشارع أنه حالل بني،‏ وال أنه حرام بني،‏ فهو واسطة بينهما وهذا أحق<br />

ما جيري اسم الشبهة عليه )410(<br />

.<br />

فعلى املسلم أن يتجنب <strong>يف</strong> سياحته كل ما فيه شبهة،‏ عمالً‏ ‏َبحلديث املتقدم )411(<br />

.<br />

يقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:‏ ‏"ومتام الورع أن يعلم اإلنسان خري اخلريين وشر الشرين ويعلم أن الشريعة مبناها<br />

على حتصيل املصاحل وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها وإال فمن مل يوازن ما <strong>يف</strong> الفعل والرتك من املصلحة<br />

)412(<br />

الشرعية واملفسدة الشرعية فقد يدع واجبات و<strong>يف</strong>عل حمرمات ويرى ذلك من الورع".‏<br />

املسألة األوىل:‏ حكم سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> على نوعني :<br />

األول : سياحة حممودة خالية من احملاذير الشرعية<br />

<strong>اإلسالم</strong>:‏<br />

( 408 )<br />

( 410 )<br />

طريق اهلجرتني وَبب السعادتني،‏ البن القيم اجلوزية،‏ ص )268(.<br />

) 409 ( كشف الشبهات عن املشتبهات عما جاء <strong>يف</strong> حديث احلالل بني واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات ، للشوكاين،‏ حتقيق عادل<br />

السعيدان،‏ ص)‏‎18‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف .<br />

) 411 ( <strong>يف</strong> ص )118( .<br />

( 412 )<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد،‏ )512/10( و<strong>يف</strong> ص )615( قال رمحه هللا:‏ ‏"وأما الورع فإنه<br />

اإلمساك عما قد يضر فتدخل فيه احملرمات والشبهات ألهنا قد تضر فإنه من اتقى الشبهات استربأ لعرضه ودينه ومن وقع <strong>يف</strong> الشبهات<br />

وقع <strong>يف</strong> احلرام كالراعي حول احلمى يوشك أن يواقعه".‏


وهذه إما واجبة كاحلج وصلة األرحام،‏ أو مندوبة كزايرة األصدقاء والتوسع <strong>يف</strong> العلوم والفنون والصناعات<br />

لنفع املسلمني أو مباحة كمن يقصد هبا ماالً‏ أو نكاحاً‏ أو ترفيهاً‏ وتروحياً‏ أو استكشافاً‏ وتنزهاً‏ وقد يرتقي<br />

ذلك إىل درجة العبادة إذا اقرتنت به النية الصاحلة .<br />

والنوع الثاين:‏ سياحة مذمومة ال تلو من منكرات وحماذير<br />

وهذه إما حمرمة أو مكروهة إذا قصد هبا عمل حمرم أو مكروه ومنها الذهاب إىل أماكن مليئة ‏َبملنكرات<br />

والفسق واللهو احملرم )413(<br />

.<br />

وهبذا يتبني أن هذه <strong>السياحة</strong> كغريها تعرتيها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية اخلمسة حبسب تنوع أهدافها ومقاصدها<br />

وأغراضها وأحوال السائح نفسه وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> مطلب مستقل بعون هللا تعاىل.‏ )414(<br />

بل قد تكون سياحة املسلم <strong>يف</strong> ذاهتا مشروعة ولكن تكره أو حترم ألمر خارج يتعلق به أو مبن له حق عليه من<br />

أصحاب احلقوق واألوالد وحنو ذلك .<br />

وقد سئل شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا عن سفر صاحب العيال فأجاب:‏ ‏"أما سفر صاحب العيال فإن كان<br />

، وسواء كان<br />

السفر يضر بعياله مل يسافر فإن النيب قال:‏ ‏))كفى ‏َبملرء إمثاً‏ أن يضيع من يقوت((‏ )415(<br />

تضررهم لقلة النفقة أو لضعفهم وسفر مثل هذا حرام وإن كانوا ال يتضررون بل يتأملون وتنقص أحواهلم فإن مل<br />

يكن <strong>يف</strong> السفر فائدة جسيمة تربوا على ثواب مقامه عندهم كعلم خياف فوته وشيخ يتعني االجتماع به وإال<br />

فمقامه عندهم أفضل وهذا لعمري إذا صحت نيته <strong>يف</strong> السفر كان مشروعاً،‏ وأما إن كان كسفر كثري من<br />

الناس إمنا يسافر قلقاً‏ وتزجيه للوقت فهذا مقامه يعبد هللا <strong>يف</strong> بيته خري له بكل حال وحيتاج صاحب هذه<br />

احلال أن يستشري <strong>يف</strong> خاصة نفسه رجالً‏ عاملاً‏ حباله ومبا يصلحه مأموانً‏ على ذلك فإن أحوال الناس تتلف <strong>يف</strong><br />

)416(<br />

مثل هذا اختالفاً‏ متبايناً"‏<br />

– وكالمه<br />

وإن كان <strong>يف</strong> عموم السفر<br />

–<br />

إال أنه منطبق على سفر <strong>السياحة</strong> وقد أشار إليه الشيخ <strong>يف</strong> آخر كالمه<br />

ومل جيزم فيه حبكم بل ترك ذلك الختالف أحوال الناس فيوازن <strong>يف</strong> هذا بني املصاحل واملفاسدكما تقدم<br />

)417( .<br />

وقد سئل الشيخ حممد بن عثيمني رمحه هللا عن السفر إىل البالد <strong>اإلسالم</strong>ية ألجل <strong>السياحة</strong> وهل جيوز هذا من<br />

غري ضرورة ؟<br />

فأجاب:‏<br />

( 413 )<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )221/25، واألحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية،‏ للمزروعي ‏)ص‎72‎‏(،‏ وللمسافرين ،<br />

القسم العلمي بدار الوطن ، ص )2(.<br />

) 414 ( <strong>يف</strong> ص )343( .<br />

( 415 )<br />

( 416 )<br />

سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

) 25<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )29-28/28(.<br />

) 417 ( <strong>يف</strong> كالم الشاطيب ص )88(.


‏"أوالً:‏ ال نرى أن اإلنسان يسافر إىل بالد خارج بالده إال حلاجة أو مصلحة راجحة وذلك ألن السفر إىل<br />

البالد اخلارجية يتكلف نفقات كبرية ال داعي هلا فتكون من إضاعة املال<br />

. .<br />

اثنياً:‏ أن هذا السفر رمبا يشغلهم عن أشياء رمبا <strong>يف</strong>علوهنا <strong>يف</strong> بلدهم من صلة الرحم وطلب العمل إذا كانوا<br />

يطلبون العمل وغري ذلك وال شك أن االشتغال عن الشيء النافع يعترب خسارة من عمر اإلنسان .<br />

اثلثاً:‏ أن البالد اليت يسافرون إليها قد تكون بالداً‏ أثر فيها االستعمار من جهة األخالق واألفكار فيحصل<br />

بذلك ضرر على اإلنسان <strong>يف</strong> أخالقه وأفكاره وهذا هو أشد األمور اليت خيشى منها السفر إىل اخلارج وهلذا<br />

أقول هلذا السائل ولغريه عندان وهلل احلمد من املصا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> بالدان – يعين اململكة العربية السعودية<br />

عن اخلارج<br />

–<br />

–<br />

يعين البالد <strong>اإلسالم</strong>ية األخرى-‏ مع قلة النفقة ونفع املواطنني"‏ )418(<br />

ما يغين<br />

وكالمه موافق ملا تقرر سابقاً‏ من املوازنة بني املصاحل واملفاسد وتقرير احلكم<br />

والبلدان تتلف <strong>يف</strong> مثل هذا اختالفاً‏ متبايناً.‏<br />

وفقاً‏ لذلك ألن أحوال الناس<br />

ومال رمحه هللا إىل كراهة هذا السفر دون حاجة أو مصلحة راجحة للمربرات اليت أوردها ال سيما املنكرات<br />

الظاهرة <strong>يف</strong> البالد <strong>اإلسالم</strong>ية واليت ال تلو منها بلد حىت اململكة إال أهنا أقل تلك البلدان وأكثرها خلواً‏ من<br />

منكرات <strong>السياحة</strong> وحماذيرها وفيها أيمن السائح على دينه وخلقه أكثر من غريها ومن هنا كان ترجيحه للبقاء<br />

فيها و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مصائفها دون غريها من بالد املسلمني.‏<br />

كما سئل الشيخ عبدهللا اجلربين حفظه هللا عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> البلدان <strong>اإلسالم</strong>ية اليت ال تلوا من املنكرات<br />

بقصد االنبساط والفرجة ال املعصية<br />

فأجاب:‏<br />

‏"إذا كنت تقصد التمشية والنزهة فنرى أن سفرك هذا مكروه وال ينبغي لكثرة الفنت واألخطار،‏ أما إن كنت<br />

تقصد الدعوة والتعليم ونشر الدين والنصح والتوجيه فنرى أن سفرك هذا مستحب ولك به أجر ملا فيه من<br />

إظهار شعائر <strong>اإلسالم</strong> وحماسنه والرد على من خرج عنه أو خالفه .<br />

أما إن كنت تقصد التجارة وتنمية املال فيجوز سفرك بغري كراهة بشرط القدرة على إظهار الدين واجلهر به<br />

والتمسك بتعاليم <strong>اإلسالم</strong>،‏ أما إن كنت ال تقدر <strong>يف</strong> هذا السفر على إظهار الدين كأن تفطر أو أن حتلق<br />

( 418 )<br />

وملا سئل <strong>يف</strong> فتوى أخرى عن السفر لبالد الكفار للسياحة قال:‏ ‏"إبمكانه أن يذهب إىل بالد إسالمية حيافظ أهلها على شعائر<br />

<strong>اإلسالم</strong> وبالدان اآلن واحلمد هلل أصبحت بالداً‏ سياحية <strong>يف</strong> بعض املناطق فبإمكانه أن يذهب إليها ويقضي إجازته فيها"‏ فتاوى الشيخ<br />

حممد العثيمني ، إعداد أشرف عبداملقصود )212/1(، وينظر : لقاء الباب املفتوح )34( ، و:‏<br />

www.bokhari.faithweb.com/siyaha1.htm1


حليتك أو ترتك الصالة مع اجلماعة أو ترتك األذان للصالة والنداء هلا وأنتم مجاعة أو كنت تاف على<br />

نفسك من املداهنة أو التنازل عن بعض األمور الشرعية أو الوقوع <strong>يف</strong> شيء مما يقع فيه املشركون من عبادة<br />

القبور أو الذبح هلا جماراة للمشركني فهنا حيرم السفر وإن كان لتجارة " )419(<br />

فقرر الشيخ كراهة هذه <strong>السياحة</strong> ؛ لكثرة الفنت واألخطار واملنكرات <strong>يف</strong> بالد املسلمني مقارنة ‏َبململكة العربية<br />

السعودية فوازن بني املصاحل واملفاسد <strong>يف</strong> هذا مع اختالف ذلك حبسب حال السائل ومقصده من <strong>السياحة</strong>،‏<br />

فإذا كان األصل مشروعية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد املسلمني محالً‏ على أصل آخر وهو عدالة املسلمني وإحسان<br />

الظن هبم ومحلهم على أفضل احملامل إال أن هذا يتغري <strong>يف</strong> الواقع حبسب حاهلم وحال بالدهم وحال السائح<br />

ومقصده من سياحته وانتفاعه أو تضرره منها،‏ وحيتاج <strong>يف</strong> معرفة ذلك إىل سؤال من يثق <strong>يف</strong> دينه وعلمه وأمانته<br />

الختالف أحوال الناس مع موازنته بني املصاحل واملفاسد فاإلنسان على نفسه بصريه،‏ واألصل <strong>يف</strong> املؤمن أن<br />

يكون ذا ورع وتقى حيمالنه على اجتناب ما فيه شبهة أو مفسدة راجحة وإن أفتاه الناس وأفتوه .<br />

كما قال عليه السالم:‏ ‏))استفت قلبك ‏–ثالاثً-‏ الرب ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب،‏ واإلمث ما<br />

حاك <strong>يف</strong> النفس وتردد <strong>يف</strong> الصدر وإن أفتاك الناس((‏ )420(<br />

( 419 )<br />

.<br />

( 420 )<br />

املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر )171 فتوى هتم املسافر(‏ من فتاوى العالمة عبدهللا اجلربين ، مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص )132-131(<br />

رواه أمحد )228/4( والدارمي،‏ كتاب البيوع،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> الرَب الذي كان <strong>يف</strong> اجلاهلية )320/2( ، رقم<br />

2533<br />

، والبخاري <strong>يف</strong> التاريخ<br />

)145/1( ، وقال اهليثمي:‏ ‏"رواه أمحد والبزار وفيه أبو عبدهللا السلمي ... ورواه أبو يعلى عن وابصه وفيه أيوب بن عبدهللا بن مكرز،‏<br />

قال ابن عدي:‏ ال يتابع على حديثه ووثقه ابن حبان ورواه الطرباين عن أيب ثعلبة اخلشين مبعناه وأمحد ورواه الطرباين من حديث واثلة<br />

وفيه العالء بن ثعلبة جمهول ، ورواه الطرباين وأبو يعلى ولفظه أطول من هذا بكثري وفيه عبيد بن القاسم وهو مرتوك ورواه الطرباين وفيه<br />

امساعيل الكندي وهو ضع<strong>يف</strong>"‏<br />

ينظر : جممع الزوائد )176-175/1 و 294/10( وحسنه األلباين <strong>يف</strong> صحيح اجلامع ، رقم )959( ، ص )321(، وحسنه <strong>يف</strong><br />

الرتغيب والرتهيب،‏ كتاب البيوع،‏ ‏َبب الرتغيب <strong>يف</strong> الورع،‏<br />

جامع العلوم واحلكم<br />

351/2<br />

، و<strong>يف</strong> رايض الصاحلني،‏ كتاب الورع وترك الشبهات<br />

، 167/1 و<strong>يف</strong><br />

.249/1


املسألة الثانية:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني :<br />

نظراً‏ الحتالل اليهود لفلسطني <strong>يف</strong> هذا العصر وإقامتهم لدولتهم العربية إسرائيل،‏ وسيطرهتم شبه التامة على<br />

هذه البالد <strong>اإلسالم</strong>ية املقدسة،‏ كان هناك حاجة إىل إفراد هذه املسألة ‏َبلبحث . فهل جيوز للمسلم ‏–واحلال<br />

ما ذكر-‏ أن يسافر إىل فلسطني للسياحة رغم أنه ال يتمكن من دخوهلا إال مبوافقة اليهود وحتت سلطة<br />

احتالهلم أم ال؟<br />

هذا أيضاً‏ مما يتفاوت وخيتلف حبسب حال السائل وغرضه من سياحته فقد يكون ذهابه إىل هناك ضرورة<br />

لزايرة أهله ومساعدهتم أو عالج مرضى املسلمني أو تعليمهم وحنو ذلك،‏ فتقدر هذه الضرورة بقدرها،‏ وقد<br />

تكون سياحته عبادة هلل بزايرة املسجد األقصى كما <strong>يف</strong> احلديث:‏ ‏))ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد:‏<br />

، وورد <strong>يف</strong> فضله أحاديث وآاثر أخرى.‏<br />

املسجد احلرام،‏ ومسجدي هذا واملسجد األقصى((‏ )421(<br />

فاملسجد األقصى خص من بني البقاع مع احلرمني جبواز شد الرحال إليه تعبداً‏ هلل وتقرَبً‏ إليه ، فهل جتوز<br />

هذه <strong>السياحة</strong> الدينية <strong>يف</strong> هذا العصر واحلال ما ذكر؟ وقد تكون سياحته للرتويح والرتفيه بزايرة األماكن<br />

السياحية <strong>يف</strong> فلسطني إىل غري ذلك من األغراض األخرى،‏ وقد اختلف املعاصرون <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني<br />

من غري ضرورة أو حاجة أو مصلحة وإمنا للعبادة أو الرتفيه وذلك على قولني:‏<br />

األول:‏ أنه ال جيوز للمسلم أن يسافر إىل فلسطني للسياحة حىت يزول االحتالل وتعود إىل سيادة<br />

املسلمني )422(<br />

الثاين:‏ جواز ذلك بشرط أن ال يكون له أي تعامل من أي نوع مع اليهود مبا يعود عليهم ‏َبلنفع وينعش<br />

)423(<br />

اقتصادهم<br />

وعلل أصحاب القول األول أبن السفر إىل هناك مع وجود االحتالل يتضمن مفاسد كثرية :<br />

( 421 )<br />

( 422 )<br />

متفق عليه . أخرجه البخاري،‏ كتاب فضل الصالة ، ‏َبب فضل الصالة <strong>يف</strong> مسجد مكة واملدينة ص)‏‎92‎‏(‏ رقم )1189( ، ومسلم ،<br />

كتاب احلج ، ‏َبب فضل املساجد الثالثة ص)‏‎909‎‏(‏ رقم )1397(.<br />

. وغريهم<br />

ينظر :<br />

وممن قال هبذا : جلنة إفتاء اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية بغزه،‏ د/‏ يوسف القرضاوي،‏ فيصل مولوي انئب رئيس اجمللس األوريب لإلفتاء والبحوث،‏<br />

www.islam-online.net<br />

فتوى بعنوان:‏ <strong>السياحة</strong> على فلسطني رؤى فقهية،‏ اتريخ ‎18‎‏/يوليو/‏‎2002‎م<br />

وفتوى بعنوان:‏ زايرة املسجد األقصى .. األبعاد الشرعية،‏ اتريخ ‎30‎‏/ديسمرب/‏‎2000‎م<br />

وفتوى بعنوان:‏ حكم السفر لزايرة األقصى،‏ بتاريخ ‎7‎‏/مايو/‏‎2000‎م<br />

وينظر:‏ نص فتوى القرضاوي وجلنة اإلفتاء جبامعة غزة <strong>يف</strong> املرفقات<br />

)1( و .)2(<br />

( 423 )<br />

وهبذا أفىت مساحة الشيخ/‏ عبدالعزيز ابن ‏َبز ، ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة،‏ البن ‏َبز،‏ مجع د/‏ حممد الشويعر )214/8( ،<br />

وسيأيت ذكر فتواه والتعليق عليها،‏ كما أفىت هبذا الدكتور مجال الدين عطية من علماء مصر املعاصرين ، وغريهم<br />

ينظر:‏<br />

www.silam-online.net<br />

فتوى بعنوان : <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني .. رؤى فقهية .


أوهلا:‏ االعرتاف ‏َبحتالل الصهاينة لفلسطني إذ ال ميكن دخول البالد إال بتأشرية تصدرها السلطات<br />

اإلسرائيلية،‏ وهذا االعرتاف يتضمن قبوالً‏ صرحياً‏ ‏َبحتالل األرض املباركة وهو حمرم بال خالف،‏ فالواجب هو<br />

السعي إىل حتريرها ال االعرتاف والقبول ‏َبحتالهلا.‏ )424(<br />

قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"فإن من كون الدين كله هلل إذالل الكفر وأهله وصغاره وضرب اجلزية على رؤوس<br />

أهله،‏ والرق على رقاهبم فهذا من دين هللا،‏ وال يناقض هذا إال ترك الكفار على عزهم وإقامة دينهم كما<br />

حيبون،‏ حبيث تكون هلم الشوكة والكلمة"‏ )425(<br />

وال شك أن اجلهاد <strong>يف</strong> فلسطني ضد اليهود الغاصبني فرض عني على أهلها وهو فرض كفاية على غريهم من<br />

املسلمني،‏ وإذا عجز أهلها فهو فرض عني على من حوهلم،‏ فإذا مل يقم املسلم بنصرة إخوانه فك<strong>يف</strong> يسعى<br />

لنصرة أعدائهم ؟<br />

اثنيها:‏ أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> دعماً‏ لليهود من اجلانب السياسي واالقتصادي واإلعالمي فهم يسعون إىل إقناع<br />

العامل واملسلمني حبتمية بقائهم ويعمدون <strong>يف</strong> سبيل ذلك إىل كل وسيلة تؤدي إىل كسب التعاطف الدويل<br />

والتطبيع مع العرب واملسلمني ومن ذلك السماح هلم بزايرة فلسطني والصالة <strong>يف</strong> املسجد األقصى،‏ وال شك<br />

أن <strong>يف</strong> قبول هذا عوانً‏ ودعماً‏ هلم <strong>يف</strong> حتقيق مآرهبم وتكريس سيادهتم )426(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)427(<br />

ويقول:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول:‏ <br />

)428(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)429(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والركون هو امليل إليهم واالعتماد عليهم،‏ و<strong>يف</strong> هذا هني عن املساعدة واملعونة والنصرة ألعداء هللا وهو شامل<br />

لكل أنواعها املادية واملعنوية مما يكثر مجعهم ويرفع شأهنم ويقوي شوكتهم،‏ فإنه من التعاون على اإلمث<br />

)430( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والعدوان وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

( 424 )<br />

( 425 )<br />

( 426 )<br />

ينظر:‏ املصدر السابق ، بتصرف .<br />

أحكام أهل الذمة،‏ البن قيم اجلوزية،‏ حتقيق يوسف البكري وشاكر العاروري ، )111-110/1(.<br />

ينظر:‏<br />

www.islam-online.net<br />

بتصرف .<br />

( 427 )<br />

( 428 )<br />

( 429 )<br />

( 430 )<br />

سورة القصص،‏ اآلية<br />

سورة القصص،‏ اآلية<br />

سورة هود،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

. 86<br />

.17<br />

.113<br />

.2<br />

الفتاوى:‏ <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني ، رؤى فقهية ، وفتوى القرضاوي ، وجلنة اإلفتاء جبامعة غزة ،


وأي عدوان وجرم أعظم من إعانة اليهود ‏َبملال على قتل املسلمني،‏ والنيب <br />

أهون على هللا من قتل رجل مسلم((‏ )431(<br />

يقول:‏ ‏))لزوال الدنيا كلها<br />

وهل هناك قتل أكرب من مد ومعاونة من يرتكبون اجملازر والفظائع <strong>يف</strong> حق إخواننا املسلمني <strong>يف</strong> فلسطني؟!‏<br />

<br />

اثلثها:‏ أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> نوع من املواالة<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

<br />

<br />

)432( <br />

<br />

‏"واملسلمون <strong>يف</strong> مشارق األرض ومغارهبا قلوهبم واحدة موالية هلل ولرسوله ولعباده املؤمنني معادية ألعداء هللا<br />

وأعداء عباده املؤمنني وقلوهبم الصادقة وأدعيتهم الصاحلة هي العسكر الذي ال يغلب"‏ )433(<br />

وال يوجد مسلم مؤمن يرضى لنفسه هبذا ولو كان قصده من سياحته <strong>يف</strong> فلسطني العبادة والصالة <strong>يف</strong> املسجد<br />

األقصى .<br />

<br />

<br />

<br />

قال تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)434(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

( 431 )<br />

( 432 )<br />

( 433 )<br />

( 434 )<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> سننه أبواب الدايت ، ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> تشديد قتل املؤمن ، ص)‏‎1793‎‏(،‏ رقم )1395(، وقال حديث حسن.‏<br />

والنسائي <strong>يف</strong> سننه بلفظ ‏)لقتل املؤمن أعظم عند هللا من زوال الدنيا(‏ كتاب احملاربة،‏ ‏َبب تعظيم الدم ص)‏‎2349‎‏(‏ رقم )3991(. وابن<br />

ماجة ، ‏َبب هل لقاتل املؤمن توبة 2619، والبيهقي ‏َبب حترمي القتل من السنة 5648، وقال:‏ روي مرفوعاً‏ وموقوفاً‏ واملوقوف أصح.‏<br />

وقال <strong>يف</strong> نصب الراية،‏ حتقيق البنوري )326/4(: رواه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه فذكره مرفوعاً‏ وكذلك أبو يعلى املوصلي <strong>يف</strong> مسنده وله<br />

طرق أخرى.‏<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية<br />

. 9<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )645-644/28(<br />

سورة املائدة ، اآلية 52-51، و<strong>يف</strong> تصريح صحفي للرئيس اإلسرائيلي شارون قال:‏ ‏)أدعوا كل مسيحي <strong>يف</strong> العامل لزايرة إسرائيل ولو<br />

ملدة واحدة من أجل حل مشكلة كبرية من مشكالتنا االقتصادية تتمثل <strong>يف</strong> تدين مردود القطاع السياحي(‏ وهبذا بدأ خطابه مساء األحد<br />

‎2004/4/22‎م <strong>يف</strong> افتتاح أسبوع <strong>السياحة</strong> اإلسرائيلي وذكرت صح<strong>يف</strong>ة معار<strong>يف</strong> العربية <strong>يف</strong> يوم االثنني ‎2004/4/23‎م أبن رئيس<br />

احلكومة طلب من قيادات اإلجنيليني املسيحيني إقناع مؤيديهم واتباعهم بزايرة إسرائيل ولو ملرة واحدة .<br />

وكان مركز اإلحصاء املركزي اإلسرائيلي ‏)هبرتسليا(‏ قد أصدر نشرته السنوية يوم ‎2004/2/10‎م حول أوضاع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> إسرائيل للعام<br />

‎2003‎م وأكد فيها أن الوضع السي للسياحة اإلسرائيلية الذي تشهده البالد منذ عام ‎2001‎م ال يزال مستمراً‏ وأن نسبة اخنفاض<br />

السائحني وصلت<br />

%50<br />

و م تسريح حوايل<br />

33<br />

ألف موظف من شركات <strong>السياحة</strong> بسبب عدم وجود أموال كافية نتيجة ركود احلركة


قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:‏ ‏"وهذه اآلايت العزيزة فيها عربة ألويل األلباب فإن هللا تعاىل أنزهلا بسبب أنه<br />

كان ‏َبملدينة النبوية من أهل الذمة من كان له عز ومنعة على عهد النيب وكان أقوام من املسلمني عندهم<br />

ضعف يقني وإميان وفيهم منافقون يظهرون <strong>اإلسالم</strong> ويبطنون الكفر ... وكانوا خيافون أن تكون للكفار دولة<br />

فكانوا يوالوهنم ويباطنوهنم"‏ )435(<br />

رابعها:‏ أن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> ضرر على املسلمني يتوجب دفعه ورفعه فإن عوائدها تستغل <strong>يف</strong> تسليح أعداء هللا،‏<br />

ودعم ترسانتهم ‏َبألسلحة الفتاكة املتطورة اليت تستخدم ضد املسلمني.‏<br />

و<strong>يف</strong> احلديث:‏ ‏))ال ضرر وال ضرار((‏ )437(<br />

)436(<br />

وقد نص أبو يوسف <strong>يف</strong> كتاب اخلراج على أنه ال جيوز إخراج شيء من بالد <strong>اإلسالم</strong> إىل بالد الكفار مما<br />

يكون هلم قوة على املسلمني.‏ )438(<br />

ونقل عن احلسن البصري قوله:‏ ‏"ال حيل ملسلم أن حيمل إىل عدو املسلمني سالحاً‏ يقويهم به على املسلمني<br />

وال كراعاً،‏ وال ما يستعان به على السالح والكراع"‏ )439(<br />

السياحية بسبب عمليات املقاومة الفلسطينية كما بلغت خسائر شركة الطريان اإلسرائيلية لعام ‎2003‎م<br />

ملقاطعة املسلم للسياحة <strong>يف</strong> فلسطني أثر ‏َبلغ ووسيلة جهادية إلضعاف اقتصاد اليهود احملتلني هلا.‏<br />

ينظر:‏<br />

115<br />

www.islam-online.net<br />

– األخبار<br />

شارون يستغيث ‏َبملسيحيني إلنقاذ <strong>السياحة</strong><br />

حممد زايدة –<br />

مليون دوالر وال شك أن<br />

‎2004-2-23‎م ،<br />

بتصرف .<br />

( 435 )<br />

( 436 )<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد )645-644/28(.<br />

ينظر:‏<br />

www.islam-online.net<br />

القاهرة ، بتصرف .<br />

( 437 )<br />

فتوى بعنوان استثمار أموال املسلمني <strong>يف</strong> البالد احملاربة ، د/‏ أنور دبور أستاذ الشريعة جبامعة<br />

أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ ، كتاب األقضية،‏ ‏َبب القضاء <strong>يف</strong> املرافق،‏ )571/2(، عن عمرو بن حيىي املازين عن أبيه مرفوعاً،‏ ووصله ابن<br />

ماجة عن عبادة بن الصامت <strong>يف</strong> كتاب األحكام،‏ ‏َبب من بىن <strong>يف</strong> حقه ما يضر جباره،‏ ص )2617(، رقم )2340(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده<br />

)313/1(، واحلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )58/2(، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهيب،‏ قال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )110/4-3(:<br />

‏)رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط وفيه ابن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وعن عائشة ‏....رواه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط ومسر بن أمحد بن رشدين<br />

وهو ابن حممد بن احلجاج ابن رشدين وقال ابن عدي كذبوه(،‏ وصححه األلباين مرسالً‏ وموصوالً‏ <strong>يف</strong> السلسلة )443/1(، رقم )250(.<br />

) 438 ( <strong>يف</strong> ‏)ص/‏‎204‎‏(‏ .<br />

) 439 ( كتاب اخلراج أليب يوسف ‏)ص/‏‎206‎‏(،‏ وأبو يوسف هو:‏ اإلمام اجملتهد قاضي القضاة صاحب أيب حن<strong>يف</strong>ة:‏ يعقوب بن إبراهيم بن<br />

حبيب بن حبيش بن سعد بن جبري بن معاوية األنصاري الكو<strong>يف</strong> وسعد بن جبري له صحبة،‏ ولد أبو يوسف <strong>يف</strong> سنة ثالث عشرة ومائة،‏<br />

وحدث عن هشام بن عروة واألعمش وأيب حن<strong>يف</strong>ة وغريهم.‏<br />

وحدث عنه حيىي بن معني وأمحد بن حنبل وأسد بن الفرات وغريهم.‏ كان أبوه فقرياً‏ له حانوت ضع<strong>يف</strong> وكان أبو حن<strong>يف</strong>ة يتعاهده<br />

‏َبلدراهم.‏<br />

تو<strong>يف</strong> يوم اخلميس خامس ربيع األول سنة اثنتني ومثانني ومائة.‏<br />

وعاش تسعاً‏ وستني سنة،‏ قال الذهيب:‏ ‏"وقد أفردت له ترمجة <strong>يف</strong> كراس"،‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )539-535/8(. =


و<strong>يف</strong> املدونة <strong>يف</strong> التجارة إىل أرض العدو،‏ قال مالك:‏ ‏"كل ما هو قوة على أهل <strong>اإلسالم</strong> مما يتقوون به <strong>يف</strong><br />

حروهبم من كراع أو سالح أو خرثي أو شيء مما يعلم أنه قوة <strong>يف</strong> احلرب فإهنم ال يباعون ذلك"‏ )440(<br />

وتتابع على هذا فقهاء <strong>اإلسالم</strong>،‏ وال شك أن املال والقوة االقتصادية من أقوى األسلحة <strong>يف</strong> هذا الزمان.‏<br />

خامسها:‏ أن البالد <strong>اإلسالم</strong>ية حباجة إىل هذه األموال،‏ ليتقوى هبا اقتصادها،‏ و<strong>يف</strong> خمالفة ذلك إضعاف<br />

<br />

للمسلمني،‏ وحرمان هلم من هذه الثروات،‏ وهذه خيانة لألمانة وهللا عز وجل يقول:‏ <br />

<br />

)441( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واستدل أصحاب القول الثاين أبن <strong>يف</strong> سياحة املسلم إىل فلسطني إنعاش لالقتصاد الفلسطيين فبإمكان<br />

السائح املسلم قصر تعامالته التجارية مع إخوانه املسلمني،‏ وبذا تنتفي املفاسد املشار إليها <strong>يف</strong> القول<br />

السابق.‏ )442(<br />

وقد جوز الفقهاء دخول املسلم لداير العدو،‏ قال <strong>يف</strong> املغين:‏ ‏"من دخل إىل أرض العدو أبمان،‏ مل خينهم <strong>يف</strong><br />

ماهلم ومل يعاملهم ‏َبلرَب"‏ )443(<br />

مبثابة األمان منهم له.‏<br />

،<br />

فاألصل فيه اإلَبحة والتأشرية اليت مينحها اليهود ملن أراد الدخول لفلسطني<br />

وميكن مناقشة ما ذكره أصحاب القول الثاين أبن السيادة اليهودية على فلسطني قد أحكمت قبضتها على<br />

شىت مناحي احلياة وال ميكن السفر لفلسطني دون حصول املفاسد السابقة الذكر وإن كان االقتصاد<br />

الفلسطيين سينتعش ويستفيد من <strong>السياحة</strong> فإن اليهود سيستفيدون من ذلك أضعافاً‏ مضاعفة )444(<br />

.<br />

( 440 )<br />

( 441 )<br />

( 442 )<br />

‏=واحلسن البصري هو:‏ احلسن بن أيب احلسن يسار أبو سعيد موىل زيد بن اثبت وكانت أمه موالة ألم سلمة ، ويسار أبوه من سيب<br />

ميسان،‏ سكن املدينة وأعتق وتزوج هبا <strong>يف</strong> خالفة عمر،‏ فولد له هبا احلسن لسنتني بقيتا من خالفة عمر واسم أمه خرية،‏ مث نشأ بوادي<br />

القرى وحضر اجلمعة مع عثمان وشهد يوم الدار وهو ابن أربع عشرة سنة،‏ مث صار سيد أهل زمانه علماً‏ وعمالً‏ وهو شيخ أهل البصرة<br />

وعاملها،‏ ومن كبار التابعني رأى عثمان وطلحة والكبار،‏ وروى عن عمران بن حصني واملغرية ومسرة بن جندب وجابر وغريهم وروى<br />

عنه أيوب واثبت ومالك بن دينار وغريهم،‏ ومع جاللته فهو مدلس ومراسيله ليست بذاك،‏ وكان عاملاً‏ فقيهاً‏ ثقة حجة مأموانً‏ عابداً‏<br />

فصيحاً‏ مجيالً‏ وما أرسله فليس حبجة ، قال الذهيب:‏ وقد مر إثبات احلسن لألقدار من غري وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه فلعلها هفوة<br />

منه ورجع عنها ، ومات احلسن <strong>يف</strong> رجب سنة عشر ومائة وعاش حنواً‏ من مثان ومثانني سنة،‏ ينظر سري أعالم النبالء )588-563/4(.<br />

والكر اع:‏ اخليل وأشباهها ، وما يستعان به <strong>يف</strong> السالح : كل ما خيدم السالح والكراع كالسروج واللجم وغريها.‏<br />

)295-294/3(، واخلرثي:‏ هو أاثث البيت واملتاع .<br />

سورة األنفال،‏ اآلايت )28-27(.<br />

ينظر:‏<br />

www.islam-online.net<br />

( 443 )<br />

( 444 )<br />

فتوى بعنوان:‏ <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني رؤى فقهية،‏ بتصرف.‏<br />

املغين،‏ البن قدامه املقدسي،‏ حتقيق الرتكي وعبدالفتاح احللو،‏ )152/13(.<br />

وقد أكد تقرير اقتصادي أصدرته اهليئة الفلسطينية العامة لالستعالمات <strong>يف</strong><br />

أصابت االقتصاد<br />

الفلسطيين واليت تعدت<br />

260<br />

مليار دوالر وكان نصيب قطاع <strong>السياحة</strong><br />

‎2001/7/28‎م حول حجم األضرار واخلسائر اليت<br />

220<br />

مليون دوالر رغم أنه من القطاعات


والفقهاء تكلموا عن دخول املسلم ألرض العدو،‏ وأما نزول العدو أبرض املسلمني واحتالهلم هلا فإمنا تناوله<br />

الفقهاء ‏َبعتباره من حاالت تعني اجلهاد لتحرير هذه البالد فال يدخلها أحد من املسلمني إال لتحقيق هذا<br />

املقصد كرسول أو عني جليش املسلمني وحنو ذلك.‏<br />

أما دخوله هلا سائحاً‏ بقصد زايرة املسجد األقصى أو الرتفيه والرتويح أو غري ذلك فينبغي النظر إليه مبيزان<br />

املصاحل واملفاسد والغالب <strong>يف</strong> هذا الزمان هو املفسدة فيتوجه املنع إال ما كان ضرورة كعالج وصلة رحم وحنو<br />

ذلك وهللا أعلم.‏<br />

وقد سئل مساحة الشيخ عبدالعزيز بن ‏َبز رمحه هللا:‏ <strong>يف</strong> ظل التفاهم بني العرب واليهود،‏ هل جيوز زايرة<br />

املسجد األقصى والصالة فيه خصوصاً‏ <strong>يف</strong> حال املوافقة من الدول العربية؟<br />

فأجاب:‏ ‏"زايرة املسجد األقصى والصالة فيه سنة إذا تيسر ذلك..."‏ )445(<br />

وقوله:‏ إذا تيسر ذلك حيتمل أن املراد إمكان ذلك من خالل حترير فلسطني أو عقد الصلح مع اليهود وال<br />

شك أن هذا مراعى فيه املصلحة وزوال املفاسد .<br />

ولذا قال رمحه هللا <strong>يف</strong> جواب آخر على سؤال عن الصلح مع اليهود:‏ ‏"كل دولة تنظر <strong>يف</strong> مصلحتها،‏ فإذا<br />

رأت أن من املصلحة للمسلمني <strong>يف</strong> بالدها الصلح مع اليهود <strong>يف</strong> تبادل السفراء والبيع والشراء وغري ذلك من<br />

املعامالت اليت جييزها الشرع املطهر فال أبس <strong>يف</strong> ذلك وإن رأت أن املصلحة هلا ولشعبها مقاطعة اليهود فعلت<br />

ما تقتضيه املصلحة الشرعية..‏ وهذا كله عند العجز عن قتال املشركني أما مع القدرة على جهادهم وإلزامهم<br />

‏َبلدخول <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أو القتل أو دفع اجلزية فال جتوز املصاحلة معهم...‏ وعمل النيب مع أهل مكة يوم<br />

احلديبية ويوم الفتح ومع اليهود حني قدم املدينة يدل على ما ذكران ... والصلح بني ويل أمر املسلمني <strong>يف</strong><br />

فلسطني وبني اليهود ال يقتضي متليك اليهود ملا حتت أيديهم متليكاً‏ أبدايً‏ وإمنا يقتضي ذلك متليكهم متليكاً‏<br />

مؤقتاً‏ حىت تنتهي اهلدنة املؤقتة أو يقوى املسلمون على إبعادهم عن داير املسلمني ‏َبلقوة <strong>يف</strong> اهلدنة املطلقة...‏<br />

والصلح مع اليهود أو غريهم من الكفرة ال يلزم منه مودهتم وال مواالهتم"‏ )446(<br />

ينظر:‏<br />

الضع<strong>يف</strong>ة أصالً‏ نتيجة ممارسات االحتالل اإلسرائيلي حيث طال عدواهنم العديد من املنشآت السياحية ‏َبلقصف والتدمري اترة واالحتالل<br />

اترة أخرى ولذا فقد أصيب هذا القطاع ‏َبلشلل التام مبا <strong>يف</strong> ذلك الفنادق واملطاعم ووسائل النقل السياحي.‏<br />

www.islam-online.net<br />

‎2001/7/31‎م،‏ بتصرف .<br />

االقتصاد واألعمال ‏–املنطقة العربية-‏ فالح الصفدي<br />

–<br />

فلسطني اجليل للصحافة<br />

–<br />

( 445 )<br />

( 446 )<br />

جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة،‏ البن ‏َبز،‏ مجع حممد الشويعر )214/8(.<br />

املصدر السابق ص )224-223-222-220( .


وقد اعرتض الدكتور يوسف القرضاوي على رأي الشيخ ابن ‏َبز <strong>يف</strong> الصلح مع اليهود ألهنم غاصبون فال جيوز<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الصلح معهم )447(<br />

، وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

<br />

)448(<br />

، واألدلة <strong>يف</strong> وجوب اجلهاد وحترير بالد املسلمني متضافرة .<br />

<br />

وقد أجاب الشيخ ابن ‏َبز عن اعرتاضه )449(<br />

أبن النيب صاحل قريشاً‏ يوم احلديبية ومل مينع من ذلك ما فعلته<br />

<br />

قريش من ظلم املهاجرين وإخراجهم كما قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)450(<br />

<br />

.<br />

وأهل فلسطني مظلومون وال شك أن املظلوم إذا رضي ببعض حقه واصطلح مع الظامل <strong>يف</strong> ذلك فال حرج<br />

لعجزه عن أخذ حقه كله وما ال يدرك كله ال يرتك كله ورضى املظلوم ببعض داره خري له من البقاء <strong>يف</strong> العراء<br />

اآلية )451(<br />

... <br />

<br />

وأما قوله سبحانه:‏ <br />

فذلك إذا كان املظلوم أقوى من الظامل وأقدر على أخذ<br />

حقه وإال فال أبس <strong>يف</strong> أن يدعو إىل السلم إذا كان أضعف كما صرح بذلك ابن كثري رمحه هللا <strong>يف</strong> تفسري هذه<br />

)452(<br />

اآلية<br />

والصلح مع اليهود ليس جمال حبثنا ولكن املراد هو التنبيه على أن فتوى الشيخ رمحه هللا <strong>يف</strong> استحباب زايرة<br />

املسجد األقصى إذا تيسر ذلك ليست مطلقة بل مقيدة ‏َبملصلحة وانتقاء املفاسد كما يدل عليه كالمه<br />

السابق وهذا ما قررانه آنفاً.‏<br />

واحلال <strong>يف</strong> هذا العصر تقتضي املنع من <strong>السياحة</strong> إىل فلسطني لغلبة املفسدة ورجحاهنا.‏<br />

هذا وسيأيت مزيد تفصيل حول <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مكان خمصوص من بالد <strong>اإلسالم</strong> فيما يتعلق ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن<br />

العبادة كاملساجد الثالثة وكذا فيما يتعلق ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة وذلك <strong>يف</strong> املبحث الثالث بعون هللا<br />

تعاىل.‏ )453(<br />

( 447 )<br />

املصدر السابق،‏ ص)‏‎226‎‏(‏ وقد نشر ذلك <strong>يف</strong> جملة اجملتمع الكويتية <strong>يف</strong> العدد )1140(، اتريخ ‎1415/10/6‎ه ، وهو تعقيب من<br />

القرضاوي على كالم الشيخ <strong>يف</strong> الصلح مع اليهود واملنشور <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة املسلمون الصادرة <strong>يف</strong> يوم<br />

‎1415‎ه . رجب 21<br />

( 448 )<br />

( 449 )<br />

( 450 )<br />

( 451 )<br />

( 452 )<br />

سورة حممد،‏ اآلية<br />

.35<br />

املصدر السابق ، ص‎226‎ وما بعدها .<br />

سورة احلشر،‏ اآلية<br />

سورة حممد،‏ اآلية<br />

.8<br />

.35<br />

ينظر:‏ تفسري ابن كثري )214/4(.<br />

) 453 ( ص ( .)547


املسألة الثالثة:‏ سياحة املرأة <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> :<br />

ال شك أن ما تقدم يشمل املرأة فالنساء شقائق الرجال،‏ ولكن مبا أن للمرأة املسلمة خصوصية وأمهية <strong>يف</strong><br />

<strong>اإلسالم</strong> فهي الدرة املصونة واللؤلؤة املكنونة،‏ فالبد أن تكون <strong>يف</strong> سياحتها حافظة حلشمتها وعزهتا وحيائها،‏<br />

وقد ابتلي كثري من املسلمني <strong>يف</strong> األزمنة املتأخرة ‏َبلذات بشيء من التربج والسفور وذهاب احلياء عن النساء<br />

ومن مظاهر ذلك سفر املرأة بال حمرم وهو موطن البحث هنا :<br />

فقد وردت أحاديث كثرية <strong>يف</strong> النهي عن ذلك ومنها :<br />

قوله <br />

: ‏))ال تسافر املرأة إال مع ذي حمرم ، وال يدخل عليها رجل إال ومعها حمرم((‏ فقال رجل:‏ اي رسول<br />

هللا إين أريد أن أخرج <strong>يف</strong> جيش كذا وكذا وامرأيت تريد احلج فقال:‏ ‏))أخرج معها((‏ )454(<br />

: ‏))ال تسافر املرأة ثالاثً‏ إال مع ذي حمرم((‏ )455(<br />

: ‏))ال حيل المرأة تؤمن ‏َبهلل واليوم اآلخر أن تسافر مسرية يوم وليلة ليس معها حرمة((‏ )456(<br />

: ‏))ال تسافر امرأة مسرية يومني ليس معها زوجها أو ذو حمرم((‏ )457(<br />

وقال <br />

وقال <br />

وقال <br />

( 454 )<br />

متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد ‏َبب حج النساء ص )146( رقم )1862(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ‏َبب سفر<br />

املرأة مع حمرم إىل حج وغريه ص )901( رقم )1341( بلفظ:‏ ‏)انطلق فحج مع امرأتك(‏ عن ابن عباس ‏،وقد جاءت الرواية عنه<br />

مطلقة <strong>يف</strong> السفر من غري تقييد ومل خيتلف عليه <strong>يف</strong> ذلك .<br />

واحملرم <strong>يف</strong> اللغة:‏ احلرام ضد احلالل،‏ ويقال:‏ هو ذو حمرم منها : إذا مل حيل له نكاحها ، ورحم حمرم:‏ حمرم تزوجها .<br />

و<strong>يف</strong> املعجم الوسيط:‏ احملرم:‏ ذو احلرمة،‏ ومن النساء والرجال:‏ الذي حيرم التزوج به لرمحه وقرابته وما رحم هللا تعاىل،‏ واجلمع حمارم.‏<br />

و<strong>يف</strong> االصطالح:‏ احملرم من ال جيوز له مناكحتها على التأبيد بقرابة أو رضاع أو صهرية .<br />

قال النووي:‏ ‏"واعلم أن حقيقة احملرم من النساء اليت جيوز النظر إليها واخللوة هبا واملسافرة هبا كل من حرم نكاحها على التأبيد بسبب<br />

مباح حلرمتها .<br />

فقولنا ‏"على التأبيد"‏ احرتازاً‏ من أخت املرأة وعمتها وخالتها وحنوهن وقولنا ‏"بسبب مباح"‏ احرت ازاً‏ من أم املوطوءة بشبهة وبنتها فإهنما<br />

حترمان على التأبيد وليستا حمرمني ألن وطء الشبهة ال يوصف ‏َبإلَبحة ألنه ليس بفعل مكلف،‏ وقولنا ‏"حلرمتها"‏ احرتازاً‏ من املالعنة فإهنا<br />

حمرمة على التأبيد بسبب مباح وليست حمرماً‏ ألن حترميها ليس حلرمتها بل عقوبة وتغليظاً"‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب ، البن منظور )844/2( القاموس احمليط للفريوزاَبدي )94/4(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين،‏ )198/2-160/1(<br />

حاشية ابن عابدين )465/3( ، وشرح صحيح مسلم ، للنووي )113/9(، وفتح الباري،‏ البن حجر )91/4(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

.)33/5(<br />

( 455 )<br />

( 456 )<br />

( 457 )<br />

متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء العيد ‏َبب حج النساء )146( ، رقم )1862(.=<br />

‏=ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ‏َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه ص)‏‎901‎‏(،‏ رقم )417-1338(. من طريق عبيدهللا عن انفع عن ابن<br />

عمر ومن طريق الضحاك عن انفع عن ابن عمر،‏ وجاء عن ابن عمر رواايت أخرى وأكثرها الثالث.‏<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد ‏َبب حج النساء )146( رقم )1864(.<br />

ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ، ‏َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه )901( رقم )421-1339(<br />

عن أيب هريرة ، وحرمة:‏ مبعىن حمرم .<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب جزاء الصيد ‏َبب حج النساء )146( رقم )1864( و<strong>يف</strong> مواضع أخرى.‏


وورد غري هذا من الرواايت املتعددة ويالحظ أن منها ما هو صريح <strong>يف</strong> التحرمي كقوله ‏))ال حيل((‏ ومنها ما<br />

جاء بصيغة النهي كقوله:‏ ‏))ال تسافر((‏ ومنها ما ورد بصيغة النفي وهو أبلغ من النهي فكأنه هنى<br />

فاستجيب له مث أخرب أن املرأة ال تسافر إال مع حمرم.‏ )458(<br />

كما أن منها ما ورد مطلقاً‏ ومنها ما كان مقيداً‏ بيوم أو يومني أو ثالثة وأقل ما ورد <strong>يف</strong> التحديد قوله : ‏))ال<br />

)459(<br />

تسافر بريداً((‏<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"وقد عمل أكثر العلماء <strong>يف</strong> هذا الباب ‏َبملطلق الختالف التقييدات"‏ )460(<br />

وقال مصطفى العدوي:‏ ‏"وألن العمل به خيرج من مجيع اإلشكاالت ويتضمن العمل جبميع الرواايت"‏ )461(<br />

وقد نقل بعض العلماء اإلمجاع على حترمي سفر املرأة بغري حمرم <strong>يف</strong> غري الفرض قال ابن حجر <strong>يف</strong> حديث<br />

أيب هريرة السابق:‏ ‏"استدل به على عدم جواز السفر بال حمرم وهو إمجاع <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة<br />

واخلروج من دار الشرك ومنهم من جعل ذلك من شرائط احلج"‏ )462(<br />

وقال البغوي:‏ ‏"مل خيتلفوا <strong>يف</strong> أنه ليس للمرأة السفر <strong>يف</strong> غري الفرض إال مع زوج أو حمرم إال كافرة أسلمت<br />

<strong>يف</strong> دار احلرب أو أسرية تلصت"‏ )463(<br />

( 458 )<br />

( 459 )<br />

ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ، ‏َبب سفر املرأة مع حمرم إىل حج وغريه )901( ، رقم )415-1338(<br />

عن أيب سعيد اخلدري ، وورد <strong>يف</strong> بعض طرقه عند مسلم:‏ ‏))ال تسافر املرأة فوق ثالث ليال إال مع ذي حمرم(‏<br />

ينظر:‏ أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية،‏ د/‏ حممود احلريري،‏ <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد اخلمسون،‏ السنة الثالثة<br />

عشرة ‎1422‎ه ، ص)‏‎124‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب املناسك،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> حتج املرأة بغري حمرم ‏)ص 1351(، رقم )1723( و )1728-24(. من طريق<br />

سهيل عن سعيد بن أيب سعيد عن أيب هريرة،‏ وقال ابن عبدالرب كما نقل عنه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )662/2( : ‏)إن رواية سهيل مضطربة<br />

إسناداً‏ ومتناً(‏ ، ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )13/8(، ورواه احلاكم وقال صحيح<br />

اإلسناد،‏ )442/1( وصححه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى )138/3(، برقم<br />

.5189<br />

( 460 )<br />

فتح الباري )90/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />

.24<br />

) 461 ( كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم،‏ مصطفى العدوي،‏ ص)‏‎10‎‏(.‏<br />

( 462 )<br />

( 463 )<br />

فتح الباري )662/2( ، وينظر مواهب اجلليل ، للحطاب )488/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )206/36( مادة ‏)حمرم(.‏<br />

فتح الباري ، البن حجر )91/4(، وقال النووي:‏ ‏"اتفق العلماء على أنه ليس هلا أن ترج <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة إال مع ذي حمرم.."‏<br />

شرح صحيح مسلم )112/9(، وينظر:‏ سبل السالم،‏ للصنعاين حتقيق حممد حالق )216/4(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع<br />

)524/3( حيث قال:‏ ‏"أمجعوا على عدم جواز السفر للمرأة بال حمرم <strong>يف</strong> غري احلج والعمرة واخلروج من بلد الشرك"ا.ه .<br />

والبغوي هو:‏ ابن املرزَبن ابن سابور اإلمام احلافظ أبو احلسن نزيل مكة،‏ ولد سنة بضع وتسعني ومائة ومسع أَب نعيم وعفان والقعنيب<br />

وغريهم،‏ وصنف املسند الكبري،‏ وأخذ القراءات عن أيب عبيد وغريه حدث عنه القزويين والنسفي وأبو القاسم الطرباين وغريهم.‏<br />

قال الذهيب:‏ كان حسن احلديث،‏ وقال الدار قطين:‏ ثقة مأمون،‏ وقال ابن أيب حام:‏ كان صدوقاً‏ ، قال ابن السين،‏ بلغين أهنم عابوه<br />

على األخذ ولذا مل يرو عنه النسائي،‏ مات سنة ست ومثانني ومائتني ، وقيل سنة سبع،‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ )348/13(.


لكن الفقهاء ‏–نظراً‏ لتعدد الرواايت-‏ اختلفوا <strong>يف</strong> حتديد ذلك السفر،‏ و<strong>يف</strong> ما يستثىن منه وذلك على<br />

النحو التايل:‏<br />

دون حتديد ملسافة ذلك السفر كما نقل<br />

القول األول:‏ ذهب اجلمهور إىل حترمي سفرها بغري حمرم )464(<br />

ذلك ابن حجر آنفاً‏ .<br />

)465(<br />

وبه أفتت اللجنة الدائمة وابن ‏َبز وابنعثيمني وكثري من املعاصرين.‏<br />

وقال النووي:‏ ‏"حيرم على املرأة أن تسافر وحدها من غري ضرورة إىل ما يسمى سفراً‏ سواء بعد أم قرب ...<br />

وليس املراد من التحديد ظاهره بل كل ما يسمى سفراً‏ فاملرأة منهية عنه إال مبحرم،‏ وإمنا وقع التحديد عن أمر<br />

واقع فال يعمل مبفهومه"‏ )466(<br />

وقال البهويت:‏ ‏"يعترب احملرم لكل سفر،‏ أي لكل ما يعد سفراً‏ عرفاً‏ وال يعترب احملرم إذا خرجت <strong>يف</strong> أطراف البلد<br />

مع عدم اخلوف عليها ألنه ليس بسفر"‏ )467(<br />

( 464 )<br />

( 465 )<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

( 466 )<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث التمهيد،‏ للمغراوي )9/8 وما<br />

بعدها(،‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد،‏ حتقيق عبداجمليد حليب )106/2-1( حاشية الدسوقي على الشرح الكبري للدردير وهبامشه تقريرات<br />

عليش )9/2(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس،‏ حتقيق حممد أبو األجفان وعبد احلفيظ منصور )380/1(، مواهب اجلليل ، للحطاب<br />

)488/3(، واجملموع للنووي ، حتقيق املطيعي )44/7( و )187/8( وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )111/9( ، فتح الباري،‏ البن<br />

حجر )662/2( و )9/4( واملغين البن قدامة )30/5، والفروع،‏ البن مفلح،‏ مع تصحيح الفروع للمرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق<br />

= ‏=الرتكي)‏‎241/5‎‏(،‏ ومنتهى اإلرادات للفتوحي،‏ مع حاشية النجدي،‏ حتقيق الرتكي )73/2(، كشاف القناع،‏ للبهويت،‏ حتقيق إبراهيم<br />

عبداحلميد )1066/2(، حاشية ‏َبن قاسم على الروض املربع شرح زاد املستقنع )523/3(، احمللى،‏ البن حزم )50-46/7(، اآلداب<br />

الشرعية،‏ البن مفلح )483/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )206/36( ، مادة ‏)حمرم(‏ ، و)‏‎35/17‎‏(،‏ مادة ‏)حج(.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ، مجع أمحد الدويش،‏ )97-90/11( الفتاوى رقم:‏ )4909-1173-<br />

7854-9552-8392-8244-7316-5445(، جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة،‏ البن ‏َبز،‏ مجع حممد الشويعر،‏ )335/8-<br />

336( ، فتاوى الشيخ حممد الصاحل العثيمني ، إعداد أشرف عبداملقصود )844-590/2(، كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون<br />

زوج أو حمرم،‏ مصطفى العدوي،‏ ص)‏‎21‎‏(،‏ جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ الدورة الثالثة،‏ العدد الثالث،‏ )1310-1201-1163/2( عام<br />

‎1408‎ه ، حيث أفىت بذلك:‏ الشيخ حممد املختار السالمي،‏ وقال:‏ ‏"ما نقلته عن العلماء يدل على أن االختالف بينهم <strong>يف</strong> غري احلج هو على<br />

ثالثة أحناء :<br />

التسافر إال مع حمرم .<br />

تسافر مع القوافل العظيمة املأمونة .<br />

الشابة ال تسافر إال مع حمرم والعجوز تسافر وحدها .<br />

والذي أطمئن إليه حسبما ينشر <strong>يف</strong> الصحف من انتشار حوادث االغتصاب اليت بلغت حداً‏ مفزعاً...‏ أنه ال تسافر املرأة إال مع حمرم<br />

يصوهنا وحيميها."‏<br />

وينظر أيضاً‏ حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة،‏ حممد تقي العثماين،‏ ص)‏‎337‎‏(.‏<br />

اجملموع،‏ للنووي )44/7-187/8(، وشرح صحيح مسلم للنووي )110/9( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

.37<br />

) 467 ( كشاف القناع،‏ للبهويت )1066/2( وهو:‏ منصور بن يونس بن صالح الدين البهويت احلنبلي،‏ شيخ احلنابلة مبصر <strong>يف</strong> عصره نسبته إىل<br />

هبوت غرب مصر ، ولد عام ‎1000‎ه ومن مصنفاته:‏ الروض املربع شرح زاد املستقنع املختصر من املقنع وكشاف القناع عن منت اإلقناع


وقال ابن قدامة:‏ ‏"قال أبو عبدهللا:‏ أما أبو هريرة فيقول:‏ يوماً‏ وليلة،‏ ويروى عن أيب هريرة ‏"ال تسافر سفراً‏<br />

أيضاً"‏ وأما حديث أيب سعيد يقول ثالثة أايم قلت:‏ ما تقول أنت؟ قال:‏ ال تسافر سفراً‏ قليالً‏ وال كثرياً‏ إال<br />

مع ذي حمرم"‏ )468(<br />

القول الثاين:‏ ذهب األحناف إىل أن التحرمي ال يشمل إال ما كان مسافة ثالثة أايم فأكثر.‏ )469(<br />

القول الثالث:‏ نقل عن أيب حن<strong>يف</strong>ة وأيب يوسف كراهة خروجها وحدها مسرية يوم واحد بال حمرم،‏ قال ابن<br />

عابدين:‏ ‏"وينبغي أن يكون الفتوى عليه لفساد الزمان"‏ )470(<br />

القول الرابع:‏ ذهب بعض الفقهاء إىل جواز سفر املرأة بغري حمرم وهو قول لبعض املالكية ووجه مرجوح عند<br />

الشافعية.‏ )471(<br />

القول اخلامس:‏ ذهب بعض املعاصرين إىل التفصيل فلكل حادثة حكمها ولكل صورة ما يناسبها )472(<br />

القول السادس:‏ أجاز بعض املعاصرين سفر املرأة بال حمرم <strong>يف</strong> وسائل النقل احلديثة املكتظة ‏َبلركاب كالطائرة<br />

والقطار.‏ )473(<br />

للحجاوي،‏ ودقائق أويل النهي لشرح املنتهى واملنح الشافية <strong>يف</strong> شرح نظم املفردات للمقدسي وعمدة الطالب وغريها ، تو<strong>يف</strong> عام<br />

‎1051‎ه ، املوافق ‎1641‎م.‏<br />

ينظر:‏ األعالم،‏ للزركلي (<br />

7<br />

/307( ، ولالستزادة : خمتصر طبقات احلنابلة 104، معجم املطبوعات<br />

.599<br />

( 468 )<br />

املغين،‏ البن قدامه،‏ حتقيق الرتكي )32/5( ، وقد تقدمت ترمجته ص<br />

. 106<br />

( 469 )<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر،‏ للطحاوي )115-114/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين،‏ ومعها<br />

حاشية قرة عيون األخيار وتقريرات الرافعي،‏ )465-464/3(.<br />

) 470 ( حاشية ابن عابدين ، )465/3( وابن عابدين هو:‏ حممد أمني بن عمر بن عبدالعزيز بن عابدين الدمشقي فقيه الداير الشامية وإمام احلنفية<br />

<strong>يف</strong> عصره،‏ ولد بدمشق عام ‎1198‎ه وهبا تو<strong>يف</strong> عام ‎1252‎ه ، صنف:‏ رد احملتار على الدر املختار واملشهور حباشية ابن عابدين وله رفع<br />

األنظار عما أورده احلليب على الدر املختار والعقود الدرية <strong>يف</strong> تنقيح الفتاوى احلامدية ونسمات األسحار <strong>يف</strong> األصول والرحيق املختوم <strong>يف</strong> البالغة<br />

وحواشي على تفسري البيضاوي التزم فيها أن ال يذكر شيئاً‏ ذكره املفسرون وعقود الال <strong>يف</strong> األسانيد العوايل وهو ثبته،‏ ينظر:‏ األعالم،‏ للزركلي<br />

.)42/6(<br />

( 471 )<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل ، للحطاب )492/3( وقيده هؤالء كالباجي والزانيت ‏َبلرفقة املأمونة ذات العدد والعُدد،‏ وممن قال به أيضاً‏ ‏–دون تقييد-‏ القفال<br />

الشاشي من الشافعية واستحسنه الروايين وقال:‏ ‏"إال أنه خالف النص"‏ وقال به ابن دقيق العيد وغريهم .<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )90/4(، الوسيط،‏ للغزايل )1178/2(، روضة الطالبني،‏ للنووي )9/3( وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي<br />

)111/9( ، ومغين احملتاج ، للشربيين )467/1( ، مواهب اجلليل .)492/3(<br />

( 472 )<br />

السنة<br />

قال بذلك : د.‏ حممود احلريري <strong>يف</strong> حبثه:‏ أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية،‏ ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد<br />

، 50<br />

،13<br />

( 473 )<br />

‎1422‎ه ، ص‎128‎‏.‏<br />

ومنهم الشيخ عبدهللا اجلربين،‏ ود.‏ يوسف القرضاوي .<br />

ينظر:‏ املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر،‏ من فتاوى ابن جربين،‏ مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص‎111‎<br />

للقرضاوي،‏ بواسطة جملة البحوث السابقة العدد<br />

–<br />

50، ص‎129‎‏=‏<br />

وما بعدها،‏ ك<strong>يف</strong> نتعامل مع السنة النبوية،‏


األدلة :<br />

-1<br />

احتج اجلمهور ‏َبلرواية املطلقة الختالف التقييدات وألن <strong>يف</strong> ذلك مجعاً‏ بني الرواايت،‏ فاختالف<br />

األلفاظ إمنا هو الختالف السائلني واختالف املواطن،‏ وليس <strong>يف</strong> النهي عن الثالثة تصريح إبَبحة اليوم<br />

والليلة أو الربيد )474(<br />

وقال البيهقي:‏ ‏"كأنه سئل عن املرأة تسافر ثالاثً‏ بغري حمرم فقال:‏ ال ، وسئل عن سفرها يومني بغري<br />

حمرم فقال : ال ، وسئل عن سفرها يوماً‏ ، فقال:‏ ال وكذلك الربيد فأدى كل منهم ما مسعه وما جاء<br />

منها خمتلفاً‏ عن رواية واحدة فسمعه <strong>يف</strong> موطن فروى اترة هذا واترة هذا وكله صحيح وليس <strong>يف</strong> هذا كله<br />

حتديد ملا يقع عليه اسم السفر ومل يرد حتديد أقل ما يسمى سفراً‏ . فاحلاصل أن كل ما يسمى<br />

سفراً‏ تنهى عنه املرأة بغري زوج أو حمرم سواء كان ثالثة أايم أو يومني أو يوماً‏ أو بريداً‏ أو غري ذلك<br />

لرواية ابن عباس املطلقة"‏ )475(<br />

واحتج األحناف على حتديد السفر ‏َبلثالث أبنه املتيقن وغريه مشكوك فيه،‏ واستندوا على ما جاء <strong>يف</strong><br />

ذلك من الرواايت.‏ )476(<br />

-2<br />

=<br />

جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي الدورة الثالثة<br />

، ع‎3‎ ج‎2‎ –<br />

( 474 )<br />

( 475 )<br />

‎1408‎ه ، ص )1204-1201( من أجوبة الشيخ حميي الدين قادي وفيه<br />

قال:‏ ‏"أفيت هؤالء البنات املسلمات جبواز السفر ‏َبحلافالت والقطارات والطيارات وبغريها من وسائل النقل اليت تعظم فيها اجلماعات<br />

ويكون هلا شبه ‏َبجليوش والبلدان واحملالت بغري زوج هلن وال حمرم منهن"‏ ص )1204 و 1310(، وقال الباجي:‏ ‏"أما <strong>يف</strong> القوافل<br />

العظيمة فهي عندي كالبالد يصح فيها سفراه دون نساء وذوي حمارم"‏ ونص كالم الزانيت : إذا كانت <strong>يف</strong> رفقة مأمونة ذات عدد وعدد أو<br />

جيش مأمون من الغلبة واحمللة العظيمة فال خالف <strong>يف</strong> جواز سفرها من غري ذي حمرم <strong>يف</strong> مجيع األسفار الواجب منها واملندوب واملباح"‏<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل ، للحطاب )493-492/3(.<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )14/8(، ومواهب اجلليل،للحطاب )493/3(، فتح الباري،‏ البن حجر<br />

‏)‏‎90/4‎‏(،وشرح صحيح مسلم للنووي ‏)‏‎110/9‎‏(،وسبل السالم للصنعاين،‏ حتقيق حممد حالق )215/4( ، والفروع البن مفلح مع<br />

تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )245/5(، بتصرف.‏<br />

شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )111-110/9( ، وذكر ابن عبدالرب حنو ذلك <strong>يف</strong> فتح الرب )14/8( والبهويت <strong>يف</strong> كشاف القناع ،<br />

حتقيق إبراهيم عبداحلميد )1066/2(، والبيهقي هو:‏ احلافظ العالمة أبو بكر أمحد ابن احلسني بن علي اخلسر وجردي اخلراساين وبيهق<br />

عدة قرى من أعمال نيسابور،‏ ولد سنة أربع ومثانني وثالث مئة <strong>يف</strong> شعبان،‏ ومسع وهو ابن مخس عشرة سنة،‏ بورك له <strong>يف</strong> علمه وصنف<br />

تصان<strong>يف</strong> جامعة منها السنن الكبري قال عنه الذهيب:‏ ‏"<strong>يف</strong> عشر جملدات ليس ألحد مثله"،‏ والسنن واآلاثر والرتغيب والرتهيب والزهد<br />

واخلالفيات ‏،وغريها،‏ قال اجلويين : ما من فقيه شافعي إال وللشافعي عليه منة إال أَب بكر البيهقي فإن املنة له على الشافعي لتصان<strong>يف</strong>ه <strong>يف</strong><br />

نصرة مذهبه.‏<br />

تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> عاشر شهر مجادى األوىل سنة مثان ومخسني وأربع مائة ودفن ببيهق،‏ وعاش أربعاً‏ وسبعني سنة.‏<br />

ينظر : سري أعالم النبالء ، للذهيب )163/18<br />

. )170 –<br />

( 476 )<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي،‏ )116-114/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين<br />

.)465-464/3(


3- واحتج اجمليزون لسفر املرأة بال حمرم بقوله <br />

معها((‏ )477(<br />

وهو وإن كان بصيغة اإلخبار إال أنه جاء بسياق املدح )478(<br />

: ‏))يوشك أن ترج الظعينة من احلرية تؤم البيت ال زوج<br />

وقد ذكر عند عائشة رضي هللا عنها ، املرأة ال تسافر إال مع ذي حمرم فقالت:‏ ‏"ليس كل النساء جتد<br />

حمرماً"‏ )479(<br />

وقال انفع موىل ابن عمر:‏ ‏"كان يسافر مع عبدهللا ابن عمر موليات له ليس معهن حمرم"‏ )480(<br />

وروى البخاري <strong>يف</strong> صحيحه أن عمر بن اخلطاب أذن ألزواج النيب <br />

وبعث معهن عثمان بن عفان وعبدالرمحن بن عوف )481(<br />

‏َبحلج <strong>يف</strong> آخر حجة حجها<br />

وعلل من قيد<br />

وليس هذا حج فريضة بل تطوع ألهنن حججن مع رسول هللا <strong>يف</strong> حجة الوداع )482(<br />

جواز سفرها بال حمرم إذا وجدت رفقة مأمونة ذات عدد وعُدَّة ‏َبلقياس على تنقلها داخل البلد،‏ فال<br />

فرق حينئذ بني حال السفر أو اإلقامة.‏ )483(<br />

-4<br />

واحتج القائلون ‏َبلتفصيل أبن احلكم معلل وال ميكن إطالقه على اجلميع فكما أن املنقول عن النيب <br />

جاء مناسباً‏ للحوادث واألسئلة فواحدة هناها أن تسافر فوق ثالث واثنية هناها أن تسافر ثالاثً‏ واثلثة<br />

قال هلا يومني ورابعة حدها بيوم وليلة وخامسة أطلق ومل حيددها بزمن أو مسري،‏ فكذا احلكم <strong>يف</strong> هذا<br />

( 477 )<br />

( 478 )<br />

( 479 )<br />

( 480 )<br />

( 481 )<br />

( 482 )<br />

( 483 )<br />

ذكره ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح هبذا اللفظ )91/4(، ولفظ البخاري:‏ ‏"فإن طالت بك حياة لرتين الظعينة ترحتل من احلرية حىت تطوف<br />

‏َبلكعبة ال تاف أحداً‏ إال هللا"‏ ، صحيح البخاري،‏ كتاب املناقب ‏َبب عالمات النبوة <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ ‏)ص‎292‎‏(،‏ رقم )3595( وعند<br />

أمحد <strong>يف</strong> مسنده )378-257/4(، زايدة ‏)<strong>يف</strong> غري جوار أحد(‏ وسيأيت الكالم عليها.‏ والظعينة اهلودج،‏ واملراد املرأة جمازاً‏ ، واحلرية:‏ قرية<br />

قرب الكوفة.‏<br />

ينظر:‏ العمدة <strong>يف</strong> األحكام،‏ لعبد الغين املقدسي،‏ ص‎287‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

واحلديث أخرجه الرتمذي أيضاً‏ <strong>يف</strong> كتاب التفسري ص)‏‎1948‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر للطحاوي )115/2(، وفتح الباري،‏ البن حجر )91-90/4( اجملموع،‏ للنووي حتقيق املطيعي )45/7(.<br />

أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه كتاب احلج،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> املرأة ترج مع ذي حمرم،‏ )386/3(، رقم )15176(.<br />

أورده ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )48/7( وعزاه لسعيد بن منصور <strong>يف</strong> سننه،‏ وهو غري موجود <strong>يف</strong> املطبوع منه.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب جزاء العيد ، ‏َبب حج النساء ‏)ص‎145‎‏(‏ ، رقم )1860(.<br />

ينظر:‏ أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية،‏ للحريري،‏ <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ عدد 50، ص‎134‎‏،‏ بتصرف،‏ وكشف<br />

املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم،‏ مصطفى العدوي،‏ )19-18(، والعمدة <strong>يف</strong> األحكام <strong>يف</strong> معامل احلالل واحلرام،‏ لعبدالغين<br />

املقدسي،‏ حتقيق مصطفى عطا،‏ ص)‏‎287‎‏(،‏ بتصرف .<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل ، للحطاب )493-492/3(، بتصرف.‏


الزمان فال يصح إطالق التحرمي لوجود أصحاب احلاجات والظروف الصعبة وال يصح أيضاً‏ إطالق<br />

احلل لفساد الزمان وكثرة الفنت،‏ فتعطى كل حادثة وكل صورة ما يناسبها.‏ )484(<br />

وأما اجمليزون لسفرها بال حمرم <strong>يف</strong> الوسائل احلديثة املكتظة ‏َبلركاب فيحتجون أبن العلة من النهي هي<br />

اخلوف على املرأة من سفرها لوحدها بال زوج وال حمرم <strong>يف</strong> زمن كانت اجلمال والبغال واحلمري وسائل<br />

تنقل وكان السفر شاقاً‏ وطويالً‏ وخموفاً‏ جتتاز فيه الصحاري القاحلة اخلالية من العمران فإذا مل يُصب<br />

املرأة <strong>يف</strong> مثل هذا السفر شر <strong>يف</strong> نفسها أصاهبا <strong>يف</strong> مسعتها لكن احلال تغري <strong>يف</strong> هذا الزمان وأصبح السفر<br />

<strong>يف</strong> طائرة أو ‏َبخرة أو قاطرة تقل مئات الركاب أو أكثر ومل يعد هناك خوف على املرأة إذا سافرت<br />

لوحدها فال يكون عليها حرج وال يعد ذلك خمالفة للحديث.‏ )485(<br />

-5<br />

وألن املسافة الطويلة اليت تقطع <strong>يف</strong> زمن يسري ال تسمى سفراً،‏ و<strong>يف</strong> الذهاب مع رفقة كثرية زوال<br />

للمحذور لعدم اخللوة وعدم اجلرأة من السائق وغريه لوجود عدد كثري من الركاب،‏ ولكن يشرتط عدم<br />

وجود اختالط <strong>يف</strong> هذه الوسائل بل يكون الرجال <strong>يف</strong> معزل عن النساء.‏ )486(<br />

<strong>يف</strong> شرحه ألحاديث النهي حيث قال:‏ ‏"حيتمل<br />

ويستأنس أصحاب هذا القول مبا ذكره الباجي )487(<br />

قوله <br />

‏))إال مع ذي حمرم((‏ معنيني أحدمها:‏ أن ال تسافر هذه مع إنسان واحد إال أن يكون ذا رحم<br />

حمرم منها ألنه مأمون عليها ، واملعىن الثاين:‏<br />

أن ال تنفرد <strong>يف</strong> مثل هذا السفر دون ذي حمرم منها ألنه ح<strong>يف</strong>ظها وجيري إىل صيانتها ملا رُكب <strong>يف</strong> طباع<br />

أكثر الناس من الغرية على ذوي حمارمهم واحلماية هلم"‏ )488(<br />

( 484 )<br />

( 485 )<br />

( 486 )<br />

( 487 )<br />

( 488 )<br />

ينظر:‏ أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية،‏ للحريري،‏ <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ عدد 50، ص‎128‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ ك<strong>يف</strong> نتعامل مع السنة النبوية،‏ للقرضاوي بواسطة املصدر السابق ص‎129‎ ، بتصرف،‏ وقال الباجي:‏ ‏"العلة <strong>يف</strong> منعها من<br />

السفر من غري ذي حمرم كوهنا عورة جيب عليها التسرت وحيرم عليها التربج عند الرجال خمافة الفضيحة واالختالط ‏"ا.ه .<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل ، للحطاب ، )489/3(.<br />

ينظر:‏ املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر،‏ البن جربين،‏ ص‎111‎‏،‏ وما بعدها ، بتصرف .<br />

والباجي هو:‏ أبو الوليد اإلمام احلافظ القاضي سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب األندلسي الباجي القرطيب،‏ أصله من مدينة<br />

بطليوس مث حتول جده إىل ‏َبجه قرب إشبيلية فنسب إليها،‏ ولد أبو الوليد <strong>يف</strong> سنة ثالث وأربع مئة،‏ وارحتل سنة ست وعشرين فحج<br />

والزم احلافظ أبو ذر فأكثر عنه مث ارحتل لدمشق مث بغداد ومسع من علمائها كاملزين وعمر الزهري وابن غيالن واحلسن اخلالل مث إىل<br />

املوصل فأخذ عن السمناين املتكلم صاحب ابن الباقالين فربز <strong>يف</strong> احلديث والفقه والكالم واألصول واألدب مث رجع لألندلس بعد ثالث<br />

عشرة سنة بعلم غزير،‏ حدث عنه ابن عبدالرب وابن حزم وغريهم،‏ ويل القضاء <strong>يف</strong> مواضع من األندلس وصنف املنتقى <strong>يف</strong> الفقه واملعاين <strong>يف</strong><br />

شرح املوطأ واإلشارة <strong>يف</strong> أصول الفقه وإحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول وغريها.‏<br />

مات ‏َبملرية <strong>يف</strong> اتسع عشر رجب سنة أربع وسبعني وأربع مئة وعمره إحدى وسبعون سنة.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء للذهيب )545-535/18( .<br />

املنتقى شرح املوطأ،‏ للباجي )305-304/7( ، وقال:‏ ‏"ال يعترب صحبة زوج أو ذي حمرم <strong>يف</strong> كرب القوافل وعامل الطرق املأمونة"‏ وقال<br />

ابن رشد:‏ ‏"مجاعة الناس كاحملرم"‏ وهذا <strong>يف</strong> سفر الفرض.‏


ومقتضى األخذ ‏َبألول جتويز سفر املرأة مع الركب واجلماعة ولو كانوا أجانب عنها وهذا وإن كان<br />

بعيداً‏ لكنه احتمال وارد.‏ )489(<br />

وقال ابن حجر بعد شرحه للحديث:‏ ‏"إن احلديث ما سيق ألجل بيان مسافة القصر بل لنهي املرأة عن اخلروج<br />

وحدها ولذلك اختلفت األلفاظ <strong>يف</strong> ذلك ويؤيد ذلك أن احلكم <strong>يف</strong> هني املرأة عن السفر وحدها متعلق ‏َبلزمان<br />

فلو قطعت مسرية ساعة واحدة مثالً‏ <strong>يف</strong> يوم اتم لتعلق النهي هبا،‏ خبالف املسافر فإنه لو قطع مسرية نصف يوم<br />

مثالً‏ <strong>يف</strong> يومني مل يقصر فافرتقا"‏ )490(<br />

قال أصحاب هذا القول:‏ فعلى كالم ابن حجر لو قطعت مسرية شهور <strong>يف</strong> ساعتني مل يتعلق هبا<br />

النهي ألهنا مل تسافر يوماً‏ وليلة وابن حجر مل يصرح هبذا ألنه مل يكن متصوراً‏ <strong>يف</strong> عصره لكنه واقع <strong>يف</strong><br />

زماننا بواسطة وسائل النقل احلديثة كالطائرات،‏ و<strong>يف</strong> حتديد أكثر الرواايت ‏َبلزمن وتنوعها تنبيه إىل أن<br />

العلة ليست هي السفر الذي هو تنقل وترحل بل ما ينتج عنه من اإلقامة واملكث بال حمرم.‏ )491(<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

نوقش قول احلنفية أبن األحناف خالفوا قواعدهم وأصول مذهبهم فهم يقولون بتقدمي اخلرب العام على اخلاص<br />

وعدم محل املطلق على املقيد وقد خالفوا ذلك هنا.‏ )492(<br />

وَبلغ ابن حزم <strong>يف</strong> الرد عليهم فقال:‏ ‏"أما قول أيب حن<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> التحديد الذي ذكر فال نعلم له سلفاً‏ فيه من<br />

الصحابة وال من التابعني رضي هللا عنهم بل ما نعلم أحداً‏ قال قبلهم،‏ وهم يعظمون خالف الصاحب إذا<br />

وافق تقليدهم ويقولون إن املرسل كاملسند"‏ )493(<br />

وقوهلم إن الثالث متيقن وغريه مشكوك فيه مردود خبرب ابن عباس املطلق فهو جامع لكل سفر،‏ وهو متيقن<br />

<strong>يف</strong> كل سفر.‏ )494(<br />

( 489 )<br />

( 490 )<br />

( 491 )<br />

( 492 )<br />

( 493 )<br />

( 494 )<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب )488/3( .<br />

ينظر:‏ أثر السفر ، للحريري ، <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ عدد 50، ص‎131‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

فتح الباري )660/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 24<br />

ينظر:‏ أثر السفر،‏ للحريري،‏ جملة البحوث الفقهية املعصارة،‏ عدد )50( ص‎130‎<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )90/4( ، بتصرف.‏<br />

، بتصرف.‏<br />

احمللى )48/7(.<br />

ينظر:فتح الباري <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصارتريج أحاديث التمهيد،‏ للمغراوي ‏)‏‎14/8‎‏(وفتح<br />

الباري،البن حجر ‏)‏‎90/4‎‏(،وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )112/9(، واحمللى،‏ البن حزم )48/7( وقال:‏ ‏"ال حجة هلم غري هذا<br />

أصالً...وهذا عليهم ال هلم لوجهني ، أحدمها أنه ليس صواب العمل ما ذكروا ألنه إن كان خرب الثالث متقدماً‏ أو متأخراً‏ فليس فيه أن<br />

تقدم إبطال احلكم النهي عن سفرها أقل من ثالث لكنه بعض ما <strong>يف</strong> سائر الرواايت،‏ وسائر الرواايت زائدة عليه،‏ وليس هذا مكان نسخ<br />

أصالً‏ بل كل تلك األخبار حق وكلها جيب استعماهلا وليس بعضها خمالفاً‏ لبعض أصالً،‏ ويقال هلم:خرب ابن عباس..جامع لكل سفر<br />

فنحن على يقني من حترمي كل سفر عليها إال مع زوج أو ذي حمرم مث ال ندري أبطل هذا احلكم أم ال؟ فنأخذ ‏َبليقني ونلغي الشك فهذا


مث إن األحناف ال أيخذون ‏َبلرواايت املضطربة والراوية الوحيدة اليت ال اختالف فيها وال اضطراب هي رواية<br />

ابن عباس املطلقة.‏ )495(<br />

ولألحناف <strong>يف</strong> الرد على اجلمهور جوالت كعدم أخذهم حبمل املطلق على املقيد مع احتاد احلكم وسببه ،<br />

وترجيح رواية الصحايب على فعله.‏ )496(<br />

)497(<br />

ونوقش القائلون ‏َبجلواز مطلقاً‏ أبن قوله لعدي بن حام : ‏))فإن طالت بك حياة لرتين الظعينة<br />

ترحتل من احلرية حىت تطوف ‏َبلكعبة ال تاف أحداً‏ إال هللا((‏ اثبت <strong>يف</strong> صحيح البخاري وغريه )498(<br />

. لكن<br />

زايدة ‏))<strong>يف</strong> غري جوار أحد((‏ إمنا هي عند أمحد من طريق أيب عبيدة ابن حذ<strong>يف</strong>ة ومل يوثقه معترب إال ابن حبان،‏<br />

وهو معروف بتوثيق اجملاهيل ولذا قال احلافظ فيه <strong>يف</strong> التقريب : ‏"مقبول"‏ أي إذا توبع وإال فلني.‏ )499(<br />

مث إن احلديث قد اختلف عليه فيه فرواه مرة عن عدي بن حام ومرة عن رجل عن عدي بن حام وحىت وإن<br />

صح هذا احلديث ففي االستدالل به نظر وذلك ألن الرسول قاله إخباراً‏ عن أمور ستقع ووقوعها ال يدل<br />

على جوازها فليس معناه إَبحته هلا وال حترميها )500(<br />

( 495 )<br />

معارض الحتجاجهم مع ما قدمنا ويقال هلم عهدان بكم تذمون األخبار ‏َبالضطراب،‏ وهذا خرب رواه أبو سعيد وأبو هريرة وابن عمر<br />

وابن عباس فلم يضطرب،عن ابن عباس أصالً‏ واضطرب عن سائرهم..فعلى أصلكم دعوا رواية من اختلف عليه واضطرب عنه إذ ليس<br />

بعض ما روي عن واحد أوىل من سائر ما روى عنه وخذوا برواية من مل خيتلف عليه وال اضطرب عنه وهو ابن عباس فهذا أشبه من<br />

استداللكم.والوجه الثاين:‏ أنه قد روي عن ابن عمر وابن سعيد وأيب هريرة كما ذكران ال تسافر املرأة فوق ثالث فإن صححتم استداللكم<br />

الفاسد أبخذ أكثر مما ذكر <strong>يف</strong> تلك األخبار فامنعوها مما زاد على مسرية ثالث ألنه اليقني وأبيحوا هلا سفر الثالث ألنه مشكوك فيه كما<br />

سفر اليومني واليوم والربيد مشكوك فيه عندكم،‏ وهذا ما ال خملص هلم منه"ا.ه . احمللى )49-48/7(.<br />

تقدمت <strong>يف</strong> أول املطلب،‏ ص)‏‎145‎‏(،‏ وينظر:‏ كشف األسرار عن أصول البزدوي للبخاري،‏ )398-378/2(، وفتح الباري،‏ البن<br />

حجر )660/2<br />

( 496 )<br />

( 497 )<br />

و 90/4(، واحمللى،‏ البن حزم )49-48/7(.<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر،‏ للطحاوي،‏ )116-114/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )198/2-160/1(، حاشية ابن عابدين ،<br />

)465-464/3( ، فتح الباري،‏ البن حجر )660/2( و )90/4(.<br />

عدي هو بن حام الطائي اجلواد املشهور أبو طر<strong>يف</strong> أسلم سنة تسع وقيل عشر وكان نصرانياً‏ قبل ذلك وثبت على إسالمه <strong>يف</strong> الرده<br />

وأحضر صدقة قومه إىل أيب بكر وشهد فتوح العراق مث سكن الكوفة وشهد صفني مع علي ومات بعد الستني وقد أسن فبلغ عشرين<br />

ومائة سنة وقيل مثانني ومائة.‏<br />

ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )228/4-3(، وسري أعالم النبالء،‏ للذهيب )165-162/3(.<br />

) 498 ‏)كما<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص<br />

.) 151(<br />

( 499 )<br />

الثقات ، البن حبان )590/5(، هتذيب التهذيب ، البن حجر )159/12( تقريب التهذيب،‏ البن حجر )448/2(، وقال<br />

األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )227/1( أبو عبيدة هذا مل يوثقه غري ابن حبان..‏ لكن روى عنه مجاعة من الثقات ، وينظر:‏ كشف املبهم ،<br />

للعدوي ، ص )20( ، بتصرف .<br />

( 500 )<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )91/4( ، واجملموع ، للنووي )45/7( ، واملغين،‏ البن قدامة )32/5( والفروع البن مفلح مع<br />

تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق الرتكي )244/5(، وكشف املبهم،‏ ملصطفى العدوي،‏ ص)‏‎20‎‏(‏ بتصرف .


مث إنه <strong>يف</strong> سفر فرض وقد استثناه بعض الفقهاء من التحرمي لنصوص أخرى وأما إذن عمر فقد كان بعد تردد منه<br />

مث إنه كان حموطاً‏ برعاية زائدة كما يتضح من طرق احلديث مث إنه كان بعد وفاة النيب فليس له قوة ما أقره رسول<br />

هللا فضالً‏ عما هني عنه<br />

مث إهنن ركب وقد أجاز<br />

)502(<br />

الطريق آمناً.‏<br />

.<br />

)501(<br />

الشافعية وغريهم سفر املرأة بال حمرم للحج مع نسوة ثقات أو قوم عدول إذا كان<br />

وما ورد موقوفاً‏ عن عائشة وابن عمر فليس له قوة املرفوع وأحاديث النهي كثرية متضافرة )503(<br />

وأما من قيد اجلواز ‏َبلرفقة الكثرية املأمونة قياساً‏ على البالد فقوله مردود ألنه قياس مقابل النص فيكون ‏َبطالً‏<br />

ملخالفته النصوص الصرحية الصحيحة الظاهرة<br />

وأما القول ‏َبلتفصيل فيجاب عنه أبن األصل التحرمي لظاهر النصوص وهو األوىل لفساد الزمان وكثرة الفنت<br />

ودرء املفسدة مقدم على جلب املصلحة وأما الضرورة فلها أحكامها اخلاصة.‏<br />

وأما القول جبواز سفرها <strong>يف</strong> وسائل النقل احلديثة كالطائرة بال حمرم لزوال العلة فيناقش أبن اخلوف على املرأة<br />

<strong>يف</strong> السفر،‏ خيتلف ‏َبختالف األحوال وال ميكن ضبطه فهو حكمة للنهي ال علة يناط هبا األحكام.‏<br />

والنهي عن سفر املرأة بال حمرم عام مطلق ومل يستفصل النيب من الرجل الذي قال له إن امرأته خرجت<br />

حاجة وأنه اكتتب <strong>يف</strong> غزوة كذا وكذا ومل يسأله عن حال امرأته أهي آمنة أم ال وهل معها نساء أم ال وهل<br />

)504(<br />

هي عجوز أو شابة فاألصل بقاء اللفظ على عمومه فالعربة بعموم اللفظ.‏<br />

وإذا كان حمرمها سريافقها إىل صالة املطار ويعود فليس مؤكداً‏ أن الطائرة ستقلع <strong>يف</strong> املوعد احملدد فقد يعرض<br />

هلا ما يؤخرها وقد هتبط اضطرارايً‏ <strong>يف</strong> بلد آخر ال حمرم هلا فيه واحملرم الذي سيستقبلها <strong>يف</strong> املطار اآلخر قد<br />

يعرض له ما مينعه من ذلك واملرأة إذا أركبت <strong>يف</strong> الطائرة وحنوها فإهنا ال تسلم من االختالط وقد جيلس جبوارها<br />

)505(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

من ال أمان له فيكون سفرها هذا طر يقاً‏ إىل الزان وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

ومل يقل:‏<br />

وال تزنوا<br />

( 501 )<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )89/4( ، وكشف املبهم،‏ للعدوي،‏ ص)‏‎19‎‏(‏ بتصرف.‏<br />

) 502 ‏)كما سيأيت <strong>يف</strong> ص )159(.<br />

( 503 )<br />

( 504 )<br />

( 505 )<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر،‏ للطحاوي )115/2(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى الشيخ حممد العثيمني،‏ إعداد أشرف عبداملقصود )845-844-591-590/2( بتصرف.‏<br />

سورة اإلسراء،‏ اآلية<br />

.32


واخلوف من الفتنة والوقوع <strong>يف</strong> احملذور يرد على املرأة <strong>يف</strong> الطائرة كما يرد عليها <strong>يف</strong> غريها من وسائل النقل<br />

احلديثة فلو سلم كونه علة للنهي فإنه ال يزال موجوداً‏ حىت مع تطور وسائل النقل بل هو <strong>يف</strong> هذا الزمان أشد<br />

لفساد أحوال كثري من الناس وكثرة الفنت واملغرايت.‏ )506(<br />

وهبذا يتبني رجحان قول اجلمهور ‏)القول األول(‏ لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة،‏ وتؤيده قواعد الشريعة <strong>يف</strong><br />

جلب املصاحل ودرء املفاسد ومحاية األعراض وتقتضيه السياسة الشرعية <strong>يف</strong> هذا الزمان .<br />

فأجازوا سفر املرأة بال<br />

وهناك صور استثناها بعض الفقهاء وخالفوا فيها قول اجلمهور )507(<br />

إىل جواز سفر<br />

حمرم ومن أمهها سفر املرأة ألداء فريضة احلج فقد ذهب مالك والشافعي )508(<br />

املرأة ألداء فريضة احلج بال حمرم إذا كانت أتمن على نفسها لرفقة نساء ثقات أو لكون<br />

وهو<br />

الطريق آمناً‏ فيجوز حينئذ من غري نساء،‏ وهبذا قال احلسن البصري واألوزاعي )509(<br />

مذهب الظاهرية )510( ،<br />

( 506 )<br />

( 507 )<br />

( 508 )<br />

بعدها(.‏<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف،‏ وينظر:‏ فتاوى ابن ‏َبز،‏ مجع الشويعر )335/8(، فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش،‏ ‏)‏‎90/11‎‏-وما<br />

قال ابن رشد:‏ ‏"سبب اخلالف:‏ معارضة األمر ‏َبحلج والسفر إليه للنهي عن سفر املرأة ثالاثً‏ إال مع ذي حمرم ... فمن غلب عموم<br />

األمر قال:‏ تسافر للحج،‏ وإن مل يكن معها ذو حمرم،‏ ومن خصص العموم هبذا احلديث،‏ أو رأى أنه من ‏َبب تفسري االستطاعة قال:‏ ال<br />

تسافر للحج إال مع ذي حمرم"‏ ، بداية اجملتهد )106/2(.<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث التمهيد للمغراوي )9/8 وما<br />

بعدمها(،‏ بداية اجملتهد ، البن رشد حتقيق عبداجمليد حليب )106/2-1(، حاشية الدسوقي على الشرح الكبري للدردير وهبامشه تقريرات<br />

عليش )9/2(، عقد اجلواهر الثمينة ، البن شاس،‏ حتقيق حممد أبو األجفان وعبداحلفيظ منصور ، )380/1(، مواهب اجلليل،‏<br />

للحطاب )488/3(،<br />

( 509 )<br />

والوسيط،‏ للغزايل )1178/2(، وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )111/9( ، وروضة الطالبني ، للنووي )9/3(<br />

واجملموع ، للنووي )45/7(، وفتح الباري البن حجر )90/4( ومغين احملتاج ، للشربين )467/1( وسبل السالم ، للصنعاين،‏ حتقيق<br />

حممد حالق )217-216/4(، والفروع البن مفلح،‏ حتقيق الرتكي )245/5(.<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> ترتيب متهيد ابن عبدالرب )10/8( ، واملغين،‏ البن قدامه )31/5( وقال ابن املنذر:‏ ‏"تركوا القول بظاهر احلديث<br />

واشرتط كل واحد منهم شرطاً‏ ال حجة معه عليه"،‏ والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )243/5(، واألوزاعي<br />

هو:‏ عبدالرمحن بن عمرو بن حيمد أبو عمر شيخ <strong>اإلسالم</strong> وعامل أهل الشام نسب إىل حملة األوزاع وهي العقيبة الصغرية ظاهر ‏َبب<br />

الفراديس بدمشق كان يسكنها مث حتول إىل بريوت ومات هبا وقيل كان مولده ببعلبك ، حدث عن عطاء ومكحول وقتادة وانفع موىل<br />

ابن عمر وغريهم،‏ وكان مولده <strong>يف</strong> حياة الصحابة،‏ وروى عنه الزهري وهو من شيوخه وشعبة والثوري وغريهم،‏ قال عبدالرزاق أول من<br />

صنف ابن جريج وصنف األوزاعي،‏ وقد مجع األوزاعي العبادة والعلم والقول ‏َبحلق وكان له مذهب مستقل مشهور عمل به فقهاء الشام<br />

مدة وفقهاء األندلس مث فين،‏ وتو<strong>يف</strong> سنة سبع ومخسني ومائة وقيل إحدى ومخسني.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم<br />

النبالء ، للذهيب ( 7<br />

/134-107(، واحلسن البصري تقدمت ترمجته ص<br />

.141<br />

( 510 )<br />

احمللى،‏ البن حزم )50-46/7( قال ‏–رمحه هللا-‏ : ‏"مسألة وأما املرأة اليت ال زوج هلا وال ذا حمرم حيج معها فإهنا حتج وال شيء<br />

عليها،‏ فإن كان هلا زوج ففرض عليه أن حيج معها فإن مل <strong>يف</strong>عل فهو عاص هلل تعاىل وحتج هي دونه وليس له منعها من حج الفرض وله<br />

منعها من حج التطوع ... فكان هني املرأة عن السفر إال مع زوج أو<br />

=


وابن سريين )511( ، ورواية عن أمحد فقد سئل هل يكون الرجل حمرماً‏ ألم امرأته؟ خيرجها إىل احلج؟<br />

فقال:‏ ‏"أما <strong>يف</strong> حج الفريضة فأرجو،‏ ألهنا ترج إليه مع النساء ومع كل من أمنته،‏ وأما <strong>يف</strong> غريها فال"‏ )512(<br />

وقال النووي:‏ ‏"الصحيح <strong>يف</strong> مذهبنا،‏ أنه جيوز هلا <strong>يف</strong> سفر حج الفرض أن ترج مع نسوة ثقات أو امرأة ثقة<br />

وال يشرتط احملرم وقال بعض أصحابنا:‏ جيوز بغري نساء وال امرأة إذا كان الطريق آمناً"‏ )513(<br />

واستدلوا مبا يلي :<br />

1- حديث عدي بن حام املتقدم،‏ وفيه زايدة ‏)<strong>يف</strong> غري جوار أحد(،‏ قال عدي:‏ ‏"فرأيت الظعينة ترحتل من<br />

احلرية حىت تطوف ‏َبلكعبة ال تاف إال هللا"‏ )514( ، وهذا وإن كان إخباراً‏ منه إال أنه <strong>يف</strong> سياق املدح<br />

ورفع منار <strong>اإلسالم</strong> فيحمل على اجلواز.‏ )515(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

‎2‎‏-كما احتجوا بتعارض عموم قوله تعاىل:‏ <br />

)516( <br />

قوله <br />

فهو عام <strong>يف</strong> الرجال والنساء،‏ ومقتضاه أن االستطاعة شرط وجوب احلج وهو معارض بعموم<br />

: ‏))ال تسافر املرأة إال مع حمرم((‏ فهو عام <strong>يف</strong> كل سفر ويدخل فيه سفر احلج ‏،وقد رجح<br />

الشافعية تصيص عموم احلديث بعموم اآلية مبرجح خارجي وهو قوله ‏))ال متنعوا إماء هللا مساجد<br />

)517(<br />

هللا((‏<br />

)518(<br />

واملسجد احلرام من هذه املساجد.‏<br />

( 511 )<br />

=<br />

ذي حمرم عاماً‏ لكل سفر فوجب استثناء ما جاء به النص من إجياب بعض األسفار عليها من مجلة النهي واحلج سفر واجب فوجب<br />

استثناء من مجلة النهي".‏<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد بن عبدالرب )10/8( واملغين،‏ البن قدامة حتقيق الرتكي )30/5( والفروع،‏ البن مفلح مع<br />

تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )243/5(، وابن سريين هو:‏ أبو بكر األنصاري األنسي البصري موىل أنس بن<br />

مالك حممد بن سريين شيخ <strong>اإلسالم</strong> ولد لسنتني بقيتا من خالفة عمر ومسع أَب هريرة وعمران بن حصني وابن عباس ، روى عنه قتادة<br />

وأيوب وغريهم،‏ وأدرك ابن سريين ثالثني صحابياً‏ ، وكان حسن العلم ‏َبلفرائض والقضاء واحلساب وتفسري األحالم.‏ مات وهو ابن مثان<br />

وسبعني سنة وقيل عاش ن<strong>يف</strong>اً‏ ومثانني سنة وذلك بعد احلسن البصري مبائة يوم سنة عشر ومائة.‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء ، للذهيب<br />

. )622-606/4(<br />

( 512 )<br />

( 513 )<br />

( 514 )<br />

( 515 )<br />

( 516 )<br />

( 517 )<br />

املغين ، البن قدامة ، حتقيق الرتكي )30/5( ، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )10/8(.<br />

اجملموع،‏ للنووي )45/7 و<br />

تقدم ترجيه<br />

، )187/8<br />

وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )111/9(، وتقدمت ترمجته ص<br />

.37<br />

، ص )151(<br />

وترمجة عدي ص )155(<br />

.<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )91/4( ، واملغين،‏ البن قدامة،‏ حتقيق الرتكي )32/5(.<br />

سورة آل عمران ، اآلية<br />

. 97<br />

( 518 )<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب اجلمعة ‏َبب )13( ص )70( رقم )900(.<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )106/2(، وفتح الباري،‏ البن حجر )91/4( واجملموع،‏ للنووي )188/8( وسبل السالم،‏<br />

للصنعاين،‏ حتقيق حممد حالق )217/4(، واملغين،‏ البن قدامة،‏ حتقيق الرتكي )32/5(، والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي<br />

وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )242/5(.


-4<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"واستدل به على<br />

3- إذن عمر بن اخلطاب ألمهات املؤمنني ‏َبحلج وقد تقدم ذكره.‏ )519(<br />

جواز حج املرأة بغري حمرم،‏ وإذا كان هذا <strong>يف</strong> التطوع فالفريضة أوىل"‏ )520(<br />

حديث عائشة رضي هللا عنها قالت:‏ ‏"قلت اي رسول هللا أال نغزوا وجناهد معكم فقال:‏ ‏))لكن أحسن<br />

اجلهاد وأمجله احلج حج مربور((‏ قالت عائشة:‏ فال أدع احلج بعد إذ مسعت هذا من رسول هللا " )521(<br />

. قال ابن حجر:‏ ‏"واستدل حبديث عائشة هذا على جواز حج املرأة مع من تثق به ولو مل يكن زوجاً‏ وال<br />

حمرماً"‏ )522(<br />

-5<br />

-6<br />

القياس على املنقطعة عن رفقة السفر فيجوز هلا صحبة مأمون اتفاقاً‏ فإذا كان خمصوصاً‏ من عموم النهي<br />

فكذا حجة الفريضة.‏ )523(<br />

قوله <strong>يف</strong> حديث ابن عباس املتقدم للرجل:‏ ‏))اخرج معها((‏ فقد استنبط منه ابن حزم جواز سفر املرأة<br />

بغري زوج وال حمرم لكونه عليه السالم مل أيمر بردها والعاب سفرها )524(<br />

وقد أجيب عن هذه االستدالالت ، كما يلي :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

أما حديث عدي فتقدم اجلواب عنه.‏ )525(<br />

وأما التعارض فقد رد ابن حجر على ذلك الرتجيح بقوله:‏ ‏"وليس ذلك جبيد لكونه عاماً‏ <strong>يف</strong> املساجد<br />

فيخرج عنه املسجد الذي حيتاج إىل سفر أبحاديث النهي"‏ )526(<br />

)527(<br />

وأما إذن عمر فتقدم اجلواب عنه.‏<br />

وأما ما ذكره ابن حجر <strong>يف</strong> حديث عائشة فغري مسلم به إال أن يثبت أهنا حجت دون أحد من إخواهنا<br />

أو حمارمها وهي مل ترج من مكة إىل التنعيم لإلتيان بعمرة إال مع أخيها وليس بني التنعيم ومكة سوى<br />

)528(<br />

أميال.‏<br />

) 519 ( <strong>يف</strong> ص .)151(<br />

( 520 )<br />

( 521 )<br />

( 522 )<br />

( 523 )<br />

املصدر السابق )87/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 24<br />

( 524 )<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب جزاء العيد،‏ ‏َبب حج النساء ص)‏‎146-145‎‏(‏ رقم )1861(.<br />

فتح الباري )89/4(.<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب )490-489/3(، وفتح الباري )90/4(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )9/3(، بتصرف.‏<br />

ينظر احمللى،‏ البن حزم )50-46/7 وما بعدها(،‏ فتح الباري،‏ البن حجر )92/4( والفروع،‏ البن مفلح مع التصحيح للمرداوي<br />

وحاشية ابن قندس )244/5(، بتصرف .<br />

) 525 ( <strong>يف</strong> ص )156( .<br />

( 526 )<br />

فتح الباري،‏ )91/4( ، وينظر:‏ سبل السالم،‏ للصنعاين )217/4(، واملغين،‏ البن قدامة )32/5(.<br />

) 527 ( <strong>يف</strong> ص .)156(<br />

( 528 )<br />

ينظر:‏ أثر السفر <strong>يف</strong> القضااي االجتماعية واملالية،‏ للحريري <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ عدد 50 ص‎135-134‎‏،‏ بتصرف.‏


-5<br />

-6<br />

وأجيب عن استدالهلم ‏َبلقياس أبنه مع الفارق فاملنقطعة <strong>يف</strong> سفر ضرورة فال يقاس عليه حالة االختيار<br />

وألهنا تدفع ضرراً‏ متيقناً‏ بتحمل ضرر متوهم والسفر للحج ليس كذلك )529(<br />

وتعقب استنباط ابن حزم أبنه لو مل يكن ذلك شرطاً‏ ملا أمر زوجها ‏َبلسفر معها وتركه الغزو الذي<br />

اكتتب فيه،‏ وال سيما وقد ورد بلفظ ‏))فقال رجل اي رسول هللا إين نذرت أن أخرج <strong>يف</strong> جيش كذا وكذا((‏<br />

)530(<br />

فلو مل يكن شرطاً‏ ما رخص له <strong>يف</strong> ترك النذر<br />

وهبذا يتبني بطالن هذا االستثناء ورجحان قول اجلمهور بتحرمي سفر املرأة بال حمرم مطلقاً‏ لقوة أدلتهم السابقة<br />

وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة خمالفيهم ويؤيد ذلك فيما يتعلق بسفرها للحج ما يلي :<br />

1- حديث ابن عباس السابق وفيه قال : ‏))ارجع فحج مع امرأتك((‏ فأمره برتك اجلهاد والذهاب مع<br />

امرأته للحج وهذا يؤكد أمر احملرم <strong>يف</strong> احلج وغريه من ‏َبب أوىل.‏ )531(<br />

ومل يستفصل النيب عن حال املرأة وترك االستفصال <strong>يف</strong> مقام االحتمال ينزل منزلة العموم <strong>يف</strong> املقال وال<br />

جيوز أتخري البيان عن وقت احلاجة كما يقول أهل األصول.‏<br />

)532( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

2- قوله تعاىل:‏ <br />

)533(<br />

والسبيل عام يدخل فيه احملرم،‏ فمن ال حمرم هلا ال جيب عليها احلج لفقد شرط االستطاعة.‏<br />

وهبذا يتبني أن القائلني ‏َبملنع حججهم أقوى والعمل هبا أسلم وأجنى وأحوط وأتقى،‏ وإذا كان هذا <strong>يف</strong> عموم<br />

سفر املرأة ففي سفرها للسياحة من ‏َبب أوىل؛ لكثرة الفنت واملفاسد <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong> الرتفيهية وهللا تعاىل ملا<br />

أذن للنساء املسلمات أن خيرجن من بيوهتن حلاجتهن أمرهن أن يلتزمن حدوده <strong>يف</strong> هذا اخلروج أبن ال خيرجن<br />

متربجات وال متزينات وال متعطرات وال يغشني جمامع الرجال وال يتواجدن <strong>يف</strong> أماكن تكثر فيها املنكرات،‏<br />

واألماكن السياحية <strong>يف</strong> هذا الزمان تكثر فيها املنكرات وحيصل فيها من االختالط واالبتذال وقلة احلياء<br />

الشيء الكثري مما ال يقره دين وال خلق وال يرضاه غيور حملارمه فإذا كان هذا حال أكثر األماكن السياحية مع<br />

كثرة املرتبصني من الفساق بنساء املؤمنني فإن منعها من اخلروج للسياحة أبلغ وأشد بل هو حمل اتفاق بني<br />

الفقهاء فإهنم إمنا اختلفوا <strong>يف</strong> خروجها لسفر الفريضة مع اتفاقهم على حرمة خروجها لغريه من األسفار إال<br />

( 529 )<br />

( 530 )<br />

( 531 )<br />

( 532 )<br />

( 533 )<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )90/4( بتصرف،‏ واملغين البن قدامة )32/5(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎92‎ والفروع البن مفلح )244/5(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ كشف املبهم ، للعدوي،‏ ص‎20‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية )97(.<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ومعه فتح اجمليد،‏ للمغراوي )9/8 وما بعدها(،‏ وحاشية ابن قاسم على الروض<br />

املربع )524/3(، وفتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش،‏ )90/11(، بتصرف،‏ وكشف املبهم للعدوي ‏)ص‎20‎‏(‏ ، قال ابن عبدالرب:‏<br />

‏"وممن ذهب إىل هذا إبراهيم النخعي واحلسن البصري وأبو حن<strong>يف</strong>ة وأمحد وإسحاق وأبو ثور"‏


مبحرم كما تقدم وسفر <strong>السياحة</strong> أقل حاجة بل هو من الكماليات والتحسينيات فال جيوز هلا اخلروج <strong>يف</strong> سفر<br />

<strong>السياحة</strong> إال مبحرم أو زوج.‏<br />

إال أنه يستثىن من عموم التحرمي حاالت الضرورة كاهلجرة من دار احلرب واملنقطعة عن الرفقة <strong>يف</strong> الطريق<br />

واألسرية وحنو ذلك فللضرورة أحكامها.‏ )534(<br />

( 534 )<br />

ينظر:‏ حاشية ابن قاسم على الروض املربع )524/3(.


املطلب الثالث<br />

سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها


املطلب الثالث:‏ سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها :<br />

انتشر <strong>يف</strong> هذا الزمان ما يسمى ‏َبلسياحة الدولية لتوثيق روابط الصداقة والتعاون بني دول العامل <strong>يف</strong> هذا العصر<br />

املليء ‏َبملتغريات ومن أهم القضااي املتصلة بذلك ما يتعلق بسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد املسلمني وفتح منافذها<br />

ألفواج من السياح من شىت الدايانت والبلدان لزايرة األماكن التارخيية العريقة،‏ واملناطق السياحية ذات الطبيعة<br />

اخلالبة <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> ، فما احلكم الشرعي ملثل هذه الظاهرة اليت عمت هبا البلوى؟<br />

قبل اخلوض <strong>يف</strong> تفاصيل هذه املسألة حيسن بيان أقسام الكفار كما أييت:‏<br />

املسألة األوىل:‏ أقسام الكفار :<br />

ال شك أن الكفر ملل شىت،‏ ولكن ينقسم الكفار ‏َبلنظر إىل عصمتهم وطبيعة العالقة بينهم وبني املسلمني<br />

إىل أربعة أقسام أو أصناف:‏<br />

القسم األول:‏ أهل احلرب أو احلربيون<br />

وهم:‏ ‏)الذين مل يدخلوا <strong>يف</strong> عقد الذمة،‏ وال يتمتعون أبمان املسلمني وال عهدهم(‏ )535(<br />

القسم الثاين:‏ أهل الذمة:‏ ‏)هم الذين أقروا <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> على كفرهم ‏َبلتزام اجلزية ونفوذ أحكام <strong>اإلسالم</strong><br />

)536(<br />

فيهم(‏<br />

القسم الثالث:‏ أهل العهد:‏ ‏)هم الذين صاحلهم إمام املسلمني على إهناء احلرب مدة معلومة ملصلحة<br />

يراها(‏ )537(<br />

( 535 )<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )104/7(، وشرح فتح القدير للكمال بن اهلمام،‏ ‏)‏‎270/5‎‏-وما بعدها(،‏ وبدائع الصنائع،‏<br />

للكاساين )169/7(، وحاشية ابن عابدين )215/6( ، والكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )66/1( ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )596/4(، عقد<br />

اجلواهر الثمينة البن شاس )479/1( واألم،‏ للشافعي )238/4( ومغين احملتاج،‏ للشربيين )239-209/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي<br />

)204/10( تكملة اجملموع،‏ للنووي،‏ للمطيعي )117/21(، واملغين )31/13(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )1265/2<br />

وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ حتقيق البكري والعاروري )873/2(، وحاشية ابن قاسم )302/4(، بتصرف.‏<br />

)1333<br />

–<br />

( 536 )<br />

( 537 )<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وقال ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )873/2( ما نصه:‏ ‏"الكفار إما أهل حرب وإما أهل عهد وأهل العهد<br />

ثالثة أصناف:‏ ]1-[ أهل ذمة ]2-[ وأهل هدنة ]3-[ وأهل أمان<br />

،<br />

وقد عقد الفقهاء لكل صنف ‏َبَبً،‏ فقالوا:‏ ‏َبب اهلدنة ، ‏َبب<br />

األمان ‏َبب عقد الذمة ولفظ ‏"الذمة والعهد"‏ يتناول هؤالء كلهم <strong>يف</strong> األصل وكذلك لفظ ‏"الصلح"‏ فإن الذمة من جنس لفظ العهد<br />

= والعقد.‏<br />

=<br />

وقوهلم:‏ ‏"هذا <strong>يف</strong> ذمة فالن"‏ أصله من هذا:‏ أي <strong>يف</strong> عهده وعقده ، أي فألزمه ‏َبلعقد وامليثاق،‏ مث صار يستعمل <strong>يف</strong> كل ما ميكن أخذ<br />

احلق من جهته،‏ سواء وجب بعقده أو بغري عقده...‏ وهكذا لفظ ‏"الصلح عام <strong>يف</strong> كل صلح،‏ وهو يتناول صلح املسلمني بعضهم مع<br />

بعض،‏ وصلحهم مع الكفار،‏ ولكن صار <strong>يف</strong> اصطالح كثري من الفقهاء ‏"أهل الذمة"‏ عبارة عمن يؤدي اجلزية،‏ وهؤالء هلم ذمة مؤبدة<br />

وهؤالء قد عاهدوا املسلمني على أن جيري عليهم حكم هللا ورسوله إذا هم مقيمون <strong>يف</strong> الدار اليت جيري فيها حكم هللا ورسوله خبالف أهل<br />

اهلدنة فإهنم صاحلوا املسلمني على أن يكونوا <strong>يف</strong> دارهم سواء كان الصلح على مال أو غري مال،‏ ال جتري عليهم أحكام <strong>اإلسالم</strong> كما<br />

جتري على أهل الذمة لكن عليهم الكف عن حماربة املسلمني وهؤالء يسمون أهل العهد وأهل الصلح وأهل اهلدنة"‏ ، وقد أمر هللا ‏َبلوفاء


القسم الرابع:‏ املستأمنون:‏ ‏)واملستأمن <strong>يف</strong> األصل:‏ الطالب لألمان وهو الكافر يدخل دار <strong>اإلسالم</strong> أبمان(‏ )538(<br />

من غري استيطان هلا ومنهم الرسل والتجار واملستجريون.‏<br />

فأهل الذمة بينهم وبني املسلمني عهد خمصوص إبقرارهم <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> بعد الفتح مقابل التزامهم ‏َبجلزية<br />

ونفاذ أحكام <strong>اإلسالم</strong> فيهم مع بقائهم على دينهم.‏<br />

واملستأمن بينه وبني املسلمني عهد خمصوص بدخوله دار <strong>اإلسالم</strong> أبمان،‏ فاألمان ألهل الذمة مؤبد،‏<br />

وللمستأمنني مؤقت.‏<br />

أما املعاهد فهو أعم،‏ فالعهد هو الصلح أو اهلدنة أو املساملة أو املوادعة وتفاصيله تتلف ‏َبختالف األحوال<br />

واملصاحل فالذمي واملستأمن معاهد خمصوص،‏ أما املعاهد فهو أعم إذ ال يلزم أن يكون ذمياً‏ وال مستأمناً‏<br />

وعصمته ‏َبقية مع وجوده خارج داير املسلمني )539(<br />

ولكن حيث إن هذه املسألة متعلقة بدخول الكفار إىل بالد املسلمني وسياحتهم فيها فالذي يهمنا من هذه<br />

األصناف ثالثة:‏<br />

احلربيون .<br />

-1 املستأمنون .<br />

-2 -3<br />

أهل الذمة .<br />

فأما احلربيون فدخوهلم إىل بالد املسلمني ال خيلو من حالني :<br />

األوىل:‏ أن يكون بغري أمان<br />

‏َبلعهد وإمتام مدته <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

ووصف من نقضه ‏َبخلسران <strong>يف</strong> قوله:‏<br />

<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

والفرق بني عقد الذمة وعقد اهلدنة:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

( 538 )<br />

احلرب.‏<br />

أن عقد الذمة مؤبد،‏ أما اهلدنة فبحسب اجتهاد اإلمام املصلحي.‏<br />

أن عقد الذمة ال جيوز بدون عوض ‏)وهو دفع اجلزية(‏ خبالف عقد اهلدنة.‏<br />

أن عقد الذمة من شروطه االلتزام أبحكام <strong>اإلسالم</strong> العامة خبالف اهلدنة.‏<br />

أن أهل الذمة إقامتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> مؤبدة خبالف أهل اهلدنة.‏<br />

يلتزم املسلمون الدفاع عن أهل الذمة من كل معتد أما أهل اهلدنة فيحمون من اعتداء املسلمني وأهل الذمة عليهم دون أهل<br />

ينظر:‏ اختالف الدارين وآاثره،‏ د/عبد العزيز األمحدي،‏ ص )269(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ص<br />

.)358/10(<br />

( 539 )<br />

164، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي حتقيق الرتكي<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )121-120/7(، بتصرف .


الثانية:‏ أن يكون أبمان<br />

وقد قرر عامة الفقهاء حترمي دخول احلريب إىل بالد املسلمني إال حلاجة وال يدخل إال أبمان،‏ ألنه ال يؤمن أن<br />

يدخل جاسوساً،‏ أو متلصصاً،‏ أو لشراء سالح وحنو ذلك مما فيه ضرر على املسلمني.‏ )540(<br />

وقال احلنفية:‏ إن ادعى األمان ال يصدق فيه،‏ بل يطالب ببينة )541(<br />

وقال املالكية:‏ إن قال:‏ جئت أطلب األمان منكم،‏ أو أخذ أبرضنا ومعه جتارة وقال ظننتكم ال تتعرضون<br />

لتاجر أو أخذ على احلدود وقال حنو ذلك فريد ملأمنه <strong>يف</strong> هذه احلاالت ما مل توجد قرينة على كذبه.‏ )542(<br />

وقال الشافعية:‏ إن قال:‏ دخلت لسماع كالم هللا تعاىل أو دخلت رسوالً.‏ سواء أكان معه كتاب أو ال،‏ أو<br />

قال:‏ دخلت أبمان مسلم صدق ومل يتعرض له الحتمال ما يدعيه،‏ وقصد ذلك يؤمنه من غري احتياج إىل<br />

أتمني.‏ )543(<br />

وقال احلنابلة حنواً‏ من هذا فإن صدقته عادة كدخول جتارهم إلينا وحنوه فيكون شبهة <strong>يف</strong> درء القتل عنه )544(<br />

فاألحناف يطالبون ‏َبلبينة،‏ إلمكاهنا غالباً،‏ وألن الثابت ‏َبلبينة كالثابت ‏َبملعاينة.‏ )545(<br />

واجلمهور على درء القتل عنه ‏َبلقرائن السابق ذكرها ما مل يتبني كذبه،‏ وعلل الشافعية أبن قصده لسماع<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كالم هللا يؤمنه )546 ) كما قال تعاىل:‏ <br />

)547(<br />

ُ <br />

<br />

<br />

<br />

( 540 )<br />

( 541 )<br />

( 542 )<br />

( 543 )<br />

( 544 )<br />

( 545 )<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ لكمال بن اهلمام )270/5(، حاشية ابن عابدين )278/6( ، شرح السري الكبري للسرخسي )1541/4-<br />

1542( ، بدائع الصنائع،‏ الكاساين )176/7(، الكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )484-481/1(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس<br />

)487/1(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )562/4(، حاشية الدسوقي )201/2( التاج واإلكليل ، للمواق )595/4(، وشرح خمتصر<br />

خليل،‏ للخرشي )145/3(، األم،‏ للشافعي )204/4( اجملموع شرح املهذب،‏ للنووي،‏ حتقيق املطيعي )267/21( وروضة الطالبني،‏<br />

للنووي )308/10(، واملغين،‏ البن قدامة )244/13( ومنتهى اإلرادات،‏ للفتوحي،‏ حتقيق الرتكي )245/2(، كشاف القناع،‏ للبهويت<br />

)1367/2(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي )361-358/10(، واملوسوعة<br />

الفقهية الكويتية )107-106/7(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )308/1(، حاشية ابن عابدين )295/6( شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )266/5(، بدائع<br />

الصنائع،‏ للكاساين )173/7(.<br />

ينظر:‏ الكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )468/1(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )562/4(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )479/1(.<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )248-188/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )319/10(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )236/4(، تكملة اجملموع،‏<br />

للنووي،‏ للمطيعي )254-115/21( و<strong>يف</strong> املوسوعة الكويتية )17/7(: ‏)واللجنة ترى أن هذا األمر من اخلطورة مبكان،‏ وال بد من<br />

التثبت من صدق ادعائه(.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )236/13( منتهى اإلرادات للفتوحي )234/2( وكشاف القناع،‏ للبهويت )1333/2( واملقنع مع الشرح<br />

الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي حتقيق الرتكي )361-358/10(.<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )308/1(، شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )266/5(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )173/7(،<br />

حاشية ابن عابدين )295/6(، واملوسوعة الكويتية )107/7(، بتصرف.‏


وعلل احلنابلة أبن ما ادعاه ممكن ويتعذر إقامة البينة عليه فال يتعرض له ، وجلراين العادة جمرى الشرط.‏<br />

فيصدق إن كان معه جتارة يتجر هبا،‏ ألهنا ال حتصل بغري مال،‏ ويصدق <strong>يف</strong> دعوى الرسالة إن كانت معه .<br />

أما إن قال أمنين مسلم ففيه وجهان :<br />

األول:‏ يقبل تغليباً‏ حلقن دمه كالرسول والتاجر .<br />

والثاين:‏ ال يقبل،‏ إلمكان النية .<br />

فإن قال مسلم:‏ أان أمنته قبل قوله ألنه ميلك ذلك فقبل قوله فيه.‏ )548(<br />

ولعل األقرب ما ذهب إليه األحناف إلمكان إقامة البينة <strong>يف</strong> هذا الزمان،‏ وملا <strong>يف</strong> التساهل <strong>يف</strong> هذا األمر من<br />

خطورة على <strong>اإلسالم</strong> وأهله )549(<br />

وأما املستأمن والذمي فتنقسم سياحتهم <strong>يف</strong> بالد املسلمني حبسب أمهيتها وقدسيتها إىل ثالثة أقسام:‏<br />

األول:‏ املساجد واألماكن املقدسة.‏<br />

الثاين:‏ جزيرة العرب.‏<br />

الثالث:‏ ما عدا ذلك من داير املسلمني.‏<br />

وسيتم تناول هذه األقسام <strong>يف</strong> املسائل التالية بعون هللا تعاىل .<br />

املسألة الثانية:‏ سياحة الكفار <strong>يف</strong> املساجد واألماكن املقدسة :<br />

للمساجد حرمتها <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> ومكانتها العظيمة <strong>يف</strong> قلوب املؤمنني وللحرمني الشر<strong>يف</strong>ني املنزلة الرفيعة السامية،‏<br />

وقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حكم دخول الكفار هلذه األماكن املقدسة الشر<strong>يف</strong>ة وبيان ذلك على النحو التايل :<br />

أوالً:‏ حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> احلرم املكي ودخول املسجد احلرام :<br />

سبب اخلالف <strong>يف</strong> املسألة :<br />

( 546 )<br />

( 547 )<br />

( 548 )<br />

( 549 )<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )188/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )279-319/10(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )236/4(، تكملة اجملموع<br />

للنووي،‏ للمطيعي )254-115/21(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1336/2(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية )6(.<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )360/1( روضة الطالبني،‏ للنووي )279/10( مغين احملتاج،‏ للشربيين،‏ )237/4( املغين،‏<br />

البن قدامة )236/13(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1336/2(، منتهى اإلرادات ، للفتوحي )235/2( ، واملقنع مع الشرح الكبري<br />

واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )361-358/10(.<br />

والنظام <strong>يف</strong> هذا العصر يضبط دخول وخروج كل شخص جبوازات وأوراق رمسية وقد حيصل شيء من الدخول غري النظامي والتسلل<br />

خفية لكنه اندر.‏


هو اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> فهم النصوص ال سيما آية التوبة فنمهم من نظر إىل ظاهر اآلية ومنطوقها فمنع<br />

ذلك ومنهم من نظر إىل سبب النزول وأن القصد هو عدم متكني الكفار من احلج ال منعهم من دخول<br />

احلرم،‏ كما اختلفوا <strong>يف</strong> املراد ‏َبملشركني <strong>يف</strong> اآلية فمنهم من عمم مجيع الكفار ‏َبملنع ومنهم من خص ذلك<br />

بعبدة األواثن الختصاصهم بوصف الشرك دون أهل الكتاب.‏ )550(<br />

حترير حمل النزاع:‏<br />

اتفق الفقهاء على منع الكفار من السكن واإلقامة <strong>يف</strong> احلرم <br />

لقوله سبحانه:‏ <br />

)551(<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> اجتيازه<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)552(<br />

بصورة مؤقتة وذلك على أقوال :<br />

القول األول:‏ املنع من ذلك مطلقاً‏ :<br />

وقال به بعض املالكية وهو قول الشافعية واملذهب عند احلنابلة والظاهرية.‏ )553(<br />

القول الثاين:‏ جواز دخول الذمي:‏<br />

وقال به احلنفية و<strong>يف</strong> رواية للحنفية:أن مجيع الكفار ال مينعون ، بل حىت لو دخله حريب ال يقتل،‏ ألمانه<br />

بدخول احلرم )554(<br />

القول الثالث:‏ جواز دخوهلم للحرم إبذن اإلمام أو أبمان أما املسجد احلرام فيمنعون منه.‏<br />

( 550 )<br />

( 551 )<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ عبدهللا بن حممد األمني الشنقيطي،‏ ص)‏‎27‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.28<br />

( 552 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )88/3( شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي )327/3( شرح السري الكبري )134/1( ، شرح فتح القدير<br />

للكمال )497/8( حاشية ابن عابدين )337-332/6(، أحكام القرآن،‏ للقرطيب )104/4(، والبن العريب )913/2(، األم،‏ لشافعي<br />

)178/4( وتكملة اجملموع للنووي ، للمطيعي )244/21( وروضة الطالبني ، للنووي )308/10( ، املغين،‏ البن قدامة )245/13(،<br />

منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي،‏ حتقيق الرتكي )245/2( وكشاف القناع للبهويت )1365/2( واملوسوعة الفقهية الكويتية<br />

)188/17( ، بتصرف.‏<br />

( 553 )<br />

( 554 )<br />

ينظر : أحكام القرآن،‏ البن العريب )914/2(، وللقرطيب )105/4(، وأحكام القرآن،‏ للشافعي )84/1( واألم ، للشافعي<br />

)177/4( واجملموع ، للنووي تكملة املطيعي )247/21(، وروضة الطالبني ، للنووي )309/10(، وتفسري ابن كثري )429/2(،<br />

واملغين،‏ البن قدامة )245/13(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )342/10(، ومنتهى<br />

اإلرادات للفتوحي )245/2(، وكشاف القناع ، للبهويت )1365/2( واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وَشس الدين أيب<br />

الفرج ابن قدامه واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي )466/10( واحمللى،‏ البن حزم )243/4( وقد خص الشافعي وابن حزم املنع ‏َبملسجد احلرام<br />

دون غريه كما سيأيت بيان ذلك.‏<br />

ينظر:‏ أحكم القرآن للجصاص )88/3(، شرح السري الكبري،‏ للشيباين،‏ إمالء السرخي )134/1(، شرح فتح القدير للكمال بن<br />

اهلمام )497/8(، حاشية ابن عابدين )337-332/6(.


وقال به املالكية وهو احتمال عند احلنابلة )555(<br />

<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول بعموم قول هللا تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

)556(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ووجه الداللة :<br />

أن النهي عن قرب املسجد احلرام صريح <strong>يف</strong> حترمي دخوله،‏ ومنع من دخول حرمه،‏ ألن حرمه هو قربه،‏ واملسجد<br />

احلرام يطلق على احلرمكله ، وقد علل منعهم من دخول املسجد احلرام ‏َبتصافهم ‏َبلنجاسة،‏ واملساجد مأمور<br />

بتطهريها من سائر النجاسات ومن مجيع القاذورات.‏<br />

وإذا كان املسلم اجلنب مينع من املكث <strong>يف</strong> املسجد مع أن املسلم ال ينجس حياً‏ وال ميتاً‏ فمن ‏َبب أوىل<br />

الكافر النجس،‏ فاهلل تعاىل يقول:‏ <br />

)557( <br />

<br />

-1<br />

وهذا يشمل النجاسات احلسية واملعنوية،‏ والكافر<br />

ال خيلوا عن جنابة ألنه ال يغتسل اغتساالً‏ خيرجه عنها.‏ )558(<br />

كما استدل أصحاب هذا القول ‏َبآلايت واألحاديث املتوافرة <strong>يف</strong> النهي عن دخول الكفار للمساجد عموماً،‏<br />

فاملسجد احلرام من ‏َبب أوىل وسيأيت بيان تلك األدلة.‏ )559(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />

اآلية السابقة :<br />

( 555 )<br />

( 556 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للقرطيب )104/4(، واحملرر الوجيز البن عطية )454/6( والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن<br />

قندس حتقيق الرتكي )342/10(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1365/2(.<br />

سورة التوبة ، اآلية<br />

.28<br />

( 557 )<br />

( 558 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )453/6( وتفسري ابن كثري )429/2(<br />

وتكملة اجملموع )247/21( واملغين ، البن قدامه )245/13( وكشاف القناع ، للبهويت )1365/2(.<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير البن اهلمام )497/8(، وقال : ‏"ال يذهب عليك أن هذا الدليل لو م لدل على أن ال يدخل الكافر شيئاً‏<br />

من املساجد ومذهب الشافعي أنه ال جيوز دخول الكافر املسجد احلرام دون سائر املساجد فلم=‏ يكن هذا الدليل مالئماً‏ ملذهبه وإمنا<br />

=<br />

( 559 )<br />

كان مناسباً‏ ملذهب مالك كما ال خ<strong>يف</strong>ى"‏ وسيأيت بيان حكم دخول الكافر سائر املساجد <strong>يف</strong> مسألة اتلية إبذن هللا تعاىل،‏ وينظر:‏ أحكام<br />

القرآن ، البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(.<br />

<strong>يف</strong> ص )188( ألن املسجد احلرام أفضل أماكن العبادات للمسلمني وأعظمها وألنه حمل النسك فوجب أن مينع من دخوله غري<br />

املسلمني وألهنم أخرجوا النيب منه بغري حق فعوقبوا ‏َبملنع من دخوله بكل حال،‏ ينظر:‏ املبدع )423/3(، وأسىن املطالب<br />

.)214/4(


قالوا:‏ فالنهي وارد على املنع من دخول مكة للحج خاصة دون غريه بدليل حديث أيب هريرة <br />

حني أذن <strong>يف</strong> الناس يوم النحر:‏ ‏"ال حيج بعد العام مشرك وال يطوف ‏َبلبيت عراين"‏ )560(<br />

<br />

<br />

وبدليل قوله سبحانه:‏ <br />

فتقييد النهي به يدل على اختصاص املنهي عنه<br />

بوقت من أوقات العام،‏ أي ال حيجوا وال يعتمروا بعد حج عامهم هذا،‏ وبدليل قوله سبحانه:‏ <br />

)561(<br />

<br />

وإمنا كان خوف العيلة بسبب منع<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

املشركني من احلج وقد كانوا يغنون املسلمني بتجارهتم <strong>يف</strong> موسم احلج.‏ )562(<br />

2- أن املراد ‏َبآلية هم املشركون دون أهل الذمة للتفريق بينهم ‏،كما <strong>يف</strong> قوله تعاىل:‏ <br />

)563(<br />

<br />

<br />

، فهم أهل كتاب<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وليسوا مشركني أصالً‏ والنهي خاص ‏َبملشركني ألهنم مل تكن هلم ذمة،‏ وال يقبل منهم إال <strong>اإلسالم</strong> أو<br />

الس<strong>يف</strong>.‏<br />

وعلى هذا فآية التوبة عند أيب حن<strong>يف</strong>ة خاصة ‏َبملسجد احلرام وعبدة األواثن فيجوز عنده دخول<br />

اليهود والنصارى للمسجد احلرام،‏ ودخول عبدة األواثن ملا عداه من احلرم.‏ )564(<br />

)565( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومما يؤيد هذا التفريق قوله تعاىل <br />

فإنه ملا منع املشركون من احلج انقطع عن املسلمني ما كان جيلبه املشركون إليهم من املرية،‏ فأعاضهم<br />

)566(<br />

هللا ‏َبجلزية فكأن اآلية نبهت على دخول الكتايب للحرم عوضاً‏ عن املشركني من عباد األواثن.‏<br />

)567(<br />

قول جابر بن عبدهللا <strong>يف</strong> اآلية:‏ ‏"إال أن يكون عبداً‏ أو أحداً‏ من أهل الذمة"‏<br />

)568(<br />

جواز دخول العبيد وأهل الذمة إىل املسجد احلرام.‏<br />

فدل على<br />

-3<br />

( 560 )<br />

( 561 )<br />

( 562 )<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلزية،‏ ‏َبب ك<strong>يف</strong> ينبذ إىل أهل العهد ‏)ص‎257‎‏(‏ رقم )3177(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.28<br />

( 563 )<br />

( 564 )<br />

( 565 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )88/3( ، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )215/5( قال:‏ ‏"ومعلوم أن خوف العيلة إمنا يتحقق مبنعهم<br />

عن دخول مكة ال عن دخول املسجد احلرام نفسه ألهنم إذا دخلوا مكة ومل يدخلوا املسجد احلرام ال يتحقق خوف العيلة...‏ إال أنه<br />

سبحانه وتعاىل ذكر املسجد احلرام ملا كان املقصد من إتيان مكة البيت والبيت <strong>يف</strong> املسجد"‏ وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4(، واحملرر<br />

الوجيز )454/6( وروح املعاين،‏ لأللوسي )270/5( والدرر املنثور،‏ للسيوطي )306/7( وفتح الباري،‏ البن حجر )174/8(.<br />

سورة احلج،‏ اآلية<br />

.17<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )88/3(، واحملرر الوجيز ، البن عطية )452/6(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.28<br />

( 566 )<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ حتقيق البكري والعاروري )400/1(، بتصرف.‏


وعن جابر مرفوعاً:‏ ‏"ال يدخل املسجد احلرام مشرك بعد عامي هذا أبداً‏ إال أهل العهد أو<br />

خدمهم"‏ )569(<br />

فدل على جواز دخول بعض الكفار <strong>يف</strong> املسجد احلرام.‏ )570(<br />

قياس دخول الكفار ملكة على دخوهلم مسجد رسول هللا كما <strong>يف</strong> قصة أيب سفيان ومثامة<br />

)571(<br />

احلنفي،‏ ووفد ثق<strong>يف</strong><br />

-4<br />

-5<br />

‏)وألن اخلبث <strong>يف</strong> اعتقادهم فال يؤدي إىل تلويث املسجد(‏ )572(<br />

واستدل أصحاب القول الثالث ‏َبآلية السابقة أيضاً‏ ووجه الداللة:‏ أن النهي عن قرب املسجد احلرام يتناول<br />

البيت احلرام وما حوله من املسجد دون بقية احلرم.‏<br />

واآلية نصت على منع دخول املشركني للمسجد احلرام ويقاس سائر الكفار من أهل الكتاب وغريهم على<br />

املشركني وتقاس سائر املساجد على املسجد احلرام )573(<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

( 567 )<br />

( 568 )<br />

( 569 )<br />

( 570 )<br />

( 571 )<br />

أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏ ‏َبب ال بدخل احلرم مشرك )53/6(، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )305/7(، وابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه<br />

)108/10( ، وابن أيب حام )1775/6( وابن املنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر،‏ ينظر:‏ تفسري ابن كثري )429/2(، مث قال:‏<br />

‏"تفرد به أمحد مرفوعاً‏ واملوقوف أصح إسناداً"‏ و<strong>يف</strong> قول احلافظ رمحه هللا ما يشعر بعدم صحة املرفوع.‏<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ‏)ص<br />

.)21<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )392-339/3( ، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )305/7( .<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎20‎<br />

، بتصرف.‏<br />

( 572 )<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للشيباين إمالء السرخسي )134/1(، شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع للكاساين<br />

)215/5( أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ )398/1( ، بتصرف ومثامة هو:‏ ابن ااثل بن النعمان بن سلمة بن عتيبة احلنفي اليمامي،‏<br />

ثبت على إسالمه ملا ارتد أهل اليمامة وارحتل هو ومن أطاعه من قومه فلحقوا ‏َبلعالء بن احلضرمي فقاتل معه املرتدين من أهل البحرين<br />

فلما ظفروا اشرتى مثامة حلة كانت لكبريهم فرآها عليه انس من بين قيس بن ثعلبة فظنوه قاتله وسالبه فقتلوه و<strong>يف</strong> البخاري قصة إسالمه<br />

وربط النيب له <strong>يف</strong> املسجد مث رجوعه لليمامة ومنعه املرية عن قريش،‏ ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر ‏)‏‎211/2-1‎‏(،وسيأيت تريج األحاديث<br />

ص‎186‎و‎188‎<br />

قال <strong>يف</strong> شرح فتح القدير:‏ )497/8( : قال بعض املتأخرين:‏ ‏"ظاهرة أن هذا دليل آخر وال وجه له فحق التعبري حذف حرف التعليل<br />

ليكون إشارة إىل أن يقال ك<strong>يف</strong> أنزهلم <strong>يف</strong> مسجده وقد وصفهم هللا بكوهنم أجناساً..‏ أقول:‏ ليس ذاك بشيء إذ ال شك <strong>يف</strong> صحة أن<br />

يكون هذا دليالً‏ آخر عقلياً‏ لنا فإن اخلبث إذا كان <strong>يف</strong> اعتقادهم ال يؤدي إىل تلويث املسجد فال يكون <strong>يف</strong> دخوهلم املسجد أبس ال<br />

حمالة...‏ وكونه دليالً‏ مستقالً‏ على أصول املدعى ال ينا<strong>يف</strong> أن يتضمن اجلواب – أي عن االعرتاض السابق<br />

–<br />

( 573 )<br />

كثرياً‏ علة النص دليالً‏ مستقالً‏ عقلياً‏ على أصل املسألة إفادة للفائدتني معاً‏ وما حنن فيه أيضاً‏ من ذلك القبيل".‏<br />

وينظر:‏ بدائع الصنائع ، للكاساين )215/5(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )23/6(.<br />

ومن عادة املصنف أنه جيعل<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للقرطيب،‏ )105-104/4( وأحكام القرآن البن العريب )913/2(، احملرر الوجيز،‏ البن عطية )452/6(<br />

وأحكام أهل الذمة ، البن القيم )400/1(.


نوقش استدالل أصحاب القول األول ‏َبآلية أبهنا حممولة على احلضور استيالء واستعالء أو طائفني عراة كما<br />

كانت عادهتم <strong>يف</strong> اجلاهلية،‏ وأبن النهي املراد به النهي عن متكينهم من<br />

احلج والعمرة بدليل تقييد النهي بقوله:‏<br />

مما يدل على اختصاص املنهي عنه بوقت من أوقات العام.‏<br />

)574(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وميكن اجلواب عن أدلة القول الثاين مبا يلي :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

أن املنع من القرب مطلق يشمل القرب للحج ولغريه،‏ وتصيص احلج ‏َبلذكر لئال يتوهم السامع<br />

تصيص املنع ‏َبلدخول للتجارة وغريها واستثناء احلج من ذلك،‏ فاآلية جاءت للمنع من دخول<br />

املشركني للمسجد احلرام مطلقاً‏ حلج أو غريه وهي صرحية <strong>يف</strong> املنع ولو مل يقصدوا احلج ولكن ملا كان<br />

احلج هو املقصود األعظم صرح هلم ‏َبملنع فيكون ما وراءه أوىل ‏َبملنع.‏ )575(<br />

أن النهي ظاهره العموم لكل وقت،‏ والتخصيص ال بد له من دليل.‏ )576(<br />

أن أهل الذمة وإن كان أصل دينهم التوحيد وأهنم ليسوا مشركني <strong>يف</strong> األصل بل الشرك طارئ عليهم<br />

إال أهنم من املشركني ‏َبعتبار ما عرض هلم ال ‏َبعتبار أصل الدين،‏ فإن قدر أهنم مل يدخلوا <strong>يف</strong> لفظ<br />

اآلية،‏ دخلوا <strong>يف</strong> عمومها املعنوي وهو كوهنم جنساً،‏ واحلكم يعم بعموم علته.‏ )577(<br />

)578(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

قال ابن حزم:‏ ‏"فلو كان ها هنا كفر ليس شرك،‏ لكان مغفوراً‏ ملن شاء هللا تعاىل خبالف الشرك وهذا<br />

)579(<br />

ال يقوله مسلم"‏<br />

وقد أخرب هللا تعاىل أبن اليهود يعبدون عزيزاً‏ وأن النصارى يعبدون عيسى بن مرمي وصرح بكفرهم .<br />

)580(<br />

اآلية <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

وقال سبحانه ‏–حكاية عنهم-:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

( 574 )<br />

( 575 )<br />

( 576 )<br />

( 577 )<br />

( 578 )<br />

( 579 )<br />

( 580 )<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )134/1(، وشرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )497/8(، وتبيني احلقائق للزيلعي )23/6( ، وقال السرخسي:‏ "<br />

واملراد القرب من حيث التدبري والقيام بعمارة املسجد احلرام وبه نقول إن ذلك ليس إليهم،‏ وال ميكنون منه حبال".‏<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )176/8( ، وأحكام <strong>السياحة</strong> ، هلاشم انقور،‏ ص‎212‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ فتح القدير ، للشوكاين )500/2( ، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ )400-399/1(، بتصرف.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية )48(.<br />

احمللى )245-244/4(.<br />

سورة البينة،‏ اآلايت ‏)‏‎1‎‏-آخرها(‏


)581(<br />

<br />

فتبني من هذا مشاركة اليهود والنصارى للمشركني <strong>يف</strong> الكفر والشرك ‏َبهلل تعاىل وقد حكم هللا على املشركني<br />

<br />

<br />

<br />

‏َبلنجاسة وأمر بتطهري املساجد منها.‏ )582(<br />

وأما استدالهلم بقوله سبحانه:‏ <br />

اآلية<br />

فليس فيه ما يدل على دخول أهل اجلزية للمسجد احلرام بوجه ما بل تؤخذ منهم وحتمل إىل هناك على أن<br />

اإلغناء من فضل هللا وقع ‏َبلفتوح والفيء والتجارات اليت محلها املسلمون إىل مكة.‏ )583(<br />

وأما ما نقل عن جابر فقال ابن العريب:‏ ‏"وهذا قول ‏َبطل وسند ضع<strong>يف</strong> ال خيص مبثله العمومات املطلقة<br />

فك<strong>يف</strong> املعللة ‏َبلعلة العامة املتناولة جلميعها،‏ وهي الشرك؟"‏ )584(<br />

وأما القياس على املسجد النبوي فال يصح ألن حلرم مكة أحكام خيالف هبا املدينة،‏ على أن املدينة ليست<br />

حرماً‏ عند أيب حن<strong>يف</strong>ة.‏<br />

مث إن دخوهلم ملسجد النيب كان حلاجة املسلمني فقد كانوا أيتون ملخاطبة الرسول وتسليمه الرسائل<br />

ويسمعون منه الدعوة ومل يكن ليخرج من املسجد لكل من قصده من الكفار فكانت املصلحة <strong>يف</strong><br />

دخوهلم أعظم من املفسدة خبالف احلرم املكي وسائر املساجد فال حاجة وال مصلحة <strong>يف</strong> دخوهلم )585(<br />

)586(<br />

وما ذكروه من التعليل فهو <strong>يف</strong> مقابلة النص وهذا ‏َبطل.‏<br />

<br />

وجياب عن دليل القول الثالث أبن املراد ‏َبملسجد احلرام <strong>يف</strong><br />

اآلية احلرم،‏ لقوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

أي ضرراً‏ بتأخري اجللب عن احلرم دون املسجد )587(<br />

، ويؤيد ذلك قوله تعاىل:‏ <br />

<br />

( 581 )<br />

( 582 )<br />

( 583 )<br />

( 584 )<br />

( 585 )<br />

سورة التوبة،‏ اآلايت )31-30(<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎24‎<br />

، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )398/1(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )454/6(، وتفسري ابن كثري )430/2(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )913/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 26<br />

( 586 )<br />

( 587 )<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ )408-398/1(، بتصرف،‏ و<strong>يف</strong> هذا القياس خمالفة ألصول احلنفية كما قال <strong>يف</strong> كشف األسرار<br />

)85-83/3(: ‏"والقياس ال يصلح شاهداً‏ ألحد من اجلانبني أو مثبتاً‏ للحكم ها هنا ألنه ال يصلح لنصب احلكم ابتداء إذ القياس<br />

لتعدية احلكم ال لإلثبات ابتداء،‏ ألن نصب أحكام الشرع ‏َبلرأي ‏َبطل وهلذا ال جيوز إثبات حرم املدينة"‏ أي ‏َبلقياس،‏ فك<strong>يف</strong> جيوزون<br />

دخول الكافر ملكة قياساً‏ على دخوله املسجد النبوي؟!‏<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ للكمال بن اهلمام )498-497/8(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )88/3( واملغين،‏ البن قدامة )245/13(.


)588(<br />

<br />

وإمنا أسري به من خارج املسجد<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

احلرام فدل على ‏َشول املسجد احلرام للحرم كله.‏ )589(<br />

وهبذا يرتجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة واجلواب عن أدلة خمالفيهم وملا للحرم املكي من<br />

منزلة عظيمة ومكانة رفيعة <strong>يف</strong> قلوب املسلمني فهو قبلتهم ومهوى أفئدهتم وفيه نزل الوحي ومنه انطلقت<br />

رسالة <strong>اإلسالم</strong> فوجب تصيصه وتنزيهه من دنس الكفار ورجس املشركني ال سيما إذا كانوا سياحاً‏ ففي<br />

دخوهلم للنزهة إذالل ومهانة ملقدسات املسلمني وضرر على أخالقهم ودينهم وال تلوا سياحتهم من اإلحلاد<br />

)590( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> رمحه هللا:‏ ‏"املعاصي <strong>يف</strong> األايم املعظمة واألمكنة املعظمة تغلظ معصيتها وعقاهبا بقدر<br />

)591(<br />

فضيلة الزمان واملكان"‏<br />

)592(<br />

وال تلوا سياحة هؤالء وأمثاهلم من املعاصي واملنكرات<br />

وهبذا أفىت مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم حيث قال:‏ ‏"الذي نص عليه العلماء أن الكفار مينعون من دخول حرم<br />

مكة املكرمة ومن اإلقامة فيه وهو ما أدخلته األميال،‏ لقوله تعاىل:‏<br />

<br />

<br />

وألنه حمل املناسك واملشاعر املفضلة فوجب أن مينع منه من ال يؤمن<br />

هبا،‏ ومن دخله منهم عزر وأخرج ولو مريضاً‏ أو ميتاً،‏ وينبثى إن دفن به"‏ )593(<br />

كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ‏َبململكة العربية السعودية.‏ )594(<br />

( 588 )<br />

سورة اإلسراء،‏ اآلية 1، وينظر:‏ تكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )247/21(، واملغين،‏ البن قدامة )245/13(، كشاف القناع<br />

للبهويت )1365/2(.<br />

( 589 )<br />

قال ابن القيم <strong>يف</strong> أحكم أهل الذمة )400/1(: ‏"املسجد احلرام يراد به <strong>يف</strong> كتاب هللا تعاىل ثالثة أشياء:‏ نفس البيت،‏ واملسجد الذي<br />

والثاين:‏ كقوله تعاىل:‏ إِّنَّ‏ الَّذِّينَ‏ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ‏<br />

حوله ، واحلرم كله،‏ فاألول:‏ كقوله تعاىل:‏<br />

‏ُف فِّيهِّ‏ وَالْبَاِّد على أنه قد قيل:‏ إن املراد به ها هنا احلرم كله والناس سواء<br />

عَن سَبِّيِّل اَّللَِّّ‏ وَالْمَسْجِّ‏ دِّ‏ احلَْرَامِّ‏ الَّذِّي جَعَلْنَاهُ‏ لِّلنَّاسِّ‏ سَوَاء الْعَاكِّ‏<br />

وإمنا أسري به من داره<br />

فيه،‏ والثالث:‏ كقوله:‏<br />

<br />

،<br />

<br />

<br />

من بيت أم هان ومجيع الصحابة واألئمة فهموا من قوله تعاىل:‏<br />

كلها واحلرم ومل خيص ذلك أحد منهم بنفس املسجد الذي يطاف فيه"ا.ه .<br />

<br />

( 590 )<br />

( 591 )<br />

( 592 )<br />

( 593 )<br />

سورة احلج،‏ اآلية<br />

.25<br />

املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية،‏ مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم )182/3(.<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص‎216‎‏.‏<br />

فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم بن عبداللط<strong>يف</strong> آل الشيخ،‏ مجع وحتقيق حممد بن عبدالرمحن بن قاسم<br />

أن املراد مكة<br />

.)255/6-05<br />

( 594 )<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء،‏ مجع أمحد الدويش )99/2(.


اثنياً:‏ حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> احلرم النبوي :<br />

املسجد النبوي هو أفضل املساجد بعد املسجد احلرام واملدينة أفضل البالد بعد مكة وقد ورد <strong>يف</strong> فضلها<br />

إىل أن املدينة حرم له حدود<br />

أحاديث متعددة،‏ وذهب مجهور الفقهاء من املالكية والشافعية واحلنابلة )595(<br />

وأحكام تتلف عن سائر البقاع كما تتلف عن حرم مكة <strong>يف</strong> بعض األحكام واستدلوا أبحاديث منها:‏ قوله<br />

: <br />

‏))إن إبراهيم حرم مكة ودعا هلا وحرمت املدينة كما حرم إبراهيم مكة ودعوت هلا <strong>يف</strong> مدها وصاعها<br />

)596(<br />

مثل ما دعا إبراهيم عليه السالم ملكة"‏<br />

وقال <br />

: ‏))املدينة حرم فمن أحدث فيها حداثً‏ أو آوى حمداثً‏ فعليه لعنة هللا واملالئكة والناس أمجعني ال<br />

يقبل منه يوم القيامة عدل وال صرف((‏ )597(<br />

و<strong>يف</strong> رواية:‏ ‏))املدينة حرم ما بني عري إىل ثور فمن أحدث فيها حداثً‏ أو آوى حمداثً‏ فعليه لعنة هللا واملالئكة<br />

والناس أمجعني،‏ ال يقبل هللا منه يوم القيامة صرفاً‏ وال عدالً((‏ )598(<br />

( 595 )<br />

ينظر:‏ املدونة،‏ لإلمام مالك )479/1(، فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد <strong>يف</strong> اختصار تريج أحاديث<br />

التمهيد،‏ للمغراوي )202/9(، واملنتقى شرح املوطأ،‏ للباجي )242/2(، وشرح خمتصر خليل،=‏ ‏=للخرشي )389/2( وعقد اجلواهر<br />

الثمينة،‏ البن شاس )441/1(، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبري )80-79/2( ، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )41/4(، الفروق ،<br />

للقرا<strong>يف</strong> ‏)‏‎229/2‎‏-وما بعدها(،‏ روضة الطالبني،‏ للنووي )310/10(، تكملة اجملموع،‏ للمطيعي ‏)‏‎253/21‎‏-وما بعدها(،‏ مغين احملتاج<br />

للشربيين )529/1(، األشباه والنظائر،‏ للسيوطي،‏ ص‎420‎‏،‏ األحكام السلطانية،‏ للماوردي ‏)ص/‏ 213( ، املغين،‏ البن قدامة<br />

)190/5(، الفروع،‏ البن مفلح مع تصميم املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )20/6(، ونيل األوطار،‏ للشوكاين )5-<br />

،)117/6<br />

( 596 )<br />

( 597 )<br />

( 598 )<br />

وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد:‏ ‏"وإن تنازعوا <strong>يف</strong> حترمي املدينة والصواب املقطوع به حترميها إذ قد صح فيه بضعة وعشرون حديثاً‏<br />

عن رسول هللا ال مطعن فيها بوجه"‏ ينظر:‏ زاد املعاد،‏ حتقيق عبدالقادر وشعيب األرانؤوط )388/3(.<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري،‏ كتاب البيوع،‏ ‏َبب:‏ بركة صاع النيب ومده ص)‏‎166‎‏(‏ رقم )2129( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج،‏ ‏َبب<br />

فضل املدينة ودعاء النيب فيها ‏َبلربكة،‏ )904( رقم )1360(.<br />

أخرجه مسلم،‏ كتاب احلج،‏ ‏َبب فضل املدينة ودعاء النيب فيها ‏َبلربكة ص)‏‎905‎‏(‏ رقم )1371(.<br />

أخرجه مسلم ، كتاب احلج،‏ ‏َبب فضل<br />

املدينة ، )905( رقم 1370(<br />

للنووي )153/10-9(.<br />

وعري وثور جبالن <strong>يف</strong> املدينة،‏ ينظر:‏ شرح صحيح مسلم،‏<br />

و<strong>يف</strong> رواية:‏ ‏))ما بني البتيها حرام((‏ قال ابن عبدالرب:‏ ‏"و<strong>يف</strong> هذا احلديث من الفقه حترمي املدينة وإذا كانت حراماً‏ مل جيز فيها االصطياد،‏ وال قطع<br />

الشجر كهيئة مكة إال أنه ال جزاء فيه عند العلماء"‏<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )202/9(، و<strong>يف</strong> املغين:‏ ‏)قال أهل العلم ‏َبملدينة:‏ ال نعرف هبا ثوراً‏ وال عرياً‏ وإمنا مها جبالن<br />

مبكة فيحتمل أن النيب أراد قدر ما بني ثور وعري وحيتمل أنه أراد جبلني ‏َبملدينة ومسامها ثوراً‏ وعرياً‏ جتوزاً(‏ )191/5( وقيل ثور غلط من الرواة<br />

والصحيح ‏)أحد(‏ ورد أبن وراءه جبالً‏ صغرياً‏ يقال له ثور فأحد من احلرم.‏<br />

ينظر:‏ أسىن املطالب ، للسيوطي )524/1( وقال عياض ال معىن إلنكار عري ‏َبملدينة فإنه معروف،‏ وقال الطربي أخربين البصري أن<br />

حذاء أحد عن يساره جاحناً‏ إىل وراءه جبل صغري يقال له ثور وأنه كرر سؤاله للعارفني بتلك األرض عنه فكلهم أخربوه أن امسه ثور قال<br />

فعلمنا أن ذكره <strong>يف</strong> احلديث صحيح وأن عدم علم أكابر العلماء به لعدم شهرته وعدم حبثهم عنه"‏ ا.ه . ينظر:‏ نيل األوطار ، للشوكاين<br />

.)117/6-5(


ف ‏)دل احلديث على أن من أحدث حداثً‏ أو آوى حمداثً‏ <strong>يف</strong> غري املدينة أنه غري متوعد مبثل ما توعد به من<br />

فعل ذلك ‏َبملدينة،‏ ، فإذا كان قد علم أن من آوى أهل املعاصي أنه يشاركهم <strong>يف</strong> اإلمث،‏ فإن من رضي فعل<br />

قوم وعملهم التحق هبم،‏ ولكن خصت املدينة ‏َبلذكر لشرفها،‏ لكوهنا مهبط الوحي وموطن الرسول عليه<br />

الصالة والسالم ومنها انتشر الدين <strong>يف</strong> أقطار األرض فكان هلا بذلك مزيد فضل على غريها(‏ )599(<br />

)600(<br />

وخالف احلنفية <strong>يف</strong> ذلك فقالوا:‏ ليس للمدينة حرم وال مينع أحد من أخذ صيدها وشجرها وأجابوا عن<br />

، أو أهنا<br />

أدلة اجلمهور أبنه أراد بقاء زينتها كما ورد <strong>يف</strong> قوله:‏ ‏))ال هتدموا اآلطام فإهنا زينة املدينة((‏ )601(<br />

للتعظيم،‏ مث إهنا من أخبار اآلحاد فيما تعم به البلوى فال تقبل،‏ ألهنا لو كانت صحيحة الشتهر نقلها<br />

واستدل احلنفية حبديث أنس وفيه أنه قال:‏ ‏))اي أَب عمري ما فعل النغري((‏ )602(<br />

وهو طائر صغري كان يلعب به <strong>يف</strong> املدينة ولو كان حكم صيدها كحكم صيد مكة ملا أطلق له رسول هللا <br />

حبس النغري وال اللعب به وحبديث عائشة رضي هللا عنها وفيه ‏))كان آلل رسول هللا وحش فإذا خرج<br />

وهذا<br />

لعب واشتد وأقبل وأدبر فإذا أحس برسول هللا أنه قد دخل ربض فلم يرتمرم كراهية أن يؤذيه((‏ )603(<br />

‏َبملدينة و<strong>يف</strong> حرمها وقد كانوا أيوون فيه الوحش ويتخذوهنا ويغلقون دوهنا األبواب فدل على أن املدينة ليست<br />

كمكة واستدلوا من النظر أبن حرم مكة وحترمي صيدها متفق عليه قالوا ورأينا من أراد دخول مكة مل يكن له<br />

أن يدخلها إال حراماً‏ فكان دخول احلرم ال حيل حلالل كانت حرمة صيده وشجره كحرمته <strong>يف</strong> نفسه مث رأينا<br />

املدينة كل قد أمجع أنه ال أبس بدخوهلا للرجل حالالً‏ فلما مل تكن حمرمة <strong>يف</strong> نفسها كان حكم صيدها<br />

وشجرها كحكمها <strong>يف</strong> نفسها وكما كان صيد مكة إمنا حرم حلرمتها ومل تكن املدينة <strong>يف</strong> نفسها حراماً‏ مل يكن<br />

صيدها وال شجرها حراماً.‏ )604(<br />

( 599 )<br />

( 600 )<br />

( 601 )<br />

( 602 )<br />

( 603 )<br />

فتح الباري،‏ البن حجر،‏ )295/13( .<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر ، للطحاوي )195/4(، كشف األسرار عن أصول البزدوي ، للبخاري )85-83/3 و ‎389/4‎‏–وما<br />

بعدها(،‏ البحر الرائق شرح كنز الدقائق البن جنيم )45-44/3(، حاشية ابن عابدين )53-52/4(.<br />

أخرجه الطحاوي <strong>يف</strong> شرح معاين اآلاثر،‏ ‏َبب صيد املدينة )194/4(، والعيين <strong>يف</strong> عمدة القاري،‏ ‏َبب حرم املدينة )229/10( وقال:‏<br />

هذا إسناد صحيح ورواه البزار <strong>يف</strong> مسنده واآلطام مجع أطم بضم اهلمزة والطاء وهو بناء مرتفع فاملراد ابنيتها املرتفعة كاحلصون.‏<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب األدب ‏َبب الكنية للصيب،‏ ص‎522‎<br />

، رقم . 6203<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )209-150-113-112/6( بلفظ : ‏))كان آلل رسول هللا<br />

<br />

( 604 )<br />

وحش..((‏ والطحاوي <strong>يف</strong> شرح معاين<br />

اآلاثر،‏ ‏َبب صيد املدينة )195/4(، وقال اهليثمي:‏ ‏"رواه أمحد وأبو يعلى والبزار والطرباين <strong>يف</strong> األوسط ورجال أمحد رجال الصحيح"‏<br />

ينظر:‏ جممع الزوائد ، )4-3/9(.<br />

ينظر:‏ شرح معاين اآلاثر،‏ للطحاوي )196/4(، بتصرف،‏ وكشف األسرار للبخاري )389/4 وما بعدها(،‏ ويرجع خالف احلنفية <strong>يف</strong><br />

ذلك إىل أن هذه املسألة ال ميكن إثباهتا ‏َبلقياس على مكة كما تقدم قال البخاري:‏ ‏"ال حرم للمدينة عندان وعند الشافعي هلا حرم مثل<br />

حرم مكة <strong>يف</strong> حق األحكام فال ميكن إثباته وال نفيه ‏َبلتعليل بل يرجع فيه إىل النصوص"‏ مث أورد أدلتهم على أنه ال حرم هلا.‏<br />

وينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم )45-44/3( واملوسوعة الكويتية )205-204/17(، بتصرف.‏


وأجيب عما ذكروه ‏َبألحاديث الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> حترمي املدينة،‏ قال ابن عبد الرب:‏ ‏"قال أبو حن<strong>يف</strong>ة صيد<br />

املدينة غري حمرم وكذلك قطع شجرها وهذا احلديث حجة عليه مع سائر ما <strong>يف</strong> حترمي املدينة من اآلاثر"‏ )605(<br />

وقال عن أدلتهم:‏ ‏"ليس <strong>يف</strong> هذا كله حجة .. وما أتوله <strong>يف</strong> زينة املدينة فليس بشيء ألن الصحابة تلقوا حترمي<br />

املدينة بغري هذا التأويل ... و<strong>يف</strong> قول أيب هريرة:‏ ما ذعرهتا دليل على أنه ال جيوز ترويع الصيد <strong>يف</strong> حرم املدينة<br />

كما ال جيوز ترويعه <strong>يف</strong> احلرم...‏ والقول عندي <strong>يف</strong> هذا احلديث<br />

–<br />

يعين حديث عائشة-كالقول <strong>يف</strong> حديث<br />

النغري قال إمساعيل ابن إسحاق بعد أن ذكر اآلاثر <strong>يف</strong> حترمي ما بني البيت املدينة:‏ ‏"إين ألعجب ممن رد هذه<br />

األحاديث،‏ حبديث أنس اي أَب عمري ما فعل النغري ؟!"‏ )606(<br />

وما ذكروه إمنا يدل على أن حرم مكة أعظم من حرم املدينة كما يبني اختصاص حرم املدينة جبواز أخذ ما<br />

تدعو إليه احلاجة من شجره وأن من صاد صيداً‏ خارجه مث أدخله مل يلزمه إرساله لظاهر قوله ‏))اي أَب عمري ما<br />

فعل النغري((‏ فدل على إَبحة إمساكه ‏َبملدينة إذ مل ينكر ذلك و<strong>يف</strong> جزاء صيد حرم املدينة خالف واألكثر<br />

على أنه ال جزاء فيه جلواز دخوله بال إحرام خبالف مكه،‏ ولكن كل هذا ال مينع كون املدينة حرماً‏ للنصوص<br />

الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> ذلك،‏ وقد قبلوا ما جاء <strong>يف</strong> حترمي مكة وليس هذا أبقل منه )607( ، مث ال يلزم من احلرمة<br />

الضمان وال من عدمها عدمه،‏ وما ذكروه من التعليالت فهي <strong>يف</strong> مقابلة النصوص الصحيحة وهذا ‏َبطل )608(<br />

، ولذا قال <strong>يف</strong> املصنف:‏ ‏"كتاب الرد على أيب حن<strong>يف</strong>ة / مسألة حرم املدينة"‏ مث سرد األحاديث <strong>يف</strong> ذلك<br />

وأعقبها بقوله:‏ ‏"وذكر أن أَب حن<strong>يف</strong>ة قال:‏ ليس عليه شيء"‏ فكأنه ينكر معارضة هذه األحاديث مع توافرها<br />

وصحتها )609(<br />

وقد أجاب النووي وابن حجر عن حديث أنس ‏َبحتمال أن يكون من صيد احلل أو أن<br />

، فإذا ترجح أن للمدينة<br />

تكون القصة قبل التحرمي والدليل إذا تطرق إليه االحتمال بطل به االستدالل )610(<br />

حرم فإن دخول الكفار إىل املدينة يشمل احلرم واملسجد فأما املسجد النبوي فسيأيت الكالم على حكم<br />

دخوهلم إايه <strong>يف</strong> مسألة اتلية )611(<br />

.<br />

( 605 )<br />

( 606 )<br />

فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد ، للمغراوي )206-202/9(، وتقدمت ترمجته<br />

25<br />

( 607 )<br />

( 608 )<br />

( 609 )<br />

( 610 )<br />

املصدر السابق،‏ وينظر:‏ املنتقى شرح املوطأ،‏ للباجي )242/2(، وشرح خمتصر خليل للخرشي )389/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏<br />

البن شاس )441/1(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )529/1(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )190/5- وما بعدها(‏ وقال:‏ ‏"روى حترمي املدينة أبو هريرة ورافع وعبدهللا بن زيد متفق على أحاديثهم ورواه<br />

مسلم عن سعد وجابر وأنس وهذا يدل على تعميم البيان وليس هو <strong>يف</strong> الدرجة دون أخبار حترمي احلرم وقد قبلوه واثبتوا أحكامه على أنه<br />

ليس مبمتنع أن يبينه بياانً‏ خاصاً‏ أو يبينه بياانً‏ عاماً‏ فينقل نقالً‏ خاصاً‏ كصفة األذان والوتر واإلقامة"‏<br />

ينظر:‏ الفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )20/6(.<br />

املصنف،‏ البن أيب شيبة )199/14(، وتقدم كالم ابن القيم <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

ينظر:‏ شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )143/10-9(، وفتح الباري،‏ البن حجر )100/4( بتصرف.‏<br />

) 611 ( <strong>يف</strong> ص )185( .


وأما احلرم فقد أجاز مجاهري العلماء دخوهلم إايه لرسالة أو جتارة أو محل متاع أو اجتياز لسفر،‏ دون اإلقامة<br />

فيمنعون منها ‏َبالتفاق للنصوص الواردة إبخراج املشركني من جزيرة<br />

احلرمني الشر<strong>يف</strong>ني وسيأيت بيان ذلك إن شاء هللا.‏ )613(<br />

العرب )612(<br />

، فهي تتناول ‏َبألولوية<br />

ويدل هلذا النصوص الكثرية <strong>يف</strong> دخول املشركني للمسجد النبوي واملدينة زمن النيب وأصحابه،‏ فال شك<br />

بوجود الفرق بني حرم املدينة وحرم مكة،‏ فقد كان اليهود خبيرب وما حوهلا ومل مينعهم من املدينة بعد نزول<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

قوله تعاىل:‏ <br />

وقد مات <br />

)614(<br />

ودرعه مرهونة عند يهودي<br />

وكان النصارى يتجرون إىل املدينة زمن عمر )615( ، ومل خيرج النيب <br />

منهم وعن أمحد رواية أبن حرم املدينة كحرم مكة <strong>يف</strong> امتناع دخوله )616(<br />

اليهود منها إال من نقض العهد<br />

قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"والظاهر أهنا غلط على أمحد فإنه مل خيَْفَ‏ عليه دخوهلم ‏َبلتجارة <strong>يف</strong> زمن عمر <br />

وبعده ومتكينهم من ذلك"‏ )617( ، وقال حممد بن إبراهيم رمحه هللا:‏ ‏"يظهر رجحان رواية اجلواز على رواية<br />

املنع"‏ )618(<br />

ويؤيد ما ذهب إليه اجلماهري ما ثبت عنه <br />

أنه أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده وحانت صالهتم فصلوا<br />

)619(<br />

فيه.‏<br />

( 612 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للقرطيب )104/4( ، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )487/1( والفروق ، للقرا<strong>يف</strong> )229/2(، وشرح<br />

خمتصر خليل،‏ للخرشي )145/3(، ومنح اجلليل،‏ لعليش )217/3(، حاشية الصاوي على الشرح الصغري )310-309/2(، حاشية<br />

الدسوقي )202-200/2(، واألم ، للشافعي )177/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )308/10(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )347/4(،<br />

حاشيتا قليويب وعمريه )232/4( منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي . حتقيق الرتكي )245/2(، كشاف القناع للبهويت<br />

)1365/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )468/10( وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم<br />

)394/1(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )205-188/17(، بتصرف.‏<br />

) 613 ( <strong>يف</strong> ص .)200(<br />

( 614 )<br />

املصادر السابقة،‏ وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ )402-397/1(، وفتاوى حممد بن إبراهيم )255/6-5(<br />

البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي ‏َبب وفاة النيب ص)‏‎366‎‏(‏ رقم )4467(، وَبب ما قيل <strong>يف</strong> درع النيب <br />

ومسلم <strong>يف</strong> ‏َبب الرهن وجوازه <strong>يف</strong> احلظر والسفر.‏<br />

واحلديث أخرجه<br />

، ص ، 234 رقم ، 2916<br />

( 615 )<br />

( 616 )<br />

( 617 )<br />

( 618 )<br />

( 619 )<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )191-5(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )1365/2( وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )394/1(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )190/5(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )20/6( واملقنع مع<br />

الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )468-466/10(.<br />

أحكام أهل الذمة )394/1(.<br />

فتاوى حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )257/6-5(.<br />

أخرجه ابن هشام <strong>يف</strong> السرية )32/2(، وابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه )162/3( وابن كثري <strong>يف</strong> تفسريه )429/2( وابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد<br />

.)550/3(<br />

وقال األلباين <strong>يف</strong> تعليقه على ‏)فقه السرية(‏ : ‏"وهذا إسناد مرسل أو معضل"‏ ص )447( وقال حمققوا أحكام أهل الذمة البن القيم<br />

)397/1(: ‏"ضع<strong>يف</strong>"،‏ وقال حمققا زاد املعاد شعيب وعبدالقادر األرانؤوط:‏ ‏"رجاله ثقات ولكنه منقطع"‏ )550/3(.


قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"وذلك عام الوفود بعد نزول قوله تعاىل:‏ <br />

، فلم تتناول اآلية حرم املدينة وال مسجدها"‏ )620(<br />

، وقد تقدم<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كالمه <strong>يف</strong> جواز دخوهلم املسجد النبوي للمصلحة فمن ‏َبب أوىل جواز دخوهلم حلرم املدينة إذا كان مث حاجة<br />

أو مصلحة للمسلمني )621(<br />

وأما حتديد مدة إقامتهم فيها فمحل خالف بني الفقهاء،‏ وهلم <strong>يف</strong> ذلك تفصيالت حبسب احلاجة والضرورة<br />

كتعلق حقوق املسلمني هبم من ديون وغريها،‏ واملقصود هو منعهم من اإلقامة فيها.‏<br />

وما ذكره الفقهاء من جواز دخوهلم حلرم املدينة إمنا يتناول دخوهلم حلاجات املسلمني من جتارة أو سفارة أو<br />

دعوة لإلسالم وحنو ذلك مما فيه مصلحة لإلسالم واملسلمني وأما دخوهلم للسياحة بقصد النزهة والرتفيه<br />

واالستكشاف فإن املنع منه أقرب ملا <strong>يف</strong> الوعيد السابق <strong>يف</strong> حق من آوى حمداثً‏ فإذا كان هذا يتناول العصاة<br />

من املسلمني فك<strong>يف</strong> مبن يتساهل <strong>يف</strong> إيواء وإدخال أهل الكفر واإلحلاد إىل حرم املدينة النبوية حبجة <strong>السياحة</strong><br />

والرتفيه!‏ )622(<br />

اثلثاً:‏ حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> املسجد األقصى :<br />

ورد <strong>يف</strong> فضل املسجد األقصى وشد الرحال للصالة إليه أحاديث كثرية وهو قبلة املسلمني األوىل ومسرى نبينا<br />

حممد <br />

ومهاجر األنبياء وأرضه مقدسة مباركة.‏<br />

وعن أيب ذر قال:‏ ‏"سألت رسول هللا عن أول مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض قال : ‏))املسجد احلرام((‏<br />

)623(<br />

قلت:‏ مث أي؟ قال : ‏))املسجد األقصى((‏ قلت:‏ كم كان بينهما؟ قال:‏ ‏))أربعون عاماً(("‏ احلديث<br />

فدل على أنه اثين مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض،‏ ومع فضله ومكانته إال أنه ال يسمى حرماً،‏ فلم يرد <strong>يف</strong> حترمي<br />

صيده ونباته ما ورد <strong>يف</strong> مكة واملدينة.‏<br />

وال يتناول األمر إبخراج املشركني من جزيرة العرب فلسطني لوقوعها خارجها،‏ ومل خيتلف أهل <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong><br />

جواز دخول أهل الكتاب إىل فلسطني والسماح هلم بزايرة أماكنهم املقدسة فيها وعلى هذا عمل املسلمني<br />

منذ فتحها هللا على يد عمر بن اخلطاب )624( <br />

.<br />

وقد ابتلي املسلمون <strong>يف</strong> هذا الزمان ‏َبحتالل اليهود لفلسطني واستيطاهنم هلا وفتحهم ‏َبب اهلجرة لليهود <strong>يف</strong><br />

العامل للقدوم إليها وتدنيس مقدساهتا وال شك أن <strong>يف</strong> هذا خطراً‏ ‏َبلغاً‏ على <strong>اإلسالم</strong> وأهله ينبغي دفعه ورفعه<br />

( 620 )<br />

( 621 )<br />

( 622 )<br />

( 623 )<br />

أحكام أهل الذمة )397/1( .<br />

وهبذا أفىت حممد بن إبراهيم )257/6-5 وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص<br />

0218( بتصرف.‏<br />

( 624 )<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب املساجد ومواضع الصالة،‏ ‏َبب املساجد ومواضع الصالة ص)‏‎758‎‏(‏ رقم )520(.<br />

ينظر:‏ أحكام املساجد <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ د/‏ إبراهيم اخلضريي،‏ )240-222-219/1(، بتصرف.‏


؛(‏<br />

<br />

وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي قراراً‏ ندد فيه ‏)هبجرة اليهود السوفييت إىل األرض املباركة أرض اإلسراء<br />

واملعراج،‏ ويرى فيها خطراً‏ ‏َبلغاً‏ يهدد األمة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> مجيع أقطارها،‏ ويناشد الدول العربية و<strong>اإلسالم</strong>ية<br />

لتوحيد كلمتها والوقوف <strong>يف</strong> وجه هذا اخلطر الداهم،‏ واتاذ كل وسيلة ممكنة الستنقاذ األراضي احملتلة،‏ وحترير<br />

املقدسات،‏ وتليص مسرى رسول هللا من أيدي مغتصبيه،‏ ودعم االنتفاضة اليت تواجه العدو الصهيوين<br />

)625(<br />

املغتصب مبا حيقق أهدافها وحيمي مسريهتا(‏<br />

وإذا عادت فلسطني إىل سيادة املسلمني – إن شاء هللا – فإن سياحة الكفار فيها تتناول املسجد األقصى<br />

خصوصاً‏ وسائر داير فلسطني عموماً‏ فأما سياحتهم <strong>يف</strong> املسجد األقصى فسيأيت بياهنا <strong>يف</strong> املسألة التالية )626<br />

الستوائه مع سائر املساجد حيث مل يرد فيه ما ورد <strong>يف</strong> مكة واملدينة.‏<br />

وأما سياحتهم <strong>يف</strong> ‏َبقي أرض فلسطني ‏–دون املساجد-‏ فينطبق عليها ما سيأيت من الكالم حول حكم<br />

سياحة الكفار <strong>يف</strong> داير املسلمني غري جزيرة العرب.‏ )627(<br />

رابعاً:‏ حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> عامة املساجد :<br />

يرجع اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> هذه املسألة إىل اختالفهم <strong>يف</strong> فهم النصوص الواردة <strong>يف</strong> ذلك فمنهم من أخذ مبفهوم آية<br />

التوبة فقال إن هللا صرح ‏َبملسجد احلرام و<strong>يف</strong>هم من ذلك أن غريه خبالفه فيجوز دخول الكفار غريه من املساجد،‏<br />

ومنهم من نظر إىل منطوق اآلية والعلة اليت حرم هبا دخول املسجد احلرام على الكفار وهي جناستهم فعمم النهي على<br />

مجيع املساجد والكفار مبنعهم من دخوهلا كلها،‏ كما يرجع سبب اخلالف أيضاً‏ إىل تعارض هذه اآلية مع ما ورد عنه<br />

فعله <br />

من ادخال الكفار ملسجده فمنهم من قال ‏َبلنسخ ومنهم من قال ‏َبجلمع وتصيص اآلية ‏َبملسجد احلرام ومحل<br />

وقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> هذه املسألة على ثالثة أقوال :<br />

على املصلحة )628(<br />

القول األول:‏ أن الكافر ال جيوز له دخول املسجد إال حلاجة وإبذن املسلمني )629(<br />

( 625 )<br />

قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي جبدة للدورات<br />

، 10-1 القرار ،)6/13( 62 ص‎130‎‏-‏<br />

.131<br />

) 626 ( ص .)185(<br />

( 628 )<br />

( 629 )<br />

) 627 ( ص)‏‎225‎‏(،‏ وإمنا أفردت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني ‏َبلبحث دون غريها من بالد املسلمني احملتلة،‏ ألمور منها:‏ وجود املسجد األقصى<br />

املبارك وهو اثلث املساجد بعد احلرمني الشر<strong>يف</strong>ني وقد وردت أحاديث <strong>يف</strong> فضله واختص دون غريه بشد الرحال إليه كما سيأيت تفصيل<br />

ذلك <strong>يف</strong> مبحث <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة،‏ ص)‏‎555‎‏(،‏ وألن لفلسطني قدسية وأمهية دينية عند املسلمني واليهود والنصارى،‏ وألهنا مل<br />

تتحول لبالد كفر كما هو احلال <strong>يف</strong> أسبانيا ‏)األندلس سابقاً(‏ فما تزال الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية موجودة <strong>يف</strong> فلسطني وإن كانت خائرة القوى ال<br />

متلك من األمر شيئاً‏ إال أن الوجود <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> فلسطني يشكل أكثرية،‏ وألن اليهود <strong>يف</strong> فلسطني حماربون ليس بينهم وبيننا عهد وال ذمة<br />

خبالف إسبانيا وغريها من البالد األخرى،‏ وألن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني إضرار وحماربة لإلسالم واملسلمني هناك وإن مل يقصد السائح ذلك<br />

ملا يرتتب على سياحته من دعم للمحتل بصور شىت.‏<br />

وسيتبني ذلك من خالل سرد األقوال واألدلة <strong>يف</strong> املسألة إبذن هللا تعاىل.‏<br />

وهلذا اإلذن شروط،‏ هي :


.<br />

وهبذا قال بعض املالكية والشافعية واحلنابلة )630( ، وفرق احلنابلة بني أهل الذمة وغريهم )631(<br />

القول الثاين:‏ جواز دخول الكفار للمساجد مطلقاً‏ وقال به األحناف وبعض الشافعية وبعض احلنابلة وابن<br />

حزم )632(<br />

القول الثالث:‏ ال جيوز دخول الكفار للمساجد مطلقاً‏ وبه قال عمر بن عبدالعزيز واملالكية واحلنابلة <strong>يف</strong><br />

)633(<br />

رواية<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول مبا يلي :<br />

-1<br />

عن أيب هريرة قال:‏ ‏"بعث رسول هللا خيالً‏ قبل جند فجاءت برجل<br />

بن أاثل فربطوه بسارية من سواري املسجد"احلديث )634(<br />

من بين حن<strong>يف</strong>ة يقال له:‏ مثامة<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

أن ال يكون اإلمام قد شرط <strong>يف</strong> عقده مع أهل الذمة أال يدخلوا املساجد إن كان املشرك الذي يريد دخول املسجد ذمياً‏ أو <strong>يف</strong><br />

حكمه وقد شرط عليه ذلك.‏<br />

أن يكون املسلم اآلذن للمشرك مكلفاً‏ التكل<strong>يف</strong> الشرعي،‏ واشرتط بعضهم أن اإلذن لإلمام فقط وقال آخرون:‏ هو لإلمام <strong>يف</strong><br />

املسجد اجلامع أما <strong>يف</strong> مساجد احملال والقبائل فإن املسلم املكلف يكفي.‏<br />

أال يتضرر بدخوله أحد من املصلني،‏ وال املسجد بنجاسة أو كالم منكر.‏<br />

أن يدخل لغرض انفع كسماع قرآن أو علم أو يرجى إسالمه أو حيتاجه مسلم أو يدخل للمحاكمة.‏<br />

ينظر:‏ تكملة اجملموع،‏ للنووي،‏ للمطيعي )253/18(، وروضة الطالبني للنووي )311-310/10(، وأحكام املساجد،‏ للخضريي<br />

.)126/3(<br />

( 630 )<br />

( 631 )<br />

( 632 )<br />

( 633 )<br />

ينظر:‏ حاشية الدسوقي على الشرح الكبري )139/1(، وجواهر اإلكليل )23/1(، وأحكام القرآن،‏ البن العريب )33/1( وقد عارض<br />

ذلك وبني فساده وقال:‏ ‏"كنت أرى بدمشق عجباً‏ كان جلامعها ‏َبَبن:‏ ‏َبب شرقي ‏–وهو ‏َبب جيزون وَبب غريب،‏ وكان الناس جيعلونه<br />

طريقاً‏ ميشون عليها هنارهم كله <strong>يف</strong> حوائجهم،‏ وكان الذمي إذا أراد املرور وقف على الباب حىت مير به مسلم،‏ جمتاز فيقول له الذمي:‏ اي مسلم<br />

أأتذن يل أن أمر معك ، فيقول:‏ نعم،‏ فيدخل معه وعليه الغيار عالمة أهل الذمة،‏ فإذا رآه القيم قال له:‏ ارجع فيقول له املسلم : أان أذنت<br />

له فيرتكه القيم".‏<br />

وينظر أيضاً:‏ اجملموع للنووي تكملة املطيعي )253/21( وروضة الطالبني )310/10( واملغين،‏ البن قدامة )247/13(، وإعالم<br />

الساجد،‏ للزركشي )173( بواسطة أحكام املساجد للخضريي،‏ واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج ابن قدامة<br />

واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي )473/10(.<br />

املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )271/5(، وأحكام القرآن،‏ للجصاص )88/3(، وشرح السري الكبري،‏ للسرخسي )135-134/1(، وشرح<br />

فتح القدير،‏ البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع للكاساين )215/5(، وتبيني احلقائق للزيلعي )23/6( وأحكام القرآن،‏ للشافعي )84/1(،<br />

وكشاف القناع،‏ للبهويت )1367/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي )473/10( واحمللى<br />

البن حزم )243/4(.<br />

ينظر:‏ تفسري الطربي )65/4(، جواهر اإلكليل )267/1(، وأحكام القرآن،‏ البن العريب )107-33/1( وأحكام القرآن،‏ للقرطيب<br />

)105/4(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )452/6(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي<br />

)473/10(، واملغين،‏ البن قدامة )246/13(، والفروع،‏ البن مفلح )342/10(.


والشاهد قوله:‏ ‏"فربطوه بسارية من سواري املسجد"‏<br />

ووجه الداللة:‏<br />

أن املشرك قد أدخل املسجد وربط بسارية من سواريه،‏ والنيب ينظر إليه كلما جاء يصلي،‏ فدل على جواز<br />

دخول الكافر للمسجد إبذن<br />

املسلمني.‏ )635(<br />

-2<br />

عن عثمان بن أيب العاص:‏ ‏)أن وفد ثق<strong>يف</strong> قدموا على رسول هللا فأنزهلم املسجد حىت يكون أرق<br />

لقلوهبم(‏ )636(<br />

-3<br />

وجه الداللة :<br />

أن <strong>يف</strong> قوله:‏ ‏)فأنزهلم املسجد(‏ دليل على جواز دخول الكافر للمسجد إبذن املسلم )637(<br />

عن أنس بن مالك قال:‏ ‏))دخل رجل على مجل فأانخه <strong>يف</strong> املسجد مث عقله مث قال:‏ أيكم حممد؟<br />

ورسول هللا متك بني ظهرانيهم فقلنا له:‏ هذا األبيض املتك ‏..((احلديث )638(<br />

فدل على جواز دخول الكافر <strong>يف</strong> املساجد إبذن املسلمني.‏ )639(<br />

( 634 )<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب دخول املشرك املسجد ‏)ص‎40‎‏(‏ رقم )469( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد ‏َبب<br />

ربط األسري وحبسه ص)‏‎991‎‏(،‏ رقم )1764( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 173<br />

( 635 )<br />

( 636 )<br />

( 637 )<br />

( 638 )<br />

( 639 )<br />

ينظر:‏ السنن الكربى ، للبيهقي )444/2(، أحكام املساجد،‏ للخضريي )124/3(، حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏<br />

للشنقيطي،‏ ص‎20‎‏،‏ أحكام <strong>السياحة</strong>،‏ ص‎223‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

رواه ابن خزمية <strong>يف</strong> صحيحة مجاع أبواب األفعال املباحة <strong>يف</strong> املسجد غري الصالة وذكر هللا ‏َبب الرخصة <strong>يف</strong> إنزال املشركني املسجد غري<br />

املسجد احلرام إذا كان ذلك أرجى إلسالمهم )285/2( وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )218/4(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )444/2(، ‏َبب املشرك<br />

يدخل املسجد،‏ وأبو داود <strong>يف</strong> سننه كتاب اخلراج واإلمارة والفيء،=‏ ‏=َبب ما جاء <strong>يف</strong> خرب الطائف ص)‏‎1451‎‏(‏ رقم )3026( وضعفه<br />

األلباين <strong>يف</strong> ضع<strong>يف</strong> سنن أيب داود )436/10(، رقم )529(، و<strong>يف</strong> السلسلة ‏)الضع<strong>يف</strong>ة ) رقم )4319(، وعثمان بن أيب العاص هو:‏ بن<br />

بشر بن عبد بن دمهان الثقفي أبو عبدهللا نزيل البصرة أسلم <strong>يف</strong> وفد ثق<strong>يف</strong> فاستعمله النيب على الطائف وأقره أبو بكر مث عمر مث<br />

استعمله عمر على عمان والبحرين سنة مخس عشرة مث سكن البصرة حىت مات هبا <strong>يف</strong> خالفة معاوية قبل سنة مخس وقيل إحدى<br />

ومخسني وكان هو الذي منع ثق<strong>يف</strong>اً‏ عن الردة وقال:‏ كنتم آخر الناس إسالماً‏ فال تكونوا أوهلم ارتداداً‏ وقيل إنه عاش حنواً‏ من مائة وعشرين<br />

سنة.‏<br />

ينظر:‏ االصابة،‏ البن حجر )221/4-3(.<br />

ينظر:‏ السنن الكربى ، للبيهقي )444/2( ، ومصنف عبدالرزاق )414/1(، واملغين،‏ البن قدامة )246/13(، أحكام املساجد ،<br />

للخضريي،‏ )124/3(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎20‎‏،‏ بتصرف،‏ وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )525/3(:<br />

‏)<strong>يف</strong> قصة هذا الوفد من الفقه ... جواز إنزال املشرك <strong>يف</strong> املسجد وال سيما إذا كان يرجوا إسالمه ومتكينه من مساع القرآن ومشاهدة أهل<br />

<strong>اإلسالم</strong> وعبادهتم(.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العلم،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> العلم )8( رقم )63(، وأبو داود <strong>يف</strong> سننه كتاب الصالة،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> املشرك<br />

يدخل املسجد )1209( رقم )486(، والرجل هو ضمام بن ثعلبة أخو بين سعد بن بكر.‏<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ السنن الكربى ، للبيهقي )444/2( أحكام املساجد،‏ للخضريي )125/3(، وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هاشم انقور ص)‏‎224‎‏(،‏


4- عن أيب هريرة قال:‏ ‏))إن اليهود أتوا النيب <br />

القاسم <strong>يف</strong> رجل وامرأة زنيا منهم((‏ )640(<br />

وهو جالس <strong>يف</strong> املسجد <strong>يف</strong> أصحابه،‏ فقالوا:‏ اي<br />

أَب<br />

فدخول اليهود إليه <strong>يف</strong> املسجد دليل على جواز دخول الكافر للمسجد إبذن املسلم.‏ )641(<br />

-5<br />

دخول أبو سفيان ملسجد النيب <br />

)642(<br />

وهذا مبثابة اإلذن له<br />

وهو مشرك وإجارته بني الناس وكان ذلك حبضرة النيب <br />

ومل مينعه<br />

-6<br />

ملا قدم وفد جنران على النيب دخلوا مسجده بعد صالة العصر وصلوا صالهتم فيه وأراد الناس منعهم<br />

فقال : دعوهم )643(<br />

<br />

وهذا إذن للكافر بدخول املسجد )644(<br />

فكل هذه األدلة تؤيد القول جبواز دخوهلم للمسجد إبذن ألن كل تصرف حيدث من املسلمني <strong>يف</strong> عهد النيب<br />

مما يتعلق بشئوهنم العامة فال بد فيه من إذنه <br />

واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />

.<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

أدلة القائلني جبواز دخول أهل الذمة للمسجد احلرام،‏ فغريه من ‏َبب أوىل.‏ )645(<br />

أدلة القائلني جبواز دخول املشركني للمساجد إال املسجد احلرام،‏ قالوا:‏ ألن املسجد احلرام له حكم سائر<br />

املساجد أصالً،‏ إال ما خصه الدليل ومل أيت دليل خيص غريه )646( ، واملراد آبية التوبة هو منع مشركي العرب<br />

)647(<br />

من احلج كما تقدم.‏<br />

ما تقدم من دخول وفد ثق<strong>يف</strong> ودخول أبو سفيان ملسجد النيب وهم على الشرك وكان ذلك على<br />

عهد النيب فدل على جواز دخول الكفار للمساجد،‏ وظاهر األدلة اليت ذكرها أصحاب القول األول تدل<br />

)648(<br />

على هذا،‏ فلم يشرتط فيها اإلذن صراحة.‏<br />

( 640 )<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب الصالة ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> املشرك يدخل املسجد ص)‏‎1259‎‏(‏ رقم )488(، والبيهقي <strong>يف</strong> السنن<br />

الكربى )444/2(.<br />

( 641 )<br />

( 642 )<br />

( 643 )<br />

( 644 )<br />

( 645 )<br />

( 646 )<br />

ينظر:‏ أحكام املساجد،‏ للخضريي )125/3(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎26‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه ابن هشام <strong>يف</strong> سريته )38/4(، وابن كثري <strong>يف</strong> البداية والنهاية )312/4(، وينظر:‏ املغين ، البن قدامة )247/13( وأحكام أهل<br />

الذمة،‏ البن القيم )406/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هاشم انقور ‏)ص‎225‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )182(.<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )406/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong> هلاشم انقور ص)‏‎225‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

سبق <strong>يف</strong> ص )171(، وينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ للكمال بن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )215/5(، وتبيني<br />

احلقائق،‏ للزيلعي )23/6(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )88/3( فتح الباري )176/8 و 662/1( )243/4(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد<br />

للشنقيطي،‏ ص)‏‎26‎‏(،‏ وأحكام املساجد،‏ للخضريي )129/3( بتصرف.‏<br />

) 647 ( <strong>يف</strong> ص .)171(


واستدل أصحاب القول الثالث مبا يلي :<br />

<br />

1- قوله تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)649(<br />

<br />

<br />

فإذا منع املشركون من دخول املسجد احلرام،‏ لكوهنم أجناس،‏ فيقاس على ذلك سائر املساجد لألمر بتطهريها من<br />

النجاسات )650(<br />

قال ابن العريب:"ألن العلة وهي النجاسة موجودة فيهم،‏ واحلرمة موجودة <strong>يف</strong> املسجد"‏ )651(<br />

فيقاس على املشركني سائر الكفار ويقاس على املسجد احلرام سائر املساجد )652(<br />

)653(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

2- قوله سبحانه:‏ <br />

ودخول املساجد عمارة هلا <strong>يف</strong><br />

اجلملة وقد هنى هللا عن عمارهتم هلا فال يدخلوهنا )654(<br />

<br />

3- قوله سبحانه:‏ <br />

)655(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فدل على أن الكافر ال يدخل املساجد إال وهو خائف من طرد املسلم له وأنه ال ينبغي أن يدخلها على حني<br />

غفلة من املؤمن،‏ لسعيه <strong>يف</strong> خراهبا.‏ )656(<br />

<br />

4- قوله تعاىل:‏ <br />

)657(<br />

اآلية<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )89/3(، وشرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )497/8(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )215/5(،<br />

واجملموع شرح املهذب،‏ للنووي )253/21( وأحكام املساجد،‏ للخضريي )130/3(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية 28.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4(، وأحكام القرآن ، البن العريب )913/2(، واحملرر الوجيز البن عطيه )452/6(، والدر<br />

.<br />

املنثور،‏ للسيوطي )308/7(.<br />

أحكام القرآن،‏ البن العريب )913/2(، وتقدمت ترمجته ص‎26‎<br />

.17<br />

املصادر السابقة.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎22‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية 114.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )61/1 و 88/3( ، والبن العريب )33/1( ، وأحكام املساجد،‏ للخضريي )127/3(، بتصرف.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية 18.<br />

( 648 )<br />

( 649 )<br />

( 650 )<br />

( 651 )<br />

( 652 )<br />

( 653 )<br />

( 654 )<br />

( 655 )<br />

( 656 )<br />

( 657 )


وكذا قوله سبحانه:‏ <br />

ففهم من احلصر أن غري املسلمني ال يعمرون مساجد هللا فال يدخلوهنا )658(<br />

.<br />

فإن دخول الكفار فيها مناقض لرتفيعها )660(<br />

)659( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-5<br />

روي أن أَب موسى األشعري وفد إىل عمر ومعه نصراين فأعجب عمر خطه فقال:‏ ‏"قل لكاتبك هذا<br />

يقرأ لنا كتاَبً"‏ فقال:‏ إنه ال يدخل املسجد فقال:‏ مل أجنب هو؟ قال:‏ ال هو نصراين قال:‏ فانتهره عمر )661(<br />

<br />

6- وكتب عمر أن مينع اليهود والنصارى من دخول املساجد وأتبع هنيه بقوله تعاىل:‏ <br />

.<br />

<br />

-7<br />

)662(<br />

وروي أن علياً‏ بصر مبجوسي وهو على املنرب فنزل فضربه وأخرجه من ‏َبب كنده<br />

فدل هذان األثران على شهرة ذلك بني الصحابة وأنه تقرر عندهم منع الكافر من دخول املسجد<br />

مطلقاً)‏‎663‎‏(‏ .<br />

-8<br />

وروي عن ابن عباس أن أعيان الكفار جنسة كالكالب واخلنازير وهذا حيتم منعهم من دخول سائر<br />

)664(<br />

املساجد<br />

-9<br />

)665(<br />

فيه"‏<br />

-10<br />

وكتب عمر بن عبدالعزيز إىل قضاته:‏ ‏"ال جيلس قاض <strong>يف</strong> مسجد يدخل عليه اليهودي والنصراين<br />

وألن حدث اجلنابة واحليض والنفاس مينع املقام <strong>يف</strong> املسجد فحدث املشرك من ‏َبب أوىل وألنه ال خيلو<br />

عن جنابة ألنه ال يغتسل اغتساالً‏ خيرجه منها .<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

( 658 )<br />

( 659 )<br />

( 660 )<br />

( 661 )<br />

( 662 )<br />

ينظر:‏ كشاف القناع،‏ للبهويت )1368/2(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎22‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة النور،‏ اآلية<br />

.36<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )452/6(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )145/7(.<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى،‏ ‏َبب كتاب القاضي إىل القاضي )127/10( برقم<br />

.20196<br />

( 663 )<br />

( 664 )<br />

( 665 )<br />

ينظر:‏ تكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )254-253/21(، واملغين،‏ البن قدامه )246/13( وقال حمققاً‏ املغين:‏ د/‏ عبدهللا الرتكي و<br />

د/‏ عبد الفتاح احللو:‏ ‏)أثر علي هذا مل جنده(.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )913/2(، وللقرطيب )105/4(، واملغين،‏ البن قدامه )246/13(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن<br />

القيم )407/1(، واملصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ مفاتيح الغيب،‏ للفخر الرازي )24/16( الدر املنثور،‏ للسيوطي )309/7(، تفسري ابن أيب حام )1775/6( روح املعاين،‏<br />

لالوسي )76/10(، حكم دخول غري املسلمني للمساجد للشنقيطي )23(.<br />

ينظر:‏ املصنف البن أيب شيبة،‏ )260/2(، وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4(، احملرر الوجيز،‏ البن عطية )452/6(. تفسري ابن<br />

كثري )429/2(، الدر املنثور،‏ للسيوطي )308/7(.


نوقشت أدلة القول األول أبن دخول مثامة وأيب سفيان للمسجد ومها مشركان،‏ كان قبل نزول آية التوبة فما<br />

حصل من النيب <strong>يف</strong> ذلك منسوخ بقوله سبحانه:‏ <br />

<br />

واملساجد مأمور<br />

<br />

<br />

بتطهريها من النجاسات احلسية واملعنوية كما قال سبحانه:‏ <br />

واملساجد كلها بيوت هللا<br />

سبحانه.‏ )666(<br />

وأجيب أبنه أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده وملا حانت صالهتم صلوا فيه وذلك عام الوفود بعد نزول<br />

قوله تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

اآلية فلم تتناول اآلية حرم املدينة وال مسجدها وإذا جاز<br />

ذلك <strong>يف</strong> مسجد النيب فغريه أوىل.‏ )667(<br />

ونوقش ذلك أبنه ضع<strong>يف</strong> اإلسناد ال تقوم به حجة )668(<br />

كما نوقش ربط مثامة <strong>يف</strong> املسجد أبن الذي توىل ربطه الصحابة فلما رآه مربوطاً‏ أمر إبطالقه فألن يكون<br />

انكاراً‏ لربطه أوىل من أن يكون تقريراً،‏ وأجيب أبن البخاري أخرج احلديث <strong>يف</strong> املغازي مطوالً‏ وفيه أنه مر عليه<br />

ثالث مرات وهو مربوط <strong>يف</strong> املسجد وإمنا أمر إبطالقه <strong>يف</strong> اليوم الثالث،‏ مثك<strong>يف</strong> جيوز أن <strong>يف</strong>عل الصحابة أمراً‏<br />

ال يرضاه <br />

؟!‏ )669(<br />

ونوقشت أدلة القول الثاين أبن كل تصرف حيدث من املسلمني <strong>يف</strong> عهد النيب مما يتعلق بشؤوهنم العامة،‏<br />

فال بد فيه من إذن الرسول ، فربط مثامة بسارية املسجد وإنزال وفد ثق<strong>يف</strong> ‏َبملسجد كان عن أمره <br />

)670(<br />

وكذا سائر األدلة األخرى<br />

فاألصل هو عدم املنع وخالفناه <strong>يف</strong> املسجد احلرام<br />

ونوقشت أدلة القول الثالث:‏ مبفهوم آية التوبة )671(<br />

للنص الصريح القاطع فوجب أن يبقى <strong>يف</strong> غريه على وفق األصل وإمنا خص املسجد احلرام دون غريه<br />

( 666 )<br />

( 667 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )914/2(، وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4( وقال ابن كثري:‏ ‏"الظاهر من سياق القصة أهنا<br />

كانت قبل فتح مكة ألن أهل مكة عريوه ‏َبإلسالم،‏ وقالوا:‏ أصبوت،‏ فتوعدهم أبنه ال <strong>يف</strong>د إليهم من اليمامة حبة حنطة مرية حىت أيذن<br />

فيها رسول هللا فدل على أن مكة إذ ذاك دار حرب مل يسلم أهلها بعد،‏ وهلذا ذكر البيهقي قصة مثامة بن أاثل قبل فتح مكة،‏ وهو<br />

أشبه"ا.ه . السرية النبوية،‏ البن كثري )92/4(.<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )397/1(.<br />

) 668 ( كما تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 182<br />

( 669 )<br />

( 670 )<br />

( 671 )<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )662/1(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )290/4( ، وفتح الباري،‏ البن حجر )662/1( واجملموع للنووي )254/21(، وزاد املعاد،‏ البن القيم<br />

)525/3(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )317/4(، وأحكام املساجد للخضريي )130/3(، بتصرف ، وقال ابن حجر:‏ ‏"إين<br />

ألتعجب ك<strong>يف</strong> جوز أن الصحابة <strong>يف</strong>علون <strong>يف</strong> املسجد أمراً‏ ال يرضاه رسول هللا ؟ فهو كالم فاسد مبين على فاسد"‏<br />

قال الفخر الرازي <strong>يف</strong> مفاتيح الغيب )22/8(: ‏"اآلية مبنطوقها تبطل قول أيب حن<strong>يف</strong>ة رمحه هللا،‏ ومبفهومها تبطل قول مالك رمحه هللا أو<br />

تقول:‏ األصل عدم املنع،‏ وخالفناه <strong>يف</strong> املسجد احلرام هبذا النص الصريح القاطع فوجب أن يبقى <strong>يف</strong> غريه على وفق األصل".‏


‏َبملنع <strong>يف</strong> آية التوبة واملقصود هبا منعهم من احلج كما يدل على ذلك قرائن أخرى تقدم ذكرها )672( ، أو<br />

أهنا خاصة ‏َبملشركني من العرب الذين ال ذمة هلم دون سائر الكفار وسائر املساجد فهي ‏َبقية على<br />

أصل اإلَبحة وفعل عمر وعلي وعمر بن عبدالعزيز اجتهاد منهم حسب ما يرونه من املصلحة وليس <strong>يف</strong><br />

قوة املرفوع.‏<br />

وفعل النيب <strong>يف</strong> إدخاله الكفار للمسجد يؤيد مفهوم آية التوبة فلو مل يكن حكم غري املسجد احلرام<br />

وأجيب عن ذلك أبن النص وإن كان مصرحاً‏ ‏َبملسجد احلرام إال أن<br />

خمالفاً‏ له لعم ذلك،وملا خالفه )673( <br />

ذكر الفاء بعد اإلخبار أبن املشركني جنس،‏ دليل على علة النهي )674(<br />

<br />

وقد وردت فاء العلية <strong>يف</strong> نصوص الشريعة دالة على مثل هذا كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

)675(<br />

<br />

وذلك لعلة السرقة .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فكذلك هنا املنع لعلة النجاسة واحلكم يدور مع علته وجوداً‏ وعدماً‏ وما دام أن املساجد مأمور بطهارهتا من<br />

)676(<br />

النجاسات احلسية واملعنوية فهذا يقتضي منع الكافر من دخوهلا صيانة هلا وتطهرياً‏<br />

وقد نوقش هذا اجلواب أبن السنة جاءت مبينة للقرآن وفعله مع مثامة ووفد ثق<strong>يف</strong> وجنران واليهود وغريه<br />

دال على اعتبار مفهوم اآلية وهو صريح <strong>يف</strong> حمل النزاع )677(<br />

فأجيب ‏َبلنسخ ألن قصة مثامة كانت قبل فتح مكة وإمنا نزلت براءة بعد ذلك فال حجة <strong>يف</strong> احلديث )678(<br />

) 672 ( <strong>يف</strong> ص )171( .<br />

( 673 )<br />

( 674 )<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن ، للجصاص )89/3(، فتح الباري،‏ البن حجر )176/8(، املغين،‏ البن قدامه )246/13(، زاد املعاد،‏ البن<br />

القيم )525/3( وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي،‏ ص‎27-26‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )913/2(، وقال:‏ ‏"رأى الشافعي أن هذا خمصوص ‏َبملسجد احلرام ال يتعداه إىل غريه من املساجد<br />

وهذا مجود منه على الظاهر الذي يسقط هذا الظاهر،‏ فإن هللا مل يقل:‏ ال يقرب هؤالء املسجد احلرام فيكون احلكم مقصوراً‏ عليهم...‏ بل<br />

أكد احلال ببيان العلة وكشفها،‏ فقال:‏ <br />

يريد وال بد لنجاستهم،‏<br />

<br />

( 675 )<br />

( 676 )<br />

( 677 )<br />

( 678 )<br />

فتعدت العلة إىل كل موضع حمرتم ‏َبملسجدية .... فمنع هللا املشركني من دخول املسجد احلرام نصاً‏ ومنع من دخول سائر املساجد<br />

تعليالً‏ ‏َبلنجاسة،‏ ولوجوب صيانة املسجد عن كل جنس"ا.ه ، وينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4( .<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

.38<br />

ينظر:‏ حكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي ، ص‎28‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )246/13(، زاد املعاد،‏ البن القيم )525/3(.<br />

وتقدم بيان ذلك قريباً‏ ، ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )914/2(، وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )105/4(، وقال:‏ ‏"أجاب علماؤان<br />

عن هذا احلديث ‏–وإن كان صحيحاً-‏ أبجوبة:‏ أحدها ‏–أنه كان متقدماً‏ على نزول اآلية،‏ الثاين<br />

فلذلك ربطه.‏ الثالث<br />

–<br />

–<br />

أن النيب كان قد علم إبسالمه<br />

أن ذلك قضية <strong>يف</strong> عني فال ينبغي أن تدفع هبا األدلة اليت ذكرانها،‏ لكوهنا مقيدة حبكم القاعدة الكلية وقد ميكن<br />

أن يقال:‏ إمنا ربطه <strong>يف</strong> املسجد لينظر حسن صالة املسلمني واجتماعهم عليها،‏ وحسن آداهبم <strong>يف</strong> جلوسهم <strong>يف</strong> املسجد فيستأنس بذلك<br />

ويسلم وكذلككان".‏


ونوقش ذلك أبنه على التسليم به فإن وفد ثق<strong>يف</strong> كان قدومه بعد فتح مكة ‏َبالتفاق،‏ <strong>يف</strong> السنة التاسعة من<br />

اهلجرة بعد غزوة تبوك فدل على أنه غري منسوخ )679(<br />

فأجيب أبن وفد ثق<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> رمضان واإلعالن بسورة التوبة كان <strong>يف</strong> ذي احلجة فتكون اآلية انسخة<br />

للحديث.‏ )680(<br />

ونوقش ذلك مبا روي عن جابر موقوفاً‏ ومرفوعاً‏ من استثناء أهل العهد وخدمهم من املسجد احلرام فغريه من<br />

‏َبب أوىل.‏ )681(<br />

فأجيب عن ذلك أبن املرفوع غري حمفوظ واملوقوف رأي صحايب خالفه فيه غريه كعمر وأيب موسى األشعري<br />

هللا عنهما وغريمها كما تقدم.‏ )682(<br />

<br />

ونوقش االستدالل بقوله سبحانه:‏ <br />

أبهنا ال تدل على<br />

حترمي دخول الكافر للمسجد ألهنا نزلت <strong>يف</strong> حق من استوىل عليها وعاث فيها فساداً‏ وخراَبً‏ فأما من دخلها<br />

من غري ذلك فال دليل على حترمي فعله )683(<br />

وجياب عن ذلك أبن الكفر ملة واحدة والكافر إمنا أبغض املسلمني ألجل دينهم فال يؤمن إفساده عند<br />

دخول املسجد ولو سلم عدم وجود دالله <strong>يف</strong> اآلية فإن <strong>يف</strong> ‏َبقي األدلة األخرى ما تقوم به احلجة إن شاء هللا.‏<br />

وهبذا يظهر قوة أدلة القول الثالث وإمكان اجلواب عما ورد عليها من املناقشات فيرتجح املنع،‏ وأنه ال ينبغي<br />

ألي كافر دخول أي مسجد <strong>يف</strong> الدنيا وأال ميكن من ذلك حىت تبقى املساجد مصانة حمرتمة ترفع ويذكر فيها<br />

اسم هللا ‏َبلغدو واآلصال.‏<br />

إال أنه <strong>يف</strong> حال وجود ضرورة أو مصلحة راجحة لإلسالم واملسلمني <strong>يف</strong> دخول الكافر للمساجد أو كان <strong>يف</strong><br />

ذلك دفع ملفسدة أعظم فحينئذ يرتجح القول ‏َبجلواز <strong>يف</strong> هذه احلال مجعاً‏ بني األدلة وتوفيقاً‏ بني النصوص<br />

ومراعاة للمصاحل واملفاسد .<br />

قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"وأما دخول الكفار مسجد النيب فكان ذلك ملا كان ‏َبملسلمني حاجة إىل ذلك،‏<br />

وألهنم كانوا خياطبون النيب <strong>يف</strong> عهدهم ويؤدون إليه الرسائل وحيملون منه األجوبة ويسمعون منه الدعوة ومل<br />

( 679 )<br />

قال ابن كثري <strong>يف</strong> السرية النبوية )53/4( : ‏)والصحيح أن وفد ثق<strong>يف</strong> كان قدومه قبل حج أيب بكر ‏َبلناس وإن زعم موسى بن عقبه<br />

واتبعه البيهقي خالف ذلك من أن وفد ثق<strong>يف</strong> كان بعد حج أيب بكر(‏ واألول اختيار ابن اسحاق وابن كثري فتبني أن إنزاهلم كان قبل<br />

نزول براءة ألهنا كانت <strong>يف</strong><br />

9<br />

( 680 )<br />

( 681 )<br />

ذي احلجة ووفد ثق<strong>يف</strong> كان <strong>يف</strong> رمضان،‏ وينظر:‏ زاد املعاد،‏ البن القيم )524/3(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن البن العريب )913/2(، أحكام القرآن،‏ للقرطيب )104/4( فتح الباري،‏ البن حجر )176/8(، املغين البن<br />

قدامة )246/13(، زاد املعاد،‏ البن القيم )525/3(.<br />

وقد تقدم ذلك <strong>يف</strong> ص )172(.<br />

) 682 ( <strong>يف</strong> ص )172(، ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

( 683 )<br />

ينظر:‏ سبل السالم،‏ للصنعاين،‏ حتقيق حالق )186/2(.


يكن النيب ليخرج من املسجد لكل من قصده من الكفار فكانت املصلحة <strong>يف</strong> دخوهلم إذ ذاك أعظم من<br />

املفسدة اليت فيه ... وأما اآلن فال مصلحة للمسلمني <strong>يف</strong> دخوهلم مساجدهم واجللوس فيها،‏ فإن دعت إىل<br />

ذلك مصلحة راجحة جاز دخوهلا بال إذن"‏ )684(<br />

وقد أفىت جبواز دخوهلم <strong>يف</strong> حال الضرورة ووجود مصلحة أو دفع مفسدة بذلك من املعاصرين كل من الشيخ/‏<br />

)685(<br />

حممد بن إبراهيم وابن ‏َبز واللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء،‏ وعبدهللا بن حممد األمني الشنقيطي.‏<br />

فإن كان دخوهلم هلا لعمارهتا أو إصالحها فهذا حمل خالف بني املعاصرين حبسب تقديرهم للمصاحل<br />

واملفاسد <strong>يف</strong> ذلك فقد أفتت هيئة كبار العلماء ‏َبإلمجاع أنه ال ينبغي تويل الكفار تعمري املساجد حيث يوجد<br />

من يقوم بذلك من املسلمني وألهنم ال يؤمنون من الغش عند تصميم املخططات أو تنفيذها )686(<br />

وأفىت الشيخ حممد بن عثيمني جبواز دخوهلم<br />

من املسلمني.‏ )687(<br />

إلصالح حمتوايت املسجد ويتحرز منه أبن يكون عليه مشرف<br />

وهذا االختالف راجع إىل تقدير الضرورة واملصلحة <strong>يف</strong> هذا العمل فإن وجدت ضرورة إليه النعدام من يقوم<br />

به من املسلمني جاز ذلك مع التحرز بوجود مشرف مسلم وهبذا يتم التوفيق بني القولني،‏ والواقع اآلن يقضي<br />

‏َبملنع النعدام الضرورة واملصلحة <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

ومن املؤسف جداً‏ أن كثرياً‏ من املساجد <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> شىت بقاع األرض وعلى رأسها املسجد األقصى<br />

أصبحت معاملاً‏ سياحية يراتدها اليهود والنصارى واملشركني ويرتكبون فيها احملرمات واملنكرات بدعم من<br />

احلكومات املوسومة ‏َبإلسالمية.‏<br />

وال شك أن دخول الكفار للمساجد لغرض <strong>السياحة</strong> والنزهة والفرجة فقط ‏–دون وجود مصلحة راجحة<br />

لإلسالم واملسلمني-‏ أوىل ‏َبملنع والتحرمي لغلبة املفسدة وانعدام احلاجة والضرورة واملصلحة من وراء ذلك،وملا<br />

فيه من تدنيس املساجد وإهانتها،‏ وخمالفة النصوص الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> التحرمي واملنع من ذلك.‏ )688(<br />

( 684 )<br />

( 685 )<br />

( 686 )<br />

أحكام أهل الذمة )408-407/1(، وذكر البهويت <strong>يف</strong> كشاف القناع )1367/2( حنواً‏ من ذلك.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )263/6-5(، وفتاوى ابن ‏َبز مجع الشويعر )356/8(، وفتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع<br />

الدويش )116-99/2(، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏ للشنقيطي )32-31(.<br />

وذلك <strong>يف</strong> القرار رقم )78( واتريخ ‏)‏‎1400/10/21‎ه ) <strong>يف</strong> الدورة السادسة عشر ‏َبلطائف.‏ ينظر:‏ أحباث هيئة كبار العلماء<br />

.)550-549/7(<br />

( 687 )<br />

( 688 )<br />

ينظر:‏ لقاء الباب املفتوح،‏ للشيخ ابن عثيمني،‏ )50-41(، إعداد عبدهللا الطيار،‏ ص)‏‎221‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ حتقيق البكري والعاروري،‏ )408/1( هامش)‏‎1‎‏(‏ ، وحكم دخول غري املسلمني للمساجد،‏<br />

للشنقيطي)‏‎33-32‎‏(،‏ وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص )227(، وقال بعد ترجيحه القول جبواز دخول الكفار للمساجد:‏<br />

‏"ينبغي أن يعلم أن القائلني به قالوا:‏ يؤذن هلم للحاجة وإمنا مقصود احلاجة عندهم ‏–وهللا تعاىل أعلم-‏ االستماع إىل داعي اخلري والفالح<br />

كما قال تعاىل:‏<br />

<br />

<br />

وال يعد من قبيل احلاجة أن يشجع الكفار للسياحة <strong>يف</strong> بالد املسلمني ألجل الربح املادي ف<strong>يف</strong>سح هلم اجملال لدخول املساجد بنسائهم،‏


املسألة الثالثة:‏ سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب :<br />

لتقرير احلكم <strong>يف</strong> هذه املسألة ال بد من بيان حدود جزيرة العرب وخصائصها وأمهية خلوها من الكفار وما<br />

ورد <strong>يف</strong> ذلك من النصوص الشرعية وكالم الفقهاء،‏ ألن احلكم على الشيء فرع عن تصوره،‏ فنقول وَبهلل<br />

التوفيق:‏<br />

أوالً:‏ حدود جزيرة العرب :<br />

حيدها من الغرب:‏ حبر القلزم )689( ، ويقال:‏ حبر احلبشة ويعرف اآلن ‏َبسم:‏ البحر األمحر.‏<br />

ومن اجلنوب:‏ حبر العرب ويقال:‏ حبر اليمن .<br />

ومن الشرق:‏ خليج البصرة ويعرف اآلن ‏َبسم:‏ اخلليج العريب.‏<br />

وهذا التحديد من هذه اجلهات الثالث حمل اتفاق بني احملدثني والفقهاء واملؤرخني واجلغرافيني وغريهم.‏ )690(<br />

وأما احلد الشمايل:‏ فساحل البحر األمحر الشرقي الشمايل وما على مُسامَتِّتِّه شرقاً‏ من مشارف الشام وأطراره<br />

‏)األردن حالياً(‏ ومنقطع السماوة من ر<strong>يف</strong> العراق،‏ واحلد غري داخل <strong>يف</strong> احملدود هنا )691(<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"جزيرة العرب هي من حبر القلزم إىل حبر البصرة،‏ ومن أقصى حجر اليمامة إىل أوائل<br />

الشام،‏ حبيث كانت تدخل اليمن <strong>يف</strong> دارهم،‏ وال تدخل فيها الشام،‏ و<strong>يف</strong> هذه األرض كانت العرب حني<br />

البعث وقبله"‏ )692(<br />

( 689 )<br />

( 690 )<br />

( 691 )<br />

( 692 )<br />

ومبالبسهم اليت تنا<strong>يف</strong> األخالق <strong>اإلسالم</strong>ية الرفيعة،‏ ف<strong>اإلسالم</strong> رغب املرأة املسلمة أن تصلي <strong>يف</strong> بيتها وبني أن صالهتا <strong>يف</strong> بيتها أفضل من<br />

صالهتا <strong>يف</strong> املسجد فهي ال مجعة عليها وال مجاعة،‏ وكل ذلك درءاً‏ للفتنة هبا فك<strong>يف</strong> إذن جنعل مساجدان متاحة بني أيدي الكافرات<br />

<strong>يف</strong>تنت هبن املسلمني".‏<br />

القلزم مدينة على طرفه الشمايل،‏ ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد ، ص)‏‎17‎‏(.‏<br />

وممن أفصح عن هذا التحديد ‏َبلنص:‏ ابن حوقل،‏ واالصطخري واهلمداين والبكري وايقوت وهو منصوص الرواية عن مالك وتفيده<br />

الرواية عن أمحد،‏ وما وقع من اخلالف بني الفقهاء فإمنا هو <strong>يف</strong> ‏َشول األمر إبخراج الكفار من جزيرة العرب كلها أو جلزء منها كما يدل<br />

على ذلك نصوص كثري منهم ومن ذلك:‏ قول النووي <strong>يف</strong> شرح صحيح مسلم:‏ ‏"الشافعي خص هذا احلكم ببعض جزيرة العرب وهو<br />

احلجاز...دون اليمن وغريه مما هو من جزيرة العرب"،‏ ينظر شرح صحيح مسلم )103/12-11(، وحتفة األحوذي،‏ للمباركفوري<br />

)230/5(، وقال الرملي:‏ ‏"ليس املراد مجيع جزيرة العرب بل احلجاز منها"،‏ ينظر:‏ هناية احملتاج )83/8(، و<strong>يف</strong> حاشيتا قليويب وعمريه:‏<br />

)232/4( قال:‏ ‏"ومينع كل كافر من استيطان احلجاز واإلقامة به...‏ وهو قطعة من جزيرة العرب"،‏ وينظر:‏ شرح السري الكبري،‏<br />

للسرخسي )1542-1541/4(، املغرب <strong>يف</strong> ترتيب املعرب،‏ للمطرزي )83-82(، شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )301/5(، فتح الرب<br />

<strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )171/9(، شرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )145/3(، األم للشافعي )187/4(، روضة الطالبني<br />

للنووي )308/10( املصباح املنري،‏ للفيومي،‏ )99( مغين احملتاج للشربيين )246/4( ، املقنع والشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو<br />

الفرج بن قدامه،‏ واملرداوي )468/10(، املغين البن قدامة )243/13(، وخصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد ، ص)‏‎17‎‏(،‏ وجزيرة<br />

العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر،‏ ص)‏‎17‎‏(.‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع بن قاسم )631/28-236/22( واقتضاء الصراط املستقيم،‏ ص )454(.


وألجل هذا التحديد ‏َبملياه اإلقليمية الثالثة صارت تعرف عند املتأخرين ‏َبسم ‏)شبه اجلزيرة العربية(‏ وإمنا قيل:‏<br />

‏)جزيرة العرب(‏ إلحاطتها بثالثة أحبر،‏ وألن احلد الشمايل وإن كان إىل مشارف الشام ور<strong>يف</strong> العراق إال أن ما<br />

وراء ذلك من أهنار:‏ بردى ودجلة والفرات متصل برأس اخلليج العريب،‏ فكأن التجوز <strong>يف</strong> ذاك اإلطالق حبكم<br />

اجملاورة.‏ )693(<br />

)694(<br />

ونسبت إىل العرب ألهنا أرضها ومسكها ومعدهنا<br />

وقد وهم من مد مسمى جزيرة العرب ‏َشاالً‏ إىل دجلة والفرات وعنق النيل،‏ ألن املضاف إليه ‏)العرب(‏ حيدد<br />

املراد كما هو ظاهر <strong>يف</strong> تسميتها فقد علم <strong>يف</strong> امتداد العرب ومنازل القبائل واضطراهبم بني ظعن وإقامة أهنم مل<br />

يتجاوزوا ما تقدم رمسه <strong>يف</strong> احلد الشمايل.‏<br />

وعلى هذا فاألردن وسوراي والعراق ليست داخلة <strong>يف</strong> ذلك.‏ )695(<br />

واخلالف <strong>يف</strong> هذا احلد الشمايل عائد ‏–والعلم عند هللا-‏ إىل عدم وجود فواصل ‏)تضاريسية(‏ تقطع القول<br />

‏َبلتحديد مبعلم ظاهر،‏ كما هو احلال <strong>يف</strong> اجلهات الثالث األخرى.‏<br />

ولكن حبكم املدلول اللفظي <strong>يف</strong> إضافة اجلزيرة إىل العرب فهي تعين منابتهم ومرجع أصوهلم كما تقدم ال<br />

موطن رحلتهم إىل املشارق واملغارب .<br />

فمن نزح من العرب كالغساسنة إىل الشام وربيعة ومضر <strong>يف</strong> اجلزيرة الفراتية فإن ذلك ال يدخل مضارب<br />

)696(<br />

نزوحهم إىل مسمى منابت أصوهلم ‏)جزيرة العرب(‏ كما نص على ذلك بعض العلماء.‏<br />

واملياه اإلقليمية جلزيرة العرب وما فيها من جزر فهي اتبعة هلا ‏)كالبحرين(‏ )697(<br />

( 693 )<br />

( 694 )<br />

( 695 )<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص)‏‎18‎‏(،‏ وجزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong>،‏ ص)‏‎17‎‏(،‏<br />

وينظر أيضاً:‏ نيل األوطار للشوكاين )322-319/10-9(، وسبل السالم،‏ للصنعاين )307-302/7(، فتح الباري،‏ البن حجر<br />

)197/6(، شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )103/12-11(، حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي للمباركفوري )230/5(، املغرب <strong>يف</strong><br />

ترتيب املعرب،‏ للمطرزي )83-82(، شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )301/5(، فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب<br />

)171/9(، املنتقى،‏ للباجي )196/7(، املصباح املنري،‏ للفيومي،‏ )99( مغين احملتاج،‏ للشربيين )246/4(، املقنع والشرح الكبري<br />

واإلنصاف للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين،‏ البن قدامه )243/13(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص )20(، بتصرف.‏<br />

–<br />

( 697 )<br />

) 696 ( كاالصطخري حيث قال:‏ ‏"وقد سكن طوائف من العرب ‏–من ربيعة ومضر-‏ اجلزيرة،‏ حىت صارت هلم هبا داير ومزارع،‏ ومل أر أحداً‏<br />

عزا اجلزيرة إىل داير العرب ألن نزوهلم هبا وهي داير لفارس والروم-‏ <strong>يف</strong> أضعاف قرى معمورة،‏ ومدن هلا أعمال عريضة،‏ فنزلوا على<br />

خفارة فارس والروم حىت إن بعضهم تنصر بدين النصرانية مع الروم مثل تغلب من ربيعة أبرض اجلزيرة وغسان وبراء وتنوخ من اليمن<br />

أبرض الشام".‏ ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وحاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )246/4(،<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية )129/3(.


قال الشافعي رمحه هللا:‏ ‏"ال مينع أهل الذمة من ركوب حبر احلجاز ‏–أي على سبيل العبور-‏ ومينعون من املقام<br />

<strong>يف</strong> سواحله،‏ وكذا إن كانت <strong>يف</strong> حبر احلجاز جزائر وجبال تسكن منعوا من سكناها،‏ ألهنا من أرض<br />

احلجاز"‏ )698(<br />

وصرح الرملي أبن اجلزر مينعون من سكناها،‏ مسكونة كانت أو غري مسكونة،‏ وقال:‏ ‏"قال القاضي:‏ ال ميكنون من<br />

)699(<br />

اإلقامة <strong>يف</strong> مركب أكثر من ثالثة أايم أي إذا كان مبوضع واحد"‏<br />

ومل يتعرض هلذه املسألة غري الشافعية.‏ )700(<br />

وتسمى جزيرة العرب وارض العرب،‏ وقد وردا <strong>يف</strong> السنة واستعماالت الفقهاء،‏ ومن أمسائها بالد العرب وداير<br />

العرب واجلزيرة العربية وشبه اجلزيرة العربية.‏ )701(<br />

اثنياً:‏ خصائص جزيرة العرب :<br />

من أبرز خصائصها ما يلي :<br />

-1<br />

أهنا حرم <strong>اإلسالم</strong> ومنار النبوة وعاصمة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي وستظل حبول هللا قاعدة <strong>اإلسالم</strong><br />

كما كانت قاعدته أوالً،‏ ومعقل اإلميان آخراً‏ كما كانت سابقاً.‏ )702(<br />

دائماً،‏<br />

قوله <br />

قوله<br />

: ‏))إن الشيطان يئس أن يعبده املصلون <strong>يف</strong> جزيرة العرب ولكن <strong>يف</strong> التحريش بينهم((‏ )703(<br />

، و<strong>يف</strong> هذا تشر<strong>يف</strong> ألهل اجلزيرة ودليل على يئس الشيطان من اجتماعهم على اإلشراك ‏َبهلل<br />

تعاىل،‏ وقد عمم بعض الفقهاء هذا احلديث على عامة األمة.‏ )704(<br />

العرب((‏ )705(<br />

: ‏))قاتل هللا اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد ال يبقني دينان <strong>يف</strong> أرض<br />

، وقوله:‏ ‏))ألخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حىت ال أدع إال<br />

-2<br />

-3<br />

( 698 )<br />

( 699 )<br />

األم،‏ للشافعي )178/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )308/10( تكملة اجملموع،‏ للنووي،‏ للمطيعي ‏)‏‎244/21‎‏-وما بعدها(،‏<br />

واملصادر السابقة.‏<br />

هناية احملتاج،‏ للرملي )83/8<br />

–<br />

( 700 )<br />

( 701 )<br />

( 702 )<br />

( 703 )<br />

( 704 )<br />

وما بعدها(،‏ وهو:‏ ‏َشس الدين الرملي،‏ حممد بن أمحد بن محزة،‏ فقيه الداير املصرية <strong>يف</strong> عصره<br />

ومرجعها <strong>يف</strong> الفتوى،‏ يقال له:‏ الشافعي الصغري،‏ نسبته إىل الرملة من قرى املنوفية مبصر ولد وتو<strong>يف</strong> ‏َبلقاهرة ‎1004-919‎ه ، ويل إفتاء<br />

الشافعية ومجع فتاوى أبيه وصنف شروحاً‏ وحواشي منها:‏ هناية احملتاج على شرح املنهاج،‏ غاية البيان <strong>يف</strong> شرح زبد ابن رسالن،‏ غاية املرام<br />

<strong>يف</strong> شرح شروط املأموم واإلمام،‏ فتاوى الرملي.‏<br />

ينظر:‏ األعالم،‏ للزركلي )8-7/6(، ولالستزادة:‏ خالصة األثر )342/3(، معجم املؤلفني )256/4(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ إال أن الزيلعي أشار لذلك <strong>يف</strong> تبيني احلقائق )284/3(، فقال:‏ ‏"قوله:‏ و<strong>يف</strong> أرض العرب مينعون من ذلك كله،‏<br />

أي أمصارها وقراها...‏ وال <strong>يف</strong> ماء من مياه العرب".‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص )15(، وجزيرة العرب والكفار ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong>،‏ ص)‏‎17‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص)‏‎73-29‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب صفات املنافقني ، ‏َبب حتريش الشيطان ‏)ص‎1168‎‏(‏ رقم )2812(.<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص)‏‎73-29‎‏(،‏ بتصرف .


مسلماً((‏ )706(<br />

، وهذا نص <strong>يف</strong> منع كل كافر من استيطاهنا والقرار فيها ألهنا دار طيبة ال يقطنها<br />

إال طيب وأما اخلبيث فينفى منها وخيرج )707(<br />

.<br />

أن <strong>اإلسالم</strong> حني يظهر <strong>يف</strong> خارجها فإنه ينحاز إليها وأيوي فيجد كرم الوفادة بعد الغربة وطول<br />

احملنة قال <br />

)708(<br />

احلية إىل جحرها((.‏<br />

: ‏))إن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريباً‏ وسيعود غريباً‏ كما بدأ ، وهو أيرز بني املسجدين كما أترز<br />

-4<br />

أهنا <strong>يف</strong> وسط األرض وقد أثبت بعض الباحثني املعاصرين أبن مكة هي مركز<br />

الكرة األرضية<br />

-5<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ووسط الدنيا )709(<br />

، ولذا قال تعاىل:‏<br />

)710(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قال بعض أهل العلم:‏ ألن الدنيا كلها حول أم القرى،‏ وقد أودع هللا <strong>يف</strong> هذه األرض خريات وكنوز كثرية من<br />

أمهها <strong>يف</strong> عاملنا املعاصر النفط فإن<br />

%70<br />

من هذا الذهب األسود يكمن <strong>يف</strong> ‏َبطنها إضافة إىل الثروات<br />

األخرى املتنوعة ولكون اجلزيرة <strong>يف</strong> وسط األرض فهي تتمتع مبوقع اسرتاتيجي هام وتشكل حلقة وصل بني<br />

أقطار الدنيا وشرايانً‏ هاماً‏ فيها.‏ )711(<br />

إىل غري ذلك من اخلصائص والفضائل املتعددة،‏ جلزيرة العرب عموماً‏ ولبالد احلجاز على وجه اخلصوص.‏<br />

وقد ذكر بعض املعاصرين ضماانت هامة حلماية هذه اخلصائص من أبرزها:‏ )712(<br />

احملافظة على احلدود الشرعية ومعاقبة من ينتهكها وينال منها،‏ وحتكم الشريعة <strong>يف</strong> كل أمر.‏<br />

سلطان احلاكمية فيها ال جيوز أن يكون لغري دولة التوحيد .<br />

احلرص على إزالة مجيع املنكرات ودواعي اخلذالن وأسباب السخط والعقوبة <strong>يف</strong> شىت جماالت<br />

احلياة.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

( 705 )<br />

( 706 )<br />

( 707 )<br />

( 708 )<br />

( 709 )<br />

( 710 )<br />

( 711 )<br />

( 712 )<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلنائز،‏ ‏َبب ما يكره من اتاذ املساجد على القبور ‏)ص‎103‎‏(‏ رقم )1330(، ومسلم <strong>يف</strong><br />

كتاب املساجد ، ‏َبب النهي عن بناء املسجد على القبور ‏)ص،‏ 760( ، رقم )530(، وزايدة ‏))ال يبقني دينان أبرض العرب((‏ عند<br />

مالك <strong>يف</strong> املوطأ،‏ كتاب اجلامع،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )680/2( قال حمققه حممد فؤاد عبدالباقي:‏ ‏)مرسل وهو<br />

موصول <strong>يف</strong> الصحيحني عن عائشة(‏<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب اجلهاد ، ‏َبب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ‏)ص<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص)‏‎73-29‎‏(،‏ بتصرف .<br />

)991 رقم .)1767(<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب اإلميان،‏ ‏َبب بيان أن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريب....اخل ص )702( رقم )146(.<br />

ينظر:‏ جزيرة <strong>اإلسالم</strong>،‏ سلمان العوده،‏ ص‎36-28‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة الشورى،‏ اآلية<br />

.7<br />

ينظر:‏ جزيرة <strong>اإلسالم</strong>،‏ سلمان العوده،‏<br />

36-28، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص‎80-75‎<br />

، بتصرف.‏


-4<br />

-5<br />

-6<br />

منع سكن املشركني أو إيوائهم أو متليكهم لألراضي والدور أو منحهم اجلنسية وتطهري البالد منهم.‏<br />

مالحقة البدع وحماصرهتا <strong>يف</strong> كل أمر كلي أو جزئي وإن دق وتنظ<strong>يف</strong> اجلزيرة منها.‏<br />

العمل على مجع الكلمة وتوحيد الصف وقمع كل من يريد متزيق األمة وتشتيتها وإشاعة الفنت<br />

فيها.‏<br />

اثلثاً:‏ أمهية خلو جزيرة العرب من الكفار :<br />

إن ما يتعرض له املسلمون <strong>يف</strong> هذا العصر من هجمات شرسة من قبل أعداء امللة والدين تظهر جبالء حكمة<br />

املصطفى <br />

ومعجزة نبوته <strong>يف</strong> أمره إبخراج املشركني من جزيرة العرب وأن ال جيتمع فيها دينان وأن تكون<br />

كلمة هللا هي العليا ، فاملسلمون <strong>يف</strong> هذا الزمن يرون بكل أسى هيمنة الغرب وتسلطه على داير املسلمني<br />

والعمل على متزيقهم وإجياد ومحاية األقليات غري املسلمة <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>،‏ ومن أبرز دالئل ذلك فصلهم<br />

لتيمور الشرقية عن إندونيسيا حلماية النصارى وتكوين دولة هلم <strong>يف</strong> أرض املسلمني هناك .<br />

وكذلك ما يقوم به اليهود <strong>يف</strong> فلسطني من زراعة للمستوطنات وإسكان بين جلدهتم فيها وهدم داير املسلمني<br />

هناك،‏ ودول العامل تتكالب على محاية اليهود ودعمهم لوقوعهم <strong>يف</strong> عمق العامل <strong>اإلسالم</strong>ي وتسعى جاهدة إىل<br />

إَبدة املسلمني <strong>يف</strong> فلسطني ومنع قيام دولة إسالمية هناك.‏<br />

ولن تسلم أرض احلجاز وجزيرة العرب من مثل هذا لو مسح لليهود والنصارى ‏َبالستيطان فيها ودخول<br />

أراضيها املقدسة.‏<br />

ولذا أوصى إبخراجهم وبني أبن جزيرة العرب هي معقل <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> آخر الزمان ونص الفقهاء على ذلك<br />

<strong>يف</strong> مدوانهتم واهتموا ببيانه لألمة.‏ )713(<br />

وإذا كانت اجلزيرة قاعدة <strong>اإلسالم</strong> وقلبه النابض ومهوى أفئدة املسلمني فإن وجود الكفار وإقامتهم فيها مع<br />

ما يصحب ذلك من فنت ومنكرات وكفر ‏َبهلل عز وجل هو عني املبارزة واحملاربة لدينه وشرعه <strong>اإلسالم</strong>،‏ إضافة<br />

على ما <strong>يف</strong> ذلك من ذل وتدنيس لداير املسلمني وخطر على عقيدهتم وأخالقهم )714(<br />

.<br />

وإذا كانت العلة <strong>يف</strong> إخراج املشركني وعدم الرضى بوجود كيان هلم <strong>يف</strong> هذه اجلزيرة هي لتبقى هذه الداير داير<br />

إسالم،‏ وأهلها مسلمني فتسلم قاعدة املسلمني ويسلم قادهتم من أي هتويد أو تنصري فإن احلكم يدور مع<br />

علته فال يقتصر األمر على إخراجهم حسياً‏ وجسدايً‏ فقط بل ويشمل إخراج نفوذهم وحضارهتم ودعوهتم<br />

وعقائدهم وكل ما يهدد أخالقيات هذه البالد وينال من كرامتها.‏ )715(<br />

رابعاً:‏ حكم إخراج الكفار من جزيرة العرب :<br />

( 713 )<br />

( 714 )<br />

( 715 )<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص‎221‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص‎83‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎84-83‎‏،‏ بتصرف.‏


حترير حمل النزاع <strong>يف</strong> املسألة:‏ اتفق الفقهاء على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ومنعهم من السكن<br />

وذلك أنه ملا كانت أرض العرب منبت <strong>اإلسالم</strong> وعرينه،‏ وفيها بيت هللا ومهبط الوحي،‏<br />

فيها أو متلكها )716(<br />

فقد اختصت عن غريها من البالد <strong>اإلسالم</strong>ية هبذه اخلاصية واحلكمة من ذلك وهللا أعلم : أن <strong>اإلسالم</strong> منها<br />

بدأ وإليها يعود كما تقدم ألن فيها أول بيت وضع للناس فله حرمة أبن ال جياوره مشرك وألهنا مهبط الوحي<br />

فلها حرمة توجب نفي الشرك منها وتكرمياً‏ ملكان مولده<br />

ووفاته <br />

من أن تدنسه أقدام أهل الكفر والضاللة،‏<br />

وحفاظاً‏ على حتريره وتطهريه هلذه األرض من الشرك وأهله فتدنيسها هبم بعد ذلك إبطال لعمله وإضاعة<br />

لألمانة اليت محلنا إايها وخيانة للوصية اليت أوصى هبا . )717(<br />

ومن األدلة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ما يلي<br />

الدليل األول :<br />

:<br />

حديث ابن عباس أن النيب أوصى قبل موته بثالث منها قوله:‏ ‏))أخرجوا املشركني من جزيرة<br />

العرب((‏ )718(<br />

الدليل الثاين :<br />

عن جابر هللا عنه قال:‏ أخربين عمر بن اخلطاب أنه مسع رسول هللا <br />

والنصارى من جزيرة العرب حىت ال أدع إال مسلماً((‏ )719(<br />

يقول:‏ ‏))ألخرجن اليهود<br />

الدليل الثالث :<br />

عن أيب هريرة قال:‏ بينما حنن <strong>يف</strong> املسجد خرج النيب فقال:‏ انطلقوا على يهود فخرجنا حىت جئنا بيت<br />

املدارس فقال:‏ ‏))أسلموا تسلموا واعلموا أن األرض هلل ورسوله وإين أريد أن أجليكم من هذه األرض فمن<br />

)720(<br />

جيد منكم مباله شيئاً‏ فليبعه وإال فاعلموا أن األرض هلل ورسوله((.‏<br />

( 716 )<br />

( 717 )<br />

( 718 )<br />

( 719 )<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1542-1541/4(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )185/7(، شرح فتح القدير،‏ للكمال بن اهلمام<br />

)301/5(، حاشية ابن عابدين )328-327/6(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )595-594/4(،= ‏=التاج واإلكليل،‏ للمواق )594/4(<br />

حاشية الدسوقي )202/2(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )487/1(، األم،‏ للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي<br />

)309-308/10(، تكملة اجملموع،‏ للمطيعي ‏)‏‎244/21‎‏-وما بعدها(،‏ حاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، مغين احملتاج،‏ للشربيين<br />

)246/4( املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين البن قدامه<br />

)243/13(، منتهى اإلرادات،‏ للفتوحي مع حاشية النجدي )245/2(، كشاف القناع للبهويت )1367-1366/2(، واملوسوعة<br />

الفقهية الكويتية )125/25-128/17(.<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1542-1541/4(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )185/7( جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية<br />

اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر،‏ ص)‏‎19‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد ، ‏َبب هل يستشفع إىل أهل الذمة ‏)ص،‏ 245(، رقم )3053(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

الوصية ، ‏َبب ترك الوصية ملن ليس له شيء يوصي فيه )964( رقم )1637(.<br />

سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص )200(.


الدليل الرابع :<br />

عن ابن عمر أن عمر بن اخلطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض احلجاز وكان رسول هللا ملا<br />

ظهر على خيرب أراد إخراج اليهود منها وكانت األرض إذا أظهر عليها هلل ولرسوله وللمسلمني فسأل اليهود<br />

رسول هللا أن يقرهم هبا على أن يكفوا العمل وهلم نصف الثمر فقال رسول هللا : ‏))أقركم على ذلك<br />

)721(<br />

ما شئنا((‏ فأقروا هبا وأجالهم عمر <strong>يف</strong> إمارته إىل تيماء وأرحيا.‏<br />

الدليل اخلامس :<br />

عن ابن عمر أن يهود بين النضري وقريظة حاربوا رسول هللا فأجلى رسول هللا بين النضري وأقر<br />

قريظة ومن عليهم حىت حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجاهلم وقسم نسائهم وأوالدهم وأمواهلم بني املسلمني<br />

إال أن بعضهم حلقوا برسول هللا فآمنهم وأسلموا وأجلى رسول هللا يهود املدينة كلهم بين قينقاع وهم<br />

قوم عبدهللا بن سالم ويهود بين حارثة وكل يهودي كان ‏َبملدينة.‏ )722(<br />

السادس : الدليل<br />

عن أيب عبيدة بن اجلراح قال:‏ كان <strong>يف</strong> آخر ما تكلم به رسول هللا <br />

جنران من جزيرة العرب((‏ )723(<br />

قال:‏ ‏))اخرجوا اليهود من احلجاز وأهل<br />

الدليل السابع :<br />

)724(<br />

عن عائشة قالت:‏ كان آخر ما عهد رسول هللا أن قال:‏ ‏))ال يرتك جبزيرة العرب دينان((‏<br />

الدليل الثامن :<br />

أن النيب أمر أن ال ندع <strong>يف</strong> املدينة ديناً‏ غري <strong>اإلسالم</strong> إال أخرج.‏ )726(<br />

عن أيب رافع )725(<br />

( 720 )<br />

( 721 )<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلزية ، ‏َبب إخراج اليهود من جزيرة العرب ‏)ص‎256‎‏(‏ رقم )3167(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

اجلهاد ، ‏َبب إجالء اليهود من احلجاز )991( رقم )1765(.<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب فرض اخلمس ، ‏َبب ما كان يعطي النيب<br />

<br />

( 722 )<br />

( 723 )<br />

( 724 )<br />

( 725 )<br />

ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة واملزارعة ، ‏َبب املساقاة واملعاملة جبزء من الثمر ‏)ص‎948‎‏(،‏ رقم )6-1551(.<br />

املؤلفة قلوهبم..‏ ص)‏‎255‎‏(،‏ رقم )3152(،<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار،‏ ‏َبب مناقب سعد بن معاذ )309( رقم )3804(، ومواضع أخرى،‏ ومسلم<br />

<strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب إجالء اليهود من احلجاز )991( رقم )1766(، واللفظ له.‏<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )196-195/1(، والدارمي <strong>يف</strong> كتاب السري،‏ ‏َبب إخراج املشركني من جزيرة العرب )305/2(، رقم<br />

)2498(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )325/5(: ‏)رواه أمحد إبسنادين ورجال طريقني منها ثقات متصل إسنادمها ورواه أبو يعلي(.‏<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )275/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> السنن )266/6(، وقال اهليثمي )325/5(: رواه أمحد والطرباين <strong>يف</strong> األوسط ورجال<br />

أمحد رجال الصحيح غري ابن اسحاق وقد صرح ‏َبلسماع.‏<br />

أبو رافع هو:‏ موىل رسول هللا قيل امسه إبراهيم وقيل سنان وقيل يسار وغري ذلك قال ابن عبدالرب أشهر ما قيل <strong>يف</strong> امسه أسلم وكان<br />

امسه قرمان القبطي،‏ كان موىل للعباس فوهبه للنيب فأعتقه ملا بشره إبسالم العباس،‏ كان إسالمه قبل بدر ومل يشهدها وشهد أحداً‏ وما<br />

بعدها وروى عن النيب وعن بن مسعود وروى عنه أوالده رافع واحلسن وعبيد هللا واملغريه وأحفاده وغريهم،‏ مات ‏َبملدينة قبل عثمان<br />

بيسري أو بعده وقيل <strong>يف</strong> خالفة علي،‏ ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )65/8-7(، وسري أعالم النبالء )16/2(.


الدليل التاسع :<br />

عن أم سلمة رضي هللا عنها قالت:‏ قال رسول هللا : ‏))أخرجوا اليهود من جزيرة العرب((‏ )727(<br />

الدليل العاشر :<br />

روى مالك عن ابن شهاب أن رسول هللا قال:‏ ‏))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب((‏ )728(<br />

فهذه األدلة صحيحة صرحية <strong>يف</strong> الداللة على وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب ومنعهم من االستيطان<br />

فيها وهو ما قرره علماء األمة.‏ )729(<br />

وقد بوب البخاري حلديث أيب هريرة السابق ‏)الدليل الثالث(،‏ فقال:‏ ‏)َبب إخراج اليهود من جزيرة العرب(،‏<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"وكأن املصنف اقتصر على ذكر اليهود ألهنم يوحدون هللا تعاىل إال القليل منهم ومع ذلك<br />

أمر إبخراجهم فيكون إخراج غريهم من الكفار بطريق األوىل...‏ وحيتمل وهللا أعلم أن يكون النيب بعد أن<br />

فتح ما بقي من خيرب هم إبجالء من بقي ممن صاحل من اليهود مث سألوه أن يبقيهم ليعملوا <strong>يف</strong> األرض فبقاهم<br />

أو كان قد بقي ‏َبملدينة من اليهود املذكورين طائفة استمروا فيها معتمدين على الرضا إببقائهم للعمل <strong>يف</strong><br />

أرض خيرب مث منعهم النيب من سكن املدينة أصالً‏ وهللا أعلم"‏ )730(<br />

( 726 )<br />

( 727 )<br />

( 728 )<br />

أخرجه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري )313/1(، قال اهليثمي )325/5(: ‏"رواه الطرباين وفيه شريك وعبدهللا بن حممد بن عقيل وفيهما ضعف<br />

وحديثهما حسن وبقية رجاله ثقات".‏<br />

رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري )265/23(، وقال اهليثمي،‏ )325/5(: ‏)رواه الطرباين من طريقني رجال أحدمها رجال الصحيح(‏<br />

املوطأ حتقيق حممد عبدالباقي كتاب اجلامع،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )680/2(، وقال مالك:‏ قال ابن شهاب:‏<br />

‏"ففحص عن ذلك عمر بن اخلطاب حىت أاته الثلج واليقني أن رسول هللا<br />

<br />

( 729 )<br />

( 730 )<br />

قال:‏ ‏))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب فأجلى يهود<br />

خيرب((،‏ ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )171/9(، وقال حممد فؤاد عبدالباقي بعد ذكر<br />

احلديث:‏ ‏"مرسل وهو موصول <strong>يف</strong> الصحيحني عن عائشة وابن عباس"‏ )680/2(، والزهري هو:‏ حممد بن مسلم بن عبيدهللا بن عبدهللا<br />

بن شهاب الزهري من نسل كعب بن لؤي بن غالب اإلمام العامل حافظ زمانه القرشي املدين نزيل الشام روى عن ابن عمر وجابر بن<br />

عبدهللا وكان مولده سنة مخسني وقيل إحدى ومخسني وقيل ست ومخسني وحديثه عن رافع بن خديج وعبادة بن الصامت مراسيل=‏<br />

‏=أخرجها النسائي وله عن أيب هريرة <strong>يف</strong> جامع الرتمذي،‏ وحدث عنه عطاء بن أيب رَبح وهو أكرب منه وعمر بن عبدالعزيز وقتادة وأيوب<br />

واألوزاعي وغريهم قال ابن املديين:‏ له حنو من ألفي حديث،‏ تو<strong>يف</strong> سنة أربع أو ثالث وعشرين ومائة وقيل سنة أربع وهو ابن اثنتني<br />

وسبعني سنة.‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )350-326/5(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> ص‎202‎ اهلامش )4(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )204/20(.<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )314-312/6( قال السرخسي <strong>يف</strong> املبسوط )5-4/23(: ‏)وكأن املعىن <strong>يف</strong> ذلك أن اليهود إمنا جاؤا من<br />

الشام إىل أرض احلجاز وكان مقصود رؤسائهم من ذلك طلب احلن<strong>يف</strong>ية ملا وجدوا <strong>يف</strong> كتبهم من بعث رسول هللا ونعت أمته وبذلك<br />

كان يوصي بعضهم بعضاً‏ فلما بعث هللا تعاىل رسول هللا<br />

تعاىل:‏<br />

<br />

<br />

يعودوا إىل املوضع الذي جاء من ذلك املوضع آَبؤهم"ا.ه ، وتقدمت ترمجة ابن حجر ص<br />

امتنعوا من متابعته واالنقياد للحق الذي دعا إليه حسداً‏ وكفراً‏ قال هللا<br />

اآلية فجوزوا على سوء صنيعهم أبن ال ميكنوا من املقام <strong>يف</strong> أرض العرب وأن<br />

.24


وقال الطربي:‏ ‏"فيه أن على اإلمام إخراج كل من دان بغري دين <strong>اإلسالم</strong> من كل بلد غلب عليها املسلمون<br />

عنوة إذا مل يكن ‏َبملسلمني ضرورة إليهم كعمل األرض وحنو ذلك،‏ وعلى ذلك أقر عمر من أقر ‏َبلسواد<br />

والشام"‏ )731(<br />

واألقرب اختصاص ذلك جبزيرة العرب لظاهر احلديث،‏ ولعمل عمر قال ابن تيمية:‏ ‏"وقد أمر النيب <strong>يف</strong><br />

مرض موته:‏ أن ترج اليهود والنصارى من جزيرة العرب<br />

– وهي احلجاز –<br />

فأخرجهم عمر بن اخلطاب <br />

من املدينة وخيرب وينبع واليمامة وخمال<strong>يف</strong> هذه البالد ومل خيرجهم من الشام بل ملا فتح الشام أقر اليهود<br />

والنصارى ‏َبألردن وفلسطني وغريمها كما أقرهم بدمشق وغريها )732(<br />

وقال النووي:‏ ‏"أخذ هبذا احلديث مالك والشافعي وغريمها من العلماء فأوجبوا إخراج الكفار من جزيرة العرب<br />

وقالوا ال جيوز متكينهم من سكناها"‏ )733(<br />

وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"ومل يكن النيب ضرب اجلزية على أحد من اليهود ‏َبملدينة وال خبيرب بل حارهبم قبل<br />

نزول آية اجلزية وأقر اليهود خبيرب فالحني بال جزية إىل أن أجالهم عمر،‏ ألهنم كانوا مهادنني له وكانوا<br />

فالحني <strong>يف</strong> األرض فأقرهم حلاجة املسلمني إليهم مث أمر إبجالئهم قبل موته وأمر إبخراج اليهود والنصارى من<br />

جزيرة العرب"‏ )734(<br />

وقال ابن القيم رمحه هللا:‏<br />

‏"فإن قيل:‏ فرسول هللا قد أقر أهل خيرب هبا إىل أن قبضه هللا وهي من جزيرة العرب وأصرح من هذا أنه<br />

مات ودرعه مرهونة عند يهودي ‏َبملدينة على ثالثني صاعاً‏ من شعري أخذه ألهله<br />

قيل:‏ أما إقرار أهل خيرب فإنه مل يقرهم إقراراً‏ الزماً،‏ بل قال:‏ ‏))نقركم ما شئنا((‏ وهذا صريح <strong>يف</strong> أنه جيوز لإلمام<br />

أن جيعل عقد الصلح جائزاً‏ من جهته مىت شاء نقضه بعد أن ينبذ إليهم على سواء،‏ فلما أحدثوا ونكثوا<br />

( 731 )<br />

( 732 )<br />

املصدر السابق ، وتقدمت ترمجته ص<br />

.21<br />

<br />

<br />

( 733 )<br />

( 734 )<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع ابن قاسم،‏ )631-630/28(، وقال السرخسي <strong>يف</strong> املبسوط 5-4/023(: ‏"بني هلم<br />

رسول هللا أن ما فعله من املن عليهم بنخيلهم وأراضيهم غري مؤبد بقوله عليه الصالة والسالم:‏ ‏))أقركم ما أقركم هللا((‏ وهذا منه شبه<br />

االستثناء،‏ وإشارة إىل أنه ليس هلم حق املقام <strong>يف</strong> خنيلهم على التأبيد،‏ ألنه من طريق الوحي أنه يؤمر إبجالئهم فتحرز هبذه الكلمة عن<br />

نقض العهد،‏ ألنه كان أبعد الناس عن نقض العهد والغدر ... إال أن رسول هللا قبض قبل أن يتمم ذلك ومل يتفرغ أبو بكر الصديق<br />

لذلك،‏ ألنه مل تطل مدة خالفته وقد كان مشغوالً‏ بقتال أهل الردة حىت إذا كان <strong>يف</strong> زمن عمر وكان قد مسع ذلك من رسول هللا<br />

أجلى اليهود من خيرب وأمر يهود الوادي أن يتجهزوا ‏َبجلالء إىل الشام"،‏ وقد عمل عمر ‏َبلعام املتفق عليه ملا أراد إجالء بين النضري<br />

فاعرتضوا بقوله عليه السالم ‏))اتركوهم وما يدينون((‏ ومتسك عمر بقوله ‏))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب((‏ .<br />

ينظر:‏ التقرير والتحبري،‏ البن أمري احلاج،‏ )311/2(.<br />

شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )103/12-11(، وتقدمت ترمجته ص<br />

بعدها(‏<br />

. 37<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع ابن قاسم )25-24/19(، وحنواً‏ من ذلك ما قاله السبكي <strong>يف</strong> فتاواه ‏)‏‎381/2‎‏-وما


أجالهم عمر ... وأما رهن النيب درعه عند اليهودي فلعله من اليهود الذين كانوا يقدمون املدينة<br />

‏َبملرية والتجارة من حوهلا أو من أهل خيرب،‏ وإال فيهود املدينة كانوا ثالث طوائف:‏ بين قينقاع وبين النضري<br />

وبين قريظة فأما بنو قينقاع فحارهبم أوالً‏ مث من عليهم وأما بنو النضري فأجالهم إىل خيرب،‏ وأجلى بين قينقاع<br />

أيضاً،‏ وقتل بين قريظة وأجلى كل يهودي كان ‏َبملدينة،‏ فهذا اليهودي املرهتن الظاهر أنه من أهل العهد قدم<br />

)735(<br />

املدينة بطعام أو كان ممن مل حيارب فبقي على أمانه فاهلل أعلم".‏<br />

وكتب الفقهاء من<br />

اتفاق بينهم )736(<br />

املذاهب األربعة وغريها طافحة مبا يقرر وجوب إخراج املشركني من جزيرة العرب فهو حمل<br />

لكنهم اختلفوا فيما ينطبق عليه هذا احلكم من جزيرة العرب،‏ وتعددت الرواايت <strong>يف</strong> ذلك عن الفقهاء مبا<br />

، وميكن إمجال اخلالف <strong>يف</strong> ذلك على قولني:‏<br />

ظاهره التعارض )737(<br />

( 735 )<br />

أحكام أهل الذمة،‏ )392-387/1( واحلديثان تقدم ترجيهما ص<br />

.204 و 182<br />

( 736 )<br />

،)185/7(<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1541/4(، شرح فتح القدير البن اهلمام )301/5(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين<br />

حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل للحطاب )594/4(، شرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )145/3(، التاج<br />

واإلكليل،‏ للمواق )594/4(، حاشية الدسوقي )202/2(، األم،‏ للشافعي )178-177/4( روضة الطالبني للنووي )308/10(<br />

حاشيتا قليويب وعمريه )232/4(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن<br />

قدامه واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي )468/10(، املغين البن قدامه )243/13(، منتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي حتقيق الرتكي<br />

)245/2(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1367-1366/2(، شرح منتهى اإلرادات،‏ للبهويت )135/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية<br />

)205-204/20( و)‏‎128/17‎‏(‏ و )125/25(.<br />

( 737 )<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

فعن اإلمام مالك رمحه هللا تعاىل ثالث رواايت :<br />

رواية ابن وهب عنه:‏ أنه قال:‏ ‏"أرض العرب:‏ مكة ، واملدينة ، واليمن"‏ ، ومثله قال املغرية بن عبدالرمحن.‏<br />

رواية الزهري عن مالك ، قال : ‏"جزيرة العرب:‏ املدينة ومكة ، واليمامة ، واليمن"‏ ، واليمامة كانت داخلة <strong>يف</strong> عمل املدينة،‏ وكان<br />

أمرها مضطرَبً‏ حسب الوالية <strong>يف</strong> العصرين األموي والعباسي،‏ فأحياانً‏ تضاف إىل املدينة،‏ وأحياانً‏ تفرد برأسها .<br />

ما ذكره الباجي،‏ قال:‏ قال مالك:‏ ‏"جزيرة العرب:‏ منبت العرب،‏ قيل هلا:‏ جزيرة العرب،‏ إلحاطة البحور واألهنار هبا"‏ وما <strong>يف</strong> هذه<br />

الرواية الثالثة يلتقي مع التحديد املذكور،‏ وما <strong>يف</strong> الروايتني قبلها،‏ يعين:‏ ما كان عامراً،‏ مشمول الوالية ‏َبجلملة.‏ وهذا يلتقي مع<br />

مفهوم من سبق من السلف ملسمى ‏)جزيرة العرب(‏ .<br />

و<strong>يف</strong> صفة جزيرة العرب،‏ للهمداين عن ابن عباس،‏ و<strong>يف</strong> املسالك واملمالك،‏ للبكري عن شرقي بن القطامي وغريه:‏ ‏"كانت أرض اجلزيرة<br />

خاوية،‏ ليس <strong>يف</strong> هتامتها وجندها وحجازها وعروضها كبري أحد إلخراب خبتنصر وإجالئها من أهلها،‏ إال من اعتصم برؤوس اجلبال<br />

– وشعاهبا"‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

وهكذا الشأن <strong>يف</strong> الرواية عن اإلمام أمحد رمحه هللا تعاىل:‏ =<br />

ففي رواية بكر بن حممد عن أبيه،‏ قال:‏ سألت أَب عبدهللا يعين:‏ اإلمام أمحد عن جزيرة العرب؟ فقال:‏ ‏"إمنا اجلزيرة موضع العرب،‏<br />

وأي موضع يكون فيه أهل السواد والفرس،‏ فليس هو جزيرة العرب،‏ موضع العرب:‏ الذي يكونون فيه"‏ .<br />

و<strong>يف</strong> رواية ابنه عبدهللا عنه،‏ قال:‏ ‏"مسعت أيب يقول <strong>يف</strong> حديث:‏ ‏"ال يبقى دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب"‏ : تفسريه:‏ ما مل يكن <strong>يف</strong> يد فارس<br />

والروم.‏ قيل له:‏ ما كان خلف العرب؟ قال:‏ نعم".‏<br />

ورواية اثلثة <strong>يف</strong> ‏"املغين"،‏ قال:‏ ‏"قال اإلمام أمحد:‏ جزيرة العرب:‏ املدينة وما واالها".‏


األقوال <strong>يف</strong> املسألة :<br />

القول األول:‏ أن الكفار مينعون من سكىن جزيرة العرب كلها،‏ وجيلون وخيرجون منها وهذا مذهب احلنفية<br />

.<br />

واملالكية )738(<br />

القول الثاين:‏ أن هذا احلكم ال يتناول كل ما تشمله ‏)جزيرة العرب(،‏ وإمنا هو خاص أبرض احلجاز وهذا مذهب<br />

الشافعية واحلنابلة )739(<br />

.<br />

( 738 )<br />

فالروايتان األوىل والثانية تلتقيان <strong>يف</strong> حمدود جزيرة العرب،‏ ألن العرب كانت منتشرة <strong>يف</strong> الظعن واإلقامة والرعي واخلفارة <strong>يف</strong> قلب هذه الرقعة،‏<br />

وما أسحلته حبارها الثالثة.‏<br />

والقول <strong>يف</strong> الرواية الثالثة،‏ كالشأن <strong>يف</strong> توجيه الرواية عن مالك رمحه هللا تعاىل،‏ وتقدم.‏<br />

وعليه،‏ فإن من عد اختالف الرواية عن هذين اإلمامني اختالفاً‏ يوجب تكوين رأي <strong>يف</strong> مسمى ‏)جزيرة العرب(‏ من قصرها على مكة<br />

واملدينة،‏ فقد أبعد.‏<br />

ينظر:‏ خصائص جزيرة العرب،‏ بكر أبو زيد،‏ ص‎24-22‎ واملنتقى،‏ للباجي ( 7 ) /196 واملغين،‏ البن قدامه )13 /243(.<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1542-1541/4(، شرح فتح القدير،‏ للكمال<br />

بن اهلمام )301/5(، بدائع الصنائع،‏<br />

للكاساين )185/7(، حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )594/4(، املنتقى للباجي )196/7(، شرح خمتصر<br />

خليل للخرشي )145/3(، التاج واإلكليل،‏ للمواق )594/4(، حاشية الدسوقي )202-200/2(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس<br />

.)487/1(<br />

( 739 )<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )178-177/4( روضة الطالبني،‏ للنووي )309-308/10(، تكملة اجملموع،‏ للمطيعي )244/21(، حاشيتا<br />

قليويب وعمريه )232/4(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏<br />

للموفق بن قدامه وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، واملغين للموفق بن قدامه )243/13(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية<br />

النجدي )245/2(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1367-1366/2(.


األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول بظاهر األحاديث السابقة <strong>يف</strong> األمر إبخراج املشركني واليهود والنصارى من<br />

جزيرة العرب،‏ فهي تتناول كل ما يدخل <strong>يف</strong> مسمى جزيرة العرب كما سبق حتديده )740(<br />

)741(<br />

ولو كان املراد احلجاز خاصة لبينه إذ ال جيوز أتخري البيان عن وقت احلاجة وهو أفصح اخللق <br />

.<br />

قال ابن عابدين:‏ ‏"قوله:‏ مينعون من استيطان مكة واملدينة ألهنما من أرض العرب،‏ أفاد أن احلكم غري<br />

)742(<br />

مقصور عليهما بل جزيرة العرب كلها كذلك كما عرب به <strong>يف</strong> الفتح وغريه"‏<br />

وقال <strong>يف</strong> اجلامع ألحكام القرآن : ‏"أما جزيرة العرب وهي مكة واملدينة واليمامة واليمن وخمال<strong>يف</strong>ها،‏ فقال<br />

مالك:‏ خيرج من هذه املواضع كل من كان على غري <strong>اإلسالم</strong> وال مينعون من الرتدد هبا مسافرين"‏ )743(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />

-1<br />

حديث أيب عبيدة بن اجلراح قال:‏ آخر ما تكلم به رسول هللا <br />

احلجاز وأهل جنران من جزيرة العرب((‏ )744(<br />

يقول:‏ ‏))أخرجوا يهود أهل<br />

<strong>يف</strong> املوطأ:‏ ‏)قد أجلى عمر بن اخلطاب يهود جنران وفدك فأما يهود خيرب فخرجوا منها ليس هلم<br />

من الثمر وال من األرض شيء وأما يهود فدك فكان هلم نصف الثمر ونصف األرض،‏ ألن رسول<br />

هللا <br />

صاحلهم على نصف الثمر ونصف األرض،‏ فأقام هلم عمر نصف الثمر ونصف األرض<br />

قيمة من ذهب وورق وإبل وحبال وأقتاب،‏ مث أعطاهم القيمة وأجالهم منها(‏ )745(<br />

. فخصصوا<br />

عموم األحاديث السابقة هبذا احلديث وبفعل عمر <strong>يف</strong> حمضر من الصحابة من غري إنكار فكان<br />

إمجاعاً‏ سكوتياً)‏‎746‎‏(‏<br />

-2<br />

( 741 )<br />

) 740 ( <strong>يف</strong> ص )200( وص )204( ، وقال الصنعاين <strong>يف</strong> سبل السالم )302/7(: ‏"واحلديث دليل على وجوب إخراج اليهود والنصارى من<br />

جزيرة العرب لعموم قوله ‏))ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب((‏ وهو عام لكل دين"،‏ وقال الشوكاين <strong>يف</strong> نيل األوطار )319/10-9-<br />

322(: ‏)وظاهر احلديث أنه جيب إخراج املشركني من كل مكان داخل <strong>يف</strong> جزيرة العرب(.‏<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1541/4( ، وشرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )301/5(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين<br />

)185/7(، حاشية ابن عابدين )327/6(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )595-594/4(، املنتقى،‏ للباجي )196/7(، شرح خمتصر<br />

خليل،‏ للخرشي )145/3(، التاج واإلكليل للمواق )194/4(، حاشية الدسوقي )202-200/2(، عقد اجلواهر الثمينة البن شاس<br />

.)487/1(<br />

( 742 )<br />

( 743 )<br />

( 744 )<br />

( 745 )<br />

حاشية ابن عابدين )336/6(، وتقدم ترمجته ص<br />

للقرطيب ‏)‏‎104/4‎‏-وما بعدها(.‏<br />

سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص )204(.<br />

.149<br />

( 746 )<br />

املوطأ كتاب اجلامع،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> إجالء اليهود من املدينة )681/2( ، واملنتقى،‏ للباجي )196/7(، وشرح الزرقاين )291/4(<br />

وفدك بلدة بينها وبني املدينة يومان وبينها وبني خيرب دون مرحلة.‏<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )178-177/4(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )308/10( وتكملة اجملموع للمطيعي )244/21(، وحاشيتا<br />

قليويب وعمرية )232/4(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري )214/7(، مغين احملتاج للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف


وألنه <br />

بعث معاذ إىل اليمن قبل موته وأمره أن أيخذ من كل حامل ديناراً‏ وأقرهم فيها وأقرهم أبو<br />

بكر بعده وعمر وعثمان ومل يعرف عن إمام أنه أجالهم من اليمن )747(<br />

-3<br />

قال الشافعي:‏ ‏"احلجاز:‏ مكة واملدينة واليمن وخمال<strong>يف</strong>ها كلها...‏ ومل أعلم أن أحداً‏ أجلى أحداً‏ من أهل الذمة<br />

من اليمن وقد كانت هبا ذمة وليست حبجاز،‏ فال جيليهم أحد من اليمن وال أبس أن يصاحلهم على مقامهم<br />

)748(<br />

‏َبليمن"‏<br />

وملا ذكر الرملي األحاديث الواردة <strong>يف</strong> إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب قال:‏ ‏"ليس املراد مجيع جزيرة<br />

العرب بل احلجاز منها،‏ ألن عمر أجالهم منه وأقرهم ‏َبليمن مع أنه منها وهو ‏–أي احلجاز-‏ مكة واملدينة<br />

واليمامة وقراها ، كالطائف وجدة وخيرب وينبع"‏ )749(<br />

-4 " وألن النيب <br />

ملا قال:‏ ‏))أخرجوهم من جزيرة العرب((‏ مث قال:‏ ‏))أخرجوهم من احلجاز((‏ عرفنا أن<br />

مقصوده جبزيرة العرب احلجاز فقط،‏ وال خمصص للحجاز عن سائر البالد إال برعاية أن املصلحة <strong>يف</strong><br />

إخراجهم منه أقوى فوجب مراعاة املصلحة إذا كانت <strong>يف</strong> تقريرهم أقوى منها <strong>يف</strong> إخراجهم " )750(<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

ميكن مناقشة أدلة القول الثاين فيقال:‏ أبن حديث أيب عبيدة صريح <strong>يف</strong> أن أرض جنران من جزيرة العرب فال<br />

خيتص احلكم ‏َبحلجاز.‏<br />

وقد عقب ابن قدامة على هذا بقوله:‏ " فأما إخراج أهل جنران منه فألن النيب صاحلهم على ترك الرَب<br />

فنقضوا عهده فكأن جزيرة العرب <strong>يف</strong> تلك األحاديث أريد هبا احلجاز وال مينعون من أطراف احلجاز كيتماء<br />

وفيد ألن عمر مل مينعهم من ذلك " )751(<br />

وقد انقش <strong>يف</strong> سبل السالم أدلة هذا القول فقال:‏ ‏"ال خ<strong>يف</strong>ى أن األحاديث املاضية فيها األمر إبخراج من ذكر<br />

من أهل األداين غري دين <strong>اإلسالم</strong> من جزيرة العرب واحلجاز بعض جزيرة العرب وورد <strong>يف</strong> حديث أيب عبيدة<br />

األمر إبخراجهم من احلجاز وهو بعض مسمى جزيرة العرب واحلكم على بعض مسمياهتا حبكم ال يعارض<br />

للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين،‏ البن قدامه )243/13(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي مع حاشية النجدي<br />

)245/2(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )1366/2(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )129-128/3(، ونيل األوطار،‏ للشوكاين<br />

319/10(، وسبل السالم للصنعاين )302/7(.<br />

-9(<br />

( 747 )<br />

( 748 )<br />

( 749 )<br />

( 750 )<br />

( 751 )<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

األم،‏ للشافعي )178/4(.<br />

هناية احملتاج،‏ للرملي )85-83/8(، وفسر ‏)اليمامة(‏ أبهنا إحدى قرى الطائف،‏ وترمجته سبقت <strong>يف</strong> ص<br />

نيل األوطار،‏ للشوكاين )322-319/10-9(.<br />

املغين،‏ البن قدامه ‏)‏‎243/13‎‏-وما بعدها(،‏ وترمجته تقدمت ص<br />

.199<br />

. 106


احلكم عليها كلها بذلك احلكم كما قرر <strong>يف</strong> األصول أن احلكم على بعض أفراد العام ال خيصص العام وهذا<br />

نظريه.‏<br />

وليست جزيرة العرب من ألفاظ العموم كما وهم فيه مجاعة من العلماء وغاية ما أفاده حديث أيب عبيدة<br />

زايدة التأكيد <strong>يف</strong> إخراجهم من احلجاز ألنه دخل إخراجهم من احلجاز حتت األمر إبخراجهم من جزيرة<br />

العرب مث أفرد ‏َبألمر زايدة أتكيد ال أنه تصيص أو نسخ وك<strong>يف</strong> وقد كان آخر كالمه <br />

: ‏))أخرجوا<br />

املشركني من جزيرة العرب((‏ وأما قول الشافعي إنه ال يعلم أحد أجالهم من اليمن فليس ترك إجالئهم بدليل<br />

فإن أعذار من ترك ذلك كثرية،‏ وقد ترك أبو بكر إجالء أهل احلجاز مع االتفاق على وجوب إجالئهم<br />

لشغله جبهاد أهل الردة ومل يكن ذلك دليالً‏ على أهنم ال جيلون بل أجالهم عمر <br />

.. أقرهم <strong>يف</strong> اليمن<br />

فهذا كان قبل أمره <br />

. وأما القول أبنه <br />

إبخراجهم فإنه كان عند وفاته.‏ فاحلق وجوب إجالئهم من اليمن<br />

لوضوح دليله،‏ وكذا القول أبن تقريرهم <strong>يف</strong> اليمن قد صار إمجاعاً‏ سكوتياً‏ ال ينهض على دفع األحاديث فإن<br />

السكوت من العلماء على أمر وقع من اآلحاد أو خل<strong>يف</strong>ة أو غريه من فعل حمظور أو ترك واجب ال يدل على<br />

جواز ما وقع،‏ وال على جواز ما ترك فإنه إن كان الواقع فعالً‏ أو تركاً‏ ملنكر وسكتوا مل يدل سكوهتم على أنه<br />

ليس مبنكر ملا علم من أن مراتب اإلنكار ثالث ‏َبليد أو اللسان أو القلب وانتفاء اإلنكار ‏َبليد واللسان ال<br />

يدل على انتفائه ‏َبلقلب وحينئذ فال يدل سكوته على تقريره ملا وقع حىت يقال قد أمجع عليه إمجاعاً‏ سكوتياً‏<br />

إذ ال يثبت أنه قد أمجع الساكت إذا علم رضاه حىت يقال رضاه ‏َبلواقع وال يعلم ذلك إال عالم الغيوب.‏<br />

وهبذا يعرف بطالن القول أبن اإلمجاع السكويت حجة ... فالعجب ممن قال:‏ ومثله قد <strong>يف</strong>يد القطع وكذلك<br />

قول من قال:‏ إنه حيتمل أن حديث األمر ‏َبإلخراج كان عند سكوهتم بغري جزية ‏َبطل ألن األمر إبخراجهم<br />

عند وفاته <br />

واجلزية فرضت <strong>يف</strong> التاسعة من اهلجرة عند نزول براءة فك<strong>يف</strong> يتم هذا،‏ مث إن عمر أجلى أهل<br />

جنران وقد كان صاحلهم على مال واسع كما هو معروف وهو جزية.‏ والتكلف لتقومي ما عليه الناس ورد<br />

ما ورد من النصوص مبثل هذه التأويالت مما يطيل تعجب الناظر املنصف " )752(<br />

وقال <strong>يف</strong> نيل األوطار<br />

: ‏"وظاهر حديث ابن عباس أنه جيب إخراج كل مشرك من جزيرة العرب سواء كان<br />

يهودايً‏ أو نصرانياً‏ أو جموسياً،‏ ويؤيد هذا ما <strong>يف</strong> حديث عائشة املذكور بلفظ ‏))ال يرتك جبزيرة العرب دينان((‏<br />

وكذلك حديث عمر وأيب عبيدة بن اجلراح لتصرحيهما إبخراج اليهود والنصارى.‏ وهبذا يعرف أن ما وقع <strong>يف</strong><br />

بعض ألفاظ احلديث من االقتصار على األمر إبخراج اليهود ال ينا<strong>يف</strong> األمر العام،‏ ملا تقرر <strong>يف</strong> األصول أن<br />

التنصيص على بعض أفراد العام ال يكون خمصصاً‏ للعام املصرح به <strong>يف</strong> لفظ آخر ، وما حنن فيه من<br />

ذلك"‏ )753(<br />

( 752 )<br />

( 753 )<br />

سبل السالم،‏ للصنعاين )307-302/7(.<br />

نيل األوطار،‏ للشوكاين ، )322-319/10-9( ، وهذه األحاديث تقدم ترجيها <strong>يف</strong> ص<br />

. 205 -200


وذكر أيضاً‏ أبن حديث أيب عبيدة مفهومه معارض ملنطوق حديث ابن عباس املصرح فيه بلفظ جزيرة العرب<br />

واملفهوم ال يقوى على معارضة املنطوق فك<strong>يف</strong> يرجح عليه على أن األحناف ال يقولون مبفهوم املخالفة<br />

وحديث أيب عبيدة الذي فيه األمر إبخراج اليهود من احلجاز فيه أيضاً‏ األمر إبخراج أهل جنران وهي ليست<br />

من احلجاز فلو كان لفظ احلجاز خمصصاً‏ للفظ جزيرة العرب على انفراده أو داالً‏ على أن املراد جبزيرة العرب<br />

)754(<br />

احلجاز فقط لكان <strong>يف</strong> ذلك إمهال لبعض احلديث وإعمال لبعض وهذا ‏َبطل.‏<br />

كما أجاب عن أدلتهم أبجوبة منها :<br />

أن محل جزيرة العرب على احلجاز وإن صح جمازاً‏ من إطالق اسم الكل على البعض فهو معارض ‏َبلقلب<br />

وذلك أبن يقال:‏ املراد ‏َبحلجاز جزيرة العرب إما الحنجازها ‏َبألحبر<br />

أو جمازاً‏ من إطالق اسم اجلزء على الكل فرتجيح أحد اجملازين <strong>يف</strong>تقر إىل دليل وال دليل.‏<br />

وأيضاً‏ فإن <strong>يف</strong> خرب جزيرة العرب زايدة مل تغري حكم اخلرب فهي مقبولة وأما استنباطهم كون علة التقرير <strong>يف</strong> غري<br />

احلجاز هي املصلحة فيجاب عنه أبن التقرير فرع ثبوت احلكم ملا علم من أن املستنبطة إمنا تؤخذ من حكم<br />

األصل بعد ثبوته والدليل مل يدل إال على نفي التقرير ال ثبوته ملا تقدم <strong>يف</strong> حديث ‏))ال يرتك جبزيرة العرب<br />

دينان((‏ فهذا االستنباط واقع <strong>يف</strong> مقابلة النص املصرح فيه أبن العلة كراهة اجتماع دينني فلو فرض أنه مل يقع<br />

النص إال على إخراجهم من احلجاز لكان املتعني إحلاق بقية جزيرة العرب به هلذه العلة فك<strong>يف</strong> والنص<br />

)755(<br />

صحيح صريح <strong>يف</strong> اإلخراج من جزيرة العرب؟!‏<br />

وهبذا يتبني رجحان القول األول لقوة أدلتهم وعمومها وال خمصص هلا وقد سلمت من املناقشة وم اجلواب<br />

عن أدلة املخالفني حبمد هللا.‏<br />

)757( 756(<br />

وقد رجح هذا كثري من املعاصرين كالشيخ حممد بن إبراهيم و(‏ ابن ‏َبز حيث قال:‏ ‏"على احلكام <strong>يف</strong><br />

السعودية و<strong>يف</strong> اخلليج و<strong>يف</strong> مجيع أجزاء اجلزيرة عليهم مجيعاً‏ أن جيتهدوا كثرياً‏ <strong>يف</strong> إخراج النصارى والبوذيني<br />

والوثنيني واهلندوس وغريهم من الكفرة وأال يستقدموا إال املسلمني هذا هو الواجب وهو مبني بياانً‏ جلياً‏ <strong>يف</strong><br />

قواعد الشرع احلن<strong>يف</strong> فاملقصود والواجب إخراج الكفار من اجلزيرة وأن ال يستعمل فيها إال املسلمون من بالد<br />

( 754 )<br />

( 755 )<br />

( 757 )<br />

املصدر السابق .<br />

املصدر السابق،‏ وقال:‏ ‏"فإن قلت:‏ فهل خيصص لفظ جزيرة العرب املنزل منزلة العام ملا له من اإلجزاء بلفظ احلجاز عند من جوز<br />

التخصيص ‏َبملفهوم.‏ قلت:‏ هذا املفهوم من مفاهيم اللقب وهو غري معمول به عند احملققني من أئمة األصول حىت قيل إنه مل يقل به إال<br />

الدقاق وقد تقرر عند فحول أهل األصول أن ما كان من هذا القبيل جيعل من قبيل التنصيص على بعض األفراد ال من قبيل التخصيص،‏<br />

إال عند أيب ثور".‏<br />

) 756 ( <strong>يف</strong> فتاواه،‏ مجع بن قاسم )255-230/6-5(.<br />

جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة ، البن ‏َبز،‏ مجع الشويعر )286-285/3(.


هللا...‏ أما الكفار فال يستخدمهم أبداً‏ إال عند الضرورة الشرعية أي اليت يقدرها والة األمر وفق شرع <strong>اإلسالم</strong><br />

وحده"‏ )758(<br />

وينبغي التنبه إىل أن األمر إبخراجهم موكول إىل إمام املسلمني وتصرفه على الرعية منوط ‏َبملصلحة كما قرر<br />

الفقهاء وخمالفة ذلك خروج على اإلمام وهو أشد مفسدة،‏ وال يلزم من األمر إبخراجهم إَبحة قتلهم إذا بقوا وال<br />

يدل احلديث على ذلك ال مبنطوقه وال مبفهومه.‏<br />

كما ال يدل على انتقاض عهد من دخل اجلزيرة من اليهود والنصارى جملرد الدخول،‏ فدخوهلم بعهد وأمان<br />

إىل جزيرة العرب يعصم دماءهم وأمواهلم،‏ وقد وردت النصوص <strong>يف</strong> التحذير الشديد من قتل املعاهدين وخفر<br />

ذمة املسلمني فضالً‏ عما <strong>يف</strong> ذلك من مفسدة اخلروج على والة األمر وتفريق مجاعة املسلمني ووحدهتم وهو<br />

أعظم فساداً‏ وأشد جرماً‏ من خمالفة أمره <strong>يف</strong> إخراج الكفار من جزيرة العرب ومن تلك النصوص قوله <br />

: ‏))ذمة املسلمني واحدة يسعى هبا أدانهم فمن أخفر مسلماً‏ فعليه لعنة هللا واملالئكة والناس أمجعني ال يقبل<br />

منه يوم القيامة صرف وال عدل((‏ )759(<br />

وقال <br />

: ‏))أال من قتل نفساً‏ معاهداً‏ له ذمة هللا وذمة رسوله فقد أخفر بذمة هللا فال يرح رائحة اجلنة وإن<br />

، وقال عليه الصالة والسالم:‏ ‏))املؤمنون تكافأ دماؤهم وهم يد<br />

رحيها ليوجد من مسرية سبعني خر<strong>يف</strong>اً((‏ )760(<br />

على من سواهم يسعى بذمتهم أدانهم ال يقتل مؤمن بكافر وال ذو عهد <strong>يف</strong> عهده((‏ )761(<br />

و<strong>يف</strong> رواية : ‏))جيري على املسلمني أدانهم ويرد على املسلمني أقصاهم((‏<br />

وقال عليه السالم:‏ ‏))من قتل معاهداً‏ مل يرح رائحة اجلنة وإن رحيها توجد من مسرية أربعني عاماً((‏ )762(<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"واملراد به من له عهد مع املسلمني سواء كان بعقد جزية أو هدنة من سلطان أو أمان من<br />

)763(<br />

مسلم"‏<br />

( 758 )<br />

املصدر السابق،‏ وينظر فتاوى <strong>يف</strong> ذلك لكثري من املعاصرين على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم:‏<br />

www.islamtody.net<br />

.<br />

www.almoslim.net<br />

( 759 )<br />

أخرجه مسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب احلج،‏ ‏َبب فضل املدينة وكتاب العتق،‏ ‏َبب حترمي تويل العتيق غري مواليه )905 و<br />

وموقع املسلم:‏<br />

)938 رقم -1370(<br />

3327<br />

( 760 )<br />

( 761 )<br />

و 3794(، والذمة:‏ العهد،‏ والصرف:‏ الفريضة وقيل التوبة،‏ والعدل:‏ النافلة،‏ وقيل:‏ الفدية.‏<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب الدايت ‏َبب فيمن يقتل نفساً‏ معاهداً‏ ‏)ص 1793( رقم )1304(، وابن ماجة <strong>يف</strong> الدايت،‏ ‏َبب من قتل معاهداً‏<br />

رقم )2687-86(، ص )2638(، واملعاهد من بينه وبني املسلمني عهد،‏ واخلفر نقض العهد.‏<br />

،3166<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب العلم واجلهاد والسري واجلزية والدايت وغريها ‏)ص‎576-257-256‎ وغريها(‏ األرقام )111،<br />

3172<br />

،6914<br />

وغريها(‏ )6756( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج والعتق )938-905( رقم )3327/1370<br />

والنسائي،‏ <strong>يف</strong> كتاب القسامة ، ‏َبب سقوط القود من املسلم للكافر رقم )4749(، واللفظ له.‏<br />

)3794 ، و<br />

( 762 )<br />

( 763 )<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب اجلزية ، ‏َبب إمث من قتل معاهداً‏ بغري جرم )256( رقم )3166(.<br />

فتح الباري )271/12(.


وقال ابن القيم ‏–رمحه هللا-‏ : ‏"أحكام املستأمن واحلريب خمتلفه ألن املستأمن حيرم قتله وتضمن نفسه ويقطع<br />

بسرقة ماله ... واألمان جيوز عقده لكل كافر،‏ ويعقده كل مسلم وال يشرتط على املستأمن شيء من<br />

الشروط والذمة ال يعقدها إال اإلمام أو انئبه"‏ )764(<br />

وقال:‏ ‏"وأما املستأمن فهو الذي يقدم بالد املسلمني من غري استيطان هلا وهؤالء أربعة أقسام:‏ رسل وجتار ومستجريون<br />

حىت يعرض عليهم <strong>اإلسالم</strong> والقرآن فإن شاؤوا دخلوا فيه وإن شاؤوا رجعوا إىل بالدهم وطالبوا حاجة من زايرة أو غريها<br />

وحكم هؤالء أال يهاجروا وال يقتلوا وال تؤخذ منهم اجلزية وأن يعرض على املستجري منهم <strong>اإلسالم</strong> والقرآن فإن دخل فيه<br />

فذاك وإن أحب اللحاق مبأمنه أحلق به ومل يعرض له قبل وصوله إليه فإذا وصل مأمنه عاد حربياً‏ كما كان"‏ )765(<br />

وقال عن أهل الذمة:‏ ‏"عبارة عمن يودي اجلزية وهؤالء هلم ذمة مؤبدة،‏ وهؤالء قد عاهدوا املسلمني على أن<br />

جيري عليهم حكم هللا ورسوله إذ هم مقيمون <strong>يف</strong> الدار اليت جيري فيها حكم هللا ورسوله"‏ )766(<br />

وهبذا يعمل جبميع النصوص الشرعية فالنيب أمر إبخراجهم ومل يقل اقتلوهم أو اغدروا هبم إذا<br />

أمنتموهم )767( ، وحذر <strong>يف</strong> النصوص السابقة من الغدر أبهل الذمة والعهد ألن <strong>اإلسالم</strong> دين الوفاء ال الغدر<br />

واخليانة،‏ ومل خيرجهم عامة املسلمني وإمنا توىل ذلك أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب <br />

وغريه من الوالة بعده،‏<br />

ولو كان إخراجهم موكول إىل العامة الختل نظام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية وتفرقت كلمة املسلمني،‏ وعلى هذا جيب<br />

على والة األمر إخراج املشركني واليهود والنصارى من جزيرة العرب ال سيما إذا مل تكن مث حاجة إىل بقائهم<br />

وأمكن االستغناء عنهم،‏ والظن بوالة أمر املسلمني أهنم لن يبقوا <strong>يف</strong> جزيرة العرب من ال ضرورة إليه عمالً‏<br />

بوصيته وحفاظاً‏ على أمن املسلمني وعقيدهتم.‏<br />

خامساً:‏ حكم سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب :<br />

ترجح فيما تقدم وجوب إخراج الكفار من جزيرة العرب لظاهر األمر بذلك <strong>يف</strong> نصوص كثرية تقدم ذكرها،‏<br />

وهذا يقتضي منعهم من دخوهلا ألجل السكن واالستيطان واإلقامة هبا لكن دخوهلم هلا على سبيل العبور<br />

فيما عدا احلرم املكي ‏–كما<br />

واالجتياز ملصاحلهم من جتارة وحنوها دون إقامة فيها جائز ‏َبتفاق الفقهاء )768(<br />

( 764 )<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة )873/2<br />

.)874 –<br />

( 765 )<br />

( 766 )<br />

( 767 )<br />

املصدر السابق .<br />

املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ فتوى الشيخ الفوزان <strong>يف</strong> جملة الدعوة،‏ العدد<br />

12، مجادى<br />

( 768 )<br />

األوىل ‎1425‎ه ، وفتاوى موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم:‏<br />

www.islamtody.net/questions/show-question-content.cfm?id=23994<br />

وفتوى للشيخ محود العقالء على الرابط : www.saaid.net/warthah/hnood/hg.htm .<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1542-1541/4(، شرح<br />

فتح القدير،‏ البن اهلمام )270/5(، حاشية ابن عابدين<br />

)337/6(، مواهب اجلليل ، للحطاب )595-594/4(، شرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )145/3(، وقال:‏ ‏"ليس املراد ‏َبالجتياز املرور<br />

فقط بل املراد به ما قابل السكن فيشمل دخوهلم هذه األماكن لتجرهم وقضاء حوائجهم ومصاحلهم"‏ ، منح اجلليل،‏ للشيخ عليش<br />

)217/3(، وقال:‏ ‏"وهلم االجتياز:‏ أي املرور جبزيرة العرب وظاهره ولو لغري حاجة"،‏ عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )487/1(، األم،‏


سبق بيانه )769( – ويدل على هذا<br />

‏–جواز<br />

والنصارى واملشركني من جزيرة العرب )770(<br />

العبور دون إقامة-‏<br />

األحاديث املتقدمة <strong>يف</strong> األمر إبخراج اليهود<br />

ووجه الداللة :<br />

أن املقصود ‏َبإلخراج منعهم من اتاذ اجلزيرة وطناً‏ هلم يستقرون فيه ألهنا دار <strong>اإلسالم</strong> ومعقل التوحيد لكن<br />

املرور هبا اجتيازاً‏ دون إقامة ال يرتتب عليه الوقوع <strong>يف</strong> احملذور،‏ وحاجة املسلمني تقتضي السماح هلم بذلك<br />

ملصاحل املسلمني وتعامالهتم فاإلنسان مدين بطبعه<br />

كما تقدم وهو حمتاج لبين جنسه <strong>يف</strong> جلب مصاحله من خالل املفاوضات التجارية وعلى هذا تقوم احلياة<br />

البشرية كما قال الشاعر :<br />

الناس للناس من بدو ومن حضر بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم<br />

لكن الفقهاء اختلفوا <strong>يف</strong> املدة اليت يسمح هلم فيها ‏َبلبقاء وذاك راجع إىل اختالفهم <strong>يف</strong> املدة اليت يصري<br />

املسافر فيها مقيماً.‏<br />

واملقصود أن ال يبقوا فيها مدة تزيد على قدر احلاجة ويصريون هبا من املقيمني والسكان،‏ وحتديد ذلك راجع<br />

)771(<br />

إىل ويل األمر حبسب املصلحة على الراجح.‏<br />

يقول عبدالكرمي زيدان ‏–من املعاصرين-‏ ‏)الذي أراه أن ما ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> حتديد مدة إقامة<br />

املستأمن إمنا هو من األمور االجتهادية احملضة وليس هو حبكم شرعي ملزم للدولة <strong>اإلسالم</strong>ية وعلى<br />

هذا فلإلمام أن يقدر للمستأمن املدة اليت يراها مناسبة إلقامته <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> على ضوء احلاجة<br />

واملصلحة وال يتقيد مبدة معينة(‏ )772(<br />

)773(<br />

وعلى هذا فإن سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب بغرض التجارة أو غريها<br />

للمسلمني أو ال مفسدة وال مضرة فيه جائز ‏َبتفاق الفقهاء؛<br />

ألن السائح<br />

مما فيه مصلحة<br />

للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )308/10(، تكملة اجملموع،‏ للمطيعي )244/21<br />

–<br />

وما بعدها(،‏ مغين احملتاج،‏<br />

للشربيين )246/4(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين،‏ البن قدامة<br />

)244/13(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1366/2( .<br />

) 769 ( <strong>يف</strong> ص )203( .<br />

) 770 ( <strong>يف</strong> ص )205-200( .<br />

( 771 )<br />

( 772 )<br />

( 773 )<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص )205(، بتصرف.‏<br />

أحكام الذميني واملستأمنني <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص‎116‎‏،‏ بواسطة:‏ املصدر السابق،‏ ص‎208‎‏.‏<br />

وقريب من هذا ‏–دخوهلم جزيرة العرب للتجارة<br />

–<br />

استقدامهم للعمل فيها مبا خيدم مصاحل املسلمني فالظاهر أن األمر إبخراج املشركني<br />

من جزيرة العرب مقيد حبالة عدم احلاجة إليهم <strong>يف</strong> عمل من األعمال اليت ال جييدها غريهم أو ال غىن فيها للمسلمني عن خربهتم،‏ وقد<br />

أفىت بعض املعاصرين جبواز استقدام الكفار عند احلاجة إليهم وقصروا التحرمي على ما إذا أمكن االستغناء عنهم.‏


-1<br />

-2<br />

إقامته مؤقتة وليست دائمة.‏ )774(<br />

لكن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب للنزهة والرتفيه من غري مصلحة راجحة ‏-وهو الغالب <strong>يف</strong> إطالق <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />

عصران احلاضر-‏ حمرم شرعاً‏ ملا يلي :<br />

األدلة السابقة <strong>يف</strong> األمر إبخراج املشركني من جزيرة العرب )775(<br />

فاملقصود منها محاية بالد <strong>اإلسالم</strong> ومعقله من ضرر إقامتهم فيها،‏ ودخوهلم للسياحة فيها ضرره مساو لذلك<br />

أو أبلغ فاملنع منه أوىل.‏<br />

أن أعظم شر وبالء ينتج من السماح هلم ‏َبلدخول عرب التأشريات السياحية هو انعدام الرباءة من<br />

الكافرين ومتييع بغضهم وكرههم والكفر هبم وبدينهم <strong>يف</strong> قلوب العباد،‏ وفيه إنشاء لعالقة مودة ورمحة بيننا<br />

وبينهم تؤدي إىل إسقاط حاجز الوالء والرباء الذي جعله هللا تعاىل فيصالً‏ بني املؤمن والكافر )776(<br />

<br />

قال تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

يقول الشيخ ابن عثيمني:‏ ‏"لكن استقدامهم للحاجة إليهم حبيث ال جند مسلماً‏ يقوم بتلك احلاجة جائز بشرط أن ال مينحوا إقامة مطلقة<br />

وحيث قلنا جائز فإنه إن ترتب على استقدامهم مفاسد دينية <strong>يف</strong> العقيدة واألخالق صار حراماً،‏ ألن اجلائز إذا ترتب عليه مفسدة صار<br />

حمرماً‏ حترمي الوسائل كما هو معلوم.."‏<br />

والظاهر من كالمه أن املراد ‏َبحلاجة هو الضرورة إىل حاجة من حوائج املسلمني ومصاحلهم كما صرح بذلك الشيخ حممد بن إبراهيم<br />

فقال ‏–عندما سئل عن استخدام واستقدام خرباء وغري مسلمني لتنفيذ مشاريع <strong>يف</strong> املدينة املنورة<br />

–<br />

‏"حنيط مسوكم أن مدلول الضرورة قد<br />

تساهل به كثري من الناس وأصبحت دعواها ديدهنم فيتعني عليكم ‏–وفقكم هللا-‏ العناية والرعاية بشرط الدخول،‏ وهو االضطرار إليه<br />

والشعور مبسؤوليتكم أمام هللا تبارك وتعاىل جتاه ذلك مث إذا وجد املقتضي لدخول من تدعوا الضرورة إىل دخوله فقد يدخل معه من<br />

جنسه من ال ضرورة لدخوله معه فالحظوا ذلك وقدروا االضطرار بقدره"‏<br />

=<br />

=<br />

( 774 )<br />

( 775 )<br />

( 776 )<br />

والشيخ ابن ‏َبز قال:‏ ‏"أما الكفار فال يستخدمهم أبداً‏ إال عند الضرورة الشرعية أي اليت يقدرها والة األمر وفق شرع <strong>اإلسالم</strong> وحده"‏<br />

وهذا هو األقرب إن شاء هللا تعاىل،‏ ملا <strong>يف</strong> التوسع <strong>يف</strong> ذلك من أضرار ومفاسد ال تفى على ذي لب .<br />

ينظر:‏ فتاوى السبكي ص )381(، وأسىن املطالب ، لألنصاري ص)‏‎214‎‏(،‏ وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن عثيمني،‏ مجع فهد السليمان<br />

ص)‏‎187‎‏(،‏ وفتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )261/6-5(، جمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ مجع الشويعر )353/8(، الرسائل<br />

اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة لنخبة من كبار العلماء،‏ ظاهرة استقدام السائقني واخلدم للشيخ عبدهللا القصري،‏ ص)‏‎100-71‎‏(،‏ وفتاوى<br />

علماء البلد احلرام،‏ إعداد خالد اجلريسي،‏ ص‎89-88‎‏.‏ وينظر املرفقات : من )4( إىل )10(<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص)‏‎202‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

وأقوال الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك،‏ ص )203( .<br />

ينظر:‏ جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر،‏ ص‎3‎ وما بعدها،‏ وأحكام <strong>السياحة</strong><br />

وآاثرها،‏ هاشم انقور ص)‏‎203‎‏(،‏ بتصرف.‏


)777( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه:‏ <br />

)778(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فنهاان وحذران من مواالهتم ببيان تناصرهم واحتادهم ضد املسلمني،‏ كما هناان وحذران من مواالهتم ببيان فساد<br />

<br />

معتقدهم وضالهلم <strong>يف</strong> دينهم وذلك بقوله:‏ <br />

)779( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وح ذران وهن اان ع ن مواالهتم بب يان عظيم حقدهم وشديد حسدهم وعداوهتم <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

. )780( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

. )781( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)782(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

)783(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

<br />

وبني لنا عظيم كيدهم وسعيهم <strong>يف</strong> إضالل املسلمني بقوله:‏ <br />

)784(<br />

. <br />

<br />

<br />

.<br />

)785( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

.22<br />

.51<br />

.1<br />

.118<br />

.105<br />

.101<br />

.89<br />

سورة اجملادلة ، اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

سورة املمتحنة ، اآلية<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية<br />

.217<br />

.36<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة األنفال:‏ اآلية<br />

( 777 )<br />

( 778 )<br />

( 779 )<br />

( 780 )<br />

( 781 )<br />

( 782 )<br />

( 783 )<br />

( 784 )<br />

( 785 )


وال شك أن هذا السعي منهم إلضالل املسلمني ‏َبلقتال العسكري واالقتصادي مستمر إىل هذا الزمان وإن<br />

جتددت صوره وتغريه أشكاله وتفننت دعاايته ووسائله ورغم ما بينهم من خالف إال أهنم متحدون ضد<br />

املسلمني جممعون على عداوهتم <strong>يف</strong> كل عصر ومصر ال ينفكون عن الكيد للمسلمني بكل قوهتم وحنكتهم<br />

ومكرهم )786(<br />

)787(<br />

وال شك أن سياحتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> إحدى تلك الوسائل ، يقول الناظم<br />

:<br />

-3<br />

لعادي ت م ن ‏َبهلل وحي ك يكف ر<br />

نع م ل و ص دقت هللا فيم ا زعمت ه ر<br />

ر تنص اجيهم وللكف ا هت ومل ووالي ت أه ل احل ق س راً‏ وجه رة ذكر<br />

اك ن راط هن ن أبش ولك فم ا ك ل م ن ق د ق ال م ا قل ت مس لم ب ذا ج اءان ال نص الص حيح املق رر<br />

مباين ة الكف ار <strong>يف</strong> ك ل م وطن وتض ليلهم فيم ا أت وه وأظه روا<br />

وتكف ريهم جه داً‏ وتس فيه رأيه م ر<br />

ذاك وجته راً‏ ل دعومهوا س وت وتص دع ‏َبلتوحي د ب ني ظه ورهم ومل ة إب راهيم ل و كن ت تش عر<br />

فه ذا ه و ال دين احلن<strong>يف</strong> ي واهل دى وقد نص فقهاء املسلمني <strong>يف</strong> كتب األصول والفروع على هذه املسألة العظيمة وحذروا من تويل الكفار<br />

)788(<br />

وشددوا <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب وسيلة لالحتكاك واالختالط هبم وفيه إقرار ورضى مبا هم عليه من منكر<br />

الكفر وما دونه وإقرار املنكر وعدم تغيريه منكر<br />

<br />

وخمالفة ملا اختص هللا به هذه األمة من خريية قال تعاىل:‏ <br />

)789(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-4<br />

مث إن احتكاكهم ‏َبملسلمني وما ينتج عنه من مودهتم وألفتهم والطمأنينة إليهم فيه خطورة ‏َبلغة على عقيدة<br />

املسلمني وأخالقهم ال سيما العامة منهم،‏ فإن أتثرهم هبم أسرع،‏ ومن مقاصد النهي عن مواالة الكفار<br />

احليلولة دون أتثريهم الفكري على ضعفاء اإلميان من النساء والعامة والسفهاء.‏ )790(<br />

أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب إضرار أبمن البالد وأهلها فمثل هؤالء ال تثمر سياحتهم إال اجلرائم<br />

واملشاكل وحاهلم <strong>يف</strong> بالدهم أصدق شاهد على ذلك فال أمن وال عدل وال حرمة لعرض أو مال أو فضيلة إذ<br />

( 786 )<br />

( 787 )<br />

( 788 )<br />

( 789 )<br />

( 790 )<br />

ينظر:‏ الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة لنخبة من العلماء )100-71(، بتصرف.‏<br />

هو الشيخ سليمان بن سحمان،‏ ينظر:‏ الدرر السنية )294/1(.<br />

ينظر:‏ جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر ، ص)‏‎15-3‎‏(‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية 110، وينظر املرفقات من )4( إىل )10(.<br />

ينظر:‏ الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة،‏ لنخبة من العلماء،‏ )100-71(، بتصرف.‏


-5<br />

-6<br />

ال أيمن اإلنسان على نفسه <strong>يف</strong> بالدهم اليت تكثر فيها عصاَبت اإلجرام ومنظمات اإلرهاب ومعدل اجلرمية<br />

<strong>يف</strong> بلداهنم بلغ أرقاماً‏ خيالية رغم رقيهم احلضاري وتقدمهم املادي.‏<br />

ففي السماح هلم ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> بالدان خطر ‏َبلغ وضرر داهم على أمننا الذي من هللا به علينا وميزان عليهم<br />

هبذه النعمة العظيمة اليت <strong>يف</strong>تقدوهنا فك<strong>يف</strong> نسمح هلم ‏َبملساس هبا وإفسادها كما أفسدوا أمن بالدهم !<br />

أن سياحتهم <strong>يف</strong> جزيرة العرب ومهد <strong>اإلسالم</strong> جيرح شعور كل مسلم ويشعر ‏َبلذلة واملهانة ال سيما <strong>يف</strong><br />

هذا العصر الذي أذل أعداء هللا فيه أهل <strong>اإلسالم</strong> بقوهتم العسكرية فاستباحوا بالدهم وأعراضهم <strong>يف</strong> أقطار<br />

شىت من العامل <strong>اإلسالم</strong>ي فإذا رؤيت أفواج السياح من بالد الكفر تسيح <strong>يف</strong> قلب العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> جزيرة<br />

العرب وأرض احلرمني وتتنزه فيها وتسرح ومترح بكل أرحيية فإن ذلك مثبط لعزائم املسلمني وفيه إذالل ومهانة<br />

لكل مسلم ينظر إىل هذه البالد بصفتها مهد <strong>اإلسالم</strong> ومنطلق اجلهاد والعزة ورمبا يسبب فتنة ضعفاء اإلميان<br />

عن دينهم وارتدادهم على أعقاهبم حينما يروننا وحنن أهل البالد املقدسة نتعاون مع أعدائهم ومننحهم متعة<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالدان.‏ )791(<br />

أن سياحة الكفار ‏–كما هو مشاهد<br />

–<br />

-7<br />

ال تلوا من منكرات وكبائر فهم ال يعرفون معروفاً‏ وال ينكرون<br />

منكراً‏ ويستحلون حمارم هللا فال تلوا سياحتهم من سكر وعربدة وزىن وفواحش ورزااي وخزااي،‏ ومثل هذا<br />

موجب لنقض العهد مع أهل الذمة وإخراجهم من داير <strong>اإلسالم</strong> فك<strong>يف</strong> أنيت هبم ل<strong>يف</strong>علوا ذلك <strong>يف</strong> دايران،‏ ال<br />

شك أن <strong>يف</strong> ذلك خيانة لألمانة وتضييعاً‏ للرعية ولو مل يكن فيه إال املعاونة على اإلمث والعدوان وإشاعة<br />

الفواحش <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> لكفى.‏<br />

أن كثرياً‏ من هؤالء السياح يدعوا إىل الكفر واعتناق داينته وذلك مبمارسة ألوان من األنشطة املضللة<br />

كتوزيع نسخ من اإلجنيل أو شيء من تعاليم دينه أو إهداء صليب وحنوه،‏ وال شك أن مثل هذا ال يرضاه<br />

مسلم يعتز بدينه وحيامي عن عقيدته.‏ )792(<br />

وهبذا يتبني حرمة سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب ألجل النزهة واملتعة والرتفيه،‏ ومما يؤسف له أن كثرياً‏ من<br />

بالد املسلمني أصبحت مرتعاً‏ هلؤالء السياح والعاقل يدرك ما جنته تلك الداير من أمثال هؤالء ، فال جيوز<br />

لوالة املسلمني <strong>يف</strong> جزيرة العرب ومهد <strong>اإلسالم</strong> أن أيذنوا للسياح الكفار ‏َبلسياحة فيها للنزهة والفرجة ملا<br />

تقدم،‏ لكن إذا كان مث مصلحة مشروعة <strong>يف</strong> ذلك كدعوهتم لإلسالم وتعر<strong>يف</strong>هم به وانتفت املفاسد من<br />

سياحتهم،‏ وقام ‏َبإلشراف عليهم من املسلمني من يوثق <strong>يف</strong> دينه وعدله وأمانته،‏ فإن ذلك من أشرف<br />

( 791 )<br />

( 792 )<br />

املصدر السابق ، وقال ابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )913/2(: ‏"إذا امتنع دخول املشركني مكة لعزة <strong>اإلسالم</strong> فلم يبقى الناس على ما<br />

كانوا عليه من الذل واهلوان".‏<br />

املصدر السابق .


األعمال وأطيبها كما قال تعاىل:‏ <br />

.<br />

)793( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد استقبل النيب <strong>يف</strong> مسجده عدداً‏ من املشركني ودعاهم إىل <strong>اإلسالم</strong> فيه )794( ، والظن بوالة أمران –<br />

وفقهم هللا-‏<br />

وهم أصحاب اجلهود املشكورة <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا وإنشاء املراكز <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> بالد الكفار أهنم<br />

سيجعلون من سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب وسيلة للدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والرتغيب فيه ونشره <strong>يف</strong> أصقاع<br />

املعمورة وأهنم سيحيطون ذلك بضماانت تكفل محاية بالدان من املفاسد واألضرار وتبقيها حصناً‏ منيعاً‏ وقلعة<br />

لإلسالم تبقى مناهضة وإن سقطت قالع.‏<br />

وقد صدر قرار من جملس الوزراء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية برقم<br />

206<br />

‏َبلسماح واملوافقة على إصدار أتشريات زايرة بغرض <strong>السياحة</strong> وفقاً‏ للضوابط التالية :<br />

واتريخ<br />

‎1420/12/28‎ه<br />

‎1‎‏-أن تصدر التأشريات لفئة تقدرها ممثليات اململكة <strong>يف</strong> البلدان اليت حتددها وزارات الداخلية واخلارجية وأن<br />

يتم ذلك بصفة تدرجيية سواء ‏َبلنسبة لعدد السياح أو املواقع املراد زايرهتا.‏<br />

‎2‎‏-أن تتوىل جهات مسؤولة مثل اخلطوط السعودية أو املكاتب السياحية املعتمدة أو الشركات الكربى<br />

اليت لديها خربة كافية <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong><br />

–<br />

عملية تقدمي قوائم أبمساء من يرغبون <strong>يف</strong> زايرة اململكة بغرض<br />

<strong>السياحة</strong> ومهنهم،‏ واستقباهلم واإلشراف على إقامتهم ومغادرهتم،‏ وأن تلتزم تلك اجلهات بتأمني مرشد<br />

سياحي سعودي جييد اللغات األجنبية واتريخ املنطقة األثرية اليت يعمل هبا.‏<br />

‎3‎‏-أن تقوم اجلهات املعنية قبل وصول املؤشر إبعداد برامج سياحية لزايرة األماكن األثرية واملعامل احلضارية<br />

والسياحية وأال تشمل تلك الربامج املناطق <strong>اإلسالم</strong>ية القريبة من مكة املكرمة واملدينة املنورة لغري<br />

املسلمني،‏ على أال تتجاوز إقامتهم <strong>يف</strong> اململكة ستني يوماً.‏<br />

‎4‎‏-حتاط وزارة الداخلية بوقت كاف ‏َبسم املتقدم لطلب أتشرية زايرة.‏<br />

‎5‎‏-أن تزود ممثليات اململكة املؤشر هلم مبنشورات توعية خمتصرة ‏َبللغات احلية تتضمن املمنوعات<br />

واحملظورات اليت جتب مراعاهتا ‏َبململكة .<br />

اثنياً:‏ تتوىل إمارات املناطق مسؤولية متابعة<br />

خالل السنة الثالثة من اتريخ تطبيق هذا القرار.‏<br />

هذه الضوابط وتقوميها،‏ وأن ترفع وزارة الداخلية تقريراً‏ عن ذلك<br />

ولعل والة األمر وفقهم هللا رأو <strong>يف</strong> ذلك مصلحة راجحة،‏ و<strong>يف</strong> الضوابط السابقة ما يشعر ويدل على<br />

حرصهم وسعيهم إىل تقليل املفاسد الناجتة عن سياحة هؤالء الكفار <strong>يف</strong> بالدان،‏ وقد أحسنوا <strong>يف</strong> منع دخول<br />

( 793 )<br />

سورة النحل،‏ اآلية<br />

) 794 ‏)كما تقدم <strong>يف</strong> ص (<br />

.125<br />

. ) 186


غري املسلمني ملكة واملدينة بغرض <strong>السياحة</strong> و<strong>يف</strong> قصر مدة إقامتهم على ستني يوماً‏ وكذلك <strong>يف</strong> توجيههم<br />

بتزويد ممثليات اململكة مبنشورات توعية خمتصرة ‏َبللغات احلية تتضمن املمنوعات واحملظورات اليت جيب<br />

مراعاهتا <strong>يف</strong> اململكة من قبل هؤالء السياح،‏ وال شك أن هذا يتضمن اإلشارة إىل ما سيأيت من ضوابط<br />

سياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> واملستقاه من الشروط العمرية،‏ كما أن <strong>يف</strong> هذا مراعاة حلرمة هذه البالد<br />

وخصوصيتها ال سيما مكة واملدينة شرفهما هللا،‏ وقد تقدم اختالف الفقهاء <strong>يف</strong> حتديد مدة إقامة املستأمن<br />

<strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وترجح أهنا حبسب ما يراه والة األمر من املصلحة وأن ال تطول مبا يؤدي إىل اعتبارهم<br />

سكاانً‏ ومقيمني <strong>يف</strong> هذه البالد.‏<br />

وكان من األوىل أن ينص <strong>يف</strong> القرار على استغالل سياحة هؤالء <strong>يف</strong> بالدان بتوعيتهم وإرشادهم إىل دين<br />

<strong>اإلسالم</strong> ودعوهتم إليه ‏َبحلسىن ، ولعل <strong>يف</strong> الفقرة اخلامسة ما يوحي بذلك،‏ ومىت أمكن االستغناء عن سياحة<br />

الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب فهو أسلم وأفضل.‏<br />

املسألة الرابعة:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ابقي داير <strong>اإلسالم</strong> :<br />

)795(<br />

األمر إبخراج املشركني قيل إنه خمصوص جبزيرة العرب كما هو قول مجاهري األمة<br />

مجيع أهل الذمة إذا استغىن املسلمون عنهم أجلوهم من داير <strong>اإلسالم</strong> كما<br />

، وقيل:‏ إنه عام <strong>يف</strong><br />

( 795 )<br />

ينظر:‏ شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )1541/4(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )185/7(، شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )301/5(،<br />

حاشية ابن عابدين )327/6(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )595-594/4(، حاشية الدسوقي ‏)‏‎202/2‎‏(عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن<br />

شاس )487/1( األم،‏ للشافعي )178-177/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي،‏ )308/10(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )246/4(، املقنع<br />

مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )468/10(، املغين،‏ البن قدامه )243/13(، منتهى اإلرادات ،<br />

للفتوحي مع حاشية النجدي )245/2(، كشاف القناع،‏ للبهويت )1366/2(، شرح منتهى اإلرادات للبهويت،‏ )135/2(، واملوسوعة<br />

الفقهية الكويتية )125/25-128/17(.


هو قول ابن جرير وغريه.‏ )796(<br />

والصحيح<br />

‏–وهللا أعلم-‏<br />

أن ذلك من خصائص جزيرة العرب اليت هي حول املسجد احلرام كما خص<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

املسجد احلرام بقوله:‏ <br />

)797( <br />

ألن النصوص <strong>يف</strong> األمر إبخراجهم مقيدة صراحة جبزيرة العرب،‏ وعلى هذا عمل اخللفاء فعمر مل<br />

خيرجهم من الشام بل ملا فتح الشام أقر اليهود والنصارى ‏َبألردن وفلسطني وغريمها كما أقرهم بدمشق<br />

وغريها.‏ )798(<br />

فال مانع شرعاً‏ من دخوهلم لباقي داير <strong>اإلسالم</strong> ومل يرد <strong>يف</strong> الكتاب والسنة ما يوجب إخراجهم منها أو منعهم<br />

من دخوهلا وعلى هذا عمل املسلمني <strong>يف</strong> سائر األعصار واألمصار ومل يزل أهل الذمة على مر التاريخ ينعمون<br />

أبمن <strong>اإلسالم</strong> على أرضه وخيضعون لتعاليمه وعدله.‏<br />

وإذا دخل السائح الكافر ‏)احلريب(‏ إىل داير <strong>اإلسالم</strong> إبذن وأمان صار مستأمناً‏ حىت يغادرها )799(<br />

، وهو<br />

كالذمي <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> من حيث احلقوق والواجبات كما ذكر الفقهاء،‏ إال أنه خيتلف عنه <strong>يف</strong> عدم دفعه<br />

للجزية ألنه ليس من أهل دار <strong>اإلسالم</strong> خالفاً‏ للذمي.‏ )800(<br />

( 796 )<br />

ينظر:‏ تفسري الطربي ‏)جامع البيان(‏ )10<br />

/<br />

104( ، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية ، البن قاسم )89/28 و<br />

،)24/19<br />

وفتاوى السبكي ‏)‏‎381/2‎‏-وما بعدها(‏ وقال:‏ ‏"الواجب على إمام املسلمني إخراجهم من كل مصر كان الغالب على أهله <strong>اإلسالم</strong> إذا مل<br />

يكن للمسلمني إليهم ضرورة حاجة وكانت من بالد أهل الذمة اليت صاحلوا على إقرارهم فيها إحلاقاً‏ حلكمه حكم جزيرة العرب وذلك أن<br />

خيرب ال شك أهنا مل تكن من األمصار اليت كان املسلمون اختطوها وال كانت جنران من املدائن اليت كان املسلمون نزلوها بل كانت ألهل<br />

الكتاب قرى ومدائن وهم كانوا عمارها وسكاهنا فأمر رسول هللا إبخراجهم منها إذ غلبها وأهلها <strong>اإلسالم</strong> وسكاهنا من أهل الكفر<br />

‏َبهلل أهل اإلميان ومل يكن هبم إليهم ضرورة حاجة ... هذا كالم ابن جرير رمحه هللا ... وأما تعديته حكم جزيرة العرب إىل سائر بالد<br />

<strong>اإلسالم</strong> فاملعروف من كالم مجهور العلماء إجالؤهم <strong>يف</strong> أن غري احلجاز من اجلزيرة هل يثبت له هذا احلكم والصحيح أنه ال يثبت ومن<br />

مجلة أدلتهم أنه ال خيرجهم أحد من األئمة من اليمن وهي من جزيرة العرب لكن كالم ابن جرير فيه روح...‏ ويشهد لكل من االحتمالني<br />

شواهد <strong>يف</strong> الفقه يصلح أن أييت فيه وجهان واألقرب األول أن اإلقدام على احلكم بغري مستند غري األصل بعيد مع تطابق األعصار على<br />

وجودهم <strong>يف</strong> هذه البالد أو بقائهم وإن كان حيتمل أن يكون ذلك لتمادي األوقات وإمهال النظر <strong>يف</strong> ذلك واختالط من كان حمتاجاً‏ إليه<br />

مبن ال حاجة إليه وغري ذلك من األسباب .. ومما يوقف عن قبول ما قاله ابن جرير أن اليهود املوادعني كانوا ‏َبملدينة من غري ضرورة<br />

إليهم ومل خيرجهم النيب ... ولو قال إن ذلك جائز ال واجب أو أن وجوبه حبسب ما يراه اإلمام من إجالئهم وإبقائهم كان جيداً‏ وكنا<br />

حنمل ما نشاهده من إبقائهم على أنه ما رأى املاضون املصلحة <strong>يف</strong> إجالئهم"،‏ وتقدمت ترمجة الطربي ص<br />

. 21<br />

( 797 )<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

.28<br />

( 798 )<br />

( 799 )<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )387/1(.<br />

ومما ابتلي املسلمون به <strong>يف</strong> هذا الزمان كثرة االعتداءات على الكفار املستأمنني واملعاهدين <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> سواء كانوا عماالً‏ فيها<br />

ملصلحة املسلمني أو سياحاً‏ وفدوا إبذن وأمان وقد تقدم ذكر األدلة <strong>يف</strong> التحذير من قتل املعاهد وخفر ذمة املسلمني وقد سئل الشيخ<br />

ابن ‏َبز عن االعتداء على زوار الدول والبالد <strong>اإلسالم</strong>ية ونص السؤال:‏ ما حكم االعتداء على األجانب السياح والزوار <strong>يف</strong> البالد<br />

<strong>اإلسالم</strong>ية؟


وينبغي على والة األمر <strong>يف</strong> البالد <strong>اإلسالم</strong>ية أن يضعوا ضوابط لدخول هؤالء محاية لداير <strong>اإلسالم</strong> وأخالق<br />

املسلمني وحفاظاً‏ على اهلوية <strong>اإلسالم</strong>ية واملروءة العربية مما خيدشها.‏<br />

قرانً‏<br />

ومن الضوابط املعلومة من الدين ‏َبلضرورة واليت <strong>يف</strong> جمملها مما أمجعت عليه األمة من الشروط العمرية )801(<br />

بعد قرن ما يلي :<br />

( 800 )<br />

واجلواب هو : هذا ال جيوز،‏ االعتداء ال جيوز على أي أحد،‏ سواء كانوا سياحاً‏ أو عماالً،‏ ألهنم مستأمنون،‏ دخلوا ‏َبألمان،‏ فال جيوز<br />

االعتداء عليهم،‏ ولكن تناصح الدولة حىت متنعهم مما ال ينبغي إظهاره،‏ أما االعتداء عليهم فال جيوز،‏ أما أفراد الناس فليس هلم أن<br />

يقتلوهم أو يضربوهم أو يؤذوهم،‏ بل عليهم أن يرفعوا األمر إىل والة األمور،‏ ألن التعدي عليهم تعد على أانس قد دخلوا ‏َبألمان فال<br />

جيوز التعدي عليهم،‏ ولكن يرفع أمرهم إىل من يستطيع منع دخوهلم أو منعهم من ذلك املنكر الظاهر.‏<br />

أما نصيحتهم ودعوهتم إىل <strong>اإلسالم</strong> أو إىل ترك املنكر إن كانوا مسلمني فهذا مطلوب،‏ وتعمه األدلة الشرعية،‏ وهللا املستعان،‏ وال حول<br />

وال قوة إال ‏َبهلل . وصلى هللا وسلم على نبينا حممد،‏ وآله وصحبه .<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت البن ‏َبز مجع الشويعر )239/8(.<br />

ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )270/5(،<br />

شرح السري الكبري،‏ للسرخسي )308/1( و )1541/4(، حاشية ابن عابدين<br />

)295/6(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )173/7(، الكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )468/1(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )562/4(، عقد<br />

اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )479/1(، األم،‏ للشافعي )188/4(، روضة الطالبني،‏ للنووي )319/10(، مغين احملتاج للشربيين<br />

)236/4(، تكملة اجملموع للمطيعي )254-115/21(، املغين،‏ البن قدامة )236/13(، منتهى اإلرادات للفتوحي )234/2(<br />

كشاف القناع،‏ للبهويت )1333/2(، املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي<br />

.)361-358/10(<br />

( 801 )<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1457-1159/3(، املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )241/3(، حترير<br />

األحكام <strong>يف</strong> تدبري أهل <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن مجاعة،‏ حتقيق فؤاد عبداملنعم،‏ ص‎255‎‏-وما بعدها.‏<br />

وهذه الشروط ذكرها ابن القيم بقوله:‏ ‏"...كتب أهل اجلزيرة إىل عبدالرمحن بن غَنْم:‏ إن نا حني قدمت بالدان،‏ طلبنا إليك األمان ألنفسنا<br />

وأهل ملتنا على أان شرطنا لك على أنفسنا أال حنُْدِّث <strong>يف</strong> مدينتنا كنيسة،‏ وال فيما حوهلا ديراً‏ وال قالية،‏ وال صومعة راهب،‏ وال جندِّد ما<br />

خرب من كنائسنا،‏ وال ما كان منها <strong>يف</strong> خطط املسلمني،‏ وأال<br />

مننع=‏ ‏=كنائسنا من املسلمني أن ينزلوها <strong>يف</strong> الليل والنهار،‏ وأن نوسع<br />

أبواهبا وأال نضرب بنواقيسنا إال ضرَبً‏ خفياً‏ <strong>يف</strong> جوف كنائسنا،‏ وال نظهر عليه صليباً،‏ وال نرفع أصواتنا <strong>يف</strong> الصالة وال القراءة <strong>يف</strong> كنائسنا<br />

فيما حيضره املسلمون،‏ وأال خنُْرِّجَ‏ صليباً‏ وال كتاَبً‏ <strong>يف</strong> سوق املسلمني،‏ وأال خنرج ‏َبعواثً‏ ‏–قال:‏ والباعوث جيتمعون كما خيرج املسلمون يوم<br />

– األضحى والفطر<br />

وال شعانني،‏ وال نرفع أصواتنا مع مواتان،‏ وال نظهر النريان معهم <strong>يف</strong> أسواق املسلمني،‏ وأال جناورهم ‏َبخلنازير وال ببيع<br />

اخلمور،‏ وال نظهر شرْكاً،‏ وال نرغ ب <strong>يف</strong> ديننا،‏ وال ندعو إليه أحداً‏ وال نتخذ شيئاً‏ من الرقيق الذي جرت عليه سهام املسلمني،‏ وأال مننع<br />

أحداً‏ من أقرَبئنا أرادوا الدخول <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ وأن نلزم زينا حيثما كن ا،‏ وأال نتشبه ‏َبملسلمني <strong>يف</strong> لبس قلنسوة،‏ وال عمامة،‏ وال نعلني،‏ وأن<br />

جنز مقادم رؤسنا،‏ وال نفرق نواصينا،‏ ونشد الزاننري على أوساطنا،‏ وال ننقش خوامتنا ‏َبلعربية،‏ وال نركب السروج،‏ وال نتخذ شيئاً‏ من<br />

السالح وال حنمله،‏ وال نتقلد السيوف،‏ وأن نوق ر املسلمني <strong>يف</strong> جمالسهم،‏ ونرشدهم الطريق،‏ ونقوم هلم عن اجملالس إن أرادوا اجللوس،‏ وال<br />

نطلع عليهم <strong>يف</strong> منازهلم،‏ وال نعلم أوالدان القرآن،‏ وال يشارك أحد منا مسلماً‏ <strong>يف</strong> جتارة إال أن يكون إىل املسلم أمر التجارة،‏ وأن نض<strong>يف</strong><br />

كل مسلم عابر سبيل ثالثة أايم ونطعمه من أوسط ما جند.‏ ضمن ا لك ذلك على أنفسنا،‏ وذرارينا وأزواجنا ومساكيننا،‏ وإن حنن غريَّ‏ ان أو<br />

خالفنا عما شرطنا على أنفسنا وقبلنا األمان عليه،‏ فال ذم ة<br />

لنا،‏ وقد حل لك من ا ما حيل ألهل املعاندة والشقاق".‏


أال يُرغِّبوا <strong>يف</strong> دينهم،‏ وال يدعون إليه أحداً‏ أبي وسيلة كانت.‏<br />

أال يتعرضوا لديننا بتنقص أو تكذيب أو شتم أو إهانة .<br />

أال يتعرضوا ألعراض املسلمني وحرماهتم أبذى قوالً‏ كان أو فعالً‏ .<br />

أال يظهروا صليباً‏ لبساً‏ أو محالً‏ أو غريه.‏<br />

أال يظهروا شيئاً‏ من شعائر دينهم أمام املسلمني.‏<br />

أال يلبسوا املالبس الفاضحة والفاتنة ويلتزموا احلشمة واألدب <strong>يف</strong> األماكن العامة،‏ <strong>يف</strong> أقواهلم وأفعاهلم.‏<br />

أال جيلبوا معهم من املتاع ما متنعه شريعة <strong>اإلسالم</strong> من مخر أو حلم خنزير وحنوه .<br />

أال يكونوا عيوانً‏ وجواسيس لدولتهم.‏<br />

أال أيكلوا أو يشربوا <strong>يف</strong> هنار رمضان أمام املسلمني.‏<br />

أال يرتتب على دخوهلم مفاسد شرعية وإضرار اجتماعية أو خُلُقُيِّةْ.‏ )802(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

وإذا كان دخوهلم للسياحة بغرض النزهة والفرجة فإن <strong>يف</strong> ذلك من املفاسد ما تقدم ذكره <strong>يف</strong> املسألة السابقة<br />

إال أنه مل يرد ما مينع دخوهلم لغري جزيرة العرب من بالد املسلمني وعلى هذا فإن سياحتهم فيها حبسب ما<br />

يرتتب على ذلك من املصاحل واملفاسد،‏ اليت ينظر فيها ويقررها والة األمر .<br />

فإن رأوا <strong>يف</strong> سياحتهم مفاسد وأضرار كان لزاماً‏ عليهم منعهم من ذلك وإن رأوا األمر خبالف ذلك فال مانع<br />

من سياحتهم مع مراعاة الضوابط الشرعية <strong>يف</strong> ذلك ودعوهتم إىل دين هللا عز وجل وترغيبهم فيه.‏ )803(<br />

واألوىل منعهم من<br />

خري يرجى .<br />

الدخول ألجل <strong>السياحة</strong> الرتفيهية صيانة لبالد <strong>اإلسالم</strong> فهي <strong>يف</strong> غىن عنهم وليس وراءهم<br />

( 802 )<br />

( 803 )<br />

فكتب بذلك عبدالرمحن بن غنم إىل عمر بن اخلطاب ، فكتب إليه عمر ‏"أن أمض هلم ما سألوا،‏ وأحلق فيهم حرفني اشرتطهما<br />

عليهم مع ما شرطوا على أنفسهم:‏ أال يشرتوا من سباايان،‏ ومن ضرب مسلماً‏ فقد خلع عهده،‏ قال:‏ فأنفذ عبدالرمحن بن غنم ذلك،‏<br />

وأقر من أقام من الروم <strong>يف</strong> مدائن الشام على هذا الشرط".‏<br />

وقال ابن القيم أيضاً:‏ ‏"وشهرة هذه الشروط تغين عن إسنادها:‏ فإن األئمة تلقوها ‏َبلقبول،‏ وذكروها <strong>يف</strong> كتبهم،‏ واحتجُّوا هبا،‏ ومل يزل ذكر<br />

الشروط العمرية على ألسنتهم و<strong>يف</strong> كتبهم وقد أنفذها بعده اخللفاء وعملوا مبوجبها".‏<br />

ينظر : أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص‎28‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى السبكي ‏)‏‎381/2‎‏-وما بعدها(‏ ، وقال:‏ ‏"الذي يظهر أن إخراج اليهود والنصارى إمنا هو من احلجاز كما هو املعروف<br />

وال يتعدى إىل غريه إال أن يرى اإلمام املصلحة <strong>يف</strong> إجالء طائفة منهم من مصر أو مدينة إىل مكان آخر يراه فله ذلك على حسب النظر<br />

للمسلمني وهذا ال ينبغي أن يقال إال إذا كان اإلمام مثل عمر بن عبدالعزيز وإال فيخشى أن خيرج من شاء ويبقى من شاء حبسب هوى<br />

نفسه وغرضه ... وأما غري احلجاز فيكون النظر فيه لإلمام وال نقول إنه واجب كما قال ابن جرير فيضيق األمر وال ميتنع بل حبسب<br />

املصلحة ما مل تكن حاجة".‏


قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"كل مسلم يعلم أهنم ال يتجرون إىل بالد املسلمني إال ألغراضهم ال لنفع املسلمني ولو<br />

منعهم ملوكهم من ذلك لكان حرصهم على املال مينعهم من الطاعة فإهنم أرغب الناس <strong>يف</strong> املال...‏ وال يشري<br />

على ويل أمر املسلمني مبا فيه إظهار شعائرهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أو تقوية أمرهم<br />

‏–بوجه من الوجوه-‏ إال رجل<br />

منافق يظهر <strong>اإلسالم</strong> وهو منهم <strong>يف</strong> الباطن أو رجل له غرض فاسد ... أو رجل جاهل <strong>يف</strong> غاية اجلهل ال<br />

يعرف السياسة الشرعية اإلهلية اليت تنصر سلطان املسلمني على أعدائه وأعداء الدين وإال فمن كان عارفاً‏<br />

انصحاً‏ له أشار عليه مبا يوجب نصره وثباته وأتييده،‏ واجتماع قلوب املسلمني عليه وحمبتهم له ودعاء الناس<br />

له <strong>يف</strong> مشارق األرض ومغارهبا،‏ وهذا كله إمنا يكون إبعزاز دين هللا وإظهار كلمة هللا وإذالل أعداء هللا<br />

تعاىل"‏ )804(<br />

وأوىل من مينع من الكفار من <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> هم اإلسرائيليون فهم من أهل احلرب ونقضة للعهود<br />

واملواثيق وسياحتهم <strong>يف</strong> داير <strong>اإلسالم</strong> تعين االعرتاف ‏َبحتالهلم لدولة فلسطني <strong>اإلسالم</strong>ية وإقرارهم على<br />

جرائمهم ضد املسلمني هناك،‏ إضافة إىل ما حتمله من مفاسد وأضرار على املسلمني ودعم مادي ومعنوي<br />

ألعدائهم واشد الناس بغضاً‏ هلم )805( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)806(<br />

. <br />

<br />

<br />

( 804 )<br />

( 805 )<br />

( 806 )<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع ابن قاسم،‏ )643-642/28(.<br />

ومما يؤسف له أن بعض الدول <strong>اإلسالم</strong>ية فتحت أبواهبا لكل السياح من كل الدايانت بل إن منها من مسحت للسياح اإلسرائيليني<br />

رغم وجود معارضة من الشعوب <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> تلك البلدان وال شك أن <strong>يف</strong> هذا خطراً‏ على عقيدة املسلمني وأمنهم وأخالقهم كما أنه<br />

دعم وتطبيع للعالقات مع الكافر احملتل،ينظر:‏ امللحقات من)‏‎3‎‏(إىل)‏‎10‎‏(.‏<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

.82


املطلب الرابع<br />

أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>


املطلب الرابع:‏ أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> :<br />

املسألة األوىل:‏ تعر<strong>يف</strong> الرخصة لغة واصطالحاً:‏<br />

بأن الراء والخاء والصاد أصل يدل على لين وخالف شدة فالرخصة في األمر خالف التشديد فيه،‏<br />

ذكر في معجم مقاييس اللغة )807(<br />

ورخص له في األمر:‏ أذن له فيه بعد النهي،‏ واالسم الرُّ‏ خْصةُ.‏<br />

ومن ذلك:‏ رخُص السعر إذا سهل وتيسر،‏ أو رخصه هللا فهو رخيص ورخص الشارع لنا في كذا ترخيصاً‏ وأرخص إرخاصاً:‏ إذا<br />

يسره وسهله،‏ وفي الحديث:‏ ‏))إن هللا يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته((‏ )808(<br />

وأما الرُّ‏ خَصهَ‏ – بفتح الخاء : فهو الشخص اآلخذ بالرخصة.‏<br />

فالرُّ‏ خْصَةُ‏ ‏–في الجملة-‏ تدل على سهولة ويسر ومسامحة وطراوة .<br />

ومن هذا المعنى اللغوي أخذت الرخصة اصطالحاً‏ عند األصوليين،‏ ألنها تدل على كل معنى في الدين جنح فيه إلى التيسير والتسهيل<br />

والبعد عن العنت والتشديد.‏ )809(<br />

والرخصة تطلق في اصطالح علماء األصول مقابل العزيمة فهما اسمان متقابالن متالزمان مفهوماً‏ وعمالً.‏<br />

وهي وإن اختلفت في ألفاظها<br />

والختالف األصوليين في تعر<strong>يف</strong> العزيمة اختلفوا أيضاً‏ في تعر<strong>يف</strong> الرخصة على أقوال متعددة )810(<br />

وعباراتها إال أنها تتفق تقريباً‏ في معناها والمقصود منها والناظر فيها يتبين له ما يلي :<br />

أوالً:‏ أنه ال بد لألخذ بالرخصة من دليل يدل عليها.‏<br />

ثانياً:‏ وال بد من وجود العذر في المكلف حتى يستطيع به أن يعدل عن الحكم األصلي الذي هو العزيمة إلى حكم الرخصة.‏<br />

ثالثاً:‏ أن أحكام الرخصة ليست هي األحكام األصلية بل هي أحكام وضعها الشارع للتخف<strong>يف</strong> عن المكلفين ولرفع الحرج والضيق عنهم<br />

وقد نص كثير من األصوليين في تعر<strong>يف</strong>اتهم على ذلك.‏ )811(<br />

، فقد توفرت فيه األمور الثالثة<br />

ولعل من أجمع التعار<strong>يف</strong> ما ذكره البيضاوي بقوله:‏ ‏"الحكم الثابت على خالف الدليل لعذر"‏ )812(<br />

السابقة إضافة إلى كونه جامعاً‏ مانعاً‏ سالماً‏ مما ورد على غيره من اعتراضات.‏<br />

شرح التعر<strong>يف</strong> وبيان محترزاته:‏<br />

قوله:‏ ‏)حكم(‏ : جنس<br />

وقوله : ‏)الثابت(‏ : فيه إشارة إلى ما سبق ذكره أوالً‏ من أن الترخص ال بد له من دليل وإال لزم ترك العمل بالدليل السالم عن<br />

المعارض،‏ فنبه عليه بقوله:‏ ‏)الثابت(،‏ ألنه لو لم يكن لدليل لم يكن ثابتاً‏ بل الثابت غيره.‏<br />

( 807 )<br />

( 808 )<br />

( 809 )<br />

البن فارس،‏ حتقيق عبدالسالم هارون )500/2(، بتصرف.‏<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )108/2( عن ابن عمر،‏ وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )162/3(: ‏"رواه أمحد ورجاله رجال الصحيح والبزار<br />

والطرباين <strong>يف</strong> األوسط وإسناده حسن"‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )1616/3(، والقاموس احمليط،‏ للفريوزاَبدي )304/2(، املصباح املنري،‏ )223/1(، خمتار الصحاح<br />

، ص )150(، بتصرف.‏<br />

( 810 )<br />

( 811 )<br />

( 812 )<br />

ينظر:‏ كشف األسرار للبخاري )299/2(، حاشيتا التفتازاين واجلرجاين على خمتصر ابن احلاجب،‏ )7/2(، املوافقات،‏ للشاطيب<br />

)301/1( احملصول ، للرازي حتقيق طه العلواين )158-154/1(، املستصفى ، للغزايل حتقيق محزة حافظ )329/1(، شرح خمتصر<br />

الروضة للطو<strong>يف</strong> حتقيق الرتكي )457/1(، البحر احمليط للزركشي )326/1( مذكرة الشنقيطي )59( ، الرخص الشرعية وإثباهتا ‏َبلقياس،‏<br />

لعبدالكرمي النملة،‏ )44-11(، والرخص الشرعية أحكامها وضوابطها،‏ للزحيلي،‏ ص‎25‎‏،‏ والدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية،‏ للصاليب،‏<br />

ص‎33‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ الرخص الشرعية،‏ للنملة ‏)ص‎42‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

شرح املنهاج للبيضاوي ، لألصفهاين ، حتقيق النملة )83/1( والبيضاوي هو:‏ أبو سعيد وقيل أبو اخلري عبدهللا بن عمر بن حممد بن<br />

علي البيضاوي الشريازي الشافعي امللقب بناصر الدين والبيضاوي نسبة إىل البيضاء <strong>يف</strong> بالد فارس على مقربة من شرياز كان قاضياً‏ عاملاً‏<br />

‏َبلفقه واألصول والعربية واملنطق واحلديث وإماماً‏ مربزاً‏ أثىن عليه وعلى مؤلفاته ويل قضاء شرياز فرتة مث استقر <strong>يف</strong> تربيز وتو<strong>يف</strong> فيها سنة<br />

‎685‎ه وقيل ‎691‎ه ، ومن مؤلفاته:‏ منهاج األصول،‏ وأسرار التأويل،‏ وغريها .<br />

ينظر:‏ األعالم،‏ للزركلي<br />

املبني<br />

110/4<br />

، ولالستزادة : شذرات الذهب<br />

392/5<br />

وهداية العارفني<br />

462/1<br />

ومعجم املؤلفني<br />

98/6<br />

.88/2<br />

والفتح


وقوله:‏ ‏)على خالف الدليل(:‏ احترز به عما أباحه هللا تعالى من األكل والشرب وغيرهما فال يسمى رخصة،‏ إذ لم يثبت على المنع<br />

منه دليل،‏ وأطلق المصنف الدليل ليشمل ما إذا كان الترخيص بجواز الفعل على خالف الدليل المقتضي للتحريم كأكل الميتة وما إذا<br />

كان بجواز الترك،‏ إما على جواز الفعل المقتضي للوجوب كجواز الفطر في السفر،‏ وإما على خالف الدليل المقتضي للندب،‏ كترك<br />

الجماعة بعذر المطر والمرض ونحوهما فإنه رخصة بال نزاع.‏<br />

وقوله:‏ ‏)العذر(:‏ يعني المشقة ، والحاجة،‏ واحترز به عن شيئين :<br />

األول:‏ الحكم الثابت بدليل راجح ، على دليل آخر معارض له.‏<br />

الثاني:‏ التكال<strong>يف</strong> كلها فإنها أحكام ثابتة على خالف الدليل ومع ذلك ليست برخصة ألنها لم تثبت ألجل المشقة،‏ وإنما قلنا:‏ إنها على<br />

خالف الدليل ألن األصل عدم التكال<strong>يف</strong>،‏ واألصل من األدلة الشرعية.‏ )813(<br />

وبهذا يتبين وضوح هذا التعر<strong>يف</strong> واشتماله على التخف<strong>يف</strong>ات والرخص في األحوال والظروف الطارئة من مرض وسفر وإكراه<br />

وضرورة وغير ذلك من األعذار،‏ ولو لم تكن شاقة.‏ )814(<br />

و<strong>السياحة</strong> سفر كما تقدم،‏ فكانت من األعذار المبيحة للترخص.‏<br />

المسألة الثانية:‏ شروط الترخص في سفر <strong>السياحة</strong> :<br />

ال يترخص السائح برخص السفر إال إذا تحققت فيه الشروط التالية :<br />

، فمن<br />

الشرط األول:‏ القصد،‏ فال بد أن يعزم في االبتداء على قطع مسافة السفر لمقصد معلوم وهو محل اتفاق بين الفقهاء )815(<br />

شخص عن بلده وال نية له في السفر فهو مقيم ال رخصة له،‏ وذلك كالهائم على وجهه ال يدري أين يتوجه ومن خرج لرد ضالة إال<br />

إذا بلغ مكاناً‏ يكون رجوعه منه إلى بلده سفراً‏ عرفاً،‏ فحينئذ يشرع له الترخص،‏ ومن علق سفره بلحاق قافلة بضاحية البلد إن حصل<br />

له ذلك وإال فال ولم يغلب على ظنه حصول مراده فهو باق على حكم اإلقامة لعدم النية وكذلك التائه عن الطريق وهو في غير سفر<br />

وكذا الصياد يتبع الطريد والسائح في األرض ال يقصد مكاناً‏ معيناً‏ فال رخصة لهم لعدم القصد )816 ) ، واألصل في هذا حديث ‏))إنما<br />

في وسائل<br />

األعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى((‏ )817 ) ، ونظير هذا في الوقت الحاضر ما يعرف ‏"بحجز االنتظار"‏ )818(<br />

المواصالت الحديثة من سفن وطائرات وقطارات وحافالت .<br />

( 813 )<br />

( 814 )<br />

( 815 )<br />

( 816 )<br />

( 817 )<br />

( 818 )<br />

ينظر:‏ الرخص الشرعية ، للنملة ص)‏‎39-38‎‏(‏ بتصرف .<br />

ينظر:‏ الدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية،‏ للصاليب ، ص‎36‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين،‏ حتقيق حممد حليب،‏ )161/1(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )210-209/1(، وحاشية ابن عابدين<br />

)601/2(، والكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )244/1(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )210/1(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )499/2(،<br />

القوانني الفقهية ، البن جزي)‏‎59‎‏(،‏ شرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )60/2(، ومنح<br />

اجلليل،‏ حملمد عليش )407/1(، وفسروا اهلائم<br />

‏َبلسائح <strong>يف</strong> األرض أي بلد طابت له أو تيسر له فيه القوت أقام فيها ما شاء ، فال يرتخص ألنه مل يقصد سفر أربعة برد،‏ وحاشيتا<br />

قليويب وعمرية )305-296/1(، اجملموع،‏ للنووي )152/4(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )267/1(، والوسيط للغزايل،‏ حتقيق القره داغي<br />

)857/2(، واالقناع للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )275/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق بن قدامة وأبو الفرج بن قدامة<br />

واملرداوي )42/5( وكشاف القناع،‏ للبهويت )601/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )30/25(، واملسافر وما خيتص به من أحكام<br />

العبادات،‏ للكبيسي،‏ ص‎86‎‏،‏ بتصرف وهذا الشرط فيمن كان مستقالً‏ برأيه وأما التابع لغريه كالزوجة مع زوجها واجلندي مع األمري ففيه<br />

خالف وتفصيل ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> مدوانهتم.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ ‏"فلكي يصري املقيم مسافراً‏ ال بد أن ينوي سري املسافة املعتربه،‏ ألن السري قد يكون سفراً‏ وقد ال يكون ،<br />

فاإلنسان قد خيرج من موطن إقامته إىل موضع إلصالح ضيعة،‏ مث تبدوا له حاجة أخرى إىل اجملاوزة عنه إىل موضع آخر،‏ وليس بينهما<br />

مدة سفر مث يتجاوز ذلك إىل مكان آخر،‏ وهكذا إىل أن يقطع مسافة بعيدة أكثر من مدة السفر ولذلك ال بد من نية مدة السفر<br />

للتمييز"،‏ ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )269/27(.<br />

وينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش )107/8(، فتوى رقم )8136(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )96(.<br />

حبيث كون سفره معلقاً‏ بوجود مقعد له فقد يتمكن من السفر وقد ال يتمكن منه.‏


فإذا كان المطار أو صالة االنتظار للسفر خارج العمران أو في بلدة ال يعتبر الذهاب إليها سفراً،‏ فليس له الترخص،ألن األصل بقاء<br />

اإلقامة فال ينتقل عن ذلك إال بيقين أو غلبة ظن )819(<br />

واستثنى العلماء مما تقدم:‏ من علم في ابتداء سفره أنه لن يدرك مطلوبه قبل المسافة المحددة للترخص فله أن يترخص لعزمه ابتداء<br />

على قطع المسافة،‏ أما من لم يعلم ذلك فال يترخص ولو طال سفره وتجاوز مسافة الترخص.‏ )820(<br />

قال في اإلقناع:‏ ‏"وإن شك في قصر المسافة أو لم يعلم قدر سفره كمن خرج في طلب آبق أو ضال ناوياً‏ أن يعود به أين وجده لم<br />

يقصره حتى يجاوز المسافة"‏ )821(<br />

وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه هللا:‏ ‏"عن جواز الفطر والقصر للبدوي الذي ضاعت إبله وسافر يبحث عنها ال يقصد مكاناً‏<br />

معيناً‏ وال يعلم هل يستمر سفره إلى مسافة القصر أو يجدها دونه؟"‏<br />

فأجاب:‏ ‏"من كان بهذه الصفة المسئول عنها فال يستبيح رخص السفر حال ما يخرج من بلده حتى يجاوز المسافة فإذا جاوزها ابتدأ<br />

استباحة رخص السفر".‏ )822(<br />

الشرط الثاني:‏ مفارقة محل اإلقامة ‏)عمران بلدته(‏<br />

فللسائح إذا سافر أن يترخص بعد الخروج من بلده ومفارقة جميع عمرانها وذلك باتفاق الفقهاء<br />

لكن العلماء اختلفوا في اشتراط المفارقة للترخص وجواز الفطر والقصر قبل ذلك وذلك على أقوال :<br />

القول األول:‏ اشتراط المفارقة فليس لمن نوى السفر أن يترخص حتى يخرج من بيوت بلده و<strong>يف</strong>ارق عمرانها،‏ ويجعلها وراء ظهره.‏<br />

وهذا قول الجمهور من األئمة األربعة واألوزاعي وإسحاق وغيرهم،‏ واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم وأفتت به اللجنة الدائمة<br />

للبحوث العلمية واإلفتاء بالمملكة )824(<br />

)823( .<br />

( 819 )<br />

( 820 )<br />

( 821 )<br />

ينظر:‏ جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ العدد العاشر،‏ مجادي اآلخرة ‎1414‎ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم الضوابط<br />

واملعايري الشرعية،‏ د/‏ مساعد الفاحل،‏ ص)‏‎111‎‏(،‏ وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص )35-34(، والصبح السافر<br />

فيما حيتاج إليه املسافر،‏ لصالح الشر<strong>يف</strong>،‏ ص )49(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش<br />

3 ص .234<br />

) 822 (<br />

) 823 (<br />

اإلقناع،‏ للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )275/1(.<br />

فتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع حممد بن عبدالرمحن بن قاسم )320/2-1(.<br />

ينظر:‏ اإلمجاع،‏ البن املنذر )39(، وفتح الباري،‏ البن حجر )663/2( واملغين،‏ البن قدامة )110/3( ونيل األوطار،‏ للشوكاين<br />

.)127/4(<br />

) 824 (<br />

وقال به أبو ثور أيضا،‏ ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم )140/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )161/1( وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي<br />

)209/1(، حاشية ابن عابدين )599/2(، املنتقى،‏ للباجي )264/1(، الكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )244/1(، شرح اخلرشي ملختصر<br />

خليل )58/2(، الفواكه الدواين،‏ للنفراوي )254/1(، الوسيط،‏ للغزايل )858/2(، حتفة احملتاج،‏ البن حجر اهليثمي )371/2(،<br />

اجملموع،‏ للنووي،‏ )158/4(، هناية احملتاج،‏ للرملي )250/2(، حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، واملغين،‏ البن قدامة،‏ حتقيق احللو<br />

والرتكي )111/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي )48-44/5( كشاف القناع،‏ للبهويت<br />

)602/1(، ونيل األوطار،‏ للشوكاين )124/4( وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع حممد بن قاسم،‏ )320/2-1( وفتاوى<br />

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء،‏ مجع أمحد الدويش )106/8( ، واألوزاعي تقدمت ترمجته ص<br />

158<br />

‏،وإسحاق بن راهوية هو<br />

سيد احلفاظ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن خملد بن إبراهيم بن عبدهللا بن مطر املروزي النيسابوري ولد سنة إحدى وستني ومائة<br />

ومسع من ابن املبارك والفضيل بن عياض=‏ ‏=والداروردي ومجاعة من كبار التابعني وحدث عنه بقية بن الوليد وحيىي ابن آدم ومها من<br />

شيوخه وأمحد بن حنبل وابن معني ومها من أقرانه وإسحاق بن منصور والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وداود الظاهري وغريهم.‏<br />

تو<strong>يف</strong> ليلة النصف من شعبان وله سبع وسبعون سنة . قال الذهيب:‏ ومع حال إسحاق وبراعته <strong>يف</strong> احلفظ ميكن أنه لكونه كان ال حيدث<br />

إال من حفظه جرى عليه الوهم <strong>يف</strong> حديثني من سبعني ألف حديث فلو أخطأ منها <strong>يف</strong> ثالثني حديثاً‏ ملا حط ذلك رتبته عن االحتجاج<br />

به أبداً.‏<br />

ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )383-358/11(.


القول الثاني:‏ ال يشترط ذلك فللمسافر أن يترخص ولو كان في بلده إذا عقد العزم وتأهب للسفر وهو رواية عن أحمد ونقله ابن حجر<br />

عن بعض الكوفيين وحكي عن عطاء وغيره واختاره ابن القيم<br />

. ) 825(<br />

القول الثالث:‏ أنه إذا خرج مسافراً‏ ال يقصر يومه ذلك إلى الليل أو عكسه.‏ وهو مروي عن مجاهد.‏ )826(<br />

القول الرابع:‏ أنه إذا جاوز حيطان داره فله القصر وهو مروي عن عطاء.‏ )827(<br />

سبب الخالف :<br />

معارضة مفهوم االسم وهو السفر لدليل الفعل فإنه يعد مسافراً‏ إذا نوى السفر وشرع فيه لكن هذا معارض بدليل الفعل منه فقد<br />

كان ال يقصر إال إذا فارق بيته بثالثة أميال،‏ فمن قال باألول أجاز القصر بمجرد نيته والشروع فيه ومن قال باآلخر اشترط المفارقة<br />

للقصر )828(<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول بما يلي :<br />

-1<br />

قوله سبحانه:‏ <br />

اآلية )829(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-2<br />

وجه الداللة:‏ أن هللا سبحانه علق القصر على الضرب في األرض وال يعد وال يكون ضارباً‏ في األرض حتى يخرج عن<br />

بلده و<strong>يف</strong>ارقه فالمقيم ال يسمى ضارباً)‏‎830‎‏(‏<br />

قوله سبحانه:‏ أَوْ‏ عَلَى سَفَر وال يقال لمن كان داخل البلد إنه على سفر أو مسافر حتى <strong>يف</strong>ارق البلد )831(<br />

3- حديث أنس هللا عنه ‏))صليت مع النبي الظهر بالمدينة أربعاً‏ وبذي الحل<strong>يف</strong>ة ركعتين((‏ فكان يترخص بالقصر إذا<br />

.<br />

)834(<br />

-4<br />

-5<br />

خرج من المدينة وارتحل وهذا ظاهر )832(<br />

وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة فقال:‏ ‏"ال حتى ندخلها"،‏ وفي لفظ:‏ ‏"خرجنا مع علي<br />

بن أبي طالب فقصرنا الصالة ونحن نرى البيوت ثم رجعنا فقصرنا الصالة ونحن نرى البيوت"‏ )833(<br />

وعن نافع عن ابن عمر ‏))أنه كان يقصر الصالة حين يخرج من بيوت المدينة ويقصر إذا رجع حتى يدخل بيوتها((‏<br />

) 825 (<br />

ينظر:‏ املغين البن قدامة )111/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي )44/5(، والفروع ،<br />

البن مفلح مع تصحيحه للمرداوي وحاشية ابن قندس )82/3(، وفتح الباري البن حجر )663/2( وزاد املعاد،‏ البن القيم )53/2(،<br />

واختاره الشوكاين أيضاً‏ <strong>يف</strong> نيل األوطار )124/4( وبعضهم قيد ذلك ‏َبلفطر دون القصر كما سيأيت <strong>يف</strong> كالم الرتمذي،‏ وسبق ترمجة ابن<br />

. 22 و عطاء ص 24 حجر ص<br />

) 826 (<br />

) 827 (<br />

) 828 (<br />

) 829 (<br />

) 830 (<br />

) 831 (<br />

) 832 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ واجملموع،‏ للنووي )158/4(، وشرح صحيح مسلم للنووي )207/6-5(، وسبق ترمجة جماهد ص<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )238/1(، بتصرف.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.22<br />

.101<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة للهامش )3( ص )236(، واحلاوي للماوردي )368/2(.<br />

ينظر:‏ املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر،‏ البن جربين،‏ مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي ص‎85‎‏،‏ بتصرف،‏ واآلية <strong>يف</strong> سورة البقرة،‏<br />

.185<br />

) 833 (<br />

)834(<br />

احلديث متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة ‏َبب يقصد إذا خرج من موضعه )85(، رقم )1089(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

الصالة،‏ ‏َبب صالة املسافرين وقصرها )786(، رقم )1589(، وينظر:‏ احلاوي للماوردي )368/2( وقال النووي:‏ ‏"واألحاديث املطلقة<br />

مع ظاهر القرآن متعاضدات على جواز القصر من حني خيرج من البلد فإنه حينئذ يسمى مسافراً".‏<br />

شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )208/6-5(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه معلقاً‏ بصيغة اجلزم،‏ كتاب تقصري الصالة ‏َبب يقصر إذا خرج من موضعه )85(، وعبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏<br />

كتاب الصالة ، ‏َبب املسافر مىت يقصر إذا خرج مسافراً‏ )530/2(.<br />

أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب املسافر مىت يقصر إذا خرج مسافراً‏ )530/2(.


6- وقال عبيد بن جبر:‏ ‏"كنت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غذاؤه فلم يجاوز<br />

البيوت حتى دعا بالسفرة ثم قال:‏ اقترب،‏ قلت:‏ ألست ترى البيوت؟ قال:‏ أترغب عن سنة رسول هللا <br />

ومن المعقول:‏ أنه ال يطلق على الشخص مسافر إال إذا باشر السفر وفعله وال يكون ذلك إال بخروجه من البلد ومفارقته<br />

فأكل".‏ )835(<br />

الدور )836(<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

وألنه لما وجب عليه اإلتمام إذا دخل بنيان بلده عند قدومه من سفره إجماعاً‏ وجب أن ال يجوز له القصر في ابتداء خروجه<br />

قبل مفارقة بنيان بلده )837(<br />

وألن النية ‏)القصد(‏ شرط كما تقدم وال بد من اقترانه بالفعل وهو الخروج والمفارقة وإال فال عبرة بمجرد النية دون ذلك ألن<br />

مجرد قصد الشيء من غير اقتران بالفعل يسمى عزماً‏ وال يسمى نية وفعل السفر ال يتحقق إال بعد الخروج من المصر<br />

فما لم يخرج ال يتحقق قران النية بالفعل فال يصير مسافراً.‏ )838(<br />

واستدل أصحاب القول الثاني بحديث أبي بصرة السابق ذكره،‏ وبما روي عن أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً‏ وقد رُ‏ حِّ‏ لت<br />

له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل،‏ فقيل له:‏ سنة؟ قال:‏ سنة )839(<br />

.<br />

‏"وألنه لما صار مقيماً‏ بمجرد النية من غير فعل صار مسافراً‏ بمجرد النية".‏ )840(<br />

المناقشة والترجيح :<br />

ويمكن مناقشة ما استدل به أصحاب القول الثاني بأن استدالل الجمهور به أظهر من استداللهم كما هو واضح من سياق النص فأبو<br />

بصرة لم يأكل حتى دفع وشرع وباشر السفر فهذا دليل للجمهور عليهم وقوله:‏ ‏"لم يجاوز البيوت"‏ معناه ‏–وهللا أعلم-‏ لم يبعد منها،‏<br />

بدليل قول عبيد له:‏ ‏"ألست ترى البيوت"‏ )841(<br />

وأما الدليل الثاني فالحديث في سنده عبدهللا بن جعفر والد علي بن المديني وهو ضع<strong>يف</strong> )842 ) ، وعلى فرض صحته فإن منزله <br />

كان في ظاهر البلد وكان عليه ‏–في زمانهم-‏ مشقة في الوقوف والنزول أثناء الطريق لتناول األكل والطعام وهم حديثوا عهد بمسير<br />

<br />

) 835 (<br />

) 836 (<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب الصوم،‏ ‏َبب مىت <strong>يف</strong>طر املسافر إذا خرج )1402(، رقم )2412(، وصححه األلباين <strong>يف</strong> رسالته<br />

تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره وعبيد بن جرب هو موىل أيب بصرة،‏ القبطي كان ممن بعث به املقوقس مع مارية،‏ فعلى هذا فله<br />

صحبة.‏ وقد ذكره يعقوب بن سفيان <strong>يف</strong> الثقات،‏ وقال ابن خزمية:‏ ال أعرفه.‏<br />

ينظر:‏ تقريب التهذيب،‏ البن حجر )376(، وأبو بصرة هو الغفاري بن بصرة بن أيب بصرة بن وقاص بن حبيب بن غفار روى عن النيب<br />

وروى عنه أبو هريرة وابن هبرية وعبيد بن جرب وغريهم كان يسكن احلجاز مث حتول إىل مصر ويقال إن عزة صاحبة كثري من ذريته<br />

وأنكر ذلك ابن األثري،‏ ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )20/8-7(.<br />

الشَّهْر وهذا شاهد وال يوصف بكونه مسافراً‏ حىت خيرج من البلد<br />

قال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )111/3( لقوله تعاىل:‏ فَمَن شَهِّ‏ ‏َد مِّنكُمُ‏ َ<br />

(، واملسافر وما خيتص به من<br />

ومهما كان <strong>يف</strong> البلد فله أحكام احلاضرين،‏ وينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />

أحكام العبادات،‏ ألمحد الكبيسي،‏ ص‎89‎<br />

236<br />

) 3 ص (<br />

، بتصرف.‏<br />

) 837 (<br />

) 838 (<br />

) 839 (<br />

احلاوي،‏ للماوردي )368/2(.<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية،‏ )269/27(، بتصرف.‏<br />

الراوي هو حممد بن كعب واألثر<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب الصوم،‏ ‏َبب ما جاء فيمن أكل مث خرج يريد سفراً‏ )1726(، رقم<br />

)799(، وقال:‏ ‏"وقد ذهب بعض أهل العلم إىل هذا احلديث،‏ وقالوا:‏ للمسافر أن <strong>يف</strong>طر <strong>يف</strong> بيته=‏<br />

=<br />

) 840 (<br />

) 841 (<br />

) 842 (<br />

قبل أن خيرج وليس له أن يقصر<br />

الصالة حىت خيرج من جدار املدينة أو القرية وهو قول إسحاق"‏ وقال ابن العريب:‏ ‏"مل يقل به إال أمحد أما علماؤان فمنعوا منه لكن<br />

اختلفوا إذا أكل هل عليه كفارة فقال مالك:‏ ال،‏ وقال أشهب:‏ هو متأول وقال غريمها:‏ يكفر..‏ وحنب أن ال يكفر لصحة احلديث<br />

ولقول أمحد"،‏ ينظر:‏ نيل األوطار،‏ للشوكاين )124/4(، وقال ابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )53/2(: ‏"وقد كان الصحابة حني ينشؤون السفر<br />

<strong>يف</strong>طرون من غري اعتبار جماوزة البيوت وخيربون أن ذلك سنته وهديه ".<br />

احلاوي،‏ للماوردي )368/2(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )112/3(.<br />

ينظر:‏ هتذيب التهذيب،‏ البن حجر )174/5(.


وسفر فرأى أنهم يتزودون بالطعام قبل ركوبهم حتى يواصلوا المسير إلى الليل أو إلى آخر النهار دون انقطاع أو توقف،‏ بخالف ما<br />

عليه الحال في هذا الزمن فال مشقة في التوقف لألكل بعد المسير.‏ )843(<br />

وأما القياس على صيرورته مقيماً‏ بمجرد النية فهذا قياس مع الفارق حيث أن األصل في اإلنسان هو اإلقامة فيصير مقيماً‏ بمجرد<br />

النية أما السفر فيحتاج مع النية إلى المباشرة فافترقا )844(<br />

وأما القوالن األخيران فقد قال ابن المنذر عن رأي مجاهد:‏ ‏"لم يوافقه عليه أحد"‏ )845(<br />

.<br />

-1<br />

-2<br />

وقال النووي:‏ ‏"فهذان المذهبان ‏–أي الثالث والرابع-‏ فاسدان فمذهب مجاهد مناف لألحاديث الصحيحة في قصر النبي بذي<br />

الحل<strong>يف</strong>ة وحين خرج من المدينة ومذهب عطاء وموافقيه منابذ السم السفر"‏ )846(<br />

وبهذا يترجح قول الجمهور لقوة أدلتهم وسالمتها من المناقشة وضعف أدلة القول الثاني ومخالفة القول الثالث والرابع لألحاديث<br />

الصحيحة الصريحة والعرف المستقيم،‏ وال سيما ما يتعلق بإفطاره قبل مفارقة العمران ألن صيامه صحيح باتفاق وإفطاره مختلف<br />

فيه فاألحوط االنتظار حتى تتحقق المفارقة،‏ ثم إن الفطر ليس هو األفضل للمسافر مطلقاً‏ وإنما األفضل له فعل األيسر في حقه ونظراً‏<br />

لتعدد وسائل النقل واختالف طرق المفارقة في هذا العصر فإنه يحسن بيان المفارقة المعتبرة لكل من :<br />

أ ) أهل المدن والقرى :<br />

تكون المفارقة في حقهم بمجاوزة جميع العمران من جهة مقصدهم حتى ال يبقى بيت متصل وال منفصل مما هو معد للسكن واشترط<br />

الحنفية مفارقة ما كان من توابع محل اإلقامة كربض المصر وهو ما حول المدينة من بيوت ومساكن والقرى المتصلة بالربض على<br />

الصحيح وأما الفناء المنفصل عن البلد المعد لمصالحه كمدافن الموتى وغيرها فال يشترط مجاوزتها )847(<br />

والخراب المتخلل للعمران معدود من البلد،‏ أما المساكن الخربة في أطراف البلد فإن كانت خالية من السكان وليس ثمة عمران من<br />

ورائها فال تشترط مجاوزتها ألنها أشبهت الصحراء )848(<br />

لكن الشافعية اشترطوا مجاوزتها إذا كانت قائمة الحيطان ولم يحوط على العامر إلمكان السكنى فيها كما اشترطوا مجاوزة سور البلد<br />

ولو تعدد وتخلله مزارع وخراب ألن ما كان داخله فهو معدود من البلد ولو كان غير مكتمل أو بعضه منهدم والخندق في البلدة التي<br />

‏،وأما الحنابلة فال يشترط عندهم مجاوزة السور وإنما بيوت قريته العامرة سواء كانت داخل السور<br />

ال سور لها كالسور في هذا )849(<br />

أو خارجه فيقصر إذا فارقها بما يقع عليه اسم المفارقة بنوع البعد عرفاً،‏ وال يشترط مفارقة الخراب عندهم ولو كانت حيطانه قائمة<br />

ما لم يله عامر.‏ )850(<br />

وأما البساتين والمزارع المتصلة بالبلد فإنها ال تخلوا:‏<br />

أن تكون غير معدة للسكن فال يشترط مجاورزتها.‏<br />

أن تكون معدة للسكن ولو في بعض العام ففي اشتراط مجاوزتها خالف على قولين:‏<br />

األول:‏ عدم اشتراط ذلك،‏ وهو قول الحنفية والشافعية )851(<br />

) 843 (<br />

) 844 (<br />

) 845 (<br />

) 846 (<br />

) 847 (<br />

) 848 (<br />

ينظر:‏ املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر،‏ البن جربين،‏ مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي ص‎86‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة من العلماء،‏ مسألة قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حملمد شبري ص‎104‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

واملغين،‏ البن قدامة )112/3(.<br />

اجملموع،‏ للنووي ‏)‏‎158/4‎‏(،وسبق ترمجته ص<br />

37<br />

وترمجة جماهد وعطاء ص<br />

. 22<br />

ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم ‏)‏‎139/2‎‏-وما بعدها(،‏ واملصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش<br />

3 ص .)236(<br />

) 849 (<br />

) 850 (<br />

) 851 (<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع ، للكاساين )161/1(، وحاشية ابن عابدين )599/2(، والكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبدالرب )244/1(، وشرح خمتصر<br />

خليل للخرشي )58/2(، واملغين،‏ البن قدامه )113/3( والفروع،‏ البن مفلح )82/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق<br />

بن قدامه وأبو الفرج واملرداوي )48/44/5(.<br />

ينظر:‏ حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري ‏)‏‎235/1‎‏-وما بعدها(،‏ حتفة احملتاج،‏ البن حجر ‏)‏‎371/2‎‏-وما<br />

بعدها(،‏ وهناية احملتاج،‏ للرملي ‏)‏‎250/2‎‏-وما بعدها(،‏ وحاشية اجلمل ‏)‏‎591/1‎‏-وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامه واملرداوي )48-44/5(، والفروع البن مفلح مع تصحيحه<br />

للمرداوي وحاشية ابن قندس حتقيق الرتكي )82/3(، واملغين،‏ البن قدامة )113/3(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )601/1( وشرح منتهى<br />

اإلرادات للبهويت )274/1(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )3( ، ص )236( واهلامش (<br />

،) 1 ص ( 237 .)


الثاني:‏ اشتراط ذلك،‏ وهو مذهب المالكية والصحيح عند الحنابلة وقال به بعض الشافعية،‏ ونظره النووي مع استظهاره<br />

عدم االشتراط وقال المالكية ال يشترط مجاوزتها إال إذا سافر من ناحيتها أو من غير ناحيتها وكان محاذياً‏ لها وخالف<br />

بعضهم في الثانية فقال ال يشترط المجاوزة فيها،‏ ألن غايتها أن تكون كجزء من البلد )852(<br />

وعلل أصحاب القول األول،‏ بأنها ليست من البلد فال تصير منه بإقامة بعض الناس فيها جزءاً‏ من العام.‏<br />

وعلل أصحاب القول الثاني بأنها صارت جزءاً‏ من البلد بذلك.‏ )853(<br />

واألقرب أن مكان ابتداء السفر هو األرض الفضاء التي ال عمران فيها ومفارقة العمران مسألة عرفية فال يدخل في ذلك الضياع<br />

والمزارع ولو كان الناس يقيمون فيها بعض الفصول،‏ ومثل ذلك المعارض والمستودعات ومحطات الوقود وإن كانت مزدهرة فال<br />

يشترط مجاوزتها.‏<br />

لكن إذا كان عادة أهل البلد سكن مزارعهم بصفة دائمة كبعض أهل األرياف فال بد من حينئذ من مجاوزتها ألنها ملحقة بالبلد ما<br />

دامت متصلة به والسكن فيها دائمة.‏<br />

وإذا كان الراجح في المفارقة تقييدها بالعرف فإن من خرج من البلد يريد المطار فهو مسافر من حين خروجه وله الترخص إال إذا<br />

كان من سكان المطار فال ألنه لم <strong>يف</strong>ارق بنيان بلده عرفاً.‏<br />

وقد شاع عند بعض الناس في هذا الزمن الترخص في المطارات والموانئ ظناً‏ منهم بأن من وصلها فقد شرع في السفر – إذا كان<br />

حجزه مؤكداً-‏ وهذا العمل محل نظر فقد ضبط الفقهاء المفارقة المبيحة للترخص ‏–كما تقدم-‏ بمجاوزة عمران البلد مما يشمله اسم<br />

واحد وإن كان من مصالح البلد وتوابع<br />

كما قال ابن عابدين ‏"يشترط مفارقة ما كان من توابع موضع اإلقامة كربض المصر وهو ما حول المدينة من بيوت ومساكن فإنه في<br />

حكم المصر...‏ وأما الفناء وهو المكان المعد لمصالح البلد كمريض الدواب ودفن الموتى وإلقاء التراب،‏ فإن اتصل بالمصر اعتبر<br />

اإلقامة )854(<br />

مجاوزته وإن انفصل بمزرعة فال<br />

وعلى هذا يقال :<br />

إن كان المطار والميناء خارج البلد منفصالً‏ عنه بحيث يعد الذهاب إليه خروجاً‏ عن البلد وتحصل به مفارقة العمران فيجوز<br />

الترخص حينئذ.‏<br />

أما إذا كان المطار أو الميناء متصالً‏ بالبلد وجزءاً‏ منه وال يعد الذهاب إليه خروجاً‏ ومجاوزة ومفارقة للعمران عرفاً‏ فال يسوغ الترخص حينئذ<br />

)855( ."<br />

واألمر مبناه على العرف كما تقدم.‏ )856(<br />

ب(‏ المسافر بحراً‏ :<br />

إذا كانت البلدة ساحلية وأراد المسافر الخروج في سفره بسفينة فيعتبر في مفارقته مجاوزة هذه السفينة وجريها ما لم يكن ذلك محاذياً‏<br />

للبلد فال بد حينئذ من مجاوزة العمران.‏<br />

وإذا لم تكن السفينة راسية على الساحل واحتيج إلى زورق ينقل إليها فيجوز الترخص بمجرد مغادرة الزورق إليها بشرط أن تكون<br />

المغادرة إليها هي األخيرة أما ما دام يذهب ويعود فال يجوز حينئذ لمن به وال لمن بالسفينة أن يترخص.‏ )857(<br />

ج(‏ المسافر جواً‏ :<br />

اعتبر العلماء فيمن صعد جبالً‏ أن <strong>يف</strong>ارق المكان المحاذي لرؤوس الحيطان واعتبر العلماء فيمن هبط جبالً‏ أن <strong>يف</strong>ارق المكان المحاذي<br />

ألساس الحيطان ألنه لما اعتبر مفارقة البيوت إذا كانت محاذية اعتبر هنا مفارقة سمتها .<br />

ويلحق المسافر بالطائرة بذلك فتكون المفارقة في حقه بمجرد مجاوزة الطائرة المكان المحاذي لسمت البنيان،‏ وفي الهبوط ال يزال<br />

مسافراً‏ حتى تحاذي الطائرة سمت البنيان.‏<br />

وال يشترط للمفارقة هنا الخروج عن المجال الجوي للبلد كما قد يتوهمه البعض.‏ )858(<br />

) 852 (<br />

وممن قال به الرافعي ، ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />

) ، وكشاف<br />

) 3 ص ( 236<br />

) 853 (<br />

) 854 (<br />

القناع،‏ للبهويت )601/1(، واجملموع،‏<br />

للنووي )159/4(، وحاشيتا قليويب وعمريه )296/1(، ومنح اجلليل،‏ حملمد عليش ‏)‏‎403/1‎‏-وما بعدها(،‏ حاشية الصاوي<br />

)477/1(، الفواكه الدواين )254/1(، شرح اخلرشي )58/2(.<br />

املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين)‏‎599/2‎‏(،‏ ومغين احملتاج،‏ للشربيين )264/1(، واملغين،‏ البن قدامة )113/3(، وحد اإلقامة،‏ للماجد،‏ ص<br />

)31(، وجملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ العدد العاشر،‏ مجادي اآلخرة ‎1414‎ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم،‏ مساعد<br />

الفاحل،‏ ص<br />

110، بتصرف.‏<br />

) 855 (<br />

) 856 (<br />

) 857 (<br />

حاشية رد احملتار على الدر املختار،‏ البن عابدين )600-599/2(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )2( من الصفحة السابقه<br />

، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ حاشيتا قليويب وعمريه )296/1(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري )236/1( حتفة احملتاج،‏ للهيثمي )374/2(، هناية احملتاج للرملي<br />

)251/2( حاشية اجلمل )592/1(، إقامة املسافر،‏ للفاحل،‏ ص<br />

108، بتصرف.‏


وهذا إذا كان المطار داخل البلد أما إذا كان منفصالً‏ عن البلد بحيث يعتبر الذهاب له سفراً‏<br />

فالمفارقة حينئذ حصلت بالخروج من البلد<br />

للمطار كما تقدم.‏<br />

د(‏ المقيم بالصحراء والخيام :<br />

فإذا كان مقيماً‏ في الصحراء فيشترط لترخصه مفارقته للبقعة التي فيها رحله وتنسب إليه،‏ فإن سكن وادياً‏ وسار في عرضه فال بد<br />

من مجاوزة عرضه إذا كان هذا العرض معتاداً‏ فإن أفرطت سعته لم يشترط إال مجاوزة القدر الذي يعد موضع نزوله أو موضع<br />

الحلة التي هو منها،‏ كما لو سافر في طول الوادي فيكفيه ذلك القدر.‏<br />

وإذا كان مقيماً‏ في خيام فيشترط لترخصه مفارقته لها جميعاً‏ مجتمعة كانت أو متفرقة إذا كانت حلة واحدة وهي بمنزلة أبنية البلد كما<br />

صرح بذلك المالكية والشافعية والحنابلة ويشترط مع مجاوزتها مرافقها كمطرح الرماد وملعب الصبيان ومراحل اإلبل،‏ ألنها من<br />

موضع إقامتهم.‏ )859(<br />

) 858 (<br />

) 859 (<br />

ينظر:‏ حاشيتا قليويب وعمرية )296/1(، هناية احملتاج )253/2(، حتفة احملتاج للهيثمي )375/2( أسىن املطالب،‏ لألنصاري<br />

)236/1( والفروع،‏ البن مفلح )82/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )48-44/5(،<br />

إقامة املسافر،‏ للفاحل،‏ ص‎108‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )600/2(، شرح خمتصر خليل للخرشي )58/2( حاشية الدسوقي )58/2(، اجملموع للنووي )159/4-<br />

160(، الوسيط،‏ للغزايل 859/2، هناية احملتاج للرملي )252/2( حتفة احملتاج،‏ البن حجر )374/2( وحاشيتا قليويب وعمرية<br />

)296/1( ، املغين،‏ البن قدامة )113/3(.


الشرط الثالث:‏ مسافة السفر :<br />

، وقد<br />

فال بد لألخذ برخص السفر من أن تكون المراد قطعها مسافة سفر حتى إن أهل اللغة عرفوا السفر بأنه ‏"قطع المسافة"‏ )860(<br />

اختلف الفقهاء في تحديدها،‏ فمنهم من حدها بطول معين أو بزمن معين ومنهم من لم يقدر مسافة للسفر وحدها بالعرف إلطالق<br />

النصوص واألقوال في ذلك كثيرة أوصلها بعضهم إلى عشرين قوالً.‏ )861(<br />

سبب الخالف:‏ معارضة المعنى المعقول للفظ المنقول .<br />

ومرد ذلك إلى إطالق السفر في القرآن دون تحديده بمسافة معينة،‏ وكذلك اختالف المسافات والمدد التي قصر فيها النبي ، فمن<br />

نظر إلى إطالق النصوص،‏ اعتبر كل من جاز إطالق اسم مسافر عليه قد قطع مسافة السفر وجاز له الترخص،‏ والقائلون بهذا<br />

اختلفوا في الحد األدنى لما يعد سفراً.‏<br />

ومن نظر إلى المعنى المعقول من اللفظ،‏ قال:‏ إن تأثير السفر في القصر هو المشقة الموجودة فيه فكل ما وجد فيه هذا المعنى فهو<br />

سفر يترخص فيه ثم اختلف هؤالء في تحديد المسافة التي تحصل بها هذه المشقة التي يترخص بها.‏ )862(<br />

واألقوال في ذلك كما يلي :<br />

القول األول:‏ ليس للسفر مسافة محددة ويجوز الترخص في طويل السفر وقصيره وهو قول الظاهرية وشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏<br />

وتلميذه ابن القيم،‏ وابن قدامه المقدسي وكثير من المعاصرين ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم وابن عثيمين )863(<br />

القول الثاني:‏ مسافة السفر المبيحة للترخص:‏ أربعة برد،‏ وهو ما يساوي ثمانية وأربعين ميالً‏ أو ستة عشر فرسخاً)‏‎864‎‏(‏ وهو قول ابن<br />

عمر وابن عباس والحسن وإسحاق وغيرهم وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة واختاره الشيخ ابن باز )865(<br />

) 860 (<br />

) 861 (<br />

) 862 (<br />

) 863 (<br />

ينظر:‏ القاموس احمليط،للفريوزاَبدي )50-49/2( والصحاح،للجوهري ‏)‏‎685/2‎‏(،واملصباح املنري<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )659/2(.<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )237/1(.<br />

.)425/1(<br />

) 864 (<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )3/5( ونيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )10/24(، وزاد املعاد<br />

البن القيم )463/1(، واملغين،‏ البن قدامه )105/3(، وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم )325-317/2-1(، وقد كان الشيخ<br />

ابن عثيمني <strong>يف</strong>يت أبن املسافة ‎83‎كلم ونصف كما <strong>يف</strong> فتاواه مجع أشرف عبداملقصود )480/1(، مث رجح حتديده ‏َبلعرف كما <strong>يف</strong> فتاوى<br />

أركان <strong>اإلسالم</strong> )381( مجع فهد السليمان وإقامة املسافر وسفر املقيم،‏ للفاحل،‏ ص )91(، والسفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش،‏ ص<br />

)31(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص )31(، وقصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حممد شبري ضمن كتاب مسائل <strong>يف</strong><br />

الفقه املقارن،‏ ص)‏‎100‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

والربد بضم الباء والراء والربيد أربعة فراسخ،‏ وكل فرسخ ثالثة أميال هاَشية فيكون جمموعها مثانية وأربعون ميالً‏ والفرسخ أبميال بين أمية<br />

ميالن ونصف فاملسافة على هذا أربعون ميالً‏ وهاَشية:‏ نسبة إىل بين هاشم لتقديرهم هلا وقت خالفتهم بعد تقدير بين أمية هلا ال إىل<br />

هاشم جد النيب وامليل ستة آالف ذراع،‏ ويساوي ‏َبألمتار<br />

1848<br />

مرتاً‏ طولياً،‏ وقيل امليل أربعة آالف ذراع،‏ ويساوي ‏َبألمتار<br />

1609<br />

) 865 (<br />

فتكون مسافة الرتخص بناء على هذا ‎77‎كم وعلى القول األول ‎88.704‎كم وال حتسب من هذه املسافة مدة الرجوع ‏–عندهم-‏<br />

اتفاقاً،‏ وهي ‏َبعتبار الزمان مرحلتان ومها سري يومني معتدلني أو يوم وليلة بسري اإلبل املثقلة ‏َبألمحال على املعتاد مع النزول املعتاد لنحو<br />

اسرتاحة وأكل وصالة.‏<br />

ينظر:‏ شرح اخلرشي )57/2(، والتاج واإلكليل،‏ للمواق )490-489/2(، أسىن املطالب،‏ لألنصاري )239/1(، حاشيتا قليويب<br />

وعمرية )300/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )29/25(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(، وإقامة املسافر وسفر املقيم،‏ ملساعد<br />

الفاحل،‏ جملة جامعة اإلمام،‏ عدد‎10‎‏،‏ ص‎82‎‏،‏ والسفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش،‏ ص‎18‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

وقال به الزهري وأبو ثور ‏،ينظر:‏ املدونة )207/1(، واملنتقى،‏ للباجي )263/1(، ومواهب اجلليل للحطاب )488/2(، وبداية<br />

اجملتهد )237/1(، وروي عن مالك أن أقل سفر القصر مسرية يوم وليلة وروى ابن القاسم أن مالك رجع عنه وقال بعض األصحاب:‏<br />

اليوم والليلة <strong>يف</strong> الغالب هو ما يسار فيه أربعة برد وكالمها سواء وإمنا لفظ أبني من لفظ،‏ ينظر ما تقدم.‏ وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس<br />

)212/1(، واجملموع،‏ للنووي )148/4(، ومغين احملتاج )266/1(، وهناية احملتاج للرملي )257/2(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري<br />

)238/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق بن قدامة وأبو الفرج واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي،‏ )28/5(، واملغين،‏ البن قدامه


-1<br />

القول الثالث:‏ مسافة السفر المبيحة للترخص:‏ مسيرة ثالثة أيام بلياليها بسير اإلبل ومشي األقدام وهو قول عثمان بن عفان وابن<br />

مسعود والثوري وابن سيرين وغيرهم،‏ وهذا مذهب الحنفية،‏ وال يعتبر عندهم ‏–على الصحيح-‏ بالفراسخ.‏<br />

وقال أبو يوسف:‏ يومان وأكثر الثالث،‏ وهي رواية الحسن عن أبي حن<strong>يف</strong>ة )866(<br />

القول الرابع:‏ أقل مسافة للترخص ثالثة أميال ونسب هذا للظاهرية )867(<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول بما يلي :<br />

قوله تعالى:‏ <br />

<br />

)868(<br />

فاآلية مطلقة والتقدير<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

تقييد لمطلق الكتاب وال يجوز ذلك إال بدليل،‏ وظاهر اآلية يدل على إباحة القصر لكل من ضرب في األرض دون<br />

تقييد بمسافة معينة،‏ وقد سقط شرط الخوف بخبر يعلى بن أمية فبقي ظاهر اآلية متناوالً‏ كل ضرب في<br />

األرض.‏ )869(<br />

2- عن عائشة رضي هللا عنها قالت:‏ ‏))فرضت الصالة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر فأقرت صالة السفر وزيد في صالة<br />

الحضر((‏ )870(<br />

3- عن ابن عباس قال:‏ ‏))فرض هللا الصالة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً‏ وفي السفر ركعتين وفي الخوف<br />

ركعة((‏ )871(<br />

)105/3(، والفروع البن مفلح،‏ )81/3( واإلقناع،‏ للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )274/1(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )599/1(، وجمموع<br />

فتاوى ابن ‏َبز ، مجع الطيار وأمحد بن ‏َبز )461/2( وقد اختلفت أقواله <strong>يف</strong> التحديد رمحه هللا فمرة يقول مسافة القصر‎80‎كم أو ما<br />

يقارهبا ومرة يقول:‏ أقرب حد تقصر فيه الصالة ما يقرب من سبعني كيلو مرتاً،‏ مث قال:‏ ‏"وهذا كله على سبيل االحتياط والقاعدة<br />

الشرعية أن كل ما يسمى سفراً‏ وحيتاج صاحبه إىل الزاد واملاء فإهنا تقصر فيه الصالة وإن مل يبلغ املسافة السابقة وإمنا قدران على سبيل<br />

االحتياط".‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص )462-461-457(، وقد رجح رمحه هللا العمل ‏َبألحوط <strong>يف</strong> مدة السفر كما سيأيت،‏ وأفتت اللجنة الدائمة<br />

‏"أبن السفر الذي يشرع فيه الرتخيص برخص السفر هو ما اعترب سفراً‏ عرفاً‏ ومقداره على سبيل التقريب مسافة مثانني كيلومرتاً‏ فمن سافر<br />

لقطع هذه املسافة فأكثر فله أن يرتخص برخص السفر.."اخل.‏ ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء،‏ مجع أمحد الدويش<br />

)99/8(. فلعلهم والشيخ بن ‏َبز <strong>يف</strong>تون ‏َبلعرف ويقدرونه <strong>يف</strong> زماننا هبذا املقدار لكونه سفراً‏ <strong>يف</strong> عرفنا،‏ ويؤيد ذلك أن الشيخ ابن ‏َبز علل<br />

تقديرها ب‎80‎‏=‏ ‏=كلم أبهنا تعترب سفراً‏ عرفاً‏ خبالف ما دوهنا،‏ ينظر:‏ فتاوى <strong>يف</strong> أحكام قصر ومجع الصالة،‏ البن ‏َبز،‏ ص‎23‎ وما بعدها،‏<br />

وتقدم ترمجة احلسن ص<br />

وإسحاق ص 141<br />

. 236<br />

) 866 (<br />

وقدرها بعض مشائخهم أبقصر أايم السنة.‏ وقال ابن عابدين:‏ ‏"الظاهر ابقاؤها على إطالقها حبسب ما يصادفه من الوقوع فيها طوالً‏<br />

وقصراً‏ واعتداالً‏ إن مل تقدر ‏َبملعتدلة اليت هي الوسط"‏ ، كما قال هبذا القول الشعيب والنخعي وقد تقدمت ترمجة الثوري ص وابن<br />

سريين ص ‎159‎وأبو يوسف ص<br />

87<br />

.140<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )256/2(، املبسوط،‏ للسرخسي )236/1(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )159/1(، وتبيني احلقائق،‏<br />

للزيلعي )211-210/1(، وحاشية ابن عابدين )601/2(، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )428/5( واجملموع شرح<br />

املهذب،‏ للنووي )149/4( .<br />

) 867 (<br />

) 868 (<br />

) 869 (<br />

) 870 (<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )661/2(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية )101(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )109/3(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة ‏َبب ك<strong>يف</strong> فرضت الصالة )31-30(، رقم )350(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين،‏ ‏َبب<br />

،)785( رقم .)685(


4- عن عمر قال:‏ ‏))صالة السفر ركعتان،‏ وصالة األضحى ركعتان وصالة الفطر ركعتان،‏ وصالة الجمعة ركعتان تمام<br />

غير قصر على لسان محمد((‏ )872(<br />

5- عن جبير بن نفير قال:‏ ‏))خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر أو ثمانية عشر ميالً‏ فصلى<br />

ركعتين،‏ فقلت له فقال:‏ رأيت عمر بذي الحل<strong>يف</strong>ة ركعتين فقلت له،‏ فقال:‏ إنما أفعل كما رأيت رسول هللا <br />

<strong>يف</strong>عل((‏ )873(<br />

وجه الداللة : أنه لم يخص هللا سبحانه وال رسوله وال المسلمون سفراً‏ من سفر فليس ألحد أن يخصه إال بنص أو إجماع<br />

متيقن )874(<br />

كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"السفر مطلق في الكتاب والسنة فليس يخصان بسفر دون سفر،‏ ال بقصر وال بفطر،‏ ولم يحد النبي<br />

مسافة القصر بحد زماني وال مكاني والواجب أن يطلق ما أطلقه صاحب الشرع ويقيد ما قيده"‏ )875(<br />

فهذه األدلة وغيرها مما ورد في إباحة الترخص بالسفر مطلقة في كل سفر،‏ والتحديد بمسافة معينة أو مدة أو<br />

زمن معين تقييد لمطلق الكتاب والسنة وال يجوز ذلك إال بدليل،‏ كما ال يجوز التفريق بين متماثلين إال بدليل.‏ )876(<br />

وقول عمر في حديث شرحبيل دليل على أنه قصر في مسافة أقل مما قدروا فال حجة في تقديرهم .<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"من فرق بين الطويل والقصير فرق بين ما جمع هللا بينه فرقاً‏ ال أصل له في كتاب هللا وسنة<br />

رسوله فما ذكر من تعليق الشارع الحكم بمسمى االسم المطلق،‏ وتفريق بعض الناس بين نوع ونوع من غير<br />

داللة شرعية له نظائر"‏ )877(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-6<br />

قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

)878(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

عن أبي سعيد الخدري قال:‏ ‏"خرج رجالن في سفر فحضرت الصالة وليس معهما ماء فتيمما صعيداً‏ طيباً‏<br />

وصليا ثم وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصالة والوضوء ولم يعد اآلخر ثم أتيا رسول هللا فذكرا<br />

ذلك له فقال للذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صالتك وقال للذي توضأ وأعاد لك األجر مرتين"‏ )879(<br />

وجه الداللة :<br />

أن إطالق اآلية والحديث يدل على أن السفر مبيح للتيمم طال أم قصر،‏ فالتحديد تحكم ال دليل عليه.‏ )880(<br />

-7<br />

) 871 (<br />

) 872 (<br />

) 873 (<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب الصالة ‏َبب صالة املسافرين وقصرها )785( رقم )678(.<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )37/1( والنسائي <strong>يف</strong> اجلمعة وتقصري الصالة )1439-1419( وابن ماجه <strong>يف</strong> تقصري الصالة )1063(<br />

والبيهقي <strong>يف</strong> صالة اجلمعة )5718( وصححه النووي <strong>يف</strong> اجملموع )342-149/4(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب الصالة،‏ ‏َبب صالة املسافرين،‏ ص‎786‎ رقم<br />

، 692 وجبري<br />

) 874 (<br />

) 875 (<br />

) 876 (<br />

) 877 (<br />

) 878 (<br />

) 879 (<br />

بن نفريا لكندي قال ابن حجر <strong>يف</strong><br />

اإلصابة )236/2-1(: ‏"فرق العسكري بينه وبني جبري بن نفري احلضرمي"،‏ وشرحبيل بن السمط بن األسود أو األعور بن جبلة بن<br />

عدي بن ربيعة الكندي أبو يزيد قال البخاري : له صحبة وتبعة احلاكم وأما ابن السكن فقال:‏ زعم البخاري أن له صحبة ويقال إنه وفد<br />

على الرسول مث شهد القادسية وذكره البغوي وابن حبان <strong>يف</strong> الصحابة مث أعاده <strong>يف</strong> التابعني،‏ سكن محص وكان عامالً‏ ملعاوية عليها حنواً‏<br />

من عشرين سنة وشهد معه صفني ومات سنة أربعني وقيل اثنتني وأربعني،‏ ينظر:‏ اإلصابة )200-199/4-3(.<br />

ينظر:‏ احمللى )19/5(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(.<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد ‏)‏‎105/24‎‏-وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ املصادر املتقدمة <strong>يف</strong> اهلامش )4( ص ( 246<br />

. )<br />

) 880 (<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ مجع عبدالرمحن بن قاسم وابنه حممد ‏)‏‎38-34/24‎‏-وما بعدها(.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية )43(.<br />

أخرجه الدار قطين <strong>يف</strong> سننه،‏ ‏َبب جواز التيمم لصاحب اجلراح )188/11(.<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )20-19-16/5(، واملغين البن قدامه )109/3(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(.


8- صالة أهل مكة مع النبي قصراً‏ وجمعاً‏ فلم ينقل أحد عن النبي أنه قال ال بعرفه وال مزدلفة وال منى:‏<br />

‏))يا أهل مكة أتموا صالتكم فإنا قوم سفر((،‏ وإنما قال ذلك في نفس مكة عام الفتح )881(<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"ال مسوغ لقصر أهل مكة بعرفة وغيرها إال أنهم سفر...‏ وأي فرق بين سفر أهل مكة إلى عرفة وبين<br />

سفر سائر المسلمين إلى قدر ذلك من بالدهم،‏ وهللا لم يرخص في الصالة ركعتين إال لمسافر فعلم أنهم كانوا<br />

مسافرين"‏ )882(<br />

-9<br />

أن أقوال المحددين مختلفة فيما بينها فيرجع لألصل وهو اإلطالق ويرجع في التحديد إلى العرف فما سماه الناس سفراً‏ فهو<br />

السفر المبيح للترخص وما ال فال،‏ ألن كل اسم ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف،‏ أما التحديد<br />

بشيء معين فباطل ألن بابه التوق<strong>يف</strong>.‏ )883(<br />

قال ابن القيم رحمه هللا :<br />

ولم يحدد مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في األرض كما أطلق لهم التيمم<br />

في كل سفر وأما ما يروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثالثة فلم يصح عنه منها شيء البتة"‏ )884(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين مبا يلي :<br />

.<br />

ما نقل عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يقصران و<strong>يف</strong>طران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخاً)‏‎885‎‏(‏<br />

وأخرجه مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبدهللا عن أبيه أنه ركب إلى ريم فقصر الصالة في مسيره ذلك قال مالك:‏ وذلك<br />

نحو من أربعة برد.‏ )886(<br />

وأخرج مالك عنه أن أباه ركب إلى ذات النصب فقصر الصالة في مسيره ذلك قال مالك:‏ وبين ذات النصب والمدينة أربعة<br />

برد )887(<br />

وعن عطاء قال:‏ سئل ابن عباس : ‏"أقصر في الصالة إلى عرفة؟ قال:‏ ال ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف".‏ )888(<br />

وعن ابن عباس مرفوعاً:‏ ‏"يا أهل مكة ال تقصروا الصالة في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان"‏ )889(<br />

.<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

) 881 (<br />

) 882 (<br />

) 883 (<br />

) 884 (<br />

) 885 (<br />

) 886 (<br />

ص‎90‎‏.‏<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ، كتاب الصالة،‏ ‏َبب مىت يتم املسافر )1313(، رقم )1229(، وينظر:‏ إقامة املسافر وسفر املقيم،‏ للفاحل،‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ، مجع ابن قاسم )47/24(.<br />

ينظر:‏ ما تقدم من كالم شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية وابن قدامة <strong>يف</strong> ذلك وينظر السفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش،‏ ص‎29‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

زاد املعاد،‏ البن القيم،‏ حتقيق شعيب وعبدالقادر األرانؤوط )463/1(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه تعليقاً،‏ كتاب تقصري الصالة،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> كم يقصر الصالة ص)‏‎85‎‏(‏ ووصله البيهقي من طريق يزيد بن أيب<br />

حبيب عن عطاء بن أيب رَبح،‏ <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب السفر الذي تقصر <strong>يف</strong> مثله الصالة،‏ )137/3(، رقم )5180(، وقال ابن حجر<br />

<strong>يف</strong> الفتح )660-659/2(: ‏"وصله ابن املنذر من رواية يزيد بن أيب=‏ ‏=حبيب عن عطاء بن أيب رَبح"،‏ وقال النووي <strong>يف</strong> اجملموع<br />

)150/4(: ‏"رواه البيهقي إبسناد صحيح وذكره البخاري <strong>يف</strong> صحيحه تعليقاً‏ بصيغة اجلزم فيقتضى صحته عنده".‏<br />

ينظر:‏ املوطأ،‏ ملالك )139/1(، ومصنف عبدالرزاق )525/2( و<strong>يف</strong> معجم البلدان )114/3(: ‏)رئم:‏ راء مث مهزة فراء اثنية وهو بكسر<br />

أوله ومهزة اثنيه وسكونه واد ملزينة قرب املدينة(،‏ وتقدمت ترمجة ابن شهاب ص<br />

. 205<br />

) 887 (<br />

) 888 (<br />

) 889 (<br />

موطأ مالك )139/1(.<br />

أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ،كتاب قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،َبب ما جيب فيه قصر الصالة ‏)‏‎139/1‎‏(،عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏ كتاب الصالة،‏<br />

‏َبب <strong>يف</strong> مسرية كم يقصر الصالة ‏)‏‎445/2‎‏(وعسفان بضم األوىل وسكون الثانية قرية هبا مزارع وخنيل على مرحلتني من مكة على طريق<br />

املدينة،ينظر:معجم البلدان،‏ للحموي )121/4(، وترمجة عطاء‎22‎<br />

أخرجه البيهقي،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب السفر الذي يقصر <strong>يف</strong> مثله الصالة ‏)‏‎137/3‎‏(،رقم )5187(، وقال:‏ ‏"حديث ضع<strong>يف</strong>،‏ امساعيل<br />

بن عياش ال حيتج به وعبدالوهاب بن جماهد ضع<strong>يف</strong> "، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص احلبري:‏ ‏)إسناده ضع<strong>يف</strong> فيه عبدالوهاب بن جماهد<br />

وهو مرتوك،‏ رواه عنه إمساعيل بن عياش وروايته عن احلجازيني ضع<strong>يف</strong>ه(،‏ وأخرجه الدار قطين،‏ <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب قدر املسافة اليت<br />

تقصر <strong>يف</strong> مثلها الصالة )387/1(، وضعفه شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية كما سيأيت بيانه.‏


وجه الداللة :<br />

أن هذه اآلثار صريحة في أن مسافة السفر المبيحة للترخص هي أربعة برد،‏ وألنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد،‏ فجاز القصر فيها كمسافة الثالث ولم يجز فيما دونها،‏<br />

ألنها لم يثبت دليل يوجب القصر فيه.‏ )890(<br />

واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

، فجعل السفر ثالثة أيام ولم يجعل األقل من<br />

حديث ابن عمر مرفوعاً:‏ ‏))ال تسافر المرأة ثالثة أيام إال مع ذي محرم((‏ )891(<br />

ذلك سفراً‏ يوجب عليها اصطحاب المحرم فكذلك الصالة وسائر الرخص ال تكون فيما دون ذلك،‏ فإنه لو لم تكن مدة<br />

السير مقدرة بالثالث لما كان للتخصيص بها معنى.‏ )892(<br />

وعن شريح بن هانئ قال : أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت:‏ عليك بابن أبي طالب فسله،‏ فإنه كان يسافر<br />

مع رسول هللا فسألناه فقال:‏ ‏"جعل رسول هللا ثالثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً‏ وليلة للمقيم"‏ )893(<br />

فاأللف والالم للجنس فكل مسافر<br />

وجه الداللة : قالوا : ‏"فقد عمت الرخصة الجنس ومن ضرورته عموم التقدير"‏ )894(<br />

يمسح ثالثة أيام فلو كان السفر أقل من ذلك لكان من المسافرين من ال يمكنه مسح ثالثة أيام وال يعد هذا مسافراً‏<br />

شرعاً)‏‎895‎‏(‏<br />

أن الثالثة أقل الكثير وأكثر القليل وال يجوز له القصر في قليل السفر فوجب أن يكون أقل الكثير ‏)الثالث(‏ حداً‏ له.‏ )896(<br />

واستدل أصحاب القول الرابع :<br />

بما رواه أنس بن مالك قال:‏ ‏))كان رسول هللا إذا خرج مسيرة ثالثة أميال أو ثالثة فراسخ ‏)شعبة الشاك(‏ صلى<br />

ركعتين((‏ )897(<br />

-1<br />

فدل على أن ذلك هو أقل مسافة يترخص فيها،‏ حيث لم يصح أقل من ذلك.‏ )898(<br />

المناقشة والترجيح :<br />

نوقشت أدلة القول األول بما يلي :<br />

اعترض األحناف على االحتجاج باآلية ألن الضرب في األرض لغة عبارة عن السير فيها مسافراً‏ ال مطلق السير والكالم هنا<br />

هل يصير الضارب في األرض مسافراً‏ بسير مطلق من غير اعتبار المدة؟ والنزاع في تقديره،‏ واآلية ساكتة عن ذلك فال حجة فيها،‏<br />

وقد ورد الحديث بالتقدير فوجب العمل به،‏ ألنه لم يرد عنه وقد أوتي بيان القرآن أنه قصر الصالة في أقل من مرحلتين )899(<br />

وأجيب عن ذلك :<br />

) 890 (<br />

) 891 (<br />

) 892 (<br />

) 893 (<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه )108/3(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

. ) 145<br />

) 894 (<br />

) 895 (<br />

) 896 (<br />

) 897 (<br />

) 898 (<br />

) 899 (<br />

ينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي )236-235/1(، تبيني احلقائق،‏ للزيلعي )210/1(، واملنتقى،‏ للباجي )263/1(، بتصرف.‏<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ‏َبب التوقيت <strong>يف</strong> املسح على اخلفني )725(، رقم )276( وشريح بن هان هو أبو املقدام احلارثي<br />

الكو<strong>يف</strong> الفقيه صاحب علي حدث عن أبيه وعلي وعمر وعائشة وغريهم وحدث عنه ابناه والشعيب وحبيب بن أيب اثبت وغريهم،‏<br />

قال حيىي بن معني وغريه:‏ ثقة،‏ وقال أبو حام:‏ عاش شريح مائة وعشرين سنة،‏ قال األثرم قيل أليب عبدهللا:‏ شريح صحيح احلديث؟<br />

قال:‏ نعم هذا متقدم جداً‏ وقد تو<strong>يف</strong> سنة ‎98‎ه ، ينظر سري أعالم النبالء،‏ للذهيب )109-17/4(.<br />

شرح فتح القدير،‏ البن اهلمام )28/2(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )160/1(، والبحر الرائق،‏ البن جنيم )139/2( االختيار،‏ للموصلي )79/1(،<br />

وحاشية ابن عابدين )603/2(.<br />

احلاوي،‏ للماوردي )361/2(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب صالة املسافرين وقصرها )786(، رقم )691(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ه‎1‎ص‎248‎واحمللى البن حزم )3/5 وما بعدها(،ونيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(.<br />

ينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي )236-235/1(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )160/1(، واجملموع،‏ للنووي )151/4(.


و-‏<br />

بما ذكره ابن حزم في قوله:‏ ‏"السفر هو البروز عن محل اإلقامة وكذلك الضرب في األرض،‏ هذا الذي ال يقول أحد من أهل اللغة –<br />

التي بها خواطبنا وبها نزل القرآن-‏ سواه،‏ فال يجوز أن يخرج عن هذا الحكم إال ما صح النص بإخراجه )900 ) ، وقال تعالى:‏ <br />

<br />

-1<br />

فلم يخص هللا سفراً‏ من سفر.‏<br />

ونوقشت أدلة القول الثاني بما يلي :<br />

أن اآلثار عن الصحابة رضوان هللا عليهم كثيرة ومتعارضة في تحديد مسافة السفر وما ذكروه من أقوال الصحابة معارضة<br />

بمثلها فال حجة فيها مع االختالف فالذي يظهر أنهم رضي هللا عنهم لم يجعلوا السفر قطع مسافة محدودة أو زمان محدود يشترك فيه<br />

جميع الناس،‏ بل كانوا يجيبون بحسب حال السائل،‏ فمن رأوه مسافراً‏ أثبتوا له حكم السفر ومن ال فال،‏ ولذا اختلف كالمهم في مقدار<br />

الزمان والمكان.‏ )901(<br />

وال يوجد ما يترجح به االعتماد على رأي ابن عباس وابن عمر في تحديد المسافة بأربعة برد دون بقية ما ثبت عنهما وعن غيرهما<br />

من النصوص المعارضة،‏ ألن النقل عن ابن عمر مختلف.‏<br />

قال ابن حجر رحمه هللا:‏ ‏"وقد اختلف عن ابن عمر في تحديد ذلك اختالفاً‏ غير ما ذكر فروى ‏"أن ابن عمر كان أدنى ما يقصر<br />

الصالة فيه مال له بخيبر"‏ وبين المدينة وخيبر ستة وتسعون ميالً،‏ وروى..‏ أنه قال:‏ ‏"يقصر من المدينة إلى السويداء"،‏ وبينهما اثنان<br />

وسبعون ميالً،‏ وروى..‏ ‏"أنه سافر إلى ريم فقصر الصالة"..‏ وهي على ثالثين ميالً‏ من المدينة وروى ‏]عنه أنه قال[‏ ‏)لو خرجت<br />

ميالً‏ لقصرت الصالة(،‏ إسناد كل منها صحيح وهذه أقوال متغايرة جداً،‏ فاهلل أعلم"‏ )902(<br />

وعلى هذا فال متعلق لهم وال حجة لهم فيما ذكروه من التحديد بناء على ما رواه ابن عمر ألنه خالفه في روايات أخرى صحيحة،‏ كما<br />

أنه معارض بما روي عن الصحابة رضي هللا عنهم كما في حديث أنس وشرحبيل .<br />

قال ابن قدامة:‏ ‏"ال أرى لما صار إليه األئمة حجة،‏ ألن أقوال الصحابة متعارضة مختلفة وال حجة فيها مع االختالف،‏ وقد روى عن<br />

ابن عمر وابن عباس خالف ما احتج به أصحابنا ثم لو لم يوجد ذلك لم يكن في قولهم حجة مع قول النبي وفعله،‏ وإذا لم تثبت<br />

أقوالهم امتنع المصير إلى التقدير الذي ذكروه لوجهين:‏ أحدهما:‏ أنه مخالف لسنة النبي التي رويناها،‏ ولظاهر القرآن،‏ ألن<br />

ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في األرض لقوله تعالى:‏ <br />

<br />

<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

المذكور عن يعلى بن أمية فبقي ظاهر اآلية متناوالً‏ كل ضرب في األرض"‏ )903(<br />

اآلية،‏ وقد سقط شرط الخوف بالخبر<br />

أن التقدير بابه التوق<strong>يف</strong> فال يجوز المصير إليه برأي مجرد ال سيما أنه ليس له أصل يرد إليه وال نظير يقاس عليه.‏ )904(<br />

وأما حديث ابن عباس المرفوع ففي سنده عبدالوهاب بن مجاهد بن جبير وهو متروك ومجمع على شدة ضعفه ونسبه النووي إلى<br />

الكذب وقال األزدي ال تحل الرواية عنه وإسماعيل بن عياش وهو ضع<strong>يف</strong> أيضاً‏ فال حجة فيه )905 ) ، وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> في الجواب<br />

عنه:‏ ‏"وهذا ما يعلم أهل المعرفة بالحديث أنه كذب على النبي ولكن هو من كالم ابن عباس أفترى رسول هللا إنما حد مسافة<br />

القصر ألهل مكة دون أهل المدينة التي هي دار السنة والهجرة والنصرة،‏ ودون سائر المسلمين؟"‏ )906(<br />

وأما التعليل بكون هذه المسافة تجمع مشقة السفر فهو معارض باألدلة المنقولة في إثبات القصر في أقل من هذه المسافة )907(<br />

ونوقشت أدلة القول الثالث بما يلي :<br />

( 900 ) احمللى ، .)20-19/5(<br />

) 901 (<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )553/1<br />

تيمية )123/24(، بتصرف.‏<br />

654 /2–<br />

) 902 (<br />

فتح الباري )660/2( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 42<br />

) 903 (<br />

املغين )109/3( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

،106<br />

وما بعدها(‏ ومصنف عبدالرزاق )524/2(، جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن<br />

ويعلى بن أمية هو:‏ ابن أيب عبيدة بن مهام التميمي احلنظلي حل<strong>يف</strong> قريش،‏ أبو خلف<br />

ويقال:‏ أبو خالد أو أبو صفوان استعمله أبو بكر وعمر وعثمان،‏ شهد حنيناً‏ والطائف وتبوك واجلمل وصفني ويقال:‏ إنه قتل هبا وقيل<br />

47 مات سنة<br />

) 904 (<br />

) 906 (<br />

) 907 (<br />

املصادر السابقة.‏<br />

ه ، ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )353/5(.<br />

( 905 ‏(كما تقدم ترجيه،‏ وينظر:‏ اجملموع،‏ للنووي،‏ )150/4(، تلخيص احلبري،‏ البن حجر )49/2(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )123/4(.<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )127/24(.<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )10-8/5(، وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )208-207/6-5( ونيل األوطار،‏ للشوكاين )123/4(،<br />

وإقامة املسافر وسفر املقيم،‏ مساعد الفاحل،‏ ص‎86‎‏،‏ بتصرف.‏


1- أنه ال داللة في حديث ابن عمر على تحديد مسافة السفر للروايات األخرى السابق ذكرها بمنعها من السفر بال محرم مسيرة يوم<br />

وليلة ويومين وبريداً‏ وثالثة أيام وتقدم توجيه ذلك )908(<br />

.<br />

-2<br />

وال تالزم بين مسافة<br />

قال الماوردي:‏ ‏"فقد روي مسافة يوم وروي مسافة يومين،‏ فلما اختلفت فيه الروايات لم يجز االستدالل به"‏ )909(<br />

، وقال ابن حزم:‏ ‏"ويلزم من تعلق من الحنفيين بحديث:‏ ‏))ال تسافر المرأة((‏ أن ال يرى القصر والفطر<br />

السفر ووجوب المحرم )910(<br />

في سفر معصية،‏ ألنه لم يبح لها ‏–بال خالف-‏ سفر المعصية أصالً،‏ وإنما أباح لها ‏–بال شك-‏ أسفار الطاعات،‏ وهذا مما أوهموا<br />

فيه من األخبار أنهم أخذوا به وهم مخالفون له"‏ )911(<br />

أن ابن عمر راوي هذا الحديث صح عنه القصر فيما هو دون ذلك فلو كان يراه لبيان أقل مسافة القصر لما خالفه،‏ فتمسكهم بهذا<br />

الحديث يتعارض مع قاعدتهم في أن العبرة بما رأى الصحابي ال بما روي فلو كان الحديث عنده لبيان أقل مسافة القصر لما<br />

خالفه.‏ )912(<br />

-3<br />

ليس في حديث شريح أنه ال بد أن يسافر ثالثة أيام بل غاية ما <strong>يف</strong>هم منه أن للمسافر أن يسمح على الخف مدة ثالثة أيام،‏ فجاء<br />

لبيان أكثر مدة المسح وال يقتضي أن ذلك أقل السفر كما أذن للمقيم أن يمسح يوماً‏ وليلة،‏ وهو ال يقتضي أن ذلك أقل اإلقامة.‏<br />

فال حجة في الحديث على ما ذكروه فإنه يقدر على مسح الثالث في مسافة يوم وليلة إذا ما سارها في ثالث فالحاصل أنه لم يرد<br />

تحديد ما يقع عليه السفر،‏ وإنما أطلقه على ثالثة أيام،‏ ويومين،‏ ويوم،‏ وليلة،‏ وبريد.‏ فدل على أن الجميع يسمى سفراً.‏ )913(<br />

وأما تعليلهم بأن الثالث أقل الكثير فيجاب عنه من وجهين :<br />

األول:‏ أن الثالث في الشرع معتبرة بحكم ما دونها ال بحكم ما زاد عليها كشرط الخيار فاقتضى أن يعتبر بها في السفر ما دونها.‏<br />

الثاني:‏ أن اعتبار الثالث فيما يتعلق بالزمان واالعتبار في السفر بالسير ال بالزمان فال وجه العتباره في الثالث.‏ )914(<br />

ونوقشت أدلة القول الرابع:‏<br />

بأن المراد بالحديث المسافة التي يبتدأ منها القصر ال غايته )915(<br />

وال يخفى بعد هذا الحمل فإن البيهقي ذكر في روايته عن يحيى بن يزيد أنه قال:‏ ‏))سألت أنساً‏ عن قصر الصالة وكنت أخرج إلى<br />

الكوفة ‏–يعني من البصرة-‏ فأصلي ركعتين حتى أرجع فقال أنس ‏....((الحديث )916(<br />

فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر ال عن الموضع الذي يبدأ القصر منه فالصحيح في ذلك أنه ال يتقيد بمسافة بل بمجاوزة<br />

البلد التي يخرج منها )917(<br />

وبين مسلم في صحيحه بأن الشك من الراوي شعبه )919(<br />

واعترض على الحديث بأنه مشكوك فيه )918(<br />

وقال ابن حجر عنه:‏ ‏"وهذا أصح شيء ورد في بيان ذلك وأصرحه"‏ )920(<br />

( 908 ) <strong>يف</strong> ص)‏‎150‎‏(،‏ وينظر:‏ اجملموع،‏ للنووي )151/4(، بتصرف.‏<br />

) 909 (<br />

احلاوي الكبري،‏ للماوردي )361/2( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

.104<br />

) 910 (<br />

ينظر:‏ اجملموع،‏ للنووي )151/4(، بتصرف.‏<br />

( 911 ) احمللى 10/5(<br />

) 912 (<br />

) 913 (<br />

) 914 (<br />

) 915 (<br />

) 916 (<br />

وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )662/2(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ احلاوي للماوردي )361/2(، واملغين،‏ البن قدامه )108/3(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )39/24(، ونيل األوطار،‏<br />

للشوكاين )122/4(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )361/2(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للقرطيب )354/3(، واجملموع،‏ للنووي )151/4( وفتح الباري،‏ البن حجر،‏ واملغين،‏ البن قدامة )108/3(،<br />

ونيل األوطار،‏ للشوكاين،‏ )122/4(.<br />

السنن الكربى للبيهقي ‏)‏‎146/3‎‏(،وتقدمت ترمجته ص<br />

. 150<br />

) 917 (<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )661/2(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(.<br />

918<br />

( ‏(كماقال القرطيب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )354/3(، وذكره ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )661/2(.<br />

) 919 (<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

253<br />

) 920 (<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )661/2(.<br />

) وفيه بيان ذلك.‏


وهذا الحديث وإن كان فيه تحديد لمسافة القصر لكنه حكاية لفعله وال ينفي لزوم القصر فيما دونه لوجود سببه من السفر،‏ فليس<br />

في الحديث تحديد الترخيص بهذه المسافة والشارع علق صحة القصر بوجود سببه وهو السفر أخذاً‏ من مجموع األدلة وال فرق بين<br />

فتعين العمل بالقول الذي تنتظم فيه األدلة<br />

قليله وكثيره فداللة الحديث على التحديد للمسافة لو سلم من االعتراضات غير قطعية )921(<br />

واألقوال بتنوع األزمان وهو التحديد بالعرف وداللة الحديث عليه أولى من داللته على التحديد ألنه علق القصر على مطلق<br />

السفر ولو كان ثالثة أميال أو ثالثة فراسخ فصار دليالً‏ لنا ال علينا.‏<br />

وبهذا يترجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها مما ورد عليها من المناقشة،‏ وضعف أدلة المخالف والجواب عنها ولكونها غير<br />

صريحة في تحديد المسافة وإلطالق النصوص في الكتاب والسنة وال مقيد لها،‏ ولعمومها وال مخصص لها وما ورد من التقييد فهو<br />

متعارض ال تقوم به حجة،‏ وألن التقدير بابه التوق<strong>يف</strong> وما ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه هو العرف كما قال شيخ<br />

<strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"كل اسم ليس له حد في اللغة وال في الشرع فالمرجع فيه إلى العرف،‏ فما كان سفراً‏ في عرف الناس فهو السفر الذي علق<br />

به الشارع الحكم"‏ وقال:‏ ‏"السفر لم يحده الشارع وليس له حد في اللغة فرجع فيه إلى ما يعرفه الناس ويعتادونه،‏ فقد يكون مسافراً‏ في<br />

مسافة بريد،‏ وقد يقطع أكثر من ذلك وال يكون مسافراً،‏ فال بد أن يكون له ما يعد به في العرف سفراً‏ مثل أن يتزود له ويبرز<br />

للصحراء .... وبالجملة فالمسافر لم يكن مسافراً‏ لقطعه مسافة محدودة وال لقطعه أياماً‏ محدودة،‏ بل كان مسافراً‏ لجنس العمل الذي هو<br />

السفر"‏ )922(<br />

وجميع ما استدل به المحددون ال ينهض استدالالً،‏ إما لضعفه أو لكونه غير صريح في مورد النزاع ، فقد أطلق الكتاب والسنة السفر<br />

ولم يرد ما يخص سفراً‏ من سفر فليس المسافر مسافراً‏ لقطعه مسافة محدودة أو زمناً‏ معيناً‏ وإنما كان كذلك لجنس عمله الذي هو سفر<br />

مما يعرفه الناس بعاداتهم باختالف أزمانهم وأحوالهم.‏ )923(<br />

وال شك أن في هذا ما يدل على مرونة الشريعة وصالحيتها لكل زمان ومكان فأعراف الناس تتغير بتغير األزمان واألحوال<br />

واألماكن كما أنه يتفق مع سهولة الشريعة ويسرها وتخف<strong>يف</strong>ها على العباد كما قال سبحانه:‏ <br />

<br />

.<br />

)925( <br />

<br />

<br />

) وقال:‏ 924( <br />

والظاهر من كالم الفقهاء أنهم قدروا المسافة بما يتالئم مع زمنهم وعرفهم كما يؤيد ذلك ما نقل عنهم من أن المسافر لو قطع مسافة<br />

السفر المحددة في زمن أقل الستعماله وسيلة أسرع فإنه يترخص ألنه مسافر في عرفهم ما دام قطع تلك المسافة التي تعد لديهم سفراً‏<br />

ومن أقوالهم في ذلك : ‏"من كان يقطع المسافة بسفره قصر ولو كان يقطعها في لحظة بطيران ونحوه"‏ )926(<br />

وقال النووي:‏ ‏"يقصر المسافر ولو قطع المسافة في ساعة"‏ )927(<br />

وقال البهوتي:"ولو قطع المسافة في ساعة واحدة ألنه صدق عليه أنه يسافر أربعة برد"‏ )928(<br />

فهذه مسافة السفر في عرفهم وفي هذه النقوالت ما قد يتمسك به القائلون بهذا التحديد في هذا الزمان حتى لو كان السفر بطائرة أو<br />

باخرة أو قطار أو سيارة وغيرها من الوسائل الحديثة،‏ واألقرب هو الرجوع للعرف المعاصر دون االكتراث بالوسائل أو المدة التي<br />

تقطع فيها المسافة كما تشير إليه تلك النقوالت فالعبرة بقطع مسافة السفر عرفاً،‏ وال يضر قطعها في زمن يسير كما صرح الشافعية<br />

والحنابلة آنفاً.‏ )929(<br />

) 921 (<br />

) 922 (<br />

) 923 (<br />

) 924 (<br />

) 925 (<br />

) 926 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة وإقامة املسافر وسفر املقيم،‏ لفاحل،‏ ص‎89‎ واملسافر وما خيتص به من أحكام العبادات،‏ للكبيسي،‏ ص‎82‎‏،‏<br />

بتصرف.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )135/24(.<br />

ينظر:‏ جملة جامعة اإلمام،‏ عدد 10، إقامة املسافر وسفر املقيم،‏ للفاحل،‏ ص‎91‎‏،‏ بتصرف،‏ ومسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن جملموعة من<br />

العلماء منها مسألة قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حملمد شبري،‏ ص‎100‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة احلج،‏ اآلية<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

حاشية الدسوقي ،<br />

.78<br />

.185<br />

.)363/1(<br />

( 927 ) <strong>يف</strong> اجملموع )149/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 37<br />

( 928 ) <strong>يف</strong> كشاف القناع )600/1(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 148<br />

) 929 (<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )29/25(، وقال الدكتور حممد شبري<br />

- من املعاصرين –<br />

: ‏"لكي ال يلتبس األمر على عامة الناس<br />

وال يتالعب بفرائض الدين من ال يقدر األمور حق تقديرها فال بد لعلماء املسلمني <strong>يف</strong> كل عصر من حتديد مسافة القصر وفق املعطيات


-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

وإذا ترجح تحديد المسافة بالعرف فإن المقصود به العرف العام المعتبر عند األصوليين ال عرف كل شخص بهواه.‏<br />

قال ابن العربي:‏ ‏"وقد تالعب قوم بالدين فقالوا إن من خرج من البلد إلى ظاهره قصر وأكل،‏ وقائل هذا أعجمي ال يعرف السفر عند<br />

العرب أو مستخف بالدين،‏ ولوال أن العلماء ذكروه لما رضيت أن ألمحه بمؤخرة عيني وال أفكر فيه بفضول قلبي،‏ ولم يذكر حد<br />

السفر الذي يقع به القصر ال في القرآن وال في السنة وإنما كان كذلك ألنها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم<br />

هللا تعالى بالقرآن فنحن نعلم قطعاً‏ أن من برز عن الدور لبعض األمور أنه ال يكون مسافراً‏ لغة وشرعاً"‏ )930(<br />

وال بد من مالحظة أن للمسافر الترخص سواء كان سفره براً‏ أو بحراً‏ أو جواً‏ ما دام يعد مسافراً‏ عرفاً،‏ وال ينظر للمشقة وعدمها،‏ وال<br />

يؤثر عند المحددين قطع مسافة الترخص في زمن قصير،‏ فالسير في البحر أو الجو معتبر بمساحته براً،‏ فلو قطع المسافة في ساعة<br />

أو لحظة جاز له القصر ألنها مسافة صالحة للقصر فال أثر لقطعها في زمن قصير.‏ )931(<br />

الشرط الرابع:‏ مدة السفر :<br />

والمراد بها الحد الفاصل بين السفر واإلقامة،‏ أي المدة التي يترتب على تجاوزها تحول المسافر إلى مقيم،‏ أو حد اإلقامة التي تنتهي<br />

بها أحكام السفر )932 ) ، وهي محل خالف بين الفقهاء،‏ قال في بداية المجتهد:‏ ‏"وأما اختالفهم في الزمان الذي يجوز للمسافر إذا أقام<br />

فيه في بلد أن يقصر فاختالف كثير حكى فيه أبو عمر نحواً‏ من أحد عشر قوالً"‏ )933(<br />

ويرجع سبب الخالف في ذلك :<br />

أن هذا الحد أمر سكت عنه الشرع،‏ والقياس على التحديد ضع<strong>يف</strong> عند الجميع،‏ فنظروا إلى األحوال التي نقلت عنه والمدد التي<br />

جعل لها حكم السفر،‏ وهي مختلفة.‏<br />

داللة حديث إقامة المهاجر على التحديد بأربعة أيام.‏<br />

اعتبار حد الرخصة هو المدة التي قصر فيها نازالً‏ مع علمنا بوقت ارتحاله وكان ذلك في نزوله مكة للحج مدة أربعة<br />

أيام.‏<br />

اعتبار اآلثار الواردة في ذلك في حكم الرفع.‏<br />

األخذ بالعرف لعدم وجود ضابط شرعي أو لغوي.‏<br />

سبب الرخصة هل هو تقييد النبي نزوله بنهاية وقت أو عمل أو عزمه على الرحيل أو عدم نية االستيطان؟ )934(<br />

اجلديدة واألعراف السائدة واملشقة اليت يتعرض هلا املسافر <strong>يف</strong> السفر وهذا التحديد ال يتعارض مع إطالق اآلية واألحاديث،‏ وحيقق<br />

مصاحل للمسلمني ويدفع عنهم القلق الذي ينتج عن عدم التحديد..‏ وأرى أن مثانني كيلو مرتاً‏ اليوم تعد مسافة قصر"‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه<br />

املقارن جملموعة من العلماء،‏ ص‎100‎ وهبذا <strong>يف</strong>يت كثري من املعاصرين التحديد بثمانني كيالً‏ أو قريباً‏ منها،‏ ينظر مثالً‏ : ‏)جمموع فتاوى ابن<br />

‏َبز،‏ مجع الطيار أو أمحد الباز )457/2(، وقال الشيخ ابن عثيمني <strong>يف</strong> فتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong> ص‎381‎ : ‏"ال حرج عند اختالف العرف<br />

فيه أن أيخذ اإلنسان ‏َبلقول ‏َبلتحديد ألنه قال به بعض األئمة والعلماء اجملتهدين فليس عليهم أبس إن شاء هللا تعاىل أما ما دام األمر<br />

منضبطاً‏ ‏َبلرجوع إىل العرف فهو الصواب"ا.ه .<br />

( 930 ) <strong>يف</strong> أحكام<br />

القرآن )488/1( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 26<br />

) 931 (<br />

) 932 (<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )161/1(، وجملة جامعة اإلمام،‏ عدد 10، إقامة املسافر وسفر املقيم،‏ للفاحل،‏ ص‎92‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

وترجم البخاري <strong>يف</strong> صحيحه ‏)ص‎85‎‏(:‏ ‏)َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر(،‏ قال ابن حجر <strong>يف</strong> الفتح )654/2(: ‏"قوله:‏<br />

وكم يقيم حىت يقصر،‏ <strong>يف</strong> هذه الرتمجة إشكال ألن اإلقامة ليست سبباً‏ للقصر وال القصر غاية لإلقامة قال الكرماين وأجاب أبن عدد<br />

األايم املذكورة سبب ملعرفة جواز القصر فيها ومنع الزايدة عليها وأجاب غريه أبن املعىن:‏ وكم إقامته املغياة ‏َبلقصر؟ وحاصله كم يقيم<br />

مقصراً؟ وقيل املراد:‏ كم يقصر حىت يقيم؟ أي حىت يسمى مقيماً‏ فانقلب اللفظ،‏ أو حىت يقصر،‏ وقيل فاعل يقيم هو املسافر واملراد إقامته<br />

<strong>يف</strong> بلد ما غايتها اليت إذا حصلت يقصر"‏ ا.ه . وقال <strong>يف</strong> حتفة األحوذي:‏ ‏"َبب ما جاء <strong>يف</strong> كم تقصر الصالة؟ يريد بيان املدة اليت إذا أراد<br />

املسافر اإلقامة <strong>يف</strong> موضع إىل تلك املدة يتم الصالة وإذا أراد اإلقامة إىل أقل منها يقصر وقد عقد البخاري <strong>يف</strong> صحيحه ‏َبَبً‏ بلفظ ‏)َبب<br />

<strong>يف</strong> كم تقصر الصالة(‏ لكنه أراد بيان املسافة اليت إذا أراد املسافر الوصول إليها جاز له القصر وال جيوز له <strong>يف</strong> أقل منها"‏ حتفة األحوذي<br />

.)110/3(<br />

) 933 (<br />

) 934 (<br />

البن رشد<br />

.)239/1(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وشرح النووي لصحيح مسلم ‏)‏‎202/5‎‏-وما بعدها(.‏ ونيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(، وحد اإلقامة الذي<br />

تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص)‏‎23/22‎‏(،‏ بتصرف.‏


تحرير محل النزاع:‏ اتفقوا على أن من نوى اإلقامة المطلقة فإنه مستوطن ال رخصة له النقطاع السفر ، كما اتفقوا على أن من أقام لغرض<br />

معين غير مقيد بزمن بأن أقام لحاجة ينتظر قضائها،‏ ويقول:‏ أخرج اليوم،‏ أخرج غداً‏ فإنه يقصر أبداً‏ ولو أقام سنين،‏ واختلفوا في من نوى<br />

اإلقامة لغرض معين مقيدة بزمن فما هي المدة التي إذا نوى المسافر اإلقامة فيها لزمه اإلتمام؟ )935(<br />

األقوال في المسألة :<br />

القول األول:‏ أن المرجع في ذلك هو العرف وال يصح التحديد بزمن معين لكن من كانت إقامته غير مقصودة بل دعت إليها الظروف التي سافر<br />

من أجلها أو كانت على غير إرادته كحبس سلطان،‏ أو حصار عدو فإنه يقصر ولو ظن أنها تزيد على أربعة أيام ألنه لم يخرج بهذه اإلقامة عن حد<br />

السفر،‏ أما من عزم على اإلقامة أو استوطن فإنه يتم صالته النقطاع سفره بذلك.‏<br />

وهذا رأي ابن القيم الجوزية ونصره بعض المعاصرين )936(<br />

والناس بناء على هذا القول ينقسمون إلى ثالثة أقسام :<br />

مسافر ومستوطن ومقيم عازم على اإلقامة أما غير العازم عليها فهو في حكم المسافر وإن زاد عن أربعة أيام )937(<br />

القول الثاني:‏ أن المسافر يقصر أبداً‏ ما دام في سفر ولو بلغت المدة التي يقصر فيها سنوات،‏ فليس لإلقامة حد معين تنقطع به أحكام<br />

السفر،‏ والمعتبر في ذلك هو العرف،‏ فالناس قسمان:‏ مسافر أو مقيم مستوطن وهو الذي ينوي المقام في المكان وهما متقابالن فلألول<br />

أحكام السفر ولآلخر أحكام اإلقامة وجعل قسم ثالث وهو المقيم غير المستوطن ال دليل عليه بل هو مخالف للشرع وهذا رأي شيخ<br />

<strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية رحمه هللا والعالمة عبدهللا بن محمد بن عبدالوهاب واختاره من المعاصرين الشيخ محمد بن عثيمين )938(<br />

القول الثالث:‏ أن مدة اإلقامة خمسة عشر يوماً،‏ فإن نواها أو نوى أكثر من ذلك انقطع ترخصه وإال فال،‏ وهو مروي عن ابن عمر<br />

والثوري وبه قال الحنفية وبعض<br />

القول الرابع:‏ أقل مدة اإلقامة أربعة أيام،‏ وبها فأكثر ينقطع السفر والترخص له ، وهو قول مالك والشافعي وأحمد في رواية،‏ وقال<br />

به كثير من المعاصرين<br />

وفي ك<strong>يف</strong>ية احتساب األربعة خالف بينهم :<br />

فعند المالكية والشافعية:‏ ال يحتسب يومي الدخول والخروج .<br />

وعند الحنابلة : يحتسب ذلك .<br />

الشافعية.‏ )939(<br />

وعلى هذا لو دخل يوم السبت وقت الزوال بنية الخروج يوم األربعاء وقت الزوال صار مقيماً‏ عند الحنابلة غير مقيم عند المالكية<br />

والشافعية.‏ )940(<br />

) 935 (<br />

) 936 (<br />

ينظر:‏ اإلمجاع البن املنذر ‏)ص‎39‎‏(،‏ واملغين،‏ البن قدامة )121/3(، وابن القيم <strong>يف</strong> زاد املعاد )494/3(، وسنن الرتمذي ص<br />

)1699( وحديث )548( وحتفة األحوذي،‏ للمباركفوري )110/3(، ونصب الراية،‏ للزيلعي )222/2(، وخالف الشافعي <strong>يف</strong> أحد<br />

قوليه فأجاز القصر ‏-ملن أقام حلاجة ينتظر قضائها ويقول أخرج اليوم أخرج غداً-‏ مثانية عشر يوماً‏ أو أربعة عشر يوماً‏ مث يتم،‏ ينظر:‏<br />

اجملموع،‏ للنووي )150/4(، وفتح الباري،‏ البن حجر )653/2(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين ، )262/1(.<br />

ينظر:‏ زاد املعاد،‏ البن القيم )495-491/3( وقصر الصالة للمغرتبني ، د/‏ إبراهيم الصبيحي،‏ تعليق ابن ‏َبز،‏ ص )88-87(،<br />

بتصرف،‏ وينظر فتوى اللجنة الدائمة رقم<br />

.)109/8( ،1813<br />

) 937 (<br />

) 938 (<br />

) 939 (<br />

املصدر السابق ، واملراد ‏َبلعازم على اإلقامة:‏ أن خيتارها مبحض إرادته،‏ ال أنه تفرضها عليه الظروف احمليطة به فإنه ال يسمى عازماً‏<br />

حينئذ بل ملزم هبا جمليئها على خالف إرادته وهذه ال تقطع حكم السفر خبالف ما إذا كان عازماً‏ عليها،‏ واملستوطن هو من قصد اإلقامة<br />

املطلقة أما العازم على اإلقامة فهو من قصد إقامة مؤقته مقيدة بزمن أو عمل.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )18/24(، والدرر السنية،‏ مجع ابن قاسم )209/3(، وفتاوى الشيخ ابن عثيمني،‏ مجع أشرف<br />

عبداملقصود )484-483-482/1(، وقصر الصالة للمغرتبني،‏ للصبيحي ، ص)‏‎73‎‏(‏ وما بعدها بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )256/2(، املبسوط،‏ للسرخسي )220/1( وما بعدها،‏ وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )165/1(، البحر الرائق،‏<br />

البن جنيم )144/2(، وحاشية ابن عابدين )605/2(، وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي )429/5(،<br />

واجملموع،‏ للنووي )150/4( نقله عن املزين منهم ، واملغين،‏ البن قدامه )148/3(، وقال به سعيد بن املسيب ، وتقدمت ترمجة الثوري ص 78<br />

.<br />

) 940 (<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> ترتيب متهيد ابن عبدالرب )429/5(، وهذا القول مروي عن سعيد بن املسيب والثوري والليث .<br />

ولسعيد ابن املسيب أقوال أخرى <strong>يف</strong> ذلك،‏ واملدونة )207/1( وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )239/1(، واملنتقى،‏ للباجي )266/1( والتاج واإلكليل،‏ للمواق<br />

)505/2( والفواكه الدواين للنفراوي )255/1( واجملموع للنووي )150/4( ومغين احملتاج للشربيين )264/1(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري


القول الخامس:‏ إذا نوى اإلقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صالة انقطع سفره وهو قول أحمد في الرواية المشهورة عنه )941(<br />

القول السادس:‏ إذا نوى اإلقامة تسعة عشر يوماً‏ فأكثر فإنه يتم وإذا نوى أقل من ذلك قصر وهو قول ابن عباس وإسحاق بن<br />

راهويه.‏ )942(<br />

القول السابع:‏ أن حد ذلك في قصر الصالة هو مكث النازل عشرين يوماً‏ وهو قول ابن حزم )943(<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول والثاني على تحديد المدة بالعرف وإجازة الترخص في كل ما عده الناس سفراً‏ بما يلي :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

1- قوله تعالى:‏ <br />

)944( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وجه الداللة :<br />

<br />

أن الضرب في األرض هو السفر،‏ وقد يكون للتجارة وقد يكون لغيرها كما قال تعالى:‏ <br />

)945( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-2<br />

فأباح القصر للضاربين في األرض وهو عام مطلق ال مخصص وال مقيد له بزمن معين مع تفاوت الناس في ذلك،‏ فيبقى على<br />

عمومه في كل ما سمي سفراً‏ عرفاً،‏ إذ لو كان الترخص مخصوصاً‏ فزمن معين للسفر لبين في كتاب هللا وسنة رسوله وال يجوز<br />

تأخير البيان عن وقت الحاجة.‏ )946(<br />

ما ورد عنه من القصر في مدد طويلة متفاوتة مما يدل على جواز الترخص في كل سفر عرفاً‏ ومن ذلك ما روي عن ابن<br />

عباس قال:‏ أقام رسول هللا في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين،‏ وعن جابر بن عبدهللا قال:‏ أقام رسول هللا <br />

، فدلت على أن حقيقة السفر ال تتعلق بمدة<br />

بتبوك عشرين يوماً‏ يقصر الصالة )947(<br />

معينة.‏ )948(<br />

) 941 (<br />

) 942 (<br />

)238-237/1(، وحاشيتا قليويب وعمرية )297/1( واملغين،‏ البن قدامة )148/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق بن قدامة وأبو<br />

الفرج واملرداوي )75-68/5( وكشاف القناع،‏ للبهويت )601/1( وفتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش ‏)‏‎111-99/8‎‏-وما بعدها(،‏ وفتاوى ابن<br />

‏َبز،‏ مجع الطيار وأمحد بن ‏َبز )470-458/2(.<br />

ينظر:‏ املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )75-68/5(، واإلقناع،‏ للحجاوي )278/1(، واملغين،‏ البن قدامة )148/3(، والفروع،‏<br />

البن مفلح )102/3(، والفرق بينها وبني القول السابق أنه <strong>يف</strong> هذا القول إذا نوى اإلقامة أربعة أايم قصر وعلى القول األول يتم،‏<br />

وينظر:‏ السفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش،‏ ص )36(، بتصرف.‏<br />

ينظر:فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب مع فتح اجمليد للمغراوي ‏)‏‎429/5‎‏(واجملموع،للنووي ‏)‏‎150/4‎‏(،واملغين،البن<br />

قدامة )148/3(، واحمللى،‏ البن حزم )3/5 وما بعدها(،وتقدمت ترمجة اسحاق ص<br />

236<br />

( 943 ) <strong>يف</strong> احمللى .)22/5(<br />

) 944 (<br />

) 945 (<br />

) 946 (<br />

سورة النساء،‏ اآلية‎101‎‏.‏<br />

سورة املزمل،‏ اآلية<br />

.20<br />

) 947 (<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )20-19/5(، فتح الباري،‏ البن حجر )664/2(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )123/4(، بدائع الصنائع<br />

)160/1(، املغين،‏ البن قدامة )149-108/3(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ‏)‏‎10/24‎‏-وما بعدها(.‏<br />

أخرج األول ابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه،‏ ‏َبب ذكر اإلَبحة للمسافر إذا أقام <strong>يف</strong> منزل ‏...إخل )456/6( والرتمذي <strong>يف</strong> علله )95/1( وقال<br />

يروي عن ابن ثوَبن عن النيب مرسالً،‏ وقال <strong>يف</strong> الدراية <strong>يف</strong> تريج أحاديث اهلداية 212/01(: رواته ثقات،‏ وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص<br />

)45/2( صححه ابن حزم والنووي وأعله الدار قطين ‏َبإلرسال واالنقطاع وأخرج الثاين أمحد <strong>يف</strong> مسنده )295/3(، وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب


-3<br />

ما ورد من اآلثار عن الصحابة في القصر مدداً‏ طويله متفاوته مما يدل على جواز الترخص في كل سفر وأنه ال تحديد لذلك<br />

بزمن معين ومن تلك اآلثار:‏ عن ابن عمر أنه قيل له :" ما صالة المسافر؟ قال:‏ ركعتين ركعتين إال صالة المغرب ثالثاً‏ فقيل:‏ أرأيت<br />

إن كنا بذي المجاز؟ قال وما ذو المجاز؟ فقيل:‏ مكان نجتمع فيه ونبيع فيه نمكث عشرين ليلة أو خمس عشرة ليلة قال:‏ يا أيها<br />

الرجل كنت بأذربيجان ال أدري أقال أربعة اشهر أو شهرين فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين"‏ )949(<br />

وعن نافع عن ابن عمر <br />

قال:‏ ‏))ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان<br />

ستة أشهر ونحن في غزاة وكنا نصلي ركعتين<br />

ركعتين((‏ )950(<br />

وقال رجل البن عباس:‏ ‏"إني أقيم بالمدينة حوالً‏ ال أشد على سير قال:‏ صل ركعتين"‏ )951(<br />

وقال آخر البن عباس:‏ ‏"إنا نطيل القيام بالغزو بخراسان فك<strong>يف</strong> ترى فقال:‏ صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين"‏ )952(<br />

‏)وأقام أنس بن مالك <br />

أشهر يقصرون الصالة"‏ )953(<br />

بالشام سنتين يصلي صالة المسافر(‏ وقال:‏ ‏"أقام أصحاب رسول هللا <br />

برامهرمز تسعة<br />

قال ابن القيم:‏ ‏"فهذا هدي رسول هللا وأصحابه كما ترى وهو الصواب"‏ )954(<br />

ونقل عن التابعين مثل ذلك أيضاً.‏ )955(<br />

الصالة ‏َبب إذا أقام أبرض العدو يقصر )1314، رقم )1235(، والبيهقي،كتاب الصالة،‏ ‏َبب من قال يقصر أبداً‏ ما مل جيمع مكثاً‏<br />

.)151/3(<br />

) 948 (<br />

) 949 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش )4<br />

246. ص(‏<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب الصالة ، ‏َبب من قال يقصر ابداً‏ ما مل جيمع مكثاً‏ )42/9( وصححه النووي على شرط الشيخني<br />

كما <strong>يف</strong> نصب الراية،‏ للزيلعي )185/2( وابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص،‏ )47/2( والراوي هو مثامة بن شراحيل ، وأذْرَبِّيْجان من برذعة مشرقاً‏<br />

إىل أرزجنان مغرَبً‏ وحتدها ‏َشاالً‏ بالد الديلم وتشكل اآلن دوله مستقلة <strong>يف</strong> القوقاز على الساحل الغريب لبحر قزوين وحيدها ‏َشاالً‏ دولة<br />

روسيا االحتادية ومن الشمال الغريب جورجيا ومن الغرب أرمينيا ومن اجلنوب إيران ومن الشرق حبر قزوين،‏ ومن أشهر مدائنها تربز وهي<br />

مملكة عظيمة الغالب عليها اجلبال وفيها خريات كثرية وفواكه مجة ومياه غزيرة ولكنها ما خلت من الفنت واحلروب،‏ ينظر:‏ معجم البلدان<br />

)128/1(، وهي اآلن دولة إسالمية مساحتها ‎86.600‎كم وسكاهنا حنو من<br />

7.507.000<br />

) 950 (<br />

) 951 (<br />

) 952 (<br />

) 953 (<br />

من ‏َشاليها يعترب من أوروَب،‏ وعاصمتها اآلن ‏َبكوا،‏ ينظر املوسوعة العربية العاملية )431/1(.<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده الفتح الرَبين )112/5(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع:‏ ‏"رجاله ثقات"‏ ، )158/2(.<br />

أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> املسافر يطيل املقام <strong>يف</strong> املصر )207/2(.<br />

نسمه ومعظمها <strong>يف</strong> قارة آسيا لكن جزءاً‏<br />

أخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه كما تقدم،‏ وخراسان:‏ أول حدودها مما يلي العراق وآخرها مما يلي اهلند وتشتمل على أمهات من<br />

البالد كنيسابور وهراة ومرو،‏ ومن الناس من يدخل أعمال خوارزم فيها ويعد ما وراء النهر منها وليس األمر كذلك،‏ وقد فتح أكثرها<br />

عنوة وصلحاً،‏ ينظر:‏ معجم البلدان )350/2(.<br />

رامَهُرْمز:‏ بالد معروفة بنواحي خوزيستان والعامة يسموهنا رامز كسالً‏ منهم ومعىن رام ‏َبلفارسية:‏ املراد املقصود وهو من أحد األكاسره<br />

فاملعىن مقصود هرمز أو مراده،‏ ينظر:‏ معجم البلدان،‏ للحموي )17/3(.<br />

واحلديث أخرجه البيهقي إبسناد صحيح إال أن فيه عكرمة بن عمار وهو خمتلف <strong>يف</strong> االحتجاج به وقد روى له مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ ينظر:‏<br />

سنن البيهقي )128/10(، واجملموع للنووي )168/4(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التهذيب )261/7(: روى عن اهلرماس بن زايد وإايس بن<br />

سلمة بن األكوع،‏ وقال املطيعي <strong>يف</strong> حتقيقه للمجموع:‏ وروى أقوال موثقيه وخمالفيهم ومل أر من ضعفه إال قاصراً‏ <strong>يف</strong> روايته عن حيىي بن أيب<br />

كثري ووثقوه فيما عدا ذلك،‏ وقال احلسن:‏ ‏"أقمت مع عبدالرمحن بن مسرة بكابل سنتني يقصر الصالة وال جيمع"‏ أخرجه ابن القيم <strong>يف</strong> زاد<br />

املعاد )493/3( .<br />

) 954 (<br />

املصدر السابق .


فدل هذا كله على أن الترخص متعلق بمطلق السفر وأن التمييز بين المسافر والمقيم بنية أيام معدودة يقيمها ال دليل عليه من كتاب<br />

وال سنة وال إجماع وال عمل صاحب فقد أقام زيادة على أربعة أيام وهو يقصر بمكة وتبوك وأصحابه يقتدون به ولم يقل لهم<br />

شيئاً،‏ ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام أو غيرها،‏ ولم يقل:‏ ال تقصروا فوق كذا وكذا،‏ وهو يعلم أنه مشرع<br />

يقتدى به ويؤخذ عنه فبيان مثل هذا من أهم المهمات لو كان تشريعاً‏ ثم اقتدى الصحابة رضوان هللا عليهم به من بعده ولم يقولوا لمن<br />

صلى معهم شيئاً‏ من ذلك.‏ )956(<br />

التفريق بين القول األول والثاني :<br />

شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية يوافق تلميذه في هذا حتى إن كثيراً‏ من أهل العلم جعل مذهبه عين مذهب تلميذه وهذا غير صحيح فإن بينهما<br />

فرقاً:‏ )957(<br />

فابن القيم جعل الناس على ثالثة أقسام كما تقدم وجعل المقيم العازم على اإلقامة مستوطناً‏ تجري عليه أحكام المقيم وأما المقيم غير<br />

العازم على اإلقامة فجعله في حكم المسافر وإن طالت إقامته واعتبر هذا هو مدلول إقامة النبي أثناء سفره فإقامته بمكة عام الفتح<br />

وبتبوك غير مقصوده وال مرادة بل اقتضتها مصلحة الجهاد والفتح،‏ ولذا فهي في حكم السفر أما من عزم على اإلقامة أو استوطن<br />

فإنه يتم النقطاع سفره بذلك،‏ وكذا يرى ابن القيم أن هذا هو مدلول ما روى عن الصحابة ، وقد صرح بذلك فقال في توجيهه<br />

إقامة النبي بتبوك عشرين يوماً‏ يقصر الصالة:‏ وهذه اإلقامة في حال السفر ال تخرج عن حكم السفر سواء طالت أو قصرت إذا<br />

كان غير مستوطن،‏ وال عازم على اإلقامة بذلك الموضع.‏ )958(<br />

وسيتضح ذلك عند مناقشته للمخالفين بحول هللا تعالى .<br />

وأما شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية فيرى الناس قسمان ال ثالث لهما مسافر ومستوطن مقيم فقال رحمه هللا:‏ ‏"فالناس رجالن:‏ مقيم ومسافر،‏<br />

ولهذا كانت أحكام الناس في الكتاب والسنة أحد هذين الحكمين:‏ إما حكم مقيم وإما حكم مسافر وقد قال تعالى:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

فجعل للناس يوم ظعن ويوم إقامة وهللا تعالى أوجب الصوم وقال:‏ <br />

<br />

فمن ليس مريضاً‏ وال على سفر فهو الصحيح المقيم ولذلك قال النبي : ‏))إن هللا<br />

وضع عن المسافر الصوم وشطر الصالة((‏ فمن لم يوضع عنه الصوم وشطر الصالة فهو المقيم"‏ )959(<br />

وقال أيضاً:‏ ‏"فقد تضمنت هذه األقوال ‏–يعني من جعل للمقام حداً‏ من األيام-‏ تقسيم الناس إلى ثالثة أقسام:‏ إلى مسافر،‏ وإلى مقيم<br />

مستوطن وهو الذي ينوي المقام في المكان،‏ وهذا هو الذي تنعقد به الجمعة،‏ وتجب عليه.‏ وهذا يجب عليه إتمام الصالة بال نزاع فإنه<br />

المقيم المقابل للمسافر،‏ والثالث:‏ مقيم غير مستوطن أوجبوا عليه إتمام الصالة والصيام وأوجبوا عليه الجمعة،‏ وقالوا:‏ ال تنعقد به<br />

الجمعة،‏ وقالوا إنما تنعقد الجمعة بمستوطن.‏<br />

وهذا التقسيم تقسيم ال دليل عليه من جهة الشرع،‏ وال دليل على أنها تجب على من ال تنعقد به،‏ بل من وجبت عليه انعقدت به وهذا<br />

إنما قالوه لما أثبتوا مقيماً‏ عليه اإلتمام والصيام ووجدوه غير مستوطن،‏ فلم يمكن أن يقولوا تنعقد به الجمعة فإن الجمعة إنما تنعقد<br />

بالمستوطن لكن إيجاب الجمعة على هذا،‏ وإيجاب الصيام واإلتمام على هذا هو الذي يقال:‏ إنه ال دليل عليه بل هو مخالف<br />

للشرع"‏ )960(<br />

وعلى هذا فهما يتفقان في أن المسافر عرفاً‏ له أن يترخص برخص السفر دون تحديد لمدة معينة وأن المستوطن تجري عليه أحكام<br />

اإلقامة وأن المقيم غير العازم على اإلقامة يعد مسافراً‏ عرفاً‏ وله الترخص وإن طالت إقامته لما تقدم من األدلة.‏<br />

) 955 (<br />

) 956 (<br />

) 957 (<br />

) 958 (<br />

) 959 (<br />

) 960 (<br />

ينظر:‏ املصدر السابق .<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وجمموع فتاوى ابن تيمية )10-24 وما بعدها(،‏ واحمللى ، البن حزم )19/5- وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ قصر الصالة للمغرتبني ، للصبيحي ، تعليق ابن ‏َبز،‏ ص‎89‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

زاد املعاد،‏ البن القيم )491/3(، واملصدر السابق،‏ بتصرف،‏ وإذا كانت إقامة املسافر بغري اختياره كمن حبسه السلطان وحنوه فهو<br />

مسافر إال أن ابن القيم ال يقيد هذا بشرط أن يظن من كانت هذه حاله انتهاء غرضه أبقل من أربعة أايم خالفاً‏ للحنابلة فهو مل يوافق<br />

شيخه ابن تيمية إال <strong>يف</strong> عدم اشرتاط هذا الشرط.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )136/24(.<br />

املصدر السابق.‏


لكن الخالف بينهما يكمن في المقيم العازم على اإلقامة أو المقيم غير المستوطن فابن تيمية يمنع تقسيم المسافر إلى قسمين:‏ مسافر له<br />

وسيأتي مناقشة ذلك بإذن هللا تعالى.‏<br />

أحكام السفر،‏ ومسافر له أحكام المقيمين غير المستوطنين،‏ )961(<br />

واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />

، وهو صريح في<br />

1- عن ابن عباس قال:‏ ‏))أقام النبي عام الفتح خمس عشرة يقصر الصالة حتى سار إلى حنين((‏ )962(<br />

التحديد بذلك .<br />

2- عن ابن عباس وابن عمر قاال:‏ ‏))إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوماً‏ فأكمل الصالة بها،‏ وإن<br />

كنت ال تدري متى تظعن فاقصرها((‏ )963(<br />

وهذا صريح في التحديد وهو باب ال يوصل إليه باالجتهاد،‏ ألنه من جملة المقادير،‏ وال يظن بهما التكلم جزافاً،‏ فالظاهر أنهما سمعاه<br />

من رسول هللا فيكون له حكم المرفوع )964(<br />

3- عن سعيد بن المسيب قال:‏ ‏"إذا أزمعت بقيام خمس عشرة ليلة فأتم"‏ )965(<br />

-4<br />

-5<br />

-1<br />

وألن رواية ‏)خمسة عشر(‏ أقل ما ورد فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقاً.‏ )966(<br />

وألن هذه المدة يتعلق بها إتمام الصالة واإللزام به،‏ فجاز أن يكون أقلها خمسة عشر يوماً‏ قياساً‏ على أقل مدة الطهر،‏ والعلة كونها<br />

موجبة لما كان ساقطاً‏ وهي ثابتة في مدة اإلقامة،‏ وهي الفرع كما هي ثابتة في األصل".‏ )967(<br />

6- وألن التقدير إنما يكون باأليام وبالشهور والمسافر ال يجد بداً‏ من المقام في المنازل أياماً‏ لالستراحة أو طلب الرفقة فقدرنا أدنى<br />

مدة اإلقامة بالشهور وذلك نصف شهر.‏ )968(<br />

واستدل أصحاب القول الرابع بما يلي :<br />

إقامة النبي باإلبطح عام حجة الوداع ، فإنه قدم مكة في الرابع من ذي الحجة وكان انتقاله إلى منى ضحى اليوم الثامن من<br />

ذي الحجة فظهر بهذا أنه أقام باإلبطح خمسة أيام متوالية منها ثالثة تامة ويومان ناقصان هما يوما الدخول والخروج،‏ ألنه <br />

صلى الفجر بذي طوى ثم دخل مكة فطاف بالبيت ثم نزل اإلبطح فلم يصل به في هذا اليوم إال أربع صلوات أولها الظهر ولم يصل<br />

به في يوم الرحيل إال الفجر فكان مجموع الصلوات في مقامه هذا عشرين صالة.‏<br />

فهذه إقامة مقصودة قبل فعلها ومحددة البداية والنهاية ‏–بخالف غزوتي الفتح وتبوك-‏ فكانت أطول إقامة فعلها فعليها مدار الحكم<br />

في تحديد المدة فمن كانت إقامته كإقامة النبي ترخص أما من قصد إقامة أربعة أيام تامة أو أكثر فيجب عليه اإلتمام،‏ ألن<br />

مشروعية القصر مستيقنة لمن نوى المكث دون هذه المدة وما زاد عليها فمشكوك في مشروعيته فيرجع فيما زاد إلى أصل اإلتمام<br />

عند نزول األمصار وترك النقلة )969(<br />

) 961 (<br />

) 962 (<br />

) 963 (<br />

ينظر:‏ قصر الصالة للمغرتبني،‏ للصبيحي،‏ ص‎86‎‏،‏ ‏َبإلضافة للمصادر السابقة،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب املسافر يقصر ما مل جيمع مكثاً‏ )151/3(، وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب مىت يتم<br />

املسافر )1313( رقم )1231( بنحوه،‏ والنسائي <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة،‏ ‏َبب املقام الذي يقصر مبثله الصالة .<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه ‏َبب مىت يتم املسافر،‏ رقم 1231، والبيهقي <strong>يف</strong> الكربى )151/3( رقم<br />

5255<br />

.)246/2(<br />

) 964 (<br />

) 965 (<br />

) 966 (<br />

) 967 (<br />

) 968 (<br />

) 969 (<br />

وابن عبدالرب <strong>يف</strong> االستذكار<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )256/2( وقال:‏ ‏"مل يرو عن أحد من السلف خالف ذلك"،‏ وينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين<br />

)165/1(، وحاشية ابن عابدين )605/2(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )212/1(.<br />

أخرجه عبدالرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب الرجل خيرج <strong>يف</strong> وقت الصالة )535/2(، رقم )4348(، وابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه،‏<br />

كتاب الصالة ‏َبب من قال إذا أمجع إقامة مخس عشرة أ م )454/2(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن ، للجصاص )256/2(، وفتح الباري،‏ البن حجر )654/2(.<br />

تبيني احلقائق،‏ )211/1( ، وينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي )220/1(.<br />

املبسوط،‏ للسرخسي )220/1(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />

) 1 ص ( 264<br />

(، وفتح الباري،‏ البن حجر )655/2( واملغين،‏ البن قدامة )150/3(،<br />

وقصر الصالة للمغرتبني ، للصبيحي ، ص )50-41(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد ، ص)‏‎8‎‏(،‏ بتصرف.‏


-3<br />

2- قوله : ‏))يمكث المهاجر بعد قضاء نسكه ثالثاً((،‏ وفي لفظ:‏ ‏))ثالث للمهاجر بعد الصدر((‏ )970(<br />

قال ابن حجر:‏ ‏"يستنبط من ذلك أن إقامة ثالثة أيام ال تخرج صاحبها عن حكم المسافر"‏ )971(<br />

فقد كره للمهاجرين الذين أخرجوا من مكة بغير حق فتغربوا في سبيل هللا أن يقيموا بها،‏ ثم أباح لهم ذلك ثالثاً‏ بعد تمام النسك<br />

فدل على أن الثالثة تدل على بقاء حكم السفر بخالف األربعة فهي في حكم اإلقامة.‏ )972(<br />

أن عمر : ‏)ضرب لليهود والنصارى والمجوس بالمدينة إقامة ثالثة ليال يتسوقون بها ويقضون حوائجهم وال يقيم أحد منهم<br />

فوق ثالث ليال(‏ )973(<br />

.<br />

.<br />

-4<br />

-5<br />

فدل على أن الثالث حد السفر وما فوقها حد اإلقامة )974(<br />

أن القياس أن يبطل السفر بقليل اإلقامة ألن اإلقامة قرار والسفر انتقال والشيء ينعدم بما يضاده فينعدم حكمه ضرورة،‏ إال أن<br />

قليل اإلقامة ال يمكن اعتباره،‏ ألن المسافر ال يخلوا عن ذلك عادة فسقط اعتبار القليل لمكان الضرورة وال ضرورة في الكثير<br />

واألربعة في حد الكثرة،‏ ألن أدنى درجات الكثير أن يكون جمعاً‏ والثالثة وإن كانت جمعاً‏ لكنها أقل الجمع فكانت في حد القلة من<br />

وجه فلم تثبت الكثرة المطلقة فإذا صارت أربعة صارت في حد الكثرة على اإلطالق،‏ لزوال معنى القلة من جميع الوجوه )975(<br />

وألن المسافر يض<strong>يف</strong> ثالثة أيام فإذا زاد على ذلك اعتبر مقيماً‏ والمقيم ال يض<strong>يف</strong>،‏ وقد قال : ‏))الضيافة ثالثة أيام فما كان<br />

وراء ذلك فهو صدقة((‏ )976(<br />

واستدل أصحاب القول الخامس :<br />

بحديث أنس بن مالك قال:‏ ‏))خرجنا مع النبي من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة قلت:‏<br />

أقمتم بمكة شيئاً‏ قال:‏ أقمنا بها عشراً((‏ )977(<br />

وعن ابن عباس قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع،‏ والخامس،‏ والسادس،‏ والسابع وصلى<br />

: ‏))أن النبي <br />

الصبح في اليوم الثامن،‏ ثم خرج إلى منى،‏ وكان يقصر في هذه األيام وقد أجمع على إقامتها((‏ )978(<br />

فصلى <br />

بمكة عشرين صالة في اليوم الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في اليوم الثامن فكان المجموع إحدى<br />

وعشرين صالة يقصر.‏ )979(<br />

قال أحمد:"فإذا أجمع أن يقيم كما أقام النبي قصر وإن أجمع على أكثر من ذلك أتم"‏ )980(<br />

) 970 (<br />

) 971 (<br />

) 972 (<br />

) 973 (<br />

) 974 (<br />

) 975 (<br />

) 976 (<br />

) 977 (<br />

) 978 (<br />

) 979 (<br />

اللفظ األول أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج ‏َبب جواز اإلقامة مبكة ص )903( رقم )3297(، واللفظ الثاين متفق عليه،‏ فقد أخرجه<br />

البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار،‏ ‏َبب إقامة املهاجر مبكة بعد قضاء نسكه )321( رقم )3933(، وقوله ‏))بعد الصدر((‏ أي بعد<br />

الرجوع من مىن،‏ كما <strong>يف</strong> الفتح )655/2(.<br />

فتح الباري ‏)‏‎655/2‎‏-وما بعدها(.‏<br />

ينظر:‏ املنتقى،‏ للباجي )267/1(، شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )210-5(، وأسىن املطالب ، لألنصاري )238/1(، حاشيتا قليويب<br />

وعمرية )297/1(، نيل األوطار،‏ للشوكاين )122/4(، بتصرف.‏<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى كتاب الصالة،‏ ‏َبب من أمجع إقامة أربع أ م )5254-151/3(، وصححه النووي <strong>يف</strong> اجملموع<br />

)168/4(، وينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب )433/5( احلاوي،‏ للماوردي،‏ واملغين،‏ البن قدامة )148/3(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )165/1(.<br />

ينظر:‏ الذخرية،‏ للقرا<strong>يف</strong> )361/2(، واحلديث أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه كتاب األدب ، ‏َبب إكرام الض<strong>يف</strong> )517( رقم )6135(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري )85( رقم )1081(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب احلج ‏َبب حجة النيب <br />

ينظر:‏ املغين البن قدامة )150/3(.<br />

،)880( رقم .)1218(<br />

) 980 (<br />

ينظر:‏ املقنع والشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )69/5( واملغين ، البن قدامة )148/3(.


وقال:‏ ‏"إنما وجه حديث أنس عندي أنه حسب مقام النبي بمكة ومنى وإال فال وجه له غير هذا فهذه أربعة أيام،‏ وصالة الصبح بها<br />

يوم التروية تمام إحدى وعشرين صالة يقصر فهذا يدل على أن من أقام إحدى وعشرين صالة يقصر،‏ وهي تزيد على أربعة أيام<br />

وهذا صريح في خالف من حده أربعة أيام"‏ )981(<br />

واستدل أصحاب القول السادس بحديث ابن عباس قال:‏ ‏))أقام النبي تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا<br />

وإن زدنا أتممنا((‏ )982(<br />

فهو صريح في التحديد بذلك وانقطاع أحكام السفر فيما زاد على تسعة عشر وذلك أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة )983(<br />

واستدل أصحاب القول السابع:‏<br />

بما تقدم من قصره بتبوك عشرين يوماً)‏‎984‎‏(‏<br />

فدل على أنها أكثر ما ورد في ذلك،‏ فخرج هذا المقدار من اإلقامة عن سائر األوقات بهذا الخبر.‏ )985(<br />

المناقشة والترجيح :<br />

نوقشت أدلة القول األول والثاني بأنها محمولة على أنه وأصحابه لم يُجْمِّعُوا اإلقامة البتة،‏ بل كانوا يقولون:‏ اليوم نخرج،‏ غداً‏<br />

نخرج )986(<br />

وأجاب ابن القيم عن ذلك بقوله:‏ ‏"وفي هذا نظر ال يخفى،‏ فإن رسول هللا فتح مكة،‏ وهي ما هي،‏ وأقام فيها يؤسس قواعد <strong>اإلسالم</strong><br />

ويهدم قواعد الشرك،‏ ويمهد أمر ما حولها من العرب،‏ ومعلوم أن هذا يحتاج إلى إقامة أيام ال يتأتى في يوم واحد،‏ وال يومين،‏ وكذلك<br />

إقامته بتبوك،‏ فإنه أقام ينتظر العدو،‏ ومن المعلوم قطعاً‏ أنه كان بينه وبينهم عدة مراحل يحتاج قطعها إلى أيام،‏ وهو يعلم أنهم ال<br />

يوافون في أربعة أيام،‏ وكذلك إقامة ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصالة من أجل الثلج،‏ ومن المعلوم أن مثل هذا الثلج ال<br />

يتحلل ويذوب في أربعة أيام،‏ بحيث تنفتح الطرق،‏ وكذلك إقامة أنس بالشام سنتين يقصر،‏ وإقامة الصحابة برامهرمز سبعة اشهر<br />

يقصرون ومن المعلوم أن مثل هذا الحصار والجهاد يعلم أنه ال ينقضي في أربعة أيام ... واألئمة األربعة متفقون على أنه إذا أقام<br />

لحاجة ينتظر قضاءها يقول:‏ اليوم أخرج،‏ غداً‏ أخرج،‏ فإنه يقصر أبداً"‏ )987(<br />

بأن اآلية دلت على أن من حمل بيته وسار في يوم واحد سمي ظاعناً،‏ وأن<br />

ونوقش ما استدل به شيخ <strong>اإلسالم</strong> على التقسيم الثنائي )988(<br />

من بنى بيته وقطع سيره في يوم واحد آخر سمي مقيماً‏ فاعتبار هذه األوصاف عند تحديد الظعن واإلقامة من األهمية بمكان،‏ وبها<br />

يتميز المسافر عن المقيم،‏ وذلك إذا حملنا اليوم الوارد في اآلية على ظاهره أما إذا أولناه بالحين فإن مجرد الحط عن الرحال ونصب<br />

الخيام يعتبر إقامة ال ظعناً‏ ويجب على فاعله اإلتمام والصيام مع كونه غير مستوطن وعليه فاآلية تدل على خالف ما ذهب إليه من<br />

منع المقيم غير المستوطن من اإلتمام فهي تدل على أن مجرد إقامة اليوم أو الحين مخرجة له عن حكم المسافر فال حجة له فيها وال<br />

يصح نفيه للقسم الثالث ألمور:‏ )989(<br />

أولها:‏ أنه قرر في موضع آخر وجود نوع من المقيمين غير مستوطنين وهم أهل البادية الذين يشتون في مكان ويص<strong>يف</strong>ون في مكان<br />

فقد ذكر بأنهم إذا كانوا في حال ظعنهم من المشتى إلى المص<strong>يف</strong>،‏ ومن المص<strong>يف</strong> إلى المشتى فإنهم يقصرون،‏ وإذا نزلوا بمشتاهم<br />

ومص<strong>يف</strong>هم لم <strong>يف</strong>طروا ولم يقصروا وإن كانوا يتتبعون المراعي.‏<br />

فأوجب عليهم الصيام واإلتمام حال إقامتهم،‏ ولم يوجب عليهم الجمعة ألنهم غير مستوطنين،‏ كما بين ذلك في رسالته ألهل<br />

البحرين.‏ )990(<br />

) 981 (<br />

) 982 (<br />

) 983 (<br />

املصادر السابقة .<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب تقصري الصالة،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر )85( رقم )1080(.<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالرب ، )430/5( فتح الباري،‏ البن حجر )654/2(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

)149/3( ونيل األوطار،‏ للشوكاين )128/4(، والسفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش )43(، بتصرف.‏<br />

( 984 ) <strong>يف</strong> ص 265( ) .<br />

) 985 (<br />

) 986 (<br />

) 987 (<br />

) 988 (<br />

) 989 (<br />

) 990 (<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )25/5(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ زاد املعاد ، البن القيم )493/3(.<br />

املصدر السابق .<br />

ينظر:‏ قصر الصالة للمغرتبني،‏ للصبيحي،‏ ص )84-73(، بتصرف.‏<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )119-117/24( ، و)‏‎213/25‎‏(.‏


ثانيها:‏ أن عموم قوله سبحانه:‏ <br />

)991( <br />

<br />

–<br />

–<br />

فيه داللة على وجوب السعي على كل من سمع النداء،‏ مع أنها ال تنعقد إال بمن كان مستوطناً‏ فدلت اآلية على وجوب الجمعة على من<br />

ال تنعقد به وهو المقيم غير المستوطن،‏ وقد أشار إلى ذلك بقوله:‏ ‏"يحتمل أن يقال بوجوب الجمعة على من في المصر من المسافرين<br />

وإن لم يجب عليهم اإلتمام كما لو صلوا خلف من يتم فإن عليهم اإلتمام تبعاً‏ لإلمام كذلك تجب عليهم الجمعة تبعاً‏ للمقيمين ... والمقيم<br />

هو المستوطن ... والمسافرين ال يعقدون جمعة لكن إذا عقدها أهل مصر صلوا معهم،‏ وهذا أولى من إتمام الصالة خلف اإلمام<br />

المقيم"‏ )992(<br />

قال بعض المعاصرين:‏ ‏"فيكون له في المسألة قوالن،‏ أو هو تراجع عن قوله السابق"‏ )993(<br />

والذي يظهر لي والعلم عند هللا تعالى أن شيخ <strong>اإلسالم</strong> يرى بأن تحقق الوصف العرفي لإلقامة قاطع للسفر ورخصه،‏ وذلك<br />

ألمور:‏ )994(<br />

أولها:‏ أنه جعل السفر نقيض اإلقامة وربط وجود كل منهما أو ارتفاعه بالعرف كما صرح بذلك في مواطن متعدده.‏ )995(<br />

وثانيها:‏ أنه اعتبر االسم المطلق لإلقامة فقال بعد أن قرر بأن اإلقامة ال تحد بأربعة أيام:‏ ‏"ما أطلقه الشارع يعمل بمطلق مسماه<br />

ووجوده"‏ )996(<br />

وثالثها:‏ أنه قرر وجود القسم الثالث ‏)المقيم غير المستوطن(‏ كما تقدم،‏ فلعله رجوع منه عن نفيه.‏<br />

ورابعها:‏ أن كالم العلماء عند اإلطالق يحمل على العرف )997(<br />

ألنه األقرب إلى مراد المتكلم والمتبادر إلى فهم السامع .<br />

وخامسها:‏ أنه اعتبر في فتاواه أموراً‏ عرفيه في ثبوت أحكام اإلقامة حين قرر أن المالح ليس له أن يترخص ما دام في رفقته امرأته<br />

وجميع مصالحه فرتب عليه آثار اإلقامة رغم كونه على ظهر سير،‏ وذلك ألمرين عرفيين هما التأهل،‏ ووجود المصالح )998(<br />

ومما يؤكد أن مراده هو الوضع العرفي ال غير أن أدلته وأمثلته في السفر واإلقامة كانت موافقة للمعنى العرفي،‏ وما بقي منها فال<br />

يعارضه لعدم التصريح بوجود أسباب اإلقامة.‏<br />

ومن تلك األدلة:‏ أحوال نزوله في مكة عام الفتح وفي حجة الوداع وكذا في تبوك وكذا أحوال نزول أصحابه في الجهاد.‏<br />

ومن األمثلة التي ذكرها:‏ التاجر يقدم لبيع بضاعته،‏ فكل هذه ملحقة بالسفر عرفاً‏ وعادة،‏ وأدلته وأمثلته هي أولى ما <strong>يف</strong>سر بها<br />

كالمه )999(<br />

فيكون ظاهر كالمه أن الذي يترخص هو المسافر في عرف الناس ثم نزل مكاناً‏ لم ينو فيه المقام وال قطع السفر،‏ فبقي مضطرباً‏ غير<br />

مستقر ينظر إلى مواصلة سيره أو الرجوع لبلده في وقت يسير عادة أو كثير لم توجد فيه أسباب اإلقامة من مسكن وغيره،‏ كتاجر أو<br />

غريم أو سائل نزل بلدة لتحصيل غرضه وهو غير عازم على المقام )1000(<br />

وأكد هذا المعنى بقوله:‏ ‏"وقد أقام المهاجرون مع النبي عام الفتح قريباً‏ من عشرين يوماً‏ بمكة،‏ ولم يكونوا بذلك مقيمين إقامة<br />

خرجوا بها عن السفر"‏ )1001(<br />

) 991 (<br />

) 992 (<br />

) 993 (<br />

) 994 (<br />

سورة اجلمعة،‏ اآلية<br />

املصدر السابق .<br />

.9<br />

قصر الصالة للمغرتبني،‏ للصبيحي،‏ ص)‏‎77‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص)‏‎71-37‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

( 995 ) <strong>يف</strong> جمموع الفتاوى ،)136/24( و ،)12/24( و ،)135/24( و ،)356/21( و .)18/24(<br />

) 996 (<br />

) 997 (<br />

) 998 (<br />

) 999 (<br />

) 1000 (<br />

) 1001 (<br />

الفتاوى الكربى،‏ البن تيمية )434/4(.<br />

وهذا منهج شيخ <strong>اإلسالم</strong> نفسه مع كالم العلماء عند إطالقه كما <strong>يف</strong> الصارم املسلول )1009/3(.<br />

ينظر:‏ حد اإلقامة ، للماجد،‏ ص)‏‎74‎‏(،‏ بتصرف،‏ وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )140/24(.<br />

املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏<br />

املصادر السابقة.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )139/24(.


وقال في موضع آخر"الفطر مشروع للمسافر في اإلقامات التي تتخلل السفر كالقصر"‏ )1002(<br />

فتبين بأن مراده من اإلقامة التي تتبع السفر هي ما تخلله ورآها الناس جزءاً‏ منه ال أنها قاطعة لذلك السفر.‏<br />

وقد وافقه ابن القيم في ذلك فقال عن إقامته بتبوك:‏ ‏"وهذه اإلقامة في حال السفر ال تخرج عن حكم السفر"‏ )1003(<br />

وال تقطعه بل هي جزء منه.‏<br />

أي ألنها تتخلله<br />

وقال رحمه هللا:‏ ‏"ولم يحد ألمته مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في األرض،‏ كما<br />

أطلق لهم التيمم في كل سفر وأما ما يروى عنه من التحديد باليوم أو اليومين أو الثالثة فلم يصح عنه منها شيء البتة"‏ )1004(<br />

فترجح بهذا اتفاق الشيخ وتلميذه على أن مدة اإلقامة ليس لها حد مقدر،‏ ولكنها تنقطع بما ينهي وصف السفر عرفاً‏ وهو االستيطان أو العزم على<br />

اإلقامة،‏ ألن من فعل ذلك صار مقيماً‏ عرفاً.‏<br />

ونوقشت أدلة القول الثالث بما يلي :<br />

أوالً:‏ حديث ابن عباس األول ضع<strong>يف</strong> كما ذكر ذلك النووي )1005(<br />

وأجاب ابن حجر عن ذلك بقوله عن تضع<strong>يف</strong> الحديث:‏ ‏"ليس بجيد ألن رواتها ‏–الرواية-‏ ثقات ولم ينفرد بها ابن اسحاق فقد أخرجها<br />

النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيدهللا كذلك"‏ )1006(<br />

قال<br />

ثم ناقش االستدالل به ‏–بعد تصحيحه-‏ بمعارضته لما هو أصح منه وهو رواية ‏"تسعة عشر"‏ وقد رجحها البيهقي )1007(<br />

ويرجحها أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة.‏<br />

فتحمل رواية الخمسة عشر يوماً‏ على أن الراوي ظن أن األصل رواية سبعة عشر فحذف منها يومي الدخول والخروج فذكر أنها<br />

خمسة عشر وهي مرجوحه ال حجة فيها )1008(<br />

ويجاب عنه أيضاً‏ ‏–على فرض صحته-‏ بحمله على من ال يعزم اإلقامة وإنما ينتظر حاجة ففي مثل هذه الحالة يقصر.‏ )1009(<br />

ثانياً:‏ حديث ابن عباس الثاني يجاب عنه بأنه ثبت عنه خالفه بل وثبت عن غيره من الصحابة خالفه،‏ فهو قول صحابي خالفه<br />

فيه غيره،‏ فال يكون حجة ثم ال حجة في أقوال الصحابة في المسائل التي لالجتهاد فيها مسرح وهذه منها.‏ )1010(<br />

ثالثاً:‏ ما نقل عن سعيد بن المسيب ال حجة فيه،‏ الختالف النقل عنه ومعارضته لما هو أقوى منه،‏ ثم ال دليل فيه على نفي التحديد بما<br />

زاد عن المدة المذكورة.‏ )1011(<br />

رابعاً:‏ القياس على أقل مدة الطهر ال يصح فإنها قد تكون أقل من ذلك كما لو حاضت الحامل وطهرت من حيضها ثم وضعت حملها<br />

بعد يوم أو يومين ورأت دم النفاس فيكون اليوم أو اليومين هو ما بين الطهارة من الحيض ووضعها وإنما أقل الطهر خمسة عشر<br />

يوماً‏ إذا كان بين حيضتين.‏ )1012(<br />

) 1002 (<br />

) 1003 (<br />

) 1004 (<br />

) 1005 (<br />

) 1006 (<br />

املصدر السابق )185/24(.<br />

زاد املعاد،‏ البن القيم )491/3(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

نسبه إليه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )654/2( وينظر:‏ أسىن املطالب لألنصاري )238/1(، وقال املنذري:‏ <strong>يف</strong> إسناده حممد بن إسحاق<br />

واختلف عليه فيه فروي عنه مسنداً‏ ومرسالً‏ وروى عنه عن الزهري من قوله .<br />

ينظر:‏ حتفة األحوذي )110/3(.<br />

املصدر السابق .<br />

( 1007 ) <strong>يف</strong> سننه )151/3(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 150<br />

) 1008 (<br />

) 1009 (<br />

) 1010 (<br />

) 1011 (<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )654/2(، واجملموع،‏ للنووي )170/4(، واملغين،‏ البن قدامة )148/3(، نيل األوطار،‏ للشوكاين<br />

)125/4(، والسفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش ، ص )41(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حممد شبري،‏ ص‎117‎‏،‏ بتصرف،‏ وقال األنصاري <strong>يف</strong> أسىن املطالب<br />

)238/1(: ‏"وقال شيخنا ميكن اجلواب عن رواية مخسة عشر وسبعة عشر أبن الراوي نقل بعض املدة اليت ترخص فيها ومل يذكر<br />

زايدة وذكر البعض ال ينا<strong>يف</strong> أكثر منه الحتمال أنه مل ح<strong>يف</strong>ظ إال تلك املدة وغريه حفظ الزائد.‏<br />

فقد صح عن ابن عباس أنه حددها بتسعة عشر يوماً‏ كما عند البخاري وصح عن ابن عمر أنه حددها ‏َبثين عشر يوماً‏ <strong>يف</strong> املوطأ<br />

بسند صحيح وسيأيت بيان ذلك،‏ وينظر:‏ نيل األوطار،‏ للشوكاين )125/4(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ السفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش ، ص )42(، بتصرف.‏


ونوقشت أدلة القول الرابع بما يلي:‏<br />

أما الدليل األول فيجاب عنه من عدة أوجه:‏<br />

أولها:‏ أنه لو كانت أقصى مدة نزلها وهو يترخص حداً‏ فاصالً‏ بين السفر واإلقامة لبينها كما بين مدة المسح على الخفين ومدة<br />

التربص في اإليالء وغير ذلك من المدد المقدرة شرعاً‏ وال سيما والحاجة إلى بيان مدة السفر التي يجوز فيها الترخص أعظم فدل<br />

على عدم تقديرها بعدد ما.‏ )1013(<br />

وثانيها:‏ أنه لم يقل ألصحابه الذين رافقوه في حجته:‏ بأنه قصر الصالة لكونه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة أيام ، وبيان هذا<br />

من أهم المهمات لو كان مراداً،‏ وليس فيه ما يدل على تقدير أدنى مدة اإلقامة باألربعة ألن النبي أقام أكثر من هذه المدة وهو<br />

يترخص ويقصر الصالة.‏ )1014(<br />

وثالثها:‏ أن مدة الترخص لو كانت مقدرة باألربعة أيام لقال لمن قدم للحج قبله أو بعده ونوى الزيادة على األربعة : ليس لك<br />

الترخص النقطاع سفرك بنية المكث أكثر من أربعة أيام ولكن ليس في قوله وعمله ما يدل على ذلك،‏ مع شدة الحاجة إلى بيانه.‏ )1015(<br />

ورابعها:‏ أن ما كان يُفعل بمكة وتبوك قد علم بالعادة أنه ال ينقضي في أربعة أيام حتى يقال بإنه كان يقول:‏ اليوم أسافر غداً‏ أسافر بل<br />

فتح مكة وأهلها كفار محاربون له وذلوا بذلك وسرى السرايا للنواحي ينتظر قدومهم ومثل ذلك ال ينقضي في أربعة أيام كما بين<br />

ذلك شيخ <strong>اإلسالم</strong> وتلميذه ابن القيم.‏ )1016(<br />

وقال رحمه هللا:‏ ‏"قال أصحاب أحمد إنه لو أقام لجهاد عدو أو حبس سلطان،‏ أو مرض،‏ قصر سواء غلب على ظنه انقضاء الحاجة<br />

في مدة يسيرة أو طويلة،‏ وهذا هو الصواب لكن شرطوا فيه شرطاً‏ ال دليل عليه من كتاب،‏ وال سنة وال إجماع وال عمل الصحابة،‏<br />

فقالوا:‏ شرط ذلك احتمال انقضاء حاجته في المدة التي ال تقطع حكم السفر،‏ وهي ما دون األربعة أيام،‏ فيقال:‏ من أين لكم هذا الشرط،‏<br />

والنبي لما أقام زيادة على أربعة أيام يقصر الصالة بمكة وتبوك لم يقل لهم شيئاً‏ ، ولم يبين لهم أنه لم يعزم على إقامة أكثر من أربعة<br />

أيام،‏ وهو يعلم أنهم يقتدون به في صالته ويتأسون به في قصرها في مدة إقامته،‏ فلم يقل لهم حرفاً‏ واحداً:‏ ال تقصروا فوق إقامة أربع<br />

ليال،‏ وبيان هذا من أهم المهمات وكذلك اقتداء الصحابة به بعده ولم يقولوا لمن صلى معهم شيئاً‏ من ذلك"‏ )1017(<br />

وأما الدليل الثاني:‏ فيجاب عنه بأن النبي رخص لهم في الثالث ألنها مظنة قضاء حوائجهم وتهيئة أحوالهم للسفر،‏ ال لكونها غير<br />

إقامة،‏ فليس فيه نص وال إشارة إلى المدة التي إذا أقامها المسافر أتم وإنما هو في حكم المهاجر فما الذي أوجب أن تقاس إقامة<br />

المسافر على<br />

كما قال ابن رشد:‏ ‏"وهذا ليس فيه حجة على أنه<br />

إقامة المهاجر،‏ فغاية ما دل عليه الحديث جواز القصر في الثالثة فما دونها )1018(<br />

النهاية للتقصير وإنما فيه حجة على أن يقصر في الثالثة فما دونها".‏ )1019(<br />

إضافة إلى أن المسافر يباح له اإلقامة ثالثاً‏ فأكثر دون كراهة بخالف المهاجر فإنه يكره له اإلقامة بمكة بعد قضاء النسك أكثر من<br />

ثالث فأي نسبة بين إقامة مكروهة وإقامة مباحة؟ )1020(<br />

) 1012 (<br />

) 1013 (<br />

) 1014 (<br />

) 1015 (<br />

) 1016 (<br />

) 1017 (<br />

) 1018 (<br />

) 1019 (<br />

) 1020 (<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )372/2(.<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )22/5 وما بعدها(،‏ وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )138/24(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام<br />

السفر،‏ للماجد،‏ ص)‏‎8‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة وزاد املعاد،‏ البن القيم )494/3(، ومسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة من العلماء،‏ ومنها قصر الصالة <strong>يف</strong><br />

السفر،‏ حملمد شبري ، ص‎115‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏<br />

زاد املعاد،‏ البن القيم )493/3(.<br />

ينظر:‏ حتفة األحوذي )110/13(، واملبسوط،‏ للسرخسي )220/1(، وبدائع الصنائع )166/1(، بداية اجملتهد،‏ البن رشد<br />

)239/1( ، نيل األوطار،‏ للشوكاين )125/4(، والفتح الرَبين،‏ البن البنا )109/5(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )34/5(: ‏"ال حجة هلم<br />

فيه ألنه ليس <strong>يف</strong> هذا اخلرب نص وال إشارة إىل املدة اليت إذا أقامها املسافر أم فما الذي أوجب أن يقاس املسافر يقيم على املهاجر<br />

يقيم؟".‏<br />

بداية اجملتهد )239/1(.<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )34/5(، بتصرف.‏


وأيضاً‏ فإن ما زاد على الثالثة األيام للمهاجر داخل عندهم في حكم أن يكون مسافراً‏ ال مقيماً،‏ وما زاد على الثالثة للمسافر فإقامة<br />

صحيحة وهذا مانع من أن يقاس أحدهما على اآلخر،‏ وأيضاً‏ فإن المهاجرين أقاموا معه عام الفتح قريباً‏ من عشرين يوماً،‏ ولم<br />

يكونوا بذلك مقيمين إقامة خرجوا بها عن السفر )1021 ) ، وتحديد اإلقامة التي تنتهي بها أحكام السفر مسألة عامة تهم جميع الناس في<br />

كل زمان ومكان بخالف تحديد إقامة المهاجر فهو خاص بهم في زمانهم فهل يعقل أن تعنى الشريعة بتحديد هذا مع خصوصه في<br />

الزمان والمكان واألشخاص وتدع بيان اإلقامة مع عمومه لهذه األحوال؟ )1022(<br />

ثم ال مطابقة بين هذا الدليل ومورد النزاع الذي استدل به عليه فإن كما قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"وقد رخص النبي للمهاجر أن يقيم<br />

بمكة بعد قضاء نسكه ثالثاً‏ والقصر في هذا جائز عند الجماعة،‏ وقد سماه إقامة،‏ ورخص للمهاجر أن يقيمها،‏ فلو أراد المهاجر أن<br />

يقيم أكثر من ذلك بعد قضاء النسك لم يكن له ذلك،‏ وليس في هذا ما يدل على أن هذه المدة فرق ما بين المسافر والمقيم..‏ فعلم أن هذا<br />

التحديد ال يتعلق بالقصر وال بتحديد السفر"‏ )1023(<br />

ويجاب عن الدليل الثالث بما تقدم أيضاً.‏<br />

ويجاب عن الدليل الرابع :<br />

بأن اإلقامة متى وجدت حقيقة اقتضى ذلك انقطاع أحكام السفر قلت اإلقامة أو كثرت ألنها ضد السفر والشيء يبطل بما يضاده )1024(<br />

وقد جاء الشرع بمدد متفاوتة ودلت النصوص األخرى على تعليق اسم السفر واإلقامة بما دل عليه العرف ولو قيل بعدم ذلك لكان<br />

فيما ذكروه من القياس معارضة للنصوص والروايات األخرى في ترخصه مدداً‏ أكثر من ذلك وال قياس مع النص.‏<br />

ويجاب عن الدليل الخامس بأنه ال يدل على أقل مدة اإلقامة ألن حق الضيافة يتعلق بقدرة الناس في الغالب على استضافة ضيوفهم<br />

أما اإلقامة فإنها متعلقة بالبلد التي يقيم فيها والمنزل الذي ينزل فيه وكونه مهيئاً‏ لإلقامة أوالً.‏ )1025(<br />

ونوقشت أدلة القول الخامس :<br />

بأنه ال دليل في الحديث على أن مدة اإلقامة أربعة أيام أو أكثر فإنه قدم صبح اليوم الرابع من ذي الحجة وكان يصلي ركعتين،‏<br />

فأين الدليل على أنه لو قدم صبح ثالثة وثانية كان يتم ويأمر أصحابه باإلتمام ؟<br />

ليس في قوله وعمله ما يدل على ذلك.‏ )1026(<br />

ولو كان اليوم الرابع مقصوداً‏ لذاته لبينه ال سيما وهو يعلم بأن من الحجاج من يصل في غير ذلك اليوم فلو كان الحكم سيختلف<br />

لتعين عليه إبالغ أمته بذلك فيقول مثالً:‏ أيها الناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم،‏ وال يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.‏ )1027(<br />

ونوقش دليل القول السادس من وجهين :<br />

أحدهما:‏ ورود ما يخالف هذا التحديد عن ابن عباس نفسه فقد جاء عنه التحديد بسبعة عشر وخمسة عشر وثمانية عشر فلم يبق في<br />

روايته حجة لعدم المرجح.‏<br />

ثانيهما:‏ لو سلمت هذه الرواية مما يعارضها ‏–جدالً-‏ فال داللة فيها على نفي القصر فيما زاد على ذلك،‏ ال سيما وقد ثبت عنه <br />

وعن أصحابه ما يدل على قصرها في أكثر من ذلك.‏ )1028(<br />

) 1021 (<br />

) 1022 (<br />

) 1023 (<br />

) 1024 (<br />

) 1025 (<br />

) 1026 (<br />

) 1027 (<br />

) 1028 (<br />

=<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )140/24(، وحد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص)‏‎10‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )138/24(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )165/1(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة من العلماء،‏ منها حكم قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حملمد شبري،‏ ص‎116‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ابن تيمية مجع ابن قاسم،‏ )138/4(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ السفر الذي يثبت به القصر،‏ للربيش،‏ ص)‏‎39-38‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر تلك الرواايت،‏ <strong>يف</strong> صحيح البخاري،‏ كتاب تقصري الصالة،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> التقصري وكم يقيم حىت يقصر )85( والرتمذي <strong>يف</strong><br />

كتاب الصالة،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> كم تقصر الصالة،‏ رقم )549( وأبو داود <strong>يف</strong> سنته كتاب الصالة،‏ ‏َبب مىت يتم املسافر رقم )1229-<br />

1232-1230(، وينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف =<br />

وقال البيهقي:‏ ‏"أصح الرواايت <strong>يف</strong> ذلك رواية البخاري وهي رواية تسع عشرة ومجع هو وإمام احلرمني بني الرواايت السابقة أبن من<br />

قال:‏ تسع عشرة عد يومي الدخول واخلروج ومن قال:‏ سبع عشرة حذفهما ومن قال:‏ مثاين عشرة عد أحدمها،‏ قال احلافظ:‏ وهو مجع<br />

متني وتبقى رواية مخسة عشر شاذة ملخالفتها وضعفها النووي كما تقدم واعرتض على ذلك ابن حجر ورواية عشرين صحيحة اإلسناد


ونوقش دليل القول السابع:‏<br />

بما تقدم ذكره في مناقشة أدلة القول الرابع .<br />

الترجيح:‏<br />

قال في بداية المجتهد ‏:"األشبه في المجتهد في هذا أن يسلك أحد أمرين:إما أن يجعل الحكم ألكثر الزمان الذي روي عنه عليه الصالة<br />

والسالم أنه أقام فيه مقصراً‏ ويجعل ذلك حداً‏ من جهة أن األصل هو اإلتمام فوجب أن ال يزاد على هذا الزمان إال بدليل،‏ أو يقول:‏ إن<br />

األصل في هذا هو أقل الزمان الذي وقع عليه اإلجماع،وما ورد من أنه عليه الصالة والسالم أقام مقصراً‏ أكثر من ذلك الزمان<br />

فيحتمل أن يكون إقامة ألنه جائز للمسافر،‏ ويحتمل أن يكون إقامة بنية الزمان الذي تجوز إقامته فيه مقصراً‏ باتفاق فعرض له أن أقام<br />

أكثر من ذلك وإذا كان االحتمال وجب التمسك باألصل وأقل ما قيل في ذلك يوم وليلة " )1029(<br />

وهذا له حظ من الوجاهة إال أن الناظر في هديه يرى ما يدل على تقدير المدة بالعرف فقد كان يرافقه في أسفاره وإقامته عدد<br />

كبير جداً‏ من أصحاب وقد سكتوا عن سؤاله عن سبب ترخصه في أوقات مسيره ونزوله أثناء سفره كما سكتوا عن سؤاله عن سبب<br />

تركه للرخصة في نزوله في المدينة وسكت عن بيان هذا السبب في الحالين،‏ فال يخلوا هذا من احتمالين :<br />

أولها:‏ أن يكون الحد معلوماً‏ لدى الصحابة من الشريعة أو لغة العرب.‏<br />

وثانيها:‏ أن يكون قد أحالهم على عرفهم في معنى السفر واإلقامة.‏<br />

فاألول باطل لعدم انتشاره ووضوحه وكثرة اختالفهم وتعدد رواياتهم في ذلك.‏ ولو كان معلوماً‏ من اللغة لنقلته األمة .<br />

فتعين الثاني وهو اعتبار العرف فهو المناسب لسكوته عن البيان وترك أصحابه للسؤال عنه،‏ فإنه ال يختص بالعلم به دونهم<br />

كاختصاصه بمسائل التوق<strong>يف</strong> والتعبد التي ال تعرف إال من طريقه فيحتاجون معها إلى بيانه.‏ )1030(<br />

وكان <br />

يترخص في أحوال تعتبر عند أهل العرف من السفر سواء كان ذلك حال الشخوص والحركة أو حال النزول في مصر أو<br />

فضاء،‏ ولم يوجد في منازله ما يعتبر فيها مقيماً‏ مطمئناً‏ قاطعاً‏ لسفره بوجود أوصاف اإلقامة العرفية من طمأنينة واتخاذ سكن ومتاع<br />

المثل في مدة طويلة ونية مستقرة وغير ذلك واألصل عدم تحقق اإلقامة بهذه األوصاف حتى يثبت المخالف وجودها وإال فاألصل<br />

، قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"وقد أقام المهاجرون مع النبي عام الفتح قريباً‏ من عشرين يوماً‏ بمكة،‏ ولم يكونوا بذلك<br />

بقاء السفر )1031(<br />

مقيمين إقامة خرجوا بها عن السفر"‏ )1032(<br />

وبهذا يتبين رجحان القول األول والثاني ‏–بعد التوفيق بينهما-‏ بأن المعتبر في تحديد المدة و العرف فما عدة الناس سفراً‏ جاز<br />

الترخص فيه وما ال فال،‏ ومن كان عازماً‏ على اإلقامة من المسافرين فهو مقيم عرفاً‏ ليس له الترخص النقطاع سفره بذلك كما ينقطع<br />

باالستيطان ويماثل هذا في زماننا الطالب والعمال والموظفون المغتربون عن بالدهم وأوطانهم ويعزمون على اإلقامة في تلك البالد<br />

مدة طويلة عرفاً‏ فليس لهم الترخص ما لم يبق فيهم وصف السفر بعدم العزم على اإلقامة واضطراب حالهم فال يدرون يسافرون<br />

اليوم أو غداً.‏ )1033(<br />

واعتبار هذا القول راجحاً‏ على غيره،‏ لقوة أدلته وسالمتها مما ورد عليها من المناقشة ولموافقته لمتقضى قاعدة األسماء المطلقة في<br />

الشريعة،‏ ولموافقته لظاهر هدي النبي وألن التحديد بابه التوق<strong>يف</strong>،‏ ولم يصح فيه شيء،‏ وللجواب عن أدلة المخالفين،‏ وألن للسفر<br />

واإلقامة حقيقة تعرف بحال المسافر والمقيم واستيطانه أو عدم استيطانه وهذه الحقيقة ليست غامضة بل يسهل على الناس معرفتها،‏<br />

وألن النيات ال مدخل لها في األعمال التي لم يأمر هللا تعالى بها كالسفر واإلقامة وإنما تجب في األعمال التي أمر هللا بها فال يجوزأن<br />

تؤدى بغير نية )1034(<br />

ثمرة الخالف : من ذلك :<br />

1- أن من يرى التحديد بمدة معينة فإنه يوجب على من نوى اإلقامة بها أن يقطع ترخصه ومن ال فال .<br />

إال أهنا شاذة أيضاً‏ اللهم إال أن حيمل على جرب الكسر ورواية مثانية عشر ليست بصحيحة من حيث اإلسناد،‏ ينظر:‏ حتفة األحوذي،‏<br />

للمباركفوري )110/3(.<br />

( 1029 ‏(وهو قول ربيعة بن أيب عبدالرمحن ، كما <strong>يف</strong> : بداية اجملتهد ، البن رشد<br />

.)240/1(<br />

) 1030 (<br />

) 1031 (<br />

) 1032 (<br />

) 1033 (<br />

ينظر:‏ حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص‎63-62-29-28-27‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )139/24(.<br />

ينظر:‏ حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص )23(، وجملة جامعة اإلمام،‏ العدد‎10‎‏،‏ مجادي اآلخرة ،<br />

إقامة املسافر وسفر املقيم،‏ مساعد الفاحل،‏ ص)‏‎131‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

‎1414‎ه ،<br />

) 1034 (<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة من العلماء،‏ قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حممد شبري،‏ ص‎118‎‏،‏ بتصرف.‏


القائلون بالعرف يحيلون على أهل كل زمان في ذلك ففي هذا الزمان مثالً‏ من نوى اإلقامة للدراسة أو العمل لمدة طويلة فهو<br />

مقيم يمنع من الترخص ومن اضطرب أمره فال يدري أيرحل اليوم أم غداً‏ فهو مسافر يترخص وإن طال مقامه.‏<br />

القائلون بالعرف ال يعتبرون طول المدة سبباً‏ لثبوت اإلقامة مطلقاً‏ وال قصرها سبباً‏ لنفيها مطلقاً،‏ بل متى كان المرء على حال<br />

يعتبر فيها مقيماً‏ عند الناس فقد انقطعت في حقه رخص السفر )1035(<br />

-2<br />

-3<br />

الشرط اخلامس:‏ كونه سفر طاعة :<br />

وقد اختلف الفقهاء في ذلك .<br />

تحرير محل النزاع:‏ اتفق أهل العلم على أن العاصي في سفره وهو من قصد سفراً‏ مباحاً‏ ثم طرأت عليه معصية ارتكبها فإنه<br />

يترخص في السفر ألنه لم يقصده للمعصية وألن سبب ترخصه وهو السفر مباح قبلها وبعدها كما اتفقوا على جواز الترخص في<br />

السفر الواجب والمندوب كالحج والعمرة والجهاد واألكثر على جواز الترخص في السفر المباح واختلفوا في الترخص بسفر<br />

المعصية كسفر المرأة من غير محرم،‏ وكسفر من قصد محرماً‏ من شرب خمر أو سرقة أو زنى أو قتل بغير حق،‏ وكسفر من فر من<br />

واجب عليه كدين لغريمه ونحو ذلك فهل له أن يترخص بهذا السفر؟<br />

فيه خالف على ثالثة أقوال.‏ )1036(<br />

أسباب الخالف :<br />

-1<br />

-2<br />

قال ابن العربي:‏ ‏"وأما سفر<br />

اختالفهم في بعض رخص السفر هل تعد رخصة أو عزيمة؟ كالقصر والتيمم مثالً)‏‎1037‎‏(‏<br />

المعصية فأشكل دليل فيه لهم أن قالوا:‏ إنا بنينا األمر على أن القصر عزيمة وليس برخصة،‏ والعزائم ال تتغير بسفر<br />

الطاعة والمعصية كالتيمم.‏ قلنا:‏ قد بينا أنه رخصة وعليه تنبني المسألة،‏ والرخص ال تجوز في سفر المعصية كالمسح<br />

على الخفين"‏ )1038(<br />

معارضة المعنى المعقول أو ظاهر اللفظ لدليل الفعل،‏ فمن اعتبر المشقة أو ظاهر اللفظ فقد أجاز القصر في كل سفر ومن<br />

اعتبر دليل الفعل فقد خص الجواز بالسفر المتقرب به ألنه ما قصر قط إال في سفر قربة،‏ ومن فرق بين المباح<br />

والمعصية فعلى جهة التغليظ،‏ واألصل فيه هل تجوز الرخص للعصاة أوال؟ )1039(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

اختالفهم في تفسير معنى البغي والعدوان )1040(<br />

في قوله سبحانه:‏ <br />

-3<br />

)1041( <br />

<br />

<br />

<br />

) 1035 (<br />

) 1036 (<br />

) 1037 (<br />

) 1038 (<br />

) 1039 (<br />

ينظر:‏ حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر،‏ للماجد،‏ ص)‏‎23-22‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )159/1(، وحاشية ابن عابدين )604/2(، شرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )57/2(، عقد اجلواهر<br />

الثمينة،‏ البن شاس )210/1( حاشية الدسوقي )358/1(، مواهب اجلليل،‏ للحطاب )486/2(، الذخرية،‏ للقرا<strong>يف</strong> )367/2(،<br />

احلاوي،‏ للماوردي )387/2(، اجملموع،‏ للنووي )157/4(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )268/1(، والوسيط،‏ للغزايل،‏ حتقيق القره داغي<br />

)865/2(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين،‏ البن قدامة )115/3(، والفروع البن<br />

مفلح مع تصحيحه للمرداوي وحاشية ابن قندس )84/3(، وكشاف القناع،‏ للبهويت )598/1(، املوسوعة الفقهية الكويتية )34/25(،<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ كشف األسرار،‏ للبخاري )299/2(، والبحر الرائق،‏ البن جنيم )141/2(، بداية اجملتهد،‏ البن رشد )235/1(، وعقد<br />

اجلواهر،‏ البن شاس )209/1( واجملموع،‏ للنووي )165/2(، وروضة الطالبني للنووي )380/1(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف<br />

)28/5(، واملغين،‏ البن قدامه )310/1(، واملصادر السابقة.‏<br />

أحكام القرآن،‏ البن العريب )488/1(.<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )238/1(.


قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"ذهب طائفة من المفسرين إلى أن الباغي هو الباغي على اإلمام الذي ال يجوز قتاله،‏ والعادي هو العادي على<br />

المسلمين،‏ وهم المحاربون قطاع الطريق،‏ قالوا:‏ فإذا ثبت أن الميتة ال تحل لهم فسائر الرخص أولى ... أما اآلية فأكثر المفسرين<br />

قالوا:‏ المراد بالباغي الذي يبغي المحرم من الطعام مع قدرته على الحالل والعادي الذي يتعدى القدر الذي يحتاج إليه ...". )1042(<br />

األقوال في المسألة :<br />

القول األول:‏ أن للمسافر الترخص في كل سفر ولو كان عاصياً‏ به وهو قول الثوري واألوزاعي وابن حزم ومذهب الحنفية واختاره<br />

.<br />

شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية وأجازه بعض المالكية مع الكراهة وأفتى به من المعاصرين الشيخ ابن جبرين )1043(<br />

القول الثاني:‏ ال يجوز للعاصي بسفره أن يترخص برخص السفر وهو قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة وافتى به الشيخ<br />

)1044(<br />

محمد بن إبراهيم وابن عثيمين.‏<br />

والمراد بالعاصي بسفره أو سفر المعصية أن يكون الحامل على السفر نفس المعصية كما تقدم في األمثلة السابقة.‏ )1045(<br />

القول الثالث:‏ أن المسافر ال يقصر إال إذا كان سفره لحج أو عمرة أو جهاد ‏)سفر واجب أو مندوب(.‏<br />

وهو مروي عن ابن مسعود <br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول بما يلي:‏<br />

وعطاء.‏ )1046(<br />

-1<br />

قوله سبحانه:‏ <br />

) 1047 ( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

اآلية )1048(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فهذه وغيرها أدلة عامة مطلقة لم تخص سفراً‏ من سفر،‏ ولو كان األخذ بالرخص مخصوصاً‏ ومقيداً‏ بسفر الطاعة لورد<br />

ذلك مبيناً،‏ لشدة الحاجة إليه وكثرة وقوعه.‏<br />

) 1040 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن للجصاص )128/1(، وللقرطيب )231/1(، والبن العريب )57/1(، وفتح القدير،‏ للشوكاين )315/1(،<br />

وتفسري ابن كثري )255/1(، وأضواء البيان للشنقيطي )105/1(، واملسافر وما خيتص به من أحكام للكبيسي،‏<br />

هاشم انقور،‏<br />

85<br />

56، بتصرف.‏<br />

) 1041 (<br />

) 1042 (<br />

) 1043 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.173<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )110/24(.<br />

كما اختاره املزين ،<br />

وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏<br />

ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم )150/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )161/1(، تبيني احلقائق،‏ للزيلعي<br />

)216/1(، أحكام القرآن،‏ للجصاص )255/2(، واجملموع،‏ للنووي )158/4(، واحمللى،‏ البن حزم )20-19/5(، وجمموع فتاوى<br />

شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )108/24(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )213/1( ومواهب اجلليل للحطاب )487/2(، واملفيد <strong>يف</strong><br />

تقريب أحكام املسافر،‏ البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص‎72‎‏،‏ وتقدمت ترمجة الثوري ص<br />

واألوزاعي ص 78<br />

. 158<br />

) 1044 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ البن العريب )488/1(، بداية اجملتهد،‏ البن رشد )238/1(، وحاشية الدسوقي )359/1(، عقد اجلواهر<br />

الثمينة،‏ البن شاس )213/1(، واجملموع للنووي )157/4(، هناية احملتاج،‏ للرملي )265-264/2(، والوسيط،‏ للغزايل )865/2(،<br />

واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين،‏ البن قدامة )115/3(، وكشاف القناع للبهويت<br />

،)598/1( واإلقناع،‏ للحجاوي =)274/1( =<br />

وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت،‏ البن عثيمني،‏ ترتيب خالد أبو صاحل،‏ ص )69-63(.<br />

( 1045 ) ص ( 284 .)<br />

) 1046 (<br />

وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )316/2-1(، وفتاوى<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد بن عبدالرب )429/5( وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )238/1( واجملموع،‏ للنووي )158/4(،<br />

واملغين،‏ البن قدامة )115/3(، وتقدمت ترمجة عطاء ص<br />

. 22<br />

) 1047 (<br />

) 1048 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.184<br />

.43


ولم ينقل عنه شيء من ذلك مع علمه بأن السفر منه ما يكون حراماً‏ فلو اختص الحكم بسفر الطاعة لكان بيان ذلك من<br />

الواجبات ولو بين لنقلته األمة.‏ )1049(<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئاً"‏<br />

)1050(<br />

وزيادة قيد أال يكون عاصياً‏ نسخ وهذا ممنوع فإن خبر اآلحاد ال ينسخ القرآن القطعي الثبوت.‏ )1051(<br />

<br />

<br />

-2<br />

أن الشارع الحكيم علق أحكاماً‏ بالسفر كما في اآليتين السابقتين وكما في قوله:‏<br />

<br />

<br />

)1052( <br />

<br />

<br />

-3<br />

-4<br />

وكما في قوله ‏-في المسح على الخفين-‏ ‏))للمسافر ثالثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة((‏ )1053(<br />

ولم يذكر في شيء من النصوص تقييد ذلك بنوع من السفر،‏ فك<strong>يف</strong> يجوز أن يكون الحكم معلقاً‏ بأحد نوعي السفر وال يبين<br />

هللا ورسوله ذلك؟!‏ فدل على شمول ذلك للنوعين معاً.‏ )1054(<br />

فيقاس المسافر العاصي على المطيع بجامع السفر في كل منهما كما ذكر ابن قدامة.‏ )1055(<br />

أن نفس السفر ليس بمعصية وهو سبب الرخصة وقد وجد وليست المعصية هي عين السفر وإنما هو عبارة عن خروج مديد<br />

وليس في ذلك شيء من المعصية،‏ وإنما تكون فيما بعده أو يجاوره،‏ فصلح من ذاته متعلقاً‏ للرخصة إلمكان االنفكاك عما<br />

بعده أو ما يحاوره كما إذا غصب خفاً‏ ولبسه جاز أن يمسح عليه ألن الموجب ستر قدميه وال محظور فيه وإنما المحظور<br />

في مجاوره وهو صفة كونه مغصوباً)‏‎1056‎‏(‏<br />

‏"فالقبيح المجاور ال يعدم المشروعية بخالف القبيح لعينه وضعاً‏ كالكفر أو شرعاً‏ كبيع الحر فإنه يعدم المشروعية"‏ )1057(<br />

وهو خاص بالقصر:‏ أن كل صالة جاز االقتصار فيها على ركعتين استوى في فعلها العاصي والطائع كالجمعة<br />

والصبح.‏ )1058(<br />

-5<br />

-6<br />

وألنه لو أنشأ سفر طاعة ثم حوله معصية لسعية بالفساد لجاز له الترخص فكذلك إذا أنشأه عاصياً‏ ابتداءاً)‏‎1059‎‏(‏<br />

القياس على التيمم فإذا جاز للعاصي في سفره إجماعاً‏ أن يترخص بذلك ولم تمنعه المعصية منه فكذا ال تمنعه من سائر<br />

الرخص.‏ )1060(<br />

واستدل أصحاب القول الثاني بما يلي :<br />

) 1049 (<br />

) 1050 (<br />

) 1051 (<br />

) 1052 (<br />

) 1053 (<br />

) 1054 (<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ الكاساين )161/1( وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )217-216/1(، وجمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية<br />

)109/24(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )276/27(.<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )109/24(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )255/2(، والعناية،‏ للبابريت )47/2(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.101<br />

.) 253<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )110/24(.<br />

( 1055 ) <strong>يف</strong> املغين )115/3(، وسبق ترمجته ص<br />

. 106<br />

) 1056 (<br />

ينظر:‏ العناية،‏ للبابريت )47/2(، والبحر الرائق،‏ البن جنيم )150/2(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )161/1(، وتبيني احلقائق،‏<br />

للزيلعي )217-216/1(.<br />

) 1057 (<br />

) 1058 (<br />

) 1059 (<br />

) 1060 (<br />

املوسوعة الفقهية الكويتية )34/25(، وهو <strong>يف</strong> البحر الرائق )150/2( بنحو ذلك.‏<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )387/2(.<br />

املصدر السابق .<br />

املصدر السابق،‏ واحمللى،‏ البن حزم )16/5(.


-1 قوله سبحانه:‏ <br />

)1061( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فخص المضطر بإباحة هذه المحرمات ووصفه بكونه غير باغ وال عاد والباغي هو من بغى على اإلمام وجاز قتاله<br />

قال ابن عباس:‏ ‏"غير باغ على المسلمين مفارق<br />

والعادي من اعتدى على المسلمين من المحاربين وقطاع الطريق )1062(<br />

لجماعتهم يخ<strong>يف</strong> السبيل وال عاد عليهم"‏ )1063(<br />

فإذا حرم عليهم الترخص بأكل الميتة عند االضطرار لعصيانهم فسائر الرخص من باب أولى )1064(<br />

.<br />

-2<br />

وقال في اآلية األخرى:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

)1065( <br />

-3<br />

-4<br />

فالمراد غير مرتكب للمعصية،‏ فوجب أن يكون العاصي المضطر كالطائع غير المضطر في تحريم أكل الميتة عليه<br />

لعموم اآلية فال رخصة لعاص في سفره )1066(<br />

أن ترخص العاصي بسفره معين له على المعصية والرخص إنما شرعت لإلعانة على تحصيل المقصد المباح توصالً‏ إلى<br />

المصلحة،‏ فلو شرعت للعاصي بسفره لكان ذلك إعانة له على المحرم تحصيالً‏ للمفسدة والشرع منزه عن ذلك.‏ )1067(<br />

فال يستبيح العاصي بسفره شيئاً‏ من رخص السفر،‏ ولو<br />

ومن هنا قرر الفقهاء قاعدة:‏ ‏)الرخص ال تناط بالمعاصي(‏ )1068(<br />

أوشك على الهالك ألنه قادر على استباحته بالتوبة،‏ وقال في األشباه والنظائر:‏ ‏"معنى قولنا الرخص ال تناط بالمعاصي<br />

أن فعل الرخصة متى توقف على وجود شيء نظر في ذلك الشيء فإن كان تعاطيه في نفسه حراماً،‏ امتنع معه فعل<br />

الرخصة،‏ وإال فال،‏ وبهذا يظهر الفرق بين المعصية بالسفر والمعصية فيه،‏ فالعاصي بسفره السفر نفسه معصية<br />

والرخصة منوطة به مع دوامه ومترتبة عليه ترتب المسبب على السبب فال يباح،‏ أما العاصي في سفره فالسفر ذاته مباح<br />

ليس معصية وال هو آثم به وإنما فعل معصية أثناءه فتباح فيه الرخص إلناطتها بالسفر وهو في نفسه مباح".‏ )1069(<br />

أن النصوص الواردة في الترخص بالسفر،‏ تناولت سفر الصحابة وهو مباح فال يثبت الحكم فيما خالف ذلك من األسفار،‏ ويتعين حملها<br />

على ذلك جميعاً‏ بين النصين.‏ )1070(<br />

واستدل أصحاب القول الثالث بما يلي :<br />

) 1061 (<br />

) 1062 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.173<br />

) 1063 (<br />

) 1064 (<br />

) 1065 (<br />

) 1066 (<br />

) 1067 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )128/1(، وللقرطيب )231/1(، وأحكام القرآن البن العريب )57/1(، وفتح القدير،‏ للشوكاين<br />

)315/1(، تفسري ابن كثري )255/1( وأضواء البيان،‏ للشنقيطي )105/1( ، تيسري الكرمي الرمحن،‏ البن سعدي )206/1(، واملغين<br />

البن قدامة )115/3(.<br />

املصادر السابقة .<br />

املصادر السابقة.‏<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

.3<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )38/2(.<br />

ينظر:‏ الذخرية للقرا<strong>يف</strong> )2<br />

367 /<br />

(، مغين احملتاج،‏ للشربيين )268/1( والوسيط،‏ للغزايل حتقيق القره داغي )865/2(، وروضة<br />

الطالبني،‏ للنووي )388/1( وحتفة احملتاج،‏ للهيثمي )388-387/2(، واجملموع،‏ للنووي )157/4(، واحلاوي للماوردي )388/2(<br />

واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج واملرداوي )30/5(، واملغين،‏ البن قدامة )116/3(، وجمموع فتاوى ابن تيمية<br />

.)112/24(<br />

) 1068 (<br />

ينظر:‏ األشباه والنظائر للسيوطي )138(، املنثور <strong>يف</strong> القواعد،‏ للزركشي )371/1( وموسوعة القواعد الفقهية،‏ مجع حممد صدقي<br />

البورنو )61/2(.<br />

) 1069 (<br />

) 1070 (<br />

األشباه والنظائر،‏ للسيوطي )140(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه )116/3(.


-1<br />

-2<br />

أن الواجب ال يترك إال بواجب.‏ )1071(<br />

أنه <br />

إنما قصر في سفر واجب أو مندوب،‏ فاختص به.‏ )1072(<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

نوقشت أدلة القول األول على النحو اآلتي:‏<br />

أوالً:‏ ما ذكروه من األدلة عام مخصوص باألدلة التي أوردها المخالفون والدالة على تحريم استباحة العاصي بسفره لرخص<br />

السفر والخاص مقدم على العام.‏ )1073(<br />

وأجيب عن ذلك بالمنع لعدم صالحيتها للتخصيص كما سيأتي عند مناقشتها )1074(<br />

ثانياً:‏ أن تلك األدلة مطلقة تقيدها النصوص األخرى في النهي عن التعاون على اإلثم والعدوان وليس في ذلك نسخ للقرآن بخبر<br />

اآلحاد )1075(<br />

ثالثاً:‏ قولهم:‏ بأن نفس السفر ليس بمعصية يجاب عنه من وجهين :<br />

أحدهما:‏ المنع فإن سبب هذه الرخص حقيقة هو السفر ال غير وهو في نفسه معصية يعاقب عليها فال يجوز أن يكون<br />

جالباً‏ للتخف<strong>يف</strong> والترخص؛ ألنه تخف<strong>يف</strong> من هللا لعباده لما يلحقهم من المشقة معونة لهم على سفرهم<br />

والعاصي ال يستحق المعونة.‏<br />

، وهللا تعالى يقول:‏ <br />

ثانيهما:‏ أن الوسائل لها أحكام المقاصد والسفر وسيلة للمعصية فيأخذ حكمها )1076(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1077( <br />

أي نكتب نقل خطاهم للطاعة أو ضدها،‏ فكما أن نقل األقدام للطاعة تابع لها فكذلك نقلها للمعصية<br />

تابع لها ومعصية مثلها.‏ )1078(<br />

وأجيب بأن هللا عز وجل أطلق في اآليات إباحة الترخص في كل سفر كما في قوله:‏ <br />

<br />

)1079(<br />

وال يخفى عليه سبحانه أن منهم من<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

) 1071 (<br />

) 1072 (<br />

) 1073 (<br />

) 1074 (<br />

املصدر السابق .<br />

املصدر السابق .<br />

ينظر:‏ تفسري الفخر الرازي )27/3(.<br />

293 <strong>يف</strong> ص (<br />

) 1075 (<br />

) 1076 (<br />

) 1077 (<br />

) 1078 (<br />

(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )268/4(: ‏"والعجب كل العجب من املالكيني الذين أتو إىل عموم هللا تعاىل للسفر<br />

وعموم رسوله للسفر ‏–‏وَمَا كَانَ‏ رَبُّكَ‏ نَسِّ‏ يًّا‏-‏ فخصوه آبرائهم ومل يرد قصر الصالة <strong>يف</strong> سفر املعصية.‏<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة من العلماء،‏ قصر الصالة <strong>يف</strong> السفر،‏ حملمد شبري،‏ ص‎109‎‏،‏ وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هاشم انقور،‏<br />

ص‎63‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )389/2(، وقال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )267/4(: ‏"احتج من خص بعض األسفار بذلك أبن سفر املعصية<br />

حمرم فال حكم له؟ فقلنا:‏ أما حمرم فنعم،‏ هو حمرم ولكنه سفر فله حكم السفر،‏ وأنتم تقولون:‏ إنه حمرم مث جتعلون فيه التيمم عند عدم املاء<br />

وجتيزون الصالة فيه وتروهنا فرضاً‏ فأي فرق بني ما أجزم من الصالة والتيمم هلا وبني ما منعتم من أتديتها ركعتني كما فرض هللا <strong>يف</strong> السفر؟<br />

وال سبيل إىل فرق؟"‏ ا.ه .<br />

سورة يس،‏ اآلية<br />

.12<br />

) 1079 (<br />

ينظر:‏ تفسري ابن كثري )693/3(، وابن سعدي حتقيق اللوحيق )693(، وشرح القواعد السعدية،‏ للزامل،‏ ص )39( وأحكام<br />

<strong>السياحة</strong>،‏ هاشم انقور ص‎64‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.101


يكون عاصياً‏ بسفره فلو كان ممنوعاً‏ من الترخص الستثناه من ذلك وبينه لشدة الحاجة وعموم البلوى وال يجوز<br />

تأخير البيان عن وقت الحاجة.‏ )1080(<br />

رابعاً:‏ قياس المسافر العاصي على المطيع باطل ألنه مع الفارق فالمعصية تضاد الطاعة.‏ )1081(<br />

خامساً:‏ القياس على الجمعة والصبح باطل،‏ ألن االقتصار فيهما على ركعتين ال تعلم علته والعبادات ال تعلل،‏ وألن ذلك ال<br />

يختص بسبب من جهة المصلي فال يحصل الفرق فيهما بين المطيع والعاصي بخالف القصر في السفر فإنه يختص<br />

بسبب حادث من جهة المصلي وهو السفر فال بد فيه من التفريق بين العاصي والمطيع.‏ )1082(<br />

سادساً:‏ قياس جواز الترخص في سفر المعصية على من أنشأ سفراً‏ مباحاً‏ ثم جعله معصية فكما لم تمنع من الترخص هنا فكذلك<br />

هناك يجاب عنه بأن المقيس عليه محل خالف بين الفقهاء فمنهم من يمنع من ترخصه كمن أنشأ سفر معصية.‏<br />

وعلى القول بجواز الترخص ولمن أنشأ سفراً‏ مباحاً‏ ثم جعله معصية فإنه ال يصح القياس عليه وال تخريج ما نحن فيه<br />

على هذا ألن الجالب للترخص في هذه المسألة أصالً‏ هو إحداث السفر وإحداثه لم يكن معصية أما في مسألتنا هذه فإن<br />

إحداثه معصية فافترقا.‏ )1083(<br />

سابعاً:‏ وال يصح القياس على التيمم للفارق فالتيمم عزيمة ال خيار للمكلف في فعله أو تركه ويعصى بتركه أما القصر وسائر الرخص فهي<br />

جائزة له فيها الخيار وال يعصي بتركها.‏<br />

فالتيمم ليس من رخص السفر،‏ وليس سببه السفر وإال الختص به وإنما سببه فقد الماء،‏ لكن لما كان السفر مظنة لفقد الماء كان كأنه<br />

سبب له فوجبت اإلعادة لذلك.‏ )1084(<br />

ونوقشت أدلة القول الثاني بما يلي :<br />

أوالً:‏ ما ذكروه في تفسير الباغي والعادي هو أحد األقوال في ذلك وأكثر المفسرين على خالفه وهو أن الباغي الذي يبغي المحرم من<br />

الطعام مع قدرته على الحالل،‏ والعادي من يتعدى القدر الذي يحتاجه،‏ ورجح هذا التفسير ابن جرير وشيخ <strong>اإلسالم</strong> وغيرهم )1085(<br />

وقالوا إذا احتملت اآلية المعنيين فال يجوز تخصيص عموم قوله سبحانه:‏ <br />

)1086( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-1<br />

وحمل البغي والتعدي على كونه في األكل استعمال للفظ على عمومه وحقيقته فيما أريد به وورد فيه فكان ذلك أولى.‏ )1087(<br />

وأجيب عن ذلك من وجهين:‏ أحدهما :<br />

أن انتفاء البغي والعدوان عام يدخل فيه كل أمر ومن ذلك سفر المعصية وتخصيصه باألكل خالف األصل.‏ )1088(<br />

وذكر ابن العربي بأن الخالف في ذلك ينتخب في قولين هما:‏ )1089(<br />

أن الباغي هو الطالب لخير كان أو لشر إال أنه خص هنا بطالب الشر والخارج على اإلمام داخل في ذلك وهو المراد بقوله سبحانه:‏<br />

<br />

) 1080 (<br />

) 1081 (<br />

) 1082 (<br />

) 1083 (<br />

) 1084 (<br />

) 1085 (<br />

السبيل.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )109/24(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )116/3(.<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )389/2(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

والعادي هو المجاوز ما يجوز إلى<br />

املصدر السابق،‏ وحاشية اجلمل )601/1(، وقصر الصالة،‏ لشبري،‏ ص)‏‎110‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ما ال يجوز،‏ وخص هنا بقاطع<br />

ينظر:‏ تفسري ابن جرير الطربي )88/2( وفتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع ابن قاسم )111/24(، واملصادر السابقة <strong>يف</strong> هامش (<br />

) 1<br />

ص ( 286<br />

) 1086 (<br />

) 1087 (<br />

سورة األنعام،‏ اآلية<br />

(، والسفر،‏ للربيش ، ص‎12‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

.119<br />

) 1088 (<br />

) 1089 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )128/1(، وقال ابن جربين <strong>يف</strong> املفيد،‏ ص)‏‎73‎‏(‏ ‏"نقول <strong>يف</strong> اإلجابة عن ذلك:‏ أبنه حممول على من<br />

أنشأ السفر ألجل البغي والعدوان فهذا سفر معصية ال تباح له بسببها امليتة ألنه يستعني هبا على أكل احلرام وقطع الطريق"‏<br />

ينظر:‏ تفسري الرازي (<br />

. ) 12 / 3<br />

ذكرمها <strong>يف</strong> أحكام القرآن )57/1(، بتصرف،‏ وتقدمت ترمجته ص<br />

. 26


-2<br />

أن الباغي آكل الميتة فوق الحاجة والعادي آكلها مع وجود غيرها ثم جمع بين القولين فقال:‏ ‏"وتحقيق القول في ذلك أن<br />

العادي باغ،‏ فلما أفرد هللا تعالى كل واحد منهما بالذكر تعين له معنى غير معنى اآلخر،‏ لئال يكون تكراراً‏ يخرج عن<br />

الفصاحة الواجبة للقرآن واألصح والحالة هذه أن معناه غير طالب شراً‏ وال متجاوز حداً،‏ فأما قوله:‏ غير طالب شراً،‏<br />

فيدخل تحته كل خارج على اإلمام وقاطع للطريق وما في معناه وأما غير متجاوز حداً‏ فمعناه غير متجاوز حد<br />

الضرورة إلى حد االختيار"‏ )1090(<br />

وناقش شيخ <strong>اإلسالم</strong> ذلك بقوله:‏ ‏"الضرورة ال تختص بسفر ولو كانت في سفر فليس السفر المحرم مختصاً‏ بقطع الطريق والخروج<br />

على اإلمام ولم يكن على عهد النبي إمام يخرج عليه،‏ وال من شرط الخارج أن يكون مسافراً‏ ... فك<strong>يف</strong> يجوز أن تفسر اآلية بما<br />

ال يختص بالسفر وليس فيها كل سفر محرم؟ فالمذكور في اآلية لو كان كما قيل لم يكن مطابقاً‏ للسفر المحرم،‏ فإنه قد يكون بال سفر<br />

وقد يكون السفر الحرام<br />

والوجه الثاني:‏ أن حمل اآلية على عدم المعصية أقرب من حملها على الزيادة على سد الرمق ألن من وصل إلى سد الرمق أصبح<br />

بدونه".‏ )1091(<br />

غير مضطر فال يجوز له األكل من الميتة وإذا أكل كان عاصياً‏ فكان المراد بها عدم المعصية.‏ )1092(<br />

ثانياً:‏ أن من عصى وبغى واعتدى في سفر طاعة فإن ذلك البغي والعدوان والعصيان ليس مانعاً‏ له ‏–باالتفاق-‏ من الترخص بأكل<br />

الميتة عند الضرورة فدل ذلك على أن اآلية ال يراد بها انتفاء البغي والعدوان من كل وجه.‏ )1093(<br />

وأجيب عن ذلك بالتفريق بين العاصي في سفره والعاصي بسفره فاألول يترخص باالتفاق وال أثر لوجود وصف العدوان والعصيان<br />

ألن الرخص تترتب على السفر ترتب المسبب على السبب فإذا كان السفر نفسه معصية امتنع الترخص لذلك وإال فال لكون السفر<br />

، والرخصة إعانة على السفر فال يكون في الترخص إعانة على المعصية إذا لم يكن السفر نفسه<br />

ذاته مباح كما تقدم )1094(<br />

معصية.‏ )1095(<br />

ونوقش ذلك:‏ بأن الترخص في سفر المعصية ليس فيه إعانة عليها،‏ ألن المسافر مأمور بالصالة ركعتين كما أنه مأمور بالصالة<br />

بالتيمم عند فقد الماء في السفر المحرم وما زاد على الركعتين ليست طاعة وال مأموراً‏ بها أحد من المسافرين وإذا فعلها المسافر كان<br />

قد فعل منهياً‏ عنه،‏ فصار صالة الركعتين قبل أن يصلي المسافر الجمعة خلف مستوطن فهل يصليها وإن كان عاصياً‏ بسفره وإن كان<br />

إذا صلى وحده صلى أربعاً؟ )1096(<br />

<br />

<br />

ثالثاً:‏ أن منع العاصي بسفره من الترخص حتى لو اضطر إلى أكل الميتة يودي به إلى الهالك وهللا تعالى يقول:‏ <br />

)1097( <br />

وال خالف في أن امتناعه عن األكل إذا أوشك على الهالك زيادة في العصيان،‏ فتحريم األكل عليه تناقض،‏<br />

<br />

فدل على تساويه مع المطيع في استباحة الرخص.‏ )1098(<br />

وأجيب عن ذلك :<br />

بأنه ال تعارض وال تناقض بين منعه من الترخص ولو أوشك على الهالك وبين وجوب حفظ نفسه عند ذلك باألكل،‏ ألنه قادر على<br />

استباحته بالتوبة.‏ كما أن المحدث إذا دخل وقت الصالة يخاطب بها وجوباً‏ مع تحريم الصالة عليه قبل الطهارة وال تعارض ألنه قادر<br />

على أدائها بطهارة.‏ )1099(<br />

) 1090 (<br />

) 1091 (<br />

) 1092 (<br />

) 1093 (<br />

املصدر السابق.‏<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )111/24(.<br />

ينظر:‏ احلاوي،‏ للماوردي )388/2(.<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )128/1(.<br />

( 1094 ) ص ( 284 – 288 – 291 .)<br />

) 1095 (<br />

) 1096 (<br />

) 1097 (<br />

) 1098 (<br />

) 1099 (<br />

ينظر:‏ تفسري الفخر الرازي )21/3( و )16/6(، وحاشية الصاوي على الشرح الصغري )478/1(، وحاشية البجريمي )164/2(.<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )112/24(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية<br />

.29<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )128/1(.<br />

ينظر:‏ الوسيط،‏ للغزايل،‏ حتقيق القره داغي )865/2(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )388/1(، واجملموع،‏ للنووي )158/4(، واحلاوي،‏<br />

للماوردي )360/2( مغين احملتاج،‏ للشربيين )268/1(، واألشباه والنظائر،‏ للسيوطي،‏ ص)‏‎139‎‏(.‏


رابعاً:‏ أن نفي الترخص عن العاصي باطل قطعاً‏ باالتفاق فإنهم رخصوا للمقيم العاصي اإلفطار في رمضان عند مرضه،‏ ورخصوا<br />

له في السفر التيمم عند عدم الماء،‏ ورخصوا له في اإلقامة بالمسح يوماً‏ وليلة،‏ واألدلة ليس فيها ما <strong>يف</strong>رق بين مطيع وعاصي فبطل<br />

ذلك.‏ )1100(<br />

وأجيب عنه بما ذكر آنفاً‏ من أن معنى ال تناط الرخص بالمعاصي أن فعلها متى توقف على وجود شيء نظر فيه فإن كان تعاطيه في<br />

نفسه حراماً‏ امتنع فعل الرخصة معه وإال فال.‏ )1101(<br />

وإنما رخص للمقيم العاصي ألن اإلقامة كف والمعصية فعل يوقعه فيها بخالف السفر فهو في نفسه معصية حيث أنه فعل وحركة<br />

يتوصل بها إلى المعاصي فإذا كان كذلك فال تستباح به الرخص.‏ )1102(<br />

وأما ترخصه بالتيمم في سفره وهو عاص به فذاك لكونه عزيمة ففارق بقية الرخص.‏ )1103(<br />

خامساً:‏ ادعاء كون النصوص وردت في الصحابة وقد كانت أسفارهم مباحة فتحمل عليها يجاب عنه بأن العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص<br />

السبب.‏ فتبقى على عمومها وإطالقها.‏ )1104(<br />

وأجيب عن ذلك بإمكان تخصيصها بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة الدالة على عدم تعلق الرخص بالمعاصي وتحريم التعاون<br />

على اإلثم والعدوان.‏ )1105(<br />

سادساً:‏ القول بأن الرخص شرعت لإلعانة على تحصيل المقصد المباح يجاب عنه بالمنع فإن الشخص لو جرح نفسه فعجز عن<br />

القيام صلى قاعداً‏ والجرح معصية والحامل إذا ضربت بطنها وأسقطت جنينها سقطت عنها الصالة مدة النفاس والضرب<br />

معصية.‏ )1106(<br />

وأجيب عن ذلك بأن جواز القعود في الصالة متعلق بالعجز عن القيام وهو في ذاته غير معصية وإنما تولد عن معصية وكذا الصالة<br />

إنما سقطت عن الحامل لوجود النفاس وهو في ذاته غير معصية وإنما تولد عن معصية وهذان يختلفان عن سفر المعصية ألنه في<br />

ذاته معصية ألن حركات المسافر معاقب عليها فلم يجز أن تجلب التخف<strong>يف</strong> والترخص.‏ )1107(<br />

ونوقشت أدلة القول الثالث:‏<br />

فالنبي صلى في كل أسفاره ركعتين ولم ينقل عنه أنه خص سفراً‏ من<br />

بأنه يرد عليها ما تقدم ذكره في مناقشة القول الثاني )1108(<br />

سفر مع علمه بأن السفر منه ما هو محرم ومباح فلو كان ذلك مختصاً‏ بنوع منه لكان بيانه من الواجبات ولو بين لنقل،‏ وقد كان<br />

الصحابة ومن بعدهم من سلف األمة إلى يومنا هذا يترخصون في أسفارهم وليست كلها واجبة أو مندوبة.‏ )1109(<br />

الترجيح :<br />

تبين مما تقدم قوة أدلة القول األول والثاني وضعف أدلة القول الثالث في مواجهتها،‏ والذي يظهر ‏–والعلم عند هللا-‏ هو رجحان القول<br />

األول لموافقة أدلتهم للقواعد الشرعية في حمل النصوص عند عدم المخصص والمقيد على العموم واإلطالق ، وألن بيان مثل هذا<br />

منع العاصي من الترخص-‏ من أهم المهمات لشدة الحاجة إليه وعموم البلوى والسكوت في معرض الحاجة بيان وقد رجح أكثر<br />

المفسرين حمل الباغي والعادي على كونه في األكل وهو المناسب لسياق اآلية ولو كان األمر كذلك في السفر لنص عليه في آيات<br />

الرخص األخرى فكانت هذه من القرائن التي تؤيد العمل على هذا المعنى.‏<br />

واستعانة العاصي بسفره على معصيته بالرخص ال يقتضي كونها شرعت معينة على المعصية،‏ ألن هذا حكم عام واألصل في كل<br />

مسافر من المسلمين أن يكون سفره في طاعة هللا ومن يخالف ذلك فهو شاذ ال حكم له كما أن العاصي قد يستعين بالتيمم على ذلك ولم<br />

يمنع منه وال فرق بينه وبين غيره من الرخص على الصحيح،‏<br />

فهذه رخص تفضل بها هللا تعالى ولم يخص بها المطيع من عباده دون العصاة وذاك لعظيم كرمه وسعة رحمته وإمهاله لعباده فال<br />

نضيق واسعاً‏ على أنه قد يترجح في بعض األحوال واألزمنة القول بالمنع من الترخص بسفر المعصية من باب السياسة الشرعية<br />

لتحصيل المصالح ودرء المفاسد كما هو الحال في سفر كثير من المسلمين للسياحة في بالد الكفر وارتكاب المعاصي بذلك.‏<br />

فتكون الفتيا في مثل ذلك بحسب األحوال واألشخاص نظراً‏ لقوة الخالف في المسألة ووجاهة األدلة من الفريقين،‏ فإذا انضم إلى<br />

أحدهما ما يعضده مما يدخل في السياسة الشرعية ويتحقق به خير األمة وصالحها كان أقوى.‏<br />

–<br />

) 1100 (<br />

) 1101 (<br />

) 1102 (<br />

) 1103 (<br />

) 1104 (<br />

) 1105 (<br />

) 1106 (<br />

) 1107 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )256/2(.<br />

تقدم ص)‏<br />

.) 291<br />

ينظر:‏ األشباه والنظائر،‏ للسيوطي )140(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة،‏ )116/3(. وكون التيمم عزمية أو رخصة مسألة خالفية.‏<br />

ينظر:‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه املقارن،‏ جملموعة علماء،‏ قصر الصالة،‏ لشبري،‏ ص‎108‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ احلاوي ، للماوردي )389/2(.<br />

املصدر السابق ، بتصرف..‏<br />

( 1108 ) ص ( 293 .)<br />

) 1109 (<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )109/24(.


:<br />

-1<br />

-2<br />

والترفيه والفرجة ولم يتضمن ما يخرجه عن حيز اإلباحة فهل له أن يترخص فيه أم ال؟<br />

وإذا كان السفر للسياحة بغرض النزهة )1110(<br />

ال؟ خالف بين أهل العلم في ذلك على قولين:‏<br />

األول:‏ أنه يترخص في سفر النزهة والفرجة وهو أحد الوجهين عند الشافعية ورواية عند الحنابلة واختاره ابن قدامة وشيخ <strong>اإلسالم</strong><br />

ابن تيمية وكثير من المعاصرين كابن باز وابن عثيمين وبه أفتت اللجنة الدائمة )1111(<br />

الثاني:‏ أنه ال يترخص في سفر النزهة إذا كانت هي الحامل له على السفر بمجردها وهذا قول الجمهور من المالكية والشافعية<br />

والحنابلة.‏ )1112(<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول بما يأتي<br />

أن هذا سفر مباح فيدخل في عموم النصوص الواردة في الترخص،‏ ولم يرد ما يخرجه منها.‏ )1113(<br />

القياس على سفر التجارة بجامع اإلباحة في كل منهما وكالهما غرض صحيح.‏ )1114(<br />

واستدل أصحاب القول الثاني :<br />

بأن النزهة بمجردها ليست غرضاً‏ صحيحاً‏ وإنما هي لهو بال مصلحة وال حاجة )1115( ، قال أحمد:‏ ‏"إذا خرج الرجل إلى بعض البلدان<br />

تنزهاً‏ وتلذذاً،‏ وليس في طلب حديث وال حج وال عمرة وال تجارة فإنه ال يقصر الصالة ألنه إنما شرع إعانة على تحصيل المصلحة<br />

وال مصلحة في هذا".‏ )1116(<br />

المناقشة والترجيح :<br />

‏"إذ هو إزالة الكدورة النفسية برؤية مستحسن<br />

يجاب عن تعليل أصحاب القول الثاني بالمنع فالتنزه غرض صحيح مقصود )1117(<br />

من الكالم على حاجة الناس إلى <strong>السياحة</strong><br />

وفيه إزالة لهموم الدنيا،‏ واألصل فيه اإلباحة وما تقدم ذكره )1119(<br />

يشغلها عنها"‏ )1118(<br />

) 1110 (<br />

) 1111 (<br />

) 1112 (<br />

) 1113 (<br />

) 1114 (<br />

) 1115 (<br />

) 1116 (<br />

النزهة اسم من التنزه وهو التباعد ومكان نَزِّهٌ‏ ونَزِّيْهٌ‏ وأرض نَزِّهَةٌ‏ وَنَزِّيهَةٌ‏ بعيدة عن الر<strong>يف</strong> وعمق املياه ومن البحار وفساد اهلوى وتنزه<br />

الرجل:‏ تباعد عن كل مكروه فهو نزيه،‏ وقيل أبن استعمال التنزه <strong>يف</strong> اخلروج للبساتني واخلضر والرايض غلط قبيح،‏ واألقرب أن يقال أبنه<br />

استعمال جمازي لعالقة اللزوم فإنه يلزم من اخلروج للبساتني البعد عن الر<strong>يف</strong> والقرى ومن البحار،‏ وفيه انبساط للنفس وإزالة للهموم<br />

واملنغصات ، ينظر:‏ حاشية اجلمل )597/1(، وغمز عيون البصائر،‏ للحموي )72/1( وذكر ابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )485/1(<br />

أبن من مقاصد السفر:‏ خوف املرض <strong>يف</strong> البالد الومخة واخلروج منها إىل األرض النزهة وقد أذن النيب للرعاة حني استومخوا املدينة أن<br />

يتنزهوا إىل املسرح فيكونوا فيه حىت يصحوا،‏ وهذا استعمال جمازي و<strong>يف</strong> هذا إشارة لغرض أغراض <strong>السياحة</strong> وهو االستشفاء وسيأيت بيانه<br />

حبول هللا وقوته.‏<br />

وهو ظاهر كالم اخلرقي ‏،ينظر:‏ مواهب اجلليل ، للحطاب،‏ )486/2( وأحكام القرآن،‏ البن العريب،‏ )487/1(، وحتفة احملتاج،‏ البن<br />

حجر اهليثمي )431/7(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )164-163/6(، وشرح البهجة ، لألنصاري )78/4(، والوسيط،‏ للغزايل<br />

)865/2(، واجملموع،‏ للنووي )158/4( واإلقناع،‏ للحجاوي )275/1( ، وكشاف القناع،‏ للبهويت )601-598/1(، واملغين،‏ البن<br />

قدامة )117/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )42/5(، وجمموع فتاوى ابن تيمية،‏ مجع ابن قاسم )108/24(، وفتاوى <strong>يف</strong><br />

أحكام قصر ومع الصالة،‏ البن ‏َبز،‏ ص)‏‎40-46‎‏(،‏ وجمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ للطيار وأمحد بن ‏َبز،‏ )470/2(، وفتاوى اللجنة الدائمة<br />

للبحوث العلمية واالفتاء ، مجع الدويش )96-91/8(، حيث جاء فيها:‏ ‏"إذا كانت املسافة مسافة قصر جاز الفطر والقصر واجلمع<br />

ولو كان السفر للسياحة لعموم األدلة"‏ وينظر:‏ فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت،‏ البن عثيمني،‏ ص )64-63( واملفيد،‏ البن<br />

جربين ، ص)‏‎50‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ املدونة،‏ لإلمام مالك )207/1 وما بعدها(،‏ والتاج واإلكليل،‏ للمواق )488-487/2(، وحاشية الصاوي )478/1(<br />

والوسيط،‏ للغزايل )865/2( واجملموع،‏ للنووي )158/4(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )164-163/6(، وشرح البهجة،‏ لألنصاري<br />

)78/4(، حتفة احملتاج،‏ البن حجر اهليثمي )431/7( ، حاشية البجريمي )313/3(، واملغين،‏ البن قدامة )117/3(، واإلقناع،‏<br />

للحجاوي )275/1(، والفروع،‏ البن مفلح )83/3(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ )42/5(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامه )117/3(، بتصرف،‏ واملصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وهناية احملتاج،‏ للرملي )137/6(.<br />

املغين،‏ البن قدامة )117/3(.


الترفيهية وتأصيل ذلك شرعاً‏ يؤيد هذا ويدعمه ثم إن المانعين أجازوا الترخص لمن كان في سفر نزهة إذا لم تكن النزهة حاملة على<br />

أصل السفر بل الحامل عليه عليه غيره كالتجارة مثالً‏ أو التنزه إلزالة مرض ونحوه أو كانت حاملة على العدول إلى سفر طويل ال<br />

على أصل السفر فإنه يترخص عندئذ )1120(<br />

وإنما قصروا المنع على ما لو كانت النزهة هي الحاملة على أصل السفر ويظهر من كالمهم أنهم قاسوا سفر النزهة على سفر الهائم<br />

في كونه اتعاب للنفس والدابة بال غرض صحيح وهذا حرام فيكون معصية من هذا الجانب لإلسراف وإضاعة الوقت وهما محرمان.‏<br />

ويدل على هذا قوله في نهاية المحتاج:‏ ‏"قوله ولو سفر نزهة صريح في أن الهائم عاص بسفره"‏ )1121(<br />

وفي الفروع:‏ ‏"في سفر النزهة قال أهل العلم:‏ ال يحل أن يتعب دابته ونفسه بال غرض صحيح"‏ )1122(<br />

لكنه قياس مع الفارق فالتنزه غرض صحيح مقصود كما تقدم واألصل فيه اإلباحة أما الهائم فال غرض له فكان إتعاباً‏ لنفسه ولدابته<br />

بال مصلحة فحرم وقاس بعضهم سفر النزهة على السفر لمجرد رؤية البالد كما قال في المجموع:‏ ‏"مما يلحق بسفر المعصية أن<br />

يتعب نفسه ويعذب دابته بالركض لغير غرض..‏ وهو حرام ولو انتقل من بلد إلى بلد بال غرض صحيح لم يترخص قال الشيخ أبو محمد:‏<br />

السفر لمجرد رؤية البالد ليس بغرض صحيح فال يترخص له"‏ )1123(<br />

وهذا مردود بأن السفر لمجرد رؤية البالد إما أن يكون بقصد النزهة فهو غرض صحيح مباح كما تقدم أو بقصد االعتبار واالتعاظ<br />

وهو غرض صحيح مشروع مندوب إليه كما تقدم في أول البحث )1124( ، فال دليل على كونه مانعاً‏ من الترخص.‏<br />

وبهذا يترجح القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من المناقشة والجواب عن أدلة المخالفين ولما ترجح في المسألة السابقة ‏)الترخص<br />

في سفر المعصية(‏ )1125( ، ويؤيد هذا عموم األدلة وإطالقها وقواعد الشريعة في أن األصل في العادات اإلباحة حتى يرد دليل التحريم<br />

ويسر الشريعة وسماحتها كما في قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

وقوله:‏ <br />

)1126(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1127(<br />

<br />

<br />

<br />

وإنما يحرم سفر النزهة أو يكره لما قد يشتمل عليه من منكرات أو فتن في المكان المقصود وحينئذ يكون سفر معصية.‏ )1128(<br />

وكذا لو كان سفره لغير قصد لما في ذلك من إضاعة وقته وماله من غير فائدة وهو منهي عن ذلك ومسؤول عنه يوم القيامة.‏ )1129(<br />

) 1117 (<br />

) 1118 (<br />

ينظر:‏ حاشية اجلمل )598/1(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

( 1119 ) ص ( 80 ) .<br />

) 1120 (<br />

) 1121 (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة <strong>يف</strong> اهلامش (<br />

) 3 ص ( 299 ) .<br />

)159/6(، وحنوه <strong>يف</strong> حاشية البجريمي )164/2( وبني أبن وجه اإلحلاق أن الغرض الذي محله على السفر ليس معصية لكنه صريه<br />

معصية من حيث أتعاب الدابة <strong>يف</strong> السري بال غرض،‏ وهذا ليس من املعصية <strong>يف</strong> السفر ألن السري نفسه حمرم اآلن فيلتحق ‏َبلسفر الذي<br />

سببه معصية.‏ وإذا انتفى أتعاب الدابة <strong>يف</strong> زماننا لتطور وسائل النقل وهي من اجلمادات فيبقى أن <strong>يف</strong> ذلك أتعاب لنفسه وتبذير ملاله<br />

وإضاعة لوقته من غري غرض صحيح.‏<br />

) 1122 (<br />

.)158/4( ) 1123 (<br />

‏)‏‎80/3‎‏-وما بعدها(.‏<br />

( 1124 ) ص ( 80 )<br />

وسيأيت مزيد تفصيل ص<br />

. 343<br />

( 1125 ) ص ( 298 ) .<br />

) 1126 (<br />

) 1127 (<br />

) 1128 (<br />

) 1129 (<br />

سورة<br />

احلج،‏ اآلية،‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية،‏<br />

. 78<br />

. 185<br />

فيجري فيه اخلالف املتقدم <strong>يف</strong> املسألة السابقة.‏<br />

ولعل بعض املانعني جعل سفر النزهة مقيساً‏ على هذا فهو إتعاب للنفس والدابة بال فائدة وانتفى شرط القصد فيه وسفر النزهة كذلك ألن<br />

القصد غري املشروع كعدمه.‏ قال <strong>يف</strong> اإلقناع:‏ ‏"ال قصر هلائم واتئه وسائح ال يقصد مكاانً‏ معيناً‏ و<strong>السياحة</strong> لغري موضع معني مكروهة و<strong>السياحة</strong><br />

املذكورة <strong>يف</strong> القرآن غري هذه"‏ )275/1(، و<strong>يف</strong> املقنع واإلنصاف )42/5(: ‏)أو سائحاً‏ <strong>يف</strong> األرض ال يقصد مكاانً،‏ مل يبح له القصر،‏ ألنه سافر<br />

سفراً‏ طويالً‏ ولنا أنه مل يقصد مسافة القصر فلم يبح له كابتداء سفره وألنه سفر مل يبح القصر <strong>يف</strong> ابتدائه فلم يبح <strong>يف</strong> أثنائه"،‏ وما ذكروه متجه بناء<br />

على اشرتاط القصد للرتخص كما تقدم لكن سفر النزهة ليس من هذا القبيل وال يصح قياسه على <strong>السياحة</strong> هبذا املعىن املرادف للتائه ألن سفر<br />

النزهة غرض مقصود صحيح وليس من املعصية <strong>يف</strong> ذاته فيصح الرتخص فيه خبالف ما ذكروه.‏


-1<br />

المسألة الثالثة:‏ أنواع الرخص الشرعية في سفر <strong>السياحة</strong> :<br />

وسأقتصر في ذلك ‏–بحول هللا تعالى-‏ على تعدادها مع بيان أدلة مشروعية كل نوع منها دون الخوض في التفاصيل والمسائل<br />

والشروط المتعلقة بكل نوع لطول ذلك ولكونه أشبع بحثاً‏ في كتب ورسائل منفصلة ومتخصصة بأحكام السفر،‏ وهذه األنواع هي :<br />

وسيأتي بيان صفته في حديث<br />

التيمم للمسافر عند فقده للماء أو عجزه عن استعماله وهو من خصائص أمة محمد )1130( <br />

عمار وقد دل على مشروعيته الكتاب والسنة واإلجماع فمن الكتاب:‏ قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

)1131( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

–<br />

فدلت على مشروعية التيمم للمسافر إذا فقد الماء وللمرض العاجز عن استعماله.‏<br />

ومن السنة :<br />

: ‏))أعطيت خمساً‏ لم يعطهن أحد من األنبياء قبلي وذكر منها وجعلت لي األرض مسجداً‏ وطهوراً((‏ )1132(<br />

في سفر لرجل اعتزل فلم يصل معهم:‏ ‏))ما منعك يا فالن أن تصلي مع القوم((‏ قال:‏ أصابتني جنابة وال ماء ، قال:‏ ‏))عليك<br />

بالصعيد فإنه يكفيك((‏ )1133(<br />

وقال عمار:‏ ‏"بعثني النبي في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي فذكرت ذلك له،‏<br />

فقال:‏ ‏))إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه األرض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه<br />

–<br />

قوله <br />

وقال <br />

ووجهه((‏ )1134(<br />

واألحاديث في هذا كثيرة،‏ وهي متفقة في الداللة على مشروعية التيمم لفاقد الماء وأن ذلك من خصائص هذه األمة.‏<br />

وغيرهم.‏<br />

واإلجماع على مشروعيته حكاه ابن عبد البر والنووي وابن قدامة )1135(<br />

<br />

-2<br />

المسح على الخفين ثالثة أيام ولياليهن<br />

ودل على مشروعيته من الكتاب قوله تعالى:‏ <br />

وأرجلكم والشاهد قوله:‏ )1136( <br />

<br />

فقد<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

جاء فيها قراءتان سبعيتان صحيحتان عنه : إحداهما بالنصب فتكون عطفاً‏ على وجوهكم وتكون الرجالن مغسولتان،‏ والثانية<br />

وبينت السنة بأن الرجالن إذا كشفت غسلت وإذا سترت بالخفاف<br />

بالجر فيكون العطف على الرأس فتكون الرجالن ممسوحتان )1137(<br />

مسح عليهما في المدة المحددة )1138(<br />

( 1130 ‏(كما دل<br />

) 1131 (<br />

) 1132 (<br />

) 1133 (<br />

)1134(<br />

على ذلك حديث جابر وسيأيت بيانه <strong>يف</strong> الصفحة التالية .<br />

سورة النساء اآلية )43(.<br />

متفق عليه من حديث جابر بن عبدهللا مرفوعاً،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصالة ‏َبب جعلت يل األرض مسجداً‏ وطهوراً،‏ )37(،<br />

رقم )438(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساجد ومواضع الصالة . )759( رقم )521(.<br />

متفق عليه من حديث عمران بن حصني رضي هللا عنه،‏ وقد أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التيمم،‏ ‏َبب الصعيد الطيب وضوء املسلم<br />

)29(، رقم )344( ، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب املساجد،‏ ‏َبب قضاء الصالة الفائتة )785(، رقم )682(.<br />

ص‎736‎<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التيمم ‏َبب التيمم ضربة،‏ ص‎30‎<br />

، رقم 347<br />

، رقم . 368<br />

( 1135 ) والقرطيب ،<br />

، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ‏َبب التيمم،‏<br />

ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب )582/3(، وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )237/3(، واجملموع،‏<br />

للنووي )165/2(، واملغين،‏ البن قدامة )310/1(، واإلمجاع،‏ البن املنذر ص 34-33، وتقدمت ترمجة النووي<br />

وابن قدامه<br />

25 وابن عبد الرب 37<br />

.106<br />

) 1136 (<br />

) 1137 (<br />

سورة املائدة ، اآلية<br />

.6<br />

) 1138 (<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للقرطيب )237/3(، والبن العريب )448/1(، واحملرر الوجيز،‏ البن عطية )369/4(، وتفسري ابن جرير<br />

الطربي )126/6( وتفسري ابن كثري )34/2(، وزاد املسري،‏ البن اجلوزي )301/2(، وأضواء البيان،‏ للشنقيطي )15/2(.<br />

املصادر السابقة.‏


فعلى قراءة الجر يكون العطف على الرأس ويتعين المسح حال لبس الخفين ألنه لم ينقل عنه أنه مسح عليهما من غير حائل بل<br />

أنكر على من أبقى جزءاً‏ من قدمه لم يصله الماء فقال:‏ ‏))ويل لألعقاب من النار((‏ )1139(<br />

ومن السنة وردت أخبار كثيرة في ذلك حتى إن الحسن قال:‏ ‏"حدثني سبعون من أصحاب رسول هللا أن رسول هللا مسح على<br />

الخفين"،‏ وقال شارح العقيدة الطحاوية:‏ ‏"تواترت السنة عن رسول هللا بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين،‏ والرافضة تخالف<br />

، وقال أبو حن<strong>يف</strong>ة ‏–رحمه هللا-‏ ‏"ما قلت بالمسح على الخفين حتى وردت فيه آثار أضوأ من الشمس"‏ وقال:‏<br />

هذه السنة المتواترة"‏ )1140(<br />

‏"من أنكر المسح على الخفين يخاف عليه الكفر".‏ )1141(<br />

ومن تلك اآلثار :<br />

حديث المغيرة بن شعبة رضي هللا عنه حين قال:‏ كنت مع النبي في سفر فأهويت ألنزع خفيه فقال:‏ ‏))دعهما فإني أدخلتهما<br />

فمسح عليهما .<br />

ولما صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه قال له عمر:‏ لقد صنعت اليوم شيئاً‏ لم تكن تصنعه.‏ فقال:‏ ‏))عمداً‏<br />

صنعته يا عمر((‏ )1143(<br />

وقال شريح بن هانئ:‏ أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت:‏ عليك بابن أبي طالب فسله،‏ فإنه كان يسافر مع رسول هللا <br />

فسألناه فقال:‏ ‏"جعل رسول هللا ثالثة أيام ولياليهن للمسافر،‏ ويوماً‏ وليلة للمقيم"‏ )1144(<br />

واآلثار في هذا من قوله وفعله تؤكد مشروعية هذا األمر .<br />

ومن اإلجماع ما حكاه ابن عبد البر:‏ ‏"ال أعلم أحداً‏ من الصحابة جاء عنه إنكار المسح على الخفين ممن ال يختلف عليه فيه إال<br />

عائشة".‏ )1145(<br />

وقال في موضع آخر:‏ ‏"إال عن ابن عباس وعائشة وأبي هريرة فأما ابن عباس وأبو هريرة فقد جاء عنهما باألسانيد الصحاح خالف<br />

ذلك وموافقة لسائر الصحابة … وكذلك ال أعلم أحداً‏ من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار ذلك إال مالكاً‏ والروايات الصحاح عنه<br />

بخالف ذلك وموطأه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر وعلى ذلك جميع أصحابه وجماعة أهل السنة"‏ ، وقال ابن قدامة:‏<br />

‏"المسح جائز عند عامة أهل العلم"‏ )1146(<br />

وورد أن جرير بن عبدهللا بال ثم توضأ ومسح على خفيه،‏ ثم قام فصلى فسئل؟ فقال:‏ ‏"رأيت النبي صنع مثل هذا"‏ فكان أصحاب<br />

عبدهللا يعجبهم هذا الحديث ألن إسالم جرير كان بعد نزول المائدة"‏ )1147(<br />

واآلثار عن النبي وأصحابه رضوان هللا عيهم تؤكد مشروعية المسح وأما ما ورد عن عائشة ففي حديث شريح السابق ما يدل<br />

على جهلها بذلك وليس من جهل شيئاً‏ كمن علمه ولذا أحالت السائل إلى علي رضي هللا عنه وأما ما ورد عن ابن عباس وأبي هريرة<br />

رضي هللا عنهما فقد بين ابن عبد البر مخالفتهما له وموافقتهما لعامة الصحابة في ذلك،‏ وليس الموقوف أقوى من المرفوع وأقوال الصحابة إذا<br />

تعارضت لم يبق فيها حجة مع عدم المرجح فتبقى الحجة في ما ورد مرفوعاً‏ عنه وهو أعظم مرجح للقائلين بالمسح من الصحابة.‏ )1148(<br />

طاهرتين((‏ )1142(<br />

-3<br />

قصر الصالة الرباعية ودل على مشروعيته للمسافر من الكتاب قوله سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1149( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

) 1139 (<br />

) 1140 (<br />

) 1141 (<br />

) 1142 (<br />

) 1143 (<br />

) 1144 (<br />

) 1145 (<br />

متفق عليه ، أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب العلم،‏ ‏َبب من رفع صوته ‏َبلعلم،‏ )7(، رقم )60(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ‏َبب وجوب<br />

غسل الرجلني بكماهلما )721(، رقم )240(.<br />

شرح العقيدة الطحاوية،‏ البن أيب العز،‏ حتقيق الرتكي وشعيب األرانؤوط،‏ ص)‏‎555-551‎‏(.‏<br />

تبني احلقائق ، للزيلعي )46/1(.<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوضوء،‏ ‏َبب إذا أدخل رجليه طاهرتني )19( ، رقم )206(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ‏َبب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد )725( رقم )277(.<br />

سبق ترجيه وترمجة شريح،‏ ص)‏<br />

.) 253<br />

االستذكار ، البن عبد الرب )226-213/1( وفتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب ‏)‏‎257/3‎‏(،و حكاه ابن املنذر عن<br />

ابن املبارك قال:‏ ‏"ليس <strong>يف</strong> املسح على اخلفني اختالف إنه جائز"،‏ ينظر:‏ اإلمجاع البن املنذر )33( ونقله ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )359/1(<br />

، وتقدمت ترمجة ابن عبدالرب ص<br />

.25<br />

) 1146 (<br />

) 1147 (<br />

) 1148 (<br />

) 1149 (<br />

املغين،‏ البن قدامة )359/1(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ‏َبب املسح على اخلفني،‏ )724( رقم )272(.<br />

ينظر:‏ االستذكار ، البن عبد الرب )213/1(، وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هاشم انقور،‏ ص‎79‎ وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية )101(.


ومن السنة قول يعلى بن أمية لعمر بن الخطاب رضي هللا عنهما بعد ذكره لهذه اآلية،‏ قال:‏ قلت فقد أمن الناس؟ فقال عمر:‏ عجبت<br />

مما عجبت منه فسألت رسول هللا عن<br />

ذلك فقال:‏ ‏))صدقة تصدق هللا بها عليكم فاقبلوا صدقته((‏ )1150(<br />

وعن عائشة رضي هللا عنها قالت:‏ ‏"فرضت الصالة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر،‏ فأقرت صالة السفر وزيد في صالة<br />

الحضر"‏ )1151(<br />

وعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال:‏ ‏"فرض هللا الصالة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً،‏ وفي السفر ركعتين،‏ وفي الخوف<br />

ركعة"‏ )1152(<br />

وعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال:‏ ‏"صحبت رسول هللا في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا،‏ وصحبت أبا بكر فلم<br />

يزد على ركعتين حتى قبضه هللا وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه هللا،‏ ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى<br />

قبضه هللا،‏ وقد قال هللا تعالى:‏ <br />

اآلية )1153(<br />

<br />

<br />

<br />

، ولمسلم عنه <br />

<br />

<br />

<br />

-4<br />

وتواترت األخبار أن رسول هللا كان يقصر في أسفاره حاجاً‏ ومعتمراً‏ وغازياً)‏‎1154‎‏(‏<br />

وأما اإلجماع على مشروعية القصر في السفر وأن ذلك ال يشمل الفجر والمغرب وإنما يختص بالرباعية فقد نقله ابن عبد البر<br />

والنووي وابن قدامة وغيرهم.‏ )1155(<br />

وقال ابن قدامة:‏ ‏"أجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً‏ تقصر في مثله الصالة في حج أو عمرة أو جهاد أن له أن يقصر الرباعية<br />

فيصليها ركعتين"‏ )1156(<br />

الجمع بين الصالتين ‏)الظهرين والعشائين(‏ في وقت أحدهما وقد دل على مشروعيته من السنة فعله في حجة الوداع فقد جمع<br />

بين الظهر والعصر بعرفة كما في حديث جابر الطويل وفيه ‏))ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما<br />

شيئاً((‏ )1157(<br />

وحديث أنس بن مالك رضي هللا عنه قال:‏ ‏))كان النبي إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم يجمع<br />

أنه كان إذا عجل عليه السير يؤخر الظهر إلى وقت العصر فيجمع<br />

بينهما وإذا زاغت صلى الظهر ثم ركب((‏ )1158(<br />

بينهما،‏ ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حين يغيب الشفق((‏ )1159(<br />

وعن معاذ رضي هللا عنه:‏ ‏))أن النبي كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس آخر الظهر حتى يجمعهما إلى العصر<br />

يصليهما جميعاً‏ وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً‏ ثم سار،‏ وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى<br />

يصليها مع العشاء،‏ وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصالها مع المغرب((‏ )1160(<br />

وعن ابن عمر رضي هللا عنهما ‏))أنه استغيث على بعض أهله فجد به السير فأخر المغرب حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما ثم<br />

أخبرهم أن رسول هللا كان <strong>يف</strong>عل ذلك إذا جد به السير((‏ )1161(<br />

) 1150 (<br />

) 1151 (<br />

) 1152 (<br />

) 1153 (<br />

) 1154 (<br />

) 1155 (<br />

أخرجه مسلم،‏ كتاب صالة املسافرين،‏ ‏َبب صالة املسافرين،‏ ص )785( رقم )686(، ويعلى بن أمية تقدمت ترمجته ص<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.255<br />

. ) 249<br />

.) 249<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> املوضع املتقدم برقم )689(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )104/3(.<br />

وابن املنذر ، ينظر فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي للتمهيد ‏)‏‎414/5‎‏(واجملموع،‏ للنووي )147/4(، واملغين البن قدامة )104/3(،<br />

اإلمجاع،‏ البن املنذر )39 و(‏ املوسوعة الكويتية )35/25(، وسبقت ترامجهم ص<br />

.106-37-25<br />

) 1156 (<br />

) 1157 (<br />

) 1158 (<br />

املغين،‏ البن قدامة )104/3(.<br />

أخرجه مسلم ، كتاب احلج،‏ ‏َبب حجة النيب <br />

، ص‎880‎ ، رقم . 1218<br />

متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة )87( رقم )1111( ، و )1112(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين<br />

ص)‏‎788‎‏(‏ رقم )704( .<br />

( 1159 ‏(كتاب صالة املسافرين ص )788( رقم )704(.<br />

) 1160 (<br />

) 1161 (<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب اجلمع بني الصالتني،‏ )1313( ، رقم )1220(، والرتمذي <strong>يف</strong> أبواب السفر،‏ ‏َبب ما جاء<br />

<strong>يف</strong> اجلمع بني الصالتني )1699(، رقم )551(، وقال أبو داود:‏ ‏"مل يرو هذا احلديث إال قتيبه وحده"،‏ وقال الرتمذي:‏ ‏"حسن غريب<br />

تفرد به قتيبة ال نعرف أحداً‏ روى عن الليث غريه … واملعروف عند أهل العلم حديث معاذ أن النيب مجع بني الظهر والعصر واملغرب<br />

والعشاء"‏<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> أبواب السفر،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> اجلمع بني الصالتني )1699(، رقم )552(، وقال:‏ ‏"حديث حسن صحيح".‏


فدلت هذه األحاديث بظاهرها وعمومها على مشروعية الجمع في السفر مطلقاً،‏ وقال ابن قدامة:‏ ‏"الجمع بين الصالتين في السفر في<br />

وقت إحداهما جائز في قول أكثر أهل العلم."‏ )1162(<br />

وقد اتفق العلماء على أن الجمع بين الظهر والعصر في يوم عرفة تقديماً‏ والجمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة تأخيراً‏ سنة<br />

واختلفوا في جواز الجمع بين الصالتين في السفر في غير هذين الموضعين )1163(<br />

ويرجع ذلك إلى اختالفهم في تأويل اآلثار المروية في الجمع واالستدالل بها على جوازه لكونها أفعال ال أقوال فيتطرق إليها<br />

االحتمال أكثر من األقوال وكذا اختالفهم في تصحيح بعض اآلثار الواردة في الجمع وفي إجازة القياس في ذلك.‏ )1164(<br />

المصطفى <br />

-5<br />

التنفل على الراحلة<br />

فإن كانت فريضة فال تجوز إال لعذر على الصحيح من أقوال أهل العلم )1165(<br />

ويدل لذلك من الكتاب قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1166( <br />

فاألصل أن تؤدى قياماً‏ على األرض واستثنى من ذلك حالة وجود العذر كالخوف فيجوز حينئذ الصالة راجالً‏ أو راكباً‏ راحلته للعذر.‏<br />

لقوله سبحانه:‏<br />

وال بد من استقبال القبلة في الفريضة إال إذا تعذر ذلك لشدة الخوف خاصة،‏ وأما النافلة فال يلزم استقبالها )1167(<br />

<br />

فكان إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعاً‏<br />

)1168( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويومئ برأسه نحو المدينة )1169(<br />

ومن السنة قول ابن عمر رضي هللا عنهما:‏ ‏))كان النبي يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماء<br />

صالة الليل إال الفرائض ويوتر على راحلته((‏ )1170(<br />

وعن جابر بن عبدهللا:‏ ‏))أن النبي كان يصلي على راحلته نحو المشرق فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل<br />

القبلة((‏ )1171(<br />

ومن اإلجماع ما نقله ابن عبد البر والباجي وابن بطال والنووي وابن قدامة على جواز صالة الفريضة على الراحلة<br />

لعذر وأما من غير عذر فال وإن كانت تطوعاً‏ جازت بإطالق )1172(<br />

( 1162 ‏(وممن روى عنه ذلك سعيد بن زيد وأسامة ومعاذ ابن جبل وأبو موسى وابن عباس وابن عمر وبه قال:‏ طاوس وجماهد،‏ وعكرمة ومالك<br />

والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن املنذر،‏ ينظر:‏ املغين،البن قدامه<br />

.)127/3(<br />

) 1163 (<br />

) 1164 (<br />

) 1165 (<br />

) 1166 (<br />

) 1167 (<br />

) 1168 (<br />

ينظر:‏ السنن الكربى للبيهقي )234-159/3( وبداية اجملتهد البن رشد )241-240/1(، واملغين،‏ البن قدامة )127/3(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )241/1(<br />

ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم )69/2(، بدائع الصنائع،‏ للكاساين )491/1(، حاشية ابن عابدين )486/2(، مواهب اجلليل،‏<br />

للحطاب )196/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )123/1( والقوانني الفقهية،‏ البن جزي )41(، والوسيط،‏ للغزايل )864/2(،<br />

وروضة الطالبني للنووي )211/1(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )142/1(، واملغين،‏ البن قدامة )155/3(، واملقنع مع الشرح الكبري<br />

واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج بن قدامة واملرداوي )79/5(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلايت<br />

.239-238<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وأحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هلاشم انقور،‏ ص‎130-127‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

2958<br />

.115<br />

( 1169 ) كما قال ابن عمر رضي هللا عنهما،‏ ينظر:‏ سنن الرتمذي ‏َبب من سورة البقرة رقم<br />

خزمية )253/2( وسنن الدار قطين ‎22/2‎كتاب الوتر.‏<br />

) 1170 (<br />

) 1171 (<br />

تفسري الطربي )503/1(، وصحيح ابن<br />

متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوتر،‏ ‏َبب الوتر <strong>يف</strong> السفر،‏ )78(، رقم )1000(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافرين،‏ ‏َبب<br />

جواز صالة النافلة على الدابة <strong>يف</strong> السفر حيث توجهت،‏ )787(، رقم )700(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة ، ‏َبب ينزل للمكتوبة )86( ، رقم )1099(.


ومن األعذار المبيحة ألداء صالة الفريضة على الراحلة في هذا العصر خوف خروج الوقت لركاب الطائرات<br />

والقطارات ونحوها من وسائل النقل الحديثة التي يتعذر النزول منها ألداء الصالة ويخشى خروج وقتها إن أخرت<br />

لطول وقت الرحلة فإن ذلك يبيح أداء الفريضة عليها للعذر<br />

.<br />

6- الفطر للصائم عند سفره<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ودل على مشروعيته من الكتاب قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-7<br />

)1173( <br />

أي فل<strong>يف</strong>طر ويقضي أياماً‏ أخر<br />

ومن السنة :<br />

قوله لما سأله رجل:‏ أأصوم في السفر،‏ وكان كثير الصيام،‏ فقال له:‏ ‏))إن شئت فصم وإن شئت فأفطر((‏ وفي رواية:‏ ‏))هي رخصة من هللا فمن أخذ بها فحسن<br />

ومن أحب أن يصوم فال جناح عليه((‏ )1174(<br />

وعن أنس بن مالك رضي هللا عنه قال:‏ ‏))كنا نسافر مع النبي فلم يعب الصائم على المفطر وال المفطر على الصائم((‏ )1175(<br />

وقال أبو سعيد الخدري نحوه وزاد:‏ ‏))يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ، ويرون أن من وجد ضعفاً‏ فأفطر فإن ذلك<br />

حسن((‏ )1176(<br />

وعنه قال:‏ ‏))سافرنا مع رسول هللا إلى مكة ونحن صيام فنزلنا منزالً‏ فقال رسول هللا : ‏))إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى<br />

لكم((،‏ فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر،‏ ثم نزلنا منزالً‏ آخر فقال:‏ ‏))إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا((‏<br />

وكانت عزمة فأفطرنا ثم قال:‏ لقد رأيتنا نصوم مع رسول هللا بعد ذلك في السفر((‏ )1177(<br />

واإلجماع نقله:‏ ابن قدامة )1178(<br />

أكل الميتة للمسافر عند االضطرار<br />

واألصل فيه :<br />

قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

)1179( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهو ظاهر الداللة في ذلك،‏ وتؤيده مقاصد الشريعة في حفظ الضرورات الخمس المتفق على حفظها بين الشرائع السماوية ومنها<br />

حفظ النفس هنا باألكل من الميتة حال االضطرار وال يختص ذلك بالسفر لكن يكثر حصوله فيه.‏<br />

وبعد بيان هذه الرخص يجدر التنبيه إلى أن هذه الكرامة والفضل الذي امتن هللا به علينا ال يمنع من األخذ بها تطور وسائل النقل<br />

والترحل والتي يندر أو ينعدم معها وجود المشقة كما كان سابقاً‏ ألن الشارع أطلق الرخصة للمسافر ولم يقيدها بنوع من المركوب<br />

وال بخشية التعب أو الجوع أو العطش )1180(<br />

) 1172 (<br />

ونقله القرطيب أيضا ‏،ينظر:‏ فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي للتمهيد )47/6(، وأحكام القرآن،‏ للقرطيب )223/2( واملنتقى،‏ للباجي<br />

)270/1(، وشرح صحيح البخاري،‏ البن بطال )89/3(، وشرح صحيح مسلم ، للنووي )217/5(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

‏)‏‎155/3‎‏(،وتقدمت ترامجهم ص<br />

. 106-37-24-153-25<br />

) 1173 (<br />

) 1174 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.185<br />

) 1175 (<br />

) 1176 (<br />

) 1177 (<br />

متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم،‏ ‏َبب الصوم <strong>يف</strong> السفر )152(، رقم )1943(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصوم ‏َبب التخيري<br />

<strong>يف</strong> الصوم والفطر <strong>يف</strong> السفر ص)‏‎858-857‎‏(،‏ رقم )107-104/1121(.<br />

متفق عليه أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصوم،‏ ‏َبب مل يعب أصحاب النيب بعضهم على بعض <strong>يف</strong> الصوم واإلفطار،‏ ص)‏‎152‎‏(‏ رقم<br />

)1947(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام،‏ ‏َبب جواز الصوم والفطر <strong>يف</strong> شهر رمضان للمسافر )857( رقم )1118(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه كتاب الصيام ‏َبب جواز الصوم والفطر <strong>يف</strong> شهر رمضان للمسافر <strong>يف</strong> غري معصية،‏ )857(، رقم )1116(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الصيام ‏َبب أجر املفطر <strong>يف</strong> السفر إذا توىل العمل )857(، رقم )1120(.<br />

( 1178 ) <strong>يف</strong> املغين )345/4(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 106<br />

) 1179 (<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

.173


قال ابن القيم رحمه هللا تعالى:‏ ‏"وأما قوله:‏ ‏"وجوز للمسافر المترفه في سفره رخصة الفطر والقصر،‏ دون المقيم المجهود الذي هو<br />

في غاية المشقة فال ريب أن الفطر والقصر يختص بالمسافر،‏ وال <strong>يف</strong>طر المقيم إال لمرض،‏ وهذا من كمال حكمة الشارع،‏ فإن السفر<br />

في نفسه قطعة من العذاب،‏ وهو في نفسه مشقة وجهد،‏ ولو كان المسافر من أرفه الناس فإنه في مشقة وجهد بحسبه،‏ فكان من رحمة<br />

هللا بعباده وبره بهم أن خفف عنهم شطر الصالة واكتفى منهم بالشطر،‏ وخفف عنهم أداء فرض الصوم في السفر،‏ واكتفى منهم بأدائه<br />

في الحضر،‏ كما شرع مثل ذلك في حق المريض والحائض،‏ فلم <strong>يف</strong>وت عليهم مصلحة العبادة بإسقاطها في السفر جملة،‏ ولم يلزمهم<br />

بها في السفر كإلزامهم في الحضر،‏ وأما اإلقامة فال موجب إلسقاط بعض الواجب فيها وال تأخيره،‏ وما يعرض فيها من المشقة<br />

والشغل فأمر ال ينضبط وال ينحصر،‏ فلو جاز لكل مشغول وكل مشقوق عليه الترخص ضاع الواجب واضمحل بالكلية،‏ وإن جوز<br />

للبعض دون البعض لم ينضبط،‏ فإنه ال وصف يضبط ما تجوز معه الرخصة وما ال تجوز،‏ بخالف السفر،‏ على أن المشقة قد علق<br />

بها من التخف<strong>يف</strong> ما يناسبها،‏ فإن كانت مشقة مرض وألم يضر به جاز معها الفطر والصالة قاعداً‏ أو على جنب وذلك نظير قصر<br />

العدد،‏ وإن كانت مشقة تعب فمصالح الدنيا واآلخرة منوطة بالتعب،‏ وال راحة لمن ال تعب له،‏ بل على قدر التعب تكون الراحة،‏<br />

فتناسبت الشريعة في أحكامها ومصالحها بحمد هللا ومنه".‏ )1181(<br />

) 1180 (<br />

) 1181 (<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش )207/10(، وجمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ للطيار وأمحد بن ‏َبز )188/3(، بتصرف.‏<br />

إعالم املوقعني عن رب العاملني )131-130/2(.


املطلب اخلامس<br />

اإلنفاق على املشاريع <strong>السياحة</strong>


املطلب اخلامس : اإلنفاق على املشاريع السياحية<br />

متهيد <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> ‏َبإلنفاق السياحي وأنواعه:‏<br />

اإلنفاق السياحي هو اإلنفاق الذي يقوم به السائحون على خمتلف السلع واخلدمات السياحية وغري<br />

السياحية خالل إقامتهم <strong>يف</strong> الدولة املض<strong>يف</strong>ة،‏ فكل إنفاق يتم داخل الدولة املض<strong>يف</strong>ة ممن يعد سائحاً‏ فهو إنفاق<br />

سياحي استهالكي .<br />

وأما اإلنفاق الذي يقوم به املستثمرون <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> من خالل إنشاء وتسويق املشاريع واملنتجات<br />

السياحية املتنوعة لتحقيق أرَبح فهو إنفاق سياحي استثماري،‏ وهو من هذا اجلانب ميثل دخالً‏ حتصل عليه<br />

فئات خمتلفة <strong>يف</strong> اجملتمع.‏<br />

)1182(<br />

وهبذا يتبني أن اإلنفاق على املشاريع السياحية على نوعني:‏ استثماري واستهالكي يدعم السوق<br />

السياحي،‏ والسوق السياحي:‏ هو عبارة جمموعة من املستثمرين الفعليني واملرتقبني الذين يدخلون <strong>يف</strong> عملية<br />

تعامل مع البائعني .<br />

ويعتمد حجم السوق على عدد األشخاص ممن لديهم حاجة مشرتكة يعرضوهنا ولديهم املال أو مواد<br />

أخرى هتم اآلخرين والذين لديهم الرغبة بعرض هذه املواد مقابل ما يريدونه.‏<br />

والبائعون يشكلون الصناعة بينما املشرتون يشكلون السوق،‏ فالبائعون يوفرون املنتجات واخلدمات <strong>يف</strong><br />

السوق ويزودون السوق ‏َبملعلومات حوهلا،‏ وَبملقابل يزود السوق البائعني ‏َبألموال واملعلومات،‏ ويقسم معظم<br />

خرباء <strong>السياحة</strong> هذا السوق إىل نوعني رئسيني :<br />

األول :<br />

السوق التجاري وهو الذي ميثل السياح الذين يسافرون ألهداف العمل كمندويب املبيعات .<br />

والثاين:‏ السوق الرتفيهي وميثل السياح الذين يسافرون ألغراض التسلية والرتفيه،‏ وكل منهما يقسم إىل<br />

عدة فئات.‏<br />

)1183(<br />

)1182(<br />

ينظر:‏ اقتصادايت <strong>السياحة</strong>،‏ نبيل الرويب،‏ ص (<br />

السياحية ابململكة حالياً‏ بنحو<br />

العربية السعودية ختطط إلنفاق<br />

69-62<br />

25<br />

مليار رايل ويتوقع أن تصل ل<br />

40<br />

1.3<br />

(، بتصرف،‏ وتشارك الدول القطاع اخلاص <strong>يف</strong> هذا اإلنفاق حيث تقدر االستثمارات<br />

مليار رايل حبلول عام ‎2010‎م وذكر األمري سلطان بن سلمان أبن اململكة<br />

مليار رايل خالل اخلمس سنوات املقبلة لتطوير صناعة <strong>السياحة</strong> وإنشاء مركز للمعلومات واألحباث والتدريب<br />

والدخول <strong>يف</strong> مشاريع مشرتكة والتخطيط ملناطق سياحية جديدة وكثري من هذه املشاريع ستقام خالل السنتني املقبلتني ويتوقع أن يكون هلذا املبلغ عائد<br />

11 إىل 6 يرتاوح بني<br />

ينظر:‏<br />

أضعاف خالل اخلمس سنوات املقبلة .<br />

www.sauditourism.gov.sa<br />

)1183(<br />

ينظر:‏ مدخل إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والطريان،‏ محيد الطائي،‏ ص ( 129<br />

) ، بتصرف.‏


.<br />

وهذا السوق يوفر للدولة مورد وعائد يدعم اقتصادها القومي،‏ ويعرف العائد السياحي أبنه : ‏"جمموع<br />

اإليرادات املتحققة للدولة جراء استضافة السياح األجانب الوافدين إليها وبيع اخلدمات السياحية هلم"‏<br />

)1184(<br />

وبناء على ما تقدم ذكره فإن اإلنفاق على املشاريع السياحية بنوعيه ال خيلو من ثالث حاالت:‏ إما أن<br />

يكون حالالً‏ حمضاً،‏ أو حراماً‏ حمضاً،‏ أو مشتبه بني احلالل واحلرام .<br />

فإذا كان اإلنفاق على املشاريع السياحية استثمارايً‏ طلباً‏ لألرَبح والعوائد فاألصل حله حىت يثبت دليل<br />

التحرمي ملا قرره مجهور الفقهاء من أن األصل <strong>يف</strong> املعامالت هو اإلَبحة حىت يقوم دليل على التحرمي فال حيرم<br />

منها إال ما حرمه هللا ورسوله . )1185(<br />

ويدل على ذلك ما يلي:‏<br />

1- أن موضوع العقود ربطها هللا تعاىل ‏َبخللق بينما العبادات ربطها ‏َبلشرع واستفاضت األدلة على<br />

<br />

<br />

<br />

عدم جعل تشريعها للخلق بل للخالق كما قال سبحانه:‏ <br />

فال يعبد سبحانه إال مبا شرع؛ ألن العبادة حقه<br />

)1186( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الذي أحقه هو ورضي به وشرعه،‏ وأما العقود واملعامالت فهي عفو حىت حيرمها ولذا قال فيها :<br />

)1187( ، فعلق مناط احلكم فيها على الرتاضي<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذا أوضح دليل على عدم ارتباطها مبا نص عليه <strong>يف</strong> الكتاب والسنة من العقود بل نص<br />

الكتاب والسنة على ردها ملا تراضى عليه الناس وهذا أبرز دليل <strong>يف</strong> التفريق بني العبادات<br />

واملعامالت والرتاضي سبب حيدثه اإلنسان فالشارع بني حكم البيع ووضع ضوابطه وشروطه مث<br />

تركه إىل هذا السبب الذي حيدثه اإلنسان فإن شاء أحدثه وإال فال،‏ ومعلوم أن هذا جيعلها ال<br />

تقيد بنص الشارع على حكمها كالعبادات.‏ )1188(<br />

)1184(<br />

)1185(<br />

مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ، ملثىن احلوري وإمساعيل الدابغ ، ص ( 174<br />

. )<br />

ينظر:‏ القواعد النورانية ، لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ حتقيق حممد حامد الفقي،‏ ص (<br />

134<br />

(، والسياسة الشرعية لشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص (<br />

،)125<br />

وجمموع فتاواه )196/4(، وإعالم املوقعني،‏ البن القيم تعليق طه عبد الرؤوف،‏ )244/1(، وشرح القواعد السعدية،‏ لعبد احملسن الزامل،‏ ص ( 70-<br />

71(، والقواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية،‏ لعبد احملسن احلصني ، ( 1/ ‎155‎وما بعدها (، والقواعد الفقهية،‏ للندوي،‏ ص (<br />

107(، وفقه وفتاوى البيوع،‏ مجع أشرف عبد املقصود ( 245-244(.<br />

‏)‏‎1186‎‏(سورة الشورى اآلية : ( 21 ) .<br />

)1187( سورة النساء اآلية : ( 29 ) .<br />

)1188(<br />

ينظر:‏ إعالم املوقعني،‏ البن القيم ( 1/ 244(، واملصادر السابقة ، بتصرف.‏


2- أن هللا ملا أحل البيع وأَبحه جعل ذلك بصيغة عامة ظاهرة وليست جمملة على الصحيح فقال<br />

وهذا يستغرق كل بيع إال ما خصه الدليل ‏َبلتحرمي<br />

)1189(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

سبحانه :<br />

من صور البيع فتخرج عن العموم ويبقى العام على عمومه <strong>يف</strong> استغراق كل الصور األخرى.‏<br />

)1190(<br />

3- أن الشارع ملا فصَّل ما حرم على الناس من األمور دل على أن ما عداها ‏َبق على اإلَبحة كما<br />

)1191( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قال سبحانه:‏ <br />

وهذا صريح وواضح أنه فصَّل ما<br />

حرم لنا من الرَب والغرر والغش ‏...إخل وترك الباقي للناس من غري نسيان له فدل ذلك على أن<br />

األصل <strong>يف</strong> العقود اإلَبحة،‏ ولو أراد هللا منع الناس من إحداث عقد جديد غري ما ذكر ملا فصل<br />

ما حرمه بل لذكر أموراً‏ جمملة كتحرمي اخلبائث وترك الباقي لكنه حرم جمموعة أمور وترك الباقي<br />

على اإلَبحة وهذا رمحة ‏َبألمة وتيسري عليهم .<br />

<br />

<br />

<br />

4- أن حترمي ما مل حيرمه هللا من العقود واملعامالت مذموم كما قال سبحانه :<br />

)1192(<br />

<br />

وهلذا ذم هللا املشركني ملا<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

شرعوا من الدين ما مل أيذن به هللا وحرموا ما مل حيرمه.‏<br />

)1193(<br />

أن السنة واإلمجاع دالَّ‏ على ذلك فمن تتبع ما ورد عنه وأصحابه رضوان عليهم من أنواع<br />

املبايعات واملؤجرات والتربعات علم ضرورة أهنم مل يكونوا يلتزمون الصيغة من الطرفني وأهنم كانوا<br />

جيرون <strong>يف</strong> تعامالهتم على ما تعارفوا عليه وإذا كان املقصود من العقود هو القبض واالست<strong>يف</strong>اء<br />

وكان املرجع فيه إىل عرف الناس وعاداهتم من غري حد يستوي فيه مجيع الناس <strong>يف</strong> مجيع األحوال<br />

واألوقات فكذلك العقود<br />

.<br />

)1194(<br />

أن املعامالت املالية من عادات الناس اليت ال غىن هلم عنها فكان من مصلحة اخللق أن يكون<br />

األصل <strong>يف</strong> هذا التعامل هو العفو وعدم التحرمي فيتبايع الناس على الصفة اليت يرغبوهنا <strong>يف</strong> أي<br />

أنواع التعامل شاءوا دون حظر أو منع فلم حيرم هللا عقداً‏ فيه مصلحة للمسلمني بال مفسدة<br />

تقاوم ذلك وهذا أصل واسع ال يقتصر على زمن دون غريه ويؤدي إىل حرية احلركة<br />

-5<br />

-6<br />

)1189( سورة البقرة اآلية : ( )275 .<br />

)1190(<br />

)1191( سورة األنعام اآلية : ( )119 .<br />

ينظر:‏ شرح القواعد السعدية،‏ لعبد احملسن الزامل،‏ ص ( 71-70( ، بتصرف.‏<br />

)1192( سورة يونس اآلية : ( )59 .<br />

)1193(<br />

وذلك <strong>يف</strong> سورة األنعام اآلية : ( 138-136<br />

. )<br />

)1194(<br />

ينظر:‏ القواعد النورانية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص ( 134( وما بعدها،‏ بتصرف .


االقتصادية وانتعاشها وازدهارها،‏ ولو قيل بعدم رعاية الشارع ملصاحل اخللق <strong>يف</strong> أحكامه – وهو<br />

، وقد<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قول ‏َبطل –<br />

فإن هلل أن <strong>يف</strong>عل ما شاء<br />

جعل املعامالت على اإلَبحة كما دلت نصوص الشرع وأدلته فيكون األصل فيها ذلك<br />

.<br />

)1195(<br />

-7<br />

أن العقود احملرمة ضئيلة جداً‏ ‏َبلنسبة للعقود املباحة،‏ فاحملرمة ترجع إىل الرَب والغرر والغش،‏ وهذا<br />

دليل واضح على أن هللا سبحانه أراد للناس<br />

أن يتعاملوا مبا يصلح أحواهلم دون التقيد مبا نص عليه <strong>يف</strong> الكتاب أو السنة أو أمجع عليه ولو أراد ذلك<br />

لوضح العقود احملرمة توضيحاً‏ ال نزاع فيه<br />

.<br />

)1196(<br />

وقد خالف ابن حزم ما قرَّرَه مجهور العلماء فاألصل عنده <strong>يف</strong> العقود أهنا على احلظر واإلَبحة وأن<br />

الواجب أن ال يوجد للناس عقد إال وقد نص عليه <strong>يف</strong> كتاب هللا أو سنة رسوله )1197( <br />

واستدل على ذلك مبا يلي:‏<br />

.<br />

–<br />

حديث بريرة –<br />

رضي هللا عنها<br />

وفيه : )) كل شرط ليس <strong>يف</strong> كتاب هللا فهو<br />

‏َبطل<br />

-1<br />

)1198( .))<br />

–<br />

حديث عائشة –<br />

عنها رضي هللا<br />

مرفوعاً‏ : )) من عمل عمالً‏ ليس عليه أمران فهو رد<br />

-2<br />

)1199( .))<br />

وطرد هذه العمومات <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت وقال:‏ ال جيوز تسمية عقود جديدة يتعامل هبا الناس إذا مل<br />

يرد هبا كتاب أو سنة أو إمجاع .<br />

وما ذكره ال يتفق مع مقاصد الشريعة <strong>يف</strong> العقود ولو أراد هللا ما<br />

كما تقدم .<br />

ذكره ابن حزم ملا أحل هللا البيع بنص عام<br />

)1195(<br />

)1196(<br />

)1197(<br />

ينظر:‏ القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية،‏ لعبد السالم احلصني،‏ ( 155/1(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن البن العريب )244/1( .<br />

ينظر:‏ اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام البن حزم (<br />

52 /1 وما بعدها ) . و ( 179/2<br />

)1198(<br />

بتصرف.‏<br />

وما بعدها (، وإعالم املوقعني،‏ البن القيم )244/1(،<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب البيوع،‏ ابب إذا اشرتط شروطاً‏ <strong>يف</strong> البيع ال حتل،‏ ص )169(، رقم ( 2168(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب العتق،‏ ابب إمنا الوالء ملن<br />

أعتق،‏ ص)‏ 937(، رقم )1504( .<br />

)1199(<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب األقضية،‏ ابب نقض األحكام الباطلة ورد حمداثت األمور،‏ ص )982(، رقم )1718( .


واستدالله حبديث بريرة خيَُرَّج على أن هللا سبحانه مل جيعل التحرمي للبيع أصالة بل هو صحيح لكن ملا<br />

كان ما تضمنه ‏َبطالً‏ ملخالفته للكتاب والسنة فقد أوجب إبطاله ملا فيه من خمالفة للشرع وهذا إبطال للبيع<br />

<strong>يف</strong> بعض<br />

ملا قرره <br />

صوره ال جبميع ذلك فهو مقصور على هذه اجلزئية وهي اشرتاط الوالء ألهل بريرة ألنه ظلم خمالف<br />

من أن الوالء ملن أعتق،‏ وملا فيه من ضرر على أولياء العبيد واإلماء،‏ نعم إذا اشتملت العقود على<br />

حمرم <strong>يف</strong> الكتاب أو السنة أو اإلمجاع فنبطلها ال ألن األصل فيها احلظر بل الشتماهلا على ما خيالف الشريعة<br />

<strong>يف</strong> أصوهلا ومقاصدها .<br />

والتعبري الوارد <strong>يف</strong> احلديث حمتمل ملا ذكره ابن حزم أو أن املراد اشتماله على خمالفة ما وضعه هللا من<br />

ضوابط للبيع وهو املراد ألننا ملا رجعنا لكتاب هللا وجدانه قد دل بعمومه على إَبحة البيوع كما تقدم<br />

)1200(<br />

.<br />

إخل .<br />

وأما استدالله حبديث عائشة فال يصح ألنه متجه إىل العبادات بدليل قوله : )) وسكت عن أمور ((<br />

فتبقى املعامالت على أصل اإلَبحة،‏ فإن الشريعة قد جاءت <strong>يف</strong> العادات احلسنة اليت حيتاج الناس إليها<br />

<strong>يف</strong> معاشهم ‏َبآلداب احلسنة فحرمت منها ما فيه فساد وأجبت ما البد منه وكرهت ما ال ينبغي واستحبت<br />

ما فيها مصلحة راجحة،‏ وإذا كان كذلك فالناس يتبايعون ويستأجرون ك<strong>يف</strong> شاؤوا ما مل حترم الشريعة ذلك<br />

كما أيكلون ويشربون ك<strong>يف</strong> شاؤوا ما مل حترم الشريعة،‏ وإن كان بعض ذلك قد يستحب أو يكون مكروهاً‏<br />

)1201(<br />

وما مل حتد الشريعة <strong>يف</strong> ذلك حداً‏ فإهنم يبقون على اإلطالق األصلي.‏<br />

وبناء على ذلك يتقرر أبن األصل هو حِّ‏ لُّ‏ اإلنفاق االستثماري أو اإلمنائي على املشاريع السياحية،‏ وقد<br />

جاءت النصوص ‏َبحلث على استثمار املال وإمنائه لعمارة األرض وحتقيق الغاية من اخللق وذلك ‏َبالستعانة<br />

به على عبادة هللا وتقوية كيان األمة <strong>اإلسالم</strong>ية ومما دل على ذلك األمر ‏َبملشي <strong>يف</strong> مناكب األرض طلباً‏<br />

للرزق كما قال سبحانه : <br />

)1202(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وكذا األمر ‏َبالنتشار بعد اجلمعة طلباً‏ للرزق كما قال سبحانه :<br />

)1203(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومن ذلك قوله<br />

فليغرسها فله بذلك أجر((‏ .<br />

: )) إذا قامت الساعة و<strong>يف</strong> يد أحدكم فسيلة فاستطاع أال يقوم حىت يغرسها<br />

)1204(<br />

)1200(<br />

)1201(<br />

ينظر:‏ إعالم املوقعني،‏ البن القيم،‏ )244/1(، وشرح القواعد السعدية،‏ للزامل)‏ 71-70( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ القواعد النورانية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص )135(، بتصرف.‏<br />

‏)‏‎1202‎‏(سورة امللك اآلية : ( 15 ) .<br />

)1203( سورة اجلمعة اآلية : ( 10 .)


وكان عمل كثري من الصحابة – رضوان هللا عليهم<br />

–<br />

<strong>يف</strong> التجارة واستثمار األموال<br />

احلالل واحلفاظ على مناء املاء وزايدته لالنتفاع به <strong>يف</strong> أوجه اخلري املتنوعة.‏ )1205(<br />

بقصد طلب الرزق<br />

ومن اجملاالت االستثمارية <strong>يف</strong> هذا العصر صناعة <strong>السياحة</strong> فهي ميدان رحب وواسع وعوائده االستثمارية<br />

من أهم املوارد ومصادر الدخل <strong>يف</strong> كثري من البلدان وهو من أبرز عوامل القوة االقتصادية فيها . )1206(<br />

وواجب على رجال األعمال <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أن يعنوا هبذا ويستثمروا أمواهلم <strong>يف</strong> إجياد سياحة نقية<br />

ووسائل ترفيه ورايضة ومسابقات طاهرة من املخالفات الشرعية وأن توجه وجهة إسالمية كاملة<br />

االقتصاد<br />

)1207(<br />

لدعم<br />

<strong>اإلسالم</strong>ي وحتقيق االكتفاء الذايت <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> وحفظ أفراد األمة من الوقوع <strong>يف</strong> دنس <strong>السياحة</strong><br />

اخلارجية وأضرارها املتنوعة .<br />

وقد أفىت كثري من الفقهاء املعاصرين جبواز إنشاء املنتجعات السياحية والفنادق واملطاعم وأماكن الرتفيه<br />

والتسلية اخلالية من احملرمات واملفاسد والفنت وأن ما قد يرتكبه الناس من احملرمات<br />

يلحقه بسببه إمث؛ ألن هللا تعاىل يقول : <br />

)1208(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

خارج الفندق واملطعم ال<br />

فإذا أنشأ املسلم شيئاً‏ من تلك املشاريع وحرص على خلوها من احملرمات وعمل جاهداً‏ على توعية<br />

الناس وإرشادهم إىل <strong>السياحة</strong> النقية املثالية دون الوقوع <strong>يف</strong><br />

خمالفات شرعية تفسدها فإن قصد الزَبئن والزوار<br />

لفعل املنكرات فيها يتحملون وزره أبنفسهم دون أن يتعدى ذلك إليه ألنه مل حيصل منه تقصري أو تفريط<br />

حىت يكون معيناً‏ هلم على اإلمث والعدوان.‏ )1209(<br />

)1204(<br />

)1205(<br />

)1206(<br />

جدة<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )3/ 191(، رقم )13004(، والبخاري <strong>يف</strong> األدب املفرد،‏ ابب اصطناع املال،‏ ص)‏‎106‎‏(،‏ رقم )486( .<br />

ينظر:‏ االستثمار أحكامه وضوابطه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ قطب مصطفى سانو،‏ ص ( 37<br />

وما بعدها ) .<br />

400<br />

وقد بدأ االهتمام به يتزايد <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية وظهرت مشاريع وفرص استثمارية عديدة <strong>يف</strong> هذا اجملال وبلغت تكلفة أحد املشاريع <strong>يف</strong><br />

مليون رايل كما <strong>يف</strong> االقتصادية العدد (<br />

االقتصادية،‏ و<strong>يف</strong> الرايض أنشئت مدينة ألعاب بقيمة<br />

للسياحة <strong>يف</strong> السعودية برأس مال<br />

2423(، الثالاثء<br />

24.7<br />

10<br />

‎1421/2/19‎ه ، وحنواً‏ من ذلك <strong>يف</strong> اجلبيل كما <strong>يف</strong> العدد )3292( من<br />

مليون دوالر كما<strong>يف</strong> www.moheet.comكما جاء فيه أتسيس أول شركة<br />

ماليني رايل،‏ ومن املشاريع السياحية احلديثة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية مدينة البحر ‏)درة اخلرب(‏ وهي مدينة<br />

سياحية متكاملة طول شاطئها ‎1‎كم وتشتمل على وحدات سكنية وخدمات تسلية وترفيه وقد طرحت للمسامهة حبصص بلغ عددها<br />

قيمة كل منها<br />

16.750<br />

50.000<br />

رايل سعودي،‏ ينظر:‏ اجلزيرة،‏ العدد<br />

،)11577 (<br />

)1207(<br />

حصة<br />

21/ ربيع اآلخر/‏ ‎1425‎ه ، ومنها أيضاً‏ مدينة فجر السياحية <strong>يف</strong> أهبا<br />

وطرحت للمسامهة كذلك بقيمة ‎10.000‎رايل لكل سهم،‏ ينظر:‏ الرايض،‏ العدد )13158(، 15/ مجادى األوىل/‏‎1425‎ه ، وهذه مناذج<br />

لالستثمارات السياحية <strong>يف</strong> املنطقة وهي <strong>يف</strong> تزايد مطرد .<br />

وهذا ما دعا إليه جممع الفقه التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته الرابعة جبدة من 23-18 مجادى اآلخرة <strong>يف</strong> القرار رقم (<br />

، ينظر:‏ قرارات وتوصيات جممع الفقه ص ( 82( .<br />

)4/13 ( ، )38<br />

)1208( سورة اإلسراء اآلية : ( 15 ،) واألنعام،‏ اآلية .)164(<br />

–<br />

–<br />

)1209(<br />

ينظر:‏ موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم الفتاوى إقامة مرفأ سياحي على شاطئ تظهر فيه احملرمات،‏ د.‏ سعود الفنيسان،‏ بتاريخ ‎1424/7/10‎ه ، وإجيار<br />

املنتجات السياحية،‏ د.محد احليدري ، ‎1423/5/10‎ه ، وغريها على الرابط ،www.mtody.net وللفائدة:‏ ينظر:‏ الكسب احلالل<br />

أمهيته وآاثره،‏ للشيخ ابن جربين .


فإذا حصل منه شيء من ذلك أو سكت على ما حيصل من املنكرات <strong>يف</strong> مشاريعه السياحية أو كان <strong>يف</strong><br />

معامالته تلك رَب أو غرر أو ميسر أو أكل للمال ‏َبلباطل أو إعانة على اإلمث وبيع ما هو حمرم كآالت اللهو<br />

وحنو ذلك فإن ما حيصله من عوائد حمرم شرعاً‏ وهو آمث بذلك .<br />

والواجب على املسلم أال يدخل <strong>يف</strong> أي معاملة حىت يعرف حكمها الشرعي وأن ينزه نفسه عن أكل<br />

احلرام واإلعانة عليه .<br />

والناظر <strong>يف</strong> حال غالب املستثمرين <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> جيد أن إنفاقهم االستثماري <strong>يف</strong> ذلك حمرم حمض أو<br />

يشتمل على حمرم ومعامالت مشتبهة تكون إىل وسيلة إىل إيقاعهم <strong>يف</strong> احلرام .<br />

واإلنفاق االستثماري على املشاريع السياحية إذا كان حمرماً‏ حمضاً‏ فإنه ال جيوز ابتداءً‏ كما ال جيوز<br />

االنتفاع بعوائده وهو من اإلعانة على اإلمث والعدوان ومن اإلفساد <strong>يف</strong> األرض ملا فيه من نشر للرزيلة وإعانة<br />

على إظهار املنكرات ونشر الفواحش وإشاعتها كما ال جيوز اإلنفاق االستهالكي <strong>يف</strong> املشاريع السياحية<br />

احملرمة ملا تقدم ولقوله سبحانه :<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1210(<br />

وفسر ابن عباس وغريه ذلك أبن املراد به : ال تنفق <strong>يف</strong> ‏َبطل<br />

)1211(<br />

فلو أنفق اإلنسان كل ماله <strong>يف</strong><br />

)1212(<br />

احلق ما كان تبذيراً‏ ولو أنفق مداً‏ <strong>يف</strong> ‏َبطل كان تبذيراً.‏<br />

وقد أخرب سبحانه أن من أنفق ماله <strong>يف</strong> معصية هللا فقد صار أخاً‏ للشياطني ملشاهبته هلم <strong>يف</strong> الشر وهي<br />

غاية <strong>يف</strong> املذمة فإنه ال أشر من الشيطان أو ألن الشياطني هم الذين أيمروهنم ‏َبلشر والفساد وإنفاق املال <strong>يف</strong><br />

معصية هللا فصاروا إخواانً‏ هلم لطاعتهم هلم.‏<br />

)1213(<br />

وصرف املال <strong>يف</strong> غري وجوهه الشرعية مما هنى هللا عنه؛ ألنه إفساد وهللا ال حيب املفسدين وال حيب<br />

الفساد.‏<br />

والنيب <br />

يقول:‏ )) إن هللا كره لكم ثالاثً‏ ، قيل وقال،‏ وكثرة السؤال،‏ وإضاعة املال ((. )1214(<br />

والعذاب املهني مصري من ينفق املال على امللذات احملرمة واللهو الباطل كما قال سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

‏)‏‎1210‎‏(سورة اإلسراء<br />

اآلية : ( 27-26 ) .<br />

)1211(<br />

)1212(<br />

)1213(<br />

)1214(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب التفسري،‏ سورة بين إسرائيل ( 2/393( رقم ( 4710(.<br />

ذكره ابن جرير <strong>يف</strong> تفسريه نقالً‏ عن جماهد )74/15(.<br />

ينظر:‏ الكشاف،‏ للزخمشري )446/2( .<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الزكاة،‏ ابب قوله تعاىل : { ال يسألون الناس إحلافاً‏<br />

} ص (<br />

عن كثرة املسائل ( ،)982 رقم ( )1715 .<br />

117(، رقم )1477(، ومسلم،‏ كتاب األقضية،‏ ابب النهي


)1215( كما أن اإلنفاق على امللذات احملرمة إضافة إىل ما يعود به على الفرد املنفق من<br />

<br />

<br />

<br />

أضرار دينية فإن هناك أضر اراً‏ دنيوية تقع على اجملتمع املسلم حيث يقتدي أصحاب األموال به حبثاً‏ عن<br />

امللذات والسعادة املوهومة فيرتتب على ذلك فساد طائفة هامة من اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي بيدها قوة اقتصادية<br />

وهذا يؤدي إىل أتخر املسلمني وتسلط األعداء عليهم وشغل أصحاب األموال عن القيام بواجبهم <strong>يف</strong> خدمة<br />

<strong>اإلسالم</strong> وأهله وفتح ‏َبب لالستثمار احملرم فتكثر النوادي الليلية واملالهي واملراقص واملسارح املليئة ‏َبملنكرات<br />

وتتحول هذه األداة االستثمارية من داعم لالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي إىل عامل هدم لكيان اجملتمع وخلخلة لبناته<br />

)1216(<br />

وإفساد ألبنائه.‏<br />

فعلى املسلم أن يسلك الطرق املباحة <strong>يف</strong> املعيشة والكسب وأن جيتنب الطرق املمنوعة وإذا صدق <strong>يف</strong><br />

<br />

عزمه ونيته ‏َبرك هللا له <strong>يف</strong> ماله كما قال سبحانه : <br />

)1217( .<br />

<br />

<br />

<br />

وإذا كان االستثمار <strong>يف</strong> املشاريع <strong>السياحة</strong> من قبيل املشتبه فالورع تركه والبعد عنه حلديث : )) احلالل بني<br />

واحلرام بني وبينهما أمور مشتبهات (( مث قال:‏ )) فمن اتقى الشبهات فقد استربأ لدينه وعرضه ومن وقع <strong>يف</strong><br />

الشبهات وقع <strong>يف</strong> احلرام ((<br />

.<br />

)1218(<br />

)1219( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول :<br />

وهذا دليل على<br />

أنه حد هلم ما أحل هلم<br />

<br />

<br />

وما حرم عليهم فال يقربوا احلرام وال يعتدوا على احلالل وقال سبحانه :<br />

)1220( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وجعل <br />

من يرعى حول احلمى أو قريباً‏ منه جديراً‏ أبن يدخل احلمى فريتع فيه فلذلك من تعدى<br />

احلالل ووقع <strong>يف</strong> الشبهات فإنه قد قارب احلرام غاية املقاربة فما أخلقه أبن خيالط احلرام احملض ويقع فيه و<strong>يف</strong><br />

)1221(<br />

هذا إشارة إىل أنه ينبغي التباعد عن احملرمات وأن جيعل املسلم بينها وبينه حاجزاً‏ .<br />

)1215( سورة لقمان اآلية : ( 6 .)<br />

)1216(<br />

)1217(<br />

ينظر:‏ املال <strong>يف</strong> القرآن الكرمي،‏ دراسة موضوعية،‏ سليمان احلصني،‏ ص ( 414(، بتصرف.‏<br />

سورة الطالق اآلية : (<br />

3-2<br />

(، وينظر:‏ فتاوى متعلقة مبا تقدم ذكره <strong>يف</strong>:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش،‏ )172-112-41/13-<br />

173(، و<strong>يف</strong>:‏ فقه وفتاوى البيوع البن سعدي،‏ وابن ابز وابن عثيمني وابن فوزان،‏ مجع أشرف عبد املقصود،‏ ص (<br />

أحكام املال احلرام،‏ د.‏ عباس الباز.‏<br />

تقدم خترجيه ص )118(.<br />

329-328( . وللفائدة،‏ ينظر:‏<br />

)1218(<br />

)1219( سورة البقرة اآلية : ( )187 .<br />

)1220( سورة البقرة اآلية : ( )229 .<br />

)1221(<br />

ينظر:‏ الطيبات من الرزق مجع القلموين،‏ ص ( 190( .


وكذا اإلنفاق االستهالكي <strong>يف</strong> املشاريع السياحية املباحة إذا خلت عن احلرام احملض أو املشتبه فاألصل<br />

حله ملا تقرر سابقاً‏ من أن األًصل <strong>يف</strong> املعامالت اإلَبحة حىت يقوم دليل التحرمي ولكن هذا اإلنفاق جيب أن<br />

يكون <strong>يف</strong> منفعة مباحة ومن غري إسراف .<br />

واإلسراف <strong>يف</strong> املباح : هوجماوزة احلد،‏ وهو من العدوان احملرم وترك فضول املباح من الزهد املباح.‏<br />

)1222(<br />

ومما يدل على حترمي اإلسراف <strong>يف</strong> اإلنفاق االستهالكي على املشاريع السياحية ما يلي:‏<br />

)1223(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-1 قوله سبحانه : <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

2- قوله سبحانه :<br />

)1224(<br />

.<br />

)1225(<br />

: )) كلوا واشربوا <strong>يف</strong> غري إسراف وال خميلة ((.<br />

-3 قوله <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

4- مدح هللا عباده املقتصدين فقال <strong>يف</strong> وصفهم :<br />

وهذا هو احلد<br />

الفاصل فال إسراف وال تقرت فكل ذلك<br />

)1226(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

مذموم .<br />

أن اإلسراف خيانة لألمانة إبضاعة املال والنيب <br />

يقول : )) إن هللا حرم عليكم إضاعة املال ((<br />

-5<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1227( ، كما أنه سفه لصرف املال <strong>يف</strong> غري حمله ، وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

)1228(<br />

. <br />

<br />

<br />

:<br />

وهذا اإلنفاق ال خيلو من قسمني )1229(<br />

)1222(<br />

)1223( سورة األعراف اآلية : ( 31 .)<br />

ينظر:‏ املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية،‏ ( 30/4( .<br />

)1224( سورة اإلسراء اآلية : ( 27-26 ) .<br />

)1225(<br />

أخرجه النسائي،‏ كتاب الزكاة،‏ ابب االختيال <strong>يف</strong> الصدقة،‏ ص )2253(، رقم )2560(، وابن ماجه،‏ كتاب اللباس،‏ ابب البس ما شئت،‏<br />

)2693(، رقم ( 3605(، واحلاكم )135/4(، وصححه ووافقه الذهي .<br />

)1226( سورة الفرقان اآلية : ( 67 ) .<br />

)1227(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب األدب،‏ ابب عقوق الوالدين من الكبائر ، ص ( 506(، رقم ( 5975(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب األقضية،‏ ابب النهي عن كثرة<br />

املسائل من غري حاجة،‏ ص ( 982(، رقم ( 14(، )593(.<br />

)1228( سورة النساء اآلية : ( 5 ) .<br />

)1229(<br />

ينظر:‏ مشكلة السرف،‏ د.‏ عبد هللا الطريقي ص ( 36(، وجمموع فتاوى ومقاالت البن ابز،‏ مجع<br />

الشويعر )112/4(.


األول : أن يكون على وجه يليق حبال املنفق وبقدر ماله فهذا ليس إبسراف .<br />

والثاين :<br />

وهو قسمان :<br />

أحدها :<br />

ما ال يليق به عرفاً‏<br />

ما يكون لدفع مفسدة فهذا ليس إبسراف .<br />

واآلخر:‏ ما ال يكون <strong>يف</strong> شيء من ذلك،‏ فاجلمهور على أنه إسراف وذهب بعض الشافعية إىل أنه ليس<br />

إبسراف ألنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح وإذا كان <strong>يف</strong> غري معصية فهو مباح له .<br />

ورجح ابن حجر أنه ليس مذموماً‏ لذاته ولكنه <strong>يف</strong>ضي غالباً‏ إىل ارتكاب احملذور وعليه فهو حمذور<br />

)1230(<br />

.<br />

" والضابط <strong>يف</strong> إضاعة املال أن ال يكون لغرض ديين وال دنيوي فإن انتفيا حرم قطعاً‏ وإن وجد أحدمها<br />

وجوداً‏ له ‏َبل وكان اإلنفاق ال ئقاً‏ ‏َبحلال وال معصية فيه جاز قطعاً‏ وبني الرتبتني وسائط كثرية ال تدخل حتت<br />

)1231(<br />

ضابط ".<br />

وقد أصبح ما ينفق ويصرف من أجل <strong>السياحة</strong> الرتفيهية جزءاً‏ أساساً‏ <strong>يف</strong> حياة كثري من الناس حىت غلب<br />

على إنفاقهم االنغماس <strong>يف</strong> الرتف وطلب امللذات املباحة والتوسع فيها،‏ وكثري من أولئك يسرف <strong>يف</strong> صرف<br />

تلك األموال على ملذات حمرمة وسياحة منكرة<br />

وهللا تعاىل يقول :<br />

<br />

<br />

)1232(<br />

.<br />

<br />

واملرتفون <strong>يف</strong> أمة هم طبقة الكرباء الناعمني الذي جيدون املال واخلدم والراحة فينعمون بذلك حىت ترتهل<br />

نفوسهم وترتع <strong>يف</strong> الفسق واجملانة وتستهرت ‏َبلقيم والكرامات وتَلِّغُ‏ <strong>يف</strong> األعراض واحلرمات وإذا مل جيد هؤالء من<br />

أيخذ أبيديهم عاثوا <strong>يف</strong> األرض فساداً‏ ونشروا الفاحشة <strong>يف</strong> األمة وأشاعوها وأرخصوا القيم اليت ال تبقى بدوهنا<br />

ومن مث تتحلل األمة وتسرتخي وتفقد حيويتها وعناصر قوهتا وأسباب بقائها وهذه اآلية تقرر سنة هللا هذه<br />

فإذا قدر هللا لقرية أهنا هالكة أخذت أبسباب اهلالك فكثر فيها الفسق والرتف واالنغماس <strong>يف</strong> امللذات وشيوع<br />

املنكرات واحملرمات.‏<br />

)1233(<br />

)1230(<br />

)1231(<br />

)1232( سورة اإلسراء اآلية : ( 16 ) .<br />

)1233(<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )423-422/10( .<br />

املصدر السابق .<br />

ينظر:‏ <strong>يف</strong> ظالل القرآن،‏ لسيد قطب،‏ )2217/4(، بتصرف.‏


وقد أَبنت احصائيات متأخرة أبن دول اخلليج تصرف <strong>يف</strong> بريطانيا وحدها ما يقرب من ملياري دوالر<br />

75 و<strong>يف</strong> سويسرا<br />

. )1234(<br />

مليون دوالر و<strong>يف</strong> فرنسا ملياراً‏ ونصف ليصل اإلمجايل إىل ما يقرب من مخسة مليارات دوالر<br />

تقريباً‏<br />

وال شك أن هذا يشكل دعماً‏ لالقتصاد <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني وهدراً‏ للثروات والطاقات فضالً‏ عن كون<br />

غالب ما يصرف من ذلك أمور حمرمة وهلو ‏َبطل وفساد عريض وهللا املستعان .<br />

)1234(<br />

ينظر:‏ مشكلة السرف،د.‏ عبد هللا الطريقي،‏ ص ( 85( .


املطلب السادس<br />

زكاة املشاريع السياحية


املطلب السادس<br />

: زكاة املشاريع السياحية<br />

تقدم تعر<strong>يف</strong> املشروع السياحي أبنه:‏ املنشأة اليت تدم السائح بدرجة أولية كالفنادق والقرى السياحية<br />

واملرافق الرتفيهية املتنوعة<br />

)1235(<br />

وَبلنظر هلذا املفهوم املوافق إلطالقات املعنيني ‏َبلسياحة يتبني انصراف هذا املصطلح للعقار املنشأ <strong>يف</strong><br />

املنطقة السياحية لتقدمي اخلدمات السياحية املتنوعة كالفنادق والشقق والشاليهات وغريها .<br />

عينها.‏<br />

وينطبق عليها ما ذكره الفقهاء <strong>يف</strong> زكاة املستغالت.‏<br />

–<br />

–<br />

وهي كل ما هو معد لإلجيار وليس معداً‏ للتجارة <strong>يف</strong> أعيانه.‏<br />

فهي أموال مل تعد للتجارة البيع ولكنها تتخذ للنماء فتغل ألصحاهبا فائدة وكسباً‏ بواسطة أتجري<br />

والفرق بني ما يتخذ من املال لالستغالل وما يتخذ للتجارة أن األخري حيصل فيه الربح عن طريق حتويل<br />

عينه من يد إىل يد وأما األموال ( املستغل ) فتبقى عينه وتتجدد منفعته.‏<br />

ويشمل هذا<br />

)1236(<br />

–<br />

إضافة للعمائر والفنادق ( العقارات ) اليت تكرى<br />

–<br />

السيارات والسفن والطائرات وغريها<br />

مما يعد لالستغالل والكراء بقصد الربح والنماء وهي جزء من اخلدمات السياحية واملنتج السياحي .<br />

السياح.‏<br />

فهذه كلها رؤوس أموال مغلة انمية غري متداولة وتدر دخالً‏ وفرياً‏ على أصحاهبا من خالل أتجريها على<br />

)1237(<br />

وقد استخدم هذا اللفظ ( املستغالت ) بعض الفقهاء كما<br />

من املعاصرين ألنه جامع لرؤوس األموال املغلة املنتجة من عقار وغريه.‏<br />

<strong>يف</strong> السيل اجلرار<br />

)1238(<br />

وارتضاه وأيده كثري<br />

فتزكى أجرهتا<br />

)1239(<br />

واخلالف <strong>يف</strong> زكاة املستغالت على أربعة أقوال :<br />

القول األول : ال جتب الزكاة <strong>يف</strong> أعياهنا وإمنا <strong>يف</strong> غلتها وأجرهتا وهو قول اجلمهور<br />

إذا بلغت نصاَبً‏ بعد حوالن احلول زكاة النقود بشروطها ال زكاة املستغالت.‏<br />

‏)‏‎1235‎‏(كما <strong>يف</strong> ص ( 59<br />

. )<br />

)1236(<br />

ينظر:‏ زكاة العقارات واألراضي املأجورة غري الزراعية للقرضاوي وللسالوس <strong>يف</strong> جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ العدد الثاين،‏ (<br />

،)198-117/1<br />

والزكاة ووجوهبا <strong>يف</strong> أجر العقار،‏ ألمحد أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي العدد الثاين،‏ ص )83-80(، وأحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة،‏ لألشقر<br />

وابنه وشبري وايسني )870/2(، وما ال يسع التاجر جهله،‏ للمصلح والصاوي ص ( 372(، وحبوث <strong>يف</strong> الزكاة،‏ لرفيق املصري،‏ ص)‏ ‎163‎وما بعدها<br />

(، والزكاة <strong>يف</strong> امليزان،‏ حملمد وهبه وعبد العزيز مججوم،‏ ص ( 174 وما بعدها ) ، بتصرف.‏<br />

)1237( ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

)1238( للشوكاين ، ( )27/2 .


واختاره ابن حزم وصاحب السيل اجلرار وصديق حسن خان وحممد بن إبراهيم وابن ‏َبز وابن عثيمني<br />

وابن جربين وأفتت به عامة اللجان واجملامع الفقهية كاللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء واجملمع الفقهي<br />

التابع للرابطة والتابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي وغريها.‏<br />

ولإلمام أمحد <strong>يف</strong> بداية احلول روايتني :<br />

.<br />

)1240(<br />

األوىل:‏ أنه من حني القبض وهو اختيار ابن جربين واجملمع الفقهي التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

والثانية:‏ أنه من حني العقد ، صححها <strong>يف</strong> الشرح الكبري واختارها من املعاصرين ابن ‏َبز وابن عثيمني<br />

وبكر أبو زيد واجملمع الفقهي التابع للرابطة واللجنة الدائمة<br />

)1241(<br />

.<br />

)1242(<br />

القول الثاين:‏ أنه تزكى أجرهتا أو غلتها عند قبضها دون اشرتاط احلول مبعدل ربع العشر.‏<br />

وهو قول مجاعة من الصحابة والتابعني كابن عباس وابن مسعود ومعاوية ومن املعاصرين أمحد أبو سنة.‏<br />

وهو قول لبعض املالكية ورواية عن أمحد وهي من املفردات واختارها ابن تيمية.‏<br />

)1239(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع للكاساين )34/2(، وحاشية ابن عابدين )239-228-168/3(، والبيان والتحصيل البن رشد،‏ حتقيق حممد حجي<br />

)405/2(، والقوانني الفقهية،‏ البن جزي،‏ ص ( 70(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )162-154/3(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس (<br />

322-319/1(، واجملموع،‏ للنووي ( 7/6(، وروضة الطالبني (<br />

واإلنصاف،‏ للموفق ابن قدامة،‏ وأبو الفرج ابن قدامة واملرداوي )327/6(، واإلقناع،‏ للحجاوي (<br />

202/2(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )398/1(، واملقنع مع الشرح الكبري<br />

445/1(، وكشاف القناع ، للبهويت )888/2(،<br />

)1240(<br />

والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي ( 205/4(، واملغين،‏ البن قدامة )271-247/4(.<br />

الفقه عدد<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم ‏)‏‎239/5‎و<br />

/6<br />

( 2<br />

83(، والسيل اجلرار للشوكاين )27/2(، والروضة الندية لصديق حسن )194/1( بواسطة جملة جممع<br />

119/1(، وفتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )5-1/4-3 وما بعدها(‏ ، وجمموع فتاوى ابن ابز،‏ للشويعر)‏<br />

173/14(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن عثيمني،‏ مجع فهد السليمان ص ( 431(، وفتاوى الزكاة،‏ لعبد هللا اجلربين،‏ إعداد أبو أنس ص)‏<br />

وما 95<br />

بعدها(‏ ، وفتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار،‏ لبكر أبو زيد،‏ ص ( 17(، وأحكام الزكاة لعبد هللا اجلار هللا،‏ ص ( 54(، وموجز أحكام الزكاة،‏ ألمحد بن عبد<br />

الرزاق الدويش )343/9(، وقرارات اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي لدوراته (<br />

الكويتية )191/30(، وسيأيت ذكر قرارات اجملامع الفقهية .<br />

)12-11-10 ص (<br />

)1241(<br />

73(، واملوسوعة الفقهية<br />

ينظر:‏ املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف،‏ للموفق وأبو الفرج واملرداوي،‏ حتقيق الرتكي،‏ )327/6(، واملصادر السابقة ، وقال الشيخ بكر أبو<br />

زيد:‏ ( حتسب الزكاة أبحد الطريقني<br />

( أ ) حسب اتريخ العقد من يوم أو شهر أو عام،‏ وهذا حيتاج إىل فتح سجل لذلك ففيه مشقة.‏<br />

( ب(‏ أن جيعل له وقتاً‏ معيناً‏ يزكي فيه كل ما حتصَّل له،‏ كأول شهر رمضان أو ذي احلجة،‏ وهذا الطريق أبرأ للذمة وهو أسهل وأيسر ملن أراد سلوك<br />

طريق السماحة وطابت نفسه أن يؤثر جانب الفقراء واحملاويج وغريهم من أهل الزكاة على نفسه (، و ينظر فتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار،‏ ص )20-<br />

. ) 21<br />

)1242(<br />

ينظر:‏ عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس ( 319/1(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب ( 154/3(، وشرح الرسالة )329/1(، وهو بواسطة جملة جممع<br />

الفقه )24(، 132-131/1(، واملغين،‏ البن قدامة)‏‎271/4‎‏(،‏ والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )205/4(، وحبث أبو<br />

سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )82/2(.


القول الثالث:‏ أنه يزكى العشر من غلتها الصافية<br />

التكال<strong>يف</strong> ومقابل نسبة االستهالك<br />

–<br />

–<br />

الزائدة عن احلاجات األصلية ملالكيها بعد طرح<br />

أو نصفه من غلتها اإلمجالية عند تعذر معرفة الغلة الصافية وذلك<br />

مبجرد حصول الغلة أو األجرة ‏َبلغة نصاَبً‏ دون اشرتاط احلول كزكاة الزروع والثمار.‏<br />

وهو قول لبعض املالكية – وغري مشهور عندهم<br />

–<br />

واختاره من املعاصرين أبو زهرة<br />

وحسنني خملوف والزرقا والقرضاوي وغريهم . )1243(<br />

القول الرابع : جتب فيها زكاة عروض التجارة مبعدل ربع العشر من رأس املال وغلته فيقدر مثن العقار<br />

كل عام ويضاف له ما بقي معه من اإليرادات ( األجرة ) وخيرج ‎2.5‎من اجملموع .<br />

وهو قول ملالك وابن عقيل من احلنابلة وخرَّجه على رواية أمحد <strong>يف</strong> إجياب الزكاة <strong>يف</strong> حلي الكراء واختاره<br />

بعض املعاصرين كرفيق املصري )1244(<br />

األدلة :<br />

مبا أييت :<br />

أوالً:‏ استدل أصحاب القول األول )1245(<br />

-1<br />

-2<br />

عدم وجود نص صريح من الكتاب أو السنة <strong>يف</strong> وجوب زكاهتا وقد حدد النيب األموال<br />

اليت جتب فيها الزكاة فلم جيعل فيها ما يستغل أو يكرى من العقارات والدواب واآلالت وحنوها<br />

واألصل براءة الناس من التزام التكال<strong>يف</strong> وال جيوز اخلروج عن هذا إال بنص ومل يوجد.‏<br />

أن فقهاء املسلمني <strong>يف</strong> شىت األقطار وخمتلف األعصار مل يقولوا بوجوب الزكاة فيها ولو قالوا به<br />

لنقل،‏ بل إهنم نصوا على خالف ذلك فقالوا:‏ ال زكاة <strong>يف</strong> دور السكىن وال أدوات احملرتفني وال<br />

)1243(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة للمالكية،‏ والقوانني الفقهية البن جزي ص ( 70(، والبيان والتحصيل البن رشد )405/2(، وجملة جممع الفقه العدد (<br />

.)133/1( ، )2<br />

)1244(<br />

)1245(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )11/2(، وبدائع الفوائد،‏ البن القيم اجلوزية،‏ ختريج أمحد عبد السالم )113/4-3(، وحبوث <strong>يف</strong><br />

الزكاة لرفيق املصري،‏ ص ( 74(، وعمل موازنة بني العروض والزروع فبني فوائد إحلاق املستغالت بكل منهما ومآخذه مث قال:‏ ( أُفَضِّل أن ختضع هذه<br />

املستغالت لزكاة التجارة فهي أقرب إليها من زكاة الغالل (، وابن عقيل هو:‏ شيخ احلنابلة،‏ أبو الوفاء علي بن عقيل بن حممد البغدادي احلنبلي،‏ كان<br />

يسكن الظفرية،‏ ومسجده هبا مشهور،‏ ولد سنة إحدى وثالثني وأربعمائة،‏ تفقه على أيب يعلى الفراء وأخذ العربية عن ابن برهان وعلم العقليات عن<br />

شيخي االعتزال ابن الوليد ، وأبو القاسم البصري فحصل عنده شائبة جتهم واعتزال واحنرافات عن السنة ، له من التصان<strong>يف</strong>:‏ الفنون يزيد على أربعمائة<br />

جملد حشد فيه كل ما كان جيري له مع الفضالء والتالمذة وما يسنح من الدقائق والغوامض والعجائب،‏ وتو<strong>يف</strong> يوم اجلمعة اثين عشر مجادى األوىل سنة<br />

ثالث عشرة ومخسمائة.‏ ينظر:‏ سري أعالم النبالء،‏ للذهي )451-443/19(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )236-168/3(، واملغين،‏ البن قدامة ( 271/4(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، وجملة جممع<br />

الفقه العدد ( ،)2 118/1(<br />

وما بعدها (، وحبث أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )80/2(.


دواب الركوب ‏..إخل،‏ وقد كانوا يستأجرون ويؤجرون ويقبضون األجرة من دورهم وضياعهم<br />

ودواهبم ومل خيطر ببال أحدهم أن خيرج <strong>يف</strong> رأس احلول ربع عشر داره أو عقاره أو دوابه.‏<br />

أهنا ليست مبال جتارة ومل تعد للبيع فليست من عروض التجارة .<br />

ما روي عن علي وجابر ومعاذ<br />

-<br />

-<br />

–<br />

( ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة ) )1246(<br />

فتعترب كعروض القنية<br />

واحليواانت العاملة فال زكاة فيها،‏ و<strong>يف</strong> احلديث : )) ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال <strong>يف</strong> فرسه<br />

)1247(<br />

صدقة ((.<br />

وأما حتديد بداية احلول ‏َبلقبض فألن األجرة عوض عن املنفعة واملنفعة معدومة توجد شيئاً‏ فشيئاً‏<br />

فما دام املعوض غري موجود ال ميلك العوض.‏<br />

-<br />

وأما حتديد بداية احلول ‏َبلعقد <strong>يف</strong> ورواية أمحد الثانية فألن األجرة متلك بعقد اإلجارة<br />

وتصري ديناً‏ <strong>يف</strong> الذمة بدليل أنه حيل االنتفاع هبا فينفقها إن كانت ماالً‏ وأيكلها إن كانت طعاماً‏<br />

مبعىن أن ملك الكرى عليه اتم بدليل جواز التصرف فيها أبنواع التصرفات.‏<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

اثنياً‏ : واستدل أصحاب القول الثاين مبا أييت :<br />

-1<br />

-2<br />

عموم حديث )) <strong>يف</strong> الرقة ربع العشر (( . )1248(<br />

القياس على املعدن املستخرج من األرض فإن الزكاة جتب فيه إذا بلغ نصاَبً‏ ولو مل حيل عليه<br />

احلول كالزروع والثمار جبامع أن كالً‏ منهما غلة العقار وال يشرتط احلول ألن املعدن واألجرة مناء<br />

حمض )1249( ، قال أبو سنة:‏ " هو قياس أصويل صحيح قد استوَف شروطه فإن زكاة املعادن اثبتة<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

بعموم قوله تعاىل :<br />

ومقدارها اثبت ‏َبحلديث الذي رواه أبو عبيدة <strong>يف</strong> إقطاعه <br />

)1250(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

معادن القبلية لبالل بن احلارث والعلة أن املعادن غلة العقار وهي موجودة <strong>يف</strong> أجرة العمائر<br />

)1246(<br />

أخرجه الدار قطين،‏ ابب ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة )103/2(، وصححه ابن القطان بلفظ ليس <strong>يف</strong> العوامل شيء،‏ قال <strong>يف</strong> الدراية )256/1( : "<br />

<strong>يف</strong> إسناده سرار بن مصعب وهو ضع<strong>يف</strong> " كما قاله الزيلعي أيضاً‏ <strong>يف</strong> نصب الراية )360/2(، والعوامل من البقر مجع عاملة وهي اليت يستقى عليها<br />

وحيرث وتستعمل <strong>يف</strong> األشغال"‏ ينظر:‏ النهاية <strong>يف</strong> غريب احلديث واألثر )301/3<br />

. )<br />

)1247(<br />

)1248(<br />

)1249(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتابة الزكاة،‏ ابب ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده صدقة،‏ رقم ( 1464(، ص )115(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الزكاة،‏ ابب ال زكاة على<br />

املسلم <strong>يف</strong> عبده وفرسه،‏ رقم ( 982(، ص )832( .<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الزكاة،‏ ابب زكاة الغنم،‏ رقم ( 1454(، ص )114(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة ( 271-154/4(، واملقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، والفروع،‏ البن مفلح مع حاشية ابن قندس<br />

.)205-166-70/4(<br />

)1250( سورة البقرة اآلية : ( 267 )


."<br />

وغريها مما ذكران واشرتاط النصاب لتحقيق الغىن وعدم اشرتاط احلول ألنه مناء حمض ال حيتاج إىل<br />

مدة لتحصيله وكما قالوا <strong>يف</strong> زكاة املعدن إن الزكاة جتب إذا بلغ نصاَبً‏ أو <strong>يف</strong> مرات متقاربة مل يرتك<br />

العمل بينها : قلنا هنا جتب الزكاة <strong>يف</strong> األجرة إذا بلغت نصاَبً‏ فيما قبض مرة واحدة أو على<br />

مرات ال تتجاوز شهراً‏ ألن الشهر هو الذي جيري التعامل عليه و<strong>يف</strong> البالد اليت تستأجر مبانيها<br />

كل سنة ميكن أن يقال فيه جتب الزكاة إذا بلغ املقبوض نصاَبً‏ <strong>يف</strong> مرة أو مرات ال تتجاوز سنة<br />

)1251(<br />

فهذا القياس قوي ألن بيع املنفعة كبيع العني وكلما كراها فكأمنا ‏َبعها.‏<br />

)1252(<br />

)1253(<br />

اثلثاً:‏ استدل أصحاب القول الثالث<br />

مبا أييت :<br />

عموم األدلة على وجوب الزكاة فقد أوجب هللا<br />

سبحانه <strong>يف</strong> كل مال حقاً‏<br />

-1<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله:‏ )1254( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

معلوماً‏ كما <strong>يف</strong> قوله :<br />

وهذا عام <strong>يف</strong> كل مال على اختالف إضافة<br />

: (( أدوا زكاة أموالكم )) )1256(<br />

وقوله <br />

)1255( <br />

<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

وتباين أمسائه واختالف أغراضه من غري فصل بنيِّ‏ ملال ومال فمن أراد أن خيصه <strong>يف</strong> شيء فعليه الدليل .<br />

أن علة وجوب الزكاة <strong>يف</strong> املال معقولة وهي النماء كما قال بذلك أكثر الفقهاء ولذا مل جتب<br />

الزكاة <strong>يف</strong> دور السكىن وآالت احلرفة وخيل اجلهاد ‏َبإلمجاع ومل جتب <strong>يف</strong> العوامل من الدواب و<strong>يف</strong><br />

احللي على الصحيح و<strong>يف</strong> كل<br />

مال ال ينمى بطبيعته أو بعمل اإلنسان واحلكم يدور مع علته<br />

وجوداً‏ وعدماً‏ فحيث حتقق النماء <strong>يف</strong> مال وجبت فيه الزكاة وإال فال .<br />

أن من حِّ‏ كَمِّ‏ تشريع الزكاة التزكية والتطهري ألرَبب املال من الذنوب والشح ومواساة الفقراء<br />

وشكر النعمة وتقوية العاجز على القيام ‏َبلفرائض<br />

وكل ذلك الزم عقالً‏ وشرعاً‏ فالقول بوجوب<br />

الزكاة أوىل وأحوط.‏<br />

ك<strong>يف</strong> يكون شكر النعمة وتطهري النفس وتزكيتها ‏َبلبذل ومساعدة العاجز الزمً‏ عقالً‏ وشرعاً‏<br />

لصاحب الزرع والثمر غري الزم ألصحاب العمائر الشاهقة واملصانع والسفن والطائرات وحنوها<br />

)1251(<br />

)1252( ينظر:‏ جملة جممع الفقه العدد ( )2 ، )132/1( .<br />

الزكاة ووجوهبا <strong>يف</strong> أجر العقار ألمحد أبو سنة <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقهي )80/2<br />

وما بعدها ) .<br />

)1253(<br />

)<br />

)1254(<br />

)1255( سورة التوبة اآلية : ( 103 )<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ألصحاب هذا القول ص 330<br />

سورة املعارج اآلية : )24<br />

. 331 –<br />

)1256(<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> كتاب اجلمعة،‏ وقال : حديث حسن صحيح،‏ رقم )616(، ص )1706(، والنسائي <strong>يف</strong> كتاب الزكاة،‏ ابب زكاة الورق رقم (<br />

2256(، وابن خزمية )12/4(، وابن حبان )426/10(.


من املأجورات واملستغالت مما دخله أكرب من ذلك أبضعاف،‏ وجبهد أقل،‏ فتقاس على إيراد<br />

األرض الزراعية وإال كان تفريقاً‏ بني متماثلني .<br />

أن اجلمهور مل يقرروا <strong>يف</strong> الدور والعقار زكاة ألهنا مل تكن مستغلة <strong>يف</strong> وقتهم كما <strong>يف</strong> هذا العصر بل<br />

كانت لسد احلاجات األصلية أما <strong>يف</strong> عصران فإهنا تدر أضعاف ما تدره األرضون فاملصلحة أن<br />

تؤخذ منها زكاة كاألرض الزراعية<br />

– فيما تقدم –<br />

إذ ك<strong>يف</strong> تزكى جتارة دون جتارة .<br />

-5<br />

رابعاً‏ : استدل أصحاب القول الرابع :<br />

بقياس املال املستغل أو املعد للكراء على املتجر فيه،‏ فكل ما قصد به النماء فهو مال انم فاضل عن<br />

احلاجة األصلية فتجب فيه الزكاة لعموم األدلة <strong>يف</strong> ذلك فإهنا مل تفرق بني جتارة وأخرى كما تقدم .<br />

وقال ابن عقيل:‏ " خيرج من رواية إجياب الزكاة <strong>يف</strong> حلى الكراء واملواشط،‏ إن جيب <strong>يف</strong> العقد املعد للكراء<br />

وكل سلعة تؤجر وتعد لإلجارة،‏ قال وإمنا خرجت ذلك عن احللي ألنه قد ثبت من أصلنا أن احللي ال جيب<br />

فيه الزكاة فإذا أعد للكراء وجبت فإذا ثبت أن اإلعداد للكراء ينش إجياب زكاة <strong>يف</strong> شيء ال جيب فيه الزكاة<br />

كان <strong>يف</strong> مجيع العروض اليت ال جتب فيها الزكاة ينش إجياب الزكاة يوضحه أن الذهب والفضة عينان جتب<br />

الزكاة جبنسهما وعينهما مث إن الصياغة واإلعداد للباس والزينة واالنتفاع غلبت على إسقاط الزكاة <strong>يف</strong> عينه مث<br />

جاء اإلعداد للكراء فغلب على االستعمال وإنشاء إجياب الزكاة فصار أقوى مما قوي على إسقاط الزكاة<br />

أ.ه<br />

فأوىل أن يوجب الزكاة <strong>يف</strong> العقار واألواين " )1257(<br />

فهذا القول يستند إىل أصل هام <strong>يف</strong> الزكاة وهو:‏ أنه ال زكاة <strong>يف</strong> مال غري انم أو مشغول ‏َبحلاجة األصلية<br />

وإمنا الزكاة <strong>يف</strong> املال النامي الذي يدر على صاحبه كسباً‏ ودخالً‏ وهذا كما يقال <strong>يف</strong> احللي املعد للكراء فكذا<br />

<strong>يف</strong> العقارات والسيارات والسفن وغريها واملأجورات واملستغالت اليت من شأهنا أن جتلب مناءً‏ ورحباً‏ كعروض<br />

التجارة.‏<br />

)1258(<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

نوقشت أدلة القول األول:‏ أبن عدم نص النيب على أخذ الزكاة من مال ال يدل على عدم وجوب<br />

الزكاة فيه؛ ألنه إمنا نص <strong>يف</strong> ذلك على األموال النامية <strong>يف</strong> عصره وقد أوجب املسلمون الزكاة <strong>يف</strong> أموال أخرى مل<br />

)1257(<br />

بدائع الفوائد،‏ البن القيم )113/4-3( ، وتقدمت ترمجة ابن عقيل ص 331<br />

.<br />

)1258( ينظر:‏ جملة جممع الفقه ( )24 ( )126-125/1 .


جييء هبا نص قياساً‏ على تلك األموال أو عمالً‏ بعموم النصوص وتطبيقاً‏ ملا قرر من حكمة فرض الزكاة .<br />

)1259(<br />

ومن ذلك ما ذكره الشافعي <strong>يف</strong> رسالته ملا ذكر فرض النيب الصدقة <strong>يف</strong> الورق قال:‏ ‏"وأخذ املسلمون <strong>يف</strong><br />

الذهب بعده صدقة إما خبرب من النيب مل يبلغنا وإما قياساً‏ على أن الذهب نقد الناس الذي اكتن زوه<br />

وأجازوه أمثاانً‏ على ما تبايعوا به <strong>يف</strong> البلدان قبل <strong>اإلسالم</strong> وبعده "<br />

صريح بوجوب زكاهتا ومع ذلك نقل ابن املنذر اإلمجاع عليه<br />

)1260(<br />

)1261(<br />

ومل يرد <strong>يف</strong> عروض الثمار نص صحيح<br />

وأوجب أمحد <strong>يف</strong> العسل الزكاة لألثر<br />

وقياساً‏ على الزرع والثمر وأوجب الصاحبان فيما يستخرج من البحر من لؤلؤ وحنوها اخلمس قياساً‏ على<br />

الزكاة واملعدن.‏ )1262(<br />

وكون الفقهاء مل يوجبوا <strong>يف</strong> املستغالت من الدور والعقار وحنوه زكاة فألن بعض هذه األموال النامية مل<br />

ينتشر <strong>يف</strong> عصرهم انتشاراً‏ تعم به البلوى ويدفع القضية لالجتهاد بل مل يكن بعضها موجوداً‏ قط وإمنا جد <strong>يف</strong><br />

األزمنة األخرية فقد حتول استثمار املال إىل أبواب مستحدثة لو عملنا فيها برأي اجلمهور حلرم الفقراء<br />

وغريهم من جزء عظيم من أموال األغنياء وهو أجور العقار وغريه من املستغالت وهذا االستثمار اجلديد قائم<br />

على بقاء أعيان األموال واستغالل منافعها والبد من نظرة فقهية جديدة حتفظ مصارف الزكاة حقوقهم <strong>يف</strong><br />

مال األغنياء وحتدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا فكل عصر له مشكالته اليت يُطْلَب االجتهاد فيها وإبرام<br />

احلكم بشأهنا.‏<br />

)1263(<br />

مث إن منهم من قال بوجوب الزكاة فيها كابن عقيل فيما تقدم وأمحد <strong>يف</strong> رواية وبعض املالكية وتعليلهم<br />

لعدم وجوب الزكاة <strong>يف</strong> دورة السكىن وآالت احلرفة وحنوها أبهنا مشغولة ‏َبحلاجة األصلية وأهنا غري انمية يدل<br />

مبفهوم املخالفة على أن ما اتذ منها للنماء ولغري االستعمال <strong>يف</strong> احلاجة األصلية يصبح صاحلاً‏ لوجوب<br />

الزكاة.‏<br />

وقياس املستغالت على عروض التجارة له وجه فكل منهما رأس مال انم مغل وكالً‏ من املالكني اتجر<br />

يستثمر رأس ماله ويستغله ويربح منه وكون صاحب العروض ينتفع إبخراج عني الشيء عن مالكه وصاحب<br />

العمارة ينتفع ‏َبلغلة مع بقاء العني ليس فرقاً‏ يوجب الزكاة على أحدمها دون اآلخر .<br />

بل رمبا كان األخري أكثر ضماانً‏ للربح وأماانً‏ من اخلسارة من األول .<br />

)1259( ينظر:‏ املصدر السابق .<br />

)1260( الرسالة،‏ للشافعي ص ( )192 .<br />

)1261( ينظر:‏ اإلمجاع،‏ البن املنذر ص ( 45( .<br />

)1262( ينظر:‏ جملة جممع الفقه العدد ( )1 ( )126-125/2 .<br />

)1263(<br />

ينظر:‏ جملة جممع الفقه ( 80/2 وما بعدها .


–<br />

وأما حديث )) ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال فرسه صدقة (( فألهنما من حوائجه األصلية فإذا كاان<br />

للتجارة وجبت زكاهتما ‏َبإلمجاع كما تقدم .<br />

ونوقش حتديد بداية احلول ‏َبلقبض أبن العني قائمة مقام املنفعة فمىت تسلمها املستأجر فكأمنا تسلم<br />

منفعة مث إن حال احلول وقد كان قبضها زكاها زكاة العني بدفع ربع عشر ما قبض وإن مل يكن قبضها<br />

)1264(<br />

زكاها زكاة الدين أبن يزكي ما قبضه ملا مضى وإن مل يبلغ نصاَبً‏ بعد أن يكون أصل األجر نصاَبً‏ .<br />

مث إن هذا القول يعين أنه ال زكاة <strong>يف</strong> هذه العقارات واملستغالت بل هي زكاة مال <strong>يف</strong> أيديهم حال عليه<br />

احلول كزكاة الذهب والفضة و<strong>يف</strong> استطاعتهم إنفاقه هنا وهناك فال جتب فيه الزكاة . )1265(<br />

و<strong>يف</strong> هذا تضييع حلقوق الفقراء ومتكني ألصحاب العقار من تربير ما جيمعه من األجرة أثناء احلول فراراً‏<br />

من الزكاة فينبغي القول بوجوب الزكاة زكاة املستغالت حفاظاً‏ على حقوق الفقراء وغريهم من مصارف<br />

الزكاة وإبراء لذمة األغنياء .<br />

–<br />

ونوقشت أدلة القول الثاين:‏<br />

بعموم حديث )) ال زكاة <strong>يف</strong> مال حىت حيول عليه احلول (( .<br />

)1266(<br />

وال يصح قياس بيع املنفعة على بيع العني؛ ألن احلقيقة أن العني <strong>يف</strong> حالة الكراء تبقى على ملك<br />

صاحبها وإمنا يعطي حق االنتفاع ‏َبلعني ملدة حمددة من الزمن عكس التجارة فإن السلعة تنتقل بعينها من يد<br />

البائع إىل يد املشرتي .<br />

)1267(<br />

ونوقشت أدلة القول الثالث:‏<br />

أبن السُّنَّةَ‏ بينت ما جتب فيه الزكاة من األموال فيقتصر على ما ورد به الشرع فإن العبادات ال تثبت إال<br />

‏َبلنصوص الشرعية ولو كان <strong>يف</strong> هذه املستغالت زكاة لوردت هبا النصوص وبينها الشرع<br />

<br />

<br />

<br />

)1264(<br />

)1265(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ص 329<br />

. 330 –<br />

وقال رفيق املصري معلقاً‏ على قرار جممع البحوث:‏ " احلق أهنا ليست زكاة على املستغالت بل هي زكاة على النقود،‏ ففي قرار جممع البحوث<br />

نفسه جاء أنه إذا مل يتحقق فيها نصاب،‏ وكان لصاحبها أموال أخرى تضم إليها وجتب الزكاة <strong>يف</strong> اجملموع إذا توافر شرطا النصاب وحوالن احلول"‏ وجاء<br />

فيه : " مقدار النسبة الواجب إخراجها هو ربع عشر صا<strong>يف</strong> الغلة <strong>يف</strong> هناية احلول " لقد كان من األوضح واألصرح أن يقال <strong>يف</strong> الفتوى : أبنه ال زكاة على<br />

هذه املستغالت؛ ذلك ألن مثل هذه الطريقة <strong>يف</strong> التعبري إمنا توقع <strong>يف</strong> التشويش على طالب العلم ورمبا العلماء " حبوث <strong>يف</strong> الزكاة،‏ ص ( 167<br />

)168-<br />

.<br />

)1266(<br />

ينظر:‏ املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف )327/6(، واحلديث أخرجه بن ماجه،‏ كتاب الزكاة،‏ ابب من استفاد ماالً‏ ص (<br />

،)2583 رقم (<br />

.)1792<br />

)1267(<br />

ينظر:‏ جملة جممع الفقه العدد ( 2(، ( 129/1( ، وجملة اجملمع الفقهي )80/2(، وحبوث <strong>يف</strong> الزكاة،‏ لرفيق املصري ص ( 70( .


)1268(<br />

<br />

واملستغالت ليست من األمور اجلديدة بل كانت <strong>يف</strong> عصر النبوة وما بعده كما تقدم،‏ وفرض<br />

الزكاة <strong>يف</strong> أموال مل تتناوهلا نصوصها ورمبا فهم منها أن <strong>يف</strong> الدين نقصاً‏ والنماء إمنا هو شرط <strong>يف</strong> وجوب الزكاة<br />

وليس علة وشتان بينهما وما ذكره الفقهاء مما <strong>يف</strong>هم منه أن عدم وجوب الزكاة <strong>يف</strong> بعض األموال لعدم النماء<br />

أي لتخلف الشرط ال لتخلف العلة وإال لو قلنا أبن النماء علة ملا احتيج إىل النصوص الواردة <strong>يف</strong> زكاة اإلبل<br />

والبقر والغنم و<strong>يف</strong> نفيها عن اخلمر مثالً‏ مع أهنا مال انم فالزكاة متعلقة ‏َبلنصوص وعلتها النص ال النماء<br />

.<br />

ولذا مل يستند العلماء إليه فالغنم املعلوفة مثالً‏ تنمو وتتوالد ومل يقل أحد منهم أبن النماء سبب <strong>يف</strong><br />

وجوب زكاهتا فلو كان علة لكانت مطردة منعكسة وليس األمر كذلك فالعشرة من الغنم تنمو وتتوالد وال<br />

زكاة فيها حىت تبلغ النصاب وشرط العلة االطراد واالنعكاس.‏<br />

ورد على هذا أبن النماء ليس شرطاً‏ للزكاة بل الشرط هو احلوالن كما ذكر <strong>يف</strong> الفروق والعلة ليس هي<br />

النماء وإمنا املال النامي أو النصاب النامي ال جمرد النماء بل املال مع النماء وهذه علة مؤثرة تدور مع املعلول<br />

وجوداً‏ وعدماً‏ )1269( .<br />

وأما القياس على األرض الزراعية فغري مسلم ألن الزكاة مفروضة على هذا الزرع نفسه ولو كان الزارع<br />

مستأجراً‏ كما هو قول اجلمهور وليست مرتبطة مبلكية األرض ذاهتا ولكن الذي يصح القياس عليه مالك<br />

األرض املكري هلا فهو أشبه شيء مبالك العمارة الذي يكريها وجتىب إليه غلتها فكان البد أن يسبق هذا<br />

احلكم أصل يقاس عليه وهو القول بزكاة أجرة األرض الزراعية إذا قبضها مالكها وهو أصل خمتلف فيه<br />

إببطال املعرتض له ال يسلم القياس.‏<br />

مث بني املقيس واملقيس عليه هنا فارق :<br />

فاملستغل ليس كاألرض اليت هي مصدر دائم للدخل وهي طويلة العمر قليلة الكلفة خبالف العمارات<br />

واملستغالت اليت هي مصدر مؤقت معرض للتلف،‏ والغلة ليست كالزرع فإهنا تزكى كل حول،‏ أما الزرع فبعد<br />

)1270(<br />

أن يزكى إذا ادخر سنوات ال يزكى مرة اثنية إال إذا أصبح عروض جتارة ولذا بني الشافعي <strong>يف</strong> رسالته<br />

الفرق بني النقدين والزرع بقوله : " مل أعلم منهم خمالفاً‏ <strong>يف</strong> أين لو علمت معدانً‏ فأديت احلق فيما خرج منه مث<br />

أقامت فضته أو ذهبه عندي دهري كان علي <strong>يف</strong> سنة أداء زكاهتا ولو حصدت طعام أرضي فأخرجت عشره<br />

مث أقام عندي دهره مل يكن علي فيه زكاة " . )1271(<br />

)1268( سورة مرمي اآلية : ( 64 )<br />

)1269(<br />

)1270(<br />

ينظر:‏ جملة جممع الفقه العدد ( 2( ، 198-117/1(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ه‎2‎ ص 338، وما ال يسع التاجر جهله،‏ للمصلح والصاوي،‏ ص ( 374(.<br />

)1271( الرسالة،‏ ص ( .)527


وقد أجاب أصحاب هذا القول بتصحيح القياس للخروج من هذا االعرتاض وذلك أبن يصنع هبا كما<br />

يصنع واضعوا الضرائب حبسم حصة االستهالك السنوي من قيمة املبىن أبن <strong>يف</strong>رتض هلا عمر ويقسم مثنها على<br />

سنوات هذا العمر مث يطرح من قيمتها كل عام قيمة استهالك سنة . )1272(<br />

ورد أبو سنة على هذا بقوله : " واضح مما ذكره وجود الفارق بني األراضي الزراعية والعمائر وفكرة طرح<br />

قيمة االستهالك جتعل حكم الفرع غري حكم األصل،‏ فإن حكم األصل هو وجوب العشر أو نصفه <strong>يف</strong> كل<br />

اخلارج،‏ وحكم الفرع هو الوجوب <strong>يف</strong> بعض اخلارج،‏ والشرط <strong>يف</strong> القياس أن يكون املعدى إىل الفرع عني حكم<br />

األصل:‏ فهو قياس مردود".‏ )1273(<br />

مث إن القياس عبادة فال مدخل له <strong>يف</strong> العبادات .<br />

وقد نوقش هذا أبن الزكاة ليست عبادة حمضة بل هي جزء من النظام املايل واالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي وهذا<br />

جيعل الفقهاء ينظرون إليها أحياانً‏ ‏َبعتبارها حقاً‏ مالياً‏ . )1274(<br />

كما نوقش هذا القول أبنه ال يعقل أن تكون أحكام <strong>يف</strong> هذه الفريضة ليست مذكورة عن السلف ال<br />

سيما وقد تكلموا عن كراء الدور واألرضني كما <strong>يف</strong> املدونة مثالً‏ ومل يتكلم أحدهم عن الزكاة <strong>يف</strong> هذا .<br />

وأجيب أبن علماء من السلف من قال بزكاهتا وإن كانت أقوال غري مشهورة فكم من آراء كانت<br />

مهجورة مث شهرت أو ميتة مث حييت.‏<br />

لكن املعترب ‏َبألدلة الصحيحة وعمل مجاهري األمة قرينة مرجحة .<br />

وأما حاجة الفقراء واملساكني ومواساهتم ومعاجلة ذلك فإهنا ليست مقصورة على الزكاة فقد كفل <strong>اإلسالم</strong><br />

هلم حقوقهم ووضع نظاماً‏ متكامالً‏ ملعاجلة مشكلة الفقراء والزكاة أحد سبلها .<br />

)1275(<br />

وال مدخل لاراء <strong>يف</strong> مقابلة النصوص الصحيحة الصرحية الثابتة .<br />

ونوقشت أدلة القول الرابع :<br />

أبن القياس على عروض التجارة قياس مع الفارق فاالنتفاع ‏َبملنفعة <strong>يف</strong> الكراء ليس كاالنتفاع ‏َبلعني <strong>يف</strong><br />

التجارة كما سبق،‏ فهذه العقارات ال تعد من عروض التجارة؛ ألهنا لالستغالل واإلجارة ال للبيع والتجارة مث<br />

لو مل تكرتى فظلت خالية فمن أين خيرج زكاهتا وقيمة العقار تتقلب تبعاً‏ لكافة الظروف مما يسبب صعوَبت<br />

عملية وجهوداً‏ ونفقات يرتتب علهيا نقصان حصيلة الزكاة .<br />

)1272(<br />

)1273(<br />

)1274(<br />

)1275(<br />

ينظر:‏<br />

جملة جممع الفقه ( ،)24 ( .)137/1<br />

ينظر:‏ <strong>يف</strong> جملة اجملمع الفقه ( 80/2( .<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ه<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ه<br />

‎2‎ص 338.<br />

‎2‎ص 338.


– للبيع<br />

ولو جعلنا كل مالك يستغل رأس ماله ويبتغي مناءه اتجراً‏ – ولو كان رأس املال غري متداول وغري معد<br />

لكان مالك األرض والشجر اليت ترج له زرعاً‏ ومثراً‏ اتجراً‏ أيضاً‏ فيقوم أرضه وشجره كل عام وخيرج<br />

زكاهتا ومل يقل هبذا أحد .<br />

)1276(<br />

وقد ظهر من خالل املناقشات السابقة رجحان القول األول ‏َبلنظر لقوة مستنده وموافقته لألصول<br />

الشرعية <strong>يف</strong> براءة الذمة من التكال<strong>يف</strong> إال بنص ، والزكاة ركن من أركان <strong>اإلسالم</strong> وعبادة ال مدخل للقياس فيها<br />

وإن صح فقد بينَّا بطالنه فيما تقدم واألحكام الشرعية ال تبىن على العاطفة والعقل اجملرد وقد توصل إىل هذا<br />

أغلب اجملامع الفقهية وجلان الفتوى.‏<br />

فجاء <strong>يف</strong> قرار اجملمع الفقهي التابع لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته احلادية عشرة املنعقدة مبكة املكرمة <strong>يف</strong><br />

‎1409/7/13‎ه ‏َبألكثرية:‏<br />

‏"اثلثاً:‏ العقار املعد لإلجيار جتب الزكاة <strong>يف</strong> أجرته فقط دون رقبته .<br />

رابعاً:‏ نظراً‏ إىل أن األجرة جتب <strong>يف</strong> ذمة املستأجر للمؤجر من حني عقد اإلجارة فيجب إخراج زكاة<br />

األجرة عند انتهاء احلول من حني عقد اإلجارة بعد قبضها .<br />

خامساً:‏ قدر زكاة رقبة العقار إن كان للتجارة وقدر زكاة غلته إن كان لإلجارة هو ربع العشر إحلاقاً‏ له<br />

)1277(<br />

‏َبلنقدين " .<br />

وجاء <strong>يف</strong> قرار جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي املنبثق عن منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورة انعقاد مؤمتره الثاين من<br />

‎1406/4/16-10‎ه :<br />

‏"أوالً:‏ مل يؤثر نص واضح يوجب الزكاة <strong>يف</strong> العقارات واألراضي املأجورة.‏<br />

اثنياً:‏ مل يؤثر نص كذلك يوجب الزكاة الفورية <strong>يف</strong> غلة العقارات واألراضي املأجورة غري الزراعية .<br />

ولذلك قرر:‏<br />

أوالً:‏ أن الزكاة غري واجبة <strong>يف</strong> أصول العقارات واألراضي املأجورة .<br />

اثنياً:‏ أن الزكاة جتب <strong>يف</strong> الغلة وهي ربع العشر بعد دوران احلول من يوم القبض مع اعتبار توفر شروط<br />

الزكاة وانتفاء<br />

املوانع ." )1278(<br />

وجاء <strong>يف</strong> املؤمتر الثاين جملمع البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية املنعقدة <strong>يف</strong> القاهرة عام<br />

‎1385‎ه :<br />

)1276(<br />

)1277(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ص 338، والزكاة <strong>يف</strong> امليزان،‏ حملمد وهبة وعبد العزيز مججوم،‏ ص ( 179( .<br />

قرارات اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي لدوراته ( 12-11-10(، ص ( 73( .<br />

)1278( جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ( )24 ( /1 )198 .


-1<br />

-2<br />

-3<br />

‏"ال جتب الزكاة <strong>يف</strong> أعيان العمائر االستغاللية واملصانع والسفن والطائرات وما شاهبها بل جتب<br />

الزكاة <strong>يف</strong> صا<strong>يف</strong> غلتها عند توافر النصاب وحوالن احلول.‏<br />

إذا مل يتحقق فيها النصاب وكان لصاحبها أموال أخرى تضم إليها وجتب الزكاة <strong>يف</strong> اجملموع إذا<br />

توافر شرطان النصاب وحوالن احلول .<br />

مقدار النسبة الواجبة إخراجها:‏ هو ربع عشر صا<strong>يف</strong> الغلة <strong>يف</strong> هناية احلول".‏<br />

–<br />

)1279(<br />

وجاء <strong>يف</strong> توصيات وفتاوى املؤمتر األول للزكاة املنعقد <strong>يف</strong> الكويت ‎1404/7/29‎ه : ‏"الزكاة <strong>يف</strong> أعياهنا<br />

أي املستغالت اتفاقاً‏ – وإمنا تزكى غلتها وقد تعددت اآلراء <strong>يف</strong> ك<strong>يف</strong>ية زكاة هذه الغلة :<br />

فرأى األكثرية أن الغلة نضم ( <strong>يف</strong> النصاب واحلول ) إىل مالدى املستغالت من نقود وعروض جتارة<br />

وتزكى بنسبة ربع العشر (<br />

) %2.5 وتربأ الذمة بذلك " . )1280(<br />

)1279(<br />

)1280(<br />

ما ال يسع التاجر جهله ، للمصلح والصاوي،‏ ص ( 374( .<br />

أحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة،‏ لألشقر وحممد ايسني وشبري ( 870/2(.


املطلب السابع<br />

أغراض <strong>السياحة</strong> وتأثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها


املطلب السابع : أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها<br />

أوالً‏ أغراض <strong>السياحة</strong> .<br />

للسياحة أغراض متعددة ومتنوعة ومن أهم وأبرز أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر مايلي:‏<br />

الرتفيه والتسلية والنزهة :<br />

وهذه <strong>السياحة</strong> الرتفيهية هي الغالب <strong>يف</strong> إطالق <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> عصران احلاضر وهي أكرب أنواع<br />

<strong>السياحة</strong> أمهية وانتشاراً،‏ وأهم عناصر اجلذب السياحي،‏ وقد أصبحت من احلاجات االجتماعية<br />

الضرورية <strong>يف</strong> العصر احلاضر نتيجة للحياة العصرية السريعة اإليقاع واملليئة ‏َبلضغوط املختلفة .<br />

وهذا النوع من <strong>السياحة</strong> يشمل عدداً‏ من األنشطة الرتوحيية كزايرة املنتزهات والتمتع ‏َبملناظر<br />

الطبيعية اخلالبة وممارسة الرايضات املتنوعة كالصيد والسباحة والتزحلق على اجلليد وصعود اجلبال<br />

وحضور املنافسات والدورات الرايضية واملهرجاانت الشعبية والغنائية والثقافية والتسوق ومدن<br />

األلعاب وحدائق احليواانت واملتاحف واألماكن التارخيية واملسارح وصاالت السينما .<br />

وغريها من األنشطة اليت حتقق قدر كبرياً‏ من املتعة والبهجة للسائح<br />

زايرة األقارب واألصحاب :<br />

)1281(<br />

للمحافظة على العالقات االجتماعية الوثيقة وتسلية النفوس برؤية األحباب <strong>يف</strong> األفراح واألتراح<br />

وغريها .<br />

وتسمى<br />

‏َبلسياحة االجتماعية )1282( .<br />

السياسة واالقتصاد<br />

:<br />

ويشمل هذا <strong>السياحة</strong> الرمسية اليت يقوم هبا أشخاص ووفود رمسية للمشاركة <strong>يف</strong> حماداثت أو<br />

احتفاالت أو معارض دولية.‏ )1283(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

وكذا <strong>السياحة</strong> التجارية اليت يقوم هبا رجال األعمال ألداء مهام جتارية وحضور املعارض الدولية<br />

وقد تطورت <strong>السياحة</strong> االقتصادية أو التجارية <strong>يف</strong> هذا العصر تبعاً‏ لنمو العالقات االقتصادية<br />

)1281(<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية،‏ انصر الطيار،‏ ص (<br />

38<br />

)1282(<br />

)1283(<br />

وما بعدها (، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب<br />

ص ( 116(، <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي،‏ إبراهيم األحيدب،‏ ص ( 15(، واملوسوعة العربية العاملية،‏ ( 213/13(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري<br />

وإمساعيل الدابغ ص ( 84 89( ، ، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ( 188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص ( 107 وما بعدها ) ، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار،‏ ص ( 39(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص ( 107 وما بعدها (، بتصرف<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار ص (<br />

.<br />

40<br />

(، ومقال بعنوان:‏ حنو مفهوم أعمق وأمشل للسياحة،‏ د.‏ عبد هللا الطريقي،‏<br />

جريدة اجلزيرة،‏ العدد ( 10100(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص)‏<br />

بتصرف.‏<br />

107<br />

وما بعدها (،


الدولية والتوسع <strong>يف</strong> االستثمارات الضخمة واملشاريع الدولية وتشري اإلحصائيات إىل أن هذه<br />

<strong>السياحة</strong> تشكل<br />

%20<br />

من إمجايل حركة <strong>السياحة</strong> الدولية.‏ )1284(<br />

وهذا النوع والغرض عرف منذ القدم وجاء ذكره <strong>يف</strong> سورة قريش كما تقدم.‏<br />

)1285(<br />

العالج :<br />

فقد تكون <strong>السياحة</strong> بغرض احلاجة إىل العالج اجلسمي والنفسي وتغيري البيئة ومراجعة املراكز<br />

الطبية املتخصصة وقصد بعض األماكن الطبيعية اليت يقصدها الناس لالستشفاء مبياهها أو نقاء<br />

جوها وحنو ذلك.‏ )1286(<br />

-4<br />

وكما أن السفر يكون لطلب العالج إال أنه قد يكون شفاء بذاته ملا فيه من الرايضة وال يتعارض<br />

مع حديث : )) السفر قطعة من العذاب (( كما تقدم بيان ذلك<br />

)1287(<br />

ولذا قال الشافعي:‏<br />

وانصب فإن لذيذ العيش <strong>يف</strong> النصب<br />

سافر جتد عوضاً‏ عمن تفارقه<br />

إين رأيت وقوف املاء <strong>يف</strong>سده إن ساح طاب وإن جير مل<br />

يطب )1288(<br />

وهذه <strong>السياحة</strong> معروفة منذ القدم،‏ وقد تفنن الرومان <strong>يف</strong> بناء احلمامات العالجية وازدهرت )1289(<br />

هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر وصممت فنادق <strong>السياحة</strong> العالجية بشكل خاص هلذا الغرض<br />

حيث تشمل مصحات حتتوي على ينابيع للمياه املعدنية احلارة والباردة وقاعات للتمارين<br />

الرايضية كما تستغل وسائل أخرى للعالج كطبيعة اجلو وخصائصه أو املاء ( كالعيون احلارة<br />

واملياه املعدنية ) أو الرمل ( كالدفن فيه للعالج ) أو الكهوف ذات األخبرة الغازية وغري ذلك،‏<br />

والسائح هنا إما أن يكون مريضاً،‏ أو يريد النقاهة وإراحة أعصابه وجسمه من التعب ونصب<br />

)1290(<br />

احلياة ومشاكلها.‏<br />

5- تغيري البيئة :<br />

)1284(<br />

ينظر:‏ مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>،‏ ملثىن احلوري وإمساعيل الدابغ ص ( 88<br />

) بتصرف .<br />

)1285( <strong>يف</strong> ص )85( .<br />

)1286(<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار ص (<br />

<strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص)‏ 107 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

40<br />

)1287( <strong>يف</strong> ص ( 23 ) .<br />

)1288( ديوان الشافعي،‏ ص ( )26 .<br />

)1289(<br />

ينظر:‏ مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص ( 86-85<br />

(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ص )188(، وصناعة<br />

(، بتصرف.‏<br />

)1290(<br />

املصدر السابق .


وهو ما يسمى ‏َبلسياحة البيئية طلباً‏ للمناخ املعتدل واألجواء اجلميلة والبيئة النقية الصحية وهرَبً‏<br />

من شدة احلرارة أو شدة الربودة أو أماكن انتشار األمراض واألوبئة وتقدمت اإلشارة إىل<br />

هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> سورة قريش.‏ )1292(<br />

)1291(<br />

االستكشاف واالستطالع<br />

:<br />

ويشمل استكشاف الكنوز واآلاثر واألماكن والكائنات احلية وثقافات األمم األخرى والتعرف<br />

على مالحمها وتراثها وآاثرها وقيمها واترخيها عموماً.‏<br />

العبادة:‏<br />

و<strong>السياحة</strong> بغرض العبادة تعرف ‏َبلسياحة الدينية.‏<br />

)1293(<br />

<br />

و<strong>يف</strong> هذه التسمية نظر فإهنا مستلة من مصطلحات <strong>السياحة</strong> الغربية اليت صنفت <strong>السياحة</strong> لعدة<br />

أنواع منها الدينية وذلك انش عن رواسب فكرية وعقدية وفيه إشارة إىل منهجهم <strong>يف</strong> فصل<br />

الدين عن احلياة،‏ واملسلم ميتثل شرع هللا عز وجل <strong>يف</strong> كل أعماله وعاداته وسلوكه كما قال<br />

)1294(<br />

. <br />

<br />

سبحانه : <br />

وليس <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> ما يسمى ‏َبلسياحة الدينية اليت تتخذ عبادة <strong>يف</strong> ذاهتا إذ ال رهبانية <strong>يف</strong><br />

<strong>اإلسالم</strong> وليس هناك انقطاع للعبادة ورهبنة وسياحة <strong>يف</strong> األرض غري هادفة كما أنه ال يعظم وال<br />

يقدس غري ما عظمه هللا وقدسه،‏ واآلاثر القدمية واملزارات واملشاهد اليت يعظمها الناس اليوم<br />

ليست مما يعظم ومن مث فالنظرة إليها كالنظرة إىل غريها من املعامل السياحية األخرى،‏ ومن اخلطأ<br />

أن نسمي زايرهتا ‏َبلسياحة الدينية .<br />

وذهب البعض إىل أنه ال يليق إطالق اسم ( سائح(‏ على احلجاج واملعتمرين نظراً‏ الشتهار وغلبة<br />

الرتفيه واللهو على <strong>السياحة</strong> املعاصرة فال عالقة بني عمل السائح فيها وعمل احلاج واملعتمر؛ ألن<br />

عمل السائح <strong>يف</strong> الغالب جمرد عادة دنيوية وتلك عبادات فاألليق هبم هو لفظ ( وفد هللا ) و (<br />

وضيوف الرمحن ) .<br />

-6<br />

-7<br />

)1291(<br />

<strong>يف</strong>(‏ )1292<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ و<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي،‏ األحيدب،‏ ص)‏ 15 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

ص )85( .<br />

ص)‏ 107<br />

)1293(<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب ص ( 115(، وأصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة<br />

وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

)1294( سورة األنعام اآلية : ( 162 ) .


وال مشاحة <strong>يف</strong> االصطالح لكن املراد بيان وجهة من فضل عدم إطالق هذه األلفاظ على<br />

األغراض الدينية التعبدية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغلبة غرض اللهو والرتفيه عليها <strong>يف</strong> هذا العصر وهو رأي له<br />

وجاهته وحظه من االعتبار . )1295(<br />

وتتمثل هذه <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زايرة األماكن الدينية املقدسة كاملساجد الثالثة وغريها من املساجد<br />

<strong>اإلسالم</strong>ية واملشاهد والقبور واآلاثر الدينية تعظيماً‏ هلا وطلباً‏ للثواب <strong>يف</strong> زايرهتا أو لالطالع<br />

والتعرف والتأمل <strong>يف</strong> آاثر السابقني وتراث األمة <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ )1296(<br />

وكذلك سياحة التفكر<br />

ويدخل <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الدينية <strong>السياحة</strong> ألداء مناسك احلج والعمرة )1297(<br />

والتبصر <strong>يف</strong> آايت هللا وبديع خلقه وإحكامه لنظام الكون وهذا من أعظم العبادات كما تقدم<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ولذا قال تعاىل :<br />

)1298(<br />

)1299(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فأمره ‏َبلسري له أسرار ومعان مجة منها:‏ أنه يدين السائح ويقربه من املشاهد ليطلع على األسرار<br />

املكنونة واملشاهد الظاهرة واحلكم اليت دبر هللا هبا أمر الدنيا وهلذا أثر قوي <strong>يف</strong> القلب .<br />

إال أن حس كثري من املسلمني مل يرق ملا ينبغي أن يكون عليه من أتثره آباثر هللا وآايته <strong>يف</strong> خلقه<br />

)1301( ، وقال:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فقال :<br />

)1300(<br />

واليت أمران ‏َبلنظر والتفكر فيها<br />

، )1303( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقال:‏ )1302( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1304(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال:‏ <br />

وقال:‏<br />

)1295(<br />

)1296(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ د.‏ علي األمحد،‏ ص ( 152(، وحنو مفهوم أعمق وأمشل للسياحة،‏ مقال د.‏ عبد هللا الطريقي <strong>يف</strong><br />

جريدة اجلزيرة،‏ األربعاء ‎1421/2/20‎ه ، العدد ( 10100(، بتصرف .<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار ص (<br />

<strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص)‏ 107 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

41<br />

(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص (<br />

،) 87 وصناعة<br />

)1297(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

)1298( <strong>يف</strong> ص )37( .<br />

)1299( سورة العنكبوت اآلية : ( 20 ) .<br />

)1300(<br />

. )<br />

)1301(<br />

. )<br />

)1302(<br />

. )<br />

)1303(<br />

)1304( سورة الغاشية اآلية : ( 17 ) .<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ د/‏ علي األمحد،‏ ص 153 وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

سورة عبس اآلية:‏ ( 24<br />

سورة الطارق اآلية ( 5<br />

سورة الذارايت اآلية:‏ ( 21


)1305( ، وقال :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1306( .<br />

<br />

ونظر السائح إىل هذه املخلوقات واآلايت املتنوعة يزيد <strong>يف</strong> إميانه وتعظيمه خلالقه وينال بذلك<br />

الثواب العميم.‏<br />

فمن فضائل هذه <strong>السياحة</strong> أن صاحبها يرى من عجائب األمصار وبدائع األقطار وحماسن اآلاثر<br />

ما يزيده علماً‏ بقدرة هللا وعمله على شكر نعمته.‏<br />

ويدخل <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> سياحة االعتبار واالتعاظ أبحوال السابقني من األمم البائدة.‏<br />

كما أرشد الباري لذلك <strong>يف</strong> قوله :<br />

)1307(<br />

<br />

<br />

<br />

)1308(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

وال شك أن هذا السري والنظر أقوى <strong>يف</strong> االعتبار من جمرد السماع ولذا جنى هللا فرعون ببدنه لريى<br />

من بعده ك<strong>يف</strong> آل أمره ومصريه وعاقبته بعد جتربه وكفره فيتعظون به،‏ قال تعاىل :<br />

<br />

<br />

)1309( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واالعتبار ال يقتصر على رؤية أماكن<br />

املعذبني بل يشمل أيضاً‏ ما يراه اإلنسان من آاثر موران األرض واضطراهبا عند الزالزل والرباكني<br />

وآاثر العواصف والطوفان والفيضاانت.‏<br />

ويدخل <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong><br />

)1310(<br />

–<br />

الصوفية واملبتدعة كما تقدم.‏ )1311(<br />

- بغر ض العبادة<br />

سياحة الرهبانية املذمومة كما هو حال كثري من<br />

–<br />

ويدخل أيضاً‏ -<br />

األقطار.‏<br />

<strong>يف</strong> غرض العبادة<br />

<strong>السياحة</strong> بقصد الدعوة إىل دين هللا ونشره بني الناس <strong>يف</strong><br />

)1305( سورة الروم اآلية : ( 50 ) .<br />

)1306(<br />

)1307(<br />

)1308(<br />

)1309(<br />

)1310(<br />

سورة األنعام اآلية:‏ ( 99<br />

. )<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ د/‏ علي األمحد،‏ ص 153 وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

سورة غافر اآلية:‏ ( 21<br />

سورة يونس اآلية:‏ ( 92<br />

. )<br />

. )<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

)1311( <strong>يف</strong> ص ( 47 ) .


ف<strong>اإلسالم</strong> دين عاملي لكل اخلالئق قال تعاىل :<br />

)1313(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1312( وقال سبحانه : <br />

ومن هنا رغب هللا عز وجل عباده <strong>يف</strong> القيام مبسؤولية الدعوة إىل هذا الدين وإشاعة نوره <strong>يف</strong><br />

اآلفاق وإخراج الناس من ظلمات الكفر والفساد وإذا تطلب ذلك قيام الدعاة ‏َبلسياحة إىل<br />

مواقع املدعوين وأماكنهم فإن <strong>السياحة</strong> بدافع الوصول إليهم وتبليغهم ودعوهتم تصبح من<br />

)1315(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

املسؤوليات املناطة هبم )1314( <br />

وسيأيت مزيد بيان هلذا <strong>يف</strong> مطلب مستقل<br />

العصور <strong>يف</strong> نشر هذا الدين.‏<br />

طلب العلم:‏<br />

– إبذن هللا تعاىل –<br />

)1316(<br />

ألمهيته البالغة وأثره الظاهر عل مر<br />

ومنه النافع والضار،‏ والنافع منه ما هو من علوم الدين أو الدنيا و<strong>السياحة</strong> لطلب العلم النافع من<br />

العبادات العظيمة إذا حسنت نية صاحبه،‏ والناظر <strong>يف</strong> سري أعالم املسلمني جيدهم قد رحلوا إىل<br />

األقطار <strong>يف</strong> طلب العلم ومجعه <strong>يف</strong> كل الفنون.‏ )1317(<br />

-8<br />

وقد تقدم أن من معاين <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> القرآن الكرمي : طلب العلم،‏ والرحلة فيه،‏ ومما ورد <strong>يف</strong><br />

احلث<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

على ذلك قوله سبحانه :<br />

‏..اآلية.)‏‎1318‎‏(‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-<br />

-<br />

–<br />

وقد ذهب موسى –<br />

عليه السالم<br />

إىل اخلضر<br />

عليه السالم<br />

وقال:‏<br />

)1319( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1320(<br />

ومن هنا قال العلماء : " من مل تكن له رِّحْلة ال يكون رُحَلَةً‏ " .<br />

)1312( سورة األنبياء اآلية : ( 107 .)<br />

)1313( سورة األعراف اآلية : ( 158 ) .<br />

)1314(<br />

)1315(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ علي األمحد،‏ ص ( 153 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

سورة فصلت اآلية:‏ ( 33<br />

. )<br />

)1316( <strong>يف</strong> ص )533( .<br />

)1317(<br />

. )<br />

)1318(<br />

)1319( سورة الكهف اآلية : ( 66 ) .<br />

للفائدة ينظر:‏ جامع بيان العلم وفضله،‏ البن عبد الرب .<br />

سورة التوبة اآلية ( 122<br />

)1320( شرح صحيح مسلم ، للنووي ( /2 )51 .


أي:‏ أن من ال يرحل لطلب العلم و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األرض ألجله فيبعد أتهله لريُْحَلَ‏ إليه.‏<br />

ومن فوائد هذه <strong>السياحة</strong> : التمكن من اجلوانب العلمية فالبيئة إذا تغريت حررته من سيطرة<br />

املألوفات فيتبع فهمه وإدراكه .<br />

وكذلك نشر ما حصله من العلوم واتساع ثقافته العامة الحتكاكه ‏َبلناس واطالعه على خمتلف<br />

عاداهتم وثقافاهتم فيكون صاحب خربات وجتارب وإملام ‏َبألحكام وحسن تنزيل هلا على خمتلف<br />

الوقائع واألشخاص.‏ )1321(<br />

وكثري من املفسدين تكون سياحته لطلب العلم الضار بعقله ودينه وأمته وتقاليده من علوم<br />

إحلادية وتغريبية ومبادئ هدامة وعقائد منحرفة وآراء مضللة.‏ )1322(<br />

وهذا النوع من <strong>السياحة</strong> يدخل فيه ما يعرف ‏َبلسياحة الثقافية للمشاركة <strong>يف</strong> الندوات واملؤمترات<br />

الثقافية وتثق<strong>يف</strong> النفس حبضارات اآلخرين وقيمهم والتعرف عليها وهي سياحة تفاعلية من خالل<br />

التعرف على ثقافات اآلخرين والتعر<strong>يف</strong> بثقافات أمته.‏ )1323(<br />

وهذه <strong>السياحة</strong> ذات طبيعة ذهنية يستهدف السائح من خالهلا التعرف على أشياء جديدة عن<br />

الشعوب التارخيية وآاثرها وحضارهتا،‏ وفيها استكشاف واستطالع كما تقدم إال أنه هنا متبادل،‏<br />

كما أن هذه <strong>السياحة</strong> فيها نوع من املتعة والرتفيه لكنه ليس املقصد األساسي منها،‏ وتقدمت<br />

اإلشارة إىل أن الدراسة ليست من أغراض <strong>السياحة</strong> مبفهومها العصري ‏،لكن طلب العلم<br />

وحصول املعرفة اليقتصر على الدراسة وهو أمر متحقق <strong>يف</strong> كل سياحة غالبا ؛ حيث يطلع<br />

السائح على اتريخ وحضارات األمم وعلومها وآاثرها ممايوسع دائرة معارفه ، ومن هنا جاء ربط<br />

اآلاثر ‏َبلسياحة ، ومن اجلدير ‏َبلذكر أن <strong>السياحة</strong> الثقافية املرتبطة ‏َبملعامل األثرية واحلضارية ال<br />

يقبل عليها السائح غالباً‏ إال مرة واحدة ومعدل بقائه فيها قصري ( حبدود<br />

5 -3 أايم .) )1324(<br />

اثنياً:‏ أتثري هذه األغراض <strong>يف</strong> مشروعية <strong>السياحة</strong> :<br />

ولكن ليس كل أفراد<br />

تقدمت اإلشارة إىل بيان مشروعية <strong>السياحة</strong> وأن األصل فيها هو اإلَبحة )1325(<br />

جنس <strong>السياحة</strong> مباح بل يتفاوت ذلك حبسب الغرض من <strong>السياحة</strong> واملوازنة بني املصاحل واملفاسد فيها.‏<br />

)1321(<br />

)1322(<br />

)1323(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص 165 وما بعدها بتصرف.‏<br />

للفائدة ينظر:‏ : خطر االبتعاث <strong>يف</strong> كتاب اجملموع املرتضى،‏ للشيخ إبراهيم احلديثي ص)‏ 20<br />

. )<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب ص ( 116(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص (<br />

صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ص )188(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ للزوكة ص ( 107 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

،) 83 وأصول<br />

)1324(<br />

ينظر:‏ مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong> ملثىن احلوري والدابغ ص ( 84<br />

(، بتصرف.‏<br />

)1325( <strong>يف</strong> ص )84( .


وإذا كانت <strong>السياحة</strong> مبفهومها اللغوي تشمل مطلق التنقل <strong>يف</strong> األرض ألي غرض فإن أغراض <strong>السياحة</strong><br />

متنوعة متعددة وقد يغلب بعضها على مفهوم <strong>السياحة</strong> وذلك ‏َبختالف األشخاص واألزمان واألمكنة<br />

فتكون بعض األمور من أغراض <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> زمن دون غريه وهكذا .<br />

وهلذه األغراض أثر ‏َبلغ <strong>يف</strong> تفاوت احلكم الشرعي للسياحة وتغريه من اإلَبحة إىل الندب أو الكراهة أو<br />

التحرمي أو الوجوب فتدور عليها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية حبسب الغرض منها كما <strong>يف</strong> احلديث : )) إمنا األعمال<br />

‏َبلنيات،‏ وإمنا لكل امرئ ما نوى،‏ فمن كانت هجرته إىل هللا ورسوله فهجرته إىل هللا ورسوله،‏ ومن كانت<br />

هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إىل ما هاجر إليه ((.<br />

)1326(<br />

فتكون <strong>السياحة</strong> مباحة:‏<br />

والرتفيه الربئ النقي من أجل االستجمام والراحة وطلب<br />

وهو األصل كما تقدم ك<strong>السياحة</strong> للنزهة )1327(<br />

األنس والرتويح عن النفس وكذك <strong>السياحة</strong> لزايرة األصدقاء واألقارب للتسلي برؤيتهم واألنس بصحبتهم وكذا<br />

<strong>السياحة</strong> إلجناز األعمال واملهام واستثمار األموال طلباً‏ للربح والغىن والنماء دون تكرب وعلو وأكل للحرام،‏<br />

وكذا <strong>السياحة</strong> للعالج والنقاهة وتغيري البيئة وطلب الراحة بذلك،‏ فالتداوي حق وهو فعل األنبياء<br />

السالم<br />

–<br />

–<br />

)1328(<br />

عبثاً‏ .<br />

عليهم<br />

وعلل األجساد تعاجل حىت ت ‏ُرَد إىل اهليئة اليت كانت عليها ولوال ذلك ألمهلت األدوية ومل خيلقها هللا<br />

ففي الصحيح عنه : )) ما أنزل هللا داءً‏ إال أنزل له شفاء ((.<br />

)1329(<br />

وقال األعراب : اي رسول هللا أال نتداوى،‏ فقال:‏ )) نعم اي عباد هللا تداووا فإن هللا مل يضع داءً‏ إال وضع<br />

)1330(<br />

له شفاء ((، أو قال:‏ )) دواء (( احلديث .<br />

وقال <br />

: )) احرص على ما ينفعك واستعن ‏َبهلل (( )1331( ، والسفر لطلب العالج حتقيق لذلك،‏ وفيه<br />

تقوية للمؤمن على العبادة،‏ وقد أمر النيب العرنيني ملا اجتووا <strong>يف</strong> املدينة ‏َبخلروج إىل األرض النزهة والتداوي<br />

أبلبان اإلبل وأبواهلا ففعلوا فصلحت أبداهنم.‏ )1332(<br />

)1326(<br />

)1327(<br />

)1328(<br />

)1329(<br />

)1330(<br />

تقدم خترجيه ص ( 96<br />

وتقدم ذكر اخلالف فيها،ص )299(.<br />

ينظر:‏ نوادر األصول <strong>يف</strong> أحاديث الرسول <br />

،) وينظر : املوسوعة الفقهية الكويتية،‏ ( )26/25 .<br />

، للرتمذي ( /1 )44 .<br />

)1331(<br />

)1332(<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب الطب،‏ ابب ما أنزل هللا داء...احلديث ، برقم ( 5678( .<br />

أخرجه أبو داود،‏ <strong>يف</strong> كتاب الطب،‏ ابب <strong>يف</strong> الرجل يتداوى ، رقم ( 3855(، والرتمذي،‏ <strong>يف</strong> كتاب الطب،‏ ابب ما جاء <strong>يف</strong> الدواء واحلث عليه،‏<br />

برقم ( 2081(، وقال : حسن صحيح.‏<br />

أخرجه مسلم،‏ كتاب القدر،‏ ابب اإلميان ابلقدر،‏ رقم ( 6774(.<br />

اجتووا:‏ أصاهبم اجلوى وهو املرض،‏ تقول:‏ اجتويت البلد إذا كرهت املقام فيها وإن كنت <strong>يف</strong> نعمة لوقوع الضرر بك بسبب اإلقامة هبا . ينظر:‏<br />

النهاية،‏ البن اجلزري ( 1/ 318( . واحلديث أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب احلدود،‏ ابب احملاربني،‏ برقم ( 6802(.


وقد تكون <strong>السياحة</strong> العالجية إىل مكة لالستشفاء مباء زمزم،وقد قال النيب فيه وقد أقام بني الكعبة<br />

وأستارها ثالثني ما بني يوم وليلة ليس له طعام غريه:‏ )) إهنا مباركة إهنا<br />

)1333(<br />

طعام طعم وشفاء سقم (( .<br />

<br />

<br />

وقد تكون هذه <strong>السياحة</strong> إىل الينابيع والعيون املعدنية<br />

وهي داخلة <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />

<br />

)1334( ، وقوله أليوب بعد ابتالئه ‏َبملرض <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1335( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد تكون هذه <strong>السياحة</strong> بقصد األمكنة الرحيبة ليجول النظر <strong>يف</strong> ملكوت السماء واألرض جوالانً‏ يورث<br />

االرتياح لألعصاب والبهجة للنفس والسرور للقلب وإزالة اهلموم والكدر الذي ميرض اجلسم.‏ )1336(<br />

وقد ذُكر أن األطباء رَغَّبُوا مَنْ‏ كَلَّ‏ بَ‏ ‏َصرُه إبدامة النظر إىل اخلضرة،‏ وقيل <strong>يف</strong> لون السماء : " أتمل ما<br />

وضعت عليه السماء من هذا اللون الذي هو أحسن األلوان وأشدها موافقة للبصر وتقوية له"‏ .<br />

)1337(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذا من احلكم العظيمة اليت أرشدان املوىل سبحانه الستنباطها بقوله :<br />

فالنظر إليها عالج ألمراض القلب ووساوسه<br />

)1338(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومهومه واجلسد وآفاته وكلل بصره .<br />

وكذا <strong>السياحة</strong> لالستكشاف واالستطالع والتعرف على الثقافات والكائنات واألماكن واآلاثر وأتملها<br />

ودراسة اترخيها فكل ذلك على أصل اإلَبحة،‏ وهذه <strong>السياحة</strong> قد تكون حاجية أو حتسينية كما تقدم.‏<br />

)1339(<br />

وتكون <strong>السياحة</strong> مكروهة :<br />

)1333(<br />

ص<br />

أخرجه مسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب فضائل الصحابة،‏ ابب فضائل أيب ذر ، برقم ( 6359(، بدون لفظ : )) وشفاء سقم (( وهو عند الطيالسي <strong>يف</strong> مسنده<br />

( )61 ، رقم ( .)457<br />

)1334( سورة األنبياء اآلية : ( 30 ) .<br />

)1335( سورة ص اآلية : ( 42 ) .<br />

‏)‏‎1336‎‏(ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ علي األمحد،‏ ص ( 172 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

)1337(<br />

)1338(<br />

مفتاح دار السعادة،‏ البن القيم ( 1/ 207( .<br />

سورة ق اآلية:‏ ( 6<br />

. )<br />

ص ( 84 ) <strong>يف</strong>(‏ 1339(<br />

. ومابعدها


إذا غلب عليها االنغماس <strong>يف</strong> امللذات والشهوات املباحة ملا <strong>يف</strong> ذلك من تشاغل عن العبادة والطاعة<br />

وتقسية القلوب وإضاعة لألوقات وكذا إذا اشتملت على مفاسد ال تصل هبا إىل التحرمي أو ترتب عليها<br />

التفريط <strong>يف</strong> الطاعات والتكاسل عنها وحنو ذلك .<br />

وقد تكون <strong>السياحة</strong> مندوبة :<br />

إذا كان الغرض منها النزهة املباحة وتغيري البيئة والرتفيه الربيء اخلايل من املنكرات واملفاسد للتقوي بذلك<br />

على عبادة هللا وإيناس األهل وإدخال الفرح والبهجة إىل قلوهبم وإراحتهم من عناء الدراسة والعمل وتقدم<br />

تقرير مشروعية ذلك وأن األصل إَبحته ونية التقوي على العبادة وبر األهل والوالدين ‏َبإليناس ترتقي به إىل<br />

الندب واالستحباب كما تقدم.‏ )1340(<br />

وكذا إذا كان الغرض من <strong>السياحة</strong> زايرة األقارب واألصحاب وصلة األرحام طلباً‏ للثواب فإهنا تكون<br />

مندوبة كما <strong>يف</strong> قوله : : )) زار رجل أخاً‏ له <strong>يف</strong> قرية فأرصد هللا ملكاً‏ على مَدْرجته،‏ فقال:‏ أين تريد؟<br />

فقال:‏ أريد أخاً‏ يل <strong>يف</strong> هذه القرية،‏ قال:‏ هل لك من نعمة تَرُدُّهَا عليه؟ قال:‏ ال غري أين أحببته <strong>يف</strong> هللا عز<br />

وجل،‏ قال:‏ فإين رسول هللا إليك أبن هللا قد أحبك كما أحببته فيه ((<br />

األرحام تدخلوا اجلنة بسالم ((.<br />

)1341( ، و<strong>يف</strong> احلديث : (( صلوا<br />

)1342(<br />

وكذا إذا كان الغرض من <strong>السياحة</strong> زايرة املساجد الثالثة<br />

)1343(<br />

وأداء مناسك حج النفل والعمرة،‏ وطلب<br />

العلم النافع غري املتعني بنية حسنة،‏ والتفكر والتدبر واالتعاظ،‏ والدعوة إىل هللا،‏ وتعليم الغري اخلري وتعر<strong>يف</strong>هم<br />

بعادات األمة <strong>اإلسالم</strong>ية وتقاليدها ومبادئها السمحة،‏ وتصحيح التصورات اخلاطئة عنها،‏ أو لطلب الرزق<br />

احلالل فإهنا تكون مندوبة ملا فيها من املصاحل والفوائد الدنيوية واألخروية ، ولعموم األدلة <strong>يف</strong> فضل تلك<br />

األغراض واحلث عليها والرتغيب فيها،‏ كما <strong>يف</strong> قوله <strong>يف</strong> فضل طلب العلم : )) من سلك طريقاً‏ يلتمس<br />

<br />

<br />

<br />

فيه علماً‏ سهل هللا له به طريقاً‏ إىل اجلنة ((<br />

)1344( ، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> الدعوة إىل دينه :<br />

<br />

، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> طلب الرزق احلالل:‏ <br />

)1345(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1340( <strong>يف</strong> ص ( 84 )<br />

. ومابعدها<br />

)1341(<br />

رواه مسلم،‏ كتاب الرب والصلة،‏ ابب <strong>يف</strong> فضل احلب <strong>يف</strong> هللا ص (<br />

،)1127 رقم (<br />

،82 رقم)‏ ،)354<br />

)1342(<br />

رواه ابن ماجه،‏ <strong>يف</strong> كتاب إقامة الصالة،‏ ابب ما جاء <strong>يف</strong> قيام الليل،‏ ص (<br />

،)2555 رقم (<br />

2567(، والبخاري،‏ األدب املفرد،‏ ابب فضل الزايرة ص (<br />

1334(، والرتمذي،‏ <strong>يف</strong> كتاب األطعمة،‏ ابب ماجاء<br />

<strong>يف</strong> فضل إطعام الطعام،‏ وقال:‏ حديث حسن صحيح ص ( 1840(، رقم ( 1855(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ ابب الرتغيب <strong>يف</strong> فضل العشاء ( 502/2(،<br />

والدارمي،‏ <strong>يف</strong> فضل صالة الليل ( 405/1(،<br />

)1343(<br />

)1344(<br />

)1345( سورة النحل اآلية : ( 125 ) .<br />

وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> ص )555(.<br />

رواه مسلم،‏ كتاب الذكر والدعاء والتوبة واالستغفار،‏ ابب فضل االجتماع على تالوة القرآن،‏ ص)‏ 1147(، رقم ( 2699( .


، وقوله :<br />

)1346(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، )1348(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله سبحانه <strong>يف</strong> ذلك :<br />

)1347(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وملا تقدم من األدلة <strong>يف</strong> فضل سياحة التفكر )1349( كقوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> ذلك<br />

فوائد وإدراك لعظمة هللا ووحدانيته مما يزيد اإلميان واملعرفة ‏َبهلل .<br />

)1350( <br />

<br />

وذهب بعض املفسرين كالشيخ حممد رشيد رضا إىل القول بوجوب <strong>السياحة</strong> بغرض االعتبار )1351(<br />

ألن<br />

)1352( <br />

<br />

قوله سبحانه <br />

يدل بعمومه على وجوب هذه <strong>السياحة</strong> وإن كان اخلطاب<br />

للمشركني املكذبني ‏َبلرسل لكن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب .<br />

وقال <strong>يف</strong> الكشاف:‏ " جعل النظر مسبباً‏ عن السري <strong>يف</strong> قوله<br />

)1353(<br />

فانظروا <br />

فكأنه قال:‏ سريوا ألجل النظر<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وال تسريوا سري الغافلني،‏ وأما قوله :<br />

فمعناه : إَبحة السري <strong>يف</strong> األرض<br />

للتجارة وغريها من املنافع وإجياب النظر <strong>يف</strong> آاثر اهلالكني ونبه على ذلك ب ( مث ) لتباعد ما بني الواجب<br />

)1354(<br />

واملباح ".<br />

سورة امللك اآلية:‏ ( 15<br />

. )<br />

)1346(<br />

. )<br />

)1347(<br />

)1348( سورة النحل اآلية : ( 14 ) .<br />

سورة املزمل اآلية:‏ ( 20<br />

)1349( <strong>يف</strong> ص )37(<br />

. ومابعدها<br />

)1350( سورة احلج اآلية : ( 46 ) .<br />

)1351(<br />

ينظر:‏ تفسري املنار،‏ حملمد رشيد رضا ( 290/8( .<br />

وهو حممد رشيد بن علي رضا بن حممد احلسيين،‏ صاحب جملة املنار من الكتاب والعلماء ابحلديث واألدب والتاريخ والتفسري،‏ تو<strong>يف</strong> عام<br />

‎1354‎ه .<br />

ينظر:‏ األعالم ، للزركلي ( )126/6 .<br />

)1352( سورة األنعام اآلية : ( )11 .<br />

)1353(<br />

)1354(<br />

املصدر السابق .<br />

للزخمشري ( 8/2( ، وهبذا قال البيضاوي،‏ ينظر:‏ حاشية زاده على البيضاوي ( 154/2(، وقال زاده:‏ ( وقيل جيوز أن يكوان واجبني ومث لتفاوت<br />

ما بني الواجبني كما <strong>يف</strong> قولك:‏ توضأ مث صل،‏ ويؤيد هذا االحتمال أن جعل السري هاهنا سري إابحة و<strong>يف</strong> غريه سري إجياب حتكم بال دليل وإن وجوب<br />

السري كوجوب الوضوء <strong>يف</strong> أن كل واحد منهما مفتاح ملا بعده غري مقصود لذاته ) . لكن قياس السري والنظر على قوله : توضأ مث صل مع الفارق فال<br />

يصح ألنه معلوم ابألدلة الثابتة اشرتاط الوضوء لصحة الصالة وليس السري كذلك ، والسري حيتمل أن يكون ابلعقول والفكر أو ابألقدام،‏ وقد يستغىن<br />

ابلوسائل احلديثة املرئية والسمعية عن السري احلسي <strong>يف</strong> ذلك التفكر واالتعاظ مبشاهدة ذلك ومساعه من خالهلا . ينظر:‏ تفسري البغوي (<br />

وأحكام <strong>السياحة</strong> لناقور ص ( 41<br />

،)130 /3<br />

42- ،) بتصرف.‏


واألقرب هو استحباب ذلك ال إجيابه كما هو قول مجهور العلماء واملفسرين فإنه مل ينقل عن أحد من<br />

العلماء أتثيم من مل يسر <strong>يف</strong> األرض لالعتبار وسبب نزول اآلية كما تقدم كاف لصرف األمر عن الوجوب<br />

إىل الندب.‏<br />

)1355(<br />

وقد تكون <strong>السياحة</strong> حمرمة :<br />

ك<strong>السياحة</strong> للرتفيه <strong>يف</strong> بالد الكفار<br />

)1356(<br />

و<strong>يف</strong> أماكن اللهو احملرم،‏ و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني للرتفيه<br />

والتسلية،‏ و<strong>السياحة</strong> البدعية <strong>يف</strong> املشاهد والقبور واألضرحة واآلاثر واملعابد جملرد املتعة أو إعجاَبً‏ هبا أو تعظيماً‏<br />

هلا ، و<strong>السياحة</strong> للتجارة إذا اقرتنت ‏َبملفاخرة والكرب والعلو <strong>يف</strong> األرض واملكاثرة ‏َبملال لذلك أو أكله<br />

)1357(<br />

‏َبلباطل،‏ و<strong>السياحة</strong> لطلب علم ضار،‏ و<strong>السياحة</strong> الثقافية واالستكشافية إذا كان فيها تعظيماً‏ لرتاث واتريخ<br />

وتقاليد مبادئ غري املسلمني وإعجاَبً‏ هبا،‏ و<strong>السياحة</strong> للعالج إذا كان حمرماً‏ كالتداوي ‏َبخلمر واخلنزير<br />

والسحر )1358(<br />

وحنو ذلك .<br />

كما حترم <strong>السياحة</strong> إذا ترتب عليها مفسدة راجحة أو إضرار ‏َبألهل أو الغري أو ارتكاب للمحرمات أو<br />

تضييع حلقوق أو واجبات وحنو ذلك .<br />

فإذا علم السائح أو غلب على ظنه أنه سريتكب <strong>يف</strong> سياحته حمظوراً‏ أو سيرتتب عليها ضرراً‏ أو منكراً‏ أو<br />

إضاعة للواجبات واحلقوق وحنو ذلك من املفاسد فإن سياحته حمظورة عندئذ ؛ ألن درء املفاسد مقدم على<br />

جلب املصاحل،‏ وإذا كانت سياحته طريقاً‏ أو ذريعة للفساد واإلسراف وإضاعة الواجبات وحنو ذلك فإن ما<br />

يؤدي إىل حمظور حمظور مثله،‏ وقد قررت الشريعة سد الذرائع .<br />

وإذا كان <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ضرر على السائح <strong>يف</strong> نفسه أو دينه أو عقله أو ماله أو عرضه فإن الضرر يزال<br />

إبزالة سببه وطريقه وهو <strong>السياحة</strong> .<br />

ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية : " إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو اإلَبحة أو<br />

التحرمي فلينظر إىل مفسدته ومثرته وغايته،‏ فإن كان مشتمالً‏ على مفسدة راجحة ظاهرة فإنه يستحيل على<br />

)1355(<br />

)1356(<br />

)1357(<br />

املصدر السابق ، بتصرف،‏ والدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص ( 158 وما بعدها (، بتصرف.‏<br />

وسيأيت بياهنا ص )382(.<br />

وسيأيت تفصيل ذلك <strong>يف</strong> ص )548( ، وقد سئل الشيخ ابن جربين عمن يسافر إىل مصر فيزور املتاحف الفرعونية ويشاهد اجلثث احملنطة فيها<br />

.<br />

)1358(<br />

فأجاب:‏ أبن زايرهتا ألجل النظر واالعتبار واالتعاظ ال مانع منه،‏ لعموم األدلة <strong>يف</strong> األمر ابلتفكر واالعتبار،‏ ويكون ذلك بقدر احلاجة،‏ أما زايرهتا ألجل<br />

التمتع أو التعظيم أو اإلعجاب فممنوع منه،‏ ينظر:‏ املفيد،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص ( 153-152(، بتصرف.‏<br />

وسئل الشيخ ابن ابز عن الذهاب للسحرة بقصد العالج إذا كان مضطراً‏ إىل ذلك . فأجاب:‏ ال جيوز الذهاب إىل الكهان والسحرة واملشعوذين<br />

وال سواهم لقوله : )) من أتى عرافاً‏ فسأله عن شيء مل تقبل له صالة أربعني ليلة((‏ رواه مسلم،‏ وقال : )) من أتى كاهناً‏ أو عرافاً‏ فصدقه مبا<br />

يقول فقدكفر مبا أنزل على حممد ((، ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت البن ابز ، مجع الشويعر ( 8/ 158(، بتصرف.‏


الشارع األمر به أو إَبحته بل يقطع أن الشرع حيرمه ال سيما إذا كان مفضياً‏ إىل ما يبغضه هللا ورسوله".‏<br />

)1359(<br />

وقد تكون <strong>السياحة</strong> واجبة :<br />

إذا كانت ألداء فريضة احلج،‏ أو طلب علم انفع متعني،‏ أو طلب الرزق احلالل إن تعذر أبرضه،‏ أو<br />

كانت ألداء عمل يلزمه أداؤه وحنو ذلك من الواجبات تقريراً‏ لقاعدة:‏ ما ال يتم الواجب إال به فهو واجب.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1360(<br />

وأوجب بعض العلماء سياحة التفكر واالتعاظ<br />

لعموم قوله سبحانه :<br />

)1361(<br />

<br />

فهو وإن كان الغرض منه الداللة على صدق ما قبلها من اآلايت الناطقة مبا حل من عقاب هللا<br />

‏َبلساخرين واملستهزئني برسل هللا واخلطاب فيه للمشركني املكذبني ليعتربوا قبلهم إال أن العربة بعموم اللفظ ال<br />

خبصوص السبب.‏ )1362(<br />

والصواب ما قرره أكثر املفسرين من أن األمر لإلَبحة ال للوجوب ألنه مل ينقل عن أحد من أهل العلم<br />

أتثيم من مل يسر <strong>يف</strong> األرض للعظة واالعتبار وألن اخلطاب <strong>يف</strong> اآلية موجه للمشركني املكذبني للغرض السابق<br />

ذكره وهو كاف <strong>يف</strong> صرف األمر عن الوجوب إىل الندب.‏ )1363(<br />

)1359(<br />

القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية ، عبد السالم احلصني ( 165/1( .<br />

‏)‏‎1360‎‏(كالشيخ حممد رشيد رضا <strong>يف</strong> املنار ( 8/ 290(، بواسطة أحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هلاشم انقور،‏ ص ( 41(.<br />

)1361( سورة األنعام اآلية : ( )11 .<br />

)1362(<br />

)1363(<br />

املصدر السابق ، بتصرف.‏<br />

املصدر السابق ، بتصرف.‏


املطلب الثامن<br />

عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر


: املطلب الثامن<br />

عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر<br />

أوالً‏ : التعر<strong>يف</strong> مبكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر :<br />

تعترب مكاتب ووكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر من العوامل األساسية <strong>يف</strong> تسويق اخلدمات السياحية حبيث يقوم<br />

وكيل <strong>السياحة</strong> أو مكتب <strong>السياحة</strong> بتسويق املنشأة السياحية واستقطاب السواح وبيعهم خدمات هذه املنشأة<br />

السياحية وعمل برامج تسويقية وتروجيية لتلك املنشأة السياحية وللسياحة <strong>يف</strong> البلد بشكل عام.‏ )1364(<br />

كما يتحدد دور هذه املكاتب والوكاالت <strong>يف</strong> تقدمي املعلومات وحجز السكن وتذاكر التنقل والتنظيم<br />

الكامل للرحلة .<br />

وحىت تقوم هذه الوكاالت بدورها على أحسن وجه تبذل اجلهود املستمرة ملعرفة حركة املواقع السياحية<br />

ورغبة السياح <strong>يف</strong> زايرهتا ومعرفة جنسيات السياح املرتددين على كل منطقة ونوعياهتم وتنفق شرحية أكرب من<br />

مبيعاهتا على الرعاية واإلعالن.‏ )1365(<br />

ومنذ أول رحلة قامت هبا شركة توماس كوك ‏َبلقطار عام ‎1841‎م تطورت العمليات اليت تقوم هبا<br />

وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر لتصبح أحد عناصر صناعة <strong>السياحة</strong> اهلامة حيث أصبحت تلعب دوراً‏ فعاالً‏ <strong>يف</strong><br />

تشكيل نظرة السائحني ملقاصدهم كما أهنا تؤثر على قرار اختيارهم للمكان والربانمج السياحي.‏<br />

ويلجأ املسافرون والسواح إىل هذه الوكاالت واملكاتب طلباً‏ للنصائح والتعرف على األسعار وأماكن<br />

التسوق والرتفيه . )1366(<br />

ويشرتط <strong>يف</strong> العاملني من املدراء واملوظفني اإلملام حباجات ورغبات السواح وأن يكونوا <strong>يف</strong> حالة نفسية<br />

جيدة لتقدمي اخلدمات أبكرب قدر من الكفاءة والبد أن يتمتع العامل <strong>يف</strong> هذا اجملال ببعض الصفات ليسوق<br />

اخلدمة السياحية ومن ذلك:‏ أن يكون على قدر كبري من العلم واملعرفة <strong>يف</strong> جمال العمل وأن جييد اللغات<br />

ويتصرف بلباقة وأن يتمتع ‏َبلشخصية القوية وقوة التعبري ولغة التخاطب الواضحة والراحة النفسية والبد أن<br />

يراعي العاملون <strong>يف</strong> تسويق اخلدمات السياحية مبادئهم وعاداهتم وتقاليدهم وثقافة بلدهم وقيمهم .<br />

)1367( وقد<br />

بينت اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية وظائف وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong> وحصرهتا <strong>يف</strong><br />

املسميات الوظ<strong>يف</strong>ية التالية:‏<br />

)1364(<br />

)1365(<br />

ينظر:‏ تسويق اخلدمات السياحية،‏ لسراب إلياس وحسن الرفاعي والدمياسي وعطري ، ص‎150‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب،‏ د.‏ فؤادة البكري ص ( 80(، بتصرف،‏ واملنشأة السياحية هي املكان املعد أساساً‏ الستقبال<br />

السياح وتقدمي املأكوالت واملشروابت وغريها كاملالهي والنوادي الليلية والكازينوهات واحلاانت واملطاعم واملنتجعات السياحية األخرىكما تعد وسائل<br />

النقل املخصصة لنقل السياح <strong>يف</strong> رحالت برية أو حبرية من قبل املنشآت السياحية،‏ ينظر:‏ املصدر السابق ص ( 81<br />

. )<br />

)1366(<br />

)1367(<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب ص)‏ 43(، بتصرف .<br />

ينظر:‏ تسويق اخلدمات السياحية،‏ لسراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري<br />

والسفر والطريان،‏ محيد الطائي ص ( 197<br />

، ص 149-148(<br />

وما بعدها ) .<br />

) ، ومدخل إىل <strong>السياحة</strong>


-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

مدير وكالة سياحية .<br />

مدير نقل جوي.‏<br />

موظف حجز .<br />

موظف حجز سياحي.‏<br />

موظف إصدار بوالص .<br />

موظف إصدار تذاكر.‏<br />

مندوب تسويق مبيعات .<br />

حماسب.‏<br />

موظف خدمات عبور.‏<br />

موظف تسويق شحن .<br />

موظف استعالمات سياحية .<br />

موظف خدمات مسافرين .<br />

موظف خدمات أمتعة .<br />

موظف خدمات شحن .<br />

‏َبئع تذاكر .<br />

موظف أتجري سيارات سياحية .<br />

أمني صندوق .<br />

مراسل .<br />

مرشد سياحي.‏<br />

)1368(<br />

وبينت أبنه ميكن زايدة وظائف أخرى .<br />

)1369(<br />

اثنياً:‏ حكم عمل املسلم <strong>يف</strong> هذه املكاتب والوكاالت :<br />

تقوم هذه املكاتب ‏–كما تقدم<br />

–<br />

بتسويق اخلدمات ( بيعها أو أتجريها(‏ والرتويج هلا.‏<br />

واألصل <strong>يف</strong> املعامالت والعادات اإلَبحة على الصحيح كما تقدم فإذا كانت هذه اخلدمات مباحة <strong>يف</strong><br />

ذاهتا فإن تروجيها وتسويقها والعمل <strong>يف</strong> املكاتب اليت تقوم بذلك مباح أيضاً،‏ وهو<br />

من – أي العمل فيها –<br />

)1368(<br />

)1369(<br />

ينظر:‏ منوذج حصر وظائف وكاالت السفر و<strong>السياحة</strong>،‏ على موقع اهليئة العليا للسياحة:‏ www.sct.qov.sa<br />

املصدر السابق .


وآجر موسى<br />

قبيل إجارة األشخاص،‏ وقد أمجع أهل العلم على جواز استئجار اآلدمي )1370(<br />

–<br />

–<br />

نفسه لرعاية الغنم<br />

)1371(<br />

واستأجر النيب وأبو بكر رجالً‏ ليدهلما على الطريق )1372(<br />

عليه السالم<br />

، وذكر النيب <br />

رجالً‏ استأجر أجراء كل أجري بِّفَرَق من ذُرَة وقال:‏ )) إمنا مثلكم ومثل أهل الكتاب كمثل رجل استأجر<br />

أجراء فقال:‏ من يعمل يل من غدوة إىل نصف النهار على قرياط قرياط؟ فعملت اليهود مث قال:‏ من يعمل يل<br />

من نصف النهار إىل العصر على قرياط قرياط؟ فعملت النصارى،‏ مث قال من يعمل يل من العصر إىل غروب<br />

الشمس على قرياطني قرياطني؟ فعملتم أنتم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا:‏ حنن أكثر عمالً‏ وأقل أجراً،‏<br />

فقال:‏ هل ظلمتكم من أجركم شيئاً؟ قالوا:‏ ال،‏ قال:‏ فإمنا هو فضلي أوتيه من أشاء (( .<br />

" وألنه جيوز االنتفاع به مع بقاء عينه فجازت إجارته كالدور " .<br />

وإجارة األشخاص على صورتني :<br />

)1373(<br />

)1374(<br />

األوىل :<br />

أجري خاص استؤجر ليعمل للمستأجر فقط وهو : ( الذي يقع العقد عليه <strong>يف</strong> مدة معلومة<br />

) أو هو : ( من يعمل ملعني مؤقتاً‏ ويكون العقد ملدة ويستحق<br />

يستحق املستأجر نفعه <strong>يف</strong> مجيعها )1375(<br />

وهذا كاخلادم<br />

األجر بتسليم نفسه <strong>يف</strong> املدة ألن منافعه صارت مستحقة ملن استأجره <strong>يف</strong> مدة العقد (. )1376(<br />

واملوظف وسائر من يستأجر خلدمة أو عمل <strong>يف</strong> بناء أو خياطة أو داللة أو رعاية زمناً‏ معيناً،‏ ومسي خاصا:‏<br />

. والعقد وارد على منافعه واألجر مقابلها<br />

الختصاص املستأجر بنفعه <strong>يف</strong> تلك املدة دون سائر الناس )1377(<br />

وال تصري منافعه معلومة إال بذكر املدة أو املسافة وهي <strong>يف</strong> حكم العني فإذا صارت مستحقة بعقد املعارضة<br />

إلنسان فال يتمكن من إجياهبا لغريه <strong>يف</strong> تلك املدة )1378(<br />

.<br />

ولذا يسميه بعض الفقهاء أجري وَحْد حيث ال ميكنه أن يعمل لغري واحد مدة اإلجارة.‏ )1379(<br />

)1370(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة ( 35/8(، واإلمجاع،‏ البن منذر ص ( 102(.<br />

)1371( كما <strong>يف</strong> قوله<br />

<br />

سبحانه :<br />

سورة القصص،‏ اآلايت ( -26 )27 .<br />

<br />

‏)‏‎1372‎‏(أخرجه البخاري،‏ كتاب اإلجارة،ابب استئجار املشركني عند الضرورة،‏ ص‎175‎ ، رقم )2263( و<strong>يف</strong> مواطن أخرى،‏ وهذا اللفظ أخرجه احلاكم <strong>يف</strong><br />

)1373(<br />

املستدرك )9/3( ، وصححه،‏ والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )105/7(، واهليثمي <strong>يف</strong> جممع الزوائد )278/8(.<br />

أخرى .<br />

)1374(<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب اإلجارة،‏ ابب اإلجارة إىل نصف النهار وإىل صالة العصر ص ( 176(، رقم ( 2268(، و<strong>يف</strong> مواضع<br />

املغين ، البن قدامة ، حتقيق الرتكي وعبد الفتاح احللو ( 8/ 35( .<br />

‏)‏‎1375‎‏(ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية ( 1/ 288( .<br />

)1376(<br />

املصدر السابق ص ( 103<br />

. )<br />

)1377(<br />

)1378(<br />

املغين،‏ البن قدامة،‏ ( 8/ 103(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين ( 334/2(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 4/ 282( ، تبيني احلقائق للزيلعي ( 5/ 134(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )526/7(، وعقد اجلواهر الثمينة<br />

البن شاس ( 843/2(.<br />

)1379( ينظر:‏ العناية،‏ للبابريت ( /9 )129 .


والعمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر <strong>يف</strong> الغالب من هذا القبيل ألنه موظف مرتبط بعقد عمل معني<br />

مؤقت لصاحل املكتب أو وكالة <strong>السياحة</strong> .<br />

والصورة الثانية :<br />

أجري مشرتك،‏ وهو الذي يعمل للمستأجر ولغريه ( لغري واحد ) فيكرتي ألكثر من<br />

مستأجر بعقود خمتلفة وال يتقيد ‏َبلعمل لواحد دون غريه<br />

)1380( ، وال خيرجه عن صفته هذه عمله لواحد إذا<br />

كان حبيث ال ميتنع وال يتعذر عليه أن يعمل لغريه )1381( ، واملعقود عليه فيه هو الوصف الذي حيدث <strong>يف</strong><br />

– العني بعمله<br />

أو هو العمل أو أثره<br />

املستأجر ألن منافعه ليست<br />

–<br />

فال حيتاج إىل ذكر املدة وال ميتنع عليه تقبل مثل ذلك العمل من غري<br />

متستحقة لواحد،‏ ومن هنا مسي مشرتكاً‏ الشرتاكهم <strong>يف</strong> مفعته،‏ ويستحق<br />

األجرة على عمل معني كخياطة ثوب وبناء حائط ومحل شيء إىل مكان معني أو عمل <strong>يف</strong> مدة ال<br />

يستحق مجيع نفعه فيها )1382 ) كالكحال والطبيب واملهندس واحملامي وحنوهم.‏ )1383(<br />

وقد يكون العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> من هذا القبيل كاملرشد السياحي مثالً‏ إذا كان يعمل<br />

حلسابه اخلاص وغريه من العاملني <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> إذا كان يعمل لنفسه وال يرتبط بعقد عمل<br />

للغري فإن ما يقدمه من خدمات لاخرين وتسويق للخدمات السياحية وغريها ينطبق عليها أحكام<br />

األجري املشرتك .<br />

وهذه اإلجارة بنوعيها عقد يشرتط فيه حل املعقود عليه فإذا كان العقد على استئجار األجري<br />

ملزاولة عمل أو نشاط حمرم فالعقد ‏َبطل والفعل احملرم ال يتجزأ وما حرم فعله حرم االنتفاع منه فاألجر<br />

املكتسب على األفعال واملنافع واألعمال احملرمة من اخلبائث .<br />

<br />

)1384( ، ويقول :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول :<br />

)1385( ، واألمر يقتضي الوجوب<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

لتجرده عن القرائن الصارفة،‏ ويقول سبحانه :<br />

)1380(<br />

.<br />

)1381( ينظر:‏ العناية،‏ للبابريت ( /9 )129 .<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وحاشية الدسوقي (<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة .<br />

4/4<br />

(، واجملموع،‏ للنووي مع تكملة املطيعي ( 194-193/15(، واملغين،‏ البن قدامة (<br />

)35 /8<br />

)1382(<br />

)1383( ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية ( /1 )295 .<br />

)1384( سورة األعراف اآلية : ( 157 ) .<br />

)1385( سورة البقرة اآلية : ( 172 ) .


حرم مثنه )) )1387( .<br />

)1386( ، و<strong>يف</strong> احلديث : )) إن هللا إذا حرم شيئاً‏<br />

واتفق األئمة األربعة على أن كل ما منفعته حمرمة كالزىن والزمر والنوح والغناء وحنوه فإنه ال جيوز<br />

االستئجار لفعله )1388(<br />

ملا تقدم وألنه حمرم فلم جيز االستئجار عليه كإجارة أمته للزىن )1389(<br />

أكل أموال الناس ‏َبلباطل،‏ وألنه من اإلعانة على املعصية وتعدي حدود هللا،‏ وهللا تعاىل يقول:‏<br />

وألنه من قبيل<br />

<br />

<br />

)1390( ، فعقد اإلجارة إذا انصب على فعل حمرم<br />

فإنه يعد ‏َبطالً‏ وكل ما<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

تولد عنه يعد حمرماً.‏ )1391(<br />

بتحرمي العمل <strong>يف</strong> وكاالت <strong>السياحة</strong> إذا كانت هذه<br />

وبناء على هذا أفىت كثري من الفقهاء املعاصرين )1392(<br />

<strong>السياحة</strong> عبارة عن ممارسة للسوء وهتيئة الظروف للمحرمات كإدخال السياح ألماكن اللهو احملرم من املراقص<br />

والبارات ودور السينما وتقدمي احملرمات من املطعومات هلم ونشر الرذيلة،‏ وكإرشادهم <strong>يف</strong> داير املعذبني بلغة<br />

التعظيم واإلعجاب وإدخاهلم املساجد القدمية أو غريها للنزهة وامتهاهنا بذلك وخمالطة النساء املتربجات<br />

والعراة والفساق وغري ذلك ألن كل ما أدى إىل احلرام فهو حرام،‏ وألن <strong>يف</strong> ذلك إعانة على املنكر ، وهللا<br />

تعاىل يقول:‏<br />

ولقوله <br />

)1393(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

: )) من دعى إىل هدى كان له<br />

)1386(<br />

)1387(<br />

سورة األنعام اآلية:‏ ( 120<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده (<br />

. )<br />

،)293 /1 رقم (<br />

2678( ، والدار قطين،‏ <strong>يف</strong> كتاب البيوع (<br />

اخلرب الدال على أن بيع اخلنازير والكالب حمرم ( 312/11(، رقم ( 4938(.<br />

،)7/3 رقم (<br />

)1388(<br />

ينظر:‏ اإلمجاع،‏ البن املنذر،‏ ص ( 102(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين (<br />

/4<br />

20(، وابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه،‏ ابب ذكر<br />

289(، وشرح فتح القدير البن اهلمام )8/41(، وحاشية ابن<br />

عابدين )75/9(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )839/2(، وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )4/4 (، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )539/7(،<br />

واجملموع،‏ للنووي مع تكملة املطيعي )177/15(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )335/2(، ، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )303/5(،<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية ( 1/ 290(.<br />

)1389(<br />

)1390( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />

. )230<br />

)1391(<br />

)1392(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )8/ 131(.<br />

ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة العدد ( 26(، السنة السابعة،‏ مسائل <strong>يف</strong> الفقه،‏ حكم األجر الذي يكتسب من العمل <strong>يف</strong> مكان حمرم ص (<br />

ينظر:‏ فتوى د.‏ عبد هللا بن بيه،‏ ود.‏ زيد الغنام وغريمها <strong>يف</strong> موقع<br />

www.islamtoday.net<br />

www.islam<br />

. www.islamweb.net<br />

أستاذ الفقه جبامعة األزهر وعضو اجمللس األعلى للشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ ود.‏ يوسف القرضاوي <strong>يف</strong> موقع : <strong>اإلسالم</strong> على اإلنرتنت<br />

،online.net وفتاوى <strong>يف</strong> مركز الفتوى إبشراف د.‏ عبد هللا الفقيه على الرابط :<br />

)1393( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />

، وفتوى د صربي عبد الرؤوف،‏


من األجر مثل أجور من تعبه ال ينقص من أجورهم شيئاً،‏ ومن دعا إىل ضاللة كان عليه من اإلمث مثل آاثم<br />

من تبعه ال ينقص ذلك من آاثمهم<br />

شيئاً‏ ((<br />

)1394( ، وملا تقدم من األدلة .<br />

وأما إذا كان نشاط وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر مباحاً‏ وال يؤدي وال يساعد وال يتضمن ارتكاب حمذور<br />

شرعي )1395( ، والتزم العامل فيها بتعاليم دينه فلم يرتكب بعمله معصية ومل يعرض نفسه للفنت ‏َبجتناب<br />

مواطن الشهوات فإن العمل فيها واألجرة على ذلك من املباح وال حرج فيه .<br />

والواقع يشهد أبن كثرياً‏ من وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر تنشط <strong>يف</strong> أعمال <strong>السياحة</strong> احملرمة وتعد برامج<br />

وخطط لذلك وهدفها مجع األموال فقط وهي مسؤولة عن ضياع ثروات األمة من الشباب <strong>يف</strong> سياحة هتدر<br />

الكرامة وتضيع حدود هللا عز وجل ويتشرب أبناء األمة منها النجاسات واخلبائث ويعودوا ‏َبخلزي والندامة<br />

واألفكار اهلدامة واألمراض املستعصية وهلذه املكاتب والوكاالت دور كبري <strong>يف</strong> تيسري ذلك واإلعانة عليه )1396(<br />

فمثل هذه املكاتب والوكاالت ال جيوز العمل فيها كما تقدم .<br />

وقد يتضمن العمل <strong>يف</strong> هذه املكاتب تقدمي اخلدمات واملنافع واألعمال لغري املسلمني .<br />

وقد نقل بعض الفقهاء اإلمجاع على أنه ال جيوز للمسلم أن يؤجر نفسه للكافر لعمل الجيوز له فعله<br />

كعصر اخلمر ورعي اخلنازير وحنو ذلك .<br />

)1398(<br />

. <br />

<br />

<br />

)1397(<br />

<br />

<br />

<br />

لقوله سبحانه : <br />

وحلديث أنس <br />

: )) لعن رسول هللا <br />

واحملمول عليه،‏ وَبئعها،‏ ومبتاعها،‏ وواهبها،‏ وآكل مثنها (( . )1399(<br />

<strong>يف</strong> اخلمر عشرة:‏ عاصرها،‏ وشارهبا،‏ وساقيها،‏ وحاملها،‏<br />

فلعن كل من له صلة ‏َبخلمر ألنه حمرم<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

)1394(<br />

)1395(<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب العلم ، ابب من سن سنة حسنة أو سيئة،‏ ص )1144( رقم )2674(.<br />

من احملاذير الشرعية <strong>يف</strong> اإلرشاد السياحي على سبيل املثال ما أييت:‏<br />

زايدة داير املعذبني من الظاملني كما <strong>يف</strong> اآلاثر الفرعونية ومنطقة األهرامات ومعبد أبو سنبل والكرنك،‏ وغريها للنزهة واملتعة .<br />

أن لغة املرشد <strong>يف</strong> التعر<strong>يف</strong> ابآلاثر غالباً‏ هي التعظيم واإلكبار واإلعجاب.‏<br />

اإلرشاد السياحي قد يتضمن خدمة الكافر وإذالل املسلم <strong>يف</strong> ذلك .<br />

ارتياد املرشد ألماكن الباطل من دور السينما واللهو واملراقص واحلاانت .<br />

اصطحابه الكفار إىل املساجد ودخوهلم فيها شبه عراة مع تلبسهم حبيض وجنابة وجناستهم املعنوية و<strong>يف</strong> ذلك امتهان لبيوت هللا .<br />

التعرض لفنت النساء وخمالطتهن والنظر إىل عوراهتن وجتاذب احلديث معهن بتكسر وخضوع،‏ وغري ذلك من احملاذير اليت توجب حترمي<br />

العمل <strong>يف</strong> اإلرشاد السياحي وهو أحد وظائف وكاالت <strong>السياحة</strong>،‏ ينظر:‏ فتوى <strong>يف</strong> ذلك على الرابط:‏ املرشد السياحي بني جواز العمل<br />

وحرمته ‎1424/4/27‎ه<br />

.<br />

www.islamweb.net<br />

)1396(<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة األعداد : (<br />

) 1796 6 و 1748 و 1745<br />

ربيع األول ‎1421‎ه و<br />

27<br />

ربيع األول ‎1421‎ه و<br />

22<br />

‎1422‎ه ، الصفحات ( )28 و ( )20 و ( 30 ) .<br />

‏)‏‎1397‎‏(كابن رشد <strong>يف</strong> بداية اجملتهد )4/4 (، وينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب )539/7(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )45/19(.<br />

)1398( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />

ربيع األول


فال جيوز االستئجار على مثله من سائر احملرمات وألن الشيء إذا حرم حرم كل ما يتعلق به مما هو سبب إىل<br />

حتليله .<br />

وألن املعصية ال يتصور استحقاقها ‏َبلعقد فال جيب عليه األجر من غري أن يستحق هو على األجري إذ<br />

املبادلة ال تكون إال ‏َبستحقاق كل واحد منهما على اآلخر ولو استحق عليه املعصية لكان ذلك مضافاً‏ إىل<br />

الشارع من حيث أنه شرع عقداً‏ موجباً‏ للمعصية تعاىل هللا عن ذلك.‏<br />

وخالف أبو حن<strong>يف</strong>ة<br />

)1400(<br />

–<br />

)1401(<br />

– رمحه هللا<br />

صاحباه واجلمهور فأجاز أخذ األجرة على محل اخلمر ألن<br />

نفس احلمل ليس مبعصية بدليل أن محلها لإلراقة والتخليل مباح وكذا ليس سبباً‏ للمعصية وهو الشرب،‏ ألن<br />

ذلك حيصل بفعل فاعل خمتار وليس احلمل من ضرورات الشرب فكان سبباً‏ حمضاً‏ فال حكم له كعصر العنب<br />

وقطفه .<br />

وأجاب عن احلديث أبنه حممول على احلمل بنية الشرب.‏<br />

)1402(<br />

والصواب خالفه ألن احلمل معصية لكونه إعانة على املعصية وهو استئجار لفعل حمرم فلم يصح كالزىن<br />

<br />

<br />

ومحلها لإلراقة والتخليل ليس كذلك ألنه ال معصية <strong>يف</strong> ذلك وهللا تعاىل يقول :<br />

)1403(<br />

وألن املنفعة احملرمة مطلوب إزالتها واإلجارة تنافيها ، واحلديث صريح <strong>يف</strong> لعن حاملها<br />

<br />

<br />

وهو ظاهر <strong>يف</strong> منع كل ما يعني على احملرم أو يكون سبباً‏ مفضياً‏ إليه وأتويل أيب حن<strong>يف</strong>ة له بعيد )1404( ، وقد<br />

حرم <strong>اإلسالم</strong> بيع وشراء وإجارة وتعاطي كل ما هو حمرم <strong>يف</strong> ذاته وكل ما يؤدي <strong>يف</strong> غايته أو وسيلته إىل ضرر<br />

اإلنسان <strong>يف</strong> نفسه أو دينه أو ماله أو عرضه أو عقله،‏ واحملرمات كثرية ومنها ما يكون <strong>يف</strong> أعمال مكاتب<br />

<strong>السياحة</strong> من توفري احملرمات واإلعانة على املعاصي والفواحش وفساد األخالق،‏ وقد حرم هللا ذلك ملصلحة<br />

اإلنسان بصرف النظر عن لونه وجنسه ومعتقده فال جيوز للمسلم بيع أو أتجري ما حرم هللا لغري<br />

املسلم أو اإلعانة عليه وذلك ملناطه مبحل التحرمي ذاته .<br />

)1399(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب األشربة،‏ ابب العنب يعصر للخمر ص (<br />

على عشرة أوجه ص (<br />

أمحد <strong>يف</strong> مسند (<br />

،)1495 رقم (<br />

،)2681 رقم (<br />

/1<br />

3674(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب األشربة،‏ ابب لعنت اخلمر<br />

3380(، والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب البيوع،‏ ابب إن هللا لعن اخلمر ص ( 31(، وصححه ووافقه الذهي ، ورواه<br />

316(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التخليص )73/4(، ( رواه أبو داود وفيه عبد الرمحن الغافقي وصححه بن السكن،‏ ورواه الرتمذي<br />

وابن ماجه ورواته ثقات،‏ وصححه ابن حبان ( 178/12( .<br />

)1400( ينظر:‏ تبيني احلقائق،‏ للزيلعي )125/5( .<br />

)1401( ينظر:‏ بدائع الصنائع ، للكاساين /4( )290 .<br />

)1402( املصدر السابق .<br />

)1403( سورة املائدة اآلية : ( 2 ) .<br />

)1404(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة ( 8/ 131(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )303/5(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )45/19( .


ومن القواعد املقررة أن الوسائل هلا حكم الغاايت فإذا كانت الغاية حمرمة حرمت الوسيلة فإجارة املسلم<br />

نفسه للكافر <strong>يف</strong> عمل معني معصية هلل وتقدمي حلقهم على حقه.‏ )1405(<br />

واتفقوا على جواز أتجري املسلم نفسه للكافر <strong>يف</strong> عمل معني <strong>يف</strong> الذمة ال خدمة فيه وال احتباس كسقاية<br />

وخياطة وحراثة وحنو ذلك .<br />

)1406(<br />

؛ألن علياً‏ أجر نفسه من يهودي يسقي له كل دلو بتمرة وأخرب النيب بذلك فلم ينكره.‏ )1407(<br />

؛وألنه عقد معاوضة وال إذالل فيه للمسلم وال يتضمن استخدامه فأشبه مبايعته )1408( ؛ وألن األجري <strong>يف</strong><br />

الذمة ميكنه حتصيل العمل بغريه.‏ )1409(<br />

)1405(<br />

ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصر،‏ العدد )53 (، فتوى بعنوان : حكم ما إذا كان جيوز للمسلم بيع احملرمات لغري املسلم ص (<br />

وفتاوى هيئة كبار العلماء،‏<br />

،)283<br />

طبعة مكتبة الرتاث ( /1 )95 .<br />

)1406(<br />

قال ابن املنذر:‏ ( استقرت املذاهب على أن الصناع <strong>يف</strong> حوانيتهم جيوز هلم العمل ألهل الذمة وكذلك املستأمن ألنه كالذمي وال يعد ذلك من<br />

الذل خبالف أن خيدمه <strong>يف</strong> منزله وبطريقة التبعية له(‏ فتح الباري البن حجر ( 529/4(، ونقل اإلمجاع على ذلك ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين (<br />

وينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب )540/7(، وتكملة اجملموع للمطيعي ( 180/15(، واملوسوعة الفقهية الكويتية ( 45/19(.<br />

، )135 /8<br />

)1407(<br />

أخرجه ابن ماجه،‏ كتاب الرهون،‏ ابب الرجل يستقي كل دلو بتمرة ص ( 2623( ، رقم ( 2446(، وقال البوصريي <strong>يف</strong> الزوائد<br />

: ( رجال إسناده<br />

ثقات واحلديث موقوف وأبو إسحاق امسه عمرو بن عبد هللا السبيعي اختلط آبخر وكان يدلس وقد روى ابلعنعنة .<br />

وللحديث ثالثة طرق هذا أوهلا ، والثاين:‏ أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده رقم ( 687(، و<strong>يف</strong> إسناده ثالث علل :<br />

األوىل:‏ أن جماهداً‏ مل يسمع من علي .<br />

والثانية:‏ أن فيه شريك النخعي وهو صدوق خيطئ كثرياً‏ .<br />

والثالثة:‏ أن فيه موسى الصغري أبو عيسى الطحان ال أبس به.‏<br />

ومل ينفرد به شريك بل اتبعه عليه محاد بن زيد واتبع محاد عليه إمساعيل بن إبراهيم وهو ضع<strong>يف</strong> كسابقه وإن كان رجاله رجال الصحيح ألنه من رواية<br />

جماهد عن علي وجماهد مل يسمع من علي كما قال اهليثمي ( 313/10(.<br />

والطريق الثالث:‏ عند الرتمذي <strong>يف</strong> سننه ص (<br />

،)1900 رقم (<br />

2473(، وقال الرتمذي : حسن غريب،‏ لكن فيه راو مل يسم وهو شيخ حممد القرظي<br />

وبقية رجاله ثقات،‏ وللحديث شاهدان ضع<strong>يف</strong>ان جداً‏ ال يصلحان لالرتقاء به إىل درجة الصحيح أو احلسن وقد أخرجهما ابن ماجه (<br />

والبيهقي <strong>يف</strong> سننه (<br />

،)2446<br />

/6<br />

)569/1(، وقال <strong>يف</strong> مصباح الزجاجة (<br />

/3<br />

119(، وقال حمققا أحكام أهل الذمة : أن احلديث ضع<strong>يف</strong> ال يتقوى مباله من طرق وشواهد ألهنا ضع<strong>يف</strong>ة ضعفاً‏ ال ينجرب<br />

والبخاري والنسائي والبزار وابن عدي والعقيلي والدار قطين وغريهم (.<br />

قال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص (<br />

/3<br />

)1408(<br />

)1409(<br />

77(: ( هذا إسناد ضع<strong>يف</strong> حنش امسه حسني بن قيس ضعفه أمحد وابن معني وأبو حامت وأبو زرعة<br />

61(: ( رواه ابن ماجه والبيهقي وحديث ابن عباس وفيه حنش راويه عن عكرمة وهو مضعف وسياق البيهقي أمت<br />

ورواه أمحد من طريق علي بسند جيد ورواه ابن ماجه بسند صححه ابن السكن خمتصراً‏ (.<br />

وقال <strong>يف</strong> نصب الراية ( 132/4( : ( أعله <strong>يف</strong> التنقيح حبنش وقد ضعفوه إال احلاكم فإنه وثقه..‏ ورواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده وفيه انقطاع ‏..وقال أبو زرعة :<br />

جماهد عن علي مرسل ) .<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )290/4(، واملغين،‏ البن قدامة )135/8( .<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )45/19( .


وكره ذلك املالكية <strong>يف</strong> قوهلم وهو رواية عن أمحد <strong>يف</strong> الكرم خاصة )1410( ؛ ألن <strong>يف</strong> ذلك نوعاً‏ من اإلذالل؛<br />

وألنه من املمكن أن يعمل املسلم عمالً‏ يرجع أصله إىل احلرام كأن حيرس حمرماً‏ ويعلم أبن صاحبه يستعمله<br />

للخمر )1411(<br />

والصواب:‏ عدم الكراهة لعمل الصحابة عند أهل الكتاب . )1412(<br />

فلو كان <strong>يف</strong> ذلك إذالل هلم لكانوا أوىل الناس برتكه وهذا كله إذا كان اإلجيار لعمل مباح ال مضرة فيه<br />

)1413(<br />

على مسلم وال يتضمن تعظيم دينهم وشعائره أو مواالهتم وحمبتهم فإن كان كذلك فال.‏<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> أتجري املسلم نفسه للكافر ليخدمه على قولني :<br />

األول:‏ التحرمي وهو قول اجلمهور من املالكية والشافعية وأصح الروايتني عن أمحد وذهب إليه املتأخرون<br />

من احلنفية.‏ )1414(<br />

الثاين:‏ جواز ذلك مع الكراهة وهو قول املتقدمني من احلنفية وقول للشافعية ورواية عن أمحد.‏<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول مبا أييت :<br />

)1415(<br />

-1<br />

قوله سبحانه :<br />

)1416( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

‏،وقد استدل هبا<br />

كثري من العلماء على املنع من بيع العبد املسلم للكافر ملا <strong>يف</strong> ذلك من تسليطهم عليه وإذالله<br />

ومن صحح ذلك فإنه أيمره إبزالة ملكه عنه <strong>يف</strong> احلال فإذا مُنِّعَ‏ من بيع العبد املسلم للكافر لئال<br />

يتسلط عليه ويذله فمن ‏َبب أوىل أن ميُْنَعَ‏ املسلم احلر من إجارة نفسه خلدمة الكافر.‏ )1417(<br />

)1418(<br />

2- أنه عقد يتضمن حبس املسلم عند الكافر وإذالله له واستخدامه فيمنع منه .<br />

)1410( ينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب )540/7(، واملغين،‏ البن قدامة ( 135/8(، واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )273/3(.<br />

)1411(<br />

)1412(<br />

املصادر السابقة .<br />

/4<br />

قال املطيعي <strong>يف</strong> تكملة اجملموع ( 181/15( : ( أتجري النفس ال يعد دانءة وإن كان املستأجر غري شر<strong>يف</strong> أو كافراً‏ واألجري من أشراف الناس<br />

وعظمائهم ) .<br />

)1413(<br />

)1414(<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر ( 529(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ حتقيق البكري والعاروري )569/1(، ونص عليه أمحد <strong>يف</strong> رواية<br />

إسحاق بن إبراهيم ملا سأله رجل بناء : أبين انووساً‏ للمجوس؛ فقال:‏ ال تنب هلم،‏ وقال الشافعي <strong>يف</strong> كتاب اجلزية من األم : وأكره للمسلم أن يعمل بناءً‏<br />

أو جنارة أو غري ذلك <strong>يف</strong> كنائسهم اليت لصالهتم .<br />

ينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب ( 540/7(، وتكملة اجملموع،‏ للنووي ، للمطيعي ( 179/15(، واملغين،‏ البن قدامة )135/8(، وأحكام أهل<br />

الذمة،‏ البن القيم ( /1 )566 .<br />

)1415(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 290/4(، واملصادر السابقة .<br />

)1416( سورة النساء اآلية : ( 141 ) .<br />

)1417(<br />

)1418(<br />

ينظر:‏ تكملة اجملموع،‏ للنووي ، للمطيعي ( 179/15(، واملغين،‏ البن قدامة )135/8(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم ( 1/ 565( .<br />

املصادر السابقة .


ألنه خيشى أن <strong>يف</strong>نت املسلم عن دينه لتمكنه منه إبطعامه شيئاً‏ من احملرمات أو مبنعه أداء<br />

)1419(<br />

الواجبات .<br />

" وألهنا بيع منافعة واملنافع جتري جمرى األعيان فال جيوز بيع رقبته وال بعضها وال منافعه من<br />

الذمي ." )1420(<br />

-3<br />

-4<br />

واستدل أصحاب القول الثاين أبن هذا عقد معاوضة فيجوز كالبيع وألنه جتوز له إجارة نفسه <strong>يف</strong> غري<br />

اخلدمة فجاز فيها كإجارته من املسلم والكراهية أتيت من أن اإلجارة للخدمة تتضمن حبس نفسه على خدمة<br />

الكافر مدة اإلجارة وذلك فيه نوع من إذالل املسلم وإهانة له حتت يده .<br />

ونوقش ذلك :<br />

)1421(<br />

أبنه قياس مع الفارق فليس <strong>يف</strong> البيع حبس وال إذالل كاإلجارة فهي عقد للخدمة يتعني فيه حبسه مدة<br />

اإلجارة واستخدامه والبيع ال يتعني فيه ذلك.‏ )1422(<br />

واإلذالل واإلهانة اليت تتضمنها هذه اإلجارة تقتضي التحرمي ال الكراهة ألن العزة هلل ولرسوله وللمؤمنني<br />

فال جيوز للمسلم أن يذل نفسه للكافر وخدمته له إذالل للمسلمني مجيعاً‏ ألهنم كاجلسد الواحد .<br />

وعليه فالراجح حترمي ذلك وسواء كانت اخلدمة مباشرة كصب املاء على يديه وتقدمي نعل له وإزالة<br />

قاذوراته أو غري مباشرة كإرساله <strong>يف</strong> حوائجة.‏<br />

)1423(<br />

وبناء على ما تقدم :<br />

فإنه ال جيوز للمسلم العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر إذا كان املعقود عليه من األعمال واملنافع حمروٌم<br />

شرعاً‏ أو كان <strong>يف</strong> العمل فيها إعانة على املعاصي واملنكرات وتعريض النفس للفنت والشهوات أو تضمنت<br />

استئجار الكافر للمسلم ليخدمه أو غري ذلك من املفاسد الراجحة فإذا خال العمل فيها من ذلك كله فإنه<br />

مباح كما سبق.‏<br />

وإذا اضطر املسلم للعمل <strong>يف</strong> مكاتب سياحة توفر للسياح اخلمور واحملرمات وتعينهم على الفساد<br />

والفواحش وتوفر خدمات أخرى مباحة ومل جيد املسلم عمالً‏ مباحاً‏ شرعاً‏ غريها فإن له أن يعمل فيها بشرط<br />

أن ال يباشر بنفسه تقدمي احملرمات أو محلها أو االجتار هبا أو صناعتها<br />

والضرورة تقدر بقدرها .<br />

)1424(<br />

)1419( ينظر:‏ مواهب اجلليل،‏ للحطاب ( /7 )540 .<br />

)1420( ينظر:‏ أحكام أهل الذمة ( 565/1( .<br />

)1421( ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( /4 ،)290 واملغين،‏ البن قدامة ( /8 )135 .<br />

)1422( ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة ( /8 )135 .<br />

)1423( ينظر:‏ مغين احملتاج للشربيين ( /2 ،)265 حاشية اجلمل ( /3 )456 .


وأما عمل املرأة املسلمة <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر فيختلف حبسب نوع العمل وانتفاء املفاسد واحملاذير<br />

بتوفر الضوابط الشرعية اجمليزة لذلك .<br />

ومل مينع الفقهاء املتقدمون من خروج املرأة للعمل حال التزامها تلك الضوابط وانتفاء املفاسد عنها وإمنا<br />

اختلفوا <strong>يف</strong> نوع األعمال اليت تتوالها سيما األعمال ذات املناصب العليا <strong>يف</strong> الدولة كاإلمامة والوزارة والقضاء<br />

وقيادة اجليش وحنو ذلك وحيث أن أعمال ووظائف مكاتب السفر و<strong>السياحة</strong> أعمال مهنية دون ذلك فإهنا<br />

ال تدخل فيما اختلفوا فيها ‏َبلنظر إىل نوع العمل.‏<br />

)1425(<br />

لكن بعض املعاصرين منعوا من عمل املرأة مطلقاً‏ وقالوا بعدم جواز خروج املرأة للعمل مهما كان نوعه.‏<br />

فعلى افرتاض خلو العمل <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> من احملاذير وتوافر الضوابط فيه فإن أصل خروجها للعمل<br />

حمل خالف على قولني :<br />

اإلَبحة . األول:‏<br />

وهو مقتضى كالم الفقهاء املتقدمني من املذاهب األربعة.‏ )1426(<br />

الثاين:‏ التحرمي واملنع .<br />

)1427(<br />

وبه أفىت بعض املعاصرين .<br />

األدلة :<br />

أوالً:‏ استدل أصحاب القول األول مبا أييت :<br />

-1<br />

عموم األدلة <strong>يف</strong> املساواة بني املرأة والرجل <strong>يف</strong> حق العمل واحلض على طلب الرزق وهي شاملة<br />

ألعمال الدنيا واآلخرة حبسب ما يتناسب مع طبيعة كل منهما،‏ ومن ذلك قوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله :<br />

)1428(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله :<br />

)1429(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1424(<br />

وقد صدر هبذا قرار من جممع الفقه التابع ملنظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي برقم (<br />

( )23<br />

ينظر:‏ قرارات اجملمع ص ( 42( ، وينظر:‏ حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة،‏ حملمد تقي العثماين ، ص<br />

3/11( <strong>يف</strong> دورة مؤمتره الثالث من<br />

13-8 صفر ‎1407‎ه ،<br />

. )338 (<br />

)1425(<br />

ينظر:‏ عمل املرأة،‏ هند اخلويل،‏ ص ( 286(، وأحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقة،‏ للكردي ص ( 105(، واملرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أليب حجري،‏<br />

ص ( )124 .<br />

)1426(<br />

ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم ( 2/ 152(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي ( 187/4(، وأحكام القرآن،‏ البن العريب<br />

158/2(، والفواكه الدواين،‏ للنفراوي (<br />

1457/3(، والفروق،‏ للقرا<strong>يف</strong> (<br />

106/1(، وحتفة احملتاج،‏ البن حجر )75/9(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )409/7(، وأسىن املطالب،‏<br />

لألنصاري ( 109/4(، وإعالم املوقعني،‏ البن القيم )149/2(، ومنتهى اإلرادات للفتوحي ( 268/5(، وحاشية ابن قاسم على الروض )516/7(،<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية )269/21-93/7-219/6(.<br />

)1427 ‏(كاخلويل واملودودي والشعراوي وغريهم،‏ ينظر:‏ عمل املرأة،‏ للخويل ص ( 186( .<br />

)1428( سورة التوبة اآلية : ( 105 ) .<br />

)1429( سورة امللك اآلية : ( 15 ) .


)1430( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1431( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

)1432(<br />

<br />

<br />

<br />

قال بعض املفسرين : " إن لكل فريق من الرجال والنساء نصيباً‏ مقدراً‏ <strong>يف</strong> أزل اآلزال من نعيم<br />

)1433(<br />

الدنيا ‏َبلتجارات والزراعات وغري ذلك من املكاسب فال يتمن خالف ما قسم له "<br />

وقال بعضهم : " املراد منها أن يكون لكل فريق نصيب مما اكتسب من نعيم الدنيا فينبغي أن<br />

<br />

)1434(<br />

يرضى مبا قسم هللا له".‏<br />

2- ما جاء <strong>يف</strong> القرآن والسنة من األدلة على جواز عمل املرأة ووقوعه دون نكري كقوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

، وقوله :<br />

)1435(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1436(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1437(<br />

: )) طلب العلم فريضة على كل مسلم ((<br />

وهو عام وحدثت حفصة عن امرأة<br />

وقوله <br />

غزت مع زوجها فكانت ونساء املؤمنني يداوين الكلمى<br />

)1439(<br />

ويقمن على املرضى )1438( ، وقال <br />

: )) قد أذن أن ترجن <strong>يف</strong> حاجتكن ((.<br />

. )<br />

. )<br />

)1430( سورة آل عمران اآلية : ( 195<br />

)1431( سورة النحل اآلية : ( 97 ) .<br />

)1432( سورة النساء اآلية : ( 32 ) .<br />

)1433( مفاتيح الغيب ، للرازي ( )66/10 .<br />

)1434( روح املعاين،‏ لآللوسي ( /5 )30 .<br />

)1435( سورة النحل اآلية : ( 92 ) .<br />

)1436( سورة الطالق اآلية : ( 6 ) .<br />

أخرجه ابن ماجه <strong>يف</strong> املقدمة،‏ ابب فضل العلماء واحلث على طلب العلم ص ( 2491( ، رقم ( 224<br />

،)28 رقم (<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب احليض،‏ ابب شهود احلائض العيدين ص (<br />

النساء <strong>يف</strong> العيدين إىل املصلى ص ( 816(، رقم ( 890( .<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب الوضوء،‏ ابب خروج النساء إىل الرباز ص ( 15( ، رقم ( 146( .<br />

324(، ومسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب العيدين،‏ ابب ذكر إابحة خروج<br />

)1437(<br />

)1438(<br />

)1439(


وقالت أمساء بنت أيب بكر – رضي هللا عنه<br />

–<br />

ترب عن عملها لزوجها الزبري : )) كنت أعلف<br />

فرسه وأسقي املاء....و كنت أنقل النوى من أرض الزبري اليت أقطعه رسول هللا على رأسي<br />

وهي مين على ثلثي فرسخ .. ((.<br />

)1440(<br />

كان عمل املرأة فيما يناسبها واقعاً‏ منذ عصر النبوة فقد ورد أن امرأة كانت تَقُمُّ‏ املسجد وكانت<br />

النساء يتجرن أبمواهلن ويقرتض ويعاملن املسلمني ومنهن من تعاجل املرضى وتداوي اجلرحى بل<br />

وتشارك <strong>يف</strong> القتال وهلا نصيب من الغنائم ومل ينكر عليهن ذلك واملسلمون على هذا إىل يومنا .<br />

)1441(<br />

-3<br />

استدل أصحاب القول الثاين مبا أييت :<br />

قوله سبحانه :<br />

)1442( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الداللة:‏ أن النساء مأمورات بلزوم بيوهتن واالنكفاف عن اخلروج إال لضرورة فإن لفظ ( قرن<br />

وجه<br />

)<br />

إما أن يكون من القرار فاملعىن : ( الزمن بيوتكن ) أو من الوقار فاملعىن:‏ عشن <strong>يف</strong> بيوتكن <strong>يف</strong><br />

سكينة وحلم وعلى كال الوجهني فإن أشرف أعماهلا حضانة األجيال وعدم اخلروج والربوز<br />

كالرجال.‏<br />

)1443(<br />

قوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

اثنياً‏ :<br />

-1<br />

-2<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

)1444( <br />

<br />

فدلت على أن عمل املرأة ال يكون إال استثناء للضرورة فخروج ابنيت شعيب للسقي مع بعدمها<br />

عن مزامحة الرجال وانتظارهن فراغهم من السقي مل يكن إال لعجز والدمها وكرب سنه فلو كان قوايً‏<br />

)1445(<br />

ما خرجتا للعمل ولكفامها مؤنته.‏<br />

)1440(<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب النكاح،‏ ابب الغرية،‏ ص (<br />

،)451 رقم (<br />

5224(، ومسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب السالم،‏ ابب إرداف األجنبية ص (<br />

،)1066<br />

رقم ( )2182 .<br />

)1441(<br />

ينظر:‏ صحيح البخاري،‏ كتاب املساجد،‏ ابب اخلدم للمسجد،‏ حديث رقم (<br />

،)448 ص (<br />

39(، وأسد الغابة،‏ البن األثري (<br />

90/7(، ترمجة<br />

رقم ( )6867 و (<br />

7285(، وصحيح البخاري ، كتاب الشروط،‏ ابب ما جيوز من شروط املكاتب (<br />

متييز الصحابة،‏ البن حجر <strong>يف</strong> ترمجة أم عمارة )261/8(.<br />

،)217 رقم (<br />

)1442( سورة األحزاب اآلية : ( 33 ) .<br />

)1443(<br />

)1444( سورة القصص اآلية : ( 23 ) .<br />

ينظر:‏ تفسري سورة األحزاب،‏ للمودودي ص ( 62(، بواسطة عمل املرأة هلند اخلويل ص ( 191<br />

. )<br />

)1445(<br />

ينظر:‏ املرأة <strong>يف</strong> القرآن،‏ للشعراوي ص)‏ 104( بواسطة املصدر السابقً‏ ( 192( .<br />

2726(، وينظر:‏ اإلصابة <strong>يف</strong>


حديث ابن عباس : )) لعن رسول هللا املتشبهات ‏َبلرجال من النساء واملتشبهني ‏َبلنساء من<br />

)1446(<br />

الرجال ((.<br />

واللعن ال يكون إال على حمرم وعملها تشبه ‏َبلرجال .<br />

قوله <br />

: )) كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... واملرأة راعية على بيت زوجها وولده وهي<br />

)1447(<br />

مسؤولة عنهم (( .<br />

قوله <br />

<strong>يف</strong> قعر بيتها ((.<br />

: )) إن املرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رمحة رهبا وهي<br />

)1448(<br />

فخروجها مفسدة وتسبب <strong>يف</strong> الفتنة وما أدى إىل احلرام فهو حرام.‏<br />

)1449(<br />

وألن هللا خلق املرأة بطبيعة متيزها عن الرجل وقدراهتا وكفاءهتا خمتلفة عنه فهي أضعف خلقة وقد<br />

فطرها هللا على تلك الطبيعة وأنزهلا املنزلة املناسبة هلا وخروجها للعمل معارضة لتلك الطبيعة<br />

وخمالفة للفطرة وتغيري للسنن الكونية بتسوية املرأة ‏َبلرجل <strong>يف</strong> الكدح والكفاح والنصب وطلب<br />

الرزق،‏ وقد أوجبت الشريعة على وليها من أب أو زوج أو غريه رعايتها واإلنفاق عليها محاية<br />

لتك الطبيعة وصيانة هلا فال يصح اخلروج عن ذلك ملا سيرتتب عليه من أضرار وخلل نشاهده<br />

<strong>يف</strong> معاانة الدول املتقدمة من جراء دعوهتا ملساواة املرأة ‏َبلرجل <strong>يف</strong> العمل.‏ )1450(<br />

أن <strong>يف</strong> خروجها للعمل مفاسد ال حتصر وأضرار وفنت عليها وعلى اجملتمع ودرء املفاسد مقدم<br />

على جلب املصاحل كما هو مقرر شرعاً‏ .<br />

)1451(<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

املناقشة والرتجيح :<br />

نوقشت أدلة املانعني :<br />

أبن اآلية األوىل:‏ خاصة بنساء النيب فليس فيها داللة على املنع املطلق وإن عمت فهي من أتديب<br />

هللا للنساء صيانة هلن واملراد حضهن على السرت واحلجاب وترك اخلروج جملامع الرجال واالختالط هبم دون<br />

)1446(<br />

)1447(<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب اللباس،‏ ابب إخراج املتشبهني ابلنساء من البيوت ص ( 501(، رقم ( 5886(.<br />

أخرجه البخاري،‏ <strong>يف</strong> كتاب اجلمعة،‏ ابب اجلمعة <strong>يف</strong> القرى واملدن ( ص<br />

ابب فضيلة اإلمام العادل ... إخل رقم 1829<br />

،)70 رقم (<br />

، ص‎1006‎ .<br />

)1448(<br />

غريب .<br />

)1449(<br />

)1450(<br />

893( و<strong>يف</strong> مواطن أخرى،‏ وأخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة،‏<br />

أخرجه الرتمذي،‏ كتاب الرضاع،‏ ابب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية الدخول على املغيبات ص ( 1766(، رقم )1173(، وقال:‏ هذا حديث حسن صحيح<br />

ينظر:‏ العمل والقيم اخللقية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ ألمحد البقري ص ( 188(، بواسطة عمل املرأة للخويل ص ( 197(، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املرأة املسلمة حملمد وجدي ص)‏<br />

84(، املرأة<br />

ص ( 201-200 ،) بتصرف .<br />

)1451(<br />

بني <strong>اإلسالم</strong> واحلضارة الغربية،‏ لوحيد الدين خان ص)‏ 56(، كالمها بواسطة املصدر السابق<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وأحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقه،‏ للكردي ص)‏ 151(، واملرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> أليب حجري ص ( 124( وما بعدها .


حاجة وقد أبيح للمسلمة اخلروج للصالة وطلب العلم وقضاء احلاجات وعلى هذا عمل نساء املسلمني منذ<br />

عصر النبوة وإن دلت اآلية على املنع فهو حلق الزوج.‏<br />

وأما اآلية الثانية:‏ فهي من شرع من قبلنا وقد أجاز شرعنا خروج املرأة للعمل دون استثناء إذا خال عن<br />

احملذور .<br />

وأما التشبه <strong>يف</strong> احلديث األول:‏ فاملقصود به الزي أو األعمال اليت خص هبا الشارع الرجال وحرمها على<br />

النساء،‏ أما ما مل خيص به الرجال فال يكون <strong>يف</strong> مشاركتهن <strong>يف</strong> استحقاقه تشبه ممنوع هبم .<br />

وأما احلديث الثاين:‏ فورد تبياانً‏ ملسؤولية كل شخص <strong>يف</strong> اجملتمع ولو كان حمدداً‏ جملال عمل كل شخص<br />

ملنع الرجال من اخلروج عن البيت أيضاً‏ لقوله : )) والرجل راع <strong>يف</strong> بيته ((.<br />

وأما الثالث:‏ فمعناه:‏ ( جتنبوا االفتنان ‏َبلنساء ) كما قال النووي وال خيتص ذلك خبروجها عن البيت<br />

للعمل فاملنهي عنه <strong>يف</strong> احلديث اخلروج احملظور املؤدي للفتنة واملفسدة لتربجها وسفورها وحنو ذلك .<br />

وإذا كان عمل املرأة منضبطاً‏ ‏َبلضوابط الشرعية الدارءة للفتنة واملفسدة املانعة من وقوع احملاذير واألضرار<br />

فال مانع منه.‏<br />

وللمرأة من األعمال ما يناسبها ويتالءم مع فطرهتا ومييزها عن الرجل فال متنع منها.‏ )1452(<br />

<br />

)1453(<br />

وإذا ترجح جواز خروجها لألعمال املهنية فإنه مقيد بتوفر الضوابط التالية:‏<br />

الضابط األول:‏ أن ال يكون <strong>يف</strong> خروجها لألعمال املباحة مفسدة راجحة وفتنة وضرر هلا أو لاخرين؛<br />

ألن درء املفاسد مقدم على جلب املصاحل والدفع أوىل من الرفع والوقاية خري من العالج كما قال سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1454(<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

)1455(<br />

. <br />

<br />

الضابط الثاين : اإلذن هلا بذلك ممن له حق اإلذن كالزوج والويل ألن األصل قرارها حفظاً‏ وسرتاً‏ هلا<br />

وللويل والزوج عليها حق الطاعة وهو واجب ال جيوز تركه ولذا جعل الفقهاء خروجها بال إذن زوجها نشوزاً‏<br />

مسقطاً‏ للنفقة عنها .<br />

ينظر:‏ عمل املرأة،‏ للخويل ص ( 246 -294<br />

) ، بتصرف.‏<br />

)1452(<br />

)1453( ينظر:‏ املصدر السابق ( -125 ،)185 بتصرف .<br />

)1454( سورة النور اآلية : ( )31 .<br />

)1455( سورة األحزاب اآلية ( )53 .


ولعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب استئذان الوالدين ووليها يقوم مقام والدها عند فقده.‏<br />

الضابط الثالث:‏ عدم االختالط ‏َبلرجال األجانب أو السفر من غري حمرم ملا تقدم من األدلة على املنع<br />

من ذلك والتحذير منه وألنه <strong>يف</strong>ضي إىل مفسدة الزان فاخللوة منبع الفساد ومصدر البلوى وحمرك الشهوات<br />

وَبعث على الوقوع <strong>يف</strong> احلرام .<br />

الضابط الرابع : أن ال يكون العمل معصية أو معيباً‏ مزرايً‏ تعري به أسرهتا كالغناء والعزف على املوسيقى<br />

والرقص والسحر وحنو ذلك ملا فيه من ارتكاب للمحرم وطلب احلرام وأكله وإحلاق األذى والعار أبهلها<br />

واملفاسد ظاهرة هنا .<br />

الضابط اخلامس : أن يكون العمل متفقاً‏ مع تكوينها اجلسمي وقدراهتا وفطرهتا وخصوصيتها وكرامتها<br />

وحيائها فال يصح تكل<strong>يف</strong>ها بعمل شاق أو مرهق أو مناف ألنوثتها وخادش حليائها.‏<br />

الضابط السادس : أن ال يرتتب على قيامها ‏َبلعمل إمهال حلقوق الزوج واألبناء اليت كلفها الشارع<br />

القيام هبا وجعلها راعية ومسؤولة عن ذلك فإن كان كذلك فإنه ضرر يزال.‏<br />

الضابط السابع : أن ال يكون عملها قاطعاً‏ أو مضيقاً‏ لسبل اكتساب الرجال ألن <strong>يف</strong> ذلك إخالل<br />

بنظام اجملتمع.‏<br />

)1456(<br />

فبالنظر إىل توافر هذه الضوابط <strong>يف</strong> أعمال وكاالت ومكاتب <strong>السياحة</strong> – كما <strong>يف</strong> بعض األعمال اإلدارية<br />

يكون عمل املرأة فيها جائز شرعاً‏ .<br />

)1457(<br />

فإن اختل شيء منها كما <strong>يف</strong> عمل املرشد السياحي غالباً‏ حرم عليها الدخول فيه .<br />

–<br />

)1456(<br />

)1457(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف ، ولالستزادة ينظر:‏ املرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ أبو حجري ، ص)‏‎81‎<br />

وما بعدها ) .<br />

وقد صرح األمني العام للهيئة <strong>يف</strong> جريدة الرايض ( بدور املرأة الرائد <strong>يف</strong> احلركة السياحية مشرياً‏ إىل أهنا تسري مع الرجل <strong>يف</strong> مسار واحد من أجل<br />

تنمية وإجناح احلركة السياحية(‏ وذكر أبن اهليئة ( تسعد أبهنا تضم كوكبة من بنات هذا الوطن يعملن <strong>يف</strong> كافة القطاعات السياحية بكل كفاءة ومتكن وال<br />

تقل أبي حال من األحوال عن الرجل <strong>يف</strong> أداء مهامها وتنصهر معه <strong>يف</strong> بوتقة واحدة إلجناح اجلهد الذي نقوم به(‏ .<br />

وأقول:‏ جيب على اهليئة مراعاة الضوابط الشرعية لعمل املرأة والرقابة على تطبيق ذلك وإال حدث ما ال حتمد عقباه.‏


املبحث الثاني<br />

أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني<br />

املطلب األول<br />

سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني


املطلب األول:‏ سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني<br />

إن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني اليت متوج ‏َبإلحلاد الظاهر والفساد املنتشر خطر داهم وبالء عريض<br />

حيث تستباح احملرمات وتبذل بال رادع وال وازع ‏َبسم احلرية واإلَبحية وتنشر الشبهات للصد عن دين هللا<br />

وإطفاء نوره فالسفر إليها فيه خطورة ‏َبلغة على العقل والدين والعرض واملال .<br />

والدين <strong>يف</strong> مقدمتها فاإلنسان إذا فقده فقد كل شيء وإذا أعطي الدين أعطي السعادة والفالح <strong>يف</strong><br />

الدارين،‏ وقد ابتلي كثري من املسلمني ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> تلك البالد وال شك أن <strong>يف</strong> بالد الكفار من مظاهر<br />

احلضارة الزائفة ودواعي الفتنة ما خيدع ضعاف اإلميان فتعظم تلك البالد وأهلها <strong>يف</strong> صدورهم وهتون <strong>يف</strong><br />

أنظارهم بالد <strong>اإلسالم</strong> وحيتقرون أهلها ويسعون إىل <strong>السياحة</strong> فيها ألهنم ينظرون إىل املظاهر وال ينظرون<br />

للحقائق ويبحثون عن املتعة دون نظر للعواقب وتلك البلدان وإن تزينت ‏َبحلضارة املادية والتقدم الصناعي<br />

فإن أهلها <strong>يف</strong>قدون أعز شيء وهو الدين الصحيح الذي به تطمئن القلوب وتزكوا النفوس وتصان األعراض<br />

وحتقن الدماء وحتفظ األموال وهو الغاية من هذه احلياة .<br />

فما فائدة تلك املظاهر املادية اخلادعة إذا كانت العقائد ‏َبطلة منحرفة واألعراض ضائعة خمتلطة واألسر<br />

)1458(<br />

متفككة واجلرائم منتشرة واألمن شبه منعدم.‏<br />

وقد وجدت <strong>يف</strong> هذه النازلة قولني للمعاصرين من أهل العلم:‏<br />

القول األول:‏ حترمي <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني بغرض النزهة والرتفيه واالستطالع وبه أفتت اللجنة<br />

الدائمة وابن ‏َبز وابن عثيمني وابن جربين والفوزان وغريهم.‏<br />

)1459(<br />

القول الثاين:‏ جواز ذلك بشرط االلتزام برتك املعاصي واجتناب املنكرات واحملافظة على الواجبات مع<br />

أمن الفتنة،‏ وبه أفتت إدارة اإلفتاء بوزارة األوقاف ‏َبلكويت ، ود.‏ عجيل النشمي عميد كلية الشريعة فيها.‏<br />

)1460(<br />

)1458(<br />

)1459(<br />

ينظر:‏ تذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر ، عبد هللا اجلار هللا ص ( 26 وما بعدها (، بتصرف .<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش (<br />

/2<br />

108(، جمموع فتاوى ابن ابز،‏ مجع الشويعر)‏ 192/4(، فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة<br />

والرحالت البن عثيمني،‏ مجع خالد أبو صاحل ص ( 30-29(، املفيد،‏ البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي ص)‏<br />

-132<br />

والدعوة،‏ صاحل الفوزان ( 224/1( .<br />

)1460(<br />

ينظر:‏ فتوى رقم ( 45(، عدد ( 91( على الرابط :<br />

www.saaid.net/maktaratlegazh/30.htm<br />

.www.islam-online.net<br />

، وفتوى النشمي <strong>يف</strong><br />

142(، حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة<br />

/23 مايو 2001/<br />

على الرابط:‏


األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول أبن السفر لبالد الكفر ال جيوز إال ملسوغ شرعي وقصد الفسحة والنزهة<br />

ليس مبسوغ شرعي لذلك ، لقوله : )) أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني ((<br />

)1461(<br />

.<br />

واملعىن:‏ حىت <strong>يف</strong>ارقهم .<br />

وقوله : )) ال يقبل هللا من مشرك عمالً‏ بعدما أسلم أو <strong>يف</strong>ارق املشركني (( )1462(<br />

وألن إظهار الدين على الوجه الذي تربأ به الذمة متعذر وغري حاصل غالباً‏ .<br />

)1463(<br />

وملا <strong>يف</strong> هذا السفر من حضور لألماكن اليت يشهد فيها املنكرات وال ميكنه إنكارها وملا فيه من<br />

تعريض النفس لفنت الشهوات والشبهات حيث تشتمل غالب الربامج السياحية على فقرات منها :<br />

أ-‏ اختيار عائلة كافرة لإلقامة لديها و<strong>يف</strong> ذلك فنت وحماذير كثرية.‏<br />

ب-‏ حفالت موسيقية ومسارح وعروض متبذلة وفحش <strong>يف</strong> القول وكشف للعورات.‏<br />

ج-‏ زايرة أماكن الرقص والرتفيه واحلاانت وأماكن املنكرات .<br />

د-‏ تعليم العقائد املنحرفة واألخالق السيئة من رقص وغريه حبجة االطالع على ثقافات اآلخرين.‏<br />

)1464(<br />

وألن هذه <strong>السياحة</strong> تنتج أضراراً‏ ومفاسد حمققة فتعمل على احنراف شباب املسلمني وإضالهلم وإفساد<br />

اخلالق والوقوع <strong>يف</strong> الرذيلة عن طريق هتيئة أسباب الفساد وجعلها <strong>يف</strong> متناول اليد وتشكيك املسلم <strong>يف</strong> عقيدته<br />

وتنمية روح اإلعجاب واالنبهار حبضارة الكفار ودفع املسلم للتخلق ‏َبلكثري من تقاليد الكفار وعاداهتم<br />

السيئة وتعويده على عدم االكرتاث ‏َبلدين وعدم االلتفات آلدابه وأوامره وجتنيد شباب <strong>اإلسالم</strong> ليكونوا دعاة<br />

ضاللة ومروجني هلذه البضاعة بعد عودهتم وتشبعهم ‏َبألفكار والعادات املنحرفة.‏<br />

)1465(<br />

مث إن <strong>يف</strong> هذه <strong>السياحة</strong> إضاعة املال وهدر لألوقات دون مصلحة راجحة وهي سبب للموادة وإثراء<br />

)1466(<br />

أموال الكفار وإعزاز أوطاهنم.‏<br />

)1461(<br />

أخرجه الرتمذي،كتاب السري،ابب ماجاء <strong>يف</strong> كراهية املقام بني أظهر املشركني،ص ‏)‏‎1817‎‏(،رقم )1604(، وأبو داود،كتاب اجلهاد،ابب النهي<br />

عن قتل من اعتصم ابلسجود،ص)‏‎1418‎‏(،رقم ‏)‏‎2645‎‏(،والنسائي <strong>يف</strong> كتاب القسامة،ابب القود بغريحديدة،ص ‏)‏‎2397‎‏(،رقم ‏)‏‎4784‎‏(،وحسنه<br />

األلباين <strong>يف</strong> اإلرواء ‏)‏‎30/5‎‏(،رقم )1207(.<br />

)1462(<br />

أخرجه النسائي،‏ <strong>يف</strong> كتاب الزكاة،‏ ابب من سأل بوجه هللا عز وجل ص ( 2254(، رقم ( 2569(، وابن ماجه،‏ <strong>يف</strong> كتاب احلدود،‏ ابب املرتد<br />

عن دينه ص 2629(، رقم ( 2536(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده ( 5/ 4( .<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،مجع ابن<br />

قاسم ( 239/28(، بتصرف.‏<br />

)1463(<br />

)1464(<br />

)1465(<br />

)1466( ينظر:‏ جملة الدعوة ، العدد ( ،)1798 ص ( 26 وما بعدها ،) والعدد ،)1749( ص ( )22 ، وجملة األسرة العدد ( ،)61 ص ( )25 .<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ابن ابز،‏ مجع الشويعر ( 192/4 وما بعدها(‏ ، بتصرف.‏<br />

املصدر السابق.‏


فهذه <strong>السياحة</strong> وسيلة إىل ارتكاب احملرم وترك الواجب وما أفضى إليهما فحكمه التحرمي ومفاسدها<br />

راجحة على ما قد يتوهم من املصاحل وضررها بني ظاهر.‏<br />

ومن أكرب أصول الدين وقواعده سد الذرائع والوسائل املفضية إىل املفاسد واحملرمات ، ومن أتمل مصادر<br />

الشريعة ومواردها ومقاصدها علم ذلك .<br />

وهذه <strong>السياحة</strong> يرتتب عليها خمالطة العصاة والظاملني ومشاهدة منكراهتم و"‏ ال ينبغي ألحد أن يقارهنم<br />

وال خيالطهم إال على وجه يسلم به من عذاب هللا عز وجل وأقل ذلك أن يكون منكراً‏ لظلمهم ماقتاً‏ هلم<br />

شائناً‏ ما هم فيه حبسب اإلمكان...وذلك أن مقارنة الفجار إمنا <strong>يف</strong>عها املؤمن <strong>يف</strong> موضعني:‏ أحدمها:‏ أن<br />

يكون مكرهاً‏ عليها،‏ والثاين:‏ أن يكون <strong>يف</strong> ذلك مصلحة دينية راجحة على مفسدة املقارنة"‏ .<br />

وال شك<br />

)1467(<br />

أن خمالطة الكفار <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ببالدهم للنزهة والرتفيه مما ترجح مفسدته ويغلب ضرره.‏<br />

السيما مع عدم األمن من الفتنة هبم وبقهرهم وسلطاهنم وشبهاهتم وزخرفتهم مما يؤدي إىل التأثر بفكرهم<br />

وفعلهم وقيمهم وعاداهتم وسلوكهم الشاذ املنحرف.‏<br />

والواقع خري شاهد على ذلك فكثري من شباب املسلمني ممن ساحوا <strong>يف</strong> بالد الكفار عادوا أكفاانً‏<br />

وأجساداً‏ ال روح فيها فأتوا ‏َبألمراض املستعصية واملخدرات املهلكة واألفكار املشوهة والفطر املنحرفة فضلوا<br />

وأضلوا وخسروا دنياهم وأخراهم.‏<br />

)1468(<br />

بل إن هذه األضرار واملفاسد تظهر جبالء لدى املخدوعني من أبناء املسلمني هبذه <strong>السياحة</strong> منذ عزمهم<br />

عليها وركوهبم للطائرات حيث تتخلى النساء عن احلجاب والسرت واحلياء ويبدأ استحالل احملرمات من<br />

مسكرات وحنوها نسأل هللا السالمة والعافية.‏<br />

)1469(<br />

وقد أمجع املسلمون على حترمي السفر بقصد املعصية<br />

- كما تقدم <strong>يف</strong> الرتخيص<br />

–<br />

لكن املقصود هنا أن<br />

هذه <strong>السياحة</strong> اليت يدعى أبن مقصودها الرتويح الربيء ال تلو من املنكرات والفنت واملفاسد واألضرار<br />

الظاهرة لكل ذي لب وهي كفيلة ‏َبملنع من هذه <strong>السياحة</strong> حفاظاً‏ على الضرورات اخلمس .<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏ أبن األصل <strong>يف</strong> السفر اإلَبحة وما دام هذا السائح ملتزماً‏ ‏َبلواجبات<br />

جمتنباً‏ للمحرمات آمناً‏ على دينه ونفسه وعرضه فإنه ال مانع من ذلك .<br />

وجياب : أبن هذا استدالل مبحل النزاع فالسالمة من الفنت واحملرمات <strong>يف</strong> تلك البالد أمر صعب املنال<br />

والواقع يشهد ‏َبستحالته فالفنت منتشرة ووسائل الشر متوفرة والشيطان جيري من ابن آدم جمرى<br />

الدم .<br />

)1467(<br />

)1468(<br />

جمموع فتاوى شيخ<br />

<strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع ابن قاسم ( 15/ 324( .<br />

)1469(<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة البن ابز،‏ مجع الشويعر ( 405/9( ، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏


وقواعد الشريعة ومقاصدها متنع من هذه <strong>السياحة</strong> سداً‏ للذرائع وحفاظاً‏ على الضرورات اخلمس ودفعاً‏<br />

لألضرار واملفاسد املتحققة وتعطيالً‏ هلا وتكميالً‏ للمصاحل.‏<br />

وهبذا يرتجح القول األول لقوة أدلتهم،‏ واعتضادها بقرائن املشاهدة واجلواب عن دليل املخالفني .<br />

وجيدر التنبيه هنا إىل أن هذا <strong>يف</strong> سياحة اللهو والرتفيه وهو الغالب <strong>يف</strong> أغراض <strong>السياحة</strong> وإطالقها <strong>يف</strong> هذا<br />

العصر فهي غرض غري مشروع ملا تقدم،‏ فإن كانت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني لغرض مشروع أو دعت<br />

له الضرورة فقد أجازها الفقهاء املعاصرون بشروط هي )1470(<br />

:<br />

أن يكون عند اإلنسان<br />

من الشبهات .<br />

علم يدفع به الشبهات ويدعو به إىل <strong>اإلسالم</strong> قدر استطاعته وأيمن به<br />

أن يكون عند اإلنسان دين مينعه من الشهوات واحملرمات ويدفعه لاللتزام ‏َبلفرائض والطاعات.‏<br />

أن يكون مظهراً‏ لدينه )1471(<br />

مودهتم والركون إليهم ومواالهتم .<br />

معتزاً‏ إبسالمه حذراً‏ من دسائس األعداء ومكائدهم ويتحفظ من<br />

أن يبتعد وجيتنب مواطن الشر واملنكرات والفساد واالختالط .<br />

أن يكون قدوة صاحلة وميثل املسلمني متثيالً‏ صحيحاً‏ <strong>يف</strong> خلقه وسلوكه وتعامله .<br />

أال يبقى فيها أكثر من حاجته الضرورية فإذا انتهت وجب عليه الرجوع .<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

فإن اختل شيء من ذلك مل جيز السفر إليها ملا أييت:‏<br />

)1470(<br />

ينظر:‏ حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة والدعوة ، صاحل الفوزان)‏<br />

/1<br />

224(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن عثيمني،‏ مجع السليمان ص ( 185(، وفتيا <strong>يف</strong><br />

حكم السفر لبالد الشرك لسيلمان بن عبد هللا بن حممد بن عبد الوهاب <strong>يف</strong> جملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية العدد اخلامس والعشرين ص (<br />

والدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية،‏ مجع ابن قاسم )482/15(، و (<br />

201<br />

/12<br />

)1471(<br />

وما بعدها،‏<br />

418(، وفتاوى لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم،‏ و<strong>اإلسالم</strong> على<br />

اإلنرتنت ، واألقليات املسلمة،‏ أسئلة وإجاابت البن ابز وابن عثيمني ص ( 67(، وللفائدة ينظر:‏ زاد املسافرين إىل غري بالد املسلمني ، ربيع<br />

السعودي،‏ والتعامل مع جمتمع غري مسلم لعدانن النحوي.‏<br />

قال ابن سعدي <strong>يف</strong> فتاواه ( 95(: ( املظهر لدينه هو الذي يتمكن من إعالنه وال يضطهد على ذلك وال خ<strong>يف</strong>يه،‏ والعاجز عن اإلظهار هو الذي ال<br />

يقدر على إظهار إميانه وتوحيده ، وعقائد دينه وشرائعه ‏...وإذا نظران إىل ما حولنا ممن املمالك املذكورة <strong>يف</strong> هذه األوقات،‏ وجدان أنه يتمكن كل أحد من<br />

إظهار دينه ومعتقده النتشار احلرية فصار املؤمن والكافر والرب والفاجر كل يعلن مبا اعتقده وإن حصل تقصري أو افتنان فهو من كثرة الشر وال يؤتى<br />

العبد إال من قبل نفسه ) .


ألن األصل حترمي السفر إىل بالد املشركني كما تقدم لوجوب معاداهتم ومقاطعتهم وفرضية الرباءة<br />

منهم كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

-1<br />

)1472( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

)1473(<br />

<br />

<br />

والسفر لبالدهم يؤدي إىل خمالطتهم واالستئناس هبم وتعظيم حضارهتم املادية واإلعجاب هبم ومن مث<br />

مواالهتم،‏ وقد أوجب هللا على اإلنسان العمل ‏َبلتوحيد وفرض عليه عداوة املشركني فما كان ذريعة وسبباً‏<br />

إىل إسقاط ذلك مل جيز )1474( .<br />

وملا تقدم من املفاسد واألضرار <strong>يف</strong> السفر لبالد الكفار للسياحة<br />

فيها.‏<br />

-2<br />

وإذا توفرت هذه الشروط جاز السفر إليها:‏<br />

لزوال املانع ووجود احلاجة وهي تنزل منزلة الضرورة فتقدر بقدرها .<br />

– ولفعل الصحابة<br />

رضوان هللا عليهم<br />

–<br />

ذلك.‏ <br />

)1475(<br />

حيث سافروا إىل بلدان املشركني للتجارة ومل ينكر النيب<br />

وللتمكن من إظهار الدين فإن بالد الكفر نوعان بالد حرب وإضطهاد،‏ وبالد عهد وهدنة<br />

وأمن،‏ وقد أذن ألصحابه ‏َبهلجرة للحبشة وهي بالد كفر لكنها بالد أمن واطمئنان وأخف<br />

بكثري من بالد الفتنة والشر القليل أهون من الشر الكثري ولذا متكن الصحابة من إظهار دينهم<br />

)1476(<br />

فيها .<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

)1472( سورة آل عمران اآلية : ( )28 .<br />

)1473( سورة هود اآلية : ( )113 .<br />

)1474(<br />

)1475(<br />

ينظر:‏ ه‎1‎ الصفحة السابقة<br />

.<br />

)1476(<br />

ذكره أمحد <strong>يف</strong> مسنده ( 6/ 316(، وينظر : املصادر السابقة .<br />

ينظر:‏ الفتاوى السعدي،‏ للشيخ عبد الرمحن السعدي ص ( 95( .


غريه.‏<br />

ومن األغراض املشروعة:‏ طلب العلم والعالج و التجارة والدعوة إىل هللا وزايرة األقليات <strong>اإلسالم</strong>ية فإذا<br />

كانت احلاجة إليها ضرورية وتوفرت الشروط السابقة جاز السفر ملا تقدم،‏ ووجب <strong>يف</strong> الدعوة إذا مل يقم هبا<br />

)1477(<br />

)1477(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وقد سئلت اللجنة الدائمة ( 12/ 58(، عن الذهاب بغرض العمل . فأجابت أبن <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> غنية عن بالد الكفار<br />

وملا فيها من خطر على العقيدة والدين واألخالق ، وسئلت عن السفر للدارسة . فأجابت <strong>يف</strong> ( 138(، ابملنع إال فيما ال يتيسر دراسته <strong>يف</strong> بالد<br />

<strong>اإلسالم</strong> كالطب واهلندسة وحنومها من العلوم الدنيوية ومل يتيسر استقدام من يضطر إليه <strong>يف</strong> تلك التخصصات واضطرت األمة لتلك العلوم فحيئنذٍ‏ جيوز<br />

ابلشروط السابقة.‏<br />

واشرتط الشيخ ابن ابز ( 5/ 390( أن يكون ذلك ملن يعرف ابلفضل والعلم ورجاحة العقل واالستقامة <strong>يف</strong> الدين ويكون هناك من يشرف عليه ويتابع<br />

خطاه حىت يرجع ، ومنع الشيخ حممد بن إبراهيم من االبتعاث بتااتً‏ قطعاً‏ ملادة الفتنة كما <strong>يف</strong> فتاواه ( 217/13-12(، وكذا الشيخ إبراهيم احلديثي <strong>يف</strong><br />

اجملموع املرتضى ص ( 20( .


املطلب الثاني<br />

أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام


: املطلب الثاين<br />

أوالً‏ :<br />

أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام<br />

املقصود بتبدل الدار واختالفها هو:‏ اختالف الدولتني اللتني ينتسب إليها الشخصان فإن كان<br />

ذلك بني مسلمَنيْ‏ مل يؤثر شيئاً‏ ألن دار <strong>اإلسالم</strong> دار أحكام فباختالف املنعة وامللك ال تتباين الدار فيما بني<br />

املسلمني ألن حكم <strong>اإلسالم</strong> جيمعهم.‏ )1478(<br />

وقد عرَّف الفقهاء دار <strong>اإلسالم</strong> أبهنا:‏ الدار اليت تظهر فيها أحكام <strong>اإلسالم</strong> وتقام فيها شعائره وجتري<br />

عليها أحكامه وأيمن من فيها أبمان املسلمني سواء كان مسلماً‏ أو ذمياً.‏ )1479(<br />

فاملعترب <strong>يف</strong> كون الدار أو البالد إسالمية هو سيادة سلطة املسلمني وتطبيق وإظهار أحكام <strong>اإلسالم</strong> عليه<br />

سواء كان غالب سكاهنا مسلمني أو غري مسلمني ومن الفقهاء من اكتفى <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> بغلبة<br />

األحكام والقدر على إظهارها حبرية وأمان من غري اشرتاط السيادة والسلطة والغلبة للمسلمني فيها والصحيح<br />

ما عليه مجاهري الفقهاء فغلبة األحكام أتيت تبعاً‏ للسلطة وظهورها احلقيقي لن يتحقق إال بذلك فهما شرطان<br />

ال ينفك أحدمها عن اآلخر وعليهما مدار احلكم .<br />

وهذا هو القول املتفق مع احلقيقة املقررة ملعىن <strong>اإلسالم</strong> واملتناسق مع القواعد العقلية والوقائع التارخيية<br />

واملعاصرة .<br />

وعليه ال تكون البالد اليت حيكمها الكفار من بالد <strong>اإلسالم</strong> لكون األغلب من سكاهنا مسلمني ألن<br />

املسلمني وإن كثروا فيها فهم مغلوب على أمرهم ما دامت السلطة ليست أبيديهم وإمنا أبيدي كفرة مىت رأوا<br />

ما يرضيهم منعوهم من إظهار شعائرهم.‏<br />

وعليه فإن الوالايت املتحدة األمريكية مثالً‏ ليست دار إسالم رغم أن قانوهنا نص على توفر كامل احلرية<br />

لكل الدايانت والدعوة إليها وإظهار أحكامها على النفس دون اعرتاض من السلطات .<br />

كما أن ألبانيا مثالً‏ ليست دار إسالم رغم أن أغلب سكاهنا من املسلمني لكن السلطة والغلبة للكفار<br />

فيها فالبد من حتقق وصف السلطة والغلبة للمسلمني على الدار مع أمنهم وقدرهتم على إظهار أحكام<br />

<strong>اإلسالم</strong> وهو اتبع لألول وأما قلة السكان من املسلمني أو كثرهتم فال عربة هبا .<br />

)1480(<br />

ويقابل دار <strong>اإلسالم</strong> دار الكفر وتعار<strong>يف</strong> الفقهاء هلا متفقة <strong>يف</strong> املدلول واملعىن على أن دار الكفر هي:‏<br />

الدار اليت تظهر فيها أحكام الكفر وتكون السلطة فيها لغري املسلمني وإن كانوا قلة واملسلمون كثرة.‏<br />

فالبد من الوصفني معاً‏ كما <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

)1478(<br />

)1479(<br />

)1480(<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )304/2(، واملبسوط،‏ للسرخسي )34/30(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 211/7(، وحاشية الدسوقي )363/1(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )456/5(، واملوسوعة الكويتية<br />

)201/20(، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة،‏ سليمان توبو لياك،‏ ص ( 15(.<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ اختالف الدارين وآاثره،‏ د.‏ عبد العزيز األمحدي ص (<br />

109<br />

وما بعدها (، وفقه األقليات،‏ خالد عبد القادر ص (<br />

51<br />

وما بعدها (،


وهناك من اكتفى بغلبة األحكام الكفرية وهذا ال يكفي ألهنا ال تغلب وتظهر ظهوراً‏ حقيقياً‏ إال إذا<br />

كانت السلطة والسيادة هلم .<br />

وهذه الدار تنقسم إىل قسمني :<br />

األول:‏ دار كفر حربية .<br />

الثانية:‏ دار كفر غري حربية ( دار العهد (.<br />

ومما يدل على هذا التقسيم : قول ابن عباس<br />

– رضي هللا عنهما –<br />

النيب <br />

)1481(<br />

( كان املشركون على منزلتني من<br />

واملؤمنني ، كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه،‏ ومشركي أهل عهد ال يقاتلهم وال يقاتلونه (.<br />

فهذا نص صريح <strong>يف</strong> تقسيم دار الكفر إىل دار حرب جيب نصب العداء التام هلا ودار عهد ال جيوز<br />

حماربتها ومعاداهتا للعهد واملهادنة.‏<br />

وإضافة الدار للحرب ال يعين ‏َبلضرورة أهنا <strong>يف</strong> حالة حرب مشتعلة مع دار <strong>اإلسالم</strong> لكن لكوهنا خارجة<br />

عن سلطان <strong>اإلسالم</strong> ونفوذ أحكامه وال يربطها بدار <strong>اإلسالم</strong> عهد وال صلح ومبعث احلروب غالباً‏ من<br />

)1482(<br />

اختالف العقائد فاالعتداء منها متوقع بل شبه حاصل.‏<br />

<br />

<br />

<br />

كما قال تعاىل :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1483(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

والبد من حتقيق أوصاف أربعة لتكون دار حرب:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

أن تكون الغلبة والقوة فيها للكافرين .<br />

أن جتري عليه أحكام الكفر.‏<br />

أن تكون <strong>يف</strong> حالة حرب واقعة أو متوقعة وليس بينها واملسلمني عهد وال أمان .<br />

أال تكون قد خضعت للنفوذ <strong>اإلسالم</strong>ي يوما ما .<br />

فإذا حتقق هذا كانت دار حرب إبمجاع وإال وجد اخلالف واشرتط كثري من املعاصرين لكوهنا دار حرب<br />

أن تعلن احلرب على املسلمني وإال فال .<br />

)1481(<br />

)1482(<br />

)1483( سورة البقرة اآلية : ( 217 ) .<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الطالق ، ابب نكاح من أسلم من املشركات ص ( 457(، رقم<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ، بتصرف .<br />

. )5286 (


تعلنه .<br />

وهذا غري صحيح فالدار اليت تتحقق فيها األوصاف السابقة دار حرب ال فرق بني أن تعلن ذلك أو ال<br />

وعلى هذا سرية املصطفى<br />

<br />

وأصحابه الذين كانوا يعتربون مجيع الدور الكافرة اليت مل تعقد معهم<br />

املعاهدات واملوادعات واملهادانت دور حرب جتب حماربتها وإخضاعها حلكم <strong>اإلسالم</strong> وسلطانه وإن مل تعلن<br />

احلرب على املسلمني.‏<br />

)1484(<br />

وإذا تغلب أهل احلرب على دار <strong>اإلسالم</strong> أو ارتد أهل الدار أو نقضوا العهد وتغلبوا ففي حتول الدار لدار<br />

كفر خالف على قولني .<br />

األول:‏ أهنا تتحول لدار الكفر ألن دار الكفر هي كل بقعة تكون أحكام الكفر فيها ظاهرة وهو قول<br />

اجلمهور.‏<br />

)1485(<br />

الثاين:‏ ال تتحول إال بتوافر ثالث<br />

شروط :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

ظهور أحكام الكفر فيها .<br />

اتصاهلا ومتامختها لدار الكفر حبيث يتوقع منها االعتداء على دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />

أن ال يبقى فيها مسلم وال ذمي أميناً‏ على نفسه ‏َبألمان األول وهو أمان املسلمني،‏ وهذا قول<br />

أيب حن<strong>يف</strong>ة.‏<br />

)1486(<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول أبن كلمة دار أض<strong>يف</strong>ت لإلسالم أو للكفر لظهوره بظهور أحكامه فالعربة<br />

‏َبلظهور والسيادة ألحدمها.‏<br />

)1487(<br />

واستدل أبو حن<strong>يف</strong>ة أبدلة منها : أن حتول دار <strong>اإلسالم</strong> إىل دار الكفر مبجرد ظهور أحكام الكفر أمر<br />

حمتمل ال يزول ‏َبلشك.‏<br />

)1488(<br />

ونوقش ذلك أبن استيالء الكفار عليها وإظهارهم ألحكام الكفر فيها يصريها دار كفر يقيناً‏ فإن الدار<br />

تنسب للغالب عليها واحلاكم فيها واشرتاط االتصال تبطله وسائل النقل احلديثة حيث ألغت أتثري ذلك<br />

واألمان ينقطع مبجرد استيالء الكفار عليها وعليه فالراجح هو القول األول.‏<br />

)1489(<br />

)1484( ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بتصرف .<br />

)1485(<br />

)1486( ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( /7 )211 .<br />

)1487(<br />

)1488(<br />

)1489(<br />

املصادر السابقة .<br />

املصادر السابقة.‏<br />

املصادر السابقة.‏<br />

املصادر السابقة.‏


وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء أبن كل بالد أو داير يقيم حكامها وذوو السلطان<br />

فيها حدود هللا وحيكمون الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية عليها فهي دار إسالم وما ال فال.‏<br />

)1490(<br />

وأما دار املوادعة أو الصلح والعهد فهي كل انحية صاحل املسلمون أهلها برتك القتال على أن تكون<br />

األرض ألهلها أو للمسلمني<br />

)1491(<br />

بعوض أو بغري عوض فإذا اشرتط <strong>يف</strong> عقد الصلح أن األرض للمسلمني<br />

وتقر أبيدي أهلها مقابل خراج يؤدونه صارت الدار دار إسالم وجرت عليها أحكامه وإن اشرتط <strong>يف</strong> عقد<br />

الصلح أن األرض هلم فعلى القول جبواز هذا الصلح ال تصري الدار دار إسالم بل دار عهد وال جتري عليها<br />

أحكام <strong>اإلسالم</strong> ودار العهد أخص من دار احلرب لوجود املواثيق بني املسلمني وبني أهلها وهلا أحكام تتص<br />

هبا عن دار احلرب فهي دار منفردة وال تضع حلكم <strong>اإلسالم</strong> ونظامه حىت نلحقها بدار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

وليست <strong>يف</strong> حالة حرب لوجود العهد ولكنه ال خيرجها عن كوهنا دار كفر وتصري دار حرب مبجرد نقضها<br />

للعهد أو انتهاء مدته.‏<br />

اثنياً‏ :<br />

أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام :<br />

إن اختالف الدارين يرتتب عليه اختالف <strong>يف</strong> أحكام شرعية كثرية وليس املراد هنا تفصيل ذلك بل التنبيه<br />

على أصول هذه املسألة لبيان األثر فقط،‏ فاألصل أن املسلم مكلف ‏َبلتزام أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وال أثر<br />

الختالف الدار والزمان واملكان <strong>يف</strong> ذلك فاحلالل حالل <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> أو <strong>يف</strong> دار الكفر وكذا احلرام .<br />

)1492(<br />

وقد أنكر هللا على اليهود الذين زعموا أن أداء األمانة والوفاء ‏َبلعهد ال يلزم مع غري اليهود فقال سبحانه<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

:<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1493( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فاالعتداء على الناس وظلمهم وخيانتهم وسفك دمائهم بغري حق حمرم <strong>يف</strong> كل حال ودار وما اختلف فية<br />

الفقهاء من األحكام اليت تتلف ‏َبختالف الدارين ليس سببه املنازعة <strong>يف</strong> هذا األصل وإمنا لعلل وأسباب<br />

أخرى .<br />

)1490(<br />

)1491(<br />

)1492(<br />

)1493(<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش ( 52/12( .<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 211/7(، وحاشية الدسوقي )363/1(، وهناية احملتاج،‏ للرملي)‏ 456/5(، واملوسوعة الكويتية<br />

)201/20(، واألحكام السياسية لألقليات املسلمة،‏ سليمان توبولياك ص ( 15(، وفقه األقليات،‏ خالد عبد القادر ص ( 49 وما بعدها (.<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي ( 24/4(، وأحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ للرافعي ص ( 90-82( .<br />

سورة آل عمران،‏ اآلايت : ( 76-75<br />

. )


فمنع األحناف من إقامة احلدود على املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفر سببه إانطة ذلك ‏َبإلمام وهو غري قادر<br />

عليه <strong>يف</strong> دار حرب لعدم الوالية ولذا لو رجع اجلاين إىل دار <strong>اإلسالم</strong> بعد ذلك فإنه ال يقام عليه احلد عندهم<br />

أيضاً‏ ألن الفعل مل يقع موجباً‏ أصالً‏ خبالف ما لو فعله <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> مث هرب لدار احلرب.‏<br />

)1494(<br />

وكذلك قالوا <strong>يف</strong> سقوط القصاص : إذا كان القتل <strong>يف</strong> دار احلرب لتعذر االست<strong>يف</strong>اء ولوجود الشبهة <strong>يف</strong><br />

وجوب القصاص لكونه <strong>يف</strong> دار احلرب والقصاص ال جيب مع الشبهة.‏<br />

وكذلك قالو <strong>يف</strong> الدية:‏ فتكون <strong>يف</strong> ماله ال على العاقلة إذا كان خطأ ألن العاقلة تتحمل عنه بطريق<br />

التعاون ملا يصل إليه حبياته من املنافع من النصرة والعزة والشرف بكثرة العشائر والرب واإلحسان هلم وحنو ذلك<br />

وهذه املعاين ال حتصل عند اختالف الدارين.‏<br />

)1495(<br />

وكراهة الفقهاء للزواج ‏َبلكتابيات إمنا كان للمحاذير املرتتبة على ذلك كما سيأيت.‏<br />

)1496(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

واألحكام اليت تتلف ‏َبختالف الدارين على نوعني :<br />

األول:‏ األحكام اليت تتلف ‏َبختالف دار <strong>اإلسالم</strong> فقد اتفق الفقهاء على أن اختالف الدارين له أثر<br />

<strong>يف</strong> تباين األحكام اليت تتلف ‏َبختالف دار <strong>اإلسالم</strong> فيما يتعلق ‏َبملعامالت.‏<br />

فاملستأمن من إذا دخل دار <strong>اإلسالم</strong> حرم عليه التعامل ‏َبلرَب مع املسلمني وغريهم بل ومجيع العقود<br />

الفاسدة شرعاً‏ مع إمكان ذلك له <strong>يف</strong> داره.‏<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> احلدود واجلناايت :<br />

فاألكثر على أن األحكام تطبق على املستأمن إذا ارتكب جرمية <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

فإذا قتل املستأمن مسلماً‏ أو ذمياً‏ <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> اقتص منه وإذا قتله مسلم أو ذمي <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong><br />

فدمه ال يذهب هدر كما <strong>يف</strong> داره بل تضمن ديته .<br />

ومن األحكام اليت تتلف ‏َبختالف الدارين هنا:‏<br />

التوارث ، فاختالف الدار مانع من التوارث بني الذمي واحلريب عند احلنفية والشافعية.‏<br />

)1497(<br />

دين الولد،‏ فقد اشرتط األحناف <strong>يف</strong> تبعية الولد خلري والديه <strong>يف</strong> الدين احتاد الدارين ( دار التابع<br />

واملتبوع ) وإال فال تبعية.‏<br />

)1498(<br />

الفرقة بني الزوجني،‏ فاختالف الدار موجب لذلك عند احلنفية . )1499(<br />

)1494(<br />

)1495(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 213/7( .<br />

املصدر السابق،‏ والعناية،‏ للبابريت )21/61<br />

.)<br />

)1496( ص ( 464 ) .<br />

)1497(<br />

)1498(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ والبحر الرائق،‏ البن جنيم )558/8(. وهناية احملتاج،‏ للرملي )28/6( .<br />

ينظر:‏ فتح القدير ، البن اهلمام ( 27/6( .


)1500(<br />

-4<br />

نفقة األقارب،‏ فاختالف الدار مانع من وجوهبا عند احلنفية .<br />

فهذه أمثلة على األحكام اليت تتلف ‏َبختالف الدار . )1501(<br />

وقد يقع التمييز <strong>يف</strong> األحكام اليت تتلف ‏َبختالف الدار ألمر خارج عن األصل السابق ذكره أال وهو<br />

نوعية العالقة بني دار <strong>اإلسالم</strong> ودار الكفر.‏<br />

فالكفار <strong>يف</strong> دار العهد والصلح تصان دماؤهم وأمواهلم وأعراضهم ما مل ينقضوا عهدهم.‏<br />

خبالف الكفار <strong>يف</strong> دار احلرب إذ ال عهد هلم وال ذمة لكن املسلم إذا دخلها أبمان وعهد منهم لغرض<br />

املصلحة الشرعية فعليه أن يصون دماءهم وأمواهلم وأعراضهم ويتعامل معهم ‏َبألخالق <strong>اإلسالم</strong>ية ويدعوهم<br />

إىل دين هللا عز وجل وإال كان خائناً‏ انقضاً‏ لعهوده خمالفاً‏ لتعاليم دينه وأخالق أمته <strong>اإلسالم</strong>ية .<br />

)1502(<br />

وكذا احلريب إذا دخل داران بعهد وأمان فإنه ال جيوز سفك دمه أو االعتداء عليه كما نصت بذلك<br />

نصوص الشرع وحذرت وتقدم ذكر ذلك .<br />

و<strong>يف</strong> التاريخ <strong>اإلسالم</strong>ي وسرية النيب<br />

<br />

وأصحابه من بعده خري شاهد على وفاء املسلمني وحفظهم<br />

لألماانت والعهود حىت مع غري املسلمني فال جهاد إال بعد اإلعالم والدعوة إىل دين <strong>اإلسالم</strong> واتباع األصول<br />

والضوابط الشرعية <strong>يف</strong> ذلك .<br />

ومل يقل أحد من العلماء إن اختالف الدار جييز للمسلم االعتداء على أهل دار احلرب إذا دخلها<br />

أبماهنم وإذهنم كما هي الطرق امللتوية ألدعياء اجلهاد <strong>يف</strong> هذا العصر.‏<br />

وعليه فإن السائح املسلم ال جيوز له حبال االعتداء واستحالل احملرمات <strong>يف</strong> دار الكفر إذا دخلها على<br />

تلك الصفة وهللا أعلم.‏<br />

النوع الثاين:‏ األحكام اليت تتلف ‏َبختالف دار الكفر فإذا دخل املسلم دار الكفر فهل يؤثر هذا <strong>يف</strong><br />

عدم تطبيق األحكام <strong>اإلسالم</strong>ية عليه ؟ <strong>يف</strong> ذلك خالف على قولني:‏<br />

األول :<br />

أن ذلك االختالف موجب لتباين األحكام .<br />

)1499( ينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي ( )51/5 .<br />

)1500( ينظر:‏ املصدر السابق ( )206/5 .<br />

وجزئياهتا .<br />

)1501(<br />

)1502(<br />

ولالستزادة ينظر:‏ اختالف الدارين وآاثره،‏ عبد العزيز األمحدي ( جملدان ) وكذا رسائل جامعية <strong>يف</strong> جامعة اإلمام أفردت جلوانب هذه املسألة<br />

ينظر:‏ أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> بالد الغرب،‏ للرافعي ص ( 82- 90(، بتصرف،‏ واألحكام السياسية لألقليات املسلمة <strong>يف</strong> الفقه<br />

<strong>اإلسالم</strong>ي،‏ سليمان توبولياك ص ( ‎17‎وما بعدها ) .


فيجوز للمسلم إذا دخل دار الكفر أبمان أو بغريه أن يتعامل معهم ‏َبلرَب والعقود الفاسدة اليت حيرم عليه<br />

أن يتعامل هبا <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> كما أنه إذا ارتكب ما يوجب احلد أو القصاص <strong>يف</strong> دار الكفر فإنه ال يؤاخذ به<br />

خبالف ما لو كان <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />

وهذا قول احلنفية ورواية عند احلنابلة إال أهنم <strong>يف</strong> احلدود يرون أتخريها حىت يرجع إىل دار <strong>اإلسالم</strong> .<br />

)1503(<br />

الثاين:‏ أن االختالف للدار ال أثر له <strong>يف</strong> تباين األحكام اليت تتلف ‏َبختالف دار الكفر.‏<br />

وهو قول املالكية والشافعية واحلنابلة <strong>يف</strong> ظاهر املذهب.‏<br />

)1504(<br />

فاملسلم املقيم <strong>يف</strong> دار الكفر حيرم عليه التعامل ‏َبلرَب والعقود الفاسدة كما لو كان <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> وإذا<br />

ارتكب ما يوجب حداً‏ أقيم عليه بغض النظر عن املكان .<br />

األدلة :<br />

استدل أصحاب القول األول مبا يلي:‏<br />

-1<br />

-2<br />

انعدام الوالية <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> دار الكفر فال والية لدار <strong>اإلسالم</strong> عليها .<br />

)1505(<br />

أن اختالف الدار مبنزلة املوت فهو قاطع لألمالك ألن امللك <strong>يف</strong> األصل إمنا يثبت ‏َبالستيالء<br />

على اململوك واالستيالء ينقطع بتباين الدار حقيقة ‏َبخلروج عن يد املالك وحكماً‏ ‏َبنقطاع يده<br />

من الوالايت والتصرفات .<br />

)1506(<br />

غريها .<br />

واستدل أصحاب القول الثاين :<br />

أبن احلكم هلل تعاىل والدور والرَبع ال حكم هلا ودعوة <strong>اإلسالم</strong> عامة على الكفار سواء <strong>يف</strong> أماكنهم أو<br />

والنصوص امللزمة ‏َبألحكام عامة مل تفرق بني الدور <strong>يف</strong> ذلك،‏ فالسارق والزاين والقاتل واملرايب وغريهم<br />

تطبق فيهم أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية بغض النظر عن مكان ارتكاب اجلرائم واملخالفات.‏<br />

)1507(<br />

)1503(<br />

بدائع الصنائع،‏ للكاساين (<br />

،)213/7 واملبسوط ( ،)51/5 والعناية ( ،)21/6 وفتح القدير 27/6(<br />

. )48/10<br />

)1504( ينظر:‏ املدونة ( ،)547/4 والتاج واإلكليل ،)391/8( وروضة الطالبني 141/10( ،)291- والفروع )147/4( .<br />

)1505(<br />

)1506(<br />

)1507(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين ( 213/7( .<br />

ينظر:‏ ختريج الفروع على األصول للزجناين ( 77( .<br />

ينظر:‏ املصدر السابق .<br />

و‎178‎‏(،‏ والفروع مع تصحيحها (


وهذا هو الراجح لعموم النصوص فاملسلم ملتزم بدينه وتطبق عليه أحكامه <strong>يف</strong> كل زمان ومكان.‏


املطلب الثالث<br />

التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم


: املطلب الثالث<br />

التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم<br />

لقد جاءت شريعة <strong>اإلسالم</strong> شاملة لكل شؤون احلياة العامة واخلاصة فما من شعبة من شعب احلياة وال<br />

انحية من نواحيها إال وقد تناولتها الشريعة وأوضحت لنا فيها اخلري من الشر والطاهر من اخلبيث والصحيح<br />

<br />

من الفاسد بنصوص خاصة أو قواعد كلية وتلك حقائق ال جيادل فيها إال مكابر قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1508( ، وقال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فقوانني الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ما ضاقت<br />

)1510(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1509( ، وقال عز شأنه :<br />

عن حاجة وال وقفت عقبة <strong>يف</strong> سبيل مصلحة أو عدالة بل وسعت مصاحل الناس على اختالف أجناسهم<br />

وألسنتهم وألواهنم.‏<br />

وقد ختم هللا برسالة حممد الرساالت السماوية وجعلها انسخة هلا وأم هبا نعمته على البشرية .<br />

وامتازت هذه القوانني والنظم <strong>اإلسالم</strong>ية أيضاً‏ بعصمتها من الزلل والنقص واالحنراف فهي من وضع<br />

اخلبري الذي علم ما كان وما يكون وما مل يكن لو كان ك<strong>يف</strong> يكون وهو اخلالق للبشر العامل مبا يصلحهم أو<br />

)1511( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<strong>يف</strong>سدهم ومبا تستقيم به أمور حياهتم <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذه الرسالة عاملية فالكفار مأمورون ‏َبإلميان كما قال سبحانه :<br />

)1513(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال:‏ <br />

)1512(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد حرم هللا عز وجل التحاكم إىل غري شريعته .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فقال سبحانه :<br />

<br />

<br />

)1514( وقال سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1508( سورة األنعام اآلية : ( 38 ) .<br />

)1509( سورة النحل،‏ اآلية )89( .<br />

)1510( سورة املائدة اآلية : ( 3 ) .<br />

)1511( سورة امللك اآلية : ( 14 ) .<br />

)1512( سورة الفرقان اآلية : ( 1 ) .<br />

سورة األنبياء اآلية:‏ ( 107<br />

. )<br />

)1513(<br />

)1514( سورة املائدة اآلية : ( 48 ) .


وقال سبحانه :<br />

)1515(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، )1516(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال عز وجل:‏ <br />

)1517( ، ولو مل يكن <strong>يف</strong> القرآن زجر عن اتباع القوانني<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الوضعية واستبدال شريعة <strong>اإلسالم</strong> هبا إال هذه اآلية لكفت العاقل اللبيب فك<strong>يف</strong> والقرآن كله يدعو إىل<br />

حتكيم ما أنزل هللا وعدم حتكيم ما عداه إما تصرحياً‏ وإما تلوحياً‏ ، وعلى هذا فإن االعتياض عن القانون<br />

السماوي الذي جاء به الصادق املصدوق ‏َبلقانون األرضي اإلنساين الذي ال خيلو مهما توافقت عليه<br />

اآلراء من غلط وخطأ أعظم أسباب املقت واحلرمان وأكرب موجبات العقوبة واخلذالن وتبديل لنعمة هللا<br />

‏َبلنقمة وللشكران ‏َبلكفران وشرع دين مل أيذن به هللا واتباع لغري سبيل املؤمنني ومشاقة وحمادة وحماربة وخيانة<br />

هلل ولرسوله وعشوٌ‏ عن ذكر الرمحن وإعراض عنه إىل غري ذلك من املفاسد واحملاذير اليت ال تدخل حتت<br />

احلساب وال تضبطها أقالم الكتاب .<br />

)1518(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول :<br />

فإبدال شريعة الدين ‏َبلقوانني يعد من الضالل املبني فمن الكفر األكرب املستبني تنزيل القانون اللعني منزلة ما<br />

نزل به الروح األمني على قلب حممد <br />

ليكون من املنذرين بلسان عريب مبني <strong>يف</strong> احلكم به بني العاملني والرد<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

إليه عند تنازع املتنازعني مناقضة ومعاندة لقول هللا عز وجل :<br />

، والنكرة : ( شيء<br />

)1519( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

) <strong>يف</strong> سياق الشرط تفيد العموم فيما يتصور التنازع فيه جنساً‏ وقدراً‏ مث أتمل ك<strong>يف</strong> جعل ذلك شرطاً‏ <strong>يف</strong><br />

حصول اإلميان ‏َبهلل واليوم اآلخر مث وصفه أبنه خري ال يتطرق إليه شر أبداً‏ بل هو خري حمض عاجالً‏ وآجالً‏<br />

مث قال:‏<br />

)1520( <br />

<br />

<br />

أي : عاقبة <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة ف<strong>يف</strong>يد أن الرد إىل غري الرسول عند<br />

)1515(<br />

)1516( سورة النساء اآلية : ( 60 ) .<br />

سورة املائدة اآلايت:‏ ( 47-44<br />

. )<br />

)1517( سورة النساء اآلية : ( 65 ) .<br />

)1518( سورة املائدة اآلية : ( 50 ) .<br />

)1519( سورة النساء اآلية : ( 59 ) .<br />

)1520( سورة النساء اآلية : ( 59 ) .


التنازع شر حمض وأسوأ عاقبة <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة وإذا كان هللا عز وجل وصف احلاكم بغري ما أنزل هللا ‏َبلكفر كما<br />

تقدم،‏ فمن املمتنع أن يسميه كذلك وال يكون كافراً‏ بل هو كافر مطلقاً‏ إما كفر عمل ال ينقل عن امللة وإما كفر<br />

اعتقاد انقل عن امللة .<br />

فكفر االعتقاد أنواع:‏<br />

أحدها : أن جيحد احلاكم بغري ما أنزل هللا أحقية حكم هللا ورسوله .<br />

الثاين:‏ أن ال جيحد كون حكم هللا ورسوله حقاً‏ لكن يعتقد أن حكم غريه أحسن وأ م وأَشل ملا حيتاجه<br />

الناس عند التنازع إما مطلقاً‏ أو ‏َبلنسبة إىل ما استجد من احلوادث اليت نشأت عن تطور الزمان وتغري<br />

األحوال .<br />

والثالث:‏ أن ال يعتقد كونه أحسن من حكم هللا ورسوله لكن يعتقد أنه مثله .<br />

والرابع:‏ أن ال يعتقد كون حكم احلاكم بغري ما أنزل هللا مماثالً‏ حلكم هللا ورسوله فضالً‏ عن أن يعتقد كونه<br />

أحسن منه لكن يعتقد جواز احلكم مبا خيالفه.‏<br />

واخلامس : وهو أعظمها معاندة ومكابرة ومشاقة احلكم ‏َبلقانون امللفق من شرائع شىت وقوانني كثرية<br />

والرجوع إليه <strong>يف</strong> القضاء بني الناس وإلزامهم به وكفر العمل غري املخرج من امللة أن حتمله شهوته وهواه<br />

على<br />

احلكم <strong>يف</strong> القضية بغري ما أنزل هللا مع اعتقاده أن حكم هللا ورسوله هو احلق واعرتافه على نفسه ‏َبخلطأ<br />

وجمانبة اهلدى وهو من الكبائر.‏<br />

فمن مل حيكم مبا أنزل هللا تسلطاً‏ على احملكوم وانتقاماً‏ منه أو حماَبة له أو لعرض من رشوة وغري ذلك من<br />

األهواء فإنه ظامل وفاسق<br />

ذلك <strong>يف</strong> كتب عقيدة أهل السنة واجلماعة.‏<br />

وليس بكافر وتتلف مراتب ظلمه وفسقه حبسب احملكوم به ووسائل احلكم وتفصيل<br />

واملقصود هنا:‏ بيان حترمي التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم أو حتكيم قوانينهم وأنظمتهم الوضعية <strong>يف</strong> بالد املسلمني<br />

أو اعتقاد كوهنا أحسن من حكم هللا ورسوله أو أعدل أو أم ملا تقدم .<br />

لكن إذا كان املسلم خصومته <strong>يف</strong> بلد ال توجد فيه حماكم شرعية فإن أمكنهما أن يصطلحا أو حيكما عاملاً‏ شرعياً‏<br />

حيكتمان إليه ليحكم بينهما حبكم هللا ورسوله وجب عليه السعي إىل ذلك وحرم عليه استبداله حبكم الكفار فإن<br />

اضطر وأجرب على التحاكم إىل<br />

حكم هللا لكنه اضطر إليه ألخذ حقه.‏<br />

الكفار فللضرورة أحكامها ما دام ال يعتقد كون حكمهم أحسن وأ م وأفضل من<br />

وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> دورته التاسعة من<br />

6-1<br />

ذي القعدة ‎1415‎ه قراراً‏ جاء فيه :<br />

" إذا مل تكن هناك حماكم دولية إسالمية جيوز احتكام الدول أو املؤسسات <strong>اإلسالم</strong>ية إىل حماكم دولية<br />

غري إسالمية توصالً‏ ملا هو جائز شرعاً‏ " واألفراد كذلك فإن الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية راعت الضرورة وشرعت هلا<br />

أحكاماً‏ استثنائية تناسبها وفق االجتاه العام <strong>يف</strong> التيسري على اخللق ورفع اآلصار واألغالل اليت كانت على


أصحاب الشرائع السابقة ومقصو دها إقامة احلق ورفع الظلم وتكميل املصاحل وحتصيلها وتقليل املفاسد<br />

.<br />

)1521(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وتعطيلها ورفع احلرج عن اخللق كما قال سبحانه : <br />

وعليه فهذا التحاكم يعد نوعاً‏ من التحكيم الفاسد الذي ينفذ ملوافقة احلكم قواعد القانون الطبيعي<br />

ومبادئ العدالة ، وقد جاء <strong>يف</strong> بعض كتب التاريخ أنه كان إذا حدث نزاع بني مسلم وقبطي تقدم املتقاضون<br />

إىل جملس مؤلف من قضاة ميثلون الفريقني املتنازعني وأفىت الشيخ حممد رشيد رضا <strong>يف</strong> مسألة احلكم ‏َبلقوانني<br />

الربيطانية <strong>يف</strong> اهلند بنحو هذا،‏ وقال الشيخ عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي <strong>يف</strong> التحاكم إىل احملاكم الوضعية:‏ " بقدر<br />

اإلمكان ال يتحاكم إليها،‏ أما إذا كان ال ميكن أن يستخلص حقه إال عن طريقها فال حرج عليه " كما أن<br />

<strong>يف</strong> هذا دفعاً‏ للظلم واملفسدة.‏ )1522(<br />

ولذا قال العز بن عبد السالم : " لو استوىل الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء ملن يقوم مبصاحل املسلمني<br />

العامة فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله جلباً‏ للمصاحل العامة ودفعاً‏ للمفاسد"‏ .<br />

)1523(<br />

فلجوء املسلم إىل تلك احملاكم للضرورة حتصيالً‏ حلقه أو دفعاً‏ للظلم عنه دون اعتقاد حسن ذلك أو حمبته<br />

أوىل ‏َبجلواز؛ ملا يرتتب على تركه من الضرر البالغ واملفسدة الراجحة<br />

.<br />

ومن األنظمة والقوانني البشرية ما ال يتعارض مع الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وال خيالفها وفيه مصلحة تنظيم أمور<br />

الناس العامة وحتقيق مصاحلهم املختلفة فااللتزام مبثل هذه األنظمة جائز شرعاً‏ ألهنا من ‏َبب املصاحل املرسلة<br />

وقواعد الشريعة العامة شاملة هلا فال يكون االلتزام هبا متعارضاً‏ مع شريعة <strong>اإلسالم</strong> أو إعراضاً‏ عنها سواء<br />

مسيت أنظمة أو قوانني أو غري ذلك فالعربة حبقائق األلفاظ ومعانيها ال بصورها ومبانيها.‏<br />

)1524(<br />

)1521( سورة املائدة اآلية : ( 6 ) .<br />

)1522(<br />

)1523( قواعد األحكام ( /1 )81<br />

)1524(<br />

ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد ( 63( حبث العمل القضائي خارج داير <strong>اإلسالم</strong>،‏ حممد األلفي ص)‏‎53‎‏(،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ - <strong>يف</strong> هذا املطلب<br />

–<br />

، وتقدمت ترمجة العز ص 53.<br />

وجوب تطبيق الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ، جمموع حبوث مقدمة ملؤمتر الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ص (<br />

217-309-200( ‏،وقرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ص ( 208(، ، وحتكيم القوانني ، حملمد بن إبراهيم ص (<br />

واألحكام الشرعية ومنافاهتا للقوانني الوضعية،‏ عبد هللا آل حممود ص)‏<br />

-193-169-107<br />

51-51<br />

9<br />

وما بعدها (،<br />

وما بعدها (، وحتذير أهل اإلميان عن احلكم بغري ما أنزل الرمحن،‏ إمساعيل<br />

احلسين السلفي ‏،ص)‏ 25-21(، وجملة أضواء الشريعة،‏ العدد السادس ص)‏ 85-83(، وفتاوى علماء البلد احلرام،‏ إعداد خالد اجلريسي ص (<br />

68-64(، وجمموع فتاوى ابن ابز ، مجع حممد الشويعر ( 1/ 271<br />

) و ( /4 ،)29 بتصرف.‏


املطلب الرابع<br />

التقيد بعادات أهل البلدان <strong>السياحة</strong> وتقاليدهم


: املطلب الرابع<br />

التقيد بعادات أهل البلدان <strong>السياحة</strong> وتقاليدهم<br />

لقد امنت هللا على أمة حممد بنعمة <strong>اإلسالم</strong> وجعلهم أمة وسطاً‏ ليكونوا شهداء على الناس وجعلهم<br />

قدوة هلم لكي يقدموا للعامل منوذجاً‏ للمجتمع السليم الذي يسلك الطريق املستقيم الذي رمسه له ربه وسار<br />

. عليه رسوله <br />

وألجل أن يكون هذا اجملتمع قدوة للناس جيب أن يكون طاهراً‏ من مجيع الشوائب اليت تسبب احنطاطه<br />

عن هذا املقام السامي وتسيء لسمعته والشك أبن مظهر املسلم وعاداته وتقاليده جزء ال يتجزأ من<br />

شخصيته اليت جيب أن تتميز عن غريها وتعتز بقيمها وأصالتها.‏<br />

والتشبه ‏َبلكفار <strong>يف</strong> عاداهتم وتقاليدهم اخلاصة هبم تبعية واهنزامية تناقض ذلك.‏<br />

وقد تفشى هذا <strong>يف</strong> بعض املسلمني حىت ال تكاد تفرق بينهم وبني اجملتمعات غري <strong>اإلسالم</strong>ية!‏<br />

فك<strong>يف</strong> يستبدلون الذي هو أدىن ‏َبلذي هو خري ؟ وك<strong>يف</strong> يرضون ‏َبلتبعية وهم خري األمم ؟ وهللا سبحانه<br />

)1525(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يقول:‏ <br />

وقد حذر رسول هللا من ذلك التقليد املذموم <strong>يف</strong> قوله : )) لتتبعن سنن من كان قبلكم شرباً‏ بشرب<br />

وذراعاً‏ بذراع ((.<br />

)1526(<br />

وهذه السنن تشمل العادات والتقاليد والسلوك واألخالق،‏ وقد حذر النيب من هذا االتباع وتلك<br />

املشاهبة مجلة وتفصيالً‏ .<br />

أما اجلملة :<br />

فكقوله صلى هللا عليه وسلم:‏ ‏))من تشبه بقوم فهو منهم((.‏ )1527(<br />

)1529(<br />

)1528( ، و (( خالفوا اليهود .))<br />

وقوله : )) خالفوا املشركني ((<br />

)1525( سورة األحزاب اآلية : ( 21 ) .<br />

)1526(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب االعتصام ، ابب قول الني : )) لتتبعن سنن من كان قبلكم (( ( 610(، رقم ( 7320( ، ومسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب<br />

العلم،‏ ابب اتباع سنن اليهود والنصارى ( 1142(، رقم ( 2669( .<br />

)1527(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اللباس ابب <strong>يف</strong> لبس الشهرة،‏ ص )1518(، رقم )4031(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،‏ ابب حلق القفا والزهد<br />

)453/11(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )179/8(، وقال <strong>يف</strong> كشف اخلفا )314/2(: ‏)رواه أمحد وأبو داود والطرباين عن ابن عمر رفعه و<strong>يف</strong> سنده<br />

ضع<strong>يف</strong> لكن قال العراقي <strong>يف</strong> سنده صحيح وله شاهد عند البزار وعند أيب نعيم وعند القضاعي وصححه ابن حبان(،‏ واحلديث صحيح كما ذكر شيخ<br />

<strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية واحلافظ العراقي وابن حبان وحسنه ابن حجر،‏ وقال األلباين:‏ ‏)رجاله ثقات غري أيب أمية(.‏ ينظر:‏ السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه<br />

ابلكفار،‏ سهيل عبد الغفار،‏ 101-97<br />

.<br />

)1528(<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اللباس ابب تقليم األظافر،‏ ص )501( رقم 5892(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الطهارة،‏ ابب خصال الفطرة<br />

،)723( رقم .)259(<br />

)1529(<br />

أخرجه أبو داود،‏ <strong>يف</strong> الصالة،‏ ابب الصالة <strong>يف</strong> النعل ص (<br />

،)1271 رقم (<br />

رقم ( ،)2186 والطرباين ( /7<br />

سنة الصالة <strong>يف</strong> النعلني .<br />

290(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه )287/4(، رقم)‏‎7839‎‏(،‏ والبيهقي <strong>يف</strong> سننه (<br />

652(، وابن حبان،‏ ابب ذكر األمر ابلصالة <strong>يف</strong> احلقاف )561/5(،<br />

،)432/2 رقم ( ،)4056 ابب


وأما التفصيل فقد ورد التحذير من مشاهبتهم <strong>يف</strong> كثري من األمور كرفع القبور والبناء عليها واتاذها<br />

مساجد واتاذ التماثيل ورفع الصور واتاذ آنية الذهب وحلق اللحية وترك الشيب بال صبغ والتربج والسفور<br />

واألعياد واالحتفاالت واملهرجاانت املبتدعة والقيام للشخص تعظيماً‏ له ووصل الشعر ولبس ما هو من شعار<br />

الكفار وغري ذلك من أمور العبادات والعادات.‏<br />

)1530(<br />

فيجب على املسلم أن يسلم هلل ولرسوله فيسمع ويطيع ويتميز بعاداته وتقاليده وسلوكه ومظهره<br />

ليكون قدوة لاخرين ويظهر اعتزازه بدينه وال يكون تبعاً‏ لغريه.‏<br />

ومن أسباب النهي عن هذا التشبه أن أعمال الكفار مبناها على الضالل والفساد <strong>يف</strong> األصل سواء <strong>يف</strong><br />

عقائدهم وعباداهتم أو <strong>يف</strong> سلوكهم وعاداهتم الحنرافهم عن طريق احلق واهلدى والنور وسلوكهم طريق الضاللة<br />

والغواية واتباع الشهوات واألهواء وإن وجد شيء من الصالح <strong>يف</strong> أعماهلم فهو هباء منثور.‏<br />

؛وألن التشبه هبم يوقع املسلم <strong>يف</strong> التبعية هلم كما تقدم،‏ و<strong>يف</strong> هذا مشاقة هلل ولرسوله واتباع لسبيل غري<br />

<br />

املؤمنني،‏ وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

؛(‏ 1531(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وألن هذا التشبه يوقع شيئاً‏ من املشاكلة بني املُقَلِّدِّ‏ واملُقَلَّد <strong>يف</strong> املظهر واملخرب ويورث اإلعجاب ‏َبلكفار<br />

ودينهم وعاداهتم وَبلتايل ازدراء احلق واهلدى كما أن املشاهبة تورث املودة واحملبة واملواالة بني املتشاهبني،‏<br />

فاملسلم إذا قلد الكافر البد أن جيد <strong>يف</strong> قلبه ألفة له وهذه األلفة البد أن تورث احملبة والرضى واملوالة لغري<br />

املؤمنني .<br />

فأصل املشاهبة أن هللا جبل بين<br />

آدم على التفاعل بني الشيئني املتشاهبني وكلما كانت املشاهبة أكثر كان<br />

التفاعل <strong>يف</strong> األخالق والصفات أ م فألجل ذلك وقع التأثر والتأثري <strong>يف</strong> بين آدم فاكتسب بعضهم أخالق<br />

بعض ‏َبملشاركة واملعاشرة.‏<br />

واملشاهبة <strong>يف</strong> األمور الظاهرة توجب املشاهبة <strong>يف</strong> األمور الباطنة وهذه املواالة واحملبة للكافر تناقض أصالً‏<br />

من أصول الدين وهو مواالة املؤمنني والرباءة من الكافرين .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كما قال سبحانه :<br />

)1532(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1533(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه : <br />

)1530(<br />

.)<br />

)1531(<br />

)1532( سورة املائدة اآلية : ( 51 ) .<br />

ينظر:‏ السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه ابلكفار،‏ سهيل عبد الغفار.‏<br />

سورة النساء اآلية:‏ ( 115


ويقول سبحانه : <br />

. )1534(<br />

<br />

<br />

ويقول <br />

: )) ليس منا من تشبه بغريان ((.<br />

)1535(<br />

فهذه النصوص كلها هتدف إىل سد الذرائع ألن املشاهبة <strong>يف</strong> الظاهر ذريعة إىل املوافقة <strong>يف</strong> القصد والعمل.‏<br />

)1536( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

وهو سبيله ومنهاجه وطريقته<br />

وشريعته <br />

فتوزن األقوال واألعمال أبقواله وأعماله فما وافق ذلك فهو مقبول وما خالفه فهو مردود .<br />

ونقل شيخ <strong>اإلسالم</strong> اإلمجاع من الصحابة والتابعني ومن بعدهم على األمر مبخالفة الكفار والنهي عن<br />

مشاهبتهم <strong>يف</strong> اجلملة،‏ ومن ذلك أن عمر مث عامة األئمة من بعده وسائر الفقهاء جعلوا <strong>يف</strong> الشروط<br />

املشروطة على أهل الذمة فيما شرطوه على أنفسهم : ( أن نوقر املسلمني،‏ ونقوم هلم من جمالسنا إذا أرادوا<br />

اجللوس،‏ وال نتشبه هبم <strong>يف</strong> شيء من لباسهم...وال نتكلم بكالمهم ، وال نتكىن بكناهم .. إخل ) وهذه<br />

الشروط جممع عليها <strong>يف</strong> اجلملة وهي أصناف منها ما مقصوده التمييز عن املسلمني <strong>يف</strong> الشعور واللباس<br />

واألمساء واملراكب والكالم وحنوها ليتميز املسلم عن الكافر وال يتشبه أحدمها ‏َبآلخر <strong>يف</strong> الظاهر وذلك<br />

يقتضي إمجاع املسلمني على التمييز عن الكفار ظاهراً‏ وترك التشبه هبم .<br />

وال يصح معارضة ما تقدم أبن شرع من قبلنا شرع لنا ما مل يرد <strong>يف</strong> شرعنا خالفه وقوله سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1538( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1537( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1539(<br />

وذلك ألن هذا الدليل مبين على مقدمتني كلتامها منتفية هنا:‏<br />

<br />

إحدامها : أن يثبت أبن ذلك شرع هلم بنقل موثوق به من كتاب أو سنة وحنو ذلك،‏ أما جمرد الرجوع<br />

لقوهلم أو كتبهم فباطل .<br />

)1533( سورة يونس اآلية : ( 89 ) .<br />

)1534( سورة البقرة اآلية : ( 120 .)<br />

)1535(<br />

أخرجه الرتمذي،‏ كتاب االستئذان،‏ ابب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية إشارة اليد ابلسالم ص (<br />

،)1923 رقم (<br />

2695(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط (<br />

238/7(، واحلديث حسن لغريه . ينظر:‏ السنن واآلاثر ، لسهيل عبد الغفار ص ( 107(، وحسنه األلباين <strong>يف</strong> صحيح اجلامع ( 5/ 101(، حديث (<br />

. )5310<br />

)1536( سورة النور اآلية : ( 63 ) .<br />

سورة األنعام اآلية:‏ ( 90<br />

. )<br />

)1537(<br />

)1538( سورة النحل اآلية : ( 123 .)<br />

)1539( سورة املائدة اآلية : ( 44 ) .


والثانية:‏ أن ال يكون <strong>يف</strong> شرعنا بيان خاص لذلك،‏ أما إذا كان <strong>يف</strong> ذلك بيان خاص إما ‏َبملوافقة أو<br />

‏َبملخالفة استغين عنه فيما ينهى عنه من موافقته ومل يثبت أنه شرع ملن كان قبلنا وإن ثبت فقد كان هدي<br />

نبينا <br />

خبالفه وقد أمران مبخالفتهم <strong>يف</strong> اهلدي كما تقدم .<br />

وهذا كله <strong>يف</strong> التقيد بعاداهتم وتقاليدهم والتشبه هبم <strong>يف</strong> ذلك إذا كان خمتصاً‏ هبم حبيث يعلم أنه من<br />

عاداهتم وتقاليدهم وأفعاهلم،‏ أما إذا شاع ذلك بني الناس وصار عاماً‏ بني املسلمني والكفار ومل يعارض نصاً‏<br />

أو أصالً‏ شرعياً‏ ومل يرتتب عليه حمذور فإن التشبه هبم هنا جائز ومباح وليس من التشبه املذموم واألصل <strong>يف</strong><br />

العادات اإلنسانية االلتفات إىل املعاين كما تقدم فالبشر يشرتكون <strong>يف</strong> كثري من العادات والفطر اإلنسانية .<br />

وقد يتقيد بعض املسلمني بعادات الكفار وتقاليدهم إذا تواجد <strong>يف</strong> بالدهم خوفاً‏ على نفسه أو ماله أو<br />

عرضه فيلبس زيهم ويتقيد مبظهرهم محاية لنفسه ودفعاً‏ للضرر عنه فال يكون <strong>يف</strong> هذه احلال وحنوها متشبهاً‏<br />

‏َبلكفار ألن من قواعد الشريعة تفويت املصلحة لتحصيل ما هو أكرب منها وارتكاب املفسدة لدفع ما هو<br />

أعظم منها،‏ والضرورات تبيح احملظورات كما تقدم،‏ ومقاصد الشريعة تؤيد هذا وتؤكده )1540( فقد جيب عليه<br />

ذلك إذا تعني طريقاً‏ لدفع اهلالك عن نفسه<br />

. )1541(<br />

)1540(<br />

ينظر:‏ فيما تقدم : اقتضاء الصراط املستقيم،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية،‏ حتقيق انصر العقل )363/1 -462 (، والوالء والرباء <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>،‏ حممد<br />

القحطاين ص (<br />

321<br />

–328(، والدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية،‏ مجع ابن قاسم (<br />

362/15<br />

اجلريسي ص _ 105(، واملفيد البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي ص ( 132(، ومن تشبه بقوم فهو منهم،‏ انصر العقل ص (<br />

وما بعده (، وفتاوى علماء البلد احلرام،‏ مجع<br />

19-15-8-7(، بتصرف،‏<br />

)1541(<br />

وللفائدة ينظر:‏ التساهل مع غري املسلمني مظاهره وآاثره،‏ للطريقي،وحكم الشرع <strong>يف</strong> اللحية واألزايء والتقاليد والعادات ، عثمان الصا<strong>يف</strong>،‏ واهلزمية<br />

النفسية عند املسلمني ، للخاطر.‏<br />

ينظر:‏ التشبه املنهي عنه،‏ مجيل بن حبيب اللوحيق ص ( ‎116‎‏(،ويقول شيخ <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> اقتضاء الصراط املستقيم )418/1(: ( لو أن املسلم<br />

بدار حرب،‏ أو دار كفر غري حرب ، مل يكن مأموراً‏ ابملخالفة هلم <strong>يف</strong> اهلدي الظاهر ملا عليه <strong>يف</strong> ذلك من الضرر بل قد يستحب للرجل أو جيب عليه أن<br />

يشاركهم أحياانً‏ <strong>يف</strong> هديهم الظاهر إذا كان <strong>يف</strong> ذلك مصلحة دينية من دعوهتم إىل الدين واالطالع على ابطن أمورهم إلخبار املسلمني بذلك أو دفع<br />

ضررهم عن املسلمني،‏ وحنو ذلك من املقاصد احلسنة ) .


املطلب اخلامس<br />

اإلقامة <strong>يف</strong> ديار الكفر


املطلب اخلامس:‏ اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر.‏<br />

حترير حمل النزاع:‏<br />

اتفق أهل العلم على حترمي اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر ووجوب اهلجرة منها إىل دار <strong>اإلسالم</strong> إذا عجز املسلم عن إظهار دينه<br />

وخشي على نفسه الفتنة ما مل يكن <strong>يف</strong> بقائه مصلحة للمسلمني أو يعجز عنها فهو معذور.‏ )1542(<br />

ويدل لذلك:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

1- قوله تعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1543(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذا وعيد شديد يدل على الوجوب وأن األصل عدم االستمرار <strong>يف</strong> داير الكفر بال مربر شرعي حيث أوجب سبحانه<br />

على املسلمني الذين يقيمون بني ظهراين املشركني وال يتمكنون من إقامة الدين أن يهاجروا ما داموا قادرين و إال كانوا ظاملني<br />

)1544(<br />

ألنفسهم برتك اهلجرة وارتكاب احملذور من غري عذر.‏<br />

مث استثىن سبحانه املعذورين فقال:‏ <br />

<br />

)1545(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قوله : )) أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني ((، قالوا:‏ اي رسول هللا مل ؟ قال:‏ ‏))ال<br />

تراءى انرمها ((. )1546(<br />

-2<br />

وقال <br />

: )) من جامع املشرك وسكن معه فإنه مثله ((. )1547(<br />

)1542(<br />

)1543(<br />

ينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي )7/10( ، وأحكام القرآن،‏ للجصاص )350/2(، واملنتقى،‏ للباجي )160/6(، والفواكه الدواين،‏<br />

للقريواين )397/1(، واجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )350/3(، والبن العريب )484/1(، واألم،‏ للشافعي )161/4(، وفتح الباري،‏<br />

البن حجر )220/6(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )282/10(، واملغين،‏ البن قدامة )151/13(، والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح<br />

املرداوي وحاشية ابن قندس )237/10(، جمموع فتاوى شيح <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )281/18(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

.<br />

97<br />

)1544(<br />

)1545(<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )250/2(، واملغين،‏ البن قدامة )151/13(، وفتح القدير،‏ للشوكاين )803/1(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

. 98<br />

)1546(<br />

تقدم ترجيه ص<br />

، 383<br />

)1547(<br />

وقوله:‏ ‏))ال تراءى انرمها((‏ معناه ال يكون مبوضع يرى انرهم ويرون انره إذا أوقدت واملقصود بيان وجوب<br />

هجرهتم والبعد عن دايرهم،‏ ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )150-149/13(.<br />

رقم (<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> اإلقامة أبرض الشرك،‏ ص )1431(، رقم )2787(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )251/7( ،<br />

7023(، وحسنه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )434/5(، رقم )2330(.


وهذا صريح <strong>يف</strong> حترمي اإلقامة بدار الكفر دون عذر ووجوب اهلجرة إىل دار <strong>اإلسالم</strong> وإىل حيث<br />

ميكنه إظهار دينه واألمن من الفنت.‏<br />

اإلمجاع على ذلك.‏ )1548(<br />

أن القيام بواجب دينه واجب على من قدر عليه واهلجرة من ضرورة الواجب وتتمته وما ال يتم<br />

)1549(<br />

الواجب إال به فهو واجب.‏<br />

وهو متعلق مبا إذا كان <strong>يف</strong> مقامه مصلحة فيستثىن من التحرمي؛ ألن إسالم العباس رضي هللا عنه<br />

كان قبل بدر وكان يكتمه ويكتب إىل النيب أبخبار املشركني وأحب القدوم إليه فكتب له<br />

: )) إن إقامتك مبكة خري((‏ )1550(<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

مث أظهر إسالمه يوم فتح مكة.‏<br />

وألنه إذا كان <strong>يف</strong> بقائه مصلحة ظاهرة راجحة عائدة على املسلمني وجب عليه ترك اهلجرة<br />

رعاية هلا؛ ألن املصلحة احلاصلة له ‏َبهلجرة على اخلصوص تصري مفسدة ‏َبلنسبة إىل املصلحة<br />

املوجودة برتكه للهجرة.‏ )1551(<br />

وأما إذا متكن من إظهار دينه <strong>يف</strong> دار الكفر فقد اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> حكم إقامته على قولني:‏<br />

األول:‏ إَبحة ذلك مع استحباب اخلروج واهلجرة إىل دار <strong>اإلسالم</strong> وهو قول اجلمهور.‏ )1552(<br />

)1553(<br />

الثاين:‏ وجوب ذلك مطلقاً،‏ وهو قول املالكية وقول للشافعية.‏<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول مبا أييت:‏<br />

)1548(<br />

)1549(<br />

)1550(<br />

وقد حكاه ابن رشد وابن كثري<br />

،<br />

ينظر:‏ املعيار املعرب،‏ للونشريسي )24/21(، وتفسري ابن كثري )661/1(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )151/13(.<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )15/9(، وذكر إسالم العباس مبكة وكتمه له ابن حجر <strong>يف</strong> التهذيب )170/5(، وابن عبد الرب <strong>يف</strong><br />

االستيعاب )812/2(، وابن سعد <strong>يف</strong> الطبقات )31/4(، وغريهم.‏ ينظر:‏ تفسري ابن عطية )192/3(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

.)151/13(<br />

)1551(<br />

ينظر:‏ العربة مما جاء <strong>يف</strong> الغزو والشهادة واهلجرة،‏ ص )230( بواسطة:‏ األحكام السياسية لألقليات املسلمة،‏ سليمان توبولياك،‏ ص<br />

)69(، بتصرف.‏<br />

)1552(<br />

)1553(<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )250/2(، واملبسوط،‏ للسرخسي )7/10(، واألم،‏ للشافعي )161/4(، وروضة الطالبني،‏<br />

للنووي )282/10(، وفتح الباري،‏ البن حجر )220/6(، والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس )237/10،<br />

واملغين،‏ البن قدامة )151/13(، وفتح القدير،‏ للشوكاين )803/1(.<br />

ينظر:‏ شرح اخلرشي )195/7(، والفواكه الدواين،‏ للقريواين )338/2(، وحاشية الدسوقي )182/4(، وأحكام القرآن،‏ البن<br />

العريب )484/1(، وللقرطيب )350-347/3(، واملعيار املعرب،‏ للونشريسي )127/2(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )282/10(.


آية النساء السابقة فإن فيها دليالً‏ على وجوب اهلجرة من موضع ال يتمكن الرجل فيه من<br />

إقامة دينه وهي عامة <strong>يف</strong> كل من أقام بني ظهراين املشركني مع قدرته على اهلجرة وعدم<br />

متكنه من إقامة دينه ومفهوم ذلك أن القوي القادر على إقامة دينه وإظهاره جيوز له<br />

اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر . )1554(<br />

أن أعرابياً‏ سأل النيب <br />

عن اهلجرة فقال:‏ )) وحيك إن اهلجرة شأهنا شديد فهل لك من<br />

إبل؟ قال:‏ نعم،‏ قال:‏ فتعطي صدقتها؟ قال:‏ نعم،‏ قال:‏ فهل متنح منها؟ قال:‏ نعم،‏ قال:‏<br />

فتحلبها يوم ورودها؟ قال:‏ نعم قال:‏ فاعمل من وراء البحار فإن هللا لن يَرتَِّكَ‏ من عملك<br />

شيئاً‏ .)) )1555(<br />

فلوكانت اهلجرة واجبة عليه ملا أرشده إىل البقاء وتركها وأن ذلك ال يضره وال ينقص من<br />

عمله.‏<br />

إقراره<br />

الفتنة.‏ )1556(<br />

أن نعيم النحام )1557(<br />

لقوم مبكة أن يقيموا هبا بعد إسالمهم ومنهم العباس وغريه إذا مل خيافوا<br />

حني أراد اهلجرة قال له قومه:‏ أقم عندان وأنت على دينك وحنن<br />

مننعك عمن يريد أذاك واكفنا ما كنت تكفينا وكان يقوم بيتامى بين عدي وأراملهم<br />

فتخلف عن اهلجرة مدة<br />

مث هاجر بعد فقال له النيب : )) قومك خري لك من قومي يل<br />

قومي أخرجوين وأرادوا قتلي وقومك حفظوك ومنعوك (( احلديث )1558(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

فأقره على بقائه <strong>يف</strong> دار الكفر لقدرته على إظهار دينه.‏<br />

)1554(<br />

)1555(<br />

)1556(<br />

)1557(<br />

)1558(<br />

ينظر:‏ تفسري ابن كثري )661/1(، وفتح الباري،‏ البن حجر )271-270/7(.<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب مناقب األنصار،‏ ‏َبب هجرة النيب وأصحابه إىل املدينة،‏ ص )320(، رقم )3923(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

اإلمارة،‏ ‏َبب املبايعة بعد فتح مكة على <strong>اإلسالم</strong> .... إخل،‏ ص )1012(، رقم )1865(.<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )151/13(.<br />

هو نعيم بن عبد هللا بن أسيد بن عبد عوف القرشي العدوي املعروف ‏َبلنحام ألنه قال له:‏ دخلت اجلنة فسمعت حنمة من<br />

نعيم،‏ وهي السعلة <strong>يف</strong> آخر النحنحة كان إسالمه قبل عمر لكنه مل يهاجر إال قبل فتح مكة،‏ وقال ابن أيب خثيمة:‏ أسلم بعد مثانية<br />

وثالثني إنساانً‏ واستشهد أبجنادين <strong>يف</strong> خالفة عمر،وقيل إنه قتل <strong>يف</strong> مؤتة.‏<br />

ينظر:‏ اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة،‏ البن حجر )249-248/6(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ واالستيعاب،‏ البن عبد الرب )1507/4(، والطبقات الكربى،‏ البن سعد )138/4(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

.)151/13(


أن فديكاً)‏‎1559‎‏(‏ أتى النيب فقال:‏ اي رسول هللا إن الناس يزعمون أن من مل يهاجر<br />

هلك،‏ فقال : ))<br />

اي فديك أقم الصالة وآت الزكاة واهجر السوء واسكن من دار<br />

قومك حيث شئت،‏ قال:‏ وأظنه قال:‏ تكن مهاجراً((.‏ )1560(<br />

وهو صريح <strong>يف</strong> جواز إقامته بداير الكفر إذا قدر على القيام بشعائر دينه.‏<br />

قول عائشة رض هللا عنها ملا سئلت عن اهلجرة:‏ ‏)ال هجرة اليوم كان املؤمنون <strong>يف</strong>ر أحدهم<br />

بدينه إىل هللا تعاىل وإىل رسوله خمافة أن <strong>يف</strong>نت عليه فأما اليوم فقد أظهر هللا <strong>اإلسالم</strong><br />

واليوم يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية(.‏ )1561(<br />

-5<br />

-6<br />

قال ابن حجر:‏ " أشارت عائشة رضي هللا عنها إىل بيان مشروعية اهلجرة وأن سببها<br />

خوف الفتنة واحلكم يدور مع علته فمقتضاه أن من قدر على عبادة هللا <strong>يف</strong> أي موضع<br />

اتفق مل جتب عليه اهلجرة منه و إال وجبت ". )1562(<br />

أن احلبشة كانت دار كفر وبقيت كذلك حىت بعد إسالم النجاشي حيث كتم ذلك ومل<br />

يلتزم أهلها أبحكام <strong>اإلسالم</strong> وقد أذن ألصحابه ‏َبهلجرة إليها ملا رأى ما هم فيه من<br />

البالء حىت جيعل هللا هلم فرجاً‏ وخمرجاً‏ مما هم فيه،‏ وملا هاجر للمدينة بقي املهاجرون<br />

للحبشة فيها ومنهم من بكر <strong>يف</strong> القدوم إىل املدينة ومنهم من أتخر <strong>يف</strong> ذلك،‏ وكان بقاؤهم<br />

فيها بعد قيام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> املدينة،‏ وكذا بقي فيها النجاشي بعد إسالمه حىت مات<br />

فصلى عليه النيب ومل ينكر عليهم البقاء وال على النجاشي لتحقق الشرط.‏ )1563(<br />

-7<br />

ومع ذلك يستحب له أن يهاجر حىت ال يكثر سوادهم ومييل إليهم <strong>يف</strong> الرسوم واخللق<br />

والعادة واهليئة لتأثري اجلوار والصحبة وليتخلص من الضعف واالستكانة اليت ال تليق ‏َبلعزة<br />

اإلميانية وليتخلص من رؤية املنكر بينهم.‏<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

)1559(<br />

)1560(<br />

)1561(<br />

)1562(<br />

)1563(<br />

هو فديك الزبيدي وقيل العقيلي قال البخاري:‏ فديك صاحب النيب وقال البغوي:‏ سكن املدينة،‏ وقال ابن السكن يقال:‏ إن<br />

فديك وابنه بشري مجيعاً‏ صحبا النيب ، ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )204/6(.<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ رقم )17551(، )17/9(، وابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه،‏ ‏َبب اهلجرة )202/11(، رقم )4861(، والطرباين<br />

<strong>يف</strong> األوسط )6/3(، وابن عبد الرب <strong>يف</strong> االستيعاب )1268/3(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب مناقب األنصار،‏ ‏َبب هجرة النيب إىل املدينة )317(، رقم )3900(.<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )270/7(.<br />

ينظر:‏ هتذيب سرية ابن هشام،‏ عبد السالم هارون،‏ ص )82-81(، وفتح الباري،‏ البن حجر )231-226/7(، وأحكام<br />

األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ للرافعي،‏ ص )63(.


مبا تقدم من األدلة على وجوب اهلجرة عند العجز عن إظهار الدين وخوف الفتنة وبغريها من األدلة على<br />

<br />

وجوب فراق املشركني فطردوها <strong>يف</strong> كل حال على عمومها دون تفريق،‏ ولقوله سبحانه:‏ <br />

<br />

)1564( ، فقطع الوالية عنهم يدل على وجوب<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

اهلجرة عليهم.‏<br />

، )1565( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ولقوله سبحانه:‏ <br />

–<br />

وهذا فيه حتريض على اهلجرة وأنه ليس ألحد املقام أبرض املشركني وأن املؤمن حيثما ذهب عنهم وجد<br />

مندوحة وملجأ يتحصن فيه.‏ )1566(<br />

وألن املسلمني الذين يعيشون <strong>يف</strong> دولة غري إسالمية يكونون مضطهدين ومستضعفني من قبل األكثرية<br />

غري املسلمة كما هو مشاهد <strong>يف</strong> الغالب وال جيوز للمسلم الرضى بذلك مع القدرة على التخلص<br />

واملفارقة؛ ألن الرضى ‏َبلظلم ظلم مث إنه خياف على املسلم أن جتري عليه أحكام الكفر ويكثر املنكر <strong>يف</strong><br />

)1567(<br />

تلك البالد وهو غري قادر على تغيريه إال ‏َبهلجرة.‏<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

نوقش ما استدل به أصحاب القول الثاين أبنه خارج حمل النزاع،فإن اآلية نزلت – كما قال ابن عباس<br />

<strong>يف</strong> أانس من املسلمني كانوا مع املشركني يكثرون سوادهم على رسول هللا فيأيت السهم ي ‏ُرْمَى به<br />

فيصيب أحدهم فيقتله فهؤالء تركوا اهلجرة مع القدرة عليها وحصول الفتنة والضرر برتكها وحمل النزاع<br />

إمنا هو <strong>يف</strong> البقاء وترك اهلجرة ملن أمن الفتنة وقدر على إظهار دينه.‏ )1568(<br />

وأما اآلية الثانية فاملراد هبا قطع نصيبهم من الفيء والغنيمة أو قطع املرياث )1569( ، وليس <strong>يف</strong> ذلك داللة<br />

على حترمي اإلقامة مع إظهار الدين وأمن الفتنة ملا تقدم من األدلة واإلمجاع بل خري النيب وأمر<br />

جيوشه بتخيري من أسلم <strong>يف</strong> دار الكفر بني اهلجرة أو اإلقامة فيها وأن تركهم هلا يصريهم كأعراب<br />

املسلمني وحيرمهم الفيء والغنيمة وأجر اهلجرة وال يكون التخيري إال فيما حيل.‏ )1570(<br />

سورة األنفال،‏ اآلية:‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

.72<br />

. 100<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )348/3(، وتفسري ابن كثري )662/1(.<br />

ينظر:‏ األحكام السياسية لألقليات املسلمة ، سليمان توبولياك،‏ ص )49(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب التفسري،‏ ‏َبب ‏)إن الذين توفاهم املالئكة...(‏ اآلية،‏ ص )379(، رقم )4596(.<br />

ينظر:‏ تفسري ابن كثري )408/2(، وتفسري ابن جرير الطربي )52/10(.<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )161/4(.<br />

)1564(<br />

)1565(<br />

)1566(<br />

)1567(<br />

)1568(<br />

)1569(<br />

)1570(


وأما اآلية الثالثة فليس فيها داللة على الوجوب وإمنا الرتغيب <strong>يف</strong> اهلجرة وهو خارج حمل النزاع.‏ )1571(<br />

وأما األحاديث الواردة <strong>يف</strong> التحذير من ذلك فقد كانت <strong>يف</strong> العهد املدين ال املكي؛ ألنه كان<br />

وأصحابه <strong>يف</strong> مكة مع املشركني يساكنوهنم ويصربون على أذاهم مث أذن للمستضعفني منهم ‏َبهلجرة إىل<br />

احلبشة ومل أيت <strong>يف</strong> تلك الفرتة حديث على حترمي املقام بني ظهراين املشركني ك<strong>يف</strong> وهو مقيم بني<br />

أظهرهم مع أصحابه،‏ مث لو كان املراد املنع مطلقاً‏ كما أرادوا ملا أذن للعباس وغريه ‏َبملقام <strong>يف</strong> دار الكفر<br />

مع انتفاء احملذور،‏ وإمنا أمر ‏َبهلجرة بعد قيام الدولة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> املدينة لنصرته وتكثري سواد<br />

املسلمني والتفقه <strong>يف</strong> دين هللا والفرار به من الفنت وألجل ذلك حرم اإلقامة <strong>يف</strong> داير الشرك لوجود احملذور<br />

وحلاجة النصرة.‏<br />

فلما قويت شوكة املسلمني وحصلت هلم العزة واملنعة قال : ‏))ال هجرة بعد الفتح (( )1572( ، أي أهنا<br />

مل تعد واجبة كما سبق؛ ألن دواعيها مل تعد قائمة وال يعين هذا انقطاعها مطلقاً‏ وإمنا انقطع منها<br />

القصد إىل نصرته حلصول الفتح.‏<br />

وأما اهلجرة عند حصول الفتنة والعجز عن إظهار الدين فإهنا ال تنقطع أبداً)‏‎1573‎‏(‏ ، كما قال <br />

‏))ال :<br />

تنقطع اهلجرة ما قوتل الكفار((‏ )1574( ، قال ابن حجر رمحه هللا:‏ " أي ما دام <strong>يف</strong> الدنيا دار كفر فاهلجرة<br />

واجبة منها على من أسلم وخشي أن <strong>يف</strong>نت عن دينه"‏ )1575( ، وهذا مناط احلكم كما تقدم وبه جتتمع<br />

النصوص،‏ أما املعارضة بينها حبمل أحاديث التحرمي السابقة على العموم <strong>يف</strong> كل حال دون تفصيل فهو<br />

مرجوح،‏ واجلمع أوىل،‏ وعليه يكون املراد ‏َبألحاديث السابقة الرباءة من املضطهد <strong>يف</strong> دينه <strong>يف</strong> داير<br />

الكفر مع قدرته على اهلجرة منها وحيتمل أن يكون املراد إعالن الرباءة ممن يقيم بني أظهرهم إلعانتهم<br />

على حرب املسلمني والدليل إذا تطرق له االحتمال بطل به االستدالل )1576( ، واملراد أن املنع يتجه<br />

على من بقي مع وجود احملذور وقدرته على التخلص منه ‏َبهلجرة ومن ال فال.‏<br />

)1571(<br />

)1572(<br />

كما ذكر ابن كثري <strong>يف</strong> تفسريه )662/1(، والشوكاين <strong>يف</strong> فتح القدير )802/1(، وغريها.‏<br />

متفق عليه،‏ أخرجه البخاري،‏ كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب فضل اجلهاد،‏ ص )224(، رقم )2783(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة،‏ ‏َبب<br />

املبايعة بعد فتح مكة على <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص)‏<br />

،)1012 رقم .)1864(<br />

)1573(<br />

)1574(<br />

)1575(<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )271/7(، وأحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،ص )66(، وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه أبو داود،‏ كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> اهلجرة هل انقطعت،‏ رقم )2479(، والنسائي،‏ كتاب البيعة،‏ ‏َبب ذكر االختالف <strong>يف</strong><br />

انقطاع اهلجرة،‏ ص )2361(، رقم )4177(، وابن حبان <strong>يف</strong> كتاب السري،‏ ‏َبب اهلجرة )207/11(، رقم )4866(، والبيهقي ، <strong>يف</strong><br />

سننه ‏َبب الرخصة <strong>يف</strong> اإلقامة بدار الشرك ‏..إخل )17/9(، رقم=‏ =)17556(، والدارمي،‏ ‏َبب ال هجرة بعد الفتح )312/2(، وأمحد<br />

<strong>يف</strong> مسنده )192/1(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )387/19(.<br />

فتح<br />

الباري )270/7(.<br />

)1576(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ واألحكام السياسية لألقليات املسلمة،‏ سليمان توبولياك،‏ ص )53(، وأحكام األحوال الشخصية<br />

للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ للرافعي،‏ ص )72( وما بعدها،‏ بتصرف.‏


‏َبَبً‏<br />

وعليه يرتجح القول األول،كما قال الشافعي وابن حجر )1577( ، وب ‏َوَّبَ‏ البيهقي <strong>يف</strong> سننه )1578(<br />

بعنوان ‏)الرخصة <strong>يف</strong> اإلقامة بدار الشرك ملن ال خياف الفتنة(.‏<br />

<br />

واسحباب ذلك عند انتفاء احملذور يدل عليه قوله سبحانه:‏ <br />

)1579(<br />

وقوله ، <br />

<br />

<strong>يف</strong> التخيري كما تقدم،‏ وعموم األدلة <strong>يف</strong> فضل<br />

<br />

<br />

<br />

اهلجرة وثواهبا ومصلحتها،‏ ومراعاة لعدم تكثري سواد املشركني،‏ وتكثري املسلمني ومعونتهم وجهاد<br />

الكفار واألمن من غدرهم والراحة من رؤية املنكر بينهم.‏ )1580(<br />

وال شك أبن داير الكفر <strong>يف</strong> هذا الزمن تغريت فوجد <strong>يف</strong> كثري منها حفظ للحرايت الدينية واحلقوق<br />

اإلنسانية حبيث يتمكن املسلم من إظهار دينه والدعوة إليه واالعتزاز به ووجدت <strong>يف</strong> كثري منها أقليات<br />

)1581(<br />

إسالمية أدى وجودها وجهودها إىل انتشار <strong>اإلسالم</strong> هناك.‏<br />

)1577(<br />

)1578(<br />

)1579(<br />

)1580(<br />

)1581(<br />

ينظر:‏ األم،‏ للشافعي )161/4(، وفتح الباري،‏ البن حجر )220/6(، وتقدمت ترمجته ص<br />

)17/9( ، وتقدمت ترمجته ص<br />

سورة األنفال،‏ اآلية:‏<br />

. 24<br />

. 150<br />

.72<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )220/6(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )282/10(، واملغين،‏ البن قدامة )151/13(.<br />

ينظر:‏ األحكام السياسية لألقليات املسلمة،‏ سليمان توبولياك،‏ ص‎53‎ ، واألقليات املسلمة أسئلة أجاب عليها ابن ‏َبز،‏ وابن<br />

عثيمني،‏ وخلالد عبد القادر رأي آخر حيث قال <strong>يف</strong> كتابه:‏ فقه األقليات،‏ ص )131( ما نصه:‏<br />

" ما يتعرض له املسلمون اليوم <strong>يف</strong> بلدان العامل غري <strong>اإلسالم</strong>ية من عدم احرتام مشاعرهم الدينية إىل حماوالت الدمج <strong>يف</strong> اجملتمعات اليت<br />

يقيمون فيها سواء من قبل سلطات البالد،‏ أم رغبة من أبناء املسلمني <strong>يف</strong> عملية االندماج،‏ واليت يرتتب عليها رفض للمبادئ الرتبوية<br />

والعادات <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ وقطع للصلة بينهم وبني عقيدهتم،‏ وتراثهم الديين.‏ ‏)وفرجنة(‏ فكرهم وسلوكهم،‏ والتخلق أبخالق القوم هناك،‏ إىل<br />

التأثر مبناهج تلك البالد الرتبوية،‏ والتعليمية <strong>يف</strong> التكوين الفكري والنفسي واالجتماعي واليت تناقض أخالقياتنا،‏ وتعاليم ديننا،‏ وحقائقه<br />

‏َبإلضافة إىل البيئة ، وعالقة أبناء املسلمني بغريهم وأثرها عليهم <strong>يف</strong> تكوين شخصياهتم،‏ واتاذهم للقرارات،‏ وطريقة تفكريهم مع فقدان<br />

جهاز الرقابة <strong>يف</strong> األسرة،‏ وضعف املؤسسات التعليمية املسلمة <strong>يف</strong> تقدمي اخلدمات االجتماعية،‏ وعدم وجودها ‏َبلقدر الكا<strong>يف</strong>،‏ والفعالية<br />

املطلوبة <strong>يف</strong> مقابل ما تقدمه النوادي،‏ ووسائل اإلعالم من سيول من الشرور،‏ والفساد،‏ والرذيلة،‏ ما يكفي هلدم ما لدى املسلم من قيم<br />

إسالمية ومثل عليا،‏ وكذلك املدارس واملؤسسات الكنسية النشطة وغريها،‏ من األداين،‏ أو االكتفاء بدجمه وتذويبه <strong>يف</strong> اجملتمعات هناك.‏<br />

كل ذلك <strong>يف</strong>رض علينا أن نقول:‏ ‏"إن من مل يستطع مقاومة تلك احملاوالت،‏ واملؤثرات،‏ وجمانبتها وطأطأ هلا رأسه<br />

وعاشها مبا فيها،‏ فإن قول من قال حبرمة اإلقامة <strong>يف</strong> تلك البالد<br />

–<br />

من أبناء املسلمني<br />

–<br />

– واحلال هكذا –<br />

صائباً،‏ وإن توفرت له احلرية الدينية،‏ واليت تسمح<br />

إبظهار شعائر دينية إن أراد،‏ فإن ما كان ذريعة وسبباً‏ إىل إسقاط عبادة هللا مبفهومها الرحب وإىل مواالة املشركني فهو حرام<br />

‏"وما أدى –<br />

إىل احلرام فهو حرام"...‏ إال إن كان <strong>يف</strong> إقامته مصلحة معتربة للمسلمني ‏"وذلك ألن ما يرتتب على بقائه من اخلري سيتضاعف على ما<br />

ميكن أن جيعل له من الشر،‏ والضرر على أن يكون قادراً‏ على إظهار دعوته،‏ وشعائر دينه.‏ وهكذا احلكم <strong>يف</strong> إقامته من أجل مصلحة هتم<br />

املسلمني،‏ كتعلم نوع من العلوم،‏ أو صنعة من الصنائع،‏ أو حنوها مما حتتاجه األمة <strong>اإلسالم</strong>ية وال يوجد <strong>يف</strong> دايرهم،‏ أو ليكون سفرياً‏ لدولة<br />

<strong>اإلسالم</strong> عندهم".‏


قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"وهلذا يوجد املسلمون املتمسكون ‏َبإلسالم <strong>يف</strong> بالد الكفر هلم السعادة كلما كانوا<br />

أم متسكاً‏ ‏َبإلسالم فإن دخل عليهم شر كان بذنوهبم حىت إن املشركني وأهل الكتاب إذا رأوا املسلم<br />

القائم ‏َبإلسالم عظموه وأكرموه".‏ )1582(<br />

ويراعى <strong>يف</strong> هذه املسألة اختالف الظروف واألحوال وما يرتتب عليها من املصاحل واملفاسد وما ينتج<br />

عنها من األضرار واملقصود هنا إَبحة البقاء <strong>يف</strong> داير الكفر عند حتقق الشرط السابق وحترميها ووجوب<br />

اهلجرة عند انتفائه،‏ كما دلت<br />

على ذلك نصوص الشريعة وأصوهلا ومقاصدها.‏<br />

ومما تقدم يتضح أبن اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر على أقسام:‏<br />

األول:‏ إقامة املضطر العاجز عن اهلجرة كاملستضعفني من الرجال والنساء والولدان وهؤالء معذورون<br />

‏َبإلمجاع كما تقدم.‏<br />

الثاين:‏ إقامة القادر على إظهار دينه،‏ وهذه مباحة على الصحيح مع استحباب اهلجرة ملا تقدم.‏<br />

الثالث:‏ إقامة العاجز عن إظهار دينه مع عدم أمنه من الفتنة وقدرته على اهلجرة وهذه حمرمة ‏َبإلمجاع<br />

لعدم العذر كما تقدم.‏<br />

الرابع:‏ إقامة من حاله كذلك ملصلحة املسلمني الراجحة وهي واجبة أو مستحبة على أقل األحوال كما<br />

تقدم.‏ )1583(<br />

)1582(<br />

)1583(<br />

غربة <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن تيمية،‏ تعليق خمتار اجلبايل،ص )18(.<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )220/6(، وحكم اللجوء واإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار،‏ صاحل الشثري،‏ حتقيق د/‏ حممد الشثري،‏ وجملة<br />

البيان،‏ العدد 113، ص )40(، وفتاوى <strong>يف</strong> املسألة على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم،‏ للدكتور سعود الفنيسان،‏ ود/أمحد اخلضريي،‏ و د/خالد<br />

املاجد،‏ وخري الدين مبارك وغريهم.‏<br />

وفتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع الدويش )68/2(، و )58-48/12(، وفتاوى علماء البلد احلرام،‏ مجع اجلريسي،‏ ص )94(، حيث أفتوا<br />

بقول اجلمهور،‏ وذكر الشيخ ابن عثيمني أبن اإلقامة يشرتط هلا شرطني أساسيني:‏ األول:‏ أمن املقيم على دينه حبيث يكون عنده من<br />

العلم واإلميان وقوة العزمية ما يطمئنه على الثبات على دينه واحلذر من االحنراف والزيغ وأن يكون مضمراً‏ العداوة للكافرين وبغضهم<br />

مبتعداً‏ عن مواالهتم وحمبتهم،‏ والثاين:‏ أن يتمكن من إظهار دينه حبيث يقوم بشعائر <strong>اإلسالم</strong> بدون ممانع،‏ وذكر أبن اإلقامة بعد ذلك<br />

تنقسم إىل أقسام:‏ األول:‏ للدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والرتغيب فيه وهذا نوع من اجلهاد وهو فرض كفاية ملن قدر عليه،‏ والثاين:‏ لدراسة أحوال<br />

الكفار والتعرف على فسادهم لبيان حقيقة حاهلم والتحذير منهم وهو نوع من اجلهاد كذلك.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏


املطلب السادس<br />

الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها


املطلب السادس:الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها<br />

أوالً:‏ الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر:‏<br />

يتعرض املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر لفنت الشهوات والشبهات واليت احنرف بسببها كثري من أبناء املسلمني،‏ وذكر أحد الباحثني<br />

من طالب العلم وقد عاش <strong>يف</strong> أملانيا منذ أكثر من اثنيت عشرة سنة أبن املسلم عند قدومه ألوروَب تواجهه فنت من أمهها<br />

: )1584(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

انعدام رقابة اجملتمع احمليط به <strong>يف</strong> البيت والشارع واملدرسة ومقر العمل واليت تبعث على احلياء من إظهار<br />

املخازي واملساوئ فإذا كان املسلم <strong>يف</strong> جمتمع ال يعرف احلياء واألدب ويكثر فيه التعري واجملاهرة ‏َبملنكرات<br />

واملشني من األخالق والعادات قل حياؤه وضعف إميانه وضاعت مروءته.‏<br />

قلة بقاع اخلري وأهله:‏<br />

فاملسلم هناك يعاين من قلة املساجد والعلماء وأهل اخلري ومنتدايهتم وجيد <strong>يف</strong> املقابل وفرة وكثرة لبقاع الشر<br />

وأهله حيث تنتشر دور البغاء وحاانت اخلمور وأماكن اللهو الباطل والفساد العريض ودعاة الشر والباطل<br />

وجرأهتم .<br />

كثرة املنصرين ودعاة الباطل وأعالم الضالل:‏<br />

فينشط <strong>يف</strong> تلك البالد من يلبس على املسلمني <strong>يف</strong> أصول دينهم وفروعه ويسعى إلضالهلم وفتنتهم عن<br />

دينهم .<br />

فشو الزان واخلمر واملال احلرام واالختالط والتربج والسفور وغريها من املنكرات؛ ألنه إذا انعدمت الرقابة<br />

فحدث وال حرج عن االنفالت األخالقي واتباع الشهوات وامللذات بكل طريق وال شك أبن مشاهدة<br />

املسلم ملثل ذلك ووجوده <strong>يف</strong> بيئة كهذه فتنة له <strong>يف</strong> دينه وخطر على عقيدته وخلقه.‏<br />

حتكيم القوانني الوضعية:‏<br />

فكل نزاع قد حيدث للمسلم <strong>يف</strong> تلك البالد تفصل فيه حماكمهم الوضعية وال جمال للتحاكم إىل شريعة<br />

الرمحن وتزداد خطورة هذا األمر <strong>يف</strong> املشاكل العائلية والنزاعات الزوجية حيث يقف القانون هناك إىل<br />

جانب الزوجة السيما إذا كانت من تلك البالد كما يكون األوالد عرضة لتحويلهم إىل دور احلضانة<br />

حيث يتعلمون القيم والعادات غري <strong>اإلسالم</strong>ية بل ويتعرضون للتنصري أو التهويد.‏<br />

االعتداء على نفس املسلم وماله وعرضه:‏<br />

فقد زادت موجات العنف ضد املسلمني <strong>يف</strong> بالد الكفار السيما بعد أحداث احلادي عشر من سبتمرب<br />

حني هدمت أبراج مركز التجارة العاملي <strong>يف</strong> أمريكا ونسب ذلك للمسلمني فتولد لدى كثري من املتعصبني<br />

)1584( ينظر:‏ أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ سامل الرافعي،‏ ص‎77‎‏،‏ بتصرف.‏


<strong>يف</strong> تلك البلدان حقد أشعل ما كان <strong>يف</strong> صدورهم من أحقاد سابقة دفينة فتعرض كثري من املسلمني للقتل<br />

وسلب املال ومصادرة املمتلكات واحلقوق،‏ واحلبس ظلماً‏ وعدواانً‏ واإلذالل.‏<br />

التضييق على املسلمني <strong>يف</strong> دينهم حيث جيد املسلم صعوبة <strong>يف</strong> إقامة شعائر دينه أو إظهار ذلك <strong>يف</strong> بعض<br />

األماكن ويتعرض لعقوَبت واعتداءات <strong>يف</strong> بعض األحوال.‏<br />

فهذه مناذج من الفنت اليت تواجه السائح املسلم <strong>يف</strong> بالد الكفار وهي كثرية متنوعة وتتفاوت <strong>يف</strong> خطورهتا وقوهتا أو ضعفها<br />

-7<br />

حبسب الزمان واملكان.‏ )1585(<br />

اثنياً:‏ املوقف من هذه الفنت:‏<br />

جيب على املسلم أن يتقي ربه – عز وجل – ويعتصم بكتابه وبسنة رسوله وجيتنب مواطن الفنت وأسباهبا،‏ ويهاجر<br />

)1586(<br />

من كل بالد ال يقوى فيها على القيام مبا وجب من شعائر <strong>اإلسالم</strong> فراراً‏ بدينه من الفنت ما مل يكن عاجزاً‏ ، كما<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

)1587(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فال جيوز للقادر على الفرار بدينه و ‏ُخلُِّقِّه من الفنت أن يبقى <strong>يف</strong> مواطنها ويتعرض ألسباهبا ويشهد أماكنها<br />

فإن حاضر املنكر كفاعله إذا كان ‏َبختياره لغري حاجة شرعية )1588( ، قال هللا سبحانه وتعاىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويقول سبحانه:‏ <br />

)1589( ،<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومن هذا الباب اهلجرة من دار الكفر<br />

)1590(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع أمحد الدويش )59-47/12( و )252،362(، و)‏‎68/2‎‏(،‏ واملفيد،‏ البن جربين،‏ مجع<br />

العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص )145-143(، بتصرف.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلايت:‏ 99-97 .<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> بن تيمية،‏ )204-203/28( ، بتصرف.‏<br />

.68<br />

.140<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

)1585(<br />

)1586(<br />

)1587(<br />

)1588(<br />

)1589(<br />

)1590(


والفسوق إىل دار <strong>اإلسالم</strong> واإلميان فإنه هجر للمقام بني الكفار واملنافقني الذين<br />

ال ميكنونه من فعل ما<br />

)1592(. <br />

<br />

أمر هللا به )1591( ، ومن هذا قوله سبحانه:‏ <br />

أما من كان قادراً‏ على إقامة شعائر دينه <strong>يف</strong> تلك البالد وكان <strong>يف</strong> بقائه مصلحة راجحة من دعوة أو تعليم أو كان مثََّ‏<br />

ضرورة لبقائه فعليه ‏َبلسعي فيما يعصمه من الفنت ‏َبجتناب أسباهبا ومواطنها وغض البصر وحتصني الفرج وااللتجاء إىل<br />

هللا عز وجل ‏َبلدعاء والعبادة والصالة فإهنا تنهى عن الفحشاء واملنكر وتقطع دابر الفتنة وتعمق الصلة بني العبد وربه<br />

وتريب النفس على الصرب واجملاهدة،‏ كما أن عليه القيام بواجب الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتبصري الناس ‏َبحلق ومجع<br />

كلمة املسلمني <strong>يف</strong> تلك البالد وتقوية شوكتهم وتكثري سوادهم وأن يعامل أهل تلك البالد من غري املسلمني ‏َبللطف<br />

واللني إذا طمع <strong>يف</strong> إسالمهم؛ ألن ذلك من التأل<strong>يف</strong> على <strong>اإلسالم</strong>.‏ )1593(<br />

)1591(<br />

)1592(<br />

)1593(<br />

املصدر السابق.‏<br />

سورة املدثر،‏ اآلية<br />

.5<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة )362-252-59-47/12( و )68/2( ، واملفيد،‏ البن جربين )145-143(، وأحكام األحوال<br />

الشخصية،‏ للرافعي ،<br />

79<br />

وما بعدها،‏ بتصرف.‏


املطلب السابع<br />

األخذ بأقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت


املطلب السابع:‏ األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت.‏<br />

أقوال الكفار وأخبارهم إما أن تكون متواترة أو آحاداً‏ وال تلو إما أن تكون صدقاً‏ أو كذَبً:‏<br />

فاخلرب من حيث العلم بصدقه وكذبه على ثالثة أقسام:‏<br />

األول:‏ ما يعلم صدقه وهو أنواع:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

ما يكون العلم بصدقه ضرورايً‏ بنفس اخلرب،‏ كاخلرب املتواتر وسيأيت بيانه.‏<br />

ما يكون العلم بصدقه ضرورايً‏ ال من نفس اخلرب وإمنا لكونه موافقاً‏ للضروري فالعقل يدرك صدقه ضرورة؛ ألن<br />

متعلقة معلوم لكل أحد عقالً‏ كالعلم أبن الواحد نصف االثنني.‏<br />

ما يكون العلم بصدقه نظرايً‏ أي حيتاج إىل نظر وأتمل مع إفادته للعلم بذلك كخرب هللا ورسوله وخرب أهل<br />

اإلمجاع.‏<br />

القسم الثاين:‏ ما يعلم كذبه وهو أنواع:‏<br />

-1<br />

-2<br />

ما يعلم كذبه ضرورة عقالً‏ أو حساً‏ كالقول أبن النار ‏َبردة والنقيضان جيتمعان.‏<br />

ما يعلم كذبه ‏َبلنظر واالستدالل كأخبار الفالسفة أبن العامل قدمي.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

القسم الثالث:‏ ما حيتمل الصدق والكذب حبسب ظهوره <strong>يف</strong> أحدمها وهو على أنو اع:‏<br />

ما يرتجح صدقه كخرب الواحد العدل.‏<br />

ما يرتجح كذبه كخرب املعروف ‏َبلكذب.‏<br />

ما يشك فيه كخرب جمهول احلال فيحتاج إىل مرجح لتساوي االحتماالت فيه فرتجيح أحدها<br />

بال دليل حتكم.‏<br />

وأما حصول العلم ‏َبخلرب وإفادته له فيختلف حبسب كونه متواتراً‏ أو آحاداً،‏ واملتواتر هو:‏<br />

‏)خرب عدد ميتنع معه لكثرته تواطؤ على الكذب وكان مستندهم احلس(.‏<br />

فاخلرب جنس يشمل اآلحاد واملستفيض واملتواتر وغريه.‏<br />

وامتناع تواطؤهم على الكذب للكثرة وفيه احرتاز عن خرب اآلحاد كما سيأيت بيانه و<strong>يف</strong> قيد الكثرة احرتاز عمن أفاد<br />

خربهم العلم ال لكثرة املخربين بل لذاهتم كخرب الرسول واملالئكة.‏<br />

والتقييد ‏َبملستند احلسي احرتاز عما كان مستندهم فيه النظر واالستدالل ‏َبلعقل كاإلخبار أبن العامل حادث فإنه مدرك<br />

‏َبلعقل فاملخْربِّ‏ واملُخْرب فيه سواء،‏ واملراد ‏َبحلس أحد احلواس اخلمس.‏<br />

ومن خالل هذا التعر<strong>يف</strong> تتبني شروطه املتفق عليها وهي:‏<br />

يكونوا – أن 1-<br />

-2<br />

-3<br />

أي املخربين – قد انتهوا <strong>يف</strong> الكثرة إىل حد ميتنع تواطؤهم على الكذب.‏<br />

أن يكونوا عاملني مبا أخربوا به ال ظانني وأن يعلموا ذلك عن ضرورة.‏<br />

أن يكون علمهم مستنداً‏ إىل احلس ال إىل دليل العقل.‏


4- أن يستوي طرفا اخلرب ووسطه <strong>يف</strong> هذه الشروط.‏<br />

فإذا كان اخلرب متواتراً‏ فهو مفيد للعلم بنفسه كما عرفه بذلك بعض األصوليني أي أنه مفيد للقطع واليقني مبخربه ‏َبتفاق<br />

علماء املسلمني.‏<br />

ودليل ذلك ما جيده كل عاقل من نفسه من العلم الضروري بوجود البالد النائية واألمم السالفة وامللوك واألنبياء والوقائع<br />

اجلارية بني السلف مما يرد علينا من األخبار حسب وجداننا كالعلم ‏َبحملسوسات عند إدراكنا هلا ‏َبحلواس.‏<br />

ومن أنكر ذلك فقد سقطت مكانته وظهر جنونه أو جماحدته ومل يعرف دينه ودنياه وأمه وأَبه وعمه وأخاه،‏ وليس من<br />

شروط التواتر – على<br />

الصحيح –<br />

أن يكون املخربون مسلمني وال عدوالً‏ فال فرق فيه بني املسلمني والكفار،‏ ملا تقدم<br />

فمعلوم أن أهل بالد الكفر يعلمون ‏َبلبالد النائية واألمم السالفة بتواتر أهل دينهم كما نعلمه حنن فدل على أنه ال اعتبار<br />

‏َبإلسالم كما قال <strong>يف</strong> مراقي السعود:‏<br />

واقطع بصدق خرب التواتر<br />

وسو بني مسلم وكافر<br />

وذلك للقطع بصدق خربهم من حيث أن اجتماعهم وتواطأهم على الكذب مستحيل عادة لكثرهتم والعادة حتيل ذلك<br />

<strong>يف</strong> الكفار واملسلمني وليس صدق خربهم من حيث أهنم عدول مسلمون.‏<br />

فإان جند من أنفسنا العلم أبخبار العدد الكثري وإن كانوا كفاراً‏ كما لو أخرب أهل القسطنطينية بقتل ملكهم وهذا ضروري<br />

ولو قيل إنه مكتسب فإن اخلرب طريق العلم من حيث مل يكن للمخربين داع إىل الكذب وال كان احلق فيه مكتسباً‏<br />

عليهم وجمموع ذلك ميكن حصوله <strong>يف</strong> الكفار كاملسلمني،‏ واشرتاط بعض الشافعية <strong>اإلسالم</strong> والعدالة <strong>يف</strong> املخربين هنا<br />

حبجة أن الكفر عرضة للكذب والتحر<strong>يف</strong> و<strong>اإلسالم</strong> والعدالة ضابط الصدق ولذا اختص املسلمون بداللة إمجاعهم على<br />

القطع وألنه لو وقع العلم بتواتر خرب الكفار لوقع العلم مبا أخرب به النصارى مع كثرة عددهم عن قتل املسيح وصلبه وما<br />

نقلوه عنه من كلمة التثليث.‏<br />

وجياب عن ذلك:‏<br />

مبا تقدم من أن الكثرة مانعة من التواطؤ على الكذب وهو مشاهد،‏ وأما اإلمجاع فإمنا اختص علماء <strong>اإلسالم</strong><br />

‏َبالحتجاج به لألدلة السمعية دون العقلية خبالف التواتر،‏ وأما أنه مل حيصل لنا علم خبرب النصارى السابق فالختالل<br />

شرط من شروط التواتر فيه وهو عدم استواء طر<strong>يف</strong> اخلرب ووسطه <strong>يف</strong> توافر الشروط فيهم؛ وألهنم ليسوا مضطرين إىل علم<br />

ما أخربوا عنه لوكانوا قد بلغوا حد التواتر فلذا جند أنفسنا غري مضطرين إىل علم ما أخربوان عنه ولو كانوا عدداً‏ كثرياً‏<br />

ومجاً‏ غفرياً؛ وألهنم ما مسعوا كلمة التثليث صرحياً‏ بل مسعوا كلمة تومهوا منها ذلك فنقلوا التثليث،‏ وجيب اعتقاد ذلك نفياً‏<br />

للكفر عن املسيح أو ألن املسيح شُبِّه هلم فنقلوا قتله وصلبه وال ب ‏ُْعَد <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

وضابط التواتر ما حصل العلم عنده من أقوال املخربين ال أن العلم مضبوط بعدد خمصوص فكل عدد <strong>يف</strong>رض ميكن أن<br />

حيصل به العلم وميكن أن ال حيصل ‏َبختالف القرائن وتعيني عدد لذلك حتكم ال دليل عليه،‏ وقد أورد على املتواتر


بعض األسئلة واملعارضات وفسادها أظهر من صحتها وال حاجة للخوض فيها ألن التشكيك <strong>يف</strong> الضرورايت ال<br />

يستحق اجلواب.‏ )1594(<br />

وأما إذا كان خربهم من قبيل اآلحاد<br />

وهو ما ليس مبتواتر أو ما كان من األخبار غري منته إىل حد التواتر فيختلف حبسب القرائن الدالة على صدقه واملفيدة<br />

للعلم ‏َبملُخَرب وحبسب العادات والعبادات ففي الرواية والشهادة أمجع الفقهاء على رد أخبا راهم.‏<br />

َ<br />

أما <strong>يف</strong> الرواية ؛ فألن الكافر متهم <strong>يف</strong> الدين فال يؤمتن عليه <strong>يف</strong> خرب ديين كالرواية فاإلمجاع منعقد على سلبه أهلية هذا<br />

املنصب <strong>يف</strong> الدين وإن كان عدالً‏ <strong>يف</strong> دين نفسه خلسته؛ وألن خصومته للمسلمني وعداوته هلم <strong>يف</strong> الدين مما حيمله على<br />

الكيد هلم واحلرص على التلبيس عليهم <strong>يف</strong> دينهم فإنه إمنا أبغضهم من أجله،‏ وليس املعتمد <strong>يف</strong> رد روايته القياس األولوي<br />

على الفاسق؛ ألن الفاسق إمنا مل تقبل روايته ملا عُلِّم من جرأته على فعل احملرمات مع اعتقاد حترميها وهذا غري متحقق<br />

<strong>يف</strong> الكافر العدل <strong>يف</strong> دينه وإمنا ال تقبل رواية الكافر إذا روى <strong>يف</strong> حال كفره أما لو حتمل وهو كافر مث أدى بعد <strong>اإلسالم</strong><br />

فإهنا تقبل على الصحيح.‏ )1595(<br />

وأما اإلمجاع على رد شهادة الكافر على املسلم،‏ فلقوله تعاىل:‏ <br />

)1596( <br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله:‏<br />

<br />

)1597(<br />

، والكافر ليس بعدل وليس منا.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1598(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

، وهو غري مرض <strong>يف</strong> الشهادة للتهمة.‏<br />

)1599(<br />

وألن الشهادة فيها معىن الوالية وهو تنفيذ القول على الغري وال والية للكافر على املسلم فال شهادة له عليه.‏<br />

وألن الكافر أفسق الفساق ويكذب على هللا تعاىل فال يؤمن منه الكذب على خلقه.‏ )1600(<br />

)1594(<br />

ينظر فيما تقدم:‏ كشف األسرار،‏ للبخاري )360/2(، واملغين <strong>يف</strong> أصول الفقه،‏ للخبازي،‏ حتقيق حممد مظهربقا،‏ ص )190( ،<br />

وإحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول ، للباجي ، حتقيق عبد اجمليد الرتكي )328/1(، واحملصول،‏ للرازي )323/2(، واإلحكام،‏<br />

لامدي،‏ تعليق عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي )41-22/1( ، والبحر احمليط،‏ للزركشي )231/4(، والتميهد،‏ أليب اخلطاب )32/3(، ومذكرة<br />

الشنقيطي ، ص)‏‎118‎‏(‏ ، واملعتمد،‏ للبصري )80/2( و<strong>يف</strong> رد شهادة الكافر ينظر:‏ اإلمجاع البن املنذر<br />

63<br />

واالفصاح البن هبرية<br />

-2<br />

-2<br />

361<br />

309<br />

وبدائع الصنائع للكاساين<br />

وروضة الطالبني للنووي<br />

420-6<br />

وحاشية ابن عابدين<br />

81-11<br />

والكا<strong>يف</strong> البن عبد الرب<br />

892 -2<br />

222-11<br />

ومغين احملتاج للشربيين<br />

.438 -4<br />

)1595(<br />

)1596(<br />

)1597(<br />

)1598(<br />

)1599(<br />

)1600(<br />

وبداية اجملتهد البن رشد<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ واملستصفى للغزايل،‏ حتقيق محزة حافظ )229/2( ، والباعث احلثيث،‏ شرح اختصار علوم احلديث،‏ البن<br />

كثري،‏ ألمحد شاكر،‏ ص‎77‎ ، والتقريب للنووي،‏ ص‎12‎‏،‏ ومقدمة ابن الصالح،‏ ص‎50‎‏،‏ واملوسوعة الفقهية الكويتية )11/30(.<br />

سورة الطالق،‏ اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 2<br />

.282<br />

.282<br />

ينظر:‏ بغية التمام،‏ للزيد )380/1(.<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )222/26(، واملصادر السابقة ص<br />

.429


واستثىن احلنابلة مما سبق شهادة الكافر على املسلم <strong>يف</strong> الوصية <strong>يف</strong> السفر فتقبل )1601( ، واجلمهور على املنع مطلقاً.‏ )1602(<br />

األدلة:‏<br />

استدل احلنابلة على هذا االستثناء مبا أييت:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

1- قوله سبحانه وتعاىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قضاء النيب وأصحابه من بعده.‏<br />

)1603( ، اآلية،‏ فدلت مبنطوقها على ذلك صراحة.‏<br />

فقد روي عن ابن عباس قال:‏ ‏)كان متيم الداري وعدي بن بداء خيتلفان إىل مكة ‏َبلتجارة فخرج معهم<br />

رجل من بين سهم فتوَف أبرض ليس هبا مسلم فأوصى إليهما فدفعا تركته إىل أهله وحبسا جاماً‏ من فضة<br />

خموصاً‏ ‏َبلذهب فتفقده أولياؤه فأتوا رسول هللا فحلفهما:‏ ما كتمتما وال<br />

أضعتما،‏ مث عُرف اجلام مبكة<br />

فقالوا:‏ اشرتيناه من متيم وعدي فقام رجالن من أولياء السهمي فحلفا ‏َبهلل أن هذا اجلام للسهمي<br />

ولشهادتنا أحق من شهادهتما وما اعتدينا<br />

اآلية.(‏ )1604( ، فهذا قضاء النيب وبه نزلت اآلية.‏<br />

،<br />

إان إذاً‏ ملن الظاملني فأخذوا اجلام وفيهما نزلت هذه<br />

‏)كما روي أن رجال من املسلمني حضرته الوفاة بدقوقاء ومل جيد أحداً‏ من املسلمني يُ‏ ‏ْشِّه ‏ُدهُ‏ على وصيته<br />

‏ِّدمَا برتكته ووصيته<br />

فأشهد رجلني من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا أَب موسى األشعري فأخرباه وقَ‏<br />

فاستحلفهما بعد العصر:‏ ما اشرتينا به مثناً‏ قليالً‏ وال كتمنا شهادة هللا إان إذاً‏ ملن اآلمثني،‏ مث قال:‏ إن هذه<br />

القضية ما قضي فيها مُذ مات رسول هللا إىل اليوم(.‏ )1605(<br />

-2<br />

)1601(<br />

)1602(<br />

)1603(<br />

)1604(<br />

ينظر:‏ اإلقناع،‏ للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )503/4( ، واملغين البن قدامة )170/14(، ومنتهى اإلرادات،‏ للفتوحي )360/5(،<br />

وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )592/7(، والطرق احلكمية،‏ البن القيم ، ص)‏‎182‎‏(‏ وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ للجمهور ص<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

.429<br />

.106<br />

رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوصااي،‏ ‏َبب قوله تعاىل:‏ اي أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم املوت .. اآلية،‏ رقم<br />

)2780( ، ص )224(، و ينظر:‏ تفسري ابن كثري )144/2(، ومتيم الداري هو:‏ ابن أوس بن حارثة ، أبو رقية،‏ كان نصرانياً‏ مث قدم<br />

املدينة وأسلم سنة تسع وذكر للنيب قصة اجلساسة والدجال وكان عابد أهل فلسطني،‏ وقد سكنها بعد مقتل عثمان ومات هبا،‏<br />

وعدي بن بداء كان صاحبه <strong>يف</strong> النصرانية وكاان خيتلفان ‏َبلتجارة وقيل إنه أسلم والصواب خالفه.‏ ينظر:‏ اإلصابة،‏ البن حجر )191/1(<br />

و )228/4(.<br />

)1605(<br />

رواه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب األقضية،‏ ‏َبب شهادة أهل الذمة و<strong>يف</strong> الوصية <strong>يف</strong> السفر،‏ رقم 3605، ص )1490(، وسكت عنه املنذري.‏<br />

ودقوقاء:‏ بلد بني بغداد وأربل،‏ و ينظر:‏ الطرق احلكمية البن القيم،‏ ص<br />

. 138


قال ابن القيم رمحه هللا:‏ ‏"فهؤالء أئمة املؤمنني:‏ أبو موسى األشعري وابن عباس و روي حنو ذلك عن علي<br />

رضي هللا عنه،‏ ذكر ذلك أبو حممد بن حزم ..... وال خمالف هلم من الصحابة".‏ )1606(<br />

وهبذا قال أئمة التابعني ومجهور فقهاء احلديث.‏<br />

3- الضرورة واحلاجة داعية إىل ذلك.‏ )1607(<br />

واستدل اجلمهور <strong>يف</strong> طرد املنع:‏<br />

-1<br />

مبا تقدم من العمومات فإهنا دلت على اشرتاط العدالة <strong>يف</strong> الشاهد وأن يكون من أهل <strong>اإلسالم</strong> وأن يكون<br />

مرضياً‏ والكافر ليس كذلك بل وال يؤمن أن يكذب على هللا عز وجل فال تقبل شهادته كسائر<br />

احلقوق.‏ )1608(<br />

قوله <br />

، فدل مبنطوقه<br />

: ‏)ال جتوز شهادة ملة على ملة إال أميت فإهنا جتوز شهادهتم على غريهم(.‏ )1609(<br />

على عدم قبول شهادة أهل دين على غري أهل دينهم فال تقبل شهادة الكافر على املسلم.‏<br />

-2<br />

<br />

3- القياس على الفاسق،‏ فقد أمر هللا ‏َبلتوقف <strong>يف</strong> خربه كما <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

، )1610( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذا جممع عليه فالكافر من ‏َبب أوىل فال تقبل شهادته على املسلم إطالقاً.‏ )1611(<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

أجيب عن استدالل اجلمهور املتقدم أبن هذه اآلايت العامة جاءت <strong>يف</strong> احلكم بني املسلمني؛ ألن السياق كله <strong>يف</strong><br />

خطاهبم وليس فيها تعرض حلكم الكفار ألبتة.‏<br />

وأما احلديث فضع<strong>يف</strong> ال حجة فيه.‏<br />

)1606(<br />

)1607(<br />

)1608(<br />

)1609(<br />

)1610(<br />

)1611(<br />

املصدر السابق،‏ ص‎185‎‏.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎192‎‏،‏ وبغية التمام،‏ للزيد )380/1(.<br />

ينظر:‏ بغية التمام،‏ للزيد )380/1(، وتبصرة احلكام،‏ البن فرحون )184/1(، وحاشية الدسوقي )164/4(، واجملموع للنووي<br />

)20-19/23(، وتفسري ابن كثري )144/2(.<br />

أخرجه الدارقطين،‏ وابن عدي،‏ وضفعه،‏ ينظر:‏ الدراية،‏ البن حجر )172/2(، وقال الزيلعي <strong>يف</strong> نصب الراية )86/4(: ‏)عمر بن<br />

راشد ليس ‏َبلقوي ضعفه أمحد بن حنبل وأبو زرعة وابن معني ورواه ابن عدي <strong>يف</strong> الكامل وأعله بعمر بن راشد وأسند تضع<strong>يف</strong>ه عن<br />

البخاري وأمحد(.‏<br />

وعمر بن راشد ساقط،‏ كما قال ابن حزم <strong>يف</strong> احمللى )409/9(.<br />

سورة احلجرات،‏ اآلية:‏‎6‎‏.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ للجمهور ص<br />

.429


-1<br />

وأما القياس فأجاب عنه ابن حزم أبن الذي هناان عن قبول شهادة الفاسق هو الذي أمران بقبول شهادة الكافر على<br />

املسلم ‏َبلوصية <strong>يف</strong> السفر فيجب الوقوف عند أمريه مجيعاً‏ وليس أحدمها أوىل ‏َبلطاعة من اآلخر.‏ )1612(<br />

ونوقشت أدلة القول األول مبا أييت:‏<br />

أن اآلية منسوخة آبية الدين فهي من آخر ما نزل وقد دلت على رد شهادة الكافر مطلقاً.‏<br />

وأجيب عن ذلك أبنه يتضمن أن حكمها ‏َبطل ال حيل العمل به وأنه ليس من الدين وهذا ليس مبقبول<br />

إال حبجة صحيحة ال معارض هلا وال ميكن أحداً‏ قط أن أييت بنص صحيح صريح متأخر عن هذه اآلية<br />

خمالف هلا ال ميكن اجلمع بينه وبينها فإن وجد إىل ذلك سبيالً‏ صح النسخ و إال فما معه إال جمرد الدعوى<br />

الباطلة.‏ )1613(<br />

مث إن عائشة رضي هللا عنها قالت عن املائدة:‏ ‏)إهنا آخر سورة أنزلت فما وجدم فيها من حالل<br />

فاستحلوه وما وجدم فيها من حرام فحرموه(.‏ )1614( ، فدل على أهنا حمكمة غري منسوخة وعمل هبا<br />

أصحاب رسول هللا بعده ولو جاز قبول دعوى النسخ بال حجة لكان كل من احتج عليه بنص<br />

يقول:‏ هو منسوخ.‏<br />

أن املراد بقوله ‏)من غريكم(‏ أي من غري قبيلتكم كما قال احلسن والزهري وغريمها.‏<br />

وال خ<strong>يف</strong>ى بطالن هذا فإنه ليس <strong>يف</strong> أول اآلية خطاب قبيلة دون غريها بل هو عام جلميع املؤمنني وال يكون<br />

)1615(<br />

غريهم إال من الكفار.‏<br />

أن املراد ‏َبلشهادة <strong>يف</strong> اآلية أميان الوصي ‏َبهلل تعاىل للورثة ال للشهادة املعروفة.‏<br />

وهذا ‏َبطل من وجوه ذكرها ابن القيم<br />

)1616(<br />

منها:‏<br />

أنه سبحانه قال:‏ ‏)شهادة بينكم(‏ ومل يقل أميان بينكم،‏ وقال ‏)اثنان(‏ واليمني ال تتص هبما،‏ واشرتط<br />

العدالة وليست شرطاً‏ <strong>يف</strong> اليمني،‏ وقيد ‏َبلضرب <strong>يف</strong> األرض وليس شرطاً‏ فيها،‏ مث إن حكم رسول هللا <br />

الذي حكم به وحكم الصحابة بعده هو تفسري اآلية قطعاً‏ وما عداه ‏َبطل جيب أن يرغب عنه وهناك<br />

مناقشات ال تعدو كوهنا من الرأي الباطل املخالف للنصوص الصحيحة الصرحية فال يلتفت إليها.‏<br />

-2<br />

-3<br />

)1612(<br />

)1613(<br />

)1614(<br />

)1615(<br />

)1616(<br />

وصححه.‏<br />

ينظر:‏ احمللى،‏ البن حزم )409/9(.<br />

ينظر:‏ الطرق احلكمية،‏ البن القيم )186(.<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )188/6(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )172/7(، واحلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )311/2( <strong>يف</strong> تفسري سورة املائدة،‏<br />

ينظر:‏ الطرق احلكمية،‏ البن القيم )186(.<br />

املصدر السابق.‏


وبناء على ما تقدم يظهر رجحان القول األول للحنابلة <strong>يف</strong> هذا االستثناء من اإلمجاع على رد شهادة الكافر على<br />

املسلم.‏<br />

وقد علل اإلمام أمحد قبوهلا <strong>يف</strong> هذا املوضع أبنه ضرورة وهذا يقتضي قبوهلا <strong>يف</strong> كل ضرورة حضراً‏ وسفراً،‏ قال ابن القيم:‏<br />

‏"ولو قيل:‏ تقبل شهادهتم مع أمياهنم <strong>يف</strong> كل شيء عدم فيه املسلمون:‏ لكان له وجه ويكون بدالً‏ مطلقاً".‏ )1617(<br />

َ<br />

وذََكر ما يؤيد هذا من قضاء بعض الصحابة رضي هللا عنهم وليس <strong>يف</strong> قبول شهادهتم على املسلمني هنا إكراماً‏ هلم أو<br />

رفعاً‏ ملنزلتهم وقدرهم؛ ألن احلاجة والضرورة داعية إىل ذلك فجاز بنص القرآن وقد أَبح هللا معاملتهم وأكل طعامهم<br />

أي أهل الكتاب – ونكاح نسائهم – إذا كن كتابيات – وذلك يستلزم الرجوع إىل أخبارهم <strong>يف</strong> املعامالت وجواز<br />

االعتماد على شبهاهتم <strong>يف</strong> مواطن الضرورات.‏<br />

وعليه فللمسلم أن أيخذ بشهادة الكافر ليتوصل هبا ألخذ حقه عند الضرورة كما تقدم <strong>يف</strong> التحاكم إليهم.‏ )1618(<br />

-<br />

وما عدا الشهادة والرواية من سائر أخبار الكفار فإن كانت <strong>يف</strong> أمور الدين والعبادات،‏ فقد ذهب مجاهري العلماء من<br />

املذاهب األربعة إىل ردها.‏<br />

فال يقبل خرب الكافر <strong>يف</strong> جناسة املاء وطهارته ووقت الصالة وطهارة موضعها واإلخبار عن جهة القبلة ووقت السحور<br />

)1619(<br />

واإلفطار،‏ وحنو ذلك.‏<br />

ملا أييت:‏<br />

)1620(<br />

وقوله ، <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

1- قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قوله <br />

)1621( ، أي:‏ ال تتولوهم <strong>يف</strong> الدين وهذه الفروع من الدين.‏<br />

: ‏))ال تستضيئوا بنار املشركني((‏ )1622( . أي:‏ ال أتخذوا آبرائهم.‏<br />

-2<br />

)1617(<br />

)1618(<br />

)1619(<br />

املصدر السابق،‏ ص‎192‎<br />

ص<br />

.<br />

.) 399 (<br />

ينظر:‏ املبسوط،‏ للسرخسي )165-164/10(، والتقرير والتحبري،‏ البن أمري حاج )247/2(، والفتاوى اهلندية )310/5(،<br />

وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )12/6(، والفواكه الدواين،‏ للقريواين )126/1(، وحاشية الدسوقي )164/4(، واألم،‏ للشافعي<br />

،)115/1(<br />

)1620(<br />

)1621(<br />

ومغين احملتاج،‏ للشربيين )427/4(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )23/1( ، وشرح اخلرشي )113/1(، واملغين ، البن قدامة )115/2(،<br />

وشرح خمتصر الروضة،‏ للطو<strong>يف</strong> )136/2(، واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )462/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض )592/7(،<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية )69/4(.<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏‎13‎‏.‏<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏‎1‎‏.‏


وألن الكافر متهم <strong>يف</strong> الدين فال يؤمتن عليه <strong>يف</strong> خرب ديين كالرواية فهو ليس مبوضع لألمانة،‏ ولذا قال عمر<br />

رضي هللا عنه:‏ ‏)ال أتمتنوهم بعد إذ خوهنم هللا(.‏ )1623(<br />

وألن الكفار يقطعون خبطأ املسلمني حسداً‏ وحقداً‏ وكيداً‏ أو جهالً‏ وبغياً‏ واملسلمون يقطعون خبطئهم<br />

فريون –<br />

أي الكفار – الكذب قربة ليكيدوا به <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني.‏<br />

أن الكفر وإن كان ال ينا<strong>يف</strong> الصدق فإنه يوجب شبهة جيب هبا رد اخلرب؛ ألن الباب ‏َبب الدين والكافر<br />

ساع ملا يهدم الدين احلق فيصري متهماً‏ <strong>يف</strong><br />

‏َبب الدين كما قال تعاىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1624( ، أي ال يقصرون <strong>يف</strong> إفساد أمركم فال تقبل أخبارهم كما ال تقبل شهادة الولد لوالده.‏<br />

وألن الكفار ليسوا<br />

من أهل الشهادة وال الوالية فال يلزم قبول خربه مكالطفل واجملنون.‏<br />

وألن الكافر ليس أهالً‏ حلكم الشرع فال يكون له والية إلزام ذلك احلكم على الغري و<strong>يف</strong> قبول خربه جعله<br />

أهالً‏ لذلك.‏ )1625(<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

وذكر بعض احلنفية أبن الكافر إذا أخرب عن جناسة املاء ووقع <strong>يف</strong> قلب املسلم صدقة فيستحب له العمل به دفعاً‏<br />

للوسوسة العادية؛ ألن احتمال الصدق غري منقطع عن خربه؛ ألن الكفر ال ينا<strong>يف</strong> الصدق كما تقدم فعلى تقدير صدقه<br />

ال حتصل طهارة فكان االحتياط <strong>يف</strong> اإلراقة مث التيمم لتحصل الطهارة واالحرتاز عن النجاسة بيقني.‏ )1626(<br />

واستثىن الشافعية من رد خربه <strong>يف</strong> جناسة املاء ما إذا أخرب عن فعله وبَنيََّ‏ السبب كبوله فيه،‏ فيقبل كما لو أخرب ذمي عن شاة<br />

أبنه ذكاها،‏ بل هو أوىل؛ ألن الذكاة حيتاط فيها ما ال حيتاط <strong>يف</strong> ذينك وقد أطلق السلف إَبحة ذَبئح أهل الكتاب ومل<br />

)1627(<br />

يشرتطوا املشاهدة لذحبها بل عولوا عليهم <strong>يف</strong> ذلك توسيعاً‏ <strong>يف</strong> الرجوع إىل أصل اإلَبحة.‏<br />

)1622(<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )99/3(، والنسائي <strong>يف</strong> كتاب الزينة،‏ ‏َبب قول النيب : ‏))ال تنقشوا على خواتيمكم عربياً((‏ ، رقم<br />

5212، ص )2422(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه )127/10(، وقال حمققا أحكام أهل الذمة البن القيم )451/1(: ‏"هذا إسناد ضع<strong>يف</strong>"‏<br />

ألن فيه أزهر بن راشد،‏ قال أبو حام:‏ جمهول،‏ وقال ابن حبان:‏ كان فاحش الوهم،‏ وقال األزدي:‏ منكر احلديث إسناده ليس ‏َبملرضي،‏<br />

وقال ابن القيم:‏ ‏"الصحيح أن معناه:‏ مباعدهتم وعدم=‏<br />

املشركني ال ترآآي انرمها"‏ ، املصدر السابق.‏<br />

=<br />

)1623(<br />

)1624(<br />

)1625(<br />

)1626(<br />

)1627(<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )127/10(، وذكره ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )115/2(.<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

. 118<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وكشف األسرار ، للبخاري )392/2(.<br />

املبسوط،‏ للسرخسي )165-164/10(، والتقرير والتحبري،‏ البن أمري حاج )247/2(.<br />

ينظر:‏ أسىن املطالب،‏ لألنصاري )23/1(.<br />

مساكنتهم كما <strong>يف</strong> احلديث اآلخر:‏ أان بريء من كل مسلم بني طهراين


وإذا وافق خرب الكافر األصل ومل يظهر ما خيالفه عمل به ال لذاته بل ملوافقته األصل كما لو أخرب بطهارة ماء شك <strong>يف</strong><br />

جناسته فريجع خلربه؛ ألنه أقر مبا حيمل عليه املاء استصحاَبً‏ لألصل ما مل يظهر <strong>يف</strong> املاء ما يقتضي جناسته أو يسلب<br />

طهوريته.‏ )1628(<br />

وعلى هذا فإنه ال يقبل خرب الكافر <strong>يف</strong> أمور الدين كما <strong>يف</strong> الشهادة والرواية ما مل يغلب على الظن<br />

صدقه للقرائن الظاهرة أو ملوافقته األصل ومل يظهر ما خيالفه أو إلخباره عن فعل نفسه مع بيان<br />

السبب كما تقدم.‏<br />

ويستثىن من ذلك حال الضرورة،‏ فيقبل قول الطبيب غري املسلم عند عدم التمكن من سؤال غريه<br />

أبن <strong>يف</strong> املسلم من املرض ما مينعه من الصوم فإذا وجدت الضرورة ودلت القرائن على صدقه<br />

إبحساس املريض بذلك أو اشتهار ذلك عند الناس وحنوه جاز قبول خرب الطبيب الكافر هنا<br />

للضرورة.‏<br />

وأما أخبار الكفار <strong>يف</strong> املعامالت وسائر شؤون احلياة كالداللة على الطريق والعلوم الدينية من طب<br />

وفلك وحساب وحنوها مما حيتاج فيه لعلماء الفنون وأهل اخلربة والرأي والتجربة واألخبار العادية <strong>يف</strong><br />

شؤون احلياة العامة،‏ فال شك <strong>يف</strong> جواز األخذ والعمل هبا إذا كان املخرب ثقة وغلب على الظن<br />

صدقه فإنه من ضرورات احلياة البشرية وكما جتوز معاملتهم على األرض وكاستئجار النيب وأبو<br />

بكر ملا خرجا من مكة مهاجرين ابن أريقط<br />

–<br />

رجالً‏ من بين الديل<br />

–<br />

)1629(<br />

‏َبهلداية وائتمناه على أنفسهما ودواهبما وواعداه غار ثور صبح اثلثة.‏<br />

هادايً‏ خريتاً،‏ واخلريت املاهر<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والكفار فيهم املؤمتن الصادق كما قال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1630( ، اآلية.‏<br />

فجاز قبول خربهم فيما يعلمونه من أمر الدنيا وائتماهنم على ذلك ما مل يكن فيه مفسدة راجحة<br />

ولذا منع بعض احلنابلة قبول خرب الطبيب الكافر <strong>يف</strong> وصف الدواء؛ ألنه ال يؤمن أن خيلط به شيئاً‏<br />

من السمومات والنجاسات فمدار القبول على وجود الثقة وانتفاء املفسدة الراجحة،‏ مث إن خربهم<br />

ينظر:‏ الفواكه الدواين،‏ للقريواين )126/1(.<br />

تقدم ترجيه ص<br />

363<br />

سورة آل عمران،اآلية:‏<br />

.75<br />

)1628(<br />

)1629(<br />

)1630(


صحيح لصدوره عن عقل ودين يعتقد فيه حرمة الكذب واحلاجة ماسة لقبول قوهلم لكثرة وقوع<br />

املعامالت،‏ وهذه األخبار ليست على جهة الشهادة،‏ وإمنا هي علم يؤخذ عمن يبصره ويعرفه ويوثق به <strong>يف</strong> ذلك.‏ )1631(<br />

)1631(<br />

ينظر:‏ تبصرة احلكام،‏ البن فرحون )243/1(، جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )114/4(، واملستدرك عليها )141/3(، واآلداب<br />

الشرعية،‏ البن مفلح )462/2(، وفتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم )1836/4(.


املطلب الثامن<br />

الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد


املطلب الثامن:‏ الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.‏<br />

أوالً:‏ حكم دخول املسلم للكنيسة والبيعة.‏<br />

اختلف الفقهاء <strong>يف</strong> ذلك على أقوال:‏<br />

القول األول:‏ يكره ذلك مطلقاً‏ وهو قول احلنفية،‏ واملالكية،‏ ورواية عن أمحد.‏ )1632(<br />

ألهنا جممع الشياطني ال من حيث أنه ليس له حق الدخول )1633( ، وذكر بعض األحناف أبن الكراهة هنا حترميية؛ ألهنا<br />

املرادة عند<br />

إطالقهم.‏ )1634(<br />

القول الثاين:‏ ال جيوز للمسلم دخوهلا إال إبذهنم،‏ وقال به بعض الشافعية.‏<br />

لعموم األدلة <strong>يف</strong> االستئذان.‏ )1635(<br />

القول الثالث:‏ جواز دخوهلا بال إذن وهو قول بعض الشافعية ورواية عن أمحد )1636( ، وقيد بعض احلنابلة ذلك مبا ال<br />

)1637( ، ولقول<br />

<br />

<br />

<br />

صورة فيه و<strong>يف</strong> غري يوم نريوزهم ومهرجاهنم؛ لقوله سبحانه:‏ <br />

عمر:‏ ‏)ال تدخلوا على املشركني <strong>يف</strong> كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم(‏ )1638( ، وقال بعض الشافعية:‏ إذا<br />

كانت الصورة على الستور وما ليس مبوطوء مل جيز له الدخول؛ ألن ذلك كالتعظيم والتبجيل هلا.‏ )1639(<br />

والراجح التفصيل،‏ فإذا كان فيها صور ومتاثيل أو كان يوم عيدهم ونريوزهم أو كان <strong>يف</strong> الدخول مضرة على املسلم <strong>يف</strong><br />

نفسه أو دينه أو عرضه أو ترتب على الدخول مفسدة راجحة أوكان الدخول متكرراً‏ أو على وجه التعظيم واالحرتام<br />

واإلعجاب أو إلظهار التساهل والتسامح وحمبة الكفار ومودهتم فإنه يكره دخوهلا كراهة حترميية.‏<br />

أما إذا كان الدخول ملصلحة شرعية كدعوة لإلسالم أو النظر والتأمل <strong>يف</strong> احنرافهم وجهلهم وبيانه وحنو ذلك ومل يرتتب<br />

على ذلك شيء من املفاسد السابقة فإن الدخول جائز.‏<br />

)1632(<br />

)1633(<br />

)1634(<br />

)1635(<br />

)1636(<br />

،)441<br />

)1637(<br />

)1638(<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )43/2(، والتاج واإلكليل،‏ للحطاب )66-65/2(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1230/3(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ حاشيتا قليويب وعمرية )235/4(، واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )440/3(، واملوسوعة الفقهية الكويتية )246/20(.<br />

ينظر:‏ اجملموع للنووي،‏ حتقيق املطيعي )115/3( واملغين،‏ البن قدامة )478/2(، واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )440/3-<br />

وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1230/3(.<br />

سورة الفرقان،‏ اآلية:‏<br />

. 72<br />

)1639(<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه )234/9(، وصححه ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )1246/3(، وقال حمققه:‏ ‏)ليس بصحيح فهو<br />

منقطع بني عطاء بن دينار اهلذيل وعمر بن اخلطاب(،‏ وأخرجه ابن أيب شيبة <strong>يف</strong> مصنفه )208/6( من طريق وكيع عن ثور عن عطاء،‏<br />

قال حمققا أحكام أهل الذمة:‏ ‏)وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخني إال عطاء(.‏<br />

ينظر:‏ اآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )440/3(


وقد سئل الشيخ ابن جربين عن دخول الكنائس واملعابد جملرد الفرجة و<strong>السياحة</strong> فأجاب:‏ أبن جمرد الفرجة وأخذ فكرة<br />

عن معابدهم وك<strong>يف</strong>يتها ومعرفة دينهم دون أن يصاحب ذلك تعظيم هلم أو احرتام ولكن جملرد معرفة سذاجتهم وجهلهم<br />

واحنرافهم وقلة فكرهم <strong>يف</strong> هذه العبادات واملعابد وملعرفة اترخيها وما حييط هبا من حوادث جائز ، وحيصل بدخوهلا مرة<br />

واحدة أما تكرار ذلك أو دخوهلا للتعظيم واالحرتام فال جيوز شرعاً.‏ )1640(<br />

وأفتت اللجنة الدئمة أبن دخول الكنائس جملرد إظهار التسامح والتساهل ال جيوز وإذا كان للدعوة لإلسالم أو ملصلحة<br />

شرعية راجحة دون أتثر بعقائدهم وعاداهتم ودون مشاركتهم <strong>يف</strong> عبادهتم فذلك جائز.‏ )1641(<br />

ينظر:‏ املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر،‏ البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي ص )151(.<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع أمحد الدويش )268/6(، )115/2(.<br />

)1640(<br />

)1641(


اثنياً:‏ حكم الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد.‏<br />

اختلف العلماء <strong>يف</strong> ذلك على أقوال:‏<br />

القول األول:‏ الكراهة وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس رضي هللا عنهما ، وهو قول اجلمهور من احلنفية ، واملالكية،‏<br />

والشافعية،‏ واحلنابلة )1642( ، وظاهر كالمهم أن الكراهة حترميية )1643( ، وإذا كان دخوهلا مكروه كراهة حترمي عند بعض<br />

)1644(<br />

األحناف فإن الصالة كذلك من ‏َبب أوىل.‏<br />

القول الثاين:‏ صحتها بال كراهة إذا كانت نظ<strong>يف</strong>ة وطاهرة.‏<br />

ونقل ذلك عن أيب موسى واحلسن وعمر بن عبد العزيز واألوزاعي وهو رواية عن ابن عباس،‏ وقول للشافعية،‏ ورواية عن<br />

أمحد اختارها ابن قدامة وهي ظاهر املذهب.‏ )1645(<br />

القول الثالث:‏ التفريق بني ما فيه صورة فتكره الصالة فيه وما ال فال.‏<br />

وهو قول مالك وبعض الشافعية،‏ ورواية عن أمحد.‏ )1646(<br />

)1642(<br />

)1643(<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )43/2(، وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )172/1(، والتاج واإلكليل،‏ للحطاب )66-65/2(، واجملموع<br />

للنووي )115/3(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )175/1(، واملغين،‏ البن قدامة )478/2(، واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )440/3(،<br />

وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1230/3(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ واختلف املالكية <strong>يف</strong> علة الكراهة على ثالثة أقوال:‏<br />

األول:‏ وهي النجاسة اآلتية من وطء أقدامهم وما يدخلونه فيها من النجاسات قاله مالك.‏<br />

الثاين:‏ ألهنا بيوت متخذة للكفر،‏ قاله ابن حبيب.‏<br />

الثالث:‏ جمموع األمرين.‏<br />

فعلى القول األول أبن علة الكراهة جناستها ال جتب اإلعادة إن صلى على ثوب بسطه و إال أعاد على قول ابن حبيب؛ ألن األصل<br />

عنده أن من صلى على ثوب جنس عامداً‏ يعيد أبداً‏ وقيل يعيد <strong>يف</strong> الوقت ، وقيد ذلك بغري املضطر،‏ وحرر النفراوي املالكي املسألة وبني<br />

أبن الكراهة تنزيهية وأن اإلعادة مشروطة أبن يصلي فيها اختياراً‏ وعلى فرشها وأن تكون عامرة،‏ ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ والفواكه الدواين<br />

)128-127/1( ، وجملة اجملمع الفقهي <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ العدد<br />

اجلزء 3<br />

، 2 ص .)1248(<br />

)1644(<br />

)1645(<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />

وقال به<br />

الشعيب والنخعي<br />

واختاره ابن املنذر،ينظر:‏ بداية اجملتهد،البن رشد)‏‎172/1‎‏(،واجملموع للنووي)‏‎115/3‎‏(،‏ واملغين،البن<br />

قدامة)‏‎478/2‎‏(،وأحكام أهل الذمة،البن القيم)‏‎1230/3‎‏(،وتقدمت ترمجة احلسن واألوزاعي ص<br />

158-141<br />

)1646(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏


األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول مبا أييت:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

ألهنا ملعونة وجنسة وهي من أماكن الغضب وقد هنى عن الصالة <strong>يف</strong> أرض ‏َببل،‏ وقال:‏ ‏))إهنا<br />

ملعونة((‏ )1647( ، فعلل منع الصالة فيها ‏َبللعنة وهذه كنائسهموهي مواضع اللعنة والسخطة والغضب<br />

فيها.‏<br />

ينزل عليهم )1648(<br />

ألن هللا ال ي ‏َُتعَبَّْد <strong>يف</strong> بيوت أعدائه وهذه من بيوت أعداء هللا.‏ )1649(<br />

ألهنا مأوى الشياطني ومواطن الكفر والشرك فهي أوىل ‏َبلكراهة من احلمام واملقربة.‏ )1650(<br />

ألنه كالتعظيم والتبجيل هلا.‏ )1651(<br />

وألنه تكثري لسوادهم.‏ )1652(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

أبنه روي عن عمر وأيب موسى أهنما صليا فيها،‏ وهي طاهرة،‏ وال يضر املصلي شرك املشرك فيها فذلك شرك فيها<br />

واملسلم يوحد فله غنمه وعلى املشرك غرمه،‏ وقد صلى الصحابة <strong>يف</strong> الكنائس والبيع.‏ )1653(<br />

واستدل أصحاب القول الثالث:‏<br />

بوجود الصور ومالئكة الرمحة ال تدخل بيتاً‏ فيه صورة،‏ وعن عمر رضي هللا عنه أنه قال:‏<br />

‏)إان ال ندخل كنائسكم من أجل التماثيل اليت فيها الصور(‏ )1654( ، وألن الصورة تقابل املصلي وتواجهه وهي كاألصنام<br />

إال أهنا جمسدة فهي شعار الكفر ومأوى الشيطان وقد كره الفقهاء الصالة على البسط واحلصر املصورة كما صرح به<br />

أصحاب أيب حن<strong>يف</strong>ة وأمحد وهي متتهن وتداس ‏َبألرجل،‏ فك<strong>يف</strong> إذا كانت <strong>يف</strong> احليطان والسقوف.‏ )1655(<br />

)1647(<br />

)1648(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> سننه،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> املواضع اليت ال جتوز فيها الصالة،‏ رقم )490(، وضعفه احلافظ <strong>يف</strong> الفتح )631/1( ، والقرطيب<br />

)45/5(، وقال <strong>يف</strong> عون املعبود )1560/2(: ‏)<strong>يف</strong> إسناد هذا احلديث مقال وال أعلم أحداً‏ من العلماء حَرَّمَ‏ الصالة <strong>يف</strong> أرض ‏َببل وقد<br />

عارضه ما هو أصح منه وهوقوله : ‏))جعلت يل األرض مسجداً‏ وطهوراً((.‏<br />

.)1230/3(<br />

)1649(<br />

)1650(<br />

)1651(<br />

)1652(<br />

)1653(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )172/1(، والتاج واإلكليل،‏ للحطاب )66-65/2(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وفتاوى السبكي )405/2(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ و حاشية ابن عابدين )43/2(.<br />

ينظر:‏ اآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )440/3(.<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة ، مجع أمحد الدويش )117/2(.<br />

ينظر:‏ اجملموع للنووي )115/3(، واملغين،‏ البن قدامة )478/2(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1230/3(.


ونو قش ذلك أبن النيب صلى <strong>يف</strong> الكعبة وفيها صور )1656( ، مث هي داخلة <strong>يف</strong> قوله : ‏))فأينما أدركتك الصالة<br />

فصل فإنه مسجد((.‏ )1657(<br />

ونوقش ما روي عن عمر وأيب موسى <strong>يف</strong> الصالة فيها أبنه حممول على أهنما مل يقصدا ذلك وإمنا اضطرا إليه.‏ )1658(<br />

واألقرب أن جناستها معنوية ال متنع من صحة الصالة فيها،‏ وليست من أماكن وداير املعذبني ومل ينزل هبا لعنة أو عقاب<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

<br />

<br />

)1659( ، وهي مل تدل على كون هذه األمكنة – غري املساجد – حمبوبة مرضية له<br />

لكنه أخرب أنه لوال دفعه الناس بعضهم ببعض هلدمت هذه األمكنة اليت كانت حمبوبة له قبل <strong>اإلسالم</strong> وأقر منها ما أقر<br />

بعده وإن كانت مسخوطة له،‏ كما أقر أهل الذمة وإن كان ي بغضهم وميقتهم ويدفع عنهم ‏َبملسلمني مع بغضه هلم،‏ وعن<br />

)1660(<br />

أيب العالية أنه قال <strong>يف</strong> اآلية:‏ ‏)صوامع وإن كان يشرك به(‏ و<strong>يف</strong> لفظ:‏ ‏)إن هللا حيب أن يذكر ولو من كافر(.‏<br />

والراجح أن الصالة فيها من غري ضرورة أو مصلحة راجحة صحيحة مع الكراهة واإلمث ملا تقدم من أدلة القول األول.‏<br />

واألوىل أن ينأى املسلم بنفسه عن هذه األماكن ما مل يكن مث ضرورة؛ ألن النيب يقول:‏ ‏))جعلت يل األرض<br />

مسجداً‏ وطهوراً،‏ فأميا رجل أدركته الصالة فليصل((‏ )1661( ، فإذا اضطر للصالة فيها صحت صالته بال كراهة عند<br />

اجلمهور )1662( .<br />

وأما اتاذ الكنائس مساجد فجائز للحديث السابق،‏ وحلديث عثمان بن أيب العاص أن رسول هللا أمره أن جيعل<br />

، ولقول عمر السابق.‏<br />

مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم )1663(<br />

)1654(<br />

)1655(<br />

)1656(<br />

أخرجه البخاري تعليقاً،‏ <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب الصالة <strong>يف</strong> البيعة،‏ ص )37(، رقم )54(.<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )1230/3(.<br />

قال <strong>يف</strong> زاد املعاد )458/3( : ‏)و<strong>يف</strong> القصة<br />

– قصة فتح مكة –<br />

)1657(<br />

)1658(<br />

)1659(<br />

)1660(<br />

)1661(<br />

)1662(<br />

منه،‏ ففيه دليل على كراهة الصالة <strong>يف</strong> املكان املصور(،‏ و ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )478/2(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 303<br />

ينظر:‏ فتاوى السبكي )405/2(.<br />

سورة احلج،‏ اآلية:‏<br />

. 40<br />

أن النيب دخل البيت وصلى فيه ومل يدخله حىت حميت الصور<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم،‏ وقال حمققه:‏ هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم )1170/3(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )303<br />

.)<br />

وأفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )117/2( و )268/6(، وكذا الشيخ ابن جربين كما <strong>يف</strong> املفيد ،<br />

ص)‏‎152‎‏(،‏ وذكر السبكي <strong>يف</strong> فتاواه أنه إذا كان من غري قصد لكن حبضور وقت الصالة فال تكره الصالة فيها حينئذ؛ ألنه حال ضرورة وعليه حيمل<br />

فعل الصحابة رضوان هللا عليهم،فتاوى السبكي )405/2(.


وقد أصدر جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي قراراً‏ جبواز استئجار الكنائس للصالة فيها عند احلاجة وجتتنب الصالة إىل التماثيل<br />

والصور وتسرت حبائل إذا كانت ‏َبجتاه القبلة.‏ )1664(<br />

)1663(<br />

)1664(<br />

رواه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب الصالة،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> بناء املساجد ، ص )1256(، رقم )450(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب املساجد،‏ ‏َبب أين<br />

جيوز بناء املساجد،‏ ص )2521(، رقم )743(.<br />

ينظر:‏ قرارات جممع الفقه،‏ ص‎47‎ ، قرار رقم )23( )3/11(، السؤال التاسع عشر،‏ وقضااي فقهية معاصرة،‏ حملمد تقي العثماين،‏<br />

ص )343(، وللشيخ أمحد شاكر كالم مجيل <strong>يف</strong> حضور املسلمني الصالة <strong>يف</strong> الكنائس <strong>يف</strong> كتابه كلمة احلق،‏ ص )189(.


املطلب التاسع<br />

تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً‏


املطلب التاسع:‏ تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً.‏<br />

املراد هبذا املطلب:‏<br />

هو ما يعاين منه املسلمون <strong>يف</strong> املناطق اليت ال تغيب عنها الشمس إال قليالً‏ أو اليت تغيب عنها وتكون <strong>يف</strong> ظالم دامس<br />

وليل دائم أي يغلب عليها الليل أو النهار فيصعب مع ذلك ضبط وتقدير أوقات العبادة من صالة وصيام وهي املناطق<br />

القطبية واإلسكندانفيه وما <strong>يف</strong> حكمها واليت تقع فوق خط العرض 66 ‏َشاالً‏ وجنوَبً،‏ واملناطق اليت ال يغيب عنها<br />

الشفق فال يوجد فيها وقت للعشاء حبيث يتحد مع الفجر،‏ وهي البالد الشمالية اليت تتجاوز خط العرض 84 ‏َشاالً‏<br />

وجنوَبً.‏<br />

فتبني أبن هذه البلدان غري املعتدلة قسمان قسم ال تغيب عنه الشمس لفرتة طويلة ‏)ستة أشهر تقريباً(‏ مث تغيب مطلقاً‏<br />

بقية السنة وقسم تتميز فيه األوقات عدا العشاء فإنه يتحد مع الفجر.‏ )1665(<br />

فأما حكم الصالة ابلنسبة للقسم األول:‏<br />

فإن وجوب الصلوات اخلمس عليهم جممع عليه وهو من األمور املعلومة من الدين ‏َبلضرورة وال ينبغي أن يرد فيه خالف<br />

إذا ك<strong>يف</strong> يعفون من وجوب الصالة عليهم طوال ستة أشهر وستة أخرى،‏ وك<strong>يف</strong> ميكن اعتبار هذه املدة الطويلة يوماً‏<br />

واحداً‏ أو يومني.‏<br />

واألدلة من الكتاب والسنة وإمجاع األمة متضافرة على وجوب الصالة وأهنا أول أركان <strong>اإلسالم</strong> وهي صلة العبد بربه فال<br />

ميكن أن تنقطع <strong>يف</strong> مجيع األحوال مهما صعبت بل جتب على العاجز املريض واملسافر واخلائف واحملارب قدر<br />

االستطاعة وهي الفرقان بني املؤمن والكافر.‏ )1666(<br />

ويؤكد وجوهبا <strong>يف</strong> تلك البلدان قوله ملا ذكر الدجال عنده فسأله الصحابة عن لبثه <strong>يف</strong> األرض،‏ فقال:‏ ‏)أربعون يوماً،‏<br />

يوم كسنة،‏ ويوم كشهر،‏ ويوم كجمعة،‏ وسائر أايمه كأايمكم(‏ فقالوا:‏ اي رسول هللا فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه<br />

)1667(<br />

صالة يوم؟ قال:‏ ال.‏ أقدروا له قدره(.‏<br />

)1665(<br />

ينظر:‏ املوسوعة الفقهية الكويتية )188/7(، ومن فقه األقليات املسلمة،‏ خالد عبد القادر على موقع الشبكة <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

www.islamweb.net<br />

)1666(<br />

، وجملة الدعوة العدد 1841، ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني وك<strong>يف</strong> يصومون،‏ علي القره داغي،‏ ص‎20‎‏،‏<br />

وجملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ العدد الثالث،‏ اجلزء الثاين،‏ ص‎1093‎‏،‏ وما بعدها،‏ وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ العدد احلادي والثالثون،‏<br />

ص‎369‎‏،‏ وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )19-18/2(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )18-17/2(، وحتفة احملتاج،‏ البن حجر اهليتمي<br />

)429/1(، واإلقناع للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )128/1(، واملستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ مجع ابن قاسم )63/3(، ك<strong>يف</strong><br />

يصلي أهل القطبني،‏ للقره داغي،‏ جملة الدعوة<br />

، 1841 ص 20<br />

)1667(<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الفنت ، ‏َبب الدجال ، ص‎1168‎‏،‏ رقم<br />

، وما بعدها.‏<br />

.2937


فنص على وجوب الصالة حسب الوقت املقدر ‏َبلزمن السابق جمليء الدجال فكذا يقدر <strong>يف</strong> البالد القطبية حسب<br />

الوقت املقدر <strong>يف</strong> البالد املعتدلة،‏ فتجب عليهم الصلوات اخلمس <strong>يف</strong> كل 24 ساعة.‏<br />

قال <strong>يف</strong> شرح فتح القدير:‏ ‏"أو جب أكثر من ثالمثائة عصر قبل صريورة الظل مثالً‏ أو مثلني وقس عليه فاستفدان أن<br />

الواجب <strong>يف</strong> نفس األمر مخس على العموم غري أن توزيعها على تلك األوقات عند وجودها ال يسقط بعدمها<br />

)1668(<br />

الوجوب".‏<br />

بل أوجب عليهم <strong>يف</strong> اليوم األول ألفاً‏ وسبعمائة ومخساً‏ وسبعني صالة إذا اعتربان تلك السنة قمرية و<strong>يف</strong> الثاين مائة<br />

ومخسني صالة إذا اعتربان الشهر ثالثني و<strong>يف</strong> الثالث مخساً‏ وثالثني صالة.‏ )1669(<br />

وهذا دليل ظاهر جلي على وجوب الصالة عليهم تقديراً‏ النعدام العالمات الواضحة وال يسقط الفرض أبداً.‏<br />

ولكن اختلف العلماء <strong>يف</strong> ك<strong>يف</strong>ية التقدير هنا على قولني:‏<br />

األول:‏ أهنا تقدر أبقرب املناطق املعتدلة إليها واليت تتمايز فيها األوقات.‏<br />

الثاين:‏ أهنا تقدر ‏َبلبالد املعتدلة اليت وقع فيها التشريع كمكة واملدينة.‏<br />

وكالمها جائز؛ ألنه اجتهاد ال نص فيه.‏ )1670(<br />

وقد أف تت هيئة كبار العلماء ‏َبألول )1671( ، واألمر <strong>يف</strong> ذلك واسع لكن البد من االتفاق على شيء معني حىت ال<br />

تتلف الصلوات <strong>يف</strong> البلد الواحد فيحصل الشقاق واالختالف املذموم.‏ )1672(<br />

)224/1(، وذكر الزيلعي <strong>يف</strong> تبيني احلقائق ذلك )83-82/1(، وكذا درر احلكام ملنال خسرو )53/1(.<br />

ينظر:‏ ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني،‏ للقره داغي،‏ جملة الدعوة<br />

، 1841 ص 20<br />

، وما بعدها.‏<br />

ذكر ذلك الشيخ رشيد رضا <strong>يف</strong> فتواه عن هذه املسألة،‏ ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص‎24‎‏.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء )130/6(.<br />

املصادر السابقة.‏<br />

)1668(<br />

)1669(<br />

)1670(<br />

)1671(<br />

)1672(


)1673(<br />

ويرى بعض الفقهاء التفريق هنا بني البالد القطبية والبالد اليت ال يغيب فيها الشفق فيتحد الفجر معه،‏ ففي<br />

البالد القطبية ليس هناك يوم إطالقاً‏ وإمنا يظل النهار أو الليل طوال ستة أشهر فيكون هلا حقيقة يوم واحد يتكون من<br />

هنار أو ليل طويل جمموع ساعاته 8760 ساعة لكل منهما 4380 ساعة،‏ فال داعي العتبار األقرب هنا؛ ألنه إذا كان<br />

األمر منوطاً‏ ‏َبلتقدير فالتقدير بوقت مكة مهبط الوحي ومركز األرض ووسطها أفضل،‏ أما البالد اليت ال يغيب فيها<br />

الشفق فتتداخل فيها األوقات فمشكلتها <strong>يف</strong> وقت واحد هو العشاء فيعترب أبقرب األماكن املعتدلة،‏ أما بقية األوقات فال<br />

حاجة فيها للتقدير لوضوح معاملها.‏<br />

وهذا القول له وجاهته،‏ واألفضل أن يرجع <strong>يف</strong> اختيار أحد االجتهادين إىل اتفاق علماء املسلمني أو مراكزهم <strong>يف</strong> تلك<br />

األماكن.‏<br />

وأما حكم الصالة ابلنسبة للقسم الثاين،‏ وهي البالد اليت يتحد الفجر فيها مع العشاء،‏ فال يكون له وقت،‏ فقد<br />

اختلف <strong>يف</strong> وجوب الصالة وك<strong>يف</strong>ية تقديرها فيها:‏<br />

فاجلماهري على وجوب الصلوات اخلمس فيها كغريها )1674( ، وتقدر ملا تقدم.‏<br />

إىل سقوط الصلوات اليت ليس هلا وقت كالعشاء <strong>يف</strong> هذه البالد.‏<br />

وذهب بعض احلنفية )1675(<br />

األدلة:‏<br />

استدل اجلمهور مبا تقدم من األدلة على وجوب الصلوات اخلمس وتقديرها عند تعذر العالمات الظاهرة قياساً‏ على أايم<br />

الدجال،‏ كما تقدم.‏<br />

)1676(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين ‏َبنتفاء السبب كما يسقط غسل اليدين من الوضوء عن مقطوعهما من املرفقني.‏<br />

ونوقش ذلك:‏<br />

أبنه ‏"ال يراتب متأمل <strong>يف</strong> ثبوت الفرق بني عدم حمل الفرض وبني سببه اجلعلي الذي جعل عالمة على الوجوب اخلفي<br />

الثابت <strong>يف</strong> نفس األمر وجواز تعدد املعرِّفات للشيء فانتفاء الوقت انتفاء ملَُعرِّفِّهِّ‏ وانتفاء الدليل على الشيء ال يستلزم<br />

)1673(<br />

)1674(<br />

كالقره داغي <strong>يف</strong> جملة الدعوة<br />

، 1841 ص 24<br />

)1675(<br />

)1676(<br />

، و ينظر:‏ جملة جممع الفقه ، العدد الثالث،‏ اجلزء الثاين ، ص‎1093‎ ، وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )19-18/2(، و تبيني احلقائق ‏،للزيلعي )83-82/1(، و درر احلكام ملنال خسرو )53/1(، و<br />

ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )18-17/2(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )363/1(، ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين )317-316/1(، و<br />

واإلقناع للحجاوي،‏ حتقيق الرتكي )128/1(، ومل ينص احلنابلة على فاقد وقت العشاء،‏ بل ذكروا التقدير أايم الدجال.‏<br />

املصادر السابقة،‏ للحنفية،‏ ومن القائلني هبذا عندهم البقايل واحللواين،‏ والزيلعي واحلليب وغريهم.‏<br />

املصادر السابقة.‏


انتفاءه جلواز دليل آخر وقد وجد وهو ما تواطأت به أخبار اإلسراء من فرض هللا تعاىل مخساً‏ بعدما أمروا أوالً‏ خبمسني<br />

مث استقر األمر على اخلمس شرعاً‏ عاماً‏ ألهل اآلفاق ال تفصيل فيه بني أهل قطر و قطر".‏ )1677(<br />

وأجيب عن ذلك:‏<br />

أبن األمر استقر أيضاً‏ على أن للوجوب أسباَبً‏ وشروطاً‏ ال يوجد بدوهنا مث إن احلائض لو طهرت بعد طلوع الشمس مل<br />

يكن الواجب عليها <strong>يف</strong> ذلك اليوم إال أربع صلوات وبعد خروج وقت الظهر مل جيب عليها <strong>يف</strong> ذلك اليوم إال ثالث<br />

صلوات وهكذا ، ومل يقل أحد إهنا إذا طهرت <strong>يف</strong> بعض اليوم <strong>يف</strong> أكثره وجب عليها متام صلوات اليوم والليلة؛ ألجل أن<br />

‏َد هنا كما أهنا حالة<br />

الصلوات فرضت مخساً‏ على املكلف،‏ وأجيب أبن هذا غري وارد؛ ألهنا معذورة وشرط الوجوب فُقِّ‏<br />

فردية <strong>يف</strong> حني أن القول بعدم وجوب صالة العشاء يُ‏ ‏ْسقِّ‏ ‏ُط الفرض كلية عن عموم أهل البالد مث إن صالة احلائض حمرمة<br />

وصالة هؤالء صحيحة أداء وقضاءً.‏ )1678(<br />

ونوقش قياس هذه املسألة على حديث الدجال أبنه ال مدخل للقياس <strong>يف</strong> وضع األسباب واحلديث ورد على خالف<br />

القياس.‏<br />

وأجيب ‏َبملنع فالقياس صحيح؛ ألنه وارد <strong>يف</strong> حالة متشاهبة متاماً‏ حبالة الزمن <strong>يف</strong> حديث الدجال حيث تنتهي األوقات<br />

العادية ؛ ألنه ذلك اليوم كسنة ومع ذلك وجبت الصلوات اخلمس تقديراً‏ أبوقاهتا السابقة.‏ )1679(<br />

والراجح:‏<br />

قول اجلمهور لقوة أدلتهم واجلواب عن دليل املخالف ومناقشاته وك<strong>يف</strong> يتصور أن يكون عدد الصلوات املفروضة على<br />

هؤالء أربعاً‏ مع أن النصوص الشرعية متواترة على فرضية مخس صلوات على كل مسلم <strong>يف</strong> كل يوم من غري تفريق بني<br />

إقليم وآخر،‏ كما نص <strong>يف</strong> حديث الدجال على وجوب الصلوات وتقديرها وإن مل يوجد سببها على وجه العموم،‏ ومل<br />

يوجد نص يسقط شيئاً‏ من الصلوات بسقوط شرطها وهو الوقت بل العكس و إال لسقطت صالة سنة <strong>يف</strong> يوم واحد<br />

لعدم توفر الوقت والكتفي خبمس صلوات فقط.‏<br />

)1677(<br />

)1678(<br />

فتح القدير،‏ البن اهلمام )224/1(، ومعىن كالمه أنه إذا عدمت عالمة دخول وقت العشاء وهي غياب الشفق،‏ وعدم طلوع<br />

الفجر معه ‏َبعتبارها عالمة معرِّفة له ليس معناه أن الصالة تسقط بعدمها لوجود دليل آخر يدل على وجوهبا وإن مل توجد العالمة الدالة<br />

على الوقت وقد وجد هذا اآلخر وهو أخبار اإلسراء املتواطئة كما بني وكذا حديث الدجال.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني،‏ القره داغي،‏ جملة الدعوة<br />

1841، ص<br />

،<br />

)1679(<br />

20، وما بعدها ، واملوسوعة الفقهية<br />

الكويتية )188/7(، وجملة جممع الفقه ، ع‎3‎ ج‎2‎ 1093، وما بعدها.‏<br />

وابن اهلمام مل يذكر حديث الدجال ليقيس عليه مسألتنا بل ذكره دليالً‏ على افرتاض الصلوات اخلمس وإن مل يوجد السبب افرتاضاً‏<br />

عاماً،‏ ينظر:‏ فقه األقليات املسلمة،‏ خالد عبد القادر،‏ ص‎240‎‏،‏ بتصرف،‏ وينظر:‏ املصادر = ‏=السابقة،‏ وأسىن املطالب،‏ لألنصاري<br />

)118/1(، واملستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )63/3(، وقال <strong>يف</strong> أايم الدجال:‏ ‏)تكون بقدر األوقات <strong>يف</strong> األايم<br />

املعتادة وال ينظر فيها إىل حركة الشمس ال بزوال وال بغروب وال مغيب شفق،‏ وحنو ذلك،‏ وهكذا كما قيل <strong>يف</strong> قوله:‏ ‏)وهلم رزقهم فيها<br />

بكرة وعشياً(‏ وقال بعضهم يؤتون على مقدار البكرة والعشي <strong>يف</strong> الدنيا،‏ وقيل:‏ يعرف ذلك أبنوار تظهر من انحية العرش،‏ كما يعرف<br />

ذلك <strong>يف</strong> الدنيا بنور الشمس(ا.ه .


وأما ك<strong>يف</strong>ية تقدير الصلوات <strong>يف</strong> هذا القسم فاختلفوا فيه:‏<br />

القول األول:‏ أنه يقدر مغيب شفق أقرب البالد إليهم فإذا كان بعد ساعة من غروب الشمس مثالً‏ ومدة الليل عندهم<br />

مثاين ساعات فيكون أول العشاء عندهم بعد ساعة من غروب الشمس،‏ وهكذا ما مل يؤد ذلك إىل طلوع الفجر فحينئذ<br />

يقدر ‏َبلنسبة.‏ )1680(<br />

)1681(<br />

وهذا قول اجلمهور وهم بعض احلنفية واملالكية والشافعية.‏<br />

القول الثاين:‏ أنه <strong>يف</strong>رتض وجود الوقت وإن كان وقتاً‏ للصبح،‏ فتكون قضاءً.‏<br />

أي:‏ أنه جيب قضاء العشاء أبن يقدر أن الوقت – وهو سبب الوجوب – قد وجد كما يقدر وجوده <strong>يف</strong> أايم الدجال؛<br />

ألنه ال جيب بدون السبب،‏ وهو قول بعض احلنفية )1682( ، واألظهر عندهم األول.‏<br />

والراجح األول؛ ألنه مبين على معيار حقيقي موجود ميكن االعتماد عليه <strong>يف</strong> حني أن الثاين بعيد لكونه تقدير قائم على<br />

فرض غري حمتاج إليه وهو تقدير أن الوقت قد وجد فالوقت موجود )1683( ، كما أن األول هو األقرب حلديث الدجال<br />

فتكون العشاء فيه أداء واملغرب قضاء النتهاء وقتها حسب التقدير وهبذا أخذ اجملمع الفقهي التابع للرابطة حيث حدد<br />

درجة 45<br />

للقياس عليها و<strong>يف</strong> هذا رفع للحرج وتيسري على الناس.‏ )1684(<br />

وأما تقدير الصيام <strong>يف</strong> تلك البلدان:‏<br />

فإنه يقدر بصوم أقرب البالد أو بصوم مكة واملدينة على التفصيل السابق.‏ )1685(<br />

لكن قد يكون الوقت قصرياً‏ بني غروب الشمس وطلوع الفجر فيؤدي وجوب املواالة <strong>يف</strong> الصيام إىل اهلالك فالبد من<br />

التقدير كما <strong>يف</strong> الصالة.‏<br />

)1680(<br />

)1681(<br />

)1682(<br />

)1683(<br />

كما <strong>يف</strong> حتفة احملتاج،‏ البن حجر اهليتمي )429/1(: ‏)من ال شفق هلم يعترب أبقرب بلد إليهم ويظهر أن حمله ما مل يؤد اعتبار ذلك<br />

إىل طلوع فجر هؤالء أبن كان ما بني الغروب ومغيب الشفق عند هم بقدر ليل هؤالء ففي هذه الصورة ال ميكن اعتبار مغيب الشفق النعدام<br />

وقت العشاء حينئذ وإمنا الذي ينبغي أن ينسب وقت املغرب عند أولئك إىل ليلهم فإن كان السدس مثال جعلنا ليل هؤالء سدسه وقت املغرب<br />

وبقيته وقت العشاء وإن قصر جدا(‏ ا.ه<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )19-18/2(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )83-82/1(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )18-17/2(،<br />

وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )118/1(، و حتفة احملتاج،)‏‎429/1‎‏(،‏ واملوسوعة الفقهية الكويتية )190/7(.<br />

املصادر السابقة،‏ و<strong>يف</strong> املوسوعة الفقهية الكويتية:‏ ‏)اللجنة ترى أن األخذ ‏َبلرأي الثاين أقرب إىل مقاصد الشريعة،‏ أال وهو الذي<br />

يؤيده حديث الدجال(.‏<br />

ينظر:‏ ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني،‏ للقره داغي،‏ جملة الدعوة<br />

1841، ص‎20‎<br />

، وما بعدها،‏ وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ العدد<br />

، 31<br />

ص‎369‎ ، وما بعدها،‏ وفتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )157/4-3( وما بعدها،‏ وفتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع<br />

الدويش )130/6(.<br />

)1684(<br />

)1685(<br />

ينظر:‏ فقه األقليات املسلمة،‏ خالد عبد القادر،‏ ص‎248‎<br />

، بتصرف.‏<br />

ومل خيالف أحد <strong>يف</strong> وجوب الصيام عليهم حىت إن بعض متأخري احلنفية كابن عابدين قال بوجوبه ملا مل يتعرض هلذه املسألة<br />

متقدموهم لتصبح مسألة جممع عليها لوجود السبب وهو شهود جزء من الشهر،‏ و ينظر:‏ املصدر السابق.‏


لكن هل يقدر ليلهم أبقرب البالد إليهم أو مبا يسع األكل والشرب أم جيب القضاء دون األداء؟<br />

قال ابن عابدين )1686( : ‏"الكل حمتمل لكن ال ميكن القول هنا بعدم وجوب الصوم أصالً‏ كالعشاء عند القائل فيها؛ ألن<br />

العلة فيه عدم وجود السبب وهنا وجد السبب،‏ وهو شهود جزء من الشهر وطلوع فجر كل يوم".‏<br />

والراجح أنه مىت متيز وقت الليل والنهار فوقت الصوم من الفجر إىل الليل بنص القرآن فإذا كان وقت الليل قصرياً‏ كما<br />

تقدم فتقدر أبقرب البالد ملا دلت عليه قواعد الشريعة من اليسر ورفع احلرج والسماحة؛ وألن خالف ذلك يؤدي لنوع<br />

من الوصال املنهي عنه بل قد يؤدي للهالك وهذا متعارض مع نصوص الشرع وقواعده ومقاصده.‏<br />

والقول بعدم وجوب الصيام <strong>يف</strong> هذه احلال وقضاؤه <strong>يف</strong> وقت يستع ليله له حظه من الوجاهة واالعتبار قياساً‏ على املريض<br />

واملسافر.‏ )1687(<br />

لكن الراجح هنا هو العمل ‏َبلتقدير فيعتمدون على أوقات أقرب بلد إليهم يكون الليل فيه متسعاً‏ لألكل والشرب؛ ألنه<br />

يعتمد على معايري منضبطة كما <strong>يف</strong> تقدير أوقات الصالة وال ضري <strong>يف</strong> إفطارهم قبل الليل للضرورة،‏ كما أن أهل القطبني<br />

يصومون <strong>يف</strong> الليل إذا غلب تقديراً.‏ )1688(<br />

وإذا مل يكن وقت الليل قصرياً‏ جداً‏ مبا يؤدي إىل اهلالك والضرر عند املواالة لكن طال النهار جداً‏ كما لو وصل إىل<br />

عشرين ساعة مثالً‏ كما <strong>يف</strong> بعض بالد أوروَب فهنا خالف على قولني عند املعاصرين:‏<br />

األول:‏ وجوب الصيام للتمايز بني الوقتني ووجود زمن مناسب للفطر دون ضرر وعموم األدلة <strong>يف</strong> وقت الصوم ظاهرها<br />

يؤيد هذا فإن جمرد طول النهار ال يعد عذراً‏ شرعياً‏ يبيح الفطر فإن كان <strong>يف</strong> صومه ضرر ملرضه أو ضعفه وحنو ذلك<br />

ترخص ‏َبلفطر؛ ألنه معذور.‏<br />

وهبذا أفتت هيئة كبار العلماء ‏َبلسعودية والشيخ حسنني خملوف،‏ وغريه.‏ )1689(<br />

الثاين:‏ أنه جيوز هلؤالء تقدير زمن صومهم أبقرب البالد املعتدلة إليهم أو مبكة أو املدينة.‏<br />

ألن صيام غالب اليوم كعشرين أو ثالث وعشرين ساعة وحنو ذلك تكل<strong>يف</strong> أتَبه مقاصد الشريعة ورمحة أرحم الرامحني،‏<br />

وهبذا أفتت دار اإلفتاء املصرية ملسلمي النرويج ومن شاهبهم.‏ )1690(<br />

والراجح هو القول األول:‏<br />

)1686(<br />

)1687(<br />

)1688(<br />

<strong>يف</strong> حاشية رد احملتار )19-18/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />

ينظر:‏ ك<strong>يف</strong> يصلي أهل القطبني،‏ جملة الدعوة<br />

. 149<br />

، 1841 ص‎20‎<br />

)1689(<br />

وما بعدها.‏<br />

كما أفىت بذلك الشيخ شلتوت،‏ وأفىت جممع الفقه أبنه يقدر اإلمساك <strong>يف</strong> الصوم حبسب آخر فرتة يتمايز فيها الشفقان،‏ و ينظر:‏<br />

فتاوى الشيخ حممد بن إبراهيم )157/4-3( وما بعدها،‏ وفتاوى اللجنة الدائمة )130/6(.<br />

املصادر السابقة،‏ وجملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ عدد<br />

وفقه األقليات،‏ خالد عبد القادر،‏ ص<br />

، 31 ص 369<br />

، وما بعدها،‏ وجملة الدعوة<br />

، 1841 ص‎20‎<br />

336<br />

)1690(<br />

املصدر السابق.‏<br />

، وما بعدها.‏<br />

، وما بعدها،‏


لظاهر النصوص الشرعية <strong>يف</strong> حتديد مدة الصيام كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

، )1691( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهؤالء يتميز<br />

عندهم الليل والنهار ويتبني هلم اخليط األبيض من األسود من الفجر،‏ وقوله : ‏))إذا أقبل<br />

الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم((‏ )1692( ، فإهنا مل تفرق بني طول النهار وقصره،‏<br />

وقد ‏َشلت كل مسلم وكل إقليم،‏ و املعذور له الفطر لعذره.‏<br />

وهذا هو احلق الذي به جتتمع األدلة الشرعية وليس فيه منافاة ملقاصد الشريعة <strong>يف</strong> اليسر والتخف<strong>يف</strong> وسائر العبادات من<br />

احلج والزكاة،‏ يعمل فيها ‏َبلتقدير واحلساب كالصالة والصيام حلديث الدجال،‏ كما تقدم وإرشاده فيه ألصحابه عن<br />

)1693(<br />

ك<strong>يف</strong>ية حتديد أوقات الصلوات <strong>يف</strong> تلك احلال وال فرق <strong>يف</strong> ذلك بني الصالة والصيام واحلج والزكاة.‏<br />

وقد صدر قرار من اجملمع الفقهي التابع لرابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي <strong>يف</strong> ‎1402/4/10‎ه جاء فيه:‏<br />

( تنقسم اجلهات اليت تقع على خطوط العرض ذات الدرجات العالية إىل ثالث:‏<br />

األوىل:‏ تلك اليت يستمر فيها الليل أو النهار أربعاً‏ وعشرين ساعة فأكثر حبسب اختالف فصول السنة ففي هذه<br />

احلال تقدر مواقيت الصالة والصيام وغريمها <strong>يف</strong> تلك اجلهات على حسب أقرب اجلهات إليها مما يكون فيها الليل<br />

والنهار متمايزين <strong>يف</strong> ظرف أربع وعشرين ساعة.‏<br />

الثانية:‏ البالد اليت ال يغيب فيها شفق الغروب حىت يطلع الفجر حبيث ال يتميز شفق الشروق من شفق الغروب ففي<br />

هذه اجلهات يقدر العشاء اآلخرة واإلمساك <strong>يف</strong> الصوم وقت صالة الفجر حبسب آخر فرتة يتمايز فيها الشفقان.‏<br />

الثالثة:‏ تلك البالد اليت يظهر فيها الليل والنهار خالل أربع وعشرين ساعة وتتمايز فيها األوقات إال أن اللي ل يط ول فيه ا<br />

<strong>يف</strong> فرتة من السنة طوالً‏ مفرطاً‏ ويطول النهار <strong>يف</strong> فرتة أخرى طوالً‏ مفرطاً(‏ فأوجبوا عليهم الصالة والصيام <strong>يف</strong> أوقاهتا املعروف ة<br />

)1694(<br />

ش رعاً‏ لعم وم األدل ة <strong>يف</strong> ذل ك.‏<br />

)1691(<br />

)1692(<br />

)1693(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

.187<br />

)1694(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الصوم ، ‏َبب مىت حيل فطر الصائم ، ص)‏‎153‎‏(‏ رقم )1954(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )18/2(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )17/2(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )118/1(، واإلقناع<br />

للحجاوي )128/1(، وفتاوى اللجنة الدائمة،مجع الدويش )130/6( وما بعدها،‏ وفتاوى حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )3-<br />

157/4( وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ جملة البحوث <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ العدد<br />

، 31 ص‎369‎<br />

، وما بعدها.‏<br />

و<strong>يف</strong> املوسوعة الفقهية الكويتية:‏ ‏)أما البالد اليت يقصر فيها وقت الظهر فيبلغ ظل الشيء مثله بعد زوال الشمس عن وسط السماء بوقت<br />

قصري ال يتمكن فيه املصلي من صالة الظهر فلم جند <strong>يف</strong> كتب الفقهاء نصاً‏ على حكم هذه املسألة(.‏ )190/7(.


املطلب العاشر<br />

الصالة <strong>يف</strong> الطائرات<br />

وذكر القره داغي <strong>يف</strong> جملة الدعوة ، ص‎24‎<br />

البالد إليها كما سبق.‏<br />

: أبنه ال خيتلف فيها عن تداخل الفجر مع العشاء فيقدر للظهر والعصر وقتاً‏ حسب أقرب


املطلب العاشر:‏ الصالة <strong>يف</strong> الطائرات.‏<br />

<br />

<br />

–<br />

لقد امنت هللا على عباده <strong>يف</strong> سورة النحل أبنواع املركوَبت -<br />

ومنها املستحدثة<br />

<strong>يف</strong> قوله:‏<br />

، وأشار إىل امتننانه مبركوَبت مل تلق ومل يعلمها املوجودون<br />

)1695(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1696(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<strong>يف</strong> زمن النيب <br />

فقوله:‏<br />

مقرتانً‏ جبنس املركوَبت يدل على أنه من<br />

جنس ما يركب ، وقد شوهد ذلك <strong>يف</strong> إنعام هللا على عباده مبركوَبت مل تكن معلومة وقت نزول اآلية<br />

)1697(<br />

كالطائرات والقطارات والسيارات وغريها مما مل يكتشفه البشر بعد.‏<br />

وقد أقسم النيب - كما <strong>يف</strong> صحيح مسلم<br />

اآلن لالستغناء عنها ‏َبملراكب املذكورة.‏<br />

–<br />

أبن اإلبل سترتك فال يسعى عليها )1698( ، وهو مشاهد<br />

والطائرة <strong>يف</strong> اجلو على منت اهلواء كالباخرة <strong>يف</strong> البحر على منت املاء وليس بينهما فرق له أثر <strong>يف</strong> احلكم؛ ألن<br />

كالً‏ منهما سفينة متحركة ماشية على جرم؛ ألن اهلواء جرم إبمجاع احملققني من نظار املسلمني<br />

والفالسفة.‏<br />

ويتحقق صحة ذلك إذا نفخت قربة مثالً‏ فإن الرائي يظنها مملوءة من املاء ولو كان اهلواء غري جرم ملا<br />

شغل الفراغ مبلء األوعية املنفوخة وبني اهلواء واملاء مناسبات كثرية حىت إن أحدمها لينتقل من عنصره إىل<br />

عنصر اآلخر أال ترى أن املاء إذا بلغ مائة درجة من درجات احلرارة تبخر فصار هواء.‏ )1699(<br />

فإذا مل يكن بينهما فارق مؤثر <strong>يف</strong> احلكم فإن املسكوت عنه يدخل <strong>يف</strong> حكم املنطوق به فيما يعرف عند<br />

األصوليني ‏َبإلحلاق بنفي الفارق وهو نوع من تنقيح املناط ويسميه الشافعي القياس <strong>يف</strong> معىن<br />

)1700(<br />

األصل.‏<br />

وقد دل الكتاب والسنة واإلمجاع على صحة الصالة <strong>يف</strong> السفينة كما سيأيت،‏ وداللة القرآن على ذلك من<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قبيل داللة اإلشارة حيث امنت بركوب السفينة <strong>يف</strong> قوله :<br />

)1701( ، ومعلوم أنه ال يتيسر النزول ‏َبلساحل عند كل صالة فالصالة فيها صحيحة قطعاً.‏ )1702(<br />

)1695(<br />

)1696(<br />

)1697(<br />

)1698(<br />

سورة النحل اآلية:‏‎8‎<br />

سورة النحل اآلية:‏‎8‎<br />

.<br />

.<br />

)1699(<br />

)1700(<br />

ينظر:‏ اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة،‏ للشنقيطي،‏ تعليق الطيار،‏ ص‎14‎‏.‏<br />

فعن أيب هريرة مرفوعاً:‏ ‏))وهللا لينزلن بن مرمي حكما عادال فليكسرن الصليب وليقتلن اخلنزير وليضعن اجلزية ولترتكن القالص فال<br />

يسعى عليها ولتذهنب الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إىل املال فال يقبله أحد(.‏<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان،‏ ‏َبب نزول عيسى بن مرمي حكماً‏ بشريعة نبينا حممد ، رقم )243(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة،‏ للشنقيطي،‏ تعليق الطيار،‏ ص‎14‎‏.‏


والصالة <strong>يف</strong> الطائرات كالصالة <strong>يف</strong> السفن؛ ألن الطائرة <strong>يف</strong> اجلو على منت اهلواء – كما تقدم<br />

على منت املاء )1703( ‏،وقد ذكر الفقهاء أبن السفينة ال تلو من حالني:‏<br />

األوىل:‏ أن تكون واقفة.‏<br />

– كالباخرة<br />

وحينئذ إن كانت مستقرة فتصح الصالة فيها أبركاهنا وشروطها ولو أمكنه اخلروج منها؛ ألن حكمها<br />

كاألرض فإن أخل بشيء من ذلك مل جتزئه الصالة فيها لعدم العذر وإن كانت غري مستقرة فال تصح<br />

الصالة فيها مع إمكان اخلروج منها؛ ألهنا مبنزلة الدابة وال جيوز أداء الفرض على الدابة من غري عذر مع<br />

إمكان النزول.‏ )1704(<br />

الثانية:‏ أن تكون سائرة.‏<br />

فإن أمكنه اخلروج للشاط استحب له ذلك؛ ألنه خياف دوران الرأس فيها فيحتاج للقعود؛ وألن الصالة<br />

‏َبلشاط أقرب للخشوع وآمن من طراين املفاسد فإن مل خيرج أجزأه الصالة فيها قائماً‏ بركوع وسجود<br />

‏)على اإلكمال(.‏ )1705(<br />

؛ملا روي عن ابن سريين أنه قال:‏ ‏)صلينا مع أنس قعوداً‏ ولو شئنا خلرجنا إىل احلد(.‏ )1706(<br />

؛وألهنا مبنزلة األرض.‏<br />

؛وألن سريها غري مضاف إليه فال يكون منافياً‏ للصالة خبالف الدابة.‏ )1707(<br />

وجيب استقبال القبلة <strong>يف</strong> استفتاح الصالة و<strong>يف</strong> سائرها لقدرته وإذا دارت وهو يصلي فإنه يتوجه إىل القبلة<br />

حيث دارت عند اجلمهور.‏ )1708(<br />

)1701(<br />

)1702(<br />

)1703(<br />

)1704(<br />

)1705(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

.<br />

164<br />

كما ذكر ذلك الشيخ ابن ‏َبز <strong>يف</strong> فتاواه )462/2( مجع عبد هللا الطيار وأمحد بن ‏َبز.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ الكاساين )184/1(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ واملبسوط،‏ للسرخسي )110/1(، والبحر الرائق،‏ البن جنيم )309/1(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب<br />

)480/3(، وحاشية الدسوقي )227/1(.<br />

)1706(<br />

هكذا أورده <strong>يف</strong> املبسوط )110/1(، و<strong>يف</strong> بدائع الصنائع )184/1(، وقال اهليثمي )163/2(: ‏"عن أنس بن سريين قال:‏ خرجت<br />

مع أنس بن مالك ... فأمنا قاعداً‏ على بساط <strong>يف</strong> السفينة.‏ رواه الطرباين <strong>يف</strong> الكبري ورجاله ثقات".‏ وورد أنه صلى قائماً‏ كما <strong>يف</strong> سنن<br />

البيهقي )155/3(، ومصنف ابن أيب شيبة )69/2(، ومصنف عبد الرزاق )581/2(، وذكروا أبن أنساً‏ سئل عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة<br />

فقال عبد هللا بن أيب عتبة موىل أنس:‏ سافرت مع أيب سعيد اخلدري وأيب الدرداء وجابر وأانس مساهم فكان إمامنا يصلي بنا <strong>يف</strong> السفينة<br />

قائماً‏ وحنن نصلي خلفه قياماً‏ ولو شئنا ألرفأان وخرجنا(،‏ وتقدمت ترمجة ابن سريين ص<br />

. 159<br />

)1707(<br />

)1708(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )184/1(، واملصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ ودرر احلكام ملنال خسرو )132/1(، واجملموع للنووي )155/3(، وحاشيتا قليويب وعمرية )155/1(،<br />

وحتفة احملتاج،‏ البن حجر اهليتمي )493/1(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )436/1(، ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين )711/1(، وكشاف<br />

القناع،‏ للبهويت )597/1(، والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )119/2(.


؛ألنه قادر على حتصيل هذا الشرط من غري تعذر فوجب عليه حتصيله وإن مل يقدر أجزأته صالته )1709( ،<br />

و<strong>يف</strong> وجه للحنابلة أنه ال جيب أن يدور كاملتنفل.‏ )1710(<br />

وتصح الصالة قاعداً‏ بركوع وسجود لعجزه عن القيام<br />

لكوهنا جارية وال يستطيع اخلروج منها ولو قام<br />

رأسه،‏ وهذا ‏َبتفاق الفقهاء )1711( ، فأركان الصالة تسقط للعجز عنها والسقوط بقدر الضرورة.‏ )1712(<br />

)1713(<br />

وإذا كان قادراً‏ على القعود بركوع وسجود فصلى ‏َبإلمياء فال جيزئه ‏َبالتفاق.‏<br />

لدار<br />

وإذا كان قادراً‏ على القيام أو اخلروج للشط فصلى قاعداً‏ بركوع وسجود فعند اجلمهور وصاحبا أيب حن<strong>يف</strong>ة<br />

أنه ال جيزئه ذلك.‏<br />

وعند أيب حن<strong>يف</strong>ة أنه جيزئه ذلك استحساانً.‏ )1714(<br />

واستدل أبو حن<strong>يف</strong>ة مبا أييت:‏<br />

-1<br />

-2<br />

حديث أنس السابق.‏<br />

‏)سُئل أبو<br />

بكر وعمر رضي هللا عنهما عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة فقاال:‏ إن كانت جارية<br />

فيصلي قاعداً‏ وإن كانت سارية يصلي قائماً‏ من غري فصل بني ما إذا قدر على القيام أو<br />

ال(.‏ )1715(<br />

وألن سري السفينة سبب لدروان الرأس غالباً‏ والسبب يقوم مقام املسبب إذا كان <strong>يف</strong><br />

الوقوف على املسبب حرج أو كان املسبب حبال يكون عدمه مع وجود السبب <strong>يف</strong> غاية<br />

الندرة فأحلقوا النادر ‏َبلعدم وههنا عدم دوران الرأس <strong>يف</strong> غاية الندرة فسقط اعتباره.‏ )1716(<br />

-3<br />

واستدل اجلمهور:‏<br />

-1 بقوله <br />

-2<br />

: ‏))فإن مل تستطع فقاعداً((‏ )1717( ، وهذا مستطيع للقيام.‏<br />

ومبا روي أنه ملا بعث جعفراً‏ إىل احلبشة أمره أن يصلي <strong>يف</strong> السفينة قائماً‏ إال أن خياف<br />

الغرق.‏ )1718(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ الفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندوس،‏ حتقيق الرتكي )119/2(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )184/1(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

أخرجه احلسن بن زايد <strong>يف</strong> كتابه إبسناده عن سويد بن غفلة،‏ ينظر:‏ بدائع الصنائع )184/1(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب تقصري الصالة،‏ ‏َبب إذا مل يطق قاعداً‏ صلى على جنب،‏ ص)‏‎87‎‏(،‏ رقم )1117(.<br />

)1709(<br />

)1710(<br />

)1711(<br />

)1712(<br />

)1713(<br />

)1714(<br />

)1715(<br />

)1716(<br />

)1717(


وألن القيام ركن <strong>يف</strong> الصالة فال يسقط إال بعذر ومل يوجد.‏ )1719(<br />

وأبنه القياس ووجهه أن السفينة <strong>يف</strong> حقه كالبيت حيث ال يصلي فيه ‏َبإلمياء تطوعاً‏ مع<br />

القدرة على الركوع والسجود فكما إذا ترك القيام <strong>يف</strong> البيت مع قدرته عليه ال جيزئه <strong>يف</strong> أداء<br />

الفرض فكذلك <strong>يف</strong> السفينة؛ ألن سقوط القيام <strong>يف</strong> املكتوبة للعجز أو للمشقة وقد زال ذلك<br />

)1720(<br />

بقدرته على القيام أو على اخلروج.‏<br />

-3<br />

-4<br />

والراجح قول اجلمهور لقوة أدلتهم واملوقوف ال يقوى على معارضة املرفوع؛ وألنه ركن أمكن القيام به فال<br />

تصح الصالة من دونه والقياس يقتضي ذلك،‏ وما روي عن أنس فمن أين هلم أنه صلى قاعداً‏ وهو قادر<br />

على القيام؟!‏<br />

وبناءً‏ على ما تقدم أفىت فقهاؤان املعاصرون جبواز الصالة على منت الطائرة؛ لعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب أداء<br />

الصالة إذا دخل وقتها وال فرق <strong>يف</strong> ذلك بني من كان <strong>يف</strong> الرب واجلو والبحر )1721(<br />

ومن – ‏-كما تقدم<br />

ادعى بطالن الصالة فيها فعليه بيان دليل البطالن ومدعي الصحة معه األصل؛ ألهنا صالة مل خيتل منها<br />

ركن وال شرط وال دليل على بطالهنا من كتاب وال سنة وال إمجاع وال كالم أحد من أصحاب املذاهب.‏<br />

فإذا حان وقت الصالة والطائرة مستمرة <strong>يف</strong> طرياهنا وخيشى فوات وقت الصالة قبل هبوطها <strong>يف</strong> أحد<br />

املطارات وكانت الصالة اليت أدركته <strong>يف</strong> اجلو ال ميكن مجعها مع ما بعدها كالعصر والفجر فيلزمه أن<br />

يصليها <strong>يف</strong> الطائرة قبل خروج وقتها وليس له أتخريها إىل ما بعد الوقت.‏<br />

فيؤديها بقدر استطاعته ركوعاً‏ وسجوداً‏ وقياماً‏ واستقباالً‏ للقبلة،‏ فإن استطاع أن يصلي قائماً‏ صلى قائماً‏<br />

وإن مل يستطع صلى قاعداً‏ ويكون مستقبل القبلة يدور معها حيث دارت ما أمكن،‏ لقوله تعاىل:‏ <br />

)1718(<br />

)1719(<br />

)1720(<br />

)1721(<br />

أخرجه الدراقطين )349/1(. وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع )163/2(: ‏)رواه البزار وفيه رجل مل يسم،‏ وبقية رجاله ثقات وإسناده<br />

متصل(‏ وقال <strong>يف</strong> تنقيح حتقيق أحاديث التعليق )318/1(: ‏)فيه مقال فقال أبو حام الرازي والدارقطين:‏ حسني بن علوان مرتوك،‏ وقال<br />

ابن معني:‏ كذاب وقال ابن عدي:‏ يضع احلديث(.‏<br />

-462/2(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )184/1(.<br />

ينظر:‏ املبسوط للسرخسي)‏‎110/1‎‏(.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع أمحد الدويش )119/8- وما بعدها(،‏ وجمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ مجع الطيار،‏ وأمحد بن ‏َبز<br />

وما بعدها(،‏ وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>،‏ حملمد بن صاحل العثيمني،‏ مجع فهد السلمان،‏ ص )380(، واملفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام<br />

املسافر،‏ البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي ، ص )45( وما بعدها.‏


: ‏))إذا أمرتكم أبمر فأتوا منه ماستطتعم((.‏ )1723( ، ولقوله<br />

، ولقوله )1722( <br />

<br />

<br />

<br />

للمريض:‏ ‏))صل قائماً‏ فإن مل تستطع فقاعداً‏ فإن مل تستطع فعلى جنب((.‏ )1724(<br />

أما إن علم أهنا ستهبط قبل خروج وقت الصالة بقدر يكفي ألدائها أو كانت مما جيمع مع غريه كالظهر<br />

مع العصر واملغرب مع العشاء وعلم أهنا ستهبط قبل خروج وقت الثانية بقدر يكفي ألدائها،‏ فاجلمهور<br />

على جواز أدائها <strong>يف</strong> الطائرة لوجوب األمر أبدائها بدخول وقتها حسب االستطاعة،‏ وصوبت اللجنة<br />

الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء ذلك واختار الشيخ ابن عثيمني أنه ينتظر حىت هتبط على األرض<br />

فيصلي ألنه أكمل وأم.‏ )1725(<br />

وهو معذور على أتخريها <strong>يف</strong> الوقت ألدائها أبركاهنا وشروطها لقدرته على ذلك بعد هبوط الطائرة فال<br />

يسقط عنه وهو األقرب ما مل خيش فوات الوقت فال جيزئه على الصحيح أن يصلي <strong>يف</strong> الطائرة على تلك<br />

احلال مع اتساع الوقت وإمكان الوصول قبل خروج الوقت.‏ إال إن كان قادراً‏ على أدائها على اإلكمال<br />

فيصح كما تقدم <strong>يف</strong> السفينة واألفضل التأخري إىل النزول ألنه أقرب للخشوع وآمن من طراين املفسد وأم<br />

وأكمل،‏ والسفر ‏َبلطائرة أو غريها ليس عذراً‏ لرتك اجلماعة <strong>يف</strong> الصالة لعموم األدلة <strong>يف</strong> وجوب ذلك<br />

لكن املسافر ‏َبلطائرة له أحوال:‏<br />

.<br />

األوىل:‏ أن يكون جبانبه<br />

– <strong>يف</strong> الكرسي –<br />

مسلم يريد الصالة فتجب اجلماعة <strong>يف</strong> حقهم ‏َبلصفة السابقة.‏<br />

الثانية:‏ أن يكون بينه وبني من يريد الصالة أماكن بعيدة فإن أمكنهم االجتماع لزمتهم اجلماعة و إال فال<br />

)1726(<br />

لكوهنم من أهل األعذار <strong>يف</strong> تركها.‏<br />

وهذا كله <strong>يف</strong> صالة الفريضة،‏ أما النافلة فيصلي إىل جهة سري الطائرة وجيوز أن يصليها قاعداً‏ مع قدرته<br />

على القيام واألفضل أن يصليها إىل القبلة إذا تيسر ذلك فإذا شق عليه صلى إىل جهة سريه؛ ألنه <br />

كان يصلي النافلة على راحلته حيث توجهت به.‏ )1727(<br />

)1722(<br />

)1723(<br />

سورة التغابن،‏ اآلية:‏<br />

.16<br />

)1724(<br />

)1725(<br />

)1726(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب االعتصام،‏ ‏َبب االقتداء بسنن رسول هللا ، ص )607( ، رقم )7288(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج،‏<br />

‏َبب فرض احلج مرة <strong>يف</strong> العمر،‏ ص )901(، رقم )1337(.<br />

تقدم ترجيه ص<br />

.460<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة )119/8(، وفتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن عثيمني )380(، واملفيد،‏ البن جربين )45(.<br />

ينظر:‏ اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة،‏ للشنقيطي،‏ تعليق الطيار،‏ ص )41( ، بتصرف.‏


أن النيب كان يستقبل<br />

ويشر ع له أن يستقبل القبلة عند اإلحرام هبا؛ ألنه ورد <strong>يف</strong> حديث أنس )1728(<br />

القبلة عند إحرامه ‏َبلنافلة إذا كان <strong>يف</strong> السفر.‏ )1729(<br />

)1727(<br />

)1728(<br />

)1729(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الوتر،‏ ‏َبب الوتر <strong>يف</strong> السفر،‏ ص)‏‎78‎‏(،‏ رقم )1000(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب صالة املسافر،‏ ‏َبب جواز صالة<br />

النافلة على الدابة <strong>يف</strong> السفر،‏ ص )787(، رقم )700(.<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ ‏َبب استقبال القبلة ‏َبلناقة عند اإلحرام )5/2(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏


املطلب احلادي عشر<br />

نكاح الكتابيات وإجراء العقد <strong>يف</strong> الكنائس


املطلب احلادي عشر:‏ نكاح الكتابيات وإجراء العقد <strong>يف</strong> الكنائس.‏<br />

املسألة األوىل:‏ املراد ابلكتابيات.‏<br />

الكتابيات نسبة إىل أهل الكتاب وهو مصطلح أطلق <strong>يف</strong> الكتاب والسنة على اليهود والنصارى بفرقهم املختلفة؛ ألهنم<br />

)1730(<br />

، <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أهل التوراة واإلجنيل كما قال تعاىل:‏ <br />

فأهل التوراة اليهود و السامرة،‏ وأهل اإلجنيل النصارى ومن وافقهم <strong>يف</strong> أصل دينهم من اإلفرنج واألرمن وغريهم.‏<br />

وهذا هو قول اجلمهور.‏ )1731(<br />

وتوسع االحناف <strong>يف</strong> ذلك فقالوا:‏ أهل الكتاب هم كل من يؤمن بنيب ويقر بكتاب ويشمل اليهود والنصارى ومن آمن<br />

)1732(<br />

بزبور داود وصحف إبراهيم وشيث وذكره القاضي وجهاً‏ للحنابلة.‏<br />

)1733(<br />

؛ألهنم متسكوا بكتاب من كتب هللا عز وجل فأشبهوا اليهود والنصارى.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله سبحانه:‏ <br />

)1734( ، عام <strong>يف</strong> كل كتاب.‏<br />

والصواب قول اجلمهور؛ لاية السابقة؛ وألن تلك الكتبكانت مواعظ وأمثال ال أحكام فيها فلم يثبت هلا حكم<br />

الكتب املشتملة على األحكام،‏ وأما اآلية اليت ذكروها فعرف القرآن من أوله إىل آخره <strong>يف</strong> الذين أوتوا الكتاب أهنم أهل<br />

الكتابني خاصة وعليه إمجاع املفسرين والفقهاء.‏ )1735(<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> الصابئة:‏<br />

فذهب أبو حن<strong>يف</strong>ة إىل أهنم من أهل الكتاب.‏<br />

وهو رواية عن أمحد وأحد الوجهني عند الشافعية.‏ )1736(<br />

)1730(<br />

)1731(<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

. 156<br />

)1732(<br />

)1733(<br />

)1734(<br />

)1735(<br />

)1736(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )427/2(، واجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )78/3(، وشرح خمتصر خليل،‏ للخرشي<br />

)227/3(، واألم،‏ للشافعي ‏)خمتصر املزين(‏ ص )169(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )135/7(، واملغين،‏ البن قدامة )546/9(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )134/4(، واملغين البن قدامة )547/9(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(، والفروع،‏ البن<br />

مفلح،‏ مع تصحيح املرداوي،‏ وحاشية ابن قندس )253/8(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وروضة الطالبني،‏ للنووي )135/7(.<br />

سورة املائدة،اآلية:‏<br />

. 5<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )428/2(، وتكملة اجملموع،‏ للنووي،‏ للمطيعي )231/17(.<br />

وقال الكاساين:‏ ‏"قيل : ليس هذا ‏َبختالف <strong>يف</strong> احلقيقة،‏ وإمنا االختالف الشتباه مذهبهم،‏ فعند أيب حن<strong>يف</strong>ة هم قوم يؤمنون بكتاب فإهنم<br />

يقرءون الزبور وال يعبدون الكواكب ولكن يعظموهنا كتعظيم املسلمني الكعبة <strong>يف</strong> االستقبال إليها إال أهنم خيالفون غريهم من أهل الكتاب


والصحيح فيهم أهنم إن وافقوا اليهود والنصارى <strong>يف</strong> أصل دينهم فهم منهم وإن خالفوهم <strong>يف</strong> الفروع أما إن خالفوهم <strong>يف</strong><br />

أصل الدين فليسوا منهم وهو مذهب الشافعي واختاره ابن قدامة )1737( ، وأما اجملوس فعامة الفقهاء على أهنم ليسوا من<br />

أهل الكتاب وإن كانوا يعاملون معاملتهم <strong>يف</strong> قبول اجلزية فقط.‏<br />

ومل خيالف <strong>يف</strong> ذلك إال أَب ثور فاعتربهم من أهل الكتاب )1738 ؛(‏<br />

لقوله <br />

: ‏))سنوا هبم سنة أهل الكتاب((‏<br />

)1740(<br />

وألنه يروى عن حذ<strong>يف</strong>ة أنه تزوج جموسية؛ وألهنم يقرون ‏َبجلزية فأشبهوا اليهود والنصارى.‏<br />

)1739 ؛(‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واستدل اجلمهور على أهنم ليسوا من أهل الكتاب بقوله سبحانه:‏ <br />

)1742( ، ومل<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1741( ، وقوله:‏ <br />

من عداهم على العموم ومل يثبت أن للمجوس كتاَبً‏ ولو كان<br />

الكتابني ‏)التوراة واإلجنيل(‏ لاية السابقة،‏ وقوله <br />

هلم<br />

خيص من ذلك إال أهل الكتاب فيبقى<br />

كتاب فإن احلكم ال يثبت لغري أهل<br />

: ‏))سنوا هبم سنة أهل الكتاب((‏ دليل على أنه ال<br />

كتاب هلم وأهنم غريهم ولو كانوا منهم ملا توقف عمر <strong>يف</strong> أخذ اجلزية منهم حىت روي له هذا احلديث وهذا<br />

كله على فرض صحة احلديث،‏ والصحيح ضعفه فال حجة،‏ ومل يثبت أن حذ<strong>يف</strong>ة تزوج جموسية وقد ‏َضعَّ‏ ‏َف<br />

أمحد ذلك،‏ وجاءت الرواايت متعارضة فقد نقل أهنا يهودية ونقل أهنا نصرانية ومع التعارض ال يثبت حكم<br />

أحدها دون مرجح،‏ مث إنه لو ثبت ذلك عن حذ<strong>يف</strong>ة فإنه ال حجة فيه ملخالفته الكتاب وقول سائر<br />

العلماء.‏<br />

أما إقرارهم<br />

ونسائهم.‏ )1743(<br />

‏َبجلزية فألننا ‏َغلَّبْنَا حكم التحرمي لدمائهم فيجب أن يغلب حكم التحرمي <strong>يف</strong> ذَبئحهم<br />

)1737(<br />

)1738(<br />

<strong>يف</strong> بعض دايانهتم وذا ال مينع املناكحة كاليهود مع النصارى،‏ وعند أيب يوسف وحممد أهنم قوم يعبدون الكواكب،‏ وعابد الكواكب كعابد<br />

الوثن فال جيوز للمسلمني مناكحاهتم"‏ ا.ه ،<br />

و ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )546/9(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )546/9(، وأبو ثور هو : إبراهيم بن خالد الكليب البغدادي الفقيه مفيت العراق أبوعبدهللا<br />

ولد عام ‎170‎ومسع من سفيان بن عيينه ووكيع وحدث عنه أبوداود وابن ماجه ، قال أمحد : أعرفه ‏َبلسُنة منذ مخسني<br />

سنة ، وقال ابن حبان : كان أحد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضالً‏ ، كان يقول ‏َبلرأي مث رجع عنه للحديث بعد<br />

قدوم الشافعي واختالفه عليه كما قال اخلطيب ، تو<strong>يف</strong> <strong>يف</strong><br />

240<br />

)1739(<br />

)1740(<br />

)1741(<br />

)1742(<br />

)1743(<br />

ه ينظر:‏ سري أعالم النبالء )72-12( .<br />

أخرجه مالك <strong>يف</strong> املوطأ،‏ كتاب الزكاة،‏ ‏َبب جزية أهل الكتاب واجملوس،‏ حتقيق حممد فؤاد عبد الباقي )233/1(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )428/2(، واجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )77/3(، وعقد اجلواهر،‏ البن شاس )54/2(،<br />

وروضة الطالبني،‏ للنووي )135/7(، واملغين،‏ البن قدامة )546/9(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏<br />

. 221<br />

. 10<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )548-547/9(، وتكملة اجملموع للنووي،‏<br />

للمطيعي )229/17(.


املسألة الثانية:‏ حكم نكاح الكتابيات.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أمجع الفقهاء على حترمي نكاح غري الكتابيات )1744( ، لقوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1745(<br />

<br />

، وحترمي نكاح املسلمة بغري املسلم لقوله سبحانه<br />

. )1747( <br />

<br />

<br />

، وقوله:‏ )1746( <br />

<br />

)1748(<br />

واتفق األئمة األربعة ومجاهري األمة على حل نكاح املسلم للكتابية احلرة.‏<br />

ونقل عن ابن عمر واهلادي من الزيدية واإلمامية من الشيعة القول بتحرميها.‏ )1749(<br />

األدلة:‏<br />

استدل اجملوزون:‏ ‏َبلكتاب والسنة وإمجاع الصحابة.‏<br />

أوالً:‏ الكتاب.‏<br />

)1750(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهو قوله تعاىل:‏ <br />

فقد<br />

عطف هللا احملصنات<br />

<strong>يف</strong> اآلية على الطيبات املصرح حبلها <strong>يف</strong> صدر اآلية،‏ واحملصنات معناها احلرائر أو العف<strong>يف</strong>ات فتكون اآلية<br />

دليالً‏ على حل احلرائر أو العف<strong>يف</strong>ات من أهل الكتاب؛ ألن قضية العطف التشريك <strong>يف</strong> احلكم،‏ وهذه اآلية<br />

<br />

<br />

<br />

حمكمة ليس مبنسوخ حكمها على القول بعدم تناول آية البقرة –<br />

وهي قوله تعاىل:‏<br />

)1751( - للكتابيات إذ تكون كل من اآليتني جار على أفراده،‏ وعليه فال نسخ وال<br />

<br />

<br />

)1744(<br />

)1745(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )427/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، واجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب<br />

)76/3(، والكا<strong>يف</strong>،‏ البن عبد الرب )543/2(، وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )81/3(، وروضة الطالبني،‏ للنووي)‏‎135/7‎‏(.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 221<br />

)1746(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 221<br />

)1747(<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏<br />

. 10<br />

)1748(<br />

)1749(<br />

)1750(<br />

السابقة.‏<br />

ينظر:‏ تكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، واملغين،‏ البن قدامة )547/9(، واإلفصاح،‏ البن هبرية ‏)‏‎116/2‎‏(،واملصادر<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )126/4(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، واملغين،‏ البن قدامة )547/9(، وأحكام<br />

أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

.<br />

5<br />

)1751(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 221


تصيص،‏ وعلى أن آية البقرة متناولة للكتابيات تكون هذه اآلية خمصصة للعموم أو انسخة على اخلالف<br />

املعروف <strong>يف</strong> علم األصول.‏ )1752(<br />

والصحيح أن املراد ‏َبحملصنات <strong>يف</strong> اآلية العفائف لوجوه:‏<br />

أحدها:‏ أن احلرية ليست شرطاً‏ <strong>يف</strong> نكاح املسلمة.‏<br />

<br />

الثاين:‏ أنه ذكر اإلحصان <strong>يف</strong> جانب الرجل كما ذكره <strong>يف</strong> جانب املرأة فقال:‏ <br />

وال شك أن هذا إحصان عفة فكذلك اإلحصان املذكور <strong>يف</strong> جانب املرأة.‏<br />

<br />

<br />

الثالث:‏ أنه سبحانه ذكر الطيبات من املطاعم والطيبات من املناكح فقال سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

والزانية خبيثة بنص القرآن،‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل حرم على عباده اخلبائث )1753( ، وشنع على نكاح الزانية <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

. )1754(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد بني ابن القيم رمحه هللا بطالن القول إبَبحة تزوج الزواين من أكثر من عشرين وجهاً.‏ )1755(<br />

الرابع:‏ ‏"حىت ال جيتمع فيها أن تكون ذمية وهي مع ذلك غري عف<strong>يف</strong>ة ف<strong>يف</strong>سد حاهلا ‏َبلكلية ويتحصل<br />

زوجها على ما قيل <strong>يف</strong> املثل:‏ ‏)حشفاً‏ وسوء كيلة(‏ ". )1756(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

اخلامس:‏ أنه الظاهر من اآلية؛ ألنه قال <strong>يف</strong> اآلية األخرى:‏ <br />

)1758()1757(<br />

<br />

)1752(<br />

)1753(<br />

)1754(<br />

)1755(<br />

)1756(<br />

)1757(<br />

)1758(<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )324/2(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )426/2(، وحاشية ابن عابدين )128/4(، وبداية<br />

اجملتهد،‏ البن رشد )81/3(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، واملغين،‏ البن قدامة )547/9(، وأحكام أهل الذمة،‏<br />

البن القيم )795/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض )306/6(.<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )794/2(.<br />

سورة النور،‏ اآلية:‏<br />

. 3<br />

كما ذكر ذلك <strong>يف</strong> املصدر السابق،‏ وقد ذكرها <strong>يف</strong> إغاثة اللهفان )67-65/1( وزاد املعاد )115-114/5(.<br />

تفسري ابن كثري )28/2(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

.25


اثنياً:‏ السنة،‏ وهي:‏<br />

ما رواه جابر بن عبد هللا عن رسول هللا <br />

أنه قال:‏ ‏))نتزوج نساء أهل الكتاب وال يتزوجون<br />

نساءان((.‏ )1759(<br />

وعن عمر بن اخلطاب قال:‏ ‏))املسلم يتزوج النصرانية،‏ وال يتزوج النصراين املسلمة((.‏ )1760(<br />

فدل ما تقدم على حل الكتابي ة للمس لم،‏ وأي ده فع ل بع ض الص حابة،‏ فق د تزوج وا بكتابي ات ومل ينك ر<br />

)1761(<br />

بعضهم على بعض ، كما روي عن عمر وعثمان وغريمها من الصحابة القول إبَبحتهن.‏<br />

اثلثاً:‏ إمجاع الصحابة.‏ )1762(<br />

اثنياً:‏<br />

أما الكتاب:‏<br />

استدل احملرمون ‏َبلكتاب،‏ واألثر،‏ و املعقول:‏<br />

)1763( ، وج ه الدالل ة أن هللا تع اىل ح رم<br />

<br />

<br />

<br />

ف أوالً:‏ قول ه تع اىل:‏ <br />

املش ركات ‏َبلنه ي ال وارد <strong>يف</strong> اآلي ة،‏ والكتابي ة مش ركة فيح رم نكاحه ا،‏ وتش هد اللغ ة والكت اب والس نة<br />

بشرك الكتابية.‏<br />

)1759(<br />

)1760(<br />

أخرجه ابن جرير )378/2(، وقال:‏ ‏)هذا اخلرب وإن كان <strong>يف</strong> إسناده ما فيه فالقول به إلمجاع اجلميع على صحة القول به أوىل(،‏<br />

والسيوطي <strong>يف</strong> الدر املنثور )198/5(، وابن كثري )319/1(.<br />

أخرجه ابن جرير )378/2(، وعبد الرزاق <strong>يف</strong> مصنفه،َبب نكاح نساء أهل الكتاب )78/6(، رقم 10085، والسيوطي <strong>يف</strong> الدر<br />

املنثور )198/5(.<br />

)1761(<br />

رواه اخلالل إبسناده،‏ كما <strong>يف</strong> املغين )545/9(، وأخرجه عبد الرزاق <strong>يف</strong> كتاب النكاح وكتاب أهل الكتاب،‏ ‏َبب نكاح نساء أهل<br />

الكتاب )78/6(، )10058(، وابن أيب شيبة <strong>يف</strong> ‏َبب من رخص <strong>يف</strong> نكاح نساء أهل الكتاب )475/3(، ‏َبب )39(، والبيهقي <strong>يف</strong><br />

‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> حترمي حالئل أهل الشرك )170/7(، وقال ابن املنذر:‏ ‏)ال يصح عن أحد من األوائل أنه حرم ذلك(،‏ و ينظر:‏ تكملة<br />

اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، وقد نكح عثمان نصرانية،‏ ونكح حذ<strong>يف</strong>ة يهودية،‏ وسئل جابر عن نكاحهن فقال:‏ تزوجناهن<br />

‏َبلكوفة عام الفتح فلما انصرفنا طلقناهن نساؤهم حل لنا ونساؤان حيرمن عليهم،‏ املصدر السابق،‏ وروي أن حذ<strong>يف</strong>ة بن اليمان وطلحة<br />

بن اجلارود بن املعلى وأذينة العبدي تزوجوا نساء من أهل الكتاب و ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )324/2(، وحاشية ابن<br />

عابدين )126/4(، واملغين،‏ البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي<br />

.)229/17(<br />

‏)‏‎1762‎‏(نقله ابن املنذر وابن قدامة ، كما <strong>يف</strong> املصادر السابقة.‏


أم ا اللغ ة فك ون الش رك معن اه اإلش راك ب ني ش يئني،‏ وم ن جعل ت عيس ى أو عزي راً‏ ابن اً‏ هلل فق د أش ركت<br />

مع ه غ ريه <strong>يف</strong> العبودي ة،‏ وأم ا الكت اب فق د نط ق بش ركها <strong>يف</strong> قول ه تع اىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

، ونس ب إل يهم الق ول ‏َبالبني ة هلل،‏ وه و ع ني الش رك ق ال تع اىل:‏ <br />

)1764( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1765( ، وك ذلك الس نة الص حيحة<br />

وص فتهم ‏َبلش رك،‏ فق د روي ع ن اب ن عم ر أن ه ك ان إذا س ئل ع ن نك اح الرج ل النص رانية أو اليهودي ة<br />

ق ال:‏ ح رم هللا املش ركات عل ى امل ؤمنني،‏ وال أعل م ش يئاً‏ م ن اإلش راك أعظ م م ن أن تق ول امل رأة:‏ رهب ا<br />

عيسى،‏ وهو عبد من عباد هللا.‏ )1766( ، فصرح احلديث بشركهم،‏ ونطق بعل ة تس ميتهم،‏ وكي ف ال تك ون<br />

الكتابي ة مش ركة وق د ت وفرت فيه ا عل ة النه ي املقتض ية للتح رمي وحتق ق فيه ا الوص ف ال ذي نعت ت ب ه<br />

املشركات<br />

)1767(<br />

<strong>يف</strong> قوله تعاىل:‏<br />

)1768(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واستدلوا اثنياً‏ من الكت اب بقول ه تع اىل:‏<br />

، )1769(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وج ه الدالل ة:‏ أن<br />

ه ذا هن ي ع ن إبق اء الك افرة <strong>يف</strong> عص مة املس لم،‏ فاقتض ى النه ي ع ن ابت داء نكاحه ا والكتابي ة داخل ة <strong>يف</strong><br />

مسمى الكوافر.‏ )1770(<br />

واستدلوا اثلثاً‏ ‏َبألثر:‏<br />

وه و م ا روي أن عم ر ب ن اخلط اب رض ي هللا عن ه ف َ ‏َّر ‏َق ب ني م ن تزوج وا بكتابي ات وأزواجه ن،‏ وح ني<br />

نك ح طلح ة يهودي ة،‏ وحذ<strong>يف</strong> ة ب ن اليم ان نص رانية غض ب غض باً‏ ش ديداً‏ فق الوا:‏ نطل ق اي أم ري امل ؤمنني<br />

)1771(<br />

فال تغضب فقال:‏ ‏"إن حَلَّ‏ طالقهن فقد ‏َحلَّ‏ نكاحهن،‏ ولكن أنتزعهن منكم".‏<br />

)1763(<br />

)1764(<br />

)1765(<br />

)1766(<br />

)1767(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة يونس،‏ اآلية:‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

. 221<br />

. 18<br />

. 30<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الطالق،‏ ‏َبب قوله تعاىل ‏)وال تنكحوا املشركات حىت يؤمن(،‏ ص )456(، رقم<br />

.)5285(<br />

)1768(<br />

)1769(<br />

)1770(<br />

)1771(<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )324/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، واملغين،‏ البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل<br />

الذمة،‏ البن القيم )795/2(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏<br />

املصادر السابقة.‏<br />

. 221<br />

.<br />

10<br />

أخرجه ابن جرير )377/2(، والطرباين <strong>يف</strong> الكبري )248/12(، وقال ابن كثري )319/1(: ‏)حديث غريب جداً‏ وهذا األثر غريب<br />

عن عمر(‏ ، وقال ابن جرير بعد حكايته اإلمجاع على إَبحة تزويج الكتابيات ‏)وإمنا كره عمر ذلك لئال يزهد الناس <strong>يف</strong> املسلمات(.‏


فدل هذا على عدم جو از نكاح الكتابيات للمس لمني؛ ألن ه ل و ك ان نك احهن ح الالً‏ ج ائزاً‏ مل ا غض ب<br />

عمر،‏ وألنكر عليه الصحابة،‏ ولصح طالقهن،‏ فتفريقه وعدم إجازته الطالق دليل على احلرمة.‏ )1772(<br />

واستدلوا ‏َبملعقول من وجهني:‏<br />

<br />

<br />

<br />

أوهلم ا:‏ أن الكتابي ة ام رأة تع ارض دلي ل حله ا،‏ وه و قول ه تع اىل:‏ <br />

)1774( ، و<strong>يف</strong><br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1773( ، م ع دلي ل حترميه ا،‏ وه و قول ه تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

مثل هذا يلزم الرجوع إىل األصل،‏ وهو التحرمي؛ ألن األبض اع مم ا يل زم االحتي اط فيه ا فيح رم نك اح الكتابي ة<br />

لذلك.‏<br />

اثنيهما:‏ أن الكتابية متمسكة بكتاب دار أمر القول فيه بني حالني مها التغيري أو النس خ،‏ واملغ ري ت زول عن ه<br />

صفة الكتاب واملنسوخ ترتفع أحكامه،‏ وحينئذ يكون ال فرق بينه وبني ما مل يكن،‏ وعليه تكون الكتابية <strong>يف</strong><br />

حك م م ن ال كت اب هل ا،‏ وم ن ه ذا ش أهنا ال حي ل نكاحه ا لتحق ق ال نقص الف احش فيه ا فس اوت عاب دة<br />

الوثن.‏ )1775(<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

نوقشت أدلة القول األول مبا أييت:‏<br />

-1<br />

عدم التسليم بتفس ري احملص نات ‏َبحلرائ ر أو العف<strong>يف</strong> ات،‏ وتفس ريها ‏َبملس لمات؛ ألن امل راد هب ن ال اليت ك ن<br />

<br />

كتابيات فأسلمن.‏ اس تناداً‏ إىل قول ه تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقوله:‏ )1776( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وإىل أن الص حابة قب ل ن زول آي ة املائ دة ك انوا يتحرج ون ع ن ال زواج ‏َبلكتابي ات<br />

)1777( <br />

<br />

<br />

الاليت أسلمن فأنزل هللا هذه اآلية بياانً‏ حللهن.‏ )1778(<br />

وأجيب عن ذلك:‏<br />

)1772(<br />

)1773(<br />

)1774(<br />

)1775(<br />

)1776(<br />

)1777(<br />

)1778(<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها.‏<br />

سورة املائدة،اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 5<br />

. 221<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين ‎126-4‎و أحكام القرآن،‏ للجصاص )324/2(.<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

. 114-113<br />

. 199


أبن تفسري احملصنات ‏َبملسلمات غري صحيح من وجوه متعددة:‏<br />

<br />

الوج ه األول:‏ أن هللا تع اىل ق د ذك ر املؤمن ات <strong>يف</strong> قول ه:‏ <br />

قبله ا<br />

ف انتظم <strong>يف</strong> ه ذا س ائر املؤمن ات مم ن ك ن كتابي ات أو مش ركات فأس لمن وم ن نش أن عل ى دي ن<br />

اإلس الم،‏ ف إذا عط ف بع د ذل ك احملص نات م ن ال ذين أوت وا الكت اب مل يك ن م ن اجل ائز أن ي راد<br />

‏َبجلمل ة املعطوف ة م ا أفادت ه اجلمل ة قبله ا إذ املؤمن ات ال اليت ك ن كتابي ات إن ك ن ق د انقرض ن ف ال<br />

فائدة؛ ألنه ال يتصور اخلطاب حبل األموات للمخاطبني األحي اء،‏ وإن ك ن أحي اء،‏ ودخل ن <strong>يف</strong> دي ن<br />

اإلس الم فاحل ل معل وم م ن اجلمل ة قبله ا،‏ وال حاج ة إىل التك رار وال إىل خل و الك الم ع ن الفائ دة؛<br />

ألنه عبث عليه تعاىل حمال.‏<br />

الوج ه الث اين:‏ أن <strong>يف</strong> الق ول هب ذا التأوي ل ال ذي ذه ب إلي ه اب ن عم ر ص رف اللف ظ ع ن ظ اهره ب ال<br />

مقتض،‏ وهو غري جائز.‏<br />

الوجه الثالث:‏ أن تفسري احملصنات ‏َبملس لمات تفس ري إرادة ال لغ ة أم ا تفس ريها ‏َبلعف<strong>يف</strong> ات فتفس ري<br />

لغ ة؛ ألن اإلحص ان <strong>يف</strong> اللغ ة عب ارة ع ن املن ع،‏ ومع ىن املن ع حيص ل ‏َبلعف ة والص الح كم ا حيص ل<br />

‏َبحلري ة واإلس الم،‏ والنك اح إذا الك ل م انع<br />

للم رأة ع ن ارتك اب الفاحش ة،‏ فيتن اوهلن عم وم<br />

احملص نات،‏ ومم ا ي رجح تفس ريها ‏َبلعف<strong>يف</strong> ات ورود اإلحص ان مبع ىن العف ة <strong>يف</strong> ك الم هللا تع اىل:‏<br />

<br />

.<br />

<br />

<br />

الوجه الرابع:‏ عدم قول أحد من أهل العلم أبن املراد م ن قول ه تع اىل:‏ <br />

<br />

طعام م ن ك انوا أه ل كت اب فأس لموا م رجح لع دم تفس ري احملص نات م ن الل ذين أوت وا الكت اب ‏"مب ن<br />

ك ن أه ل كت اب فأس لمن"‏ وكي ف ي راد ذل ك وقول ه:‏ واحملص نات م ن ال ذين أوت وا الكت اب تفي د<br />

حصول الوصف <strong>يف</strong> حال اإلَبحة وهو منفي على تلك اإلرداة.‏<br />

<br />

<br />

<br />

أم ا أتيي د امل دعي دع واه مب ا ورد <strong>يف</strong> اآليتني:‏ <br />

اآلية فال <strong>يف</strong>يده؛ ألن تقييدمها ‏َبإلميان دليل على أنه مل يرد هبم أهل الكت اب عن د اإلط الق ب ل أراد<br />

هب م طائف ة معين ة م نهم ، ذل ك ألن لف ظ أه ل الكت اب إذا أطل ق م ن غ ري تقيي د انص رف إل يهم م ن<br />

غ ري إرادة م ن أس لم م نهم،‏ ف إن أري د ن وع آخ ر ج اء اللف ظ مقي داً‏ دون إط الق كم ا <strong>يف</strong> اآليت ني<br />

املذكورتني،‏ وعليه فذكر آية املائدة مطلق ة ال مقي دة ي دل عل ى أن امل راد أبه ل الكت اب فيه ا حقيق ة<br />

اللفظ عند اإلطالق.‏ )1779(<br />

)1779(<br />

ينظر:حاشية ابن عابدين<br />

126، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، واملغين،‏ البن قدامة )545/9(، وأحكام<br />

-4<br />

أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.


كما نوقش هذا الدليل:‏<br />

أبن آي ة املائ دة منس وخة آبي ة البق رة فجعل وا ال يت <strong>يف</strong> البق رة ه ي الناس خة وال يت <strong>يف</strong> املائ دة ه ي<br />

املنسوخة يعين فحرموا نكاح كل مشركة كتابية أو<br />

وأجيب عن ذلك:‏<br />

غريكتابية.‏ )1780(<br />

مبنع نسخ آية املائدة آبية البقرة،‏ ألن البقرة من أول ما نزل ‏َبملدينة،‏ واملائ دة م ن آخ ر م ا ن زل هب ا،‏<br />

واملت أخر ينس خ املتق دم،‏ وعل ى تس ليم ك ون آي ة املائ دة منس وخة ال ي تم ال دليل إال إذا كان ت آي ة<br />

البقرة الناس خة عام ة <strong>يف</strong> الوثني ات والكتابي ات،‏ وليس ت ك ذلك ل ورود العط ف املقتض ي للمغ ايرة <strong>يف</strong><br />

، )1781( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

غ ري آي ة م ن الق رآن مث ل <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله:‏ <br />

)1782( ، وحىت على القول ‏َبلعم وم<br />

-3<br />

تكون آي ة املائ دة خمصص ة آلي ة البق رة أو انس خة ، والعك س ممتن ع،‏ مث ال يعك ر ذل ك عل ى ال دليل؛<br />

ألنه ما مل يكن سبيل إىل التوفيق بني تلك اآليتني إال بذلك وجب املصري إليه.‏ )1783(<br />

أن الرواي ة ع ن عم ر مض طربة،‏ فف ي بعض ها الق ول ‏َبحل ل،‏ و<strong>يف</strong> أخ رى تفريق ه ب ني م ن ت زوج<br />

بكتابيات وب ني أزواجه ن،‏ وم ع االض طراب ال يؤخ ذ بقول ه،‏ وميك ن أتوي ل احل ديث األول أبن ذل ك<br />

كان <strong>يف</strong> زمن قلة النساء املؤمنات <strong>يف</strong> ابتداء <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

وأجيب:‏<br />

أبن الرواية الصحيحة عن عمر هي الناطقة حبل ت زويج املس لم للنص رانية،‏ وه ي ن ص،‏ ف ال يعارض ها<br />

غريه ا،‏ وال دليل عل ى ذل ك أن بعض اً‏ م ن الص حابة أق دموا عل ى الت زوج بكتابي ات م نهم طلح ة<br />

وكع ب ب ن مال ك وعثم ان ب ن عف ان،‏ وك ذا خط ب املغ رية ب ن ش عبة هن د بن ت النعم ان ب ن املن ذر ،<br />

وكان ت تنص رت،‏ وثب ت ع ن الص حابة طالقه م للكتابي ات وه و دلي ل عل ى ح ل نك احهن،‏ والق ول<br />

أبن م ا ورد ع ن الص حابة حمم ول عل ى زم ن قل ة النس اء املؤمن ات ال يس تند إىل دلي ل وإمن ا يعتم د<br />

علي ه ل و مل يك ن كت اب أو س نة واردي ن ‏َبحل ل،‏ وغاي ة م ا <strong>يف</strong>ي د ه ذا احل ل ه و كراهي ة الكتابي ات ال<br />

املصادر السابقة.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة البينة،‏ اآلية:‏<br />

املصادر السابقة.‏<br />

. 105<br />

.<br />

1<br />

)1780(<br />

)1781(<br />

)1782(<br />

)1783(


حرمتهن على املسلمني،‏ وقد قال ‏َبحلل مع الكراهة،‏ وأبنه خالف األوىل املالكي ة واحلنفي ة،‏ وعلل وا<br />

الكراهة أبن الكتابية تشرب اخلمر،‏ وأتكل اخلنزير،‏ فال تؤمن على تربية أوالدها.‏ )1784(<br />

ونوقشت أدلة القول الثاين:‏<br />

أبن اآلية األوىل متنع كون الكتابية مشركة من وجوه:‏<br />

أوهل ا:‏ أن يُصْ‏ رَف م ا ورد م ن وص فهم ‏َبلش رك إىل غ ري احلقيق ة أب ن يق ال أطل ق لف ظ الش رك علي ه<br />

‏َبعتبار فعلهم كما صح أن يطلق على املرائي بفعله.‏<br />

أما الوجه الثاين:‏ أن يوج ه ال وارد أبن اليه ود والنص ارى ملَّا ابت دعوا الش رك م ن عن دهم م ع أن ه ل يس<br />

م ن أص ل دي نهم ش رك<br />

–<br />

إذا األص ل في ه اتب اع الكت ب املنزل ة ال يت وردت ‏َبلتوحي د<br />

ص ح إط الق –<br />

اس م الش رك عل يهم،‏ وك ون العل ة امل ذكورة <strong>يف</strong> عج ز اآلي ة احملرم ة للمش ركات متحقق ة <strong>يف</strong> الكتابي ة ال<br />

جتعلهم ا متح دتني <strong>يف</strong> احلقيق ة،‏ ف الفرق بينهم ا فيه ا مق رر مع روف فض الً‏ عم ا <strong>يف</strong> املش ركة م ن<br />

االش تهار ‏َبلع داوة الديني ة والتظ اهر ‏َبملخالف ة،‏ وليس ت الكتابي ة ك ذلك،‏ ألهن ا رض يت ‏َبلقه ر<br />

والغلبة على أمرها،‏ ودفعت اجلزية نظري أماهنا.‏<br />

<br />

<br />

ول و جرين ا عل ى الق ول القائ ل يك ون قول ه تع اىل:‏ <br />

عل ة لقول ه:‏<br />

خلرج ت<br />

العل ة امل ذكورة ع ن داللته ا إذ تك ون عل ة لألفض لية واخلريي ة<br />

<br />

)1785(<br />

ال للتحرمي،‏ وعليه فال اشرتاك بني املشركة والكتابية <strong>يف</strong> العلة،‏ فال حترم الكتابية.‏<br />

وقد فرق هللا تعاىل بني املشركني وأهل الكتاب <strong>يف</strong> مواضع من كتابه،‏ كما سبق،‏ فلفظ املشركني ال يطلق<br />

على أهل الكتاب،‏ وإمنا على غريهم من اجملوس والوثنيني،‏ وقد أطلق <strong>يف</strong> القرآن على الوثنيني من العرب<br />

خاصة وخص اليهود والنصارى أبهل الكت اب ليق ع التم ايز بي نهم وال يع ين ه ذا أن أه ل الكت اب ليس وا<br />

مشركني؛ ألن القرآن صرح ببيان ذلك حيث عبدوا املسيح واألحبار والرهبان وقالوا:‏ إن هللا اثلث ثالثة<br />

وإن املسيح ابن هللا تعاىل هللا عن ذلك.‏<br />

الوجه الثالث:‏ أن لف ظ املش ركني عل ى ف رض تناول ه أله ل الكت اب تك ون آي ة البق رة عام ة <strong>يف</strong> النه ي ع ن<br />

نكاح املشركات سواء ك ن وثني ات أو كتابي ات،‏ وآي ة املائ دة خاص ة <strong>يف</strong> ح ل الكتابي ات واخل اص يقض ى<br />

به على العام.‏ )1786(<br />

وأما ما نقل عن ابن عمر فقد انفرد به عن سائر الصحابة فال يعتد به . )1787(<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها،‏ املدونة )220-219/2(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )126/4( وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.<br />

)1784(<br />

)1785(<br />

)1786(


ونوقش استدالهلم ‏َبآلية الثانية أبمرين:‏<br />

أوهلم ا:‏ أن قول ه تع اىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

ال الم <strong>يف</strong> الك وافر لتعري ف العه د،‏<br />

واملعه ودات ك ن مش ركات عب دة أواثن أو اآلي ة نزل ت <strong>يف</strong> مش ركات احلديبي ة،‏ وعلي ه ف ال تتن اول اآلي ة<br />

الكتابيات،‏ وعلى أن اخلطاب متوجه ملن كان <strong>يف</strong> عصمتهكافرة مشركة اتركاً‏ هلا بدار احل رب ت رج اآلي ة<br />

عن الداللة،‏ وقد فهم الصحابة رضوان عليهم منها ذلك،‏ فطلق عمر امرأتني كانت ا مش ركتني مبك ة ح ني<br />

نزلت اآلية ‏َبحلديبية.‏<br />

اثنيهم ا:‏ أن اآلي ة نزل ت ‏َبحلديبي ة ح ني ه اجر رس ول هللا إىل املدين ة،‏ وأن زل هللا س ورة املمتحن ة،‏ وفيه ا<br />

األمر ‏َبمتحان املهاجرات،‏ فهي واردة <strong>يف</strong> ذلك،‏ مث أنزل هللا حل الكتابي ات بع د ذل ك <strong>يف</strong> آي ة أخ رى <strong>يف</strong><br />

سورة املائدة هي قوله تعاىل:‏ <br />

ونوقش استدالهلم ‏َبألثر:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، فتكون خمصصة هلا.‏ )1788(<br />

أبن املروي عن عمر غري جيد وقال ابن كثري:‏ إن ه غري ب.‏ )1789( ، ويعارض ه م ا روي عن ه أن ه ق ال لل ذين<br />

تزوجوا من الكتابيات:‏ ‏)طلقوهن،‏ فطلقوهن إال حذ<strong>يف</strong>ة،‏ فقال له عم ر:‏ طلقه ا ق ال:‏ تش هد أهن ا ح رام؟<br />

قال:‏ هي مجرة طلقه ا،‏ فلم ا ك ان بع د طلقه ا،‏ فقي ل ل ه:‏ أال طلقته ا ح ني أم رك عم ر؟ ق ال:‏ كره ت أن<br />

)1790(<br />

يرى الناس أين ركبت أمراً‏ ال ينبغي يل(.‏<br />

فنط ق ه ذا األث ر <strong>يف</strong> هنايت ه بع دم حرم ة الكتابي ة،‏ ودل عل ى ع دم التح رمي أيض اً‏ طل ب عم ر الط الق م ن<br />

املت زوجني.‏ )1791( ، ف القول إبَبح ة نك احهن ه و األص ح ول و ثب ت عن ه التح رمي فإن ه مع ارض خبالف ه<br />

وَبلكتاب والسنة كما تقدم.‏<br />

)1787(<br />

وقال ابن املنذر:‏ ‏)ال ح<strong>يف</strong>ظ عن أحد من األوائل أنه حرم ذلك(‏<br />

،<br />

.)229/17(<br />

)1788(<br />

)1789(<br />

)1790(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة ه‎1‎و‎2‎ ص<br />

تقدم ترجيه ص<br />

.477<br />

472<br />

، وترمجة ابن كثري ص<br />

. 35<br />

)1791(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي<br />

رواه اخلالل <strong>يف</strong> أحكام أهل امللل،‏ ص‎460‎‏،‏ وإسناده ضع<strong>يف</strong> من أجل سعيد بن أيب عروبة مدلس اختلط،‏ والراوي عنه حممد بن<br />

جعفر امللقب بغندر روى عنه بعد االختالط كما <strong>يف</strong> التهذيب )58/4(، و<strong>يف</strong> اإلسناد علة اثنية وهي االنقطاع بني قتادة وعمر بن<br />

اخلطاب رضي هللا عنه.‏ ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )796/2(.<br />

و<strong>يف</strong> رواية أن حذ<strong>يف</strong>ة كتب إليه:‏ ‏)أتزعم أهنا حرام فأخلي سبيلها؟ فقال:‏ ال أزعم أهنا حرام ولكين أخاف أن تعاطوا املومسات منهن(‏<br />

أخرجه عبد الرزاق )12670(، وابن جرير )716/3(، والبيهقي )172/7( ، والسيوطي )564/2(.<br />

ويؤيده ما نقله ابن املنذر نقالً‏ صحيحاً‏ عن عمر <strong>يف</strong> قوله جبواز نكاح الكتابيات وتقدم بيانه <strong>يف</strong> أدلة القول األول.‏


وأم ا دل يلهم األول م ن املعق ول فنوقش:بتس ليم ك ون األص ل <strong>يف</strong> النك اح احلرم ة وأن ه الب د م ن ن ص دال<br />

<br />

عل ى احل ل لك ن قول ه تع اىل بع د تع داد حمرم ات النك اح <strong>يف</strong> س ورة النس اء <br />

ال خيل و م ن أن تك ون انزل ة بع د حت رمي املش ركات أو قبله ا،‏ ف إن كان ت بع دها ص ح الق ول<br />

<br />

أبهنا انسخة آلية البقرة،‏ وإن كانت متقدمة عنها وآية البقرة مت أخرة تك ون املش ركة مس تثناة م ن العم وم<br />

<strong>يف</strong> آية احلل،‏<br />

وعلى كل حال فالكتابيات داخالت <strong>يف</strong> عموم آي ة احل ل غ ري خمرج ات منه ا مل ا س بق<br />

<br />

<br />

بيانه من أن اسم املشرك ال يتناول الكتايب،‏ وتكون آية املائ دة وه ي قول ه:‏ <br />

جاءت مؤكدة للحل الوارد <strong>يف</strong> العموم.‏ رافعة لتوهم حرمتهن كم ا فه م<br />

<br />

<br />

<br />

بعض الصحابة.‏<br />

ون وقش دل يلهم الث اين م ن املعق ول:‏ أبن م ن هل ا كت اب مغ ري أو منس وخ يص ح أن تن درج حت ت م ن<br />

هلا شبهة كتاب نظ راً‏ لكتاهب ا املغ ري وص حة دينه ا <strong>يف</strong> أص له،‏ ف ال مس اواة بينه ا وب ني م ن ال كت اب<br />

هل ا أص الً،‏ وتفرق ة الش ارع بينهم ا <strong>يف</strong> األحك ام دلي ل عل ى ذل ك،‏ فق د حق ن دم اء األوىل دون<br />

الثانية،‏ وكذا أحل ذبيحتها دون األخرى،‏ فناسب أن <strong>يف</strong>رتقا <strong>يف</strong> حكم النكاح.‏ )1792(<br />

وهبذا يتبني رجحان قول اجلمهور لقوة أدلتهم واجلواب عن أدلة اخلصم ومناقشاهتم.‏<br />

وق د ابتل ي كث ري م ن املس لمني <strong>يف</strong> ه ذا العص ر بنك اح الغربي ات خاص ة األوروبي ات واألمريكي ات<br />

وب الد الغ رب تل ك وإن غل ب عليه ا دي ن اليهودي ة والنص رانية واص طبغت ب ذلك إال أن ه ال ميك ن<br />

اجلزم بكوهنم مجيعاً‏ من أه ل الكت اب؛ ألن اإلحل اد س رى <strong>يف</strong> تل ك الش عوب بت أثري الفلس فة املادي ة<br />

فأضحى كثري منهم غري متمسك بدينه أو مؤمن به وينظ ر ل ه ‏َبعتب اره ع ادات وتقالي د ورثه ا ع ن<br />

أج داده فالب د قب ل اإلق دام عل ى ال زواج ‏َبلغربي ات م ن التح ري ع ن دينه ا وعقي دهتا للتثب ت م ن<br />

كوهنا كتابية )1793( .<br />

أم ا املش ركة ف ال جي وز للمس لم نكاحه ا كم ا تق دم والف رق أن ازدواج الك افرة وخمالطته ا م ع قي ام<br />

العداوة الديني ة ال حيص ل مع ه الس كن وامل ودة ال ذي ه و ق وام مقاص د النك اح إال أن ه جُ‏ وَِّز نك اح<br />

الكتابي ة لرج اء إس المها؛ ألهن ا آمن ت بكت ب األنبي اء والرس ل <strong>يف</strong> اجلمل ة وإمن ا نقض ت اجلمل ة<br />

‏َبلتفص يل بن اء عل ى أهن ا أخ ربت ع ن األم ر عل ى خ الف حقيقت ه فالظ اهر أن ه م ىت نبه ت عل ى<br />

حقيق ة األم ر تنبه ت وأتيت ‏َبإلمي ان عل ى التفص يل عل ى حس ب م ا كان ت أت ت ب ه عل ى اجلمل ة<br />

)1792(<br />

)1793(<br />

ينظر:‏ أحكام القرآن،‏ للجصاص )324/2(، وحاشية ابن عابدين )126/4(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(،<br />

واملغين،‏ البن قدامة )545/9(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )795/2(.<br />

ينظر:‏ األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ سامل الرافعي،‏ ص )411(، بتصرف.‏


و ال زوج ي دعوها إىل اإلس الم وينبهه ا عل ى حقيق ة األم ر فك ان <strong>يف</strong> نك اح املس لم إايه ا رج اء<br />

إس المها فَ‏ ‏ُج وَِّز نكاحه ا هل ذه العاقب ة احلمي دة خب الف املش ركة فإهن ا اخت ارت الش رك تقلي داً‏<br />

فالظاهر أهنا ال تنظر <strong>يف</strong> احلجة وال تلتفت إليها عند الدعوة.‏ )1794(<br />

<br />

<br />

والكتابية مشركة على احلقيقة ألن<br />

املشرك من يشرك ‏َبهلل <strong>يف</strong> ألوهيته وهللا<br />

تع اىل يق ول:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

إن هللا اثلث ثالثة لكن دينها<br />

هلا<br />

)1795( ، وقال ت النص ارى<br />

<strong>يف</strong> أصله قبل حتر<strong>يف</strong>ه دين مساوي قائم على أدلة وبراهني.‏<br />

ومن دخل من غري بين إسرائيل <strong>يف</strong> دي ن أه ل الكت اب بع د تبديل ه وحتر<strong>يف</strong> ه وقب ل نس خه ف إن متس كوا<br />

‏َبحلق منه واجتنبوا احملرف حل نكاح حرائرهم و إال فال جي وز نك اح حرائ رهم؛ ألهن م دخل وا <strong>يف</strong> دي ن<br />

‏َبط ل فه م كاملرت دين م ن املس لمني،‏ وم ن دخ ل في ه بع د التحري ف والنس خ فم ن ‏َبب أوىل كم ن<br />

دخل ه بع د بعث ة الن يب كالش عوب ال يت ت دخل <strong>يف</strong> النص رانية عل ى ي د املبش رين م ن أه ل الفلب ني<br />

وأندونيس يا والس ودان وحن وهم ف ال جي وز نك احهم قطع اً‏ وك ذا م ن ال يعل م حال ه؛ ألن الف روج حيت اط<br />

فال يثب ت حله ا م ع الش ك وهب ذا حكم ت الص حابة <strong>يف</strong> نص ارى الع رب )1796( ، وقي ل <strong>يف</strong> نص ارى<br />

بين تغلب إهنم بقية اليهود والنصارى من العرب فيحل نكاحهم وهو األصح عند احلنابلة )1797( .<br />

وأم ا الكتابي ة اإلس رائيلية فيج وز نكاحه ا عل ى اإلط الق م ن غ ري نظ ر إىل آَبئه ا أدخل وا <strong>يف</strong> ذل ك<br />

ال دين قب ل التحري ف أم بع ده،‏ وجعله ا بع ض الش افعية كغريه ا )1798( ، وأم ا ال دخول في ه بع د بعث ة<br />

حممد <br />

فهي كغريها ملا تقدم.‏<br />

وق د ك ره كث ري م ن الفقه اء نك اح الكتابي ة بك ل ح ال وأم ر عم ر م ن تزوج وهن م ن الص حابة أبن<br />

يطلق وهن<br />

)1799(<br />

وذل ك ألن ه ال ي ؤمن أن تفتن ه ع ن دين ه أو تزع زع عقي دة أبنائ ه منه ا )1800(<br />

فه ي<br />

)1794(<br />

)1795(<br />

)1796(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )426/2(، بتصرف.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

. 30<br />

.)550/9(<br />

.)306/6(<br />

)1797(<br />

)1798(<br />

)1799(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وروضة الطالبني،‏ للنووي )135/7(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )229/17(، واملغين،‏ البن قدامة<br />

ينظر:‏ الفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )253/8(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع<br />

وقال ابن العريب )555/2(: ‏)روي عن ابن عباس أنه تؤكل ذَبئحهم وأحلقهم ‏َبلكتابيني لقوله تعاىل:‏ ‏)ومن يتوهلم منكم فإنه منهم ) وبه<br />

قال الشعيب والشافعي ، وقرأ الشعيب:‏ ‏)وما كان ربك نسيا(‏ وقاله ابن شهاب؛ وألهنم يذكرون اسم هللا .... وعن علمائنا روايتان ...<br />

ألهنم ال حيللون ما حتلل النصارى وال حيرمون ما حيرمون وهذا دليل أنه مل يلحقهم هبم؛ ألهنم مل يتولوهم وال دانوا بدينهم(.‏<br />

ينظر:‏ روضة الطالبني،‏ للنووي )135/7(.<br />

تقدم ترجيه،‏ ص (<br />

.) 478


-1<br />

-2<br />

مجرة والزواج هبا ال خيلو من مضرة سيما <strong>يف</strong> هذا العصر املل يء ‏َبلفتن ة ولطامل ا رأين ا ملح دين وخون ة<br />

وعمالء يرجع سبب ذلك إىل أتث رهم أبمه اهتم غ ري املس لمات فينقلب ون عل ى أم تهم وعل ى عقائ دها<br />

وشرائعها وال يودون هلا عزاً‏ وال جيلبون هلا نصراً.‏ )1801(<br />

وهل ذا أف ىت كث ري م ن املعاص رين بتح رمي نك اح الغربي ات ذوات األص ول الكتابي ة )1802( ، وذل ك مل ا<br />

يرتتب على الزواج هبن <strong>يف</strong> هذا العصر من مفاسد كثرية منها )1803( :<br />

الوقوع <strong>يف</strong> الزواج من الكتابية غري العف<strong>يف</strong>ة ذلك أن أغلب تلك النس اء غ ري عف<strong>يف</strong> ات لكث رة<br />

ال زىن <strong>يف</strong> أوس اط الكف ار ح ىت أص بح م ن الغري ب بق اء الش ابة بك راً‏ <strong>يف</strong> س ن الثاني ة عش رة<br />

وحنوه ومنع الزواج هبن يعصم كثرياً‏ من املس لمني م ن الوق وع <strong>يف</strong> ش رك املومس ات وق د أثب ت<br />

الت اريخ الباح ث ع ن أخ الق النص ارى أن امل رأة ال تقب ل خطب ة الرج ل إال بع د االختب ار<br />

والتجرب ة والص حبة الطويل ة بينهم ا ورمب ا اخت ار كث ري م نهم البق اء عل ى الس فاح واملخادن ة<br />

وفضله على النكاح فأين العفاف واإلحصان من هذا؟!‏<br />

أن ال زواج هب ن <strong>يف</strong> ه ذا العص ر الس يما األوروبي ات واألمريكي ات ميث ل خط راً‏ آخ ر عل ى<br />

األبن اء حي ث أف ادت التج ارب أبن أوالد النص رانية وبناهت ا م ن املس لم يكون ون نص ارى<br />

حمض اً‏ حبي ث ينش أون عل ى عقي دة أمه م وس لوك طريقته ا حس ب تربيته ا هل م ألن الغ اذي<br />

ش بيه املغت ذي وم ن املعل وم أن األوالد والبن ات أعل ق ‏َبألم <strong>يف</strong> الق دوة واالحت ذاء م نهم<br />

أبب يهم وقب ول التعل يم منه ا أعل ق <strong>يف</strong> نفوس هم وه ذا مش هود ب ه <strong>يف</strong> البل دان ال يت يش يع فيه ا<br />

مثل هذا الزواج.‏ وبناته منه ا ق د يس تبحن نك اح النص ارى تبع اً‏ لرغب ة أمهم وه و حم رم كم ا<br />

تقدم،‏ وكما قيل:‏<br />

تلك العصا من هذه العصية هل تلد احلية إال حية<br />

كم ا أن <strong>يف</strong> ال زواج هب ن خط ر عل ى ال زوج املس لم حي ث غل ب أتث ر ال زوج <strong>يف</strong> ه ذا ال زمن<br />

بتقاليد املرأة الغربي ة وعاداهت ا ح ىت ت رى كث رياً‏ م ن األزواج يت درج ه و وأوالده ش يئاً‏ فش يئاً‏<br />

<strong>يف</strong> ذل ك اجملتم ع املختل ف <strong>يف</strong> دين ه وعادات ه بس بب غلب ة احلض ارة املادي ة <strong>يف</strong> تل ك ال دول،‏<br />

)1800(<br />

)1801(<br />

)1802(<br />

)1803(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )548/9(، وتكملة اجملموع للنووي،‏ للمطيعي )230-229/17(.<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ قضااي فقهية معاصرة،‏ حممد البويطي )211/1(، واألحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب،‏ سامل الرافعي ، ص )416( ،<br />

والتزوج ‏َبلكتابيات وعموم ضرره على البنني والبنات،‏ لعبد هللا آل حممود،‏ وأفىت الشيخ ابن ‏َبز أبن ترك ذلك أوىل <strong>يف</strong> هذا العصر ومل<br />

حيرمه كما <strong>يف</strong> سلسلة كتاب الدعوة،‏ فتاوى ابن ‏َبز )233/4(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏


ومن أجل هذه املفسدة أو غريها نرى كثري اً‏ من الدول حترم عل ى س فرائها وض باط جيش ها<br />

الزواج من األجنبيات بناء على مصاحل وطنية هلا اعتبارها من هذا الوجه.‏<br />

أن كثري اً‏ من األزواج إذا رزق أبوالد م ن تلك الزوج ة الغربي ة مث حص ل بينهم ا ش قاق،‏ ف إن<br />

الق انون حيم ي جان ب امل رأة ف يحكم هل ا القاض ي ‏َبألوالد،‏ وب ذا يق ع ال زوج مبش كلة ك ربى<br />

وه و أن أوالده س يكونون <strong>يف</strong> حض انة ام رأة ك افرة،‏ و<strong>يف</strong> بيئ ة وجمتم ع موب وء وه ذا ال دافع<br />

يشهد له كثري من األزواج ممن ابتلي<br />

‏َبلزواج من أولئك الغربيات.‏<br />

أن ال زواج هب ن وت رك ال زواج م ن املس لمات <strong>يف</strong> ال بالد الك افرة ي ؤثر<br />

املس لمات ال اليت<br />

اض طررن<br />

س لباً‏ عل ى الفتي ات<br />

للع يش <strong>يف</strong> ب الد الكف ر،‏ الس يما وأن تع دد الزوج ات <strong>يف</strong> عص ران<br />

أص بح أم راً‏ اندراً‏ ، وم ن املعل وم ‏َبلض رورة أن املس لمة ال حي ل هل ا أن تت زوج إال مس لماً‏ ف ال<br />

ح ل هل ذه املعادل ة إال<br />

سداً‏ هلذه<br />

بس د<br />

‏َبب ال زواج م ن غ ري املس لمات فتح رمي املف يت ملث ل ه ذا ال زواج<br />

ال ذرائع واملفاس د وغريه ا ل ه وج ه ق وي <strong>يف</strong> ‏َبب الفق ه والفت وى ، و<strong>يف</strong> ‏َبب حتقي ق<br />

املقاصد الشرعية املتمثلة <strong>يف</strong> حتصيل املصاحل ودرء املفاسد.‏ )1804(<br />

-4<br />

-5<br />

وأم ا إج راء العق د <strong>يف</strong> الكنيس ة فمب ين عل ى حك م دخوهل ا أص الة وق د تق دم ذك ره مفص الً)‏‎1805‎‏(‏ ، وعلي ه<br />

فإن إجراء العقد <strong>يف</strong> الكنيسة إذا كان على وجه التعظيم واإلعجاب ومش اهبة الكف ار ومل ت دع ل ه ض رورة<br />

فإنه حمرم شرعاً‏ ملا تقدم ، أما إذا دعت إلي ه الض رورة ومل يك ن في ه تش به ‏َبلكف ار ب ل ك ان عق داً‏ ش رعياً‏<br />

عل ى طريق ة أه ل اإلس الم وخ ال م ن املفاس د واملنك رات ومل يرتت ب علي ه م واالة الكف ار وم ودهتم ف إن<br />

الضرورات تبيح احملظورات،‏ كما هو مقرر شرعاً‏ وتقدر الضرورة بقدرها.‏ )1806(<br />

)1804(<br />

)1805(<br />

)1806(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

<strong>يف</strong> ص ‏)‏‎439‎‏(ومابعدها.‏<br />

ينظر:‏ فتاوى <strong>يف</strong> ذلك لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> موقع املسلم:‏<br />

فتوى بعنوان:‏ دخول الكنيسة حلضور زواج مسلم من نصرانية:‏ ا.د.‏ انصر العمر.‏<br />

وكذا <strong>يف</strong> الشبكة <strong>اإلسالم</strong>ية:‏<br />

www.almoslim.nt<br />

www.islamweb.net


املطلب الثاني عشر<br />

نكاح مسلمة ال ولي هلا


؛(‏<br />

املطلب الثاين عشر:‏ نكاح مسلمة ال ويل هلا.‏<br />

الويل شرط <strong>يف</strong> عقد النكاح على الصحيح من أقوال أهل العلم وعليه اجلمه ور خالف اً‏ للحنفي ة )1807<br />

لقوله <br />

: )) ال نكاح إال بويل (( )1808( ، وحديث عائشة مرفوعاً:‏ )) أميا امرأة نكحت نفسها بغري<br />

إذن وليه ا فنكاحه ا ‏َبط ل ‏َبط ل ‏َبط ل ف إن أص اهبا فله ا امله ر مب ا اس تحل م ن فرجه ا ف إن اش تجروا<br />

)1809(<br />

فالسلطان ويل من ال ويل هلا((‏<br />

وروي هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وأيب هريرة وعائشة رضي هللا عنهم.‏ )1810(<br />

والعلة <strong>يف</strong> منعها صيانتها عن مباشرة م ا يش عر بوقاحته ا ورعونته ا وميله ا إىل الرج ال وذل ك ح ال ين ا<strong>يف</strong><br />

حال أهل الصيانة واملروءة.‏ )1811(<br />

)1812( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

وفيه داللة على ض رورة حض وره محاي ة<br />

وحفظاً‏ للمرأة ورعاية ملصاحلها ‏َبختيار الزوج املناس ب هل ا والنص ح هل ا <strong>يف</strong> ذل ك والنظ ر <strong>يف</strong> مس تقبلها مب ا<br />

يعود هلا ‏َبخلري؛ ألهنا <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> جوهرة مصونة ودرة مكنونة.‏<br />

وق د فص ل الفقه اء أحك ام والي ة النك اح وترتي ب األولي اء ونق ل اب ن قدام ة اإلمج اع عل ى أن للس لطان<br />

)1813(<br />

والية تزويج املرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم.‏<br />

)1807(<br />

)1808(<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )383/2(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )117/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )15/2(،<br />

وروضة الطالبني،‏ للنووي )53/7(، والفروع،‏ البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )218-217/8(.<br />

أورده البخاري <strong>يف</strong> كتاب النكاح فقال:‏ ‏َبب من قال ال نكاح إال بويل،‏ ص )443(، وأخرجه احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك )171/2(<br />

وقال:‏ ‏)استدللنا ‏َبلرواايت الصحيحة وأبقاويل أهل العلم على صحة حديث أيب موسى مبا فيه غنية ملن أتمله و<strong>يف</strong> الباب عن علي وابن<br />

عباس ومعاذ وابن عمر وأيب ذر ... وقد صحت الرواايت فيه عن أزواج النيب <br />

) ا.ه<br />

)1809(<br />

)1810(<br />

)1811(<br />

)1812(<br />

وأخرجه ابن حبان <strong>يف</strong> صحيحه )391/9( ‏َبب ذكر نفي إجازة عقد النساء النكاح على أنفسهن،‏ وأبو داود <strong>يف</strong> كتاب النكاح،‏ ‏َبب <strong>يف</strong><br />

الويل ، ص )1376(، رقم )2085(، وابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب النكاح،‏ ‏َبب ال نكاح إىل بويل،‏ رقم )1880(، والبيهقي <strong>يف</strong> سننه،‏ ‏َبب ال<br />

نكاح إال بويل )104/7(، والرتمذي،‏ ‏َبب ما جاء ال نكاح إال بويل،‏ ص )2589(، رقم )1105(.<br />

أخرجه احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك ، كتاب النكاح،‏ ص )171( وأبو داود،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> الويل،‏ ص )1376(، رقم )2083(، وابن ماجه،‏<br />

‏َبب ال نكاح إال بويل،‏ ص )2589(، رقم )1879(، والرتمذي وقال:‏ حديث حسن،‏ ص )1757(، رقم )1102(، وابن حبان <strong>يف</strong><br />

صحيحه )384/9(، وقال ابن حجر <strong>يف</strong> التلخيص )156/3(: تكلم فيه بعضهم من جهة أن ابن جريج قال:‏ مث لقيت الزهري فسألته<br />

عنه فأنكره لكن ذكر ابن معني أنه مل ينقله عنه غري ابن جريج وضعف ذلك وأعلها ابن حبان وابن عدي واحلاكم وغريهم وأجابوا عنها<br />

على تقدير الصحة أبنه ال يلزم من نسيان الزهري له أن يكون ابن موسى وهم فيه.‏<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )345/9(.<br />

املصدر السابق.‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

34<br />

‏)‏‎1813‎‏(املغين،‏ البن قدامة )345/9(.<br />

. ويقول سبحانه:‏<br />

سورة النور اآلية:‏ ، 32 فخاطب الرجال بتزويج النساء.‏


واألصل <strong>يف</strong> ذلك قوله <strong>يف</strong> احلديث السابق ‏))السلطان ويل من ال ويل ل ه ((، وألن للس لطان والي ة عام ة<br />

ب دليل أن ه يل ي امل ال وح<strong>يف</strong> ظ الض وال فكان ت ل ه الوالي ة <strong>يف</strong> النك اح ك األب )1814( ، وال يري د أه ل العل م<br />

‏َبلسلطان إمام املسلمني وحده بل يشمل ذلك والته ونوابه وقضاته وقد عقد البخاري <strong>يف</strong> صحيحه ‏َبَبً‏<br />

عنون له بقوله:‏ ‏)َبب السلطان ويل(‏ واستدل له بتزويج النيب للواهب ة نفس ها ل ه م ن ذل ك الص حايب<br />

)1815(<br />

الذي رغب <strong>يف</strong> نكاحها.‏<br />

وق رر نظ ام املرافع ات الش رعية الس عودي <strong>يف</strong> امل ادة الثاني ة والثالثني أبن احمل اكم العام ة ت تص ‏َبلنظ ر <strong>يف</strong><br />

تزويج من ال ويل هلا من النساء.‏<br />

وب ‏َيَّنَ‏ ‏ْت الالئحة التنفيذية أبنه يدخل <strong>يف</strong> ذلك:‏ م ن انقط ع أولياؤه ا بفق د أو م وت أو غيب ة يتع ذر معه ا<br />

االتصال هبم أو حضورهم أو توكيلهم ومن عضلها أولياؤها وحُكِّم بثب وت عضلهم وم ن أس لمت ول يس<br />

هلا ويل مسلم.‏ )1816(<br />

َ<br />

فإذا كانت املرأة <strong>يف</strong> موضع ال يوجد فيه للمسلمني سلطان وال ويل هلا مطلق اً‏ كاملس لمني <strong>يف</strong> داير الكف ر<br />

<strong>يف</strong> أمريك ا أو بريطاني ا وحنوه ا ف إن وج د <strong>يف</strong> تل ك ال داير مراك ز ومؤسس ات إس المية تق وم عل ى رعاي ة<br />

شؤون املسلمني فإهنا تقوم بتزوجيه ا وك ذا إن وج د للمس لمني أم ري مط اع أو مس ئول يرع ى ش ؤوهنم كم ا<br />

أفىت بذلك كثري من الفقهاء املعاصرين )1817( ؛ ألنه ذو سلطان فيدخل <strong>يف</strong> عموم احلديث.‏ )1818(<br />

؛وألن<br />

)1819(<br />

تزويج األايمى فرض كفاية إمجاعاً‏ قاله ابن تيمية.‏<br />

وقياساً‏ على العضل.‏ )1820(<br />

وق د ق ال أمح د <strong>يف</strong> الرس تاق )1821(<br />

)1822(<br />

والكفء أرجو أال يكون به أبس (.<br />

يك ون فيه ال وايل وليس في ه ق اض:‏ (<br />

ي ُ زَوِّجْ‏ إذا احت اط هل ا <strong>يف</strong> امله ر<br />

)1814(<br />

)1815(<br />

)1816(<br />

)1817(<br />

)1818(<br />

املصدر السابق.‏<br />

صحيح البخاري،‏ كتاب النكاح ‏َبب السلطان ويل،‏ ص )444( ، رقم )5135(.<br />

نظام املرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية،‏ وزارة العدل،‏ ص )30-28(.<br />

ينظر:‏ فتاوى ورسائل حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )95-93/10-9(، وفقه األسرة،‏ د/حممد الصاحل )213/1(، وأحكام<br />

الزواج ، د/عمر األشقر،‏ ص )150(، وفتاوى <strong>يف</strong> موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم.‏<br />

.)63/5(<br />

)1819(<br />

)1820(<br />

)1821(<br />

)1822(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )346/9(.<br />

ينظر:‏ الفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )218-217/8( ومطالب أويل النهى للرحيباين<br />

املصادر السابقة.‏<br />

الرُّستاق:‏ السواد والقرى.‏<br />

ينظر:‏ املغين؛ البن قدامة )361/9(.


وس ئل ش يخ اإلس الم ع ن أع راب وأه ل ‏َبدي ة ل يس عن دهم ح اكم:‏ أجي وز أن يعق د أئم تهم مل ن ال ويل هل ا؟<br />

فق ال:‏ ‏"أم امن ال ويل هل ا ف إن ك ان <strong>يف</strong> القري ة أو احملل ة انئ ب ح اكم زوجه ا ه و،‏ وأم ري األع راب ورئ يس القري ة<br />

وإن كان فيهم إمام مطاع زوجها أيضاً‏ إبذهنا".‏ )1823(<br />

وإذا مل يوجد <strong>يف</strong> ذلك املوضع حاكم وال إمام وال مركز إسالمي وال رجل مطاع من املسلمني:‏<br />

فق د اختل ف الفقه اء <strong>يف</strong> ذل ك،‏ أم ا األحن اف ف ال أتيت ه ذه املس ألة عن دهم؛ ألهن م ال يش رتطون ال ويل<br />

لصحة عقد النكاح فيجوز<br />

عندهم أن تزوج احل رة املكلف ة نفس ها ب ال ويل وبعض هم كمحم د ب ن احلس ن<br />

يوقف ذلك عل ى إج ازة ال ويل ف إن مل يك ن هل ا ويل وال ق اض <strong>يف</strong> ذل ك املوض ع فينعق د )1824( ، ويتوق ف عل ى<br />

إجازهت ا بع د البل وغ إن كان ت ص غرية وإن ك ان هل ا ويل فأج ازه ج از وهل ا اخلي ار إذا بلغ ت )1825( ، وأم ا عن د<br />

اجلمهور القائلني ‏َبشرتاط الويل – وهو الصحيح ملا تقدم – ففي هذه احلال اختلفوا على أقوال:‏<br />

القول األول:‏ هلا أن تويلِّ‏ أمرها رجالً‏ عدالً‏ فيزوجها.‏<br />

وه و ق ول للمالكي ة ووج ه عن د الش افعية واحلنابل ة،‏ وق ال اب ن قدام ة:‏<br />

ذلك"،‏ واشرتط املالكية أال تضع نفسها <strong>يف</strong> دانءة.‏ )1826(<br />

القول الثاين:‏ هلا أن تزوج نفسها للضرورة.‏<br />

وهو وجه عند الشافعية وقول للمالكية.‏ )1827(<br />

القول الثالث:‏ ال تزوج مطلقاً.‏<br />

وهو وجه عند الشافعية واحلنابلة.‏ )1828(<br />

‏"روي ع ن أمح د م ا ي دل عل ى<br />

للسلطان.‏ )1829(<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول:‏<br />

-1<br />

أبن الواجب يسقط مع العجز وليس كل امرأة تقدر على رفع أمرها<br />

)1823(<br />

)1824(<br />

)1825(<br />

)1826(<br />

)1827(<br />

)1828(<br />

جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>؛ البن تيمية،‏ مجع ابن قاسم )34/32(.<br />

قال <strong>يف</strong> حاشية ابن عابدين )198/4(: ‏)صغرية زوجت نفسها وال ويل وال حاكم مثة توقف ونفذ إبجازهتا بعد بلوغها ألن له جميزاً‏<br />

وهو السلطان .... هذا قول بعض املتأخرين ... فإن كانت <strong>يف</strong> موضع مل يكن فيه قاض:‏ إن كان ذلك املوضع حتت والية قاضي تلك<br />

البلدة ينعقد ويتوقف على إجازة ذلك القاضي و إال فال ينعقد،‏ وقال بعض املتأخرين:‏ ينعقد ويتوقف على إجازهتا بعد البلوغ(‏ ا.ه<br />

ينظر:‏ الفتاوى اهلندية )287/1(.<br />

ينظر:‏ عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )20/2(، واملنتقى للباجي )271/3(، ومواهب اجلليل،‏ للحطاب )60/5- وما بعدها<br />

(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )66/7(، وكفاية األخيار،‏ حملمد احلسيين )89/2(، بواسطة أحكام الزواج،‏ لألشقر،‏ ص )150( ، والفروع<br />

البن مفلح مع تصحيح املرداوي وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )218/8(، ومطالب أويل النهى للرحيباين )63/5(، واملغين؛ البن<br />

قدامة )361/9(، وما بعدها.‏<br />

املصادر السابقة.‏<br />

املصادر السابقة.‏


وألن من القواعد الشرعية<br />

أن األمر إذا ضاق اتسع وهذه املسألة من جزئياهتا.‏ )1830(<br />

-2<br />

<br />

3- وألن املشقة جتلب التيسري وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

)1831( .<br />

<br />

<br />

وألن اش رتاط ال ويل <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة مين ع النك اح ‏َبلكلي ة فل م جي ز كاش رتاط ك ون ال ويل<br />

عصبة <strong>يف</strong> حق من ال عصبة له.‏ )1832(<br />

-4<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

أبن مب ىن ه ذه املس ألة عل ى الض رورات ومس يس احلاج ات وجي وز <strong>يف</strong> ح ال االض طرار م ا ال جي وز <strong>يف</strong> ح ال<br />

االختيار.‏ )1833(<br />

وتزوجيها لنفسها بال ويل مصلحة راجحة <strong>يف</strong> هذه احلالة فتقدم.‏<br />

واستدل أصحاب القول الثالث:‏<br />

بعموم األدلة واألخبار <strong>يف</strong> اشرتاط الويل.‏ )1834(<br />

وجياب عن دليل القول الثاين:‏<br />

أبن <strong>يف</strong> إمكاهن ا توكي ل ع دل <strong>يف</strong> تزوجيه ا ف ال تض طر إىل ت زويج نفس ها،‏ ف إن <strong>يف</strong> ذل ك إهان ة هل ا وإش عار<br />

بوقاحتها ورعونتها وميله ا إىل الرج ال وخم اطرة مبص احلها م ن غ ري ض رورة م ع إمك ان ص يانتها ع ن ذل ك<br />

بتوكيل العدل دون أن تضع نفسها موضع الدانءة.‏<br />

وأج اب <strong>يف</strong> الغي اثي ع ن الق ول الثال ث بقول ه:‏ " إذا مل يك ن هل ا ويل حاض ر وش غر الزم ان ع ن الس لطان<br />

ف نعلم أن حس م ‏َبب النك اح حم ال <strong>يف</strong> الش ريعة وم ن أب دى <strong>يف</strong> ذل ك تش كيكاً‏ فل يس عل ى بص رية بوض ع<br />

الشرع واملصري إىل سد ‏َبب النكاح يضاهي الذهاب إىل حترمي االكتساب".‏ )1835(<br />

ينظر:‏ عقد اجلواهر الثمينة ، البن شاس )20/2(.<br />

ينظر:‏ املنثور <strong>يف</strong> القواعد للزركشي )47/1(.<br />

سورة الشرح،‏ اآلية:‏<br />

. 6-5<br />

ينظر:‏ مطالب أويل النهى للرحيباين )63/5(.<br />

ينظر:‏ قواعد األحكام،‏ للعز بن عبد السالم )88-87/1(.<br />

ينظر:‏ املغين؛ البن قدامة )361/9( وما بعدها.‏<br />

الغياثي،‏ للجويين،‏ حتقيق عبد العظيم الديب،‏ ص )388- وما بعدها(.‏<br />

)1829(<br />

)1830(<br />

)1831(<br />

)1832(<br />

)1833(<br />

)1834(<br />

)1835(


والضرورات تبيح احملظورات فما استدل به أصحاب القول الثاين جياب به على هؤالء.‏<br />

وعليه فالراجح هو القول األول لقوة أدلتهم وسالمتها من املناقشة.‏<br />

وي رى <strong>يف</strong> الغي اثي أن ال ذي يت وىل أم ر النك اح <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة ه م العلم اء ال ذين يتع ني الرج وع إل يهم <strong>يف</strong><br />

)1836(<br />

تفاصيل النقض واإلبرام ومآخذ األحكام.‏<br />

)1836( املصدر السابق.‏


املطلب الثالث عشر<br />

األكل من ذبائح الكفار


املطلب الثالث عشر:‏ األكل من ذابئح الكفار.‏<br />

املسألة األوىل:‏ حترير حمل النزاع <strong>يف</strong> ذابئح الكفار ما حيل منها وما حيرم:‏<br />

أمج ع أه ل العل م عل ى حت رمي ذَبئ ح س ائر<br />

الكف ار م ن عب دة األواثن والزاندق ة واجمل وس وغ ريهم،‏ وأمجع وا<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

عل ى إَبح ة ذَبئ ح أه ل الكت اب )1837(<br />

لقول ه س بحانه:‏<br />

و،‏ )1838( <br />

الطعام اسم ملا يؤك ل وامل راد ب ه هن ا ال ذَبئح؛ ألن غريه ا حي ل م نهم وم ن غ ريهم ف ال يك ون مث<br />

مزية وال معىن لتخصيصهم،‏ ولعلهم ‏ُخص وا ب ذلك ألهن م أه ل كت اب ويعتق دون حت رمي ال ذبح لغ ري هللا وال<br />

هللا.‏<br />

)1839(<br />

يذكرون على ذَبئحهم إال اسم<br />

هبم سنة أهل الكتاب((‏ )1841(<br />

برواية عن سعيد بن املسيب.‏ )1842(<br />

وشذ أبو ثور فأَبح ذبيحة اجملوس )1840(<br />

: (( سُنُّوا<br />

لقوله <br />

وألهنم يقرون ‏َبجلزية فيباح صيدهم وذَبئحهم ك اليهود والنص ارى واح تج<br />

<br />

قال بن قدامة:‏ ‏"وهذا قول خيالف اإلمجاع فال عربة ب ه " )1843( ؛ ألن هللا تع اىل يق ول:‏ <br />

فمفهوم ه حت رمي طع ام غ ريهم م ن الكف ار؛ وألهن م ال كت اب هل م فل م حت ل<br />

<br />

ذَبئحهم كأهل األواثن؛ وألن كفرهم مع كوهنم غري أهل كت اب يقتض ي حت رمي ذَبئحه م ونس ائهم ب دليل<br />

سائر الكفار من غري أهل الكتاب،‏ ورواية سعيد روي عنه خالفها،‏ واجلزية إمنا أخذت منهم ألن شبهة<br />

الكت اب تقتض ي التح رمي ل دمائهم فلم ا غُل ‏ِّب ت <strong>يف</strong> التح رمي ل دمائهم فيج ب أن يغل ب ع دم الكت اب <strong>يف</strong><br />

حت رمي ال ذَبئح والنس اء احتياط اً‏ للتح رمي <strong>يف</strong> املوض عني؛ وألن اجلزي ة أخ ذت لض رورة حق ن دم ائهم وال<br />

ضرورة <strong>يف</strong> حل ذَبئحهم.‏ )1844(<br />

)1837(<br />

)1838(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )262/2(، واإلمجاع،‏ البن املنذر،‏ ص )58(، واجملموع،‏ للنووي )53-52/9(، واملغين،‏ البن<br />

قدامة )293/13(، واإلفصاح،‏ البن هبرية )309/2(، وتفسري ابن كثري )27/2(.<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

‏َبلتايل حل طعامهم.‏<br />

5<br />

)1839(<br />

)1840(<br />

466. ص<br />

)1841(<br />

)1842(<br />

)1843(<br />

)1844(<br />

. وعلى هذا عمل النيب كما <strong>يف</strong> أكله من الشاة املسمومة عند اليهودية وألنه إذا ثبت حل نسائهم ثبت<br />

ينظر:‏ تفسري ابن كثري )27/2(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(.<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )265/2(، واجملموع للنووي )52/9(، واملغين،‏ البن قدامة ‏)‏‎293/13‎‏(،وسبقت ترمجة أبو ثور<br />

تقدم ترجيه،‏ ص<br />

.)466(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )293/13(<br />

املصدر السابق.‏<br />

.<br />

املصدر السابق ، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(، وحاشية ابن<br />

عابدين )428/9(.


<strong>يف</strong><br />

املسألة الثانية:‏ املراد ابلكتايب الذي حتل ذبيحته:‏<br />

اختلفوا <strong>يف</strong> املراد ‏َبلكتايب الذي حتل ذبيحته،‏ وينطبق عليه هذا الوصف على قولني:‏<br />

األول:‏ أنه من تدين بدين اليهودية أو النصرانية.‏<br />

وهو قول مجاهري األمة.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

لقول ه تع اىل:‏ <br />

)1845( ، فل و ك انوا أكث ر م ن<br />

طائفتني ملا خصهم بذلك ونقل ابن عطية اإلمجاع على أن املراد بذلك اليهود والنصارى فقط.‏ )1846(<br />

وعلى هذا دل عرف القرآن والسنة <strong>يف</strong> أهل الكتاب وفهمه الصحابة ومن بعدهم.‏<br />

الثاين:‏ أنه كل من اعتقد ديناً‏ مساوايً‏ له كتاب منزل فيشمل إضافة ملا سبق من آمن بصحف إبراهيم وزبور داود.‏<br />

واحلديث نص <strong>يف</strong> أخذ اجلزية منهم وقد اتفق الصحابة على حترمي ذَبئحهم فيقتصر على مورد النص وال يصح قياس الذَبئح عليها وال<br />

قياسهم على أهل الكتاب؛ ألهنم كسائر الكفار كما سبق ومما يدل على أهنم ليسوا من أهل الكتاب قوله : ‏))سنوا هبم سنة أهل<br />

الكتاب((‏ فدل على أهنم ليسوا منهم بل امر مبساواهتم هبم <strong>يف</strong> أخذ اجلزية فقط،‏ كما أنه سبحانه وتعاىل يقول:‏<br />

<br />

<br />

<br />

سورة احلج اآلية )17( فذكر ست ملل<br />

وفصل بينها ، وقال:‏<br />

البقرة<br />

<br />

<br />

69 واملائدة 62<br />

ومل يذكر اجملوس.‏<br />

ينظر:‏ أحكام األطعمة والذَبئح،‏ د/أبو سريع حممد عبد اهلادي،‏ ص<br />

186، بتصرف.‏<br />

)1845(<br />

)1846(<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

احملرر الوجيز )404/5(.<br />

. 156


وهبذا قال احلنفية ونص عليه الشافعي )1847( ، ولعلهم نظروا إىل طبيعة اللفظ اللغوية.‏ )1848(<br />

ورجح اجلصاص قول اجلمهور وقال:‏ ‏"اآلية ص رحية <strong>يف</strong> أن أه ل الكت اب <strong>يف</strong> ع رف الق رآن ه م اليه ود والنص ارى دون<br />

غريهم".‏ )1849(<br />

وهو الراجح وتدل عليه احلقيقة العرفية.‏<br />

واشرتط بعض العلماء التزام الكتايب أبحكام دينه وعمله به فإذا تركه ونب ذه وراء ظه ره ك بعض املنتس بني للنص رانية <strong>يف</strong><br />

عصران فال يعد كتابياً.‏<br />

والصحيح أنه إذا كان إنكاره للدين مبع ىن جح وده وإحل اده فه ذا ال يع د كتابي اً،‏ أم ا إذا الت زم بعقي دهتم ونس ب نفس ه<br />

إليهم فإن هذا كاف <strong>يف</strong> اعتباره منهم فإن هللا تعاىل اندى أهل الكتاب بذلك مع ع دم متس كهم أبحكام ه وحت ر<strong>يف</strong>هم<br />

وتب ديلهم ل ه كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه:‏ <br />

<br />

<br />

)1850( ، وحل ذَبئحهم هو ‏َبعتبار أصل دينهم ال ‏َبعتبار ما ابتدعوه<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

وقد اشرتط بعض العلماء أيضاً‏ لكونه كتابياً‏ أن يكون هو أو آَبؤه قد دخلوا <strong>يف</strong> ذلك الدين قب ل النس خ والتب ديل،‏ ق ال<br />

شيخ <strong>اإلسالم</strong>:‏ ‏"وهذا قول ضع<strong>يف</strong> ال دليل عليه بل املقطوع به أن كون الرجل كتابياً‏ أو غريكتايب ه و حك م يس تفيده<br />

بنفس ه ال بنس به.....‏ وه و املنص وص الص ريح ع ن مجه ور الفقه اء والثاب ت ب ني الص حابة ب ال ن زاع بي نهم .... وذك ر<br />

)1851(<br />

الطحاوي أن هذا إمجاع قدمي".‏<br />

واملتدين بدين أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن وافقهم <strong>يف</strong> أصول داينتهم م ن ف رقهم املختلف ة ق د يك ون حربي اً‏<br />

أو ذمياً‏ ومن العرب أو غريهم وقد يكون أبواه كتابيان أو غريكتابيني أو أحدمها كتايب دون اآلخر.‏<br />

فاتفقوا أنه ال فرق بني احلريب والذمي منهم.‏ )1852(<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> نصارى العرب على قولني:‏<br />

)1853(<br />

األول:‏ حلها،‏ وهو قول احلنفية واملالكية،‏ وآخر الروايتني عن أمحد.‏<br />

)1847(<br />

)1848(<br />

)1849(<br />

)1850(<br />

)1851(<br />

)1852(<br />

)1853(<br />

ينظر:‏ تبيني احلقائق )110/3(، واألم )281/4(، وبه قال أبو يعلى من احلنابلة.‏<br />

ينظر:‏ فقه األقليات،‏ خالد عبد القادر،‏ ص )20(، وأحكام األطعمة ، أبو سريع ، ص )196(.<br />

أحكام القرآن )327/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

دقائق التفسري )19/3<br />

. 35<br />

. 68<br />

.)<br />

املصادر السابقة،‏ واإلمجاع،‏ البن املنذر،‏ ص )58(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(، وحاشية ابن عابدين )428/9(، وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )262/2(، واملنتقى،‏<br />

للباجي )112/3(، واملغين،‏ البن قدامة )229-228/13(، و أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )513/1(.


، وهو قول الشافعي ورواية عن أمحد.‏ )1855(<br />

الثاين حترمي ذَبئحهم،‏ قاله علي بن أيب طالب رضي هللا عنه )1854(<br />

وسبب اخلالف:‏ ‏"هل يتناول العرب املتنصرين اس م ال ذين أوت وا الكت اب كم ا يتن اول ذل ك األم م املختص ة ‏َبلكت اب<br />

وهم بنوا إسرائيل والروم"‏ )1856(<br />

واستدل أصحاب القول األول:‏<br />

<br />

بدخوهلم <strong>يف</strong> عموم قوله سبحانه:‏ <br />

، وألهن م أه ل كت اب يق رون<br />

)1857(<br />

على دينهم ببذل املال فتحل ذَبئحهم ونسائهم كبين إسرائيل؛ وألنه قول مجاهري الصحابة<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

أبهن م مل يتمس كوا م ن دي نهم إال بش رب اخلم ر؛ وألهن م مل يقوم وا ‏َبلش روط ال يت اش رتطها عل يهم عثم ان،‏<br />

وم ن ك ان من تحالً‏ مل ة ه و غ ري متمس ك منه ا بش يء فه و إىل ال رباءة منه ا أق رب من ه إىل اللح اق هب ا<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأبهله ا )1858( ، واس تدل عل ي )1859(<br />

عل ى ذل ك بقول ه س بحانه:‏<br />

)1860( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وال راجح الق ول األول؛ لق وة أدل تهم،‏ وك ون ه ؤالء م ن الع رب ال خي رجهم ع ن عم وم اآلي ة وتس اهلهم <strong>يف</strong><br />

)1861(<br />

بعض الواجبات واحملظورات من دين أهل الكتاب ال خيرجهم كذلك.‏<br />

واآلية السابقة دليل لنا؛ ألن ‏)من(‏ للتبعيض أي من أهل الكتاب.‏ )1862(<br />

)1854(<br />

ومنه دخلت الشبهة على الشيعة – كما قال ابن القيم<br />

–<br />

)1855(<br />

فانفردوا بتحرمي ذَبئح أهل الكتاب وهذا القول خمالف للكتاب والسنة<br />

وإمجاع الصحابة والتابعني ومن بعدهم فال يلتفت إليه،‏ كما قال ابن القيم حيث بني بطالنه <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )506/1- وما<br />

بعدها(.‏<br />

.)237/3(<br />

)1856(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ واجملموع،‏ للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني،‏ للنووي<br />

بداية اجملتهد،‏ البن رشد )263/2(.<br />

‏)‏‎1857‎‏("قال األثرم:‏ وما علمت أحداً‏ كرهه من أصحاب النيب إال علياً"،‏ املغين،‏ البن قدامة )228/13(.<br />

)1858(<br />

)1859(<br />

)1860(<br />

)1861(<br />

)1862(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وتفسري ابن جرير الطربي )102/6(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 78<br />

ينظر:‏ األطعمة،‏ لصاحل الفوزان،‏ ص‎107‎ ، وأحكام األطعمة ، أبو سريع ، ص )193(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(.


واتفق أهل العلم على أن من كان أبواه كتابيني فإنه حتل ذبيحت ه واختلف وا فيم ا إذا ك اان غ ري كت ابيني أو<br />

أحدمها كذلك دون اآلخر.‏ )1863(<br />

فالقول األول:‏ حل ذبيحته.‏<br />

وهو قول احلنفية واملالكية وقول للشافعي إذا كان األب كتابياً،‏ ورواية عن أمحد.‏ )1864(<br />

و القول الثاين:‏ حترميها.‏<br />

وهو قول مالك<br />

األدلة:‏<br />

–<br />

استدل أصحاب القول األول:‏<br />

إن كاان غري كتابيني )1865(<br />

–<br />

والشافعي،‏ ورواية عن أمحد وعليها أصحابه.‏ )1866(<br />

أبن االعتبار بدين الذابح ال بدين أبيه بدليل أن االعتبار <strong>يف</strong> قبول اجلزية بذلك،‏ ولعموم النص والقياس<br />

فهو كتايب يُِّقرُّ‏ على دينه فتحل ذبيحته كما لو كان اب ن كت ابيني؛ وألن جع ل الول د تبع اً‏ للكت ايب منهم ا<br />

أوىل ألنه خريمها ديناً.‏ )1867(<br />

و استدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

أبنه وجد ما يقتضي التحرمي واإلَبحة فَغُل ‏َب ِّ م ا يقتض ي التح رمي كم ا ل و جرح ه مس لم وجموس ي،‏<br />

وجود ما يقتضي التحرمي:‏ أن كونه ابن جموسي أو وثين يقتضي حترمي ذبيحته.‏ )1868(<br />

وبي ان<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

‏ُّل ذَبئحهم ومناكحتهم مرتب عل ى أدايهن م ال عل ى أنس اهبم ف ال يكش ف<br />

قال ابن القيم رمحه هللا : " حِّ‏<br />

عن آَبئهم هل دخلوا <strong>يف</strong> الدين قبل املبعث أو بعده ... فإن هللا سبحانه أمرهم ‏َبجلزية ومل يشرتط ذلك<br />

)1869(<br />

وأَبح ذَبئحهم وأطعمتهم ومل يشرتط ذلك <strong>يف</strong> حلها".‏<br />

)1863(<br />

)1864(<br />

)1865(<br />

)1866(<br />

)1867(<br />

)1868(<br />

)1869(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وبداية اجملتهد،‏ البن رشد )264/2(، واملدونة )573/1(، وشرح خليل،‏ للخرشي )6/3(، واجملموع،‏<br />

للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج،‏ للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )237/3(، واملغين،‏ البن قدامة )228/13(، و<br />

أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )506/1(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

املصادر السابقة،‏ وقد قال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )294/13(: ‏)إن كان ابن وثنيني أو جموسيني فمقتضى مذهب األئمة الثالثة حترميه<br />

ومقتضى مذهب أيب حن<strong>يف</strong>ة حله(‏ ورد عليه شيخ <strong>اإلسالم</strong> بقوله:‏ ‏)حكي ذلك عن مالك وغالب ظين أن هذا غلط على مالك فإين مل<br />

أجده <strong>يف</strong> كتب أصحابه(،‏ جمموع الفتاوى )221/35(.<br />

املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(، واملغين،‏ البن قدامة )294/13(.<br />

املصادر السابقة.‏<br />

أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )506/1(.


وعليه فالراجح حلها مطلقاً‏ ولعموم النصوص والقياس كما تقدم.‏<br />

<br />

املسألة الثالثة:‏ شروط حل ذبيحة الكتايب:‏<br />

من أهم الشروط <strong>يف</strong> حل ذبيحته:‏<br />

-1<br />

أال يكون مما حرمه هللا علينا بعينه كاخلنزير والدم أو بوصفه كامليتة،‏ لقوله سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقول ه:‏ <br />

)1870( <br />

<br />

<br />

، ولقول ه:‏ <br />

)1871( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1872(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

التذكي ة الش رعية،‏ لقول ه<br />

س بحانه <strong>يف</strong> آي ة املائ دة الس ابقة:‏<br />

-2<br />

أي ال خي رج م ن حك م احلرم ة إال احلي وان ال ذي مي وت بت ذكيتكم ولعم وم<br />

<br />

األدل ة <strong>يف</strong> اش رتاط ال ذكاة حل ل األك ل،‏ وه ذا ق ول مج اهري الفقه اء ف إن خ الف الكت ايب<br />

ذلك صارت كامليتة.‏<br />

وذه ب بع ض املالكي ة<br />

اب ن الع ريب )1873(<br />

املالكية )1874(<br />

إىل ح ل م ا خنق ه الكت ايب بقص د التذكي ة كم ا ن ص عل ى ذل ك<br />

إال أن ه اض طرب وذك ر التح رمي <strong>يف</strong> موض ع آخ ر لك ن بع ض<br />

أيده <strong>يف</strong> قوله ‏َبحلل وهو اختيار علماء األزهر وحممد رشيد.‏ )1875(<br />

والراجح حترمي ذلك؛ ألن هللا تعاىل حرم علينا أكل امليتة واملنخنقة واملوقوذة،‏<br />

وما يقتله<br />

الكت ايب عل ى ه ذا الوج ه مم ا ح رم هللا ؛ ألن ه إم ا ميت ة أو منخنق ة ... إخل حس ب أداة<br />

وك<strong>يف</strong>ية القتل.‏<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

. 145<br />

.<br />

173<br />

.<br />

3<br />

<strong>يف</strong> أحكام القرآن )556/2(، وتقدمت ترمجته ص<br />

كالونشريسي <strong>يف</strong> املعيار املعرب )9/2(.<br />

.26<br />

ينظر:‏ فقه األقليات،‏ خالد عبد القادر،‏ ص )503( ، وتقدمت ترمجة رشيد ص<br />

.356<br />

)1870(<br />

)1871(<br />

)1872(<br />

)1873(<br />

)1874(<br />

)1875(


وكم ا أن اخلنزي ر م ن طع امهم وال قائ ل حبل ه لن ا فك ذلك ه ذا املقت ول عل ى غ ري وجه ه<br />

الشرعي؛ ألن امليتة واخلنزير حرما <strong>يف</strong> اآلي ة نفس ها وعم وم اآلي ة املبيح ة لطع امهم مقي د<br />

‏َبحملرمات <strong>يف</strong> األخرى واحلاظر يقدم على املبيح إذا تعارضا.‏ )1876(<br />

التسمية.‏<br />

وقد اختلف أهل العلم هنا <strong>يف</strong> مسألتني:‏<br />

-3<br />

األوىل:‏ ما تركوا التسمية عليه ابلكلية،‏ فللعلماء فيه قوالن:‏<br />

األول:‏ التحرمي،‏ وهو قول احلنفية واحلنابلة.‏ )1877(<br />

الثاين:‏ اإلَبحة وهو قول املالكية والشافعية.‏ )1878(<br />

واستدل أصحاب القول األول:‏ أبن التسمية ش رط <strong>يف</strong> ح ل ذبيح ة املس لم فالكت ايب م ن ‏َبب أوىل،‏ وإن قي ل<br />

إهنا ليست بشرط <strong>يف</strong> املسلم فألن اسم هللا <strong>يف</strong> قلبه وإن تركه بلسانه والنسيان معفو عنه خبالف الكتايب.‏<br />

واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

<br />

<br />

بظ اهر الق رآن <br />

فظاهره ا العم وم فيتن اول م ا مل ي ذكر اس م هللا<br />

عليه.‏<br />

–<br />

وألن التسمية إذا مل تكن شرطاً‏ <strong>يف</strong> ذبيحة املسلم –<br />

على قول<br />

مل تكن شرطاً‏ <strong>يف</strong> ذبيحة الكتايب.‏ )1879(<br />

)1876(<br />

)1877(<br />

)1878(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5( وما بعدها،‏ وحاشية ابن عابدين )428/9(، والفروع البن مفلح مع تصحيح املرداوي<br />

وحاشية ابن قندس،‏ حتقيق الرتكي )399/10(، واملغين،‏ البن قدامة )294/13(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )264/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )583/1(، واجملموع،‏ للنووي )53-52/9(،<br />

ومغين احملتاج،‏ للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )237/3(، وجملة اجملمع الفقهي ع‎3‎<br />

.)404/2(<br />

)1879(<br />

املصادر السابقة.‏


املناقشة والرتجيح:‏<br />

محل املالكية اآلية اليت تنهى عن أكل ما مل يذكر اسم هللا علي ه عل ى م ا إذا ك ان ال ذابح مس لماً‏ أم ا الكت ايب<br />

فال،‏ ورد ذلك أبن النص مطلق فيشمل كل ذابح وذبح.‏<br />

ومح ل الش افعية اآلي ة ال يت حت رم أك ل م ا مل ي ذكر اس م هللا علي ه عل ى م ا ذك ر علي ه غ ري اس م هللا،‏ وقول ه:‏<br />

<br />

جممل مفسر آبية األنعام ‏)قل ال أجد..(‏ اآلية ، ومفهومه جواز األكل إذا مل يكن فسقاً‏ .<br />

ون وقش ذل ك أبن التأكي د أبن وال الم <strong>يف</strong> قول ه:‏ <br />

ينف ي ك ون اجلمل ة حالي ة واإلمج اع ممن وع<br />

الش تهار مع ىن الفس ق،‏ و<strong>يف</strong> اآلي ة بي ان أن احلرم ة لع دم ذك ر اس م هللا؛ ألن التح رمي يوص ف<br />

وهو املوجب للحرمة.‏<br />

بذلك الوص ف<br />

<br />

والراجح اشرتاط التسمية <strong>يف</strong> حل ذبيحة املسلم لظاهر النص،‏ وعليه فالكتايب أوىل،‏ وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

وه ذا يش مل ذبيح ة الكت ايب وه و خمص ص لعم وم اآلي ة<br />

)1880( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الس ابقة؛ ألن امل راد هب ا م ا ذحب وه بش رطه كاملس لم وم ن ش رطه التس مية،‏ ف ال حت ل ذبيح ة الكت ايب إذا ت رك<br />

التسمية عليها،‏ قال اب ن الق يم:‏ " لعم ر هللا إهن ا لش رط بكت اب هللا وس نة رس وله وأه ل الكت اب وغ ريهم فيه ا<br />

ا.ه<br />

سواء فال يؤكل مرتوك التسمية سواء ذحبه مسلم أو كتايب لبضعة عشر دليالً"‏ )1881(<br />

<br />

<br />

ولعل <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

إش ارة إىل ه ذا؛ ألن اخلط اب هن ا يش مل<br />

املخاطبني من املسلمني وكذلك أهل الكتاب الذين حتل ذَبئحهم كاملسلمني.‏<br />

املسألة الثانية:‏ ما مسوا عليه غري هللا كاملسيح مثالً‏ فهل يلحق مبا تقدم أم ال؟<br />

اختلف العلماء فيه على ثالثة أقوال:‏<br />

)1882(<br />

األول:‏ التحرمي،‏ وهو قول احلنفية،‏ والشافعية،‏ وأصح الروايتني عن أمحد.‏<br />

الثاين:‏ اإلَبحة،‏ وهو رواية عن أمحد وقول مجاعة من السلف.‏ )1883(<br />

<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

. 121<br />

أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )510/1(، ومن تلك األدلة قوله سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

)1880(<br />

)1881(<br />

<br />

<br />

<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏ 4.<br />

وقوله سبحانه:‏<br />

سورة<br />

األنعام،‏ اآلية:‏<br />

<br />

<br />

. 119 ، وقوله سبحانه:‏ <br />

)1882(<br />

سورة احلج،‏ اآلية:‏ .<br />

وأما إن نسيها فتقام امللة مقام التسمية <strong>يف</strong> حق الناسي؛ ألنه معذور،‏ ينظر:‏ تبيني احلقائق )288/5(، وفقه األقليات،‏ )508(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )75/5(، وحاشية ابن عابدين )428/9(، واجملموع للنووي )53-52/9(، ومغين احملتاج<br />

للشربيين )266/4(، وروضة الطالبني )237/3(، وحاشية ابن قندس )403/10(، واملغين،‏ البن قدامة )294/13(، وهبذا أفتت<br />

اللجنة الدائمة كما <strong>يف</strong> الفتوى رقم )1216(.


الثال ث:‏ التفص يل،‏ ف إن ك انوا ذحب وه تق رَبً‏ آلهل تهم وترك وه فل م ينتفع وا ب ه ف ال حي ل لن ا أكل ه؛ ألن ه ل يس م ن<br />

طعامهم وما ذحبوه ألنفسهم بقصد األكل منه ولو <strong>يف</strong> أعيادهم لكن مسوا عليه اسم آهلتهم تربكاً‏ فيك ره أكل ه<br />

وال حيرم،‏ وهذا قول املالكية.‏ )1884(<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

بقوله سبحانه:‏ <br />

، وبقوله س بحانه:‏<br />

وه ذا ص ريح ع ام <strong>يف</strong> حت رمي ك ل م ا ذب ح لغ ري هللا ومن ه ه ذا ألهن م أخلص وا الكف ر عن د<br />

)1885( <br />

<br />

<br />

تلك الذبيحة.‏ )1886(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ونوقش أبنه مقيد بقوله:‏ <br />

فهي خمصصة لاية السابقة.‏ )1887(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة.‏<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )264/2(، عقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )583/1(، وحاشية الدسوقي )53/1(.<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 173<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )510/1(، وما بعدها.‏<br />

وسيأيت اجلواب عن ذلك قريباً‏ ، و ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )428/9(.<br />

)1883(<br />

)1884(<br />

)1885(<br />

)1886(<br />

)1887(


واستدل أصحاب القول الثاين:‏<br />

أبن ه ذا م ن طع امهم وق د أَبح ه هللا لن ا م ع علم ه أهن م يس مون غ ري امس ه،‏ فل و ك ان حمرم اً‏ لبُنيِّ‏ ْ إذا ال جي وز<br />

أتخري البيان عن وقت احلاجة،‏ وقد أكل النيب من الشاة املسمومة اليت قدمها له اليه ود ومل يس أل أذك ر<br />

اسم هللا عليها أم ال؟ )1888(<br />

<br />

واستدل أصحاب القول الثالث:‏<br />

بعم وم قول ه:‏<br />

فإن ه يص رفه ع ن التح رمي إىل الكراه ة ل ذكر اس م<br />

<br />

)1889(<br />

اآلهلة.‏<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

الراجح القول األول لعموم اآلية وإَبحة ذَبئح أه ل الكت اب وإن كان ت مطلق ة لكنه ا مقي دة مب ا مل يهل وا ب ه<br />

لغري هللا فيحمل املطلق على املقيد مجعاً‏ بني النصوص،‏ وال يصح العكس لوجوه )1890( :<br />

أحدها:‏ النص على حترمي م ا مل ي ذكر اس م هللا علي ه <strong>يف</strong> قول ه س بحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

فنص على حترمي أكله،‏ وأخرب أبنه فسق و<strong>يف</strong> هذا تنبيه على أن ما ذكر اس م هللا<br />

عليه أشد وأوىل <strong>يف</strong> التحرمي والفسق فال حيل.‏<br />

الثاين:‏ أن إَبحة طعامهم خص منه مما يستحلونه مماه هو حمرم علينا كامليتة وحلم اخلنزير فألن خي ص من ه م ا<br />

يستحلونه مما أهل به لغري هللا من ‏َبب أوىل.‏<br />

الثالث:‏ أنه تعارض دليل احلظر واإلَبحة فريجح احلظر؛ ألنه أحوط.‏<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong>:"‏ ‏)وما أهل به لغري هللا(‏ عم وم حمف وظ مل ت ص من ه ص ورة خب الف طع ام ال ذين أوت وا<br />

الكت اب فإن ه يش رتط ل ه ال ذكاة املبيح ة فل و ذك ى الكت ايب <strong>يف</strong> غ ري احمل ل املش روع مل يبح ذكات ه ألن غاي ة<br />

الكتايب أن تكون ذكاته كاملسلم واملسلم لو ذبح لغري هللا أو ذب ح ‏َبس م غ ري هللا مل يب يح وإن ك ان يكف ر<br />

ب ذلك فك ذلك ال ذمي ألن قول ه تع اىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

سواء،‏ وهم وإن كانوا يستحلون ه ذا وحن ن ال نس تحله فل يس ك ل م ا اس تحلوه حي ل لن ا؛ وألن ه<br />

تع ارض ح اظر ومب يح فاحل اظر أوىل أن يق دم؛ وألن ال ذبح لغ ري هللا أو ‏َبس م غ ريه ق د علمن ا يقين اً‏ أن ه ل يس<br />

.)2190(<br />

)1888(<br />

)1889(<br />

)1890(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي،‏ ‏َبب الشاة اليت مست للنيب رقم )4003( ومسلم <strong>يف</strong> كتاب السالم،‏ ‏َبب السم،‏ رقم<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )264/2(، وعقد اجلواهر الثمينة،‏ البن شاس )583/1(.<br />

ينظر:‏ أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )527/1(.


من دين األنبياء عليهم السالم فهو من الشرك الذي أحدثوه فاملعىن الذي ألجله حلَّ‏ ت ذَبئحه م منت ف <strong>يف</strong><br />

هذا".‏ )1891(<br />

الرابع:‏ أن ما أهل به لغري هللا ال جيوز أن أتيت الشريعة إبَبحته أصالً‏ فإنه مبنزلة عبادة غري هللا.‏<br />

وما استدل به أصحاب القول الثاين م ردود أبن هللا س بحانه ك ان يعل م أيض اً‏ أن النص ارى م ن أه ل الكت اب<br />

أيكل ون اخلنزي ر ويش ربون اخلم ر وه و ال ذي أَبح لن ا ذَبئحه م وح رم علين ا م ا أه ل لغ ري هللا ب ه فيج ب أن<br />

يكون حكم احلل مراعى فيه حكم اآلية األخ رى مبع ىن أن ذبيح تهم حت ل بش رط ع دم اإله الل عليه ا بغ ري<br />

<br />

<br />

اسم هللا و إال فلماذا ال نستخرج من قوله:‏ <br />

إَبحة ذلك<br />

أيضاً؟<br />

وأم ا اس تدالهلم بش اة اليه ود املس مومة فإمن ا يص ح ل و ثب ت أن اليه ود <strong>يف</strong> ذل ك الزم ان م ا ك انوا ي ذكرون<br />

اسم هللا على ذَبئحهم وأنه رغم علمه هبذا أكل من ذبيحتهم،‏ وأم ا جم رد أن ه أك ل م ن ذبيح تهم ومل<br />

يسأل فال دليل فيه على استثنائهم من وجوب التسمية.‏ )1892(<br />

وقال ابن كثري:‏ ‏"إن أهل الكتاب<br />

–<br />

<strong>يف</strong> ذلك الوقت – كانوا ي ذكرون اس م هللا عل ى ذَبئحه م وق رابينهم<br />

وكانوا متعبدين بذلك وهلذا فإن هللا تعاىل مل يبح ذَبئح من عداهم من أهل الشرك ومن شاهبهم ألهنم ال<br />

يذكرون اسم هللا على ذَبئحهم".‏ )1893(<br />

اقتضاء الصراط املستقيم،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية )60-59/2(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )428/9(، وذَبئح أهل الكتاب،‏ أليب يعلى املودودي،‏ ص)‏‎30‎‏(‏ بتصرف.‏<br />

تفسري ابن كثري )27/2(، وسبقت ترمجته ص<br />

. 35<br />

)1891(<br />

)1892(<br />

)1893(


وسبب اخلالف <strong>يف</strong> هذه املسألة واليت قبلها التعارض بني عمومني.‏ )1894(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فف ي األوىل تع ارض قول ه:‏ <br />

م ع قول ه:‏<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> الثاني ة تع ارض م ع قول ه:‏ <br />

والقاع دة األص ولية تق ول:‏ إذا تع ارض<br />

–<br />

عمومان يرجح العموم احملفوظ –<br />

الباقي على عمومه<br />

على العم وم ال ذي خ ص من ه ص ور وه ذا يؤي د<br />

ما تقدم ترجيحه <strong>يف</strong><br />

املسألتني.‏<br />

وتفري ق املالكي ة ال دلي ل علي ه؛ ألن عل ة التح رمي ال ذبح لغ ري هللا وه ي متحقق ة <strong>يف</strong> ك ل ح ال وم ا ذحب وه<br />

وتقربوا به لغري هللا فهو شرك ويدخل فيما أهل به لغري هللا ولو ذكروا علي ه اس م هللا ومن ه م ا يذحبون ه <strong>يف</strong><br />

أعيادهم وكنائسهم إذا نوى هبا التقرب إىل غري هللا،‏ ونقلت الرخصة فيها عن طائفة من الصحابة رضي<br />

)1895(<br />

هللا عنهم وهذا فيما إذا مل يسموا غري هللا.‏<br />

ومن اخلطأ ما علل به بعض املعاصرين <strong>يف</strong> إَبح ة ذَبئ ح أه ل الكت اب مطلق اً‏ لعم وم االب تالء مبخ الطتهم<br />

للمس لمني واحتي اجهم إىل م ا يذحبون ه <strong>يف</strong> ك ل زم ان ومك ان فه ذا غل ط واض ح مل يق ل ب ه أح د م ن<br />

املس لمني ف إن خمالط ة املس لمني للمش ركني كم ا <strong>يف</strong> مك ة و الط ائف وغريمه ا أعظ م وأكث ر م ن خم الطتهم<br />

ألهل الكتاب ومع هذا مل تبح ذَبئحهم والذبيحة برتك التسمية عليها أو بذكر اسم غري هللا عليها حتمل<br />

اخلبث وهللا سبحانه وتعاىل حرم علينا اخلبائث واخلبث.‏ )1896(<br />

وإذا مل تعل م تس ميته فإن ه ال يس أل عنه ا وال ت رتك ذبيحت ه إال ب دليل ق اطع عل ى وج ود م ا حيرمه ا إذا<br />

)1897(<br />

األصل احلل مث إن الشرط مىت شق العلم به وكان فيه أعظم احلرج سقط اعتبار العلم به.‏<br />

وال يباح للسائح <strong>يف</strong> بالد الكفر أكل ما مل يذبح على الطريقة الشرعية إال للضرورة املبيح ة للمحظ ور<br />

،<br />

أما كون املسلم يشق عليه حتصيل احلالل فإن هذا ال جيعل ه مضطراً‏ فبإمكان ه حتص يل الطع ام املب اح م ن<br />

األمساك واحلبوب واأللبان وغريها.‏<br />

)1894(<br />

)1895(<br />

)1896(<br />

)1897(<br />

ينظر:‏ بداية اجملتهد،‏ البن رشد )264/2(.<br />

ينظر:‏ اقتضاء الصراط املستقيم،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> )57/2(، وحاشية ابن قاسم على الروض املربع )454/7(.<br />

ينظر:‏ حكم اللحوم املستوردة وذَبئح أهل الكتاب وغريهم،‏ عبد هللا بن محيد،‏ ص )28( بتصرف،‏ وأحكام األطعمة،‏ أبو سريع ،<br />

ص )193(، وما بعدها.‏<br />

كما ذكر ابن القيم <strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )247/1( و<strong>يف</strong> بداية اجملتهد )450/1(: ‏)إذا مل يعلم أن أهل الكتاب مسوا هللا على<br />

الذبيحة فقال اجلمهور تؤكل وهو مروي عن علي ولست أذكر <strong>يف</strong> هذا الوقت خالفاً(.‏


و<strong>يف</strong> هذا الزمن ابتلي املسلمون بكثرة استرياد اللحوم من بالد غري إسالمية وقد أصدر اجملمع الفقهي <strong>يف</strong><br />

قراره رقم )94( بشأن الذَبئح ما يبني حكم ذلك بقوله:‏<br />

‏)أ(‏ إذا كان استرياد اللحوم من بالد غالبية سكاهنا من أهل الكتاب وتذبح حيواانهتا <strong>يف</strong> اجملازر احلديثة<br />

مبراعاة شروط التذكية الشرعية فهي حلوم حالل.‏<br />

‏)ب(‏ اللح وم املس توردة م ن ب الد غالبي ة س كاهنا م ن غ ري أه ل الكت اب حمرم ة لغلب ة الظ ن أبن إزه اق<br />

روحها وقع ممن ال حتل تذكيته.‏<br />

‏)ج(‏ اللح وم املس تورة م ن ال بالد املش ار إليه ا <strong>يف</strong> البن د الس ابق إذا مت ت ت ذكيتها تذكي ة ش رعية حت ت<br />

إشراف هيئة إسالمية معتمدة وكان املذكي مسلماً‏ أو كتابياً‏ فهي حالل.‏ )1898(<br />

وأف ىت الش يخ اب ن ‏َبز أبن ه إن عل م كوهن ا<br />

م ن ذَبئ ح أه ل الكت اب فاألص ل حله ا م ا<br />

مل يعل م أهن ا ذحب ت<br />

على غري الوجه الشرعي؛ ألنه ال يعدل عن األصل إال بيقني وإن كان من غري ذَبئح أهل الكتاب وإمنا<br />

من بقية الكفار فهي حرام وال تكفي التسمية عليها عند<br />

غسلها أو أكلها.‏ )1899(<br />

وأفتت اللجنة الدائمة بنحو ذلك وأن الكتايب إذا ذكر اسم غري هللا عليه ا أو مل<br />

ي ذكره عم داً‏ أو ض رهبا <strong>يف</strong><br />

رأس ها مبس دس أو ‏َبلطع ن الكهرَبئ ي وحن و ذل ك فه ي ميت ة حمرم ة وعلي ه،‏ وكم ا أف ىت الش يخ اب ن عثيم ني<br />

أيضاً)‏‎1900‎‏(‏ ، فإن هلذه اللحوم ثالثة أحوال إذا كانت من كتابيني:‏<br />

األوىل:‏ أن نعلم أبن ذحبه كان على الطريقة <strong>اإلسالم</strong>ية بذكاة وتسمية فاملذبوح حالل.‏<br />

الثاني ة:‏ أن نعل م أبن ذحب ه ك ان عل ى غ ري الطريق ة اإلس المية مث ل اخلن ق والطع ن والض رب وت رك التس مية أو<br />

ذكر غري اسم هللا أو ذحبها لصنم وحنوه تقرَبً‏ فاملذبوح حرام.‏<br />

الثالثة:‏ أن نعلم أن الذبح وقع وجنهل ك<strong>يف</strong>يته وصفته وهل مسى عليها أم ال؟<br />

فهنا األصل حله وال جيب السؤال عنه<br />

تيسرياً‏ على العباد ويدل عليه قصة أكله <br />

تق دم وحل ديث عائش ة رض ي هللا عنه ا أن قوم اً‏ ق الوا للن يب <br />

من الشاة املسمومة كما<br />

إن قوم اً‏ أت وان بلح م ال ن دري أذك ر اس م هللا<br />

عليه أم ال فقال:‏ ‏))مسوا عليه أنتم وكلوه((‏ قالت:‏ وكانوا حديثي عهد بكفر فالشك موج ود وك وهنم ح ديثوا<br />

عهد ‏َبلكفر قرينة له فقد جيهلون أن التسمية ش رط للح ل لق رب نش أهتم <strong>يف</strong> اإلس الم فإحالل ه <br />

دليل على ما تقدم؛ وألن األصل <strong>يف</strong> األفعال والتصرفات الواقعة من أهلها الصحة.‏ )1901(<br />

م ع ذل ك<br />

)1898(<br />

)1899(<br />

)1900(<br />

)1901(<br />

ينظر:‏ قرارات اجملمع الفقهي املنبثق من منظمة املؤمتر <strong>اإلسالم</strong>ي ، ص )224(.<br />

ينظر:‏ أحباث هيئة كبار العلماء )546/2(، وما بعدها.‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف،‏ وعليه ال يصح استدالل املهلب حبديث عائشة السابق والذي رواه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الصيد<br />

والذَبئح،‏ ‏َبب ذبيحة األعراب وحنوهم ، ص‎474‎‏،‏ رقم )5507( على أن التسمية ليست فرضاً‏ بل سنة؛ ألنه انب والسنة ال تنوب عن


وق د ص در بي ان هليئ ة كب ار العلم اء <strong>يف</strong> اململك ة <strong>يف</strong> ه ذا املوض وع بن اءً‏ عل ى مكاتب ات وتق ارير ح ول واق ع<br />

ال ذَبئح املس توردة توص لت في ه إىل أن ه ال اطمئن ان حي ل األك ل منه ا ب ل يبق ى الش ك عل ى األق ل يس اور<br />

النفوس <strong>يف</strong> موافقة ذحبها للطريقة <strong>اإلسالم</strong>ية واألصل املنع.‏ )1902(<br />

)1902(<br />

الفرض بل هو دليل على أنه ال يلزم أن يعلموا التسمية فيما جيلب ألسواق املسلمني.‏ ومتام احلديث:‏ ‏)وكانوا حديثي عهد بكفر(‏ فدل<br />

على لزوم التسمية و إال لبني هلم عدم لزومها فال يصح أتخري البيان عن وقت احلاجة.‏<br />

ينظر:‏ نيل األوطار )140/8(، وسبل السالم )1406/4(، وفقه األقليات،‏ خالد عبد القادر،‏ ص )507(.<br />

أحباث هيئة كبار العلماء )546/2(.


املطلب الرابع عشر<br />

املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم


املطلب الرابع عشر:‏ املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم.‏<br />

في ه<br />

للكفار على اختالف مللهم وحنلهم أعياد كثرية متنوعة منها ما هو ديين<br />

–<br />

–<br />

من أساس دينهم أو مما أحدثوه<br />

وكث ري م ن أعي ادهم م ن قبي ل الع ادات واملناس بات كاألعي اد القومي ة وغريه ا ول يس عل ى املس لم أن<br />

يبح ث عنه ا وال يعرفه ا ب ل يكفي ه أن يع رف <strong>يف</strong> أي فع ل أو ي وم أو مك ان خص وه بعي د أن س ببه تعظ يمهم<br />

هلذا املكان أو الزمان وأنه ال أصل له <strong>يف</strong> دين <strong>اإلسالم</strong> وأقل أحواله أنه من البدع.‏<br />

وقد ابتلي كثري من املسلمني ‏َبملشاركة <strong>يف</strong> أف راح الكف ار وأعي ادهم وه ذه املش اركة ق د تتمث ل <strong>يف</strong> حض ور تل ك<br />

املناس بات واالحتف ال هب ا وإجاب ة دع وهتم إليه ا جمامل ة هل م أو ملص احل دنيوي ة أو جه الً‏ حبك م ذل ك أو تك ون<br />

املش اركة بنق ل احتف االهتم إىل ب الد اإلس الم وال رتويج لتل ك األعي اد والش عائر وتقلي دهم فيها وم وافقتهم <strong>يف</strong><br />

أفع اهلم ف<strong>يف</strong>عل ون فيه ا كم ا <strong>يف</strong>ع ل الكف ار أو ‏َبإلعان ة عل ى عي دهم ببي ع أو ش راء أو إه داء أو مكاف أة هل م أو<br />

بتهنئ تهم بتل ك األعي اد أو ‏َبس تعمال مص طلحاهتا ومس مياهتا <strong>يف</strong> اجتماع ات املس لمني ومس راهتم وأف راحهم<br />

كاس تخدام لف ظ املهرج ان عل ى ك ل جتم ع كب ري م بهج وحن و ذل ك م ن أوج ه املش اركة،‏ وهللا تع اىل يق ول:‏<br />

<br />

ول:‏ <br />

)1903(<br />

ويق <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1904(<br />

<br />

<br />

أي:‏ عيداً‏ خيتصون به.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فم ا حيص ل م ن بع ض املس لمني<br />

– ه داهم هللا –<br />

م ن املش اركة واملش اهبة واالغ رتار والف رح أبعي اد الكف ار<br />

وأفراحهم السيما <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حي ث يكث ر ذلك حبج ة الفرج ة والنزه ة وم ا عل م ه ؤالء أن ه ذا االحتف ال م ا<br />

هو إال إحياء لشعائر أهل الكفر ونصرة لباطلهم وإظهار وإعالء له.‏<br />

ومن أصول الدين ومبانية وقواع ده الراس خة ال والء لإلس الم وأهل ه وال رباءة م ن الكف ر وأهل ه ، وم ن حمتم ات<br />

تلك الرباءة متيز املسلم عن أهل الكفر وإظهار اعتزازه بدينه وفخره إبسالمه وعدم التشبه والتقليد مبن أذهلم<br />

هللا وغضب عليهم وأضلهم عن طريقه املستقيم وهذا االعتزاز والتميز من أحسن القول،‏ كم ا ق ال س بحانه:‏<br />

والش ك أن<br />

)1905( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<strong>يف</strong> تل ك املش اركة مهم ا ك ان نوعه ا دالئ ل ظ اهرة عل ى م ودهتم وحمب تهم وه ذا من اقض ألص ول ال دين ف اهلل<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

سورة احلج،‏ اآلية:‏<br />

سورة فصلت،‏ اآلية:‏<br />

. 48<br />

. 67<br />

. 33<br />

)1903(<br />

)1904(<br />

)1905(


س بحانه يق ول:‏ <br />

<br />

<br />

)1906(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

واملشاهبة تورث املودة واحملبة واملواالة <strong>يف</strong> الباطن كما أن احملبة <strong>يف</strong> الباطن تورث املشاهبة <strong>يف</strong> الظاهر.‏<br />

وأمج ع الفقه اء عل ى حت رمي حض ور أعي ادهم أو التش به هب م فيه ا أو مش اركتهم فيه ا أبي ش كل ك ان؛ ألدل ة<br />

كثرية منها:‏<br />

)1907( <br />

<br />

<br />

<br />

بحانه:‏ قول ه س <br />

أي ال مي الئون أه ل<br />

-1<br />

الش رك عل ى ش ركهم وال خي الطوهنم بغ ري إنك ار وفس ر ال زور أبعي اد الكف ار؛ ألهن م عل ى<br />

منك ر وإذا خ الط أه ل املع روف أه ل املنك ر بغ ري اإلنك ار عل يهم ك انوا كالراض ني<br />

املؤثرين له فيخشى من نزول سخط هللا<br />

ما تقدم ذكره <strong>يف</strong> النهي عن التشبه ‏َبلكفار.‏<br />

على مجاعتهم فيعم اجلميع.‏<br />

مناقضة ذلك ألصول الدين <strong>يف</strong> الوالء والرباء كما سبق.‏<br />

اإلمجاع املنعقد <strong>يف</strong> عهد الصحابة والتابعني على عدم حضورها ودليله من وجهني:‏<br />

ب ه<br />

األول:‏ أن أه ل الكت اب وج دوا ب ني املس لمني وأق روا عل ى البق اء مقاب ل اجلزي ة،‏ وك انوا<br />

حيتفلون أبعيادهم ومل يش راكهم فيها أحد من املسلمني فلوال قيام امل انع لوج د املقتض ي<br />

ووقع فعلم أن الدين هو املانع من ذلك.‏<br />

الث اين:‏ م ا ج اء <strong>يف</strong> ش روط عم ر رض ي هللا عن ه<br />

– وتق دم ذكره ا –<br />

أن أه ل الذم ة ال<br />

يظهرون أعيادهم <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> فإذا اتفق املسلمون على منعهم من إظهاره ا فكي ف<br />

مبن يشاركهم فيها من املسلمني.‏<br />

ما ورد عن الصحابة والتابعني <strong>يف</strong> املنع من ذلك والتح ذير من ه،‏ فق د ذك ر البيهق ي <strong>يف</strong><br />

‏َبب كراهية الدخول على أهل الذمة <strong>يف</strong> كنائسهم والتشبه هب م ي وم ن ريوزهم ومهرج اهنم<br />

شيئاً‏ من ذلك.‏ )1908(<br />

وألن مشاركتهم فيها وهتنئتهم هبا والتش به هب م إق رار هل م عل ى كف رهم وتعظ يم ل ه وإعان ة<br />

عل ى اإلمث والع دوان ورض ى مب ا ه م علي ه م ن املنك ر<br />

وهللا ال يرض ى ذل ك كم ا ق ال<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

س بحانه:‏ <br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

سورة الفرقان،‏ اآلية:‏<br />

.<br />

. 51<br />

72<br />

كما سبق ، ص )441( ، والبيهقي تقدمت ترمجته ص . 150<br />

)1906(<br />

)1907(<br />

)1908(


، )1909( <br />

<br />

<br />

<br />

وخالقن ا تع اىل،‏ وعلي ه<br />

فكي ف نق ر وهنن عل ى كف ر ال يرض اه ربن ا<br />

ف إهنم إذا هن ؤوان أبعي ادهم فإنن ا ال جني بهم عل ى ذل ك؛ ألهن ا<br />

ليس ت أبعي اد لن ا؛ وألهن ا أعي اد ال يرض اها هللا تع اىل؛ ألهن ا إم ا مبتدع ة <strong>يف</strong> دي نهم أو<br />

مش روعة فس خها اإلس الم:‏<br />

<br />

<br />

)1910(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وإجابة دعوهتم هلا حمرم أيضاً؛ ألنه أعظم من هتنئتهم<br />

، وم ن فعل ه أمث س واء فعل ه جمامل ة أو ت ودداً‏ أو حي اءً‏ أو لغ ري ذل ك؛ ألن ه م ن املداهن ة<br />

<strong>يف</strong> دي ن هللا وم ن أس باب تقوي ة نف وس الكف ار وفخ رهم ب دينهم،‏ وأق بح م ن ه ذا فع ل<br />

بعض السياح م ن املس لمني <strong>يف</strong> حض وره تل ك األعي اد حبج ة النزه ة والفرج ة وحترمي ه م ن<br />

‏َبب أوىل ملا تقدم.‏<br />

لكن إذا ك ان <strong>يف</strong> ش هود أعي ادهم مص لحة راجح ة ش رعاً‏ ج از ذل ك ك دعوهتم لإلس الم<br />

ورجاء هدايتهم بذلك لفعله <br />

مع الصيب اليهودي الذي ع اده <strong>يف</strong> م رض موت ه ودع اه<br />

لإلسالم فأسلم،‏ لكن كثرياً‏ ما تش تبه املص احل الديني ة ‏َبألغ راض الشخص ية في زعم أبهن ا<br />

أغراض دينية ومصاحل شرعية وليست كذلك.‏<br />

كما أن لْ‏ ‏َجأْ‏ إىل ذل ك ل دفع ض رر غال ب ال ميك ن حتمل ه ع ادة ل ه أن حيض ر وجيام ل<br />

املُ‏<br />

<strong>يف</strong> الظ اهر م ع اإلنك ار ‏َبلقل ب؛ ألن الض رورات تب يح احملظ ورات ول دفع الض رر<br />

واملفسدة.‏ )1911(<br />

)1909(<br />

)1910(<br />

)1911(<br />

سورة الزمر،‏ اآلية:‏<br />

. 7<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

. 85<br />

ينظر فيما تقدم:‏ اقتضاء الصراط املستقيم،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> بن تيمية )12-9/2(، وما بعدها،‏ وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم<br />

)1245/3( وما بعدها،‏ وفتاوى ورسائل الشيخ حممد بن إبراهيم،‏ مجع ابن قاسم )253/6-5(، ودليل املسافر،‏ البن ‏َبز،‏ وابن<br />

عثيمني،‏ ص )30/29(، وجملة البيان،‏ العدد )143(، السنة الرابعة عشرة،‏ ص )14( وما بعدها،‏ بتصرف،‏ وقال ابن القيم رمحه هللا:‏ "<br />

وكما أهنم ال جيوز هلم إظهاره فال جيوز للمسلمني مماالهتم عليه وال مساعدهتم وال احلضور معهم ‏َبتفاق أهل العلم الذين هم أهله".‏


املطلب اخلامس عشر<br />

املعامالت التجارية مع الكفار


املطلب اخلامس عشر:‏ املعامالت التجارية مع الكفار.‏<br />

-1<br />

-2<br />

املع امالت ه ي األحك ام الش رعية املتعلق ة أبم ر ال دنيا لتص ر<strong>يف</strong>ها وص يانتها م ن بي ع وش راء وإج ارة وحنوه ا<br />

واإلنس ان م دين بطبع ه ال غ ىن ل ه ع ن ب ين جنس ه <strong>يف</strong> حتقي ق حاجات ه ومص احله كم ا تق دم ، وق د حيت اج <strong>يف</strong><br />

سياحته إىل التعامل التجاري مع الكفار ببيع أو شراء وحنوه والكفار عموماً‏ على قسمني:‏<br />

أهل حرب حتل دماؤهم وأمواهلم وال عصمة هلم.‏<br />

وأهل عهد وذمة وأمان حترم دماؤهم وأمواهلم ما مل ينقضوا عهدهم.‏<br />

-1<br />

وأنه ال يدخل <strong>يف</strong> مواالهتم ملا أييت:‏<br />

وقد قرر الفقهاء جواز التعامل مع الكفار ‏َبلبيع والشراء )1912(<br />

ألن األص ل أن ه ال حي رم عل ى الن اس م ن املع امالت ال يت حيت اجون إليه ا إال م ا دل الكت اب<br />

<br />

والسنة على حترميه،‏ وهللا تع اىل يق ول:‏ <br />

اآلية )1913( ، و<strong>يف</strong> هذا دليل على حل التعامل مع الكافر.‏<br />

<br />

<br />

فيما أحل هللا ما مل يكن فيه مض رة عل ى املس لمني<br />

نقل بعضهم اإلمجاع على جواز ذلك )1914(<br />

وتقوية ألعدائهم به،‏ وعمل املسلمني على ذلك إىل يومنا هذا.‏<br />

س رية الن يب وخلف اؤه وأئم ة املس لمني،‏ فق د س افر للتج ارة وتعام ل م ع الكف ار ‏َبلبي ع<br />

والشراء وغريه،‏ وبوب البخاري : ‏)الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب(،‏ وذكر فيه م ا ي دل<br />

عل ى ذل ك وق ال ش ارحه:‏ " معامل ة الكف ار ج ائزة إال بي ع م ا يس تعني ب ه أه ل احل رب عل ى<br />

املسلمني".‏ )1915(<br />

-2<br />

-3<br />

وعامل النيب <br />

)1916(<br />

اليهود <strong>يف</strong> خيرب ‏َبملساقاة واملزارعة و<strong>يف</strong> املدينة ‏َبلبيع والشراء<br />

واستقرض من يهودي ثالثني عاصاً‏ من شعري وأرهنه درعه )1917(<br />

)1912(<br />

ينظر:‏ العناية للبابريت )39/7(، وبدائع الصنائع،‏ للكاساين )214/7(، وفتاوى ابن رشد،‏ حتقيق املختار بن الطاهر التليلي<br />

)973/2(، وفتح الباري،‏ البن حجر )478/4(، وشرح صحيح مسلم،‏ للنووي )43/11(، وأحكام أهل الذمة،‏ البن القيم<br />

.)551/1(<br />

)1913(<br />

)1914(<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

. 75<br />

)1915(<br />

)1916(<br />

كابن العريب <strong>يف</strong> أحكام القرآن )648/1(، والنووي <strong>يف</strong> شرح صحيح مسلم )43/11(، وقال:‏ أمجع املسلمون على جواز معاملة<br />

أهل الذمة وغريهم والكفار إذا مل يتحقق حترمي ما معه لكن ال جيوز للمسلم أن يبيع أهل احلرب سالحاً‏ وآلة حرب وال يستعينون به <strong>يف</strong><br />

إقامة دينهم وال بيع مصحف وال العبد املسلم لكافر مطلقاً‏ وهللا أعلم"‏ ا.ه ونقل ابن هبرية <strong>يف</strong> اإلفصاح اإلمجاع على صحة بيع كل ‏َبلغ<br />

عاقل خمتار مطلق التصرف )317/1(.<br />

فتح الباري،‏ البن حجر )479-478/4(.<br />

وعليه بوب البخاري ‏)املزارعة مع اليهود(‏ <strong>يف</strong> صحيحه.‏


واشرتى من يهودي سلعة إىل امليس رة )1918( ، ق ال اب ن الق يم:‏ ‏)وفي ه دلي ل عل ى ج واز مع املتهم<br />

ورهنهم السالح(‏ )1919(<br />

وق ال عب د ال رمحن ب ن ع وف رض ي هللا عن ه:‏ " كاتب ت أمي ة ب ن خل ف كت اَبً‏ أبن ح<strong>يف</strong>ظ ين <strong>يف</strong><br />

– أي أهلي ومايل – صياغيت مبكة<br />

وأحفظه <strong>يف</strong> صياغته ‏َبملدينة"‏ )1920(<br />

وقال شيخ <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> معاملة التتار:‏ " جيوز فيها ما جيوز <strong>يف</strong> معاملة أمثاهلم وحيرم فيها ما حيرم<br />

<strong>يف</strong> معامل ة أمث اهلم فيج وز أن ييبت اع الرج ل م ن مواش يهم وخ يلهم وحن و ذل ك كم ا يبت اع م ن<br />

مواشي األعراب والرتكمان واألك راد وجي وز أن يب يعهم م ن الطع ام والثي اب وحن و ذل ك م ا يبيع ه<br />

ألمث اهلم فأم ا إن ‏َبعه م أو ‏َبع غ ريهم م ا يعي نهم ب ه عل ى احملرم ات كبي ع اخلي ل والس الح مل ن<br />

)1921(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يقات ل ب ه قت االً‏ حمرم اً‏ فه ذا ال جي وز ، ق ال تع اىل:‏ <br />

اآلي ة،‏ وإذا ك ان ال ذي معه م أو م ع غ ريهم أم وال يع رف أهن م غص بوها م ن معص وم ف ذلك ال<br />

جيوز اشرتاؤها ملن ميتلكها لكن إذا اشرتيت على طريق االستنقاذ لتصرف <strong>يف</strong> مصارفها الشرعية<br />

فتعاد إىل أصحاهبا<br />

– إن أمكن –<br />

-1<br />

و إال ص رفت <strong>يف</strong> مص احل املس لمني ج از ه ذا و إذا عل م أن<br />

<strong>يف</strong> أمواهلم شيئاً‏ حمرماً‏ ال تعرف عينه فهذا ال حترم معاملتهم فيه كما إذا علم أن <strong>يف</strong> األسواق ما<br />

هو مغصوب ومسروق ومل يعلم عينه".‏<br />

وقال:‏ " إذا سافر الرجل إىل دار احلرب ليشرتي منه ا ج از عن دان كم ا دل علي ه ح ديث جت ارة<br />

أيب بك ر رض ي هللا عن ه <strong>يف</strong> حي اة رس ول هللا إىل أرض الش ام وه ي حين ذاك دار ح رب وغ ري<br />

ذلك من األحاديث".‏<br />

وبناء على هذا فاألصل إَبحة التعامل التجاري مع الكفار عموماً‏ ‏َبلضوابط التالية:‏<br />

أن يك ون ذل ك فيم ا أح ل هللا ومل يتحق ق حت رمي ع ني املتعام ل في ه،‏ واألص ل <strong>يف</strong> املع امالت<br />

هو االلتفات إىل العلل واملصاحل واملقاصد فما حقق منها مصلحة معتربة فهو حالل و إال فال<br />

حيل.‏<br />

)1917(<br />

)1918(<br />

)1919(<br />

)1920(<br />

)1921(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب الرهن ، ‏َبب الرهن عند اليهود،‏ رقم )2513(، ص )198(.<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الرهن،‏ ‏َبب من رهن درعه،‏ رقم )2509(، ص )197(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب الرهن ، ‏َبب الرهن وجوازه <strong>يف</strong><br />

احلظر كالسفر،‏ رقم )1603( ، ص )957(.<br />

أحكام أهل الذمة،‏ البن القيم )551/1(.<br />

أخرجه البخاري ‏،كتاب الوكالة،‏ ‏َبب إذا وكل املسلم حربياً،‏ رقم )2301(، ص )179(.<br />

املسائل املاردينية،‏ ص )132( حتقيق الشاويش،‏ بواسطة الوالء والرباء للقحطاين،‏ ص )356(.


فيح رم التعام ل مب ا ه و ح رام س واء ك ان <strong>يف</strong> ذات ه أو <strong>يف</strong> الوس يلة املوص لة إلي ه وس واء ك ان ه ذا<br />

التعامل بيعاً‏ أو شراء أو هبة أو تربعاً‏ أو وصية أو غري ذلك وسواء كان املتعامل معه حربي اً‏ أو<br />

ذمياً‏ <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong> أو غريها.‏ فال جيوز<br />

– مثالً‏ –<br />

معاملة الكافر ‏َبلرَب.‏<br />

وق د أمج ع املس لمون عل ى أن ه حي رم <strong>يف</strong> دار اإلس الم ب ني املس لمني وأه ل العه د م ا حي رم ب ني املس لمني م ن<br />

املعامالت الفاسدة،‏ فال جيوز معامل ة ال ذمي واحل ريب إذا دخ ل دار اإلس الم أبم ان وعه د ‏َبل رَب إمجاع اً؛ ألن<br />

تعامل املسلم مع ال ذميني واملس تأمنني <strong>يف</strong> دار اإلس الم ل ه حك م تعام ل املس لمني بعض هم م ع بع ض لوج وب<br />

الت زام املس لم ‏َبألحك ام الش رعية وعق د الذم ة خل ف ع ن اإلس الم <strong>يف</strong> عص مة امل ال ووج وب الت زام أحك ام<br />

<strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> ال دنيا فيم ا يرج ع إىل املع امالت واملس تأمنون <strong>يف</strong> دار اإلس الم مبنزل ة ال ذميني <strong>يف</strong> ذل ك،‏ ب ل ون ص<br />

الفقهاء على منع املستأمنني والذميني من التعامل ‏َبلرَب فيما بينهم <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

لك ن الفقه اء اختلف وا <strong>يف</strong> وق وع ال رَب ب ني املس لم واحل ريب <strong>يف</strong> دار احل رب وع دم وقوع ه،‏ فم ن ق ال بوقوع ه ق ال<br />

بتحرميه ومن قال بعدم وقوعه قال جبواز التعامل بينهما فاخلالف فيه على قولني )1922( :<br />

األول:‏ جراين الرَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب وحترميه كما <strong>يف</strong> دار <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

وهذا قول اجلمهور من املالكية والشافعية واملشهور عن احلنابلة وقال به أبو يوسف من احلنفية.‏ )1923(<br />

الثاين:‏ أنه ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب،‏ فيجوز أخذ الزايدة منهم.‏<br />

)1924(<br />

وه و ق ول أيب حن<strong>يف</strong> ة وحمم د ب ن احلس ن،‏ وبع ض املالكي ة ورواي ة ع ن أمح د.‏<br />

وجود األمان وأخذها بعضهم على ظاهرها إبطالق.‏<br />

وق د قي دها بعض هم بع دم<br />

األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول الثاين مبا أييت:‏<br />

-1<br />

قول النيب : ‏))ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب((.‏ )1925(<br />

)1922(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )99/6(، واإلفصاح،‏ البن هبرية )317/1(، والقواعد النورانية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ، ص<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية )209/20(.<br />

،)165(<br />

)1923(<br />

)1924(<br />

ينظر:‏ الفروق،‏ للقرا<strong>يف</strong> )208/3(، واألم للشافعي )359/7(، واجملموع للنووي )295/9(، وروضة الطالبني )395/3(، املغين،‏<br />

البن قدامة )98/6(، والفروع،‏ البن مفلح )292/6(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )214/7(، والعناية للبابريت )39/7(، والبحر الرائق،‏ البن جنيم )148/6(، وتبيني احلقائق،‏<br />

للزيلعي )98/4(.<br />

)1925(<br />

قال الزيلعي <strong>يف</strong> نصب الراية )44/4(: ‏)غريب وأسنده البيهقي <strong>يف</strong> املعرفة <strong>يف</strong> كتاب السري عن الشافعي قال قال أبو يوسف:‏ إمنا<br />

قال أبو حن<strong>يف</strong>ة هذا؛ ألن بعض املشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول هللا فذكر احلديث<br />

حجة فيه(.‏<br />

–<br />

قال الشافعي وهذا ليس بثابت وال


فمقتضى النفي اإلَبحة فدل مبنطوقه صراحة على إَبحة ذلك.‏<br />

أن العباس رضي هللا عنه كان يعامل أهل مكة ‏َبلرَب وهو مسلم ومل ينهه ع ن ذل ك،‏<br />

مث وضع رَب اجلاهلية <strong>يف</strong> خطبة حجة الوداع بقوله:‏ ‏))كل رَب اجلاهلي ة موض وع وأول رَب<br />

أض عه رَب العب اس ب ن عب د املطل ب((‏<br />

)1926(<br />

فخص ه ‏َبل ذكر مم ا ي دل عل ى قيام ه ب ه م ع<br />

إس المه قبل الف تح،‏ فل و مل يك ن ال رَب ب ني املس لمني وأه ل احل رب ح الالً‏ <strong>يف</strong> دار احل رب<br />

لك ان رَب العب اس موض وعاً‏ ي وم أس لم وم ا ق بض من ه بع د ذل ك م ردود )1927( ، لقول ه<br />

-2<br />

)1928( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

سبحانه:‏ <br />

قوله <br />

: )) أميا دار قسمت <strong>يف</strong> اجلاهلية فهي على قسم اجلاهلية((‏ )1929(<br />

وج ه الدالل ة:‏ أن م ا وق ع <strong>يف</strong> دار اجلاهلي ة م ن قس مة للم رياث فإن ه ميض ي ذل ك<br />

القس م وإن خ الف أحك ام اإلس الم فيق اس عل ى ذل ك املعامل ة ‏َبل رَب ب ني املس لم<br />

واحلريب.‏ )1930(<br />

أن أم وال أه ل احل رب مباح ة للمس لمني ‏َبالغتن ام ب ال عق د فبالعق د الفاس د ال ذي<br />

دخل ه ال رَب م ن ‏َبب أوىل؛ ألن م ن ش رط ج راين ال رَب أن يك ون الب دالن معص ومني<br />

ومل يتحقق هن ا ؛ وألن ه ذا يك ون برض اهم ول يس في ه غ در بي نهم،‏ مث إن ه ال عص مة<br />

هل م فم اهلم مب اح <strong>يف</strong> داره م فب أي طري ق أخ ذه املس لم أخ ذ م االً‏ مباح اً‏ ول و دخ ل<br />

دارهم أبمان؛ ألهنا ال تصري معصومة بذلك.‏ )1931(<br />

-3<br />

-4<br />

)1926(<br />

وذكر ابن حجر <strong>يف</strong> الدراية <strong>يف</strong> تريج أحاديث اهلداية )158/2( حنواً‏ من ذلك،‏ وقال ابن قدامة <strong>يف</strong> املغين )98/6( وما بعدها:‏ ‏)خربهم<br />

مرسل ال نعرف صحته(،‏ وسيأيت الكالم عليه.‏<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )72/5(، والرتمذي <strong>يف</strong> كتاب التفسري،‏ ‏َبب ومن سورة التوبة ، رقم )3087(، ص )1963(، وابن<br />

ماجه <strong>يف</strong> كتاب احلج،‏ ‏َبب حجة رسول رقم )3074(، ص )2662(، وابن خزمية )251/4(، وابن حبان )257/9(، والبيهقي<br />

.)274/5(<br />

)1927(<br />

)1928(<br />

)1929(<br />

)1930(<br />

)1931(<br />

بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ والرَب واملعامالت املصرفية،‏ د/‏ عمر املرتك،‏ ص 220، وأحكام املال احلرام،‏ لعباس الباز،‏ ص )202(،<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

279<br />

أخرجه البيهقي،‏ ‏َبب قسم الدور واألراضي <strong>يف</strong> اجلاهلية )122/9( رقم )18064(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة للحنفية،‏ والرَب للمرتك،‏ ص )222(.<br />

ينظر:‏ اجملموع،‏ للنووي )295/9(، واملغين،‏ البن قدامة )98/6(، واملصادر السابقة للحنفية.‏


واستدل أصحاب القول األول مبا أييت:‏<br />

-1<br />

إطالق وعموم النصوص من الكتاب والسنة <strong>يف</strong> حترمي الرَب وليس فيها ما يدل على قصر التحرمي<br />

على املسلمني أو اعتباره مبكان دون آخر.‏<br />

)1932(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومن ذلك قوله سبحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقول ه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)1933( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-2<br />

وقول ه : ‏))فم ن زاد أو ازداد فق د أرىب((‏ )1934( ، وقول ه ‏))لع ن هللا آك ل ال رَب وموكل ه<br />

وكاتبه وشاهده((.‏ )1935(<br />

أن م ا ك ان حمرم اً‏ عل ى املس لمني <strong>يف</strong> بالده م فه و حم رم عل يهم <strong>يف</strong> غريه ا ك الزان،‏ ف إن<br />

)1936(<br />

الغاية هي منع أكل املال ‏َبلباطل فاحلكم يدور مع علته وجوداً‏ وعدماً.‏<br />

أن الكف ار خم اطبون بف روع الش ريعة<br />

عل ى الص حيح فحرم ة ال رَب اثبت ة <strong>يف</strong> حقه م<br />

-3<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أيضاً)‏‎1937‎‏(‏ ، وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

)1938(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

املناقشة والرتجيح:‏<br />

ميكن اجلواب عن أدلة القول الثاين أبن احلديث مرسل ضع<strong>يف</strong> ال حج ة في ه،‏ وي دل عل ى ع دم االعتم اد علي ه<br />

اعت ذار أب و يوس ف ل رأي أيب حن<strong>يف</strong> ة ب ه وم ع ذل ك مل ي رتض األخ ذ ب ه ف ال يص ح االعتم اد علي ه وت رك م ا ورد<br />

بتحرميه القرآن والسنة على اإلطالق.‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

275<br />

.279-278<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب املساقاة،‏ ‏َبب الصرف وبيع الذهب ‏َبلورق نقداً،‏ رقم<br />

،1587 ص .)953(<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب املساقاة،‏ ‏َبَب لعن آكل الرَب وموكله ، رقم )1598(، ص )955(.<br />

ينظر:‏ ، األم للشافعي )359/7(، ، واجملموع للنووي )295/9(، واملغين،‏ البن قدامة )98/6(، والفروع،‏ البن مفلح )292/6(.<br />

ينظر:‏ بدائع الصنائع،‏ للكاساين )214/7(، وأحكام القرآن،‏ البن العريب )516/1(.<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

. 161<br />

)1932(<br />

)1933(<br />

)1934(<br />

)1935(<br />

)1936(<br />

)1937(<br />

)1938(


وعلى فرض صحته فإنه حممول على نفي اإلَبحة للرَب بني املس لم واحل ريب فيك ون قول ه:‏ ‏)ال رَب(‏ مبع ىن النه ي،‏<br />

والدليل إذا تطرق إليه االحتمال ف ال جي وز معارض ته ‏َبل نص الص ريح مث إن ه حيتم ل النف ي أو النه ي فيق دم احمل رم<br />

على املبيح؛ ألن ترك املباح أهون من ارتكاب احملرم و<strong>يف</strong> هذا مجع بني األدلة.‏<br />

وأم ا االس تدالل مبعامل ة العب اس فيج اب عن ه أبن ه ال دلي ل عل ى اس تمرار العب اس <strong>يف</strong> ال رَب بع د إس المه فيحم ل<br />

احلديث على أنه كان له رَب <strong>يف</strong> اجلاهلية قبل إس المه ول و سُلِّم اس تمراره علي ه فق د ال يك ون عامل اً‏ بتحرمي ه ف إن<br />

َ<br />

حترمي الرَب جاء متدرجاً‏ كاخلمر،‏ وكانت آية الرَب من آخر ما نزل ولو فهم الصحابة جواز ذلك لعملوا ب ه فيم ا<br />

بينهم ومل ينقل عن أحد أنه استحل مال حريب بتلك الطريقة فال داللة <strong>يف</strong> حديث العباس على اجلواز.‏<br />

وأما قوله ‏)أميا دار قسمت(‏ احل ديث،‏ فل يس في ه م ا ي دل عل ى ج واز التعام ل ‏َبل رَب م ع غ ري املس لم وإمنا معن اه<br />

أن ما م بني املشركني من عق ود قب ل اإلس الم ال تنقض ي وال يتع رض هل ا،‏ وي دل عل ى ه ذا ح ديث اب ن عب اس<br />

مرفوع اً:‏ ‏))ك ل قس م قس م <strong>يف</strong> اجلاهلي ة فه و عل ى م ا قس م وك ل قس م أدرك ه اإلس الم فه و عل ى قس م<br />

<strong>اإلسالم</strong>((.‏ )1939(<br />

وأما االس تدالل ‏َبملعق ول،‏ ف ال يل زم م ن اس تباحة أم واهلم ‏َبالغتن ام اس تباحتها ‏َبلعق د الفاس د ب دليل أن أبض اع<br />

نسائهم تستباح ‏َبلسيب وال تستباح ‏َبلعقد الفاسد وكذلك ما حنن فيه.‏<br />

مث إن احلريب إذا دخل داران أبمان مل حيل للمسلمني معاملته ‏َبلرَب فكذلك العكس؛ ألن العلة وجدت وتل ف<br />

احلكم فتنتقض.‏<br />

وقد حرم هللا الرَب حلكم عظيمة وملا ينجم عنه من مضار اقتصادية وخلقية واجتماعية وهذه املضار الناجتة ع ن<br />

التعام ل ‏َبل رَب ال تتل ف ‏َبخ تالف املك ان أو األح وال،‏ ب ل إن <strong>يف</strong> جوازه ا <strong>يف</strong> دار احل رب زايدة ض رر عل ى<br />

املسلمني بتحويل أمواهلم إىل البنوك غري <strong>اإلسالم</strong>ية.‏<br />

وعليه فالراجح حترمي الرَب مطلقاً‏ للعمومات،‏ وما ذكره املخالف ال يصلح لتخصيص ذلك أو تقييده كما سبق<br />

، و<strong>يف</strong> العمل به من الضرر على املسلمني ما مل أتت الشريعة مبثله.‏ )1940(<br />

2- أن ال يكون <strong>يف</strong> هذا التعامل ضرر على املسلمني.‏<br />

)1939(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> ‏َبب من أسلم على مرياث ، رقم 2914، ص )1441(، وابن ماجه <strong>يف</strong> ‏َبب قسمة املاء،‏ رقم<br />

)2626(، والبيهقي <strong>يف</strong> ‏َبب ما قسم من الدور واألراضي <strong>يف</strong> اجلاهلية )122/9( رقم<br />

2485، ص<br />

.18065<br />

)1940(<br />

ينظر:‏ املغين،‏ البن قدامة )98/6- وما بعدها(،‏ والرَب واملعامالت املصرفية،‏ للمرتك ، ص )217(، وأحكام املال احلرام،‏ للباز،‏ ص<br />

)197، وما بعدها بتصرف.‏


وهل ذا ح رم إمجاع اً‏ بي ع الس الح وغ ريه مم ا يس تعان ب ه عل ى قت ال املس لمني،‏ ويك ون في ه تقوي ة ألع دائهم<br />

وح رم إج ارة املس لم نفس ه للك افر ليخدم ه،‏ كم ا<br />

فالواج ب من ع م ا ي ؤدي ل ذلك ال اإلعان ة علي ه.‏ )1941(<br />

وحرم إمجاعاً‏ بيع املصحف للكافر خماف ة أن يهين ه وملنع ه م ن ملس ه كم ا ح رم الس فر ب ه إىل<br />

تقدم.‏ )1942(<br />

بالد الكفار إن خ<strong>يف</strong> وقوعه <strong>يف</strong> أيديهم؛ ملا <strong>يف</strong> ذلك من ضرر على <strong>اإلسالم</strong> و املسلمني.‏ )1943(<br />

)1944(<br />

بل منع بعض الفقهاء فداء املسلم بكافر أو مبال إذا كان يتقوى به الكفار.‏<br />

واملقصود أن كل تعامل فيه ضرر على املسلمني فإنه حمرم كما تقدم وهو من اإلعانة على اإلمث والعدوان<br />

وخيانة للمسلمني.‏<br />

-3<br />

أن ال يؤدي هذا التعامل إىل مواالهتم وحمبتهم والتشبه هبم.‏<br />

لعموم األدلة الصحيحة الصرحية <strong>يف</strong> حترمي مواالة الكفار والتش به هب م فم ا أدى إىل ذل ك فه و حم رم أيض اً‏<br />

سداً‏ للذريعة،‏ كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة بقوهلا:‏ ‏"األصل جواز شراء املسلم ما حيتاجه مما أحل هللا<br />

ل ه م ن املس لم أو الك افر،‏ وق د اش رتى الن يب <br />

م ن اليه ود لك ن إذا ك ان ع دول املس لم ع ن الش راء م ن<br />

أخيه املسلم من غري سبب من غش ورفع أسعار ورداءة سلعة إىل حمبة الشراء من كافر والرغبة <strong>يف</strong> ذلك<br />

وإيثاره على املسلم دون مربر<br />

–<br />

فهذا حرام؛ ملا فيه من مواالة الكفار ورضاء عنهم وحمبة هلم وملا فيه من<br />

النقص على جتار املسلمني وكساد سلعتهم وعدم رواجها إذا اتذ املسلم ذلك عادة له.‏<br />

وأما إن كانت هناك دواع للعدول من حنو ما تقدم فعليه أن ينص ح ألخي ه املس لم ب رتك<br />

م ا يص رفه عن ه<br />

من العيوب فإن انتصح فاحلمد هلل و إال عدل عنه إىل غ ريه ول و إىل ك افر حيس ن تب ادل املن افع ويص دق<br />

<strong>يف</strong> معاملته".‏ )1945(<br />

فإذا توفرت هذه الضوابط جاز التعامل مع الكفار للحاجة وملا تقدم وترك ذلك أوىل كما جاء <strong>يف</strong> فتوى<br />

اللجن ة الدائم ة لإلفت اء : " جت وز مش اركتهم <strong>يف</strong> األعم ال التجاري ة املباح ة إذا أم ن م ن يش اركهم م ن<br />

)1941(<br />

)1942(<br />

)1943(<br />

ينظر:‏ البحر الرائق،‏ البن جنيم )155/5(، وتبيني احلقائق،‏ للزيلعي )247/3(، وشرح خمتصر خليل،‏ للخرشي )12-11/5( ،<br />

وحاشية الدسوقي )8/3(، وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )32/2(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )391/3(، وحاشيتا قليويب وعمرية )197/2(،<br />

ونقل النووي <strong>يف</strong> اجملموع )260/9( اإلمجاع على ذلك.‏<br />

ص )368(.<br />

)1944(<br />

ينظر:‏ حاشية الدسوقي )8/3(، وشرح اخلرشي )12-11/5(، وهناية احملتاج،‏ للرملي )390-392/3(، وحتفة احملتاج،‏ للهيثمي<br />

)230/4(، ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين )18/3(.<br />

وهو قول أيب حن<strong>يف</strong>ة،‏ والصاحبان على خالفه؛ ألن فيه تليص املسلم وهو أوىل من قتل الكافر،‏ ينظر:‏ شرح فتح القدير،‏ البن<br />

اهلمام )220/5(.<br />

)1945(<br />

فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع أمحد الدويش )18/13(.


املس لمني غش هم وتع املهم مب ا ح رم هللا م ن ال رَب والقم ار والغ رر وحن و ذل ك ولك ن ت رك مش اركتهم <strong>يف</strong><br />

التجارة خري وأوىل بعداً‏ عن موارد الريبة ومواقع التهم والظنون واخلطر".‏ )1946(<br />

)1946( املصدر السابق )99/2(.


املطلب السادس عشر<br />

املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك


املطلب السادس عشر:‏ املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

املقاطعة لغة مفاعلة من القطع واإلَبنة واهلجران ضد الوصل وقد شاع استعمال املقاطعة االقتصادية <strong>يف</strong><br />

االمتناع عن شراء منتجات من حيارب املسلمني أو يعينهم دون االمتن اع ع ن البي ع؛ ألن املس لمني اآلن<br />

صاروا مستهلكني وقل إنتاجهم.‏<br />

وميكن تعر<strong>يف</strong> املقاطعة االقتصادية أبهنا:‏<br />

‏"وقف العالئ ق التجاري ة م ع ف رد أو مجاع ة أو بل د لتحقي ق غ رض اقتص ادي أو سياس ي أو عس كري <strong>يف</strong><br />

السلم واحلرب".‏ )1947(<br />

وتعت رب املقاطع ة االقتص ادية م ن أه م أس لحة احل رب االقتص ادية وذل ك م ن خ الل مقاطع ة كامل ة لس لع<br />

الدول ة وع دم االس ترياد منه ا أو التص دير إليه ا عل ى اإلط الق وع دم إعطائه ا أي فرص ة ل رتويج س لعها<br />

التصديرية.‏ )1948(<br />

و<strong>السياحة</strong> صناعة اقتصادية هلا أمهيتها البالغة <strong>يف</strong> االقتصاد العاملي ورمبا كانت املص در األساس ي مل وارد بع ض<br />

العامل.‏ الدول <strong>يف</strong><br />

وللس ائح الع ريب عموم اً‏ واخلليجي عل ى وج ه اخلص وص أمهي ة ‏َبلغ ة ل دى كث ري م ن ال دول الس ياحية <strong>يف</strong> ب الد<br />

الكفر ملا ينفقه من مب الغ طائل ة ق درت حب وايل )27( ملي ار دوالر وم ع أن ه ذا املبل غ ال ميث ل س وى<br />

م ن إمج ايل العائ دات العاملي ة م ن الس ياحة ع ام<br />

%5.6<br />

‎2001‎م والبالغ ة )476( ملي ار دوالر حس ب تق ديرات<br />

املنظمة العاملية للسياحة فإن إنفاق اخلليجيني خالل ج والهتم الس ياحية <strong>يف</strong> ب الد الغ رب<br />

–<br />

–<br />

يعد األعلى مقارنة ‏َبجلنسيات األوروبية نفسها.‏<br />

وبل غ ع دد اللي ايل ال يت ش غلها اخلليجي ون <strong>يف</strong> الفن ادق العاملي ة حن و<br />

منه ا<br />

200<br />

108<br />

مالي ني ليل ة وس جل الس عوديون حن و<br />

4.8<br />

رغ م قل ة ع ددهم<br />

ملي ون ليل ة ك ان نص يب الس عوديني<br />

مالي ني رحل ة س ياحية إىل خمتل ف دول الع امل ع ام<br />

‎2001‎م وم ع احلج م امل ايل اهلائ ل للس ياحة اخلليجي ة <strong>يف</strong> ب الد الغ رب والكف ر يك ون للمقاطع ة االقتص ادية<br />

الس ياحية أث ر ‏َبل غ وأمهي ة قص وى فه ي الس الح الفع ال <strong>يف</strong> إض عاف االقتص اد لل دول احملارب ة للمس لمني أو<br />

املعينة على أذاهم أو املظهرة لعدائهم وهي <strong>يف</strong> نفس الوقت دعم ونصرة وتنشيط لالقتصاد <strong>اإلسالم</strong>ي وحفظ<br />

لث روات األم ة ومق دراهتا إببقائه ا <strong>يف</strong> أرض ها لينتف ع منه ا أبناؤه ا الس يما بع د أتث ر ال بالد العربي ة واإلس المية<br />

سياحياً‏ نتيجة العدوان الغاشم<br />

على أرضها والتهديد الظامل ألمنها <strong>يف</strong> فلسطني والعراق وغريها.‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور )276/8(، واملقاطعة االقتصادية وأحكامها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ تركي الرشودي،‏ ص )18(.<br />

ينظر:‏ احلروب االقتصادية،‏ املفهوم واألدوات ، حلسام الدين حممد السيد،‏ على الرابط:‏ qatta3.i8.com<br />

)1947(<br />

)1948(


وقد أثبتت التقارير واإلحصائيات االنتعاش االقتصادي <strong>يف</strong> بالد املس لمني بفع ل الس ياحة فعل ى س بيل املث ال<br />

بلغ ت زايدة الس ياح <strong>يف</strong> األردن<br />

%25<br />

ع ام ‎2001‎م وعائ داهتم تش كل<br />

لألردن وهي املصدر الثاين للبالد من العمالت األجنبية.‏<br />

وتوقع ت مكات ب الس ياحة <strong>يف</strong> م اليزاي زايدة الس ياح فيه ا ألكث ر م ن<br />

%10<br />

250<br />

م ن إمج ايل ال دخل الق ومي<br />

أل ف <strong>يف</strong> ع ام 120 أل ف مقاب ل<br />

‎2001‎م نتيج ة اإلحج ام ع ن الس فر ل بالد الغ رب م ن قب ل كث ري م ن املس لمني وس اهم القط اع الس ياحي<br />

خ الل ذل ك الع ام <strong>يف</strong> الن اتج احملل ي امل اليزي مبق دار<br />

5.5<br />

ملي ارات دوالر،‏ و<strong>يف</strong> املقاب ل ك ان للمقاطع ة<br />

االقتص ادية عموم اً‏ أث ر <strong>يف</strong> إض عاف اقتص اد أع داء اإلس الم ف ورد <strong>يف</strong> بي ان ل وزارة التج ارة املص رية أن واردات<br />

اليه ود <strong>يف</strong> فلس طني اخنفض ت بفع ل املقاطع ة م ن<br />

545<br />

8 ملي ون دوالر إىل<br />

مالي ني دوالر فق ط،‏ واض طرت<br />

كث ري م ن الش ركات العاملي ة إىل إظه ار تعاطفه ا م ع قض ااي املس لمني ونص رهتا هل ا وتص يص ج زء م ن ريعه ا<br />

لدعمها وعمدت بعضها إىل تغيري شعاراهتا وزايدة محالهتا اإلعالمية اليت تتربأ فيه ا م ن ص لتها ‏َبليه ود وق ام<br />

بعض ها إبع داد ومتوي ل دورات تدريبي ة ملوظفيه ا ح ول آداب التعام ل م ع املس لمني وتربع ت إبقام ة مالع ب<br />

ألطفال املسلمني.‏<br />

وأكدت أحدث التقارير اليت أجرهتا مؤسسة أمريكية متخصصة <strong>يف</strong> البح وث واالس تطالعات أن ح وايل<br />

10<br />

من أهم الشركات األمريكية العاملية ذات األمساء واملاركات العاملية عانت من اهنيار <strong>يف</strong> مبيعاهتا على مستوى<br />

الع امل مبع دالت ت رتاوح م ن<br />

%30 إىل %15<br />

بس بب املقاطع ة االقتص ادية هل ا احتجاج اً‏ عل ى دعمه ا<br />

للسياسات الصهيونية <strong>يف</strong> فلسطني.‏<br />

وال شك أن املقاطعة السياحية أكثر أتثرياً‏ السيما على اليهود الذين يس عون جل ذب الس ياح ديني اً‏ لألراض ي<br />

املقدسة.‏<br />

وق د تس ببت املقاطع ة االقتص ادية عموم اً‏ <strong>يف</strong> إحل اق خس ائر إلس رائيل تق در بتس عني مليار دوالر من ذ بداي ة<br />

املقاطعة العربية هبا عام ‎1951‎م وحىت<br />

‎1999‎م .<br />

وتعرضت ه ذه املقاطع ة وال زال ت تتع رض لض غوط م ن ال دول الغربي ة إللغائه ا وال دعوة إىل تطبي ع العالق ات<br />

مع اليهود.‏<br />

كم ا أتث رت الس ياحة <strong>يف</strong> إس رائيل نتيج ة اخ تالل األم ن فيه ا جبه ود أبط ال احلج ارة والض غوط االقتص ادية<br />

عليها من قبل املسلمني من خالل املقاطعة،‏ فقل وفود السياح الغربيني عليها.‏ )1949(<br />

)1949(<br />

ينظر:‏ انصر أخاك ‏َبلسياحة،‏ على موقع إسالم أون الين اقتصاد وأعمال<br />

–<br />

املنطقة العربية،‏ وموقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم،‏ وموقع مفكرة<br />

<strong>اإلسالم</strong>،‏ واملقاطعة االقتصادية،‏ فيصل مولوي،‏ أول العبوات الناسفة،‏ تركي النفيعي،‏ واملقاطعة العربية إلسرائيل ط<strong>يف</strong> مل <strong>يف</strong>قد بريقه،‏ سارة<br />

فايز،‏ قاطع اسأل فكر ، جمدي صبحي،‏ سني جيم <strong>يف</strong> مسألة مقاطعة البضائع األمريكية،‏ علي حرت،‏ املقاطعة دماء بال حرب،‏ مغاوري<br />

شليب،‏ حجج ومزاعم املعارضني للمقاطعة واهية وهزيلة،‏ إبراهيم علوش،‏ ملن ينادي ‏َبستحالة املقاطعة،‏ ابتهال السامرائي،‏ املقاطعة<br />

وسالح اإلنرتنت،‏ بدر البدر،‏ وغريها من املقاالت على املوقع<br />

www. qatta3.i8.com<br />

وفتاوى <strong>يف</strong> املقاطعة على موقع


فاملقاطع ة االقتص ادية عموم اً‏ و<strong>يف</strong> الس ياحة عل ى وج ه اخلص وص هل ا أث ر ‏َبل غ <strong>يف</strong> إض عاف اقتص اد أع داء<br />

اإلس الم وم ن يعم ل عل ى اإلض رار أبهل ه الس يما إذا كان ت م ن أه ل اخلل يج األكث ر إنفاق اً‏ <strong>يف</strong> الس ياحة كم ا<br />

تقدم.‏<br />

فإذا كان للمقاطعة االقتصادية <strong>يف</strong> اجملال السياحي أثر ‏َبلغ <strong>يف</strong> نصرة املسلمني وقض اايهم وإض عاف أع دائهم<br />

وتوجي ه السياس ات الدولي ة مل ا خي دم قض ااي املس لمني وحيق ق مط البهم فه ل جي ب عل ى املس لم االلت زام هب ا<br />

‏َبالمتناع عن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> تلك البلدان أم ال؟<br />

حترير حمل النزاع:‏<br />

إن أمر ويل األمر وإمام املس لمني ب ذلك ف ال خ الف <strong>يف</strong> وج وب طاعت ه لعم وم األدل ة <strong>يف</strong> ذل ك وحكم ه راف ع<br />

للخالف،‏ واإلمام له تقييد املباح للمصلحة كما دل ت عل ى ذل ك س نة اخللف اء الراش دين لك ن إذا مل أيم ر ب ذلك<br />

فإن علم أو غلب على الظن تقوِّيهم بذلك على املسلمني مل جيز دفع اً‏ للض رر املتحق ق أو الغال ب ولإلمج اع الس ابق عل ى<br />

حت رمي التعام ل م ع أه ل احل رب مب ا يق ويهم،‏ ف إن مل يغل ب عل ى الظ ن ذل ك ومل أيم ر ب ه اإلم ام فق د اختل ف املعاص رون <strong>يف</strong><br />

حكمه على قولني:‏<br />

األول:‏ وج وب املقاطع ة االقتص ادية عموم اً‏ و<strong>يف</strong> الس ياحة عل ى وج ه اخلص وص،‏ ف ال جي وز للمس لم الس فر<br />

لبالدهم للسياحة.‏<br />

وهب ذا أف ىت الش يخ اب ن ج ربين،‏ ومف يت مص ر د/نص ر فري د،‏ و د/القرض اوي،‏ ومجاع ة م ن علم اء الس عودية<br />

والسودان واألردن والعراق.‏ )1950(<br />

الثاين:‏ استحباب املقاطعة االقتصادية عموماً‏ وع دم وجوهب ا،‏ وب ه أفت ت اللجن ة الدائم ة والش يخ اب ن عثيم ني<br />

)1951(<br />

والفوزان ، وابن منيع والشيخ انصر العمر،‏ وغريهم.‏<br />

وعليه فتجوز <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> تلك البلدان عند من جييز <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املس لمني ‏َبلض وابط الس ابقة كم ا<br />

تقدم.‏ )1952(<br />

islamweb.net<br />

almoslim. Com<br />

<strong>اإلسالم</strong>،‏ العدد<br />

للشيخ انصر العمر وغريه.‏ وفتاوى ومقاالت <strong>يف</strong> املقاطعة على الرابط<br />

وجملة املستقبل<br />

112<br />

رمضان ‎1421‎ه ، ص<br />

، 11 بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وموقع مفكرة <strong>اإلسالم</strong>،‏ والروابط:‏<br />

Alsunnah.info – usaproduct.8m.com – meshkat.net – whyusa.net – rayig.com –<br />

)1950(<br />

mitglied.1ycos.de<br />

)1951( ينظر:‏ فتوى اللجنة الدائمة رقم<br />

21776<br />

almoslim.net – islamt ody.net<br />

)1952( ص )382( .<br />

ومابعدها<br />

اتريخ<br />

‎1421/12/25‎ه ، والباب املفتوح،‏ البن عثيمني،‏ ص )95(، والروابط:‏


األدلة:‏<br />

استدل أصحاب القول األول )1953(<br />

مبا يلي:‏<br />

<br />

<br />

<br />

)1954(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

قول ه س بحانه:‏ <br />

وقول ه:‏<br />

-1<br />

)1955(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله : ‏))جاهدوا املشركني أبموالكم وأيديكم((.‏ )1956(<br />

فح ث عل ى اجله اد ‏َبمل ال وأم ر ب ه وكم ا أن ب ذل امل ال للمجاه دين <strong>يف</strong> س بيل هللا جه اد ف إن منع ه ع ن<br />

الكف ار إذا تق ووا ب ه <strong>يف</strong> ح رهبم عل ى املس لمني جه اد أيض اً‏ ب ل ه و آك د م ن األول؛ ألن درء<br />

املفاس د<br />

مق دم عل ى جل ب املص احل،‏ وه ذه املقاطع ة ج زء م ن دع م اجملاه دين ومس امهة <strong>يف</strong> إض عاف الكف ار،‏<br />

"<br />

واجلهاد يتطور بتط ور األح وال وك ل س عي وك ل عم ل في ه ص الح املس لمني وفي ه نفعه م وفيه ع زهم فه و<br />

من اجلهاد،‏ وك ل س عي وك ل عم ل في ه دف ع الض رر ع ن<br />

املس لمني وإيق اع الض رر ‏َبألع داء الك افرين فه و<br />

م ن اجله اد ... وم ن أنف ع اجله اد وأعظم ه مقاطع ة األع داء <strong>يف</strong> الص ادرات وال واردات ف ال يس مح<br />

لوارداهتم وجتاراهتم وال تفتح هلا أسواق املس لمني وال ميكن ون م ن جلبه ا عل ى ب الد املس لمني ب ل يس تغين<br />

املس لمون مب ا عن دهم ... فجه اد األع داء ‏َبملقاطع ة التام ة هل م م ن أعظ م اجله اد <strong>يف</strong> ه ذه األوق ات ....<br />

وق د نف ع هللا هب ذه املقاطع ة هل م نفع اً‏ كب رياً‏ وأض رت األع داء وأجحف ت ‏َبقتص ادايهتم وص اروا م ن ه ذه<br />

اجله ة حمص ورين مض طرين إىل إعط اء املس لمني كث رياً‏ م ن<br />

احلق وق ال يت ل وال ه ذه املقاطع ة ملنعوه ا ....<br />

واملقصود أن مقاطعة األعداء ‏َبالقتص ادايت والتج ارات واألعم ال وغريه ا رك ن عظ يم م ن أرك ان اجله اد<br />

وله النفع األكرب وهو جهاد سلمي وجهاد حريب ". )1957(<br />

<br />

2- قول ه س بحانه:‏ <br />

فه ذه اآلي ة وغريه ا م ن العموم ات <strong>يف</strong> األم ر بقت ال الكف ار والتض ييق عل يهم<br />

)1958(<br />

<br />

<br />

<br />

)1953(<br />

)1954(<br />

)1955(<br />

)1956(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة هلم.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

.<br />

.<br />

41<br />

111<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )124/3( ، رقم )12268(، وأبو داود ، ‏َبب كراهية ترك الغزو،‏ رقم )2504(، ص )1408(،<br />

والنسائي <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد ‏َبب وجوب اجلهاد ، رقم )3098(، ص )2286(، والدارمي ، ‏َبب <strong>يف</strong> جهاد املشركني ، رقم )2431(،<br />

ينظر:‏ موقع:‏ www. qatta3.i8.com<br />

.)280/2(<br />

)1957(<br />

)1958(<br />

وجدته من مصنفاته،‏ ومل يعرف صحة نسبته من سألته من طالبه.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

. 5<br />

، وقد نسب هذا الكالم للشيخ عبد الرمحن السعدي،‏ ولكين مل أعثر عليه فيما


-3<br />

ال حيص ل<br />

وحص رهم أي م نعهم م ن التص رف <strong>يف</strong> ب الد اإلس الم للتض ييق عل يهم <strong>يف</strong> حمله م الواس ع )1959(<br />

امتثاهلا دون مقاطعتهم اقتصادايً‏ إلضعافهم عسكرايً‏ وسياسياً.‏<br />

قول ه س بحانه:‏<br />

<br />

)1960(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فح دد املوق ف م ن أع داء املس لمني واملرتبص ني هب م الس وء وه و مع اداهتم ومق اطعتهم وإهن اك ق واهم العس كرية<br />

واالقتصادية فمن خالف ذلك وقع فيما هنى عنه املوىل سبحانه من توليهم ونصرهتم على املس لمني،‏ واملقاطع ة<br />

حتقق مفهوم الوالء والرباء وهو ما يشكل<br />

%70<br />

من أسباب املقاطعة.‏<br />

. )1961( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

4- قوله سبحانه:‏ <br />

واملقاطعة االقتصادية ألعداء املسلمني من التعاون على الرب والتقوى خبالف ضدها.‏<br />

-5 قوله <br />

: ‏))املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال خيذله((.‏ )1962(<br />

وأي ظلم وخذالن للمسلمني أشد من اإلصرار على الدعم لعدوهم ‏َبلتعامل التجاري معه وترك مقاطعتهم.‏<br />

-6 قوله <br />

-7<br />

: ‏))من مل يهتم أبمر املسلمني فليس منهم((.‏ )1963(<br />

وأبس ط مظ اهر االهتم ام ‏َبملس لمني املقاطع ة االقتص ادية ألع دائهم <strong>يف</strong> ك ل جم ال والعم ل عل ى إض عاف وإهن اك<br />

مواردهم املادية قدر االستطاعة وأقل ذلك االمتناع عن البذل ملصاحلهم،‏ فك<strong>يف</strong> يبذل املسلم ماله ملن يستعني<br />

به على قتل إخوانه!‏<br />

فع ل الن يب حي ث حاص ر يه ود ب ين النض ري مل ا نقض وا عه دهم ف أتلف زرعه م وأي ده رب ه س بحانه عل ى<br />

<br />

ذل ك كم ا <strong>يف</strong> قول ه <br />

وحاصر أهل الطائف وأمر بقطع أعناب حوائطهم وحتريقها.‏ )1965(<br />

)1964( <br />

<br />

<br />

)1959(<br />

)1960(<br />

)1961(<br />

)1962(<br />

)1963(<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب )320/6(.<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية:‏<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

. 9<br />

. 2<br />

)1964(<br />

)1965(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املظامل،‏ ‏َبب ال يظلم املسلم املسلم،‏ رقم )2442(، ص )192(.<br />

أخرجه الطرباين <strong>يف</strong> األوسط )151/1(، رقم )471(، واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )342/2(، رقم )2645(، وقال اهليثمي <strong>يف</strong> اجملمع<br />

)248/10(: ‏)فيه يزيد الرحيب وهو مرتوك(،‏ وله شاهد عند احلاكم <strong>يف</strong> املستدرك،‏ كتاب الرقاق،‏ )317/4، ورواه الطرباين عن أنس<br />

بلفظ آخر،‏ و ينظر:‏ كشف اخلفا )368/2(.<br />

سورة احلشر،‏ اآلية:‏<br />

. 5<br />

كما <strong>يف</strong> صحيح البخاري،‏ ‏َبب غزوة الطائف،‏ من كتاب املغازي ، رقم )4325(، ص )353(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب غزوة الطائف<br />

من كتاب اجلهاد والسري،‏ رقم )1778(، ص )994(.


-8 إقراره <br />

لثمامة بن أاثل رضي هللا عنه مقاطعته لقومه اقتصادايً،‏ بقوله:‏ ‏)وهللا ال أيتيكم من اليمامة حبة<br />

حنطة حىت أيذن فيها رسول هللا <br />

)1966( .)<br />

-9<br />

-10<br />

اإلمجاع على حترمي جلب منفعة للكافر احملارب والتعامل معه مبا يقويه على املسلمني.‏ )1967(<br />

قاع دة س د ال ذرائع فك ل وس يلة أدت حملظ ور فه ي حمظ ورة ول و كان ت <strong>يف</strong> األص ل مباح ة والس ياحة <strong>يف</strong><br />

بالد غري املسلمني دعم القتصادهم وتقوية هلم على املسلمني وتدمري لألمة وفتنة هلا.‏<br />

-11<br />

م ا ج اءت ب ه الش ريعة م ن مقاص د األخ وة اإلمياني ة ونص رة املس لمني والتع اطف معه م وم ن ذل ك ت رك<br />

مقاطعة من يضر هبم ويعاديهم.‏<br />

-12<br />

أ-‏<br />

ما يرتتب عليها من املصاحل الراجحة والفوائد األخرى الكثرية النافعة ومنها:‏<br />

توعية املسلمني أببعاد املؤامرات الغربية على اقتصادهم ووحدهتم ومقدراهتم.‏<br />

ب-‏<br />

ت-‏<br />

ج-‏<br />

التخلص من التبعية واهليمنة الغربية على حياة املسلمني <strong>يف</strong> مأكلهم ومشرهبم وسياحتهم وشؤون<br />

حي اهتم العام ة واخلاص ة وحتقي ق االس تقالل واالكتف اء ال ذايت وإب راز الق درات واملواه ب<br />

واإلبداعات.‏<br />

تشجيع الص ناعات احمللي ة وت وفري ب دائل وطني ة وتعزي ز<br />

الصعاب وعدم اخلضوع وعزة النفس.‏<br />

الثق ة ‏َبل نفس وتربي ة األجي ال عل ى حت دي<br />

ث-‏ تغي ري سياس ات الع امل جت اه املس لمني مب ا حيق ق مص احلهم وي دفع مظ املهم ومين ع دع م أع دائهم<br />

فاملقاطعة رد أخالقي وسياسي وحضاري ودفاع مشروع عن النفس.‏<br />

ترشيد عادة االس تهالك املف رط ل دى الش عوب <strong>اإلسالم</strong>ية ال يت غل ب عليه ا االس ترياد م ن الغ رب<br />

واس تهالك منتجات ه مب ا يق وي اقتص اده ويض عف اقتص اد املس لمني وحيق ق االس تعمار<br />

االقتصادي.‏ )1968(<br />

واستدل أصحاب القول الثاين مبا أييت:‏<br />

-1<br />

عموم األدلة على كون األصل <strong>يف</strong> املعامالت هو احلل،‏ وقد سبق بيان ذلك.‏ )1969(<br />

-2 تعامله <br />

مع اليهود فقد اشرتى منهم ومات ودرعه مرهونة عند يهودي.‏ )1970(<br />

)1966(<br />

)1967(<br />

)1968(<br />

)1969(<br />

)1970(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب املغازي،َبب وفد بين حن<strong>يف</strong>ة وحديث مثامة بن أاثل،‏ رقم )4372(، ص )358(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

اجلهاد،‏ ‏َبب ربط األسري وحبسه ، رقم )1764(، ص )991(.<br />

كما سبق بيان ذلك <strong>يف</strong> املطلب السابق،‏ ص )512(.<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة هلذا القول ص<br />

.526<br />

ص )313(<br />

. ومابعدها<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )182(.


-3<br />

ما رواه عبد الرمحن بن أيب بكر رضي هللا عنه قال:‏ ‏)كنا مع النيب مث جاء رجل مش رك مش عان طوي ل<br />

بغنم يسوقها فقال له النيب : بيعاً‏ أم عطية،‏ أو قال:‏ هبة؟ قال:‏ ال بل بيع فاشرتى منه شاة(.‏ )1971(<br />

وعليه بوب البخاري:‏<br />

<strong>يف</strong> يده.‏ )1972(<br />

‏]الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب[،‏ ففيه جواز بيع الكافر وإثبات ملك ه عل ى م ا<br />

-4<br />

أن املقاطع ة االقتص ادية تس بب خس ائر للمس لمني وكس اد لتج ارهتم وف وات ملص احلهم وه ذا إض رار هب م<br />

والضرر ال يزال بضرر مثله فك<strong>يف</strong> أبعلى منه؛ ألن جناح املقاطعة غري مقطوع به.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> ‏َبب الشراء والبيع مع املشركني وأهل احلرب من كتاب البيوع،‏ رقم )2216( ، ص )172(.<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )478/4(.<br />

)1971(<br />

)1972(


املناقشة والرتجيح:‏<br />

نوقشت أدلة القول الثاين أبنه مل يقاطع اليهود <strong>يف</strong> املدينة أول األمر حني كانوا مساملني؛ ألهن م مل تظه ر هل م<br />

نوااي ضد <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني فلما ظهر لرسول هللا نواايهم وخاف من شرهم وضررهم وقد نقضوا عهودهم<br />

قاطعهم وحاصرهم حىت أهنك اقتصادهم فاهنزموا فأجالهم.‏<br />

مث إن قياس احلال <strong>يف</strong> ه ذا الزم ان عل ى يه ود املدين ة ال ذي ه م قل ة ‏َبلنس بة للمس لمني م ع أهن م مل يعلن وا احل رب<br />

عليهم قياس فاسد فأعداء املسلمني اآلن يعملون عل ى ح رب املس لمني واهليمن ة االقتص ادية والعس كرية عل يهم<br />

وإهناك قوة املسلمني واقتصادهم ويستعينون بتعامالهتم مع املسلمني على اإلضرار هبم وهزميتهم ودعم كل عدو<br />

هلم وإحداث الفرقة والفتنة <strong>يف</strong> صفوفهم.‏<br />

وم ع ض عف املس لمني وتف رقهم وت اذهلم ع ن اجله اد <strong>يف</strong> س بيل هللا ‏َبل نفس ال يبق ى إال اجله اد ‏َبمل ال وأقل ه<br />

املقاطعة االقتصادية.‏<br />

وم ا م ن ح رب إال وهل ا تض حيات فم ا ين تج ع ن املقاطع ة م ن خس ائر وأض رار كاخنف اض حج م االس تثمارات<br />

وحج م الس ياحة وانقط اع امل نح واملس اعدات وغ ري ذل ك الب د من ه لتحقي ق االنتص ارات واملكاس ب املادي ة<br />

واملعنوي ة األعظ م كاحلري ة <strong>يف</strong> ات اذ الق رار وتقوي ة اإلدارة واحملافظ ة عل ى ث روات األم ة وحتقي ق االكتف اء ال ذايت<br />

واخل روج م ن التبعي ة االقتص ادية واهليمن ة السياس ية وتنمي ة الق درات والتع اون والتعام ل االقتص ادي والنش اط <strong>يف</strong><br />

العم ل ب ني املس لمني وغ ري ذل ك م ن مص احل ال دنيا فض الً‏ ع ن الث واب اجلزي ل <strong>يف</strong> اآلخ رة وال ذي أع ده هللا<br />

للمجاهدين <strong>يف</strong> سبيله وهذا منه كما سبق.‏<br />

وقواع د الش ريعة تقتض ي دف ع أعظ م الض ررين وأش د املفس دتني ‏َبرتك اب أخفهم ا وال ش ك أن ض رر املقاطع ة<br />

أهون وأخف من ضرر التعامل االقتصادي املقوي ألعداء هللا واملعني هلم على هزمية املس لمني واهليمن ة عل يهم،‏<br />

)1973(<br />

وقد أثبت الواقع جناح املقاطعة رغم حمدوديتها وعدم تفعيلها رمسياً.‏<br />

وبناء على ما تقدم يرتجح وج وب املقاطع ة االقتص ادية <strong>يف</strong> األم ور الكمالي ة والتحس ينية كالس ياحة للرتفي ه عن د<br />

م ن حيتم ل حص ول ض رر عل ى املس لمني ‏َبلتعام ل مع ه،‏ أم ا عن د وج ود ض رورة ل ذلك التعام ل كش راء الس الح<br />

وال دواء وغريمه ا فيعم ل مب ا نص ت علي ه قواع د الش ريعة م ن أن الض رورات تب يح احملظ ورات وتق در الض رورة<br />

بقدرها.‏<br />

وكذا احلاجات اليت يرتتب على تركه ا ‏َبملقاطع ة ح رج ومش قة عام ة كان ت أو خاص ة فإهن ا تن زل منزل ة الض رورة<br />

دفعاً‏ ورفعاً‏ للحرج واملشقة فإذا مل يكن مث ضرورة و ال حاجة لذلك التعامل وظن تضرر املسلمني به وانتفاعهم<br />

)1973( ينظر:‏ islam-onlin.net , Alsunnah.info<br />

وموقع مفكرة <strong>اإلسالم</strong>.‏


برتك ه ف إن ترك ه ومقاطعت ه واجب ة <strong>يف</strong> ه ذه احلال ة مل ا تق دم،‏ ويؤك د ذل ك وج ود الب دائل لتل ك الكمالي ات<br />

والتحسينيات <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحتقق املفاسد واملضار ورجحان التحرمي <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> بغري بالدهم كما سبق.‏<br />

وهذا كله إذا مل أيمر اإلمام ‏َبملقاطعة ومل يعلم املسلم أو يغلب على ظنه تضرر املسلمني بذلك التعامل وتق وي<br />

أعدائهم به عليهم و إال وجبت املقاطعة بال خالف كما سبق.‏


املطلب السابع عشر<br />

استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين اهلل وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر


املطلب السابع عشر:‏ استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر.‏<br />

لقد جاءت الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية لتستوعب ش ؤون احلي اة كله ا وحتق ق للن اس س عادهتم وهن اءهم والغاي ة ال يت<br />

ألجلها خلقهم خالقهم وموالهم فهي ليست إبقليمية وال عنصرية بل عاملية عامة للناس كلهم قال تعال:‏<br />

)1974( ، فجمي ع الن اس خم اطبون هب ا فه ي<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

دين الفطرة السوية ومنهاج احلياة الفاضلة السعيدة.‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وغايته ا حتقي ق عب ادة هللا <strong>يف</strong> أرض ه كم ا ق ال س بحانه:‏ <br />

)1975( <br />

، ف ال ينبغ ي للس ائح املس لم أن يغف ل أو يتغاف ل ع ن ذل ك ب ل جي ب علي ه اس تثمار س ياحته <strong>يف</strong> حتقي ق<br />

تلك الغاية العظيمة واهلدف النبيل لنفسه ولغريه فيدعوا إىل دين هللا بقوله وفعل ه ول و ك ان <strong>يف</strong> رحل ة س ياحية يه دف<br />

من خالهلا للرتويح والرتفيه واالستجمام وغريه.‏<br />

<br />

فق د دل الكت اب والس نة عل ى وج وب ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقول ه:‏ )1976( <br />

<br />

، وقول ه:‏ )1978( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، وقول ه:‏ )1977( <br />

)1979(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وال شك أن اجملتمعات وامليادين املتنوعة حباجة إىل الدعوة إىل دين هللا؛ ألهنا مادة حياة الروح والب دن وحاج ة<br />

اجملتمع ات إليه ا أش د م ن ح اجتهم لألك ل والش رب واللب اس كم ا ب ني ذل ك اب ن الق يم رمح ه هللا )1980( ، وه ي<br />

س بيل التع رف عل ى ال وحي ألن العق ل البش ري قاص ر ع ن االس تقالل مبعرف ة احل ق وهب ا يتحق ق الت وازن <strong>يف</strong><br />

سورة األعراف،‏ اآلية:‏<br />

سورة الذارايت،‏ اآلية:‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

سورة النحل،‏ اآلية:‏<br />

سورة القصص،‏ اآلية:‏<br />

سورة يوسف،‏ اآلية:‏<br />

. 158<br />

. 56<br />

. 104<br />

. 125<br />

. 87<br />

. 108<br />

<strong>يف</strong> مفتاح دار السعادة )2/2(.<br />

)1974(<br />

)1975(<br />

)1976(<br />

)1977(<br />

)1978(<br />

)1979(<br />

)1980(


اجملتمع ات فتس دد حي اة الن اس ونفوس هم األم ارة ‏َبلس وء وتص وب أوض اعهم وأح واهلم وتع اجل أخط اءهم هب ذه<br />

الدعوة فهي جناة من األزمات وإنقاذ للخالئق من الدركات والضالالت.‏ )1981(<br />

وعص ران احلاض ر أش د العص ور حاج ة لل دعوة وافتق اراً‏ إليه ا،‏ وأب رز ميادينها ال يت يش تد فيه ا الفق ر ‏)فق ر الق يم<br />

واملث ل والش ريعة والعقي دة(:‏ املواق ع الس ياحية ال يت ع ادة م ا يغزوه ا الل وث الفك ري جبوانب ه املختلف ة ألهن ا مح ى<br />

مستباحة يسهل النفوذ إليها بسبب بعدها امللحوظ عن هللا غالباً.‏<br />

ل ذا فالس ائحون واملتنزه ون <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية أبم س احلاج ة إىل ال دعوة ال يت توج ه إل يهم مبختل ف ص ورها<br />

وألواهنا ووسائلها وأساليبها.‏ )1982(<br />

و<strong>اإلسالم</strong> دين اجلماعة واألصل <strong>يف</strong> املسلم االختالط ‏َبلناس ومعاشرهتم فالنيب يقول:‏ ‏))املؤمن ال ذي خي الط<br />

و(‏ ‏َبملخالط ة ي تمكن<br />

الن اس ويص رب عل ى أذاه م خ ري م ن ال ذي ال خي الط الن اس وال يص رب عل ى أذاه م((‏ )1983<br />

الداعي ة م ن االط الع عل ى أح وال املواق ع الس ياحية وطبيع ة مراتديه ا ومعرف ة حقيق ة االحنراف ات وأبعاده ا<br />

ملعاجلتها ‏َبألسلوب األمثل.‏ )1984(<br />

فهي من واجبات الدعاة حنو امل دعوين س واء ‏َبلس ياحة الدعوي ة أو بغش يان امل دعوين <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية وإن<br />

كان ت ح اهلم فيه ا غ ري س وية ف اهلل تع اىل يق ول:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

و<br />

<br />

)1985(<br />

فب ني أبن اإلع راض يك ون بع د ال ذكرى وه و الت ذكري وال دعوة،‏ وض ابط ه ذه املخالط ة ه و املوازن ة<br />

بني املصاحل واملفاسد فيها.‏ )1986(<br />

كانت حياة النيب <br />

وأصحابه وكفاحهم وجه ادهم <strong>يف</strong> س بيل ه ذه ال دعوة إلخ راج الن اس م ن ظلم ات الكف ر<br />

والباط ل إىل ن ور اإلس الم احل ق وعدل ه وم ن عب ادة العب اد إىل عب ادة رب العب اد،‏ وه ي ف رض كفاي ة كم ا دل ت<br />

على ذلك النصوص السابقة،‏ وقد تكون فرض عني إذا ك ان املس لم <strong>يف</strong> مك ان ل يس في ه م ن يق وم ب ذلك س واه<br />

وكذا عند قلة الدعاة وعند كثرة املنك رات وعن د غلب ة اجله ل كحالن ا الي وم تك ون ال دعوة ف رض ع ني عل ى ك ل واح د<br />

حبسب طاقته وعلى قدر علمه وهبذا يعلم أن كوهنا فرض عني أو كفاية أمر نسيب خيتلف ‏َبختالف األحوال.‏<br />

وقد ورد <strong>يف</strong> فضلها آايت وأحاديث كثرية منها:‏<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )294( وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

أخرجه ابن ماجه <strong>يف</strong> كتاب الفنت،‏ ‏َبب الصرب على البالء رقم )4032(.<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص 348، وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

. 68<br />

)1981(<br />

)1982(<br />

)1983(<br />

)1984(<br />

)1985(<br />

)1986(


قو ل ه س بحانه:‏ <br />

)1987( <br />

واملعىن:‏ ال أحد أحسن قوالً‏ منه لكونه دعا إىل هللا وأرشد إىل دينه وعمل ميا يدعو إليه م ن احل ق وت رك وح ذر<br />

مما هنى عنه من الباطل وصرح بذلك معتزاً‏ مفتخراً‏ مب ا ه و علي ه م ن احل ق ومل خيج ل كم ن يس تنكف ع ن ذل ك<br />

ويكره أن ينطق أبنه مسلم أو أبنه يدعو إىل <strong>اإلسالم</strong> حياء من الناس وما أقبحه من حياء بل رمب ا ت وهم بع ض<br />

م ن اغ رت ‏َبحلض ارات الغربي ة املادي ة أبن ذل ك مع ارض للمدني ة احلديث ة واحلض ارة والرق ي وت دخل <strong>يف</strong> احل رايت<br />

)1988(<br />

الشخص ية وم ا عل م ه ذا املس كني أبن املس لم مفت اح للخ ري مش عل للن ور ومنب ع للطي ب حي ب لاخ رين<br />

الس عادة واهل دى واتب اع احل ق وحتص يل اخل ري ودخ ول اجلن ان ويب ذل هل م جه ده ووس عه ل نفعهم وإنق اذهم دون<br />

طلب العوض منهم فأي حضارة ورقي وتقدم ونيل وكرم وحسن خلق أعظم من هذا وأجل وأروع؟<br />

أيساوي هذا من مهه حتصيل ملذاته وشهواته والرتويح عن نفسه <strong>يف</strong> س ياحته وت رك اآلخ رين <strong>يف</strong> ظلم ات اجله ل<br />

والضاللة والغواية دون إرشاد وداللة ودعوة؟!‏ كال وهللا ال يستواين أبداً.‏<br />

- ح ىت الس ياحة<br />

فل ذا ك ان املس لم الداعي ة إىل دين ه <strong>يف</strong> ك ل أحوال ه )1989(<br />

-<br />

))<br />

موع وداً‏ ‏َبخل ري العظ يم والث واب<br />

اجلزي ل م ن احل ق ج ل جالل ه كم ا أخ رب ب ذلك نبين ا فق ال:‏ ‏))م ن دل عل ى خ ري فل ه مث ل أج ر فاعل ه((‏<br />

)1990( ، وقال:‏ )) من دعا إىل هدى كان له من األجور مثل أجور من تبعه ال ينقص ذلك م ن أج ورهم ش يئاً‏<br />

)1991( ، وقال لعلي رضي هللا عنه:‏ ‏))ألن يهدي هللا بك رجالً‏ واحداً‏ خري لك من محر النعم((‏ )1992(<br />

فعل ى املس لم أن يس تثمر س ياحته <strong>يف</strong> ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل لنف ع اآلخ رين وحتص يل الث واب اجلزي ل م ن رب<br />

العاملني وهذه وظ<strong>يف</strong>ة الرسل عليهم الصالة والسالم وهم خري اخللق وأفضلهم وأنفعهم هلم.‏<br />

)1987(<br />

)1988(<br />

سورة فصلت،‏ اآلية:‏<br />

. 33<br />

)1989(<br />

)1990(<br />

وهي مزاعم يبتكرها و<strong>يف</strong>رتيها دعاة الضاللة ليطفئوا نور هللا أبفواههم وهللا متم نوره ولو كره الكافرون،‏ وأقول إن التدخل <strong>يف</strong> احلرايت<br />

الشخصية إمنا يظهر حقاً‏ <strong>يف</strong> وسائل املنصرين ودعاة اإلحلاد من خالل إجبار الناس على دخول دينهم املنحرف لتحصيل الضرورات من<br />

أكل وشرب ودواء ‏َبسم املعوانت اإلنسانية!‏ فأي استغالل وتدخل <strong>يف</strong> حرايت اآلخرين أبشع من هذا وأجلى ! و<strong>يف</strong>ارق هذا ما يقوم به<br />

املسلم <strong>يف</strong> سياحته من بذل اخلري للغري ‏َبجملان طلباً‏ لعفو وعطاء املنان،‏ وللفائدة ينظر:‏ فتوى مهمة برقم )20096( من اللجنة الدائمة<br />

للبحوث العلمية واإلفتاء ‏َبململكة <strong>يف</strong> التحذير من وسائل التنصري ، <strong>يف</strong> فتاوى اللجنة ، مجع الدويش )298/12(.<br />

حىت <strong>يف</strong> أدائه لشعائره وعباداته،‏ وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء جبواز وقوف النصارى <strong>يف</strong> صفوف املسلمني<br />

ومشاهدهتم لعبادهتم وجماراهتم حلركاهتم وأتملهم لذلك ملا فيه من املصلحة العامة والرتغيب <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> وحسن السمعة للمسلمني كما <strong>يف</strong><br />

الفتوى رقم )14269( <strong>يف</strong> املصدر السابق )257-256/2( ، بتصرف.‏<br />

أخرجه مسلم ، كتاب اإلمارة،‏ ‏َبب فضل إعانة الغازي <strong>يف</strong> سبيل هللا مبركوب وغريه،‏ ص )1017(، رقم )1893(.<br />

‏)‏‎1991‎‏(تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )367(.<br />

)1992(<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب اجلهاد والسري،‏ ‏َبب دعاء النيب إىل <strong>اإلسالم</strong> ، ص )224(، رقم )2783(.


وق د دل ت النص و ص عل ى ك<strong>يف</strong>ي ة ال دعوة وأس لوهبا كم ا <strong>يف</strong> قول ه س بحانه:‏ <br />

)1993( ، فيب دأ املس لم ‏َبحلكم ة وه ي األدل ة املقنع ة<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الواضحة الكاشفة للحق والداحضة للباطل فإن كان<br />

لدى املدعو بعض اجلف اء واالع رتاض فينتق ل إىل املوعظ ة<br />

احلس نة ‏َبآلايت واألحادي ث والرباه ني العقلي ة واملعج زات اإلهلي ة الرَبني ة ف إن ك ان لدي ه ش به فيج ادل ‏َبحلس ىن<br />

<br />

دون غلظة أو تعني ف أو عجل ة ب ل كم ا ق ال س بحانه ملوس ى وه ارون:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

بقول ه:‏ ، وكما وص ف نبي ه حمم داً‏ )1994( <br />

<br />

)1995( ، فالب د أن يتحل ى الداعي ة ‏َبحلكم ة والعل م والص رب وحس ن<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

األخالق والتأدب مع املخالفني وحتمل أخطائهم فال يشق على الناس وال ينفرهم من دي ن هللا بغلظت ه ومحاقت ه<br />

وجهله وأسلوبه العن<strong>يف</strong> الضار فإن سلس القياد لني اجلانب طيب الكالم بشوش الوجه مؤثر <strong>يف</strong> القلوب.‏<br />

والناس يتباينون <strong>يف</strong> كل شيء <strong>يف</strong> ذكائهم وعلمهم وأمزجتهم ومشاعرهم ومي وهلم واجتاه اهتم وطب ائعهم وأفك ارهم<br />

وتص وراهتم وغ ري ذل ك مم ا <strong>يف</strong> رض عل ى الداعي ة أن حيس ن اختي ار األس لوب وامل دخل األكث ر مناس بة لنفوس هم<br />

ومالءمة لعقوهلم.‏<br />

وعلي ه أن يراع ي م ا يكره ه الن اس م ن إب راز عي وهبم <strong>يف</strong> العل ن فإن ه ن وع م ن الت وبيخ والس خرية وم ن األس لوب<br />

املباش ر <strong>يف</strong> النق د ف إن التع ريض والتنبي ه ك اف ألص حاب القل وب احلي ة،‏ وم ن الرتكي ز عل ى الس لبيات وجتاه ل<br />

احلسنات ومن الرتكيز على األخطاء والزالت ومن املعاملة ‏َبستعالء واحتقار وكرب وحنو ذلك.‏<br />

كما أن عليه مراعاة ما حيبونه من إظهار االهتمام هبم واستماع حديثهم وع دم اإلف راط <strong>يف</strong> جم ادلتهم وتق ديرهم<br />

واح رتامهم وش كرهم عل ى حس ناهتم وتش جيعهم عليه ا وتص حيح أخط ائهم دون ج رح مش اعرهم ومن اداهتم<br />

أبح ب األمس اء إل يهم ف إن <strong>يف</strong> ذل ك ‏َبل غ األث ر عل يهم،‏ وال ب د م ن مراع اة أح وال الس ائحني واملتنزهني النفس ية<br />

وتفاعلهم مع روعة اجلمال <strong>يف</strong> املوقع السياحي واستجابتهم الفطرية ملؤثراته ‏َبلبهجة والسرور وانبساط األس ارير<br />

وذل ك أبن تنس اق ال دعوة <strong>يف</strong> اجمل رى الع ام وتتواف ق م ع اجل و احمل يط ومتت زج <strong>يف</strong> املي دان ال دعوي <strong>يف</strong> موض وعها<br />

وأس لوهبا ووس ائلها مب ا يع زز انبع اث الس رور <strong>يف</strong> نفوس هم فيس تثمر هب وب ري ح األن س والبهج ة ‏َبلته ذيب<br />

والتشذيب والتقومي املنسجم مع طبيعة الفطرة واملوقع السياحي كما <strong>يف</strong> دعوة سليمان مللكة سبأ.‏ )1996(<br />

سورة النحل،‏ اآلية:‏<br />

سورة طه،‏ اآلية:‏<br />

. 125<br />

. 44<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏<br />

. 159<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص 357، وما بعدها ، بتصرف.‏<br />

)1993(<br />

)1994(<br />

)1995(<br />

)1996(


كم ا أن أس لوب الق دوة احلس نة م ن أعظ م الوس ائل الناجع ة <strong>يف</strong> إقن اع امل دعو والت أثري علي ه وتقبل ه لل دعوة<br />

والنصيحة.‏<br />

فم ن أه م أخ الق الداعي ة العم ل مب ا ي دعو إلي ه م ن دي ن عظ يم ومب ادئ س امية وأخ الق راقي ة كرمي ة فاض لة<br />

<br />

فيمتثلها قوالً‏ وعمالً‏ وسلوكاً،‏ حىت ال يكون ممن قال هللا ف يهم:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، أو مم ن وخبه م س بحانه م ن اليه ود بقول ه:‏ )1997( <br />

<br />

<br />

)1998(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

والسائح املسلم سفري لبلده وجمتمعه وأمته وقيم ه وعادات ه وعقيدت ه فيج ب أن ميثله ا أحس ن متثي ل وأفض له وأن<br />

يكون مثاالً‏ لاخرين <strong>يف</strong> تعامله وسلوكه وانضباطه واحرتامه ملشاعر اآلخرين وتقيده أبنظم تهم احملقق ة للمص احل<br />

الدنيوية.‏<br />

ولل دعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> املواق ع الس ياحية والس ياحة وس ائل عام ة وخاص ة كث رية )1999( ، فم ن الوس ائل العام ة<br />

لذلك:‏<br />

القدوة احلسنة.‏<br />

فقي ام الداعي ة ‏َبلتطبي ق العمل ي مل ا ي دعو إلي ه ظ اهراً‏ وَبطن اً‏ دلي ل ص دقه في ه وهل ذا ك ان األنبي اء<br />

والرسل عليهم الصالة والسالم قمماً‏ سامقة <strong>يف</strong> السرية احلمي دة والتطبي ق العمل ي مل ا جاءوا ب ه م ن<br />

احلق.‏<br />

والق دوة احلس نة أه م الوس ائل ال يت ميك ن أن يس تخدمها الداعي ة للوص ول إىل قل وب امل دعوين<br />

والتأثري عليهم.‏<br />

احملاضرة الدعوية.‏<br />

وينبغ ي أن تعتم د عل ى احلج ج واألس لوب املنطق ي <strong>يف</strong> الع رض والبح ث وهت تم ‏َبلرباه ني<br />

واالس تنتاجات وأن يك ون فيه ا اس تئناس ع اطفي وع رض تش ويقي يش د احلض ور إىل االس تماع<br />

واإلنصات.‏<br />

الوسائل الكتابية.‏<br />

)1997(<br />

)1998(<br />

)1999(<br />

سورة الصف،‏ اآلية:‏<br />

سورة البقرة،‏ اآلية:‏<br />

. 2<br />

. 44<br />

ينظر <strong>يف</strong> ذلك:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )549-495( وقد عمل <strong>يف</strong> ذلك دراسة ميدانية <strong>يف</strong> ص<br />

.)763-728(


فتمت از الكلم ة املطبوع ة بوض وح األه داف واملقاص د ، وب ذا تك ون أكث ر تثبيت اً‏ وتركي زاً‏ وأفض ل<br />

وسيلة لإلقناع وأقدر على االحتفاظ ‏َبملعلومات،‏ وميكن ترمجتها إىل لغات املدعوين املختلفة.‏<br />

ومن الوسائل الكتابية:‏ الكتب والنشرات واللوحات اإلرشادية املختلفة.‏<br />

الوسائل السمعية واملرئية.‏<br />

وميكن أن تكون منتج اً‏ س ياحياً‏ خاص اً‏ بتوزيعه ا ع ن طري ق الس يارات املزين ة والع رَبت اجلوال ة ال يت<br />

جتوب املواقع السياحية ومن خالل األفراد أيضاً،‏ ويراعى تناسبها مع املستوايت العمرية املختلفة.‏<br />

-4<br />

ومن الوسائل اخلاصة:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

املعارض واملتاحف.‏<br />

فق د أص بح غال ب جمتم ع ه ذا العص ر مولع اً‏ مبختل ف أن واع الفن ون ‏)الزخرف ة والرس م والتش كيل<br />

واخلط املعماري ... اخل(‏ ملا هلا من آاثر عقلية ونفسية.‏<br />

وه ذه الفن ون اجلميل ة ميك ن توجيهه ا م ن خ الل التص ور اإلس المي وجه ة ص حيحة لتك ون أداة<br />

لل دعوة إىل هللا وجتس يد التع ابري اإلس المية <strong>يف</strong> ص ور ش ىت ت دل عل ى عقي دة املس لم بص فائها<br />

وإشراقها وحتث على الفضائل وتنهى عن الرذائل وتغري االجتاهات واألفكار غري الس وية وتص حح<br />

املفاهيم والرؤى املنحرفة وترسخ القيم واملبادئ الصائبة.‏<br />

ومن هذه املعارض:‏<br />

معارض الكائنات احلية اليت ميكن من خالهلا إظهار قدرة اخل الق وعظمت ه <strong>يف</strong> خلق ه ونعمت ه علين ا<br />

<strong>يف</strong> تس خريها لن ا،‏ ومع ارض املخالف ات الفكري ة والس لوكية وغريه ا وم ن خالهل ا ميك ن التح ذير م ن<br />

خطورة تلك االحنرافات واملخالفات وأثرها السي على اجملتمع ، وك ذا تتن وع املت احف م ن اترخيي ة<br />

وأثرية وواثئقية ومتاحف صناعات يدوية وغريها.‏<br />

املخيمات الدعوية.‏<br />

وتقام <strong>يف</strong> املواقع الس ياحية ومنه ا م ا يك ون خاص اً‏ بفئ ة معين ة كالش باب أو النس اء،‏ أو عام اً‏ لك ل<br />

الناس ومن خالهلا تعمق روابط اإلميان <strong>يف</strong> اجملتمع ويشغل فراغ الناس مبا ي نفعهم وتق ام النش اطات<br />

الدعوي ة والرتبوي ة النافع ة املفي دة،‏ و<strong>يف</strong> ه ذا الن وع م ن وس ائل ال دعوة جان ب مه م يتعل ق ب دعوة<br />

الس ائحني األجان ب وه و اخليم ة الثقافي ة وم ن خالهل ا يعرف ون بك رم الض يافة العربي ة اإلس المية<br />

األصيلة وتقتنص الفرص واملداخل املناسبة لدعوهتم إىل <strong>اإلسالم</strong> وتعر<strong>يف</strong>هم به.‏<br />

اإلرشاد السياحي.‏


فاملرش د الس ياحي يق دم للس ائحني معلوم ات متنوع ة تت أثر بطبيع ة اهتمام ات الس ياح ورغب اهتم<br />

ومقاصدهم وطبيعة املوقع السياحي املقصود.‏<br />

وم ن خ الل ه ذه املعلوم ات املتنوع ة ميك ن تعري ف الس ياح ‏َبإلس الم ودع وهتم إلي ه وت رغيبهم في ه<br />

وإبراز عظمته ومبادئه السمحة ‏َبألسلوب اجلذاب املمتع والطريقة األنسب.‏<br />

وال ينبغي أن يقتصر التعر<strong>يف</strong> السياحي على املقومات السياحية املادية بل يضفي املرشد إليها م ا<br />

جيعلها تنعكس على نفسية السائح وسلوكه واجتاهاته وأفكاره.‏<br />

كما ينبغي االستفادة من األساليب الدعوية العامة واخلاصة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> مبا يتناسب مع املقام.‏<br />

ومن األساليب الدعوية العامة:‏<br />

األسلوب القصصي،‏ وأسلوب ضرب األمثال،‏ وأسلوب الشعر.‏<br />

ومن األساليب اخلاصة:‏<br />

الرتغيب،‏ واملؤانسة ‏)احملادثة(‏ وعرض حضارات األمم وما حدث هلا من خالل القرآن الكرمي.‏<br />

وق د ك ان لكث ري م ن جت ار املس لمني وس ياحتهم أث ر <strong>يف</strong> نش ر ال دعوة اإلس المية <strong>يف</strong> الع امل فه دى هللا هب م<br />

قل وَبً‏ عمي اً‏ وآذاانً‏ ص ماً،‏ فم ن ذل ك دخ ول اإلس الم وانتش اره <strong>يف</strong> اهلن د عل ى أي دي التج ار والبح ارة<br />

الع رب ال ذين ك انوا <strong>يف</strong> دون إىل امل دن اهلندي ة الواقع ة عل ى س احل حب ر الع رب و<strong>يف</strong> ج زر لك د<strong>يف</strong><br />

ومالد<strong>يف</strong> كذلك وكذا <strong>يف</strong> الصني دخل <strong>اإلسالم</strong> مع التجار الذين كانوا يس لكون الطري ق البح ري الق دمي<br />

وكذا <strong>يف</strong> بالد األرخبيل وإفريقي ة وغريه ا ق دمياً‏ وح ديثاً‏ ال ت زال طائف ة م ن املس لمني يس تثمرون س ياحتهم<br />

<strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا فيصطحبون معهم الوسائل الدعوية املرئية والس معية واملق روءة ويتمثل ون <strong>يف</strong> س لوكياهتم<br />

خلق <strong>اإلسالم</strong> وآدابه فيحملون اخلري للغري وينريون هلم دروب الظالم فنعم القوم ونعم <strong>السياحة</strong>.‏ )2000(<br />

بي ان ض رورة إظه ار املس لم لدين ه وش عائره<br />

وق د تق دم <strong>يف</strong> ه ذا املطل ب وك ذا <strong>يف</strong> املطل ب اخل امس )2001(<br />

والتصريح بذلك واالفتخار به وإذا كان عجزه عن ذلك موجب للهجرة عليه كما تقدم ف إن عج زه عن ه<br />

<strong>يف</strong> س ياحته املؤقت ة؛ مل ا يرتت ب علي ه م ن ض رر ‏َبل غ وخط ورة جس يمة يوج ب علي ه ال دعوة إىل ذل ك<br />

‏َبلط رق الس رية والوس ائل الس لمية ق در اس تطاعته م ع القي ام بش عائره <strong>يف</strong> الس ر دفع اً‏ للض رر واملفس دة،‏<br />

أم ا م ع الق درة عل ى ذل ك فإن ه ال جي وز للمس لم إخف اء دين ه والس كوت ع ن دع وة غ ريه إلي ه م ع قدرت ه<br />

خوف اً‏ أو حي اءً‏ وخج الً‏ كم ا تق دم ف إن إظه ار ال دين م ن أه م األه داف وأمساه ا وألجل ه أرس ل هللا نبي ه<br />

و ينظر منوذج مشرق لذلك <strong>يف</strong> جملة األسرة،‏ العدد )86( مجادى األوىل<br />

‎1421‎ه ، ص )25(.<br />

ص )411(.<br />

)2000(<br />

)2001(


كم ا ق ال:‏ <br />

<br />

)2002( ، فكي ف خ<strong>يف</strong> ى املس لم عقيدت ه ويس تنكف ع ن ال دعوة إليه ا <strong>يف</strong> س ياحته وه ي<br />

<br />

نور وحق وخري وهدى؟!‏<br />

وال عز وال كرامة وال خري وال فالح للمسلم إال إبظهار دينه واالعتزاز به وال دعوة إلي ه ح ىت <strong>يف</strong> س ياحته<br />

واستغالل كل طريق ووسيلة توصله إىل ذلك وتعينه عليه.‏ )2003(<br />

والقي ام ‏َبل دعوة<br />

يتطل ب م ن الداعي ة أن يك ون وثي ق الص لة ‏َبهلل تع اىل ليس تمد من ه الع ون والتوفي ق والنص رة<br />

والتأييد واحلماية وقبول العمل ومن مظاهر الصلة الوثيقة )2004( :<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

اإلخالص هلل تعاىل <strong>يف</strong> القول والعمل واحلذر من الرايء والسمعة فبإخالصه ينال الثواب من امل وىل<br />

سبحانه ويكون أدع ى لقب ول الس ائحني لدعوت ه وأدل هل م عل ى ص دقه وأن ه مل حي رتف هب ا ويطل ب<br />

من ورائها مكاسب مادية.‏<br />

حمب ة هللا تع اىل وه ي م ن أعظ م مظ اهر ه ذا االتص ال الوثي ق ‏َبهلل وتس توجب من ه اإلكث ار م ن<br />

الطاعات والتقرب أبصناف العبادات املشروعة لتتحقق له الوالية والتأييد واحلفظ والرعاية.‏<br />

التجرد من التطلع إىل زهرة احلياة الدنيا وتعلق القلب بزخرفها والزهد مما <strong>يف</strong> أيدي الناس.‏<br />

كم ا يتطل ب القي ام ‏َبل دعوة توثي ق الداعي ة ص لته هب ا م ن خ الل العل م ‏َبمل نهج ال دعوي الق ومي لل دعوة إىل هللا<br />

عل ى بص رية والتف اؤل املق رون ‏َبلعم ل ملس تقبل ال دعوة فه و ه دي األنبي اء عل يهم الس الم وبدون ه تطب ق علي ه<br />

ظلمات اليأس فال ميلك بصرية حية يستطيع هبا مواصلة مسريته الدعوية.‏<br />

كما يتطلب القيام ‏َبلدعوة اتصاف الداعية ‏َبالتصال الوثيق ‏َبمل دعوين م ن خ الل حتلي ه ‏َبخلل ق احلس ن معه م<br />

<strong>يف</strong> قوله وعمله ومن لوازمه التواضع مع اجلميع مبا حيببه إليهم فيس تمعون إلي ه ويت أثرون ب ه وحتلي ه ك ذلك ‏َبهليئ ة<br />

اجلذاب ة اجلميل ة احلس نة ف إن <strong>يف</strong> ذل ك ‏َبل غ األث ر عل ى امل دعوين فتطم ئن نفوس هم ويس رتيح نظ رهم ل ه وال مت ل<br />

)2002(<br />

)2003(<br />

سورة الصف،‏ اآلية:‏<br />

. 9<br />

ينظر فيما تقدم : رسالة <strong>يف</strong> وجوب الدعوة إىل هللا سبحانه وأخالق الدعاة ، لسماحة الشيخ عبد العزيز بن ‏َبز،‏ ص )39-1(،<br />

وك<strong>يف</strong> ندعو إىل <strong>اإلسالم</strong>،‏ فتحي يكن،‏ ص )27-11(، وفن التعامل مع الناس،‏ د/عبد هللا اخلاطر،‏ ص )59-23( ، والدعوة إىل هللا<br />

توجيهات وضوابط،‏ للخاطر أيضاً،‏ ص )13(، واحلرص على هداية الناس،‏ د/فضل إهلى ، وفقه االحتساب على غري املسلمني،‏ د/عبد<br />

هللا الطريقي،‏ ص )40(، وفتاوى اللجنة الدائمة ، مجع الدويش ‏)‏‎227/12‎‏-وما بعدها(،‏ وجمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ مجع الشويعر<br />

-104/3(<br />

وما بعدها(،‏ وجملة الدعوة ، العدد<br />

27 ،1748<br />

ربيع األول ‎1421‎ه ، ص )21(، وكذلك العدد<br />

18 ،1844<br />

)2004(<br />

‎1423‎ه ، ص )32( ، وللفائدة ينظر:‏ التعامل مع جمتمع غري مسلم،‏ عدانن النحوي.‏<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )309(، وما بعدها ، بتصرف.‏<br />

ربيع األول


آذاهن م م ن حديث ه وجيلون ه ويتف اعلون مع ه،‏ وي دخل <strong>يف</strong> ه ذه اهليئ ة فاعلي ة الق ول وبالغ ة البي ان وإقن اع<br />

األسلوب.‏ )2005(<br />

وق د ج اء الق رآن الك رمي ب بعض النم اذج لل دعوة إىل هللا <strong>يف</strong> الس ياحة )2006( ، وم ن ذل ك قي ام موس ى واخلض ر<br />

عليهم ا الس الم ‏َبل دعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> س ياحتهما العلمي ة ال يت قص د هب ا موس ى طل ب العل م م ن اخلض ر<br />

<br />

عليهم ا الس الم كم ا ق ص هللا تع اىل ذل ك <strong>يف</strong> س ورة الكه ف <strong>يف</strong> قول ه:‏ <br />

)2007(<br />

‏....إخل اآلايت املليئ ة ‏َبحلك م<br />

وامل واعظ واملواق ف<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

الدعوية والرتبوية من خالل اجلوالت الثالث املذكورة <strong>يف</strong> اآلايت واملتعلقة أبحداث سياس ية واجتماعي ة وكان ت<br />

ال دعوة متبادل ة ب ني موس ى واخلض ر عليه ا الس الم <strong>يف</strong> احل ث عل ى فع ل اخل ري واإلحس ان إىل الن اس لوج ه هللا<br />

ووضع أعظم الضررين وأشد املفسدتني ‏َبرتكاب أخفهما وأدانمها كما قام ذو الق رنني – <strong>يف</strong> رحالت ه الس ياحية<br />

– ال ثالث<br />

ال وارد بياهن ا <strong>يف</strong> الس ورة نفس ها<br />

–<br />

إىل املش رق واملغ رب والوس ط وه و مك ان الس د ب ني اجلبل ني<br />

–<br />

‏َبل دعوة إىل هللا تع اىل وكان ت س ياحته دعوي ة واستكش افية فك ان جي وب ال بالد ي دعو العب اد إىل عب ادة هللا<br />

وينذرهم ويرى عجائب األرض فدعا الكفار الذين وجدهم <strong>يف</strong> مغرب األرض إىل اإلميان ‏َبهلل تعاىل كما <strong>يف</strong><br />

قول ه س بحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2008( ، فهو يدعوهم إىل اإلميان ‏َبهلل تع اىل وعبادت ه فم ن رف ض عذب ه ‏َبلقت ل<br />

<br />

<br />

<br />

مث يناله عقاب هللا األشد ومن استجاب أكرم ه وأحس ن إلي ه،‏ مث <strong>يف</strong> جولت ه الثاني ة للمش رق وج د قوم اً‏ مل جيع ل<br />

هللا هلم دون الشمس سرتاً‏ يقيهم حرها فأقام فيهم العدل ودعاهم إىل اإلميان كسابقيهم وهذا يتض ح م ن عمل ه<br />

اإلغاثي هلم إبرشادهم إىل اتاذ املالبس واملساكن فإغاثتهم ‏َبإلميان والدعوة إىل الرمحن من ‏َبب أوىل ملن ن ذر<br />

نفس ه ل ذلك،‏ مث <strong>يف</strong> جولت ه الثالث ة أغ اث م ن ك انوا ب ني الس دين ببنائ ه الس د هل م لوج ه هللا ع ز وج ل فلم ا أمته<br />

(<br />

<br />

عر ج على الدعوة القولية زايدة <strong>يف</strong> التوضيح والنصح وحرصاً‏ على اهلداية فقال:‏ <br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏<br />

اختصرهتا من رسالة دكتوراه بعنوان:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ علي األمحد،‏ ص<br />

سورة الكهف،‏ اآلية:‏<br />

سورة الكهف،‏ اآلية:‏<br />

286-228، بتصرف.‏<br />

، وما بعدها.‏ 60<br />

. 88-86<br />

)2005<br />

)2006(<br />

)2007(<br />

)2008(


)2009(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذا توجيه<br />

هلم بعدم االغرتار مبناعته فإن هللا القوي<br />

<br />

سيدكه دكاء إذا جاء وعد اآلخرة كما أن فيه تذكري هلم للعمل واالستعداد لذلك اليوم وطلب رمحة هللا<br />

عز وجل فيه .<br />

وم ن ال دعوة إىل هللا ع ز وج ل <strong>يف</strong> الس ياحة م ا ق ام ب ه س ليمان علي ه الس الم م ع ملك ة س بأ <strong>يف</strong> س ياحتها<br />

االستكشافية من بالد اليمن إىل الشام لرؤية ملك سليمان وحضارته كما قص هللا تعاىل ذلك <strong>يف</strong> سورة<br />

النمل،‏ وقد قيل إهنا أشهر سائحة مبفهوم <strong>السياحة</strong> احلديث.‏<br />

وكان ت غاي ة س ليمان علي ه الس الم م ن أم ره إبحض ار عرش ها قب ل ارت داد طرف ه وبن اءه الص رح <strong>يف</strong> حم ل<br />

ق دومها ه و دعوهت ا إىل هللا تع اىل ، وق د حتق ق ذل ك مبج رد دخوهل ا الص رح مباش رة فلم ا هبره ا م ا رأت<br />

علمت من خالله أن سليمان عليه الس الم ص ادق فيم ا دعاه ا إلي ه وأن ه مؤي د م ن عن د هللا تع اىل،‏ وأن<br />

<br />

ملك ه م ن هللا وعلم ت <strong>يف</strong> املقاب ل بط الن دينه ا ودي ن قومه ا،‏ وقال ت:‏ <br />

)2010(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كما قام موسى عليه السالم بدعوة السحرة واملنتزهني والسائحني <strong>يف</strong> موقع يوم الزينة إىل دين هللا وأظهر<br />

مبا أيده هللا به من املعجزات بطالن ما هم عليه كما جاء بيان ذلك <strong>يف</strong> سورة طه )2011(<br />

مث قام نبينا حممد ‏َبلدعوة إىل هللا تع اىل <strong>يف</strong> س ياحته إىل مدين ة الط ائف والل يت الق ى فيه ا م ن العن ت<br />

واملشقة ما هو أشد من يوم أحد ورغم ذلك فإنه مل أيم ر مل ك اجلب ال إبطب اق األخش بني عل يهم )2012( ،<br />

وقال <br />

: ‏))بل أرجو أن خيرج هللا من أصالهبم من يعبد هللا وحده وال يشرك به شيئاً((.‏ )2013(<br />

كم ا ق ام ‏َبل دعوة إىل هللا ع ز وج ل <strong>يف</strong> س ياحته إىل من ازل الع رب املتفرق ة ككن دة وكلب اً‏ وب ين حن<strong>يف</strong> ة<br />

)2014(<br />

وبين عامر بن صعصعة وغريهم ، و<strong>يف</strong> أسواقهم كسوق عكاظ وجمنة وذي اجملاز.‏<br />

3231<br />

)2009(<br />

)2010(<br />

)2011(<br />

)2012(<br />

)2013(<br />

سورة الكهف،‏ اآلية:‏<br />

سورة النمل،‏ اآلية:‏<br />

<strong>يف</strong> اآلايت<br />

. 98<br />

. 44<br />

وما بعدها.‏ 59<br />

ومها جبال مكة أبو قبيس والذي يقابله قعيقعان.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب بدء اخللق ‏َبب إذا قال أحدكم آمني واملالئكة <strong>يف</strong> السماء ... اخل،‏ رقم<br />

اجلهاد،‏ ‏َبب ما لقي النيب من أذى املشركني ، رقم<br />

، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب<br />

.1795<br />

)2014(<br />

ينظر:‏ سرية ابن هشام،‏ هتذيب عبد السالم هارون،‏ ص 112، وما بعدها.‏


املبحث الثالث<br />

أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة<br />

املطلب األول<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ديار املعذبني


املبحث الثالث:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة<br />

املطلب األول:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني<br />

ال خيلو السفر إىل داير املعذبني ودخول منازهلم وزايرهتا و<strong>السياحة</strong> فيها من حالني :<br />

األوىل :<br />

ذلك .<br />

الثانية :<br />

أن يكون ذلك ملصلحة راجحة كتعليم أو توثيق ودعوة لإلسالم أو تفكر أو وعظ وإرشاد وحنو<br />

أن يكون ذلك جملرد النزهة والفرجة والرتويح مع ما قد يصاحبه من اإلعجاب هبا والتعظيم هلا .<br />

فإن كانت <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> دايرهم من قبيل احلالة األوىل فهي جائزة بشرط أن يكون الداخل إليها والسائح<br />

فيها على هيئة من اخلوف والبكاء املانع من العذاب.‏<br />

)2015(<br />

لقوله <br />

: )) ال تدخلوا على هؤالء املعذبني إال أن تكونوا ‏َبكني فإن مل تكونوا ‏َبكني فال تدخلوا<br />

عليهم ال يصيبكم ما أصاهبم ((.<br />

)2016(<br />

فنهى عن عبور دايرهم إال على وجه اخلوف املانع من العذاب،‏ قال ابن حجر : " قوله إال أن تكونوا<br />

‏َبكني ليس املراد االقتصار <strong>يف</strong> ذلك على ابتداء الدخول بل دائماً‏ عند كل جزء من الدخول،‏ وأما االستقرار<br />

فالك<strong>يف</strong>ية املذكورة مطلوبة فيه ‏َبألولية ... ووجه هذه اخلشية أن البكاء يبعثه على التفكر واالعتبار فكأنه<br />

أمرهم ‏َبلتفكر <strong>يف</strong> أحوال توجب البكاء من تقدير هللا تعاىل على أولئك ‏َبلكفر مع متكينه هلم <strong>يف</strong> األرض<br />

وإمهاهلم مدة طويلة مث إيقاع نقمته هبم وشدة عذابه وهو سبحانه مقلب القلوب فال أيمن املؤمن أن تكون<br />

عاقبته إىل مثل ذلك،‏ وأيضاً‏ التفكر <strong>يف</strong> مقابلة أولئك نعمة هللا ‏َبلكفر وإمهاهلم إعمال عقوهلم فيما يوجب<br />

اإلميان به والطاعة له فمن مر عليهم ومل يتفكر فيما يوجب البكاء اعتباراً‏ أبحواهلم فقد شاهبهم <strong>يف</strong> اإلمهال<br />

ودل على قساوة قلبه وعدم خشوعه فال أيمن أن جيره ذلك إىل العمل مثل أعماهلم فيصيبه ما أصاهبم".‏<br />

)2017(<br />

وهذا اإلرشاد احلكيم فيه توجيه عميق منه للمؤمنني ليكونوا دائماً‏ على وعي ملا يرون ويسمعون فال<br />

ريب أن املألوف <strong>يف</strong> النظر آلاثر األقدمني أايً‏ كانوا هو حتقيق املتعة للسياح وشيء من املعرفة دون النظر <strong>يف</strong><br />

)2015(<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب (<br />

حتقيق د.‏ انصر العقل (<br />

/5<br />

/1<br />

)2016(<br />

45(، وفتح الباري البن حجر )631/1(، واقتضاء الصراط املستقيم،‏ البن تيمية،‏<br />

261(، واملفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر البن جربين،‏ مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص)‏‎103‎‏(.‏<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الصالة،‏ ‏َبب الصالة <strong>يف</strong> مواضع اخلسف والعذاب (<br />

والرقائق،‏ ‏َبب النهي عن الدخول على أهل احلجر (<br />

،)37 رقم (<br />

،)1194 رقم ( .)2981<br />

)2017(<br />

فتح الباري (<br />

. )631 /1<br />

433(، ومسلم،‏ <strong>يف</strong> كتاب الزهد


العواقب والتأمل <strong>يف</strong> األحداث واستخالص الدروس والعرب منها كما هي طريقة العقالء املتدبرين ال الغافلني<br />

العابثني.‏<br />

)2018(<br />

وإىل هذه الطريقة وتلك الك<strong>يف</strong>ية أُرشد وأُمر السائح <strong>يف</strong> داير املعذبني فال جيوز اخلروج عنها إىل طريقة<br />

العابثني الالهني الغافلني املرتفني .<br />

والنصوص <strong>يف</strong> ذلك وردت <strong>يف</strong> داير مثود كما <strong>يف</strong> حديث ابن عمر قال:‏ نزل رسول هللا ‏َبلناس عام<br />

تبوك،‏ نزل هبم احلجر عند بيوت مثود فاستسقى الناس من اآلَبر اليت كان يشرب منها مثود فعجنوا منها<br />

ونصبوا القدور ‏َبللحم فأمرهم رسول هللا فأهراقوا القدور وعلفوا العجني اإلبل مث ارحتل هبم حىت نزل هبم<br />

على البئر اليت كانت تشرب منها الناقة وهناهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا وقال:‏ )) إين أخشى أن<br />

يصيبكم مثل ما أصاهبم فال تدخلوا عليهم (( .<br />

)2019(<br />

ويلحق بداير مثود غريها ألن العربة بعموم اللفظ ال خبصوص السبب ونبه على ذلك ابن حجر بقوله : " وهذا<br />

يتناول مساكن مثود وغريهم ممن هوكصفتهم وإن كان السبب ورد فيهم ".<br />

)2020(<br />

وقد ورد عن علي قوله : ( إن حبييب النيب هناين أن أصلي <strong>يف</strong> أرض ‏َببل فإهنا ملعونة )<br />

وقال:‏ ما كنت أصلي أبرض خسف هبا ثالث<br />

، )2021(<br />

مرات )2022( .<br />

وكره أمحد ذلك موافقة له.‏ )2023( ، وذكر شيخ <strong>اإلسالم</strong> أبن احلديث املشهور <strong>يف</strong> احلجر<br />

– املتقدم ذكره –<br />

يوافق فإنه إذا كان قد هنى عن الدخول إىل أرض العذاب دخل <strong>يف</strong> ذلك الصالة وغريها من ‏َبب أوىل ويوافق<br />

)2024(<br />

<br />

<br />

<br />

ذلك قوله سبحانه عن مسجد الضرار : <br />

فإنه كان من أمكنة العذاب .<br />

وبناء على ذلك فكل ما كان وقع عليه عذاب هللا وسخطه وعقوبته ال جيوز دخوله إال على الك<strong>يف</strong>ية<br />

املذكورة <strong>يف</strong> احلديث للعلة اجلامعة بينه وبني ما ورد النص بشأنه كما تقدم.‏<br />

ومن تلك املواقع<br />

: )2025(<br />

)2018(<br />

)2019(<br />

)2020(<br />

)2021(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ علي األمحد ، ص (<br />

)116 ، بتصرف .<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ ‏َبب اإلحسان إىل األرملة واملسكني ( 1194(، وأمحد <strong>يف</strong> مسنده (<br />

فتح الباري ، البن حجر (<br />

. )9/2<br />

. )631 /1<br />

)2022(<br />

سبق ترجيه ص ‏)‏‎443‎‏(،وقال اخلطايب ( 1560/2(: ‏"ال أعلم أحداً‏ من العلماء حرم الصالة <strong>يف</strong> أرض ‏َببل فإن كان حديث علي<br />

اثبتاً‏ فلعله هناه أن يتخذها وطناً‏ ألنه إذا أقام هبا كانت صالته فيها يعين أطلق امللزوم وأراد الالزم".‏<br />

قال ابن حجر (<br />

علياً‏ قال ذلك ثالاثً‏ " .<br />

/1<br />

)2023(<br />

)2024(<br />

)2025(<br />

631( : " والظاهر أن قوله ثالث مرار ليس متعلقاً‏ ‏َبخلسف ألنه ليس فيها إال خسف واحد وإمنا أراد أن<br />

ينظر:‏ اقتضاء الصراط املستقيم،‏ البن تيمية (<br />

سورة التوبة اآلية : (<br />

. )264 /1<br />

. ) 108<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ علي األمحد ، ص (<br />

. ) 121 – 115


1- موقع قوم عاد <strong>يف</strong> منطقة األحقاف بني الربع اخلايل وحضر موت كما قال تعاىل :<br />

وقد حكى هللا ما حل هبم من العذاب<br />

)2026(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<strong>يف</strong> قوله :<br />

<br />

<br />

)2027(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

موقع قوم مثود ويعرف اليوم مبدائن صاحل تبعد عن العال<br />

15 كلم ‏َشاالً‏ وقد حكى هللا ما حل<br />

-2<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

هبم من العذاب <strong>يف</strong> قوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

.<br />

)2028( <br />

<br />

3- موقع قوم لوط وفيه قال عز وجل :<br />

)2029(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

4- موقع قوم مدين ‏َبلقرب من تبوك وفيه قال سبحانه :<br />

)2030(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

5- موقع أهل ‏َببل جنوب مدينة بغداد <strong>يف</strong> العراق وفيه قال سبحانه :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2031(<br />

.<br />

مساكن قوم سبأ <strong>يف</strong> اليمن على بعد<br />

192 كلم من صنعاء ‏َبلقرب من السد<br />

قال تعاىل : وفيهم<br />

-6<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

. ) 21 (<br />

. ) 25- 24<br />

) 52-51<br />

. ) 82<br />

سورة األحقاف اآلية<br />

سورة األحقاف اآليتني (<br />

سورة النمل اآليتني (<br />

سورة هود اآلية (<br />

سورة الشعراء اآلية : (<br />

وينظر املرفقات )11(.<br />

. ) 189<br />

. ) 26<br />

سورة النحل اآلية : (<br />

)2026(<br />

)2027(<br />

)2028(<br />

)2029(<br />

)2030(<br />

)2031(


)2032(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فال جيوز دخول هذه األمكنة إال ‏َبكياً‏ معترباً‏ وال ينزل وال يقيم فيها ملا تقدم ويدل على جواز دخوهلا<br />

‏َبلصفة املشروطة<br />

الراجحة ما<br />

–<br />

–<br />

أييت :<br />

-1<br />

للتفكر واالعتبار أو التعليم والتوثيق أو الوعظ والدعوة لإلسالم<br />

عموم األدلة اآلمرة ‏َبالعتبار أبحواهلم كقوله تعاىل :<br />

<br />

<br />

<br />

وحنو ذلك من املصاحل<br />

<br />

<br />

)2034(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أي:‏ مترون بداير هؤالء األقوام،‏ وقوله :<br />

أي : أنكم<br />

)2033( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

مترون عليها <strong>يف</strong> سبيلكم وطريقكم،‏ وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2035( ، وقوله :<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2036( <br />

<br />

<br />

فدلت على جواز السفر إىل منازل هؤالء ودخوهلا للعظة والعربة<br />

والنظر <strong>يف</strong> قوهتم وحيلهم مع قلة إالمكاانت <strong>يف</strong> ذلك الزمن والتفكر بقدرة هللا وعظمته وجربوته<br />

وك<strong>يف</strong> أهلكهم وعاقبهم ا عصوه.‏<br />

أن النهي عن دخول داير املعذبني استثين منه الدخول هبيئة خمصوصة من اخلوف والبكاء مع ملَّ‏<br />

)2037(<br />

<br />

اإلسراع وعدم النزول وذلك لالتعاظ واالعتبار وقرر الفقهاء جواز الدخول على هذه اهليئة لفعله<br />

<strong>يف</strong> داير مثود ووادي حمسر فإنه مل مينع الدخول مطلقاً‏ فدل ذلك على جواز الدخول بتلك<br />

اهليئة ملصلحة راجحة.‏<br />

أنه <br />

.<br />

مل مينع من االنتفاع ‏َبلطعام الذي فيه من ماء آَبرهم مطلقاً،‏ فإطعامهم للدواب منه نوع<br />

من االنتفاع ، والصحيح طهارة ماء بئر مثود وإمنا هنى عن االنتفاع به <strong>يف</strong> الوضوء واألكل لتأثري<br />

شؤم املعصية <strong>يف</strong> املاء فاالنتفاع آباثرهم للتعلم والدراسة ونفع املسلمني ال دليل على منعه وحترميه<br />

-2<br />

-3<br />

)2032(<br />

)2033(<br />

)2034(<br />

)2035(<br />

)2036(<br />

)2037(<br />

سورة سبأ اآليتني : (<br />

سورة الصافات اآلية:‏ (<br />

سورة احلجر اآلية : (<br />

سورة يوسف اآلية : (<br />

سورة احلج اآلية : (<br />

. ) 16- 15<br />

. ) 137<br />

. ) 76<br />

. ) 109<br />

. ) 46<br />

ينظر:‏ املفيد،‏ البن جربين،‏ مجع العر<strong>يف</strong>ي (<br />

. )103


وأما دخوهلا للفرجة و<strong>السياحة</strong> والرتويح ‏َبعتبارها ترااثً‏ حضارايً‏ أو دخوهلا لالستقرار والسكىن هبا أو زايرهتا<br />

لإلعجاب هبا وتعظيمها فإنه مورد النهي <strong>يف</strong> األحاديث السابقة.‏<br />

وهو خمالف للحالة اليت أمر أن يتصف هبا املؤمن <strong>يف</strong> هذا املوقف وغالب زوارها اآلن من هذا القبيل<br />

فتجدهم ميكثون فيها وتنتاهبم الفرحة واالعتزاز مبا يشاهدونه من آاثر إضافة إىل ما يصاحب ذلك من<br />

)2038(<br />

منكرات وتربج وسفور وتعاطي للمحرمات وغريها من املعاصي.‏<br />

وإذا كان النهي ورد عن الصالة <strong>يف</strong> األماكن امللعونة والدخول إليها خصوصاً‏ وعمل بذلك النيب <br />

فكانت عادته <strong>يف</strong> املواضع اليت نزل فيها أبس هللا أبعدائه اإلسراع <strong>يف</strong> السري وتقنع الثوب والبكاء خوفاً‏ من<br />

عذاب هللا وعمل بذلك اخللفاء الراشدون ومن بعدهم،‏ مع كون األصل <strong>يف</strong> النهي التحرمي والفساد فإنه مل يبق<br />

للعدول عن التحرمي هنا وجه السيما والنهي هنا كان مؤكداً‏ وهذا ملا عجنوا دقيقهم مباء آل مثود أمرهم أن<br />

يعلفوه النواضح وال يطعموه فأي حترمي أبني من هذا ؟<br />

ق وم جماه دون <strong>يف</strong> س بيل هللا و<strong>يف</strong> غ زوة العس رة ال يت غل ب عل يهم فيه ا احلاج ة وه ي غ زوة تب وك وخرج وا <strong>يف</strong> قل ة م ن<br />

العيش واملال ومع هذا هناهم عن أكل عجينهم املختلط مباء بئر آل مثود فلو ك ان لإلَبح ة س بيل لك ان أولئ ك الق وم<br />

أحق الناس هبا فعلم هبذا أن النهي عن الدخول واالستقاء كان هني حترمي وال قرينة تصرفه عن ذلك <strong>يف</strong> هذه احلال<br />

)2039(<br />

<br />

)2040(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تع اىل يق ول :<br />

ويق ول :<br />

)2041( وهو هني عن خمالطة أه ل الش رك ودخ ول دايره م عل ى ه ذه احل ال ن وع م ن<br />

<br />

<br />

<br />

املخالطة وألفة دايرهم وآاثرهم .<br />

)2038(<br />

ينظر:‏ فتاوى لبعض املعاصرين <strong>يف</strong> ذلك على موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم :<br />

عبد هللا الفقيه على الرابط:‏<br />

www.islamtody.net<br />

www.islamweb.net<br />

)2039(<br />

ينظر:‏ شرح العمدة،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية (<br />

مسنداً‏ ومنها ما رواه معلقاً‏ بصيغة التمريض<br />

/4<br />

–<br />

، ومركز الفتوى إبشراف د.‏<br />

507( . واألدلة على حترمي دخول داير املعذبني منها ما أخرجه البخاري<br />

فإنه ذكر حديثني وبَنيََّ‏ ابن حجر اتصاهلما<br />

–<br />

ومنها ما رواه بصيغة اجلزم،‏ وهو حديث<br />

واحد وصله البزار من طريق عبد هللا بن قدامة عنه أنه قال:‏ )) إنكم بواد ملعون فأسرعوا (( ، ومنها ما أخرجه على سبيل املتابعة ،<br />

وقال ابن القيم معلقاً‏ عليها <strong>يف</strong> الزاد ( 26/3( : ‏"من مر بداير املغضوب عليهم واملعذبني مل ينبغ له أن يدخلها وال يقيم هبا بل يسرع<br />

السري ويتقنع بثوبه حىت جياوزها وال يدخل عليهم إال ‏َبكياً‏ معترباً"‏ فنهى عن دخوهلا إال <strong>يف</strong> هذه احلالة وتلك الصفة فلو بقي <strong>يف</strong> أجزاء<br />

منها بدون ذلك لصدق عليه أنه داخل <strong>يف</strong> اجلزء وهو غري ‏َبك فيكون منهياً‏ عن الدخول فيه والنهي يقتضي الفساد ، وقد ورد بيان عن<br />

هيئة كبار العلماء <strong>يف</strong> حكم إحياء داير مثود وحتديد املمنوع منه <strong>يف</strong> ذلك فينظر أحباث اهليئة (<br />

. )15 /3<br />

)2040(<br />

سورة إبراهيم اآلية : (<br />

. )45<br />

)2041(<br />

سورة الفرقان اآلية : (<br />

. )72


)2042(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويق ول س بحانه :<br />

ويس تفاد م ن ه ذا<br />

مشروعية اهلرب من الكفار والظلمة والبعد عن حماهلم ودايرهم.‏<br />

)2043(<br />

ويؤكد حترمي دخوهلا على هذا النحو ما يشتمل عليه من منكرات ومفاسد تتناقض مع األحاديث السابقة وحاله <br />

مع أصحابه .<br />

وأحلق بعض العلماء ال دخول <strong>يف</strong> مق ابر الكف ار هب ذا فق الوا ال ي دخلها إال عل ى الص فة ال يت أرش د إليه ا الن يب م ن<br />

االعتبار واخلوف واإلسراع.‏<br />

وهللا تع اىل يق ول :<br />

<br />

)2044(<br />

<br />

)2045(<br />

<br />

والنهي للتحرمي .<br />

<br />

<br />

<br />

وأما العناية هبا وترميمها وبناؤها وتعظيمها فهو حمرم شرعاً‏ بل أوىل ‏َبلتحرمي من جمرد دخوهلا كم ا تق دم وس يأيت مزي د<br />

بيان لذلك <strong>يف</strong> آخر املطلب التايل.‏<br />

سورة النساء اآلية : (<br />

. )140<br />

ينظر:‏ فتح الباري ، البن حجر (<br />

كالقرطيب <strong>يف</strong> تفسريه (<br />

سورة التوبة اآلية : (<br />

. )631 /1<br />

. )45 /5<br />

. )84<br />

)2042(<br />

)2043(<br />

)2044(<br />

)2045(


املطلب الثاني<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة


املطلب الثاين : <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة<br />

قد تكون <strong>السياحة</strong> بغرض قصد موضع للعبادة كالصالة فيه والدعاء وحنو ذل ك ول يس <strong>يف</strong> ش ريعة اإلس الم<br />

بقعة تقصد لعبادة هللا فيها ‏َبلصالة والدعاء والذكر والق راءة وحن و ذل ك إال املس اجد ومش اعر احل ج ، وأم ا م ا<br />

كان عليه املشركون وأهل الكت اب م ن تعظ يم بق اع للعب ادة كح راء والط ور والغ ار ال ذي جبب ل قاس يون بدمش ق<br />

ال ذي يق ال ل ه مغ ارة ال دم واملقام ان الل ذان جبانبي ه الش رقي والغ ريب يق ال ألح دمها مق ام إب راهيم ولاخ ر مق ام<br />

عيسى وما ش ابه ذل ك م ن البق اع واملش اهد <strong>يف</strong> ش رق األرض وغرهب ا فإن ه ال يش رع الس فر إليه ا لزايرهت ا ‏َبتف اق<br />

أئمة املسلمني.‏<br />

)2046(<br />

ب ل ثب ت <strong>يف</strong> الص حيحني عن ه أن ه ق ال : )) ال تش د الرح ال إال إىل ثالث ة مس اجد املس جد احل رام،‏<br />

واملس جد األقص ى،‏ ومس جدي ه ذا ((<br />

)2047(<br />

– وك ان الص حابة<br />

رض وان هللا عل يهم<br />

–<br />

ملا فتح وا ب الد الش ام<br />

والع راق ومص ر وخراس ان وغريه ا ال يقص دون ه ذه البق اع وال يزوروهن ا وال يقص دون الص الة وال دعاء فيه ا ب ل<br />

كانوا مستمسكني بشريعة نبيهم <strong>يف</strong> عمارة املساجد.‏<br />

)2048(<br />

ب ل إن املس اجد املبني ة عل ى غ ري الوج ه الش رعي ال يقص دوهنا كمس جد الض رار،‏ وامل واطن تتغ ري بتغ ري<br />

األزم ان واألح وال فق د حتم د أو ت ذم <strong>يف</strong> بع ض األوق ات كح ال أهله ا مث يتغ ري ح اهلم،‏ فتك ون البقع ة دار كف ر<br />

إذا كان أهلها كفاراً‏ مث تصري دار إس الم إذا أس لم أهله ا كم ا كان ت مك ة <strong>يف</strong> أول األم ر دار كف ر وح رب مث مل ا<br />

فتحها صارت دار إسالم وهي <strong>يف</strong> نفسها أم القرى وأحب األرض إىل هللا .<br />

)2049(<br />

وقد اتفق أهل العلم على داللة احلديث السابق على جواز شد الرحال إىل املساجد الثالثة ألهنا مس اجد<br />

األنبياء وحنن مأمورون ‏َبالقتداء هبم وهو مسنون وجيب إذا كان حلج بيت هللا احلرام .<br />

واختلفوا <strong>يف</strong> احلديث من أربعة وجوه من حيث داللته<br />

:<br />

)2050(<br />

الوجه األول:‏<br />

اختلفوا <strong>يف</strong> داللة القصر <strong>يف</strong> احلديث على قولني:‏<br />

األول:‏ أن القصر إضا<strong>يف</strong>،‏ واملراد منه:‏ ( ال تشد الرحال إىل مس جد إال املس اجد الثالث ة(‏ ليك ون املس تثىن<br />

م ن ج نس املس تثىن من ه،‏ واجل نس القري ب ه و املس جد ف ال ي دخل في ه ش د الرح ال إىل القب ور وال غريه ا،‏<br />

ينظر:‏ اجلامع الفريد ص ( 473(، واقتضاء الصراط املستقيم (<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )136(.<br />

ينظر : اجلامع الفريد ص (<br />

. )340/2<br />

. )473<br />

ينظر:‏ اقتضاء الصراط املستقيم (<br />

ينظر:‏ جمموع الفتاوى (<br />

340/2( وما بعدها .<br />

)20/27 ، وأحكام املساجد،‏ للخضريي ( )281/1 .<br />

)2046(<br />

)2047(<br />

)2048(<br />

)2049(<br />

)2050(


فاحل ديث وارد <strong>يف</strong> املس اجد ‏َبلنس بة للص الة ألن املس اجد غ ري الثالث ة متماثل ة <strong>يف</strong> الفض ل ‏َبلنس بة للص الة ف ال<br />

معىن للرحيل إىل مس جد آخ ر ليص لي في ه وعلي ه ف ال م انع م ن ش د الرح ال إىل غ ري الثالث ة ألج ل ال زايرة فإهن ا<br />

ألجل املكني ( الويل ) ال للمكان كما قال ابن حزم وبعض احلنفية وبعض الشافعية.‏<br />

)2051(<br />

وقال ابن تيمية : املراد منه هو أن ال تشد الرحال إىل بقعة لتعظيمها إال إىل املساجد الثالثة وهبذا يك ون<br />

شد الرحال إىل القبور ممنوعاً‏ بداللة احلديث.‏<br />

الق ول الث اين :<br />

)2052(<br />

أن القص ر حقيق ي ومعن اه:‏ ال جي وز ش د الرحال إىل أي ش يء إال املس اجد الثالث ة وإمن ا<br />

خرج منه السفر للتجارة وطلب العلم ‏َبإلمجاع وخص غريه كزايرة الوالدين وحنوها أبدلة أخرى.‏<br />

)2053(<br />

َ<br />

الوجه الثاين:‏<br />

اختلفوا <strong>يف</strong> النهي <strong>يف</strong> احلديث : )) ال تشد الرحال (( أه و للتح رمي أم للكراه ة التنزيهي ة مبع ىن أن ه ال<br />

يستحب ؟<br />

وذلك على قولني :<br />

األول:‏ أن النهي للتحرمي .<br />

وروي أن أَب موس ى أنك ر عل ى أيب ذر رض ي هللا<br />

وهو مذهب مالك وبه قال أكثر أصحاب أمح د )2054(<br />

عنهما ذهابه للطور وقَبِّل<br />

)2055(<br />

إنكاره.‏<br />

القول الثاين:‏ أن النهي للكراهة التنزيهية.‏<br />

)2056(<br />

وقال به بعض الشافعية<br />

.<br />

واس تدل أص حاب الق ول األول:‏ بظ اهر ن ص احل ديث وأن ه ال قرين ة تص رفه ع ن ظ اهر داللت ه وهك ذا فه م<br />

أبو موسى هذه الداللة ومل ينكر أبو ذر إنكاره لفعله ومل يعرف هلما خمالف من الصحابة.‏ )2057(<br />

)2051(<br />

)2052(<br />

)2053(<br />

)2054(<br />

)2055(<br />

<strong>يف</strong> احمللى ( 45/4(، وفتح القدير )182/3(، وحاشية البجريمي على اخلطيب )414/2( .<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> (<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )76/3<br />

ينظر:‏ جواهر اإلكليل (<br />

. )21/27<br />

. )77-<br />

/1<br />

185(، ومطالب أويل النهى للرحيباين (<br />

. )236 /2<br />

ينظر:‏ نيل األوطار ، للشوكاين )212/6( ، وقيل:‏ إن أَب بصرة هو الذي أنكر على أيب هريرة ذلك،‏ ينظر:‏ سبل السالم،‏<br />

للصنعاين ( /4 )192 .<br />

)2056(<br />

ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر (<br />

/3<br />

هي <strong>يف</strong> شد الرحال إىل الثالثة خاصة ، ينظر:‏ اجملموع (<br />

/8<br />

)2057(<br />

ينظر:‏ املغين البن قدامة (<br />

. )118-117 /3<br />

76(، وقال النووي : الصحيح عند أصحابنا أنه ال حيرم وال يكره واملراد أن الفضيلة التامة<br />

154(، وطرح التثريب،‏ للعراقي )42/6(.


واس تدل أص حاب الق ول الث اين:‏ إبتي ان الن يب مس جد قب اء،‏ وألن لف ظ احل ديث بص يغة اخل رب والتح رمي<br />

منقطع إبمجاع العلماء على جواز شد الرحال إىل سائر مطالب الدنيا،‏ فش د الرح ال إىل س ائر املس اجد مثل ه.‏<br />

)2058(<br />

املناقشة :<br />

إم ا إتي ان الن يب ملس جد قب اء فه و م ن املدين ة ومل يش د ل ه رحالً،‏ وقي ل:‏ إن جميئ ة <br />

ملواصلة األنصار وتفقد أحواهلم .<br />

لقب اء إمن ا ك ان<br />

)2059(<br />

)2058(<br />

ينظر:‏ فتح القدير (<br />

،)182 /3 والفتاوى اهلندية ( /1 ،)266 وفتح الباري ( /3 ،)77-76 وطرح التثريب ،)44-42/6(<br />

واملغين ( /3<br />

.<br />

117(، ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين (<br />

-236 /2<br />

237(، وسبل السالم،‏ للصنعاين،‏ حتقيق حممد حالق (<br />

)192 /4<br />

)2059(<br />

ينظر:‏ البداية والنهاية ، البن كثري (<br />

. ) 229 /3


وأما كونه ورد بصيغة اخلرب فإن بعض الرواايت قد وردت بصيغة النه ي الص ريح وال ذي يظه ر<br />

م ن ن ص احل ديث التح رمي<br />

)2060(<br />

ق ال ش يخ اإلس الم : ‏"فالس فر إىل ه ذه املس اجد الثالث ة للص الة<br />

فيها والدعاء والذكر والقراءة واالعتك اف م ن األعم ال الص احلة وم ا س وى ه ذه املس اجد ال يش رع الس فر إلي ه<br />

‏َبتف اق أه ل العل م ح ىت مس جد قب اء يس تحب قص ده م ن املك ان القري ب كاملدين ة وال يش رع ش د الرح ال<br />

)2061(<br />

إليه".‏<br />

و<strong>يف</strong> الص حيحني ع ن اب ن عم ر ق ال : ( ك ان الن يب أييت مس جد قب اء ك ل س بت ماش ياً‏ وراكب اً(،‏ وك ان<br />

ابن عمر <strong>يف</strong>عله.‏ و<strong>يف</strong> لفظ مسلم:‏ ( فيصلي فيه ركعتني(‏ .<br />

)2062(<br />

وقوله <br />

: )) من تطهر <strong>يف</strong> بيته مث أتى مسجد قباء فصلى فيه ص الة ك ان ل ه ك أجر عم رة((‏<br />

)2063(<br />

في ه<br />

تنبي ه على أن ه ال يش رع قص ده بش د الرح ال ب ل إمن ا أيتي ه الرج ل م ن بيت ه ال ذي يص لح أن يتطه ر في ه مث أيتي ه<br />

فيقصده كما يقصد الرجل مسجد مصره دون املساجد اليت يسافر إليها.‏<br />

ومل خيص الن يب غ ريه م ن املس اجد إبتي ان ول ذا ك ان فقه اء املدين ة ال يقص دون ش يئاً‏ م ن تل ك األم اكن<br />

إال قباء خاصة.‏<br />

)2064(<br />

وق د خيل ط ال بعض ب ني املس جد األقص ى والص خرة ح ىت إهن م ق د يعظم ون الص خرة كاملس جد،‏ وق د كان ت<br />

مكشوفة زمن الصحابة ومل يكن أحد منهم خيصها بعبادة ومل ينب اخللف اء الراش دون عليه ا قب ة وإمن ا ك ان ذل ك<br />

<strong>يف</strong> زمن من بعدهم ومل يكونوا يعظموهنا وال يتحرون الصالة عندها بل كان ابن عمر رضي هللا عنهما أييت من<br />

احلجاز للمسجد األقصى وال أيتيها وذلك أهنا كانت قبلة مث نسخت وهي قبلة اليهود فلم يبق <strong>يف</strong> ش ريعتنا م ا<br />

يوجب تصيصها حبكم كما ليس <strong>يف</strong> شريعتنا ما يوجب تصيص يوم الس بت و<strong>يف</strong> تصيص ها ‏َبلتعظ يم مش اهبة<br />

لليهود.‏<br />

)2065(<br />

الوجه الثالث :<br />

)2060(<br />

)2061(<br />

)2062(<br />

ينظر:‏ أحكام املساجد،‏ للخضريي (<br />

اقتضاء الصراط املستقيم ، البن تيمية ص (<br />

. )286 /1<br />

. )340<br />

صحيح البخاري،‏ كتاب فضل الصالة <strong>يف</strong> مسجد مكة واملدينة ، ‏َبب من أتى مسجد قباء كل سبت (<br />

وصحيح مسلم،‏ كتاب احلج،‏ ‏َبب فضل مسجد قباء (<br />

92(، رقم)‏‎1193‎‏(،‏<br />

،)909 رقم ( )1399 .<br />

)2063(<br />

رواه النسائي <strong>يف</strong> فضل مسجد قباء والصالة فيه ( 2132(، وابن ماجه،‏ <strong>يف</strong> كتاب إقامة الصلوات،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> الصالة <strong>يف</strong><br />

مسجد قباء (<br />

،)2561 رقم ( )1411 .<br />

)2064(<br />

)2065(<br />

ينظر:‏ اقتضاء الصراط املستقيم،‏ البن تيمية،‏ ص (<br />

ينظر:‏ املصدر السابق<br />

342(، بتصرف.‏<br />

.


اختلفو ا <strong>يف</strong> مسافة السفر املعنية ‏َبحلديث والظ اهر أن من اط ذل ك ه و الع رف كم ا تق دم <strong>يف</strong> رخ ص الس فر<br />

الختالف ذلك ‏َبختالف الزمان واملكان .<br />

الوجه الرابع :<br />

اختلف وا <strong>يف</strong> ش د الرح ال إىل القب ور<br />

)2066(<br />

م ع اتف اقهم عل ى من ع ذل ك إذا ك ان بقص د عبادهت ا أو الص الة<br />

)2067(<br />

عندها والدعاء وأنه ال يستلم ق رباً‏ لن يب أو غ ريه وال يتمس ح ب ه وال يقص ده لش يء م ن ذل ك واختلف وا <strong>يف</strong><br />

شد الرحال للقبور لزايرهتا والدعاء ألصحاهبا دون أن يتخلل ذلك شيء من أعمال الشرك.‏<br />

فمنع األكثر من ذلك وقال ابن تيمية : ‏"إنه مذهب مجهور العلماء وأئمة الس لف وق الوا إن ه غ ري مش روع<br />

وال مأمور به سواء كان قرب النيب أو غريه"‏<br />

.<br />

وجَ‏ ‏َّوَز بع ض الفقه اء الس فر ل زايرة القب ور واس تدلوا حب ديث اب ن عم ر مرفوع اً‏ : )) م ن ج اءين زائ راً‏ ال<br />

تنزعه إال زايريت كان حقاً‏ علي أن أكون له شفيعاً‏ يوم القيامة (( .<br />

)2068(<br />

وقوله : )) من زار قربي فقد وجبت له شفاعيت ((، وقوله : )) من حج ومل يزرين فقد جفاين((.‏ )2069(<br />

فإذا كان السفر لزايرة قربه مشروعاً‏ فيقاس على ذلك سائر قبور األنبياء والصاحلني .<br />

وق د ثب ت عن ه قول ه:‏ )) كن ت هني تكم ع ن زايرة القب ور فزوروه ا ((<br />

يدل على جواز زايرة القبور خاصة قبور األنبياء والصاحلني .<br />

)2070(<br />

وه ذا وغ ريه م ن العموم ات<br />

واستدل أصحاب القول األول :<br />

)2066(<br />

)2067(<br />

ينظر:‏ أحكام املساجد،‏ للخضريي (<br />

. )281/1<br />

نقله شيخ <strong>اإلسالم</strong> كما <strong>يف</strong> جمموع الفتاوى (<br />

/27<br />

)2068(<br />

31( ، ويدل على ذلك ما جاءت به الشريعة من حترمي أعمال الشرك وأنه ال<br />

جيوز صرف شيء من الدعاء واخلضوع والصالة وحنو ذلك من ألوان العبادة القولية والفعلية إال هلل واألدلة على ذلك ظاهرة قد جاءت<br />

رسالة <strong>اإلسالم</strong> حملاربة هذا الشرك .<br />

ينظر:‏ فتح القدير (<br />

،)182 /3 اجملموع (<br />

حممد املقدسي،‏ ينظر:‏ جمموع الفتاوى ص ( 28(، وممن قال ‏َبملنع اجلويين وعياض<br />

.<br />

)2069(<br />

)2070(<br />

154/8(، وقال ابن تيمية : رخص <strong>يف</strong> ذلك بعض املتأخرين كالغزايل وابن عبدوس وأبو<br />

قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> : ( وأما قوله : )) من زار قربي فقد وجبت له شفاعيت (( وأمثال هذا احلديث مما روي <strong>يف</strong> زايرة قربه فليس<br />

منها شيء صحيح ومل يرو أحد من أهل الكتب املعتمدة منها شيئاً‏ ال أصحاب الصحيح=‏ ‏=كالبخاري ومسلم وال أصحاب السنن<br />

كأيب داود والنسائي وال األئمة من أهل املسانيد كاإلمام أمحد وأمثاله وال اعتمد على ذلك أحد من أئمة الفقه كمالك والشافعي وأمحد<br />

وإسحاق بن راهويه وأيب حن<strong>يف</strong>ة ... وأمثاهلم بل عامة هذه األحاديث مما يعلم أهنا كذب موضوعة ‏...وليس عن النيب <strong>يف</strong> زايرة قربه،‏<br />

وال قرب اخلليل حديث اثبت أصالً‏ بل إمنا اعتمد على أحاديث السالم والصالة عليه ) جمموع الفتاوى )29/27( .<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب األضاحي،‏ ‏َبب بيان ما كان من النهي عن أكل حلوم األضاحي (<br />

،)1030 رقم ( 1977 ) .


‏َبحلديث السابق <strong>يف</strong> النهي عن شد الرحال لغري املساجد الثالثة كما تقدم وأبن ذلك م ن أس باب الش رك<br />

<br />

وعب ادة األواثن كم ا ق ال س بحانه :<br />

وكانوا رج االً‏ ص احلني م ن ق وم ن وح فلم ا م اتوا عكف وا عل ى قب ورهم مث ص وروا مت اثيلهم<br />

)2071(<br />

<br />

<br />

<br />

فعب دوهم،‏ ومل يك ن أح د م ن الص حابة يس تحب الس فر لش يء م ن البق اع ال آاثر األنبي اء وال قب ورهم وال<br />

مساجدهم إال املساجد الثالثة وكانوا ينكرون على من فعل شيئاً‏ من ذلك .<br />

)2072(<br />

وق د دل ت الش ريعة عل ى وج وب س د ال ذرائع القولي ة والفعلي ه واح تج العلم اء عل ى ذل ك أبدل ة ال حتص ى<br />

كثرة وذكر منها ابن القيم <strong>يف</strong> إعالم املوقعني تسعة وتسعني دليالً‏ كله ا ت دل عل ى وج وب س د ال ذرائع املفض ية<br />

للشرك.‏<br />

)2073(<br />

وأجاب املخالفون عن احلديث أبن املراد به اختصاص الثالثة بفضل الصالة فيها فقط لقوله : ‏)ال ينبغي<br />

للمط ي أن تش د رحال ه إىل مس جد تبتغ ي في ه الص الة غ ري ك ذا وك ذا(‏ فب ني أبن امل راد ش د الرح ل إىل مس جد<br />

تبغي فيه الصالة ال كل سفر )2074( ، والصحيح أبنه ال فرق بني النهي عن شد الرحال لسائر املساجد ألج ل<br />

الصالة فيها وشدها لزايرة قبور األولياء فكلها قصد ملوضع معني على وجه التقرب وطلب املثوبة.‏<br />

ونوقشت أدلة القول الثاين :<br />

أبن األحاديث <strong>يف</strong> فضل زايرة النيب كذب ومل يثبت عنه حديث <strong>يف</strong> زايرة قربه وما ذكره ال جي وز إثب ات<br />

حكم شرعي مبوجب ه لع دم ثبوت ه ‏َبالتف اق ب ل ك ان مال ك<br />

يق ال : زرت ق رب الن يب <br />

– رمح ه هللا –<br />

وه و أعل م الن اس حبقوق ه يك ره أن<br />

وم ا ذك ره بع ض الفقه اء م ن اس تحباب زايرة ق ربه فم رادهم الس فر إىل مس جده<br />

وه ذا مش روع ‏َبإلمج اع ول و قص د املس افر إلي ه فه و إمن ا يص ل إىل املس جد واملس جد منته ى س فره ال يص ل إىل<br />

الق رب خب الف غ ريه فإن ه يص ل إىل الق رب وعلي ه فالقي اس لسائر القب ور عل ى ق ربه <br />

‏َبط ل فالس فر لق ربه ه و<br />

للمس جد <strong>يف</strong> حي اة الرس ول وبع د دفن ه وقب ل دخ ول احلج رة وبع د دخوهل ا في ه فه و س فر للمس جد س واء ك ان<br />

القرب هن اك أو مل يك ن ف ال جي وز أن يش به ب ه الس فر إىل ق رب جم رد،‏ والس فر ملس جده مس تحب ‏َبل نص واإلمج اع<br />

)2071(<br />

سورة نوح اآلية : (<br />

. ) 23<br />

)2072(<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> (<br />

. )31 /27<br />

)2073(<br />

كقوله سبحانه :<br />

وينظر:‏ فتاوى ابن ‏َبز (<br />

سورة األنعام اآلية : ( 108 ،)<br />

. ) 340 /3<br />

)2074(<br />

ينظر:‏ طرح التثريب (<br />

/8<br />

44-42(، واجملموع،‏ للنووي (<br />

/6<br />

154(، وعليه نصوا على استحباب شد الرحل لزايرة القبور<br />

واملشاهد وقالوا البن تيمية كالم بشع عجيب يتضمن منع شد الرحل لزايرة قربه وأنه ليس من القرب بل بضد ذلك وأنكروا عليه كما<br />

<strong>يف</strong> املصادر السابقة وفتح الباري البن حجر (<br />

. )76 /3


والسفر إىل قبور غريه من األنبياء والصاحلني ليس كذلك ومل يع رف ع ن أح د م ن الص حابة والت ابعني وأتب اعهم<br />

وال استحبه أحد من األئمة األربعة وال غريهم فك<strong>يف</strong> يقاس هذا هبذا .<br />

ومل يكن على عهد الصحابة قرب نيب ظاهر يزار ال بسفر وال بغري سفر ومل يدع الصحابة ش يئاً‏ منه ا <strong>يف</strong>ت نت<br />

به الناس أو يسافرون إليه بل منعوا ذلك حبسب اإلمكان .<br />

وأما قوله : )) كنت هنيتكم ع ن زايرة القب ور فزوروه ا فإهن ا ت ذكركم اآلخ رة (( فه ذه زايرة ألج ل ت ذكر<br />

اآلخرة وليس فيه داللة على قصد السفر إليها تعظيماً‏ وتعب داً‏ وح ديث النه ي ع ن ش د الرح ال ي دل عل ى من ع<br />

ول ذا جي وز زايرة ق رب الك افر<br />

ذلك،‏ فهذه زايرة شرعية ال خيلط بينه ا وب ني البدعي ة وهب ذا جتتم ع النص وص )2075(<br />

لتذكر اآلخرة على هيئة خمصوصة كما تقدم .<br />

وكان <br />

خيرج إىل البقيع فيسلم على موتى املسلمني ويدعو هلم.‏<br />

)2076(<br />

ومما يتعلق ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> أماكن العبادة ما ابتلي به الناس <strong>يف</strong> هذا العصر من العناية ‏َبآلاثر واملشاهد اليت<br />

<br />

منها ما ورد الشرع بتعظيمه كاملسجد احلرام وما حيويه <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏ <br />

)2077(<br />

<br />

<br />

والكعبة كما<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يقول سبحانه :<br />

. )2078(<br />

<br />

)2079(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقوله : <br />

)2075(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏ فاملشروع ملن أراد زايرة قرب النيب أن يقصد ‏َبلسفر زايرة مسجده فتدخل زايرة قربه وأصحابه <strong>يف</strong><br />

ذلك تبعاً‏ ولونوامها جاز ألنه جيوز تبعاً‏ ما ال جيوز استقالالً‏ أما نية القرب ‏َبلزايرة فقط فال جتوز مع شد الرحال أما إذا كان قريباً‏ فال حيتاج<br />

إىل شد رحال وال يسمى ذهابه للقرب سفراً‏ فال حرج <strong>يف</strong> ذلك ألن زايرة قربه وأصحابه سنة وكذا سائر قبور املسلمني ، وهبذا أفىت ابن ‏َبز<br />

( /8 ،)337 واللجنة الدائمة ( /9 .)116<br />

)2076(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف،‏ وثبت أن عمر بن اخلطاب كان <strong>يف</strong> بعض األسفار فرأى قوماً‏ يتناوبون مكاانً‏ يصلون فيه<br />

فقال:‏ ما هذا ؟،‏ قالوا:‏ مكان صلى فيه رسول هللا ، فقال:‏ ومكان صلى فيه رسول هللا أتريدون أن تتخذوا أثر األنبياء لكم<br />

مساجد؟ إمنا هلك من كان قبلكم هبذا من أدركته الصالة فليصل وإال فليمض ، قال شيخ <strong>اإلسالم</strong> : ( وهذا ألن هللا مل يشرع للمسلمني<br />

مكاانً‏ يتناوبونه للعبادة إال املساجد خاصة فما ليس مبسجد مل يشرع قصده للعبادة وإن كان مكان نيب أو قرب نيب ) (<br />

. )34-33 /27<br />

وأما السفر للصالة على امليت وحضور الدفن وتعزية أهله فهو جائز ألن شد الرحل هنا ليس من أجل البقعة واحملرم هو قصد موضع<br />

معني للعبادة غري ما ورد به الشرع وهبذا أفىت ابن ‏َبز – رمحه هللا<br />

- <strong>يف</strong> فتاواه ( /13 )138 .<br />

)2077(<br />

)2078(<br />

)2079(<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

. )144<br />

.) 125<br />

. ) 125


)2080(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقال سبحانه : <br />

)2081( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومقام إبراهيم كما <strong>يف</strong> قوله سبحانه : <br />

<br />

<br />

<br />

والصفا واملروة كما <strong>يف</strong> قوله :<br />

)2082(<br />

. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2083( ، والوقوف فيها<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومشاعر احلج كما <strong>يف</strong> قوله:‏ <br />

)2084(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

من أركان احلج،‏ وكقوله : <br />

وهو مزدلفة كلها،‏ ومىن كقوله<br />

وهي أايم التشريق واحلاج حينئذ <strong>يف</strong> مىن .<br />

)2085(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

:<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ومسجد قباء <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />

)2086(<br />

.<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وسائر املساجد <strong>يف</strong> قوله سبحانه :<br />

، وهذه املشاعر املقدسة ليست جمرد شخوص تزين للمشاهدة والرتفيه بل هي مكان عبادة وتعظيم<br />

)2087(<br />

<br />

ومن تلك اآلاثر واملشاهد ما ورد الشرع ‏َبلنهي عن تعظيمه حترمياً‏ أو كراهة كمسجد الضرار وداير<br />

املعذبني وقبور الكفار كما تقدم وحنو ذلك من األصنام واألواثن .<br />

وورد <strong>يف</strong> القرآن بعض اآلاثر واملشاهد <strong>يف</strong> سياق ذكر حوادث ومل يرد شرعاً‏ ما يدعوا إىل تعظيمها أو<br />

أداء شعائر فيها كغار ثور وشجرة بيعة الرضوان وموقع غزوة بدر وحنو ذلك وقد توالها اآلن السذج<br />

.<br />

.) 97<br />

.) 125<br />

. )158<br />

.) 198<br />

. 198<br />

. ) 203<br />

. ) 108<br />

.) 36<br />

سورة املائدة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة البقرة اآلية:‏ (<br />

سورة التوبة اآلية:‏ (<br />

سورة النور اآلية:‏ (<br />

)2080(<br />

)2081(<br />

)2082(<br />

)2083(<br />

)2084(<br />

)2085(<br />

)2086(<br />

)2087(


وقليلوا العلم والبصرية ‏َبحلضور والزايرة وسنوا هلا شعائر ما أنزل هللا هبا من سلطان وكل ذلك من البدع<br />

احملدثة اليت مل يكن عليها أمر هللا وال رسوله وال السف الصاحل<br />

. )2088(<br />

والنيب <br />

يقول : )) من عمل عمالً‏ ليس عليه أمران فهو رد ((<br />

)2089(<br />

ومن اآلاثر واملشاهد قبور<br />

األنبياء والصاحلني .<br />

واملقصود أنه إذا كان النهي عن شد الرحال إىل غري املساجد الثالثة قد دل على منع شد الرحال<br />

إىل قبور األولياء وغريهم وأن ذلك يتفاوت من كونه معصية إىل كونه كفراً‏ حبسب قصد املسافر من<br />

سالم على صاحب القرب أو دعاء عنده وصالة أو دعائه وعبادته من دون هللا عز وجل،‏ فداللته على<br />

منع الوسائل املؤدية لذلك أبلغ ومنها العناية هبذه اآلاثر وإبرازها وتعظيمها وترميمها وحنو ذلك .<br />

فكل ما مل يرد الشرع بتعظيمه من اآلاثر وكان <strong>يف</strong> العناية به ذريعة إىل الشرك أو مفسدة راجحة فإنه<br />

حمرم شرعاً‏ .<br />

وإمنا يكون تعظيم اآلاثر على وفق ما جاء الشرع ‏َبألمر بتعظيمه والعناية به كما تقدم وَبتباع أهلها<br />

<strong>يف</strong> أعماهلم اجمليدة وأخالقهم احلميدة وجهادهم الصاحل قوالً‏ وعمالً‏ .<br />

قال الشيخ ابن ‏َبز<br />

- رمحه هللا –<br />

: " وأما تعظيم اآلاثر ‏َبألبنية والزخارف والكتابة وحنو ذلك فهو<br />

خالف هدي السلف الصاحل وإمنا ذلك سنة اليهود والنصارى ومن تشبه هبم وهو من أعظم وسائل<br />

)2090(<br />

الشرك " .<br />

كما أن <strong>يف</strong> ذلك إنفاقاً‏ لألموال <strong>يف</strong> غري وجهها .<br />

وعلى هذا فإن تعظيم اآلاثر <strong>اإلسالم</strong>ية كغار ثور وحمل بيعة الرضوان وقبور الصحابة والسلف وحنوها<br />

وتعمري ما هتدم منها وإبرازه وتعبيد الطرق إليها واتاذ املصاعد ملا كان مرتفعاً‏ منها ووضع اللوحات واملرشدين<br />

السياحيني هلا كله وغريه من وسائل العناية هبذه اآلاثر خمالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية اليت جاءت بتحصيل املصاحل<br />

وتكميلها وتعطيل املفاسد وتقليلها وسد ذرائع الشرك والبدع وحسم الوسائل املفضية إليها وهو خالف ما<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كان عليه عمل النيب <br />

وأصحابه وقد قال سبحانه :<br />

)2088(<br />

ينظر:‏ اآلاثر واملشاهد وأثر تعظيمها على األمة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ عبد العزيز اجلفري ص ( 132-130( ، بتصرف،‏ وهناك دعوات كثرية<br />

لتنظيم املزارات والقبور واملشاهد سياحياً‏ ليؤمها املسلمون من مجيع أحناء العامل وينظر على سبيل املثال جملة <strong>السياحة</strong> <strong>اإلسالم</strong>ية العدد (<br />

) 18 ص ( 6<br />

)2089(<br />

)2090(<br />

) حيث التصريح بذلك بكل جباحة ! .<br />

سبق ترجيه ص )318( .<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة البن ‏َبز (<br />

)391 /1 و ( /1 401<br />

‏(<strong>يف</strong> الرد على مقال ملصطفى أمني نشرته صح<strong>يف</strong>ة الندوة<br />

<strong>يف</strong> ‎1380/6/24‎ه بعنوان : آاثر املدينة املنورة وكذلك ما نشرته <strong>يف</strong> ‎1387/5/24‎ه لصاحل حممد مجال بعنوان اآلاثر <strong>اإلسالم</strong>ية .


فكل ما مل يكن مشروعاً‏ <strong>يف</strong> عهده <br />

وعهد أصحابه<br />

)2091(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

رضوان عليهم ال يكون مشروعاً‏ بعدهم وال يصلح آخر هذه األمة إال ما صلح به<br />

وإذا نظران ملنهجه وأصحابه وموقفهم من االهتمام ‏َبآلاثر يتبني لنا ما يلي:‏<br />

أوهلا )2092( .<br />

-1<br />

أن األماكن اليت زارها قبل البعثة وبعد البعثة مل يرد دليل واحد على أنه قصد زايرهتا أو حث<br />

على االهتمام هبا كغار حراء واجلبل الذي كان عند مىن وكان فيه قبة الفداء .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

2- أنه ملا فتح مكة كسر األصنام حول الكعبة وهو يقرأ :<br />

)2093( <br />

-3<br />

ومل حيافظ عليها لكوهنا من اآلاثر والرتاث.‏<br />

مل يعرف عن أحد من الصحابة أنه اعتىن ‏َبآلاثر أو أمر بزايرهتا وترميمها وكانت األهرامات مبصر<br />

بعد الفتح ومل يرد ذكرها <strong>يف</strong> كتب التاريخ ومل ينقل عنهم زايرهتم هلا فضالً‏ عن األمر بصيانتها<br />

والعناية هبا بل إن كثرياً‏ منها كان مطموراً‏ ‏َبلرمال وهذا يدل على إمهاهلا .<br />

وقد يعرتض البعض أبن من اآلاثر والتماثيل ما ليس أبصنام فال مانع من العناية ويستدلون على التفريق<br />

. )2094( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

بقوله سبحانه : <br />

وجياب عن ذلك أبنه ال فرق بني التماثيل والصنم لعموم النصوص <strong>يف</strong> حترمي الصور والتماثيل والنهي عن<br />

اقتنائها ومن ذلك قوله : )) ال تدخل املالئكة بيتاً‏ فيه متاثيل أو تصاوير (( )2095( ، وأما اآلية فذكر<br />

القرطيب أبن ذلك كان مباحاً‏ <strong>يف</strong> زمن سليمان ونسخ بشريعة <strong>اإلسالم</strong><br />

)2096(<br />

والنصوص <strong>يف</strong> حترمي التماثيل<br />

اجملسمة ولو مل تعبد كثرية جداً‏ ال يتسع املقام لذكرها وهذا قول مجاهري العلماء بل نقل كثري من املالكية<br />

اإلمجاع عليه.‏<br />

)2097(<br />

لكن العناية واالهتمام ‏َبآلاثر واملشاهد والبقاع اليت أمرت الشريعة بتعظيمها وصيانتها ودلت النصوص<br />

على جواز قصدها ‏َبلعبادة كاملساجد الثالثة وما جاء الشرع بتعظيمه من املشاعر املقدسة واملساجد وغري<br />

ذلك أمر مشروع بل واجب كما تقدم .<br />

)2091(<br />

سورة املائدة اآلية : (<br />

. ) 3<br />

)2092(<br />

ينظر:‏ جملة البيان العدد (<br />

6 اهلبدان ص (<br />

)2093(<br />

وما بعدها (.<br />

سورة اإلسراء اآلية : (<br />

.) 81<br />

)2094(<br />

سورة سبأ اآلية : (<br />

. )13<br />

)2095(<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب اللباس والزينة (<br />

162( ، السنة السادسة عشرة،‏ صفر (<br />

،)1056 رقم ( .)2112<br />

)2096(<br />

ينظر:‏ اجلامع ألحكام القرآن،‏ للقرطيب (<br />

.) 271 /7<br />

)2097(<br />

لالستزادة ينظر:‏ أحكام التصوير <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي ، ص (<br />

. )208<br />

‎1422‎ه ) ، تعظيم اآلاثر رؤية شرعية،‏ حملمد بن عبد هللا


وكذلك فإن العناية ‏َبآلاثر اليت تعد جزءاً‏ من تراث األمة وهويتها وحضارهتا <strong>اإلسالم</strong>ية مما ال يقصد<br />

‏َبلعبادة وال يرتتب على االهتمام والعناية به حمذور شرعي أو مفسدة راجحة ال مانع منه شرعاً‏ وقد أنشئت<br />

وكالة لااثر واملتاحف تنفيذاً‏ لقرار جملس الوزراء رقم (<br />

)272 <strong>يف</strong> 1383 /11 /8<br />

ه وربطت بوزارة املعارف<br />

مث صدر نظام اآلاثر ‏َبملرسوم امللكي رقم )26( واتريخ ‎1392/6/23‎ه وتضمن إنشاء جملس أعلى لااثر<br />

وتضمن النظام سبعة فصول ، األول <strong>يف</strong> تعر<strong>يف</strong>ات وأحكام عامة ، والثاين <strong>يف</strong> اآلاثر الثابتة،‏ والثالث <strong>يف</strong><br />

املنقولة،‏ والرابع <strong>يف</strong> االجتار ‏َبآلاثر،‏ واخلامس <strong>يف</strong> تصديرها،‏ والسادس <strong>يف</strong> التنقيب عنها،‏ والسابع <strong>يف</strong> العقوَبت<br />

املرتتبة على خمالفة أحكام النظام . )2098(<br />

وهذا التنظيم جيب أن يكون جماله اآلاثر املذكورة قريباً‏ مما ال حمذور فيه شرعاً‏ وهو من ‏َبب<br />

السياسة الشرعية حلماية تلك اآلاثر ‏َبعتبارها من أمالك الدولة وهيمنتها عليها من مظاهر سيادهتا<br />

وهي جزء من تراثها وهويتها <strong>اإلسالم</strong>ية واترخيها اجمليد و<strong>يف</strong> العناية هبا حفظ لذلك الرتاث وتلك اهلوية<br />

إضافة ملا يتحقق من فوائد علمية للباحثني والدارسني <strong>يف</strong> جمال اآلاثر وفيه تعر<strong>يف</strong> لغري املسلمني<br />

بعظمة <strong>اإلسالم</strong> وحضارته وتراثه وإبداع علمائه ومفكريه.‏<br />

وأما العناية ‏َبآلاثر واملشاهد اليت ال جيوز تعظيمها وال االهتمام هبا شرعاً‏ كما تقدم فال جيوز أن<br />

يتناوهلا هذا التنظيم ‏َبلعناية واالهتمام ملا تقدم .<br />

)2099(<br />

وإدارج اتريخ هذه اآلاثر ضمن املقررات الدراسية إذا كان على سبيل الدعوة إىل احلق والتذكري<br />

أبحواله <br />

<strong>يف</strong> بيته و<strong>يف</strong> غار ثور ودار األرقم وغريها واالستفادة من املعجزات اليت حصلت <strong>يف</strong> تلك<br />

البقاع فإنه مشروع وال مانع منه ألن ذلك مما يقوي اإلميان <strong>يف</strong> القلوب ويريب النشء على االقتداء به<br />

)2098(<br />

)2099(<br />

ينظر:‏<br />

www.moe.gov.sa/alathar<br />

ومما يؤسف له أن الواقع اآلن على خالف أحكام الشرع املطهر و<strong>يف</strong> بالدان من يدعوا ويعمل على تعظيم اآلاثر والشواهد املنهي<br />

عن تعظيمها وإبرازها كالقبور وداير املعذبني والتماثيل والتصاوير ومن ذلك ما نشر <strong>يف</strong> جريدة الرايض <strong>يف</strong> ‎1420/10/21‎ه بعنوان:‏<br />

ترميم بيت الشيخ حممد بن عبد الوهاب وذكر فيه أن اإلدارة العامة لااثر واملتاحف أولت اهتماماً‏ ‏َبلغاً‏ مبنزل جمدد الدعوة <strong>يف</strong> حي<br />

غيالن حبرميالء حيث متت صيانته وأعيد ترميمه وعني له حارس خاص،‏ وقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء على ذلك<br />

وأفتت بتحرميه وأنه وسيلة للغلو وطلبت من اجلهة املسؤولة هدمه،‏ كما نشرت اجلريدة ذاهتا <strong>يف</strong> يوم اخلميس املوافق ‎1421/1/22‎ه <strong>يف</strong><br />

عددها (<br />

1630( خرباً‏ بعنوان:‏ املسؤلون <strong>يف</strong> العال انقشوا <strong>السياحة</strong> وتطويرها ومهرجان الص<strong>يف</strong> وجاء فيه أنه م إصدار كتب ونشرات عن<br />

آاثر مدائن صاحل لتوزيعها على السياح وأعدت خطط لتطوير <strong>السياحة</strong> هناك والشك أن العناية هبذه اآلاثر خمالف ملا تقرر سابقاً‏ وجيب<br />

االنتهاء عن مثل هذا ، كما نشرت جريدة االقتصادية <strong>يف</strong> يوم األربعاء ‎1421/1/21‎ه العدد ( 2396( أنه شكلت جلنة إلصالح<br />

وترميم مقربة حام الطائي فإن كان ذلك ملنع الدواب من دخوهلا وحنو ذلك فال إشكال،‏ لكن املصيبة أن يكون مثل هذا جزءاً‏ من<br />

أعمال العناية ‏َبآلاثر وتعظيمها واالهتمام هبا . نسأل هللا السالمة والعافية


ويساعدهم على فهم أحواله وكذا تضمني صور اآلاثر واملشاهد البدعية والشركية واترخيها <strong>يف</strong><br />

املناهج الدراسية كداير املعذبني والقبور وحنو ذلك ال مانع منه شرعاً؛ ألنه نوع من البيان فهو<br />

كتضمني املهندسني وعلماء احلساب للصور واهلياكل واألشكال اهلندسية وفيه إعانة للمتعلم على<br />

الفهم وال حمذور فيه إذا خال من الصور احملرمة ( صور ذوات األرواح ) وينبغي أن يقوم على ذلك<br />

األكفاء األمناء حىت ال يستغل مثل هذا <strong>يف</strong> إدخال األفكار اإلحلادية واملبادئ الغربية واإلعجاب<br />

حبضارات األمم الكافرة.‏<br />

)2100(<br />

)2100(<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ومقاالت متنوعة،‏ البن ‏َبز (<br />

. )401 /1


املطلب الثالث<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة


املطلب الثالث:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة.‏<br />

تق دم بي ان حك م اإلس الم <strong>يف</strong> س ياحة الله و والرتفي ه )2101(<br />

وأن ش ريعة اإلس الم عامل ت اإلنس ان عل ى أس اس<br />

مراع اة غرائ زه النفس ية وحاجات ه اجلس دية حبي ث كفلت ل ه ق دراً‏ كافي اً‏ حم دوداً‏ إلش باعها م ع حتدي د الض وابط<br />

واجملاالت لتصر<strong>يف</strong>ها وإمتاعها ومل يكن <strong>اإلسالم</strong> يوماً‏ من األايم عدواً‏ متسلطاً‏ على طبيعة النفس البشرية بل هو<br />

دي ن الفط رة يتعام ل معه ا مب ا حيق ق مص احلها وحاجاهت ا دون انف الت أو تض ييق ف التوازن ص بغته واالعت دال<br />

)2102(<br />

طبيعته وقد أقر حق النفس <strong>يف</strong> الرتويح والرتفيه واالستجمام.‏<br />

ويتب ني فيم ا تق دم أبن الله و واللع ب أص لهما عل ى اإلَبح ة <strong>يف</strong> أص ح أق وال أه ل العل م ف ال مين ع اإلنس ان م ن<br />

ذلك إال إذا قام الدليل على املنع والتحرمي.‏ )2103(<br />

وعلى هذا ف<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة إن اشتملت على منكرات وحماذير شرعية ومفاسد راجحة كسائر<br />

ما يتلهى به البطالون <strong>يف</strong> عصران هذا من أنواع اللهو احملرم <strong>يف</strong> ذاته كالنرد والشطرنج واملزاجلة ‏َبحلمام واملالكم ة<br />

وألع اب القم ار وص رب البه ائم<br />

والتح ريش بينه ا وغ ري ذل ك مم ا ال يس تعان ب ه <strong>يف</strong> ح ق وال يس تجم ب ه <strong>يف</strong> درك<br />

واجب أو من أنواع اللهو احملرم ملا يؤدي إليه من املفاسد أو ملا يرتتب عليه من تضييع الواجبات والف رائض أو<br />

الش تماله عل ى منك رات أخ رى كالس ياحة <strong>يف</strong> أغل ب املنتجع ات والفن ادق وم دن األلع اب واألس واق واملق اهي<br />

وقاع ات الس ينما والس ريك وحنوه ا مم ا يش تمل عل ى منك رات الت ربج والس فور والع ري واالخ تالط والغن اء<br />

واملسكرات وشيوع الفواحش وغري ذلك.‏<br />

فهذا كله من اللهو الباطل و<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مثل تلك األماكن حمرمة شرعاً‏ مل ا تش تمل علي ه م ن منك رات ومفاس د<br />

ظ اهرة تض افرت أدل ة الش رع عل ى<br />

حترميه ا والتح ذير منه ا م ن س حر واخ تالط وإش اعة للف واحش وجم اهرة<br />

‏َبملعاص ي وش رب للخم ور وغريه ا،‏ وق د ص ور هللا تع اىل لن ا اهل الك ال ذي حي ل <strong>يف</strong> امل واطن ال يت تكث ر فيه ا<br />

احملرم ات وتظه ر و<strong>يف</strong>ش و فيه ا املنك ر لت وخي احل ذر منه ا وليق وم املس لم ‏َبل دور املن وط ب ه م ن التغي ري واإلنك ار<br />

واإلص الح ال املش اركة <strong>يف</strong> اهل دم والفس اد،‏ فق ال س بحانه:‏ <br />

)2105()2104(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فإذا رأى املسلم شيئاً‏ من تلك املنكرات وجب عليه املناصحة<br />

واإلنكار فإن مل يكن قادراً‏ عل ى ذل ك ف ال جي وز<br />

ل ه حب ال البق اء <strong>يف</strong> تل ك األم اكن املوب وءة ؛ ألن ذل ك موج ب للعقوب ة وإعان ة عل ى اإلمث وهللا س بحانه وتع اىل<br />

.) 90 <strong>يف</strong> ص (<br />

ينظر:‏ قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية،‏ والضوابط الشرعية،‏ مادون رشيد،‏ ص )121(.<br />

ينظر:‏ موسوعة القواعد الفقهية،‏ مجع وترتيب حممد البورنو )121/1(، القاعدة الرابعة واألربعون بعد األربعمائة.‏<br />

سورة اإلسراء،‏ اآلية:‏<br />

. 16<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

111، بتصرف.‏<br />

)2101(<br />

)2102(<br />

)2103(<br />

)2104(<br />

)2105(


، )2106( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يق ول:‏ <br />

ويق ول:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

، ويقول سبحانه:‏ )2107( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2108( ، فقصد السائح ملثل<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

هذه األماكن يقتضي إقراره ‏َبملنكر ورضاه به وهذا يصريه مبنزلة الفاعل فيشرتك <strong>يف</strong> اإلمث )2109( ، قال ابن<br />

الق يم رمح ه هللا )2110( : " وإذا خ الط أه ل املع روف أه ل املنك ر بغ ري اإلنك ار عل يهم ك انوا كالراض ني ب ه<br />

املؤثرين له فنخشى من نزول سخط هللا على مجاعتهم فيعم اجلميع"،‏ إضافة إىل ما يرتتب على احلض ور<br />

لتلك األماكن من الصد عن ذكر هللا وإضاعة املال ومساع األغاين واملعازف احملرمة اليت هي من أعظم ما<br />

يقوي األحوال الشيطانية وهي بري د ال زىن ب ل بوق ه ومزم اره وه و مبنزل ة اخلم ر ب ل ي ؤثر <strong>يف</strong> النف وس أعظ م<br />

من أتثري اخلمر ومن كان أبعد عن املعرفة والعلم مبا دلت عليه الشريعة من حترمي ذلك وحترمي كل املفاسد<br />

وكان أبعد عن كمال والية هللا وكان نصيب الشيطان منه أكثر.‏<br />

وق د ع رف ‏َبالض طرار م ن دي ن اإلس الم أن الن يب مل يش رع ألمت ه أن جيتمع وا عل ى اس تماع الغن اء<br />

والفاحش من القول مع ما يصاحب ذلك من رقص وعري وتفسخ.‏<br />

ومل ي بح ألح د أن خي رج ع ن متابعت ه واتب اع م ا ج اء ب ه م ن الكت اب واحلكم ة ال <strong>يف</strong> ‏َبط ن األم ر وال <strong>يف</strong><br />

ظ اهره ولك ن رخ ص للنس اء أن يض ربن ‏َبل دف <strong>يف</strong> األع راس واألف راح وأم ا الرج ال فل م يك ن أح د م نهم<br />

يضرب بدف وال يصفق بكف وملا كان هذا من عمل النساء كان السلف يس مون م ن <strong>يف</strong>ع ل ذل ك م ن<br />

الرجال خمنثاً‏ ويسمون الرجال املغنني خمانيثاً‏ ويردون شهادهتم و<strong>يف</strong>سقوهنم )2111(<br />

وإن مما عم به البالء <strong>يف</strong> هذا الوقت ما يسمى ‏َبملهرجاانت الغنائية واحلفالت املوسيقية وما تشتمل عليه<br />

من مفاسد ظاهرة ال تفى على كل ذي لب.‏<br />

)2106(<br />

)2107(<br />

)2108(<br />

)2109(<br />

)2110(<br />

)2111(<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

سورة األنعام،‏ اآلية:‏<br />

. 2<br />

.140<br />

.68<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

<strong>يف</strong> أحكام أهل الذمة )722/2(.<br />

113، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )565-531/11(، بتصرف،‏ وفتاوى <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت،‏ البن عثيمني،‏ مجع خالد أبو<br />

صاحل،‏ ص )101-98-82(.


وق د ب ذل علم اء ه ذه ال بالد ووالهت ا ومص لحوها جه وداً‏ مش كورة <strong>يف</strong> من ع ذل ك وأف ىت الش يخ حمم د ب ن<br />

إبراهيم بتحرمي الغناء والس ينما واملاله ي ومن ع االخ تالط <strong>يف</strong> األس واق واألم اكن العام ة ، وب ذل م ع والة<br />

األم ر وفقه م هللا جه وداً‏ مش كورة <strong>يف</strong> إغ الق مث ل تل ك األم اكن.‏ )2112( ، وأص درت اللجن ة الدائم ة<br />

للبحوث العلمية واإلفتاء عددً‏ من البياانت والفتاوى <strong>يف</strong> ذلك ومنها ما جاء <strong>يف</strong> الفتوى رقم<br />

‎1420/3/15‎ه حيث سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء عن:‏<br />

<strong>يف</strong> 20856<br />

حكم إقامة املهرجاانت واحلفالت اليت تتضمن اللهو والغناء والط رب ودع وة املغن ني واملغني ات والش عراء<br />

واملمثلني وإنفاق األموال الطائلة <strong>يف</strong> ذلك وإهلاء الناس عما ينفعهم <strong>يف</strong> دينهم ودنياهم وعن حكم حضور<br />

هذه االحتفاالت واملهرجاانت ومشاهدهتا؟<br />

وبعد دراسة اللجنة لالستفتاء أجابت أبنه:‏<br />

" حيرم على املسلم إقامة حفالت أو مهرجاانت مشتملة عل ى أم ور منك رة كالغن اء واملوس يقى واخ تالط<br />

الرجال ‏َبلنساء وإحضار السحرة واملشعوذين،‏ لألدلة الشرعية الكثرية الدالة على حترمي هذه األمور وأهنا<br />

م ن أس باب الوق وع فيم ا ح رم هللا م ن الف واحش والفج ور،‏ وق د توع د هللا ع ز وج ل م ن أح ب ش يوع<br />

<br />

الفاحش ة ب ني امل ؤمنني ودع ا إىل ذل ك وأع ان علي ه ‏َبلع ذاب األل يم فق ال س بحانه:‏ <br />

رر أن وإذا تق<br />

إقامة هذه احلفالت واملهرجاانت حم رم فحض ورها وب ذل األم وال فيه ا وتش جيعها والدعاي ة هل ا ك ل ذل ك<br />

حمرم أيضاً؛ ألنه من إضاعة املال واألوقات فيما ال يرض هللا سبحانه،‏ ومن التعاون على اإلمث والعدوان،‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تع اىل يق ول:‏ <br />

و<strong>يف</strong> احلديث املتفق على صحته أن النيب كان ينهى عن إضاعة املال.‏<br />

وَبهلل التوفيق.‏ وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،<br />

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء".‏<br />

كما سئل فضيلة الشيخ:‏ حممد بن صاحل بن عثيمني<br />

السؤال التايل:‏ – رمحه هللا –<br />

‏"انتش ر <strong>يف</strong> اآلون ة األخ رية إقام ة األمس يات واملهرج اانت الغنائي ة <strong>يف</strong> بع ض املص ائف وال يت يكث ر فيه ا<br />

اجتماع الناس عليها من الداخل واخلارج و<strong>يف</strong>د إليها العديد من املغنني واملغنياتوحيص ل فيها اخ تالط<br />

عند الدخول لألمسيات النسائية واخلروج منها،‏ وبذل األموال <strong>يف</strong> الدخول إىل هذه املسارح.‏<br />

)2112( ينظر:‏ فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم )260-253-250-46/10-9(.


فنأمل من فضيلتكم تبيني احلكم <strong>يف</strong> هذا ونسأل هللا أن جيزيكم خري اجلزاء.‏<br />

اجلواب:‏ ال جيوز حضور املهرج اانت ال يت يك ون فيه ا أغ اين ومغن ني أو أغ اين ومغني ات أو اخ تالط ب ني<br />

الرج ال والنس اء وب ذل األم وال <strong>يف</strong> الوص ول إىل ذل ك ح رام؛ ألن ذل ك إض اعة للم ال وب ذل ل ه فيم ا ال<br />

يرض ي هللا تع اىل،‏ ونس أل هللا العافي ة وأن يعص منا وإخوانن ا املس لمني م ن أس باب س خطه وعقوبت ه وأن<br />

جيعل ما رزقنا عوانً‏ لنا على طاعته ال على معصيته إنه مسيع جميب."‏<br />

ا.ه .<br />

كما سئل فضيلة الشيخ/‏ عبد هللا بن عبد الرمحن بن جربين<br />

–<br />

حفظه هللا ورعاه-‏<br />

‏"عمَّ‏ ا أش يع <strong>يف</strong> بع ض امل دن واملن اطق م ن إقام ة احلف الت الغنائي ة،‏ والس هرات عل ى مس اع األغ اين،‏<br />

واأله ازيج الوطني ة،‏ وغ ري الوطني ة،‏ وإقام ة املسلس الت والتمثيلي ات <strong>يف</strong> مس ارح بع ض األندي ة األدبي ة.‏<br />

ويدعى هلا املطربون واملغنون واملمثلون من كل مكان وأحياانً‏ يكون الدخول فيها عن طريق تذاكر تب اع<br />

وأحي اانً‏ يك ون ال دخول جم اانً‏ وب دون مقاب ل،‏ والس ؤال اي فض يلة الش يخ:‏ م ا حكم إقام ة ه ذه احلف الت<br />

واألمسيات،‏ وما حكم حضورها ومشاهدهتا ألجل الرتفي ه ع ن ال نفس وال رتويح عنه ا،‏ وه ل جي وز يل أن<br />

أشارك معهم <strong>يف</strong> ه ذه األغ اين واألانش يد الوطني ة؟ أفت وان م أجورين حي ث أن األم ر مش كل،‏ فم ن الن اس<br />

من يقول إن هذا ال أبس به و هو من قبيل االستجمام والرتويح،ومنهم من يقول بل هو حمرم ال جيوز ،<br />

‏َبرك هللا فيكم ونفع بكم <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني..‏ آمني.‏<br />

اجلواب:‏ ينبغي على اجلمي ع أن يتق وا هللا وأن يراقب وه <strong>يف</strong> س رهم وعالني تهم ويعلم وا أن ه مطل ع عل يهم<br />

وال خ<strong>يف</strong>ى عليه منهم شيء <strong>يف</strong> األرض وال <strong>يف</strong> السماء ق ال هللا تع اىل:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أي:‏ اي أص حاب العق ول الواعي ة والقل وب احلي ة اتق وا هللا<br />

واعملوا على إرضائه ‏َبلذي يعود عليكم نفعه <strong>يف</strong> ال دنيا واآلخ رة.‏ وأم ا م ا س وى أول وا األلب اب فه م<br />

الذين صرفوا مهمهم وعقوهلم إىل ما يغضب هللا تعاىل.‏<br />

وما سأل عنه السائل من إقامة حفالت وس هرات غنائي ة ي دعى إليه ا مطرب ون ومغن ون وممثل ون م ن<br />

ك ل مك ان،‏ وال دخول هل ا جم اانً‏ أو ب ثمن،‏ وحض ور ه ذه احلف الت ومش اهدهتا،‏ أو املش اركة فيه ا أو<br />

دعمه ا أو أتيي دها،‏ ك ل ذل ك ح رام ال جي وز؛ ألن هللا تع اىل يق ول:‏<br />

<br />

<br />

. <br />

<br />

وك ان اب ن مس عود رض ي هللا عن ه وأرض اه يقس م أبن امل راد ب ه الغن اء،‏ وه و بالش ك وال ري ب إض الل<br />

ع ن س بيل هللا وبع د عن ه بقت ل األوق ات وض ياعها،‏ وع ن أيب ع امر واب ن مال ك األش عري رض ي هللا


عنهما أن رسول هللا قال:‏ ‏))ليكونن من أميت أق وام يس تحلون احل ر واحلري ر واخلم ر واملع ازف((،‏<br />

فدل قوله:‏<br />

‏)يس تحلون احل ر واحلري ر واخلم ر وملع ازف(‏<br />

س يكون <strong>يف</strong> املس تقبل<br />

عل ى<br />

أن األص ل فيه ا التح رمي وكلم ة ‏)ليك ونن(‏ تفي د م ا<br />

واملع ىن:‏ أن ه س يأيت أانس يس تحلون ويبيح ون ألنفس هم م ا ك ان حمرم اً‏ م ن ح ر<br />

وحري ر ومخ ر ومع ازف.‏ وع ن أن س رض ي هللا عن ه وأرض اه مرفوع اً:‏ ‏))ليك ونن <strong>يف</strong> ه ذه األم ة خس ف<br />

وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا اخلمور واتذوا القينات وضربوا ‏َبملعازف((.‏<br />

وال ش ك أن م ا جيل ب ه ذه العق وَبت حم رم ب ل كب رية م ن كب ائر ال ذنوب وال ح ول وال ق وة إال ‏َبهلل،‏<br />

وقد نص العلماء املتقدمون كاإلمام أمحد رمحه هللا على حت رمي آالت الله و والع زف ك العود والطنب ور<br />

والشباب والرَبب،‏ فم ن ‏َبب أوىل آالت الله و <strong>يف</strong> ه ذا الزم ان وال يت ه ي أش د فتن ة مم ا ك ان عن دهم<br />

رمحهم هللا.‏<br />

وعلي ه حي رم إقام ة مث ل ه ذه احلف الت الغنائي ة وليتق ي هللا الق ائمون عل ى ذل ك وليتق ي هللا أولي اء<br />

األمور <strong>يف</strong> أخذ أوالده م وأس رهم إىل ه ذه األم اكن وليعلم وا أهن م آمث ون ب ذلك وسيس ألون غ داً‏ عم ا<br />

فعلوه وليعلموا أن الرتفيه والرتويح عن النفس يكون <strong>يف</strong> طاعة هللا من حفظ لكتابه وس نة رس وله <br />

والصيام وزايرة احلرمني واجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا ونشر دين هللا والدعوة إليه وغري ذلك من أعمال اخل ري<br />

وال رب،‏ كم ا حيص ل ذل ك ‏َبلرتفي ه ع ن ال نفس ‏َبألم ور املباح ة ك تعلم الس باحة والرم ي ورك وب اخلي ل<br />

‏َبإلض افة إىل رك وب البح ر وال ذهاب إىل احل دائق واملنتزه ات وحنوه ا م ع مراع اة اآلداب<br />

ومتثل األخالق الفاضلة.‏<br />

وفق هللا اجلميع ملا فيه اخلري والسداد وجنبنا أسباب سخطه وأليم عقابه.‏<br />

وهللا أعلم .... وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني".‏ )2113(<br />

اإلس المية<br />

أم ا الق ادر عل ى اإلنك ار ف إن حض وره لتل ك األم اكن لألم ر ‏َبملع روف والنه ي ع ن املنك ر واج ب<br />

<br />

ش رعي ب ه متي زت ه ذه األم ة،‏ كم ا ق ال س بحانه:‏ <br />

)2114(<br />

وترك ه موج ب للعقوب ة والع ذاب،‏ كم ا ق ال ج ل ش انه:‏ ، <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

منشور بعنوان ‏)حكم املهرجاانت الغنائية(.‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية<br />

.110<br />

)2113(<br />

)2114(


)2115(<br />

<br />

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبح وث العلمي ة واإلفت اء ع ن ذه اب الن اس إىل اإلس كندرية لقض اء الص <strong>يف</strong> هن اك ويوج د<br />

على البحر اآلالف من النساء الكاسيات والعارايت واختالط الرجال ‏َبلنساء وغري ذلك من املنكرات،‏ فأجابت:‏<br />

" إذا ك ان الواق ع كم ا ذك ر ف ال جي وز للمس لم أن ي ذهب إىل تل ك اجملتمع ات خش ية الفتن ة واجتن اَبً‏ ملواطنه ا إال أن<br />

يكون ممن يقوى على إزالة ما فيها من املنك رات مل ا ل ه م ن س لطة ومعرف ة ‏َبلش رع وق وة عل ى البي ان <strong>يف</strong> األم ر ‏َبملع روف<br />

والنهي عن املنكر"‏ )2116(<br />

كم ا س ئلت ع ن ال ذهاب إىل احل دائق العام ة واملت احف واملع ارض م ع وج ود االخ تالط وتض ييع الص الة وض رورة<br />

كشف املرأة لوجهها هن اك وك ذا ال ذهاب للش واط م ع وج ود الع ري واإلَبحي ة فيه ا وع دم ق درة اإلنس ان عل ى غ ض<br />

بصره عن احملرمات <strong>يف</strong> تلك األماكن اليت انتشرت فيها املنكرات لكثرهتا وانتشارها،‏ فأجابت:‏<br />

" ال جيوز اإلتيان إىل األماكن اليت انتشرت فيها املنكرات و<strong>يف</strong> املتع اليت أحلها هللا لنا غنية عما حرم علينا"‏ )2117(<br />

وم ن أم اكن الله و واملتع ة ال يت يقص دها الس ياح <strong>يف</strong> ه ذا العص ر املالع ب الرايض ية املتنوع ة الش املة لك رة الق دم والي د<br />

)2118(<br />

والطائرة والسلة وألعاب القوى والسباحة وغريها من الرايضات املتنوعة.‏<br />

وال ش ك <strong>يف</strong> ج واز أو اس تحباب ممارس ة أو حض ور م ا ك ان منه ا بريئ اً‏ هادف اً‏ مم ا في ه ت دريب عل ى اجله اد وتنش يط<br />

لألب دان وقل ع لألم راض وتقوي ة ل ألرواح،‏ فق د ثب ت عن ه أن ه س ابق ‏َبألق دام وس ابق ب ني اإلب ل وس ابق ب ني اخلي ل<br />

وحضر نضال السهام وصارع مع إحدى الطائفتني وطع ن ‏َبل رمح ورك ب اخلي ل مس رجة ومع راة وص ارع ركان ة فص رعه،‏<br />

وكُتُب الصحاح والسنن واملسانيد مليئة مبا يدل على ذلك من الش واهد الثابت ة وق د بس ط اب ن الق يم رمح ه هللا ذل ك <strong>يف</strong><br />

كتاب ه الفروس ية،‏ كم ا أش ار <strong>يف</strong> زاد املع اد إىل أن رك وب اخلي ل ورم ي النش اب واملص ارعة واملس ابقة ‏َبألق دام ك ل ذل ك<br />

رايضة للبدن قالعة لألمراض املزمنة كاالستقاء والقولنج.‏ )2119(<br />

ونص شيخ <strong>اإلسالم</strong> على حكم الشرع <strong>يف</strong> الكرة نفسها،‏ فقال:‏<br />

)2115(<br />

)2116(<br />

)2117(<br />

سورة املائدة،‏ اآليتني<br />

. 79-78<br />

ينظر:‏ فتاوى اللجنة الدائمة،‏ مجع أمحد الدويش )362-361/12(.<br />

املصدر السابق،‏ وصدرت فتوى أخرى برقم<br />

18093<br />

)2118(<br />

واتريخ ‎1416/8/18‎ه خبصوص إقامة حفالت <strong>يف</strong> األعياد تشتمل على<br />

العرضات الشعبية وضرب الطبول حىت ساعات متأخرة من الليل ومبكربات صوتية مزعجة وينفق عليها الكثري من األموال،‏ ونصت<br />

الفتوى على أن ذلك عمل منكر وينبغي منعه الشتماله على تلك املنكرات.‏<br />

األردن <strong>يف</strong><br />

للفائدة ينظر:‏ األلعاب الرايضية أحكامها وضوابطها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ رسالة ماجستري،‏ لعلي حسني يونس،‏ دار النفائس،‏<br />

471 صفحة.‏<br />

)2119(<br />

ينظر:‏ الفروسية،‏ البن القيم،‏ وزاد املعاد )225/4(.


-1<br />

" ولع ب الك رة إذا ك ان قص د ص احبه املنفع ة للخي ل والرج ال حبي ث يس تعان هب ا عل ى الك ر والف ر وال دخول واخل روج<br />

وحن وه <strong>يف</strong> اجله اد وغ رض االس تعانة عل ى اجله اد ال ذي أم ر هللا ب ه رس وله فه و حس ن وإن ك ان <strong>يف</strong> ذل ك مض رة<br />

‏َبخليل أو الرجال فإنه ينهى عنه".‏ )2120(<br />

لكن غالب األلعاب الرايضية <strong>يف</strong> هذا العصر اش تملت عل ى منك رات ومفاس د متن ع م ن جوازه ا ومش اهدهتا م ا مل ت ل<br />

من ذلك،‏ ومن هذه املخالفات واملنكرات واملفاسد ما يلي:‏<br />

أن كث رياً‏ م ن ه ذه األلع اب تق ام عل ى ح ال م ن التش به ‏َبلكف ار <strong>يف</strong> ك ل ص غرية وكب رية ول يس املش كل مطل ق<br />

املش اهبة ف إن أح وال الن اس <strong>يف</strong> ع اداهتم متقارب ة لك ن املص يبة <strong>يف</strong> التش به هب م <strong>يف</strong> تل ك األلع اب مب ا خي الف الش رع م ن<br />

مالب س تكش ف الع ورات وع ادات ت رم امل روءات وق وانني تع ارض الش رع وتتض من أك ل امل ال ‏َبلباط ل إض افة إىل<br />

اشتماهلا على منكرات االختالط والغناء وغري ذلك مما ه و مش ابه مل ا علي ه الكف ار )2121( ، والن يب يق ول:‏ ‏))خ الفوا<br />

املشركني((‏ )2122( ، ويقول:‏ ‏))من تشبه بقوم فهو منهم((.‏ )2123(<br />

2- م ا تتض منه بع ض ه ذه األلع اب م ن الص د ع ن ذك ر هللا وع ن الص الة وإيق اع احل ق والع داوة ب ني الالعب ني<br />

<br />

واملش اهدين وتع اطي وحض ور ومش اهدة م ا هوك ذلك حم رم لقول ه س بحانه:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2124(<br />

-3<br />

كما أن من هذه األلعاب ما يتضمن املقامرة وشرب اخلمر وهو أوىل ‏َبملنع بنص اآلية.‏<br />

وبعض هذه األلعاب طبيعتها إجياد حتزَبت وتنمية أحقاد حتت ستار املنافسة الش ر<strong>يف</strong>ة!‏ وه ذا عك س م ا ي دعو إلي ه اإلس الم<br />

من التسامح والتآلف والتآخي وتطهري النفوس والضمائر من األحقاد والض غائن وتربيته ا عل ى املنافس ة <strong>يف</strong> اخل ريات والق وة <strong>يف</strong><br />

الصرب والتحمل واإليثار ومجيل املعاين واملكارم.‏ )2125(<br />

م ن ه ذه األلع اب املالكم ة وفيه ا ض رب للوج ه فض الً‏ ع ن التش به ‏َبلكف ار <strong>يف</strong> منك ر وض رر )2126( ، ف إن ض رب<br />

)2127(<br />

الوجه منهي عنه وقد ثبت عنه أنه قال : )) إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه ((.<br />

ينظر:‏ املستدرك على جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong> )58/4(.<br />

ينظر:‏ الدرر السنية )231-206-204-203-200/15( بتصرف،‏ وفتاوى حممد بن إبراهيم )114/8-7(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص)‏‎407‎<br />

.)<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )406(.<br />

سورة املائدة،‏ اآلية:‏<br />

.91<br />

ينظر:‏ الدرر السنية )231-200/15( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هلاشم انقور ص )250( بتصرف.‏<br />

)2120(<br />

)2121(<br />

)2122(<br />

)2123(<br />

)2124(<br />

)2125(<br />

)2126(


-5<br />

4- عق د ال دورات الرايض ية <strong>يف</strong> حماف ل دولي ة عاملي ة م ا ه ي إال أعي اد للكف ار <strong>يف</strong> األص لك دورة األلع اب األوملبي ة<br />

وأص لها عي د عن د الي وانن مث الروم ان مث النص ارى )2128( ، ف ال جي وز حض ورها مل ا يتض منه م ن مش اركتهم <strong>يف</strong> أعي ادهم<br />

ومنكراهتم الظاهرة وما يرتتب على ذلك من مفاسد راجحة وبذل للمال <strong>يف</strong> غري حمله ووجهه.‏<br />

بع ض ه ذه األلع اب الرايض ية يتض من التح ريش ب ني احلي واانت كمهارش ة الديك ة م ثالً‏ ومناطح ة<br />

األكباش ومصارعة اخليول وحتريض الكالب على بعضها،‏ وه ذا مع ارض ألص ول اإلس الم ومبادئ ه <strong>يف</strong><br />

األمر برمحة احليوان والرفق به والنهي عن تعذيبه حىت عند ذحبه ألكله فك<strong>يف</strong> بتعذيب ه لِّلَّه و!‏ ه ذا مم ا<br />

جيرمه العقل السليم ومما يتناَف مع مكارم األخالق فضالً‏ عن حترميه <strong>يف</strong> ش ريعة اإلس الم الغ راء،‏ مل ا في ه<br />

من ظلم وإضاعة للمال.‏ )2129(<br />

وم ن ه ذه األلع اب م ا يتض من<br />

ص رب<br />

البه ائم وق د ثب ت عن ه <br />

أن ه ق ال:‏ ‏))ال تتخ ذوا ش يئاً‏ في ه<br />

-6<br />

الروح غرضاً((.‏ )2130(<br />

ومر ابن عم ر بفتي ان م ن ق ريش نص بوا ط رياً‏ يرمون ه وق د جعل وا لص احب الط ري ك ل خاطئة م ن ن بلهم<br />

فلما رأوا ابن عمر تفرقوا فقال:‏ ‏)من فعل هذا لعن هللا من اتذ شيئاً‏ فيه الروح غرضاً(.‏ )2131(<br />

فال جيوز حضور ما يتضمن شيئاً‏ من ذلك كمصارعة الثريان؛ ألنه إعانة على املنكر ورض ى ب ه وب ذل<br />

للمال <strong>يف</strong> أمر حمرم شرعاً‏ فإن ذلك عبث ضار وظلم حمض ومن يصارع هذه الث ريان ل يس بط الً‏ ب ل ال<br />

يستحق أن تنسحب عليه أوصاف اإلنسانية فهو إىل احليوانية والبهيمية والوحشية أقرب.‏ )2132(<br />

وم ن ه ذه األلع اب م ا يس مى أبلع اب الس ريك وحتت وي عل ى ألع اب ت وازن واستعراض ات<br />

هبلواني ة خط رة وع روض للحي واانت الشرس ة املدرب ة واس تعراض للق وى <strong>يف</strong> كس ر احلدي د<br />

والبق اء حت ت امل اء م دة طويل ة ودخ ول الن ار وغ ري ذل ك م ن أل وان الس حر والش عوذة وال يت<br />

كان <strong>يف</strong>علها املشعوذون واملتمسخرون منذ القدم.‏ )2133(<br />

-7<br />

)2127(<br />

)2128(<br />

)2129(<br />

)2130(<br />

)2131(<br />

)2132(<br />

)2133(<br />

أخرجه البخاري ، كتاب العتق،‏ ‏َبب إذ ضرب العبد فليجتنب الوجه )201(، رقم )559(.<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هلاشم انقور ص )251( بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ قضااي اللهو،‏ مادون رشيد،‏ ص )265( بتصرف.‏<br />

أخرجه مسلم ، كتاب الصيد والذَبئح،‏ ‏َبب النهي عن صرب البهائم،‏ ص )1027(، رقم )1957(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> املوضع السابق،‏ برقم )1958(.<br />

ينظر:‏ قضااي اللهو،‏ مادون رشيد،‏ ص )280(، بتصرف.‏<br />

وقد صدر قرار اجملمع الفقهي التابع للرابطة <strong>يف</strong> دورته العاشرة عام ‎1408‎ه بتحرمي املالكمة واملصارعة احلرة ومصارعة الثريان والتحريش<br />

بني احليواانت،‏ ينظر:‏ قرارات اجملمع،‏ ص )27(.<br />

املصدر السابق،‏ ص )292(.


وحضور مثل هذه األماكن على احلال املذكورة حمرم ش رعاً‏ لغلب ة املفاس د وش يوع املنك رات فيه ا<br />

من سحر وشعوذة وغريها.‏<br />

أم ا إذا خل ت م ن ذل ك وغل ب عل ى الظ ن س المة م ن يق وم هب ا م ن الض رر واهل الك ومل يك ن<br />

اللعب هبا على مال وكان ذلك <strong>يف</strong> أايم الفرح والسرور فإن حضور ذلك ومشاهدته جائز شرعاً‏<br />

مل ا تق دم م ن إذن ه لعائش ة أن تنظ ر للحبش ة وه م يلعب ون حب راهبم <strong>يف</strong> املس جد وقول ه <br />

‏))لتعلم يهود أن <strong>يف</strong> ديننا فسحة (( )2134(<br />

:<br />

فإذا خلت هذه األماكن من املنكرات واملفاسد فإن حض ورها ومش اهدهتا والس ياحة فيه ا ج ائز<br />

ش رعاً‏ وال دلي ل عل ى منع ه،‏ فق د ح ض الش رع عل ى م ا في ه نف ع ومص لحة م ن أن واع الرايض ات<br />

والسباقات كالرماية والسباحة وركوب اخليل واملصارعة ، ويلحق بذلك كل ما خال عن املفاسد<br />

واحملاذير السابقة من الغطس والغوص والتجد<strong>يف</strong>،‏ ولعب الكرة وحنو ذلك.‏<br />

أما إذا اشتملت على تلك احملظورات وكذا سائر أماكن اللهو املختلط مبح ذور ش رعي مين ع م ن<br />

ممارس ته ش رعاً‏ فم ن ‏َبب أوىل أال يس افر إلي ه؛ ألن الوس ائل هل ا أحك ام املقاص د،‏ ودرء املفاس د<br />

مقدم على جلب املصاحل.‏ )2135(<br />

و<strong>يف</strong> ب الدان وهلل احل م د م ن أم اكن الله و واملتع ة املباح ة م ا يس تغىن ب ه ع ن غ ريه م ن املنتجع ات<br />

البحرية واملدن الرتفيهي ة والرايض ية واحل دائق املتنوع ة والن وادي الرايض ية ‏)س باحة<br />

س لة أو ط ائرة أو غريه ا<br />

– مص ارعة –<br />

لعب ة اجلول ف-‏<br />

الغوص والتزجل والصيد(‏ وغريها من النوادي الرايضية املتنوعة.‏<br />

– الفروس ية<br />

– ك رة ق دم أو<br />

األلع اب املائي ة كن وادي<br />

كما تتواجد األسواق واملطاعم والشواط اخلالية من املنكرات غالباً‏ وتق ام فيه ا أنش طة تروحيي ة<br />

ومسابقات هادفة وحماضرات انفعة.‏<br />

وم ا يوج د فيه ا م ن منك رات االخ تالط والت ربج والغن اء وغريه ا فإن ه ال يق ارن مب ا <strong>يف</strong> ال دول<br />

األخ رى م ن الف واحش الظ اهرة وم ع ذل ك جي ب عل ى أه ل اخل ري والص الح االس تمرار <strong>يف</strong> توعي ة<br />

سبق ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 93<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong>،‏ هلاشم انقور ص )251-250( بتصرف.‏<br />

)2134(<br />

)2135(


الن اس وتبص ريهم للقض اء عل ى مظ اهر الفس اد <strong>يف</strong> تل ك األم اكن م ن ب الدان لتك ون الس ياحة<br />

نقية طاهرة خالية مما يغضب املوىل سبحانه.‏<br />

وحض ور تل ك األم اكن والس ياحة فيه ا مض بوطة بض وابط الش رع كم ا تق دم ف إذا خل ت م ن<br />

املنكرات واملفاسد أو وجد شيء من ذلك وكان <strong>يف</strong> احلض ور مص لحة راجح ة وإنك ار للمنك ر<br />

ومل يرتت ب علي ه ب ذل للم ال <strong>يف</strong> احل رام وال إعان ة عل ى املنك رات وال ص د ع ن ذك ر هللا وال<br />

إضاعة للفرائض والواجب ات وال مش اهدة للمنك رات وال تع اطي للمحرم ات فإن ه ال م انع م ن<br />

ذلك إن شاء هللا تعاىل.‏<br />

وعلى املسلم أن يوازن ب ني املص احل واملفاس د <strong>يف</strong> ذل ك ويس تفت قلب ه فك ل إنس ان عل ى نفس ه<br />

بص رية ول و ألق ى مع اذيره وال ورع والتق ى ‏َبجتن اب م واطن الش هوات والش بهات وإب راء الذم ة<br />

إبنكارها عند مشاهدهتا.‏<br />

وم ن قواع د وأص ول الش ريعة س د ال ذرائع فك ل فع ل أفض ى إىل حم رم أو ك ان س بباً‏ للش ر<br />

والفس اد أو ك ان مظن ة التهم ة ومل بك ن في ه مص لحة ش رعية راجح ة ت دعو إىل غش يانه<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فاألص ل النه ي عن ه واملن ع من ه،‏ ق ال تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2136( ، فمج رد إتي ان ه ذه األم اكن منه ي عن ه الس يما مل ن ل يس ل ه س لطان<br />

<br />

<strong>يف</strong> إنكار املنكر؛ ألنه خيشى علي ه أن أيل ف ه ذه املنك رات ف ال يتمع ر وجه ه إن رآه ا م رة<br />

أخ رى كم ا خيش ى علي ه أن يق ع فيه ا،‏ والن يب يق ول:‏ ‏))م ن ك ان ي ؤمن ‏َبهلل والي وم اآلخ ر<br />

)2137(<br />

فال جيلس على مائدة يدار عليها اخلمر((.‏<br />

)2136(<br />

)2137(<br />

سورة النور،‏ اآلية:‏<br />

. 21<br />

أخرجه البيهقي <strong>يف</strong> السنن الكربى،‏ ‏َبب الرجل يدعى إىل الوليمة وفيها املعصية )266/7(، رقم )4326(، والدارمي <strong>يف</strong> ‏َبب<br />

النهي عن القعود على مائدة يدار عليها اخلمر )153/2( رقم )2092(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )213/1( رقم )688(.


الفصل الثاني<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> وآثارها على الفرد واجملتمع


املبحث األول<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآدابها<br />

املطلب األول<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة


املطلب األول:‏ ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />

هذه الضوابط منها ما يتعلق ‏َبلسائح ومنها ما يتعلق ‏َبلزمان أو املكان السياحي،‏ وهي <strong>يف</strong> اجلملة كالتايل:‏<br />

-1<br />

-2<br />

إحسان القصد من <strong>السياحة</strong> وأن يكون غرضها مباحاً.‏<br />

فالنية رأس األمر وعموده وعليها مدار صالح األعمال ومشروعيتها أو فسادها وحظرها،‏ والبد أن حيسن<br />

السائح <strong>يف</strong> قصده فال يقصد من سياحته نيل امللذات والشهوات احملرمة ومقارفة املعاصي والذنوب،‏ فإن قصد<br />

ذلك فحكم سياحته يتبع أصل نيته ما دام قد وطن املعصية بضمريه وعزم عليها بقلبه إذ العمل اتبع للنية<br />

يصح بصحتها و<strong>يف</strong>سد بفسادها )2138( ، ولذا كان النيب إذا استوى على بعريه خارجاً‏ إىل سفر كرب مث قال:‏<br />

‏))سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون اللهم إان نسألك <strong>يف</strong> سفران هذا الرب<br />

والتقوى ومن العمل ما ترضى((‏ .. احلديث )2139(<br />

فأين حمل الرب والتقوى والعمل املرضي <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>؟ أيكون <strong>يف</strong> مشاهدة املنكرات وارتياد مواطنها ومقارفتها<br />

دون حياء من هللا؟!‏<br />

وهل يستشعر السائح عند سفره حتقيق الرب والتقوى إبحسان قصده وحل مقصده؟<br />

أال يرتتب عليها مفسدة دينية أودنيوية إبفضائها إىل ارتكاب حمذور شرعي أو ترك واجب أو<br />

حلوق ضرر وحنو ذلك،‏ وال يتشاغل هبا عما هو أهم وأوىل منها من احلقوق والواجبات وإذا مل<br />

يقصد السائح التوصل بسياحته إىل احملذور الشرعي لكنها أفضت به إليه فينظر <strong>يف</strong> مقدار<br />

إفضائها من حيث وقوعه غالباً‏ أو اندراً‏ مث يتصور حجم املفسدة واملصلحة ويرجح األغلب.‏<br />

فإن كان اإلفضاء إىل احملذور اندراً‏ واملفسدة مرجوحة فالشريعة جاءت إبَبحة هذا أو استحبابه أو إجيابه<br />

حبسب درجات املصلحة )2140( .<br />

وإن كان اإلفضاء إىل احملذور غالباً،‏ واملفسدة أرجح من املصلحة فاملنع من ذلك كراهة<br />

أو حترمياً‏ حبسب درجاته <strong>يف</strong> املفسدة )2141( .<br />

)2138(<br />

)2139(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

79<br />

)2140(<br />

)2141(<br />

وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب احلج،‏ ‏َبب استحباب الذكر إذا ركب دابته متوجهاً‏ حلج أو غريه،‏ رقم )1342(، ص‎902‎‏.‏<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وإعالم املوقعني،‏ البن القيم )113-109/3(، وقال الشاطيب <strong>يف</strong> املوافقات:‏ ‏"ما يكون أداؤه إىل املفسدة<br />

اندراً‏ فهو على أصله من اإلذن؛ ألن املصلحة إذا كانت غالبة فال اعتبار ‏َبلندور <strong>يف</strong> اخنرامها إذ ال توجد <strong>يف</strong> العادة مصلحة عرية عن<br />

املفسدة مجلة إال أن الشارع إمنا اعترب <strong>يف</strong> جماري الشرع غلبة املصلحة ومل يعترب ندور املفسدة".‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ لألمحد،‏ وابن القيم،‏ والفتوى السابقة ذكرها شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية <strong>يف</strong> سفر صاحب العيال وموازنته فيها<br />

بني املصاحل واملفاسد.‏


-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

توفر الضوابط الشرعية لسياحة املرأة املسلمة فال تسافر من غري حمرم ولو عرب وسائل احلديثة،‏<br />

كما سبق )2142( ، وال تراتد مواطن االختالط والفنت والشبهة،‏ وجتتنب كل ما يؤدي إىل االفتتان<br />

هبا من التربج والسفور وإظهار الزينة،‏ وحتافظ على سرتها وحيائها وعفافها.‏<br />

لعموم األدلة <strong>يف</strong> أمرها ‏َبحلجاب والسرت واحلياء وحتذيرها الشديد من التربج والسفور واالختالط والتعطر<br />

وإظهار الزينة.‏<br />

فإذا توافرت الضوابط والقيود ومل يكن <strong>يف</strong> سفرها ما يدعو للفتنة هلا أو هبا فإن سياحتها مع زوجها أوىل؛ ألنه<br />

إحصان هلما ومنع للسائح من التطلع إىل غريها )2143( .<br />

حمافظة السائح على الفرائض والواجبات وإظهاره دينه واعتزازه به وحتمل مسؤولية الدعوة إليه<br />

والقيام ‏َبألمر ‏َبملعروف والنهي عن املنكر قدر االستطاعة.‏<br />

التزام السائح عموماً‏ ‏َبألنظمة اليت سنها ويل األمر،‏ وحمافظته على اآلداب العامة وتقاليد اجملتمع<br />

<strong>اإلسالم</strong>ي وعاداته وعدم الظهور مبظاهر غريبة تتناَف مع آداب <strong>اإلسالم</strong> وعادات املسلمني.‏<br />

التزام السائح املسلم ‏َبلنظم والقوانني والتعليمات املتعلقة بشؤون احلياة العامة <strong>يف</strong> البلدان <strong>السياحة</strong><br />

ما دامت حمققة للمصلحة وغري خمالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ وهذا جزء من قيامه بواجب الدعوة<br />

إىل هللا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من خالل إحسانه إىل اآلخرين وظهوره ‏َبملظهر الالئق واخللق اجلميل الرائع.‏<br />

التقيد مبنهج الشرع وتوجيهاته <strong>يف</strong> كافة شؤون <strong>السياحة</strong> وسائر أحوال السائح وتعلم أحكام<br />

الشرعية اليت حيتاجها السائح <strong>يف</strong> سياحته وآداهبا وضوابطها وسؤال أهل العلم <strong>يف</strong> ذلك وعدم<br />

التساهل <strong>يف</strong> إفتاء الناس بذلك من غري علم.‏<br />

استغالل <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جتديد النشاط وترويح النفس لالستعانة بذلك على عبادة هللا،‏ فال يتوسع<br />

فيها جملرد اللهو؛ ألن ذلك يعوِّد النفس على إدامة الراحة واملداومة على امللذات والشهوات<br />

وحظوظ النفس فيقسو القلب ويوجد الكسل والفتور والعجز،‏ وهتدر األوقات والطاقات فينبغي<br />

املوازنة واالعتدال والتوسط <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الرتفيهية،‏ كما ال ينبغي إشغال النفس فيها مبا ال يليق<br />

نتيجة للفراغ الذي تكون عليه النفس <strong>يف</strong> مثل هذه الظروف والنفس إذا مل تشغل ‏َبحلق اشتغلت<br />

‏َبلباطل وإذا مل تلهها ‏َبملعايل واملقاصد أهلتك ‏َبلسفاسف واملفاسد.‏<br />

مراعاة األولوايت فال يسافر للسياحة من مل حيج فرضه مع استطاعته ذلك تكاسالً‏ منه وكذا من<br />

وجبت عليه حقوق مالية من ديون أو نفقات واجبة وحنو ذلك وكذلك من تعني عليه اجلهاد ال<br />

جيوز له ترك اإلنفاق <strong>يف</strong> ذلك والتوجه للسياحة.‏<br />

)2144(<br />

)2142( ص ( 145 .)<br />

)2143(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ لألمحد،‏ ص‎95‎‏،‏ بتصرف.‏


التزام السائح القصد واالعتدال <strong>يف</strong> نفقاته بقدر حاجته فال يسرف <strong>يف</strong> ذلك ويبالغ <strong>يف</strong> املتع<br />

وامللذات فإنه يؤدي إىل فقره وتفويت ما عليه من حقوق وواجبات أو التقصري فيها،‏ كما أن<br />

اإلسراف <strong>يف</strong> ذلك مدعاة للفخر والكرب واإلعجاب كما هو مشاهد وهو بذاته مفسدة وخيانة<br />

لألمانة وكفر ‏َبلنعمة وصرفها <strong>يف</strong> احلرام داخل <strong>يف</strong> ذلك ‏َبألولوية فهو إضاعة للمال وإعانة على<br />

اإلمث ومقارفة للمنكر )2145( .<br />

أال يكون <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وبذل املال فيها إعانة وتقوية<br />

ودعم ألعداء <strong>اإلسالم</strong> واملسلمني سياسياً‏ أو<br />

اقتصادايً‏ أو حىت معنوايً‏ وكذا من يرتتب على دعمهم وتقويتهم بذلك إضرار ‏َبملسلمني أبي<br />

شكل )2146( .<br />

.<br />

اجتناب السائح لفنت الشبهات والشهوات واحلذر من كل طرقها ووسائلها والتزام التقوى والورع<br />

، وأال تتضمن سياحته ما يقدح <strong>يف</strong> العدالة أو خيرم املروءة ويراعي <strong>يف</strong> ذلك مكانته وأعراف الناس<br />

‏َبختالف الزمان واملكان واحلال<br />

ويعتصم<br />

بكتاب ربه وسنة نبيه <strong>يف</strong> مواجهة الفنت والصرب على<br />

ذلك وجماهدة النفس واإلخالص <strong>يف</strong> الدعاء واملناجاة مع بذل األسباب لتحقيق العصمة والنجاة<br />

احلذر من التشبه ‏َبلكفار أو تقليدهم واحملافظة على الشخصية <strong>اإلسالم</strong>ية املتميزة ومواالة<br />

املسلمني وحمبتهم وبغض أعدائهم برتك ذلك.‏<br />

ترك التحاكم إىل غري املسلمني ما مل يضطر السائح لذلك لتحصيل حقه ودفع املظلمة عنه مع<br />

عدم اعتقاده كون غري حكم هللا أحسن أو أعدل من حكم هللا وشرعه.‏<br />

التزام املسلم ‏َبلضوابط السابقة عند سياحته <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني،‏ واستغالهلا <strong>يف</strong> التفكر بنعم<br />

هللا عليه وجناته مما هم فيه من ضالل وهوى وظلمات وردى.‏<br />

اجتناب املواقع السياحية احملرمة،‏ كبالد الكفر؛ ملا <strong>يف</strong> ذلك من األخطار والعواقب الوخيمة<br />

وخمالفة األحاديث الصحيحة املانعة كما تقدم،‏ وكاملواقع اليت أصبحت شعاراً‏ للمحرمات<br />

ومنتدى للمنكرات وموئالً‏ للفنت والشهوات<br />

والشبهات كالبارات واملراقص واملسارح ودور السينما<br />

والسريك وحنوها من أماكن اللهو الباطل واملنكر الظاهر إال ملن قدر على اإلنكار وذهب ألجله،‏<br />

و إال فال؛ ألن ذلك إقرار ‏َبملنكر ورضى به وتعريض النفس لسخط هللا وعقابه مبخالطة العصاة<br />

اجملاهرين ، وأما األماكن السياحية<br />

املباحة اليت يعرتيها بعض األوصاف احملرمة من غري أن تصبح<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

)2144(<br />

)2145(<br />

ينظر:‏ أحكام األغنياء،‏ عبد هللا إبراهيم ، ص<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

152، بتصرف.‏<br />

)2146(<br />

املصدر السابق.‏


شعاراً‏ هلا كحال األغلب اليوم فينظر فيها لغلبة الوصف من عدمه،‏ وكون السائح منعزالً‏ عن<br />

اجلو العام حبيث ال خيالط العصاة وال يشهد منكراهتم أو عدم ذلك وقدرته على اإلنكار من<br />

عدمها مع مراعاة املوازنة بني املصاحل واملفاسد واقرتان النظر اجلزئي ‏َبلنظر الكلي للمآالت<br />

واملقاصد والقواعد الكلية العامة.‏ وكذلك داير املعذبني وآاثر املبتدعة <strong>يف</strong> الدين من املشاهد<br />

واملزارات وكل ما يقصد تعظيماً‏ من البقاع غري املساجد الثالثة،‏ كما تقدم فال جيوز قصدها<br />

للسياحة والنزهة.‏<br />

وكذا كل مكان يلحق السائح فيه ضرر على دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله فإنه ال<br />

جيوز قصده للسياحة؛ ألن الشريعة جاءت ‏َبحملافظة على الضرورات اخلمس وقطع كل ما <strong>يف</strong>وهتا<br />

أو يضر هبا.‏<br />

)2147(<br />

أن تكون املواقع واألماكن السياحية مراعية خلصوصية اجملتمع املسلم )2148(<br />

للنساء خالية مما خيدش احلياء أو يقدح <strong>يف</strong> املروءة.‏<br />

من حيث كوهنا ساترة<br />

أن يوفر <strong>يف</strong> األماكن السياحية مواضع للعبادة والذكر ‏)مساجد أو مصليات(‏ وتظهر فيها شعائر<br />

الدين وأتخذ مظهراً‏ إسالمياً‏ بعيداً‏ عن مشاهبة األماكن السياحية <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني مشاهبة<br />

تطمس اهلوية ومتيع الشخصية وتدعو لإلعجاب حبضارهتم وفنوهنم.‏<br />

منع غري املسلمني من <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جزيرة العرب ما مل يكن مث مصلحة مشروعة راجحة مع<br />

اإلشراف واملتابعة والدعوة إىل <strong>اإلسالم</strong> والتعر<strong>يف</strong> به لتعطيل املفاسد أو تقليلها،‏ وإلزامهم ‏َبحرتام<br />

املقدسات والشعائر الدينية وما يلزم محلهم عليه من الشروط العمرية ومنعهم من دخول املساجد<br />

للنزهة وتدنيسها بذلك ، دون وجود مصلحة راجحة كالدعوة.‏<br />

عدم املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم وشعائرهم الدينية ما مل يكن مث مصلحة راجحة كدعوهتم<br />

لإلسالم من القادر على ذلك.‏<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

-20<br />

)2147( ينظر:‏ الدعوة إىل هللا <strong>يف</strong> املواقع السياحية ، لألمحد،‏ ص‎106‎ وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

)2148(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق.‏


املطلب الثاني<br />

آداب <strong>السياحة</strong>


املطلب الثاين:‏ آداب <strong>السياحة</strong>:‏<br />

-1<br />

تقدم بيان معىن <strong>السياحة</strong>،‏ وأما اآلداب فجمع أدب وهو حسن التناول،‏ واألصل فيه الدعاء،‏ ومنه قيل<br />

للطعام الذي يصنع للضيوف ويدعون إليه مأدبة،‏ ومسي األدب الذي يتأدب به األديب من الناس أدَبً؛ ألنه<br />

يدعو الناس إىل احملامد وينهاهم عن املقابح.‏ )2149(<br />

واملراد آبداب <strong>السياحة</strong> حمساهنا اليت تزينها وجتملها وجتعلها من القرَبت إذا حسنت النيات.‏<br />

و<strong>السياحة</strong> سفر خمصوص كما تقدم،‏ وآداهبا مما تتكرر احلاجة إليه ويتأكد االهتمام به،‏ وهي على درجات<br />

فمنها:‏<br />

ما يكون قبل الشروع <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong> مثل:‏<br />

االستخارة:‏ 1-<br />

فعن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال:‏ كان رسول هللا يعلمنا االستخارة <strong>يف</strong> األمور كلها كما يعلمنا<br />

السورة من القرآن،‏ يقول:‏ ‏))إذا هم أحدكم ‏َبألمر فلريكع ركعتني من غري الفريضة،‏ مث ليقل:‏ اللهم إين<br />

أستخريك بعلمك،‏ وأستقدرك بقدرتك،‏ وأسألك من فضلك العظيم،‏ فإنك تقدر وال أقدر،‏ وتعلم وال أعلم،‏<br />

وأنت عالم الغيوب،‏ اللهم إن كنت تعلم أن هذا األمر خري يل <strong>يف</strong> ديين ومعاشي وعاقبة أمري-‏ أو قال:-‏<br />

عاجل أمري وآجله فاقدره يل ويسره يل مث ‏َبرك يل فيه.‏ وإن كنت تعلم أن هذا األمر شر يل <strong>يف</strong> ديين<br />

ومعاشي وعاقبة أمري.‏<br />

-<br />

أو قال:-‏ عاجل أمري وآجله فاصرفه عين،‏ واصرفين عنه،‏ واقدر يل اخلري حيث<br />

)2150(<br />

كان مث رضِّين به((.‏<br />

وعن سعد بن أيب وقاص رضي هللا عنه قال:‏ قال رسول هللا : ‏))من سعادة املرء استخارته ربه،‏ ورضاه مبا<br />

قدر له،‏ ومن شقاوة املرء تركه االستخارة ، وسخطه بعد القضاء((.‏ )2151(<br />

2- االستشارة:‏<br />

)2152(. <br />

<br />

قال هللا تعاىل:‏ <br />

فيشاور من يعلم من حاله النصيحة والشفقة واخلربة ويثق <strong>يف</strong> دينه وخلقه.‏<br />

-3<br />

التوبة من مجيع املعاصي ورد املظامل وأداء األماانت وقضاء الديون:‏<br />

)2149(<br />

)2150(<br />

)2151(<br />

)2152(<br />

ينظر:‏ لسان العرب )43/1(، بتصرف.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> أبواب التطوع ‏،َبب ما جاء <strong>يف</strong> التطوع مثىن مثىن،‏ ص)‏‎91‎‏(،‏ رقم )1126(.<br />

أخرجه أمحد )168/1(، والرتمذي بنحوه،‏ وقال حديث غريب،‏ واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )275/1(، وصححه احلاكم )518/1( ،<br />

ووافقه الذهيب.‏<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية<br />

. 159


الوفاء.‏<br />

-4<br />

وهذا مطلوب <strong>يف</strong> كل حال لكنه أدعى عند السفر؛ ألن السفر مظنة اهلالك ، ورمبا انقطع <strong>يف</strong> سفره فعجز عن<br />

التزود من العلم الذي حيتاج إليه <strong>يف</strong> السفر:‏<br />

حىت حيقق غرضه من سفره على الوجه األكمل،‏ فيتعلم اتريخ وعادات وثقافات أهل البالد لدعوهتم<br />

واالستفادة مما ينفعه لدينهم وللقدرة على التعامل معهم خالل سياحته.‏<br />

-5<br />

إعداد النفقة اليت حيتاجها <strong>يف</strong> سفره والزايدة عليها مبا يدفع النكبات ويعني على احلاجات<br />

والصدقات.‏<br />

2- ومن اآلداب ما يكون عند الشروع <strong>يف</strong> سفر <strong>السياحة</strong>،‏ مثل:‏<br />

-1<br />

توديع األهل واألصدقاء واجلريان ليظفر بربكة دعائهم له وليحفظوا وده ويرعوا أهله وبيته:‏<br />

فعن أيب هريرة رضي هللا عنه قال:‏ ودعين رسول هللا فقال:‏ ‏))أستودعك هللا الذي ال تضيع<br />

ودائعه((.‏ )2153(<br />

-2<br />

والسنة أن يقول له الذي يودعه ما جاء عن أيب هريرة رضي هللا عنه أن النيب كان إذا ودع أحداً‏ قال:‏<br />

)2154(<br />

‏))أستودع هللا دينك وأمانتك وخواتيم عملك((.‏<br />

واألمانة هنا أهله ومن خيلفه،‏ وماله الذي عند أمينه.‏ وذكر الدين؛ ألن السفر مظنة املشقة فرمبا كان سبباً‏<br />

إلمهال بعض أمور الدين.‏<br />

طلب الوصية والدعاء:‏<br />

فعن أنس رضي هللا عنه قال:‏ جاء رجل إىل النيب فقال:‏ اي رسول هللا إين أريد سفراً‏ فزودين،‏ فقال:‏<br />

‏))زودك هللا التقوى((،‏ قال:‏ زدين،‏ قال:‏ ‏))وغفر ذنبك((،‏ قال:‏ زدين أبيب أنت وأمي،‏ قال:‏ ‏))ويسر لك<br />

اخلري حيثما كنت((.‏ )2155(<br />

وعن أيب هريرة رضي هللا عنه أن رجالً‏ قال:‏ اي رسول هللا،‏ إين أريد أن أسافر فأوصين،‏ قال:‏ ‏))عليك بتقوى<br />

هللا تعاىل،‏ والتكبري على كل شرف((،‏ فلما وىل الرجل قال:‏ ‏))اللهم اطو له البعيد،‏ وهون عليه<br />

السفر((.‏ )2156(<br />

)2153(<br />

)2154(<br />

أخرجه ابن ماجه،‏ كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب تشييع الغزاة ووداعهم ، ص)‏‎2647‎‏(،رقم )2825(، وصححه األلباين <strong>يف</strong> صحيح سن ابن<br />

ماجه )2278( ، وأخرجه البيهقي <strong>يف</strong> ‏َبب ما يقول عند الوداع )130/6(.<br />

)2155(<br />

أخرجه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )136/2( ، وابن خزمية،‏ ‏َبب توديع املسلم أخاه )137/4(، وابن حبان ‏،َبب ذكر ما يقول املرء ألخيه<br />

عند الوداع،‏ وصححه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة،‏ ص )16(، و ينظر:‏ حاشية الصاوي )487/1( ، واجملموع،‏ للنووي )186/4(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص (<br />

.) 84


كما يستحب أن يوصي املقيم املسافر ‏َبلدعاء له وأن أيخذ بيده فال يدعها حىت يدعها هو لفعله حيث<br />

كان يشيع أصحابه ‏َبملشي معهم والدعاء هلم.‏ )2157(<br />

3- الدعاء:‏ وذلك <strong>يف</strong> مواطن:‏<br />

أوهلا:‏ عند اخلروج من البيت:‏<br />

فعن أم سلمة رضي هللا عنها قالت:‏ ما خرج رسول هللا من بييت قط إال رفع طرفه إىل السماء،‏ فقال:‏<br />

‏))اللهم إين أعوذ بك أن أضل أو أضل،‏ أو أزل أو أزل،‏ أو أظلم أو أظلم،‏ أو أجهل أو جيهل علي((.‏ )2158(<br />

واملوطن الثاين:‏ دعاء ركوب الدابة:‏<br />

فإذا وضع رجله <strong>يف</strong> الركاب ‏)أو موضع القدم(‏ قال:‏ بسم هللا،‏ مث إذا استوى على املركوب قال:‏ احلمد هلل<br />

سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون،‏ وهللا أكرب ثالث مرات،‏ مث يقول:‏<br />

سبحانك إين ظلمت نفسي فاغفريل إنه ال يغفر الذنوب إال أنت؛ لفعله <br />

واملوطن الثالث:‏ دعاء السفر:‏<br />

وأصحابه.‏ )2159(<br />

فقد كان رسول هللا إذا استوى على بعريه خارجاً‏ إىل سفر كرب ثالاثً،‏ مث قال:‏ ‏))سبحان الذي سخر لنا<br />

هذا وما كنا له مقرنني وإان إىل ربنا ملنقلبون،‏ اللهم إان نسألك <strong>يف</strong> سفران هذا الرب والتقوى ومن العمل ما<br />

ترضى،‏ اللهم هون علينا سفران هذا،‏ واطو عنا بعده،‏ اللهم أنت الصاحب <strong>يف</strong> السفر واخلل<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> األهل،اللهم<br />

إين أعوذ بك من وعثاء السفر،‏ وكآبة املنظر وسوء املنقلب <strong>يف</strong> املال واألهل((.‏ وإذا رجع قاهلن،‏ وزاد فيهن:‏<br />

)2160(<br />

‏))آيبون اتئبون عابدون لربنا حامدون((.‏<br />

4- اختيار الرفقة الصاحلة،‏ وعدم الوحدة <strong>يف</strong> السفر:‏<br />

)2156(<br />

)2157(<br />

)2158(<br />

أخرجه الرتمذي <strong>يف</strong> املوضع السابق،‏ وقال:‏ حسن غريب.‏ وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )331/2(، وابن خزمية )138/4(، والدارمي<br />

)372/2(، والطرباين <strong>يف</strong> األوسط )305/1(.<br />

فعن ابن عباس رضي هللا عنهما قال:‏ مشى معهم إىل بقيع الغرقد حني وجههم مث قال:‏ ‏)انطلقوا على اسم هللا اللهم أعنهم(‏<br />

رواه أمحد <strong>يف</strong> مسنده )266/1(، والبخاري <strong>يف</strong> صحيحه عمم <strong>يف</strong> التبويب فقال:‏ ‏َبب التوديع وهذا يشمل املسافر للمقيم والعكس وأورد<br />

حديثاً‏ جاء فيه ‏)مث أتينا نودعه حني أردان اخلروج(‏ قال ابن حجر:‏ ‏"قول البخاري ‏َبب التوديع عند السفر أي أعم من أن يكون من<br />

املسافر للمقيم وعكسه،‏ وحديث الباب ظاهر لألول ويؤخذ الثاين منه بطريق األوىل وهو األكثر <strong>يف</strong> الوقوع"،‏ فتح الباري )134/6(.<br />

أخرجه أبو داود ، ‏َبب ما جاء فيمن دخل بيته،‏ رقم )5094(، ص )1596(، وابن ماجه ، ‏َبب ما يدعو به الرجل إذا خرج من<br />

بيته،‏ من كتاب الدعاء،‏<br />

رقم )3884(، ص )2709(.<br />

)2159(<br />

)2160(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب ما يقول الرجل إذا سافر،‏ رقم )2598(، ص )1415( ، والرتمذي <strong>يف</strong> ‏َبب ما يقول إذا<br />

ركب الناقة،‏ رقم )3446( ، ص )2006(، والبيهقي )251/5(، والدارمي )501/5(.<br />

تقدم ترجيه،‏ ص )586(.


فقد قال رسول هللا : ‏))لو يعلم الناس ما <strong>يف</strong> الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده((.‏ )2161(<br />

وقال <br />

: ‏))الراكب شيطان،‏ والراكبان شيطاانن،‏ والثالثة ركب((.‏ )2162(<br />

قال الباجي:‏ ‏"يريد حكمه حكم الشيطان وفعله فعل الشيطان <strong>يف</strong> انفراده عن اإلنس وتركه األُنس هبم وبعده<br />

)2163(<br />

عن االرتفاق مبجاورهتم ومرافقتهم وتركه اجلماعة املأمور هبا ".<br />

وقال الطربي:‏ ‏"هذا الزجر زجر أدب وإرشاد ملا خيُ‏ شى على الواحد من الوحشة والوحدة،‏ وليس حبرام،‏ فالسائر<br />

وحده <strong>يف</strong> فالة وكذا البائت <strong>يف</strong> بيت وحده ال أيمن من االستيحاش،‏ السيما إذا كان ذا فكرة رديئة وقلب ضع<strong>يف</strong>،‏<br />

واحلق أن الناس يتباينون <strong>يف</strong> ذلك".‏ )2164(<br />

فالظاهر أن احلكم خيتلف حبسب نوع األسفار والظروف واألزمان والوسائل الناقلة واألشخاص لكن يبقى<br />

احلكم العام على عمومه،‏ فاخلري والسالمة <strong>يف</strong> اجلماعة والشر واهلالك <strong>يف</strong> الشذوذ واالنفراد.‏<br />

وإن كان جائزاً‏ فقد بوب البخاري ‏)هل يبعث الطليعة وحده(‏ وذكر فيه حديث جابر أنه ندب الناس يوم<br />

اخلندق فانتدب الزبري مث ندهبم فانتدب الزبري ... احلديث.‏ فيه داللة على جواز السفر لوحده وأن النهي عنه<br />

إمنا هو من حيث ال تدعو احلاجة إليه لكن إيراد البخاري للعنوان بصيغة االستفهام مينع اجلزم هبذا ويؤكد تكرار<br />

ندبه <br />

)2165(<br />

غريه.‏<br />

-5<br />

بعدما ندب الزبري مما يشعر ‏َبحلاجة إىل أكثر من واحد ما مل يتعسر ذلك كما حصل للزبري وفعله مع<br />

فيختار الرفيق الذي يعينه <strong>يف</strong> دينه ودنياه فالرفيق قبل الطريق؛ ألنه يذكره إذا غفل وينبهه إذا جهل وينصحه<br />

إذا أخطأ ويؤنسه إذا استوحش.‏<br />

اختيار أمري على الرفقة:‏<br />

أحدهم وينبغي أن يكون أحسنهم خلقاً‏ وأحلمهم وأرفقهم وأجودهم.‏<br />

فمن السنة أتمري املسافرين )2166(<br />

)2161(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong>كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب السري وحده،‏ رقم )2997(، ص )241(.<br />

)2162( أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> الرجل يسافر وحده،‏ رقم )2607(، ص )1416(، والرتمذي ، ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية أن يسافر<br />

الرجل وحده،‏ رقم )1674( ، ص )1823(، من كتاب اجلهاد،‏ وأمحد <strong>يف</strong> مسنده )186/2(.<br />

)2163(<br />

)2164(<br />

)2165(<br />

)2166(<br />

املنتقى،‏ للباجيب )303/7(، وتقدمت ترمجته ص<br />

. 153<br />

<strong>يف</strong> فتح الباري،‏ البن حجر )64-63/6(، وتقدمت ترمجة الطربي ص<br />

. 21<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ وآداب السفر،‏ للحريري <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد‎46‎‏،‏ ص )165(.<br />

وأوجب املاوردي الشافعي ذلك وقال:‏ إن األمر فيه على سبيل الوجوب وعامة أهل العلم على الندب وهو الصحيح؛ حلديث أيب<br />

سعيد وأيب هريرة .


وعليه فعل النيب <br />

فعن أيب هريرة رضي هللا عنه قال:‏ قال رسول هللا : ‏))إذا خرج ثالثة فليؤمروا أحدهم((.‏ )2167(<br />

وأصحابه،‏ وينبغي أن يشاورهم ويراعي ظروفهم وينظر <strong>يف</strong> مصلحتهم ليكون أمرهم منتظماً‏ فإن اآلراء تتلف <strong>يف</strong> تعيني<br />

املنازل والطرق ومصاحل السفر وغري ذلك.‏<br />

-6<br />

استحباب السفر يوم اخلميس <strong>يف</strong> أول النهار:‏<br />

)2168(<br />

فقلما كان رسول هللا خيرج إذا خرج <strong>يف</strong> سفر إال يوم اخلميس.‏<br />

وقال <br />

: ‏))اللهم ‏َبرك ألميت <strong>يف</strong> بكورها((‏ )2169( ؛ وألن أول النهار وقت النشاط واحليوية وقد عنون أبو داود <strong>يف</strong><br />

سننه:‏ ‏)َبب <strong>يف</strong> أي يوم يستحب السفر(‏ وأورد حديث كعب السابق.‏ )2170(<br />

-3<br />

-1<br />

ومن اآلداب ما يكون أثناء سفر <strong>السياحة</strong>،‏ مثل:‏<br />

تفقد األمري للرفقة:‏<br />

لقوله : ‏))كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته((.‏ )2171(<br />

وعن جابر رضي هللا عنهما قال:‏ كان رسول هللا يتخلف <strong>يف</strong> املسري فيزجي الضع<strong>يف</strong>،‏ ويردف ويدعو<br />

هلم.‏ )2172(<br />

-2<br />

فينبغي لألمري أن يراقب صحبه ويالحظهم فيعني احملتاج ويصلح شأهنم.‏<br />

اخلدمة <strong>يف</strong> السفر وإعانة الرفقة على مشقة الطريق واإلحسان إليهم:‏<br />

فالبد <strong>يف</strong> السفر من طيب الكالم وإطعام الطعام وإظهار مكارم األخالق وحماسن األفعال،‏ فقد قال :<br />

وقال:‏ ‏))وهللا <strong>يف</strong> عون العبد ما كان العبد <strong>يف</strong> عون أخيه((.‏ )2174(<br />

‏))كل معروف صدقة((.‏ )2173(<br />

وقال :<br />

‏))كل سُالمى عليه صدقة كل يوم:‏ يعني الرجل <strong>يف</strong> دابته حيمله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة((.‏ )2175(<br />

)2167(<br />

)2168(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> القوم يسافرون يؤمرون أحدهم،‏ رقم )2608(، ص )1416( ، وابن خزمية <strong>يف</strong><br />

صحيحه )141/4(، رقم )2541( ، ‏َبب استحباب أتمري املسافرين أحدهم.‏<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب من أراد غزوة فورى بغريها ... إخل ، عن كعب بن مالك رضي هللا عنه ‏،رقم )2949(،<br />

ص )237(.<br />

)2169(<br />

أخرجه أبو داود <strong>يف</strong> ‏َبب االبتكار <strong>يف</strong> السفر،‏ رقم )2606( ، ص )1416(، وابن ماجه <strong>يف</strong> ‏َبب ما يرجى من الربكة <strong>يف</strong> البكور،‏<br />

رقم )2236(، ص )2610(، والبيهقي )151/9(.<br />

)2170(<br />

)2171(<br />

ونص على استحباب السفر يوم اخلميس النووي وابن القيم وغريمها،‏ وزاد النووي يوم االثنني إذا فاته اخلميس؛ ألنه هاجر يوم<br />

االثنني من مكة.‏ وميكن االستئناس <strong>يف</strong> ذلك مبا ورد أن األعمال تعرض يوم االثنني واخلميس على هللا تعاىل،‏ وقد كانت أسفارهم كلها<br />

طاعات فيحبون أن تعرض أعماهلم وهم <strong>يف</strong> طاعة،‏ ينظر:‏ زاد املعاد البن القيم )445/1(، وفتح الباري،‏ البن حجر )132/6(،<br />

واجملموع،‏ للنووي )188/4(.<br />

تقدم ترجيه <strong>يف</strong> ص )377(.<br />

)2172( رواه أبو داود <strong>يف</strong> ‏َبب <strong>يف</strong> لزوم الساقة،‏ رقم )2639(، ص )1418(.<br />

وقوله:‏ ‏)يزجي(‏ أي يسوقه ليلحقه ‏َبلرفاق،‏ ينظر:‏ النهاية <strong>يف</strong> غريب احلديث )297/2(.


كما أن على كل واحد من الرفقة أن يظهر حسن اخللق ويصرب ويتحمل ويصون لسانه وجوارحه عن أذى<br />

أصحابه.‏<br />

-3<br />

ترك السري <strong>يف</strong> أول الليل وأن يكون <strong>يف</strong> آخر جزء منه.‏ )2176(<br />

فعن جابر رضي هللا عنهما قال:‏ قال رسول هللا : ‏))أقلوا اخلروج إذا هدأت الرجل،‏ إن هللا يبيت <strong>يف</strong> ليله<br />

من خلقه ما شاء((‏ )2177( ، ويقول : ‏))عليكم ‏َبلدجلة فإن األرض تطوى ‏َبلليل((‏ )2178( ، فيقطع فيه ما ال<br />

يقطعه هناراً؛ وألن هذا اجلزء من الليل يُسَلِّمك إىل النهار فتغنم بركة الليل وتصل النهار،‏ وقال : ‏))ال<br />

ترسلوا فواشيكم<br />

وصبيانكم إذا غابت الشمس حىت تذهب فحمة العشاء،‏ فإن الشياطني تعبث إذا غابت<br />

الشمس حىت تذهب فحمة العشاء((‏ )2179( .<br />

فأخذ بعض أهل العلم منه كراهية السري <strong>يف</strong> أول الليل وعارض النووي ذلك أبن احلديث ليس فيه ما يقتضي<br />

إطالق الكراهة <strong>يف</strong> حق املسافر واختار عدم الكراهة مع أنه صرح بندب البكور والسرى.‏ )2180(<br />

والصحيح الكراهة<br />

ملا تقدم؛ وألن القول بندب البكور والسرى يقتضي كراهة ضده أو أنه خالف األوىل وال<br />

يستلزم عدم اجلواز،‏ فقد شرع <strong>يف</strong> سفر احلج عقب الظهر.‏ )2181(<br />

)2173(<br />

)2174(<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب األدب،‏ ‏َبب كل معروف صدقة،‏ رقم )6021(، ص )509(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب الذكر،‏ ‏َبب فضل االجتماع على تالوة القرآن،‏ رقم )2699(، ص )1147(.<br />

)2175( أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد والسري،‏ ‏َبب فضل من محل متاع صاحبه <strong>يف</strong> السفر،‏ رقم )2891(، ص )232(.<br />

وقال ابن حجر:‏ ‏"ذكر البخاري هذا احلديث ظاهر فيما ترجم له؛ ألنه يتناول حالة السفر من هذا اإلطالق بطريق<br />

األوىل"‏ فتح الباري )100/6(، ويؤيد ذلك عموم األدلة كقوله سبحانه:‏ <br />

وتعاونوا على الرب والتقوى ، وقوله :<br />

‏))وهللا <strong>يف</strong> عون العبد ما دام العبد <strong>يف</strong> عون أخيه (( وحنو ذلك ، وتتأكد هذه احلقوق كلما اشتدت احلاجة وضاق املخرج كوقوع حادث <strong>يف</strong><br />

الطريق أو توقف سيارة عن املسري.‏ ينظر:‏ آداب السفر،‏ للحريري،‏ <strong>يف</strong> جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد<br />

،46 ص .)176(<br />

)2176(<br />

وقال شيخنا عبد هللا اجلربين<br />

- حفظه هللا –<br />

)2177(<br />

)2178(<br />

)2179(<br />

)2180(<br />

: ‏"لكننا نرى أن األوىل <strong>يف</strong> زماننا هو السري <strong>يف</strong> النهار فهو أفضل وذلك لألمن من<br />

األخطار والتقليل من احلوادث وللسري على بصرية ووضوح <strong>يف</strong> الطريق فينتبه املسافر إىل ما قد يعرض أمامه من إبل أو سيارات متعطلة أو<br />

حنو ذلك،‏ واملالحظ أن السري ‏َبلليل <strong>يف</strong> هذه األزمنة خيتلف عن زماهنم فهم كانوا حيبون السري ‏َبلليل من أجل هدوء الناس؛ وألهنم<br />

يقطعون أيضاً‏ مفازة صحراء طويلة ليس فيها سكان ف<strong>يف</strong>رحون يقطعها بسرعة دون أشغال أو توقف أو حرارة ‏َشس أو حنو ذلك"‏ املفيد،‏<br />

ص)‏‎102‎‏(.‏<br />

أخرجه ابن خزمية ،<br />

وصححه األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )1518(.<br />

‏َبب كراهية سري أول الليل )148/4(، رقم )2559(، واملنذري <strong>يف</strong> الرتغيب )41/4(، رقم )4723(،<br />

أخرجه أبو داود،‏ <strong>يف</strong> كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب <strong>يف</strong> الدجلة،‏ رقم )2571(، ص )1413(.<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> كتاب األشربة،‏ ‏َبب األمر بتغطية اإلانء ... إخل،‏ رقم )2013(، ص )1038(.<br />

والفواشي مجع فاشية وهي املاشية اليت تنتشر كاإلبل والبقر ، وفحمة العشاء إقباله وأول سواده،‏ وهو أشد الليل سواداً.‏<br />

ينظر:‏ شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )75/13(، والنهاية <strong>يف</strong> غريب األثر )449/3(.<br />

واستدل حبديث صخر الغامدي وكان اتجراً‏ فكان يبعث جتارته أول النهار فأثرى وكثر ماله.‏ ينظر:‏ اجملموع )188/4(.


-4<br />

وال ريب أن األخذ ‏َبلبكور من أسباب السالمة <strong>يف</strong> عصران احلاضر حيث كثرت احلوادث <strong>يف</strong> السري وغالبها<br />

يرجع إىل اإلرهاق والتعب واختيار الوقت السي املتعب للسائق.‏ )2182(<br />

التوقف عن املشي عند اإلعياء:‏<br />

فعلى املسافر أن يتوقف عن السري عند اإلعياء واشتداد احلر الستعادة نشاطه وحيويته وحفظ حياته من<br />

خماطر الطريق وحوادث السري الشنيعة فاملنبت ال أرضاً‏ قطع و ال ظهراً‏ أبقى،‏ واملخاطر <strong>يف</strong> ذلك ملق بنفسه<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

إىل التهلكة،‏ وإذا ضل املسافر طريقه فينبغي أن يقول:‏ <br />

-5<br />

)2183( ، فقد قاله موسى عليه السالم ملا خرج من مصر يريد مدين فهداه هللا للطريق.‏<br />

اختيار املكان املناسب للنزول والتعريس:‏<br />

والتعريس : هوالنزول <strong>يف</strong> أواخر الليل للنوم والراحة.‏ )2184(<br />

فيكره النزول <strong>يف</strong> قارعة الطريق،‏ لقوله : ‏))إذا عرَّستم فاجتنبوا الطريق فإهنا طرق الدواب،‏ ومأوى اهلوام<br />

‏َبلليل((.‏ )2185(<br />

-6<br />

فينبغي اجتناب ذلك وكل مواطن السباع واهلوام.‏<br />

ويكره تفرق الرفقة عند النزول لغري حاجة،‏ ويستحب اجتماعهم؛ حلديث أيب ثعلبة اخلشين رضي هللا عنه<br />

قال:‏ كان الناس إذا نزلوا منزالً‏ تفرقوا <strong>يف</strong> الشعاب واألودية،‏ فقال رسول هللا : ‏))إن تفرقكم <strong>يف</strong> هذه<br />

الشعاب واألودية إمنا ذلكم من الشيطان((‏ )2186( ، فلم ينزلوا بعد ذلك منزالً‏ إال انضم بعضهم إىل بعض.‏<br />

عدم اصطحاب الكالب واألجراس،‏ أو محل آالت اللهو والطرب وغريها مما يسخط هللا تعاىل:‏<br />

)2181(<br />

)2182(<br />

)2183(<br />

)2184(<br />

وبوب البخاري ‏)اخلروج بعد الظهر(‏ وأورد حديث أنس <strong>يف</strong> صالته ‏َبملدينة الظهر أربعاً‏ والعصر بذي احلل<strong>يف</strong>ة ركعتني،‏ قال ابن<br />

حجر:‏ ‏"وكأن البخاري أورد هذا احلديث إشارة إىل أن قوله ‏)بورك ألميت <strong>يف</strong> بكورها(‏ ال مينع جواز التصرف <strong>يف</strong> غري وقت البكور وإمنا<br />

خص البكور ‏َبلربكة لكونه وقت نشاط"‏ فتح الباري )133/6(.<br />

ينظر:‏ آداب السفر،‏ للحريري،‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد 46، ص ‏)‏‎158‎‏(،بتصرف.‏<br />

سورة القصص،‏ اآلية<br />

. 22<br />

وقيل:‏ هو النزول <strong>يف</strong> أي وقت كان من ليل أو هنار،‏ قال النووي:‏ املراد ‏َبحلديث هو املعىن األول،‏ وتؤيده الروايتني فاألوىل ‏)عرستم<br />

‏َبلليل(‏ والثانية ‏)مأوى اهلوام ‏َبلليل(‏ وال شك أنه مكمن اخلطر لظالمه أما النهار فهو اآلية املبصرة فيستطيع اإلنسان أن يبصر ما حييق<br />

به من األخطار قبل وقوعها فيدفعها.‏<br />

ينظر:‏ شرح صحيح مسلم للنووي )74/13(، واملصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

وقال الشيخ اجلربين <strong>يف</strong> املفيد،‏ ص 127: ‏"لكن السيارات غالباً‏ ال تكون خفية وتكون قريبة من صاحبها النائم والسيارات ليست<br />

كالرواحل فإهنم سابقاً‏ كانوا يسافرون على الرواحل فإذا نزلوا للنوم أطلقوا رواحلهم أو ربطوها بعيداً‏ عنهم وال يشعر املارون هبذا النائم وال<br />

يرونه وقد يتعثرون به،‏ أما السيارات فالغالب أن صاحبها ينام جبانبها أو بداخلها ففي هذه احلاالت تقل األسباب وتزول العلل اليت هنُي<br />

عن النوم والتعريس جبانب الطريق ألجلها".‏<br />

)2185( أخرجه مسلم،‏ كتاب اإلمارة،‏ ‏َبب مراعاة مصلحة الدواب <strong>يف</strong> السري ... إخل،‏ رقم )1926(، ص )102(.<br />

)2186(<br />

رواه أبو داود ، كتاب اجلهاد،‏ ‏َبب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته،‏ رقم )2628(، ص )1417(، وابن حبان <strong>يف</strong> ‏َبب<br />

املسافر،‏ )408/6(، والبيهقي )152/9(.


فعن أيب هريرة رضي هللا عنه أن رسول هللا قال:‏ ‏))ال تصحب املالئكة رفقة فيها كلب وال<br />

جرس((‏ )2187( ، ففي هذا ابتعاد ملالئكة الرمحان عنه واستحواذ للشيطان عليه وإنقاص لألجر.‏<br />

)2187(<br />

رواه مسلم ، ‏َبب كراهة الكلب واجلرس <strong>يف</strong> السفر،‏ رقم )2113(، ص )1056(، وقال النووي <strong>يف</strong> شرحه )340/14(: ‏"فيه<br />

كراهة اصطحاب الكلب واجلرس <strong>يف</strong> األسفار وأن املالئكة ال تصحب رفقة فيها أحدمها واملراد ‏َبملالئكة مالئكة الرمحة واالستغفار ال<br />

احلفظة"ا.ه


-7<br />

فعن رسول هللا<br />

ذكر دعاء النزول:‏<br />

<br />

قال : ‏))من نزل منزالً‏ مث قال:‏<br />

شيء حىت يرحتل من منزله ذلك((.‏ )2188(<br />

أعوذ بكلمات هللا التامات من شر ما خلق،‏ مل يضره<br />

إذا أراد املسافر دخول بلد <strong>يف</strong> أثناء السفر،‏ فيقول حني يراها كما قال : ‏))اللهم رب<br />

السموات السبع وما أظللن،‏ ورب األرضني وما أقللن،‏ ورب الشياطني وما أضللن،‏ ورب الرايح<br />

وما ذرين،‏ فإان نسألك خري هذه القرية وخري أهلها،‏ ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها<br />

وشر ما فيها((.‏ )2189(<br />

-8<br />

-9<br />

التكبري واالستغفار إذا صعد نشزاً‏ أو هبط وادايً:‏<br />

فعن ابن عمر رضي هللا عنهما قال:‏ كان النيب وجيوشه إذا علوا الثنااي كربوا،‏ وإذا هبطوا سبحوا.‏ )2190(<br />

واحلكمة <strong>يف</strong> ذلك تنزيه هللا عند التسبيح عن صفات االخنفاض،‏ كما انسب تكبريه عند االرتفاع.‏<br />

-10<br />

اإلكثار من الدعاء:‏<br />

لتحصيل خريي الدنيا واآلخرة فإن السفر من مواطن إجابة الدعاء كما <strong>يف</strong> احلديث عنه قال:‏ ‏))ثالث<br />

دعوات مستجاَبت ال شك فيهن:‏ دعوة املظلوم،‏ ودعوة املسافر،‏ ودعوة الوالد على ولده((.‏ )2191(<br />

-11<br />

عدم السرعة <strong>يف</strong> السري وصيانة املركبة:‏<br />

فقد كان النيب <strong>يف</strong> حجة الوداع حني دفع إىل املزدلفة يسري العنق فإذا وجد فجوة نصَّ،‏ والعنق هو ما بني<br />

اإلبطاء واإلسراع،‏ وقيل سري سهل <strong>يف</strong> سرعة،‏ مسي بذلك ألن املشي به حيرك عُنُق الراحلة والنصُّ‏ أسرع منه.‏<br />

وملا تعجل أصحابه <strong>يف</strong> السري ملزدلفة أشار بسوطه إليهم ‏َبلتمهل وقال:‏ ‏))أيها الناس عليكم ‏َبلسكينة فإن<br />

)2192(<br />

الرب ليس ‏َبإليضاح((،‏ أي اإلسراع.‏<br />

وقدمياً‏ قيل:‏ <strong>يف</strong> التأين السالمة و<strong>يف</strong> العجلة الندامة.‏<br />

وإمنا حث على اإلسراع دون إجهاد أو إفراط <strong>يف</strong> مواطن اجلدب والقحط من أجل الدواب وإذا وصل<br />

ملشارف املدينة ورأى معاملها وإذا كان له بذلك حاجة.‏ )2193(<br />

)2188(<br />

)2189(<br />

أخرجه مسلم ، ‏َبب <strong>يف</strong> التعوذ من سوء القضاء .. رقم )2708(، ص )1148(.<br />

أخرجه ابن خزمية ، ‏َبب الدعاء عند رؤية القرى )150/4(، رقم )2556(، وابن حبان <strong>يف</strong> ذكر ما يقوله املسافر إذا رأى قريته يريد<br />

دخوهلا ، ،)2425/6( رقم .)2709(<br />

)2190(<br />

)2191(<br />

)2192(<br />

رواه أبو داود،‏ ‏َبب ما يقول الرجل إذا سافر،‏ رقم )2599( ، ص )1415(.<br />

رواه أبو داود <strong>يف</strong> ‏َبب الدعاء بظهر الغيب ، رقم )1536(، ص 1336(، والرتمذي <strong>يف</strong> ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> دعوة الوالدين ، رقم<br />

)1905( ، ص ‏)‏‎1844‎‏(،وابن ماجه <strong>يف</strong> ‏َبب دعوة الوالد ودعوة املظلوم ، رقم )3862(، ص )2707(.<br />

أخرجه البخاري ، كتاب احلج،‏ ‏َبب السري إذا دفع من عرفة،‏ رقم )166(، ص )131(، وَبب أمر النيب ‏َبلسكينة عند<br />

اإلفاضة،‏ رقم )1671(، ص )131(، و ينظر:‏ فتح الباري،‏ البن حجر )605/3(.


لكن األمر <strong>يف</strong> هذا العصر جتاوز احلدود فصار اإلسراع <strong>يف</strong> السري مسة غالبة على املسافرين <strong>يف</strong> الطرقات ومعظم<br />

احلوادث واآلفات انجتة عنه وهو تعد موجب للضمان عند اإلتالف.‏<br />

وقد جاءت الشريعة بعدم<br />

حتميل الدواب فوق طاقتها وإراحتها ومراعاة مصاحلها رفقاً‏ هبا ومحاية لراكبها وغريه<br />

وذلك دليل على وجوب مراعاة قواعد السري وأنظمة املرور املعاصرة؛ ألن الرفق ‏َبإلنسان أوىل وملا <strong>يف</strong> ذلك<br />

من املصاحل العامة،‏ ودفع املفاسد واألضرار.‏<br />

فعلى املسافر أن يقوم بصيانة مركبته وتفقد أجزائها وضمان سالمتها وإصالح خللها وأتمني حاجاهتا قبل<br />

وأثناء الشروع <strong>يف</strong> سفره.‏<br />

<br />

وعليه أال حيمل عليها من الركاب أو املتاع ما فيه ضرر على الطريق وسالكيه لزايدة احلمولة.‏ )2194(<br />

وخمالفة ذلك تفريط أو تعد يوجب الضمان واإلمث ملعصية ويل األمر فيما أمر بطاعته املنان.‏<br />

وهناك آداب ينبغي مراعاهتا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> املعاصرة ذاهتا،‏ ومنها:‏<br />

-1<br />

احملافظة على نظافة األماكن السياحية ووضع النفاايت <strong>يف</strong> أماكنها.‏<br />

وقد وضع الدين <strong>اإلسالم</strong>ي قواعد وتشريعات حمكمة لرعاية البيئة ومحايتها من التلويث واإلفساد،‏ فقال سبحانه:‏<br />

)2195(<br />

<br />

َ<br />

<br />

<br />

وجعل البيئة وما تتضمنه من مقومات سياحية مُس ‏َّخرة للسائح ومتالئمة مع حتقيق متعه <strong>يف</strong> اجملال السياحي<br />

وغريه من جماالت احلياة،‏ قال تعاىل:‏ <br />

<br />

)2196(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهذ التسخري نعمة تستوجب الشكر بصيانة البيئة وحتسينها وتنميتها وعدم اإلضرار هبا أبي شكل سواء<br />

)2197(<br />

‏َبلتلويث أو التشويه أو غريه.‏<br />

اختيار األماكن الساترة للنساء دون إفراط أو تفريط واحملافظة على جو احلياء واحلشمة.‏<br />

عدم إيذاء املنتزهني والسياح بقول أو فعل أو سلوك من السائح أو من حتت يده من الصغار<br />

والكبار.‏<br />

-2<br />

-3<br />

كما <strong>يف</strong> صحيح البخاري ، كتاب العمرة،‏ ‏َبب )20(، وكتاب )54(، ‏َبب )136( وغريها.‏<br />

ينظر:‏ آداب السفر،‏ للحريري،‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد 46، ص ‏)‏‎172‎‏(،بتصرف.‏<br />

سورة األعراف،‏ اآلية<br />

سورة اجلاثية،‏ اآلية<br />

. 56<br />

. 12<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

وما بعدها.‏ 491<br />

)2193(<br />

)2194(<br />

)2195(<br />

)2196(<br />

)2197(


-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

اإلحسان إىل الناس من العمال والسياح واخلدم وغريهم ‏َبلكالم احلسن واخللق اجلميل والدعوة<br />

إىل هللا والنصح وإهداء الكتيبات واألشرطة النافعة وعدم تكل<strong>يف</strong>هم ما يشق عليهم وإعطاء كل<br />

ذي حق حقه.‏<br />

اجتناب مواطن الشبهات وطرقها ومسالكها ‏َبلبعد عنها وعدم ارتيادها دون حاجة والظهور<br />

أمام الناس ‏َبملظهر الالئق.‏<br />

اجتناب مواطن املنكرات من دور اللهو وغريها إال إذا قدر على اإلنكار فيها.‏<br />

البعد عن االختالط والتربج وعدم خروج املرأة للنزهة دون حمرم.‏<br />

استثمار املواقف واألحداث واألماكن والشواهد اليت مير هبا اإلنسان والتعليق عليها سلباً‏ أو<br />

إجياَبً‏ واستنباط الفوائد الرتبوية منها وفحص احلاالت االجتماعية <strong>يف</strong> البلدان السياحية وتقييمها<br />

للنظر <strong>يف</strong> أسباب ونتائج حدوثها أو سوئها.‏<br />

التنويع والتغيري <strong>يف</strong> الربانمج السياحي مبا حيقق للسائح أكرب قدر من الفائدة املباحة <strong>يف</strong> املعرفة<br />

والثقافة والرتفيه والرتويح.‏<br />

مراعاة السائح للفروق الفردية بني الكبار والصغار والرجال والنساء من أهله ورعيته <strong>يف</strong> براجمه<br />

السياحية وحتقيق رغباهتم ومصاحلهم املرجوة.‏<br />

التأدب آبداب <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> األكل والشرب والنوم وقضاء احلاجة وسائر األمور واألحوال.‏<br />

البعد عن اإلسراف <strong>يف</strong> النفقات والعدل بني األوالد فيها.‏<br />

التأذي واإلنكار قدر االستطاعة عند رؤية املنكرات والبعد عنها.‏<br />

احلذر من اإلزدواجية الرديئة <strong>يف</strong> الشخصية،‏ فال يكون صاحلاً‏ <strong>يف</strong> زمان ومكان منحرفاً‏ غافالً‏ <strong>يف</strong><br />

آخر.‏<br />

عدم االخنداع واالنسياق وراء املظاهر اخلداعة واملادايت <strong>يف</strong> حياة الغافلني.‏<br />

ترك ما يلهي عن الواجبات ويضيع األوقات واألموال والطاقات.‏<br />

تؤيدها قواعد الشريعة ومقاصدها ونصوصها العامة واخلاصة لتحقيق املصاحل،‏ وهي من<br />

وهذه اآلداب وغريها كثري )2198(<br />

مجلة األخالق <strong>اإلسالم</strong>ية واليت تتكاثر نصوص الوحيني <strong>يف</strong> بياهنا واحلض عليها.‏<br />

)2198(<br />

ينظر:‏ لالستزادة فيما تقدم وما سيأيت من اآلداب للسفر و<strong>السياحة</strong>:‏ إحياء علوم الدين للغزايل )152/2(، واآلداب الشرعية،البن<br />

مفلح )478/1(، ومن آداب السفر وأحكامه،‏ عبد هللا العتييب،‏ والصبح السافر فيما حيتاج إليه املسافر،‏ صالح الشر<strong>يف</strong>،‏ ص )27(،<br />

وآداب السفر وأحكامه،‏ أبو عبد الرمحن العالوي،‏ وأنيس املسافر،‏ أليب عمر الندوي،‏ ص )71( ، واملختصر <strong>يف</strong> أحكام السفر،‏<br />

للعماري،‏ ص )5( ، والسفر بني املتعة واألثر،‏ للخزمي ، ص )43(، وأربعة وأربعون سنة وأدَبً‏ من سنن السفر و<strong>السياحة</strong> وآداهبما<br />

‏،د/محدان احلمدان،‏ وآداب املسافرين،‏ د/عبد احلميد السحيباين،‏ وزاد املسافر،‏ لسامل املفتاح،‏ واالحتساب على خمالفات السفر،‏ د/خالد


-4<br />

-1<br />

-2<br />

ومن اآلداب ما يكون عند الرجوع من سفر <strong>السياحة</strong>،‏ مثل:‏<br />

التعجيل <strong>يف</strong> الرجوع من السفر إىل األهل بعد قضاء الغرض واحلاجة:‏<br />

فعن أيب هريرة رضي هللا عنه،‏ أن رسول هللا قال:‏ ‏))السفر قطعة من العذاب مينع أحدكم طعامه وشرابه،‏<br />

فإذا قضى أحدكم هنمته من سفره فليعجل إىل أهله((.‏ )2199(<br />

الدعاء عند االقرتاب من البلد:‏<br />

فعن أنس رضي هللا عنه قال:‏ أقبلنا مع النيب ، حىت إذا كنا بظهر من املدينة،‏ قال:‏ ‏))آيبون اتئبون<br />

عابدون لربنا حامدون((،‏ فلم يزل يقول ذلك حىت قدمنا املدينة.‏ )2200(<br />

-5<br />

-1<br />

ومن اآلداب ما يكون بعد الرجوع من سفر <strong>السياحة</strong>،‏ مثل:‏<br />

النهي عن طرق األهل ليالً:‏<br />

فعن جابر رضي هللا عنهما أن رسول هللا هنى أن يطرق الرجل أهله ليالً.‏ )2201(<br />

وعلل ذلك أبال يرى من أهله ما يسوءه من مظهر املُغِّيبة وال ‏َشعِّثة )2202( ؛ ولئال <strong>يف</strong>سر فعله ‏َبلتخون وتلمس<br />

)2203(<br />

العثرات وحنو ذلك.‏<br />

والكراهة معللة كما سبق وليست على إطالقها فتدور مع علتها،‏ و<strong>يف</strong> هذه األزمنة تطورت وسائل االتصال<br />

احلديثة فيمكن من خالهلا إعالم األهل قبل القدوم عليهم ليالً‏ ليتهيئوا له بكل مرغوب ويبتعدوا عن كل نفور<br />

فيزول احملذور.‏ )2204(<br />

2- القدوم هناراً‏ واالبتداء ‏َبملسجد:‏<br />

القريشي،‏ واإلجازات ، أمحد ‏َبدويالن،‏ ورسالة إىل كل مسافر،‏ حممد اخلطيب،‏ واملفيد البن جربين،‏ مجيع العر<strong>يف</strong>ي،‏ ص )101( وما<br />

بعدها،‏ وجملة الدعوة ، العدد<br />

1847، ص 36، بتصرف.‏<br />

)2199(<br />

)2200(<br />

)2201(<br />

تقدم ترجيه ، ص (<br />

.) 23<br />

)2202(<br />

تقدم ترجيه ص )586(.<br />

أخرجه البخاري <strong>يف</strong> كتاب النكاح،‏ ‏َبب ال يطرق أهله ليالً‏ إذا أطال الغيبة،‏ رقم )5244(، ص )453(، ومسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلمارة،‏<br />

‏َبب كراهة الطروق ، رقم )1927( ، ص )1021(.<br />

واملغيبة بضم امليم وكسر الغني املرأة اليت غاب عنها زوجها.‏ والشعثة بفتح الشني وكسر العني من تلبد شعرها لعدم غسله ومشطه.‏<br />

ينظر:‏ شرح صحيح مسلم،‏ للنووي )75-74/13(.<br />

)2203(<br />

)2204(<br />

كما <strong>يف</strong> صحيح مسلم،‏ كتاب اإلمارة ‏َبب كراهة الطروق ليالً‏ ملن ورد من السفر حيث أشار لذلك.‏ و<strong>يف</strong> تبويب البخاري إشارة<br />

لذلك أيضاً.‏<br />

ينظر:‏ آداب السفر،‏ للحريري،‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد<br />

46، ص )194(، بتصرف.‏


فقد كان رسول هللا ال يقدم من سفر إال هناراً‏ <strong>يف</strong> الضحى،‏ فإذا قدم بدأ ‏َبملسجد،‏ فصلى فيه ركعتني<br />

فجلس فيه.‏ )2205(<br />

وبسنية هاتني الركعتني قال عامة الفقهاء من املذاهب األربعة،‏ وقال النووي:‏ هذه الصالة مقصودة للقدوم من السفر<br />

ينوي هبما صالة القدوم ال أهنا حتية املسجد ... لكن حتصل التحية هبا.‏ )2206(<br />

-3<br />

إهداء األهل:‏<br />

فيحمل معه من اهلدااي ما يناسبهم؛ ألن <strong>يف</strong> ذلك تطييباً‏ ألهله،‏ وإدخاالً‏ للسرور عليهم،‏ وعلى هذا عمل<br />

السلف.‏ )2207(<br />

-4<br />

تلقي القادم من سفره أبوالده:‏<br />

‏))فقد كان إذا قدم من سفر ت ‏ُلُقِّيَ‏ بصبيان أهل بيته((.‏ )2208(<br />

و<strong>يف</strong> هذا إظهار للرتابط األسري وفرح ‏َبالجتماع بعد التفرق.‏<br />

-5<br />

لفعله <br />

-6<br />

فإنه <br />

تقبيله ومعانقته:‏<br />

وأصحابه )2209( ، وفيه أتل<strong>يف</strong> للقلوب وإشاعة للمودة واأللفة واحملبة والرمحة.‏<br />

صنع الطعام له وصنعه ملهنئيه:‏<br />

ملا قدم املدينة حنر جزوراً‏ أو بقرة )2210( ، ووردت السنة إبكرام الض<strong>يف</strong>،‏ والقادم من سفره أبلغ،‏ و<strong>يف</strong><br />

ذلك هتنئة ‏َبلقدوم وإكرام للقادم ومشاركة ‏َبلفرحة واللقيا وإظهار لنعم هللا وشكرها،‏ واكتساب األجر إبطعام<br />

الطعام،‏ ويسمي الفقهاء ما يذبح للقادم من سفره ‏َبلنقيعة وما يذحبه املسافر إذا قدم ليطعم زائريه ومهنئيه<br />

)2211(<br />

بسالمة الوصول ‏َبلتحفة.‏<br />

)2205(<br />

)2206(<br />

)2207(<br />

)2208(<br />

أخرجه مسلم،‏ عن كعب بن مالك ، ‏َبب استحباب الركعتني ملن قدم .... رقم )716(، ص )790(.<br />

ينظر:‏ حاشية ابن عابدين )24/2(، والفتاوى اهلندية )221/1(، واملدخل البن احلاج )46/4(، والفواكه الدواين،‏ للقريواين<br />

)376/1(، واجملموع للنووي )186/4( وما بعدها،‏ وأسىن املطالب،‏ لألنصاري )206/1(، ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين<br />

)295/2(، وكشاف القناع ، للبهويت )399/2(، واملوسوعة الفقهية )42/25(.<br />

ينظر:‏ حاشية الصاوي )487/1(، وأما احلديث املرفوع <strong>يف</strong> ذلك فضع<strong>يف</strong>،‏ كما ذكر األلباين <strong>يف</strong> السلسلة )1436(، وقد أخرجه<br />

الدارقطين )300/2(، وفيه حممد بن املنذر يروي املوضوعات عن األثبات.‏<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> ‏َبب فضائل عبد هللا بن جعفر،‏ رقم )2428(، ص )1105(.<br />

)2209( حيث قَبَّل زيد بن احلارثة ملا قدم املدينة واعتنقه كما عانق جعفراً‏ وأصحابه ملا قدموا.‏ وكان الصحابة يتعانقون عند القدوم من السفر.‏<br />

)2210(<br />

)2211(<br />

ينظر:‏ سنن الرتمذي،‏ االستئذان،‏ رقم )2732(، وزاد املعاد البن القيم )444/1( وما بعدها،‏ وحاشية الدسوقي ‏)‏‎367/1‎‏(،واجملموع<br />

للنووي )186/4( وما بعدها.‏<br />

رواه البخاري،‏ ‏َبب الطعام عند القدوم،‏ رقم )3089(، ص )248(.<br />

ينظر <strong>يف</strong> ذلك وفيما تقدم من آداب السفر:‏


املبحث الثاني<br />

آثار <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع<br />

املطلب األول<br />

آثارها السياسية.‏<br />

البحر الرائق،‏ البن جنيم )333/2(، والفتاوى اهلندية )220/1(، واملنتقى،‏ للباجي )168/3(، وحاشية الصاوي )487/1(، وما<br />

بعدها،‏ واملدخل،‏ البن احلاج )37/4(، وفتح الباري،‏ البن حجر )224/6(، وروضة الطالبني،‏ للنووي )332/7(، واجملموع،‏ للنووي<br />

)186/4( وما بعدها،‏ ومطالب أويل النهى،‏ للرحيباين )503/2(، وزاد املعاد،‏ البن القيم )408/2( و )444/1( وما بعدها،‏<br />

واملوسوعة الفقهية الكويتية )41/25( وما بعدها.‏


املبحث الثاين:آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع.‏<br />

املطلب األول:‏ آاثرها السياسية.‏<br />

أوالً:‏ اآلاثر السياسية السلبية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

من اآلاثر السياسية لسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد املسلمني زايدة أطماع الدول الكافرة <strong>يف</strong> ثروات وآاثر<br />

وتراث البالد <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ والتمهيد لتكوين وجود هلم فيها يعني على الغزو الفكري وتضييع ومتييع<br />

اهلوية <strong>اإلسالم</strong>ية ورمبا أدى التساهل <strong>يف</strong> ذلك إىل إعفائهم من حكم <strong>اإلسالم</strong> فيها وإنشاء حماكم<br />

خاصة هبم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> يتقاضون إليها وكذلك إنشاء معابد ومراكز جتمع ديين وثقا<strong>يف</strong> هلم <strong>يف</strong><br />

بالد <strong>اإلسالم</strong>،‏ وهذا كله تكوين لوجودهم اخلطري املؤثر <strong>يف</strong> سياسات البالد <strong>اإلسالم</strong>ية وهويتها<br />

حيث تصاب بغربة وغياب ألخالقها وآداهبا واحتقار ملاضيها وانشطار <strong>يف</strong> وحدهتا وآليات<br />

حياهتا.‏<br />

ومن اآلاثر السلبية لذلك االنفتاح السياسي الواسع بني دول العامل <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ ودول الكفر<br />

حبيث أصبحت العالقة السلمية هي األصل حىت مع احملاربني فعطل اجلهاد وأصبحت احلروب<br />

غالباً‏ فيما بني املسلمني إبيقاد من الكفار الذي فرقوا فسادوا وتسلطوا على املسلمني وحتكموا <strong>يف</strong><br />

سياسات بالدهم وشؤون احلكم فيها.‏<br />

عقد معاهدات سياحية سياسية بني الدول <strong>اإلسالم</strong>ية ودول الكفر تتضمن شروطاً‏ جمحفة متثل<br />

تدخالً‏ صرحياً‏ <strong>يف</strong> سيادة الدول <strong>اإلسالم</strong>ية واستقالهلا ومتيزها.‏<br />

املساواة بني املسلم وغريه <strong>يف</strong> احلقوق والواجبات كما نصت على ذلك بعض القوانني الوضعية <strong>يف</strong><br />

بالد املسلمني بل رمبا وصل األمر إىل تقدمي السياح غري املسلمني على املسلمني ومتييزهم<br />

وإكرامهم حبجة حسن الوفادة وكرم الضيافة!‏<br />

اثنياً:‏ اآلاثر السياسية اإلجيابية:‏<br />

-1<br />

التواصل مع اجملتمع الدويل وتعزيز فرص السالم والتفاهم من حيث أتثريها <strong>يف</strong> تعزيز سبل التواصل<br />

اإلنساين وحتقيق التفاهم والتجاوب والتالحم بني شعوب الدول املختلفة ولذلك <strong>يف</strong> بورصة لندن<br />

اليت عقدت عام ‎1999‎م حتت شعار <strong>السياحة</strong> من أجل السالم أو <strong>السياحة</strong> صانعة السالم كان


سبب اختيار هذا الشعار اقتناع املسؤولني عن البورصة والعاملني <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> بقدرهتا على<br />

املسامهة <strong>يف</strong> صنع التفاهم واحلوار والسالم بني الشعوب.‏<br />

حتسني صورة البالد <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> اجملتمعات األخرى وإظهار حسن سياساهتا وعدالتها.‏<br />

تكوين روابط سياسية متينة بني الدول السياحية تيسر للسياح و<strong>السياحة</strong> اإلجراءات النظامية<br />

)2212(<br />

والتنقالت بسهولة ويسر.‏<br />

-2<br />

-3<br />

)2212(<br />

ينظر:‏ مبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>،‏ مثىن احلوري وإمساعيل الدَبغ،‏ ص )104(، مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص<br />

)94(، والتساهل مع غري املسلمني مظاهره وآاثره،‏ لعبد هللا الطريقي.‏


املطلب الثاين:‏ آاثرها الدينية:‏<br />

أوالً:‏ اآلاثر الدينية السلبية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

تعريض النفس لفنت الشهوات والشبهات <strong>يف</strong> بالد الكفر وأماكن املنكرات مما <strong>يف</strong>قد احلياء<br />

ويضعف الوازع الديين ويؤثر <strong>يف</strong> النفس.‏<br />

وال شك أن غياب املسلم واألسرة عن اجلو والبيئة <strong>اإلسالم</strong>ية فرتة من الزمن مع وجود املفاتن واملغرايت املتفقة<br />

مع طبيعة النفس األمارة ‏َبلسوء جتعلها أتلف هذه األشياء ورمبا تستحسنها مث تعود بقلوب الهية غافلة<br />

ضائعة.‏<br />

صعوبة االلتزام أبحكام الشريعة وتعاليم الدين عند <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد الكفر ومواطن املنكرات<br />

فيجد املسلم خطورة <strong>يف</strong> إظهار دينه أمامهم ويصعب عليه اجتناب منكراهتم وخمازيهم فال يتمكن<br />

من حفظ جوارحه عن النظر أو السماع ملا حرم هللا وكثرة املساس واالختالط هبم متيت<br />

اإلحساس.‏<br />

التشبه ‏َبلكفار واتباعهم ومعصية هللا<br />

– عز وجل –<br />

برتك خمالفتهم وتقليدهم فيما حرم من حلق<br />

اللحى ومساع الغناء والتربج والسفور والوقوع <strong>يف</strong> الكثري من املنكرات والفواحش والرذائل نتيجة<br />

املخالطة املؤثرة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> وارتداء أزايء الكفار ورفع شعاراهتم وإحياء أعيادهم وتقاليدهم وقد<br />

تقدم بيان خطورة التشبه هبم وحرمته.‏<br />

تفشي اجلهل بني املسلمني <strong>يف</strong> دينهم ونشوء البدع واخلرافات الوافدة إليهم من غريهم.‏<br />

االهنزامية لدى كثري من املسلمني الذي اغرتوا حبضارة الغرب املادية وتقدمهم الصناعي فربطوها<br />

بعقائده ودايانته واهنزموا أمامهم نفسياً‏ وفقد كثري منهم هويته <strong>اإلسالم</strong>ية وعزته بدينه واقتناعه<br />

بعقيدته وَحنُِّيَ‏ ‏ْت الشريعة وقل االهتمام هبا وبعلمائها وفشت الشبهات،‏ وكثري من جوانب<br />

<strong>السياحة</strong> املعاصرة ما هي إال استكمال ملسلسل الغزو الفكري الذي ابتليت به األمة.‏<br />

ظهور املنكرات وفشوها وانتشارها <strong>يف</strong> بالد املسلمني بسبب سياحة غري املسلمني فيها ممن ال<br />

يعرفون معروفاً‏ وال ينكرون منكراً‏ فيتأثر هبم ضعاف النفوس من املسلمني ويصبح مفهوم <strong>السياحة</strong><br />

الرتفيهية عندهم مرتبطاً‏ ‏َبالنفتاح واإلَبحية واحلرية غري املنضبطة.‏<br />

سفر املرأة املسلمة من غري حمرم واختالطها ‏َبألجانب وتكشفها وإظهارها حملاسنها مما يرتتب<br />

عليه ضياع دينها وعفافها وحيائها فالفسحة <strong>يف</strong> بالد الغرب جتعل الفتاة تستهني حبجاهبا<br />

وتستشكله أحياانً‏ كما هو مشاهد.‏


-8<br />

مواالة الكفار والتودد وامليل إليهم واإلعجاب هبم وتقريبهم ومعاشرهتم وإحياء تراثهم وفكرهم<br />

املنحرف والتساهل مع دعاهتم ومنصريهم برتكهم يعيثون <strong>يف</strong> بالد املسلمني فساداً‏ ويعلنون إحلادهم<br />

وينشرونه بني الناس واإلذن هلم ببناء الكنائس واملعابد واملدارس <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>،‏ ومن هذه<br />

اآلاثر ما يكون نتيجة سياحتهم <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> أو <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالدهم.‏<br />

ومن أبرز النماذج الواقعية املؤكدة لذلك ما حل جبمهورية املالد<strong>يف</strong> مثالً‏ وهي جزر متفرقة رملية ومرجانية<br />

دخلها <strong>اإلسالم</strong> عام ‎548‎ه وتقع <strong>يف</strong> احمليط اهلندي وهي دولة إسالمية نسبة األلفاظ العربية فيها<br />

%40<br />

دخلتها <strong>السياحة</strong> أبول فوج سياحي عام ‎1970‎م مث تزايد ذلك حىت بلغ عدد السياح فيها عام ‎2001‎م<br />

460829<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-9<br />

-10<br />

سائحاً،‏ وكان لسياحة غري املسلمني فيها عدة انعكاسات سلبية <strong>يف</strong> جوانب خمتلفة أبرزها:‏<br />

وقد<br />

دخول معتقدات خمالفة لتعاليم <strong>اإلسالم</strong> كاالحتفال بعيد ميالد املسيح ورأس السنة<br />

وغريها من أعياد الكفار.‏<br />

انتشار السلوكيات احملرمة والظواهر الغريبة على اجملتمع وأخالقياته ومبادئه كاملسكرات<br />

والعري وحنوه.‏<br />

انتشار الفواحش واجلرائم األخالقية واجلنائية.‏<br />

أتثر املرشدين والسكان ‏َبلسائحني سلباً‏ مما بدل أخالقهم وآداهبم وأفكارهم.‏ )2213(<br />

أتثر النشء من األبناء والبنات عند سياحتهم <strong>يف</strong> بالد الكفار مبا يرونه من االختالط والتربج<br />

واالحنطاط األخالقي والتفكك األسري،‏ ورمبا أورث لديهم قناعات وكراهية ومترد على دينهم<br />

وقيمهم فللشهوة نزواهتا وللشيطان وسوسته.‏<br />

فساد ما بني الزوجني من األلفة واحملبة عند نظر الزوج للنساء الكاسيات العارايت وافتتانه هبم <strong>يف</strong><br />

سياحته ووقوعه <strong>يف</strong> شرك املومسات.‏<br />

اثنياً:‏ اآلاثر الدينية اإلجيابية:‏<br />

-1<br />

انتشار <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> األرض فقدكان لسياحة اجلهاد األثر والفضل بعد هللا<br />

راية <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> أرجاء املعمورة،‏ وكذا سياحة الدعاة إىل دين هللا<br />

–<br />

عز وجل –<br />

عز وجل – <strong>يف</strong> رفع<br />

قدمياً‏ وحديثاً،‏ –<br />

وكذا سياحة التجار اليت أدخلت <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> بالد املشرق وغريها كما تقدم و<strong>السياحة</strong> الرتفيهية<br />

املؤثرة فيه إذا استثمرها املسلم <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا<br />

– عز وجل –<br />

وكشف الغشاوة اليت<br />

)2213(<br />

ينظر:‏ حبوث املؤمتر العاملي التاسع للندوة العاملية للشباب <strong>اإلسالم</strong>ي املقام <strong>يف</strong> الرايض ‎1423/8/26-23‎ه ، حبث بعنوان االنفتاح<br />

السياحي وانعكاساته على الشباب <strong>يف</strong> مجهورية املالد<strong>يف</strong> ، عبد هللا إبراهيم )442/2(، بواسطة : الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع<br />

السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )633( وما بعدها،‏ بتصرف.‏


أحدثتها احلضارة املادية املعاصرة وظن بسببها اجلهال أن دين <strong>اإلسالم</strong> سبب للتخلف واجلهل،‏<br />

فعلى املسلم أن يستغل سياحته مهما كان غرضه منها <strong>يف</strong> نشر دين <strong>اإلسالم</strong> والدعوة إليه كما<br />

تقدم بيان ذلك مفصالً،‏ وما يزال <strong>اإلسالم</strong> حبمد هللا منتشراً‏ جبهود احلريصني من السياح<br />

املسلمني وَبستثمار الدعاة لسياحة الكفار <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

انتشار العلوم الشرعية فقد كان للسياحة بغرض طلب العلم ‏َبلغ األثر <strong>يف</strong> نشر علوم الشريعة كما<br />

تقدم فرحل كثري من السلف <strong>يف</strong> طلب العلم ونشره وكان لبعضهم فضل على أمم بكاملها ونشروا<br />

فيها علم الشريعة ونور احلق واهلدى واألمة اليوم أبمس احلاجة إىل سياحة العلماء وطالب العلم<br />

لنشر العلم الصحيح وتبصري الناس والقضاء على اجلهل.‏<br />

االتعاظ أبحوال الناس واالعتبار أبمورهم واالطالع على األسرار املكنونة واحلكم اليت دبر هللا هبا<br />

املخلوقات وأحكم هبا صنع الكائنات من خالل التفكر <strong>يف</strong> خملوقاته وآايته وعظيم قدرته<br />

سبحانه،‏ وَبلتايل زايدة اإلميان وتقوية النفس على الطاعات وهذه <strong>السياحة</strong><br />

–<br />

سياحة التفكر من<br />

أجل العبادات وأفضل القرَبت واليت يغفل عنها كثري من السياح ومن وقف على تلك احلكم<br />

واألسرار زاد تعظيمه وتقربه ومتسكه بدينه،‏ فيا سائح اي مسلم أما رأيت الطبيعة جبماهلا أما<br />

سألت نفسك من خلقها وأبدعها؟<br />

أتمل <strong>يف</strong> نبات األرض وانظر إىل آاثر ما صنع املليك<br />

عيون من جلني شاخصات أبحداق الذهب السبيك<br />

على كثب الزبرجد شاهدات أبن هللا ليس له شريك<br />

معرفة نعم هللا وشكرها من خالل االحتكاك ‏َبآلخرين ومشاهدة أحوال الضائعني والبائسني<br />

واخلائفني وغريهم ممن حرموا نعمة <strong>اإلسالم</strong> أو األمن أو احلواس.‏ )2214(<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

)2214(<br />

ينظر:‏ حماسن التأويل للقامسي )513/5(، وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور،‏ ص‎255‎‏،‏ وما بعدها،‏ القيد <strong>يف</strong> الرحالت<br />

والصيد،‏ للسويد،‏ ص )13( وما بعدها،‏ أيها املصطاف ، عائض القرين،‏ ص )12(، التساهل مع غري املسلمني ، للطريقي،‏ ص )12(<br />

، رسالة إىل هواة االصطياف <strong>يف</strong> بالد الغرب ، للخطيب.‏


املطلب الثالث<br />

آثارها االجتماعية واألخالقية


املطلب الثالث:‏ آاثرها االجتماعية واألخالقية<br />

أوالً:‏ اآلاثر االجتماعية واألخالقية السلبية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

التأثر بعادات وسلوكيات وأخالق الكفار واالقتداء هبم <strong>يف</strong> امللبس واملأكل واملشرب والسلوك<br />

وغري ذلك وال شك أن املشاركة <strong>يف</strong> اهلدي الظاهر يورث ويقود إىل التناسب واملشاكلة <strong>يف</strong><br />

األخالق واألعمال والبواطن كما تقدم.‏<br />

وقد جاء <strong>اإلسالم</strong> أبكمل األخالق وأمجل اخلصال وأحسن األفعال فك<strong>يف</strong> يرتك ذلك كله ويستبدل به<br />

األدىن.‏<br />

والواقع شاهد على ضياع أخالق كثري من أبناء املسلمني وتغري عاداهتم وسلوكهم احلميدة إىل عادات<br />

وسلوكيات غريبة قبيحة نشأت من خالل اخللطة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> ببالد الكفر واملنكر.‏<br />

إفساد حياء وعفاف املؤمنات الطاهرات السيما من قبل األزواج الذين يقضون ما يسمى بشهر<br />

العسل <strong>يف</strong> بالد الفساد فيخرجون ‏َبملؤمنة املصونة والدرة املكنونة عن حيائها وعفافها وأخالقها<br />

اجلميلة ليستبدلوا بذلك التربج والسفور والبذاءة فال يبقى فيهن خري إذا ذهب احلياء والعفاف.‏<br />

نشر الثقافات الغربية وضرب احلصار على عقلية املسلم عن اترخيه ولغته والعمل على تكوين<br />

اإلحساس املعمق لدى املسلم بقصور ثقافاته ولغته وآدابه وحضارته واستعمار لسانه ‏َبلرطانة<br />

األعجمية ومعلوم أن كل لغة حتمل فكر الناطقني هبا وقيمهم.‏<br />

األثر السيء على النفس وتوريث الوحشة <strong>يف</strong> القلب وضعف اإلميان ‏َبهلل من خالل النظر إىل<br />

املنكرات األخالقية حيث يظهر <strong>يف</strong> الشواط واألماكن السياحية من يتعرى من الرجال والنساء<br />

ويرتكب الفواحش جهاراً‏ هناراً‏ على مرأى اجلميع كما البهائم وتشرب املسكرات على أنغام<br />

املعازف وتصم اآلذان من قبيح الكالم وسي املنظر ورمبا أدت تلك املصائب إىل الوقوع <strong>يف</strong><br />

مهاوي الرذيلة وضياع األخالق والعقول.‏<br />

ما حيصل بسبب التربج والسفور واالختالط احملرم من هتيج غريزي لدى السياح نتيجة نظرهم<br />

للنساء أو مالمستهم أبداهنن أو التزاحم <strong>يف</strong> املركبات واملمرات الضيقة وحنوها،‏ وذلك يؤدي<br />

ملمارسات حمرمةكاالستمناء والزىن والسحاق واللواط،‏ وجرائم اغتصاب واختطاف وقتل.‏<br />

مث إن هذا امليدان السياحي املختلط كاملصنع املنتج لألمراض والعلل <strong>يف</strong> اجملتمع فتنتشر من خالله ظاهرة<br />

الكذب والغش واخلداع واخليانة واملعاكسات وغريها.‏<br />

إضافة إىل األمراض الصحية واألوبئة الناجتة عن انتشار املمارسات اجلنسية احملرمة.‏ )2215(<br />

)2215( ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )488(، بتصرف.‏


زايدة نسبة اجلرائم والقضااي األخالقية نتيجة املمارسات اخلاطئة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>.‏<br />

أتثر البيئة من املمارسات السيئة لبعض السياح كممارستهم لرايضات حبرية تضر ‏َبحلياة البحرية<br />

واألمساك النادرة والشعب املرجانية،‏ وكإلقائهم للمخلفات والفضالت وتلويثهم للبيئة ومجال<br />

الطبيعة.‏<br />

تدهور احلياة االجتماعية الطبيعية نتيجة الزايدة املستمرة <strong>يف</strong> أعداد السياح وما متثله من عبء<br />

على مرافق الدولة<br />

اخلدمية من ماء ومسكن وكهرَبء ووسائل النقل وغري ذلك فيؤدي عجز<br />

االقتصاد القوي عن الوفاء ‏َبحتياجات املواطنني من السلع واخلدمات إىل خلق تنافس شديد<br />

بينهم وبني السياح رمبا وصل للعداوة والبغضاء واملضارة.‏<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

اثنياً:‏ اآلاثر االجتماعية واألخالقية اإلجيابية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

نشر القيم والثقافات والتقاليد واألخالق <strong>اإلسالم</strong>ية من خالل أسلوب القدوة احلسنة للسائح<br />

املسلم.‏<br />

تسهل <strong>السياحة</strong> االتصال واالحتكاك بثقافات اآلخرين املتميزة وحضاراهتم املادية والتارخيية<br />

املختلفة واالستفادة من حماسن ذلك وتعميق أواصر الصداقة بني الشعوب.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الوطنية أداة لتعميق االنتماء القومي واالعتزاز ‏َبلوطن وتسهم <strong>يف</strong> بناء الشخصية<br />

اإلنسانية ومتاسك اجملتمع مما تنتجه من ألوان التآلف والتعاون.‏<br />

نقل العاملني <strong>يف</strong> جمال <strong>السياحة</strong> إىل طبقات اجتماعية أعلى ملا حيققونه من مكاسب وأرَبح من<br />

العمل السياحي.‏<br />

القضاء على البطالة بتوطني الوظائف السياحية وتدريب أبناء البلد عليها فإهنم األجدر ‏َبلتعر<strong>يف</strong><br />

ببالدهم ومنجزاهتا وحضارهتا.‏<br />

حتسني نوعية البيئة ومحاية احلياة الفطرية وجتميل املواقع السياحية واحملافظة على املواقع األثرية<br />

والتارخيية واملعمارية وتكوين اتريخ وحضارة وثقافات البلد السياحي لتعر<strong>يف</strong> السياح هبا.‏<br />

إجياد وتطوير بعض املرافق واملصاحل واملؤسسات مبا خيدم السكان احملليني.‏<br />

حتصيل السائح املسلم لعلوم ومعارف ومكاسب دنيوية وأخروية <strong>يف</strong> سياحته وقد أمجل الشاعر<br />

ذلك <strong>يف</strong> قوله:‏<br />

تغرب عن األوطان <strong>يف</strong> طلب العال<br />

تفرج هم واكتساب معيشة<br />

وسافر ففي األسفار مخس فوائد<br />

وعلم وآداب وصحبة ماجد


فللسياحة آاثر إجيابية على الفرد حتقق له مصاحل متنوعة من ترفيه وقضاء حاجات وعمل وطلب علم وتفريج<br />

للهموم والغموم وقضاء على السآمة وامللل والتعرف على األخيار واألماجد وزايدة اهلمة وتنشيط العقل ورفع<br />

املعنوايت واكتساب معلومات وخربات جديدة وتنمية وكشف عن املواهب واكتساب الصفات واألخالق<br />

احلميدة وك<strong>يف</strong>ية التعامل معها وتعويد النفس على العيش <strong>يف</strong> ظروف خمتلفة وغري ذلك من الفوائد واآلاثر<br />

)2216(<br />

األخالقية واالجتماعية اإلجيابية على الفرد واجملتمع للسياحة.‏<br />

)2216(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>،‏ احلوري والدَبغ،‏ ص )112(، وصناعة <strong>السياحة</strong>،‏ حممد الزوكة،‏ ص )271(،<br />

ومبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص )106(، واإلعالم السياحي ، حممد حجاب،‏ ص )88(، ورسالة للمسافرين<br />

واملتزوجني،‏ عبد الرمحن الوهييب،‏ بتصرف.‏


املطلب الرابع<br />

آثارها االقتصادية


املطلب الرابع:‏ آاثرها االقتصادية:‏<br />

أوالً:‏ اآلاثر االقتصادية السلبية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

التضخم والبطالة وقلة العمل نتيجة املومسية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> حيث تزهر <strong>يف</strong> أوقات ومواسم حمددة<br />

ولذا فإن معظم وظائفها مؤقتة والعديد منها منخفضة العائد وال تتطلب مهارة عالية.‏<br />

سرعة أتثر االقتصاد احمللي ‏َبهلزات اليت يتعرض هلا الطلب السياحي؛ ألن <strong>السياحة</strong> صناعة<br />

حساسة تتأثر بسرعة كبرية ‏َبلعديد من املتغريات كتذبذب أسعار العمالت والطاقة وتغري الذوق<br />

أو النمط السياحي العام.‏<br />

إضعاف القوة االقتصادية الوطنية وتسرب الدخل القومي من خالل هجرة رؤوس األموال إىل<br />

بالد الكفر والفساد،‏ وقد أمجع االقتصاديون على أن ظاهرة السفر للخارج كلفت االقتصاد<br />

السعودي ميزانية طائلة وصلت إىل مليارات الرايالت وأشارت إحدى الدراسات إىل أن<br />

مليار رايل تكبدها االقتصاد خالل عام واحد وهو عام ‎1996‎م مقابل<br />

هذا املبلغ على املستوى الداخلي،‏ و<strong>يف</strong> عام ‎97‎م بلغت<br />

25<br />

%16.7<br />

31<br />

الناتج احمللي اإلمجايل لذلك العام.‏ وحيتل السعوديون املرتبة<br />

مليار رايل وهو ما يوازي<br />

من إمجايل<br />

%6<br />

11<br />

من<br />

بني اجلنسيات <strong>يف</strong> اإلنفاق<br />

السياحي العاملي،‏ فاإلنفاق السعودي على <strong>السياحة</strong> الدولية وحدها مياثل ميزانية دولة متوسطة<br />

ونصيبه من الناتج الوطين ال يستهان به مما يعترب نز<strong>يف</strong>اً‏ رأمسالياً‏ وخسارة واضحة.‏<br />

وذكرت بعض اإلحصائيات أبن<br />

مرات سنوايً،‏ و<br />

أسبوعياً.‏<br />

%51<br />

يسافرون مرة واحدة <strong>يف</strong> السنة،‏ و<br />

%23<br />

3 ينفقون %39<br />

آالف رايل <strong>يف</strong> األسبوع،‏ و<br />

%18<br />

يسافرون أربع<br />

ينفقون مخسة آالف رايل


اثنياً:‏ اآلاثر االقتصادية اإلجيابية:‏<br />

-1<br />

حتقيق التنمية االقتصادية للدولة من خالل ما حتققه <strong>السياحة</strong> من مزااي وفوائد عديدة تعود على<br />

اجملتمع بواسطة االستثمارات املختلفة اليت توجه هلذا القطاع حيث يقدر سوق <strong>السياحة</strong> حول<br />

70<br />

400<br />

العامل مبا يزيد على مليار دوالر سنوايً‏ تتداول إنتاجاً‏ وإنفاقاً‏ على مليون سائح سنوايً‏<br />

جيوبون املعمورة فهي الصناعة الثانية <strong>يف</strong> العامل وتقوى على إجياد موارد اقتصادية كبرية،‏ و<strong>يف</strong> ندوة<br />

<strong>السياحة</strong> اليت عقدت جبدة <strong>يف</strong> ‎1421/1/30‎ه وشارك فيها حنواً‏ من<br />

30<br />

خبرياً‏ وخمتصاً‏ وقدموا<br />

دراسات هامة أكدت على وجود آفاق واعدة لصناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> جدة وهذه الصناعة من<br />

األنشطة االقتصادية اليت يعول عليها <strong>يف</strong> تنويع مصادر الدخل القومي وهو القطاع الوحيد القادر<br />

على جتاوز عقبات التنمية بل ترتفع درجة أتثريه على دفع عجلة التنمية االقتصادية <strong>يف</strong> األقاليم<br />

املختلفة وعلى الدخل وعلى حتقيق التوازن االقتصادي الداخلي واخلارجي،‏ ف<strong>السياحة</strong> اثين أهم<br />

مساهم <strong>يف</strong> االقتصاد بعد النفط مع أهنا صناعة غري منظمة <strong>يف</strong> اململكة حالياً‏ وما زالت عشوائية<br />

كما صرح بذلك األمني العام للهيئة العليا للسياحة.‏<br />

وبلغت مسامهة القطاع السياحي لعام ‎2001‎م ما يعادل<br />

% 5.4<br />

املرتبة الثالثة بعد النفط والصناعة التحويلية وقدرت إنفاقات السياح حبوايل<br />

حجم احلركة االقتصادية للمهرجاانت السياحية<br />

من إمجايل الناتج احمللي وجاء <strong>يف</strong><br />

53<br />

مليارات رايل.‏ 10<br />

مليار رايل ، وبلغ<br />

وذكر تقرير جملس الشورى عن <strong>السياحة</strong> أبن اإلنفاق السياحي <strong>يف</strong> اململكة لألعوام<br />

23 و 22 و 21<br />

و ‎1424‎ه يقدر ب )35.2( بليون رايل سعودي منها )22.4( بليوانً‏ نصيب <strong>السياحة</strong> الداخلية بينما<br />

أسهم السياح القادمون من اخلارج ب )12.8( بليون رايل،‏ وبلغ عدد السياح الداخليني<br />

سنوايً،‏ والدوليني<br />

14.5<br />

)6.3( ماليني %30<br />

وذكر التقرير أبن <strong>السياحة</strong> ستوفر بني<br />

منهم من احلجاج واملعتمرين.‏<br />

1.5 -1.1<br />

بليون وظ<strong>يف</strong>ة <strong>يف</strong> غضون السنوات القادمة.‏<br />

مليوانً‏<br />

تنمية واستقرار احلياة ‏َبملدن الصغرية والقرى؛ ألن املشروعات السياحية غالباً‏ تقام <strong>يف</strong> مناطق<br />

اجلذب السياحي الطبيعية البعيدة عن املناطق الصناعية والتجارية فتليب حاجاهتا من املرافق<br />

واخلدمات للمساعدة على جذب االستثمارات إليها وتشغل السكان <strong>يف</strong> أعمال <strong>السياحة</strong><br />

ووظائفها فيتحقق النمو واالستقرار <strong>يف</strong> تلك املناطق النائية.‏<br />

-2


تعد مصدراً‏ هاماً‏ من مصادر الدخل القومي،‏ وتعمل على زايدته وَبلتايل رفع مستوى معيشة<br />

الفرد من خالل زايدة العمالت الصعبة.‏<br />

تعد مصدراً‏ هاماً‏ من مصادر العمالت األجنبية.‏<br />

توفري فرص العمل املتنوعة واليت ال تقل عن<br />

149.645<br />

فرصة عمل،‏ والقضاء على البطالة<br />

والركود االقتصادي،‏ وفتح أبواب االستثمار <strong>يف</strong> اجملال السياحي واملنشآت السياحية مبا خيدم البلد<br />

واقتصاده.‏<br />

األثر املضاعف،‏ فاالقتصاد السياحي يتميز أبنه أسرع من دورات االقتصاد األخرى حوايل<br />

مرة،‏ وبذلك فإن العملة الصعبة اليت تدخل البلد تعطي أثراً‏ مضاعفاً.‏<br />

تنمية وتطوير البىن التحتية األساسية لتحقيق املردود املتوقع من الناتج السياحي،‏ وتتمثل <strong>يف</strong>:‏<br />

5.5<br />

وكهرَبء،‏<br />

البنية األساسية وتشمل شبكات الطرق واخلدمات املرفقية من ماء،‏ أ-‏ وصرف صحي ، وتعليم،‏ ومطارات،‏ وموان ... إخل<br />

البنية العلوية وتشمل منشآت اإلقامة كالفنادق والشقق واملنتجعات والشاليهات<br />

ب-‏ واملخيمات وغريها من املنشآت السياحية والرتفيهية.‏<br />

منو احلرف والفنون والصناعات املتصلة ‏َبلسياحة واملكملة خلدماهتا،‏ ومن الصناعات اليت شهدت<br />

منواً‏ وتطوراً‏ ملقابلة احتياجات منو النشاط السياحي املتوقع ‏َبململكة العربية السعودية:‏<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

1- صناعة مواد البناء واألدوات الكهرَبئية.‏<br />

2- صناعة األاثث واملفروشات.‏<br />

3- صناعة املواد الغذائية.‏<br />

4- صناعة تصفية وحتلية املياه.‏ )2217(<br />

)2217(<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ حممد الزوكة،‏ ص )239(، ومبادئ السفر و<strong>السياحة</strong>،‏ مثىن احلوري وإمساعيل الدَبغ ص)‏‎102‎‏(‏ ، ومبادئ<br />

<strong>السياحة</strong>،‏ د/نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص)‏‎105‎‏(،‏ واإلعالم السياحي،‏ حممد حجاب،‏ ص )87(، صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود<br />

اخلطيب،‏ ص 228، اقتصادايت <strong>السياحة</strong>،‏ نبيل الرويب،‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية،‏ للطيار،‏ ص‎165‎‏،‏ وما<br />

بعدها،‏ املوسوعة العربية العاملية )313/13(، وجملة املعرفة،‏ العدد 49، ربيع اآلخر ‎1420‎ه ، ص )12(، وجملة الدعوة،‏ العدد<br />

،1798<br />

‎7‎ربيع اآلخر ‎1422‎ه ، ص )21(، وجملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ العدد 95، ربيع األول ‎1420‎ه ، ص )6( ، جريدة عكاظ العدد<br />

1229، الثالاثء<br />

‎1421/1/15‎ه ، وعكاظ العدد<br />

اخلميس<br />

اخلميس<br />

‎1421/1/20‎ه ، وجريدة الرايض،‏ عدد<br />

11624، اجلمعة<br />

‎1421/1/16‎ه ، والعدد<br />

11623، اخلميس<br />

12299، السبت<br />

‎1421/1/24‎ه ، والعدد<br />

12291، اجلمعة<br />

‎1421/1/16‎ه ، والعدد<br />

،12297<br />

،10066<br />

12297، والعدد 12298، اخلميس<br />

‎1421/1/23‎ه ، والعدد<br />

12305، اجلمعة<br />

1421/1/15، بتصرف.‏<br />

‎1421/2/1‎ه ، واجلزيرة العدد


املبحث الثالث<br />

واجب املسلمني جتاه <strong>السياحة</strong><br />

املطلب األول<br />

واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />

والرابط:‏<br />

WWW. Sauditourism.gov.sa<br />

واجلزيرة العدد 11905، الثالاثء<br />

‎24‎‏/ربيع األول /<br />

‎1426‎ه .


املطلب األول:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />

<strong>السياحة</strong> املشروعة حباجة إىل احملافظة على بقائها وسالمتها وترسيخ دعائمها وتلبية احتياجاهتا وإن من أهم<br />

الواجبات اليت يرتتب عليها صالح اجملتمع وسالمته وجناته <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة األمر ‏َبملعروف والنهي عن املنكر<br />

فهو صمام األمان وسفينة النجاة كما قال : ‏))مثل القائم على حدود هللا والواقع فيها مثل قوم استهموا<br />

على سفينة فأصاب بعضهم أعالها وبعضهم أسفلها فكان الذين <strong>يف</strong> أسفلها إذا استقوا من املاء مروا على<br />

من فوقهم فقالوا:‏ لو أان خرقنا من نصيبنا خرقاً‏ ومل نؤذ من فوقنا،‏ فقال : فإن يرتكوهم وما أرادوا هلكوا<br />

مجيعاً‏ وإن أخذوا على أيديهم جنوا وجنوا مجيعاً((‏ )2218(<br />

فيجدر بوالة األمر من احلكام والعلماء وكذلك العامة أن يعنوا هبذا <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> للمحافظة على نقائها<br />

وسالمتها وخصوصيتها فيأمرون ‏َبملعروف وأيتونه وينهون عن املنكر وجيتنبونه،‏ وقد شكلت دولتنا – رعاها<br />

هللا – جهازاً‏ مستقالً‏ يتوىل ذلك فيجب على الكل دعمه ومساندته وإعانته على تطهري سياحتنا من<br />

الشوائب واملنكرات لتحقيق الصالح العام للمجتمع،‏ قال تعاىل:‏<br />

<br />

<br />

)2219(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد ذم هللا –<br />

سبحانه –<br />

من ترك هذا الواجب من كفار بين إسرائيل ولعنهم على ذلك فقال سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2220(<br />

<br />

<br />

و<strong>يف</strong> هذا حتذير بليغ لألمة من سلوك سبيلهم الوخيم وخلقهم الذميم.‏<br />

واإلنكار على درجات،‏ كما قال : ‏))من<br />

يستطع فبقلبه وذلك أضعف اإلميان((.‏ )2221(<br />

رآى منكم منكراً‏ فليغريه بيده،‏ فإن مل يستطع فبلسانه،‏ فإن مل<br />

فاإلنكار يكون ‏َبليد <strong>يف</strong> حق من استطاع ذلك كوالة األمر واهليئة املختصة بذلك فيما جعل إليها واألمري<br />

فيما جعل إليه والقاضي فيما جعل إليه واإلنسان مع أوالده وأهل بيته ومن اليستطيع ذلك أو كان يرتتب<br />

أخرجه البخاري،‏ كتاب الشركة،‏ ‏َبب هل يقرع <strong>يف</strong> القسمة،‏ رقم )2493(، ص )196(.<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

. 71<br />

.79-78<br />

رواه مسلم <strong>يف</strong> كتاب اإلميان ، ‏َبب كون النهي عن املنكر من اإلميان،‏ رقم )49(، ص )688(.<br />

)2218(<br />

)2219(<br />

)2220(<br />

)2221(


عليه فتنة ونزاع فينكر بلسانه ويكفيه لئال يقع إبنكاره ‏َبليد ما هو أنكر من املنكر الذي أنكره،‏ فإن مل<br />

يستطع فبقلبه فيكره املنكر بقلبه ويظهر ذلك ‏َبالمتعاض وحنوه وال جيلس مع أهله،‏ وعلى العلماء واجب<br />

مناصحة والة األمر بتعقل وأتدب إلزالة منكرات <strong>السياحة</strong>،‏ كما جيب على الدعاة والعلماء واملصلحني أن<br />

ينشروا احلق ويعلموا الناس وحيذروهم من الباطل واملنكر <strong>يف</strong> سياحتهم وحيثوهم على استثمارها فيما يعود<br />

عليهم ‏َبخلري <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة وحيذروهم من منكراهتا ومفاسدها وحماذريها ليجتنبوها ومىت سكت العلماء<br />

عن ذلك فلم ينصحوا ومل يرشدوا انتشر الباطل واخنرقت السفينة وحصل الضرر العام والعقاب،‏ ولنا فيمن<br />

سبقنا من األمم عظة وعربة.‏ )2222(<br />

‏"وإذا كان الكفر والفسوق والعصيان سبب الشر والعدوان فقد يذنب الرجل أو الطائفة ويسكت آخرون عن<br />

األمر والنهي فيكون ذلك من ذنوهبم فيحصل التفرق واالختالف والشر وهذا من أعظم الفنت والشرور قدمياً‏<br />

وحديثاً"‏ )2223(<br />

ومجيع الوالايت <strong>اإلسالم</strong>ية مقصودها األمر ‏َبملعروف والنهي عن املنكر ومىت اهتمت الوالة إبصالح دين<br />

الناس صلح للطائفتني دينهم ودنياهم و إال اضطربت األمور عليهم.‏<br />

فيجب عليهم إلزام رعيتهم ‏َبلواجبات والفرائض وإظهار الشعائر <strong>اإلسالم</strong>ية واالمتناع عن كل منكر وسد<br />

ذرائعه،‏ ومن ذلك منع اختالط الرجال ‏َبلنساء <strong>يف</strong> األماكن السياحية فإن التمكني منه أصل كل بلية وشر<br />

)2224(<br />

وهو من أعظم أسباب العقوَبت العامة وفساد األمور العامة واخلاصة.‏<br />

وعلى املسلم أن يستغل سياحته فيما يعينه على أمور دينه وحيسن النية <strong>يف</strong> ذلك ويستثمر أوقاته <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong><br />

‏َبلدعوة إىل هللا قدر استطاعته والنصح والتوجيه واإلرشاد للخري والداللة عليه ليكون كالغيث أينما وقع نفع.‏<br />

كما أن على الدول <strong>اإلسالم</strong>ية القيام بتحمل مسؤوليتها بتبليغ الدعوة <strong>اإلسالم</strong>ية إىل اآلفاق لتحقيق منهج هللا<br />

<strong>يف</strong> األرض وإقراره <strong>يف</strong> احلياة اإلنسانية،‏ ولن تقوم الدعوة وتتحقق غايتها <strong>يف</strong> جماالت <strong>السياحة</strong> إال مبن حيمل<br />

رايتها ويسندها وهذا ال يتأتى إال بسلطان يدين ‏َبإلسالم وداعية جيهر ‏َبلبيان فإذا اجتمعت الدعوة والسلطة<br />

كانت الضمانة العظمى لنصرة الدعوة ونشرها وصالح <strong>السياحة</strong> ونفعها و إال فإنه ال ينفع حق ال نفاذ له.‏<br />

ومن أبرز صور دعم الدولة للدعوة <strong>يف</strong> امليدان السياحي السماح بقيامها <strong>يف</strong> املواقع السياحية املناسبة ودعم<br />

القائمني عليها مادايً‏ ومعنوايً‏ وصد توجهات املعرضني واملعادين هلا.‏ )2225(<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى ابن ‏َبز،‏ مجع الشويعر )70-64/6( و )264/3( ، بتصرف.‏<br />

ينظر:‏ جمموع فتاوى شيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ البن قاسم )142/28(.<br />

ينظر:‏ السياسة الشرعية،‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص)‏‎105‎‏(،‏ والطرق احلكمية،‏ البن القيم،‏ ص )280-338(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص‎600‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

، بتصرف.‏<br />

)2222(<br />

)2223(<br />

)2224(<br />

)2225(


وعلى املسلم احملافظة على الظهور ‏َبملظهر الالئق والبعد عن التشبه ‏َبلكفار <strong>يف</strong> امللبس واملأكل واملشرب<br />

واحملافظة على حياء نسائه وإبعادهن عن جمامع الرجال وطلب األماكن الساترة لذلك.‏<br />

وعليه مقاطعة كل من <strong>يف</strong> معاملته إعانة له على فساد <strong>السياحة</strong> وفشو املنكرات فيها من املكاتب السياحية<br />

والوكاالت اليت ترغب <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وكذا املشاريع السياحية املعروفة ‏َبلفساد وانتشار املنكرات<br />

وغريها.‏<br />

وعلى والة األمر واجب عظيم <strong>يف</strong> تنمية <strong>السياحة</strong> املشروعة النقية وتوفري البنية التحتية هلا وتذليل العقبات اليت<br />

تواجه ذلك وبذل اجلهود <strong>يف</strong> جذب الناس إىل هذه <strong>السياحة</strong> وتوعيتهم بضوابطها وآداهبا وحتذيرهم من<br />

منكرات <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وأضرارها وآفاهتا وإنشاء املشاريع السياحية الرائدة وفتح اجملال للقطاع اخلاص<br />

لالستثمار <strong>يف</strong> ذلك مع اإلشراف والرقابة والتوجيه وتفعيل مشاركة اجملتمعات احمللية <strong>يف</strong> تطوير العملية السياحية<br />

وتنظيمها وإدارهتا إبنشاء<br />

اجلمعيات وزايدة الوعي والتثق<strong>يف</strong> عن طريق الندوات واملؤمترات ووسائل اإلعالم.‏<br />

والبد كذلك من العمل على تشكيل جلان خاصة للتنشيط السياحي <strong>يف</strong> كل املناطق السياحية لتفعيل<br />

<strong>السياحة</strong> الداخلية وحتقيق احتياجاهتا ومعاجلة العوائق واملشكالت اليت تواجهها.‏<br />

وجيب أيضاً‏ التوسع <strong>يف</strong><br />

إنشاء وتطوير املعاهد واملراكز والكليات واملناهج املتخصصة <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong><br />

ظل أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وآداهبا وضوابطها مع مراعاة خصوصية اجملتمع <strong>يف</strong> عاداته وتقاليده.‏<br />

كما ينبغي تشجيع املهتمني <strong>يف</strong> تنمية وتطوير <strong>السياحة</strong> الداخلية ومساعدهتم وتوجيههم وحثهم على االلتزام<br />

‏َبلضوابط <strong>اإلسالم</strong>ية واألحكام الشرعية <strong>يف</strong> مشاريعهم لتكون رافداً‏ للسياحة املشروعة النقية وكذا حثهم على<br />

توطني الوظائف السياحية والعناية أبهل الدين واخللق واألمانة والقوة <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

ومن وسائل إعانة القطاع اخلاص على االستثمار <strong>يف</strong> املشاريع السياحية احمللية قيام الدولة مبنح األراضي<br />

أبسعار ميسرة وتقدمي القروض امليسرة وزايدة الفرص االستثمارية املتاحة أمام القطاع اخلاص وتكوين شركات<br />

مسامهة تعمل على االستفادة من املقومات السياحية ‏َبململكة وإماطة اللثام عن الشواط البكر واجلزر<br />

املغمورة واألماكن اجلميلة املطمورة املهملة<br />

يسهم بصورة فعالة ونشطة <strong>يف</strong> ظهور مشاريع وأنشطة سياحية جديدة.‏<br />

ووضع املرافق اخلدمية هلا،‏ وإنشاء صندوق للتنمية السياحية حبيث<br />

وعلى املؤسسات والشركات اليت هلا عالقة ‏َبجملال السياحي واجب دعم النشاط السياحي من خالل املشاركة<br />

<strong>يف</strong> متويل املشاريع السياحية.‏ )2226(<br />

)2226(<br />

ينظر:‏ اجلزيرة،‏ الثالاثء<br />

السبت ‎1421/1/17‎ه ، وعكاظ عدد<br />

‎1421/1/23‎ه ، والرايض العدد<br />

1421/1/20، العدد 10071، والعدد 10074، اجلمعة<br />

‎1421/1/23‎ه ، واملدينة العدد<br />

،13513<br />

12299، السبت<br />

‎1421/1/24‎ه ، واالقتصادية ، العدد<br />

، 2398 واجلمعة<br />

11624، اجلمعة<br />

‎1421/1/16‎ه ، وعكاظ العدد 12292، السبت ‎1421/1/17‎ه ، بتصرف.‏


وعلى والة األمر والقطاع اخلاص واجب مراعاة الفروق الفردية بني الناس <strong>يف</strong> مستوايهتم املادية بتوفري مشاريع<br />

وخدمات سياحية تكون أسعارها معتدلة و<strong>يف</strong> متناول اجلميع؛ ألن األسعار غالباً‏ هي احملور الذي حيدد وجهة<br />

السائح وهي أحد أكرب أسباب اهلروب للسياحة اخلارجية.‏<br />

فعلى والة األمر منع املغاالة <strong>يف</strong> ذلك من خالل اإلشراف واملتابعة والرقابة،‏ ومن الضروري جداً‏ لتحقيق<br />

التنمية املطلوبة للسياحة احمللية املشروعة إجياد وكاالت ومؤسسات للتسويق السياحي ووضع نظام هلا يعني<br />

على رقابتها ومتابعتها وإيقاع العقوَبت على ما يقع منها من خمالفات وجتاوزات <strong>يف</strong> التعامل مع السياح أو <strong>يف</strong><br />

االستثمار غري املشروع أو <strong>يف</strong> الدعاايت واإلعالانت املضللة والومهية وغري املشروعة أو األخالقية،‏ وحنو ذلك.‏<br />

والبد من تشجيع الوكاالت السياحية املوجودة على الدخول <strong>يف</strong> جمال هذه <strong>السياحة</strong> حيث إن هناك حوايل<br />

%50<br />

منها ال تعمل <strong>يف</strong> هذا اجملال وتوجه نشاطها إىل <strong>السياحة</strong> اخلارجية.‏<br />

كما ينبغي االستفادة من كل اخلربات احمللية والدولية <strong>يف</strong> صياغة األنظمة والقوانني املنظمة للعمل السياحي<br />

مع ضرورة متيزها بعدم<br />

قبل خطوة البداية.‏<br />

خمالفة األحكام والقواعد الشرعية والشفافية الكاملة اليت تكفل للسائح معرفة النهاية<br />

كما ينبغي االستفادة من هذه اخلربات <strong>يف</strong> تنسيق وهتيئة برامج اجلذب السياحي مبا يتناسب مع خصوصية<br />

اجملتمع وال يتعارض مع عقيدته وأخالقه وتعاليمه.‏<br />

والبد من إزالة كل أشكال البريوقراطية اإلدراية من اإلجراءات التنظيمية واإلدارية ذات العالقة بقطاع<br />

<strong>السياحة</strong> خاصة فيما يتعلق ‏َبجملاالت اليت تشهد تداخالً‏ <strong>يف</strong> املسئولية بني اجلهات احلكومية املختلفة؛ ألن<br />

ذلك من أكرب عوائق التنمية السياحية.‏<br />

و<strong>يف</strong> سبيل حتقيق احتياجات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة والقضاء على عوائق تنميتها وشوائب شرعيتها ونقائها البد<br />

من عمل الدراسات امليدانية للتعرف على ذلك بصفة دو ر ية.‏ )2227(<br />

)2227( ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ بتصرف.‏


املطلب الثاني<br />

واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.‏


املطلب الثاين:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.‏<br />

إذا كان كان من واجب املسلمني حكاماً‏ وحمكومني احملافظة على قوة وسالمة وبقاء <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />

وتطويرها وتنميتها وتلبية احتياجاهتا ودعم القائمني عليها فمن واجبهم كذلك القضاء على <strong>السياحة</strong> غري<br />

املشروعة <strong>يف</strong> الداخل أو اخلارج ومنع سبلها ووسائلها وسد الذرائع املؤدية هلا ومعاقبة الداعي إليها واملعني<br />

عليها وتوعية الناس وإلزامهم بتجنبها والبعد عنها.‏<br />

وتقوية الوازع الديين عند الناس برتبيتهم على الدين ومحلهم عليه وأطرهم على احلق أطراً‏ واستغالل املناهج<br />

التعليمية والوسائل اإلعالمية <strong>يف</strong> توعيتهم وإرشادهم وبيان مضار وأخطار <strong>السياحة</strong> غري املشروعة هلم واملسلم<br />

إذا ترىب على اإلميان ‏َبهلل واليوم اآلخر واستشعر هول يوم القيامة وما فيه من جزاء وحماسبة محله ذلك على<br />

مراقبة هللا <strong>يف</strong> السر والعلن وردعه عن تلك <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وتولدت لديه قناعات بذلك.‏<br />

وال شك أن الوسائل اإلعالمية – لألسف الشديد – هلا ‏َبلغ األثر <strong>يف</strong> محل الناس على <strong>السياحة</strong> غري<br />

املشروعة من خالل احلمالت اإلعالمية اجلذابة والربامج السياحية املمتعة اخلالبة والصور الفاتنة املميعة للدين<br />

واخللق كما هو مشاهد،‏ فعلى والة األمر مسؤولية اإلصالح والتطهري لوسائل اإلعالم وتوجيهها الوجهة<br />

الصحيحة من خالل نشرها للوعي الديين واخللقي واالجتماعي والصحي واألمين وتقويتها للوازع الديين،‏<br />

ومحلها الناس على <strong>السياحة</strong> املشروعة ‏َبلرتغيب فيها وتطويرها وجذهبم هلا ‏َبلوسائل املشروعة واإلعالانت<br />

السليمة وَبلرتهيب من <strong>السياحة</strong> غري املشروعة وبيان أضرارها وخماطرها ومفاسدها على الفرد واجملتمع ونشرها<br />

للوعي الصحي واحلقائق الطبية املبينة ملخاطر <strong>السياحة</strong> غري املشروعة صحياً‏ فيما يتعلق ‏َبخلمور واملسكرات<br />

والعالقات اجلنسية الشاذة احملرمة اليت جتر على اجملتمع الويالت واحلسرات بنشرها لألمراض الوَبئية والفساد<br />

األخالقي والتفكك األسري.‏<br />

وقد جاءت الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية الغراء ‏َبلتدابري الواقية من املهلكات والعقوَبت العامة وسد الذرائع املفضية<br />

لفساد اجملتمع واحنالله فإذا حرم الرب<br />

– جل وعال –<br />

شيئاً‏ فإن كل الطرق والوسائل املفضية إليه حمرمة<br />

ممنوعة أيضاً‏ حتقيقاً‏ لتحرميه وتثبيتاً‏ له ومنعاً‏ أن يُقرب محاه.‏<br />

و<strong>السياحة</strong> غري املشروعة وسيلة ملفاسد ومهلكات وآفات ومضار وآاثر سلبية كثرية دينياً‏ وخلقياً‏ واجتماعياً‏<br />

وسياسياً‏ وصحياً‏ وأمنياً‏ واقتصادايً،‏ وغري ذلك.‏<br />

فعلى والة األمر مسؤولية منع وردع وسد كل ما <strong>يف</strong>ضي إليها ويعني عليها وأن يكونوا قدوة حسنة لرعيتهم <strong>يف</strong><br />

ترك ذلك والتشجيع على <strong>السياحة</strong> النقية الطاهرة غري املخالفة للشريعة وأحكامها وآداهبا وليس إقامة أمر<br />

الدين مما جيب عليهم دون غريهم لكنهم أوىل به وأحق ‏َبستعماله واألخذ آبدابه خلصال متعددة منها أن نعم<br />

هللا عليهم أظهر فاألوىل أن يكونوا له أشكر وأطوع وإىل أوامره ونواهيه أسرع،‏ ومنها أن مقامهم مقام الذب<br />

عن حوزة الدين والقيام أبمور املسلمني فإذا ضيعوا شيئاً‏ مما فوض إليهم ضاع،‏ ومنها أن فعل الوالة أفعال


وقوهلم أقوال؛ ألهنم ممن يقتدى هبم <strong>يف</strong> أفعاهلم ويؤمتر أبوامرهم فتصري أقواهلم سنناً‏ وأفعاهلم سرياً‏ تبقى على مر<br />

الزمان وتتابع األايم،‏ وعلى العلماء املصلحني واجب النصيحة هلم ولعامة املسلمني حلملهم على منع وإلغاء<br />

كل وسائل الفساد وحثهم على تطهري اجملتمع وتوعيته هبا ليحذرها ويتجنبها رغبة أو رهبة،‏ فالنيب يقول:‏<br />

‏))الدين النصيحة قلنا:‏ ملن اي رسول هللا،‏ قال:‏ هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة املسلمني وعامتهم((‏ )2228(<br />

واجلائز من األمر ‏َبملعروف والنهي عن املنكر مع السالطني التعر<strong>يف</strong> والوعظ أبدب وأما تشني القول فإن<br />

كان حيرك فتنة يتعدى شرها للغري مل جيز؛ ألن املنكر ال يدفع مبنكر أعظم ومفسدة أكرب،‏ وأما ما جرى<br />

للسلف<br />

من التعرض ألمرائهم فإهنم كانوا يهابون العلماء فإذا انبسطوا إليهم احتملوهم <strong>يف</strong> األغلب وال شك <strong>يف</strong><br />

مراعاهتم جلانب املصلحة واملفسدة <strong>يف</strong> ذلك وحال اخلل<strong>يف</strong>ة وطبائعه ونوع األسلوب املؤثر فيه.‏<br />

وعلى كل حال فاآلمر<br />

‏َبملعروف والناهي عن املنكر ينبغي أن يكون عاملاً‏ متواضعاً‏ رفيقاً‏ فيما يدعو إليه<br />

شفيقاً‏ رحيماً‏ غري فظ وال غليظ القلب وال متعنتاً‏ وال منافقاً‏ وال مرائياً‏ وال مداهناً‏ وال مفاخراً‏ وال ممن خيالف<br />

قوله فعله.‏<br />

و<strong>يف</strong> رسولنا أسوة حسنة وقد كان رفيقاً‏ <strong>يف</strong> دعوته رحيماً‏ أبمته حريصاً‏ على هداية اجلميع ومل تكن الغلطة<br />

والشدة وإساءة القول أو الفعل طريقاً‏ له <strong>يف</strong> الدعوة والنصح.‏<br />

وعلى املسلمني التناصح فيما بينهم واألمر ‏َبملعروف والنهي عن املنكر واحلث على <strong>السياحة</strong> املشروعة<br />

والتحذير مما خيالفها وهجر من جياهر ‏َبملعاصي ويقيم عليها حىت يتوب منها وهو خيتلف ‏َبختالف اهلاجرين<br />

<strong>يف</strong> قوهتم وضعفهم وقلتهم وكثرهتم فاملقصود به زجر املهجور وأتديبه ورجوع العامة عن مثل حاله فإن كانت<br />

املصلحة <strong>يف</strong><br />

ذلك راجحة حبيث <strong>يف</strong>ضي هجره إىل ضعف الشر وخفته كان مشروعاً‏ و إال فال وهذا اهلجر من<br />

‏َبب العقوَبت الشرعية حلق هللا تعاىل فهو من جنس اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا فإنه <strong>يف</strong>عل لتكون كلمة هللا هي<br />

العليا ويكون الدين كله هلل،‏ ومن املؤسف أن كثرياً‏ من املسلمني يستقبل العائدين من سياحتهم غري املشروعة<br />

‏َبحلفالت والوالئم احتفاءً‏ هبم وهذا إقرار هلم على املنكر ودافع هلم إىل االستمرار فيه وهو غش هلم برتك<br />

إصالحهم ونصحهم.‏<br />

ولذا يعود كثري منهم مشبعاً‏ ‏َبألفكار االستعمارية ليحكي مغامراته البشعة وصفقاته اخلاسرة واإلشادة والثناء<br />

واإلعجاب واملديح لبالد الكفر والفساد وما فيها من إَبحية واحنالل خلقي وانتقاد واهتام <strong>اإلسالم</strong> ‏َبلتحجر<br />

والرجعية وفرض القيود على احلرية بزعمه والتشكيك <strong>يف</strong> حمبة هللا للمؤمنني حبرماهنم مما لدى الكفار من متع<br />

)2228(<br />

أخرجه البخاري،‏ ‏َبب قول النيب الدين النصيحة،‏ كتاب اإلميان ، ص)‏‎7‎‏(،‏ ومسلم <strong>يف</strong> ‏َبب بيان أن الدين النصيحة،‏ رقم<br />

،)55( ص .)689(<br />

ومن النماذج املشرقة <strong>يف</strong> عصران هذا جهود الشيخ حممد بن إبراهيم <strong>يف</strong> مكاتبة والة األمر ملنع كل املشاريع السياحية احملرمة ووسائل اللهو<br />

الباطل من سينما ومقاهي وغريها.‏ ينظر:‏ فتاواه )259-10-9(.


:<br />

ومباهج وزخارف الدنيا وقد غاب عنه قول احلق -<br />

– تبارك وتعاىل<br />

)2229(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

–<br />

والبد للحد من هذه الظواهر اخلطرية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> من وضع ضوابط وقيود على الراغبني <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اخلارجية<br />

يتوالها من عرف بصالحه وتقواه وتتمثل <strong>يف</strong> منع القصر والسفهاء واملعروفني ‏َبالحنراف والفساد واالحنالل أو<br />

من ليس لديهم سبب شر<strong>يف</strong> وغرض مشروع ومقصد حالل من السفر للخارج حفاظاً‏ على أمن األمة<br />

وقيمها ومقدراهتا ومسعتها وعلى كل مسلم مناصحة القائمني على املناشط السياحية الداخلية وتو<strong>يف</strong>هم ‏َبهلل<br />

عز وجل –<br />

ووعظهم وتذكريهم خبطورة املنكرات واحملاذير املشتملة عليها ومحلهم على تنقيتها من كل<br />

شائبة لتكون سياحتنا نقية من املخالفات ساملة من املفاسد،‏ والبد ألهل اخلري والصالح من زايرة األماكن<br />

السياحية الداخلية ورصد ما فيها من منكرات وخمالفات الطالع املسؤولني عليها وبذل الوسع <strong>يف</strong> مزامحة<br />

املناشط الفاسدة ‏َبلنافعة املفيدة املناسبة ونصح الناس برفق وأدب،‏ مث مقاطعة كل املناشط احملرمة املنكرة<br />

والتحذير منها ودعوة الناس إىل جتنبها وهجرها.‏<br />

والبد أيضاً‏ للحد من املنكرات <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الداخلية من تقوية وتدعيم هيئة األمر ‏َبملعروف والنهي عن<br />

املنكر،‏ وزايدة أعضائها ومراكزها وصالحياهتا،‏ وتفعيل األنظمة اليت تساعد على استتباب األمن وقطع دابر<br />

الشر والفساد وتفعيل الوعي الديين من خالل اخلطب واملناهج ووسائل اإلعالم للحث على جتنب املنكرات<br />

واملناشط السياحية غري املشروعة وتوسيع نطاق عمل مكاتب الدعوة واإلرشاد ومراكز األحياء واملراكز<br />

الص<strong>يف</strong>ية لتوعية اجملتمع وتثق<strong>يف</strong>ه من خالل براجمها التوعوية واالجتماعية والرتفيهية.‏<br />

وكذا البد من تفعيل الدور اإلعالمي اهلادف بكافة وسائله لتعزيز الوعي الشرعي واالجتماعي واألمين<br />

والرتبوي ومنع التجاوزات املوجودة <strong>يف</strong> بعض الوسائل اإلعالمية واحلزم <strong>يف</strong> معاقبتها ومعاقبة كل من خيل<br />

‏َبآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية واألحكام الشرعية من السياح أو القائمني على املناشط السياحية،‏ وتذكري وتنبيه أولياء األمور<br />

‏َبملسؤولية امللقاة على عاتقهم <strong>يف</strong> متابعة أسرهم وأوالدهم وزايدة هامش احلرية املنضبطة والتوسع <strong>يف</strong> إقامة الربامج<br />

والفعاليات السياحية الدعوية الرتوحيية اليت يقوم عليها أهل اخلري والصالح واليت أثبتت رغم قلتها وضعف دعمها<br />

كبري األثر والنفع للمجتمع.‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية<br />

. 55<br />

)2229(


كما جيب على املسؤولني عن صناعة <strong>السياحة</strong> وضع ضوابط تكفل للسياحة خلوها من املنكرات واملفاسد<br />

واحملاذير الشرعية وتضمن وجود سياحة نقية مالئمة خلصائص اجملتمع وتقاليده وأخالقه.‏<br />

ومن ذلك مثالً:‏ االهتمام خبصوصية املرأة ووضع األماكن السياحية املناسبة هلا،‏ ومنع كل سبل االختالط <strong>يف</strong><br />

األماكن السياحية.‏ )2230(<br />

فيجب توجيه املسؤولني عن املرافق السياحية مبنع النساء من اخلروج متزينات متجمالت كاسيات عارايت<br />

ومنعهن من حمادثة الرجال <strong>يف</strong> الطرقات واالختالط احملرم بينهم فإنه أصل كل شر وبلية وهو أعظم أسباب<br />

نزول العقوَبت العامة وفساد أمور العامة واخلاصة وكثرة الفواحش،‏ كما جيب عليها توجيههم مبنع كل<br />

)2231(<br />

السلوكيات املخالفة لدى السياح ومعاجلتها ‏َبلطرق املناسبة وسد ذرائع الفساد وقطع دابر الفتنة.‏<br />

)2230(<br />

ينظر فيما تقدم:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها،‏ هاشم انقور،‏ ص )295( وما بعدها،‏ ونصيحة امللوك ، للماوردي،‏ ص)‏‎207‎‏(‏ وما<br />

بعدها،‏ واآلداب الشرعية،‏ البن مفلح )196/1<br />

، 214 ،<br />

)2231(<br />

259( ، واالحتساب على خمالفات السفر،‏ د/خالد القرشي،‏ ص )103(،<br />

واهلجر الشرعي لشيخ <strong>اإلسالم</strong>،‏ ص )19-11(، وتذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر،‏ عبد هللا اجلار هللا،‏ ص )43( وما بعدها.‏<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص )489(، بتصرف.‏


الفصل الثالث<br />

واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية


املبحث األول<br />

اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />

املطلب األول<br />

نشأتها وأهدافها وخمططاتها.‏


املبحث األول:‏ اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية:‏<br />

املطلب األول:‏ نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.‏<br />

اهليئة العليا للسياحة ليست أبول منظمة سياحية،‏ فقد وجد <strong>يف</strong> الدول الصناعية قبلها منظمات سياحية حملية<br />

ودولية منها:‏ منظمة <strong>السياحة</strong> العاملية،‏ واالحتاد الدويل للخرباء السياحيني،‏ واالحتاد اإلفريقي ‏)األفرا(‏ والعريب<br />

‏)األكور(‏ ، واحتاد املنظمات السياحية ألمريكا الالتينية،‏ وغريها،‏ لكن هذه اهليئة هي األوىل من نوعها <strong>يف</strong><br />

اململكة العربية السعودية وهلا نظام مييزها عن سائر املنظمات األخرى نظراً‏ خلصوصية البالد وأهلها.‏<br />

وهلذه اهليئات واملنظمات دور حيوي وهام <strong>يف</strong> كافة جوانب النشاط السياحي،‏ ويتلخص دورها <strong>يف</strong> رسم<br />

السياسة العامة لصناعة <strong>السياحة</strong> وتنميتها وتطويرها وتبادل اخلربات مع اآلخرين وإعطاء التسهيالت اخلاصة<br />

ملن يقوم هبذا النشاط والتشاور بني األعضاء فيما خيدم مصلحة <strong>السياحة</strong>.‏ )2232(<br />

أوالً:‏ نشأة اهليئة العليا للسياحة:‏<br />

متهيد حول بيان واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة:‏<br />

هتتم الدول <strong>يف</strong> العامل املعاصر بتنظيم <strong>السياحة</strong> لكوهنا من معامل احلضارة احلديثة وعنوان تقدمها وعنصراً‏ أساسياً‏<br />

<strong>يف</strong> اقتصادها،‏ ‏"و<strong>السياحة</strong> بكوهنا ظاهرة اقتصادية واجتماعية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية ال تعد أمراً‏ جديداً‏<br />

أو هامشياً،‏ حيث بينت األحباث أن <strong>السياحة</strong> الداخلية <strong>يف</strong> عام ‎1422‎ه ‏)الرحالت السياحية اليت يقوم هبا<br />

السكان اليت تتضمن اإلقامة لليلة واحدة أو أكثر داخل اململكة(‏ قد نتج عنها ما يقارب<br />

رحلة،‏ وبلغ جمموع نفقاهتا ما يقارب<br />

لغرض قضاء أوقات الفراغ،‏ بينما كان<br />

و<strong>يف</strong> العام نفسه زار اململكة حوايل<br />

و‎%22‎<br />

57.6<br />

50.7<br />

بليون رايل سعودي،‏ وكانت حوايل<br />

%36<br />

%26<br />

7.5<br />

مليون<br />

من هذه الرحالت<br />

منها لزايرة األصدقاء واألقارب،‏ و‎%23‎ ألسباب دينية.‏<br />

مليون سائح أجنيب؛ وذلك لألغراض الدينية )%36 للعمرة،‏<br />

للحج(،‏ وكذلك ألغراض أخرى مثل زايرة األصدقاء واألقارب اليت شكلت ما نسبته<br />

اإلمجايل م تقدير جمموع النفقات حبوايل<br />

املواطنني السياحية لوجهات أجنبية<br />

%19، ومن<br />

12.8<br />

7.9<br />

بليون رايل.‏ و<strong>يف</strong> الوقت نفسه،‏ بلغ جمموع رحالت السكان<br />

مليون رحلة،‏ واستنزفت ما يقارب<br />

بليون رايل.‏ 27.6<br />

)2232( مبادئ <strong>السياحة</strong>،‏ د/‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس،‏ ص )49-48( بتصرف.‏


و<strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية حوايل 800 فندق،‏ حتتوي على أكثر من 81.000 غرفة،‏ كما يوجد أيضاً‏<br />

على األقل مبىن لشقق سكنية مفروشة توفر أكثر من شقة سكنية،‏ ‏َبإلضافة إىل السكن<br />

45.000<br />

2.456<br />

اخلاص.‏ وهناك ما يقارب<br />

1.100<br />

يعتمدون على الزوار من داخل اململكة وخارجها بدرجات خمتلفة.‏<br />

شركة سفر وسياحة تعمل <strong>يف</strong> اململكة والعديد من موفري اخلدمات الذين<br />

ومن الواضح أن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة تعد حالياً‏ صناعة ذات وزن؛ وذلك فيما خيص املنشآت وعدد السياح<br />

الذين تستقبلهم اململكة.‏ و<strong>يف</strong> الواقع تعد اململكة من هذا املنطلق أكرب الوجهات السياحية <strong>يف</strong> الشرق<br />

األوسط،‏ وهي أيضاً‏ أكرب مولد للسياحة اخلارجية <strong>يف</strong> املنطقة.‏<br />

ومن منطلق اقتصادي،‏ تسهم النشاطات السياحية مبا نسبته<br />

<strong>السياحة</strong> صناعة مولدة للفرص الوظ<strong>يف</strong>ية أيضاً‏ حيث يتوافر<br />

%4.6<br />

600.000<br />

%15-10<br />

فقط منها."‏ )2233(<br />

وق د ج اء ص دور الق رار امللك ي الك رمي<br />

للس ياحة<br />

برائس ة األم ري س لطان ب ن عب د العزي ز،‏ وعضوية عش رة وزاراء<br />

‏َبعتباره قطاعاً‏ ثقافياً‏ واجتماعياً‏ واقتصادايً‏ مهماً،‏<br />

اجلهات املسؤولة<br />

‏َبلتخطيط لتطويره وتنميته،‏<br />

من انتج اإلمجايل احمللي،‏ كما تعد<br />

وظ<strong>يف</strong>ة،‏ يعمل املواطنون <strong>يف</strong> حوايل<br />

رق م )9( واتري خ ‎1421/1/12‎ه ، والقاض ي إبنش اء اهليئ ة العلي ا<br />

أتكي داً‏ عل ى<br />

اعتم اد قط اع الس ياحة<br />

وأتكيداً‏ على أن <strong>السياحة</strong> الداخلي ة واقع اً‏ وطني اً‏ يس تلزم قي ام<br />

مبا يتالءم م ع طبيع ة ال بالد وخصوص يتها ومب ا ال يتن اَف مع أحك ام الش ريعة اإلس المية الس محة،‏ وق د اش تمل<br />

النظام األساسي للهيئة على املواد التالية )2234( :<br />

‏"املادة األوىل:‏<br />

تنشأ<br />

مبوجب هذا التنظيم هيئة عليا تسمى ( اهليئة العليا للسياحة ) ويشار إليها فيما بعد<br />

املادة الثانية:‏<br />

يكون للهيئة شخصية اعتبارية مستقلة ، وترتبط برئيس جملس الوزراء،‏ ويكون<br />

وهلا إنشاء فروع أو مكاتب حسب احلاجة.‏<br />

‏َبهليئة<br />

مقرها الرئيس مدينة الرايض ،<br />

)2233(<br />

)2234(<br />

خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

وجريدة الشرق األوسط،‏ العدد<br />

واجلزيرة،‏<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

. وجزيرة اجلزيرة،‏ العدد<br />

10064، الثالاثء ‎1421/1/13‎ه ،<br />

7812، الثالاثء<br />

‎1421/1/13‎ه ، وجريدة عكاظ،‏ العدد<br />

،12310<br />

األربعاء،‏<br />

‎1421/2/6‎ه ،<br />

1006، اخلميس،‏ ‎1421/1/15‎ه .


وهبذا يتكون اهليكل اإلداري للهيئة على النحو التايل )2235( :<br />

)2235( خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏


املادة الثالثة:‏<br />

غرض اهليئة األساسي االهتمام ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة،‏ وتنميتها،‏ وتطويرها ، والعمل على تعزيز دور قطاع<br />

<strong>السياحة</strong> ، وتذليل معوقات منوه ، ‏َبعتباره رافداً‏ مهماً‏ من روافد االقتصاد الوطين ويضطلع القطاع األهلي<br />

‏َبلدور الرئيس <strong>يف</strong> إنشاء املنشآت السياحية االستثمارية.‏<br />

-1<br />

املادة الرابعة:‏<br />

تقوم اهليئة بوضع السياسة العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره ، وتشمل اختصاصاهتا ( دون حصر ) ما<br />

يلي:‏<br />

إقامة مشروعات البنية األساسية للمناطق السياحية املختلفة ووضع الربامج الالزمة الستكماهلا .<br />

-2<br />

-3<br />

تذليل املعوقات اليت يتعرض هلا النشاط السياحي وتقدمي التسهيالت واحلوافز للمستثمرين.‏<br />

إقامة مركز معلومات شامل وإعداد خطة إعالمية لتشجيع <strong>السياحة</strong> وتنشيطها وذلك بعد التنسيق مع<br />

اجلهات ذات العالقة وإصدار املواد اإلعالمية الالزمة .<br />

-4<br />

إجراء مسح شامل للمناطق السياحية <strong>يف</strong> اململكة وحتديثه دورايً‏ ‏َبالتفاق مع اجلهات املعنية وتقومي<br />

اإلمكاانت السياحية لكل منطقة .<br />

-5<br />

دعم اجلهود اليت تساعد على تنمية <strong>السياحة</strong> وتشجيعها واحملافظة على املواقع السياحية واحلرف<br />

والصناعات واألسواق الشعبية ومحايتها من االنداثر.‏<br />

تنسيق اجلهود بني اجلهات احلكومية<br />

واألهلية املعنية فيما خيدم أغراض اهليئة .<br />

-6<br />

تعزيز التعاون والتنسيق بني<br />

اململكة والدول األخرى مبا حيقق أهداف القطاع السياحي ‏َبململكة.‏<br />

جملس إدارة اهليئة<br />

-7<br />

املادة اخلامسة:‏<br />

يكون للهيئة جملس إدارة يشكل على النحو اآليت:‏<br />

صاحب السمو امللكي النائب الثاين لرئيس جملس الوزراء ووزير الدفاع والطريان واملفتش<br />

رئيساً‏


العام<br />

صاحب السمو امللكي وزير الشؤون البلدية والقروية<br />

صاحب السمو امللكي وزير الداخلية<br />

ص احب الس مو امللك ي وزي ر اخلارجي ة والعض و املنت دب للهيئ ة الوطني ة حلماي ة احلي اة<br />

الفطرية وإمنائها<br />

صاحب السمو امللكي الرئيس العام لرعاية الشباب<br />

معايل وزير املالية<br />

معايل وزير التخطيط واالقتصاد الوطين<br />

معايل وزير التجارة والصناعة<br />

معايل وزير الزراعة<br />

معايل وزير الرتبية والتعليم<br />

معايل وزير الكهرَبء واملياه<br />

معايل وزير احلج<br />

معايل وزير الثقافة واإلعالم<br />

األمني العام للهيئة<br />

املهندس/‏ عادل حممد عبد القادر فقيه<br />

األستاذ/‏ فيصل بن فهد بن تركي بن أمحد السديري<br />

األستاذ/‏ إبراهيم بن عبد الرمحن البليهي<br />

املهندس/‏ راشد بن سعد الراشد<br />

الدكتور/‏ أمحد بن عمر بن حممد آل عقيلي الزيلعي<br />

حيىي بن مرضي صويلح الزهراين<br />

الدكتور/‏ علي بن عيسى بن حممد الشعيب<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

عضواً‏<br />

اختصاصات جملس اإلدارة<br />

-1<br />

املادة السادسة:‏<br />

جملس إدارة اهليئة هو السلطة املهيمنة على شؤون اهليئة وتصر<strong>يف</strong> أمورها ، ويتخذ مجيع القرارات الالزمة<br />

لتحقيق أغراضها <strong>يف</strong> حدود هذا التنظيم ، وله على وجه اخلصوص ما يلي:‏<br />

املوافقة على مشروع السياسة العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره ورفعه إىل جملس الوزراء.‏


2- إقرار اخلطط والربامج الالزمة<br />

إصدار اللوائح 3-<br />

لتنفيذ السياسة العامة لتنمية وتطوير قطاع <strong>السياحة</strong> .<br />

اإلدارية اليت تسري عليها اهليئة ، وإصدار اللوائح املالية ‏َبالتفاق مع وزارة<br />

اخلدمة املدنية .<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

النظر <strong>يف</strong> التقارير الدورية اليت تقدم عن سري العمل <strong>يف</strong><br />

املوافقة على مشروع ميزانية اهليئة وحساهبا اخلتامي .<br />

اهليئة .<br />

تكوين جلان دائمة أو مؤقتة من األعضاء أو من غريهم ، ألداء مهام معينة ، وهلا االستعانة مبن تراه<br />

لدراسة ما يكلفها به اجمللس .<br />

-7<br />

-8<br />

تكوين<br />

جلان استشارية من خرباء متخصصني .<br />

املوافقة على التقرير السنوي للهيئة <strong>يف</strong> هناية كل عام متهيداً‏ لرفعه إىل رئيس جملس الوزراء .<br />

9- جمللس إدارة اهليئة أن <strong>يف</strong>وض بعضاً‏ من صالحياته لرئيس جملس اإلدارة أو لألمني العام للهيئة .<br />

-10<br />

اقرتاح مشروعات األنظمة واللوائح املتعلقة ‏َبلسياحة ومراجعة األنظمة القائمة واقرتاح تعديلها .


معه<br />

اجتماعات جملس اإلدارة<br />

املادة السابعة:‏<br />

تنعقد اجتماعات جملس إدارة اهليئة بصفة دورية مرتني على األقل <strong>يف</strong> السنة ولرئيس اجمللس دعوته كلما دعت<br />

احلاجة إىل ذلك .<br />

املادة الثامنة:‏<br />

جيتمع جملس إدارة اهليئة برائسة رئيس اجمللس أو من ينيبه وال يكون االجتماع نظامياً‏ إال حبضور أغلبية<br />

األعضاء ، وتصدر القرارات مبوافقة أغلبية أصوات احلاضرين ، وعند التساوي يرجح اجلانب الذي يصوت<br />

الرئيس .<br />

األمني العام للهيئة واختصاصاته<br />

املادة التاسعة:‏<br />

يكون للهيئة أمني عام يعني أبمر ملكي.‏ )2236(<br />

)2236(<br />

وقد صدر األمر امللكي رقم أ/‏‎90‎ واتريخ<br />

1412/8/27<br />

بتعيني صاحب السمو امللكي األمري سلطان بن سلمان بن عبد العزيز<br />

آل سعود أميناً‏ عاماً‏ للهيئة مبرتبة وزير،‏ وفيما يلي نبذة موجزة عنه:‏<br />

ولد <strong>يف</strong> ‎18‎‏/ذي القعدة ‎1375‎ه املوافق ‎27‎‏/يونيو ‎1956‎م مبدينة الرايض ونشأ هبا حيث تلقى تعليمه االبتدائي والثانوي،‏ مث ابتعث<br />

بعد ذلك إىل الوالايت املتحدة األمريكية حيث درس اإلعالم والطريان و<strong>يف</strong> عام ‎1982‎م عاد إىل اململكة العربية السعودية وشغل وظ<strong>يف</strong>ة<br />

‏َبحث إبدارة اإلعالم اخلارجي بوزارة اإلعالم،‏ و<strong>يف</strong> عام ‎1984‎م كلف انئباً‏ ملدير جلنة اإلعالم األوملبية للمملكة العربية السعودية <strong>يف</strong> دورة<br />

األلعاب األوملبية بلوس أجنلوس،‏ و<strong>يف</strong> وقت الحق من نفس العام وعند إنشاء إدارة اإلعالن بوزارة اإلعالم توىل منصب مدير اإلدارة<br />

املكلف.‏<br />

كما أنيطت بسموه عام ‎1985‎م مهمة أخصائي احلمولة على منت مكوك الفضاء ‏/ديسكفري/‏ <strong>يف</strong> رحلته<br />

شوال ‎1405‎ه / املوافق/‏<br />

6 رمضان إىل 29 جي/‏ 51<br />

24 إىل 17<br />

يونيو ‎1985‎م / حيث مثل املنظمة العربية لالتصاالت الفضائية/‏ عربسات/‏ للمشاركة <strong>يف</strong> إطالق<br />

قمر االتصالت/‏ 1 يب/‏ وكان ضمن الطاقم املالحي املكون من سبعة رواد من الوالايت املتحدة اإلمريكية وفرنسا.‏<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎1985‎م عني ضابطاً‏ <strong>يف</strong> القوات اجلوية امللكية السعودية وترقى هبا حتىحصل على ربتة عقيد طيار <strong>يف</strong> عام ‎1994‎م وتقاعد<br />

مبكراً‏ <strong>يف</strong> عام ‎1996‎م من اخلدمة العسكرية بطلب منه.‏<br />

وشارك <strong>يف</strong> عام ‎1985‎م <strong>يف</strong> أتسيس مجعية مستكشفي الفضاء وهي مجعية دولية تضم <strong>يف</strong> عضويتها رواد الفضاء وبقي <strong>يف</strong> جملس إدارهتا<br />

لعدة سنوات وال يزال عضواً‏ فيها.=‏<br />

‏=ومسوه الرئيس الفخري جلمعية احلاسبات السعودية من عام ‎1991‎م حىت عام ‎1998‎م،‏ ويرأس اللجنة االستشارية ملشروع واحة العلوم<br />

اليت يزمع إنشاؤها <strong>يف</strong> مدينة الرايض.‏<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎1989‎م م انتخابه رئيساً‏ جمللس إدارة مجعية األطفال املعاقني ‏َبململكة العربية السعودية وأعيد انتخابه <strong>يف</strong><br />

‎1998‎م.‏<br />

ويرأس جملس أمناء مركز األمري سلمان ألحباث اإلعاقة ‏َبململكة العربية السعودية منذ عام ‎1992‎م.‏<br />

و 1995 و 1992


-1<br />

املادة العاشرة:‏<br />

األمني العام للهيئة هو املسؤول التنفيذي عن إدارة اهليئة وفقاً‏ هلذا التنظيم وما يقرره جملس إدارة اهليئة ، وعليه<br />

بوجه خاص:‏<br />

اقرتاح مشروع السياسة العامة لتنمية وتطوير قطاع <strong>السياحة</strong> ، واخلطط والربامج الالزمة لتنفيذ ذلك بعد<br />

دراستها ومناقشتها مع اجلهات ذات العالقة .<br />

-2<br />

-3<br />

إعداد مشروع<br />

متثيل<br />

امليزانية السنوية للهيئة ورفعه إىل جملس اإلدارة واعتماده .<br />

اهليئة لدى اجلهات احلكومية واملؤسسات واهليئات األخرى ذات العالقة داخل اململكة<br />

وخارجها .<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

املوافقة على الربامج والندوات ومجيع نشاطات اهليئة <strong>يف</strong> حدود<br />

إعداد اللوائح الالزمة لسري العمل<br />

<strong>يف</strong> اهليئة .<br />

امليزانية السنوية املخصصة للهيئة .<br />

الصرف من امليزانية املعتمدة واتاذ مجيع اإلجراءات املالية وفق األنظمة واللوائح املقررة .<br />

االشراف على سري العمل <strong>يف</strong> اهليئة من خالل اللوائح املعتمدة .<br />

إعداد التقارير اخلاصة بتنفيذ خطط اهليئة وبراجمها ودراساهتا،‏ وعرضها على جملس إدارة اهليئة .<br />

أحكام عامة<br />

ومسوه الرئيس الفخري للجمعية السعودية لعلوم العمران منذ عام ‎1992‎م وهي مجعية متخصصة <strong>يف</strong> جمال البيئة املبنية <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />

السعودية.‏<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎1996‎م أسس مسابقة األمري سلطان بن سلمان حلفظ القرآن الكرمي لألطفال املعاقني ‏َبململكة العربية السعودية.‏<br />

وهو رئيس مؤسسة الرتاث منذ عام ‎1996‎م وهي مؤسسة مقرها الرايض وتعمل <strong>يف</strong> جمال احلفاظ وتنمية االهتمام ‏َبلرتاث السعودي وال<br />

هتدف إىل الربح بشكل أساسي.‏<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎1996‎م كلف رئيساً‏ للجنة اليت قامت إبعداد دراسة برانمج تطوير املنطقة التارخيية ‏َبلدرعية و<strong>يف</strong> عام ‎1999‎م أسس جائزة<br />

األمري سلطان بن سلمان للرتاث العمراين،‏ وحصل <strong>يف</strong> عام ‎1999‎م على شهادة املاجستري <strong>يف</strong> جمال العلوم السياسية واالجتماع من كلية<br />

‏َبكسويل <strong>يف</strong> جامعة سرياكيوز األمريكية.‏<br />

و<strong>يف</strong> عام ‎2000‎م اختري عضواً‏ جمللس اإلدارة التأسيسي جلمعية خرجيي معهد العاصمة النموذجي ‏َبلرايض.‏<br />

ولسموه مشاركات أخرى،هي:‏<br />

عضو ‏َبجلمعية السعودية اجلغرافية.‏ عضو جبمعية مستكشفي الفضاء.‏ عضو ‏َبجلمعية الفلكية الربيطانية.‏ عضو ‏َبجلميعة اجلغرافية<br />

األمريكية.‏ عضو ‏َبجلمعية الفضائية األمريكية.‏ عضو برانمج الفضائيني الشباب / الوالايت املتحدة األمريكية/.‏ عضو ‏َبجلمعية الوطنية<br />

للفضاء / الوالايت املتحدة األمريكية/.‏ عضو مبعهد الدراسات الفضائية / جامعة برنستون/‏ . عضو أبكادميية رواد الفضاء الدويل/‏<br />

فرنسا/‏ . عضو مشارك بندوة األوضاع الدولية / الوالايت املتحدة.‏<br />

ينظر:‏ جريدة عكاظ،‏ العدد<br />

12310، األربعاء<br />

‎1421/2/6‎ه ، و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

. /http://WWW.sct.gov.sa


املادة احلادية عشرة:‏<br />

تطبق على منسويب اهليئة أنظمة ولوائح اخلدمة املدنية <strong>يف</strong> األمور اليت ال يتم تنظيمها مبوجب اللوائح اليت<br />

تصدر وفقاً‏ للفقرة الثالثة من املادة السادسة من هذا التنظيم كما خيضع عمال اهليئة لنظام التأمينات<br />

االجتماعية .<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

املادة الثانية عشرة:‏<br />

يكون للهيئة ميزانية مستقلة تعد وتصدر وفقا لرتتيبات إصدار امليزانية العامة للدولة ويصرف منها وفقا<br />

لتعليمات ميزانية الدولة وتتكون أموال اهليئة من:‏<br />

االعتمادات<br />

اليت تصص هلا <strong>يف</strong> ميزانية<br />

الدولة .<br />

اهلبات واإلعاانت واملنح والوصااي اليت تقبلها اهليئة وفقا لقواعد يضعها جملس إدارة اهليئة .<br />

املوارد األخرى اليت يقرر جملس إدارة اهليئة إضافتها إىل أموال<br />

املقابل املايل للعضوية وحيدد مقداره<br />

واخلدمات اليت تقدمها اهليئة .<br />

اهليئة .<br />

بقرار من جملس إدارة اهليئة،‏ ويستو<strong>يف</strong> من املستثمرين املستفيدين<br />

املادة الثالثة عشرة:‏<br />

تبدأ السنة املالية للهيئة وتنتهي مع السنة املالية<br />

للدولة،‏ واستثناء من ذلك تبدأ السنة<br />

األوىل<br />

للهيئة من اتريخ<br />

إنشائها .<br />

املادة الرابعة عشرة:‏<br />

مع عدم اإلخالل حبق ديوان املراقبة العامة <strong>يف</strong> الرقابة على حساَبت اهليئة يعني جملس إدارة اهليئة مراجعاً‏ أو<br />

أكثر للحساَبت من األشخاص ذوي الصفة الطبيعية الذين تتوافر فيهم شروط مراجعي احلساَبت وحيدد<br />

جملس اإلدارة مكافأهتم،‏ و<strong>يف</strong> حالة تعدد املراجعني يكونون مسؤولني ‏َبلتضامن .<br />

املادة اخلامسة عشرة:‏<br />

ترفع اهليئة حساهبا اخلتامي إىل جملس الوزراء خالل ثالثة أشهر على األكثر من اتريخ انتهاء السنة املالية،‏<br />

كما ترفع تقريراً‏ سنوايً‏ عن أعماهلا إىل رئيس جملس الوزراء،‏ ويزود ديوان املراقبة العامة بنسخة من احلساب


اخلتامي للهيئة ونسخة من التقرير السنوي .<br />

نشره".‏ )2237(<br />

املادة السادسة عشرة:‏<br />

ينشر هذا التنظيم <strong>يف</strong> اجلريدة الرمسية،‏ ويعمل به من<br />

اتريخ<br />

)2237(<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

وجريدة الشرق األوسط،‏ العدد<br />

واجلزيرة،‏<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

. وجزيرة اجلزيرة،‏ العدد<br />

10064، الثالاثء ‎1421/1/13‎ه ،<br />

7812، الثالاثء<br />

‎1421/1/13‎ه ، وجريدة عكاظ،‏ العدد<br />

12310، األربعاء،‏ ‎1421/2/6‎ه ،<br />

1006، اخلميس،‏ ‎1421/1/15‎ه .<br />

وخطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏<br />

ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

/http://WWW.mas.gov.sa


"<br />

اثنياً:‏ أهداف اهليئة العليا للسياحة:‏<br />

جاء <strong>يف</strong> خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية بيان اهلدف من إنشاء اهليئة العليا للسياحة وحتديد الرؤية هلا،‏ فقالت:‏<br />

تس عى اململك ةُ‏ العربي ةُ‏ الس عوديةُ‏ وه ي مَه دُ‏ اإلس المِّ،‏ إىل تنمي ة س ياحية قيم ة وممي زة،‏ ذاتِّ‏ مناف ‏َع<br />

اجتماعي ة ، وثقافي ة ، وبيئي ة ، واقتص ادية ، انطالق اً‏ م ن قِّيَمِّه ا اإلس الميةِّ،‏ وأص الةِّ‏ تُراثِّه ا العري ق وضِّ‏ يافَتِّها<br />

التقليدية".‏<br />

وم تفصيل ذلك <strong>يف</strong> أهداف رئيسة وأخرى تنفيذية،‏ وذلك على النحو التايل:‏<br />

أ.‏ األهداف الرئيسية:‏<br />

تتلخص األهداف الرئيسية للهيئة العليا للسياحة فيما يلي:‏<br />

-1"<br />

الس عي لتحقي ق النم و املت وازن ألمن اط النش اط الس ياحي املالئم ة،‏ وخباص ة الس ياحة الداخلي ة وذل ك<br />

بغرض حتقيق التوازن بني املنافع االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية.‏<br />

2- تسخري صناعة <strong>السياحة</strong> كعامل مساعد <strong>يف</strong> التنويع االقتصادي وتنمية املناطق.‏<br />

-3<br />

األجنبية.‏<br />

زايدة ال دخل احملل ي وحتفي ز اس تثمارات القط اع اخل اص ورف ع القيم ة املثل ى إلي رادات التح ويالت<br />

إجياد فرص عمل وتعزيز تنمية املوارد البشرية وأتسيس برامج التعليم والتدريب والتأهيل املناسبة.‏<br />

تقومي الفاقد االقتصادي وتقليصه دون التنقيص من قيمة التجربة السياحية.‏<br />

حتديد املوارد الطبيعية والبيئية واالجتماعية والثقافية واالستفادة منها واحلفاظ عليها بصورة مستدامة.‏<br />

االستفادة من فرص السوق اليت يوفرها احلج والعمرة وقيم اجملتمع وضيافته التقليدية.‏<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

حتقيق التنوع <strong>يف</strong> املنتجات السياحية <strong>يف</strong> اململك ة م ن خ الل تنمي ة جمموع ة م ن املراف ق الس ياحية ودع م<br />

وسائل النقل والبنية التحتية اخلاصة بكل منطقة.‏<br />

-9<br />

تش جيع وتنمي ة املؤسس ات الص غرية واملتوس طة،‏ وعل ى وج ه اخلص وص املمارس ة جمل االت الفن ون<br />

واحلرف اليدوية والصناعات الر<strong>يف</strong>ية.‏


-10<br />

تطوير مرافق سياحية ذات جودة على مدار العام ملقابلة احتياجات خمتلف شراح الدخل.‏<br />

11- تعزيز الشعور ‏َبلفخر الوطين وتنمية اإلملام بقيمة عوامل اجلذب السياحي ‏َبململكة.‏<br />

-12<br />

تعزيز األنشطة الرتفيهية والتج ارب الس ياحية للمجموع ات احمللي ة وخاص ة الع ائالت والش باب<br />

هم <strong>يف</strong> حاجة إىل عناية خاصة مبا يسهم <strong>يف</strong> رفاهية الفرد واجملتمع."‏ )2238(<br />

وم ن<br />

ب.‏ األهداف التنفيذية:‏<br />

وميكن إجياز األهداف التنفيذية للهيئة العليا للسياحة فيما يلي:‏<br />

"1- صياغة وتطبيق أنظمة ولوائح وإجراءات ذات شفافية لضمان تنمية سياحية فعالة ومؤثرة.‏<br />

-2<br />

استحداث إطار عمل<br />

<strong>السياحة</strong> وتشغيلها.‏<br />

وهيكل تنظيمي لتنسيق املهام واملسئوليات والصالحيات ذات العالقة بتط وير<br />

السعي لتحقيق اإلصالح التنظيمي واإلجرائي لالزمني لتنمية سياحة مستدامة.‏<br />

تسهيل التعاون بني خمتلف اجلهات ذات العالقة على املستوايت احمللية واإلقليمية والوطنية والدولية.‏<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

تفعي ل مش اركة املس تفيدين م ن ص ناعة الس ياحة وتش جيع إقام ة ش راكات القط اعني الع ام واخل اص<br />

حيثما كان ذلك مالئماً.‏<br />

6- تشجيع ورعاية البحوث وإنشاء مراكز لألحباث السياحية.‏<br />

-7<br />

السياحية.‏<br />

التأكي د عل ى القي ام إبج راء تق ومي للت أثريات االجتماعي ة والثقافي ة واالقتص ادية قب ل القي ام ‏َبلتنمي ة<br />

تشجيع وتطوير املشاريع السياحية املستدامة وهتيئة البيئة السياحية واحلفاظ عليها.‏<br />

تطوير وتطبيق أنظمة إدارة بيئية.‏<br />

-8<br />

-9<br />

10- تطوير معايري وأنظمة مراقبة وضمان اجلودة خلدمات <strong>السياحة</strong> ومنتجاهتا.‏<br />

)2238(<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

‎1441‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة،‏ ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

، و خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية<br />

-1422<br />

/http://WWW.mas.gov.sa


-11<br />

-12<br />

تطوير إسرتاتيجية تسويق وفقاً‏ للرؤية واملهمة.‏<br />

حتس ني مس توى تق دمي اخل دمات الس ياحية وتعزي ز إط ار عمله ا وتنظيمه ا م ن خ الل تب ين التقني ة<br />

احلديثة كوسيلة نقل للمعلومات وعرضها من خالل وسائل اإلعالم.‏<br />

13- تسهيل وتشجيع وأتمني املعلومات اخلاصة ‏َبلسياح ووسائل التوضيح اإلعالمية."‏ )2239(<br />

)2239( املصادر السابقة.‏


اثلثاً:‏ خمططات اهليئة العليا للسياحة:‏<br />

التخط يط االس رتاتيجي للس ياحة ه و:‏ عملي ة تك وين ورس م سياس ة اس رتاتيجية لبل د أو إقل يم مع ني حبي ث<br />

تعك س أه داف وتطلع ات وروح اجملتمع ات املض <strong>يف</strong>ة وم ن مث تنفي ذ ه ذه اخلط ط ع رب التوجيه ات املطلوب ة<br />

لالستغالل األمثل للم وارد املت وفرة،‏ فه و رس م لص ورة تقديري ة مس تقبلية للنش اط الس ياحي <strong>يف</strong> دول ة معين ة وف رتة<br />

زمنية معينة،‏ وهذا يقتضي حصر امل وراد الس ياحية <strong>يف</strong> الدول ة م ن أج ل حتدي د أه داف اخلط ة الس ياحية وحتقي ق<br />

تنمية سياحية سريعة ومنتظمة من خالل إعداد وتنفيذ برانمج متناسق شامل لفروع النشاط السياحي ومناطق<br />

اجلذب السياحي <strong>يف</strong> الدولة ، والتخطيط يتواله إدارة عليا <strong>يف</strong> اهليئة وقد يس تعان ب بعض اخل رباء واملستش ارين <strong>يف</strong><br />

ذلك.‏<br />

وللتخط يط أمهي ة ‏َبلغ ة تتمث ل <strong>يف</strong> ترش يد ات اذ الق رارات <strong>يف</strong> العملي ة اإلداري ة والس يطرة اإلداري ة عل ى امل وارد<br />

والعمل على زايدة الناتج والعائد فيها والتنسيق بني أوجه النشاط املختلفة لتحقيق األهداف املرسومة ومعاجل ة<br />

املش اكل املتوقع ة أو من ع ح دوثها وتط وير املن اطق الس ياحية املهج ورة وت وفري االحتياج ات هل ا وحتقي ق النج اح<br />

)2240(<br />

بشكل عام هلذه الصنعة.‏<br />

واهليئ ة تس عى بش كل ع ام ألن تق وم اململك ة العربي ة الس عودية،‏ <strong>يف</strong> ظ ل قيمه ا ومقوماهت ا املتمي زة بتنمي ة<br />

س ياحة متوازن ة<br />

واألصالة الثقافية.‏<br />

ومس تدامة،‏ حتق ق تنوع اً‏ اقتص ادايً،‏ وإث راءً‏ اجتماعي اً،‏ وتوج د فرص اً‏ للعم ل،‏ وحت افظ عل ى البيئ ة<br />

وقد نص قرار جملس الوزراء رقم )9( واتريخ ‎1421/1/12‎ه على إنشاء اهليئ ة العلي ا للس ياحة،‏ عل ى أن<br />

تضطلع ‏َبالهتمام ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة،‏ وتنميتها،‏ وتطويرها،‏<br />

والعمل على تعزي ز دور قط اع الس ياحة،‏ وت ذليل<br />

معوقات منوه،‏ وذلك حىت تكون <strong>السياحة</strong> قطاعاً‏ أساسياً‏ منتجاً‏ وداعماً‏ القتصاد اململكة العربية السعودية.‏<br />

وتنفيذاً‏ لقرار جملس الوزراء،‏ م إنشاء اهليئة العليا للس ياحة ، وب دأت ‏َبلعم ل عل ى مش روع تنمي ة الس ياحة<br />

الوطني ة،‏ م ا ب ني ص فر ‎1421‎ه<br />

-<br />

ش عبان ‎1423‎ه . وك ان اهل دف م ن ه ذا املش روع ه و إع داد خط ة تنمي ة<br />

س ياحية وطني ة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية.‏ وتشتمل اخلط ة عل ى إس رتاتيجية تنمي ة س ياحية م دهتا عش رون<br />

سنة،‏ وخطة عمل مخسية مفصلة للمرحلة األوىل من م دة اخلط ة الرئيس ة،‏ ويط رح املش روع سياس ة واس رتاتيجية<br />

)2240( ينظر:‏ التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب ، فؤادة البكري،‏ ص‎127-125‎‏،‏ بتصرف.‏


ش املة وجمموع ة م ن ال ربامج ذات العالق ة،‏ وذل ك م ن أج ل حتقي ق تنمي ة متكامل ة ومس تدمية لص ناعة الس ياحة<br />

)2241(<br />

<strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.‏<br />

وقد انطلق املخططون من واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة والنمو املتوقع هلا والذي جاء بيانه على النحو التايل:‏<br />

‏"وفق اً‏ ملس ار من و الس ياحة ‏"املتوق ع"‏ أو احل ايل ال ذي تبنت ه االس رتاتيجية العام ة ، س ريتفع ع دد ال رحالت<br />

الس ياحية ‏)ك ل م ن احمللي ة والواف دة(‏ م ن<br />

65.1<br />

هناية اخلطة حبلول عام ‎1441‎ه . ويتضمن هذا العدد<br />

وَبألخص من اخلليج والدول العربية األخرى.‏<br />

وس ريتفع مع دل مص روفات الس ياح احمللي ني م ن<br />

ملي ون رحل ة <strong>يف</strong> ع ام ‎1422‎ه إىل<br />

141.1<br />

128<br />

50.7<br />

ملي ون رحل ة <strong>يف</strong><br />

مليون رحل ة حملي ة ، و‎13.1‎ ملي ون رحل ة واف دة<br />

بلي ون س عودي <strong>يف</strong> ع ام ‎1422‎ه إىل<br />

78.3<br />

رايل س عودي حبل ول ع ام ‎1441‎ه ، <strong>يف</strong> ح ني س تزداد نس بة إنف اق الس ياح الق ادمني م ن اخل ارج م ن<br />

بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام ‎1422‎ه إىل<br />

بلي ون<br />

12.8<br />

23<br />

مصروفات السياح <strong>يف</strong> اململكة العربية من<br />

‎1441‎ه أبسعار اثبتة.‏<br />

بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام ‎1441‎ه . وَبلت ايل،‏ يتوق ع أن ي زداد حج م<br />

63.5<br />

بليون رايل <strong>يف</strong> ع ام ‎1422‎ه إىل<br />

101.3<br />

وس ينتج ع ن النم و ‏"املتوق ع"‏ <strong>يف</strong> الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية م ا يق ارب<br />

بلي ون رايل <strong>يف</strong> ع ام<br />

807.7<br />

ملي ون ليل ة<br />

يقض يها الس ياح حبل ول ع ام ‎1441‎ه . وم ن أج ل اس تيعاب ه ذا احلج م الكب ري املتوق ع للس ياحة ينبغ ي ت وفري<br />

48.000<br />

غرف ة إض افية س تكون <strong>يف</strong> الغال ب <strong>يف</strong> فن ادق جدي دة،‏ إض افة إىل احلاج ة ل زايدة اس تيعاب الش قق<br />

املفروشة.‏ وهذا يوفر فرصاً‏ استثمارية يتوقع من القطاع اخلاص أن يتوالها.‏<br />

وتس اعد ه ذه املؤش رات املتعلق ة ‏َبلنم و ‏"املتوق ع"‏ عل ى توض يح اإلمك اانت احملتمل ة للس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة،‏<br />

كما تعمل أيضاً‏ على تسليط الضوء حول التحدايت اليت ستواجه كل م ن القط اعني الع ام واخل اص <strong>يف</strong> عملي ة<br />

التطوير.‏ هذا إىل جانب الدور ال داعم واملس اند لألعم ال اإلض افية ال يت تق وم هب ا مص لحة اإلحص اءات العام ة<br />

‏َبالحتاد مع اإلحصاءات السكانية الوطنية،‏ والعمل على صياغة نظام اإلحصاءات والوطنية )93( <strong>يف</strong> حتس ني<br />

وإقرار هذه املؤشرات الكمية"‏ )2242(<br />

)2241(<br />

اعتمد جملس إدارة اهليئة العليا للسياحة مشروع تنمية <strong>السياحة</strong> الوطنية <strong>يف</strong> اململكة واالسرتاتيجية العامة،‏ <strong>يف</strong> اتريخ<br />

واعتمدها جملس الوزراء بتاريخ<br />

‎1423/3/28‎ه ،<br />

‎1425/1/24‎ه .<br />

)2242(<br />

و ينظر:‏ خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏<br />

ينظر:‏ خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏ ومركز ماس<br />

للمعلومات واألحباث السياحية<br />

/http://WWW.mas.gov.sa


وفيما يلي رسم بياين هلذا النمو املتوقع:‏<br />

مالمح هذه االسرتاتيجية:‏<br />

"<br />

تعت رب إس رتتيجية تنمي ة الس ياحة الوطني ة مش روعاً‏ تطيطي اً‏ ش امالً‏ لتحقي ق تنمي ة<br />

اهليئة العليا للسياحة إبع داده وفق أسس واضحة ومنظمة.‏<br />

الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة وتق وم<br />

وتت ألف اإلس رتاتيجية م ن ث الث مراح ل،‏ متث ل األوىل منه ا مرحل ة وض ع اإلس رتاتيجية العام ة لتنمي ة وتط وير<br />

<strong>السياحة</strong> الوطنية للعشرين سنة القادمة <strong>يف</strong> حني تناولت املرحلة التالية وض ع اخلط ط التنفيذي ة للخم س س نوات<br />

القادمة،‏ و لتقدمي األسس التفصيلية لتنمية الس ياحة <strong>يف</strong> املناط ق،‏ وإجناز خط ط تط وير مواق ع التنمي ة الس ياحية<br />

فيها.‏<br />

وق د م إع داد وتص ميم مرحل ة اإلس رتاتيجية العام ة ‏َبلتش اور املس تمر م ع اجله ات األساس ية ذات العالق ة <strong>يف</strong><br />

القط اعني الع ام واخل اص،‏ واس تغرق إع دادها أربع ة عش ر ش هراً،‏ م ن ش هر ذي احلج ة ‎1421‎إىل ش هر ص فر<br />

‎1422‎ه .<br />

ومتث ل اإلس رتاتيجية العام ة لتنمي ة وتط وير الس ياحة الوطني ة مرحل ة أتسيس ية مهم ة وض رورية للتع رف عل ى ك ل<br />

أبعاد النشاط السياحي وتداخالته،‏ وصممت لتضع إسرتاتيجية لسياحة قيم ة تراع ي خصوص ية اململك ة كوهن ا<br />

مهد اإلس الم وم وطن احل رمني الش ر<strong>يف</strong>ني وقبل ة املس لمني،‏ وترتك ز عل ى مجل ة م ن األس س واملب ادئ جتع ل منه ا<br />

سياحة مميزة،‏ وأييت <strong>يف</strong> مقدمة هذه األسس واملبادئ الثوابت والقيم <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ والتوافق م ع خصوص ية اجملتم ع<br />

وقيم ه ال يت يعت ز هب ا،‏ ‏َبإلض افة إىل االس تدامة واجل دوى االقتص ادية واالجتماعي ة والثقافي ة والبيئي ة،‏ واإلس هام


احلقيقي والفعال <strong>يف</strong> التنمية الوطنية الش املة.‏ وق د أخ ذت مرحل ة اإلس رتاتيجية العام ة <strong>يف</strong> االعتب ار حتدي د رؤي ة<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة ومهمتها،‏ وتعرفت على املوارد السياحية املتوافرة والقابل ة لالس تثمار،‏ واألس واق املس تهدفة<br />

وكذلك على النشاط السياحي احلايل واملتوقع <strong>يف</strong><br />

السياحية،‏ ومقاييس<br />

ميزة<br />

املستقبل،‏ كما استوعبت ه ذه املرحلة األبعاد املكانية للتنمية<br />

التطوير وإرشادات التصميم،‏ وكذلك أنظمة ومقاييس ض مان اجل ودة،‏ ال يت تض من حتقي ق<br />

تنافسية على مستوى الوجهات واملنتجات السياحية.‏ ومن بني املوضوعات املتعددة ال يت<br />

االسرتاتيجية موضوع األدوار واملس ئوليات،‏ وحتدي د اهليك ل التنظيم ي<br />

العام واخلاص <strong>يف</strong> التنمية السياحية وحتسني<br />

العامل ة <strong>يف</strong> قط اع<br />

مناخ االستثمار،‏ كما تناولت موضوع تطوير<br />

تض منتها مرحل ة<br />

لتنمي ة الس ياحة الوطني ة،‏ ودور القط اعني<br />

املوارد البشرية والق وى<br />

الس ياحة والقطاع ات املرتبط ة هب ا،‏ واهتم ت ك ذلك ‏َبلتع رف عل ى آاثر تنمي ة الس ياحة<br />

اقتصادايً،‏ وبيئياً،‏ واجتماعياً،‏ وثقافياً‏ والتعرف على معوقات االستثمار السياحي<br />

وق د انبثق ت ه ذه املرحل ة م ن حق ائق حم ددة منه ا أن الس ياحة ليس ت<br />

الوطني ة الش املة،‏ وأهن ا بطبيعته ا ص ناعة معق دة<br />

وحيوية على مستوى اململكة،‏<br />

التخطيط املنظم<br />

وحتفيزه.‏<br />

ه دفاً‏ ب ل وس يلة للمس امهة <strong>يف</strong> التنمي ة<br />

متع ددة األط راف ومرتابط ة اجلوان ب،‏ كم ا تتمي ز أبهن ا انش ئة<br />

وتعاين من ازدواجية التخصصات،‏ وتضارب وتداخل الصالحيات مبا يس تدعى<br />

ووضع اخلطط التنفيذية للتأكد م ن اس تغالل اإلمك اانت واملقوم ات الس ياحية املت وافرة<br />

تعزز هذه املقومات وحتافظ عليها.‏<br />

بص ورة<br />

وميثل مشروع تنمية <strong>السياحة</strong> الوطنية مشروعاً‏ رائداً‏ <strong>يف</strong> هذا اإلطار؛ حيث أنه قب ل إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة<br />

<strong>يف</strong> ع ام ‎1421‎ه ‎2000‎م مل يك ن هن اك تط يط م نظم لتنمي ة س ياحية <strong>يف</strong> اململك ة،‏ ل ذا فاحلاج ة إلي ه كان ت<br />

ملح ة كمش روع تطيط ي أساس ي لتنمي ة الس ياحة الداخلي ة وف ق أس س مدروس ة وحمكم ة أتخ ذ <strong>يف</strong><br />

املتغريات ذات العالقة ‏َبلنشاط السياحي وآليات حتفيزه.‏<br />

والبد من التنويه<br />

هنا أبن <strong>السياحة</strong> والتخطيط هل ا ال ينطل ق م ن كوهن ا ه دفا حبد ذاهت ا،‏ ب ل أداة حموري ة<br />

أهداف التنمية الش املة <strong>يف</strong> اململك ة حي ث تكف ل التنمي ة الس ياحية اس تغالل<br />

املت وافرة،‏ وتس هم م ن خ الل ذل ك <strong>يف</strong> زايدة ال دخل،‏<br />

الرتاث والثقافة،‏ وربط املواطن<br />

وتع د الس ياحة القيم ة املفه وم األساس ي<br />

القيمة(‏ على<br />

مبجتمعه وبيئته،‏ وثقافته،‏ وتعزيز انتمائه لوطنه.‏<br />

االعتب ار<br />

لتحقي ق<br />

املقوم ات واإلمكاني ات الس ياحية<br />

وتنوي ع اإلنت اج،‏ وإجي اد ف رص العم ل للم واطنني،‏ وإث راء<br />

لص ناعة الس ياحة الناش ئة <strong>يف</strong> اململك ة،‏ إذ يرتك ز ه ذا املفهوم)الس ياحة<br />

جمموعة من األبعاد الرئيسة اليت جتعل منها سياحة فريدة ومتميزة تنفرد هبا اململكة<br />

دول الع امل،‏ مب ا <strong>يف</strong> ذل ك األبع اد املش رتكة لص ناعة الس ياحة <strong>يف</strong> الع امل<br />

وتتس م الس ياحة القيم ة أبهن ا س ياحة متوازن ة هت تم<br />

أمج ع مب ا يتواف ق م ع<br />

عن غريه ا م ن<br />

خصوص ية اململك ة،‏<br />

‏َبجلوان ب الروحي ة واملادي ة لإلنس ان؛ فتوص ف أبهن ا س ياحة


ملتزم ة ‏َبملب ادئ واألس س اإلس المية،‏ وذات ج دوى اقتص ادية،‏ واجتماعي ة،‏<br />

)2243(<br />

اجلانب املمتع هلا مبا جيعلها قادرة على استقطاب السائح وجذبه".‏<br />

وثقافي ة،‏ وبيئي ة،‏ تض من ت وفر<br />

وذك ر األم ني الع ام للهيئ ة أبن اململك ة تط ط إلنف اق 1.3<br />

صناعة <strong>السياحة</strong> الواعدة فيها.‏<br />

ملي ار رايل خ الل اخلم س الس نوات املقبل ة لتط وير<br />

وذك ر األم ري س لطان بع د مش اركته <strong>يف</strong> م ؤمتر ح ول الس ياحة عق د حالي اً‏ <strong>يف</strong> البح رين،‏ أن املبل غ سيس تخدم <strong>يف</strong><br />

إنش اء مرك ز للمعلوم ات الس ياحية واألحب اث وت دريب م وظفي اهليئ ة العلي ا وال دخول <strong>يف</strong> مش اريع مش رتكة<br />

والتخط يط ملن اطق س ياحية جدي دة واس تقطاب االس تثمارات.‏ وأض اف"كثري م ن ه ذه املش اريع س وف تق ام<br />

خ الل الع امني املقبل ني،‏ وحن ن نتوق ع أن يك ون هل ذا املبل غ عائ د ي رتاوح ب ني<br />

اخلمس املقبلة.‏ أي إنه سريد على احلكومة قيمة مضافة تبلغ حنو<br />

6<br />

مليار رايل".‏ 11<br />

إىل 11 ض عفاً‏ خ الل الس نوات<br />

وقال األمري سلطان:‏ ‏"<strong>يف</strong> الوقت احلاضر تعترب <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> السعودية اثين أهم مساهم <strong>يف</strong> االقتصاد الوطين بعد<br />

ال نفط م ع أهن ا غ ري منظم ة حالي اً‏ وم ا زال ت عش وائية.‏ واحلكوم ة تنظ ر للس ياحة عل ى أهن ا ص ناعة املس تقبل<br />

وتعطيها اهتماماً‏ مكثفاً‏ <strong>يف</strong> الوقت احلاضر".‏ واتبع ‏"سوف نفتح أبواَبً‏ جديدة <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> مجيع االجتاهات<br />

كالربامج الرايضية وسياحة الرتاث وسياحة املغامرات وال زايرات العائلي ة والنش اطات األخ رى ال يت جتل ب ال زوار<br />

األجانب".‏<br />

وكشف عن خطة إلقامة جهة واحدة لرتخيص االس تثمارات الس ياحية لتجن ب إض اعة الوق ت ب ني<br />

حكومية<br />

جه ات 9<br />

يتعامل معها املستثمر حالياً،‏ مض<strong>يف</strong>اً‏ أن " منظوران اجلدي د أن املس تثمر س يتعامل م ع جه ة واح دة <strong>يف</strong><br />

وق ت م ا خ الل الع ام املقب ل"‏ وأوض ح ‏"الي وم ‏َبلنس بة لن ا أه م مس تثمر هواملس تثمر الس عودي؛ ألن األم وال<br />

الس عودية ‏َبخل ارج كث رية وإذا م ا اس تطعنا أن نس هل للمس تثمر الطري ق لوض ع أموال ه <strong>يف</strong> قط اع الس ياحة <strong>يف</strong><br />

)2244(<br />

اململكة فنحن على ثقة أن االستثمارات األجنبية سوف تلحقها دون تردد".‏<br />

وهتدف اخلطط املرسومة<br />

إىل حتقيق األهداف التالية:‏<br />

‏"توسعة صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية بناء على مسارات النمو املتوقع للصناعة.‏<br />

املس اعدة <strong>يف</strong> تنوي ع مص ادر االقتص اد م ن خ الل تقوي ة وتنمي ة الس ياحة كقط اع اقتص ادي جدي د،‏<br />

ودفع عجلة التطور اإلقليمي وكذلك تطوير املؤسسات املتوسطة والصغرية احلجم.‏<br />

-1<br />

-2<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

/http://WWW.mas.gov.sa<br />

)2243(<br />

)2244(


املساعدة <strong>يف</strong> إجياد وحتفيز االستثمار اخلاص املناسب من أج ل ت وفري املنش آت الس ياحية املطلوب ة،‏<br />

وذلك خلدمة النمو املتوقع.‏<br />

إجياد فرص وظ<strong>يف</strong>ية جديدة للمواطنني واملسامهة <strong>يف</strong> جمال سعودة الوظائف.‏<br />

ض مان أن عملي ة تنمي ة الس ياحة ت تم بطريق ة اس تدامتها بيئي اً‏ واجتماعي اً‏ وثقافي اً‏ واقتص ادايً،‏ ع ن<br />

طري ق تق دمي املزي د م ن م دخالت اخلط ط عل ى مس توى املن اطق واملس توى احملل ي وف رض مع ايري<br />

وتصميمات التطوير املناسبة.‏<br />

التأك د م ن حتدي د األراض ي العام ة ذات اإلمكاني ة لتقب ل عملي ة التط وير الس ياحي،‏ وأن ي تم<br />

التخطيط هلا بشكل مناسب وتسهيل استثمارها من قبل القطاع اخلاص.‏<br />

املساعدة <strong>يف</strong> إنشاء وتقوية التنظ يم املؤسس ي لقط اع الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية،‏ وذل ك<br />

عن طريق أتسيس مجيع التنظيمات واهليئات املقرتحة بواسطة خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية على مستوى<br />

املناطق واملستوى احمللي.‏<br />

إجي اد حم يط مؤسس ي وبيئ ة تنظيمي ة للعم ل عل ى املس اعدة <strong>يف</strong> دف ع عجل ة تط ور ومن و ص ناعة<br />

الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة ‏َبالش تمال عل ى تش كيلة م ن املنتج ات املنافس ة واملتنوع ة ، وك ذلك ض مان<br />

)2245(<br />

حتسني معايري جودة املنتجات السياحية واحملافظة عليها".‏<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

وللموقع اجلغرا<strong>يف</strong> أمهية منظورة <strong>يف</strong> التخطيط السياحي وقد جاء <strong>يف</strong> اخلطة الوطنية للسياحة:‏<br />

‏"مت ت ص ياغة اخلط ة اهليكلي ة للس ياحة الوطني ة بن اء عل ى تقي يم مواق ع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> والطبيع ي.‏ ووض ع ذل ك<br />

حجر الزاوية لإلسرتاتيجية املكاني ة املقرتح ة لعملي ة تط وير الس ياحة طويل ة امل دى <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية.‏<br />

وتستند اخلطة اهليكلية للسياحة الوطني ة عل ى أربع ني منطق ة تنمي ة س ياحية حالي ة وجدي دة تغط ي مجي ع أرج اء<br />

اململكة.‏ ‏َبإلضافة إىل ذلك م حتديد املواقع السياحية الفردية لكي تشملها عملية التنمية".‏ )2246(<br />

كم ا ت رى خط ة الس ياحة الوطني ة أبن ك الً‏ م ن الس ياحة وقط اع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية<br />

يعتم دان عل ى بعض هما،‏ فم ن جه ة ي وفر قط اع ال رتاث الثق ا<strong>يف</strong> لص ناعة الس ياحة عناص ر ج ذب فري دة وم وارد<br />

منتجات جيدة،‏ كما توفر صناعة <strong>السياحة</strong> من جهة أخرى وسائل العرض والتعر<strong>يف</strong> للرتاث الثق ا<strong>يف</strong>،‏ وإمكاني ة<br />

حتقيق إيرادات يستفاد منها <strong>يف</strong> صيانة الرتاث الثقا<strong>يف</strong> واحملافظة عليه.‏<br />

ويضع عنصر تنمية سياحة الرتاث الثقا<strong>يف</strong> املوجود ضمن خطة العمل الوطني ة للس ياحة التص ورات جملموع ة م ن<br />

الربامج <strong>يف</strong> اجملاالت التالية:‏<br />

خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

)2245(<br />

)2246(


اآلاثر.‏<br />

الرتاث العمراين.‏<br />

املتاحف.‏<br />

احلرف اليدوية والصناعات التقليدية.‏<br />

الرتاث املادي وغري املادي.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

وهذه اخلطة اإلمجالية سيتلوها خطط تفصيلية لكل منطقة،‏ وسيتم إعداد خطط سياحة ملناطق اململكة الثالث عشرة،‏<br />

وذل ك بن اء عل ى خط ة تنمي ة الس ياحة الوطني ة واس رتاتيجية التنمي ة األساس ية لتنمي ة الس ياحة بطريق ة منظم ة وخمطط ة.‏<br />

وسيعمل هذا على إكمال إط ار عم ل اخلط ة الوطني ة عل ى مس توى املن اطق والتخط يط املفص ل للمن اطق واملواق ع ذات<br />

األو لوية <strong>يف</strong> التنمية السياحية.‏ )2247(<br />

وفيما يلي جدول تفصيلي ‏َبملناطق املقصودة ‏َبلتنمية السياحية وواقع كل منها سياحياً:‏<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

/http://WWW.mas.gov.sa<br />

)2247(<br />

السياحية<br />

املصدر السابق،‏ و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

. http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />

، مركز ماس للمعلومات واألحباث<br />

و موقع اململكة السياحي<br />

وذكر أحد املختصني <strong>يف</strong> اهليئة أبن املنهج الذي اختطته <strong>يف</strong> إعداد مشروع التنمية متدرج وم تقسيمه إىل مراحل تتناسق وتتكامل مع بعضها<br />

مبيناً‏ أن املرحلة األوىل م فيها حتديد االسرتاتيجية العامة لتنمية قطاع <strong>السياحة</strong> وتطويره،‏ والثانية طرحت فيها خطة العمل الالزمة للتنفيذ <strong>يف</strong> األمر<br />

القصري،‏ مث انطلقت املرحلة العملية التنفيذية عام ‎1424‎ه .<br />

ينظر:‏ اجلزيرة ، عدد<br />

11905، الثالاثء<br />

‎24‎‏/ربيع أول /26<br />

، ص .)8(


املطلب الثاني<br />

مشاريعها وأعماهلا


املطلب الثاين:‏ مشاريعها وأعماهلا.‏<br />

يقول األمني العام للهيئة األمري سلطان بن سلمان:‏<br />

‏"تع د الس ياحة <strong>يف</strong> املق ام األول ص ناعة حيركه ا القط اع اخل اص،‏ فيم ا يتكف ل القط اع الع ام بت وفري بيئ ة حمف زة<br />

للتطوير املستدمي تشتمل على التخطيط الفعال،‏ واهليكلة التنظيمية،‏ واملؤسسية املناسبة،‏ ت دعمها الب ىن التحتي ة<br />

)2248(<br />

املناسبة واخلدمات العامة الضرورية".‏<br />

فللقطاع اخلاص دور رئيسي <strong>يف</strong> صناعة <strong>السياحة</strong> يتمث ل <strong>يف</strong> تط وير واس تثمار املش اريع واملن اطق الس ياحية وت وفري<br />

البنية التحتية للسياحة <strong>يف</strong> اململك ة،‏ ويك ون عم ل اهليئ ة ‏َبإلش راف والتنظ يم وإجي اد البيئ ة املس اعدة عل ى حتقي ق<br />

التطور والتنمية السياحية من خالل التخطيط الناجح والتنظيم الصحيح للعمل.‏<br />

‏"وتتض من اهليئ ة العلي ا للس ياحة <strong>يف</strong> هيكله ا التنظيم ي واإلداري األمان ة العام ة،‏ وال يت تطم ح أن تك ون جه ازاً‏<br />

فعاالً‏ ومرانً‏ قادراً‏ على التعامل مع الس ياحة كص ناعة مرتابط ة ومتكامل ة وس ريعة التغ ري،‏ وذا ق درة عل ى التكي ف<br />

مع املستجدات،‏ ويسهم بش كل مباش ر <strong>يف</strong> تنمي ة امل وارد البش رية املؤهل ة <strong>يف</strong> جم ال الس ياحة والص ناعات املرتبط ة<br />

هبا وتطويرها.‏ وذلك ‏َبستيعاب أفضل القدرات الس عودية وتطويره ا وأتهيله ا م ن خ الل املؤسس ات الس ياحية<br />

واجلامع ات واملعاه د.‏ وس يهتم جه از األمان ة ‏َبملعلوم ات الدقيق ة واملوثوق ة ويق دمها بش فافية ودق ة ‏َبلغ ة<br />

للمهتمني بقطاع <strong>السياحة</strong>.‏ ‏َبإلضافة إىل أنه سوف يستخدم أفضل السبل اإلدارية والتقنية <strong>يف</strong> تس يري معامالت ه<br />

واتص االته الداخلي ة واخلارجي ة وإدارة براجم ه بش كل متط ور،‏ ويس عى إىل تط وير آلي ات إدارة القط اع الس ياحي،‏<br />

وإىل تقل يص مهام ه ت درجيياً‏ م ع اس تكمال األعم ال األساس ية ال يت يق وم هب ا،‏ واس تيعاب القط اعني احلك ومي<br />

واألهل ي ل دورمها <strong>يف</strong><br />

جم ال الس ياحة،‏ ويؤم ل أن تتح ول مه ام اهليئ ة ت درجيياً‏ لص احل املؤسس ات واآللي ات ال يت<br />

ستنش أ،‏ وخاص ة <strong>يف</strong> املن اطق وعل ى مس توى القط اع األهل ي عل ى أن يبق ى دور اهليئ ة ال رئيس <strong>يف</strong> توجي ه دف ة<br />

<strong>السياحة</strong> وحتفيز منوها ودعمها على املستوى الوطين.‏<br />

فاألمانة العامة هي:‏<br />

جه از فع ال وم رن ق ادر عل ى التعام ل م ع الس ياحة كص ناعة مرتابط ة وس ريعة التغ ري ويس هم <strong>يف</strong> تنمي ة وتط وير<br />

امل وارد البش رية <strong>يف</strong> جم ال الس ياحة ويه تم ‏َبملعلوم ات الدقيق ة واملوثق ة ويط ور آلي ات الس ياحة الداخلي ة بش كل<br />

علمي متطور ويستخدم أفضل السبل اإلداري ة والتقني ة،‏ ويس عى إىل تط وير آلي ات إدارة القط اع الس ياحي وإىل<br />

تقليص مهامه تدرجيياً".‏ )2249(<br />

خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

)2248(<br />

)2249(


وهبذا يتبني أبن دور اهليئة العليا للسياحة هو:‏<br />

حتفيز منو <strong>السياحة</strong> الوطنية ‏َبعتبارها قطاعاً‏ منتجاً‏ اقتصادايً‏ وإجيابياً‏ اجتماعياً‏ وثقافياً‏ وبيئياً.‏<br />

وذل ك م ن خ الل هتيئ ة البيئ ة املناس بة لتحقي ق التنمي ة املتوازن ة واملس تدامة وحتفي ز ال دعم املؤسس ي لص ناعة<br />

الس ياحة،‏ والقطاع ات املس اندة هل ا <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية م ن خ الل مب دأ الش راكة ب ني اهليئ ة والقط اع<br />

)2250(<br />

اخلاص واجلهات األخرى ذات العالقة.‏<br />

ومتث ل الش راكة أداة مهم ة وركي زة أساس ية لتط وير ص ناعة الس ياحة،‏ حي ث تتطل ب ه ذه الص ناعة،‏ املمي زة<br />

‏َبلعالق ات املرتابط ة م ع قطاع ات أخ رى،‏ إتب اع من اهج وآلي ات غ ري تقليدي ة تنح و حن و الش راكة ب ني األط راف<br />

ذات العالقة واالهتمام املشرتك.‏<br />

وتبع اً‏ ملفه وم الش راكة جي ري حتدي د وبل ورة قن وات تف اهم ب ني وح دات وكي اانت خمتلف ة للعم ل بص ورة تعاوني ة<br />

مش رتكة بغي ة إجن از مهم ة معين ة.‏ وتس عى ب رامج الش راكة إىل تنس يق اجله ود املبذول ة م ن قب ل املس ؤولني،‏<br />

واملس تثمرين،‏ واجملتمع ات احمللي ة،‏ واألم ارات،‏ واحملافظ ات،‏ والبل دايت،‏ <strong>يف</strong> اجمل ال الس ياحي وتوحي دها،‏ وك ذلك<br />

إىل دعم جهود القطاع اخلاص واملناطق،‏ <strong>يف</strong> تطيط <strong>السياحة</strong> وإدارهتا وتطويره ا هبدف حتقي ق املزي د م ن القيم ة<br />

املضافة الناجتة عن مشروع معني وأبعلى قدر من الكفاءة.‏ وتشمل برامج الشراكة السياحية التنمية املستدمية،‏<br />

والسياس ات اإلقليمي ة واحمللي ة،‏ وتطبي ق الق وانني والتش ريعات،‏ وتط وير وحتس ني ال نظم،‏ وإنش اء الب ىن التحتي ة،‏<br />

والتموي ل واالس تثمار،‏ ودع م املنش آت الص غرية واملتوس طة احلج م،‏ وتنس يق جه ود التس ويق واإلع الم،‏ وتط وير<br />

املنتجات السياحية،‏ والتعليم والتدريب،‏ والصحة والبيئة،‏ واألمن والسالمة،‏ والثقافة والرتاث.‏<br />

ويتطلب العمل ضمن منظومة الشراكة تطبيق مجلة من املب ادئ واألس س منه ا االنفت اح والش فافية،‏ والتحدي د<br />

الدقيق الواض ح واملبك ر لأله داف،‏ مث العم ل عل ى تواف ق الواجب ات وامله ام م ع اإلمك اانت وامل ؤهالت لك ل<br />

طرف،‏ وتوافر صالحية اتاذ القرار ملمثل ي أط راف الش راكة،‏ وأتس يس الق رار عل ى النق اش والتف اوض واملعلوم ة<br />

الدقيقة.‏<br />

كم ا يتطل ب تفعي ل الش راكة تطبي ق خط وات وط رق حم ددة منه ا نش ر ال وعي أبمهي ة الش راكة،‏ مث حتدي د<br />

االحتياجات وحصر املوارد الكامنة.‏ يلي ذلك حتديد اهل دف،‏ ورص د اخلي ارات واألنش طة،‏ مث تص ميم املش روع<br />

وإدارة برانمج الشراكة،‏ ‏َبلصورة املثلى اليت تكفل حتقق األهداف.‏<br />

وق د ‏َبدرت اهليئ ة العلي ا للس ياحة من ذ إنش ائها عل ى إرس اء وتفعي ل وترس يخ الش راكة كآلي ة معتم دة لتحقي ق<br />

الرسالة والرؤى ، وكأداة لتنفيذ األهداف اليت م إقرارها خلطة تنمي ة الس ياحة املس تدمية.‏ وق د انبث ق ذل ك األم ر<br />

<strong>يف</strong> تك وين جمل س إدارة اهليئ ة ال ذي ج رى اعتم اده من ذ بداي ة إنش اء اهليئ ة ليمث ل أمنوذج اً‏ للش راكة تتمث ل في ه<br />

)2250( املصدر السابق.‏


جه ات وأط راف متع ددة ي ربط بينه ا رَبط العالق ة ‏َبلس ياحة واالهتم ام ‏َبلتنمي ة االقتص ادية م ن خ الل ه ذه<br />

الص ناعة الواع دة.‏ وي تلخص دور اهليئ ة <strong>يف</strong> املب ادرة،‏ واإلش راف والتنس يق،‏ والتوجي ه واملتابع ة،‏ كم ا وتعم ل اهليئ ة<br />

على خلق البيئة واملناخ،‏ والثقافة،‏ والشروط املناسبة ملنظومة الشراكة،‏ وإىل اس تحداث الط رق الكفيل ة ب دعمها<br />

وتعميقها وذلك على صعيد التوجيه،‏ والتخطيط،‏ والعملي ات والتنفي ذ.‏ وتتس م األه داف ال يت تس عى اهليئ ة إىل<br />

حتقيقها من مش اريع الش راكة الراهن ة واملس تقبلية ‏َبلطم وح كم ا أهن ا تص ب <strong>يف</strong> خان ة ال رؤى ال يت ح ددهتا الدول ة<br />

ل دور الس ياحة <strong>يف</strong> اجملتم ع واالقتص اد الس عوديني،‏ وتتناس ق مرحلي اً‏ م ع متطلب ات اخلط ة اإلس رتاتيجية لتنمي ة<br />

الس ياحة املس تدمية.‏ وتض م من اذج الش راكة الفعال ة جه ات وأط راف منه ا اجملل س االستش اري،‏ واجملموع ات<br />

االستش ارية للهيئ ة،‏ والقط اع احلك ومي ‏)جمل س الش ورى وال وزارات واملن اطق(‏ ، والقط اع اخل اص،‏ ومؤسس ات<br />

اجملتمع املدين املختلفة".‏ )2251(<br />

كم ا أن م ن ص ميم عم ل اهليئ ة مج ع املعلوم ات ح ول واق ع الس ياحة <strong>يف</strong> البل د للعم ل عل ى تطويره ا كم ا ن ص<br />

على ذلك قرار جملس الوزراء السابق.‏<br />

‏"ف<strong>السياحة</strong> صناعة مكثفة للمعلوم ات،‏ ويعتم د التخط يط للس ياحة والتنمي ة والتس ويق والعملي ات اليومي ة عل ى<br />

توفري املعلومات والبياانت الص حيحة ذات الص لة واملتدفق ة بش كل ي ومي.‏ وتع د احلاج ة ملث ل ه ذا األم ر ملح ة<br />

جداً‏ <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية،‏ حيث جند أنه وعلى ال رغم م ن اإلمك اانت الس ياحية <strong>يف</strong> الس وق الس عودي،‏<br />

إال أن املعلومات األساسية عن <strong>السياحة</strong> السعودية حمدودة جداً.‏<br />

ولذلك أنشأت اهليئة مركز املعلومات واألحباث السياحية ‏)ماس(؛ وذلك ليتوىل حتقيق اآليت:‏<br />

-1<br />

-2<br />

ت وفري مرك ز ومص در للمعلوم ات ميك ن م ن خالل ه البح ث واحلص ول ع ن املعلوم ات املطلوب ة<br />

واحلصول عليها بيسر وسهولة.‏<br />

خدم ة مجي ع الش ركاء الرئيس يني والعدي د م ن ال زوار،‏ وخباص ة اإلدارات احلكومي ة وقط اع الص ناعة<br />

اخلاص والسائح.‏<br />

وال شك أبن عملية بناء املعلومات حول <strong>السياحة</strong> السعودية وسد فج وات البي اانت احلالي ة،‏ ال يت تع وق عملي ة<br />

التخط يط واإلدارة مهم ة كب رية للغاي ة.‏ وحتت اج الص ناعة إىل إمت ام ه ذه املهم ة <strong>يف</strong> أس رع وق ت ممك ن.‏ وَبملقاب ل<br />

حتت اج اململك ة إىل تنفي ذ ذل ك وف ق األس س العلمي ة العاملي ة م ن أج ل حتقي ق التواف ق م ع مع ايري البي اانت<br />

السياحية الدولية.‏<br />

)2251( املصدر السابق.‏


وتعتمد اهليئة العليا للسياحة وجلاهنا السياحية <strong>يف</strong> املناطق على التعاون بني اإلدارات احلكومية الرئيس ة األخ رى<br />

من أجل احلصول على معلومات س ياحية أساس ية،‏ وأيض اً‏ م ن أج ل إج راء املس وحات والدراس ات عن د مناف ذ<br />

العبور <strong>يف</strong> اململكة و<strong>يف</strong> املنشآت التجارية والسكنية فيها".‏ )2252(<br />

ومن مشاريع اهليئة العليا للسياحة:‏<br />

املشروع الوطين لتنمية املوارد البشرية للعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.‏<br />

ويرك ز عل ى حتقي ق ه دف إس رتاتيجي وه و س عودة القط اع الس ياحي حبي ث يت وىل دفت ه أبن اء اململك ة العربي ة<br />

السعودية،‏ وذلك من خالل:‏<br />

برانمج السعودة:‏<br />

‏"فالغالبي ة العظم ى م ن الع املني <strong>يف</strong> القط اع الس ياحي ه م م ن العمال ة الواف دة حي ث ال تتج اوز نس بة العمال ة<br />

السعودية <strong>يف</strong> القطاع السياحي<br />

%10.5<br />

و<strong>يف</strong> هذا اإلطار فإن إسرتاتيجية املشروع تقتض ي العم ل عل ى التنس يق<br />

م ع كاف ة األط راف ذات العالق ة لتفعي ل عملي ة الس عودة <strong>يف</strong> القط اع الس ياحي م ن خ الل خط ة ش املة تتض من<br />

رعاي ة وتش جيع مب ادرات ب رامج الت دريب املنتهي ة ‏َبلتوظي ف م ن خ الل التع اون م ع منش آت القط اع الس ياحي<br />

وع دد م ن اجله ات األخ رى وذل ك لت دريب وأتهي ل وتوظي ف م واطنني للعم ل <strong>يف</strong> وظ ائف حيتاجه ا القط اع<br />

السياحي بشكل عاجل <strong>يف</strong> هذه املرحلة.‏ وترتكز إسرتاتيجيات املشروع على أن تتم عملية السعودة وفقاً‏ ملعايري<br />

تض من أن يك ون العنص ر ال وطين مس توفياً‏ لكاف ة متطلب ات العم ل <strong>يف</strong> املنش آت الس ياحية مب ا ي دعم قدرت ه<br />

التنافس ية،‏ كم ا تتض من خط ط املش روع فيم ا يتعل ق بس عودة وت وطني الوظ ائف الس ياحية التنس يق م ع اجله ات<br />

املعني ة إلنش اء مجعي ات مهني ة للوظ ائف الس ياحية تع ىن بكاف ة قض ااي الع املني <strong>يف</strong> امله ن الس ياحية عل ى<br />

اختالفه ا،‏ وك ذلك حف ز منش آت القط اع الس ياحي عل ى تق دمي مزي د م ن امل زااي واحل وافز للع املني وتط وير بيئ ة<br />

وظروف العمل،‏ كما تتوجه جهود املشروع حنو إنشاء موقع على شبكة اإلنرتنت لرتغي ب امل واطنني ‏َبلعم ل <strong>يف</strong><br />

الوظ ائف الس ياحية وت وجيههم حن و مص ادر املعلوم ات وتق دمي االستش ارة الالزم ة،‏ حي ث س يعمل ه ذا املوق ع<br />

كحلق ة وص ل ب ني منش آت القط اع الس ياحي وال راغبني <strong>يف</strong> احلص ول عل ى وظ<strong>يف</strong> ة <strong>يف</strong> القط اع،‏ وك ذلك ي وفر<br />

معلوم ات متكامل ة ح ول طبيع ة امله ن الس ياحية ومتطلب ات العم ل هب ا.‏ ويت يح ه ذا املوق ع اجمل ال للمنش آت<br />

)2252(<br />

خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏ و مركز ماس<br />

للمعلومات واألحباث السياحية /http://WWW.mas.gov.sa


الس ياحية لع رض م ا ل ديها م ن وظ ائف ش اغرة كم ا ميك ن الب احثني ع ن فرص ة عم ل م ن تق دمي طلب اهتم<br />

إلكرتونياً".‏ )2253(<br />

كم ا تس عى اهليئ ة م ن خ الل ه ذا املش روع إىل ‏"إنش اء نظ ام وط ين موح د للمع ايري املهني ة الس ياحية هب دف<br />

االرتقاء ‏َبألداء ومبستوى اخلدمات السياحية.‏<br />

ويتمث ل ه ذا النظ ام <strong>يف</strong> حتدي د كاف ة امله ارات والعل وم واملع ارف والس لوكيات املطلوب ة لتأدي ة امله ام واملس ؤوليات<br />

مبس توى اح رتا<strong>يف</strong> لك ل مهن ة م ن مه ن القط اع الس ياحي.‏ وت ربز الفائ دة م ن ه ذا النظ ام م ن حي ث حون ه يعت رب<br />

مرجعاً‏ للعاملني <strong>يف</strong> القطاع السياحي حول املتطلبات القياسية ألداء متطلبات ومس ئوليات وظ ائفهم ، وك ذلك<br />

‏َبلنسبة للمنشأة حيث يسهم <strong>يف</strong> االرتقاء ‏َبإلنتاجية وجودة اخلدمة وَبلت ايل احلص ول عل ى رض ا العم الء ال ذي<br />

ينعكس إجيابياً‏ <strong>يف</strong> حتقيق مستوايت عالية من الرحبية للمنشأة".‏ )2254(<br />

كما أييت <strong>يف</strong> مقدمة مشاريع اهليئة ما يعرف بالتعليم والتدريب السياحي.‏<br />

‏"فالقط اع الس ياحي <strong>يف</strong> اململك ة حيت اج إىل<br />

48<br />

معه د تعل يم وت دريب س ياحي خ الل العش رين س نة القادم ة<br />

وذلك للوفاء مبتطلبات واحتياجات سوق العمل من الكوادر الوطنية املؤهلة،‏ و<strong>يف</strong> ه ذا اإلط ار ف إن إس رتاتيجية<br />

املشروع تتضمن التنسيق مع اجلهات املختصة لبحث اخليارات املتاحة فيما يتعلق إبنشاء هذه املعاهد حسب<br />

خطط مرحلية ، والتوسع <strong>يف</strong> املعاهد احلالية لزايدة طاقتها االستيعابية وإجياد التنوع املطلوب <strong>يف</strong> ب رامج الت دريب<br />

والتأهي ل الس ياحي م ع إاتح ة الفرص ة وت وفري التس هيالت وإجي اد عوام ل التحفي ز والتش جيع للقط اع اخل اص<br />

لالخنراط <strong>يف</strong> االستثمار <strong>يف</strong> إنشاء املعاهد التدريبية.‏<br />

كم ا تتض من إس رتاتيجيات املش روع احملافظ ة عل ى مس توى ع ال م ن ج ودة من اهج التعل يم وب رامج الت دريب<br />

وذلك من خالل إخضاعها لنظام اعتماد<br />

)Accreditation system (<br />

وذلك على املستوى احمللي وال دويل مب ا يض من ج ودة خمرج ات التعل يم والت دريب وق درهتا عل ى الوف اء مبتطلب ات العم ل <strong>يف</strong><br />

القطاع".‏ )2255(<br />

)2253(<br />

)2254(<br />

)2255(<br />

وذلك عرب املوقع:‏ موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

املصادر السابقة.‏<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

املصادر السابقة،‏ ومن تلك املعاهد واجلهات التدريبية:‏ كلية األمري سلطان للسياحة والفندقة أبهبا وكذلك الكليات التقنية ومعاهد<br />

التدريب املهين،‏ فعلى سبيل املثال م <strong>يف</strong> كلية التقنية ‏َبملدينة املنورة تشكيل جلنة من أعضاء الكلية والغرفة التجارية واخلطوط السعودية<br />

واملكتب السعودي للسياحة ومكتب اهلاَشي للسياحة بغرض اخلروج بدراسة علمية لفتح تصص سفر وسياحة <strong>يف</strong> الكلية حيقق حاجات<br />

سوق العمل.‏ ينظر:‏ ، moheet.com وجريدة الرايض،‏ العدد<br />

اجلمعة 11624،<br />

‎1421/1/16‎ه .


وقد انتهجت اململكة كث رياً‏ م ن اخلط وات ال يت ميك ن أن تس هم كث رياً‏ <strong>يف</strong> ت وطني العمال ة ‏َبلقط اع الس ياحي وح ل املش اكل<br />

اليت ميكن أن تواجه هذا النشاط،‏ ومنها:‏<br />

إعداد الدراسات اخلاصة بسوق العمل <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong> وحتديد حج م املش كلة لوض ع خط وات معاجلته ا<br />

‏َبالشرتاك مع الغرف التجارية.‏<br />

افتتاح أول معهد فندقي <strong>يف</strong> الرايض تشرف عليه املؤسسة العامة للتعليم والتدريب املهين.‏<br />

دع م معه د اإلدارة وف تح كلي ة لعل وم إدارة الفن ادق ، وكلي ة أهلي ة للعل وم الس ياحية بعس ري لتأهي ل الك وادر<br />

الوطنية للعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.‏<br />

إدخال املناهج السياحية <strong>يف</strong> التخصصات اجلامعية بكلية اجملتمع جبازان.‏<br />

إنشاء صندوق تنمية املوارد البشرية ويهدف إىل حتمل نسبة من رواتب املوظفني <strong>يف</strong> القطاع اخلاص،‏ وتقدمي<br />

القروض ملنشآت أتهيل وتدريب القوى العاملة الوطنية واملش اركة <strong>يف</strong> أتهيله ا ومتوي ل ب رامج ميداني ة لتوظ<strong>يف</strong>ه ا<br />

وإحالهلا حمل العمالة الوافدة وإعداد الدراسات والبحوث اخلاصة بذلك.‏ )2256(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

كم ا يتض من مش روع الس عودة تنفي ذ ب رانمج وط ين عل ى مس توى اململك ة حت ت مس مى ‏"مرحب ا"‏ يع ىن خبدم ة العم الء<br />

‏َبلتعاون مع العديد من اجلهات واألجهزة احلكومية واخلاصة.‏ ويهدف هذا الربانمج إىل توعية العاملني <strong>يف</strong> تل ك اجله ات<br />

على خمتلف الوظائف اليت تتطلب طبيعة العمل فيها التعامل املباشر م ع الس ياح وإكس اهبم امله ارات الالزم ة والس لوكيات<br />

املالئم ة لتق دمي اخل دمات املطلوب ة للس ياح أبس لوب ودي ومه ين راق يعكس قيمن ا اإلس المية،‏ وتقالي د الض يافة العريق ة<br />

للمجتمع السعودي.‏<br />

ويش مل ذل ك عل ى س بيل املث ال م وظفي اجل وازات،‏ واجلم ارك،‏ واألم ن الع ام،‏ والط ريان،‏ وم وظفي اخل دمات األرض ية <strong>يف</strong><br />

املطارات،‏ واالستعالمات،‏ وسائقي التاكسي.‏<br />

وتتض من إس رتاتيجيات املش روع أيض اً‏ دع م وتش جيع منش آت القط اع الس ياحي حن و ت دريب موظفيه ا عل ى رأس العم ل<br />

على اختالف مستوايهتم الوظ<strong>يف</strong>ية لتطوير وزايدة إنتاجهم.‏<br />

ويعترب تشجيع املواطنني على االلتحاق بوظائف القطاع السياحي أحد أهم إسرتاتيجيات املشروع.‏ و<strong>يف</strong> هذه الصدد ف إن<br />

خطط املشروع تتضمن تنفيذ محالت توعية مكثفة على خمتلف املستوايت ومن خالل وسائل وأساليب متعددة لرتغيب<br />

املواطنني <strong>يف</strong> االلتحاق ‏َبلعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي وإبراز املزااي والفوائد العديدة اليت يوفرها القطاع.‏ كم ا تتض من مح الت<br />

)2256( ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة ، انصر الطيار،‏ ص)‏‎187‎‏(.‏


التوعية خططاً‏ الستهداف طلب ة امل دارس واجلامع ات <strong>يف</strong> مراحله ا املختلف ة وال ذين ميثل ون القاع دة املس تقبلية للع دد الكب ري<br />

م ن الوظ ائف ال يت س يوفرها القط اع وذل ك م ن خ الل ب رامج التوجي ه امله ين وتنظ يم زايرات للمنش آت الس ياحية،‏ وإقام ة<br />

مهرج اانت التعري ف ‏َبمله ن الس ياحية إض افة للعدي د م ن الفعالي ات األخ رى ال يت ستس هم <strong>يف</strong> توجي ه الطلب ة حن و اختي ار<br />

التخصصات السياحية ، والعمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي.‏<br />

كما تقوم اهليئة بتنظيم املهرجاانت السياحية واإلشراف عليها مثل:‏ ملتقى أهبا،‏ مهرجان الشرفية،‏ مهرجان جدة –<br />

اجلوف – والطائف – وبريدة – وعنيزة –<br />

واملدينة املنورة – والباحة – وحائل –<br />

ومكة.‏ وجنران –<br />

وتعم ل عل ى ال رتويج هل ا <strong>يف</strong> وس ائل اإلع الم وج ذب الن اس إليه ا ‏َبلش عارات اجلميل ة اهلادف ة وال ربامج الرتفيهي ة<br />

املتنوعة.‏ )2257(<br />

وس تقدم اهليئ ة العلي ا للس ياحة برانجم اً‏ تروحيي اً‏ موجه اً‏ حن و األس واق املس تهدفة،‏ وخاص ة املس تفيدين م ن اإلج ازات احمللي ة<br />

الس عودية،‏ وال زوار م ن دول اخلل يج الع ريب وال دول اجمل اورة،‏ واملعتم رين ال ذي مي ددون رحل تهم ‏)س وق م ا بع د العم رة(،‏<br />

وستعمل اهليئة على حتقيق ذلك من خالل:‏<br />

ترويج اململكة العربية السعودية وجهة سياحية.‏<br />

دعم الوجهات اإلقليمية.‏<br />

إجياد صورة سياحية مميزة وعالمة جتارية فارقة للسياحة <strong>يف</strong> اململكة . )2258(<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

)2257(<br />

مثل االستعراضات اجلوية،‏ والطريان الشراعي،‏ وسوق احلرف اليدوية القدمية،‏ واألكالت الشعبية،‏ ومسابقة الطهي،‏ وحياة اخلالء،‏<br />

ومعارض الفن التشكيلي،‏ ومهرجاانت التسوق وسباقات اخليول والسيارات،والفعاليات الثقافية،‏ واحملاضرات الدينية،‏ والربامج الرتفيهية <strong>يف</strong><br />

ملتقى البحر الص<strong>يف</strong>ي جبدة وكذلك قافلة اخلري <strong>يف</strong> املنطقة الشرقية وغريها وسباقات التحمل واملسابقات احلركية واأللعاب النارية<br />

واألمسيات الشعرية وغريها من الفعاليات اإلجيابية املتنوعة اهلادفة.‏<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ وجملة املسافر العريب،‏ العدد<br />

،2004 ،20 ص 51<br />

ص‎29‎ ، وجملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ العدد ، 95 ربيع األول ‎1420‎ه ، ص‎10-8‎‏.‏<br />

ولالستزادة ، ينظر:‏ املرفقات من )13( إىل )28(.<br />

، وجريدة اجلزيرة 11610، االثنني ‎24‎‏/مجادى األوىل /<br />

‎1425‎ه ،<br />

)2258(<br />

املصادر السابقة.‏


املطلب الثالث<br />

احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك


املطلب الثالث:‏ احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

إن إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة كجه ة تنظيمي ة وإش رافية تس عى إىل إجي اد س ياحة نقي ة <strong>يف</strong> ب الد احل رمني ومتن ع<br />

ح دوث التج اوزات النظامي ة والش رعية م ن قب ل الس ياح أو اجله ات ذات العالق ة م ن القط اع اخل اص هل و م ن<br />

أعظم الواجبات اليت يقوم هب ا والة األم ر لسياس ة الرعي ة والتص رف مب ا حيق ق املص لحة العام ة للمجتم ع وض بط<br />

تعامالت الناس وتيسري أمورهم.‏<br />

وق د ج اء <strong>يف</strong> نظ ام اهليئ ة <strong>يف</strong> امل ادة الثاني ة:‏ تك وين شخص ية اعتباري ة مس تقلة هل ا ت رتبط ب رئيس جمل س ال وزراء<br />

واملقص ود هب ذه الشخص ية االعتباري ة ه و ص الحية ه ذه اهليئ ة ‏َبعتباره ا ش خص معن وي الكتس اب احلق وق<br />

وحتم ل االلتزام ات وه ذه الشخص ية وإن مل تع رف ل دى فقه اء اإلس الم هب ذا االس م إال أهن م ذك روا أحكام اً‏<br />

رتبته ا الش ريعة اإلس المية عل ى الوق ف واملس جد وبي ت امل ال وال ميك ن ترتبه ا إال عل ى أس اس م ن فك رة<br />

الشخصية املعنوية والذمة املستقلة فجاء <strong>يف</strong> درر احلكام:‏ ‏)الوالية <strong>يف</strong> أمر الوق ف للواق ف وإن مل يش رتطها؛ ألن ه<br />

أحق من األجنيب ويعزل لو خان كالوصي رعاية ملصلحة الوقف...(‏ )2259(<br />

وه ذا <strong>يف</strong>ي د أبن الواق ف أع رف الن اس بغاي ة الوق ف ليق وم بتوجيه ه إىل م ا حيققه ا ول ذا ك ان ل ه األولوي ة <strong>يف</strong><br />

اإلشراف على أنه لو أه در املص احل اخلاص ة<br />

ممثل ملصاحل الوقف كالوصي.‏<br />

‏َبلوق ف والغ رض ال ذي أن شء ألجل ه فإن ه يع زل<br />

وم ا ذاك إال ألن ه<br />

فظه ر جلي اً‏ أبن الوق ف أص بح حم الً‏ الكتس اب احلق وق وحتم ل االلتزام ات وذل ك مل ن ل ه أهلي ة وج وب وأهلي ة<br />

أداء وهذه األهلية من آاثر منح الشخصية املعنوية.‏<br />

و<strong>يف</strong> أسىن املطال ب:‏ ‏)وجعل البقع ة<br />

)2260(<br />

و<strong>يف</strong> أهنما ميلكان كاحلر(.‏<br />

مس جداً‏ أو مق ربة حتري ر هلم ا كتحري ر الرقب ة <strong>يف</strong> أن ك الً‏ منهم ا انتق ل إىل هللا<br />

وهذا تشبيه صريح ‏َبلشخص الطبيعي فكما أن الرقيق حني يعتق يكون شخصاً‏ كامل احلرية واألهلية فكذلك<br />

إخراج املال من ملكية صاحبه جيعل له أهلية وشخصية معنوية.‏<br />

فأج ازت الش ريعة اإلس المية لك ل م ن الوق ف واملس جد أن يكتس ب احلق وق ويتحم ل االلتزام ات وال يك ون<br />

ذلك إال بثبوت الشخصية املعنوية والذمة املالية املستقلة هلما،‏ وجاء مثل هذا<br />

فيما يتعلق ببيت املال ، وعلي ه<br />

فإن إعطاء اهليئة شخصية معنوية أو اعتبارية ال مانع منه شرعاً‏ وهو اثبت <strong>يف</strong> كالم الفقه اء وإن مل يع رف هب ذا<br />

االسم.‏<br />

درر احلكام ، ملنال خسرو احلنفي ، )140/2(.<br />

أسىن املطالب،‏ لألنصاري الشافعي )470/2(.<br />

)2259(<br />

)2260(


وما جاء <strong>يف</strong> املادة الرابعة من ذك ر االختصاص ات اهليئ ة وب ذهلا للجه ود الكفيل ة إبجن اح ه ذه الص نعة فه ذا كل ه<br />

من ‏َبب حتقيق املصاحل والتعاون على الرب والتقوى وبذل اجله د <strong>يف</strong> خدم ة ال وطن وامل واطنني وه و م ن واجب ات<br />

والة األمر جتاه رعيتهم.‏<br />

وما ورد من املواد األخرى فهي أمور تنظيمية وإجراءات شكلية ليس فيها مانع شرعي.‏<br />

وملا صدر هذا النظام كان من أهم أهدافه عدم تعارض <strong>السياحة</strong> مع مبادئ الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية وهذا أساس<br />

مشروعية عمل اهليئة وكل النصوص الواردة <strong>يف</strong> وجوب طاعة والة األمر مقيدة <strong>يف</strong> غري معصية،‏ وقد قال :<br />

‏))إمنا الطاعة <strong>يف</strong> املعروف((‏ )2261( ، وقال:‏ ‏))على املرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إال أن يؤمر مبعصية((‏<br />

احلديث.‏ )2262(<br />

فكل ما يعارض مبادئ الشريعة وقواعدها فهو ‏َبطل ال جيوز العمل به وال تنفيذه وال بذل املال فيه.‏<br />

وإذا كان هذا اهلدف قد رمسته الدولة<br />

القط اع اخل اص<br />

– وفقها هللا –<br />

–<br />

ومشاريعه وأهدافه مع<br />

وه و الش ريك اهل ام <strong>يف</strong> ص ناعة الس ياحة<br />

مبادئ الشرعية <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ )2263(<br />

–<br />

لك ل أجهزهت ا ومرافقه ا ومنه ا اهليئ ة العلي ا للس ياحة ف إن<br />

جي ب أن يلت زم ب ذلك ف ال تتع ارض أعمال ه<br />

كم ا ج اء <strong>يف</strong> أه داف اهليئ ة:‏ اح رتام الع ادات والتقالي د االجتماعي ة واخلصوص ية العائلي ة ال يت متي ز اجملتم ع<br />

السعودي املسلم عن غريه.‏<br />

وه ذا يس تدعي م ن اهليئ ة والقط اع اخل اص أن يراع وا <strong>يف</strong> مش اريعهم وأنش طتهم الس ياحية مالئمته ا لع ادات<br />

وتقالي د اجملتم ع وع دم خروجه ا ع ن ذل ك أو التب ذل فيه ا مب ا خي دش احلي اء وامل روءة واحلش مة كم ا يل زمهم <strong>يف</strong><br />

املشاريع أن تكون مصممة <strong>يف</strong> بنائها وتفصيلها على أساس من السرت ومراع اة اخلصوص ية للع ائالت ومن ع ك ل<br />

)2264(<br />

ما يؤدي لالختالط والسفور وكشف العورات.‏<br />

وج اء <strong>يف</strong> امل ادة الثالث ة م ن نظ ام اهليئ ة ال نص عل ى أن غرض ها األساس ي ه و االهتم ام ‏َبلس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة<br />

وتنميته ا وتطويره ا والعم ل على تعزي ز دور الس ياحة ‏َبعتب اره راف داً‏ مهم اً‏ م ن رواف د االقتص اد ال وطين ويض طلع<br />

القط اع األهل ي ‏َبل دور الرئيس ي <strong>يف</strong> إنش اء املش اريع الس ياحية االس تثمارية وه ذا غ رض ه ام وم ورد اقتص ادي<br />

جائز إذ أن األصل <strong>يف</strong> املعامالت اإلَبحة فإذا خلت هذه املشاريع من الرَب والغش والغرر فإن عوائ دها ح الل<br />

شرعاً‏ وعليه فإن من واجب القطاع اخلاص أن خيلص مشاريعه واس تثماراته الس ياحية م نك ل حمظ ور ش رعي ،<br />

فل و ك ان املش روع منتجع اً‏ حب رايً‏ م ثالً‏ ف ال يك ون في ه اخ تالط وال غن اء موسيقي،‏ وال قن وات فاس دة وال يك ون<br />

)2261(<br />

)2262(<br />

)2263(<br />

)2264(<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب اإلمارة،‏ ‏َبب وجوب طاعة األمراء <strong>يف</strong> غري معصية،‏ رقم<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه،‏ كتاب اإلمارة،‏ ‏َبب وجوب طاعة األمراء <strong>يف</strong> غري معصية،‏ رقم<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة،‏ العدد<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ بتصرف.‏<br />

. 1840<br />

. 1839<br />

25 ،1752<br />

ربيع اآلخر،‏ ‎1421‎ه ، ص‎27‎<br />

.


متويله ربوايً‏ إىل غري ذلك من املنكرات و إال كان هذا من الرَب والسحت وأكل امل ال ‏َبلباط ل،‏ وم ن املؤم ل <strong>يف</strong><br />

اهليئ ة العلي ا للس ياحة أن تض ع ض وابط ش رعية دقيق ة وملزم ة لك ل املنتجع ات وامل دن الرتفيهي ة واألم اكن<br />

السياحية واألسواق إلزالة كل املنكرات واملخالفات الشرعية ومنع أتصيل املنكرات <strong>يف</strong> جمتمعنا الطاهر.‏ )2265(<br />

وأما استغالل ما يسمى ‏َبلسياحة الدينية ‏)احلج والعمرة(‏ وتطويرها كنش اط س ياحي ه ام <strong>يف</strong> ب الد احل رمني<br />

واالس تفادة م ن عوائ دها االقتص ادية فاألص ل في ه احل ل،‏<br />

يق ول:‏ س بحانه وهللا<br />

<br />

<br />

<br />

)2266( ، وال ش ك أن ه ذا م ن أعظ م املن افع عل ى أن ال يك ون <strong>يف</strong> ذل ك خ داع واس تغالل للحج اج<br />

واملعتمرين أو تضييق عليهم فهم ضيوف الرمحن وضيافتهم وجب على بالد احلرمني.‏<br />

وأم ا م ا يتعل ق بتعزي ز الش عور ‏َبلفخ ر ال وطين كه دف رئيس ي للس ياحة ف إن ك ان املقص ود ب ه توعي ة اجملتم ع<br />

‏َبلس ياحة الداخلي ة واس تمالته عاطفي اً‏ إىل التج ول <strong>يف</strong> وطن ه ونف ع أهل ه فه ذا أم ر حس ن،‏ ب ل ه و م ن واجب ات<br />

اهليئة درءاً‏ ملفاسد السفر و<strong>السياحة</strong> اخلارجية.‏<br />

وأم ا إن ك ان املقص ود ب ه إحي اء القومي ات والعنص رايت ورب ط ال والء املطل ق ‏َبألرض والنس ب فه ذا م ن أم ور<br />

اجلاهلية اليت هنى عنها <strong>اإلسالم</strong> وهو ذريعة إىل الشرك ‏َبهلل<br />

احلب الطبيعي للوطن دون مغاالة <strong>يف</strong> ذلك فال حرج فيه.‏<br />

– عز وجل –<br />

فالوالء املطل ق ال يك ون إال هلل،‏ أم ا<br />

وقد جاء <strong>يف</strong> أهداف اهليئة:‏ تعزيز األنشطة الرتفيهية السياحية،‏ وقد ذكران فيما تقدم أبن األصل <strong>يف</strong> املس لم ه و<br />

اجل د ال اهل زل والله و وإمن ا يس رتوح وي روح ع ن نفس ه لتجدي د طاقات ه وه ذا ال حم ذور في ه ش رعاً‏ كم ا س بق <strong>يف</strong><br />

أتص يل احلاج ة إىل الس ياحة الرتفيهي ة ش رعاً،‏ لك ن ينبغ ي أن يك ون ه ذا التعزي ز لتل ك األنش طة مض بوطاً‏<br />

‏َبلض وابط الش رعية،‏ حبي ث ال خي ل حب ق وال يض يع واجب اً،‏ وال يك ون في ه إس راف وال تب ذير وأن خيل و م ن<br />

املنكرات الشرعية كالسحر واالختالط والغناء والفحش <strong>يف</strong> القول والكذب واهلزل احملرم<br />

وحنو ذلك.‏<br />

وفيما يتعلق بتسهيل التعاون بني خمتلف اجلهات ذات العالقة عل ى املس توايت احمللي ة والدولي ة فالب د م ن أط ره<br />

‏َبلضوابط الش رعية ف ال جي وز نق ل األفك ار واملظ اهر الس ياحية الغربي ة جملتمعن ا املس لم إال بع د فحص ها وتنقيته ا<br />

حىت تلو من كل شائبة متس ديننا وعقي دتنا وأخالقن ا وعل ى اهليئ ة أن تك ون ص مام أم ان وحص ن دف اع يق ف<br />

<strong>يف</strong> مواجه ة ال دعوات التغريبي ة واهلجم ات اإلحلادي ة املادي ة فس ياحتنا الرتفيهي ة ال يص ح أن تل و م ن س ياحة<br />

روحية حتقق الغاية اإلهلية من خلق البشرية <br />

. )2267( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وقد أحسنت اهليئة <strong>يف</strong> خطتها اإلسرتاتيجية العامة لتطوير وتنمية <strong>السياحة</strong><br />

الوطنية،‏ حيث نصت على أن ه ذه<br />

اخلط ة ص ممت لتض ع إس رتاتيجية لس ياحة قيم ة تراع ي خصوص ية اململك ة كوهن ا مه د اإلس الم ووط ن احل رمني<br />

ينظر:‏ املصدر السابق ، بتصرف.‏<br />

سورة احلج،‏ اآلية<br />

. 28<br />

سورة الذارايت،‏ اآلية<br />

. 56<br />

)2265(<br />

)2266(<br />

)2267(


وقبلة املسلمني،‏ وتركز على مجلة م ن األس س واملب ادئ والق يم اإلس المية والتواف ق م ع خصوص ية اجملتم ع وقيم ه<br />

ال يت يعت ز هب ا،‏ وه ذه الس ياحة ‏)الس ياحة القيم ة(‏ ه ي املفه وم األساس ي لص ناعة الس ياحة <strong>يف</strong> اململك ة ، وه ذا<br />

يتض من اإلش ارة أله م أه داف اهليئ ة والغ رض م ن إنش ائها،‏ وك ان م ن املف رتض أن ي نص علي ه <strong>يف</strong> األه داف<br />

األساسية للهيئة ال أن يكتفى بذكره ضمناً‏ <strong>يف</strong> الرؤية واملهمة واخلط ة اإلس رتاتيجية وه ذا اهل دف م ن املس لمات<br />

<strong>يف</strong> بالد احلرمني القائمة على حتكيم الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> كل نواحي احلياة.‏<br />

أما فيما يتعلق ‏َبهتمام <strong>السياحة</strong> ‏َبلرتاث املادي وغري امل ادي ف إن إحي اء اآلاثر اإلس المية والعربي ة واس تخالص<br />

العرب والدروس منها وربط حاضر األمة مباضيها اجمليد واترخيها العريق من أسس الرتبية <strong>يف</strong> اتريخ <strong>اإلسالم</strong>.‏<br />

أما االهتم ام ‏َبل رتاث امل ادي اجمل رد للتس لية والرتفي ه ال غ ري فه و م ن إض اعة اجله ود واألوق ات واألم وال فيم ا ال<br />

نف ع م ن ورائ ه،‏ ك ذلك ف إن االهتم ام ب رتاث اهل الكني م ن األم م املعذب ة كم دائن ص احل م ن الب دع احملدث ة وق د<br />

تقدم احلديث عنه،‏ وقد ظهر حديثاً‏ م ا يع رف ‏َبل رتاث الفلك وري والف ن الش عيب،‏ ويق وم عل ى أس اس االهتم ام<br />

‏َبألغ اين الش عبية الرتاثي ة والرقص ات القبيح ة والكلم ات املاجن ة غالب اً‏ ، وه ذا م ن املنك رات ال يت ال تل و م ن<br />

إسفاف وتبذير ومفاسدها ال تفى على كل ذي لب فال جي وز للهيئ ة وال للق ائمني عليه ا م ن القط اع اخل اص<br />

أن يهتموا مبثل هذا.‏<br />

وأم ا االهتم ام ‏َبلتح ف واحل رف اليدوي ة والص ناعات القدمي ة وماض ي األج داد واترخيه م وقصص هم املاتع ة<br />

وتراثهم الفكري املفيد فاألصل فيه اإلَبحة وال خيلو من فائدة.‏<br />

وإذا نظران إىل مشاريع اهليئة وأعماهل ا وس عيها لتط وير الس ياحة كقط اع من تج ومش اركتها للجه ات والقطاع ات<br />

وتعاوهنا معها <strong>يف</strong> سبيل ذلك من خالل مبدأ الشراكة فإنه ال يظهر منها حمذور شرعي <strong>يف</strong> ذاهتا.‏<br />

لكن تطبيق القوانني والتشريعات كجزء م ن ب رامج الش راكة الس ياحية وتط وير وحتس ني ال نظم،‏ إن ك ان املراد ب ه<br />

الق وانني والتش ريعات وال نظم الوض عية املخالف ة للش ريعة اإلس المية ف إن ه ذا م ن أعظ م املنك رات،‏ وهللا تع اىل<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

يق ول:‏ <br />

)2268(<br />

و<strong>يف</strong> آي ة أخ رى:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2269(<br />

و<strong>يف</strong> آي ة أخ رى:‏ ، <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2270(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وأم ا إن ك ان امل راد هب ا م ا ال خي الف الش ريعة اإلس المية م ن نظ م حتق ق أه داف الس ياحة وتض بط تع امالت<br />

الناس وتيسر عليهم أمورهم فإن ذلك جائز شرعاً،‏ وهو من السياسة الشرعية.‏<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآلية<br />

. 44<br />

. 45<br />

. 47<br />

)2268(<br />

)2269(<br />

)2270(


مع ع امل ش افعي:‏ ‏"ج رى <strong>يف</strong> ج واز العم ل <strong>يف</strong> الس لطنة ‏َبلسياس ة الش رعية : أن ه ه و<br />

وقد تناظر ابن عقيل )2271(<br />

احل زم،‏ وال خيل و م ن الق ول ب ه إم ام . فق ال الش افعي : ال سياس ة إال م ا واف ق الش رع . فق ال اب ن عقي ل :<br />

السياسة ما كان فعال يكون معه الناس أقرب إىل الصالح،‏ وأبعد عن الفساد،‏ وإن مل يضعه الرس ول ص لى هللا<br />

علي ه وس لم،‏ وال ن زل ب ه وح ي،‏ ف إن أردت بقول ك : إال م ا واف ق الش رع أي مل خي الف م ا نط ق ب ه الش رع :<br />

فص حيح . وإن أردت : ال سياس ة إال م ا نط ق ب ه الش رع : فغل ط،‏ وتغل يط للص حابة فق د ج رى م ن اخللف اء<br />

الراشدين من القتل والتمثيل ما ال جيح ده ع امل ‏َبلس نن،‏ ول و مل يك ن إال حتري ق عثم ان املص احف . فإن ه ك ان<br />

رأاي اعتمدوا فيه على مصلحة األمة،‏ وحتريق علي رضي هللا عنه الزاندقة <strong>يف</strong> األخاديد وقال :<br />

ملا رأيت األمر أمرا منكراً‏ أججت انري ودعوت قنربا<br />

ونفي عمر بن اخلطاب رضي هللا عنه لنصر بن حجاج . ا ه .<br />

وهذا موضع مزلة أقدام ، ومضلة أفهام ، وهو مقام ضنك ، ومعرتك صعب".‏ )2272(<br />

وأم ا االنفت اح والش فافية كمب دأ م ن مب ادئ الش راكة فينبغ ي أن يقي د ه ذا االنفت اح مب ا ال خي الف الش رع والق يم<br />

<strong>اإلسالم</strong>ية واملروءة العربية السيما إذا كان االنفتاح مع جهات سياحية خارجية كما أشران لذلك آنفاً.‏<br />

وفيم ا يتعل ق ‏َبملش اريع األخ رى ال يت تس عى اهليئ ة م ن خالهل ا لتنمي ة الك وادر البش رية املؤهل ة والعناي ة بس عودة<br />

الوظ ائف الس ياحية والتأهي ل والت دريب عل ى العم ل الس ياحي وتش جيع االس تثمار <strong>يف</strong> ذل ك وتط وير مه ارات<br />

الع املني <strong>يف</strong> الس ياحة،‏ فه ذا ق ائم عل ى مجل ة م ن املص احل املعت ربة فالس عودة هت دف للقض اء عل ى البطال ة ب ني<br />

ش باب ال وطن وه م أح ق م ن غ ريهم ‏َبلعم ل <strong>يف</strong> أرض هم إض افة إىل م ا يتمتع ون ب ه م ن ع ادات وتقالي د يق ل<br />

تواجدها <strong>يف</strong> العمالة الوافدة اليت غالباً‏ ما تنقل لبالدان جتارب غربية وعادات أجنبية ويكثر وقوع اجلرائم والغ ش<br />

منها إضافة إىل افتقادها لألساليب والتقاليد املالئمة للمجتمع السعودي.‏<br />

وإجي اد كلي ات ومعاه د تدريبي ة إلع داد الش باب ملث ل ه ذه األعم ال ال م انع من ه ش رعاً‏ وفي ه مص احل ظ اهرة<br />

وتع اون عل ى ال رب والتق وى وتعل يم ألبن اء املس لمني م ا ي نفعهم <strong>يف</strong> أم ور دني اهم،‏ بي د أن ه ينبغ ي أن تل و املن اهج<br />

التدريبي ة م ن ك ل خمالف ة ش رعية وأن يس تفاد م ن التج ارب األخ رى فيم ا ال خي الف دينن ا وعاداتن ا وأن يعت ىن<br />

بتدريبهم عل ى أحك ام وآداب الش ريعة اإلس المية <strong>يف</strong> الس ياحة والض يافة والتعام ل م ع الن اس وأن توض ع من اهج<br />

مستقلة <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

أم ا قي ام اهليئ ة ‏َبل رتويج واإلع الانت الس ياحية ألنش طتها وبراجمه ا فينطب ق علي ه م ا س يأيت <strong>يف</strong> وس ائل ال رتويج<br />

السياحي وحكمها الشرعي قريباً.‏ )2273(<br />

ابن عقيل تقدمت ترمجته ص<br />

331<br />

الطرق احلكمية،‏ البن القيم اجلوزية،‏ ص )14-13(.<br />

<strong>يف</strong> ص )715( ، و ينظر:‏ مناذج لوسائلها الرتوجيية <strong>يف</strong> املرفقات )22( و )23( و )24( و )25(.<br />

)2271(<br />

)2272(<br />

)2273(


وم ن أب رز املش اريع ال يت تق وم هب ا اهليئ ة عل ى أرض الواق ع وتش رف عل ى تنفي ذها وتعم ل عل ى تروجيه ا:‏<br />

املهرجاانت السياحية <strong>يف</strong> مناطق اململكة املختلف ة واملش تملة عل ى ب رامج متنوع ة س بقت اإلش ارة إىل مجل ة منه ا<br />

وه ذا ال حم ذور في ه ش رعاً‏ إذا ض بطت ‏َبلض وابط<br />

وغالبه ا ال خيل و م ن نف ع وفائ دة وت رويح ع ن األنف س،‏ )2274(<br />

وك ان منه ا<br />

الش رعية املتقدم ة لك ن حص ل <strong>يف</strong> ه ذه املهرج اانت بع ض التج اوزات واملخالف ات الش رعية )2275(<br />

على سبيل املثال ما يلي:‏<br />

-2<br />

أوالً:‏ منكرات مهرجان أهبا<br />

وه ي كث رية وك ان م ن أمهه ا م ا حص ل <strong>يف</strong> ص <strong>يف</strong> ‎1422‎ه و ‎1423‎ه <strong>يف</strong> مهرج ان بعن وان ‏"إال أان أهب ى"‏<br />

وهي:‏<br />

املنكر األول:‏<br />

األمس يات الغنائي ة م ن أك رب ب رامج مهرج ان أهب ا حي ث يش ارك في ه ع دد كب ري م ن جن وم الف ن كم ا يق ال <strong>يف</strong><br />

ال ذي يتس ع ألكث ر<br />

اململك ة ودول جمل س التع اون اخلليج ي،‏ وتق ام ه ذه األمس يات عل ى مس رح املفتاح ة )2276(<br />

من )3600( متفرج،‏ وقد القت إقباالً‏ مجاهريايً‏ كبرياً،كما يتابعه ماليني املشاهدين هلذه احلفالت الغنائي ة <strong>يف</strong><br />

القن وات الفض ائية،‏ ومل تقتص ر ه ذه األمس يات عل ى الغن اء فق ط ولك ن ص ارت مس تنقعاً‏ للج نس الثال ث م ن<br />

الش واذ وم ا حي دث <strong>يف</strong> ه ذه احلف الت <strong>يف</strong> آخ ر اللي ل م ن رق ص ش به نس ائي للش باب تف اعالً‏ م ع املغ ين،‏ وق د<br />

وص ل بعض هم إىل اجمل اهرة هب ذه العالق ات الش اذة،‏ وق د ض بط بعض هم يتزاوج ون فيم ا بي نهم وأق يم عل ى ثالث ة<br />

منهم حكم القتل )2277(<br />

و<strong>يف</strong> ‎1423‎ه خص ص األس بوع الثال ث ‏"حمل يب األص وات الفني ة <strong>يف</strong> احلف الت الغنائي ة ال يت أص بحت م ن<br />

األحداث الفنية املهمة على مستوى اخلليج العريب،‏ مث خيتم الص<strong>يف</strong> ‏َبحلفل الغنائي الكبري"‏ )2278(<br />

-3<br />

املنكر الثاين:‏<br />

فرقة موسيقية تتكون من عشرات املطربني والراقصني،‏ ومعهم مكربات صوت ضخمة حتم ل لوح دها <strong>يف</strong> س يارة<br />

وانيت ويسمع صوهتا من على بعد ‏)‏‎1000-700‎م(‏ تقريباً‏ وهذه الفرق ة حمروس ة ب دوريتني م ن الش رطة وتق وم<br />

ينظر:‏ مناذج لبعض فعالياهتا وأنشطتها <strong>يف</strong> املرفقات )26( و )27( و )28(.<br />

ينظر:‏ موقع احلسبة:‏ WWW.hesba.org<br />

ينظر:‏ املرفقات )29(<br />

ينظر:‏ االقتصادية،‏ العدد<br />

ينظر:‏ الوطن،‏ العدد<br />

‎1422/10/18‎ه ، 3006 .<br />

‎1423/2/22‎ه ،583 .<br />

)2274(<br />

)2275(<br />

)2276(<br />

)2277(<br />

)2278(


-4<br />

‏َبلغن اء واملوس يقى وس ط منتزه ات العوائ ل فيجتم ع الرج ال والنس اء حلق اً‏ ح وهلم ويتزامح ون وس ط منك رات ال<br />

يصدقها إال من رآها.‏<br />

وه ذه الفرق ة أقام ت ع روض موس يقية <strong>يف</strong> منت زه ‏)الس ودة(‏ و ‏)دلغ ان(‏ و ‏)احلبل ة(‏ و ‏)حديق ة أب و خي ال(‏ و<br />

‏)حديقة امللك فهد <strong>يف</strong> اخلميس(‏ و ‏)منتزه احلرايب <strong>يف</strong> اخلميس(‏ و ‏)فندق قصر أهبا(،‏ وهي مصرح هل ا <strong>يف</strong> كتي ب<br />

<strong>السياحة</strong> ودليلها ‏َبسم الفنون الشعبية .... واملؤسف أن هذه الفرقة عزاب ويدخلون منتزهات العوائل .<br />

املنكر الثالث:‏<br />

مرك ز املع ارض ال دويل للتس ويق ‏)مهرج ان التس وق(،‏ واألص ل <strong>يف</strong> مثل ه اجل واز لكن ه يش تمل عل ى منك رات<br />

وجتاوزات ال بد من معاجلتها،‏ ومن أبرز ذلك:‏<br />

-1<br />

-2<br />

عام<br />

حيضره مئات العوائل يومياً،‏ ب ل إحص ائية التنش يط الس ياحي أن ه يدخل ه يومي اً‏ )2000(<br />

شخص ما ب ني رج ل وام رأة،‏ وه ذا حيت اج إىل تنظ يم مين ع االخ تالط والت ربج <strong>يف</strong> مث ل ه ذه<br />

األماكن.‏<br />

يوجد ‏َبملركز أجنحة مثل:‏<br />

أ-‏ اجلناح الكوييت ويبعن فيه نساء كويتيات ويعرضن وهن سافرات.‏<br />

ب-‏ اجلناح اللبناين،‏ وقد شوهد <strong>يف</strong> املعرض ام رأة لبناني ة ب ني الرج ال اللبن انيني وه ي س افرة ص <strong>يف</strong><br />

‎1421‎ه .<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

مقاهي خمتلطة تقدم فيها الشيشة للرجال والنساء.‏<br />

ال تغلق احملالت أبداً‏ وقت الصالة.‏<br />

املمرات داخل املركز ضيقة فيتزاحم فيها الرجال والنساء.‏<br />

تقوم جمموعة لبنانيني غاي ة <strong>يف</strong> الوس امة ‏َبل رقص ‏)الدبك ة اللبناني ة(‏ وجيتم ع ح وهلم الرج ال<br />

والنساء <strong>يف</strong> منكر عظيم يتزاحم فيه الرجال والنساء ‏َبألكتاف.‏<br />

وجود السحرة وألعاب السحر والشعوذة املسماة ‏َبلسرك <strong>يف</strong> هذا املهرجان.‏<br />

-5<br />

املنكر الرابع:‏<br />

قافل ة االص طياف:‏ وه ي س يارة م ن ك ل دائ رة حكومي ة معمول ة أبش كال ترم ز هل ذه ال دوائر تكل ف م ا ب ني<br />

)100000-30000( رايل وتق وم ‏َبلتج ول وس ط منتزه ات الع زاب والعوائ ل وداخ ل امل دن وخارجه ا<br />

والش وراع العام ة وهب ا أص وات م ن املوس يقى وع ادة م ا تب دأ ‏َبلتج وال يومي اً‏ بع د الظه ر إىل بع د العش اء وه ي


أكث ر م ن عش رين س يارة م ن الن وع الكب ري ‏)بعض ها ش احنات(‏ وه ذه جت وب ش وارع املدين ة الرئيس ة وتنتق ل <strong>يف</strong><br />

بعض السنوات إىل مدينة مخيس مشيط،‏ وتسمى قافلة االصطياف.‏ )2279(<br />

ولو خلت هذه القافل ة م ن املنك رات واقتص د <strong>يف</strong> نفقاهت ا دون إس رافكم ا ه و احل ال ب بعض اجله ات املش اركة<br />

<strong>يف</strong> القافلة واليت متيزت بذلك لكان <strong>يف</strong> هذا خرياً‏ كثرياً.‏<br />

-6<br />

املنكر اخلامس:‏<br />

إقام ة م ا يس مى ‏َبخليم ة الفض ائية ألول م رة <strong>يف</strong> ع ام ‎1422‎ه ، وم فيه ا مقابل ة أكث ر م ن<br />

30 ش اعراً‏ و 30<br />

فن اانً‏ و 30 ص حفياً‏ ... وغ ريهم،‏ وتعت رب أك رب خيم ة تلفزيونية تقيمه ا ملهرج ان أهب ا الس ياحي )2280( ، وه ذه<br />

اخليم ة للقن اة الفض ائية ART وال يت تق وم فيه ا مذيع ة متربج ة م ن األردن مبق ابالت م ع الش باب والفن انني<br />

يصاحبها <strong>يف</strong> ذلك مذيع سعودي،‏ ويتخلل ذلك شيء من األغواء والتكسر <strong>يف</strong> الكالم والتميع واخللوة.‏ )2281(<br />

-7<br />

املنكر السادس:‏<br />

احلفالت الغنائية النسائية،‏ واملسرحيات النسائية،‏ فمثالً‏ استض<strong>يف</strong>ت عام ‎1421‎ه مخس فرق وهي:‏<br />

أ-‏ فرقة مسيحة<br />

. 4/1<br />

ب-‏ فرقة نورة مبارك<br />

ج-‏ فرقة هدى احلكمي<br />

د-‏ فرقة زبيدة<br />

ه<br />

. 4/15<br />

. 4/21<br />

. 4/29<br />

املطربة عتاب -<br />

. 5/7<br />

وكانت تلك املسرحيات تعرض على مسرح املفتاح ة أبهب ا خ الل الس نوات املاض ية،‏ ويق ول د.العضاض ي أم ني<br />

جلن ة التنش يط الس ياحي:‏<br />

"<br />

... وأوض ح أن القط اع النس ائي حظ ي بنص يب األس د <strong>يف</strong> ه ذه ال ربامج و<strong>يف</strong><br />

مقدمتها تنظيم مسرحية نسائية ببطولة عدد من جنمات اخلليج ...". )2282(<br />

-8<br />

املنكر السابع:‏<br />

حديقة أهبا الرتفيهية جبانب عرَبت التلفريك <strong>يف</strong> أهبا اجلديدة وهذه احلديقة هبا مايلي:‏<br />

ينظر:‏ املدينة،‏ العدد<br />

ينظر:‏ الوطن ، العدد<br />

ينظر:‏ الوطن ، العدد<br />

ينظر:‏ الرايض العدد<br />

‎1422/2/25‎ه ،13905 .<br />

‎1422/4/12‎ه ،277 .<br />

‎1423/2/10‎ه ،571 .<br />

‎1422/4/24‎ه ،12074 .<br />

)2279(<br />

)2280(<br />

)2281(<br />

)2282(


ع روض للص وت والض وء ث الث م رات <strong>يف</strong> األس بوع الواح د م ن بع د العش اء وإعالانهت ا<br />

موج ودة ومنتش رة <strong>يف</strong> الش وارع واحلض ور هل ا خم تلط ب ني الرج ال والنس اء،‏ تق ام ك ل س نة،‏<br />

وتستخدم أضواء الليزر ‏َبإلضافة إىل املوسيقى الص اخبة ع رب مك ربات الص وت ‏َبإلض افة<br />

إىل أغ اين ل بعض الفن انني )2283( ، وق د أعل ن ع ن<br />

20<br />

ليل ة تق ام فيه ا ه ذه الع روض ف وق<br />

حب رية أهب ا اجلدي دة تكل ف الليل ة الواح دة منه ا مئ ات اآلالف وجممله ا يص ل إىل مالي ني<br />

الرايالت،‏ وهذا تبذير وإسراف لألموال <strong>يف</strong> غ ري مص لحة معت ربة فينبغ ي االقتص اد <strong>يف</strong> مث ل<br />

هذه العروض.‏<br />

دَبَبت مائية للرجال والنساء سوايً‏ وهذه األلعاب تقام منذ ص<strong>يف</strong><br />

‎1421‎ه .<br />

القط ار امل ائي للنس اء والرج ال مب رأى م ن الرج ال و<strong>يف</strong> آخ ر مس اره ين زل م ن مك ان مرتف ع<br />

ج داً‏ فيص طدم ‏َبمل اء فيتن اثر امل اء عل ى أجس ام النس اء ومالبس هن فيلص قها عل يهن <strong>يف</strong><br />

منظر مزري من الصياح والتكشف وترج املرأة ومالبسها مبتلة ملتصقة عليه ا مب رأى م ن<br />

الرجال.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

اثنياً:‏ مهرجان الباحة:‏<br />

ففي برانمج <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الباحة لص<strong>يف</strong> ‎1423‎ه تضمن الربانمج<br />

– وهلل احلمد –<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

عدداً‏ م ن املناش ط الش رعية<br />

والثقافية واالجتماعية ولكنه كذلك اشتمل على ع دد م ن املنك رات جت اوز املعل ن منه ا الثالث ني منك راً‏ ، نس أل<br />

هللا العافية والسالمة،‏ وفيما يلي عرض موجز ملنكرات <strong>السياحة</strong> ‏َبلباحة:‏<br />

حفلة شعبية للسيدات بتعليم البنات.‏<br />

احلفل النسائي للفنون الشعبية مبسرح تعليم البنات ‏َبلباحة.‏<br />

أمسيات ثقافية وفنية غنائية مبجمع احلكري السياحي.‏<br />

عروض متنوعة للفنون الشعبية.‏<br />

استضافة عدد من الفنانني ومشاهري الرايضة.‏<br />

استضافة عدد من املمثلني.‏<br />

اثلثاً:‏ منكرات مهرجان جدة:‏<br />

ينظر:‏ الوطن<br />

)2283( ‎1423/1/16‎ه .


وأما مهرجان جدة غري ‎1423‎ه فقد تضمن املهرجان عدداً‏ من املناشط الدينية والثقافية واالجتماعية والطبية<br />

وه ي مم ا يش كر علي ه املنظم ون للمهرج ان،‏ ولك ن ولألس ف الش ديد تض من ب رانمج املهرج ان ع دداً‏ كب رياً‏ م ن<br />

املنكرات املعلنة )2284( ، ونعدد بعضاً‏ منها فيما يلي:‏<br />

العرض م<br />

املوقع<br />

التاريخ<br />

–<br />

4/9<br />

ع روض جن وم الرول ر إس كريت واأللع اب<br />

مركز فن اتمي الكورنيش،‏ شركة<br />

1<br />

5/22<br />

اإلكروَبتية<br />

ترفي ه للش ماريع الس ياحية<br />

احملدودة<br />

4/16-15<br />

عروض فرقة القناة املصرية السادسة 2<br />

منتزه ومالهي الرمي<br />

2<br />

-4/21<br />

جدة ليايل art<br />

مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />

3<br />

– مؤسس ة راند لإلنت اج 5/22<br />

والتوزيع<br />

4/23<br />

األمسية الفنية األوىل ‏)حممد عبده(‏<br />

مركز ج دة ال دويل للمع ارض-‏<br />

4<br />

م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />

العرض م<br />

املوقع<br />

التاريخ<br />

5/1<br />

األمسية الفنية الثاني ة ‏)عب د هللا الرويش د<br />

مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />

5<br />

–<br />

نبيل شعيل –<br />

سامل العرميي(‏<br />

م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />

–<br />

5/8<br />

األمسية الفنية الثالث ة ‏)عب ادي اجل وهر –<br />

مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />

6<br />

–<br />

رابح صقر –<br />

عبد اهلادي حسني(‏<br />

م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />

5/22<br />

األمس ية الفني ة اخلامس ة ‏)خال د عب د<br />

مرك ز ج دة ال دويل للمع ارض<br />

7<br />

–<br />

–<br />

ال رمحن –<br />

عل ي عب د الس تار<br />

ف ايز<br />

م/راند لإلنتاج والتوزيع<br />

السعيد(‏<br />

رابعاً:‏ منكرات مهرجان املدينة املنورة:‏<br />

)2284(<br />

كما <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة الوطن،‏ العدد<br />

،614<br />

‎1423/3/24‎ه ، واجلزيرة العدد<br />

،11615<br />

13172، السبت<br />

‎29‎‏/مجادى األوىل<br />

‎1425‎ه .<br />

السبت ‎29‎‏/مجادى األوىل ‎1425‎ه ، والرايض


-1<br />

أم ا مهرج ان املدين ة املن ورة وش عاره ‏"عب ادة واس تفادة"‏ فق د اش تملت فقرات ه عل ى ع دد م ن املناش ط الثقافي ة<br />

واالجتماعي ة والرايض ية ..... ولكنه ا ك ذلك تض منت س ت حف الت غنائي ة لفرق ة اي لي ل الش عبية وحفلت ني<br />

ال يت ال تل و م ن<br />

غن ائيتني لفرق ة املدين ة الش عبية فض الً‏ ع ن الع روض البهلواني ة وع روض التيل ي م اتش )2285(<br />

منكرات وخمالفات جيدر بل وجيب على املسئولني تطهري طيبة منها.‏<br />

و من خالل ما تقدم يتبني لنا أبن أبرز املنكرات <strong>يف</strong> املهرجاانت بشكل عام ما يلي )2286( :<br />

اختالط الرجال ابلنساء <strong>يف</strong> كثري من األم اكن ال يت م ن املف رتض أن خيص ص هب ا أم اكن للنس اء دون<br />

الرج ال مثل مراك ز وص االت الرتفي ه وم دن املاله ي،‏ املط اعم،‏ املق اهي،‏ وغريه ا م ن األم اكن،‏ والن يب <br />

، إض افة مل ا يص احب ذل ك االخ تالط<br />

يقول:‏ ‏))ال خيلون رجل ‏َبم رأة إال ك ان الش يطان اثلثهم ا((.‏ )2287(<br />

<br />

من تربج وس فور وهللا تع اىل يق ول:‏ <br />

)2288(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-2<br />

تفش ي ظ اهرة ع دم إغ الق احمل ال التجاري ة ألبواهب ا أوق ات الص لوات واالس تمرار <strong>يف</strong> اس تقبال<br />

عمالئه ا؛ ألن الن اس يكث رون م ن التن زه والتفس ح وينس ون الص الة <strong>يف</strong> زمح ة هل وهم،‏ وهللا تع اىل يق ول:‏ <br />

)2289(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-3<br />

تفش ي ظ اهرة وج ود ابع ة أش به م ا يكون ون ابلنس اء م ن الرج ال،‏ بقص ات ش عور غريب ة ومبالب س<br />

فاضحة خمجلة،‏ يقابلون الزَبئن من النساء ويتكلمون ويضحكون معهن.‏<br />

-4<br />

-5<br />

انف الت الوض ع األخالق ي داخ ل بع ض الش اليهات إذ ال وج ود ي ذكر للتس رت والعب اءة وإمن ا<br />

االخ تالط <strong>يف</strong> مجي ع مراف ق تل ك الش اليهات،‏ إض افة لت ربج بع ض النس اء وس باحتها أم ام الرج ال وقيادهت ا<br />

للسيارات.‏<br />

انتش ار ظ اهرة ممارس ة النس اء لرك وب دابابت البح ر واليخ وت البحري ة مبالب س فاض حة عل ى<br />

شاط أحبر،‏ وقد هنى النيب عن كشف العورات والنظر إليها فق ال:‏ ‏))ال ينظ ر الرج ل إىل ع ورة الرج ل<br />

وال املرأة إىل عورة املرأة ...(( احلديث.‏ )2290(<br />

)2285(<br />

)2286(<br />

)2287(<br />

ينظر:‏ جريدة الرايض،‏ يوم اخلميس<br />

‎1423/4/2‎ه .<br />

ينظر:‏ موقع احلسبة:‏ WWW.hesba.org<br />

أخرجه الرتمذي،‏ كتاب الرضاع،‏ ‏َبب ما جاء <strong>يف</strong> كراهية الدخول على املغيبات ، رقم<br />

الزجر أن خيلو املرء ‏َبمرأة أجنبية )399/12(، رقم )5568(، و ينظر:‏ الدراية )229/2(.<br />

1171، وصححه ابن حبان،‏ ‏َبب ذكر<br />

)2288(<br />

)2289(<br />

)2290(<br />

سورة األحزاب ، اآلية<br />

سورة املاعون،‏ اآليتني<br />

. 59<br />

. 5-4<br />

أخرجه مسلم <strong>يف</strong> صحيحه ، كتاب احليض،‏ ‏َبب حترمي النظر إىل العورات،‏ رقم )338(.


6- انتش ار ظ اهرة ش رب الشيش ة واملعس ل م ن قب ل النس اء <strong>يف</strong> األم اكن العام ة مث ل املق اهي واملط اعم<br />

واملنتزهات البحرية ومراكز الرتفيه العائلي <strong>يف</strong> جو خمتلط وموسيقي صاخبة.‏<br />

-7<br />

تشويه مسعة البالد وأهله ا ابألفع ال الس يئة<br />

وه ذا ن وع م ن الص د ع ن دي ن هللا ، ق ال هللا تع اىل:‏ <br />

)2291( ، فالك افر إذا رأى م ن املس لم س وء التعام ل والغ ش واخل داع<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

-8<br />

قال لو كان هذا دين حق ملا فعلوا هذا.‏<br />

انتشار املنكرات <strong>يف</strong> األسواق وأماكن الرتفيه:‏<br />

فق د غ دت األس واق ومراك ز الرتفي ه املغلق ة واملفتوح ة مرتع اً‏ للفتن ة والفس اد؛ وحم ط أنظ ار الع ابثني أبع راض<br />

الن اس،‏ ف التربج الس افر املخج ل م ن بن ات ه ذا البل د الطي ب ال ذي تن زل ب ه هل ذه األم اكن وق د فاح ت منه ا<br />

، روائ ح األعط ار<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

انهي ك ع ن مش ية اإلس رتجال ومض ايقة الرج ال ك ل ذل ك م ن الفتي ات؛ لي أيت الش باب <strong>يف</strong><br />

الط رف اآلخ ر بكام ل زينت ه ليتح رش ‏َبلفتي ات املتربج ات والعف<strong>يف</strong> ات أيض اً‏ مم ا ين تج عن ه ممارس ات غريب ة ع ن<br />

اجملتمع.‏<br />

ومن األمثلة على ذلك مركز ترفيهي جبده ، فيه من املنكرات:‏<br />

<strong>يف</strong> املرك ز ص الة للت زجل عل ى اجللي د ‏َبلتن اوب ب ني الش باب والفتي ات،‏ والفتي ات إىل س ن<br />

‎15‎و 14<br />

س نة،‏ حي ث يب دأ الش باب والفتي ات واملتف رجني م ن ح ول الص الة يش اهدوهنم<br />

وهم يتزجلون مث أييت دور الفتيات ليخرج الشباب ويلتقوا حول الصالة ليش اهدوا الفتي ات<br />

ببناطيلهن الفاتنة املخلة.‏<br />

الدور الث اين ط اوالت للقه وة والش اهي للعوائ ل م ن دون أي ح واجز،‏ ع الوةً‏ عل ى جم اهرة<br />

النساء بشرب الشيشة واملعسل أمام املارة.‏<br />

املعاكسات الظاهرة <strong>يف</strong> املركز بني الشباب والفتيات.‏<br />

املوسيقى اليت تعج هبا الصالة.‏<br />

وجود حمل للوشم اخلارجي والرسم على األجساد.‏<br />

حم ل للعب اءة ال يت تفص ل اجلس م وتظه ر مفاتن ه وال تتواف ق م ع احلج اب الش رعي،‏ ليق وم<br />

العامل أبخذ مقاسات الراغبات لتفصيل عباءة مباشرة على أجسادهن.‏<br />

9- تضخيم مهارات غري املسلمني املشاركني <strong>يف</strong> هذه املهرجاانت:‏<br />

سورة املمتحنة،‏ اآلية<br />

. 5<br />

)2291(


-1<br />

وذلك ‏َبإلعجاب هبم ومصافحتهم أو التصوير معه م <strong>يف</strong> مجي ع م ا يع رض م ن ع روض هبلواني ة يش وهبا الش عوذة<br />

واالحتيال على الناس ومن تلك الفعاليات:‏<br />

زوروا البط ل:‏ وه ي ع روض هولي وود للمجازف ات املث رية حي ث يرس م البط ل وبي ده س <strong>يف</strong><br />

ح رفz‏،‏ وإع الن آخ ر يق ول:‏ ‏)زوروا حي ارب األش رار <strong>يف</strong> ج دة(‏ وص ورة نس اء بعض هن<br />

س افرات الوج ه م ع أطف ال وص ورة أخ رى للبط ل زوروا يص افح املعجب ني م ن الص غار بع د<br />

العرض والنساء <strong>يف</strong> اخللف.‏ )2292(<br />

ع روض املص ارعة احل رة األمريكي ة:‏ مب ارايت املص ارعة احل رة حملرتف ني وال يت حيض رها النس اء<br />

والرج ال وال خ<strong>يف</strong> ى عل يكم إظه ار ع ورات املص ارعني الرج ال املش اركني <strong>يف</strong> ه ذه الع روض،‏<br />

ومش اهدة النس اء هل م مم ا خي دش احلي اء ويث ري الغرائ ز،‏ ويق در مث ن ت ذكرة ال دخول م ن<br />

-50<br />

150<br />

رايالً‏ حسب قرب املقعد من احللبة.‏ )2293(<br />

الع روض البهلواني ة واملس رحية:‏ وه ي عب ارة ع ن ع روض حركي ة يغل ب عليه ا الش عوذة<br />

واالحتيال وتقام <strong>يف</strong> أكثر من مكان خاص ة عل ى املنتزه ات واملاله ي املختلف ة،‏ حي ث خي تلط<br />

الرجال ‏َبلنساء على طاوالت متجاورة <strong>يف</strong> جو من الغناء واملوسيقى.‏<br />

-2<br />

-3<br />

-10<br />

حي ث تق وم إدارات<br />

ومن املنكرات ما يوجد <strong>يف</strong> مهرجاانت التسوق اخلاصة ببعض املراكز التجارية:‏<br />

األس واق الكب رية بعم ل مس ابقات يومي ة يص احبها املوس يقى ويغل ب عليه ا الت ربج<br />

واالخ تالط م ع إمه ال لش عرية الص الة وع دم التوق ف ألدائه ا واس تمرار املتس وقني داخ ل املرك ز ب دون حي اء أو<br />

خوف من هللا.‏ وعادة ما يكون <strong>يف</strong> ه ذه املهرج اانت التس ويقية تش جيع للنس اء والش باب الع اطلني ع ن العم ل<br />

عل ى ال ذهاب لألس واق م ن أج ل املس ابقات واملق ابالت اإلذاعي ة والتلفزيوني ة حي ث تق وم بع رض القن وات<br />

الفض ائية ومقابل ة احلض ور م ن النس اء والرج ال واألطف ال و<strong>يف</strong> ه ذا الكث ري م ن االخ تالط وإض عاف احلي اء عن د<br />

اجلنسني ودعوهتم للتعلق ‏َبلدنيا وإاثرة الغريزة اجلنسية والتغنج ونبذ احلجاب.‏<br />

11- إقامة احلفالت الغنائية:‏<br />

ينظر:‏ املرفقات (<br />

ينظر:‏ املرفقات (<br />

.) 30<br />

.) 31<br />

)2292(<br />

)2293(


فهو قاسم مشرتك لكث ري م ن املهرج اانت )2294( ، حي ث تق ام احلف الت الغنائي ة للعدي د م ن الفن انني الس عوديني<br />

وغ ريهم،‏ وق د يص احب ذل ك تغطي ات إعالمي ة وتواج د مل ذيعات وم ذيعني ‏َبرزي ن جل ذب الن اس وإضفاء روح<br />

اإلاثرة على ما ال روح له ودعوة األسرة للس هر واملش اركة ب دعوى الرتفي ه فيم ا ثب ت حترمي ه ش رعاً‏ ولكن ه التقلي د<br />

وإلغاء اهلوية املسلمة.‏<br />

وق د ص رح األم ني الع ام للهيئ ة – حفظ ه هللا<br />

–<br />

)2295( أبن املهرج اانت واحلف الت الغنائي ة ليس ت م ن العناص ر<br />

األساس ية للج ذب الس ياحي وينبغ ي ت وفري عناص ر ج ذب أك رب عمق اً‏ وفعالي ة لكن ه جع ل ه ذه احلف الت م ن<br />

اختصاص أمري املنطقة فهو املقرر لطبيعة النشاطات اليت تتم فيها من غري تدخل للهيئة <strong>يف</strong> عناصر املهرجاانت<br />

وال أظن ه ذا يعف ي اهليئ ة م ن مس ئولياهتا املنوط ة هب ا <strong>يف</strong> تنقي ة وتط وير الس ياحة الداخلي ة والتع اون م ع اجله ات<br />

األخرى <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

وم ا ذك رت ه ذه املخالف ات واملنك رات إال غ رية ل دين هللا<br />

احلرمني وقبلة املسلمني.‏<br />

– ع ز وج ل –<br />

–<br />

وحرص اً‏ عل ى نق اء الس ياحة <strong>يف</strong> ب الد<br />

وعل ى اهليئ ة العلي ا للس ياحة ن أع ان هللا الق ائمني عليه ا مس ؤولية هام ة وجه د كب ري <strong>يف</strong> إزال ة ه ذه املنك رات<br />

وتنقي ة املهرج اانت الس ياحية م ن ك ل تل ك الش وائب ال يت تس ي لس معة ه ذه ال بالد وقادهت ا ال ذين م ا فتئ وا<br />

يناض لون ع ن ش ريعة هللا وحيكمون ه <strong>يف</strong> أنفس هم ورعي تهم ويرفع ون ل واء التوحي د ويس عون <strong>يف</strong> خدم ة ض يوف<br />

الرمحن وحيرصون على بقاء هذه الصورة املشرقة املشرفة لبالد احلرمني اململكة العربية السعودية،‏ وال ش ك أبهن م<br />

ال يرضون مبا خيالف ذلك ويناقضه من خمالفات شرعية ومنكرات وجتاوزات <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong> أو غريه.‏<br />

وال يتحق ق اهل دف والغ رض ال رئيس م ن إنش اء اهليئ ة العلي ا للس ياحة إال ‏َبلقض اء عل ى ه ذه املظ اهر الس لبية<br />

وإزالتها وتنقية <strong>السياحة</strong> منها.‏<br />

11615، السبت<br />

)2294(<br />

ينظر:‏ الرايض،‏ العدد<br />

13172، السبت<br />

‎1425‎ه ، وجملة املسافر العريب ، السنة العشرون،‏ العدد<br />

‎29‎‏/مجادى األوىل ‎1425‎ه ، واجلزيرة العدد<br />

‎29‎‏/مجادى األوىل<br />

،4 ص ،)50( واملرفقات .)29(<br />

)2295(<br />

ينظر:‏ الرايض العدد<br />

13543، السبت<br />

‎17‎‏/مجادى اآلخرة ‎1426‎ه ، ص‎44‎<br />

.


فعليها أن تتقبل بصدر رحب كل ما يرد إليها من شكاوى وتبليغه ا ع ن ه ذه املنك رات للتحق ق منه ا وإزالته ا<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

فما نلنا اخلريية إال ب ذلك،‏ ق ال تع اىل:‏ <br />

)2296( .<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وَبلس كوت ع ن مث ل ه ذه املنك رات وإقراره ا نس تحق اللعن ة والعق وَبت م ن رب الع زة واجل الل،‏ كم ا اس حقها بن وا<br />

إسرائيل <strong>يف</strong> قوله سبحانه:‏<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2297(<br />

<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية<br />

سورة املائدة،‏ اآليتني<br />

.110<br />

. 79-78<br />

)2296(<br />

)2297(


املبحث الثاني<br />

مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />

املطلب األول<br />

املقومات


املطلب األول:‏ املقومات.‏<br />

متتاز اململكة العربية السعودية على سبيل اإلمجال ‏َبملقومات السياحية التالية:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

نعمة األمن واألمان اللذين تتميز هبما على سائر البلدان.‏<br />

أص الة اجملتم ع الس عودي املض ياف ومتس كه بدين ه ومتاس ك أف راده وق وة عالقات ه وعدال ة وتواض ع<br />

حكامه.‏<br />

متيز املوقع اجلغرا<strong>يف</strong>.‏<br />

املس احة الشاس عة للمملك ة وم ا تش تمل علي ه م ن تض اريس متباين ة ذات من اخ متن وع ومن اظر<br />

خالبة.‏<br />

وجود املواقع املقدسة واألثرية والتارخيية املهمة،‏ ومتيز الرتاث الثقا<strong>يف</strong> الوطين.‏<br />

ت وفر اخل دمات احلديث ة والبني ة التحتي ة الالزم ة لص ناعة الس ياحة )2298( ، وميك ن تفص يل تل ك<br />

املقومات على النحو التايل:‏<br />

-1<br />

املقومات الدينية:‏<br />

وهي تشمل األماكن املقدسة،‏<br />

وألن اململكة هي مه د<br />

اإلس الم ف إن هل ا مكان ة ممي زة <strong>يف</strong> الع امل اإلس المي،‏ فه ي<br />

مهبط الوحي وبالد احل رمني ومنب ع الرس الة،‏ وتع د ه ذه املغ رايت الس ياحية مص در دخ ل كب ري للمملك ة العربي ة<br />

الس عودية،‏ حي ث تتج ه أفئ دة أكث ر م ن ملي ار مس لم م ن أج ل<br />

ال زايرة أو العم ر ة أو أداء فريض ة احل ج،‏ وق د<br />

س اعدت ه ذه املقوم ات الديني ة <strong>يف</strong> تنش يط حرك ة الس ياحة خاص ة بع د الق وانني اجلدي دة اخلاص ة ‏َبلعم رة<br />

مم ا<br />

جيعله ا ت زداد خ الل أش هر ش عبان،‏ رج ب،‏ رمض ان،‏ وأش هر احل ج،‏ وم ن أه م املن اطق املقدس ة مك ة املكرم ة<br />

مه بط ال وحي وأطه ر بق اع األرض واملك ان ال ذي خ رج وظه ر في ه خ ام الرس ل حمم د حي ث تع د الكعبة<br />

املش رفة أول أث ر معم اري اترخي ي عرفت ه األرض املقدس ة<br />

ال يت يق وم عليه ا املس جد احل رام فق د ورد <strong>يف</strong> الق رآن<br />

<br />

الك رمي قول ه تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2299(<br />

<br />

<br />

، وق ال تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

)2300(<br />

<br />

، وسيظل احلرم املكي الشر<strong>يف</strong><br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

25<br />

،1752<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة /http://WWW.sct.gov.sa<br />

، وجملة الدعوة العدد<br />

ربيع اآلخر،‏<br />

)2298(<br />

‎1421‎ه ، ص‎25‎<br />

.<br />

سورة احلج،‏ اآلية<br />

. 26<br />

)2299(<br />

سورة البقرة،‏ اآلية<br />

. 127<br />

)2300(


إىل ي وم ال دين أه م وأطه ر بقع ة ؛ ألن ه ذا البن اء مل يك ن يوم اً‏ جم رد مك ان،‏ ولكن ه اتري خ ملي ‏َبألح داث<br />

والتغريات.‏ واملسجد النب وي الش ر<strong>يف</strong> ‏َبملدين ة املن ورة وال يت يوج د هب ا أيض اً‏ العدي د م ن املس اجد التارخيي ة املهم ة<br />

كمسجد القبلتني ذي املكانة الرفيعة <strong>يف</strong> قلوب املس لمني وه و املك ان ال ذي أعل ن في ه الرس ول علي ه الص الة<br />

والس الم<br />

–<br />

–<br />

ع ن حت ول القبل ة إىل مك ة املكرم ة،‏ فتحول وا إليه ا أثن اء ص الهتم؛ وهل ذا مس ي مبس جد القبلت ني،‏<br />

وكذلك مسجد قباء،‏ ومنطقة العال وهب ا العدي د م ن املس اجد كمس جد الص خرة،‏ ومس جد املص لى ال ذي ك ان<br />

يصلي فيه الرسول<br />

–<br />

عليه الصالة والسالم<br />

– صالة العيدين.‏ )2301(<br />

وغريه ا م ن املس اجد ال يت تفخ ر ب الدان بكثرهت ا <strong>يف</strong> امل دن والق رى وعل ى الط رق واملنتزه ات واملواق ع الس ياحية<br />

وتدل عليها مآذهنا ومناراهتا الشاهقة وتقوم بوظ<strong>يف</strong>تها التعبدية املتمثلة <strong>يف</strong> إقام ة الص لوات وق راءة الق رآن وال ذكر<br />

واالعتكاف ووظ<strong>يف</strong>تها التوجيهية املتمثلة <strong>يف</strong> التعليم واإلفتاء وتوجيه الرأي<br />

-2<br />

التعارف بني املسلمني وتقوية الوازع الديين والرتبية على االنضباط وبث روح األخوة.‏ )2302(<br />

املقومات الطبيعية:‏<br />

العام ووظ<strong>يف</strong>تها االجتماعية املتمثلة <strong>يف</strong><br />

وه ي ك ل م ا تتمي ز ب ه املنطق ة الس ياحية م ن م زااي املوق ع والطق س واملن اخ،‏ والطبيع ة اجلغرافي ة للس طح،‏ واملي اه،‏<br />

واحلياة النباتية،‏ واحلياة البيئية وغري ذلك من القيم اجلمالية للطبيعة،‏ وبياهنا كما يلي:‏<br />

أ-‏ املوق ع والس طح:‏ تق ع اململك ة العربي ة الس عودية <strong>يف</strong> أقص ى اجلن وب الغ ريب م ن ق ارة آس يا،‏ وحتت ل اجل زء<br />

األك رب م ن ش به اجلزي رة وحي دها غ رَبً‏ البح ر األمح ر،‏ وش رقاً‏ اخلل يج الع ريب واإلم ارات وقط ر،‏ وَش االً‏ الكوي ت<br />

والعراق واألردن،‏ وجنوَبً‏ اليمن وسلطنة عمان.‏ وتقدر مساحة اململكة العربية السعودية حبوايل مليونني ومائتني<br />

ومخس ني كيل و م رتاً‏ مربع اً‏ تش مل الس واحل عل ى البح ر األمح ر وال يت يبل غ طوهل ا ‎1800‎ك م تض يق <strong>يف</strong> الش مال<br />

وتتس ع كلم ا اجتهن ا جن وَبً،‏ وس واحل اإلقل يم الش رقي ال يت متت د عل ى س احل اخلل يج مس افة ‎500‎ك م.ك ذلك<br />

توج د السالس ل اجلبلي ة ال يت ترتف ع قممه ا إىل م ا يزي د عل ى<br />

9000<br />

ق دم ف وق س طح البح ر كجب ال طوي ق،‏<br />

و جب ال الس روات وهض بة جن د وغريه ا،‏ وتتمي ز ه ذه املرتفع ات ال يت تق ع <strong>يف</strong> اجلان ب الغ ريب،‏ وجن وب اململك ة<br />

العربي ة الس عودية ‏َبعت دال طقس ها ط وال الع ام،‏ وغاَبهت ا املخض رة<br />

واملكس وة أبش جار العرع ر والزيت ون ال ربي،‏<br />

والنب ااتت العطري ة والش جريات.‏ وق د أص بحت الغ اَبت <strong>يف</strong> ح د ذاهت ا ج اذَبً‏ س ياحياً‏ جدي داً‏ أص بحت الدول ة<br />

هت تم ب ه إلش باع رغب ات عش اق ه ذا الن وع م ن الس ياحة.‏ وك ذلك ف إن الص حاري الرملي ة ومنه ا ص حراء الرب ع<br />

اخلايل اليت تبلغ مساحتها حوايل<br />

400<br />

صحراء النفوذ وصحراء الدهناء اليت تشكل امتداداً‏ للربع اخلايل.‏<br />

ألف كم مربع،‏ تع د م ن أض خم األح واض الرملي ة <strong>يف</strong> الع امل وإض افة إىل<br />

ينظر:‏ أثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اقتصادايت اململكة،‏ انصر الطيار،‏ ص‎76-75‎<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص<br />

، واملرفقات .)32(<br />

، 203 بتصرف.‏<br />

)2301(<br />

)2302(


وتع د ه ذه املقوم ات الطبيعي ة كن وزاً‏ س ياحية إذا مجع ت ب ني الس واحل والص حاري والبح ار فه ي <strong>يف</strong> مجيعها<br />

عوامل منشطة للسياحة و<strong>يف</strong> إمكاهنا تلبية مجيع الرغبات لطاليب <strong>السياحة</strong>،‏ كذلك ف إن عي ون املي اه املعدني ة وم ا<br />

اتصفت هبا من مزااي <strong>يف</strong> العالج واالستطباب قد متيزت اململكة العربية السعودية بوجود الكثري منها وأمهها بئر<br />

زم زم ال يت ‏َبركه ا هللا حي ث مل يقتص ر ارتياده ا عل ى املرض ى فحس ب وإمن ا ك ل العُ‏ ادبَّ‏ ال ذين يرغب ون <strong>يف</strong> إراح ة<br />

)2303(<br />

أعصاهبم ونفسياهتم وكذلك مواقع العيون احلارة ‏َبألحساء وجازان.‏<br />

كما متتاز ‏َبملنتزهات الطبيعية الرائعة <strong>يف</strong> أهبا وعسري والباحة وجازان وف<strong>يف</strong>ا والطائف وغريها.‏<br />

وق د حص رت اهليئ ة العلي ا للس ياحة أكث ر م ن<br />

موقعاً‏ سياحياً‏ طبيعياً‏ و<br />

12000<br />

7946<br />

موقعاً‏ للثقافة والرتاث.‏<br />

موقع اً‏ س ياحياً‏ طبيعي اً‏ واترخيي اً‏ وثقافي اً‏ منه ا 4500<br />

وعلى هذا فإن عناصر <strong>السياحة</strong> البيئية متوافرة <strong>يف</strong> اململكة حيث تتوفر <strong>يف</strong> الشواط البحرية وما فيها من ثروات<br />

طبيعية وأجواء مناخية تتلف عن بقية املن اطق إض افة للجب ال<br />

واملرتفع ات ال يت ميك ن تطويره ا وك ذلك الكثب ان<br />

والعروق الرملية املتناثرة <strong>يف</strong> خمتلف مناطق اململكة وتشبه ه ذه الرم ال الغط اءات الثلجي ة <strong>يف</strong> املن اطق الب اردة ال يت<br />

جتذب الس ياح م ن مجي ع من اطق الع امل،‏ كم ا تكث ر العي ون والين ابيع الدائم ة واملومسي ة <strong>يف</strong> خمتل ف من اطق اململك ة<br />

وتعت رب مص دراً‏ للش رب والزراع ة والع الج ‏،كم ا تتك ون البح ريات املومسي ة <strong>يف</strong> اململك ة <strong>يف</strong> املن اطق املنخفض ة بع د<br />

سقوط األمطار وتستمر ألسابيع أو أشهر وهي مناسبة جداً‏ لالستثمار الس ياحي وممارس ة النش اطات البحري ة<br />

<strong>يف</strong> بعض ها،‏ وتكث ر الكه وف واملغ ارات األرض ية <strong>يف</strong> املن اطق الرس وبية م ن اململك ة وتس مى<br />

‏)َبل دحول(‏ وق د<br />

أصبح بعض السياح واملغامرين يهتمون ‏َبكتشافها واجللوس فيها وهي جمال خصب للمشاريع الس ياحية،‏ وق د<br />

أنش أت الدول ة ع دداً‏ م ن احملمي ات واملنتزه ات الطبيعي ة كمنت زه عس ري واألحس اء وسَ‏ عْد والثمام ة وح رميالء<br />

)2304(<br />

والطائف والباحة وغريها.‏<br />

و<strong>يف</strong> كث ري م ن<br />

األحي ان جتم ع املنطق ة الواح دة ب ني املع امل الطبيعي ة واحلي اة الفطري ة واآلاثر واملواق ع اجليولوجي ة<br />

اخلاص ة ك الكهوف واملغ ارات األم ر ال ذي حي تم العناي ة هب ا جمتمع ة كمواق ع ج ذب فري دة واندرة لص ناعة<br />

الس ياحة،‏ فعل ى سبيل املث ال ال احلص ر جن د أن احملمي ات الش مالية ‏)ح رة احل رة واخلنف ة والطبي ق(‏ مب ا حتوي ه م ن<br />

صنوف احلياة الفطرية تقع ‏َبلقرب م ن آاثر اجل وف ‏)دوم ة اجلن دل(‏ كم ا أن حممي ة ع روق ب ين مع ارض جن وب<br />

غريب الربع اخلايل مب ا تنف رد ب ه م ن خص ائص طبيعي ة تق ع ‏َبلق رب م ن قري ة الف او األثري ة وتق ع ح رة ع ويرض مب ا<br />

)2303(<br />

ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص<br />

66-65 ، و<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة،‏ إبراهيم األحيدب،‏ ص‎18‎ وما بعدها،‏ و ينظر:‏ املرفقات (<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

.) 33<br />

)2304(<br />

و<strong>السياحة</strong><br />

ينظر:‏ <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة،‏ إبراهيم األحيدب،‏ وقد بني ك<strong>يف</strong>ية استثمار هذه الكنوز الطبيعية <strong>يف</strong> إجياد سياحة بيئية<br />

متميزة،‏ و ينظر:‏ جريدة عكاظ،‏ العدد<br />

‎1425‎ه ، ص‎34‎‏،‏ والرايض،‏ العدد<br />

12310، األربعاء<br />

‎1421/2/6‎ه ، وعكاظ عدد<br />

،13828 الثالاثء 18<br />

،13207 السبت 5<br />

رجب ‎1425‎ه ، ص‎17‎‏،‏ وكذا العدد<br />

رجب 4 اجلمعة 13206<br />

مجادى األوىل،‏<br />

‎1425‎ه ،<br />

. 13


فيه ا م ن وع ول وغ زالن ومواق ع ذات مج ال جيول وجي خ اص تص لح كموق ع للتخي يم أو إلقام ة منتجع ات<br />

للس يحة البيئي ة،‏ ويع د جب ل أج ا منطق ة مفض لة للتخي يم م ن قب ل أه ايل حائ ل والقص يم وال رايض لطبيعته ا<br />

الفطرية الساحرة وهناك خمطط كامل وتصميم ملتنزه بري ومركز تعليمي للزوار م إعداده مع جامع ة املل ك عب د<br />

العزيز <strong>يف</strong> وادي مثار.‏<br />

وإىل جانب ما تتميز به جبال قراقر م ن من اظر طبيعي ة خالب ة وعي ون دائم ة اجل راين تتمي ز مبواق ع أثري ة وأخ رى<br />

للغوص بني مرجانيات البحر األمحر وتعد هذه املناطق وغريه اكمقل ع طمي ة وجب ل بث رة وس د جن ران ومح ى آل<br />

عباس القدمي فيها مبثابة روافد طبيعية متجددة لصناعة <strong>السياحة</strong> ومناخاً‏ خصباً‏ لالستثمار فيه.‏ )2305(<br />

ب-‏ املن ا::‏ تتس م اململك ة العربي ة الس عودية مبن اخ ق اري يتص ف بوج ه ع ام ‏َبرتف اع درج ات احل رارة واخنف اض<br />

نسبة الرطوب ة ون درة األمط ار،‏ فه و ح ار ص <strong>يف</strong>اً‏ ‏َبرد ش تاءً‏ واألمط ار ش توية،‏ وق د يب دو للوهل ة األوىل أن مناخ اً‏<br />

هبذه املواصفات يصعب معه قيام نشاط سياحي انجح،‏ ولكن األمر غري ذل ك فبمتابع ة من اخ اململك ة العربي ة<br />

الس عودية يتض ح متي ز اململك ة بتع دد املناخ ات الخ تالف التض اريس فاململك ة تق ع حت ت اتث ري املرتف ع اجل وي<br />

امل داري،‏ وجن د أن تب اين الفص ول املناخي ة املتعاقب ة يس اعد عل ى جن اح النش اط الس ياحي،‏ ف إذا أمعن ا النظ ر <strong>يف</strong><br />

درج ات احل رارة <strong>يف</strong> املرتفع ات الغربي ة واجلنوبي ة الغربي ة ال يت تض م قم م اجلب ال،‏ جن د أهن ا متت از ‏َبعت دال اجل و <strong>يف</strong><br />

فصل الص<strong>يف</strong> عن بقية أحناء اململكة وغزارة األمطار املومسية الص<strong>يف</strong>ية مما جيعلها من املن اطق املس تهدفة س ياحياً‏<br />

خالل هذه الفرتة إضافة إىل املناطق األخرى كالطائف والباحة وعسري.‏<br />

وترتفع الرطوبة على السواحل واملرتفعات الغربية <strong>يف</strong> معظم أايم السنة.‏<br />

وأم ا <strong>يف</strong> فص ل الش تاء ف إن درج ة احل رارة ت نخفض إىل درج ة التجم د <strong>يف</strong> بع ض أجزائه ا الش مالية،‏ والش مالية<br />

الغربي ة،‏ وك ذلك تنش ط حرك ة الس ياحة الش توية <strong>يف</strong> الس واحل،‏ خصوص اً‏ <strong>يف</strong> ك ل م ن:‏ حف ر الب اطن،‏ اجل وف،‏<br />

تبوك،‏ الرايض،‏ ج ده،‏ ال دمام،‏ ينب ع،‏ وجي زان،‏ ومنطق ة هتام ة.‏<br />

وم ع أن املن اخ املالئ م يع د ع امالً‏ رئيس اً‏ <strong>يف</strong> كث ري<br />

من األحيان لنج اح النش اط الس ياحي إال أن اإلمكاني ات الس ياحية احلديث ة ال يت تعتم د عل ى التقني ة املتط ورة،‏<br />

ق د غط ت عل ى ك ل الن واقص وق د ظه ر<br />

ذل ك بوض وح <strong>يف</strong> دع م الدول ة للمس تثمرين،‏ وم نحهم مواق ع ‏َبملن اطق<br />

الس ياحية والش واط بتس هيالت كب رية لتنفي ذ مش روعات س ياحية عمالق ة كمش اريع ‏)درة الع روس(‏ و<br />

‏)البح ريات(‏ <strong>يف</strong> ج دة و ‏)ش اليهات حب رية اليمام ة(‏ <strong>يف</strong> ال رايض،‏ وقري ة اخل يلج ‏َبملنطق ة الش رقية.‏ وش ركة س ياحية<br />

مبنطق ة عس ري،‏<br />

وه ي مش اريع س ياحية متكامل ة تش مل مالع ب األطف ال واملط اعم الس ياحية،‏ وكله ا تق ع <strong>يف</strong><br />

مناطق حا ر ة ص<strong>يف</strong>اً،‏ ولكن م إعدادها وجتهيزه ا بك ل الض رورايت ال يت متكنه ا م ن اس تيعاب متطلب ات الس ائح<br />

)2305(<br />

ينظر:‏ مقال بعنوان:‏ اهليئة العليا للسياحة رافد جديد يعزز االقتصاد الوطين واحملافظة على املوارد الطبيعية،‏ د.‏ عبد العزيز أبو زانده،‏<br />

<strong>يف</strong> جريدة عكاظ،‏ العدد<br />

12305، اجلمعة ‎1421/2/1‎ه .


ط وال الع ام بغ ض النظ ر ع ن الفص ول املناخي ة.‏ فأص بحت م ن املغ رايت الس ياحية املهم ة ‏َبململك ة العربي ة<br />

السعودية،‏ ومن مث فال غرابة أن تستحوذ <strong>السياحة</strong> البيئية والرتفيهية على أكرب نصيب من النشاط الس ياحي <strong>يف</strong><br />

اململكة العربية السعودية.‏ )2306(<br />

-3<br />

املقومات االقتصادية:‏<br />

ويقصد هبا أهم العوامل واملميزات االقتص اد ‏َبملنطق ة الس ياحية مل ا هل ا م ن أث ر ي نعكس عل ى البني ات األساس ية<br />

للدولة؛ فاكتمال البنيات األساسية ألي دولة يوضح إمكاانهتا االقتصادية.‏<br />

وق د كان ت اململك ة العربي ة الس عودية <strong>يف</strong> مرحل ة س ابقة الكتش اف الب رتول تعتم د عل ى الزراع ة والرع ي وص يد<br />

األمساك،‏ حيث كان ميتهنها أكثر من<br />

%90<br />

من الس كان.‏ والتج ارة،‏ وتع د ه ذه األنش طة اترخيي ة أي ج اءت<br />

مع اتريخ سكان اجلزيرة العربية،‏ وقد نشطت بعد ظهور <strong>اإلسالم</strong> وتش جيعه هل ذه األنش طة،‏ وحض ور املس لمني<br />

ألداء فريضة احلج ومناسك العمرة وقد<br />

القرآن وصف<br />

حي اة الع رب،‏ ونش اطهم االقتص ادي،‏ وأك د عل ى من افع<br />

<br />

احل ج االقتص ادية،‏ كم ا ورد <strong>يف</strong> قول ه س بحانه وتع اىل <strong>يف</strong> س ورة احل ج:‏ <br />

<br />

)2307(<br />

إىل آخ ر اآلايت،‏ وبع د اكتش اف الب رتول والث روات املعدني ة<br />

اهلائل ة ‏َبململك ة،‏<br />

<br />

<br />

خاص ة مع دن ال ذهب حي ث عرف ت اململك ة ‏)مبه د ال ذهب(‏ أص بح االعتم اد عل ى عائ دات الب رتول كب رياً‏ إذ<br />

كانت متثل الدخل الرئيس <strong>يف</strong> ب داايت مرحل ة التح ول التنم وي،‏ وبع دها قل ت درج ة االعتم اد عل ى الب رتول إذ<br />

شرعت الدولة <strong>يف</strong> إجياد مصادر إضافية للدخل القومي يعتمد عل ى التن وع امل دروس،‏ وك ان م ن نت ائج ذل ك أن<br />

اخنف ض نص يب الب رتول <strong>يف</strong> ال دخل الق ومي،‏ حي ث أمث رت اجله ود الكب رية للدول ة ع ن اكتش اف العدي د م ن<br />

املكامن والتواجدات املعدني ة ذات املؤش رات اإلجيابي ة ال يت ميك ن أن ت وفر أساس اً‏ راس خاً‏ لقي ام ص ناعة تعديني ة<br />

متطورة على املدى البعيد،‏ ومن املتوقع أن حيقق القطاع التعديين معدالت منو تفوق مثيالته <strong>يف</strong> أي قطاع آخر<br />

حيث تنمو القيمة احلقيقية املض افة مبع دل س نوي ق دره<br />

%9<br />

، وك ان لوج ود الطاق ة ‏َبململك ة العربي ة الس عودية<br />

دور مه م <strong>يف</strong> تنش يط قط اع الص ناعة،‏ وتطويره ا م ن أعم ال حرفي ة،‏ وص ناعات يديوي ة بس يطة،‏ مث ل:‏ ص ناعة<br />

الفخ ار واألخش اب واجلل ود،‏ إىل ص ناعات متط ورة ومهم ة <strong>يف</strong> حي اة اإلنس ان العص ري،‏ فظه رت ص ناعة<br />

املش روَبت وامل واد الغذائي ة وص ناعة املنتج ات اخلش بية،‏ وص ناعة ال ورق والطباع ة،‏ ودخل ت اململك ة إىل ع امل<br />

املصادر السابقة.‏<br />

سورة احلج،‏ اآليتني:‏<br />

. 28-27<br />

)2306(<br />

)2307(


الص ناعات الكيماوي ة،‏ وبل غ ع دد املص انع العامل ة املرخص ة 3163 مص نعاً‏ بلغ ت مجل ة االس تثمارات فيه ا<br />

231.3<br />

بليون رايل سعودي.‏<br />

وقد كانت إسهامات الزراعة <strong>يف</strong> الناتج احمللي غري النفطي <strong>يف</strong> هناية اخلط ة اخلمس ية اخلامس ة مب ا نس بته<br />

، وتسعى الدول ة إىل الوص ول إىل متوس ط مع دل<br />

من و س نوي حقيق ي للقيم ة املض افة <strong>يف</strong> قط اع الزراع ة إىل<br />

% 6.4<br />

3.1<br />

%<br />

، وعليه م توزيع أكثر من<br />

زايدة الرقع ة املزروع ة لتص ل إىل<br />

2.8<br />

3<br />

مليوين هكتار من األراضي الصاحلة للزراعة على امل واطنني مم ا س اعد عل ى<br />

مالي ني هكت ار أس همت <strong>يف</strong> زايدة اإلنت اج الزراع ي،‏ وحتقي ق مس توى م ن<br />

االكتفاء الذايت <strong>يف</strong> إنتاج الفواكه واخلض روات واللح وم،‏ كم ا جت اوزت بع ض احملاص يل مس توى االكتف اء ال ذايت،‏<br />

وَبلت ايل فم ن املتوق ع أن يبل غ إس هام القط اع الزراع ي <strong>يف</strong> الن اتج احملل ي اإلمج ايل غ ري النفط ي<br />

الناتج احمللي غري النفطي ‏َبململكة العربية السعودية %30، وهذا املعدل <strong>يف</strong> ازدايد سنوي.‏<br />

وس وف ي زداد بص ورة أكث ر خاص ة بع د أن اجته ت اململك ة العربي ة الس عودية<br />

% 9.5<br />

–<br />

وفق اً‏ للمتغ ريات العاملي ة<br />

، ويبل غ<br />

إىل –<br />

إج راء بع ض التع ديالت <strong>يف</strong> اخلط ط االقتص ادية القص رية والطويل ة إبدخ ال أرق ام جدي دة <strong>يف</strong> موازانهت ا حبس اَبت<br />

االستثمار والعائدات تتعلق ‏َبلنشاط العاملي الذي ظهر مندفعاً‏ ومؤثراً‏ على اقتصادايت الدول.‏ )2308(<br />

كما أن ه تنش يطاً‏ حلرك ة االقتص اد،‏ ودعم اً‏ لقط اع الس ياحة،‏ أص درت الدول ة الق رارات اجلدي دة املنظم ة للعم رة،‏<br />

ومتديد فرتهتا إىل تسعة أشهر بدالً‏ من س تة أش هر س نوايً‏ والس ماح للمعتم رين ب زايرة بقي ة م دن اململك ة لغ رض<br />

<strong>السياحة</strong> )2309( ، وكذلك فتح ‏َبب <strong>السياحة</strong> ‏َبململكة لغري املعتمرين،‏ والسماح للمستثمرين األجان ب ‏َبل دخول<br />

<strong>يف</strong> أي مشروعات استثمارية وسيعود ذلك قطعاً‏ ‏َبلزايدة <strong>يف</strong> الناتج احمللي.‏<br />

السكان:‏ 4-<br />

لق د أاتح ت البي اانت املستخلص ة م ن نت ائج اإلحص اء الس كاين الفرص ة للجه ات املختص ة إلج راء حتلي ل ع ن<br />

ك<strong>يف</strong>ية منو السكان ‏َبململكة العربي ة الس عودية،‏ وعل ى ال رغم م ن ه ذه الزايدة ومع دالت النم و العالي ة إال أهن ا مل<br />

حتقق بعد التناسب الطبيعي بني عدد السكان ومساحة اململك ة العربي ة الس عودية املرتامي ة األط راف،‏ ال يت تزي د<br />

مساحتها عن مساحة اجلزء األكرب من قارة أور وَب الغربية،‏ وتعود هذه الزايدة <strong>يف</strong> ع دد الس كان إىل العدي د م ن<br />

العوامل <strong>يف</strong> مقدمتها:‏ تطور اخل دمات الص حية والعالجي ة،‏ مم ا أدى إىل حماص رة األم راض واحملافظ ة عل ى ص حة<br />

اإلنسان وهذا بدوره أدى إىل حتسني الظروف االقتصادية للملكة بوجه عام.‏<br />

أم ا فيم ا يتعل ق ‏َبهلج رة م ن اجملتم ع الر<strong>يف</strong> ي والب دوي إىل املراك ز احلض ارية الك ربى <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية<br />

فق د تراج ع <strong>يف</strong> اآلون ة األخ رية نظ راً‏ للتحس ن الكب ري ال ذي م <strong>يف</strong> اخل دمات الص حية والبلدي ة واالجتماعي ة<br />

وغريها.‏<br />

املصدر السابق.‏<br />

ينظر:‏ جريدة عكاظ ، العدد<br />

12308، االثنني ‎1421/2/4‎ه .<br />

)2308(<br />

)2309(


أم ا ع دد الس كان،‏ فق د بل غ <strong>يف</strong> أول إحص اء رمس ي أج ري ع ام ‎1974‎م س بعة مالي ني نس مة،‏ وق درت األم م<br />

املتح دة ع ددهم <strong>يف</strong> ع ام ‎1983‎م بتس عة مالي ني نس مة،‏ أم ا اإلحص اء الرمس ي لع ام ‎1999‎م فق د أوض ح أن<br />

ع دد الس كان وص ل إىل ح وايل<br />

21<br />

ملي ون نس مة وق د بلغ ت نس بة الش باب<br />

للسكان ‏َبململكة ، ويرتاوح مع دل النم و الس كاين ‏َبململك ة م ا ب ني<br />

% 50<br />

%2-1.2<br />

املع دل لعق دين ق ادمني،‏ أي أن ع دد الس كان ‏َبململك ة العربي ة الس عودية،‏ يتض اعف ك ل<br />

فمن املتوق ع أن يص ل ع دد الس كان <strong>يف</strong> اململك ة العربي ة الس عودية ع ام ‎2018‎م إىل ح وايل<br />

م ن الرتكيب ة العمري ة<br />

، وم ن املتوق ع أن يس تمر ه ذا<br />

عام اً،‏ وَبلت ايل 18<br />

42 ملي وانً.‏ )2310( ،<br />

وه ؤالء مس تهدفون ب ربامج الس ياحة احمللي ة بدرج ة أولي ة واس تمالتهم للس ياحة الداخلي ة س يجعل منه ا ص ناعة<br />

انجحة ومورداً‏ هاماً‏ القتصاد الدولة،‏ كما أن للسكان أتثري على جناح <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة ملا يتمتع به اجملتمع<br />

السعودي من أصالة عربية إسالمية تتمثل <strong>يف</strong> الكرم والشهامة.‏<br />

السنة<br />

‎1932‎م<br />

‎1962‎م<br />

‎1982‎م<br />

‎1993‎م<br />

تطور احلجم السكاين للمملكة العربية السعودية<br />

عدد السكان<br />

2-1.2<br />

3<br />

10<br />

16.9<br />

-5<br />

املقومات التارخيية واألثرية:‏<br />

تعت رب املقوم ات التارخيي ة واألثري ة مغ رايت س ياحية مهم ة.‏ ف التعرف عل ى احلض ارات والت اريخ اإلنس اين م ن<br />

خ الل املع امل األثري ة يع د متع ة ذهني ة رفيع ة.‏ فليس ت مش اهدة أو دراس ة اآلاثر جم رد وس يلة لله روب م ن<br />

احلاض ر،‏ ولكنه ا وس يلة ل زايدة فهمن ا لنفوس نا،‏ فب التطلع إىل ال وراء عل ى ط ول الطري ق ال ذي قطعن اه،‏ نك ون<br />

أكث ر فهم اً‏ للمس تقبل،‏ وتع د اآلاثر انعكاس اً‏ حلض ارات وامت داداً‏ مض طرداً‏ للتط ور واملعرف ة اإلنس انية.‏<br />

واس تطالع املاض ي ل يس ‏َبألم ر احل ديث،‏ خاص ة مبنطق ة اجلزي رة العربي ة حي ث ج اء ذك ر ذل ك <strong>يف</strong> الق رآن <strong>يف</strong><br />

<br />

<br />

قوله تعاىل:‏ <br />

، )2311( <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار،‏ ص<br />

سورة حممد،‏ اآلية:‏<br />

. 72<br />

. 11-10<br />

)2310(<br />

)2311(


وقول ه تع اىل:‏ <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

)2312( ، واالتع اظ واالعتب ار م ن أه م مث ار س ياحة اآلاثر إض افة مل ا <strong>يف</strong> ذل ك م ن تعري ف<br />

<br />

لاخ رين ‏َبل رتاث اإلس المي واملن اطق التارخيي ة اجلميل ة،‏ واملن اطق األثري ة <strong>يف</strong> الس عودية غني ة بقيمته ا اإلس المية<br />

والتارخيية،‏ وتضم اململكة العربية السعودية معامل أثرية تراثية <strong>يف</strong> أماكن متعددة تع د مغ رايت س ياحية تتق ارب <strong>يف</strong><br />

أمهيتها وتغطي فرتة زمنية تق ارب املليون عام اً‏ وتش مل ف رتات م ا قب ل الت اريخ،‏ فج ر الت اريخ،‏ املمال ك العربي ة ،<br />

العص ر اجل اهلي،‏ ف رتة النب وة والعص ور اإلس المية.‏ وم ن أه م اجملموع ات الس ياحية األثري ة <strong>يف</strong> اململك ة اآلاثر<br />

املوج ودة <strong>يف</strong> مك ة املكرم ة واملدين ة املن ورة،‏ وآاثر اللحي انيني <strong>يف</strong> منطق ة وادي الع ال،‏ واألخ دود،‏ وقص ر ش ربا<br />

التارخيي،‏ ومنطقة سوق عك اظ،‏ والس دود األثري ة مبنطق ة الط ائف،‏ وآاثر منطق ة تب وك الش هرية،‏ وم دائن ص احل<br />

مقر قوم مثود الذين أرسل هللا هلم صاحلاً‏ علي ه وعل ى نبين ا الس الم ي دعوهم لعب ادة هللا،‏ وجع ل م ن آايت ه الناق ة<br />

فكذبوه فعقروها فحق عليهم الع ذاب ، واس م مك ان ق وم مث ود ه و احلج ر ال ذي م ا زال ح ىت يومن ا ه ذا حيم ل<br />

<br />

ه ذا االس م وه و عل ى بع د<br />

‎400‎ك م ‏َش ال املدين ة املن ورة حي ث ج اء <strong>يف</strong> الق رآن الك رمي:‏ <br />

)2313( ‏،ك ذلك مدين ة ج رش ال يت تع ود إىل عص ر م ا قب ل اإلس الم،‏ وهض بة<br />

<br />

<br />

العروس،‏ وقصر شذا مبنطقة عسري وهو من أقدم وأهم املعامل األثرية.‏ )2314(<br />

ويض اف إىل ذل ك وج ود ال رتاث العم راين املنتش ر <strong>يف</strong> أحن اء اململك ة ل يعكس أبمناط ه الشخص ية العمراني ة لك ل<br />

منطق ة والت أثريات املناخي ة وم واد البن اء املت وفرة وأس اليب احلي اة <strong>يف</strong> ك ل منطق ة،‏ وال رتاث غري امل ادي املتمث ل <strong>يف</strong><br />

الع ادات والتقالي د الش عبية <strong>يف</strong> ك ل منطق ة،‏ ويه تم مهرج ان اجلنادري ة ال ذي يق ام <strong>يف</strong> ال رايض ك ل ع ام هب ذه<br />

اجلوانب الرتاثية وهو حبد ذاته مصدر جذب سياحي.‏<br />

كم ا يوج د ‏َبململك ة أكث ر م ن<br />

60<br />

الشعيب <strong>يف</strong> مركز امللك عبد العزيز التارخيي <strong>يف</strong> مدينة الرايض.‏ )2315(<br />

متحف اً‏ حكومي اً‏ أو خاص اً‏ م ن أش هرها املتح ف ال وطين ل ااثر وال رتاث<br />

6- املقومات االجتماعية:‏<br />

.<br />

)2312(<br />

)2313(<br />

)2314(<br />

)2315(<br />

سورة آل عمران،‏ اآلية:‏ 139-137<br />

سورة احلجر،‏ اآلية:‏<br />

.<br />

. 80<br />

أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار،‏ ص<br />

. 75<br />

موقع اململكة السياحي http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />

ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

. /http://WWW.mas.gov.sa


وه ي ال يت تص ف حي اة األم م وس لوكها وال يت جتم ع ب ني املاض ي الب ديع واحل ديث املتط ور ‏َبإلض افة إىل ال نظم<br />

االجتماعية اليت تعيش <strong>يف</strong> ظلها.‏ وقد اتسمت احلياة ‏َبململكة العربي ة الس عودية وانف ردت مبواص فات اجتماعي ة<br />

مميزة انبعة من مكارم <strong>اإلسالم</strong> وأخالق العرب الكرمية.‏<br />

وقد أسهمت احلرك ة التجاري ة عل ى الس واحل الش رقية والغربي ة،‏ ومواس م احل ج والعم رة <strong>يف</strong> دخ ول عناص ر أخ رى<br />

<strong>يف</strong> الرتكيب ة العام ة للس كان؛ مم ا أدخ ل ثقاف ات وأعراف اً‏ أخ رى عربي ة وإس المية،‏ وخصوص اً‏ <strong>يف</strong> منطق ة احلج از<br />

حيث انصهرت مجيعه ا <strong>يف</strong> بوتق ة واح دة.‏ وق د متي زت العالق ات املتبادل ة ب ني جمتمع ات الرع ي والزراع ة والص يد<br />

البحري والتجارة ‏َبالنس جام والتع اون العتم اد ك ل م نهم عل ى اآلخ ر <strong>يف</strong> أتم ني االحتياج ات الض رورية،‏ وعل ى<br />

الرغم من ذلك فإن التباين اجلغرا<strong>يف</strong> والبيئي أسهم <strong>يف</strong> تنوع التقالي د االجتماعي ة <strong>يف</strong> اجملتم ع،‏ وم ن أب رز املقوم ات<br />

االجتماعية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية:‏<br />

ما تتمتع به من أمن وأمان حيث تقل فيه ا اجل رائم العارض ة أم ا املنظم ة فه ي معدوم ة متام اً،‏ أم ا م ا حص ل <strong>يف</strong><br />

األع وام األخ رية م ن ح وادث إرهابي ة ك ان هل ا أث ر س ليب عل ى ج ذب الس ياح األجان ب ‏)غ ري الس عوديني(‏<br />

للمملك ة فه و ال يتع دى الت أثري الس ليب عل ى اجلان ب االقتص ادي هل ذه الفئ ة و إال فم ا زال ت وال ت زال ب الدان<br />

حبمد هللا تتمتع ‏َبألمن واألمان ومل تتأثر <strong>السياحة</strong> الداخلية وال أبناء البلد مبثل ذلك.‏<br />

وال شك أن هذا األم ن نعم ة كب رية م ن هللا تع اىل تع ود إىل إقام ة ح دوده وحتك يم ش رعه <strong>يف</strong> ه ذه ال بالد إض افة<br />

إىل متسك اجملتمع السعودي ‏َبلتقالي د والع ادات العربي ة األص لية ال يت أقره ا اإلس الم وامت دحها وه ذه الق يم م ن<br />

شأهنا أن جتعل الفرد ميقت اجلرمية ويستهجنها كما أن للتقدم العلمي والصناعي أثر <strong>يف</strong> ذلك.‏<br />

وال شك أن النشاط السياحي حباجة ماسة لألمن املادي واملعنوي بكافة أش كاله خالف اً‏ لألنش طة االقتص ادية<br />

األخ رى مم ا جيع ل األم ن مرتك زاً‏ أساس ياً‏ للتنمي ة الس ياحية،‏ واألجه زة األمني ة <strong>يف</strong> اململك ة مل أتل جه داً‏ <strong>يف</strong> ب ذل<br />

ك ل م ا م ن ش أنه حتقي ق األم ن أله ل ال بالد وقاص ديها وتق دمي الع ون واملس اعدة هل م ومكافح ة اجل رائم<br />

السياحية.‏ )2316(<br />

كم ا أن السياس ة اإلعالمي ة هل ذه ال بالد تنطل ق م ن ق يم وع ادات وتقالي د أهله ا وعقي دهتم اإلس المية وت دعو<br />

لتهيئة األجواء النظ<strong>يف</strong>ة للسائحني بعيداً‏ عن الفساد املستش ري <strong>يف</strong> ب الد الس ياحة اخلارجي ة،‏ ف ال يوج د<br />

هللا تعاىل<br />

–<br />

–<br />

حبم د<br />

فيها مسارح ونواد ليلية للبغاء ومعاقرة املسكرات وال شواط حبرية جتمع األراذل وتشيع الفواحش<br />

كما هو احلال <strong>يف</strong> البلدان األخرى وال شك بوجود شيء من املخالفات واملنك رات لكنه ا وهلل احلم د ال تص ل<br />

إىل مثل تلك األحوال املشينة.‏<br />

)2316(<br />

األمن السياحي،‏ علي اجلحين والبداينة والصياد وحممد فاروق،‏ ص<br />

182<br />

، وما بعدها ، و ينظر:‏ جريدة الرايض ، العدد<br />

3233<br />

الثالاثء ، 20<br />

1425 ربيع اآلخر<br />

. ه ، ص‎24‎


وال ش ك أبن أص الة ه ذا اجملتم ع وش يمه ومروءت ه وعفت ه ومتس كه بعقيدت ه وهويت ه اإلس المية ي ورث األم ن<br />

والطمأنين ة والس عادة والس ياحة النقي ة وم ا ي زال الغ رب منبه راً‏ م ن متاس ك ه ذا اجملتم ع وطهارت ه وتالمح ه وأمن ه<br />

واعتزازه بعقيدته وهو األمر الذي <strong>يف</strong>تقده غريهم ويذوق بسبب ذلك<br />

الويالت.‏ )2317(<br />

-7<br />

توافر اخلدمات السياحية:‏<br />

وتشمل:‏<br />

أ(‏ اخلدمات الصحية:‏<br />

حي ث تت وفر <strong>يف</strong> اململك ة بني ة ص حية متكامل ة وش املة،‏ تض م ع دداً‏ كب رياً‏ م ن املستش فيات واملراك ز الطبي ة<br />

املتخصص ة واجمله زة أبح دث التجهي زات الطبي ة،‏ يتب ع ج زء منه ا للدول ة واجل زء اآلخ ر يتب ع للقط اع اخل اص.‏<br />

وتق دم أرق ى اخل دمات الص حية والتشخيص ية والعالجي ة أبح دث األجه زة واملع دات الطبي ة،‏ وأص بحت<br />

مستشفياهتا ومراكزها الطبية املتخصصة مقصداً‏ للراغبني <strong>يف</strong> احلصول على العالج.‏<br />

وتع د اململك ة م ن ال دول ال يت تقص د بغ رض الع الج م ن أحن اء خمتلف ة م ن الع امل،‏ فق د انل ت عل ى س بيل املث ال<br />

نصيباً‏ وافراً‏ <strong>يف</strong> جمال زراعة األعضاء،‏ فلم يعد نشاط املركز السعودي لزراعة األعض اء مقص وراً‏ عل ى اململك ة ب ل<br />

تعدت خدماته لدول جملس التعاون اخلليجي،‏ بل أصبحت قنوات االتصال دائبة احلركة لتبادل األعضاء احلية<br />

عل ى مس توى الع امل،‏ وحقق ت املستش فيات املتخصص ة <strong>يف</strong> اململك ة جناح ات مرموق ة <strong>يف</strong> زراع ة القل ب والكب د<br />

وزراعة النخاع وجراحة العيون.‏<br />

كما دخلت اململكة مرحلة متقدمة <strong>يف</strong> الطب إبدخاهلا الطب االتصايل عرب األقمار الص ناعية إث ر افتت اح قس م<br />

االتصال الفضائي <strong>يف</strong> مستشفى امللك فيصل التخصصي ‏َبلرايض.‏<br />

وتق وم مجعي ة اهل الل األمح ر الس عودي بتق دمي اخلدمات الص حية واالجتماعي ة واإلس عافية <strong>يف</strong> احل االت الطارئ ة<br />

ووقت األزمات من خالل مراكزها املنتشرة <strong>يف</strong> أحناء اململكة اليت تضم كوادر مؤهلة من األطباء واملسعفني.‏<br />

كما يوجد أكثر من صيدلية مناوبة يومياً‏ <strong>يف</strong> كل مدينة.‏<br />

ب(‏ االتصال:‏<br />

)2317(<br />

ينظر:‏ الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية،‏ لألمحد،‏ ص‎202‎‏،‏ وما بعدها،‏ بتصرف.‏<br />

وقد م وضع إسرتاتيجية لسياحة متميزة تراعي خصوصية هذه البالد وأهلها وتركز على جعلها أمنوذجاً‏ للسياحة املثالية املتحضرة الراقية<br />

املبنية على الثوابت والقيم <strong>اإلسالم</strong>ية واملتوافقة مع خصوصية اجملتمع وقيمه اليت يعتز هبا،‏ ومما يؤكد هذا أن دخول اململكة ملنظمة <strong>السياحة</strong><br />

العاملية كان مشروطاً‏ من قبل جملس الوزراء ‏َبلتزامها ‏َبلقانون األساسي للمنظمة فيما ال خيالف أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية واألنظمة<br />

السارية فيها،‏ وأكد األمني العام للهيئة العليا للسياحة على ذلك <strong>يف</strong> قوله:‏ ‏)إننا سنلتزم ‏َبألنشطة السياحية اليت تتوافق مع ما يؤمله أهل<br />

هذه البالد مبا يعود على الوطن ‏َبخلري والربح و<strong>يف</strong> إطار من األخالق العربية األصيلة(‏ ينظر:‏ املصدر السابق،‏ ص<br />

. 207-206


حيث يتوفر ‏َبململكة العربية السعودية مجيع خدمات االتص ال األساس ية مث ل اهل اتف وال تلكس والربي د بنوعي ه<br />

العادي والسريع،‏ الفاكس،‏ اإلنرتنت،‏ اهلواتف أبنواعها الثابتة واحملمولة.‏<br />

وميكن احلصول عل ى خدم ة اهل اتف احملم ول )GSM( واملعروف ة حملي اً‏ ‏َبس م ‏)اجل وال(،‏ إم ا م ن خ الل االش رتاك<br />

املباشر عن طريق شركة االتصاالت السعودية أو من خالل البطاقات املسبقة الدفع.‏<br />

كما ميكن احلصول على خدمة اإلنرتنت إما من خ الل االش رتاك املباش ر م ع ش ركات تق دمي اخلدم ة املتع ددة،‏<br />

أو م ن خ الل ش راء البطاق ات اخلاص ة ‏َبإلنرتن ت وه ي مت وفرة بع دة ش رائح تتل ف حس ب م دة االتص ال<br />

والسعر،‏ كما ميكن استخدام اإلنرتنت من خالل مقاهي اإلنرتنت املنتشرة.‏<br />

وتعترب أسعار خدمات االتصال <strong>يف</strong> اململكة مقبولة بشكل عام.‏<br />

ج(‏ املواصالت والنقل:‏<br />

فتتوفر <strong>يف</strong> اململكة أحدث وأفضل وسائل املواصالت اجلوية والبحرية والربية:‏<br />

ففي الرحالت اجلوية:‏<br />

تق وم اخلط وط اجلوي ة العربي ة الس عودية بتش غيل كاف ة ال رحالت الداخلي ة أبس عار معقول ة ومناس بة،‏ م ن خ الل<br />

)25( مطاراً‏ إقليمياً‏ وحملي اً‏ تص ل أج زاء اململك ة ببعض ها،‏ وتع د ح وادث الط ريان <strong>يف</strong> اململك ة م ن أق ل احل وادث<br />

عاملياً‏ نظراً‏ للعناية الفائقة والصيانة املستمرة والتحديث ألسطوهلا.‏<br />

ومن وسائل النقل الشبكة احلديدية:‏<br />

حي ث يت وفر <strong>يف</strong> اململك ة حالي اً‏ خ ط س كة حدي د يس ري ‏َبجت اه واح د عل ى امت داد ‎570‎ك م م ن ال رايض إىل<br />

الدمام <strong>يف</strong> املنطقة الشرقية،‏ ومير هذا اخلط ‏َبلظهران وبقيق واهلفوف وهرد،‏ واخلرج.‏<br />

و<strong>يف</strong> السنوات األخرية أدخلت عدت عمليات حتسني وتطوير على هذا اخلط،‏ كما م إنشاء خط إضا<strong>يف</strong> يربط<br />

بني الرايض بتسيري ثالث رحالت يومية.‏<br />

كما تتوفر شركات أتجري السيارات <strong>يف</strong> اململكة بكثرة ‏َبإلضافة إىل وجود فروع لشركات دولية ومكاتب أتجري<br />

سيارات <strong>يف</strong> املطارات والفنادق.‏<br />

كما تتوفر وسائل النقل اجلماعي من خالل الشركة السعودية للنقل اجلماعي ‏)سابتكو(‏<br />

وال يت أتسس ت <strong>يف</strong> ع ام ‎1399‎ه<br />

املدن الرئيسية <strong>يف</strong> اململكة.‏<br />

وتصص سابتكو حوايل<br />

-<br />

2000<br />

‎1979‎م . وه ي ت وفر خ دمات النق ل الع ام أبس عار مقبول ة داخ ل وب ني<br />

‏َبص كل عام خلدمة احلجاج <strong>يف</strong> مكة واملدينة.‏ كما أهنا تقدم رح الت دولي ة<br />

لنقل املسافرين بني اململكة ومصر واألردن وسوراي واإلمارات العربية املتحدة،‏ وقطر والكويت والبحرين وتركيا.‏<br />

كما تتوفر سيارات األجرة ‏)الليموزينات(‏ <strong>يف</strong> كافة املدن الرئيسية خاصة <strong>يف</strong> املطارات واملراكز التجارية.‏


د(‏ السكن واإلقامة:‏<br />

يوجد ‏َبململكة العديد من اخليارات املميزة لإلقامة،‏ واليت تشتمل عل ى سلس لة م ن الفن ادق العاملي ة املنتش رة <strong>يف</strong><br />

مجي ع حمافظ ات وم دن اململك ة،‏ ‏َبإلض افة إىل الفن ادق األخ رى ذات ال درجات املختلف ة ل تالئم متطلب ات<br />

وميزانيات مجيع الفئات.‏<br />

ه ) اخلدمات الرايضية والرتفيهية واألسواق املتنوعة:‏<br />

فهن اك العدي د م ن األندي ة واملراك ز الرايض ية ال يت ت وفر العدي د م ن األلع اب الفردي ة واجلماعي ة،‏ كم ا يوج د <strong>يف</strong><br />

اململكة عدد من حدائق احليوان ترتكز <strong>يف</strong> املدن الرئيسية وحتتوي ه ذه احل دائق عل ى م ا يق ارب األربع ني جنس اً‏<br />

من احليواانت.‏<br />

وتضم هذه احلدائق العديد من اخلدمات املساندة كاملطاعم واملقاعد املنتشرة <strong>يف</strong> ك ل مك ان ومواق ف الس يارات<br />

‏َبإلضافة إىل قطار للتنزه ومشاهدة معامل احلديقة.‏<br />

وحتتوي اململكة على عدد كب ري م ن املراك ز التجاري ة احلديث ة التص ميم،‏ ‏َبإلض افة إىل األس واق الش عبية املنتش رة<br />

<strong>يف</strong> عدد من حمافظات اململكة واليت تتميز بوجود البضائع التقليدية،‏ مما يعطي التسوق فيها متعة فريدة.‏<br />

وتض م املراك ز التجاري ة احلديث ة أج ود الس لع احمللي ة والعاملي ة،‏ ‏َبإلض افة إىل اخل دمات املس اندة م ن مط اعم<br />

وأماكن للصالة ودورات مياه وأماكن أللعاب األطفال ومواقف للسيارات.‏<br />

وتق ام <strong>يف</strong> اململك ة ع دد م ن مهرج اانت التس وق ال يت تتمي ز بش موليتها واخنف اض أس عارها م ع م ا يرافقه ا م ن<br />

برامج ترفيهية وفقرات مسلية،‏ ‏َبإلضافة إىل توزيع اجلوائز املتنوعة.‏<br />

وحتتضن اململكة عدداً‏ من مدن الرتفيه املصممة وفقاً‏ للمفاهيم العاملية احلديثة من حيث التصميم واحملتوى.‏<br />

وتشتمل هذه املدن على آالف األمتار م ن املب اين املقفل ة واملس احات املكش وفة،‏ وه ي تتض من ألع اب ج ذب<br />

تعليمية تشد الصغار والكبار معاً‏ ‏َبإلضافة إىل عدد من ألعاب املهارات وكذلك املسابقات املختلفة.‏


كم ا تض م ه ذه امل دن العدي د م ن اخل دمات املس اندة كاملط اعم واحمل الت واملع ارض ومواق ف الس يارات<br />

وغريها )1( .<br />

)1(<br />

ينظر فيما تقدم موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

و<br />

/http://WWW.sct.gov.sa موقع اململكة السياحي<br />

. http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />

ومركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

. /http://WWW.mas.gov.sa


املطلب الثاني<br />

االحتياجات


املطلب الثاين:االحتياجات<br />

1- االحتياجات املادية:‏<br />

أوالً:‏ احلاجة إىل تطوير اهليكل التنظيمي للسياحة السعودية،‏ ومعاجلة ما فيه من قصور.‏<br />

فلم يكن هناك أي كيان خمتص ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة قبل إنشاء اهليئة العليا للسياحة.‏ وال زال هناك بعض<br />

الفجوات التنظيمية املهمة على املستوى اإلقليمي و<strong>يف</strong> القطاع اخلاص املرتبط هبذه الصناعة.‏<br />

وتعد اهليئة العليا للسياحة استناداً‏ إىل مكانتها اهليئة الوطنية اإلدارية السياحية <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.‏<br />

حيث تضطلع بدور وزارة للسياحة و<strong>يف</strong> الوقت نفسه هي جهاز قائم خارج نطاق اخلدمة املدنية الرئيس،‏ يتوىل<br />

مسئولية تنمية وترويج <strong>السياحة</strong>،‏ وتتبع اهليئة مباشرة جملس الوزراء.‏<br />

-1<br />

-2<br />

وأهم التحدايت وأكثرها إحلاحاً‏ <strong>يف</strong> عملية منو وتطور صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية هو احلاجة<br />

إىل إنشاء هيكل تنظيمي مناسب وجاهز للعمل،‏ وكذلك زايدة الطاقة السياحية لكل من القطاعني العام<br />

واخلاص.‏ وبشكل عملي،‏ فإن من أهم اخلطوات املطلوبة <strong>يف</strong> ذلك وأكثرها إحلاحاً‏ هي )2318( :<br />

‏"بناء الطاقات للهيئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اجملاالت الرئيسة اخلاضعة ملسئوليتها،‏ وعلى سبيل املثال،‏<br />

التخطيط ووضع السياسات،‏ وتطوير املنتج والتسويق،‏ وإدارة املعلومات والدراسات،‏ واملهام<br />

التنظيمية واملتعلقة بضمان اجلودة.‏<br />

إنشاء هيئات سياحية <strong>يف</strong> املناطق واملساعدة <strong>يف</strong> بناء طاقاهتا.‏<br />

– أ<br />

ب<br />

ج<br />

–<br />

–<br />

وتعد عملية إنشاء <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املناطق أهم االحتياجات التطويرية املؤسسية اليت تلي عملية إنشاء اهليئة العليا<br />

للسياحة ، وذلك يعود لألسباب واالعتبارات الرئيسة التالية:‏<br />

الرقعة اجلغرافية الشاسعة،‏ وتنوع املوارد ومستوايت التنمية السياحية احلالية واحملتملة <strong>يف</strong> اململكة،‏ اليت<br />

تتطلب الرتكيز على املناطق والتنظيم الداعم إلكمال وتقوية عمل اهليئة العليا للسياحة .<br />

التقسيم اإلداري احلايل <strong>يف</strong> مناطق اململكة العربية السعودية الثالث عشرة اليت توفر إطار عمل مناسب<br />

ومريح هليكلة نظام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة <strong>يف</strong> م ؤازرة اخلطوط اإلقليمية.‏<br />

ستكون اهليئات السياحية <strong>يف</strong> املناطق على مقربة من املشغلني السياحيني الفرديني،‏ وخاصة الشركات<br />

الصغرية واملتوسطة داخل نطاق عملها اجلغرا<strong>يف</strong>.‏ وهكذا سيتمكنون من توفري وسيلة تنظيمية أفضل؛ مما ميكن<br />

)2318( ينظر:‏ خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للملكة العربية السعودية ‎1441-1422‎ه . اهليئة العليا للسياحة . األمانة العامة.‏


– د<br />

حتفيز مشاركة القطاع اخلاص واجملتمع احمللي بشكل أكرب <strong>يف</strong> عملية تنمية <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> املنطقة بشكل <strong>يف</strong>وق<br />

قدرة اهليئة العليا للسياحة على املستوى الوطين.‏<br />

املعرفة احمللية واإلقليمية ‏َبلسياحة،‏ واليت تعد ضرورية لتشكيل السياسة الوطنية للهيئة العليا للسياحة،‏<br />

وميكن الوصول إىل التخطيط التشغيلي واإلسرتاتيجي على أفضل حنو من خالل التنظيمات اإلقليمية.‏<br />

و<strong>يف</strong> الوقت نفسه،‏ هناك حاجة ملحة أخرى إلنشاء وتشغيل مجعيات القطاع السياحي اخلاص.‏ ويعد هذا<br />

متطلباً‏ أساسياً‏ من أجل توحيد الصناعة ورفع مكانتها من خالل زايدة املشاركة،‏ وحتسني مستوى االحرتافية،‏<br />

وزايدة معايري املنتجات واخلدمات ، ‏َبإلضافة إىل توفري شركاء مناسبني ومؤثرين للهيئة العليا للسياحة<br />

وللهيئات السياحية املقرتحة <strong>يف</strong> املناطق.‏<br />

-3<br />

-4<br />

املساعدة <strong>يف</strong> تشكيل وتشغيل مجعيات املهن التجارية للقطاعات الرئيسة <strong>يف</strong> الصناعة.‏<br />

إكمال وتوضيح إطار العمل القانوين من أجل تسهيل اإلنشاء والتشغيل لكل من<br />

التنظيمي للسياحة <strong>يف</strong> اململكة".‏ )2319(<br />

اهليكل<br />

)2319( املصدر السابق.‏


اثنياً:‏ احلاجة إىل معاجلة معوقات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> كل اجلوانب.‏<br />

‏"فهناك جمموعة من العوائق اليت تواجه عملية االستثمار <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> كاليت تتعلق ‏َبلقوى العاملة،‏ والسوق،‏<br />

واملؤسسات،‏ والبنية التحتية،‏ والقضااي املالية.‏ وجيب التعامل<br />

تقليصها إذا ما أريد لالستثمار النجاح.‏<br />

مع هذه األمور ومعاجلتها بشكل مقنع أو<br />

وتتضمن املشاكل املتعلقة ‏َبلعمال قلة عدد السعوديني املؤهلني وقلة وجود املنشآت التدريبية.‏ ومما يزيد من<br />

تعقيد هذه املشكلة صعوبة استقطاب الكفاءات األجنبية.‏ وعالوة على ذلك ونتيجة ملا سبق،‏ ينظر القطاع<br />

اخلاص إىل تطبيق عملية سعودة الوظائف على أهنا أحد أبرز العوائق اليت يواجهها.‏<br />

و<strong>يف</strong> الوقت الراهن تغطي صناعة <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة احتياجاهتا من القوى العاملة من العمالة األجنبية<br />

وخاصة العمالة األرخص من جنوب آسيا وجنوب شرقها.‏ وتبلغ نسبة املواطنني العاملني <strong>يف</strong> القطاع حوايل<br />

فقط.‏ %15-10<br />

ويتوقع مع حلول عام<br />

‎1441‎ه /<br />

‎2020‎م أن توفر صناعة <strong>السياحة</strong> ما جمموعه<br />

1.5<br />

مليون وظ<strong>يف</strong>ة مباشرة<br />

وغري مباشرة،‏ وعليه فإن اجملال يعد مالئماً‏ لتوفري فرص وظ<strong>يف</strong>ية للمواطنني كجزء من سياسة توطني الوظائف،‏<br />

لكن البد <strong>يف</strong> عالج هذا العائق وإشباع هذه احلاجة من تطبيق سياسة السعودة بصورة مرنة وتدرجيية،‏ وذلك<br />

للعديد من األسباب اليت تشمل:‏<br />

ً أوال:‏ وجود األفكار اخلاطئة والسلبية املتأصلة اليت تدور حول العمل <strong>يف</strong> اجملال السياحي،‏ وخاصة <strong>يف</strong> قطاع<br />

الضيافة،‏ وهلذا فالرغبة <strong>يف</strong> العمل السياحي لدى بعض املواطنني منخفضة بشكل كبري.‏<br />

اثنياً:‏ أن منشآت التعليم والتدريب السياحي احلالية غري كافية،‏ وهذا يعين أن قدرة اململكة على توفري العدد<br />

الكا<strong>يف</strong> من األفراد ذوي الكفاءات واملهارات املناسبة خالل فرتة زمنية قصرية حمدودة.‏<br />

وتتضمن األسباب األخرى اآلاثر السلبية لتطبيق عملية السعودة بشكل عشوائي على الكفاءات التشغيلية،‏<br />

وتنافسية األسعار،‏ والرحبية بشكل عام.‏<br />

ولذلك ستتبىن اهليئة العليا للسياحة خطة لتنمية املوارد البشرية السياحية،‏ وستكون أهدافها األساسية على<br />

النحو التايل:‏<br />

<br />

<br />

إطالق محالت توعية مكثفة لتغيري الصورة النمطية السلبية االجتماعية والثقافية<br />

السياحي لتشجيع املواطنني على االخنراط <strong>يف</strong> الوظائف السياحية.‏<br />

حول العمل <strong>يف</strong> القطاع<br />

حتسني بيئة العمل <strong>يف</strong> القطاع السياحي،‏ ‏َبإلضافة إىل توفري احلوافز املشجعة للموظفني وأصحاب<br />

العمل.‏


تطوير نظام اعتماد أكادميي ملناهج ومقررات التعليم والتدريب السياحي مبين على معايري حمددة<br />

للمهارات الوظ<strong>يف</strong>ية املتفق عليها؛ ليؤدي بدوره إىل االعرتاف املهين ‏َبلوظائف السياحية،‏ وفتح اجملال<br />

أمام املستقبل املهين.‏<br />

العمل والتنسيق بشكل لصيق مع وزارة العمل،‏ وصندوق تنمية املوارد البشرية،‏ واملؤسسة العامة للتعليم<br />

الفين والتدريب املهين والشركاء الرئيسيني اآلخرين.‏<br />

إجياد املزيد من مؤسسات وبرامج التعليم والتدريب السياحي وخاصة على مستوى املهن واإلشراف<br />

واإلدارة،‏ واليت ستوجه لتطوير وتوفري كوادر مؤهلة للعمل <strong>يف</strong> قطاع <strong>السياحة</strong>.‏<br />

تبين مبادرات التوظ<strong>يف</strong> والتسكني،‏ وسياسات منع تسرب املوظفني،‏ والعمل على توفري التدريب<br />

املستمر.‏<br />

طرح برانمج خدمة العمالء ‏)اي هال(‏ جلميع موظفي الصفوف األمامية الذين تتطلب طبيعة أعماهلم<br />

التعامل املباشر مع السياح.‏ )2320(<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

كما أن من أهم العوائق اليت تواجه صناعة <strong>السياحة</strong> فيما خيتص ‏َبلقضااي السوقية هي مومسية الصناعة اليت<br />

تضعف بدورها عملية االستثمار.‏ وسيتم من أجل عالج هذه املشكلة طرح العديد من املنتجات السياحية<br />

وتنويع جماالت السوق.‏ ‏َبإلضافة إىل ذلك،‏ هناك حاجة إىل إعادة النظر <strong>يف</strong> بعض اإلصالحات املؤسسية<br />

مثل تغيري نظام اإلجازات املدرسية التقليدية،‏ وضرورة أن يصاحب ذلك تغيري لنظام اإلجازات <strong>يف</strong> اخلدمة<br />

املدنية.‏<br />

وأما خبصوص العوائق املؤسسية،‏ مثلما يراها القطاع اخلاص،‏ فإهنا ترتكز على تضارب النظم والقوانني وعدم<br />

وضوحها وعدم الشفافية،‏ ويشكل ذلك عائقاً‏ لألعمال التجارية.‏<br />

<strong>يف</strong> حني ال يبدو أن توفر رأس املال يشكل مشكلة للشركات الكربى،‏ إال أنه وبال شك يعد عائقاً‏ أمام<br />

املؤسسات املتوسطة والصغرية احلجم.‏ ومبا أن طابع املؤسسات املتوسطة والصغرية هو الغالب على صناعة<br />

<strong>السياحة</strong>،‏ فبالتأكيد ستتأثر عملية تطور هذه الصناعة ومنوها بذلك إن مل يتم معاجلة هذه القضااي وتلك<br />

األخرى ذات الصلة بشكل كامل".‏ )2321(<br />

وقد قدمت جلنة الشؤون االقتصادية والطاقة مبجلس الشورى تقريراً‏ <strong>يف</strong><br />

23<br />

ربيع اآلخر ‎1426‎ه ذكرت فيه<br />

مشكالت مجة تعاين منها <strong>السياحة</strong>،‏ وطالبت إبعداد برامج إعالمية للتعر<strong>يف</strong> ‏َبلسياحة الداخلية وَبلتنسيق<br />

)2320(<br />

املصدر السابق،‏ و مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية<br />

وموقع اهليئة العليا للسياحة<br />

/http://WWW.mas.gov.sa<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

)2321(<br />

املصادر السابقة،‏ والرايض العدد<br />

، 13169 األربعاء<br />

، و أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار.‏<br />

26 مجادى األوىل ‎1425‎ه ، ص<br />

. 24


مع اخلطوط السعودية ووكالء السفر لتشجيع الرحالت وتقدمي أسعار مناسبة كما طالبت إبشراف اهليئة على<br />

الفنادق والشقق من حيث تصن<strong>يف</strong>ها والتصريح هلا ملا يعانيه هذا القطاع من سوء تنظيم وذكر التقرير أبن من<br />

الصعوَبت اليت تواجه اهليئة:‏ تداخل األدوار واملسؤوليات وغياب املعلومات وندرة الكفاءات الوطنية<br />

املتخصصة وعدم كفاية املوارد املالية.‏ )2322(<br />

ينظر:‏ جريدة اجلزيرة ، الثالاثء ‎24‎‏/ربيع اآلخر/‏ ‎1426‎ه العدد<br />

، 11905 ص‎8‎ .<br />

)2322(


اثلثاً:‏ احلاجة إىل ضمان جودة املنتج السياحي واإلشراف على ذلك وتنظيمه ومعاقبة املخالفني.‏<br />

ويكون ذلك بعدم فتح الرتاخيص للقطاعات السياحية إال بعد توفر أدىن حد من املقاييس العاملية فيما<br />

خيتص ‏َبلسالمة واألمن والنظافة واالحرتافية والكفاءة،‏ وهذا حيتاج أيضاً‏ إىل نقل خمتلف الوظائف التنظيمية<br />

والصالحيات ذات الصلة ‏َبلقطاعات السياحية من اإلدارات احلكومية املختلفة املسئولة عنها حالياً‏ إىل اهليئة<br />

العليا للسياحة كما <strong>يف</strong>تقر ضمان جودة املنتج السياحي إىل خفض أسعار اخلدمات السياحية ومنع التالعب<br />

)2323(<br />

واملغاالة واالستغالل فيها.‏<br />

رابعاً:‏ احلاجة إىل زايدة الوعي حول إمكاانت <strong>السياحة</strong> الداخلية ومعاجلة املخاوف اليت تدور حول حتمل<br />

تكال<strong>يف</strong> املنتجات السياحية احمللية وقدرهتا على املنافسة مع ما يوجد <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> األجنبية من مثيل.‏<br />

وهذا يشمل توعية القطاع اخلاص جبدوى االستثمار السياحي وتقدمي التسهيالت له <strong>يف</strong> سبيل ذلك.‏<br />

كما يشمل توعية اجملتمع عموماً‏ جبدوى <strong>السياحة</strong> الداخلية وإبراز حماسنها وتطويرها واستخدام وسائل اجلذب<br />

والرتويج هلا،‏ وإبراز مفاسد ومساوئ <strong>السياحة</strong> اخلارجية وذلك عرب وسائل اإلعالم املرئي واملسموع واملقروء<br />

)2324(<br />

فلإلعالم السياحي أمهية ‏َبلغة <strong>يف</strong> معاجلة ذلك.‏<br />

خامساً:‏ احلاجة إىل إجياد شرطة خاصة بتنظيم<br />

ومتابعة شؤون السياح على غرار الدول املتقدمة <strong>يف</strong> هذا<br />

اجملال.‏ )2325(<br />

سادساً:‏ احلاجة إىل تقوية وتعزيز قنوات توزيع الرحالت السياحية الداخلية والتفاهم مع الناقل اجلوي<br />

الستيعاب الرحالت املومسية مبرونة وتنظيم فائق.‏<br />

سابعاً:‏ احلاجة إىل حصر املواقع السياحية وتقدمي خدمات اإلرشاد السياحي هلا والعناية بتنظيمها<br />

ونظافتها وجتهيز مواقع <strong>السياحة</strong> البيئية ابخلدمات املهمة.‏ )2326(<br />

)2323(<br />

ينظر:‏ املصادر السابقة،‏ و<br />

السبت 29، مجادى األوىل ‎1425‎ه ، ص‎17‎<br />

WWW.suad.net/mktarat/egazh/15. htm<br />

، وجريدة الرايض العدد<br />

،13172<br />

‎1421‎ه ،<br />

.<br />

)2324(<br />

)2325(<br />

ينظر:‏ اإلعالم السياحي،‏ حممد منري حجاب،‏ ص<br />

. 70<br />

ينظر:‏ األمن السياحي،‏ علي اجلحين والبداينة والصياد وحممد فاروق،‏ وجملة الدعوة العدد<br />

25 ، 1752<br />

)2326(<br />

ربيع اآلخر<br />

ص‎25‎ ، وقد صرح األمني العام للهيئة أبهنم بصدد دراسة إنشاء قطاع أمين للسياحة ‏َبلتعاون مع وزارة الداخلية،‏ وكلية امللك فهد<br />

األمنية.‏<br />

<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة،‏ إبراهيم األحيدب،‏ وقد فصَّل وبَنيََّ‏ طريقة حتقيق هذه احلاجة،‏ و ينظر:‏ جريدة اجلزيرة ، العدد<br />

، 11609 األحد 23<br />

، مجادى األوىل ‎1425‎ه ، ص‎29‎ ، والرايض العدد<br />

، 13164 اجلمعة<br />

21 مجادى األوىل ‎1425‎ه ، ص<br />

13<br />

، والعدد ، 13163 اخلميس<br />

20 مجادى األوىل ‎1425‎ه ، ص‎12‎


وقد أمجلت إحدى الكاتبات ما تفتقده <strong>السياحة</strong> الداخلية من مقومات النجاح بقوهلا:‏ ‏"حنن <strong>يف</strong> الواقع نفتقد<br />

مقومات اجلذب فغالء األسعار مقرتنة خبدمة متواضعة مع االفتقار للتجديد واإلبداع.‏<br />

حيث نرى اجلهود املبذولة مكررة والفعاليات <strong>يف</strong> كل مناسبة كإجازة – العيد،‏ الص<strong>يف</strong>،‏ آخر األسبوع –<br />

نفسها وإن اختلفت التسميات.‏ إننا حباجة جلهود أكرب تتوافق مع تطلعات مدينة طموحة كالرايض اليت<br />

نتمىن أن نراها سباقة <strong>يف</strong> التميز واإلبداع والكف عن جمرد الدوران <strong>يف</strong> حلقة واحدة دون التقدم خطوة لفتح<br />

نوافذ جديدة للرتفيه السياحي مبا ال يتعارض مع مبادئنا <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ ومع قدوم فصل الص<strong>يف</strong> سيقفز السؤال<br />

ملحاً‏ ‏"أين نذهب للرتفيه كعائلة"؟.‏<br />

نعم متتل مدننا ‏َبملنتزهات وأماكن الرتفيه لكنها متتل هي األخرى ‏َبملفارقات الغريبة والتخطيط العشوائي<br />

الذي يربز أكثر من خالل التطفل على خصوصيات الغري بال مربر وحماولة احتكار املكان من قبل صاحبه<br />

لفرض أنظمته الشخصية وما يتوافق مع أهوائه ومرئياته اخلاصة إبجحاف واضح حبق املستخدمني ، ويربز<br />

أيضاً‏ من خالل االستغالل املادي املقيت من قبل أصحاب املنشأة ، فتجد أنك تضطر أبسى أن تدفع<br />

مبالغ كبرية دون أن يكون مقابل ذلك خدمة ممتازة،‏ فلدينا <strong>يف</strong> الواقع افتقار للتخطيط والتنظيم السليم الذي<br />

ميكن أن نطوعه ببساطة ليتناسب مع خصوصيتنا الدينية و<strong>يف</strong> نفس الوقت يرضي طموحاتنا،‏ بدالً‏ من<br />

االعتماد على وجهات نظر شخصية ملوظفني <strong>يف</strong>تقدون أبسط أجبدايت التعامل مع الغري واحرتامهم فما ‏َبلك<br />

بتقدمي خدمة مميزة هلم مستغلني حاجة الناس هلم <strong>يف</strong> ظل حمدودية ما هو موجود،‏ أيضاً‏ ‏َبت من الضروري<br />

إجياد هيئة رقابية تقوم بعملية تنظيم األسعار مبا يتوازى مع اخلدمات املقدمة محاية للمستهلك ومبا يصب<br />

بذات الوقت <strong>يف</strong> مصلحة كال الطرفني،‏ فمن غري املنطقي مثالً‏ أن يصل إجيار شاليه لليلة واحدة <strong>يف</strong> أحد<br />

مدننا الساحلية إىل ألف ومخسمائة رايل وسعر الشقة الواحدة <strong>يف</strong> الليلة إىل ما يزيد عن ألف رايل!‏ فليس<br />

هناك مربر واحد هلذا الغالء حىت لو افرتضنا أن هناك خدمة جيدة،‏ فأنت لن تضطر إىل دفع سوى نصف<br />

أو ربع هذا املبلغ لو كنت <strong>يف</strong> مدن أخرى كبريوت،‏ أو القاهرة مثالً.‏<br />

وعلى رجال األعمال أصحاب العقليات التجارية أن يكونوا واقعيني <strong>يف</strong> تقديراهتم للسياحة لدينا على األقل<br />

<strong>يف</strong> الوقت الراهن حىت تزدهر <strong>السياحة</strong> وترتقي ملستوى ما أنمله بعد ذلك لن نستخسر أن ندفع هبا ما نصرفه<br />

<strong>يف</strong> دول أخرى وأكثر".‏ )2327(<br />

جريدة الرايض ، العدد<br />

، 13542 اجلمعة<br />

16 مجادى اآلخرة ‎1426‎ه ، ص<br />

18<br />

، مقال ندى اهلدلق.‏<br />

)2327(


2/ االحتياجات املعنوية:‏<br />

أوالً:‏ احلاجة إىل نشر الوعي السياحي املنضبط بتعاليم الدين <strong>اإلسالم</strong>ي احلن<strong>يف</strong> واخلايل من املنكرات <strong>يف</strong><br />

األقوال واألعمال واحلامل لألفراد على العناية ‏َبملناطق السياحية وعدم العبث هبا أو تشويهها واحملافظة عليها<br />

كثروة وطنية.‏<br />

اثنياً:‏<br />

احلاجة إىل استثمار <strong>السياحة</strong> الداخلية <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا عرب وسائل اإلعالم ومن خالل املخيمات<br />

)2328(<br />

الدعوية <strong>يف</strong> املناطق السياحية ومن خالل توزيع الكتيبات واملطوايت واألشرطة النافعة.‏<br />

اثلثاً:‏<br />

احلاجة إىل العناية ‏َبلنشاطات الثقافية كأحد أوجه النشاط السياحي.‏<br />

)2328( ينظر:‏ منوذج لذلك <strong>يف</strong> مهرجان أهبا <strong>يف</strong> املرفقات )34(.


املطلب الثالث<br />

وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي


املطلب الثالث:وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

يتفنن القائمون واملهتمون بصناعة <strong>السياحة</strong> – سواء كانوا جهات دولية أو قطاع خاص – <strong>يف</strong> استخدام كل<br />

الوسائل الرتوجيية جلذب السياح.‏<br />

وميكن إمجال هذه الوسائل <strong>يف</strong> ثالثة عناصر أساسية هي:‏<br />

اخلصائص املكانية.‏<br />

اخلصائص اخلدمية.‏<br />

اإلعالم أو اإلعالن السياحي.‏<br />

فأما الوسيلة أو العنصر األول وهو اخلصائص املكانية فيتمثل <strong>يف</strong> استغالل ما يتميز به املكان من خاصية<br />

طبيعية أو دينية أو اترخيية أو ثقافية وحضارية أو غري ذلك فتستغل كأداة أو وسيلة للجذب والرتويج،‏ فمن<br />

األماكن ما له خصائص طبيعية وهبها هللا إايه كمناخ لط<strong>يف</strong> أو خضرة غناء وحدائق ذات هبجة أو شالالت<br />

وأهنار وحبريات أو مناطق جبلية ذات طبيعة خالبة فعلى سبيل املثال ظلت شالالت نياجرا من أهم<br />

)2329(<br />

العجائب الطبيعية لعدة قرون مث م استغالهلا فيما بعد كعنصر جذب .<br />

وهذه الوسيلة مباحة بال شك ، وقد نص القرآن على السري <strong>يف</strong> األرض والتفكر <strong>يف</strong> عجيب صنع هللا وبديع<br />

خلقه.‏<br />

ومن األماكن ما له خاصية دينية كاملساجد الثالثة <strong>يف</strong> مكة واملدينة والقدس وكاملساجد التارخيية <strong>يف</strong> املدينة<br />

املنورة كقباء والقبلتني وغريمها،‏ ويدخل <strong>يف</strong> ذلك ‏–كعنصر جذب<br />

–<br />

املزارات واملشاهد املبتدعة وكل مكان به<br />

قدسية دينية وقد تقدم الكالم عن حكم شد الرحال لغري املساجد الثالثة وأن <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة هلا<br />

أحكامها اخلاصة <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية،‏ وإذا كان شد الرحال لغري املساجد الثالثة من مساجد وقبور<br />

ومشاهد وغريمها مما يقصد على سبيل القربة حمرماً‏ فك<strong>يف</strong> أبماكن عبادة الكفار ولذا فمن التخلف العقدي<br />

ما يقوم به بعض املسلمني من تشجيع <strong>السياحة</strong> لزايرة القبور واملشاهد كمشهد علي <strong>يف</strong> النجف ومرقد عبد<br />

القادر اجليالين ببغداد وكاجلامع احلسيين ‏َبلقاهرة وال شك <strong>يف</strong> حرمة ذلك وقد تقدم بيانه فال حاجة إلعادته<br />

لكن املقصود هنا أن هذه الوسيلة جيوز استخدامها للسياحة <strong>يف</strong> املساجد الثالثة فقط.‏<br />

ومن األماكن ما له خاصية اترخيية كمنطقة العال حيث يوجد فيها كثري من األماكن التارخيية وكمدائن صاحل<br />

إضافة إىل أماكن الغزوات <strong>اإلسالم</strong>ية كبدر وأحد وغريمها،‏ وهذه اآلاثر تعترب <strong>يف</strong> زمننا من أفضل وسائل<br />

اجلذب السياحي فاإلنسان ال ينفك عن حب االستطالع،‏ و<strong>يف</strong> اململكة آاثر ال حتصى ، وكذلك توجد<br />

)2329(<br />

ينظر:‏ أصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محيد الطائي،‏ ص‎225‎ ، وما بعدها،‏ و أثر <strong>السياحة</strong> على اقصادايت اململكة ، انصر الطيار،‏<br />

ص‎109‎ ، <strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة،‏ إبراهيم األحيدب،‏ وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر،‏ خلود اخلطيب.‏


األهرامات <strong>يف</strong> مصر وبعلبك <strong>يف</strong> لبنان وكذا املتاحف األثرية <strong>يف</strong> كثري من املدن وبرج إ<strong>يف</strong>ل <strong>يف</strong> فرنسا ما بين أصالً‏<br />

إال كعنصر جذب <strong>يف</strong> هناية القرن التاسع عشر.‏ )2330(<br />

والقرآن أمر ‏َبلسري <strong>يف</strong> األرض والنظر <strong>يف</strong> أحوال السابقني وأخذ العظة والعربة من ذلك والبد من استخدام<br />

هذا املنهج <strong>يف</strong> مثل هذه الوسيلة فال يكون الرتويج لالماكن التارخيية عرايً‏ عن أخذ العرب والدروس مما حل هبم<br />

وبيان ذلك حىت للسائح غري املسلم ليتعرف على تلك احلضارات وما حل أبهلها ويُ‏ ‏ْستَغَل ذلك <strong>يف</strong> دعوته<br />

للحق وتبصريه به أما استخدام هذه الوسيلة <strong>يف</strong> إحياء الوثنيات والتأمل <strong>يف</strong> الشكليات وبعث روح القومية<br />

واجلاهلية <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> فإنه منكر عظيم ال جيوز السكوت عنه حبال.‏ )2331(<br />

كما أن من األماكن ما له خاصية ثقافية أو حضرية كاألندلس ‏)أسبانيا حالياً(‏ وكالبالد املتقدمة صناعياً‏ أو<br />

اليت يكثر فيها املثقفون والعلماء واملكتبات ودور النشر.‏<br />

ومن األماكن ما له خاصية جتارية كالدول اليت تتميز مبوقع جتاري إسرتاتيجي وتكثر فيها األسواق واملراكز<br />

التجارية واملناطق الصناعية واملعارض التجارية الدولية.‏ )2332(<br />

وهذه الوسائل األصل فيها اإلَبحة ما مل تشتمل على حمظور شرعي،‏ كأن تفوت حقاً‏ أو تضيع واجباً‏ أو<br />

تستهلك أموال املسلمني وتبذر فيما ال حاجة فيه.‏ )2333(<br />

)2330(<br />

املصادر السابقة،‏ و موقع اهليئة العليا للسياحة<br />

/http://WWW.sct.gov.sa<br />

http://WWW.sauditourism.gov.sa/sctarabic/indexb.php<br />

هاشم انقور،‏ ص‎280‎<br />

.<br />

)2331(<br />

و موقع اململكة السياحي<br />

، وأحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ،<br />

ففي مصر على سبيل املثال تزعم لويس عوض وهو عريب مسيحي مصري الدعوة للفرعونية وإحياء التاريخ الفرعوين واتريخ رمسيس<br />

وبناة األهرامات وزعموا أبن العامية املصرية ذات جذور قدمية ال صلة هلا ‏َبلعربية الفصحى وأن تقدمهم احلضاري متوقف على إحياء<br />

اآلاثر الفرعونية وعلومها وآداهبا وفنوهنا،‏<br />

وهكذا <strong>يف</strong>عل أعداء هللا <strong>يف</strong> كل بلد إسالمي توجد فيه آاثر قدمية،‏ فنسأل هللا أن يرد كيدهم <strong>يف</strong> حنورهم،‏ ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ،<br />

هاشم انقور،‏ ص‎284-283‎<br />

، بتصرف .<br />

ينظر:‏ جريدة احلياة،‏ العدد<br />

13557، االثنني ‎1421/1/19‎ه ، و www.moheet.com<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور،‏ ص‎287‎‏،‏ بتصرف.‏<br />

)2332(<br />

)2333(


وأما الوسيلة الثانية وهي اخلصائص اخلدمية:‏<br />

فتتمثل <strong>يف</strong> إجياد خدمات سياحية متنوعة وجذابة وتستعمل كأداة جلذب السياح،‏ ومن تلك اخلدمات:‏<br />

اخلدمات الطبية العالجية وقد تكون طبيعية كحمامات ما عني <strong>يف</strong> األردن مثالً‏ أو صناعية حيث تكثر املدن<br />

الطبية <strong>يف</strong> البلدان املتقدمة وتستعمل كعنصر جذب جيمع بني االستشفاء و<strong>السياحة</strong>.‏<br />

وكذلك اخلدمات الرايضية أبنواعها املختلفة من سباحة ورماية وسباقات للخيول وألعاب رايضية كحمل<br />

األثقال واملصارعة وكرة القدم والسلة واملراكز الرايضية الشاملة وملزودة أبحدث األجهزة الرايضية.‏<br />

ومن اخلدمات ما يكون للرتفيه والتسلية:‏<br />

كإقامة املهرجاانت واالحتفاالت املتعددة،‏ وإقامة املنتجعات )2334( ، والفنادق واحلدائق واملالعب ودور القمار<br />

والبغاء وحدائق احليوان واحملميات واملالهي واملسارح ومراكز الفنون االستعراضية وغريها من املرافق اخلدمية<br />

الرتفيهية.‏ )2335(<br />

وهذه الوسيلة األصل فيها اإلَبحة ما مل تشتمل تلك اخلدمات على حمظور شرعي كاملهرجاانت الغنائية<br />

واالحتفاالت البدعية واملناسبات املشتملة على منكر من اختالط وفجور وغريه وكدور القمار والبغاء<br />

واملسارح ومراكز الفنون االستعراضية املعروفة ‏َبلسريك وال تلو من استخدام السحر وكاملصارعة املعروفة<br />

حديثاً‏ ملا فيها من تكشف وإظهار للعورات واعتداء على الغري فكل خدمة اشتملت على حمرم أو أدت إليه<br />

أو غلبت مفسدهتا فإهنا حمرمة شرعاً‏ وال جيوز استخدامها <strong>يف</strong> الرتويج السياحي.‏<br />

واألصل <strong>يف</strong> املسلم اجلد والعزوف عن اللهو واللعب واهلزل وسفاسف األمور وإضاعة الوقت <strong>يف</strong> غري فائدة؛<br />

ألنه حماسب ومسئول عن وقته وماله وعمله وأنفاسه.‏<br />

والناظر <strong>يف</strong> حال اخلدمات السياحية <strong>يف</strong> بالد املسلمني جيد أكثرها مل يسلم من التشبه ‏َبلكفار وال تكاد تلو<br />

من منكرات وقد تقدمت اإلشارة إىل ذلك،‏ وتعليل مثل ذلك ‏َبحلد من <strong>السياحة</strong> اخلارجية ال يربر نقل<br />

مظاهر <strong>السياحة</strong> اخلارجية املخالفة للشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية إىل بالد املسلمني،‏ ف<strong>اإلسالم</strong> ال يقف عائقاً‏ أمام الرتويح<br />

عن النفس لكنه يضبط ذلك وأيطره مبا ح<strong>يف</strong>ظ للمجتمع نقاءه وصفاءه وطهره وعفافه وأمنه وأمانه.‏ )2336(<br />

)2334(<br />

يكمن الفرق بني املنتجعات وغريها من املرافق الفندقية <strong>يف</strong> انحيتني:‏ املوقع والوظ<strong>يف</strong>ة:‏<br />

فاملنتجعات غالباً‏ ما تقع <strong>يف</strong> أفضل األماكن الطبيعية مقارنة ‏َبلفنادق اليت تنشأ عادة <strong>يف</strong> املدن،‏ وعلى املستوى الوظ<strong>يف</strong>ي تتيح املنتجعات<br />

أكثر من جمرد تقدمي خدمة اإلقامة والطعام للنزالء فتقدم هلم أيضاً‏ وسائل اإلقامة املرحية وأماكن الرتفيه والرايضات املختلفة.‏<br />

ينظر:‏ صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر ، خلود اخلطيب،‏<br />

. 60<br />

)2335(<br />

ينظر:‏ أصول صناعة <strong>السياحة</strong>،‏ محد الطائي،‏ ص<br />

ص‎33‎ ، وصناعة <strong>السياحة</strong> والسفر ، خلود اخلطيب.‏<br />

225<br />

)2336(<br />

ينظر:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها ، هاشم انقور،‏<br />

.287<br />

وما بعدها،‏ وتسويق اخلدمات السياحية،‏ إلياس والرفاعي والدمياسي وعطري،‏


وأما الوسيلة الثالثة وهي اإلعالم أو اإلعالن السياحي:‏<br />

فهو من أهم عناصر الرتويج السياحي إن مل يكن أكثرها أمهية <strong>يف</strong> هذا العصر،‏ بل إن جناح أي برانمج<br />

سياحي يتوقف على قدرة الشركة السياحية على تروجيه عرب وسائل اإلعالم مما يوجد تفاعالً‏ إجيابياً‏ بني<br />

السائح وبني املعلومات اليت حصل عليها عن طريق اجلهود الرتوجيية واإلعالن بصفة عامة هو نشر املعلومات<br />

والبياانت عن السلع أو اخلدمات أو األفكار أو املؤسسات أو غريها بقصد بيعها وتسويقها أو املساعدة<br />

)2337(<br />

فيه.‏<br />

وعرف اإلعالن السياحي أبنه:‏<br />

‏"اجلهود غري الشخصية اليت تعمل على التأثري <strong>يف</strong> وجدان وعواطف ومدركات السياح وتوجيه سلوكهم<br />

السياحي حنو التعاقد على برانمج سياحي معني أو على خدمات سياحية لشركة سياحية حمدودة".‏ )2338(<br />

وهو مهم جداً‏ <strong>يف</strong> تدفق السواح وجناحه يعين جناح <strong>السياحة</strong>.‏<br />

وقد يكون اإلعالن السياحي رمسياً‏ سواء على املستوى احمللي أو العاملي حبيث تقوم به الدول أواهليئات<br />

السياحية احلكومية وتعمل على إقناع السائح أبمهية االستمتاع مبا تتميز به الدولة من هبات طبيعية أو آاثر<br />

اترخيية أو مقدسات دينية أو غري ذلك،‏ وقد يكون خاصاً‏ تقوم به شركات ووكاالت <strong>السياحة</strong> لإلعالن عن<br />

براجمها اخلاصة،‏ وقد يكون شخصياً‏ )2339( ، ومنه ما يكون بقصد إرشاد السياح وتوجيههم وتنمية الوعي<br />

السياحي لدى املواطنني،‏ ومنه ما يكون بقصد املنافسة <strong>يف</strong> إبراز خصائص املنتج السياحي.‏<br />

والوسائل املستخدمة <strong>يف</strong> اإلعالن منها املرئي كالقنوات التلفازية ومواقع اإلنرتنت ومنها املسموع كاإلذاعات<br />

ومنها املقروء كالصحف واجملالت ولكل منها مسات ومميزات خاصة به.‏ )2340(<br />

)2337(<br />

ينظر:‏ اإلعالم السياحي،‏ حممد منري حجاب،‏ ص‎75‎‏.‏<br />

واإلعالن <strong>يف</strong> اللغة من العالن واملعالنة وهي اجملاهرة وعلن األمر يعلن علوانً‏ وعالنية إذا أشاع وظهر والعالن واملعالنة إذا أعلن كل واحد<br />

لصاحبه ما <strong>يف</strong> نفسه وهللا تعاىل يقول:‏ مث إين أعلنت هلم وأسررت هلم إسراراً‎ ويقول:‏<br />

وينفقوا مما رزقناهم سراً‏ وعالنية وَبستقراء استعماالت الفقهاء هلذه الكلمة يظهر عدم خروجهم عما سبق من اجملاهرة واإلشاعة<br />

واملبالغة <strong>يف</strong> اإلظهار.‏<br />

ينظر:‏ لسان العرب،‏ البن منظور،‏ والقاموس احمليط،‏ مادة علن<br />

1096<br />

، واإلعالن،‏ ملساعد الفاحل،‏ ص‎14‎<br />

، بتصرف.‏<br />

)2338(<br />

)2339(<br />

اإلعالم السياحي،‏ حممد حجاب،‏ ص‎93‎<br />

.<br />

وذلك من خالل قيام من له أثر <strong>يف</strong> اجملتمع جلاهه أو ماله أو علمه أو منصبه ‏َبلدعاية للسياحة وحث الناس عليها ومن أمثلة ذلك<br />

ما قام به األمني العام للهيئة كما <strong>يف</strong> جريدة اجلزيرة العدد<br />

11613، اخلميس<br />

برشلونة وكذلك ما قام به الشيخ الدكتور عبد هللا اجلربين <strong>يف</strong> جريدة الرايض عدد<br />

أثىن على <strong>السياحة</strong> الداخلية ودعى إليها،‏ ينظر:‏ املرفقات )35(.<br />

27 مجادى األوىل ‎1425‎ه خالل افتتاحه جلسة منتدى<br />

، 13168 الثالاثء<br />

،1903<br />

)2340(<br />

25 مجادى األوىل ‎1425‎ه حيث<br />

اإلعالم السياحي،‏ حممد حجاب ، وتسويق اخلدمات السياحية،‏ إلياس والرفاعي والدمياسي وعطري،‏ ص‎33‎‏،‏ وجملة الدعوة العدد<br />

‎2‎‏/مجادى اآلخرة ‎1424‎ه ، ص<br />

.53-52


-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

ويعد موقع اهليئة العليا للسياحة على اإلنرتنت أحد الوسائل الرمسية <strong>يف</strong> اإلعالن السياحي <strong>يف</strong> اململكة العربية<br />

السعودية ويقدم مزجياً‏ من املعلومات واألخبار والدراسات والبحوث املتعلقة ‏َبلسياحة الداخلية والعاملية وهو<br />

املصدر األساسي للفصل الثالث من هذا البحث وهو موقع حيوي يتم حتديثه بشكل يومي وقد كان افتتاحه<br />

<strong>يف</strong> يوم ‎28‎‏/ربيع األول عام ‎1424‎ه وأصبح يقدم األخبار والتقاريراليومية وامللف الصحفي اخلاص بكل ما<br />

)2341(<br />

يهم <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الصحافة إضافة إىل املقاالت واللقاءات والبحوث والدراسات ومشاركات اهليئة.‏<br />

ومن أهم خصائص اإلعالن السياحي الناجح:‏<br />

جتانسه مع عادات وتقاليد واتريخ وقيم اجملتمع املخاطب.‏<br />

اعتماده على احلقائق والبياانت الصادقة املعربة دون مبالغة أوكذب.‏<br />

تعبريه عن احملفزات السياحية وعناصر اجلذب السياحي من أماكن وخدمات وأسعار خمفضة<br />

وحنو ذلك.‏<br />

تنوع وتطور املادة السياحية لتالئم خمتلف األذواق.‏ )2342(<br />

وأهم أهداف اإلعالن السياحي:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

زايدة عدد السائحني للمنطقة املعلن عنها وجين العوائد االقتصادية املثمرة.‏<br />

التعر<strong>يف</strong> بنمط جديد من األمناط السياحية مع الرتكيز على مقوماهتا وتسهيالهتا السياحية.‏<br />

تكوين صورة ذهنية إجيابية للمنتج السياحي.‏<br />

متهيد الطريق أمام منظمي الربامج السياحية والوسطاء لطرح براجمهم.‏ )2343(<br />

-1<br />

وهذه الوسيلة – اإلعالن السياحي – األصل فيها اإلَبحة ملا فيها من تسهيل معامالت الناس وخدمتهم <strong>يف</strong><br />

معاشهم وتعر<strong>يف</strong>هم حبوائجهم وهي وسيلة لذلك والوسائل هلا أحكام املقاصد فإذا كان املعلن عنه مباحاً‏ كان<br />

ومن<br />

اإلعالن مباحاً،‏ لكن على املعْلِّن أال خيالف <strong>يف</strong> ذلك املقاصد الشرعية والضوابط الفقهية للتجارة )2344(<br />

أمها:‏<br />

أن يكون املعلن عنه مباحاً‏ شرعاً‏ ونظاماً‏ ملا تقدم،‏ كما جيب على املعلن مراعاة أحكام العقيدة<br />

<strong>اإلسالم</strong>ية <strong>يف</strong> إعالنه فكثرياً‏ ما يتحول اإلعالن إىل وسيلة مادية جمردة ال تقيم للدين وال للقيم<br />

)2341(<br />

)2342(<br />

)2343(<br />

)2344(<br />

ينظر:‏ جملة مدينة الرايض،‏ أمانة مدينة الرايض،‏ العدد 38 مجادى األوىل ‎1424‎ه ، ص‎63-62‎‏.‏<br />

ينظر:‏ اإلعالم السياحي،‏ حممد منري حجاب،‏ ص<br />

املصدر السابق.‏<br />

. 93<br />

ينظر:‏ جملة البحوث الفقهية املعاصرة،‏ العدد 14، <strong>يف</strong> حبث اإلعالن التجاري وبعض ما يرتتب عليه من أحكام،‏ للنفيسة،‏<br />

ص‎207‎‏،‏ واإلعالن املشروع واملمنوع <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي،‏ مساعد الفاحل،‏ ص‎98-96‎<br />

.


وال لألخالق اعتباراً‏ وتصيص مراعاة العقيدة <strong>اإلسالم</strong>ية ‏َبحلديث هنا لكوهنا األساس الذي<br />

يقوم عليه بنيان األمم فصالح كل أمة ورقيها بسالمة عقيدهتا وأفكارها فكل ما خيدش عقيدة<br />

املسلم أو يلبس عليه أو يشككه فإنه حيرم تضمينه <strong>يف</strong> اإلعالن السياحي )2345( ، وقد نص<br />

النظام األساسي للحكم على هذا <strong>يف</strong> مادته السابعة وكذا <strong>يف</strong> املادة األوىل من السياسة اإلعالمية<br />

للمملكة ومادة )74( <strong>يف</strong> الالئحة التنفيذية لنظام املطبوعات والنشر وكذا <strong>يف</strong> قواعد اإلعالن <strong>يف</strong><br />

التلفاز.‏ )2346(<br />

أن يكون اإلعالن عن املنتج السياحي متفقاً‏ مع حقيقته و إال كان من الغرر املنهي عنه وهو ما<br />

طوي عنك علمه وخفي عليك ‏َبطنه وكل ما كان املقصود منه جمهوالً‏ غري معلوم و<strong>يف</strong>سر مبا ال<br />

تعلم عاقبته وَبخلداع الذي هو مظنة أال يرضى به عند حتققه فيكون من أكل املال ‏َبلباطل<br />

-2<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

وهللا تعاىل يقول:‏ <br />

)2347(. <br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

ويالحظ على كثري من اإلعالانت التجارية بشكل عام املبالغة <strong>يف</strong> وصف السلعة إىل حد خيرج<br />

هبا عن حقيقتها ومطابقتها لواقعها مما يوقع <strong>يف</strong> الغرر والغش املضاد للنصوص والقواعد الشرعية.‏<br />

ويعظم ذلك فيما يتعلق ‏َبلسياحة الدينية كما يسموهنا وذلك أن كثرياً‏ من محالت احلج والعمرة<br />

تبالغ <strong>يف</strong> إعالهنا السياحي حلج بيت هللا أو أداء العمرة فيه أو زايرة مسجد النيب مث جيد<br />

احلاج واملعتمر أن الواقع خبالف ذلك وهذا واقع ومشاهد وال حول وال قوة إال ‏َبهلل،‏ فيجب<br />

<br />

الصدق والبيان <strong>يف</strong> اإلعالن،‏ كما قال تعاىل:‏ <br />

)2348(. <br />

أن يكون ‏َبللغة العربية الفصحى فهي جزء من هوية األمة وحضارهتا فال يصح إضعافها<br />

وهتميشها.‏<br />

أن يكون اإلعالن ساملاً‏ من احملاذير الشرعية فال جيوز استخدام الوسائل احملرمة لرتويج السلعة<br />

والدعاية هلا كاستخدام صور حمرمة أو كالم فاحش منكر أو ما خيل ‏َبملروءة و<strong>يف</strong>سد األخالق<br />

-3<br />

-4<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة ، العدد<br />

سورة النساء،‏ اآلية:‏<br />

سورة التوبة،‏ اآلية:‏<br />

، العدد ، 1903<br />

1903، ص‎52‎<br />

‎2‎‏/مجادى اآلخرة ‎1424‎ه ، ص‎53-52‎‏.‏<br />

، والبث املباشر،‏ لناصر العمر،‏ ص‎53-52‎<br />

.<br />

.29<br />

.119<br />

)2345(<br />

)2346(<br />

)2347(<br />

)2348(


فهذا خدش للحياء وهدم للقيم وحماربة<br />

ويثري الغرائز ويشيع الفحشاء،‏ وحنو ذلك.‏ )2349(<br />

للفضيلة ونشر للرذيلة،‏ وقد نصت املادة<br />

جملس الوزراء رقم<br />

15<br />

177<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

من قواعد تنظيم لوحات الدعاية واإلعالن <strong>يف</strong> قرار<br />

واتريخ ‎1410/11/3‎ه على وجوب كون ‏)اإلعالن منسجماً‏ مع<br />

عادات وتقاليد البالد وأن تتالءم مع الذوق السليم وأن تكون الصور والكتاَبت <strong>يف</strong> إطار<br />

)2350(<br />

اآلداب <strong>اإلسالم</strong>ية(.‏<br />

هذا وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء بياانً‏ حتدد فيه الضوابط الشرعية لإلعالانت<br />

التجارية وفيما يلي نصه )2351( :<br />

‏"احلمد هلل وحده والصالة والسالم على من ال نيب بعده نبينا حممد وعلى آله وصحبه وبعد:‏<br />

فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء نظرت <strong>يف</strong> موضوع:‏ ‏"اإلعالانت التجارية"‏ اليت تنشر <strong>يف</strong> أي من<br />

وسائل اإلعالم أو <strong>يف</strong> اللوحات <strong>يف</strong> الشوارع والطرقات ورأت أن اإلعالن عن السلع واخلدمات وغريها مما ينفع<br />

الناس أنه <strong>يف</strong> أصله جائز ما مل يشتمل على حمذور شرعي فيكون حمرماً،‏ وعليه فإن الواجب أن يكون اإلعالن<br />

ملتزماً‏ ‏َبلضبواط الشرعية اليت دلت عليها األدلة والقواعد العامة <strong>يف</strong> الشريعة املطهرة اليت ميكن حتديدها<br />

‏َبآليت:‏<br />

أال يرتتب على اإلعالن إضرار ‏َبلغري على أي وجه كان،‏ ألن ذلك يؤدي إىل التباغض والشحناء والغل<br />

واحلسد بني املسلمني وما كان هذا سبيله فهو حمرم شرعاً.‏<br />

أال يكون اإلعالن عن السلع أو اخلدمات فيه تدليس وتلبيس على الناس،‏ ألنه من أكل<br />

األموال ‏َبلباطل،‏ وسبب حملق الربكة <strong>يف</strong> املكاسب،‏ والواجب هو التوضيح والبيان،‏ ومطابقة<br />

الواقع من غري زايدة أو نقصان.‏<br />

أال يكون <strong>يف</strong> اإلعالن دعاية إىل شيء من احملرمات أو وسائلها كاخلمور والقمار ومنه اليانصيب<br />

والرَب والزىن وأسبابه والدخان والتأمني التجاري وغري ذلك.‏<br />

أال يؤدي اإلعالن إىل التهوين بشيء من أصول <strong>اإلسالم</strong> أو عباداته أو أخالقه أو احلط على<br />

املسلمني والسخرية هبم.‏<br />

)2349(<br />

املصادر السابقة،‏ ويالحظ على بعض اإلعالانت السياحية إبراز سفور املرأة فمثالً‏ جاء <strong>يف</strong> صح<strong>يف</strong>ة االقتصادية العدد<br />

صفحة كاملة لعائلة سعودية حتمل هدااي واملرأة سافرة الوجه وابنتها ذات<br />

وأخرى مثلها <strong>يف</strong> العدد<br />

عدد<br />

2410<br />

12<br />

2458<br />

بعنوان:‏ الناس على هنا جايني<br />

–<br />

و 7878 و 7867<br />

، 7922 واالقتصادية 2461<br />

)2350(<br />

)2351(<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة عدد<br />

ينظر:‏ جملة الدعوة عدد<br />

1903<br />

،1718<br />

)37( و )38( .)39(<br />

سنة تلبس بنطلوانً‏ ضيقاً‏ حتت عنوان:‏ اي جدة راجعني!‏<br />

جدة التذوق،‏ وكذا إعالانت أخرى من هذا القبيل <strong>يف</strong> الشرق األوسط<br />

، وغريها،‏ و ينظر:‏ املرفقات )36(.<br />

، ص‎52‎‏،‏ وكالم ابن تيمية <strong>يف</strong> اقتضاء الصراط املستقيم عن حكم الكالم ‏َبألعجمية بال حاجة.‏<br />

‎10‎‏/شعبان ‏/‏‎1420‎ه ، ص‎18‎‏،‏ و ينظر:‏ مناذج من اإلعالانت السياحية <strong>يف</strong> املرفقات )11( و


أال يشتمل اإلعالن على شيء من صور ذوات األرواح من إنسان أو حيوان أو طري.‏<br />

حيرم تصوير املرأة أو شيء من جسدها <strong>يف</strong> اإلعالانت سواء كان اإلعالن متعلقاً‏ حباجات املرأة<br />

أم ال،‏ ألن املرأة عورة،‏ و<strong>يف</strong> هذا األسلوب إهانة هلا وحط من كرامتها،‏ وإغراء ‏َبلفساد<br />

والفاحشة.‏<br />

أال يكون لإلعالن عالقة مبناسبة أو أمر بدعي.‏<br />

ال جيوز مصاحبة اإلعالن ‏َبملوسيقى واألغاين لألدلة الشرعية اليت حترم ذلك.‏<br />

أن يكون اإلعالن ‏َبللغة العربية الفصيحة حفظاً‏ هلا وإعزازاً‏ هبا؛ ألهنا لغة أهل <strong>اإلسالم</strong>،‏ والطريق<br />

لفهم القرآن والسنة،‏ وبناء على ذلك فال تستعمل العبارات العامية فضالً‏ عن غريها من اللغات<br />

األجنبية ، وَبهلل التوفيق.‏ وصلى هللا على نبينا حممد وآله وصحبه وسلم.‏<br />

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء<br />

".<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

ومما ينبغي التنبيه عليه هنا أن كثرياً‏ من وس ائل اإلع الم تق وم ‏َبل رتويج للس ياحة احملرم ة <strong>يف</strong> ب الد الكف ر والفس اد<br />

وحتث على ذل ك وترغ ب في ه ب ل وتع ني علي ه وتق دم التس هيالت والتخفيض ات لل راغبني فت زج أببن اء املس لمني<br />

<strong>يف</strong> حماض ن األه واء وبل دان اإلَبحي ة والفس اد ليتش ربوا ثقاف ات منحل ة وأيت وا أبم راض وأوبئ ة وه ذا يس توجب<br />

مضاعفة اجلهود الرمسية وفرض الرقاب ة عل ى وس ائل اإلع الم وتطهريه ا م ن وس ائل اإلغ راء واس تغالهلا <strong>يف</strong> توجي ه<br />

وإرشاد اجملتمع للصواب.‏


اخلامتة


اخلامتة<br />

احلمد هلل الذي يسر بكرمه ومَنِّه إجناز هذا البحث وأعان بقدرته على جتاوز عقباته وما عرض من صعابه فاحلمد هلل<br />

الذي بنعمته تتم الصاحلات.‏<br />

وال شك أنه ما من عمل بشري إال ويعرتيه النقص والزلل واخلطأ فما كان <strong>يف</strong> هذا البحث من ذلك فمن نفسي<br />

والشيطان وأستغفر هللا منه وما كان فيه من صواب ورشاد وتوفيق فمن هللا وحده.‏<br />

وأساله أن جيعل هذا العمل خالصاً‏ لوجهه الكرمي وأن ينفعنا مبا نقول ونسمع ونقرأ.‏<br />

وفيما يلي بيان ألبرز النتائج و التوصيات اليت توصلت إليها <strong>يف</strong> هذا البحث:‏<br />

أوال : النتائج العامة.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ال متنع من إشباع الغرائز لكن وفق ضوابط وأطر حتفظ استقامتها ومتنع احنرافها،‏ و<br />

الرتفيه غريزة فطرية وحاجة بشرية ال متنع الشريعة من إشباعها بضوابط هتذب<br />

احنرافها.‏<br />

النفس البشرية ومتنع<br />

<strong>اإلسالم</strong> يراعي حقوق الفرد واجملتمع ومصلحة كل طرف أما غريه من القوانني الوضعية فقد ي ‏ُغَلِّبُ‏<br />

جانب احلرية الفردية وال ينظر للمصلحة العامة للمجتمع.‏<br />

حرية كل فرد تنتهي عند حد عدم التعدي على حرايت اآلخرين .<br />

<strong>اإلسالم</strong> صان املرأة ورفعها وراعى حقوقها.‏<br />

‏َشولية الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية ووسطيتها وصالحيتها لكل زمان ومكان.‏<br />

القصد واالعتدال أصل <strong>يف</strong> الكماليات ح<strong>يف</strong>ظ توازن احلياة.‏<br />

الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية تدعوا إىل سد الذرائع املوصلة للمحرم وهتدف إىل قطع دابر الفساد.‏<br />

شخصية املسلم متميزة ومعتدلة،‏ فال يصح أن يكون إمعة يركض خلف اآلخرين.‏<br />

ال متنع الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية من تنظيم وضبط أمور اخللق <strong>يف</strong> معاشاهتم مبا حيقق مصاحلهم وح<strong>يف</strong>ظ<br />

نظامهم.‏<br />

اليسر ورفع احلرج واملشقة من معامل شريعة <strong>اإلسالم</strong> الغراء .<br />

للضرورة أحكامها وتقدر بقدرها.‏<br />

احلذر والورع وجتنب الشبهات حيقق الفالح والنجاة.‏<br />

املسلم<br />

حيقق الغاية من وجوده ‏َبلنية الصاحلة فتكون أعماله وسياحته وترفيهه عبادات يثاب عليها<br />

فيجتمع له األجر الدنيوي واألخروي.‏


املؤمن يعيش لغاايت وأهداف سامية فال جيدر به أن تكون حياته هلواً‏ جمرداً‏ ال جد فيه وال هدف<br />

وال غاية بل جمرد حياة هبيمية شهوانية.‏<br />

كلنا راع ومسؤول عن رعيته فعلى كل ويل أمر مسؤولية النصح والرتبية واحلفظ والصيانة والرعاية ملن<br />

حتت يده وحتقيق رغبته <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> املشروعة الربيئة.‏<br />

على كل مسلم أن حيقق القدوة احلسنة املثالية <strong>يف</strong> سياحته وال يسيء لدينه بتصرفاته.‏<br />

<strong>اإلسالم</strong> ليس دين رهبانية وتبتل وانغالق ورجعية وتلف،‏ بل دين حياة وسعادة وروحانية فاملؤمن ال<br />

ينسى نصيبه من الدنيا ويسأل هللا <strong>يف</strong> الدنيا حسنه و<strong>يف</strong> اآلخرة حسنه.‏<br />

كما أن املوت <strong>يف</strong> سبيل هللا هدف نبيل وشر<strong>يف</strong> فإن احلياة <strong>يف</strong> سبيل هللا أساس وجود املؤمن <strong>يف</strong><br />

الدنيا وإشباعه لرغباته الفطرية ال يتناقض الغاية اليت ألجلها يعيش فكل أعماله <strong>يف</strong> سبيل حتقيق غاية<br />

العبودية أو هكذا جيب أن تكون.‏<br />

القيادة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية تتميز بروح املنافسة والرغبة <strong>يف</strong> حتقيق الرايدة والتقدم <strong>يف</strong> كل<br />

اجملاالت أبسرع وقت وعملها <strong>يف</strong> سبيل حتقيق ذلك ملموس مشاهد.‏<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

اثنياً‏ : أبرز النتائج والتوصيات اخلاصة هبذا البحث.‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> األصل من ( سيح ) وهو استمرار الشيء و ذهابه <strong>يف</strong> األرض ووردت <strong>يف</strong> االصطالح<br />

الشرعي مبعان عدة منها الصيام واجلهاد والسري <strong>يف</strong> األرض لالعتبار أو للقرَبت وغري ذلك وأصح ما<br />

مجع له بينها هو السفر <strong>يف</strong> القرَبت مع اشرتاكها <strong>يف</strong> االصطالح العام واألصل اللغوي وهو مطلق<br />

السري <strong>يف</strong> األرض.‏<br />

<strong>السياحة</strong> املعاصرة صناعة مؤثرة <strong>يف</strong> االقتصاد الدويل والغالب فيها قصد الرتفيه والنزهة واالستكشاف.‏<br />

التعر<strong>يف</strong> املختار للسياحة هو : ( التنقل <strong>يف</strong> غري موطن اإلقامة لغرض من أغراض <strong>السياحة</strong> )<br />

واألغراض تتلف وظابط ذلك هو العرف،‏ فإذا أطلق لفظ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> هذا العصر مثالً‏ تبادر<br />

لألذهان غرض اللهو والرتفيه واالستكشاف.‏<br />

السائح هو املسافر ألي مكان وألي غرض من أغراض <strong>السياحة</strong>.‏<br />

بني <strong>السياحة</strong> والسفر واهلجرة والسري واالرحتال عموم وخصوص.‏<br />

<strong>السياحة</strong> حاجة بشرية فطرية طبيعية وهي مصلحة معتربة شرعاً‏ وأصول الشريعة ومقاصدها ال متنع<br />

منها.‏<br />

<strong>السياحة</strong> الرتفيهية من املصاحل التحسينية.‏


خيتلف حكم <strong>السياحة</strong> حبسب الغرض منها وما يغلب من املصاحل واملفاسد وما قد يشوهبا من<br />

احملاذير واملنكرات فتدور عليها األحكام التكل<strong>يف</strong>ية اخلمسة.‏<br />

جيب على القاضي عند سياحته أن يراعي أمهية وشرف املنصب فال خيل مبروءته أو يرتكب ما يقدح<br />

<strong>يف</strong> عدالته،‏ وعليه أال يتعدى سلطاته وصالحياته املخولة له من ويل األمر فال حيكم <strong>يف</strong> غري ما ويل<br />

فيه نوعاً‏ ومكاانً.‏<br />

املرأة املسلمة هلا حظ <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong> من الصيانة واالحرتام فقد راعى <strong>اإلسالم</strong> شرفها وحياءها وحشمتها<br />

فمنع اختالطها ‏َبألجانب وكل ما خيل بذلك من اخللوة والتربج والزينة وإظهار املفاتن و<strong>يف</strong> هذا صيانة<br />

هلا وللمجتمع.‏<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> فلسطني للنزهة وشد الرحال للمسجد األقصى للصالة فيه هذا الوقت يرتجح حترميه<br />

لغلبة املفاسد واألضرار.‏<br />

حترم سياحة الكفار <strong>يف</strong> جزيرة العرب و<strong>يف</strong> األماكن املقدسة صيانة حلرمتها ومراعاة لقدسيتها إذا كان<br />

غرضهم من <strong>السياحة</strong> النزهة والرتفيه وجيوز دخوهلم للمسجد النبوي وغريه من املساجد عدا املسجد<br />

احلرام إذا كان <strong>يف</strong> ذلك مصلحة راجحة من دعوة وحنوها.‏ وإخراجهم من جزيرة العرب موكول لإلمام<br />

ال للعامة وسياحتهم <strong>يف</strong> ‏َبقي داير <strong>اإلسالم</strong> جائز ما مل يرتتب عليه ضرر أو مفسدة.‏<br />

<strong>السياحة</strong> سفر جيوز فيه الرتخيص ‏َبلقصر واجلمع والفطر وغريه من رخص السفر إذا حتققت شروطه.‏<br />

جيوز اإلنفاق االستثماري واالستهالكي على املشاريع السياحية املباحة من غري إسراف.‏<br />

جتب الزكاة <strong>يف</strong> غلة املشاريع السياحية وأجرهتا ال <strong>يف</strong> أعياهنا.‏<br />

جيوز عمل املسلم <strong>يف</strong> وكاالت <strong>السياحة</strong> والسفر ما مل يتضمن مباشرة عمل حمرم أو إعانة عليه أو<br />

تعرض للفنت أو خدمة للكافر على وجه اإلذالل.‏<br />

جيوز عمل املرأة <strong>يف</strong> ذلك إذا توفرت الضوابط الشرعية وانتفت احملاذير واملفاسد وكان العمل مالئماً‏<br />

لطبيعتها وخصوصيتها وحيائها.‏<br />

ال جيوز السفر لبالد الكفار لغرض <strong>السياحة</strong> الرتفيهية لغلبة املفاسد واألضرار واملنكرات.‏<br />

جيوز التقيد ‏َبألنظمة العامة <strong>يف</strong> بالد الكفار وهي من مجلة املصاحل وال جيوز التحاكم إليهم إال<br />

لضرورة مع اعتقاد فساد حكمهم وأن حكم هللا أم وأعدل.‏<br />

ال جيوز التقيد بعادات وتقاليد غري املسلمني ألنه من التشبه املذموم ما مل تكن مث ضرورة وتقدر<br />

بقدرها.‏<br />

اإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار مع عدم القدرة على إظهار الدين ووجود الفتنة والقدرة على اهلجرة وعدم<br />

وجود مصلحة راجحة <strong>يف</strong> البقاء حمرم شرعاً.‏<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

-20<br />

-21


على املسلم مواجهة الفنت <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني وذلك ‏َبلتمسك ‏َبلكتاب والسنة والدعاء والصرب<br />

واعتزال أماكن ومسببات الفنت وحفظ اجلوارح.‏<br />

تقبل أخبار الكفار املتواترة وكذا اآلحاد <strong>يف</strong> مواضع الضرورة و<strong>يف</strong> غري الشهادة والرواية و<strong>يف</strong> شؤون احلياة<br />

العامة.‏<br />

ال جيوز دخول الكنائس إال ملصلحة شرعية كالدعوة واالتعاظ والتفكر وبيان ضالل أهلها مع انتفاء<br />

املفاسد واحملاذير.‏<br />

تصح الصالة <strong>يف</strong> الكنائس لضرورة أو مصلحة راجحة بال كراهة وتصح بدون ذلك مع الكراهة.‏<br />

تقدر أوقات الصالة والصيام <strong>يف</strong> البالد غري املعتدلة أبقرب البلدان أو مبكة واملدينة وال تسقط عنهم<br />

للعمومات وحلديث الدجال.‏<br />

تصح الصالة <strong>يف</strong> الطائرة كالصالة <strong>يف</strong> السفينة وجيب أداؤها فيها إذا خشي خروج الوقت قبل اهلبوط<br />

ومل ميكن مجعها مع ما بعدها ويسقط ما عجز عنه من األركان والشروط وأييت مبا قدر عليه.‏<br />

أحل هللا نكاح احملصنات من أهل الكتاب لكن الغربيات ذوات األصول الكتابية <strong>يف</strong> هذا العصر غري<br />

حمصنات <strong>يف</strong> األعم األغلب و<strong>يف</strong> نكاحهن ضرر على املسلم <strong>يف</strong> دينه وعرضه وعلى أوالده من بعده<br />

ولذا رجح أكثر املعاصرين حترميه.‏<br />

ال حيل إجراء العقد <strong>يف</strong> الكنيسة ما مل يضطر لذلك ويكون عقداً‏ إسالمياً‏ خالياً‏ من املنكرات.‏<br />

املسلمة اليت ال ويل هلا يقوم السلطان وأمري القوم ورئيس املركز <strong>اإلسالم</strong>ي مقام الويل <strong>يف</strong> تزوجيها وإال<br />

فتويل أمها رجالً‏ عدالً‏ ليزوجها.‏<br />

حتل ذبيحة الكتايب إذا كان مما أحل لنا وذكاها و ذكر اسم هللا عليها وإذا مل نعلم ذلك جاز األكل<br />

دون سؤال ما مل نعلم أنه ذحبها على غري الوجه الشرعي.‏<br />

حترم املشاركة <strong>يف</strong> أفراح وأعياد الكفار ما مل يكن ذلك ملصلحة الدعوة لإلسالم.‏<br />

األصل <strong>يف</strong> املعامالت مع الكفار هو اإلَبحة ما دام النشاط <strong>يف</strong> مباح خال من الرَب والغش والغرر<br />

احملرم واإلضرار ‏َبملسلمني.‏<br />

املقاطعة االقتصادية سالح وجهاد ألعداء املسلمني يضعف من قوهتم وفيه نصرة لإلسالم،‏ و<strong>السياحة</strong><br />

جزء من املنتجات واملوارد االقتصادية اليت ينتج عن مقاطعتهم فيها اإلضرار هبم وهي واجبة على<br />

املسلم إذا علم أو ظن تقويهم وانتفاعهم بعوائدها.‏<br />

جيب استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا عز وجل وتبليغه لاخرين قوالً‏ وعمالً‏ كل حسب<br />

قدرته.‏<br />

-22<br />

-23<br />

-24<br />

-25<br />

-26<br />

-27<br />

-28<br />

-29<br />

-30<br />

-31<br />

-32<br />

-33<br />

-34<br />

-35


ال جيوز دخول داير املعذبني إال على هيئة من اخلوف والبكاء اتعاظاً‏ وتدبراً‏ وذلك عند وجود<br />

املصلحة الراجحة.‏<br />

تعظيم اآلاثر واملشاهد البدعية وقصدها للعبادة و<strong>السياحة</strong> مبعىن الرهبانية وهي سياحة أهل التصوف<br />

من البدع احملدثة وليست من <strong>اإلسالم</strong> <strong>يف</strong> شيء.‏<br />

جيوز تعظيم ما ورد الشرع بتعظيمه من اآلاثر كما جتوز العناية واالهتمام برتاث واتريخ األمة<br />

وحضارهتا وهويتها.‏<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو األصل فيها اإلَبحة ما مل تغلب فيها املنكرات وتكثر املفاسد والفنت وتصد<br />

عن ذكر هللا.‏<br />

مراعاة ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا حيقق السعادة والربكة واألجر <strong>يف</strong> الدنيا واآلخرة ويساهم <strong>يف</strong><br />

إجياد سياحة بريئة نقية حتقق الرتفيه الربيء املنشود وتشبع الغرائز الطبيعية دون احنراف أو شذوذ.‏<br />

للسياحة آاثر سلبية ‏َبلغة على عالقات الدول وهيمنتها السياسية والفكرية واقتصادها وأخالقها<br />

ودينها كما أن هلا آاثر إجيابية <strong>يف</strong> حتقيق الروابط املتينة ونقل القيم واملعارف وتيسري التنقالت وحتسني<br />

صورة <strong>اإلسالم</strong> وأهله ونشره والتعر<strong>يف</strong> به ونقل قيم وأخالق اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي وحتقيق التنمية<br />

االقتصادية وزايدة الدخل و<strong>يف</strong> اجلملة فإن <strong>السياحة</strong> سالح حيقق أهدافاً‏ سياسية ودينية واقتصادية<br />

واجتماعية متنوعة.‏<br />

جيب على املسلمني أفراداً‏ ومجاعات حكاماً‏ وحمكومني أن يتكاتفوا ويتعاونوا للمحافظة على نقاء<br />

<strong>السياحة</strong> وصفائها وخلوها من املنكرات واملفاسد وحماربة ذلك والتوعية خبطره وبذل كل اجلهود<br />

الفردية واحلكومية وتذليل كل املعوقات <strong>يف</strong> سبيل ذلك.‏<br />

اجلهة احلكومية املنظمة للسياحة <strong>يف</strong> اململكة هي اهليئة العليا للسياحة وهي شخصية اعتبارية مستقلة<br />

مرتبطة برئيس جملس الوزراء وهلا أمني عام مبرتبة وزير.‏<br />

الغرض األساسي إلنشاء اهليئة العليا للسياحة هو االهتمام ‏َبلسياحة <strong>يف</strong> اململكة وتطويرها وتنميتها<br />

واإلسهام <strong>يف</strong> إجياد سياحة نقية موافقة ألحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية الغراء.‏<br />

تطور <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة يعتمد بشكل أساسي على الشراكة بني اجلهات احلكومية والقطاع اخلاص<br />

<strong>يف</strong> سبيل حتقيق بنية حتتية مالئمة هلذه الصناعة.‏<br />

تتوفر <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية مقومات <strong>السياحة</strong> بشىت صورها وأغراضها الدينية واالقتصادية<br />

والتارخيية والعالجية والرايضية والرتفيهية والعلمية وغريها.‏ ولكنها تفتقد إىل التخطيط والتنظيم والعمل<br />

اجلاد <strong>يف</strong> استثمارها واستغالهلا أبكمل وجه.‏<br />

-36<br />

-37<br />

-38<br />

-39<br />

-40<br />

-41<br />

-42<br />

-43<br />

-44<br />

-45<br />

-46


اخلدمات السياحية الضرورية متوفرة <strong>يف</strong> بالدان ولكنها حباجة للتطوير ومراقبة جودة املنتج السياحي<br />

واإلشراف على األسعار ومدى مالءمتها ملا يقدم فالغالء <strong>يف</strong> األسعار سبب ‏َبرز <strong>يف</strong> حتول كثري من<br />

أفراد اجملتمع للسياحة اخلارجية إضافة إىل وجود االبتزاز والغش واالستغالل ورداءة اخلدمات <strong>يف</strong> بعض<br />

القطاعات السياحية.‏<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اخلارج أضرت ببالدان وأبنائنا وال ميكن عالج ذلك إال ‏َبلعمل اجلاد الدؤوب على<br />

معاجلة القصور <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> الداخلية وتطوير بنيتها التحتية وتوفر اخلدمات السياحية الراقية أبسعار <strong>يف</strong><br />

متناول اجلميع.‏<br />

قد يكون للظروف البيئية أثر <strong>يف</strong> اإلعراض عن <strong>السياحة</strong> الداخلية لكنه ال يؤثر <strong>يف</strong> جناحها لو عوجل<br />

قصورها <strong>يف</strong> اجلوانب األخرى وإال فما لذي يدفع الكثريين لتفضيل دول مماثلة <strong>يف</strong> ظروفها اجلوية<br />

واملناخية كاإلمارات ؟ ال شيء سوى تطور اخلدمات السياحية املقدمة ورقيها وكثرهتا مقارنة مبا لدينا.‏<br />

البد من تطوير وسائل اجلذب والرتويج السياحي ال سيما اخلدمية منها أما اإلعالمية فقد بدأت<br />

تتحسن وتتطور بعد إنشاء اهليئة العليا للسياحة.‏<br />

-47<br />

-48<br />

-49<br />

-50<br />

هذا وَبهلل التوفيق وصلى هللا على خري الورى وإمام اهلدى نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم.‏


الفهارس<br />

أوالً:‏<br />

فهرس اآليات القرآنية


طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

539<br />

البقرة 44<br />

<br />

496<br />

البقرة 78<br />

<br />

<br />

<br />

220<br />

البقرة 105<br />

<br />

<br />

189<br />

البقرة 114<br />

<br />

<br />

<br />

309<br />

البقرة 115<br />

<br />

<br />

<br />

408<br />

البقرة 120<br />

<br />

<br />

<br />

563<br />

البقرة 125<br />

<br />

<br />

690<br />

البقرة 127<br />

<br />

105<br />

البقرة 143<br />

<br />

<br />

563<br />

البقرة 144<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

47<br />

البقرة 152<br />

<br />

<br />

<br />

564<br />

البقرة 158<br />

<br />

<br />

458<br />

البقرة 164<br />

<br />

<br />

365<br />

البقرة 172<br />

<br />

<br />

311<br />

البقرة 173<br />

<br />

<br />

<br />

501<br />

البقرة 173<br />

<br />

<br />

286<br />

البقرة 173<br />

<br />

<br />

89<br />

البقرة 179<br />

...<br />

<br />

<br />

28<br />

البقرة 183<br />

<br />

287<br />

البقرة 184<br />

... <br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

310<br />

البقرة 185<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

94<br />

البقرة 185


454<br />

البقرة 187<br />

<br />

323<br />

البقرة 187<br />

<br />

<br />

89<br />

البقرة 188<br />

<br />

<br />

<br />

564<br />

البقرة 198<br />

<br />

<br />

564<br />

البقرة 203<br />

<br />

<br />

220<br />

البقرة 217<br />

<br />

<br />

73<br />

البقرة 218<br />

<br />

<br />

<br />

466<br />

البقرة 221<br />

<br />

<br />

471<br />

البقرة 221<br />

<br />

323<br />

البقرة 229<br />

<br />

<br />

<br />

309<br />

البقرة 239-238<br />

<br />

316<br />

البقرة 275<br />

<br />

<br />

115<br />

البقرة 282<br />

...<br />

<br />

333<br />

البقرة 267<br />

<br />

<br />

<br />

518<br />

البقرة 279-278<br />

<br />

<br />

517<br />

البقرة 279<br />

<br />

<br />

<br />

430<br />

البقرة 282<br />

<br />

<br />

<br />

473<br />

آل عمران 14-13<br />

<br />

387<br />

آل عمران 28<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

394<br />

آل عمران 76-75<br />

<br />

510<br />

آل عمران 85<br />

<br />

<br />

159<br />

آل عمران 97<br />

... <br />

534<br />

آل عمران 104<br />

<br />

135<br />

آل عمران 110<br />

....


220<br />

آل عمران 118<br />

<br />

698<br />

آل عمران 139-137<br />

538<br />

آل عمران 159<br />

<br />

593<br />

آل عمران 159<br />

<br />

<br />

38<br />

آل عمران 191-190<br />

.....<br />

<br />

<br />

375<br />

آل عمران 195<br />

<br />

<br />

473<br />

آل عمران 199<br />

<br />

<br />

325<br />

النساء 5<br />

<br />

<br />

469<br />

النساء 25<br />

<br />

<br />

<br />

316<br />

النساء 29<br />

<br />

<br />

296<br />

النساء 29<br />

<br />

<br />

375<br />

النساء 32<br />

<br />

<br />

486<br />

النساء 34<br />

<br />

<br />

250<br />

النساء 43<br />

<br />

<br />

174<br />

النساء 48<br />

..<br />

<br />

<br />

402<br />

النساء 59<br />

<br />

<br />

<br />

401<br />

النساء 60<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

401<br />

النساء 65<br />

<br />

220<br />

النساء 89<br />

<br />

<br />

74<br />

النساء 89<br />

<br />

<br />

<br />

31<br />

النساء 95<br />

<br />

412<br />

النساء 97<br />

<br />

<br />

74<br />

النساء 97<br />

<br />

<br />

<br />

412<br />

النساء 98


417<br />

النساء 100<br />

<br />

238<br />

النساء 101<br />

<br />

<br />

<br />

220<br />

النساء 101<br />

<br />

<br />

407<br />

النساء 115<br />

<br />

<br />

425<br />

النساء 140<br />

<br />

<br />

372<br />

النساء 141<br />

<br />

<br />

518<br />

النساء 161<br />

.. <br />

138<br />

املائدة 2<br />

<br />

<br />

<br />

366<br />

املائدة 2<br />

<br />

<br />

498<br />

املائدة 3<br />

<br />

<br />

<br />

400<br />

املائدة 3<br />

<br />

<br />

290<br />

املائدة 3<br />

<br />

492<br />

املائدة 5<br />

<br />

<br />

465<br />

املائدة 5<br />

<br />

<br />

<br />

304<br />

املائدة 6<br />

<br />

<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

403<br />

املائدة 6<br />

<br />

<br />

193<br />

املائدة 38<br />

<br />

409<br />

املائدة 44<br />

<br />

<br />

49<br />

-45-44<br />

47<br />

-<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

– الفاسقون <br />

<br />

الظاملون<br />

املائدة<br />

401<br />

املائدة 48<br />

<br />

508<br />

املائدة 48<br />

<br />

<br />

402<br />

املائدة 50<br />

<br />

<br />

139<br />

... املائدة 52-51<br />

<br />

494<br />

املائدة 68


577<br />

املائدة 79-78<br />

<br />

230<br />

املائدة 82<br />

<br />

<br />

<br />

98<br />

املائدة 87<br />

.... <br />

<br />

89<br />

املائدة 91<br />

<br />

<br />

563<br />

املائدة 97<br />

<br />

431<br />

املائدة 106<br />

<br />

<br />

356<br />

األنعام 11<br />

<br />

<br />

<br />

92<br />

األنعام 38<br />

<br />

<br />

<br />

425<br />

األنعام 68<br />

<br />

<br />

<br />

41<br />

األنعام 79<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

األنعام<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

409<br />

90<br />

<br />

<br />

348<br />

األنعام 99<br />

<br />

293<br />

األنعام 119<br />

<br />

<br />

<br />

316<br />

األنعام 119<br />

<br />

<br />

365<br />

األنعام 120<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

500<br />

األنعام 121<br />

<br />

498<br />

األنعام 145<br />

<br />

465<br />

األنعام 156<br />

<br />

347<br />

األنعام 162<br />

324<br />

األعراف 31<br />

<br />

<br />

98<br />

األعراف 32<br />

<br />

<br />

<br />

602<br />

األعراف 56<br />

<br />

<br />

365<br />

األعراف 157


350<br />

األعراف 158<br />

<br />

141<br />

األنفال 28-27<br />

... <br />

220<br />

األنفال 36<br />

<br />

<br />

<br />

119<br />

األنفال 67<br />

<br />

<br />

<br />

417<br />

األنفال 72<br />

<br />

32<br />

التوبة 2<br />

<br />

<br />

34<br />

التوبة 4<br />

<br />

<br />

<br />

527<br />

التوبة 5<br />

<br />

<br />

167<br />

التوبة 6<br />

<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

189<br />

التوبة 17<br />

<br />

<br />

190<br />

التوبة 18<br />

<br />

<br />

169<br />

التوبة 28<br />

<br />

175<br />

التوبة 30<br />

... <br />

<br />

526<br />

التوبة 41<br />

<br />

632<br />

التوبة 55<br />

<br />

<br />

624<br />

التوبة 71<br />

<br />

<br />

554<br />

التوبة 84<br />

<br />

334<br />

التوبة 103<br />

<br />

374<br />

التوبة 105<br />

<br />

<br />

550<br />

التوبة 108<br />

<br />

564<br />

التوبة 108<br />

<br />

<br />

526<br />

التوبة 111<br />

<br />

<br />

21<br />

التوبة 112<br />

... <br />

<br />

724<br />

التوبة 119


350<br />

التوبة 122<br />

<br />

471<br />

يونس 18<br />

<br />

<br />

317<br />

يونس 59<br />

<br />

<br />

408<br />

يونس 89<br />

<br />

<br />

<br />

349<br />

يونس 92<br />

<br />

<br />

551<br />

هود 82<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

138<br />

هود 113<br />

<br />

<br />

<br />

40<br />

يوسف 105<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

534<br />

يوسف 108<br />

<br />

552<br />

يوسف 109<br />

<br />

<br />

47<br />

الرعد 28<br />

<br />

<br />

<br />

553<br />

إبراهيم 45<br />

<br />

<br />

552<br />

احلجر 76<br />

<br />

<br />

698<br />

احلجر 80<br />

<br />

<br />

<br />

457<br />

النحل 8<br />

<br />

<br />

356<br />

النحل 14<br />

<br />

<br />

551<br />

النحل 26<br />

<br />

<br />

92<br />

النحل 89<br />

<br />

<br />

<br />

375<br />

النحل 92<br />

<br />

375<br />

النحل 97<br />

<br />

<br />

98<br />

النحل 116<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

...<br />

409<br />

النحل 123


135<br />

النحل 125<br />

...<br />

<br />

42<br />

اإلسراء 1<br />

<br />

<br />

321<br />

اإلسراء<br />

واألنعام<br />

‎15‎و‎164‎<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

326<br />

اإلسراء 16<br />

<br />

<br />

<br />

322<br />

اإلسراء 26<br />

<br />

<br />

157<br />

اإلسراء 32<br />

<br />

<br />

85<br />

اإلسراء 70<br />

... <br />

<br />

566<br />

اإلسراء 81<br />

<br />

544<br />

الكهف 60<br />

<br />

<br />

42<br />

الكهف 66<br />

<br />

<br />

544<br />

الكهف 88-86<br />

<br />

545<br />

الكهف 98<br />

<br />

338<br />

مرمي 64<br />

<br />

<br />

538<br />

طه 44<br />

<br />

354<br />

األنبياء 30<br />

<br />

<br />

350<br />

األنبياء 107<br />

<br />

<br />

172<br />

احلج 17<br />

<br />

<br />

177<br />

احلج 25<br />

<br />

<br />

690<br />

احلج 26<br />

694<br />

احلج 28-27<br />

<br />

672<br />

احلج 28<br />

<br />

444<br />

احلج 40<br />

<br />

41<br />

احلج 46<br />

<br />

<br />

508<br />

احلج 67


259<br />

احلج 78<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

469<br />

النور 3<br />

<br />

115<br />

النور 4<br />

<br />

<br />

583<br />

النور 21<br />

<br />

<br />

379<br />

النور 31<br />

<br />

<br />

<br />

190<br />

النور 36<br />

<br />

408<br />

النور 63<br />

<br />

<br />

401<br />

الفرقان 1<br />

<br />

<br />

324<br />

الفرقان 67<br />

<br />

<br />

<br />

440<br />

الفرقان 72<br />

<br />

551<br />

الشعراء 189<br />

<br />

545<br />

النمل 44<br />

<br />

551<br />

النمل 52-51<br />

<br />

<br />

138<br />

القصص 17<br />

<br />

<br />

<br />

86<br />

القصص 21<br />

..<br />

<br />

<br />

599<br />

القصص 22<br />

<br />

377<br />

القصص 23<br />

<br />

<br />

<br />

138<br />

القصص 86<br />

<br />

<br />

534<br />

القصص 87<br />

<br />

<br />

39<br />

العنكبوت 20<br />

<br />

<br />

86<br />

العنكبوت 26<br />

<br />

<br />

39<br />

الروم 9<br />

<br />

<br />

348<br />

الروم 50<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة


323<br />

لقمان 6<br />

<br />

<br />

406<br />

األحزاب 21<br />

<br />

<br />

53<br />

األحزاب 33<br />

<br />

<br />

<br />

<br />

379<br />

األحزاب 53<br />

<br />

<br />

683<br />

األحزاب 59<br />

<br />

<br />

567<br />

سبأ 13<br />

<br />

<br />

<br />

551<br />

سبأ 16-15<br />

<br />

<br />

292<br />

يس 12<br />

<br />

<br />

41<br />

الصافات 99<br />

<br />

<br />

40<br />

الصافات 137<br />

<br />

<br />

354<br />

ص 42<br />

<br />

<br />

510<br />

الزمر 7<br />

<br />

<br />

<br />

29<br />

الزمر 10<br />

<br />

54<br />

الزمر 28<br />

<br />

<br />

<br />

349<br />

غافر 21<br />

<br />

<br />

<br />

38<br />

غافر 71<br />

<br />

350<br />

فصلت 33<br />

<br />

<br />

40<br />

فصلت 53<br />

<br />

<br />

200<br />

الشورى 7<br />

<br />

<br />

315<br />

الشورى 21<br />

<br />

603<br />

اجلاثية 12<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

117<br />

األحقاف 20<br />

<br />

<br />

550<br />

األحقاف 21<br />

<br />

550<br />

األحقاف 25-24


39<br />

حممد 10<br />

<br />

<br />

<br />

143<br />

حممد 35<br />

..<br />

<br />

112<br />

احلجرات 6<br />

... <br />

<br />

85<br />

احلجرات 13<br />

... <br />

<br />

<br />

354<br />

ق 6<br />

<br />

<br />

<br />

40<br />

الذارايت 20<br />

<br />

<br />

348<br />

الذارايت 21<br />

<br />

<br />

534<br />

الذارايت 56<br />

<br />

<br />

106<br />

النجم 32<br />

<br />

<br />

30<br />

احلديد 27<br />

<br />

<br />

<br />

49<br />

احلديد 28<br />

<br />

<br />

220<br />

اجملادلة 22<br />

<br />

<br />

529<br />

احلشر 5<br />

<br />

73<br />

احلشر 8<br />

<br />

<br />

122<br />

احلشر 20-19<br />

..<br />

<br />

<br />

220<br />

املمتحنة 1<br />

<br />

<br />

683<br />

املمتحنة 5<br />

<br />

<br />

138<br />

املمتحنة 9<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

466<br />

املمتحنة 10<br />

<br />

<br />

435<br />

املمتحنة 13<br />

<br />

539<br />

الصف 2<br />

<br />

542<br />

الصف 9<br />

<br />

<br />

<br />

274<br />

اجلمعة 9


سعب<br />

<br />

<br />

320<br />

اجلمعة 10<br />

<br />

<br />

461<br />

التغابن 16<br />

<br />

115<br />

الطالق 2<br />

<br />

<br />

<br />

323<br />

الطالق 3-2<br />

<br />

... <br />

375<br />

الطالق 6<br />

<br />

<br />

21<br />

التحرمي 5<br />

<br />

<br />

400<br />

امللك 14<br />

<br />

84<br />

امللك 15<br />

<br />

<br />

319<br />

امللك 15<br />

<br />

<br />

334<br />

املعارج 24<br />

<br />

<br />

<br />

561<br />

نوح 23<br />

<br />

84<br />

املزمل 20<br />

<br />

<br />

425<br />

املدثر 5<br />

<br />

<br />

348<br />

24<br />

<br />

<br />

348<br />

الطارق 5<br />

<br />

<br />

348<br />

الغاشية 17<br />

<br />

489<br />

الشرح 6-5<br />

<br />

<br />

طرف اآلية<br />

السورة<br />

رقم اآلية<br />

رقم الصفحة<br />

175<br />

البينة 1<br />

<br />

<br />

41<br />

الفيل 5-1<br />

<br />

<br />

85<br />

قريش 4-1<br />

..... <br />

<br />

683<br />

املاعون 5-4<br />

<br />

...


ثانياً:‏<br />

فهرس األحاديث واآلثار<br />

حسب ورودها <strong>يف</strong> البحث


طرف احلديث أو األثر<br />

الراوي<br />

أبو هريرة<br />

رقم الصفحة<br />

21<br />

23<br />

26<br />

29<br />

29<br />

30<br />

31<br />

31<br />

31<br />

34<br />

34<br />

36<br />

37<br />

37<br />

43<br />

44<br />

47<br />

48<br />

48<br />

49<br />

71<br />

24<br />

84<br />

--<br />

عائشة<br />

--<br />

أبو أمامة<br />

سعد بن أيب<br />

وقاص<br />

--<br />

--<br />

معاذ<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

ابن عمر<br />

عائشة<br />

--<br />

أبو سعيد اخلدري<br />

" " " "<br />

السائحون هم الصائمون<br />

السفر قطعة من العذاب<br />

سياحة هذه األمة الصيام<br />

كل عمل ابن آدم يضاعف احلسنة بعشر أمثاهلا<br />

إن سياحة أميت اجلهاد <strong>يف</strong> سبيل هللا عز وجل<br />

رد رسول هللا على عثمان بن مظعون التبتل<br />

أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟<br />

مثل اجملاهد <strong>يف</strong> سبيل هللا<br />

أما رأس األمر ف<strong>اإلسالم</strong><br />

فنادى:‏ أن هللا برئ من املشركني ورسوله<br />

من كان بينه وبني رسول هللا عهد<br />

إن هلل مالئكة سياحني <strong>يف</strong> األرض<br />

إن هلل مالئكة يطوفون <strong>يف</strong> الطرق<br />

إن هلل تبارك وتعاىل مالئكة سيارة<br />

كان النيب إذا قفل من غزوة<br />

ملا ابتلي املسلمون خرج أبو بكر مهاجراً‏<br />

أرحنا ‏َبلصالة اي بالل<br />

يوشك أن يكون خري مال الرجل غنم<br />

أي الناس خري؟<br />

كانت ملوك بعد عيسى بن مرمي بدلوا التوراة واإلجنيل<br />

لست أعرفك وال يضرك أن ال أعرفك<br />

سافروا تصحوا<br />

زودك هللا التقوى<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل<br />

والذي نفسي بيده إنكم لو تدومون<br />

كان طويل الصمت،‏ وكان أصحابه يتناشدون الشعر عنده<br />

ابن عباس<br />

عمر<br />

أبو هريرة وابن<br />

عمر<br />

أنس<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

84<br />

90<br />

92<br />

93<br />

93<br />

93<br />

94<br />

94<br />

94<br />

94<br />

94<br />

--<br />

حنظلة<br />

جابر بن مسرة<br />

--<br />

--<br />

أذن <br />

للحبشة أن يلعبوا بسهامهم<br />

أَبح للنساء الغناء املباح وضرب الدف <strong>يف</strong> األعراس<br />

مل يكن أصحاب رسول هللا مُتَحزقني<br />

أبيب شبيهٌ‏ ‏َبلنيب،‏ ليس شبيهاً‏ بعلي<br />

كان أصحاب رسول هللا يتبادحون ‏َبلبطيخ<br />

أرحيوا القلوب،‏ فإن القلب إذا أكره عمي<br />

إن للقلوب شهوة وإقباالً‏ وفرتة وإدَبراً‏<br />

ليس اللهو إال <strong>يف</strong> ثالثة<br />

أبو سلمة بن<br />

عبد الرمحن<br />

أبو بكر<br />

--<br />

ابن مسعود<br />

ابن مسعود<br />

--


96<br />

109<br />

113<br />

114<br />

118<br />

120<br />

25<br />

135<br />

136<br />

138<br />

140<br />

145<br />

146<br />

146<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

إمنا األعمال ‏َبلنيات<br />

أال أنبئكم أبكرب الكبائر<br />

أد األمانة إىل من ائتمنك<br />

سيكون أمراء تشغلهم أشياء يؤخرون الصالة عن وقتها<br />

احلالل بني واحلرام بني<br />

حق على العاقل أن تكون له أربع ساعات<br />

كفى ‏َبملرء إمثاً‏ أن يضيع من يقوت<br />

استفت قلبك ‏–ثالاثً-‏ الرب ما اطمأنت إليه النفس<br />

ال تشد الرحال إال إىل ثالثة مساجد<br />

لزوال الدنيا كلها أهون على هللا من قتل رجل مسلم<br />

ال ضرر وال ضرار<br />

ال تسافر املرأة ثالاثً‏ إال مع ذي حمرم<br />

ال حيل المرأة تؤمن ‏َبهلل واليوم اآلخر أن تسافر<br />

ال تسافر امرأة مسرية يومني<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

146<br />

151<br />

151<br />

151<br />

151<br />

160<br />

160<br />

171<br />

172<br />

172<br />

178<br />

178<br />

179<br />

179<br />

179<br />

182<br />

182<br />

183<br />

186<br />

186<br />

187<br />

187<br />

--<br />

--<br />

عائشة<br />

انفع موىل ابن<br />

عمر<br />

--<br />

--<br />

عائشة<br />

أبو هريرة<br />

جابر بن عبد هللا<br />

جابر بن عبد هللا<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

ال تسافر بريداً‏<br />

يوشك أن ترج الظعينة من احلرية<br />

ليس كل النساء جتد حمرماً‏<br />

كان يسافر مع عبدهللا ابن عمر موليات له<br />

أذن ألزواج النيب ‏َبحلج<br />

ال متنعوا إماء هللا مساجد هللا<br />

لكن أحسن اجلهاد وأمجله احلج<br />

ال حيج بعد العام مشرك<br />

إال أن يكون عبداً‏ أو أحداً‏ من أهل الذمة<br />

ال يدخل املسجد احلرام مشرك<br />

إن إبراهيم حرم مكة<br />

املدينة حرم فمن أحدث فيها<br />

ال هتدموا اآلطام<br />

اي أَب عمري ما فعل النغري<br />

كان آلل رسول هللا وحش<br />

مات <br />

ودرعه مرهونة عند يهودي<br />

أنزل وفد نصارى جنران <strong>يف</strong> مسجده<br />

سألت رسول هللا عن أول مسجد وضع <strong>يف</strong> األرض<br />

بعث رسول هللا خيالً‏ قبل جند<br />

أن وفد ثق<strong>يف</strong> قدموا على رسول هللا <br />

دخل رجل على مجل فأانخه <strong>يف</strong> املسجد مث عقله<br />

إن اليهود أتوا النيب وهو جالس <strong>يف</strong> املسجد<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

أبو ذر<br />

أبو هريرة<br />

عثمان بن أيب<br />

العاص<br />

أنس بن مالك<br />

أبو هريرة<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة


188<br />

190<br />

190<br />

190<br />

191<br />

191<br />

200<br />

200<br />

200<br />

200<br />

203<br />

204<br />

204<br />

204<br />

204<br />

205<br />

205<br />

205<br />

205<br />

211<br />

215<br />

215<br />

215<br />

--<br />

دخول أبو سفيان ملسجد النيب وهو مشرك<br />

قل لكاتبك هذا يقرأ لنا كتاَبً‏<br />

كتب عمر أن مينع اليهود والنصارى من دخول املساجد<br />

أبو موسى<br />

األشعري<br />

--<br />

--<br />

بصر علي مبجوسي وهو على املنرب فنزل وضربه<br />

أعيان الكفار جنسة كالكالب<br />

ال جيلس قاض <strong>يف</strong> مسجد يدخل عليه اليهودي والنصراين فيه<br />

إن الشيطان يئس أن يعبده املصلون<br />

ابن عباس<br />

عمر بن عبد<br />

العزيز<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

قاتل هللا اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد<br />

ألخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب<br />

إن <strong>اإلسالم</strong> بدأ غريباً‏ وسيعود غريباً‏ كما بدأ<br />

أخرجوا املشركني من جزيرة العرب<br />

أسلموا تسلموا واعلموا أن األرض هلل ورسوله<br />

أقركم على ذلك ما شئنا<br />

أجلى رسول هللا بين النضري وأقر قريظة<br />

اخرجوا اليهود من احلجاز وأهل جنران<br />

ال يرتك جبزيرة العرب دينان<br />

أمر أن ال ندع <strong>يف</strong> املدينة ديناً‏ غري <strong>اإلسالم</strong><br />

أخرجوا اليهود من جزيرة العرب<br />

ال جيتمع دينان <strong>يف</strong> جزيرة العرب<br />

أجلى عمر بن اخلطاب يهود جنران وفدك<br />

ابن عباس<br />

أبو هريرة<br />

ابن عمر<br />

ابن عمر<br />

أبو عبيدة بن<br />

اجلراح<br />

عائشة<br />

أبو رافع<br />

أم سلمة<br />

ابن شهاب<br />

الزهري<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

ذمة املسلمني واحدة يسعى هبا أدانهم<br />

أال من قتل نفساً‏ معاهداً‏ له ذمة هللا وذمة رسوله<br />

املؤمنون تكافأ دماؤهم<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

من قتل معاهداً‏ مل يرح رائحة اجلنة<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

216<br />

232<br />

238<br />

238<br />

238<br />

239<br />

239<br />

249<br />

249<br />

249<br />

249<br />

250<br />

251<br />

--<br />

--<br />

إن هللا حيب أن تؤتى رخصه<br />

صليت مع النيب الظهر ‏َبملدينة أربعاً‏<br />

خرج علي فقصر<br />

أنس<br />

--<br />

كان ابن عمر يقصر الصالة حني خيرج<br />

ألست ترى البيوت؟<br />

أتيت أنس بن مالك <strong>يف</strong> رمضان وهو يريد سفراً‏<br />

فرضت الصالة ركعتني ركعتني<br />

فرض هللا الصالة على لسان نبيكم <strong>يف</strong> احلضر أربعاً‏<br />

صالة السفر ركعتان<br />

خرجت مع شرحبيل بن السمط إىل قرية<br />

خرج رجالن <strong>يف</strong> سفر فحضرت الصالة وليس معهما ماء<br />

اي أهل مكة أمتوا صالتكم<br />

انفع<br />

عبيد بن جبري<br />

حممد بن كعب<br />

عائشة<br />

ابن عباس<br />

عمر<br />

جبري بن نفري<br />

أبو سعيد اخلدري<br />

--


251<br />

252<br />

252<br />

252<br />

253<br />

253<br />

258<br />

265<br />

--<br />

كاان يقصران و<strong>يف</strong>طران <strong>يف</strong> أربعة برد<br />

ركب إىل رمي فقصر الصالة<br />

أقصر <strong>يف</strong> الصالة إىل عرفة؟<br />

اي أهل مكة ال تقصروا الصالة <strong>يف</strong> أقل من أربعة برد<br />

جعل رسول هللا ثالثة أايم ولياليهن للمسافر<br />

كان رسول هللا إذا خرج مسرية ثالثة أميال<br />

سألت أنس عن قصر الصالة<br />

أقام رسول هللا <strong>يف</strong> بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتني<br />

سامل بن عبد هللا<br />

عطاء<br />

ابن عباس<br />

شريح بن هان<br />

أنس بن مالك<br />

--<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

ابن عباس<br />

الراوي<br />

جابر بن عبد هللا<br />

مثامة بن شراحيل<br />

ابن عمر<br />

رقم الصفحة<br />

265<br />

266<br />

266<br />

266<br />

266<br />

267<br />

269<br />

269<br />

270<br />

271<br />

271<br />

272<br />

272<br />

272<br />

272<br />

303<br />

303<br />

303<br />

304<br />

305<br />

--<br />

--<br />

--<br />

ابن عباس<br />

ابن عباس وابن<br />

عمر<br />

سعيد بن املسيب<br />

--<br />

--<br />

--<br />

أقام رسول هللا بتبوك عشرين يوماً‏ يقصر الصالة<br />

خرجت إىل ابن عمر فقلت ما صالة املسافر؟<br />

ارتج علينا الثلج وحنن أبذربيجان<br />

إين أقيم ‏َبملدينة حوالً‏ ال أشد على سري<br />

إان نطيل القيام ‏َبلغزو خبراسان<br />

أقام أصحاب رسول هللا برامهرمز تسعة أشهر<br />

أقام النيب عام الفتح مخس عشرة يقصر الصالة<br />

إذا قدمت بلدة وأنت مسافر و<strong>يف</strong> نفسك أن تقيم مخسة عشر يوماً‏<br />

إذا أزمعت بقيام مخس عشرة ليلة فأم<br />

ميكث املهاجر بعد قضاء نسكه ثالاثً‏<br />

ضرب لليهود والنصارى واجملوس ‏َبملدينة إقامة ثالثة ليال<br />

الضيافة ثالثة أايم فما كان وراء ذلك فهو صدقة<br />

خرجنا مع النيب من املدينة إىل مكة فكان يصلي ركعتني ركعتني<br />

قدم مكة صبيحة رابعة من ذي احلجة<br />

أقام النيب تسعة عشر يقصر<br />

أعطيت مخساً‏ مل يعطهن أحد من األنبياء قبلي<br />

ما منعك اي فالن أن تصلي مع القوم<br />

إمنا كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا<br />

ويل لألعقاب من النار<br />

دعهما فإين أدخلتهما طاهرتني<br />

أنس بن مالك<br />

ابن عباس<br />

ابن عباس<br />

--<br />

عمران بن حصني<br />

عمار<br />

--<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

املغرية بن شعبة<br />

الراوي<br />

عمر<br />

جرير بن عبد هللا<br />

يعلى بن أمية<br />

رقم الصفحة<br />

305<br />

305<br />

306<br />

307<br />

307<br />

307<br />

307<br />

308<br />

308<br />

عمداً‏ صنعته اي عمر<br />

رأيت النيب صنع مثل هذا<br />

صدقة تصدق هللا هبا عليكم فاقبلوا صدقته<br />

صحبت رسول هللا <strong>يف</strong> السفر<br />

كان النيب إذا ارحتل قبل أن تزيغ الشمس<br />

مث أذن مث أقام فصلى الظهر مث أقام فصلى العصر<br />

كان إذا عجل عليه السري يؤخر الظهر إىل وقت العصر<br />

كان <strong>يف</strong> غزوة تبوك إذا ارحتل قبل زيغ الشمس<br />

استغيث على بعض أهله فجد به السري فأخر<br />

ابن عمر<br />

أنس بن مالك<br />

جابر<br />

--<br />

معاذ<br />

ابن عمر


309<br />

309<br />

310<br />

310<br />

311<br />

311<br />

311<br />

318<br />

318<br />

320<br />

322<br />

322<br />

322<br />

--<br />

كان إذا رجع من مكة يصلي على راحلته تطوعاً‏<br />

كان النيب يصلي <strong>يف</strong> السفر على راحلته<br />

كان يصلي على راحلته حنو املشرق<br />

إن شئت فصم وإن شئت فأفطر<br />

ابن عمر<br />

جابر بن عبد هللا<br />

--<br />

كنا نسافر مع النيب فلم يعب الصائم على املفطر<br />

يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن<br />

سافران مع رسول هللا إىل مكة وحنن صيام<br />

كل شرط ليس <strong>يف</strong> كتاب هللا فهو ‏َبطل<br />

من عمل عمالً‏ ليس عليه أمران فهو رد<br />

إذا قامت الساعة و<strong>يف</strong> يد أحدكم فسيلة<br />

أنس بن مالك<br />

أبو سعيد اخلدري<br />

أبو سعيد اخلدري<br />

بريرة<br />

عائشة<br />

--<br />

ال تنفق <strong>يف</strong> ‏َبطل<br />

لو أنفق اإلنسان كل ماله <strong>يف</strong> احلق ما كان تبذيراً‏<br />

إن هللا كره لكم ثالاثً‏<br />

ابن عباس<br />

جماهد<br />

--<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

كلوا واشربوا <strong>يف</strong> غري إسراف وال خميلة<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

324<br />

325<br />

332<br />

332<br />

332<br />

334<br />

338<br />

353<br />

353<br />

353<br />

353<br />

354<br />

355<br />

355<br />

356<br />

363<br />

363<br />

365<br />

367<br />

368<br />

370<br />

375<br />

376<br />

376<br />

376<br />

376<br />

--<br />

--<br />

إن هللا حرم عليكم إضاعة املال<br />

ليس <strong>يف</strong> العوامل صدقة<br />

ليس على املسلم <strong>يف</strong> عبده وال <strong>يف</strong> فرسه صدقة<br />

علي وجابر<br />

ومعاذ<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

<strong>يف</strong> الرقة ربع العشر<br />

أدوا زكاة أموالكم<br />

ال زكاة <strong>يف</strong> مال حىت حيول عليه احلول<br />

ما أنزل هللا داءً‏ إال أنزل له شفاء<br />

نعم اي عباد هللا تداووا<br />

احرص على ما ينفعك<br />

أمر النيب العرنيني ملا اجتووا <strong>يف</strong> املدينة ‏َبخلروج<br />

إهنا مباركة إهنا طعام طعم وشفاء سقم<br />

زار رجل أخاً‏ له <strong>يف</strong> قرية<br />

صلوا األرحام تدخلوا اجلنة بسالم<br />

من سلك طريقاً‏ يلتمس فيه علماً‏<br />

استأجر النيب وأبو بكر رجالً‏ ليدهلما على الطريق<br />

إمنا مثلكم ومثل أهل الكتاب<br />

إن هللا إذا حرم شيئاً‏ حرم مثنه<br />

من دعى إىل هدى<br />

لعن رسول هللا <strong>يف</strong> اخلمر عشرة<br />

أن علياً‏ أجر نفسه من يهودي يسقي له<br />

طلب العلم فريضة على كل مسلم<br />

أنس<br />

علي<br />

--<br />

امرأة غزت مع زوجها<br />

قد أذن أن ترجن <strong>يف</strong> حاجتكن<br />

حفصة<br />

--<br />

كنت أعلف فرسه<br />

أن امرأة كانت تَقُمُّ‏ املسجد<br />

أمساء<br />

--


طرف احلديث أو األثر<br />

لعن رسول هللا املتشبهات ‏َبلرجال<br />

الراوي<br />

ابن عباس<br />

رقم الصفحة<br />

377<br />

377<br />

377<br />

383<br />

383<br />

391<br />

406<br />

406<br />

407<br />

407<br />

408<br />

413<br />

413<br />

414<br />

415<br />

415<br />

416<br />

417<br />

418<br />

418<br />

431<br />

431<br />

432<br />

433<br />

435<br />

435<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته<br />

إن املرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان<br />

أان بريء من كل مسلم يقيم بني أظهر املشركني<br />

ال يقبل هللا من مشرك عمالً‏<br />

كان املشركون على منزلتني من النيب <br />

لتتبعن سنن من كان قبلكم<br />

ابن عباس<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

من تشبه بقوم فهو منهم<br />

خالفوا املشركني<br />

خالفوا اليهود<br />

ليس منا من تشبه بغريان<br />

من جامع املشرك وسكن معه فإنه مثله<br />

إن إقامتك مبكة خري<br />

وحيك إن اهلجرة شأهنا شديد<br />

قومك خري لك من قومي<br />

اي فديك أقم الصالة وآت الزكاة<br />

ال هجرة اليوم<br />

نزلت <strong>يف</strong> أانس من املسلمني<br />

ال هجرة بعد الفتح<br />

عائشة<br />

ابن عباس<br />

--<br />

--<br />

ال تنقطع اهلجرة ما قوتل الكفار<br />

كان متيم الداري وعدي بن بداء خيتلفان إىل مكة<br />

أن رجال من املسلمني حضرته الوفاة بدقوقاء<br />

ابن عباس<br />

--<br />

--<br />

ال جتوز شهادة ملة على ملة إال أميت<br />

إهنا آخر سورة أنزلت<br />

ال تستضيئوا بنار املشركني<br />

عائشة<br />

--<br />

ال أتمتنوهم بعد إذ خوهنم هللا<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

ال تدخلوا على املشركني <strong>يف</strong> كنائسهم<br />

عمر<br />

الراوي<br />

عمر<br />

رقم الصفحة<br />

441<br />

443<br />

444<br />

445<br />

448<br />

454<br />

457<br />

458<br />

460<br />

--<br />

هنى عن الصالة <strong>يف</strong> أرض ‏َببل<br />

إان ال ندخل كنائسكم<br />

أمره أن جيعل مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم<br />

عمر<br />

--<br />

--<br />

--<br />

أربعون يوماً،‏ يوم كسنة،‏ ويوم كشهر<br />

إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا<br />

ولترتكن القالص فال يسعى<br />

صلينا مع أنس قعوداً‏<br />

سُئل أبو بكر وعمر رضي هللا عنهما عن الصالة <strong>يف</strong> السفينة<br />

أبو هريرة<br />

ابن سريين<br />

سويد بن غفلة


460<br />

460<br />

462<br />

463<br />

463<br />

466<br />

470<br />

470<br />

470<br />

471<br />

472<br />

478<br />

485<br />

485<br />

486<br />

502<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

فإن مل تستطع فقاعداً‏<br />

أمره أن يصلي <strong>يف</strong> السفينة قائماً‏<br />

إذا أمرتكم أبمر فأتوا منه ماستطتعم<br />

كان يصلي النافلة على راحلته<br />

كان يستقبل القبلة عند إحرامه ‏َبلنافلة<br />

سنوا هبم سنة أهل الكتاب<br />

أنس<br />

--<br />

جابر بن عبد هللا<br />

عمر<br />

--<br />

ابن عمر<br />

عمر<br />

عمر<br />

--<br />

عائشة<br />

--<br />

--<br />

نتزوج نساء أهل الكتاب وال يتزوجون نساءان<br />

املسلم يتزوج النصرانية،‏ وال يتزوج النصراين املسلمة<br />

عن عمر وعثمان القول إبَبحة نساء أهل الكتاب<br />

حرم هللا املشركات على املؤمنني<br />

إن حَلَّ‏ طالقهن فقد حَلَّ‏ نكاحهن<br />

هي مجرة طلقها<br />

ال نكاح إال بويل<br />

أميا امرأة نكحت نفسها بغري إذن وليها<br />

تزويج النيب للواهبة نفسها له<br />

أكل النيب من الشاة املسمومة<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

الراوي<br />

عائشة<br />

رقم الصفحة<br />

506<br />

514<br />

514<br />

514<br />

514<br />

516<br />

517<br />

517<br />

518<br />

518<br />

519<br />

527<br />

528<br />

528<br />

529<br />

529<br />

530<br />

535<br />

537<br />

537<br />

546<br />

--<br />

--<br />

--<br />

عبد الرمحن بن<br />

عوف<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

مسوا عليه أنتم وكلوه<br />

عامل النيب اليهود <strong>يف</strong> خيرب ‏َبملساقاة واملزارعة و<strong>يف</strong> املدينة<br />

استقرض من يهودي ثالثني صاعاً‏<br />

اشرتى من يهودي سلعة إىل امليسرة<br />

كاتبت أمية بن خلف كتاَبً‏ أبن ح<strong>يف</strong>ظين <strong>يف</strong> صياغيت مبكة<br />

ال رَب بني املسلم واحلريب <strong>يف</strong> دار احلرب<br />

كل رَب اجلاهلية موضوع<br />

أميا دار قسمت <strong>يف</strong> اجلاهلية فهي على قسم اجلاهلية<br />

فمن زاد أو ازداد فقد أرىب<br />

لعن هللا آكل الرَب وموكله<br />

كل قسم قسم <strong>يف</strong> اجلاهلية فهو على ما قسم<br />

جاهدوا املشركني أبموالكم وأيديكم<br />

املسلم أخو املسلم ال يظلمه وال خيذله<br />

من مل يهتم أبمر املسلمني فليس منهم<br />

حاصر أهل الطائف<br />

وهللا ال أيتيكم من اليمامة حبة حنطة<br />

جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم<br />

املؤمن الذي خيالط الناس ويصرب على أذاهم<br />

من دل على خري فله مثل أجر فاعله<br />

ألن يهدي هللا بك رجالً‏ واحداً‏ خري لك من محر النعم<br />

بل أرجو أن خيرج هللا من أصالهبم من يعبد هللا وحده<br />

مثامة بن أاثل<br />

عبد الرمحن بن<br />

أيب بكر<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--


548<br />

549<br />

559<br />

560<br />

--<br />

ال تدخلوا على هؤالء املعذبني<br />

إين أخشى أن يصيبكم مثل ما أصاهبم<br />

كان النيب أييت مسجد قباء كل سبت<br />

من جاءين زائراً‏<br />

ابن عمر<br />

ابن عمر<br />

--<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

من زار قربي<br />

من حج ومل يزرين<br />

كنت هنيتكم عن زايرة القبور فزوروها<br />

ال تدخل املالئكة بيتاً‏ فيه متاثيل<br />

إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه<br />

ال تتخذوا شيئاً‏ فيه الروح غرضاً‏<br />

لعن هللا من اتذ شيئاً‏ فيه الروح غرضاً‏<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

560<br />

560<br />

561<br />

576<br />

579<br />

580<br />

580<br />

583<br />

586<br />

592<br />

593<br />

593<br />

594<br />

594<br />

595<br />

595<br />

595<br />

596<br />

596<br />

597<br />

597<br />

597<br />

597<br />

598<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

من كان يؤمن ‏َبهلل واليوم اآلخر فال جيلس على مائدة يدار اخلمر<br />

ابن عمر<br />

--<br />

--<br />

جابر بن عبد هللا<br />

سعد بن أيب<br />

وقاص<br />

أبو هريرة<br />

أبو هريرة<br />

أبو هريرة<br />

--<br />

أم سلمة<br />

--<br />

--<br />

--<br />

أبو هريرة<br />

كعب بن مالك<br />

--<br />

سبحان الذي سخر لنا هذا<br />

إذا هم أحدكم ‏َبألمر فلريكع ركعتني<br />

من سعادة املرء استخارته ربه<br />

أستودعك هللا<br />

أستودع هللا دينك وأمانتك<br />

عليك بتقوى هللا تعاىل<br />

سبحانك إين ظلمت نفسي<br />

اللهم إين أعوذ بك أن أضل أو أضل<br />

لو يعلم الناس ما <strong>يف</strong> الوحدة<br />

ندب الناس يوم اخلندق فانتدب الزبري<br />

الراكب شيطان،‏ والراكبان شيطاانن<br />

إذا خرج ثالثة فليؤمروا أحدهم<br />

لقلما كان رسول هللا خيرج<br />

اللهم ‏َبرك ألميت <strong>يف</strong> بكورها<br />

كان رسول هللا يتخلف <strong>يف</strong> املسري<br />

كل معروف صدقة<br />

جابر<br />

--<br />

طرف احلديث أو األثر<br />

وهللا <strong>يف</strong> عون العبد<br />

كل سُالمى عليه صدقة<br />

أقلوا اخلروج إذا هدأت الرجل<br />

عليكم ‏َبلدجلة<br />

ال ترسلوا فواشيكم وصبيانكم<br />

إذا عرَّستم فاجتنبوا الطريق<br />

إن تفرقكم <strong>يف</strong> هذه الشعاب<br />

ال تصحب املالئكة رفقة فيها كلب وال جرس<br />

من نزل منزالً‏ مث قال<br />

الراوي<br />

رقم الصفحة<br />

598<br />

598<br />

598<br />

598<br />

599<br />

600<br />

600<br />

600<br />

601<br />

--<br />

--<br />

جابر<br />

--<br />

--<br />

--<br />

أبو ثعلبة اخلشين<br />

أبو هريرة<br />

خولة


601<br />

601<br />

601<br />

602<br />

605<br />

605<br />

606<br />

606<br />

606<br />

624<br />

625<br />

631<br />

671<br />

671<br />

682<br />

683<br />

--<br />

اللهم رب السموات السبع وما أظللن<br />

كان النيب وجيوشه إذا علوا الثنااي<br />

ثالث دعوات مستجاَبت<br />

أيها الناس عليكم ‏َبلسكينة<br />

هنى أن يطرق الرجل أهله ليالً‏<br />

كان ال يقدم من سفر إال هناراً‏<br />

إذا قدم من سفر ت ‏ُلُقِّيَ‏ بصبيان<br />

ابن عمر<br />

--<br />

--<br />

جابر<br />

كعب بن مالك<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

--<br />

كان <br />

تقبيله املسافر ومعانقته<br />

ملا قدم املدينة حنر جزوراً‏<br />

مثل القائم على حدود هللا والواقع فيها<br />

من رآى منكم منكراً‏ فليغريه<br />

الدين النصيحة<br />

إمنا الطاعة <strong>يف</strong> املعروف<br />

على املرء السمع والطاعة<br />

ال خيلون رجل ‏َبمرأة إال كان الشيطان اثلثهما<br />

ال ينظر الرجل إىل عورة الرجل<br />

ثالثاً:‏<br />

فهرس األعالم


حسب الرتتيب اهلجائي


اسم العلم<br />

إسحاق بن راهويه<br />

أبو أمامة<br />

األوزاعي<br />

الباجي<br />

أبو بصرة الغفاري<br />

ابن بطال<br />

البغوي<br />

البهويت<br />

البيضاوي<br />

البيهقي<br />

متيم الداري<br />

مثامة بن أاثل<br />

أبو ثور<br />

جابر بن مسرة<br />

جبري بن نفري<br />

ابن جرير<br />

اجلصاص<br />

ابن حجر العسقالين<br />

ابن حجر اهليتمي<br />

احلسن البصري<br />

حنظلة<br />

ابن خلدون<br />

ابن الدغنة<br />

أبو رافع<br />

الرملي<br />

الزهري<br />

سفيان بن عيينة<br />

سفيان الثوري<br />

رقم الصفحة<br />

236<br />

30<br />

158<br />

153<br />

239<br />

24<br />

147<br />

148<br />

333<br />

150<br />

431<br />

173<br />

466<br />

92<br />

249<br />

21<br />

35<br />

24<br />

108<br />

141<br />

90<br />

103<br />

44<br />

205<br />

199<br />

205<br />

23<br />

87<br />

اسم العلم<br />

ابن سريين<br />

رقم الصفحة<br />

159


249<br />

253<br />

108<br />

22<br />

149<br />

25<br />

44<br />

239<br />

187<br />

31<br />

431<br />

155<br />

26<br />

53<br />

22<br />

26<br />

331<br />

42<br />

40<br />

415<br />

50<br />

120<br />

22<br />

23<br />

106<br />

107<br />

35<br />

104<br />

شر حبيل بن السمط<br />

شريح بن هان<br />

ابن الصالح<br />

الضحاك<br />

ابن عابدين<br />

ابن عبد الرب<br />

عبد الرمحن بن زيد بن أسلم<br />

عبيد بن جرب<br />

عثمان بن أيب العاص<br />

عثمان بن مظعون<br />

عدي بن بداء<br />

عدي بن حام<br />

ابن العريب<br />

العز بن عبد السالم<br />

عطاء<br />

ابن عطية<br />

ابن عقيل<br />

عكرمة<br />

الغزايل<br />

فديك<br />

القامسي<br />

القاضي أبو بكر الباقالين<br />

قتادة<br />

ابن قتيبة<br />

ابن قدامة<br />

القرا<strong>يف</strong><br />

ابن كثري<br />

املاوردي<br />

اسم العلم<br />

جماهد<br />

حممد رشيد رضا<br />

نعيم النحام<br />

النووي<br />

رقم الصفحة<br />

22<br />

356<br />

415<br />

37


109<br />

255<br />

140<br />

الواحدي<br />

يعلى بن أمية<br />

أبو يوسف


رابعاً:‏<br />

قائمة املصادر واملراجع<br />

حسب الرتتيب اهلجائي


أوالً:‏ الكتب


( أ )<br />

أحباث فقهية <strong>يف</strong> قضااي الزكاة املعاصرة.‏ حملمد األشقر،‏ وابنه عمر،‏ وحممد شبري،‏ وحممد نعيم ايسني.‏ ط‎1‎‏.)‏ دار إحياء الرتاث العريب<br />

–<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

أحباث هيئة كبار العلماء <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.‏ ط‎1‎‏.‏ ( الرائسة العامة إلدارات البحوث العلمية<br />

بريوت<br />

– الرايض – -1409 ‎1422‎ه .)<br />

اآلاثر واملش اهد وأث ر تعظيمه ا عل ى األم ة اإلس المية.‏ د/‏ عب د العزي ز اجلف ري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار اهل دى النب وي ودار الفض يلة<br />

– مص ر ال رايض –<br />

‎1424‎ه (.<br />

أثر <strong>السياحة</strong> على اقتصادايت اململكة العربية السعودية.‏ انصر الطيار.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( مكتبة العبيكان –<br />

الرايض<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

اإلجابة الصادرة <strong>يف</strong> صحة الصالة <strong>يف</strong> الطائرة.‏ حملمد األمني الشنقيطي.‏ تعليق د/‏ عبد هللا الطيار.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املتعلم<br />

اإلجازات فوائد حماذير عرب.‏ ألمحد سامل دويالن.‏<br />

( دار طويق<br />

– الزلفي – ‎1424‎ه .)<br />

– الرايض – ‎1422‎ه .)<br />

اإلجازة بني احلفظ والضياع.‏ سعد احلجري.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( دار بلنسية –<br />

اإلمجاع.‏ البن املنذر.‏ حتقيق فوائد عبد املنعم.‏ ط‎3‎‏.‏ ( وزارة األوقاف<br />

الرايض<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

قطر –<br />

– ‎1411‎ه .)<br />

االحتساب على خمالفات السفر.‏ د/‏ خالد القريشي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار احلضارة – الرايض<br />

إحكام األحكام شرح عمدة األحكام.‏ البن دقيق العيد.‏ حتقيق:‏ أمحد شاكر.‏ ط‎2‎‏.‏<br />

‏–‏‎1424‎ه (.<br />

( دار اجليل –<br />

أحكام األحوال الشخصية للمسلمني <strong>يف</strong> الغرب.‏ سامل عبد الغين الرافعي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

بريوت<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

–<br />

أحكام األطعمة والذابئح <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ د/‏ أبو سريع حممد عبد اهلادي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار اجليل<br />

أحكام األغنياء.‏ عبد هللا إبراهيم.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار النفائس<br />

الرايض<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1407‎ه .)<br />

األردن –<br />

أحكام أهل الذمة.‏ البن القيم.‏ حتقيق.‏ يوسف البكري والعروري.ط‎1‎‏.‏<br />

أحكام الزكاة.‏ لعبد هللا اجلار هللا.‏ ( دار عامل الكتب –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

( رمادي للنشر – الدمام – ‎1418‎ه (.<br />

الرايض – ‎1423‎ه (.<br />

أحكام الزواج <strong>يف</strong> ضوء الكتاب والسنة.‏ عمر األشقر.‏ ط‎3‎‏.‏ ( دار النفائس<br />

األردن –<br />

– ‎1424‎ه .)<br />

األحكام السلطانية.‏ أليب يعلى الف ر اء احلنبلي.‏ تعليق حممد حامد الفقي.‏ ( دار الكتب العلمية – بريوت – ‎1403‎ه (.<br />

األحكام السلطانية والوالايت الدينية،‏ للماوردي.‏ أبو احلسن علي حممد بن حبيب.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />

أ حكام <strong>السياحة</strong> وآاثرها.‏ هاشم انقور.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار ابن اجلوزي<br />

– ‎1405‎ه .)<br />

الدمام –<br />

– ‎1424‎ه(.‏<br />

األحكام السياحية لألقليات املسلمة <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ سليمان توبولياك.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار النفائس<br />

–<br />

األحكام الشرعية للمالهي والقضااي الرتفيهية،‏ للمزروعي.‏ إبراهيم بن عبد هللا.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مؤسسة الراين<br />

بريوت<br />

األردن<br />

– ‎1418‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

األحكام الشرعية ومنافاهتا للقوانني الوضعية.‏ عبد هللا آل حممود.‏ ( مطابع قطر الوطنية – الدوحة (.<br />

إحكام الفصول <strong>يف</strong> أحكام األصول.‏ للباجي،‏ أبو الوليد سليمان بن خلف.‏ حتقيق:‏ عبد اجمليد تركي.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

–<br />

– ‎1407‎و ‎1415‎ه (.<br />

اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام.‏ البن حزم األندلسي.‏ حققه جلنة من العلماء.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار اجليل<br />

اإلحكام <strong>يف</strong> أصول األحكام.‏ لآلمدي،‏ علي بن حممد.‏ تعليق عبد الرزاق عف<strong>يف</strong>ي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

بريوت –<br />

– ‎1407‎ه .)<br />

( دار الصميعي –<br />

أحكام القرآن.‏ البن العريب،‏ أبو بكر حممد بن عبد هللا.‏ حتقيق:‏ علي البجاوي.‏ ( دار املعرفة بريوت (.<br />

أحكام القرآن.‏ للجصاص،‏ أبو بكر أمحد بن علي الرازي.‏ ( دار الكتب العريب – بريوت(.‏<br />

أحكام القرآن.‏ للشافعي.‏ تعليق عبد الغين عبد اخلالق.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

الرايض<br />

– ‎1424‎ه .)<br />

– ‎1412‎ه .)<br />

أحكام القرآن ( اجلامع (. للقرطي،‏ أبو عبد هللا حممد بن أمحد األنصاري.‏ ( دار الكتاب العريب<br />

أحكام املال احلرام.‏ عباس الباز.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار النفائس – األردن<br />

أحكام املرأة <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ أمحد الكردي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مطبعة الصباح<br />

القاهرة –<br />

– ‎1387‎ه .)<br />

– ‎1420‎ه .)<br />

– ‎1984‎م .)<br />

أحك ام املس اجد <strong>يف</strong> الش ريعة اإلس المية.‏ إب راهيم اخلض ريي.‏ ( وزارة الش ؤون اإلس المية مرك ز البح وث والدراس ات اإلس المية – ال رايض<br />

–<br />

‎1419‎ه (.<br />

إحياء علوم الدين للغزايل،‏ وبذيله كتاب املغين عن محل األسفار <strong>يف</strong> األسفار <strong>يف</strong> ختريج ما <strong>يف</strong> اإلحياء من األخبار.‏ للحافظ العراقي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

حتقيق:‏<br />

هيئة التحقيق بدار اهلادي.‏ ‏)بريوت – ‎1412‎ه ‏(.وإحياء علوم الدين.‏ للغزايل.‏ ( دار املعرفة<br />

بريوت –<br />

– ‎1402‎ه .)<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

-7<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

-20<br />

-21<br />

-22<br />

-23<br />

-24<br />

-25<br />

-26<br />

-27<br />

-28<br />

-29<br />

-30<br />

-31<br />

-32<br />

-33


االختصاص القضائي.‏ انصر الغامدي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد<br />

– الرايض – ‎1420‎ه .)<br />

اختالف الدارين وآاثره <strong>يف</strong> أحكام الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ د/‏ عبد العزيز األمحدي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />

املدينة املنورة<br />

االختيار لتعليل املختار.‏ عبد هللا بن حممود املوصلي احلنفي.‏ وعليه تعليقات أبو دقيقة.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مطبعة مصطفى احلليب وأوالده<br />

– ‎1424‎ه .)<br />

– مصر –<br />

–<br />

‎1370‎ه (.<br />

آداب السفر وأحكامه.‏ العالوي،‏ أبو عبد الرمحن.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( مكتبة السنة –<br />

القاهرة<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

اآلداب الشرعية.‏ البن مفلح،‏ أبو عبد هللا حممد بن مفلح املقدسي.‏ ( رائسة إدارات البحوث العلمية واإلفتاء<br />

آداب املسافرين.‏ د/‏ عبد احلميد السحيباين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

– الرايض .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

أدب القاضي،‏ للماوردي،‏ أبو احلسن علي بن حممد الشافعي.‏ حتقيق حميي السرحان.‏<br />

( مطبعة اإلرشاد –<br />

بغداد<br />

– ‎1391‎ه .)<br />

أدب القضاء.‏ البن أيب الدم،‏ شهاب الدين إبراهيم بن عبد هللا.‏ حتقيق.‏ حممد عطا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

األدب املفرد،‏ للبخاري.‏ ختريج وتعليق األلباين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الصديق<br />

و األدب املفرد.‏ للبخاري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الكتب الثقافية<br />

– بريوت – ‎1407‎ه .)<br />

اجلبيل –<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1406‎ه .)<br />

أربعٌ‏ وأربعون سنة وأدابً‏ من سنن السفر و<strong>السياحة</strong> وآداهبما.‏ د/‏ محدان احلمدان.‏ ( دار الوطن<br />

إرواء الغليل <strong>يف</strong> ختريج أحاديث منار السبيل.‏ حملمد انصر الدين األلباين.‏ ط‎2‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– الرايض .)<br />

بريوت –<br />

االستثمار،‏ أحكامه وضوابطه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ قطب مصطفى سانو.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار النفائس – األردن<br />

االستذكار.‏ البن عبد الرب القرطي.‏ حتقيق:‏ سامل عطا و حممد معوض.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية بريوت<br />

االستقامة.‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية.‏ حتقيق:‏ حممد رشاد سامل.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مؤسسة قرطبة<br />

االستيعاب.‏ البن عبد الرب القرطي.‏ تعليق.‏ علي البجاوي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار اجليل<br />

– ‎1405‎ه .)<br />

– ‎1420‎ه .)<br />

– ‎2000‎م .)<br />

–<br />

– األندلس .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1412‎ه .)<br />

أسد الغابة <strong>يف</strong> معرفة الصحابة،‏ البن األث ري،‏ عل ي ب ن حمم د اجل زري.‏ تص حيح ع ادل الرف اعي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار إحي اء ال رتاث الع ريب<br />

–<br />

‎1417‎ه (.<br />

أسىن املطالب شرح روض الطالب.‏ لألنصاري،‏ زكراي.‏ ( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />

األشباه والنظائر.‏ للسيوطي،‏ جالل الدين عبد الرمحن.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

بريوت –<br />

– ‎1399‎ه .)<br />

اإلصابة <strong>يف</strong> متييز الصحابة.‏ البن حجر العسقالين،‏ أمحد بن علي بن حممد املصري الشافعي.‏ ( دار الكتب العلمية –<br />

أصول الصناعة السياحية،‏ محيد الطائي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الوراق<br />

بريوت (.<br />

األردن –<br />

– ‎2001‎م(.‏<br />

أضواء البيان <strong>يف</strong> إيضاح القرآن ابلقرآن.‏ للشنقيطي،‏ حممد األمني بن حممد املختار.‏<br />

األطعمة وأحكام الصيد والذابئح.‏ صاحل الفوزان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة املعارف<br />

األعالم.‏ للزركلي،‏ خري الدين.‏ ط‎7‎‏.‏ ( دار العلم للماليني<br />

( عامل الكتب – بريوت (.<br />

– ‎1408‎ه .)<br />

–<br />

–<br />

اإلعالم السياحي.‏ حممد منري حجاب.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار الفجر<br />

بريوت<br />

الرايض<br />

.) 1986 –<br />

القاهرة –<br />

إعالم املوقعني عن رب العاملني.‏ البن القيم.‏ حتقيق:‏ طه عبد الرؤوف.‏ ( دار اجليل<br />

اإلعالن املشروع واملمنوع <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ مساعد الفاحل.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

اإلفصاح عن معاين الصحاح.‏ البن هبرية،‏ أبو املظفر حيىي بن حممد.‏<br />

اقتصادايت <strong>السياحة</strong>،‏ د/‏ نبيل الرويب.‏ ( مؤسسة الثقافة اجلامعية –<br />

– ‎2002‎و .) 2003<br />

بريوت –<br />

– ‎1973‎م .)<br />

( دار العاصمة –<br />

الرايض<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

( املؤسسة السعيدية – الرايض (.<br />

االسكندرية (.<br />

ب ريوت<br />

إقتضاء الصراط املستقيم ملخالفة أصحاب اجلحيم.‏ البن تيمية،‏ أمحد بن عبد احلليم بن عبد السالم.‏ حتقيق ودراسة.‏ د/‏ انصر العقل.‏ ط‎7‎‏.‏<br />

( دار عامل الكتب<br />

الرايض –<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

األقليات املسلمة.‏ أسئلة أجاب عنها ابن ابز وابن عثيمني.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

الرايض –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

اإلقناع لطالب علم االنتفاع.‏ للحجاوي.‏ شرف الدين موسى بن أمحد املقدسي.‏ حتقيق:‏ عبد هللا<br />

واألوقاف –<br />

اململكة العربية السعودية – ‎1419‎ه (.<br />

إكمال املعلم شرح صحيح مسلم،‏ لأليب املالكي الوشتاين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مطبعة السعادة<br />

األم.‏ للشافعي.‏ ط‎2‎‏.‏<br />

– مصر – ‎1328‎ه .)<br />

( دار املعرفة –<br />

بريوت<br />

– ‎1393‎ه .)<br />

الرتكي.‏ ط‎2‎‏.)‏ وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

-34<br />

-35<br />

-36<br />

-37<br />

-38<br />

-39<br />

-40<br />

-41<br />

-42<br />

-43<br />

-44<br />

-45<br />

-46<br />

-47<br />

-48<br />

-49<br />

-50<br />

-51<br />

-52<br />

-53<br />

-54<br />

-55<br />

-56<br />

-57<br />

-58<br />

-59<br />

-60<br />

-61<br />

-62<br />

-63<br />

-64<br />

-65<br />

-66<br />

-67


األمن الس ياحي،‏ عل ي اجلح ين،‏ وذايب البداني ة،‏ وعب د الع اطي الص ياد،‏ وحمم د عب د احلمي د.‏ ط‎1‎‏.‏ ( جامع ة اني ف العربي ة للعل وم األمني ة<br />

–<br />

‎1425‎ه (.<br />

األنظمة واللوائح،‏ ط‎2‎‏.‏ ( وزارة العدل<br />

– ‎1420‎ه .)<br />

أنيس املسافر.‏ الندوي،‏ أبو عمر عبد العزيز السعيد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار األرقم<br />

أين وك<strong>يف</strong> تقضي اإلجازة.‏ رايض احلقيل.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

أيها املصطاف،‏ عائض القرين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

القصيم –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

( دار الصميعي –<br />

الرايض<br />

– ‎1413‎ه .)<br />

– الرايض – ‎1424‎ه .)<br />

-68<br />

-69<br />

-70<br />

-71<br />

-72<br />

( ب )<br />

الباعث احلثيث شرح اختصار علوم احلديث البن كثري.‏ أمحد شاكر.‏ ط‎3‎‏.‏ ( دار الرتاث<br />

القاهرة –<br />

– ‎1399‎ه .)<br />

البحر الرائق شرح كنز الدقائق.‏ البن جنيم،‏ زين الدين إبراهيم.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />

البحر احمليط.‏ للزركشي،‏ بدر الدين حممد الشافعي.‏ حترير عمر األشقر،‏ ومراجعة عبد الستار أبو غدة،‏ وحممد األشقر.‏<br />

ط‎1‎‏.‏ ( دار الصفوة<br />

– القاهرة – ‎1409‎ه .)<br />

حبوث فقهية <strong>يف</strong> قضااي عصرية.‏ صاحل الفوزان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار العاصمة<br />

حبوث <strong>يف</strong> الزكاة.‏ رفيق املصري.ط‎1‎‏.‏ ( دار املكتيب<br />

حبوث <strong>يف</strong> قضااي فقهية معاصرة.‏ حممد تقي العثماين.ط‎1‎‏.‏<br />

الرايض –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

– سوراي – ‎1420‎ه .)<br />

( دار القلم –<br />

دمشق<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

بدائع التفسري اجلامع لتفسري ابن القيم اجلوزية.‏ مجع وتوثيق وتريج:‏ يسرى السيد حممد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار ابن اجلوزي – الدمام<br />

ب دائع الص نائع <strong>يف</strong> ترتي ب الش رائع.‏ للكاس اين،‏ ع الء ال دين أب و بك ر ب ن مس عود.‏ حتقي ق:‏<br />

حمم د حل يب.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املعرف ة<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

– ب ريوت –<br />

-73<br />

-74<br />

-75<br />

.1<br />

-76<br />

-77<br />

-78<br />

-79<br />

-80<br />

‎1420‎ه (.<br />

بدائع الفوائد.‏ البن القيم اجلوزية.‏ تريج أمحد عبد السالم.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />

بداي ة اجملته د وهناي ة املقتص د.‏ الب ن رش د،‏ حمم د ب ن أمح د ب ن حمم د.‏ حتقي ق:‏<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

عب د اجملي د طعم ة حل يب.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار املعرف ة<br />

– ب ريوت –<br />

-81<br />

-82<br />

‎1420‎ه (.<br />

البداية والنهاية.‏ البن كثري،‏ عماد الدين إمساعيل بن عمر.‏ حتقيق:‏ حممد النجار.‏<br />

( مكتبة الفالح – الرايض (.<br />

بذل اجملهود،‏ <strong>يف</strong> حل أيب داود.‏ للسها رنفوري مع تعليق الكاندهلوي.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

بغية التمام <strong>يف</strong> حتقيق ودراسة مسعفة احلكام للتمراتشي.‏ صاحل الزيد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املعارف<br />

هبجة اجملالس،‏ البن عبد الرب القرطي.‏ ( دار الكتب العلمية –<br />

– بريوت .)<br />

– الرايض – ‎1416‎ه .)<br />

بريوت (.<br />

البيان والتحصيل.‏ البن رشد القرطي.‏ حتقيق:‏ حممد حجي.‏ ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي – بريوت<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

-83<br />

-84<br />

-85<br />

-86<br />

-87<br />

( ت(‏<br />

اتج العروس،‏ للزبيدي حممد مرتضى.‏ دار ليبيا للنشر بنغازي.‏ ( مطابع دار صادر<br />

– بريوت – ‎1386‎ه .)<br />

التاج واإلكليل شرح خمتصر خليل.‏ للمواق،‏ أبو عبد هللا حممد بن يوسف.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

اتري خ قض اة األن دلس ( املرقب ة العلي ا ف يمن يس تحق القض اء والفتي ا (. للنب اهي،‏ أب و احلس ن ب ن عب د هللا األندلس ي.‏ ( املكت ب التج اري<br />

للطباعة<br />

– بريوت .)<br />

الرايض –<br />

تبصرة احلكام <strong>يف</strong> أصول األقضية ومنهج األحكام.‏ البن فرحون،‏ أبو الوفاء إبراهيم املالكي.‏ تريج وتعليق مجال مرعشلي.‏ ( دار ع امل الكت ب<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

تبيني احلقائق شرح كنز الدقائق.‏ للزيلعي،‏ عثمان بن علي.‏ ط‎2‎‏.)‏ دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي (.<br />

حتذير أهل اإلميان عن احلكم بغري ما أنزل الرمحن.‏ إمساعيل اخلطيب احلسين السلفي.‏ ط‎4‎‏.‏<br />

( اجلامعة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />

املدينة املنورة<br />

– ‎1408‎ه<br />

.)<br />

-88<br />

-89<br />

-90<br />

-91<br />

-92<br />

-93


حتري ر األحك ام <strong>يف</strong> ت دبري أه ل اإلس الم.‏ الب ن مجاع ة.‏ حتقي ق:‏<br />

‎1411‎ه (.<br />

حتفة األحوذي بشرح جامع الرتمذي.‏ للمباركفوري،‏ حممد بن عبد الرمحن.‏ ط‎3‎‏.‏ ( دار الفكر<br />

–<br />

ف ؤاد عب د امل نعم.‏ ط‎2‎‏.‏ ( رائس ة احمل اكم الش رعية والش ؤون الديني ة – قط ر<br />

بريوت<br />

حتفة احملتاج بشرح املنهاج.‏ البن حجر اهليتمي،‏ أمحد بن حممد بن علي.‏ ( دار إحياء الرتاث العريب (.<br />

حتكيم القوانني.‏ حممد بن إبراهيم<br />

آل الشيخ.‏ ط‎3‎‏.)‏ دار الوطن<br />

– ‎1399‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1411‎ه .)<br />

ختريج الفروع على األصول.‏ للزجناين،‏ شهاب الدين حممود بن أمحد.‏ ط‎2‎‏.‏ حتقيق:‏ حممد أديب الصاحل.‏ ( الشركة املتحدة للتوزيع<br />

–<br />

– ‎1398‎ه .)<br />

تذكري البشر خبطر السفر إىل بالد الكفر.‏ عبد هللا اجلار هللا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الطيببة<br />

– الرايض – ‎1410‎ه .)<br />

الرتغيب والرتهيب.‏ للمنذري،‏ عبد العظيم بن عبد القوي.‏ حتقيق إبراهيم ‏َشس الدين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية –<br />

التزوج ابلكتابيات وعموم ضرره على البنني والبنات.‏ عبد هللا احملمود.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مطابع قطر الوطنية<br />

بريوت<br />

بريوت – ‎1417‎ه (.<br />

الدوحة –<br />

تسويق اخلدمات السياحية،‏ سراب إلياس وحسن الرفاعي وحممود الدمياسي وحسني عطري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املسرية –<br />

التشبه املنهي عنه <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ مجيل اللوحيق.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار األندلس اخلضراء<br />

.) 1395 –<br />

مصر – ‎1422‎ه (.<br />

– جدة – ‎1419‎ه .)<br />

التعر<strong>يف</strong>ات.‏ للجرجاين،‏ أبو احلسن عل ي ب ن حمم د احلس يين.‏ وض ع حواش يه حمم د ‏َبس ل عي ون الس ود.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب العلمي ة<br />

– ب ريوت –<br />

–<br />

‎1421‎ه (.<br />

التعليق ات الس لفية عل ى س نن النس ائي.‏ أليب الطي ب الفوجي اين.‏ تعلي ق أمح د ش اغف وأمح د الس لفي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( املكتب ة الس لفية<br />

–<br />

‎1421‎ه (.<br />

تفسري ابن أيب حامت.‏ لعبد الرمحن بن حممد الرازي ابن أيب ح امت.‏ حتقي ق:‏ أس عد الطي ب.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتب ة ن زار الب از<br />

مك ة املكرم ة –<br />

‏َبكس تان<br />

– ‎1417‎ه<br />

.)<br />

تفسري ابن كثري ( تفسري القرآن العظيم (. البن كثري،‏ أبو الفداء إمساعيل بن كثري الدمشقي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار عامل الكتب<br />

الرايض –<br />

– ‎1416‎ه<br />

.)<br />

تفسري البغوي ( معامل التنزيل (. للبغوي،‏ احلسني بن مسعود.‏ حتقيق حممد النمر.‏ ( دار طيبة<br />

تفسري الطربي.‏ البن جرير الطربي.‏ ( دار الفكر<br />

– الرايض – ‎1409‎ه .)<br />

بريوت –<br />

تفسري القرآن،‏ للعز بن عبد السالم.ط‎1‎‏.‏ ( دار ابن حزم<br />

– ‎1405‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

التفسري الكبري ( مفاتيح الغيب (. لفخر الدين الرازي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

تفسري املنار.‏ حممد رشيد رضا.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الفكر –<br />

– بريوت – ‎1411‎ه .)<br />

( مكتبة احللبوين (.<br />

بريوت (.<br />

التقريب <strong>يف</strong> فن أصول احلديث.‏ للنووي،‏ حميي الدين أبو زكراي الشافعي.‏<br />

تقريب التهذيب.‏ البن حجر العسقالين،‏ أمحد بن علي.‏ حتقيق:‏ عبد الوهاب عبد اللط<strong>يف</strong>.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار املعرفة<br />

التقرير والتحبري <strong>يف</strong> شرح التحرير.‏ البن أمري حاج،‏ حممد بن حممد بن حممد.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية – ‎1403‎ه (.<br />

تلخيص احلبري.‏ البن حجر العسقالين.‏ حتقيق:‏ عبد هللا اليماين املدين.‏ ( املدينة املنورة<br />

جدة<br />

التمهيد <strong>يف</strong> أص ول الفق ه.‏ أليب اخلط اب،‏ حمف وظ ب ن أمح د ب ن احلس ن الكل وذاين.‏ حتقي ق:‏<br />

– بريوت – ‎1495‎ه .)<br />

– ‎1384‎ه .)<br />

حمم د ب ن عل ي ب ن إب راهيم.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار امل دين<br />

–<br />

–<br />

– ‎1406‎ه .)<br />

تنقيح حتقيق أحاديث التعليق.‏ البن عبد اهلادي احلنبلي.‏ حتقيق:‏ أمين شعبان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

التنمية السياحية <strong>يف</strong> مصر والعامل العريب.‏ د/‏ فؤاد البكري.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

هتذيب التهذيب.‏ البن حجر العسقالين،‏ أمحد بن علي.‏<br />

– بريوت – ‎1998‎م .)<br />

( عامل الكتب – القاهرة – ‎1424‎ه (.<br />

( دار الكتاب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

توشيح األسفار <strong>يف</strong> مديح األسفار.‏ للمرادي أيب الفضل حممد خليل.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الشر<strong>يف</strong><br />

تيس ري الك رمي ال رمحن <strong>يف</strong> تفس ري ك الم املن ان.‏ لعب د ال رمحن الس عدي.‏ حتقي ق:‏<br />

– القاهرة .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

عب د ال رمحن اللوحي ق.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسس ة الرس الة<br />

–<br />

‎1423‎ه (.<br />

ب ريوت<br />

-94<br />

-95<br />

-96<br />

-97<br />

-98<br />

-99<br />

-100<br />

-101<br />

-102<br />

-103<br />

-104<br />

-105<br />

-106<br />

-107<br />

-108<br />

-109<br />

-110<br />

-111<br />

-112<br />

-113<br />

-114<br />

-115<br />

-116<br />

-117<br />

-118<br />

-119<br />

-120<br />

-121<br />

-122


( ث )<br />

-123<br />

الثقات.‏ البن حبان،‏ حممد بن حبان بن أمحد البسيت.‏<br />

ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية – بريوت<br />

– ‎1393‎ه .)<br />

( ج )<br />

جامع العوم واحلكم.‏ البن رجب.‏ حتقيق:‏ شعيب األرانؤوط وإبراهيم ‏َبجس.‏ ط‎7‎‏.‏<br />

( مؤسسة الرسالة – بريوت – ‎1417‎ه (.<br />

اجلامع الفريد حيتوي على كتب ورسائل أئمة الدعوة <strong>اإلسالم</strong>ية:‏ التوحيد،‏ حملمد بن عب د الوه اب.‏ وال زايرة،‏ لش يخ اإلس الم اب ن تيمي ة.‏ وم ا<br />

هك ذا تعظ يم اآلاثر،‏ الب ن ابز.‏ وتطه ري االعتق اد،‏ للص نعاين.‏ وش رح الص دور،‏ للش وكاين.‏ وال رد عل ى ش بهات املس تغيثني بغ ري هللا،‏ الب ن<br />

عيسى.‏ ط‎5‎‏.‏ ( طبع بتمويل من شركة اجلميح<br />

جزيرة <strong>اإلسالم</strong>.‏ سلمان العودة.‏ ( دار الوطن<br />

الرايض –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

– الرايض .)<br />

جزيرة العرب والكفار وحرمة رعاية اآلاثر ملحق شرعي مبذكرة <strong>السياحة</strong> حتت اجملهر.‏<br />

جواهر اإلكليل شرح العالمة خليل.‏ لآليب األزهري،‏ صاحل عبد السميع.‏ ( دار الفكر<br />

( مصور .)<br />

– بريوت .)<br />

-124<br />

-125<br />

-126<br />

-127<br />

-128<br />

( ح )<br />

حاشية ابن عابدين ( رد احملتار على الدر املختار (. البن عابدين،‏ حممد أمني بن عم ر عاب دين.‏ حتقي ق:‏ ع ادل عب د املوج ود زعل ي مع وض.‏ (<br />

دار عامل الكتب – الرايض<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

حاشية البجريمي على اخلطيب.‏ لسليمان بن حممد البجريمي.‏ ( دار الفكر<br />

العلمية<br />

بريوت –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

بريوت –<br />

حاشيتا التفتازاين واجلرجاين عل ى خمتص ر اب ن احلاج ب.‏ لس عد ال دين التفت ازاين والش ر<strong>يف</strong> اجلرج اين م ع حاش ية اهل اروي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الكت ب<br />

– ‎1403‎ه .)<br />

حاشية اجلمل على املنهج،‏ لسليمان العجيلي املصري الشهري ابجلمل.‏<br />

( دار الفكر (.<br />

حاشية الدسوقي على الشرح الكبري.‏ لشمس الدين حممد عرفه الدسوقي.‏ ( دار الفكر<br />

حاشية زاده على تفسري البيضاوي.‏ حمليي الدين شيخ زاده.‏<br />

– بريوت .)<br />

( دار<br />

إحياء الرتاث العريب (.<br />

حاشية الصاوي على الشرح الصغري ( بلغة السالك (. ألمحد الصاوي أب و العب اس.‏ حتقي ق:‏<br />

د/‏ مص طفى وص في.‏ ( دار املع ارف<br />

–<br />

.)<br />

حاشية ابن قاسم على الروض املربع.‏ لعبد الرمحن بن قاسم النجدي.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

حاشيتا قليويب وعمريه على شرح احمللي على املنهاج.‏ ( دار الفكر<br />

العلمية<br />

‎1419‎ه (.<br />

بريوت –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

بريوت –<br />

مص ر<br />

احلاوي الكبري.‏ للماوردي.‏ علي بن حممد بن حبي ب امل اوردي البص ري.‏ حتقي ق وتعلي ق عل ي مع وض وع ادل عب د املوج ود.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

حد اإلقامة الذي تنتهي به أحكام السفر.‏ املاجد،‏ سليمان بن عبد هللا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار طيبة<br />

احلرص على هداية الناس.‏ د/‏ فضل إهلي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

– الرايض – ‎1421‎ه .)<br />

( ‎1411‎ه .)<br />

حكم دخول غري املسلمني للمسجد.‏ عبد هللا بن حممد األمني الشنقيطي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة العلوم واحلكم<br />

حكم اللجوء واإلقامة <strong>يف</strong> بالد الكفار.‏ صاحل الشثري.‏ حتقيق:‏ د/‏ حممد الشثري.‏ ( دار احلبيب –<br />

حكم اللحوم املستوردة وذابئح أهل الكتاب وغريهم.‏ عبد هللا بن محيد.‏<br />

–<br />

الرايض (.<br />

( املطابع النموذجية – الرايض (.<br />

املدينة املنورة – ‎1423‎ه (.<br />

-129<br />

-130<br />

-131<br />

-132<br />

-133<br />

-134<br />

-135<br />

-136<br />

-137<br />

-138<br />

-139<br />

-140<br />

-141<br />

-142<br />

-143<br />

( خ )<br />

اخلراج.‏ أليب يوسف،‏ يعقوب بن إبراهيم.ط‎6‎‏.‏<br />

( املطبعة السلفية<br />

–<br />

خصائص جزيرة العرب.‏ بكر أبو زيد.‏ ( وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية واألوقاف<br />

خطة <strong>السياحة</strong> الوطنية للمملكة العربية السعودية 1422<br />

القاهرة<br />

– ‎1397‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1420‎ه .)<br />

– ‎1441‎ه .<br />

( اهليئة العليا للسياحة<br />

–<br />

األمانة العامة (.<br />

-144<br />

-145<br />

-146


ابن خلدون.‏ حياته وتراثه الفكري.‏ حممد عبد هللا عنان.‏ ( مؤسسة خمتار للنشر والتوزيع<br />

ابن خلدون ورسالته للقضاة.‏ حتقيق فؤاد أمحد.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

القاهرة –<br />

- ‎1991‎م .)<br />

( دار الوطن –<br />

الرايض<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

-147<br />

-148<br />

( د )<br />

الدراية <strong>يف</strong> ختريج أحاديث اهلداية.‏ البن حجر العسقالين.‏ حتقيق:‏ عبد هللا اليماين.‏ ( دار املعرفة<br />

الدرر البهية <strong>يف</strong> الرخص الشرعية.‏ للصاليب،‏ أسامة حممد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الصحابة<br />

– بريوت .)<br />

– الشارقة – ‎1424‎ه .)<br />

درر احلكام <strong>يف</strong> شرح غرر األحكام وهبامشه حاشية حسن الشرنباليل.‏ ملنالخسرو احلنفي،‏ حممد بن فراموز.‏ ( دار إحياء الكتب العربية (.<br />

درر احلكام شرح جملة األحكام.‏ علي حيدر.‏ تعريب فهمي احلسيين.‏ ( دار عامل الكتب<br />

الرايض –<br />

الدرر السنية <strong>يف</strong> األجوبة النجدية.‏ مجع عبد الرمحن بن قاسم النجدي.‏ ( دار العربية<br />

الدرر املنثور.‏ للسيوطي،‏ جالل الدين عبد الرمحن.‏ حتقيق:‏ عبد هللا الرتكي.ط‎1‎‏.‏ ( مركز هجر<br />

‎1423‎ه (.<br />

– بريوت ،) ط‎1‎‏.‏ ( ‎1420‎ه .)<br />

– القاهرة – ‎1424‎ه .)<br />

الدعوة إىل هللا تعاىل <strong>يف</strong> املواقع السياحية دراسة أتصيلية مع دراسة ميدانية عل ى اململك ة العربي ة الس عودية.‏ عل ي ب ن أمح د األمح د.‏ إش راف<br />

عبد الرمحن اخلل<strong>يف</strong>ي.‏ ( كلية الدعوة واإلعالم جبامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

الدعوة إىل هللا توجيهات وضوابط.‏ د/‏ عبد هللا اخلاطر.‏ ط‎1‎‏.‏ ( املنتدى <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

دليل املسافر.‏ لإلمامني ابن ابز وابن عثيمني.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار ابن األثري<br />

– الرايض – 1424 – ‎1425‎ه .)<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1425‎ه .)<br />

الديباج املذهب <strong>يف</strong> معرفة أعيان علماء املذهب.‏ البن فرحون املالكي.حتقيق:حممد األمحدي أبو النور.‏ دار الرتاث – القاهرة (.<br />

ديوان الشافعي.‏ حممد إدريس الشافعي.‏ تعليق حممد الزعيب.‏ ط‎3‎‏.‏ ( دار اجليل<br />

ذابئح أهل الكتاب.‏ أبو األعلى املودودي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

بريوت –<br />

– ‎1392‎ه .)<br />

( ذ )<br />

( املكتبة العلمية<br />

الهور –<br />

– ‏َبكستان .)<br />

الذخرية.‏ للقرا<strong>يف</strong>،‏ شهاب الدين أمحد بن إدريس.‏ حتقيق:‏ سعيد أعراب.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

بريوت –<br />

– ‎1994‎م .)<br />

-149<br />

-150<br />

-151<br />

-152<br />

-153<br />

-154<br />

-155<br />

-156<br />

-157<br />

-158<br />

-159<br />

-160<br />

-161<br />

الرايض<br />

( ر )<br />

الراب واملعامالت املص رفية <strong>يف</strong> نظ ر الش ريعة اإلس المية.‏ د/‏ عم ر ب ن عب د العزي ز امل رتك.‏ ت ريج بك ر أب و زي د . ط ‎1‎و‎2‎و‎3‎‏.‏ ( دار العاص مة<br />

–<br />

– ‎14‎و‎17‎و ‎1418‎ه (.<br />

الرخص الشرعية أحكامها وضوابطها.‏ للزحيلي،‏ وهبة.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار اخلري –<br />

الرخص الشرعية وإثباهتا ابلقياس.‏ عبد الكرمي النملة.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد<br />

بريوت – ‎1413‎ه (.<br />

الرايض –<br />

الرسائل اجملموعة <strong>يف</strong> بيان أشياء ممنوعة.‏ لنخبة من كبار العلماء.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مطابع النهضة<br />

الرسالة.‏ للشافعي.‏ حتقيق:‏ أمحد شاكر.‏ ( بدون بياانت (.<br />

رسالة إىل القضاة.‏ عبد هللا اجلار هللا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار طيبة<br />

رسالة إىل كل مسافر.‏ حممد مصطفى اخلطيب.‏ ( دار الوطن<br />

– ‎1410‎ه .)<br />

– الرايض – ‎1405‎ه .)<br />

– الرايض – ‎1408‎ه .)<br />

– الرايض .)<br />

رسالة إىل هواة االصطياف <strong>يف</strong> بالد الغرب.‏ حممد مصطفى اخلطيب.‏<br />

( دار الوطن<br />

– الرايض .)<br />

رسالة <strong>يف</strong> الدعوة إىل هللا سبحانه وأخالق الدعاة.‏ البن ابز.‏ ( الرائسة العامة إلدارات البحوث واإلفتاء<br />

الرايض –<br />

روح املعاين <strong>يف</strong> تفسري القرآن والسبع املثاين.‏ لآللوسي،‏ حممود شكري البغدادي.‏ ط‎4‎‏.‏ ( دار إحياء الرتاث العريب<br />

روضة القضاة وطريق النجاة.‏ للسمناين،‏ علي بن حممد . حتقيق:‏ صالح الدين الناهي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة –<br />

رايض الصاحلني.‏ للنووي،‏ حيىي بن شرف.‏ حتقيق:‏ علي أبو اخلري.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار أسامة – عمان<br />

– ‎1400‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1405‎ه .)<br />

بريوت – ‎1404‎ه (.<br />

– ‎1418‎ه .)<br />

( ز )<br />

-162<br />

-163<br />

-164<br />

-165<br />

-166<br />

-167<br />

-168<br />

-169<br />

-170<br />

-171<br />

-172<br />

-173


زاد املسافر.‏ للمفتاح،‏ سامل فهد.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( الدار السلفية<br />

الكويت –<br />

– ‎1398‎ه .)<br />

زاد املسري.‏ البن اجلوزي،‏ أبو الفرج مجال الدين عبد الرمحن بن علي.‏ ط‎4‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

زاد املعاد.‏ البن القيم . حتقيق:‏ عبد القادر وشعيب األرانؤوط.‏ ط‎29‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة<br />

الزكاة <strong>يف</strong> امليزان.‏ حممد وهبة وعبد العزيز مججوم.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار البالد<br />

بريوت –<br />

– ‎1407‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

– جدة – ‎1405‎ه .)<br />

الزواجر عن اقرتاف الكبائر.‏ البن حجر اهليتمي.‏ تعليق حممد حليب،‏ تريج خليل شيحا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املعرفة – بريوت<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

-174<br />

-175<br />

-176<br />

-177<br />

-178<br />

( س )<br />

س بل الس الم املواص لة إىل بل وغ امل رام.‏ للص نعاين،‏ حمم د ب ن إمساعي ل األم ري.‏ حتقي ق:‏<br />

حمم د حالق.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار اب ن اجل وزي<br />

– ال دمام –<br />

-179<br />

‎1418‎ه (.<br />

السفر بني املتعة واألثر.‏ اخلزمي،‏ حممد بن صاحل.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار القاسم<br />

– الرايض – ‎1422‎ه .)<br />

السفر الذي يثبت به القصر.‏ عبد العزيز ال ربيش.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مطابع احلميضي – الرايض – ‎1422‎ه (.<br />

سلسلة األحاديث الصحيحة،‏ لأللباين.‏ ط‎1‎و‎2‎و‎3‎و‎4‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي – بريوت – 1392 و 1399 و 1403 و ‎1405‎ه (.<br />

سلسلة أعالم املسلمني.‏ د/‏ حممد الزحيلي.ط‎1‎‏.‏<br />

( دار القلم –<br />

دمشق – ‎1410‎ه و<br />

سلسلة كتاب الدعوة،‏ الفتاوى.‏ البن ابز.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الدعوة الصحفية<br />

السلطة القضائية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>.‏ شوكت عليان.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( دار الرشيد<br />

سنن البيهقي الكربى.‏ حتقيق:‏ حممد عبد القادر عطا.‏ ( دار الباز<br />

سنن الدارقطين.‏ حتقيق السيد عبد هللا هاشم مياين املدين.‏<br />

‎1412‎ه (.<br />

الرايض –<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1402‎ه .)<br />

–<br />

( دار املعرفة<br />

مكة املكرمة<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

–<br />

سنن الدارمي.‏ حتقيق:‏ فواز زمريل وخالد السبع.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتاب العريب<br />

السنن واآلاثر <strong>يف</strong> النهي عن التشبه اب لكفار.‏ سهيل عبد الغفار.‏<br />

<strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>.‏ عبد الباري داود.‏ ( دار املعرفة اجلامعية<br />

بريوت<br />

.) 1386 –<br />

– بريوت – ‎1407‎ه .)<br />

( دار السلف (.<br />

القاهرة –<br />

<strong>السياحة</strong> والتنزه البيئي <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية.‏ إبراهيم األحيدب.‏ ط‎2‎‏.‏<br />

– ‎1996‎م .)<br />

<strong>السياحة</strong> الشرعية.‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية.‏ ( وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية واألوقاف<br />

سري أعالم النبالء.‏ للذهي،‏ مشس الدين حممد بن أمحد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة<br />

السرية.‏ البن هشام.‏ هتذيب:‏ عبد السالم هارون.‏ ( دار الفكر<br />

( الرايض – ‎1424‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1418‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1402‎ه .)<br />

– دمشق .)<br />

-180<br />

-181<br />

-182<br />

-183<br />

-184<br />

-185<br />

-186<br />

-187<br />

-188<br />

-189<br />

-190<br />

-191<br />

-192<br />

-193<br />

-194<br />

( ش )<br />

ش رح أدب القاض ي،‏ للخص اف.‏<br />

للحس ام الش هيد.‏ حتقي ق:‏<br />

أب و الوف اء األفغ اين وأب و بك ر اهل اَشي.ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />

–<br />

-195<br />

‎141‎ه (.<br />

شرح حدود ابن عرفة.‏ حملمد بن قاسم الرصاع.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

العلمية ( املكتبة<br />

– تونس – ‎1350‎ه .)<br />

شرح اخلرشي على خمتصر خليل وهبامشه حاشية العدوي.‏ للخرشي،‏ حممد بن عبد هللا.‏ ( دار الفكر<br />

شرح الزرقاين.‏ حممد بن عبد الباقي الزرقاين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

– بريوت .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1411‎ه .)<br />

شرح السري الكبري حملمد بن احلسن.‏ للسرخسي،‏ حممد بن أمحد.‏ حتقيق:‏ صالح الدين املنجد.‏<br />

شرح صحيح مسلم.‏ للنووي،‏ حميي الدين أبو زكراي الشافعي.‏ راجعه خليل امليس.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار القلم<br />

ش رح العقي دة الطحاوي ة.‏ الب ن أيب الع ز الدمش قي.‏ حتقي ق:‏<br />

( مؤسسة قرطبة (.<br />

بريوت –<br />

– ‎1407‎ه .)<br />

عب د هللا الرتك ي وش عيب األرانؤوط.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مؤسس ة الرس الة – ب ريوت<br />

–<br />

-196<br />

-197<br />

-198<br />

-199<br />

-200<br />

-201<br />

‎1413‎ه (.<br />

شرح فتح القدير.‏ للكمال بن اهلمام.‏ ( دار إحياء الرتاث العريب<br />

– بريوت .)<br />

-202


شرح القواعد السعدية.‏ للزامل،‏ عبد احملسن بن عبد هللا.‏ ت ريج عب د ال رمحن العبي د وأمي ن العنق ري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار أطل س – ال رايض<br />

– ‎1422‎ه<br />

.)<br />

شرح خمتصر الروضة.‏ للطو<strong>يف</strong>،‏ جنم ال دين س ليمان ب ن عب د الق وي.‏ حتقي ق:‏<br />

د/‏ عب د هللا الرتك ي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( وزارة الش ؤون اإلس المية<br />

–<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

شرح معاين اآلاثر.‏ للطحاوي.‏ أبو جعفر بن حممد احلنفي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

شرح منتهى اإلرادات.‏ للبهويت،‏ منصور بن يونس.‏ ( عامل الكتب<br />

بريوت –<br />

– ‎1407‎ه .)<br />

– بريوت .)<br />

شرح ميارة الفاسي على حتفة احلكام.‏ للفاسي،‏ حممد بن أمحد.‏ ( دار الفكر – بريوت (.<br />

شعب اإلميان.‏ للبيهقي،‏ أبو بكر أمحد بن احلسني.‏ حتقيق:‏ أبو هاجر زغلول.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

بريوت –<br />

– ‎1410‎ه .)<br />

ال رايض<br />

-203<br />

-204<br />

-205<br />

-206<br />

-207<br />

-208<br />

( ص )<br />

الصبح السافر فيما حيتاج إليه املسافر.‏ صالح الشر<strong>يف</strong>.ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

الصحاح.‏ للجوهري.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ حتقيق أمحد عطار.‏ ( دار العلم للماليني – بريوت<br />

بريوت –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

‎1399‎ه .) و – 1376<br />

صحيح ابن حبان.‏ حتقيق شعيب األرانؤوط.‏ ط‎2‎‏.‏ ( الرسالة بريوت –<br />

صحيح ابن خزمية.‏ حتقيق:‏ األعظمي.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1390‎ه .)<br />

صحيح اجلامع الصغري.‏ لأللباين،‏ حممد انصر الدين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

صناعة <strong>السياحة</strong> من منظور جغرا<strong>يف</strong>.‏ حممد الزوكة.‏ ( دار املعرفة اجلامعية – مصر<br />

صناعة <strong>السياحة</strong> والسفر.‏ خلود اخلطيب.‏ ط‎1‎‏.‏ ( هال للنشر والتوزيع<br />

بريوت –<br />

– ‎1388‎ه .)<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

مصر –<br />

الصوم مدرسة تريب الروح وتقوي اإلرادة.‏ عبد الرمحن الدوسري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

( ض )<br />

ضع<strong>يف</strong> اجلامع الصغري وزايدته ( الفتح الكبري ) حملم د انص ر ال دين األلب اين.‏ إش راف زه ري الش اويش.‏ ط‎3‎‏.‏ ( املكت ب اإلس المي<br />

– ب ريوت –<br />

‎1410‎ه (.<br />

ضع<strong>يف</strong> سنن أيب داود.‏ حملمد انصر الدين األلباين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة غراس للنشر والتوزيع<br />

الكويت –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

( ط )<br />

طبقات الشافعية الكربى.‏ اتج الدين السبكي.‏ حتقيق:عبد الفتاح احللو،‏ ومحود الطناحي.‏ ( دار إحياء الكتب العربية (.<br />

الطبقات الكربى.‏ البن سعد،‏ أبو عبد هللا البصري الزهري.‏ ( دار صادر<br />

– بريوت .)<br />

طرح التثريب <strong>يف</strong> شرح التقريب.‏ للعراقي،‏ عبد الرحيم.‏ ( دار الفكر العريب (.<br />

الطرق احلكمية <strong>يف</strong> السياسة الشرعية.‏ البن اجلوزية،‏ حممد بن أيب بكر الدمشقي.‏ حتقيق:‏ حممد حامد الفقي.‏ ( دار الوطن –<br />

طريق اهلجرتني وابب السعادتني.‏ البن القيم اجلوزية.‏ ( دار الكتاب العريب –<br />

الطيبات من الرزق.‏ مجع أبو ذر القلموين.‏ ( دار البشري<br />

الرايض (.<br />

بريوت (.<br />

– القاهرة .)<br />

-209<br />

-210<br />

-211<br />

-212<br />

-213<br />

-214<br />

-215<br />

-216<br />

-217<br />

-218<br />

-219<br />

-220<br />

-221<br />

-222<br />

-223<br />

-224<br />

( ع )<br />

عارض ة األح وذي بش رح ص حيح الرتم ذي.‏ الب ن الع ريب امل الكي،‏ أب و بك ر حمم د ب ن عب د هللا.‏ وض ع حواش يه مج ال مرعش لي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار<br />

بريوت – الكتب العلمية<br />

– ‎1418‎ه .)<br />

العزلة،‏ للخطايب.‏ حتقيق:‏ ايسني السواس.‏ ط‎2‎‏.‏<br />

( دار ابن كثري<br />

بريوت –<br />

– ‎1410‎ه .)<br />

عقد اجلواهر الثمينة <strong>يف</strong> فقه عامل املدينة.‏ البن شاس.‏ حتقيق:‏ حممد أبو األجفان وعبد احلفيظ منص ور.‏ إش راف احلبي ب ب ن خوج ه وبك ر أب و<br />

زيد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

-225<br />

-226<br />

-227


علل الرتمذي.‏ أبو طالب القاضي.‏ حتقيق:‏ السامرائي والنوري والصعيدي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( عامل الكتب –<br />

علم القضاء.‏ للحصري،‏ أمحد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العريب بريوت<br />

العمدة <strong>يف</strong> األحكام.‏ عبد الغين املقدسي.‏ حتقيق:‏ مصطفى عطا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

عمدة القاري.‏ بدر الدين العيين.‏ ( دار إحياء الرتاث<br />

بريوت – ‎1409‎ه (.<br />

– بريوت – ‎1406‎ه .)<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

–<br />

– بريوت .)<br />

عمل املرأة.‏ هند اخلويل.‏ إشراف مصطفى البغا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الفارايب<br />

العناية شرح اهلداية.‏ للبابريت،‏ حممد بن حممد.‏ ( دار الفكر<br />

عون املعبود ش رح س نن أيب داود.‏ للعظ يم أابدي،‏<br />

دمشق –<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

– بريوت .)<br />

م ع ش رح اب ن الق يم اجلوزي ة.‏ حتقي ق:‏<br />

عب د ال رمحن عثم ان.‏ ط‎2‎و‎3‎‏.‏ ( املكتب ة الس لفية<br />

–<br />

‎1399‎ه (. و 1388<br />

-228<br />

-229<br />

-230<br />

-231<br />

-232<br />

-233<br />

-234<br />

( غ )<br />

غربة <strong>اإلسالم</strong>.‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية.‏ تعليق خمتار اجلبايل.ط‎1‎‏.‏ ( دار البيارق<br />

الغرر البهية <strong>يف</strong> شرح البهجة الوردية.‏ لزكراي األنصاري.‏ ( املطبعة امليمنية<br />

بريوت –<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

– مصر .)<br />

الغلو <strong>يف</strong> حياة املسلمني املعاصرة.‏ د/‏ عبد الرمحن اللوحيق.ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة<br />

غمز عيون البصائر.‏ للحموي،‏ أمحد بن حممد.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

( دار الكتب العلمية<br />

– بريوت – ‎1412‎ه .)<br />

– ‎1405‎ه .)<br />

.)<br />

الغياثي ( غياث األمم <strong>يف</strong> التياث الظلم (. إلمام احلرمني اجلويين،‏ عب د املل ك ب ن عب د هللا.‏ حتقي ق:‏<br />

عب د العظ يم ال ديب.‏ ط‎2‎‏.‏ ( ‎1401‎ه<br />

-235<br />

-236<br />

-237<br />

-238<br />

-239<br />

– الرايض .)<br />

( ف )<br />

فتاوى ابن ابز.‏ مجع أمحد بن ابز،‏ وعبد هللا الطيار.ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

فتاوى ابن رشد.‏ أليب الوليد حممد بن أمحد بن أمحد بن رشيد.‏ حتقيق:‏ املختار بن الط اهر التليل ي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الغ رب اإلس المي – ب ريوت<br />

– ‎1407‎ه .)<br />

فتاوى أركان <strong>اإلسالم</strong>.‏ البن عثيمني.‏ مجع فهد السليمان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الثراي<br />

فتاوى الزكاة.‏ للشيخ عبد هللا اجلربين.‏ إعداد أبو أنس علي أبو لوز.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

فتاوى السبكي.‏ تقي الدين علي بن عبد الكا<strong>يف</strong>.‏<br />

الرايض –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

دار الوطن (<br />

– الرايض – ‎1417‎ه .)<br />

( دار املعرفة – بريوت (.<br />

الفتاوى السعدية.‏ للشيخ عبد الرمحن بن انصر السعدي.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( مكتبة العارف – الرايض<br />

فتاوى الشيخ حممد العثيمني.‏ إعداد أشرف عبد املقصود.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار عامل الكتب<br />

فتاوى علماء البلد احلرام.‏ إعداد خالد اجلريسي.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

‎1402‎ه .) و – 1388<br />

الرايض –<br />

– ‎1411‎ه .)<br />

‎1420‎ه (.<br />

فتاوى <strong>يف</strong> أحكام قصر ومجع الصالة.‏ البن ابز.‏ ط‎1‎‏.‏ ( رائسة إدارات البحوث<br />

الرايض –<br />

فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية واإلفتاء.‏ مجع أمحد الدويش.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار العاصمة<br />

الفتاوى اهلندية.‏ جلنة علماء برائسة نظام الدين البلخي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الفكر<br />

فتاوى هيئة كبار العلماء.‏ ( مكتبة الرتاث <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

– الرايض – 1416<br />

‎1419‎ه (. و<br />

– ‎1310‎ه .)<br />

– مصر .)<br />

فتاوى وتوجيهات <strong>يف</strong> اإلجازة والرحالت.‏ البن عثيمني.‏ إعداد خالد أبو صاحل.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

‎1417‎ه (.<br />

فتاوى ورسائل مساحة الشيخ حممد بن إبراهيم.‏ مجع حممد بن قاسم.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مطابع احلكومة – مكة املكرمة – ‎1399‎ه (.<br />

فتح الباري.‏ البن حجر العسقالين.‏ حتقيق:‏ عبد القادر شيبة احلمد.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

‎1421‎ه (.<br />

فتح الرب <strong>يف</strong> الرتتيب الفقهي لتمهيد ابن عبد الرب ومعه فتح اجملي د <strong>يف</strong> اختص ار خت ريج أحادي ث التمهي د.‏ للمغ راوي،‏ حمم د ب ن عب د ال رمحن.‏<br />

ط‎1‎‏.‏ ( جمموعة التحف النفائس<br />

الرايض –<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

-240<br />

-241<br />

-242<br />

-243<br />

-244<br />

-245<br />

-246<br />

-247<br />

-248<br />

-249<br />

-250<br />

-251<br />

-252<br />

-253<br />

-254<br />

-255


بريوت<br />

الفتح الرابين <strong>يف</strong> ترتيب مسند أمحد بن حنبل الشيباين مع بلوغ األماين.‏ للبن ا،‏ أمح د ب ن عب د ال رمحن.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار إحي اء ال رتاث الع ريب<br />

–<br />

( دار املعرفة (.<br />

.)<br />

فتح العلي املالك <strong>يف</strong> الفتوى على مذهب مالك.‏ حملمد عليش.‏<br />

فتح القدير.‏ للشوكاين،‏ حممد بن علي.‏ حتقيق:‏ عبد الرمحن عمرية.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الوفاء<br />

فتوى جامعة <strong>يف</strong> زكاة العقار.‏ بكر بن عبد هللا أبو زيد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار العاصمة<br />

الفروع.‏<br />

الكتب العلمية<br />

– املنصورة – ‎1418‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1421‎ه .)<br />

–<br />

البن مفلح،‏ حممد بن مفلح املقدسي احلنبلي.‏ وبذيله تص حيح الف روع للم رداوي.‏ حتقي ق:‏<br />

بريوت<br />

– ‎1418‎ه .)<br />

والفروع.‏ البن مفلح،‏ مع تصحيحه للمرداوي،‏ وحاشية ابن قندس.‏ حتقيق:‏ الرتكي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة<br />

الفروق.‏ للقرا<strong>يف</strong>،‏ شهاب الدين أمحد بن إدريس.‏ ( عامل الكتب<br />

فقه االحتساب على غري املسلمني.‏ د/‏ عبد هللا الطريقي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

أيب الزه راء ح ازم القاض ي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار<br />

بريوت –<br />

– ‎1424‎ه .)<br />

– بريوت .)<br />

( دار املسلم –<br />

الرايض<br />

فقه األسرة عند شيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية <strong>يف</strong> الزواج وآاثره.‏ د/‏ حممد الصاحل.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

فقه السرية.‏ حملمد الغزايل.‏ تعليق األلباين.‏ ط‎7‎‏.‏ ( دار الكتب احلديثة<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

‎1416‎ه (.<br />

القاهرة –<br />

فقه وفتاوى البيوع،‏ جملموعة من العلماء.‏ مجع أشرف عبد املقصود.‏ ط‎2‎‏.‏ ( مكتبة أضواء السلف<br />

– ‎1976‎م .)<br />

الرايض –<br />

فن التعامل مع الناس.‏ د/‏ عبد هللا اخلاطر.‏ ط‎1‎‏.‏ ( املنتدى <strong>اإلسالم</strong>ي لندن<br />

الفوائد.‏ البن القيم اجلوزية.‏ حتقيق:‏ مركز البحوث مبكتبة الباز.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة نزار مصطفى الباز – مكة املكرمة<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

– ‎1413‎ه .)<br />

–<br />

الفواكه الدواين على رسالة أيب زيد القريواين.‏ ألمحد بن غنيم النفراوي.‏ ( دار الفكر<br />

<strong>يف</strong> ظالل القرآن.‏ سيد قطب.‏ ط‎5‎‏.‏ ( دار الشروق<br />

بريوت –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1397‎ه .)<br />

-256<br />

-257<br />

-258<br />

-259<br />

-260<br />

-261<br />

-262<br />

-263<br />

-264<br />

-265<br />

-266<br />

-267<br />

-268<br />

-269<br />

القاموس احمليط.‏ للفري وزآابدي.‏ ( دار الفكر – بريوت (.<br />

القبسات الوضيئة.‏ لسعيد األمسري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة السوادي<br />

( ق )<br />

– جدة – ‎1411‎ه .)<br />

قصر الصالة للمغرتبني.‏ د/‏ إبراهيم الصبيحي.‏ تعليق ابن ‏َبز.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار طيبة<br />

القضاء <strong>يف</strong> الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ فاروق مرسي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

قضااي فقهية معاصرة.‏ حممد سعيد البوطي.‏ ط‎6‎‏.‏<br />

( عامل املعرفة<br />

( دار الفارايب<br />

الرايض –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

– جدة – ‎1405‎ه .)<br />

دمشق –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

قضااي اللهو والرتفيه بني احلاجة النفسية والضوابط الشرعية.‏ ما دون رشيد.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار طيبة – الرايض<br />

‎1420‎ه .) و – 1419<br />

قرارات اجملم ع الفقه ي اإلس المي لرابط ة الع امل اإلس المي لدورات ه 10- 11- 12 <strong>يف</strong> ‎1408‎ه و ‎1409‎ه و ‎1410‎ه . ( رابط ة الع امل<br />

– <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

مكة املكرمة (.<br />

قرارات وتوصيات جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ منظمة امل ؤمتر اإلس المي <strong>يف</strong> ج دة.‏ ال دورات 10-1. تعلي ق عب د الس تار أب و غ دة.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار<br />

العلم ودار القلم<br />

– جدة ودمشق –<br />

‎1409‎ه و<br />

‎1418‎ه (.<br />

قواعد األحكام <strong>يف</strong> مصاحل األانم.‏ للعز بن عبد السالم.‏ تعليق طه عبد الرؤوف.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار اجليل<br />

بريوت –<br />

القواعد والضوابط الفقهية للمعامالت املالية عند ابن تيمية.‏ عبد السالم احلصني.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار التأصيل<br />

القوعد الفقهية.‏ علي الندوي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار القلم<br />

– ‎1400‎ه .)<br />

– مصر – ‎1422‎ه .)<br />

دمشق –<br />

– ‎1406‎ه .)<br />

القوعد النورانية الفقهية.‏ لشيخ <strong>اإلسالم</strong> ابن تيمية.‏ حتقيق:‏ حممد حامد الفقي.‏ ( دار الندوة اجلديدة<br />

القوانني الفقهية.‏ البن جزي.‏ ( دار القلم<br />

– بريوت .)<br />

– بريوت .)<br />

القيد <strong>يف</strong> الرحالت والصيد.‏ للسويد،‏ عبد احلكيم بن علي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن – الرايض<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

( ك )<br />

الكا<strong>يف</strong> <strong>يف</strong> فقه أهل املدينة املالكي.‏ البن عبد الرب،‏ يوسف بن عبد هللا القرطي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرايض احلديثة<br />

– الرايض – ‎1398‎ه .)<br />

-270<br />

-271<br />

-272<br />

-273<br />

-274<br />

-275<br />

-276<br />

-277<br />

-278<br />

-279<br />

-280<br />

-281<br />

-282<br />

-283<br />

-284


الكتب الستة ( صحيح البخاري وصحيح مسلم وس نن أيب داود والنس ائي والرتم ذي واب ن ماج ة (. إش راف ص احل آل الش يخ . ط‎1‎‏.‏ ( دار<br />

السالم –<br />

مصر<br />

الرايض<br />

– ‎1420‎ه .)<br />

الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل <strong>يف</strong> وجوه التأويل.‏ للزخمشري،‏ جار هللا حممود بن عمر.‏ ط األخرية.‏ ( مطبع ة مص طفى احلل يب<br />

–<br />

– ‎1392‎ه .)<br />

كشاف القناع عن منت اإلقناع.‏ حتقيق:‏ إبراهيم عبد احلميد.‏ ( دار عامل الكتب<br />

الرايض –<br />

كشف األسرار عن أصول البزدوي.‏ للبخاري،‏ عبد العزيز بن أمحد.‏ ( دار الكتاب العريب<br />

كشف اخلفاء.‏ للعجلوين،‏ إمساعيل بن حممد.‏ حتقيق:‏ أمحد القالش.‏ ط‎4‎‏.‏ ( مؤسسة الرسالة<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1394‎ه .)<br />

– بريوت – ‎1405‎ه .)<br />

كش ف الش بهات ع ن املش تبهات عم ا ج اء <strong>يف</strong> ح ديث احل الل ب ني واحل رام ب ني وبينهم ا أم ور مش تبهات.‏ للش وكاين.‏ حتقي ق:‏ ع ادل<br />

السعيدان.‏ ( مكتبة احلرمني<br />

– الدمام .)<br />

كشف املبهم عن حكم سفر املرأة بدون زوج أو حمرم.‏ مصطفى العدوي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة ابن حجر – مكة املكرمة – ‎1407‎ه (.<br />

ك<strong>يف</strong> ندعو إىل <strong>اإلسالم</strong>؟.‏ فتحي يكن.‏ ط‎6‎‏.‏<br />

( مؤسسة الرسالة<br />

–<br />

ك<strong>يف</strong> نستفيد من اإلجازة.‏ القسم العلمي بدار الوطن.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوطن<br />

بريوت<br />

– ‎1403‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

( ل )<br />

لسان العرب.‏ البن منظور.‏ حتقيق:‏ عبد هللا الكبري،‏ وحممد حسب هللا،‏ وهاشم الشاذيل.‏ ( دار املعارف (.<br />

لقاء الباب املفتوح ( 34<br />

و<br />

) و ( 41 ) و ( 51<br />

) للش يخ حمم د العثيم ني.‏ إع داد عب د هللا الطي ار.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار ال وطن – ال رايض<br />

– ‎1417‎ه<br />

‎1418‎ه (.<br />

للمسافرين واملتزوجني.‏ الوهيي،‏ عبد الرمحن بن راشد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار القاسم<br />

الرايض –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

( م )<br />

املال <strong>يف</strong> القرآن الكرمي دراسة موضوعية.‏ سليمان احلصني.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املعراج الدولية<br />

مبادئ <strong>السياحة</strong>.‏ نعيم الظاهر وسراب إلياس.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

املبسوط.‏ للسرخسي،‏ حممد بن أمحد.‏ ( دار املعرفة<br />

– الرايض – ‎1415‎ه .)<br />

األردن – دار املسرية (<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

جممع الزوائد ومنبع الفوائد.‏ للهيثمي،‏ علي بن أيب بكر.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار الكتاب<br />

اجملموع للنووي مع تكملة الطيعي.‏ حتقيق:‏ حممد جنيب املطيعي.‏ ( دار عامل الكتب<br />

– بريوت – 1967 .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

جمم وع فت اوى ش يخ اإلس الم اب ن تيمي ة.‏ مج ع عب د ال رمحن ب ن قاس م وابن ه حمم د.‏ ( وزارة الش ؤون اإلس المية واألوق اف – اململك ة العربي ة<br />

السعودية<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

جمموع فت اوى ومق االت متنوع ة.البن ابز.‏ مج ع د.‏ حمم د الش ويعر.‏ ط‎1‎و‎2‎و‎3‎‏.‏ ( رائس ة إدارة البح وث العلمي ة واإلفت اء –<br />

ال رايض – 1411<br />

و 1416<br />

– ‎1414‎ه .)<br />

–<br />

‎1421‎ه (.<br />

و<br />

اجملموع املرتضى <strong>يف</strong> أمهية القضاء ونصائح أخرى.‏ إبراهيم احلديثي.‏ ( مكتبة املؤيد الرايض<br />

اجملموع املغيث <strong>يف</strong> غريي القرآن واحلديث.‏ لألصفهاين،‏ حممد بن أيب بكر.‏ حتقيق:‏ عبد الكرمي الغ رَبوي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مرك ز إحي اء ال رتاث جبامع ة<br />

مكة الكرمة – أم القرى<br />

– ‎1408‎ه .)<br />

حماسن التأويل.‏ جلمال الدين القامسي ( تفسري القامسي (. تريج حمم د ‏َبس ل عي ون الس ود.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />

– ‎1418‎ه<br />

.)<br />

حماضرات <strong>يف</strong> العقيدة والدعوة.‏ صاحل الفوزان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( رائسة إدارة البحوث العلمية واإلفتاء<br />

احمل رر الوجيز.البن عطي ة،‏ حمم د عب د احل ق األندلس ي.‏ حتقي ق:‏<br />

العلوم<br />

الرايض –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

قطر –<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

عب د هللا األنص اري والس يد عب د الع ال،‏ وحمم د العن اين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسس ة دار<br />

-285<br />

-286<br />

-287<br />

-288<br />

-289<br />

-290<br />

-291<br />

-292<br />

-293<br />

-294<br />

-295<br />

-296<br />

-297<br />

-298<br />

-299<br />

-300<br />

-301<br />

-302<br />

-303<br />

-304<br />

-305<br />

-306<br />

-307<br />

-308


الرايض<br />

احملصول <strong>يف</strong> علم أصول الفقه.‏ للرازي،‏ فخر الدين حممد بن عمر.‏ حتقيق:‏ طه العلواين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( جامعة اإلمام حممد بن س عود اإلس المية<br />

–<br />

– ‎1400‎ه .)<br />

احمللى.‏ البن حزم،‏ علي بن أمحد بن سعيد.‏ مقابلة على النسخة اليت حققها أمحد شاكر.‏ ( املكتب التجاري<br />

خمتار الصحاح.‏ للرازي احلنفي.‏ تدقيق حممد حالق.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار إحياء الرتاث العريب.‏ بريوت .<br />

خمتصر سنن أيب داود.‏ للحافظ املنذري،‏<br />

ومعامل السنن للخطايب مع هتذيب اب ن الق يم.‏ حتقي ق:‏<br />

– بريوت .)<br />

‎1419‎ه (.<br />

أمح د ش اكر وحمم د الفق ي.‏ ( دار املعرف ة<br />

–<br />

بريوت (.<br />

املختصر <strong>يف</strong> أحكام السفر.‏ فهد العماري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار طيبة اخلضراء<br />

مدخل إىل <strong>السياحة</strong> والسفر والطريان.‏ محيد الطائي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

املدخل.‏ البن احلاج،‏ حممد العبدي.‏<br />

–<br />

( دار الرتاث (.<br />

املدونة.‏ لإلمام مالك بن أنس.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية – ‎1415‎ه (.<br />

مكة املكرمة – ‎1422‎ه (.<br />

( مؤسسة الوراق – األردن – ‎2003‎م (.<br />

مذكرة <strong>يف</strong> أصول الفقه.‏ حملمد األمني بن حممد املختار الشنقيطي.‏ ط‎5‎‏.‏ ( مكتبة العلوم واحلكم<br />

املرأة واحلقوق السياسية <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>.‏ حممد حممود أبو حجري.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد<br />

املدينة املنورة –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1417‎ه .)<br />

األردن –<br />

مسائل <strong>يف</strong> الفقه القارن.‏ جملموعة من العلماء ( عمر األشقر وماجد أبو رخي ة وحمم د ش بري وعب د الناص ر أب و البص ل (. ط‎1‎‏.‏ ( دار النف ائس<br />

– ‎1416‎ه .)<br />

املسافر وما خيتص به من أحكام العبادات.‏ للكبيسي،‏ أمحد عبد الرزاق.‏<br />

( مطابع الصفا –<br />

مكة املكرمة<br />

املستدرك على الصحيحني.‏ للحاكم،‏ أبو عبد هللا النيسابوري.‏ وبذيله التلخيص للذهيب.‏ ( دار املعرفة<br />

املستدرك على جمموع فتاوى ابن تيمية.‏ مجع حممد بن قاسم.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

املستصفى.‏ للغزايل.‏ حتقيق محزه حافظ.‏ ( املدينة املنورة (.<br />

املسند.‏ لإلمام أمحد بن حنبل.‏ ( مؤسسة قرطبة<br />

– ‎1409‎ه .)<br />

– بريوت .)<br />

( ‎1418‎ه .)<br />

– مصر .)<br />

مسند الطيالسي.‏ لليمان بن داود بن اجلارود.‏ ( دار املعرفة<br />

– بريوت .)<br />

مشكلة السرف <strong>يف</strong> اجملتمع <strong>اإلسالم</strong>ي وعالجها <strong>يف</strong> ضوء <strong>اإلسالم</strong>.‏ عبد هللا الطريقي.‏ ط‎1‎‏.‏ وزارة الشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

املصباح املنري <strong>يف</strong> غريب الشرح الكبري.‏ للفيومي،‏ أمحد بن حممد.‏<br />

– الراض – ‎1422‎ه .)<br />

( دار الفكر (.<br />

-309<br />

-310<br />

-311<br />

-312<br />

-313<br />

-314<br />

-315<br />

-316<br />

-317<br />

-318<br />

-319<br />

-320<br />

-321<br />

-322<br />

-323<br />

-324<br />

-325<br />

-326<br />

-327<br />

مصنف ابن شيبة.‏ عبد هللا بن حممد الكو<strong>يف</strong>.‏ حتقيق:كمال احلوت.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد الرايض – ‎1409‎ه (.<br />

–<br />

-328<br />

مصنف عبد الرزاق.‏ أبو بكر الصنعاين.‏ حتقيق:‏ حبيب الرمحن األعظمي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

مطالب أويل النهى <strong>يف</strong> شرح غاية املنتهى.‏ للرحيباين،‏ مصطفى بن سعد.‏ ط‎2‎‏.‏ ( املكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

‎1403‎ه (. بريوت –<br />

بريوت –<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

معامل السنن شرح سنن أيب داود.‏ للخط ايب،‏ مح د ب ن حمم د البس يت.‏ ت ريج عبد الس الم عب د الش ا<strong>يف</strong>.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب العلمي ة<br />

– ب ريوت –<br />

‎1411‎ه (.<br />

املعتمد <strong>يف</strong> أصول الفقه.‏ للبصري،‏ أيب احلسني حممد بن علي املعتزيل.‏ ضبطه خليل امل يس.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكت ب العلمي ة – ب ريوت<br />

- ‎1403‎ه<br />

– جامعة –<br />

.)<br />

معجم األصوليني.‏ حممد مظهر بقا.‏ ( مركز الدراسات <strong>اإلسالم</strong>ية أم القرى مكة املرمة – ‎1414‎ه (.<br />

املعجم األوسط.‏ للطرباين،‏ سليمان بن أمحد.‏ حتقيق:‏ طارق عوض هللا وعبد احملسن احلسيين.‏ ( دار احلرمني القاهرة<br />

املعجم اجلامع لغريب مفردات القرآن.‏ عبد العزيز السريوان.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار العلم للماليني<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

–<br />

بريوت –<br />

املعجم الكبري.‏ للطرباين،‏ سليمان بن أمحد.‏ حتقيق:‏ محدي السلفي.ط‎2‎‏.‏ ( مكتبة العلوم واحلكم<br />

– ‎1986‎م .)<br />

املوصل –<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

معجم مقاييس اللغة.‏ البن فارس،‏ أبو احلسني أمحد بن فارس بن زكراي.‏ حتقيق:‏ عبد السالم هارون.‏ ( دار الكتب العلمية –<br />

املعجم الوسيط.‏ إبراهيم مصطفى،‏ أمحد الزايت،‏ حامد عبد القادر،‏ حممد النجار.‏ ( جممع اللغة العربية<br />

معرفة السنن واآلاثر.‏ للبيهقي،‏ أمحد بن احلسني.‏ تعليق عبد املعطي قلعجي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الوعي<br />

إيران (.<br />

–<br />

املكتبة <strong>اإلسالم</strong>ية –<br />

تركيا (.<br />

القاهرة –<br />

– ‎1411‎ه .)<br />

املعيار املعرب واجل امع املغ رب ع ن فت اوى علم اء إفريقي ة واألن دلس واملغ رب.‏ للونشريس ي،‏ أمح د ب ن حي ىي.‏ إش راف د/‏ حمم د حج ي.‏ ( دار<br />

الغرب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– بريوت .)<br />

-329<br />

-330<br />

-331<br />

-332<br />

-333<br />

-334<br />

-335<br />

-336<br />

-337<br />

-338<br />

-339<br />

-340


مع ني احلك ام عل ى القض ااي واألحك ام.‏ اب ن عب د الرفي ع،‏ أب و إس حاق إب راهيم ب ن حس ن.‏ حتقي ق:‏<br />

بريوت – <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– ‎1989‎م .)<br />

املصباح املنري <strong>يف</strong> غريب الشرح الكبري.‏ للفيومي،‏ أمحد بن حممد.‏<br />

–<br />

( دار الفكر (.<br />

حمم د ب ن قاس م ب ن عي اد.‏ ( دار الغ رب<br />

املغين.‏ البن قدامة.‏ حتقيق عبد هللا الرتكي وعبد الفتاح احللو.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( دار هجر مصر – ‎1406‎ه ‎1412‎ه (.<br />

املغين <strong>يف</strong> أصول الفقه.‏ للخبازي،‏ جالل الدين أبو حممد عمر بن حممد.‏ حتقيق:‏ حممد مظهر بق ا.‏ ط‎1‎‏.‏ ( جامع ة أم الق رى<br />

–<br />

– ‎1403‎ه .)<br />

مغين احملتاج.‏ للخطيب الشربيين،‏ حممد.‏ ( دار الفكر<br />

بريوت (.<br />

– بريوت .)<br />

مفتاح دار السعادة.‏ البن القيم اجلوزية.)‏ دار الكتب العلمية –<br />

املفردات <strong>يف</strong> غريب القرآن.‏ للراغب األصفهاين.‏ حتقيق:‏ حممد مسيالين.‏ ط األخرية.‏ ( مطبعة مصطفى احلليب<br />

مصر –<br />

املفيد <strong>يف</strong> تقريب أحكام املسافر ( 171 ) فتوى هتم املسافر للشيخ ابن جربين.‏ مجع حممد العر<strong>يف</strong>ي.‏ ط‎2‎‏.‏ ( دار عامل الفوائ د<br />

مك ة املكرم ة<br />

– ‎1381‎ه .)<br />

–<br />

– ‎1419‎ه .)<br />

املقاطعة االقتصادية وأحكامها <strong>يف</strong> الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ تركي بن عبد هللا الرشودي.‏ إشراف حممد جرب األلفي.‏ ( املعهد الع ايل للقض اء<br />

مك ة املكرم ة<br />

–<br />

– ‎1424‎ه .)<br />

مقدمة ابن خلدون.‏ عبد الرمحن بن حممد بن احلضرمي.‏<br />

( دار العودة –<br />

بريوت(.‏<br />

مقدمة ابن الصالح.‏ <strong>يف</strong> علوم احلديث.‏ البن الصالح،‏ عثمان بن عبد الرمحن.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

بريوت –<br />

– ‎1398‎ه .)<br />

–<br />

ال رايض<br />

املقنع مع الشرح الكبري واإلنصاف.‏ للموفق ابن قدامة،‏ عبد هللا بن أمحد وأبو الفرج بن قدامة،‏ عبد الرمحن بن حممد بن أمحد وامل رداوي،‏<br />

علي بن سليمان.‏ حتقيق:‏ عبد هللا الرتكي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار هجر مصر<br />

– ‎1415‎ه .)<br />

ماال يسع التاجر جهله.‏ للمصلح،‏ عبد هللا،‏ والصاوي،‏ صالح.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار املسلم<br />

من آداب السفر وأحكامه.‏ عبد هللا العتيي.‏ ط‎1‎‏.‏<br />

من تشبه بقوم فهو منهم.‏ انصر العقل.‏ ط‎1‎‏.‏ ( ‎1421‎ه<br />

املنتقى شرح املوطأ.‏ للباجي،‏ سليمان بن خلف.‏ ط‎2‎‏.‏<br />

( دار الوطن<br />

الرايض –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

الرايض –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

.)<br />

( دار الكتب <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

– القاهرة .)<br />

منتهى اإلرادات.‏ للفتوحي،‏ حممد بن أمحد.‏ ومعه حاشية النجدي.‏ حتقيق:‏ عب د هللا الرتك ي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مؤسس ة الرس الة – ب ريوت<br />

– ‎1419‎ه<br />

.)<br />

املنثور <strong>يف</strong> القواعد.‏ للزركشي،‏ حممد بن هبادر بن عبد هللا.‏ حتقيق:‏ حممد حسن إمساعيل.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الكتب العلمية<br />

– ‎1421‎ه بريوت –<br />

–<br />

.)<br />

منح اجلليل شرح خمتصر خليل.‏ حملمد بن أمحد بن عليش.‏ ( دار الفكر بريوت<br />

املنهاج.‏ للبيضاوي مع شرحه لألصفهاين،‏ حممود عبد الرمحن.‏ حتقيق:‏ عبد الكرمي النملة.‏<br />

ط‎1‎‏.‏ ( مكتبة الرشد – الرايض<br />

.) 1409 –<br />

– ‎1410‎ه .)<br />

املوافقات <strong>يف</strong> أصول الشريعة.‏ للشاطي،‏ إبراهيم بن موسى أبو إسحاق.‏ تعليق عبد هللا دراز.‏ ( دار املعرفة –<br />

مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل.‏ للحطاب،‏ حممد بن حممد املغريب.‏ تريج زكراي عمريات.‏ ( دار عامل الكتب<br />

موجز أحكام الزكاة والكفارات والنذور <strong>يف</strong> الفقه.‏ للكردي،‏ أمحد احلجي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار البشائر <strong>اإلسالم</strong>ية<br />

املوسوعة العربية العاملية.‏ ط‎1‎و‎2‎‏.‏ ( أعمال املوسوعة للنشر<br />

بريوت (.<br />

– الرايض – ‎1423‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1422‎ه .)<br />

–<br />

الرايض – ‎1416‎ه و<br />

املوسوعة الفقهية الكويتية.‏ وزارة األوقاف والشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار الصفوة<br />

موسوعة القواعد الفقهية.‏ مجع حممد البورنو.‏ ط‎1‎‏.‏ (<br />

‎1419‎ه (.<br />

الكويت –<br />

– ‎1412‎ه .)<br />

‎1416‎ه (.<br />

املوطأ.‏ ملالك بن أنس مع تعليق اجملد عليه.‏ للكنوي،‏ عبد احلي.‏ تعليق الندوي.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار السنة ودار القلم<br />

(. وتعليق حممد فؤاد عبد الباقي على املوطأ ( نسخة أخرى (. ( دار احلديث<br />

بومباي ودمش ق –<br />

– ‎1412‎ه<br />

– القاهرة .)<br />

-341<br />

-342<br />

-343<br />

-344<br />

-345<br />

-346<br />

-347<br />

-348<br />

-349<br />

-350<br />

-351<br />

-352<br />

-353<br />

-354<br />

-355<br />

-356<br />

-357<br />

-358<br />

-359<br />

-360<br />

-1<br />

-361<br />

-362<br />

-363<br />

-364<br />

-365<br />

-366<br />

-367


( ن )<br />

النج وم الزاه رة <strong>يف</strong> مل وك مص ر والق اهرة.‏ مج ال ال دين ب ن تغ ري ب ردي.‏ تعلي ق حمم د ‏َش س ال دين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار<br />

بريوت – الكتب العلمية<br />

– ‎1413‎ه .)<br />

نصب الراية.‏ للزيلعي،‏ عبد هللا بن يوسف احلنفي.‏ حتقيق:‏ حممد البنوري.‏ ( دار احلديث<br />

نصيحة امللوك.‏ للماوردي،‏ علي بن حممد.‏ حتقيق:‏ حممد احلديثي.‏ ( وزارة الثقافة<br />

نظام املرافعات الشرعية ولوائحة التنفيذية.‏ ( وزارة العدل<br />

- 1357 .) مصر –<br />

العراق –<br />

.) 1986 –<br />

– ‎1423‎ه .)<br />

النهاية <strong>يف</strong> غريب األثر.‏ أليب السعادات ابن اجلزري.‏ حتقيق:‏ ط اهر ال زاوي وحمم ود الطن احي.‏ ( املكتب ة العلمي ة<br />

بريوت<br />

–<br />

– ‎1399‎ه .)<br />

هناية احملتاج إىل شرح ألفاظ املنهاج.‏ للرملي،‏ حممد بن شهاب الدين.‏ ( دار الفكر<br />

بريوت –<br />

ن وادر األص ول <strong>يف</strong> أحادي ث الرس ول ص لى هللا علي ه وس لم.‏ للرتم ذي،‏ حمم دبن عل ي.‏ ط‎1‎‏.‏ حتقي ق:‏<br />

عمريه.‏ ( دار اجليل<br />

جدة<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

بريوت –<br />

– ‎1992‎م .)<br />

عب د ال رمحن<br />

نونية القحطاين،‏ أبو حمم د عب د هللا األندلس ي القحط اين.‏ تعلي ق حمم د ب ن أمحد س يد.‏ ط‎1‎‏.‏ ( مكتب ة الس وادي<br />

–<br />

– ‎1409‎ه .)<br />

نيل األوطار شرح منتقى األخبار من أحادي ث س يد األخي ار ص لى هللا علي ه وس لم.‏ للش وكاين،‏ حمم د ب ن عل ي.‏<br />

حتقيق:‏<br />

طه عبد الرؤوف ومصطفى اهلوارى.‏ ( مكتبة الكليات األزهرية<br />

القاهرة –<br />

– ‎1398‎ه .)<br />

-368<br />

-369<br />

-370<br />

-371<br />

-372<br />

-373<br />

-374<br />

-375<br />

-376<br />

( و )<br />

الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب.‏ البن قيم اجلوزية.‏ حتقيق:‏ عبد الرمحن بن قائد.‏ إشراف بك ر أب و زي د.‏ ط‎1‎‏.‏ ( دار ع امل الفوائ د<br />

مك ة –<br />

-377<br />

املكرمة – ‎1425‎ه (.<br />

( مطابع اجلامعة –<br />

الرايض<br />

وجوب تطبيق الشريعة <strong>اإلسالم</strong>ية.‏ جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية.‏<br />

الوسيط للغزايل.‏ حتقيق:‏ القره داغي،‏ علي حميي الدين.‏ ط‎1‎‏.‏ ( وزارة األوقاف والشؤون <strong>اإلسالم</strong>ية – قطر<br />

الوالء والرباء <strong>يف</strong> <strong>اإلسالم</strong>.‏ حممد بن سعيد القحطاين.‏ ط‎3‎‏.‏ ( دار طيبة<br />

– ‎1404‎ه .)<br />

– ‎1414‎ه(‏ .<br />

الرايض –<br />

– ‎1409‎ه .)<br />

-378<br />

-379<br />

-380


ثانياً:‏<br />

مواقع االنرتنت


WWW 0 Khotab 0 netFirms 0 com / maKKah 0<br />

WWW 0 traveL 4 arab 0 com 0<br />

WWW 0 boKhari 0 faithweb 0 com 0<br />

WWW 0 isLam – online 0 net 0<br />

WWW 0 isLamtody 0 net 0<br />

WWW 0 aLmosLim 0 net 0<br />

WWW 0 saaib 0 net 0<br />

www 0 sct 0 gov 0sa 0<br />

www 0 mas 0 gov 0 sa 0<br />

www 0 saubitourism 0 gov 0 sa 0<br />

www 0 hesba 0org 0<br />

WWW. Moheet 0 com 0<br />

1- خطبة:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ميزان الشريعة،‏ عبد الرمحن السديس.‏ ‎1422‎ه 4/ 1/<br />

-3<br />

موقع املسافرون العرب.‏<br />

<strong>اإلسالم</strong> على االنرتنت.‏<br />

موقع <strong>اإلسالم</strong> اليوم.‏<br />

موقع املسلم.‏<br />

موقع:‏<br />

www 0 moe 0 gov 0 sa / aLathar / prg 0<br />

-2<br />

-4<br />

-5<br />

-6<br />

7- صيد اإلنرتنت.‏<br />

موقع اهليئة العليا للسياحة.‏<br />

مركز ماس للمعلومات واألحباث السياحية.‏<br />

موقع اململكة السياحي.‏<br />

موقع احلسبة.‏<br />

موقع حميط.‏<br />

موقع.‏<br />

-8<br />

-9<br />

-10<br />

-11<br />

-12<br />

-13


ثالثاً:‏<br />

الصحف واجملالت


2398<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

2392<br />

‏)‏‎1‎‏(ج ري دة االق ت ص ادي ة:‏<br />

2423<br />

األعداد<br />

ج ري دة ال ج زي رة :<br />

2396<br />

)2(<br />

3006<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

اخلميس 27 مجاد األوىل<br />

األحد 23 مجادى األوىل<br />

السبت 29 مجادى األوىل<br />

االثنني 24 مجادى األوىل<br />

‎1421‎ه / 1 / 13 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 15 .<br />

األربعاء<br />

الثالاثء<br />

اخلميس<br />

/ 21 ربيع اآلخر / ‎1425‎ه .<br />

‎1421‎ه / 2 / 20 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 23 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 20 .<br />

الثالاثء<br />

األربعاء<br />

اجلمعة<br />

الثالاثء<br />

/ 24 ربيع األول / ‎1426‎ه .<br />

7812<br />

)3( ج ري دة ال ح ي اة :<br />

1613<br />

11609<br />

11615<br />

11610<br />

10064<br />

10066<br />

11577<br />

10100<br />

10074<br />

10071<br />

11905<br />

العدد<br />

االثنني<br />

التاريخ<br />

‎1421‎ه / 1 / 19 .<br />

ج(‏<br />

)4 ري دة ال ري اض :<br />

13557<br />

2461 2410<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

اجلمعة 11 مجادى األوىل ‎1424‎ه<br />

الثالاثء 25 مجادى األوىل ‎1425‎ه<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

السبت 29 مجادى األوىل<br />

األربعاء 26 مجادى األوىل<br />

اجلمعة 21 مجادى األوىل<br />

اخلميس 20 مجادى األوىل<br />

السبت 5<br />

الثالاثء<br />

رجب<br />

20 ربيع اآلخر<br />

‎1422‎ه /4 / 24 .<br />

السبت 29 مجادى األوىل<br />

‎1421‎ه / 1 / 16 .<br />

‎1421‎ه 1 / 22 .<br />

‎1425‎ه .<br />

اجلمعة<br />

اخلميس<br />

السبت 15 مجادى األوىل<br />

‎1421‎ه /1 / 16 .<br />

‎1421‎ه 1 / 15 .<br />

‎1426‎ه .<br />

‎1426‎ه .<br />

اجلمعة<br />

اخلميس<br />

اجلمعة 16 مجادى اآلخر<br />

السبت 17 مجادى اآلخر<br />

ج ري دة ال ش رق األوس ط :<br />

7922<br />

األعداد<br />

)5(<br />

7878<br />

12803<br />

13168<br />

13172<br />

13169<br />

13164<br />

13163<br />

13207<br />

3133<br />

12074<br />

13172<br />

11624<br />

11630<br />

13158<br />

1124<br />

11623<br />

13542<br />

13543<br />

7867


ة :<br />

:<br />

العدد<br />

)6( ج ري دة ع ك<br />

اظ<br />

األربعاء<br />

التاريخ<br />

‎1421‎ه / 2 / 6 .<br />

‎1421‎ه / 2 / 1 .<br />

الثالاثء<br />

اجلمعة<br />

/ 18 مجاد األوىل / ‎1425‎ه .<br />

‎1421‎ه / 1 / 23 .<br />

االثنني ‎1421‎ه / 2 / 4 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 22 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 16 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 17 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 24 .<br />

ج ري دة امل دين ة:‏<br />

السبت<br />

السبت<br />

)7(<br />

12310<br />

12305<br />

13828<br />

12298<br />

12308<br />

12297<br />

12291<br />

12292<br />

12299<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

‎1422‎ه / 2 / 25 .<br />

‎1421‎ه / 1 / 17 .<br />

ن ج ري دة ال وط<br />

السبت<br />

:<br />

)8(<br />

13905<br />

13513<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

‎1423‎ه<br />

‎1422‎ه<br />

‎1423‎ه<br />

‎1423‎ه<br />

‎1419‎ه .<br />

/ 2 / 22<br />

/ 4 / 12<br />

/ 2 / 10<br />

/ 3 / 24<br />

)9( م ج ل ة األس رة :<br />

583<br />

277<br />

571<br />

614<br />

العدد<br />

ربيع اآلخر<br />

التاريخ<br />

)10( مجلة ال ب ح وث <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

العدد<br />

رجب<br />

التاريخ<br />

– شوال ‎1409‎ه .<br />

– شوال ‎1411‎ه .<br />

)11( جم ل ة ال ب ح وث ال ف ق ه ي ة ال م عاص رة :<br />

رجب<br />

25<br />

31<br />

61<br />

العدد<br />

السنة<br />

التاريخ<br />

‎1422‎ه ،13 .<br />

‎1424‎ه ،15 .<br />

‎1413‎ه .<br />

‎1416‎ه .<br />

‎1421‎ه .<br />

‎1425‎ه .<br />

‎1422‎ه .<br />

‎1420‎ه .<br />

‎1418‎ه .<br />

)12( جم ل ة ال ب ي ان :<br />

السنة<br />

السنة الرابعة ،<br />

السنة السابعة ،<br />

السنة الثانية عشرة ،<br />

السنة السادسة عشرة ،<br />

50<br />

59<br />

14<br />

26<br />

46<br />

63<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

السنة السادسة عشرة ، صفر ،<br />

السنة الرابعة عشرة ، رجب ،<br />

السنة الثانية عشرة ، حمرم ،<br />

162<br />

143<br />

113


العدد<br />

)13( جملة جامعة اإلمام حممد بن سعود <strong>اإلسالم</strong>ية :<br />

التاريخ<br />

مجادى اآلخرة ‎1414‎ه ، إقامة املسافر وسفر املقيم ، د.‏ مساعد الفاحل.‏<br />

)14(<br />

العدد<br />

جم ل ة ال دع وة :<br />

)15( جم لة ال س ي اح ة <strong>اإلسالم</strong>ية :<br />

التاريخ<br />

/ 9 ربيع اآلخر / ‎1420‎ه .<br />

/ 9 ربيع اآلخر / ‎1423‎ه .<br />

مجادى األوىل<br />

‎1425‎ه .<br />

/ 22 ربيع األول / ‎1422‎ه .<br />

/ 25 ربيع اآلخر / ‎1421‎ه .<br />

/ 2 مجادى اآلخر / ‎1424‎ه .<br />

/ 10 شعبان / ‎1420‎ه .<br />

/ 6 ربيع األول /<br />

‎1421‎ه<br />

/ 27 ربيع األول / ‎1421‎ه .<br />

/ 22 ربيع األول / ‎1422‎ه .<br />

/ 26 صفر / ‎1423‎ه .<br />

/ 4 ربيع اآلخر / ‎1421‎ه .<br />

/ 7 ربيع اآلخر / ‎1422‎ه .<br />

18/ ربيع األول / ‎1423‎ه .<br />

1701<br />

1847<br />

12<br />

1796<br />

1752<br />

1903<br />

1718<br />

1745<br />

1748<br />

1796<br />

1841<br />

1749<br />

1798<br />

1844<br />

العدد<br />

)16( م ج ل ة ال م ج ت م ع :<br />

مجادى األوىل<br />

التاريخ<br />

‎1426‎ه . اآلخرة –<br />

18<br />

العدد<br />

التاريخ<br />

‎1415‎ه / 10 / 6 .<br />

1140<br />

10<br />

)17(<br />

العدد<br />

الثالث<br />

جملة جممع الفقه <strong>اإلسالم</strong>ي :<br />

التاريخ<br />

الدورة الثالثة،اجلزء الثاين،‏ ‎1408‎ه ، والدورة الثانية،‏ العدد الثاين،‏ اجلزء األول،‏<br />

‎1407‎ه ،<br />

<strong>اإلسالم</strong>ي – جدة (.<br />

( منظمة املؤمتر<br />

)18(<br />

العدد<br />

العدد الثاين<br />

، ‎1408‎ه . ط‎2‎<br />

جملة اجملمع الفقهي :<br />

التاريخ<br />

( رابطة العامل <strong>اإلسالم</strong>ي<br />

–<br />

مكة املكرمة –<br />

‎1410‎ه (.<br />

)19(<br />

العدد<br />

جملة مدينة الرياض،‏ أمانة المدينة :<br />

التاريخ<br />

‎1424‎ه . اآلخرة – مجادى األوىل<br />

38


العدد<br />

)20( جمل ة امل س اف ر ال ع ريب :<br />

التاريخ<br />

20، يوليو-‏ السنة<br />

)21(<br />

أغسطس ‎2004‎م.‏<br />

جملة املستقبل <strong>اإلسالم</strong>ي.‏ الندوة العاملية للشباب <strong>اإلسالم</strong>ي :<br />

التاريخ<br />

4<br />

العدد<br />

ربيع األول<br />

‎1420‎ه .<br />

رمضان ، ‎1421‎ه .<br />

)22( جملة املعرفة :<br />

95<br />

112<br />

العدد<br />

ربيع اآلخر<br />

التاريخ<br />

‎1420‎ه .<br />

49


خامساً:‏<br />

فهرس املوضوعات


احملتوى<br />

رقم الصفحة<br />

)16-2(<br />

)99-17(<br />

18<br />

18<br />

20<br />

21<br />

55<br />

62<br />

69<br />

70<br />

72<br />

75<br />

77<br />

79<br />

80<br />

84<br />

)583-101(<br />

102<br />

103<br />

105<br />

122<br />

127<br />

163<br />

231<br />

313<br />

327<br />

343<br />

360<br />

-1<br />

-2<br />

املقدمة............................................................‏<br />

التمهيد................................................................‏<br />

املبحث األول:‏ التعر<strong>يف</strong> ابلسياحة:......................................‏<br />

املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> لغة.......................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong> اصطالحاً..................................‏<br />

األول:‏ املفهوم الشرعي للسياحة..........................................‏<br />

الثاين:‏ املفهوم العصري للسياحة..........................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السائح لغة واصطالحاً.............................‏<br />

املبحث الثاين:‏ االصطالحات ذات العالقة:‏<br />

.............................<br />

املطلب األول:‏ تعر<strong>يف</strong> السفر............................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ تعر<strong>يف</strong> اهلجرة............................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ تعر<strong>يف</strong> السري............................................‏<br />

املطلب الرابع:‏ تعر<strong>يف</strong> االرحتال..........................................‏<br />

املبحث الثالث:‏ حاجة البشر للسياحة وأتصيل ذلك شرعاً:...............‏<br />

املطلب األول:‏ حاجة البشر للسياحة.....................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ أتصيل ذلك شرعاً........................................‏<br />

-3<br />

الفصل األول أحكام <strong>السياحة</strong><br />

املبحث األول:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong>:.........................‏<br />

املطلب األول:‏ سياحة القاضي...........................................‏<br />

الفرع األول:‏ أثرها على عدالته..........................................‏<br />

الفرع الثاين:‏ أثرها على واليته ونفاذ حكمه...............................‏<br />

املطلب الثاين:‏ سياحة عامة املسلمني......................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ سياحة الكافر <strong>يف</strong> بالد <strong>اإلسالم</strong> وحكم دعوته إليها...........‏<br />

املطلب الرابع:‏ أحكام الرخص الشرعية <strong>يف</strong> <strong>السياحة</strong>........................‏<br />

املطلب اخلامس:‏ اإلنفاق على املشاريع السياحية...........................‏<br />

املطلب السادس:‏ زكاة املشاريع السياحية.................................‏<br />

املطلب السابع:‏ أغراض <strong>السياحة</strong> وأتثريها <strong>يف</strong> مشروعيتها....................‏<br />

املطلب الثامن:‏ عمل املسلم <strong>يف</strong> مكاتب <strong>السياحة</strong> والسفر....................‏<br />

احملتوى<br />

املبحث الثاين:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني:.....................‏<br />

املطلب األول:‏ سياحة املسلم <strong>يف</strong> بالد غري املسلمني.........................‏<br />

رقم الصفحة<br />

381<br />

382


389<br />

399<br />

405<br />

411<br />

422<br />

426<br />

439<br />

446<br />

456<br />

464<br />

484<br />

491<br />

507<br />

512<br />

522<br />

533<br />

547<br />

548<br />

555<br />

570<br />

)634-584(<br />

585<br />

586<br />

591<br />

املطلب الثاين:‏ أثر تبدل الدار <strong>يف</strong> اختالف األحكام.........................‏<br />

املطلب الثالث:‏ التحاكم إىل الكفار <strong>يف</strong> بالدهم وااللتزام بقوانينهم وأنظمتهم............‏<br />

املطلب الرابع:‏ التقيد بعادات أهل البلدان السياحية وتقاليدهم..........................‏<br />

املطلب اخلامس:‏ اإلقامة <strong>يف</strong> داير الكفر...............................................‏<br />

املطلب السادس:‏ الفنت اليت تواجه املسلم <strong>يف</strong> دار الكفر وموقفه منها....................‏<br />

املطلب السابع:‏ األخذ أبقوال الكفار <strong>يف</strong> العبادات واملعامالت..........................‏<br />

املطلب الثامن:‏ الصالة <strong>يف</strong> الكنائس واملعابد...........................................‏<br />

املطلب التاسع:‏ تقدير أوقات العبادة <strong>يف</strong> بالد ال تغيب عنها الشمس إال قليالً............‏<br />

املطلب العاشر:‏ الصالة <strong>يف</strong> الطائرة...................................................‏<br />

املطلب احلادي عشر:‏ نكاح الكتابيات،‏ وإجراء مراسم العقد <strong>يف</strong> الكنائس..............‏<br />

املطلب الثاين عشر:‏ نكاح مسلمة ال ويل هلا.........................................‏<br />

املطلب الثالث عشر:‏ األكل من ذَبئح الكفار........................................‏<br />

املطلب الرابع عشر:‏ املشاركة <strong>يف</strong> أفراح الكفار وأعيادهم..............................‏<br />

املطلب اخلامس عشر:‏ املعامالت التجارية مع الكفار..................................‏<br />

املطلب السادس عشر:‏ املقاطعة االقتصادية لبالد الكفر وأثر <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> ذلك............‏<br />

املطلب السابع عشر:‏ استثمار <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> الدعوة إىل دين هللا وإظهاره <strong>يف</strong> بالد الكفر..........‏<br />

املبحث الثاين:‏ أحكام <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن خمصوصة:.........................................‏<br />

املطلب األول:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> داير املعذبني ......................................................<br />

املطلب الثاين:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن العبادة.......................................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> أماكن اللهو واملتعة................................................‏<br />

‎4‎‏-الفصل الثاين:‏<br />

ضوابط <strong>السياحة</strong> وآاثرها على الفرد واجملتمع<br />

املبحث األول:‏ ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة وآداهبا:..........................................‏<br />

املطلب األول:‏ ضوابط <strong>السياحة</strong> املشروعة.....................................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ آداب <strong>السياحة</strong>.................................................................‏<br />

احملتوى<br />

املبحث الثاين:‏ آاثر <strong>السياحة</strong> على الفرد واجملتمع:............................................‏<br />

املطلب األول:‏ آاثرها السياسية...............................................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ آاثرها الدينية..................................................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ آاثرها االجتماعية واألخالقية..................................................‏<br />

املطلب الرابع:‏ آاثرها االقتصادية..............................................................‏<br />

رقم الصفحة<br />

607<br />

608<br />

610<br />

614<br />

618


623<br />

624<br />

629<br />

)726-635(<br />

636<br />

637<br />

659<br />

669<br />

688<br />

689<br />

705<br />

715<br />

727<br />

735<br />

735<br />

750<br />

764<br />

768<br />

805<br />

809<br />

املبحث الثالث:‏ واجب املسلمني جتاه<br />

<strong>السياحة</strong>:..............................................‏<br />

املطلب األول:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> املشروعة................................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ واجبهم جتاه <strong>السياحة</strong> غري املشروعة.............................................‏<br />

5- الفصل الثالث<br />

واقع <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية<br />

املبجث األول:‏ اهليئة العليا للسياحة <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :............................<br />

املطلب األول:‏ نشأهتا وأهدافها وخمططاهتا.....................................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ مشاريعها وأعماهلا.............................................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ احلكم الشرعي <strong>يف</strong> ذلك......................................................‏<br />

احملث الثاين:‏ مقومات <strong>السياحة</strong> <strong>يف</strong> اململكة العربية السعودية :.................................<br />

املطلب األول:‏ املقومات.....................................................................‏<br />

املطلب الثاين:‏ االحتياجات..................................................................‏<br />

املطلب الثالث:‏ وسائل اجلذب والرتويج السياحي وحكمها الشرعي...........................‏<br />

6- اخلامتة:‏<br />

وتشتمل على أهم التوصيات والنتائج.........................................................‏<br />

7- الفهارس:‏<br />

1- فهرس اآلايت القرآنية...................................................................‏<br />

2- فهرس األحاديث واآلاثر................................................................‏<br />

3- فهرس األعالم..........................................................................‏<br />

4- فهرس املراجع واملصادر.................................................................‏<br />

5- فهرس املوضوعات.....................................................................‏<br />

8- امللحقات<br />

وتشتمل على بعض النماذج والواثئق واإلحصائيات اهلامة......................................‏


امللحقات

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!