ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

٢٠٠٤مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (١+٢)صالح علي سليمالشتيويومن البين أن الشاعر أسقط مشاعره على الشخصية المتخيلة؛ فاستخدم ضميرالغائب؛ لأنه‏-الشاعر-‏لا يريد أن يواجه الموقف مباشرة؛ فتقمص الشخصيةالأخرى،‏ وتلفع بها،‏ وجعلها تتصف بالضعف والهوان.‏وقداستثمر الشاعر بحر الرجز،‏ وهو بحر‏"على درجة من الإسراع والعجلة؛(١)لأن الرجز لاتحاد تفعيلاته مسترسل الإيقاع لا يحس قارئه بتوقف"‏ ، فكأن الشاعريريد أن يقذف ما في صدره من حمم وبراكين لم يستطع حبسها.‏ويروي الأصمعي لشاعر من تميم شاهده ممسكا ً بأستار الكعبة،‏ وهو يجأر(٢)بشكواه إليه سبحانه وتعالى،‏ فيقول :أيا رب الناس والمن والهدىأما تستحي مني وقد قمت ُ عاريا ًأترزق ُ العلوج وقد عصواأمالي في هذا الأنام قسيمأناجيك يا ربي وأنت َ كريموتترك قرما ً من قرومِ‏ تميمويتضح التمرد القبلي في البيت الأخير؛ إذ يذكرنا بالنظرة الجاهلية القبلية.‏كماتتضمن الأبيات انتهاكا ً للأعراف الدينية،‏ أيضا ً؛ ففيها ضيق بالبشر،‏ ونقمة علىمصرف الحظوظ.‏ومن البدهي أن نجد مثل هذه التمردات التي نجمت عن اختلال الوضعالاقتصادي،‏ بل إن ‏"قيام الشطار والعيارين هو أحد أشكال التمردات الشعبية التي قامت(١)نتيجة تفسخ اقتصادي سياسي عانت منه الطبقات الفقيرة"‏ ..٦٠______________(١)٦٥٠(٢)النويهي،‏ محمد،‏ الشعر الجاهلي،‏ ج‎١‎‏،‏ صالبيهقي،‏ إبراهيم بن محمد،‏ المحاسن والمساوئ،‏ تحقيق محمد سويد،دار إحياء العلوم،‏ بيروت،‏ ط‎٢‎‏،‏‏(وفي البيت الأخير إقواء)،وانظر عطوان،‏ حسين،‏ الشعراء الصعاليك فيالعصر العباسي الأول،‏ ص.٣٥١٩٩٥، ص١١٣