17.03.2016 Views

قدرات النياندرتاليني العقلية

nov-dec-2015

nov-dec-2015

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

وبينت حتاليل البقايا أيضا خطأ االعتقاد أن النياندرتالين<br />

كانوا انتقائين جدا في طعامهم.‏ إذ بينت دراسات التركيب<br />

الكيميائي ألسنانهم إضافة إلى حتاليل بقايا احليوانات في<br />

موقع النياندرتالين أنهم كانوا يعتمدون اعتمادا كبيرا على<br />

اصطياد فرائس كبيرة وخطيرة مثل املاموت والبيزون أكثر من<br />

اعتمادهم على مجموعة من احليوانات وفقا لتوافرها,‏ كما كان<br />

يعتمد أفراد البشر احلديثن تشريحيا.‏ ويبدو أن النياندرتالين<br />

في موقع آبري دو ماراس كانوا يستثمرون مجموعة متنوعة<br />

من املخلوقات شملت حيوانات صغيرة وسريعة كاألرانب<br />

واألسماك - وهي أنواع كان يظن سابقا أنها بعيدة عن متناول<br />

النياندرتالين مبا كانت لديهم من معدات تقنية متدنية.‏<br />

ويجادل بعض العلماء في أن إمكانية العيش جزئيا<br />

على األغذية النباتية هي التي أعطت أفراد اإلنسان العاقل<br />

ميزة تفوقهم على النياندرتالين،‏ إذ سمح ذلك لهم باملزيد<br />

من القوت )1( من املنطقة ذاتها من األرض.‏ ‏)إن العيش على<br />

النباتات فقط أصعب ألفراد البشر من الرئيسيات primates<br />

األخرى،‏ ألن أدمغة البشر الكبيرة تتطلب الكثير من السعرات<br />

احلرارية )2( calories وألن أمعاءنا الدقيقة غير مناسبة لهضم<br />

كميات كبيرة من ألياف النباتات ،roughage وهو تركيب<br />

يتطلب معرفة جيدة باألغذية النباتية وطريقة حتضيرها.(‏ إال<br />

أن النياندرتاليين في موقع آبري دو ماراس كانوا يجمعون<br />

النباتات الصاحلة لألكل مبا في ذلك اجلزر األبيض parsnip<br />

األرقطيون ،burdock إضافة إلى الفطور الصاحلة لألكل<br />

وهذه النباتات لم تكن كل ما كانوا يجمعونه.‏<br />

ووفقا لدراسات أجرتها ‏ ‏]من معهد ماكس<br />

بالنك لعلم اإلنسان التطوري في اليبزيگ بأملانيا[‏ تبن لها<br />

أن النياندرتالين كانوا في رقعة واسعة من أوراسيا - من<br />

العراق حتى بلجيكا - يأكلون نباتات متنوعة.‏ ولدى فحصها<br />

قلح أسنان )3( النياندرتالين والفضالت املتبقية على األدوات<br />

احلجرية أكدت أن النياندرتالين كانوا يستهلكون أنواعا<br />

تنتمي - إلى حد بعيد - إلى أنواع القمح والشعير احلالين،‏<br />

بعد طبخها لكي تصبح لذيذة املذاق.‏ وقد وجدت أيضا بقايا<br />

من نشاء البطاطا ومركبات تدل على أشجار نخيل.‏ لقد كانت<br />

أوجه التشابه بن هذه النتائج ونتائج مواقع اإلنسان احلديث<br />

املبكر مدهشة.‏ ‏»وعلى أية حال،‏ لقد وضعنا حدً‏ ‏ّا لهذه البيانات،‏<br />

إذ ال يبدو هناك اختالفات ذات أهمية بن املجموعتن،«‏ بحسب<br />

تصريح ‏.‏ وتضيف:‏ ‏»إن األدلة التي لدينا اآلن تشير<br />

إلى أن البشر احلديثن األولن في أوراسيا كانوا يحصلون<br />

بصورة أفضل على األطعمة النباتية.«‏<br />

)(<br />

فراق منذ عهد بعيد<br />

إذا كان النياندرتاليون يتصرفون بالفعل بأساليب كان يعتقد<br />

أنها متيز أفراد البشر احلديثن تشريحيا وتشجع وصولهم<br />

إلى الهيمنة على العالم،‏ فإن هذا التشابه يجعل انحدارهم<br />

وانقراضهم نهائيا أكثر غموضا.‏ ملاذا انقرضوا في حن بقي<br />

اإلنسان العاقل على قيد احلياة؟ تشير إحدى الفرضيات إلى<br />

أن البشر احلديثن كانت لديهم مجموعة أكبر من األدوات<br />

ميكن أن تكون قد دعمت عائداتهم من جمع الطعام.‏ وتشرح<br />

‏‏ أن البشر احلديثن كانوا يتطورون في إفريقيا،‏ حيث<br />

كان عدد جماعاتهم أكبر من جماعة النياندرتالين.‏ ومع املزيد<br />

من األفراد الواجب إطعامها،‏ فإن املوارد املفضلة تناقصت،‏<br />

كنقصان عدد الطرائد سهلة الصيد مثال،‏ وكان على البشر<br />

احلديثين أن يطوروا أدوات جديدة للحصول على أنواع<br />

أخرى،‏ من املواد الغذائية.‏ وعندما أحضروا هذه التقانات<br />

املطورة معهم من إفريقيا إلى أوراسيا متكنوا من استغالل تلك<br />

البيئة بطريقة أكثر فعالية من النياندرتالين املقيمن.‏ وبعبارة<br />

أخرى،‏ كان البشر احلديثون يحسنون مهاراتهم للبقاء على<br />

قيد احلياة في ظل ظروف أكثر منافسة من الظروف التي<br />

واجهها النياندرتاليون،‏ وهكذا دخلوا مناطق النياندرتالين<br />

مع ميزات أفضل لم تكن متوفرة لدى النياندرتالين.‏<br />

لم يحرض العدد الكبير جلماعة اإلنسان العاقل على اإلبداع<br />

فقط،‏ وإمنا كان يساعد أيضا على إبقاء التقاليد اجلديدة<br />

A LONG FAREWELL ()<br />

)1( أو:‏ الطعام.‏<br />

)2( أو:‏ احلريرات.‏<br />

teeth )3(<br />

أداة عظمية ملعاجلة اجللود تبدو هنا في أربعة أشكال وهي من بني األدوات<br />

املتطورة التي كان النياندرتاليون يصنعونها.‏<br />

التتمة في الصفحة 71<br />

(2015) 12/11<br />

66

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!