13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

الأعمال مغيرين ومبيدين،‏ فلما رأوا أن الفرنج خامدون استرسلوا وانبسطوا.‏وتو َّسط الس ُّلطان البلاد،‏ واستقبل يوم الجمعة،‏ مسته ل ّ جمادى الآخرة،‏ بالرّملة،‏ ر اح لا ً لقصد بعض المعاقل،‏ فاعترضههنرٌ‏ عليه ت ل ّ الصافية فازدحمت على العبور أثقال العساكر المتوافية،‏ فما شعروا إلا بالفرنج طا لبة ً بأطلاهبا،‏ حاز بة ًبأحزاهبا،‏ ذاب َّة ً بذئاهبا،‏ عاو ية ً بكلاهبا،‏ وقد نفر نفيرهم،‏ وزفر زفيرهم؛ وسرايا المسلمين في الضياع مغيرة،‏ و لر ِحاالحرب عليهم في دورهم مديرة.‏ فوقف الملك المظفرّ‏ تقيّ‏ الدّين وتلقاهم وباشرهم ببيضه وسُمره،‏ فاستشهد منأصحابه عد َّة من الكرام،‏ انتقلوا إلى نعيم دار المقام؛ وهلك من الفرنج أضعافها.‏وكان لتقي الدين و ل دٌ‏ يقال له أحمد،‏ أول ماطرّ‏ شاربه،‏ فاستشهد بعد أن أردى فارسا.‏قال:‏ وكان لتقي الدين أيضا ولد آخر،‏ اسمه شاهنشاه،‏ وقع في أسر الفرنج.‏ وذلك أن بعض الفرنج بدمشق خدعهوقال له:‏ تجئ إلى الملك وهو يعطيك الملك؛ وزّور كتابا فسكن إلى صدقه وخرج معه،‏ فلما تفرد به ش دّ‏ وثاقه،‏ وغل ّهوقي َّده،‏ وحمله إلى الداوية،‏ وأخذ به مالا ً،‏ وجدد عندهم له حالا وجمالا؛ وبقي في الأسر أكثر من سبع سنين حتى فك ّهالسلطان بمال كثير،‏ وأطلق للداوّية ك ل ّ من كان لهم عنده من أسير؛ فغلط القلب التقوّى على ذلك الولد جرّ‏ هلاكأخيه،‏ ولما عاد من الغزوة زرناه للتعزية فيه.‏قال:‏ ولو أن لتقيّ‏ الدين رداءًا لأردى القوم،‏ لكن النّاس تفرقوا وراء أثقالهم،‏ ثم نجوا برحالهم،‏ وصوّب ا لع دوّ‏بجملتهم حملتهم إلى السلطان،‏ فثبت ووقف على تقدمه من تخلف.‏ وسمعته يوما ً يصف تلك النوبة،‏ ويشكر منجماعته الصحبة،‏ ويقول:‏ رأيت فارسا ً يحث ّ نحوي حصانه،‏ وقد صوّب إلى نحري سنانه،‏ فكاد يبلغني طعانه،‏ ومعهآخران قد جعلا شأهنما شانه.‏ فرأيت ثلاثة من أصحابي خرج ك ل ّ واحد إلى واحد منهم فبادروه وطعنوه،‏ وقد تمكنمن قربي فما مك َّنوه؛ وهم إبراهيم بن قنابر،‏ وفضل الفيضي،‏ وسويد بن غشم المصري،‏ وكانوا فرسان العسكروشجعان المعشر.وأتفق لسعادة السلطان أن ّ هؤلاء الثلاثة رافقوه وما فارقوه،‏ وقارعوا ا لع دوّ‏ دونه وضايقوه؛ فمازال السلطان يسير ويقف،‏ حتى لم يبق من ظنّ‏ أنه يتخلف.‏ودخل الليل وسلك الرمل ولاماء ولادليل،‏ ولاكثير من الزاد والعلف ولاقليل،‏ وتعسفوا السلوك في تلك الرمالوأوعاث والأوعار،‏ وبقوا أ ياما ً وليالي بغير ماء ولاز ادٍ‏ حتى وصلوا إلى الديار.‏ وأذن ذلك بتلف الدّواب وترجلالركاب ول ُغوب الأصحاب،‏ وفقد كثير ممن لم يعرف له خبر،‏ ولم يظهر له أثر.‏ وفقد الفقيه ضياء الدين عيسىالهكاري وأخوه الظهير،‏ ومن كان في صُحبتهم،‏ فضّل الطريق عنهم،‏ وكانوا سائرين إلى وارء،‏ فأصبحوا بقربالأعداء،‏ فأكمنوا في مغارة،‏ وانتظروا من يدلهم من بلد الإسلام على عمارة.‏ فدّل عليهم الفرنج من زعم أنه يدلهبم،‏ وسعى في أسرهم وعطبهم،‏ فأسروا،‏ وماخلص الفقيه عيسى وأخوه إلا بعد سنين؛ بستين أو سبعين ألف دينار،‏وفكاك جماعة من الكفار.‏قال:‏ وما اشتدت هذه النوبة بكسرة،‏ ولاعدم نُصرة،‏ فإن النكاية في ا لع دوّ‏ وبلاده بلغت منتهاها،‏ وأدركت ك ل ُّنفس ٍ مؤمنة مُشتهاها.‏ لكن الخروج من تلك البلاد شتت الشمل،‏ وأوعر السّهل،‏ وسُلك مع عدم الماء والدليلوالرمل.‏ومما قدره االله تعالى من أسباب السّلامة،‏ والهداية إلى الاستقامة،‏ أن الأجل الفاضل استظهر في دخول بلاد الأعداءباستصحاب الكنانية والأدلاء،‏ وأهنم ماكاونوا يفارقونه في الغداء والعشاء؛ فلما وقعت الواقعة خرج بدوابه،‏وغلمانه وأصحابه،‏ وأدلائه وأثقاله،‏ وبث أصحابه في تلك الرمال،‏ والوهاد والتلال،‏ حتى أخذ خبر السلطانوقصده،‏ وأوضح بأدلائه جدده،‏ وفرّق ماكان معه من الأزواد على المنقطعين،‏ وجمعهم في خدمة السلطان أجمعين؛

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!