10.07.2015 Views

ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ( ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴ - جامعة دمشق

ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ( ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴ - جامعة دمشق

ﺍﻟﺭﻭﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ( ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻁﻴ - جامعة دمشق

SHOW MORE
SHOW LESS
  • No tags were found...

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانمنها بكل ما تعنيه السدرة من دلالات محمولة على لغة الرمز الشفاف.‏ فالسدرة هيالتراب الفلسطيني،‏ الذي يطمح الفلسطيني أن يقيم عليها دولته بعد التحرير.‏ يقولوحيد وهو يتكئ على أسلوب الحكايات الشعبية لإثبات حقه التاريخي،‏ ولإثباتعنصرية الدولة العبرية،‏ وخرافتها،‏ القائمة على التلمود والتوراة.‏ فقد لخص الاحتلالبرمته الذي لا يستند إلى أي دليل شرعي حتى يقيم دولته.‏ يقول:‏ حكايات ألف ليلةوليلة،‏ وتاريخ الأرض حكاية.‏ وتبدأ الحكاية:‏ كان يا ما كان ...، ونحن سلبنا المكانوالزمان،‏ حكاية البيت هي حكايتي،‏ وحديث روحي.‏ وهل يمكن للمرء أيا ً كان ألايكون وفيا ً لروحه؟ إن أشد ما أحزنني يا سادتي،‏ حضرات الكتاب،‏ وأحبطني فيالوقت نفسه هو المشهد الذي يظهر فيه صاحب البيت العربي،‏ وهو يعرض أوراقملكيته،‏ وينظ ّف الغبار عن دف ّة الأبجور،‏ ويحملها بين ذراعيه كأنه يعانقها،‏ ويسندهابكل عناية وتروٍ‏ على مقعد السيارة،‏ وكأنه يعتذر لها لما حلّ‏ بها.‏ إن الذي قرر عرضالفيلم في مستهل الاجتماع قد أراحني – وأنا أشكر له – من عناء قصتي عليكم،‏وإزعاجكم بتفاصيلها.‏ فهي ما شاهدتموه في هذا الفيلم،‏ مع فارق واحد،‏ وهو أنالدكتور النشاشيبي قد زار بيته،‏ والتقط البقايا،‏ دف ّة أبجور صدئة يناجي بها روحه.‏ وأناحتى هذه اللحظة(1)لم أحصل على البقايا،‏ على سدرتي"‏ .ثاني ًا:‏ ثنائية المقاومة والسجن.1جدلية السجن ومقاومة الجسد:‏في ظل ظرف الاحتلال والمقاومة إن العدو الصهيوني ليس بحاجة إلى سبب أوذريعة لاعتقال الفلسطيني،‏ فثمة قانون يشرع لهذا العدو ما يريد ‏"بدءا ً من القوانينالعسكرية،‏ وانتهاء بقوانين الطوارئ البريطانية البائدة.‏ التي تجيز كلّ‏ أشكال القمع.1حرب،‏ أحمد،‏ بقايا،‏ ص‎147‎‏.‏205


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏(2)(1)والاستلاب،‏ وإزهاق الأرواح بدعوة الحفاظ على الأمن والنظام".‏ فقانون الاعتقالالإداري يجيز اعتقال أي فلسطيني،‏ وتحت أية ذريعة ستة أشهر قابلة للتجديد،‏ مندون تقديمه للمحاكمة.‏ وقد بلغ عدد المعتقلين منذ تموز عام 1967، وحتى تموز1993، اثنين وأربعين ألفا ً،‏ ولاسيما في أثناء الانتفاضة الأولى،‏ التي كانت حجة سهلةللاعتقال والنفي والتصفية الفردية والجماعية،‏ فمرج الزهور في جنوب لبنان،‏ وسجونالعدو المنتشرة في أرجاء فلسطين،‏ ولاسيما في صحراء النقب أمثلة حية على وسائلالعدو الصهيوني المتعددة لاقتلاع الفلسطيني من أرضه،‏ وإجهاض حركته الثورية،‏وبناه الفكرية والسياسية والثقافية،‏ وروح المقاومة.‏لقد كشفت ثنائية رؤية الفلسطيني لعلاقته بالأرض والوطن والإنسان ثنائية الثابتوالمتحول من منظورات متعددة في إطار تأصيل العلاقة الحتمية،‏ لأنها علاقة ديمومةكلية.‏ وتجسد روايات المقاومة الفلسطينية هذه العلاقة،‏ وهي ترصد المشهد2001، ص‎120‎‏.‏.1978.1.2طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ سيرة كتسيعوت،‏ أنصار(‏‎3‎‏)،‏ منشورات بيت المقدس،‏ينظر:‏ حرب،‏ أحمد،‏ رواية إسماعيل،‏ وكالة أبو عرفة للصحافة والنشر،‏ القدس،‏بقايا،‏ المؤسسة العربية للدراسات والنشر،‏ بيروتالأسعد،‏ أسعد،‏ عربي الذاكرة،‏ بيت المقدس للنشر والتوزيع،‏ رام االله،‏أبو شاور،‏ رشاد،‏ أيام الحب والموت،‏ دار العودة،‏ بيروت،‏الرب يستريح في اليوم العاشر،‏ دار الحوار للنشر والتوزيع،‏ سورية،‏ اللاذقية،‏العشاق:‏ مطبوعات وزارة الثقافة – فلسطين،‏ ط‎5‎‏،‏ سلسلة الإبداع الأدبيالقاسم،‏ أفنان،‏ مداد حرب،‏ المؤسسة العربية للدراسات والنشر،‏ بيروتحبيبي،‏ إميل،‏ الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل،‏ دار الجليل،‏ بيروت،‏.2003.1986.1999 ،(16).1966.1973.1997:::::::.1992::::خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏ د.ت.‏الناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً،‏ المركز الثقافي الفلسطيني ‏(بيت الشعر)،‏ ط‎1‎‏،‏الناعوري،‏ عيسى،‏ الحواف،‏ اتحاد الكتاب الفلسطينيين،‏ القدس،‏كنفاني،‏ غسان،‏ عائد إلى حيفا،‏ الآثار الكاملة،‏ المجلد الأول الروايات،‏ ط‎2‎‏،‏ دار الطليعة للطباعةوالنشر،‏ بيروت،‏أم سعد،‏ الآثار الكاملة.‏طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ سيرة كتسيعوت،‏ أنصار(‏‎3‎‏).‏عسيران،‏ ليلى،‏ خط الأفعى،‏ دار الفتح،‏ بيروت،‏يخلف،‏ يحيى،‏ بحيرة وراء الريح،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏نهر يستحم في البحيرة،‏ دار الشروق للنشر والتوزيع،‏ رام االله،‏ عمان،‏.1999.1997.1993.1973.1991.1983:::::206


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانالفلسطيني كله،‏ بنسبه وظلاله وألوانه وأبعاده،‏ ودلالاته،‏ وخلفيته،‏ وقوامه:‏ الدموالموت والقتل والاغتيالات والاغتصاب،‏ واستباحة الحرمات،‏ وكل ما لا يمتللإنسانية السوية بصلة.‏ ورغم ذلك فإن الفلسطيني يجب ألا يموت من أجل الموت.‏(1)ولكنه يعشقه إذا تعل ّق بثنائية الوطن والروح ، وإذا وضع أمام اختيار طرفي ثنائيةالموت والحرية،‏ فإنه يختار الموت من أجل الحرية.‏ويصف المتوكل طه في روايته ‏(الأفعى)‏ ممارسات العدو البشعة في الاعتقالوالتعذيب بطرائق متعددة ومختلفة،‏ تتنافى وأبسط حقوق الإنسان،‏ وحقه في أن يحيابحرية وكرامة،‏ وأن يتعامل معه بوسائل تنم عن رؤية حضارية،‏ ولكن العدوالصهيوني المجرد من الملامح الإنسانية كلها لا يستطيع التعامل مع الفلسطيني،‏ بمايليق به كإنسان،‏ ولاسيما في ظل الاعتقال الإداري،‏ والمحاكمات التعسفية،‏ ذاتالأحكام المعدة سلفا ً.‏ ورغم ذلك فقد تقبل الفلسطيني كل هذا العنت والكره والاضطهادوالتنكيل لأنه صاحب قضية لا تقبل التجزئة،‏ أو المساومة،‏ ولأنه خارج معادلةالمنطق والنسق الطبيعي للحياة،‏ وخارج إطار قانون النماء.‏ فهو نسيج وحده تحتالاحتلال بكل ما يعانيه من آلام،‏ ونزع قسري يغل ّف كل شيء عدا الوجعتقبل فكرة الاحتلال.‏ ويصف المتوكل طه المعاناة والتنكيل في أثناء الاعتقال الإداري،‏(2)، وعداوقوة التحمل،‏ إذ لا يقبل الفلسطيني التردد إذا خير بين الحرية أو السجن أو الموت،‏فإنه يختار الحرية بثمنها الباهظ من:‏ الموت أو الاعتقال الذي يحرمه ممارسة أبسطحقوقه الإنسانية في الوجود والتفكير والعمل والتحرك.‏ فالسجن يؤسطر الإنسان فيقوالب سلوكية وفكرية محددة،‏ تتحرك في إطار علاقات السجن،‏ وتداعي الذكرياتوأحلام الثورة،‏ والواقع المجهض الموئس داخل السجن،‏ والأمل بالخروج من بينالقضبان وجدرانه.‏ كما يظلّ‏ الإنسان في السجن حبيس رغبته وأفكاره،‏ ويمارسسلوكه الوهمي ورؤيته المتخيلة بلا حدود.‏(3)ويصف المتوكل طه المعاناة المتجسدة حقيقة قائمة من تنكيل وتعذيب.‏ لقد أوقفيومين كاملين،‏ من دون تناول شيء من الماء أو الطعام،‏ على قدم واحدة ويداه.1.2.3ينظر:‏ الأسعد،‏ أسعد،‏ عربي الذاكرة،‏ ص‎51-50‎‏.‏ينظر:‏ الغزاوي،‏ عزت،‏ الحواف،‏ ص‎83-82‎‏.‏ينظر:‏ الأسعد،‏ أسعد،‏ عربي الذاكرة،‏84207


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏مرفوعتان في الهواء،‏ من دون أن ينزل ساقه الأخرى إلا ّ عند تبديل إحداهمابالأخرى.‏ أما الوجبة الدائمة فهي ‏"اللطم والهراوة والبسطار الذي يلصقك بالحائط.‏ولزيادة وجبة العذاب والإهانة فإنه ليس من المستغرب أن يرمي الحراس فوقك قشرالبطيخ،‏ أو قاذورات أخرى مختلفة.‏ ولكنك تتوقعها من لزوجتها،‏ أو رائحتها الكريهة.‏ولقد أصبح ذلك الجدار شبيها ً بحائط البراق.‏ غير أن هذا الجدار أكثر قدسية من حائطالمبكى الذي سرقوه من البراق،‏ وجعلوه شاهدا ً على تضرعهم الكاذب،‏ ودموعهم(1)المخاتلة الوقحة"‏ .ويجسد الراوي في رواية ‏(الأفعى)‏ الرؤية الفلسطينية،‏ التي لا تقبل النقض فكلمااشتد العذاب،‏ ازداد الوعي والعمل الثوري،‏ والتوحد بالأرض،‏ والنماء فيها حتىيتحول إلى خلية حية نامية متطورة في إطار نسيجها الحي،‏ الذي يمده بأنساغ الحياةكلها.‏ كما عد أشجار الزيتون والجميز المعادل الموضوعي للأصالة والتوحد.‏ ويصفالمتوكل طه/‏ الكاتب الراوي/‏ هذا التوحد عبر إحساسه أنه وهو يقف إلى الجدار ويداهمرفوعتان إلى أعلى وكذلك إحدى ساقيه بأنهما:‏ ‏"غصنا شجرة،‏ وأنني جذع شجرةمنزرعة في الأرض.‏ وبعد قليل ستضرب جذورها أكثر في عمق الأرض،‏وستبرعم أصابعي وذراعاي.‏ وستطلق أذناي وأنفي وبصيلات شعري ورقا ً،‏ وسأصبحمثل الجميزة الراسخة.‏ ويبدأ النسغ يتصاعد من أخمص قدمي إلى جبيني وأطرافأصابعي.‏ وأصبح جلدي سميكا ً،‏ وأكثر صلابة وخشونة.‏ وهاهو كتفي يتفتح ليخرج(2)غصن جديد،‏ وتنشق خاصرتي ليطلع منها برعم جديد"‏ .لقد كثرت المعتقلات والسجون الإسرائيلية بتصاعد الانتفاضة الفلسطينية الأولىوالثانية،‏ فسجن كتسيعوت أو أنصار(‏‎3‎‏)‏ في بئر السبع بني في عام1988 معتفجرالانتفاضة الأولى،‏ بوحداته الثلاث،‏ إذ تشمل كل وحدة عدة أقسام،‏ وكل قسم يضممجموعة من الخيام،‏ في كل خيمة عشرون معتقلا ً،‏ يفصل بينها حواجز لا يخترقها.1طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ ص‎37‎‏.‏2. المصدر السابق،‏.38-37208


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانالطير،‏ وتفتقد بتصميماتها أدنى حقوق الإنسان.‏ فالعقلية أو الفكر الشوفيني يعيد إنتاجنفسه دائما ً عبر التاريخ،‏ وكأن ‏"التاريخ يفقد دوره وحكمته لدى سدنة هذا الفكر.‏ وتبدوالعنصرية في التاريخ خارج حدود القيمة الروحية أو الأخلاقية.‏ وتدخل حدود المرضالذي له أعراض معينة ومدونة،‏ منها؛ استعمالها المفرط والعصبي لكل أنواع القوة،‏وغرورها وأشكالها.‏ فهي سرعان ما تقتل وتقمع وتبني السجون،‏ ومراكز الاعتقال(1)والتعذيب"‏ .إن معتقل أنصار (3)، أو المدينة الجهنمية الفاضلة،‏ وفق تسمية معتقلي المقاومةله،‏ آخر ما توصلت إليه العقلية الفاشية العنصرية في هندسة أشكال من المعتقلاتوتصميمها(4)في ‏"تنميط جزيرة عقاب صحراوية بعيدة ومنعزلة،‏ مستفيدة من سرمدية(2)الصحراء،‏ وأبدية الشمس،‏ من عقاب القر وخناجر الحد‏"‏ . لقد أريد لهذا المعتقل وفقرؤية المتوكل طه في روايته التسجيلية والتوثيقية تقطيرا ً لكل المعسكرات الإمبرياليةالسابقة،‏ وتركيزا ً لكل تجارب إجهاض الثورات والشعوب،‏ من خلال الاحتكاك اليومي(3)بين القاتل وضحيته،‏ بين السجان وسجينه.‏لقد استوعب الفلسطيني أشكال العذاب والاضطهاد كلها في هذه المعتقلات،‏وطوع جسده أولا ً للتعامل معها،‏ وحصن إرادته ثانيا ً،‏ وتعامل معها بروحه،‏ روحالمقاومة ليجعل جسده قادرا ً على استيعاب الحر والقر صيفا ً وشتاء‏.‏ فالصحراءالفلسطينية أم رؤوم،‏ رغم خلوها من كل أسباب الحياة.‏ لقد طوع الفلسطيني المعتقللخدمة أهداف المقاومة والثورة في الوقت الذي أريد له أن يكون أداة قهر وإحباطواستسلام لإرادة العدو؛ لأن هذه المعتقلات أقيمت على قاعدة العقلية الاستعمارية التيتشرب من نبع واحد،‏ فأنصار(‏‎3‎‏)‏ هو عالم الدوس هكسلي و ‏(جزيرة العقاب)،‏ كماتصورها فرانز كافكا.‏ تلك العقلية التي تعتقد واهمة ً بأنها تستطيع أن تجبر الإنسان فينقطة ما على التخل ّي عن قيمه ومبادئه وقوة إرادته وروحه وأحلامه وطموحاته،‏ بكل(5)أفانين التعذيب،‏ وزرع اليأس،‏ وتذويب الإحساس بالتميز،‏ وقتل الإبداع.‏.1.2.3.4.5طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ ص‎37‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎40‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎177‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎77‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎176‎‏.‏209


2(1)(مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليان‏(العشاق)‏ لرشاد أبو شاور في إطار الموازنة المقارنة بين الروح والوطن.‏ يقول أبوجميل الذي فقد بعض أعضائه عندما كان عضوا ً فاعلا ً في نقل الأسلحة للثوار عام:1948‏"يا حسرتي.‏ فقدنا بدنا،‏ وفقدنا الوطن.‏ آه لو فقدت حياتي،‏ وظلّ‏ الوطن"‏( 1)..2ويكشف هذا الارتباط أن علاقة الفلسطيني بالأرض والوطن هي علاقة ثابتة علىالدوام،‏ لا تقبل الجدل أو المساومة أو التجزئة رغم الانتماءات المرحلية لهذا الاتجاهأو ذاك،‏ أو لهذه الفكرة أو تلك.‏وعلى الرغم من ظروف المعتقلات والسجون بكل ما تحمله من معانٍ‏ ودلالات،‏وما يتم فيها من ألوان العذاب المختلفة،‏ وبكل مشكلاتها اللاإنسانية،‏ واللاأخلاقية.‏ فإنالمعتقل الفلسطيني،‏ ورغم كل ظروف القهر والإحباط،‏ لم يتوان عن ممارسة حق ّه فيتثقيف غيره ووضعه على جادة الصواب،‏ ولاسيما ضعاف النفوس الذين ينهارون أمامضغوط التعذيب النفسي والجسدي والأسري،‏ ثم يصبحون أدوات بيد العدو الصهيوني.‏ثنائية السجن والتثقيف الثوريإن مدينة الفلسطيني،‏ معتقل أنصار(‏‎3‎‏)،‏ نقيض مدينة العدو الجهنمية التي جمعتفي ثنايا رمالها الصحراوية،‏ روح المقاومة في أعمال كل من يوليوس فوتشيك في‏(تحت أعواد المشانق)،‏ وأوراق معين بسيسو،‏ وشرق المتوسط لعبد الرحمن منيف،‏وأشعار ناظم حكمت،‏ ونفحات خريجي المعتقلات العربية،‏ وروح رواية ‏(المفاتيحتدور في الأقفال)‏ لعلي الخليلي،‏ وما قاله عدنان جابر في القيد والحرية وكتاب ‏(السجنليس لنا)‏ لمعتقلي سجن نفحة،‏ الذي أعده وحرره عطا القيمري و(سجينات الوطنالسجين)‏ لريموند الطويل2)إن ثنائية الرؤية لماهية معتقل أنصار(‏‎3‎‏)‏ تحمل في طياتها روح المقاومة ورياحالتغيير،‏ وتمتد هذه الرؤية لتشمل كل فلسطيني في أرض المعتقل،‏ وكلّ‏ موجودات هذه.1.2أبو شاور،‏ رشاد،‏ العشاق،‏ ص‎13‎‏.‏ينظر:‏ طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ ص‎776‎‏.‏211


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏الأرض من أحجار وأشجار وصحراء وجبال ومدن وبيوت تعجن حناءها ليوم الفرحالأكبر،‏ تحت شبابيك القتلة والجزارين - العدو الصهيوني-،‏ لدحر العدو وإرغامهعلى العودة إلى التيه الأكبر،‏ القادم الطويل،‏ ما دام العدو مرهونا ً ‏"لعقدة الأغيار،‏ وحلّ‏المفاصل المثالي.‏ وما دام الفلسطيني مضطرا ً ليحمل أمته العربية الإسلامية علىكتفيه،‏ ويمضي بها إلى(1)(2)فضاءات القرن الجديد"‏وفي ظل هذه الرؤية لم يتوان إنسان المعتقل في مختلف سجون العدو الصهيونيعن تنظيم صفوفهفي أطر منظمة بدقة وعناية،‏ لها أصولها وقواعدها ونظمها التييجب أن تراعى لذا وزع السجناء وفق الفئات العمرية والجغرافية والسياسية،‏والمستوى الثقافي.‏ ويأتي هذا التصنيف في إطار الحرص على مستويات،‏ وتكييفهم بمايتلاءم وظروف السجن،‏ وليسهل تنظيمهم وتثقيفهم وتأهيلهم وفق ما يتطلبه،‏ وتكريسها(2)(3)وفق مستوياتها الثلاثةوبدهي أن تكون اللقاءات المتعددة في إطار الندوات الثقافية والفكرية،‏ وفيمجالات الأدب والفنون،‏ مجالا ً للتثقيف الأيديولوجي والسياسي،‏ وأداة صقل الشخصية(3)ولم تقتصر(4)على أسس الثوابت الفلسطينية،‏ وفق تخصص المحاضر واهتمامهالندوات على إنسان المعتقل فحسب إنما تعدته لتوسيع دائرة الحوار،‏ فقد استقبل معتقلوأنصار(‏‎3‎‏)‏ إسحاق رابين صاحب أوامر تكسير عظام الأطفال والمعتقلين وأطفالالحجارة،‏ تحت مظلة الحوار،‏ حاول من خلالها أن يبرر إجراءات وزارة الحربالصهيونية التعسفية،‏ التي يقودها بشراسة وسادية ضد الأطفال والعزل،‏ لكن ممثلالمعتقلين‏(لؤي عبده)‏ تحدث إليه باللغة العبرية،‏ ورد عليه بقوله:‏ ‏"إن إجراءاتالاحتلال هي إجراءات فاشية نازية.‏ وإننا سنمضي ق ُدما ً في الانتفاضة حتى نتخلص.1.2.3المصدر السابق،‏ ص‎182‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎33-32‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏.75-58212


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏لا شك أن سياسة الندوات والمحاضرات واللقاءات والاحتفالات في السجون،‏بالتغذية الراجعة للسجناء،‏ كانت رافدا ً حقيقيا ً للثورة،‏ انتقلت بها من مرحلة إلى أخرىأكثر تفجعا ً وتطورا ً.‏ تبدت في أطر التعارف،‏ وتعزيز اللحمة بين أبناء القرىوالمجتمعات والمدن على الصعيد الأمني والاقتصادي.‏ لقد تعرف إنسان المعتقل–باسل – الشاب،‏ صغير السن إلى اصطلاحات ومفردات لم تكن مألوفة له،‏ ‏"هزت ثقتهبنفسه،‏ وجعلته ينظر إلى الآخرين بإعجاب أكبر:‏ براجماتية،‏ ديماغوجية،‏ رأسمالية،‏(1)شيوعية،‏ اشتراكية،‏ كمبرودورية"‏ .كما كشفت دائرة رؤيته عبر هذه الندوات،‏ خرج عنها في سلوكه الثوري الذيتطور إلى درجة حمل السلاح ضد العدو الصهيوني وتنفيذ عمليات فدائية.‏ ولم تقتصرالندوات على السلوك الثوري فحسب،‏ إنما تعدته إلى ما بعد التحرير وطرد العدوالصهيوني من فلسطين.‏ وما يجب أن يقوم به أصحاب رؤوس الأموال من تصنيع.‏وقد طرح صالح أسئلة في الندوة عن أسباب تخل ّف البلاد اقتصاديا ً،‏ وعن تخل ّفالعمال،‏ وعن غياب الثقافة والتقنية،‏ والانتماء الحقيقي للوطن.‏ وبين أنهم مسؤولونكل ّهم.‏ يقول:‏ ‏"أنت مسؤول،‏ وأنت وهو وهي،‏ وأنا قبل الجميع.‏ لا يكفي أن أقول أنا(2)مسؤول لأمارس عملية التفكير وأستريح"‏ ، كما حث ّ على ضرورة التعليم والعملوالتخطيط،‏ لأن الاحتلال لن يدوم.‏ لذا يجب التطلع نحو المستقبل.‏ كما تساءل عنمصير عائدات حقول النفط العربية المخزونةفي البنوك الغربية التي يستثمرهاالغرب،‏ ويبني بها أوروبا وأمريكا صناعيا ً وتقنيا ً وزراعيا ً تطورا ً وتقدما ً.‏ وبين أناحتياطي البترول لن يدوم،‏ لذا يجب أن يستغلّ‏ العرب البترول في التصنيع قبل فواتالأوان.‏.1.2خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ ص‎104‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎53‎‏.‏214


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانتركت بصماتها على حياة المجتمع الفلسطيني.‏ وقد بدا هذا التغيير في إطار فلسفةالمواقف والرؤى في داخل بنية فكر المجتمع الفلسطيني.‏ ولا نستغرب من بعضالقيادات الفلسطينية قبل الاحتلال/‏ 1967، المعادل الموضوعي للقيادات العربية،‏تسويغ هذه التحولات،‏ فقد ألقى باللائمة على العدو الصهيوني عبر المؤتمراتالصحفية لوكالات الأنباء العالمية،‏ حيث المصورون الأجانب ولاسيما مصوريالتلفزيون الفرنسي.‏ فقد قال واحد ممن يتربعون في أعلى درجات السلم الطبقي:‏‏"العمل في إسرائيل فرض على عمالنا فرضا ً.‏ نحن لسنا الملومين،‏ ولا التركيبالاجتماعي ملوم.‏(1)الاحتلال هو الملوم"‏ .وفي الاتجاه الآخر فإن هذه الرؤية المستلبة أو المعماة عن رؤية الواقعالمجهض،‏ وعن غياب الفواعل الفلسطينية والعربية،‏ لم تغب عن رؤية الجيل الجديدفي ظل الاحتلال ومقاومته.‏ ففي الوقت الذي يرى فيه أسامة ضرورة الكفاح المسلحلتغيير المعادلة على أرض الواقع،‏ يرى عادل ضرورة أن يسهم رجال الاقتصادالعرب على اختلاف أقطارهم ولاسيما الفلسطيني،‏ في تنمية إنعاش الاقتصادالفلسطيني وتنميته حتى يستطيع الفلسطيني المقاومة.‏ فالخبز أولا ً،‏ أما الاعتباراتالأخرى فتأتي لاحقا ً.‏ ويبين الحوار بينهما اختلاف الرؤية والمواقف والمواقع،‏ اختلافالنظرية والتطبيق بين المثالية والواقعية.‏ يقول أسامة:‏ ‏"تفسيري الوحيد هو أنكم تخلفتمعن الركب الثوري.‏ الناس في الخارج يلاحظون هذا،‏ ويكتبون عنه.‏- يكتبون عنه؟ دعهم يلاقون ما نلاقي،‏ وسنرى أي الأمراض ستظهر.‏- لا.‏أنا لا أقصد الآخرين.‏ أقصد ناسنا نحن.‏- عن أي أناس تتكلم؟ عن المغتربين في الكويت والظهران ودول الخليج.‏ دع هؤلاءيسهموافي تصنيع الضفة والقطاع فنترك العمل هناك فورا ً.‏ ولكنهم لن يفعلوا.‏.1خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ ص‎84-83‎‏.‏217


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏أتعرف لماذا؟ لأن أي واحد منهم لن يجازف ببعض ماله.‏ ويريدون منا أن نتحملعبء المجازفات والتضحيات بكل شيء وحدنا؟.‏- نعم.‏يجب أن تفعل هذا.‏ فنحن المسؤولون عن الصمود أولا ً وأخيرا ً.‏- وإذا جعنا فكيف نصمد؟- الجوع يفجر الثورة.‏ لماذا تبتسم؟ هذه نظرية معروفة.‏ ألا تفهم؟- والناس الذين تتكلم عنهم.‏ ماذا يفعلون؟ يجوعون؟ يا عزيزي هؤلاء يكدسونالأموال ويشترون الأسهم والعقارات في(1)بيروت وأوروبا"‏ .ويجب ألا نستغرب هذا التحول في ظل قانون التطور الطبيعي سياسيا ً واقتصاديا ً،‏لكن المجتمع الفلسطيني،‏ الذي لم تعد تحكمه قوانين سياسية أو اجتماعية أو إدارية،‏ نمانموا ً فرديا ً بطريقة أو بأخرى في ظل سياسة الاحتلال المتعمدة لتخريب بنية فكر هذاالمجتمع ورؤاه،‏ وحقوله الاقتصادية والأخلاقية.‏ فتبدلت الرؤى والعلاقات والأساليبداخل بنية المجتمع الفلسطيني بفئاته المختلفة،‏ وطفت الطفيليات والطحالب لتحتل ساحةالعلاقة والروابط الفلسطينية،‏ كما علت على سطح العلاقات الاجتماعية الفئات المفرغةفكريا ً وثقافيا ً،‏ والفئات التي كانت في(2)قاع المدينة .ويرصد هذا التحول ويجسده الحوار بين أسامة الكرمي إحدى شخصيات رواية‏(الصبار)‏ بعد أن عاد إلى نابلس من السعودية ليمارس العمل الثوري،‏ وابن خاله عادل– ابن الطبقة البرجوازية.‏ وقد بين الحوار بما يعنيه من دلالات ورموز أن أسامة لميستوعب بعد التحولات والمتغيرات التي شاهدها في مدينة نابلس،‏ ولاسيما تخمةالمتعاملين مع العدو الصهيوني.‏ والعاملين في مصانع العدو،‏ ومزارعه ومنشآتهوحقوله،‏ فوقف منها موقف المستنكر الرافض لها.‏ كما كشف مدى التغلغل الثقافي غيرالمنظور للسلع الاستهلاكية،‏ والتشكل النفسي – الانعكاس الحقيقي لمجموعة المتغيرات.1.2خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ ص‎84-83‎‏.‏ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎43‎‏.‏218


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانفي المجتمع الفلسطيني.‏ يقول أسامة:‏ ‏"ماذا حدث للبلد؟ ماذا حدث للناس؟ ماذا حدثلكم؟ لقد تغيرتم.‏ حتى الصبية يدخنون في الشوارع،‏ ودعايات الأفلام الجنسية الفاضحةتلطخ الشوارع.‏ والناس يلتهمون الكنافة،‏ ويبتسمون.‏ وأنت أيضا ً تبتسم.‏ ماذا حدثلكم؟ ماذا حدث للبلد؟ أبطروكم.‏ أشبعوكم،‏ ولا أرى في عيونكم ومضة خجل.‏قال الشاب الطويل،‏ وهو يمسح وجهه بكفه الكبيرة:‏ قلت الشيء ذاته عندما كنتفي عمان.‏ لا تستغرب...- ماذا يفعل الشباب أمثالك لمواجهة ما في الداخل؟- ما فعلتموه في الخارج...- عدم وضوح الرؤية!!‏ أنتم الملومون.‏ أنتم أصحاب القضية.‏- استعمل صيغة جمع المتكلم إذا سمحت.‏- ولكن !!- ولكن.‏- قال أسامة بحدة ونفاذ صبر:‏ الصورة واضحة.‏ ألا ترى؟(1)- للصورة أكثر من بعد واحد"‏ .وفي ظل هذه الرؤية إن الفلسطيني لا يرى بصيص أمل،‏ أو انفراجا ً يلوح فيساحة المشهد الفلسطيني،‏ إذ كلّ‏ الظروف والأوضاع والعلاقات،‏ ومعطيات الحياة بكلأوجهها سياسيا ً واقتصاديا ً وعربيا ً لا تعطي أملا ً برؤية نقطة ضوء في نهاية النفقالفلسطيني.‏ ويسجل عادل هذه الصورة القاتمة عبر تيار الوعي الذي كشف تشردالفلسطيني وغربته واغترابه في وطنه ونفيه.‏ يقول:‏ ‏"الاحتلال!‏ كلمة لها أكثر منمعنى.‏ والنفي!‏ واقع نعيشه في لب الوطن.‏ والتعذيب!‏ هواية يحترفها قواد السياسة فيهيئة الأمم.‏ وغوصي يا بلدي في(2)الوحل،‏ ولتقل على الأرض السلام"‏ . ولتكتملثنائية الرؤية لديه للواقع الفلسطيني والعربي المجهض،‏ يقول أسامة عبر تيار الوعي،‏.1خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ ص‎28-27‎‏.‏219


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏الذي استدعاه سماعه أغنية فريد الأطرش،‏ كشف به رؤيته لشبكة العلاقات العربية–العربية.‏ وتدل على تحييد زمن فعل الأمة بما يتفق والسياسات الدولية،‏ لأن زمن الفعلقد أخليت ساحته،‏ بعد أن نزعت من السياسة العربية مقاومة الاحتلال،‏ جراء الحصارمن بعض الدول العربية للمقاومة الفلسطينية،‏ والاتفاقات العربية الصهيونية،‏ يقول:‏‏"مازال يتغنى بيوم مولده الشقي.‏ وكيسنجر يبشر بحلّ‏ القضية،‏ والأعيان في الضيافةيناقشون تقنيات السياسة الدولية.‏ وأم صابر تقرأ آية الكرسي وتهمهم:‏ لو كانت إيده(32)الشمال؟"‏ ..2ثنائية الكفاح المسل ّح والفلسفة الصبريةإن ثنائية الرؤية لواقع الفلسطيني،‏ وما يجب أن يكون عليه حتى يخرج من هذهالسيزيفية العبثية،‏ وعبثية الولادة والتاريخ،‏ التي وصلت إلى حد الجنون أو الموت،‏لابد أن تقود إلى الحراك السياسي والتمرد والمقاومة بعد أن أصبح مستلب ًا في ظلمعطيات الواقع المحلي.‏ ولعل عودة راوي ‏(هل قتلتم أحد؟)‏ لسلمان الناطور إلىمخزون الذاكرة الفردي والجمعي لتاريخ فلسطين الحديث،‏ مؤشر حقيقي على بدايةزمن الفعل.‏ فقد ولد الراوي بعد احتلال عام1948، وانتظمالسويس/‏ 1956، وأنهى دراسته الثانوية العامة في حرب حزيرانفي سلك التعليم يوم حرب1967، وتزوجفيحرب أكتوبر/‏ 1973، وولد له الطفل الأول في حرب الليطاني،‏ والثاني في حربلبنان1982، والثالثفي حرب الخليج الثانية عام.1991وقد استخدم الراوي ضميرالمتكلم ليثبت خصوصية ماهية الإنسان الفلسطيني ووضعه الذي سيقود للتمردوالتفجير ذات يوم:‏ ‏"يبدو لي أننا جيل محكوم عليه بالأشغال الشاقة.‏ سيزيفي إلى حدبعيد.‏ منكوب حتى إشعار آخر.‏ ليس أمامه خيار إلا ّ أن يكون متمردا ً.‏ وإلا ّ كيف.2.3المصدر السابق،‏ ص‎53‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎53‎‏.‏220


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانرفض هاجس الانتحار...(1)بعد الحرب الأولى فقد صرنا شهادة تاريخية"‏ .نحن جزء من زمان ومكان هنا لكل الناس.‏ لكن لأننا ولدنالقد وعت الرواية العربية لعبة َ التاريخ،‏ وحقولَ‏ النسيان،‏ وتراكمات الزمن،‏(2)ومحاولات تزييف التاريخ والثقافة والفكر والواقع والجذور الحضارية ، وبدهياتِ‏الحياة الفاعلة،‏ وإرهاصات ولادة أجيال جديدة ذات دلالات متعددة،‏ وأطر رمزيةمتعددة،‏ تصب في خانة إثبات الذات،‏ حتى يتشكل النهر الفلسطيني الجارف،‏ المقاوممعاول التغيب والهدم والإبادة.‏ تسعفه في ذلك ذاكرته المشتعلة.‏ ولعل تساؤل راوي‏(هل قتلتم أحدا ً؟)‏ عن امحاء ذاكرة الأجيال الفلسطينية،‏ بعد احتلال معظم فلسطين عام1948، ومحاولات طمس الهوية الذاتية والحضارية والقومية والدينية،‏ يدلّ‏ على ثباتهذه الهوية على الرغم من محاولات طمسها،‏ وطمس جذورها التاريخية،‏ ويدلّ‏ علىنهضة الفلسطيني الجديدة بعد أن نفض الغبار عن نفسه،‏ وكشط وجه الطفولةوالتاريخ،‏ يقول الراوي متسائلا ً:‏(3)‏"هل نحن جيل بلا ذاكرة؟"‏ وليثبت أن هذا الجيل لميفقد الذاكرة على الرغم من كل محاولات إبادة الوعي التاريخي،‏ يلجأ مثل غيره منأبناء جيله،‏ إلى حضن الطفولة الجمعي،‏ وتراثها ومخزونها الاستراتيجي،‏ بكل أبعادهاودلالاتها وألوانها،‏ وبكل ما تحمله من هموم،‏ يشكون لها فقد فردوسهم،‏ ويحملونهاأحزانهم وشقاء عمرهم،‏ ويستنجدونها لتمدهم بأشكال القوة والمقاومة كلها.‏ فهم يعونأن ّهم ولدوا منزوعي الأحلام الطفولية والثرثرة،‏ أو التفكير بلا شيء،‏ ولا يملكونالوقت لمعرفة إن كان هذا الوقت هباء،‏ لاعتقادهم أنهم منذورون بالالتزام بالقضيةعلى حساب رفاهيتهم.‏وتبدو المقارنة بين جيلي ما قبل النكبة/1948/وما بعدها،‏ بكل ما يحمله كلجيل من دلالات ورموز،‏ صورة حية لمعطيات السلب والإيجاب لكلا الجيلين.‏ فالجيل.1.2.3الناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً؟،‏ ص‎3‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎92-91‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎5‎‏.‏221


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏الأول منح نفسه لذائذ الحياة كلها.‏ أما الجيل الثاني فقد بدت صورة شخصيته حادةعملية،‏ باللغة الفصيحة المبسطة التي اقتربت من إطار الأمثلة الشعبية،‏ وتداخلالكلمات العامية بالفصيحة،‏ لرسم الواقع الفلسطيني ودلالات مشهده.‏ يقول الراوي:‏‏"هكذا كان هذا الجيل يصوغ مفهومه لهدأة البال،‏ تماما ً مثلما صاغ جيلنا مفهومهلحتمية التاريخ.‏ وكنا نقنع أنفسنا أن هذا هو قدرنا،‏ وأننا يجب أن نكون قنوعين أوسعداء رغما ً عن ّا.‏ فخربط التاريخ ‏(أو قل:‏ القدر)‏ كل حساباتنا وخرجنا مثل مصيفيالغور.‏ لم يبق لنا إلا ّ تاريخنا.‏من عمل(1)وهذه نعمة كريم"‏ .ويدلل الراوي على حيوية هذه الطفولة وذاكرتها الجمعية،‏ وهو يفتخر بما قام به– فيإطار المعادل الموضوعي،‏ المحمول على دلالات رمزية تاريخية،‏وواقعية وعملية،‏ فقد أخبر أهله عن شيخ فقد الذاكرة،‏ يقول:‏ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة.‏(2)ستأكلنا الضباع"‏ .ل"‏ ولاي لأكلته الضباع.‏إن رؤية الشخصية الفلسطينية،‏ لضرورة اعتماد الذاكرة الفلسطينية،‏ الامتدادالتاريخي لموروثها الحضاري والثقافي والفكري،‏ ولمخزونها الجمعي،‏ ترىفي إطارثنائية العلاقة بين الفكر الشيوعي الروسي،‏ والفكر الشيوعي العربي ضرورة تحييد كلما لا يتعل ّق بالهوية الفلسطينية العربية،‏ حتى لا تتشعب الرؤية وتتفسخ وتترهل.‏ وقدتبدت هذه الرؤية الاعتبارية في الحوار بين التنظيمات الفلسطينية،‏ التي يستند بعضهاإلى مناهج فكرية وكتل وأحزاب لا تمت ُّ لبنية الفكر العربي الحضارية وموروثهاالقومي والديني بصلة،‏في إطار القفز على القضايا القومية المعاصرة والملحة.‏فيسري أراد أن يستمر الحوار عن تاريخ الحزب الشيوعي،‏ ورموزه،‏ وثورة أكتوبرالاشتراكية،‏ على قاعدة رؤيته أنها غيرت مجرى التاريخ الحديث،‏ وذلك على حسابتاريخ الأمة العربية والإسلامية،‏ أما زيد فيريد مناقشة التاريخ العربي،‏ وظاهرة.1.2الناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً،‏ ص‎51‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎13‎‏.‏222


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانلقد سجلت هذه الرؤية أن التعايش مع العدو مستحيلة،‏ وأن الصراع ضده طويل.‏لذا يجب مقاومته بالسبل كلها،‏ بالكلمة والحديد والنار،‏ وبكل الوسائل المشروعة وغيرالمشروعة،‏ فزيد الذي تسلل إلى الضفة الغربية،‏ حتى يعيش بأمن وطمأنينة وحرية.‏سقط قناع توهمه بإمكانية هذا التعايش؛ لممارسات العدو العنصرية والتعسفية،‏ومحاولات إذلال الفلسطيني،‏ وقتل روح المقاومة في ذاته،‏ وجعله أداة سلسة طيعة،‏يشكلها بالكيفية التي يريد،‏ وقد استخدم لكشف هذه الرؤية ضمير المتكلم للتثبيتوالتأكيد والتخصيص،‏ يقول:‏ ‏"قبل ثلاث سنوات،‏ حين جئت إليك في مزرعة الموز فيالعوجا،‏ كنت أدركت الحقيقة،‏ وصحوت من الوهم الذي لازمني من الزمن ردحا ً.‏اعتقدت بأن المرء يمكنه العيش في ظل الاحتلال محايدا ً،‏ لا شأن له بما يجري منحوله.‏ سرعان ما انكشف زيف ذلك الوهم.‏ الاحتلال يا صديقي سبب كل مصائبنا؛الخاصة والعامة.‏ الاحتلال يا صديقي منعني من ممارسة أبسط حقوقي،‏ منعني منحب رباب.‏ من يومها كان قراري.‏ لا بد أن يسقط الاحتلال أولا ً.‏ لابد أن نقضيعليه.‏(1)لابد أن تقتله قبل أن يقتلك"‏ .لقد أدت هذه الإرهاصات على صعيد معاملة العدو المحبطة للإنسان الفلسطيني،‏وعلى صعيد الفلسطيني بأنه مغترب في وطنه.‏ مع ما يصاحب هذه الرؤية من تنكيلوبطش،‏ وطمس هوية إلى التساؤل عن زمن استمرارية هذا الاحتلال،‏ بعد أن زالالترويع والصدمة الأولى التي غيبت زمن فعل الفعل العربي،‏ بما يحمله هذا التساؤلمن دفع عجلة الذات الفلسطينية والعربية باتجاه المقاومة المسلحة،‏ وطرح القضيةللحوار،‏ ولاسيما بين تياري المقاومة المسلحة المباشرة،‏ والتنظير لهذه المقاومة،‏فإسماعيل في رواية ‏(إسماعيل)‏ لأحمد حرب،‏ الذي صقله السجن،‏ لم يعد يؤمنبالتنظير السياسي،‏ فالبندقية هي لغة مواجهة العدو الوحيدة التي يفهمها.‏ أما الفلسفةالانتظارية/‏ الصبرية،‏ بما تعنيه من تنظير،‏ وطروحات سياسية لحلّ‏ القضية،‏ فإنها.1الأسعد،‏ أسعد،‏ عربي الذاكرة،‏ ص‎41‎‏.‏225


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏-مضيعة للوقت،‏ واستنزاف للجهد.‏ ولن تعود على المجتمع الفلسطيني إلا ّ بالخسارة،‏بعد أن يسحب بساط المقاومة من تحت قدميه،‏ فالعدو ما زال ممعن ًا في ترسيخالاحتلال وتأكيده،‏ وتمييع المطالب الفلسطينية،‏ بالتنازلات المتلاحقة،‏ حتى يفرغالقضية الفلسطينية من محتواها.‏ وما نراه اليوم من اتفاقات متلاحقة ومتقدمة،‏وتنازلات مترهلة،‏ بدءا ً بمشروع روجرز،‏ ومرورا ً بمدريد،‏ وأسلو،‏ وشرم الشيخ،‏وتوقيع اتفاقية الذل والاستسلام،‏ والتخلي عن مشروعية المطالبة بحق عودة لاجئي1948، وقضية القدس/‏ اتفاقية جنيف بتاريخ 2003/12/1، إذ أعطى من لا يملك إلىمن لا يستحق،‏ دليل على عقلية الصهيوني المبتزة،‏ في ظل تفسخ العقلية العربية،‏وشلل رؤية بعض القيادات الفلسطينية،‏ وخيانتها للأمة والوطن،‏ تلك القياداتالانتهازية التي أثرت على حساب الإنسان الفلسطيني،‏ وهي تتحدث باسمه من دونتوكيل أو تفويض،‏ وتربعت على سدة السلطة من دون تفويض رسمي من الشعبالفلسطيني،‏ ومن الأجيال المقبلة التي لم تولد بعد.‏ يقول إسماعيل لهادي صاحبالفلسفة الانتظارية والاستسلامية – رمز القيادات الفلسطينية الحالية:‏‏"أنتم نقضتم اتفاق التحالف الوطني،‏ سبع سنوات أعادتكم للوراء.‏ أنا تغيرت كثير ًا.‏أنا لست إسماعيل الذي دخل السجن قبل سبع سنوات.‏ لن أتحالف معكم.‏ الاحتلاللن يزول عن طريق المهرجانات والخطابات.‏ نضالكم ضياع للوقت والجهد،‏وخداع للنفس.‏ الاحتلال لن يزول إلا بطريقة واحدة:‏ البندقية...أتحداك أن تسميلي شعبا ً واحدا ً نال حريته من غير طريق البندقية:‏ الفرنسيون،‏ الجزائريون،‏والفيتناميون،‏ والقائمة طويلة.‏- هذا موضوع حساس يمس بأيديولوجية الجماعة.‏- أنتم خالفتم روح الاتفاق.‏ وأنتم ابتعدتم عن الكفاح المسل ّح.‏- الظرف الموضوعي لا يسمح باستمرارية الكفاح المسلح – لا سكانيا ً،‏ ولا جغرافيا ً،‏.... ولا ... ولا سياسيا ً226


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليان- هذا غير صحيح.‏ قاطعه إسماعيل.‏- صحيح،‏ أو غير صحيح.‏ هذا موضوع طويل وشائك لنناقشه الآن.‏- لا.‏تجب مناقشته الآن.‏ خذ على سبيل المثال ثورة البوليساريو.‏ شعب الصحراء لايتعدى الأربعمئة ألف،‏ ويخوض حربا ً ناجحة.‏ يوجد الآن وفي هذه اللحظة أكثر منمليوني فلسطيني يعيشون على أرض فلسطين.‏ لماذا لا يخوضون ثورة مشابهة؟ ماهو الظرف الموضوعي الذي تتكلمون عنه؟ ظرف موضوعي،‏ ظرف موضوعي،‏ظرف موضوعي،‏ حتى أصبحنا أسرى للظرف الموضوعي.‏ الثورة تخلق الظرف(1)الموضوعي،‏ وليس العكس"‏ .لقد تسيدت الفلسفتانالاستراتيجي القائم على المهادنة والسلم والاستسلام(2)– الفلسفة الثورية والانتظارية الصبرية ذات المنظور– الساحة الفلسطينية.‏ وقد حاولتكل فلسفة استقطاب جماهير الشعب الفلسطيني وأطيافه المتعددة في إضراب ‏(يومالأرض)،‏ رغم أن جماهير الشعب تؤيد بقوة الثورة المسلحة لمجابهة الاحتلالالصهيوني،‏ انطلاقا ً من استراتيجيتها الثابتة أن الصراع مع العدو ليس صراع حدودكما يحلو لبعضهم تسويقه وتمريره في الساحة الفكرية العربية،‏ وليس أزمة نفسيةيمكن أن تسقط أو تزول بالاحتكاك اليومي المباشر،‏ بل هو صراع وجود،‏ لا تقبلالمساومة أو التجزئة أو المهادنة.‏ فالعدو الصهيوني،‏ كما بين إسماعيل،‏ هو نتاج جمعشتات يهود العالم في بقاع العالم المختلفة،‏ وعليهم أن يعودوا إلى أوطانهم الأصلية.‏ووقف هذه الرؤية فإن إسماعيل لا يقبل المساومة أو الابتزاز أو التسليم الذي يؤمن بههادي.‏ وقد بين الحوار رؤية كل منهما على قاعدة فلسفته،‏ يقول إسماعيل،‏ وهو يوجهكلمته للمقربين بيوم الأرض:‏ ‏"إن الذين لا يؤمنون بالكفاح المسلح – وهنا نظر إلىهادي – لا يقرؤون تاريخ الثورات جيدا ً،‏ يضللون الشعب ويشككون في مقدراته تحت.1.2حرب،‏ أحمد،‏ إسماعيل،‏ ص‎12-11‎‏.‏ينظر:‏ عليان،‏ حسن،‏ مرايا الحرية والإبداع في أعمال غالب هلسا الروائية،‏ مطبعة الأجيال ‏(بيتالشعر)-‏ عمان،‏2003، ص‎57-55‎‏.‏227


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏شعار ما يسمى بالظرف الموضوعي.‏ ليعلموا أنه لا قوة فوق قوة الشعب.‏ ليعلمواأن حجارة أولاد المخيمات – بلاطة ودهيشه – تقارع دبابات الحديد والنار.‏ ليعلموا أنحجارتهم ستتحول غدا ً إلى رصاص وقنابل تقلب المنطقة جحيما ً على الأعداء.‏ هذا هوالشعب.‏ هذه هي الثورة الحقيقية.‏- آه.‏لو أن إسماعيل يعتق نفسه من إسماعيل...من يتكلمون عن الكفاح المسلح فيالاجتماعات الشعبية والمهرجانات هم الذين أفشلوا ويفشلون الكفاح المسلح– لكنهذه قضية أخرى.‏ التفت إلى إسماعيل مرة أخرى،‏ وقال:‏ قرأت التاريخ جيدا ً،‏ ولمأجتره اجترار ًا.‏أيها الأخوة.‏ أيها الرفاق.‏ دعنا نستعمل ما يمكن استعماله من هذا التاريخ خوفأن لا يكون حالنا كحال مصطفى سعيد،‏ عندما وقف في حانات لندن،‏ وقال مخاطبا ًمستعمريه:‏ نعم يا سادتي:‏ إنني جئتكم غازيا ً في عقر داركم.‏ قطرة من السم الذيحقنتم به شرايين التاريخ...ثم أضاف متحديا ً،‏ سأحرر أفريقية ب...وهنا هي حالإسماعيل،‏ سيحررها بالحجارة.‏ هل تعرفون كيف انتهى مصطفى سعيد؟ لا تكونواأسرى لهذا التاريخ،‏ لا تبكوا على تاريخ لا تعرفون من كتبه.‏ لا تتكلموا على تاريخأصبح بيت دعارة...أصبح قوادا ً.‏ لا تبكوا على تاريخلا تبكوا على تاريخ أصبح بيت دعارة.‏ لا تبكوا على تاريخ(1). "...إن صدام الرؤى بين قطبي فكر القضية الفلسطينية بدهي،‏ وظاهرة صحية،‏شريطة ألا يتحول إلى صِدامٍ‏ مسل ّح بين مختلف فصائل التنظيمات الفلسطينية،‏ كماحدث بعد هزيمة حزيران.1967وفي العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين،‏التي سيرتها الأنوية الحادة،‏ وضيق الرؤية،‏ والأفق،‏ والمصلحة.‏ لقد أقرت الساحةالفلسطينية ولاسيما في العقد الأخير من القرن العشرين،‏ وبعد اتفاقية مدريد،‏ ومايتبعها من اتفاقات مذل ّة ومخزية،‏ توجه بعض القيادات الفلسطينية لحل القضية.1حرب،‏ أحمد،‏ إسماعيل،‏ ص‎73‎‏.‏228


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانالفلسطينية في إطار السلام الموهوم – الاستسلامي،‏ ويمثل هذا الاتجاه هادي فيرواية ‏(إسماعيل)/‏ الرمز لمثل هذه القيادات،‏ والمتحدث الرسمي برؤيتها الفكرية،‏واقتناعاتها الأيديولوجية.‏ ويوضح الحوار ثنائية المقارنة المفارقة بين فلسفتين أوموقفين بدلالاتهما ورموزهما وأبعادهما.‏ فهادي من أقطاب فلسفة المفاوضات مع العدوالصهيوني،‏ أما إسماعيل؛ فهو من أنصار الثورة المسلحة،‏ كما يوضح رؤية كل منهمالحرب حزيران بأبعادها ودلالاتها.‏ قال هادي:‏ ‏"حرب حزيران كانت غباء منجانبنا...‏- العرب- صحيح.‏لم تبدأ الحرب.‏ أجبتهلكنهم أعطوا السبب الكافي لإسرائيل لتبدأها.‏- هل تعني أن لإسرائيل الحق في فلسطين؟- لم أقل ذلك.‏ لكن الحرب لن تحل المشكلة.‏- كيف تحلّ‏ المشكلة؟- علينا أن نتفاوض مع إسرائيل.‏ المفاوضات أنجع من الحرب.‏- أنت انهزامي.‏ أنت استسلامي.‏ لا سلام.‏ لا مفاوضات،‏ ولا اعتراف بإسرائيل.‏- أجابني بكل برودة:‏(1)اذهب،‏ فأنا لست منكم"‏ .ولم يقتصر الحوار على قيادات التنظيمات الفلسطينية،‏ بل تعداها إلى الساحةالدينية عبر بعض رجالها الذين يبتعدون كثيرا ً عن أصحاب الفلسفة الصبريةالانتظارية.‏ فهم يتخذون من الدين ستارا ً لتحقيق مصالحهم الذاتية،‏ وقبل أن تظهرالحركات الإسلامية بفلسفتها العملية الثورية في الضفة والقطاع في العقدين الأخيرينمن القرن العشرين.‏ وقد لاقت تأييدا ً شعبيا ً هائلا ً من الشعب الفلسطيني،‏ لأنها تجسدكلمة في العمل ضد الاحتلال،‏ ونقطة ارتكاز قوية في دائرة العمل الثوري.‏ أعادتللفلسطيني اعتباره وكذلك عبر بعض الفئات الدينية التي ترى أن من أهم أولوياتها.1حرب،‏ أحمد،‏ اسماعيل،‏ ص‎74‎‏.‏229


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏محاربة الفكر الماركسي أولا ً قبل محاربة العدو الصهيوني،‏ في إطار رؤيتها المتزمتةالتي تنم على عدم الوعي والجهل بخطورة الاحتلال.‏ والنابع عن غباء الرؤيةوالمصلحة.‏ فهي تعتقد أن هذا الفكر يحمل في طياته التحلل والفسق والفجور والتحللالأخلاقي،‏ وممارسة الجنس مع المحارم وتجسد كلمة الشيخ عبد االله الذي نصب مننفسه الناطق الرسمي باسم الأمة الإسلامية،‏ قصور الوعي لما يمثله الاحتلالالصهيوني من خطورة على بنية الفكر الديني والسياسي والاجتماعي والأمني،‏ وكذلكقصور الإدراك بأن الاحتلال إلغاء حقيقي للهوية الدينية والحضارية،‏ ولإنسانيةالإنسان الفلسطيني والعربي.‏ وتبين كلمته – التي غل ّفها برداء الشرعية الدينية– ردهذه الفئة على دعوة التنظيم الفلسطيني للشيخ عبد االله وجماعته للاشتراك فيالإضراب بمناسبة يوم الأرض،‏ يقول:‏ ‏"كيف لأمة المسلمين أن تنضم لصفوفالشيوعيين في الإضراب؟ كيف يلتقي الإسلام بالكفر؟ ومن أجل ماذا؟ من أجل مكاسبدنيوية زائلة!!‏ من أجل قطعة أرض!!.‏ إن الأرض يورثها لمن يشاء من عبادهالصالحين.‏ أيها الأخوة المسلمون،‏ إن الإضراب أفكار ماركسية،‏ ومعاذ االله أن تأخذالماركسية مكان القرآن والشريعة.‏ اتقوا االله أيها الشيوعيون فيما تحبون،‏ وفيماتكرهون.‏ واعلموا أن االله ينصر من عباده المؤمنين...‏- لن أرضى أن يسجل التاريخ أنني تضامنت مع الشيوعيين.‏ لن أرسل جموعالمسلمين العزل للتجمهر في ساحة المدرسة أو المسجد أمام الجنود الإسرائيليينالمدججين بالسلاح،‏ ليقتلوا دون هدف واضح.‏ إنهم أمانة في عنقي.‏ سأسأل عنهاعندما ألاقي وجه ربي.‏ ثم من قال:‏ إن الإضراب سيعيد الأرض؟ لن تعود الأرض،‏(1)ولن يعود المجد إلا ّ إذا تمسكنا بكتاب االله"‏ .ولكن هذا الموقف الفردي الذي تلبس روح الجماعة،‏ وتحدث باسمها،‏ المنبنيعلى قاعدة الرؤية الضيقة الضحلة،‏ والمصلحة الأنوية الحادة،‏ سرعان ما تبدل عندما.1حرب،‏ أحمد،‏ اسماعيل،‏ ص‎39-38‎‏.‏230


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏يعقوب وأبناء يعقوب الذي قتله إسماعيل.‏ يقول عباس:‏ ‏"لا.‏ غسان كنفاني كان مخطئا ً.‏أبو قيس لم يمت.‏ لم يختنق.‏ أبو قيس ما زال يدق جدران الخزان.‏ أربعة وثلاثون(1)ويؤكد ذلك التحاق محمد شقيق إسماعيل بالثورة،‏عاما ً،‏ وهو يدق جدران الخزان "(3)ولجوؤه إلى الكهف وهو يردد الآية القرآنية التي تؤكد زوال بني إسرائيل:‏ ‏{وقضيناإلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن مرتين،‏ ولتعلن علوا ً كبير ًا.‏ فإذا جاء وعد أولاهمابعثنا عليكم عبادا ً لنا أولي بأس شديد،‏ فجاسوا خلال الديار،‏ وكان وعدا ً مفعولا ً.‏ ثم(2)(4)رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ً}‏رابعا ًَ:‏البطولة المسلحة بين الماضي والحاضرجاءت المقاومة،‏ في مرحلتها الأولى قبل الحرب العالمية الأولى والثانية،‏ بدائيةوساذجة،‏ وذلك لاختلاف وسائل المواجهة مع الأعداء على نحو غير منتظم،‏ وينقصهالعتاد في(3)1)، ومن ناحية أخرى لم يتوافر الدفق الوطني لدى كثير منالأرض المحتلةالملا ّك الذين ينتسبون إلى جذور غير فلسطينية،‏ ومعظمها لبناني،‏ ولاسيما في الشمالالفلسطيني،‏ فتركت الأرض عند أول احتكاك مسلح بالعدو،‏ حتى ليقول بطل رواية‏"أيام الحب والموت"،‏ ناعيا ً الفئة الانتهازية:‏ ‏"يا رجال،‏ اللي يطل ِّع حد بيته يبقى خاين،‏لأنه يهد حيل الناس.‏ يا رجال ما حد طالع من فلسطين غير اللي أجوها من برة،‏وكانوا يوكلوا من خير أرضها،‏ باعوا الأرض،‏ تركوها،‏ وهربوا،‏ هانت عليهم(4)(2)الأرض،‏ لأنهم ما عمرهم اشتغلوا فيها،‏ ولا ورثوها عن أجدادهم)‏.1.2المصدر السابق،‏ ص‎81‎‏.‏ينظر:‏ كنفاني،‏ غسان،‏ رجال في الشمس،‏ الآثار الكاملة،‏ المجلد الأول،‏ الروايات ط‎2‎‏،‏ دارالطليعة للطباعة والنشر،‏ بيروت،‏المصدر السابق،‏ ص‎84‎‏.‏ينظر:‏ ‏(سورة الإسراء)،‏ الآيات القرآنيةينظر:‏ يخلف،‏ يحيى،‏ بحيرة وراء الريح،‏ ص‎80-75‎‏.‏أبو شاور،‏ رشاد،‏ أيام الحب والموت،‏ دار العودة،‏ بيروت1973، ص‎50‎‏.‏.1980.(6-4).3.4232


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانولتستطيع هذه الفئة تنصيب قوة قيادية في ساحة الصراع العربي الإسرائيلي،‏استعانت بسلطات الانتداب البريطانية،‏ وهامشيا ً ببعض من احتكوا بالقوات العربية،‏التي قدمت لإعادة الحق إلى نصابه بعد إعلان إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلية،‏ويرمز إلى هذه الفئة بداهم العواونة،‏ بمواقفه ضد قوى الشعب الفلسطيني قبل هزيمة1948، وبهربه بالأموال التي جمعها الأهالي لشراء أسلحة لمقاومة الاحتلالالإسرائيلي.‏ويعري سليمان الفلاح أحد أشخاص رواية ‏(أيام الحب والموت)،‏ موقف داهمالعواونة،‏ بقوله:‏ ‏"بس يعرف إنه حرامي ابن حرامي.‏ لعنة االله عليه،‏ وعلى أهله.‏ وااللهماني عارف كيف بدنا ننتصر،‏ واالله ما عمر قوم قادهم خون،‏ أو همل،‏ إلا ّ(1)وانكسروا "(3)وعلى الرغم من ذلك فقد أبرز الفلسطيني المقاوم التحام الفلسطيني والعربي فيأقطاره المختلفة بقضيتهفي مواجهة الاحتلال الصهيوني،‏ والسياسات الغربية،‏ التياعتمدها الاستعمار البريطاني.‏ ونقف على هذا الواقع الإيجابي في قول حسنالمصري،‏– الشاويش – فيرواية ‏(أيام الحب والموت)‏ لإحدى شخصيات المقاومة:‏‏"أنا تعبت من العذاب،‏ من الصعيد،‏ للغ ُربة،‏ للسودان.‏ غربة عن الأهل.‏ الإنجليزيعملونا كرابيج بأيديهم.‏ نظلم أهالي بلدنا وغيرها...عرفت فيها حاجات كثيرة.‏ عرفت أن الموت هنا،‏ والموت فيأنا عشت معاكم مدة قصيرة،‏ بس(2)(1)الصعيد واحد"‏وتتطور المقاومة المسلحة،‏ وتصبح أكثر نضجا ً وتفهما ً،‏ ورؤية لأبعاد الصراعالعربي الصهيوني،‏ وللقوى الفاعلة،‏ في هذا الصراع بعد انطلاق المقاومة المسلحة.‏لقد أعطت المقاومة المسلحة العربي أملا ً جديدا ً،‏ وفتحت أمامه آفاقا ً واسعة،‏ لم يتلمسهابصورة واضحة وقوية قبل هزيمة حزيران،‏ فالشعب لم ينته،‏ وليس من الضروري أن.1.2المصدر السابق،‏ ص‎67‎‏.‏أبو شاور،‏ رشاد،‏ أيام الحب والموت،‏ ص‎50‎‏.‏ينظر:‏ يخلف،‏ يحيى،‏ بحيرة وراء الريح،‏ ص‎88-75‎‏.‏233


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏تنتهي الحرب إذا انهزمت الجيوش العربية،‏ لذا يجب ألا يترك العدو وحيدا ً في ساحةالصراع.‏وإذا لم يستطع البطل قبل الخامس من حزيران أن يتلافى أوجه العجز في حركةالإنسان العربي،‏ فإنه استطاع أن يحدد الأسباب التي أدت إلى تجريد العربي المقاومقبل عام 1948 أو بعده من أسلحته،‏ وإلى خروجه مهزوما ً،‏ بفعل لعبة الكراسيالدولية،‏ والقوى الفاعلة في القضية الوطنية،‏ وفي لعبة الصراع العربي الإسرائيلي.‏وبذلك استطاع أن يحدد أوجه العجز ، ويتلافاها في حركته الجديدة،‏ ويدل على تطوررؤيته وسلوكه.‏ ويشير كريم،‏ بطل رواية ‏(جراح جديدة)‏ لعيسى الناعوري،‏ إلى بعضهذه العوامل بدقة،‏ وذلك في الحوار بين أم معين ونبيهة،‏ تقول أم معين:‏ ‏"أنتم تعرفونأن الدول الغربية كلها وراء اليهود،‏ وكل عمل يزعج اليهود يعتبرونه تخريبا ً،‏ يثيرنقمة العالم علينا،‏ فأجابت نبيهة متحمسة،‏ ‏"إذا كنا نخاف مما يقوله الآخرون فلننستطيع أن نعمل شيئا ً لتحرير أرضنا.‏ الذين يعطفون على الغاصب الدخيل هممشتركون في(1)الاعتداء علينا،‏ ولابد لنا من مقاومتهم "(2)وبحركة البطل المقاوم استطاع أن يعمل على إلغاء أسطورة تفوق العدو فيمعاركه ضده،‏ بعد هزيمة حزيران.‏ وتقف معركة الكرامة في الحادي والعشرين منشهر آذار عام 1968، دليلا ً على ذلك،‏ كما عمل على تغيير مفاهيم الأمة فيما يتعلقبهزيمة حزيران،‏ التي بدأت بالمذياع،‏ وانتهت به من جانب واحد فقط،‏ وعمل أيضا ًعلى فك عزلته وكسر الطوق الذي حيل بينه وبين القيام بدوره،‏ ومارس حق الدفاععن أرضه ضد الاحتلال،‏ وضد من حاول عرقلة هذه الحركة من بعض الأنظمةالعربية.‏وفي توجه البطل نحو المقاومة حاول أن يتعامل مع قضيته كما نرى في الأعمالالروائية،‏ بعد أن أقصي عنها سنوات طويلة،‏ وفق منظوره لمفهوم المقاومة،‏ وبعيد ًا.1الناعوري،‏ عيسى،‏ جراح جديدة،‏ منشورات مجلة السياحة،‏ بيروت،‏1967، ص‎28‎‏.‏234


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانعن محاولات احتوائه بنحو أو بآخر.‏ ونلحظ ذلك في رواية ‏(أم سعد)‏ لغسان كنفاني،‏و(عصافير الفجر)،‏ و(خط الأفعى)‏ لليلى عسيران،‏ و(جراح جديدة)‏ لعيسى الناعوري،‏و(الأبتر)‏ لممدوح العدوان،‏ و(أيام الحب والموت)‏ لرشاد أبو شاور،‏ و(الرب يستريحفي اليوم العاشر)،‏ و(الحواف)‏ لعزت الغزاوي،‏ و(عربي الذاكرة)‏ لأسعد الأسعد،‏و(سداسية الأيام الستة)‏ لإميل حبيبي،‏ و(إسماعيل)‏ لأحمد حرب،‏ و(نهر يستحم فيالبحيرة)‏ و(بحيرة وراء الريح)‏ ليحيى خلف،‏ و(الصبار)‏ لسحر خليفة.‏لقد تغيرت الظروف الاجتماعية والسياسية بعد الخامس من حزيران،‏ إذ عمتالفوضى الأنظمة السياسية في المنطقة العربية المحيطة بدولة العدو،‏ وتخلخلت هذهالأنظمة،‏ ولم يعد لها السيطرة الكافية كما كانت عليه الحال قبل هذا التاريخ.‏ فهي فيوضع سياسي وعسكري لا يسمح لها بتشديد قبضتها على مواطنيها،‏ ومن هنا تحركتالتنظيمات التي كانت تعمل تحت الأرض،‏ وفي ظروف قاسية من الملاحقة والاعتقال،‏واستطاعت المقاومة في أشهر قليلة أن تفرض قوتها على الساحة الشعبية العربية،‏التي رأت فيها القوة،‏ ويمكن من خلالها أن تستعيد الأمل الذي فقدته مع هزيمةحزيران.‏وفي ضوء هذا التحرك يسجل البطل المقاوم– مريم – فيرواية‏(عصافيرالفجر)‏ لليلى عسيران هذه الحقيقة،‏ وهي أن أبطال المقاومة اقتحموا باب المستحيل،‏و"أمسكوا الشمس بأيديهم حين حركوا منذ بضع سنين اسم شعب بات مرميا ً في دروجالمكاتب،‏ لا يرى ضوء الحق إلا ّ في المناسبات.‏ قليل هم الذين عرفوا يوم اندلاع(1)الحرب أن هناك ما هو أهم من الحرب"‏ .ويحاول البطل المقاوم أن يضع الإنسان العربي في دائرة الحدث بعد أن كانمعزولا ً،‏ كما أراد أن يقنعه بأن حل القضية لا يكون بانتظار الهزيمة التالية،‏ بلبالعمل على إنهاء الاحتلال.‏ ويسجل الحوار التالي – بين سعيد أبي النحس وبين يعاد.1عسيران،‏ ليلى،‏ عصافير الفجر،‏ دار الطليعة والنشر،‏ بيروت،‏ د.ت،‏ ص‎90‎‏.‏235


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏الثانية،‏ التي قدمت إلى الأرض المحتلة من بيروت بحثا ً عن أخيها الفدائي في سجونالاحتلال – هذه المحاولة،‏ تقول يعاد الثانية:‏‏"الأمر هذه المرة غيره في تلك المرة--------------ولكنهم لم يتغيرواإذا لم يتغيروا فهي مأساتهم،‏ أما نحن فتغيرنالن تستطيعي أن ترديهم،‏ وسوف يأخذونك منيإلى أين؟إلى ديار الغربةبل أنا راجعة إليها أخذوني أم تركوني،‏ فهل لديك من حل؟أن نحتمي لدى الجارة... إلى متى؟حتى تتغير الأمورفمن يغيرها؟أخوك سعيد،‏ قال الشعبالشعب وهو مختبئ!!‏عشرين عاما ً أخرى؟أنا وأنت نختبئ،‏ أما أخوك فيكافح.‏فيهدي الحرية إلى المختبئين!!!‏وضحكت متهكمة،‏ ثم قالت:‏ إذا عشت يا عمي سعيد فستكون ابن سبعين عاما ً(1)حين تلتقي يعاد الثالثة،‏ ولن تعرفها،‏ ولن تعرفك"‏ .ويقنعنا البطل المقاوم،‏ بحركته الثورية،‏ بأن حاجة الأمة إلى هزة عنيفة لكيتستفيق لم تعد قائمة،‏ لأنه امتلك ناصية أمره،‏ يقول مازن،‏ أحد أشخاص رواية‏(عصافير الفجر):‏ ‏"ليتكلموا.‏ نحن ماضون في طريقنا.‏ لقد كنا بحاجة إلى ذل جديد،‏وإلى(2)عار جديد،‏ لكي نكف عن الكلام،‏ لعلهم يصدقوننا الآن"‏ ..1.2حبيبي،‏ إميل،‏ الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل،‏ دار الجليل،‏ بيروت،‏‎1972‎‏،ص‎190‎‏.‏عسيران،‏ ليلى،‏ عصافير الفجر،‏ ص‎38‎‏.‏236


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانويريد البطل المقاوم أن يري الأمة ضرورة حمل السلاح،‏ حتى تعيد ترتيب(1)أوراقها ، وحتى تخطو فوق المستنقع الذي لوث الجماهير بالأطروحات العقائديةوالحزبية،‏ وبالمواقف المتناقضة،‏ وساحات المتاجرة بالقضية وألوان الكلام،‏ التيبرهنت على أن الواقع جثة ميتة،‏ كما أراد أن يضع حدا ً لمرحلة الخنوع والذل،‏ حتىلا يعيد التاريخ نفسه فيمتطي العدو سواعد عرب المنفى،‏ كما امتطى سواعد العرب(2)الباقية قبل هزيمة حزيران . وأراد منها أيضا ً أن يصحح الأوضاع المقلوبة بعد أنأصبح العرب وكأنهم ليسوا عربا ً؛ لأنهم تعاملوا مع القضية القومية كأي أجنبي،‏وينقلون أخبار الأرض المحتلة،‏ وكأنهم من شعوب دولٍ‏ محايدة،‏ حتى تحول إنسانالمعتقل إلى عبد كتب عليه الشقاء في خدمة الإنسان اليهودي.‏ ويترجم سعيد أبيالنحس الوضع العربيالقائمفي الأرض المحتلة بقوله:‏ ‏"فآمنت يا محترم بأن الأمرمكتوب علينا،‏ فلابد مما ليس منه بد،‏ أو كما جاء في الأغنية الإيطالية التي ترجمتهاشعرا ً:‏مشيناها خطا ً كتبت علينا(3)ومن كتبت عليه خطا ً مشاها"‏وأمام هذه الصورة لم يجد البطل المقاوم مفرا ً من حمل السلاح لمقاومة الاحتلال،‏ولذا لا نستغرب تحرك ولاء بن سعيد أبي النحس المتشائل نحو الثورة،‏ وعلى الرغممن اختيار الاسم الذي أراده الاحتلال له عند ولادته،‏ حتى يظل مطيعا ً للاحتلالبصورة أو بأخرى،‏ وعلى الرغم من الضغوط التي فجرت فيه الثورة.‏لقد كان ولاء سعيد أبي النحس غريب الأطوار،‏ لا يتكلم إلا ّ لماما ً،‏ وبعد أن كانتأحاديثه رؤوس أقلام،‏ تتخيل فوارس على أفراس،‏ أو ملاكا ً مسجى تحت أقدامالاحتلال،‏ نظم خلية سرية تعتمد مخزنا ً للسلاح،‏ هيأه في مغارة بحرية،‏ وفي أحد الأيامقرر أن يموت رافضا ً تسليم نفسه لأمه،‏ وللحاكم العسكري.‏ ونرى في هذا الحوار1974، ص‎162‎‏.‏.1.2.3ينظر:‏ خوري،‏ نبيل،‏ ثلاثية فلسطين،‏ دار الشروق،‏ بيروت،‏ينظر:‏ حبيبي،‏ إميل،‏ الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل،‏ ص‎126‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎126‎‏.‏237


لم"‏الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏ثورة الإنسان العربي على الأوضاع المرهقة،‏ بعد أن طال صبره وتحمله،‏ وهو بينهوبين أمه،‏ يقول ولاء:‏ ‏"لست بمختبئ يا أماه،‏ إن ّما حملت السلاح،‏ لأنني مللتاختباءكم...‏البطليا امرأة.‏ يا التي هناك،‏ من أنت؟أمك يا ولاء،‏ فهل ينكر الولد أمه؟أمي وتجيء معهم؟يا ولاء،‏ يا ولدي،‏ القِ‏ سلاحك واخرجيا امرأة،‏ يا التي جئت معهم،‏ إلى أين أخرج؟أتيت إلى هذا الكهف كي أتنفس بحرية.‏(1)مرة واحدة أن أتنفس بحرية"‏ .وفي ضوء علاقة البطل المقاوم بالآخرين تتضح علامات النضج في مفهوملهذه العلاقة،‏ فهو لا يشعر بالراحة والطمأنينة،‏ لاختلاف وجهات النظر،‏ولتناقض الرؤى والتوجهات والأهداف.‏ ولعل في قول مريم إحدى شخصيات رواية‏(خط الأفعى)‏ لليلى عسيران ما يوضح جوانب هذه العلاقة،‏ ولذا يرفض البطل المقاومأن يكون مطية للآخرين،‏ تقول مريم:‏... تناجينا(2)نجاح"‏ .خامسا ً:‏يكن سقفنا واطيا ً هذه المرة،‏ فقد كانت السماءفمتى يفهم الآخرون غيرنا أن ما نتحداه في كل لحظة ليس مجرد فشلٍ‏ أوالبطولة الشعبيةفي بعد آخر من أبعاد البطل القومي التي شكلت رؤيته وأنماط سلوكه،‏ حرصالبطل المقاوم على التمسك بأرضه،‏ بعد أن أصبح الوطن جزءا ً لا ينفصل عن معنىوجوده الإنساني،‏ ورمزا ً لامتلاك هذا الوجود بقوة السلاح،‏ الذي ترجمه فارس اللبدة.1.2حبيبي،‏ أميل،‏ الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل،‏ ص‎150-149‎‏.‏عسيران،‏ ليلى،‏ خط الأفعى،‏ ص‎188‎‏.‏ينظر:‏ كنفاني،‏ غسان،‏ أم سعد،‏ ص‎420‎‏.‏238


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانفي رواية ‏(عائد إلى حيفا)،‏ وبعد أن أصبح الإنسان من وجهة نظر البطل المقاوم فينهاية الأمر قضية،‏ فلابد أن يدفع ثمنا ً لترجمتها حقيقة واضحة.‏ويؤكد البطل المقاوم،‏ بذلك أن لغة الحوار التي قطعها سعيد في رواية ‏(عائد إلىحيفا)‏ لن تجدي في حل القضية،‏ ولذا فأمر المقاومة المسلحة قضية لا تحتمل المجادلةأو المناورة وضرورة أكيدة في هذه المرحلة التي باتت فيها حركة الجماهير مستعدةللبذل والعطاء،‏ في وجود المناخ الثوري لحركة الإنسان العربي في فلسطين،‏ مدعوما ًبتأييد حركات القوى العربية المتقدمة.‏ويترجم غسان كنفاني هذه الإرادة إلى حقيقة فاعلة،‏ برهنت على تفهم الفلسطينيمعنى أن الإنسان موقف وقضية في دائرة الصراع العربي الإسرائيلي في رواية ‏(أمسعد)،‏ ومعنى أن القضية لم تعد مشكلة فردية،‏ تتعلق بمنزل أو شجرة أو ولد.‏لقد أراد غسان كنفاني من شخصياته في رواية ‏(أم سعد)‏ مؤشرا ً حقيقيا ً علىتطور فهم الإنسان العربي،‏ داخل الأرض المحتلة وخارجها،‏ للقضية والوطن،‏ وهيتعلن انبثاق فجر الثورة من رحم هزيمة حزيران،‏ وبدا ذلك في عروق الدالية،‏ الذيغرسته أم سعد،‏ ونما في رواية ‏(عائد إلى حيفا)،‏ وطرح عطاءه في رواية ‏(أم سعد).‏وفي روايات الانتفاضة الفلسطينية الأولى،‏ مثل:‏ عربي الذاكرة،‏ وإسماعيل وبقاياالصبار ورمل الأفعى والحواف.‏ويعلن غسان كنفاني التحامه بقضيته والجماهير،‏ ولكنه التحام من نوع آخر،‏فشخصياته التي صنفها في مراتب،‏ تدل على رؤية الكاتب التاريخية لإنسانهالفلسطيني،‏ ولقضية هذا الإنسان،‏ ولا تتحدد هذه المراتب نتيجة خصائص المحتوىالاجتماعي والسياسي في أعماله الفنية والأيديولوجية فحسب،‏ بل لما يمكن أن تعرضهمن وسائل أساسية لاستقطاب شخصياته في حركة تفاعلها مع الواقع،‏ ومع منظورالمستقبل،‏ ومع الهدف الذي يسعى الكاتب إلى توضيحه،‏ مما يجعل القارئ يبحثتلقائيا ً عن هذه المراتب،‏ ويشعر بالامتعاض إن لم تتناسب مع ضرورة التكوين.‏ وتنبع239


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏الرتبة الرئيسة جوهريا ً ‏"من درجة وعيها وقدرتها على الارتفاع الواعي بما هوشخصي وخاضع للمصادفة في مصيرها،‏ إلى(1)مستوى معين من العمومية"‏ .ونتساءل،‏ هل نجح غسان في تشكيل صورة حية لتفاعل الجماهير بالقضية؟ وهلكان عمله الفني ترجمة لرؤيته التاريخية للقضية،‏ بما تعنيه من رؤية متكاملة ومتوازنةللعالم وقد التحمت لخطواته،‏ وهو يسجل تاريخ القضية الفلسطينية،‏ وحركة الإنسانالفلسطيني،‏ التي تراوحت بين التوجه إلى الظل وبين الامتداد باتجاه القضية؟ هذا ماسيجيب عنها عمله الفني ‏(أم سعد).‏وأود الإشارة إلى أن أبطال غسان كنفاني في مختلف مراحلهم الفنية،‏ لم يكونواأبطالا ً بالمفهوم التقليدي،‏ ولكن أبطاله كانوا أناسا ً بسطاء،‏ ينتسبون إلى عامة الشعبالفقراء–،–خشبة قفز إلىوليسوا من المثقفين،‏ أو من الأيديولوجيين الذين يجعلون معتقداتهم الفكريةعن أهدافهم بصورة مباشرة.‏(2)حومة العمل الفني ، ولم يفلسفوا الأدوار التي يؤدونها،‏ أو لم يعلنواوقد غلبت هذه السمات على معظم أبطال غسان،‏ ولاسيما أم سعد،‏ وهم يقيمونجسورا ً وروابط متحركة،‏ مع حركة الشعب الفلسطيني وارتباطه.‏ وتبدو حيوية أمسعد،‏ ورؤيتها البسيطة للأمور العميقة عمق روابط إنسانها الفلسطيني بالقضيةوالأرض،‏ في رغبة غسان كنفاني أن يرينا التغير الواضح في نظرة البطل فيأعماله الفنية.‏ وتحاول أم سعد أن تلفت أنظارنا نحو تغير البطل في رؤيته وحركتهوتوجهه،‏ فبعد أن كان محصورا ً ومطاردا ً ومكبوت ًا في رواية ‏(رجال فيالشمس)،‏ وكما يعاني طيلة عمره من وهم تخيله أمامه خمسة عشر عاما ً،‏ نسي خلالهاأن يبني من نفسه رملا ً في رواية ‏(ما تبقى لكم؟)،‏ وبعد أن عاد إلى وطنه ليرىعلى الطبيعة أحلامه وآماله وأمجاده السابقة في رواية ‏(عائد إلى حيفا)،‏ أصبح لحياةهذا البطل معنى وقيمة في نطاق ثورته.‏.1.2فضل،‏ صلاح،‏ منهج الواقعية في الإبداع الأدبي،‏ ط‎3‎‏،‏ دار المعارف،‏ القاهرة،‏ينظر:‏ عباس،‏ إحسان،‏ غسان كنفاني إنسانا ً وأديبا ً ومناضلا ً،‏ ص‎14‎‏.‏.1980240


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانوتشير أم سعد إلى تبدل حال الفلسطيني من النزق والغضب وجلافة الطبع،‏ إلىحسن العشرة،‏ ودماثة الخلق،‏ ورؤيته الحياة بقلب مفتوح.‏ ولم تعد قضية الفقر تشكلله ضعفا ً نفسيا ً،‏ ولم يعد يأبه لمضايقات الآخرين على اختلافهم،‏ سواء ما اتصل منهمبالعمل أم بالدولة،‏ أم ببطاقة التموين.‏ فذهاب ولده سعد إلى الأغوار مقاتلا ً رد له شيئ ًامن روحه،‏ تقول أم سعد:‏ ‏"وحين رأى سعيدا ً تحسن أكثر بكثير.‏ رأى المخيم غيرشكل.‏ رفع رأسه.‏ صار يشوف.‏ صار يشوفني،‏ ويشوف أولاده غير.‏ فهمت؟.‏ لوتراهالآن يمشي مثل الديك،‏ ولا يترك بارودة على كتف شاب يمرق من جانبه إلا ويطبطبعليها،‏(1)كأن بارودته القديمة كانت مسروقة ولاقاها"‏ .لقد بدت أم سعد،‏ في الرواية،‏ الشعب – المدرسة،‏ فبقدر ما هي امرأة فلسطينية،‏تعيش في مخيم،‏ بقدر ما تمثل أيضا ً المرأة الفلسطينية الكادحة في المخيم،‏ وفي داخلالوطن.‏ وأم سعد ليست تعبيرا ً عن انبعاث الشعب في حركته الجماعية في المخيم،‏الذي رسمته أم سعد في لوحة فنية،‏ وليست تعبيرا ً عن قوة الحياة الكامنة فيه،‏ بقدر ماهي تعبير عن الدور المعلم للشعب،‏ والمعرفة الثورية التي يكتسبها المثقف من(2)خلاله ، يقول غسان:‏ ‏"ومع ذلك فأم سعد ليست امرأة واحدة،‏ ولولا أنها ظلت جسدا ًوعقلا ً،‏ وكدحا ً في قلب الجماهير،‏ وفي محور همومها،‏ وجزءا ً لا ينسلخ عن يومياتها،‏لما كان بوسعها أن تكون ما هي،‏ لذلك فقد كان صوتها دائما ً بالنسبة لي،‏ صوت تلكالطبقة الفلسطينية،‏ التي دفعت غاليا ً ثمن الهزيمة،‏ والتي تقف الآن تحت سقف البؤسالواطئ،‏ في(3)الصف العالي من المعركة،‏ وتظل تدفع أكثر من الجميع"‏ .لقد جاءت أم سعد مزيجا ً من الأسطورة والإنسان العادي في حياته الواقعية،‏ويحقق غسان:‏ ‏"هذا التوازن بالتصوير الواقعي للشخصية من ناحية،‏ وبربطها منناحية أخرى بمجموعة من الصور الدالة التي ترقى بها إلى(4)مستوى الرمز"‏ ..1.2.3.4كنفاني،‏ غسان،‏ أم سعد،‏ ص‎336-335‎‏.‏ينظر:‏ عاشور،‏ رضوى،‏ الطريق إلى الخيمة الأخرى،‏ ط‎2‎‏،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏كنفاني،‏ غسان،‏ أم سعد،‏ ص‎242‎‏.‏عاشور،‏ رضوى،‏ الطريق إلى الخيمة الأخرى،‏ ص‎120‎‏.‏1981، ص‎118‎‏.‏241


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏ويبدو هذا الامتزاج في شخصية أم سعد،‏ فهي تعيش كأي امرأة فلسطينية فيالمخيمات،‏ تعمل،‏ وتكدح بعرقها مقابل قروش قليلة،‏ وتكافح في ليل المخيم الماطر،‏وتفوح منها رائحة المخيمات بتعاستها،‏ وصمودها العريق،‏ وبؤسها،‏ وتصبر علىالشقاء والتعب ، وعلى حياة المخيم الذي يغوص في الوحل والطين،‏ وعلى الرغم منذلك فهي تنتظر العودة إلى قريتها من خلال الكفاح المسلح.‏ولم تعد أم سعد تخشى شيئا ً بعد أن التحق سعد بالثورة،‏ بل هي ترغب في اللحاقبه؛ لأنها أدركت الفرق بين خيمة اللاجئ وخيمة الثوري،‏ بين خيام الجحيم الفلسطيني،‏وبين خيام المطهر والخلاص،‏ وتخاطب أم سعد الكاتب بقولها:‏ ‏"أتدري أن الأطفالذل!‏ لو لم يكن لدي هذان الطفلان للحقت به،‏ لمكثت معه هناك.‏ خيام؟ خيمة عن خيمة... تفرقلعشت معهم،‏(1)طبخت لهم طعامهم،‏ خدمتهم بعيني"‏ .وتذكرنا أم سعد بموقف أم غوركي البطل الواقعي الاشتراكي،‏ وبالنموذج الشعبيفي مسرحية ‏(الأم)‏ لبرخت،‏ ويبين برخت تحول أم غوركي من امرأة عادية إلىمناضلة ثورية بفعل العلاقة الجدلية بين الإنسان والجماهير،‏ وبين الجماهير والظروف(2)الموضوعية التي أنتجت عملا ً ثوريا ً وإرادة قوية في إطار ثورتها.‏ويمكن القول:‏ إن أم سعد لخصت الذات القومية في مرحلة معينة من تاريخها،‏وهي تؤك ّد الماهية الوطنية للإنسان الكادح الفلسطيني في أثناء كفاحه من أجل النهوضوالتحرر والعودة.‏وينتقل البطل المقاوم إلى خطوة أخرى أكثر إيجابية،‏ وذلك بإلغائه دور القياداتالتقليدية،‏ التي ألغت زمن الفعل الفلسطيني قبل عام 1967، كما بدا في رواية ‏(رجالفي الشمس)،‏ و(ما تبقى لكم)‏ و(عائد إلى حيفا)،‏ لأنها كانت تابعة لسياسات عربية،‏وأخرى دولية.‏.265.1.2كنفاني،‏ غسان،‏ أم سعد،‏ينظر:‏ عباس،‏ إحسان،‏ غسان إنسانا ً وأديبا ً ومناضلا ً،‏ ص‎125-124‎‏.‏242


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانويمثل سعد في رواية ‏(أم سعد)‏ القيادات الشابة الجديدة في حركتها نحو الأرضالمحتلة،‏ وفي خروجها على السياسة التقليدية،‏ وفي طرحها القضايا من منظار جديد،‏بما تمثله من حركة جماهيرية،‏ فسعد خرج من عمق الشعب،‏ ومن فئاته الكادحة التيحملت الثورة على أكتافها في الماضي،‏ ولم تحصد شيئا ً؛ لأنها كانت تابعة لقياداتبرجوازية،‏ تضع مصلحتها الشخصية فوق الاعتبارات الوطنية والمصلحة القومية.‏ويدل سعد النموذج للبطل الشعبي على تغير نوعية المقاتل الفلسطيني في إطار التعاملمع القضية،‏ من منطلق مفاهيم جديدة،‏ ومن موقف الحيلولة من دون أن تتصدرالقيادات البرجوازية الحركة الوطنية،‏ أو التعامل من جديد بمقدرات القيادات الشابة،‏وتقرير مصيرها.‏ وفي هذه اللوحة– الرسالة– التي وصلت بعد اثنتين وثلاثين سنة– محاولة جماهير الثورة التعلم من أخطاء الماضي،‏ وتجاوز علاقة فضل– وعبد المولى – القيادات البرجوازية– الجماهير.–ويرينا الحوار الآتي أبعاد هذه العلاقةالجائرة،‏ إن لم نقل المقلوبة،‏ يقول غسان لأم سعد عن فضل:‏ ‏"لو ظل في الحبل يا أمسعد لما استطاع عبد المولى أن يقيم الحفلة.‏- صحيح،‏ لو ظلوا كلهم،‏ ولكن ماذا حدث؟...المسكين فضل ركبوا علىظهره،‏ في المعصرة وفي الجبل،‏ ثم في المعصرة،‏ ولو جاء إلى المخيم لركبوا أيضا ً(1)على ظهره"‏ . ولذا فإن سعد،‏ كما تخبرنا والدته،‏ طلب منها أن تخبر أسرة ليثالمسجون بألا يوسطوا المختار لإخراجه من السجن،‏ حتى لا تتكرر مأساة فضل وعبدالمولى.‏وقد أظهر غسان كنفاني،‏ بقدرته الفنية،‏ العلاقة بين أيديولوجيته السياسية وبينتجربته الفنية،‏ من خلال العواطف والعلاقات التي قدمها في بنائه الفني،‏ يقول إيرفنجهاو عن الرواية السياسية:‏ ‏"لذلك فبينما الرواية السياسية تستطيع أن تخصب إحساسنا(2)بالتجربة الإنسانية،‏ فإنها قادرة على أن تقوي ارتباطاتنا وأن تؤنسها".‏.1.2كنفاني،‏ غسان،‏ أم سعد،‏ ص‎310‎‏.‏وادي،‏ طه،‏ دراسات في نقد الرواية،‏ الهيئة المصرية العامة للكتاب،‏ القاهرة،‏1989، ص‎231‎‏.‏243


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏وفي ضوء هذا الفهم لرؤية غسان نتبين مدى التحام البطل المقاوم بقضيته بعدالخامس من حزيران،‏ فلم تعد النوعية تقتصر على العمال والفلاحين،‏ بقياداتهمالبرجوازية،‏ قبل الهزيمة الأولى،‏ بل تنوعت فئاتها،‏ وتعددت اتجاهاتها،‏ وضمت بينأجنحتها مختلف فئات الشعب الفلسطيني من مثقفين،‏ وعمال،‏ وفلاحين،‏ وأطباء،‏(1)(3)، وإن ظل ّت السمة الغالبة على شخصية البطل المقاومومهندسين،‏ وأساتذة جامعاتتنتمي إلى الطبقة الكادحة.‏ ولذا اكتسبت الشخصية بعدا ً جديدا ً وأملا ً جديدا ً،‏ كمااكتسبت الثورة نوعية مقاتلة متطورة في الفهم والإدراك،‏ وبعد الرؤية،‏ وفي السلوك،‏خلاف ما كانت عليه قبل الخامس من حزيران،‏ ولاسيما قبل عام.1948ويمكن رؤية تطور البطل المقاوم في رؤية فعله،‏ فالبطل إنسان أو أرض،‏ هوفعل في الدرجة الأولى،‏ وبه تأخذ الأحداث التاريخية حوله حجمها الطبيعي.‏ ويدل هذا(2).4على أن ثمة علاقة متبادلة راسخة بينه وبين الأشياء من حولهوقد التجأ الراوي إلى تقوية ذاكرة الإنسان الفلسطيني في بلاد الغربة.‏ لتظل هذهالذاكرة مفتوحة على جرح الوطن.‏ وعلى الدور الذي أدته السياسة البريطانية في تسليمفلسطين للعدو الصهيوني عام1948، بإجراءاتها القمعية وبتجريد الشعب من مختلفأشكال الأسلحة،‏ ومطاردة الثوار،‏ والحؤول دون امتلاك هذا الشعب قراره.‏ ولأجلذلك اصطحب راوي ‏(هل قتلتم أحدا ً)‏ معه كيسا ً من الزعتر،‏ وقد ذهل الضابطالإنجليزي وغيره من الضباط من رجال الجمارك لرؤيتهم كيس الزعتر،‏ فقد ظنوهكيس مخدرات،‏ رغم قول الراوي:‏ ‏"الزعتر يا مستر،‏ مليح للمعدة والأعصاب،‏ ويقوي(3)الذاكرة "1 لقد كان كيس الزعتر أداة تقوية علاقة الفلسطيني بغيره من أبناء الوطن فيبلاد الغربة،‏ فسائق الأجرة الذي أحضره رجال الجمارك لمعرفة إن كان الزعتر ليسنوعا ً من المخدرات،‏ بكى عندما رأى الزعتر،‏ في إطار ثنائية العلاقة بالإنسان.1.2.3ينظر:‏ المصدر السابق،‏ ص‎20-19‎‏.‏ينظر:‏ عباس،‏ إحسان،‏ غسان كنفاني إنسانا ً وأديبا ً ومناضلا ً،‏ ص‎88‎‏.‏ناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً،‏ ص‎70‎‏.‏244


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانوبمنتجات الأرض.‏ ويجسد الحوار بين الراوي وسائق الباص الفلسطيني في لندن ذلكبلغته الشفافة المحمولة على الرمز والدلالة،‏ يقول الراوي:‏ ‏"يا أخي،‏ واالله ما حملت هذاالكيس إلا ّ لصاحب القسمة والنصيب،‏ لأي أخ فلسطيني يشم رائحة الوطن في غربته.‏ومنذ بدأت رحلتي،‏ يتنقل معي من مكان إلى مكان،‏ ولم يفتح إلا لضرورات التحقيق،‏فما بالك لو هجم عليك النصيب،‏ وأخذت الكيس هدية من أخ لأخيه؟اغرورقت عيناه وضمه ليملأ رئتيه برائحة الزعتر.‏ وعندما اخترق الجلبة صوتيعلن الباص إلى لندن سيتحرك بعد دقيقتين،‏ كنا نحن نغيب في عناق طويل كأخ يفترق(1)عن أخيه"‏ 2ولم يكن المفتاح بمنأى عن الفلسطيني،‏ فهو الأداة التي تذكره بالوطن،‏ وتربطهبه،‏ فالشيخ عباس يحمل رزمة مفاتيح جمعها من أبواب البيوت التي غادرها أهلهاتحت كل صنوف الموت والدمار،‏ وتخيلها مفاتيح الطائرات العربية التي لم تحلق فيسماء أي معركة مع العدو الصهيوني.‏ وقد سجل الراوي في إطار الحوا ر الذي اعتمدقانون تداعي الأفكار والألفاظ والمعاني في إطار النكتة اللاذعة والسخرية المرة،‏الواقع السياسي العربي.‏ فالشيخ عباس يجيب عند السؤال:‏"- ما هذه المفاتيح يا شيخ عباس؟- كان يقول:‏ هذه مفاتيح طياراتنا.‏ ولا طيارة بتطير في السماء إلا ّ إذا استلموامفاتيحها من ّي...‏- إلى أين يا شيخ؟ سأله أصدقاؤه.‏- إلى البلد،‏ هاي طيارات العدو الصهيوني.‏ لا بد أنه طيارينا البواسل بيفتشواعلى مفاتيح الطائرات.‏(2)رايح لأفتح لهم إياها علشان يكسحوا العدو "(3).1.2المصدر السابق،‏ ص‎73-72‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎78-77‎‏.‏245


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏إن ثنائية وظيفة المفتاح تبدت في مفاتيح الشيخ عباس ومفتاح الشاعر ‏(أبو سلمى)‏الذي لا يعرف إذا جمع أحد مفاتيح الشيخ عباس التي تبعثرت ليل أكله الضبعويستغرب الشاعر لماذا اتجاه الأساطير حول مفاتيح الفلسطيني الضائعة،‏ أو تلك التيظل ّت في الأبواب تنتظر عودة أهلها،‏ يقول الشاعر أبو سلمى:‏ ‏"كل الأمثال العربيةضاعت مع مفاتيح الشيخ عباس.‏ االله يرحمه ويرحم أمواتكم جميع ًا"‏(1).إن المفتاح الفلسطيني برموزه ودلالاته يختلف في ذاكرته عن أي مفتاح آخر،‏فهو يحمل المشاعر،‏ والبصمات الفلسطينية التي لا تمحوها الأيام،‏ إنها الرسم الخفي‏"لأحاسيس الذين حملوا المفتاح،‏ واخترقوا عالمهم أو خرجوا منه كالرسم البياني علىجهاز تخطيط القلب،‏ يسجل الغضب والحزن والفرح والسكينة.‏ فكيف يكون المفتاححين يحمله شاعر غادر البيت حاملا ً مفتاحه وديوان شعر،‏ ونحن على ظهر قارب فيالبحر،‏ أقلع به من حيفا إلى عكا،‏ ثم إلى بيروت وإلى وإلى إلى أن التقينا فيصوفيا"‏ .إن قوة رمز المفتاح ودلالاته هي جزء من ذاكرة الفلسطيني،‏ إذ يمكن أن تفقدهذه الذاكرة بعض مخزونها الثقافي والفكري ولكنها لا تفقد علاقاتها بالمفتاح،‏ فالشاعرأبو سلمى يجسد هذه الرؤية،‏ إذ بكى وأبكى الحاضرين وهو يقص عليهم حكايةالمفتاح،‏ يقول الراوي:‏ ‏"بكى وهو يحكي،‏ وبكينا نحن على بكائه:‏ خرجت مع مفتاح(3)........(4)(2)وقصائدي،‏ وقعت قصائدي في البحر وظل المفتاح،‏ لأنني ربطته بخاصرتي"‏إن الفلسطيني بعد الخامس من حزيران شارك في صنع القرار وفي حركةالجماهير العفوية،‏ فتخلى بذلك عن أنماط التفكير والسلوك السلبية،‏ لتيق ّنه أن المواقفالسلبية لا تفي بضرورات الإنسان الأساسية من الأمن والغذاء والحرية،‏ يقول أبوحديد أحد أشخاص رواية ‏(خط الأفعى):‏ ‏"لن نحمل الكلاشن لكي نموت في طريقواحد.‏ وموقفنا هذا له معنى،‏ وله ثمن،‏ ومثلما الكلام يعبر عن فكرة الرصاص،‏ أيضا ًيعبر عن فكرة،‏ وكل فكرة مهما كانت في أقاصي اليسار لا تعني شيئا ً بلا أرض،‏ لاقيمة لكل ما في الدنيا بلا أرض"‏.1.2.3.4الناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً،‏ ص‎70‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎84-83‎‏.‏المصدر السابق،‏ ص‎86‎‏.‏عسيران،‏ ليلى،‏ عصافير الفجر،‏ ص‎113‎‏.‏246


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليانخاتمةجاء البحث في خمسة فصول،‏ تناول الفصل الأول صلة الفلسطيني بالأرضوالتحامه بها على الرغم من كل محاولات العدو الرامية إلى التهجير القسري.‏ وقدشك ّل هذا الالتحام تنوع أساليب مقاومة الاحتلال غير المسلحة في بداية زمن الاحتلالبعد حزيران عام 1967، في إطار العلاقة بالأرض مثل:‏ الانتظام في جمعياتونقابات ومجالس محلية وأندية،‏ ومثل الاحتفال بيوم الأرض.‏ كما بين تطور العلاقةالنوعية بالأرض بالمقاومة المسلحة،‏ وما صاحبها من كبت وتعذيب وحصار اقتصاديتتنافى وأبسط حقوق الإنسان.‏لقد استوعب جسد الفلسطيني،‏ كما بين الفصل الثاني،‏ بالمقاومة أشكال التعذيبفي سجون العدو ومعتقلاته التي كانت أداة صهر الفلسطيني وصقله كشفت عن ثوابتهالتي لا تقبل المقايضة أو النقض،‏ وهو يمارس دوره في تنظيم صفوفه في السجونوالمعتقلات بإقامة الندوات الثقافية والفكرية.‏ وبدهي وفق رؤية كتاب رواية المقاومةللقضية المركزية ‏–الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتبعاته – أن تقتصر معالجاتهمللرواية على هذه القضية،‏ الأمر الذي حدد تقنيات السرد الروائي بأدوات قامت علىقاعدة الرؤية الواقعية شكلا ً ومضمونا ً.‏ وقد حال ذلك من دون التوسع في تشكيل هذهالتقنيات.‏ لذا تركزت القضايا والمضامين على الفراغ الأمني والاقتصادي كما تبين فيالفصل الثالث،‏ واستغلال العدو لهذا الفراغ لتغييب الكفاح المسلح وذلك بالاستسلاملمغريات العمل لدى العدو الصهيوني.‏ وعلى الرغم من محاولات التغييب فقد عملالفلسطيني في ظل الخلخلة الاقتصادية والفراغ الأمني على توجيه مسار القضية نحوالكفاح المسلح،‏ مع ما صاحب هذا التوجيه من تشعب مسارات الرؤية بين الدعوة إلىالعمل المسلح والانتظار حتى تحين الفرصة المناسبة.‏ لكن هذا الانتظار لم يدم طويلا ًإذ عرفت الساحة الفلسطينية الخلايا التنظيمية للثورة المسلحة وتفجير الانتفاضة كمابين الفصل الرابع.‏ وفي إطار هذه الرؤية تناول كتاب رواية المقاومة حركة المقاومة247


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏المسلحة قبل نكبة عام 1948، ولاسيما بعد هزيمة حزيران عام 1967 في إطار منالمقارنة.‏ وقد سجلت رواية المقاومة تطور حركة الكفاح المسلح إذ أصبحت أكثرنضجا ً وتفهما ً ورؤية ً لأبعاد الصراع العربي الصهيوني وللقوى الفاعلة في هذاالصراع بعد عام 1967، وفي زمن الانتفاضة الأولى مما أدى إلى التحام القوىالفلسطينية بمختلف فئاتها لتؤدي دورها الوظيفي ‏–البطولي–‏ من أجل تحرير ترابالوطن الفلسطيني.‏248


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليان.1المصادرأبو شاور،‏ رشاد،‏ أيام الحب والموت،‏ دار العودة،‏ بيروت،‏.1973:.2سورية،‏ اللاذقية،‏‎1986‎‏.‏الرب يستريح في اليوم العاشر،‏ دار الحوار للنشر والتوزيع،‏الأسعد،‏ أسعد،‏ عربي الذاكرة،‏ بيت المقدس للنشر والتوزيع،‏ رام االله،‏الأدبي.2003:.1999 ،(16).3.4العشاق،‏ مطبوعات وزارة الثقافة – فلسطين،‏ ط‎5‎‏،‏ سلسلة الإبداعالغزاوي،‏ عزت،‏ الحواف،‏ اتحاد الكتاب الفلسطينيين،‏ القدس،‏.1993الناطور،‏ سلمان،‏ هل قتلتم أحدا ً؟ المركز الثقافي الفلسطيني – ‏(بيت الشعر)،‏ ط‎1‎‏،‏.1999.5.6الناعوري،‏ عيسى،‏ جراح جديدة،‏ منشورات مجلة السياحة،‏ بيروت،‏.1967حبيبي،‏ اميل،‏ الوقائع الغربية في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل،‏ دار الجليل،‏بيروت،‏.1972.7.8.9حرب،‏ أحمد،‏ رواية إسماعيل،‏ وكالة أبو عرفة للصحافة والنشر،‏ القدس،‏.1987:بقايا،‏ المؤسسة العربية للدراسات والنشر،‏ بيروت،‏خليفة،‏ سحر،‏ الصبار،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏ د.ت.‏خوري،‏ نبيل،‏ ثلاثية فلسطين،‏ دار الشروق،‏ بيروت،‏.1997.197410. طه،‏ المتوكل،‏ رمل الأفعى،‏ سيرة كتسيعوت،‏ أنصار(‏‎3‎‏)،‏ منشورات بيتالمقدس،‏.200111. عسيران،‏ ليلى،‏ خط الأفعى،‏ دار الفتح،‏ بيروت،‏.1973:.12عصافير الفجر،‏ دار الطليعة والنشر،‏ بيروت،‏ د.ت.‏كنفاني،‏ غسان،‏ عائد إلى حيفا،‏ الآثار الكاملة،‏ المجلد الأول الروايات،‏ ط‎2‎‏،‏ دارالطليعة للطباعة والنشر،‏ بيروت،‏.1983249


الرواية العربية من الاحتلال إلى المقاومة ‏(في فلسطين)‏:رجال في الشمس،‏ الآثار الكاملة،‏ المجلد الأول،‏ الروايات ط‎2‎‏،‏ دار الطليعة للطباعةوالنشر،‏ بيروت،‏.1980.13عمان،‏يخلف،‏ يحيى،‏ نهر يستحم في البحيرة،‏ دار الشروق للنشر والتوزيع،‏ رام االله،‏.1997:بحيرة وراء الريح،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏.1991250


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 22- العدد (2+1) 2006حسن عليان.1المراجعالقاسم،‏ أفنان،‏ مداد حرب،‏ المؤسسة العربية للدراسات والنشر،‏ بيروت.1966.2عاشور،‏ رضوى،‏ الطريق إلى الخيمة الأخرى،‏ ط‎2‎‏،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏.1981.3عباس،‏ إحسان،‏ غسان كنفاني إنسانا ً وأديبا ً ومناضلا ً،‏ اتحاد الكتاب والصحافيينالفلسطينيين،‏ بيروت،‏.1974.4عليان،‏ حسن،‏ مرايا الحرية والإبداع في أعمال غالب هلسا الروائية،‏ مطبعةالأجيال ‏(بيت الشعر)-‏ عمان،‏2003، ص‎57-55‎‏.‏.5فضل،‏ صلاح،‏ منهج الواقعية في الإبداع الأدبي،‏ ط‎3‎‏،‏ دار المعارف،‏ القاهرة،‏.1980.6.. 1989وادي،‏ طه،‏ دراسات في نقد الرواية،‏ الهيئة المصرية العامة للكتاب،‏ القاهرة،‏تاريخ ورود البحث إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong>.2004/11/26251

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!