ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأول - جامعة دمشق

ظواهر من التمرد في نماذج من شعر العصر العباسي الأولكانت الدولة العباسية واسعة الأرجاء،‏ وكانت تتشكل من عناصر مختلفة وطبقاتمتباينة،‏ فهنالك طبقات مترفة غنية تتمتع باللهو والمجون،‏ في حين أن هنالك طبقاتشعبية يتقاسمها الفقر والحرمان؛ مما ضاعف من نقمتها واستيائها.‏ وقد كانت ‏"الطبقاتالبائسة في العصر العباسي الأول أكثر طبقاته عددا ً،‏ وكانت تكدح وتشقى…‏ لينعمالخلفاء والوزراء وعلية القوم وكبار التجار والإقطاعيون بالحياة الرغدة والعيشالناعم،‏ غير مفكرين في جوع جائع ولا في عري عارٍ،‏ بينما تتجرع الطبقة الفقيرة(١)التعسة آلاما ً ثقالا ً وأهوالا ً طوالا ً…‏ .يضاف إلى ذلك أن حركة الزهد دفعت بعض الشعراء إلى التمرد،‏ ‏"ذلك أن قوما ًما يئسوا من الغنى،‏ ورأوا أن نفوسهم لا تطاوعهم للقرب من ذوي الجاه،‏ أو حاولواذلك ففشلوا؛ فلجؤوا إلى القناعة يروضون أنفسهم عليها…‏وقوما ً عافت نفوسهم مارأت من شهوات لا حد لها،‏ ورأوا أن النفس إذا نالت ما طمحت،‏ تفت ّحت أمامهاشهوات وشهوات،‏(٢)وللوصول إلى كل شهوة متاعب وعقبات؛ ففضلوا أن يقمعوها"‏ ،وهذا ما عبر عنه شعراء العصر العباسي الأول بجلاء كما سنرى فيما بعد.‏ولا بد من الإشارة إلى تبدل القيم وتغيرها إثر انتقال السلطة العربية الإسلاميةمن بني أمية إلى بني العباس،‏ إذ برز أثر الأجنبي والموالي خاصة ‏-الشعوبية-،‏ فقد‏"كانت الحياة السياسية والاجتماعية مواتية للفرس في العصر العباسي؛ فجهروا(٣)بشعوبيتهم في غير تعريض"‏ .______________(١)(٢)ضيف،‏ شوقي،‏ الشعر وطوابعه الشعبية على مر العصور،‏ ص‎٨٨‎‏.‏أمين،‏ أحمد،‏ ضحى الإسلام،‏ ج‎١‎‏،‏ صالحوفي،‏ أحمد محمد،‏ تيارات ثقافية بين العرب والفرس،‏ ص.١٥٢.١٣٣-١٣٢(٣)٨٦