قدرات النياندرتاليني العقلية
nov-dec-2015
nov-dec-2015
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
(2015) 12/11<br />
أقل تعرجا من أدمغتنا ولكن حجمها كان كحجم أدمغتنا.<br />
وفي الواقع كانت أكبر حجما في كثير من احلاالت، بحسب<br />
تفسير املتخصص بعلم األعصاب القدمي )1( ]من<br />
جامعة كولومبيا[. كما أن فصوص الدماغ اجلبهية - التي<br />
تتحكم في حل املشكالت، من بن املهام األخرى - كانت<br />
مماثلة تقريبا لفصوص دماغ اإلنسان العاقل اجلبهية،<br />
وذلك انطالقا من االنطباعات التي تخلفت عنها داخل<br />
قحف الدماغ. ومع ذلك، فإن هذه االنطباعات ال تكشف<br />
االمتداد الداخلي أو بنية تلك املناطق الرئيسية في الدماغ.<br />
وهذه القوالب الداخلية endocasts تشكل أكثر األدلة<br />
املباشرة على تطور الدماغ، لكنها تكون محدودة للغاية<br />
من حيث إعطاء معلومات مؤكدة حول سلوك النياندرتالين<br />
بحسب .<br />
ففي دراسة متت في عام 2013 ونشرت على نطاق<br />
واسع، ادعت وزمالؤها ]من جامعة أكسفورد[<br />
أنها جتاوزت بعض نواقص القوالب الداخلية وقدمت<br />
وسيلة لتقدير حجم املناطق الداخلية من الدماغ. فقد<br />
استخدم فريقها حجم تويف احلجاج )العني(<br />
eyesocket كبديل عن حجم القشرة البصرية التي هي<br />
منطقة في الدماغ وتعالج اإلشارات البصرية. فقد وجدوا<br />
أن جماجم النياندرتالين التي مت إجراء القياسات عليها<br />
كان حجم التجويف احلجاجي أكبر كثيرا من التجويف<br />
احلجاجي ألفراد البشر احلديثين – وهذا كان أفضل<br />
للتلالؤم مع مستويات الضوء املنخفضة املتاحة، وفق<br />
إحدى الفرضيات، في مساكنهم الواقعة في مناطق خطوط<br />
العرض العليا - ومن ثم، فإن حجم القشرة البصرية<br />
كانت أكبر. ومع املزيد من احلاالت الواقعية املكرسة<br />
إلى معاجلة املعلومات البصرية، يجادل الباحثون في أنه<br />
رمبا كانت للنياندرتالين أنسجة عصبية أقل في مناطق<br />
الدماغ األخرى، مبا في ذلك تلك املناطق التي تساعدنا<br />
على احلفاظ على تواصل اجتماعي واسع، والتي ميكن أن<br />
تكون مبثابة املخزن ملواجهة األوقات الصعبة.<br />
لم يقتنع بهذا الطرح إذ يشير عمله اخلاص<br />
بالقوالب الداخلية إلى عدم وجود أية وسيلة لتحديد وقياس<br />
القشرة البصرية. إضافة إلى ذلك، فإن وجوه النياندرتالين<br />
كانت أكبر من وجوه البشر احلديثن تشريحيا؛ مما قد<br />
يفسر احلجم األكبر لتجويف احلجاج )العن(؛ كما الحظ<br />
أن البشر احلالين كانوا يختلفون كثيرا بأبعاد<br />
قشرتهم البصرية مقارنة مبناطق الدماغ األخرى، وهذا<br />
االختالف التشريحي ال يبدو أنه يتوافق مع االختالفات<br />
في السلوك.<br />
وقد وفرت حتاليل األحافير )2( األخرى دالئل غامضة<br />
مشابهة على <strong>قدرات</strong> النياندرتالين <strong>العقلية</strong>. ودراسات عدم<br />
تناظر األطراف وعالمات االهتراء على األسنان واألدوات<br />
)من استخدامها في التقاط األشياء مثل جلود احليوانات<br />
خالل معاجلتها( أشارت إلى أن النياندرتالين كانوا<br />
يفضلون استخدام اليد اليمنى كما نفعل نحن البشر<br />
احلديثون. ويعتبر االجتاه القوي نحو تفضيل اليد اليمنى<br />
إحدى السمات التي متيز اإلنسان احلديث عن أفراد<br />
الشمبانزي وتنسجم مع حاالت الالتناظر في الدماغ التي<br />
يعتقد أن لها صلة باللغة - وهي مكون رئيسي في سلوك<br />
اإلنسان احلديث. ومع ذلك، فإن الدراسات اخلاصة بشكل<br />
جمجمة النياندرتالين في العينات التي تناولت مجموعة من<br />
مراحل النمو، تشير إلى أن النياندرتالين اكتسبوا احلجم<br />
الكبير للدماغ من خالل مسلك للنمو يختلف عن مسلك<br />
اإلنسان العاقل. ومع أن <strong>قدرات</strong> النياندرتالين <strong>العقلية</strong> بدأت<br />
بالنمو بطريقة مشابهة لدى اإلنسان احلديث في أرحام<br />
أمهاتهم، إال أنها اختلفت عن منط النمو احلديث بعد الوالدة<br />
خالل الفترة املهمة من النمو املعرفي.<br />
وقد تكون لهذه االختالفات في النمو جذور تطورية عميقة.<br />
إنّ حتليل نحو 17 جمجمة يعود عمرها إلى ما قبل 430 ألف<br />
سنة من موقع األحافير سيما دو لوس هويسوس )3( في جبال<br />
أتابويركا شمالي إسبانيا، بنّ أن أفرادا من السكان هناك،<br />
كانوا يعتقدون أنهم أسالف النياندرتالين الذين كانت لديهم<br />
أدمغة أصغر من أدمغة أفراد السلاللة الذين أتوا بعدهم.<br />
وهذا الكشف يدل على أن النياندرتالين لم يرثوا حجم<br />
دماغهم الكبير من السلف األخير املشترك من النياندرتالين<br />
واإلنسان احلديث، وإمنا تعرَّض هذان النوعان لزيادة في<br />
حجم الدماغ بصورة متوازية خالل عملية تطورهما الالحق.<br />
paleoneurologist )1(<br />
)2( fossils؛ أو: املستحاثات.<br />
Sima de los Huesos )3(<br />
Kate Wong<br />
محررة رئيسة في مجلة ساينتفيك أمريكان.<br />
60<br />
املؤلفة