ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

10.07.2015 Views

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأولدع عنك لومي يا عذولُ‏إن الرغيف َ محببتقولُ‏ما أفهم فلست ُ جميلُ‏مطلبه الناسِ‏ في لقد أصم الشاعر أذنيه عن سماع أقوال مجتمعه ونصائحه،‏ ولذا،‏ جاء فعل الأمر:‏‏"دع"؛ ليجسد لنا موقف الرفض والتحدي والتمرد على العاذل-‏ رمز المجتمع كماأرى-‏ فلم يعد الشاعر يفهم ما يقوله مجتمعه؛ لأن الشاعر فقير تهمه مقومات حياتهالأساسية والمعيشية.‏ويلفت النظر ظاهرة الحوار - في البيت الأول-‏ وهي ظاهرة شائعة فيالشعر العربي؛ فقد كانت ‏"السمة البارزة للشعر فيما مضى هو أنه شعر مخاطبة أوحوار ‏-صراحة أو ضمنا ً-‏ فالشعر القديم يتمثل في معظمه في حالة يرى فيها الشاعريخاطب آخرين من ‏"قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل"‏ إلى ‏"دع عنك لومي فإن اللومإغراء".‏ ومهما دنا الشاعر من التجريدات الحكمية،‏ ومهما بدا أنه يحدث نفسه؛ فهو فيالنهاية يخاطب أناسا ً ماثلين أمامه أو في ذهنه،‏ يتوقع منهم استجابة آنية.‏ إنه يتوقعالحوار،‏ أو الفعل من نوع ما،‏ ولو كان هذا الفعل صيحة إعجاب من السامع؛ فالشاعرالقديم كان يعرف المونولوج بمعنى مخاطبة النفس.‏ فالشاعر في الماضي يخاطب نفسهعلى تقطع،‏ متسائلا ً،‏ متشكيا ً،‏ متفاخرا ً،‏ ثم يعود إلى موضوعه الذي هو على الأغلب____________________١٢٤، وانظر.٣٥(٢)انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص الحسين أحمد،‏ أشعار الشحاذين في العصر العباسي،‏ص والشاعر هو عاذر بن شاكر،‏ كان في أيام المأمون وبعد ذلك ببغداد،‏ وله أشعار فيوصف الخبز..كان ظريفا ً ، انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص.١٢٢٩٠

١٣٢٠٠٤مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويخطابي يستهدف جمهورا ً يستمع إليه.‏ وصيغة المتكلم تتحول بسهولة منإلى ‏"نحن"‏(١)الجمع"‏ .المفرد ‏"أنا"‏ويتنكر أبو الشمقمق لأعراف المجتمع وينتهكها؛ فيعلن أن صلابة الوجه هي(٢)سلاح الفتى،‏ يقول :صلابة ُ الوجهِ‏ سلاح الفتى ورق َّة ُ الوجهِ‏ من الحرفهمن كان صلبا ً وجهه محكما ًفأنت َ منه الدهرِ‏ في طرفهيستخدم الشاعر في النص ألفاظا ً توحي بالعنف من مثل ‏"صلابة الوجه"‏ و ‏"صلبا ًوجهه".‏ومن الواضح أن الجمل الاسمية قد غلبت على مساحة النص،‏ وكأن الشاعريبتغي أن يرسم قاعدة ثابتة لنفسه ‏-أو للآخرين-‏ لاتباعها،‏ والمحافظة عليها.‏ويدعو حماد عجرد إلى نبذ الإنسان الذي يصاحب الناس لمصلحة ذاتية؛ فيتقربمن الموسرين،‏ ويجانب الفقراء،‏ يقول( ١):فارفض بإهمالٍ‏ أخوة ً منوعليك من حالاه واحدة ٌيقلي المقِل َّ ويعشق المثريفي العسرِ‏ إما كنت َ واليسرِ‏ويصرح أحد الطفيليين لهذا العصر-أن ّه لم يعد يكترث للمثل الاجتماعية،‏ فيقول( ٢):.٤٧-٤٦______________(١)(٢)جبرا،‏ جبرا إبراهيم،‏ الرحلة الثامنة ‏"دراسات نقدية"،‏ صأبو الشمقمق،‏ مروان بن محمد،‏ ما تبقى من شعره،‏ ضمن كتاب ‏"شعراء عباسيونصهو أبو محمد مروان بن محمد بن مروان الحكم،‏ وهو بصري،‏ كان ربما لحن،‏ ويهزل كثيرا ً،‏ويجد،‏ فيكثر صوابه،‏ قدم بغداد في أيام هارون الرشيد،‏ وكان من زمرة أبي نواس.‏ انظر الخطيبالبغدادي،‏ أبو بكر أحمد بن علي،‏ ج‎١٣‎‏،‏ ص٧٦، والشاعر.١٤٦٩١

<strong>ظواهر</strong> <strong>من</strong> <strong>التمرد</strong> <strong>في</strong> <strong>نماذج</strong> <strong>من</strong> <strong>شعر</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong> الأولدع عنك لومي يا عذولُ‏إن الرغيف َ محببتقولُ‏ما أفهم فلست ُ جميلُ‏مطلبه الناسِ‏ <strong>في</strong> لقد أصم الشاعر أذنيه عن سماع أقوال مجتمعه ونصائحه،‏ ولذا،‏ جاء فعل الأمر:‏‏"دع"؛ ليجسد لنا موقف الرفض والتحدي و<strong>التمرد</strong> على العاذل-‏ رمز المجتمع كماأرى-‏ فلم يعد الشاعر يفهم ما يقوله مجتمعه؛ لأن الشاعر فقير تهمه مقومات حياتهالأساسية والمعيشية.‏ويلفت النظر ظاهرة الحوار - <strong>في</strong> البيت الأول-‏ وهي ظاهرة شائعة <strong>في</strong>ال<strong>شعر</strong> العربي؛ فقد كانت ‏"السمة البارزة لل<strong>شعر</strong> <strong>في</strong>ما مضى هو أنه <strong>شعر</strong> مخاطبة أوحوار ‏-صراحة أو ض<strong>من</strong>ا ً-‏ فال<strong>شعر</strong> القديم يتمثل <strong>في</strong> معظمه <strong>في</strong> حالة يرى <strong>في</strong>ها الشاعريخاطب آخرين <strong>من</strong> ‏"قفا نبك <strong>من</strong> ذكرى حبيب و<strong>من</strong>زل"‏ إلى ‏"دع عنك لومي فإن اللومإغراء".‏ ومهما دنا الشاعر <strong>من</strong> التجريدات الحكمية،‏ ومهما بدا أنه يحدث نفسه؛ فهو <strong>في</strong>النهاية يخاطب أناسا ً ماثلين أمامه أو <strong>في</strong> ذهنه،‏ يتوقع <strong>من</strong>هم استجابة آنية.‏ إنه يتوقعالحوار،‏ أو الفعل <strong>من</strong> نوع ما،‏ ولو كان هذا الفعل صيحة إعجاب <strong>من</strong> السامع؛ فالشاعرالقديم كان يعرف المونولوج بمعنى مخاطبة النفس.‏ فالشاعر <strong>في</strong> الماضي يخاطب نفسهعلى تقطع،‏ متسائلا ً،‏ متشكيا ً،‏ متفاخرا ً،‏ ثم يعود إلى موضوعه الذي هو على الأغلب____________________١٢٤، وانظر.٣٥(٢)انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص الحسين أحمد،‏ أشعار الشحاذين <strong>في</strong> <strong>العصر</strong> <strong>العباسي</strong>،‏ص والشاعر هو عاذر بن شاكر،‏ كان <strong>في</strong> أيام المأمون وبعد ذلك ببغداد،‏ وله أشعار <strong>في</strong>وصف الخبز..كان ظريفا ً ، انظر ابن الجراح،‏ الورقة،‏ ص.١٢٢٩٠

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!