13.07.2015 Views

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

ﻛﺘﺎﺏ : ﺍﻟﺮﻭﺿﺘﲔ ﰲ ﺃﺧﺒﺎﺭ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﺼﻼﺣﻴﺔ ﺍﳌﺆﻟﻒ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

فوضع علي زبن الدين من غي َّره من مصافاته ومؤاخاته.‏ فقبض عليه قطب الدين وحبسه بقلعة الموصل.‏ ثم ندم زيدالدين على الموافقة على قبضه لأن خواص قطب الدين وأصحابه كانوا يخافون جمال الدين،‏ فلما ق ُبض تب َّسطوا فيالأمر والنهي على خلاف غرض زين الدين.‏ فبقي جمال ُ الدين في الحبس نحو ا ً من سنة،‏ ثم مرض؛ ومضى لسبيلهعظيم القدر والخطر،‏ كريم الو ِرد والصَدر،‏ عديم النظير،‏ في سعة نفس،‏ لم يُروْ‏ في كتب الأولين أن أحد ا ً من الوزراءاتسعت نفسه ومروءته لما اتسعت له نفس جمال الدين،‏ فلقد كان عظيم الفتوة كامل المروة.‏قال ابن الأثير:‏ حكى لي جماعة عن الشيخ أبي القاسم الصوفي،‏ وهو رجل من الصالحين كان يتولى خدمة جمال الدينفي محبسه،‏ قال:‏ لم يزل الجمال مشغولا بأمر آخرته مدة حبسه؛ وكان يقول:‏ كنت أخشى أن أ ُنقل من الدست إلىالقبر.‏ قال:‏ فلما مرض قال لي بعض الأيام:‏ يا أبا القاسم،‏ إذا جاء طائر أبيض إلى الدار فعر ِّفني،‏ فقلت في نفسي:‏ قداختلط الرجل.‏ فلما كان الغد أكثر السؤال عن ذلك الطائر،‏ وإذا طائر أبيض لم يُر مثله قد سقط؛ فقلت له:‏ قدجاء الطائر،‏ فاستبشر،‏ ثم قال:‏ جاء الحق؛ وأقبل على الشهادة وذِكر االله تعالى،‏ وتُوفي؛ فلما توفي طار ذلك الطائر.‏قال:‏ فعلمت أنه رأى شيئا ً في معناه.‏ودفن بالموصل نحو سنة؛ وكان قد قال للشيخ أبي القاسم:‏ إن بيني وبين أسد الدين شيركوه عهد ا ً:‏ من مات منا قبلصاحبه حمله الحي إلى المدينة النبوية،‏ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام،‏ فدفنه هبا في التربة التي عملها؛ فإن أنامت ُّ فامض إليه وذك ِّره.‏ فلما توفي سار الشيخ أبو القاسم إلى أسد الدين في هذا المعنى؛ فأعطاه مالا صالحا ً ليحمله بهإلى مكة والمدينة،‏ وأمر أن يحج معه جماعة من الصوفية ومن يقرأ بين يدي تابوته عند النزول والرحيل،‏ وقدوم مدينةتكون في الطريق،‏ وينادون في البلاد:‏ الصلاة على فلان.‏ ففعلوا ذلك؛ فكان يصلى عليه في كل مدينة خلق كثير.‏فلما كان في ال ْحِل َّة اجتمع الناس للصلاة عليه،‏ فإذا شاب قد ارتفع على موضع عال ونادى بأعلى صوته:‏سَرَى نعشهُ‏ فوق الرقاب،‏ وطالما ... سَرى ب ِر ُّه فوق الركاب ونائلهيمر على الوادي،‏ فتث ُنى رماله ... عليه،‏ وفي النادي فتبكي أراملهفلم ير باكيا ً أكثر من ذلك اليوم.‏ ثم وصلوا به إلى مكة فطافوا به حول الكعبة وصلوا عليه بالحرم،‏ وحملوه إلىالمدينة فصلوا عليه أيضا ً،‏ ودفنوه بالرباط الذي أنشأه هبا،‏ وبينه وبين قبر النبي صلى االله عليه وسلم خمس عشرةذر اعا ً.‏قلت:‏ كذا قال ابن الأثير.‏ ولقد رأيت المكان ولعله أراد الحائط الشرقي من مسجد النبي صلى االله عليه وسلملانفس القبر الشريف،‏ زاده االله شرفا ً وصلى على ساكنه.‏ثم قال:‏ كان جمال الدين رحمه االله أسخى الناس وأكثرهم عطاء وبذلا للمال،‏ رحيما ً بالناس متعطفا ً عليهم عادلافيهم.‏ فمن أعماله الحسنة أنه جدد بناء مسجد الخيف بمنى،‏ وغرم عليه أموالا عظيمة،‏ وبنى الحجر بجنب الكعبةورأيت اسمه عليه،‏ ثم غ ُير وبنُى غيره سنة ست وسبعين وخمسمائة.‏ وزخرف الكعبة بالذهب والن ُّق ْرة،‏ فكل ما فيهامن ذلك فهو عمله إلى سنة تسع وستمائة.‏ ولما أراد ذلك أرسل إلى الإمام المقتفي لأمر االله هدية جليلة حتى أذنفيه،‏ وأرسل إلى أمير مكة عيسى بن هاشم خلعا ً سنية وهدية كثيرة حتى مكنه منه.‏ وعمر أيضا ً المسجد الذي علىجبل عرفات،‏ وعمل الدرج الذي يصعد فيها إليه،‏ وكان الناس يلقون شدة في صعودهم.‏ وعمل بعرفات مصانعللماء وأجرى الماء إليها من نعمان في طريق معمولة تحت الجبل مبنية بالكلس،‏ فغرم على ذلك مالا كثير ا ً.‏وكان يعطي أهل نعمان كل سنة مالا كثير ا ً ليتركوا الماء يجري إلى المصانع أيام مقام الحجاج بعرفات؛ فكان الناسيجدون به راحة عظيمة.‏

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!