13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

قصدك لمم ترمعك من هذا العسكر أحدا،‏ وكانوا أسلموك إليه؛ وأما الآن بعد هذا اجمللس،‏ فسيكتبون إليه ويعرفونهقولي،‏ وتكتب أنت إليه وترسل في هذا المعنى وتقول:‏ أيّ‏ حاجة إلى قصدي؟ يجئ نجاب يأخذني بحبل يضعه في عنقي؛فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك واشتغل بما هو أهم عنده،‏ والأيام تندرج،‏ واالله كل وقت في شأن.‏ففعل صلاح الدين ما أشار به والده.‏ فلما رأى نور الدين رحمه االله تعالى الأمر هكذا عدل عن قصده،‏ وكان الأمركما قال نجم الدين؛ توفي نور الدين ولم يقصده ولا أزاله،‏ وكان هذا من أحسن الآراء وأجودها.‏فصل في الح َمَامقال ابن الأثير:‏ وفي سنة سبع وستين أمر الملك العادل نور الدين باتخاذ الحمام الهوادي،‏ وهي المناسيب التي تطير منالبلاد البعيدة إلى أوكارها،‏ فاتخذت في سائر بلاده.‏وكان سبب ذلك أنه اتسعت بلاده وطالت مملكته،‏ فكانت من حد النوبة إلى باب همذان،‏ لايتخللها سوى الفرنج.‏وكان الفرنج،‏ لعنهم االله،‏ ربما نازلوا بعض الثغور،‏ فإلى أن يصله الخبر ويسير إليهم يكونون قد بلغوا بعض الغرض؛فحينئذ أمر بذلك وكتب به إلى سائر بلاده،‏ وأجرى الجرايات لها ولمربيها؛ فوجد هبا راحة كبيرة.‏ وكانت الأخبارتأتيه لوقتها،‏ لأنه كان له في كل ثغر رجال مرتبون،‏ ومعهم من حمام المدينة التي تجاورهم،‏ فإذا رأوا أو سمعوا أمر ا ًكتبوه لوقته وعلقوه على الطائر،‏ وسرحوه إلى المدينة التي هو منها في ساعته،‏ فتنقل الرقعة منه إلى طائر آخر منالبلد الذي يجاورهم في الجهة التي فيها نور الدين؛ وهكذا إلى أن تصل الأخبار إليه.‏ فانحفظت الثغور بذلك حتى إنطائفة من الفرنج نازلوا ثغر ا ً له فأتاه الخبر ليومه،‏ فكتب إلى العساكر اجملاورة لذلك الثغر بالاجتماع والمسير بسرعةوكبس العدو،‏ ففعلوا ذلك،‏ فظفروا والفرنج قد أمنوا لبُعد نور الدين عنهم؛ فرحم االله نور الدين ورضي عنه،‏ فماكان أحسن نظره للرعايا وللبلاد.‏وقال العماد:‏ وكان نور الدين لايقيم في المدينة أيام الربيع والصيف محافظة على الثغر،‏ و صو نا ً من الحيف،‏ ليحميالبلاد من العدو بالسيف،‏ وهو متشوف إلى أخبار مصر وأحوالها،‏ وتحقيق اعتدالها بتمحيق اعتلالها.‏ فرأى اتخاذالحمام المناسيب وتدريجها على الطيران،‏ لتحمل إليه الكتب بأخبار البلدان؛ وتقدم إلى بكتب منشور لأرباهبا،‏وإعزاز أصحاهبا،‏ وهو حينئذ بظاهر دمشق،‏ مخيم بوادي الل ّوان،‏ ونحن مستظهرون في ذلك الأوان،‏ عادُون على أهلالعدوان؛ وذلك في سابع عشر ذي القعدة من السنة.‏ ثم ذكر نسخة المنشور ووصف فيه الحمام،‏ فقال:‏ ‏"هي برائدالأنباء،‏ المخصوصة بفضيلة الإلهام والإيحاء،‏ وهي فيوج الرسائل المأمونة الإبطاء،‏ والسابقات اله ُوج في الاهتداء؛والحاملات مُلط َّفات الأسرار في أقرب مدة إلى أبعد غاية،‏ والموصّلات مهمات الأخبار في وقتها من أقاصي الأمصاربأكمل هداية،‏ والقاطعات في ساعتها إلى البلاد أجواز القفار والموامي،‏ والنافذات بنجح المرام بعود السهام إلىالمرامي؛ وهي تطوي الفراسخ البعيدة والأشواط في ساعة،‏ وتنتهي إلى أقصى عنايات الطاعة بأتم استطاعة.‏ وقد ع مّ‏هبا نفع المرابطين للغزاة واجملاهدين في سبيل االله،‏ في إهداء أخبار الكفرة إليهم من أماكنها،‏ دالة على مكايدهاومكامنها،‏ طائرة بكتبهم إلى من وراءهم من الطلائع والسّرايا،‏ مظهرة لهم من أحوالها خبايا الأمور الخفايا؛ وإهنالميمونة المطار،‏ مأمونة العثار،‏ سالمة على الأخطار،‏ مهدية في الأسفار،‏ أمينة على الأسرار،‏ سابقة إلى الأوكار،‏ صادرةبالأوطار،‏ سائرة إلى المؤمنين بنبأ الكفار. "قلت:‏ وكل هذه أوصاف حسنة وعبارات مستحسنة.‏ وقد بلغني عن القاضي الفاضل رحمه االله تعالى أنه وصفهابألطف من هذه الأوصاف وأخصر فقال:‏ الطيور ملائكة الملوك؛ يشير إلى أن نزولها على الملوك من جوّ‏ الهواء نزولالملائكة على الأنبياء عليهم السلام من السماء،‏ مع فرط مافيها من الأمانة،‏ لايتوهم من جهتها خيانة.‏ فلقد أحسن

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!