26.04.2015 Views

ﺍﻟﻤﻐﺯﻯ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺝ ﻋﺭﻭﺽ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ

ﺍﻟﻤﻐﺯﻯ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺝ ﻋﺭﻭﺽ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ

ﺍﻟﻤﻐﺯﻯ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻻﺴﺘﺩﺭﺍﺝ ﻋﺭﻭﺽ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

المغزى القانوني الصحيح لاستدراج عروض الأسعار<br />

الدكتور محمد الحسين<br />

قسم القانون العام كلية الحقوق<br />

جامعة دمشق<br />

الملخص<br />

لا يمكن للإدارة العامة المتمدنة إشباع كل احتياجاتها عن طريق إصدار القرار الإداري الانفرادي.‏<br />

لذلك استعملت الإدارة الأسلوب التعاقدي.‏<br />

ليست الإدارة حرة كما هو الحال بالنسبة للشخص الطبيعي ضمن مجال العقود الخاصة،‏ بل يجب<br />

عليها احترام القواعد العامة القانونية والمتغيرات التي تحكم أساليب إبرام العقد الإداري.‏<br />

سنعالج من خلال هذا الفصل،‏ المفهوم القانوني لأسلوب استدراج عروض الأسعار،‏ لأن هذا<br />

الأسلوب يعد واحدا ً من أهم الطرق التي تستخدمها الإدارة من أجل إشباع احتياجاتها العامة.‏ والذي<br />

أصبح الوسيلة الطبيعية لإبرام العقد الإداري عندما يستلزم موضوعه البحث عن تقانات فنية أو<br />

جمالية أو إيضاح أو ضبط مادة جديدة.‏<br />

٧٣


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

إن استدراج عروض الأسعار هو طريقة من طرق انتقاء المتعاقد مع الإدارة وذلك من خلال سلسلة من<br />

الإجراءات الإدارية الخاصة التي تأخذ بالحسبان المتعهد الذي يقدم أفضل سعر لأفضل مشروع.‏<br />

واستدراج عروض الأسعار بهذا المعنى هو جزء هام من نظرية العقد الإداري التي اكتملت خيوطها<br />

وأبعادها في سبيل مراعاة خصوصية المرفق العام من منطلقي الاتصال بالعالم الخارجي من جهة،‏<br />

وحسن سير هذا المرفق من بحد ذاته من جهة أخرى.‏<br />

فالإدارة تستطيع إشباع حاجاتها التي تزداد اتساعا ً يوما ً بعد يوم عن طريق الوسط المحيط بها،‏ وطريقة<br />

الاتصال بهذا الوسط المحيط الذي من شأنه تأمين ما تحتاجه الإدارة إنما هو العقد الإداري.‏<br />

كما أن عمل الإدارة ليس محكوما ً بعوامل الإدارة المحضة كما هو الحال في مال العقود المدنية؛ إنما<br />

تحكمه جملة من العوامل والمتغيرات المتصلة بالمرفق العام اتصالا ً وثيقا ً مما يجعل كيفية تعبير الإدارة<br />

عن مضمون هذه الإدارة مختلفة عما هو مألوف في الحقوق المدنية.‏<br />

والحقيقة أن كيفية التعبير عن مضمون إرادة الإدارة محكوم بالأبعاد الكاملة التي تمليها الأطر الخاصة<br />

بتكوين العقد الإداري.‏<br />

ونلاحظ أن تكوين العقد الإداري يعطي نظرية العقد الإداري بشكل عام أصالتها وتميزها عن نظرية<br />

العقد المدني،‏ من حيث إن مقولة تكوين العقد الإداري هي التي تحدد خصوصية الإيجاب والقبول في<br />

العقد الإداري من جهة وانعقاد هذا العقد من جهة أخرى.‏<br />

ونستطيع أن ندرك بعد ذلك أهمية البحث في استدراج عروض الأسعار إذا علمنا أن مفهوم استدراج<br />

عروض الأسعار يشكل عنصرا ً من أهم عناصر عملية تكوين العقد الإداري.‏<br />

ونحن إذ نعالج استدراج عروض الأسعار فإننا سنحاول استخلاص المبادئ العامة التي تحكم هذا<br />

المفهوم،‏ وذلك للتوصل إلى الجانب التأصيلي له من خلال دراسة معناه،‏ والغاية منه،‏ والموجبات<br />

القانونية التي تحدد أركانه ‏"الإعلان،‏ وحرية المنافسة،‏ والمساواة فيها".‏<br />

الفصل الأول<br />

مفهوم استدراج عروض الأسعار والغاية منه:‏<br />

سنتطرق في هذا الفصل إلى المبادئ العامة التي تحكم استدراج عروض الأسعار وذلك من خلال<br />

البحث في مفهوم استدراج عروض الأسعار ومقارنته بطرق الإدارة الأخرى لانتقاء التعاقد معها ولا<br />

٧٤


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

سيما المناقصة من حيث إن الخلط بين هذين المفهومين يثير أكثر من تساؤل بين مختلف جهات<br />

الإدارة،‏ وإن البحث في الجانب التأصيلي لاستدراج عروض الأسعار سيقودنا للبحث حكما ً في<br />

الموجبات القانونية التي تؤدي إلى اكتمال أركان استدراج عروض الأسعار وذلك كما سيأتي:‏<br />

المبحث الأول:‏<br />

مفهوم استدراج عروض الأسعار:‏<br />

استدراج العروض هو مجموعة من الإجراءات المتخذة وفق الأصول والتي تشكل وسيلة من وسائل<br />

الإدارة في انتقاء المتعاقد معها،‏ وذلك بعد مراعاة ضرورات النشر وحرية المنافسة وتركيب عاملي<br />

السعر والجودة لانتقاء المتعهد الذي قدم السعر الاقتصادي الأفضل،‏ ومن ثم التعاقد معه.‏<br />

ونلاحظ من خلال التعريف بماهية استدراج العروض أنه غالبا ً ما يتم الخلط بينه وبين الغاية منه ككل<br />

وأن جانبا ً من الفقه الإداري السوري يؤكد تعريفه كما يلي:‏ ‏"نموذج عقد يترك للإدارة حرية انتقاء<br />

(١)<br />

المتعاقد معها"‏ .<br />

ونستطيع أن ندرك وجه الغرابة في هذا التعريف إذا علمنا أن النموذج يتعلق بالصيغة الشكلية للعقد.‏ أما<br />

استدراج العروض فهو مرحلة على طريق تكوين العقد؛ وهذه المرحلة تدخل في جوهر التكوين،‏<br />

والفرق بين دون أدنى شك بين الشكل والجوهر.‏<br />

ثم إن التعريف السابق منتقد من حيث تركيزه على أن استدراج العروض تترك للإدارة حرية في انتقاء<br />

المتعاقد معها،‏ في حين نستطيع أن نلاحظ أن استدراج العروض هو مجموعة من الإجراءات قد<br />

تضمنتها قواعد آمرة،‏ وهذه الإجراءات ترمي إلى تقييد حرية الإدارة في انتقاء المتعاقد معها وذلك<br />

لضمان أعلى درجات الكم والنوع التي يجب مراعاتها لأجل حسن سير المرفق العام.‏<br />

إذن الأخذ بأسلوب استدراج العروض في انتقاء المتعاقد مع الإدارة لا يهدف إلى إثارة نوع هادئ من<br />

(٢)<br />

المنافسة ، كما تعبر عنه بعض نصوص الفقه،‏ إنما يهدف إلى تدعيم هذه المنافسة بعامل الجودة إضافة<br />

إلى عامل السعر،‏ إذ إن الأخذ بأسلوب استدراج العروض يؤدي إلى إشعال نار المنافسة في اتجاهين،‏<br />

مما يؤدي في النهاية إلى التخفيف من تلقائية المنافسة التي نلاحظها في المناقصات البسيطة التي تعتمد<br />

٧٥<br />

(١)<br />

(٢)<br />

راجع في ذلك:‏ د.‏ عبد الإله الخاني،‏ القانون الإداري علما ً وعملا ً ومقارنا ً الجزء الرابع،‏ لا يوجد<br />

اسم دار نشر دمشق<br />

١٩٨٠، ص‎٢٠٩‎‏.‏<br />

راجع في ذلك:‏ د.‏ عبد الإله الخاني،‏ المرجع السابق،‏ ص‎٢٠٩‎‏.‏


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

على عامل السعر فقط وكم الضم أو التنزيل المتعلقين بهذا السعر.‏<br />

ونلاحظ أن القانون ولا سيما المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ قد أغفل تماما ً أي تعريف يتعلق<br />

باستدراج عروض الأسعار،‏ بل إن المادة<br />

(٢٩)<br />

من المرسوم المذكور قد اكتفت بذكر الغاية من<br />

استدراج العروض دون النص على أية دلالة تتصل بكيفية فهم المصطلح بحد ذاته.‏<br />

والحقيقة أن هذا الإبهام في توضيح أبعاد مفهوم استدراج العروض أدى دائما ً إلى الخلط بينه وبين<br />

مفهوم المناقصة،‏ والجواب على مثل هذا السؤال يجعلنا نذك ِّر أن المرسوم التشريعي<br />

١٩٦٩/٢٢٨ لم<br />

ينطلق في أحكامه من العموم إلى الخصوص مما يجعل نصوصه متماسكة تماسكا ً منطقيا ً فعلا ً؛ إنما<br />

عالج الحالات كلها بصورة جزئية وعلى سبيل الخصوص.‏<br />

ففي مجال تكوين العقد الإداري مثلا ً،‏ وهذا المجال هو الأهم في المرسوم المذكور نلاحظ أن هذا<br />

المرسوم قد انطلق من الشراء المباشر ثم إلى المناقصة ثم إلى استدراج عروض الأسعار ثم إلى التعاقد<br />

بالتراضي،‏ وكان أحرى بالمشرع لو أنه ذكر الأصل أولا ً الذي هو المناقصة ما دام الأصل إلى تكوين<br />

حرية الإدارة مقيدة بإجراءات معينة عند انتقائها للمتعاقد معها في سبيل إبرامها لعقودها،‏ ثم يأتي إلى<br />

أحكام عروض الأسعار على أساس أنه حالة خاصة للمناقصة لها؛ بعض القواعد المتعلقة بما تفرضه<br />

ضرورات المنافسة في استدراج العروض ولكنها تخضع في أحكامها العامة إلى القواعد الخاصة<br />

بالمناقصة ‏(المادة<br />

(٣٠)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.(١٩٦٩/٢٢٨<br />

وهكذا بعد الانتهاء من القواعد المتعلقة<br />

بالأصل العام ‏(المناقصة)‏ والأصل الخاص ‏(استدراج العروض)‏ يمكن أن تذكر الاستثناءات الواردة<br />

على أن الإدارة مقيدة في تعاقدها،‏ وهذه الاستثناءات تتعلق ‏"بالشراء المباشر"‏<br />

(٣)<br />

و"التعاقد بالتراضي"‏ .<br />

بعد هذا التأصيل الذي لا بد منه لفهم ترابط المصطلحات مع بعضها في مجال تكوين العقد الإداري<br />

نستطيع أن نقول:‏ إن استدراج العروض هو مناقصة ولكن هذه المناقصة ذات نمط خاص،‏ لها بعض<br />

أحكامها التي تفرضها كيفية المنافسة وعواملها ولا سيما عامل إضافة الجودة إلى جانب عامل السعر،‏<br />

ولكن تبقى خاضعة في أحكامها العامة للنصوص المتعلقة بالمناقصة العامة،‏ خصوصا ً فيما يتعلق بتقديم<br />

العروض وقبولها وتشكيل لجنة المناقصات وانعقاد العقد الإداري،‏ وقبول العارضين وغير ذلك من<br />

(٣) راجع في ذلك:‏ د.‏ سليمان الطهاوي،‏ الأسس العامة للعقود الإدارية مطبعة الاعتماد،‏ القاهرة<br />

١٩٥٧، ص‎١٧٤‎‏،‏ وراجع أيض ًا:‏ مهاب نجا،‏ القانون الإداري العام،‏ دار الشمال،‏ طرابلس<br />

،١٩٩٠<br />

الطبعة الأولى،‏ ص‎٢٩٣‎‏،‏ وراجع:‏ خالد وليد يعقوب،‏ تعليمات المناقصة العامة والعقود الإدارية<br />

مطابع دار المنار بدمشق،‏ ص‎٤٠‎‏.‏<br />

٧٦


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

الإجراءات التي نصت عليها المواد من<br />

(٢٨-٧)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

وهذا ما أكده الطرح القانوني والفقهي المقارنان:‏ ففي مصر وفرنسة مثلا ً تتفق النظرتان القانونية<br />

والفقهية على أن استدراج عروض الأسعار وفقا ً للقانون السوري،‏ إنما هو ‏"مناقصة على أساس<br />

الموازنة بين السعر والجودة"‏ ويعالج المصطلح في فرنسة كما يلي:‏<br />

“L’adjudiction sur<br />

confficients"<br />

وترجمتها الحرفية:‏ ‏(المناقصة على الجودة)،‏ وهذا التعبير يدل دلالة قاطعة أن استدراج العروض ما هو<br />

إلا مناقصة ولكن لها بعض الخصوصية بسبب إضافة عامل الجودة إلى عامل السعر عند انتقاء أفضل<br />

المتعاقدين،‏ بعد ذلك نستطيع القول:‏ إن جوهر استدراج العروض يتحقق عندما تعلق الإدارة عن رغبتها<br />

بإثارة منافسة بين متعهدين يقومون بأداء نوع معين من الأعمال وذلك لتقديم أفضل شروط مالية لتحقيق<br />

(٤)<br />

أفضل مشروع .<br />

ومما سبق نستطيع أن نقول:‏ إن مصطلح استدراج العروض هو مصطلح غير دقيق وفضفاض،‏ فهو<br />

غير دقيق لأنه يعبر بصورة كافية عن الإجراءات التي تشكل موضوعه،‏ وهو فضفاض لأن الإدارة<br />

عندما تعلق عن مناقصة عادية فهي تقوم ضمنا ً باستدراج عروض المتعهدين في سبيل إثارة المنافسة<br />

بينهم،‏ وحتى في حالة التعاقد بالتراضي فإنه يحق لآمر الصرف استدراج عروض المتعهدين لأجل تنفيذ<br />

عمل ما في سبيل انتقاء أفضلها للمتعاقد معه بطريقة التراضي،‏ وما دام هذا المصطلح أوسع من اللازم<br />

فإنه يجب أن تتوجه عناية المشرع إلى تبديله بمصطلح أكثر دقة ودلالة كمصطلح ‏"المناقصة على<br />

الجودة"‏ الفرنسي أو مصطلح ‏"المناقصة على أساس عاملي السعر والجودة"‏ المصري.‏<br />

وحرصا ً على تجانس المصطلحات وترابطها فإننا نقترح اصطلاح ‏"المناقصة البسيطة"‏ وذلك إذا كانت<br />

المنافسة بين العارضين على أساس السعر فقط،‏ كما نقترح اصطلاح ‏"المناقصة المركبة"‏ إذا كانت<br />

(٥)<br />

المنافسة على أساس عاملي السعر والجودة معا ً .<br />

ومما تجدر الإشارة إليه قبل ختام هذا المبحث أن<br />

(٦)<br />

قانون مبايعات وزارة الدفاع كان أكثر تماسكا ً،‏ إذ<br />

٧٧<br />

(٤)<br />

(٥)<br />

راجع:‏ د.‏ سليمان الطماوي،‏ المرجع السابق،‏ ص‎١٧٤‎‏.‏<br />

راجع:‏ هذا القانون الصادر بالمرسوم التشريعي رقم<br />

(٨٠)<br />

موسوعة العقود الجزء الثاني،‏ دار الأنوار دمشق ١٩٩١، الطبعة الأولى.‏<br />

(٦) راجع:‏<br />

(٢٩) المادة<br />

عقود ومبايعات وزارة الدفاع.‏<br />

تاريخ ١٩٥٣/٩/٢٧ في صبحي سلوم<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ وقارن ذلك مع الفقرة ج من قانون


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

انطلق من المفهوم العام للانتقاء عن طريق المنافسة أو المناقصة ‏(وذلك في المادة<br />

(١١)<br />

منه،‏ ثم انتقل<br />

إلى أجزاء هذا المفهوم فنص على أن المناقصة ثلاثة أنواع:‏ عادية،‏ منحصرة،‏ بالانتقاء،‏ وإن المناقصة<br />

بالانتقاء هي استبدال لمصطلح استدراج عروض الأسعار الذي نصت عليه القوانين الأخرى ولا سيما<br />

المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨، ولعل هذا ما يؤيد وجهة نظرنا السابقة.‏<br />

المبحث الثاني:‏ الغاية من استدراج العروض ومسوغات الأخذ به:‏<br />

في الواقع؛ إن القانون السوري ‏"المرسوم<br />

"١٩٦٩/٢٢٨<br />

قد حدد الغاية من اللجوء إلى استدراج عروض<br />

الأسعار،‏ فلا تعلن الإدارة عن استدراج عروض أسعار إلا عندما يتعذر على الإدارة تحديد مواصفات<br />

وشروط مواد موحدة للمواد المطلوب تقديمها أو الأشغال المطلوب تنفيذها أو الخدمات المطلوب<br />

إنجازها،‏ وذلك للتميز بين العروض واختيار أفضلها في ضوء الجودة والأسعار وسائر الشروط<br />

(٧)<br />

الأخرى .<br />

والحقيقة أن جهة الإدارة بما تملكه من إمكانات لن تعجز عن تحديد مواصفات وشروط ما تريد تنفيذه<br />

من أشغال أو خدمات أو ما تود شراءه من مواد مختلفة،‏ وفي غالبية الأحوال فإن الفنيين في جهة<br />

الإدارة يستطيعون الإلمام بما هو متوافر من مواصفات المواد المطلوب توريدها أكثر مما هو موجود<br />

على أرض الواقع وفي السوق.‏<br />

لذلك فإن الغاية التي حددها المشرع في المادة<br />

بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎٨١‎‏/ب <br />

(٢٩)<br />

منه لا تعبر عن المقصود بدقة،‏ وهذا ما يؤيده<br />

١٥/٤٦٥٩ تاريخ<br />

١٩٨٧/١٢/١٩ الذي ركز على مسألة<br />

الاقتصار،‏ عند تنظيم دفاتر الشروط من قبل اللجان الفنية المختصة بذلك على عدم ذكر المواصفات<br />

التفصيلية للمواد أو الأشغال أو الخدمات محل التعاقد،‏ والاقتصار عند تنظيم دفاتر الشروط الفنية <br />

وخصوصا ً المتعلقة بالتوريدات على ذكر المواصفات العامة والخطوط العريضة للمواصفات<br />

(٨)<br />

الفنية ، وفي هذا دون شك إدراك ‏"إقرار ضمنيان بقدرة جهة الإدارة على تحديد المواصفات<br />

الدقيقة للمواد أو الخدمات أو الأشغال محل التعاقد.‏<br />

هذا بالنسبة للمواصفات ومسألة تحديدها بشكل دقيق،‏ فما هو الأمر بالنسبة ‏"للشروط الموحدة للمواد<br />

المطلوب تقديمها أو الأشغال المطلوب تنفيذها أو الخدمات المطلوب إنجازها"…‏ المنصوص عليها في<br />

(٢٩) المادة<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

(٧)<br />

(٨)<br />

راجع:‏ العميد صبحي سلوم،‏ المرجع السابق،‏ الجزء الأول،‏ ص‎٢٤٥‎‏.‏<br />

راجع:‏ كتاب وزارة المالية إلى وزارة التعليم العالي رقم<br />

٥٢٩/٣٠٠٦٨ تاريخ .١٩٩٥/١١/٩<br />

٧٨


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

الحقيقة أن النص المذكور ينطوي على حشوٍ‏ واضح،‏ فلم يكن هناك ثمة داعٍ‏ لأن تضاف كلمة الشروط<br />

إلى متن المادة (٢٩)، فالغاية التي أراد أن يفصح عنها المشرع في المادة ذات طابع فني بحت،‏ وإن<br />

اقتران كلمة شروط بما يدل على الأوصاف والطرق الفنية يعكس غير ما تتوجه إليه الإدارة وتريده من<br />

وراء الإعلان عن استدراج العروض،‏ فالإدارة تبغي أعلى درجات التنوع بين مستويات الجودة<br />

المختلفة التي يقدمها العارضون.‏<br />

وكان أجدى بالمشرع الذي أورد هذه المادة<br />

(٢٩)<br />

من المرسوم التشريعي ٢٢٨ لو أخذ بما أورده<br />

المشرع في قانون عقود ومبايعات وزارة الدفاع،‏ حيث جاءت المادة التي تدل على الغاية من<br />

المناقصات أكثر وضوحا ً ودلالة وخالية من أي حشو كان:‏<br />

‏"المناقصة بالانتقاء:‏ وتجري للأشغال واللوازم التي لا يمكن مسبقا ً تحديد أشكالها وأوصافها بصورة<br />

دقيقة وجليلة إذ يفرض على المناقصين تقديم مصورات للأشغال أو نماذج للوازم لفحصها…".‏<br />

لذلك فإننا نقترح صياغة جديدة للمادة<br />

(٢٩)<br />

من المرسوم التشريع<br />

:١٩٦٩/٢٢٨<br />

‏(يتم اللجوء إلى المناقصة المركبة عندما لا تريد تحديد مواصفات وأشكال دقيقة للمواد المطلوب تقديمها<br />

أو الأشغال المطلوب تنفيذها أو الخدمات المطلوب إنجازها،‏ وذلك بهدف الموازنة بين عاملي السعر<br />

والجودة عند الإرساء).‏<br />

ولما كان استدراج العروض يهدف إلى تحقيق أعلى درجات الجودة مع أفضل الأسعار فإن ذلك يتطلب<br />

أن يكون المتعهد المرشح لتنفيذ الأعمال محل العقد ذا خبرة كافية ليقوم بمثل هذا التنفيذ؛ وهذا ما يعكسه<br />

جليا ً السجل التجاري للمتعهد المرشح،‏ فلا يجوز البتة أن يذكر في بيان قيود السجل التجاري للمتعهد<br />

المرشح أنه يقوم بأعمال معينة،‏ في حين محل استدراج العروض تنفيذ التزامات مختلفة كليا ً في الطبيعة<br />

والنوع،‏ إن ذلك يدل على أن المتعهد المرشح غير ملم بالأعمال التي سينفذها،‏ وهذا يمس درجة جودة<br />

(٩)<br />

هذه الأعمال بشكل أو بآخر .<br />

على أي حال فإننا نلاحظ أن اللجوء إلى طلب عروض أسعار من جانب الإدارة قد أصبح الطريقة<br />

الأصل لإبرام عقود التوريد،‏ فمن النادر جدا ً أن تلجأ الإدارة إلى أسلوب المناقصة البسيطة أو العادية<br />

لانتقاء المتعاقد في سبيل إبرام عقد توريد،‏ مع أن المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ قد نص على أن<br />

٧٩<br />

(٩)<br />

راجع:‏ د.‏ عبد الغني بسيوني عبد االله القانون الإداري،‏ منشأة المعارف الاسكندرية<br />

١٩٩١ الطبعة<br />

الأولى،‏ ص‎٥٢٦‎‏،‏ وراجع حكم مجلس الدولة الفرنسي في ١٩٤٤/٥/١٦ نقلا ً عن د.‏ عبد الإله<br />

الخاني،‏ المرجع السابق،‏ ص‎١٧٨‎‏.‏


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

المناقصة العادية هي الطريقة الأصلية والأساسية لانتقاء المتعاقد مع الإدارة في مجال عقود الخدمات أو<br />

الأشغال أو التوريد على حد سواء.‏<br />

ولكن ما يدفع الإدارة للجوء إلى أسلوب استدراج العروض في مجال التوريدات هو رغبتها في انتقاء<br />

العارض الذي قدم أفضل حالة من حالات التركيب بين السعر والجودة،‏ أي أفضل سعر اقتصادي يقدمه<br />

أحد العارضين،‏ والواقع العملي يعكس ذلك،‏ فالإدارة في غالب الأحيان تملك تصورا ً شبه كامل عن<br />

مواصفات التوريدات التي تود التعاقد عليها.‏<br />

لكنها لا تملك أدنى تصور عن الكيفية التي يقدمها كل عارض على حدة في مزاوجته بين السعر<br />

والجودة لذلك تلجأ الإدارة إلى هذا الأسلوب في انتقاء المتعاقد معها.‏<br />

أما في الأشغال فإن تفاوت حالات التركيب بين الجودة والسعر تقل بين العارضين فجميع العارضين<br />

يملكون تصورا ً واحدا ً عن الجودة والسعر أو مختلفا ً اختلافا ً ضئيلا ً،‏ لذلك فإن وجهة النظر بين<br />

المتعهدين تبدو واحدة في هذا المجال،‏ وتغدو الأنظار كلها مشدودة نحو السعر حيث تتحكم المناقصة<br />

العادية في تحديد السعر الأكثر ملائمة.‏<br />

ويمكن للإدارة أن تلجأ إلى أسلوب استدراج العروض في مجال العقود الإدارية،‏ وفي مجال العقود<br />

العادية،‏ أي تلك التي تكون الإدارة طرفا ً فيها؛ ولكن تظهر كفرد عادي ولا تظهر فيها الشروط غير<br />

المألوفة في القانون الخاص.‏<br />

ما دام الأخذ بها الأسلوب لا يجعل العقد غير الإداري إداريا ً وهذا هو الرأي الذي استقر عليه القضاء<br />

والفقه في فرنسة ومصر.‏<br />

ومن خلال ت َبين الغاية من اللجوء إلى استدراج العروض نستطيع أن نحصر مسوغات ذلك في نقطتين:‏<br />

حسن سير المرفق العام:‏ فالمرفق العام من حيث كونه نشاطا ً يتم عن طريق مشروع يهدف<br />

لتحقيق النفع العام لا يمكنه أن يسير وفقا ً لأفضل المستويات إلا إذا قدمت أفضل السلع والبضائع<br />

والأعمال بأفضل الأسعار.‏<br />

-١<br />

-٢<br />

الحفاظ على المال العام:‏ إن الصيغة المثلى للحفاظ على المال العام ليس فقط الشراء بأفضل<br />

الأسعار إنما تقديم منتجات أو خدمات أو تنفيذ أشغال بنوعية جيدة،‏ مما يخفف من احتمالات<br />

اللجوء إلى نفقات إضافية لذات المشروع سوءا لجهة الصيانة أم لجهة شراء البديل لسوء الأعمال<br />

المنفذة من حيث درجة الجودة.‏<br />

الفصل الثاني<br />

٨٠


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

الموجبات القانونية لاستدراج العروض:‏<br />

في الواقع إن لاستدراج العروض ركنين لا يقوم إلا بهما،‏ هذان الركنان هما الإعلان وحرية المنافسة،‏<br />

وسندرس هذين الركنين من خلال المبحثين التاليين:‏<br />

المبحث الأول:‏<br />

الإعلان:‏<br />

أولا ً تعريف الإعلان وكيفيته:‏<br />

إن الإعلان هو قرار إداري ينطوي على دعوة للتفاوض تلجأ فيه الإدارة إلى التعبير عن إرادتها<br />

المنفردة في رغبتها باجتذاب أكبر عدد ممكن من حالات الإيجاب تحقيقا ً للمصلحة العامة وضمانا ً لحسن<br />

سير عملية التعاقد مع الإدارة.‏<br />

يعالج الإعلان حالة فردية معينة بذاتها تتعلق بمجموعة محدودة من الأشخاص هم المتعهدون،‏ وبأشياء<br />

محددة هي موضوع استدراج العروض.‏ ومن هنا يمكن القول:‏ إن الإعلان عن استدراج العروض هو<br />

قرار إداري فردي،‏ ويتجلى محل هذا القرار بموضوع الإعلان وبياناته المكملة.‏ فأما سبب القرار<br />

المذكور فيظهر بصورة طريفة إذ إن لكل إعلان سببين:‏ سبب عام وسبب خاص.‏ فأما السبب العام<br />

فيمثل برغبة الإدارة في إتمام العملية التعاقدية والسير في إجراءاتها قدما ً،‏ أما السبب الخاص فيتحدد<br />

على شكل سلسلة من الدوافع التي تحدد وفقا ً لخصوصية العقد الذي ترغب الإدارة في إبرامه.‏ وبالنسبة<br />

لغاية هذا القرار فإنها تتجلى بالهدف النهائي الذي يسعى الإعلان إلى تحقيقه،‏ وهذا الهدف هو الحصول<br />

على أكبر عدد ممكن من حالات الإيجاب للموازنة بينها وفقا ً لما تمليه الحكمة من استدراج العروض<br />

بمجمله.‏<br />

وبالنسبة للشكل فإن الإعلان يحتاج إلى إجراءات خاصة به.‏ ودون أدنى شك إن الإعلان حين يصدر<br />

فإنما يصدر عن جهة إدارية معنية به ومختصة بإصداره،‏ ومن ثم فإن ذلك يؤدي إلى توافر ركن<br />

(١٠)<br />

الاختصاص .<br />

٨١<br />

(١٠)<br />

راجع:‏ د.‏ إبراهيم عبد العزيز شيحا ‏"أموال الإدارة العامة وامتيازاتها"‏ منشأة المعارف الإسكندرية<br />

بلا تاريخ بلا رقم،‏ طبعة ص‎١٨٢-١٨١‎‏،‏ وراجع د.‏ ماجد راغب الحلو القانون الإداري،‏ دار<br />

المطبوعات الجامعية الإسكندرية والطبعة الأولى ١٩٩٤، ص‎٦١٢‎ وما بعدها.‏


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

ثانيا ً السلطة التقديرية للإدارة في مجال الإعلان:‏<br />

والحقيقة أن الإعلان عن استدراج العروض هو عمل قانوني،‏ تتمتع الإدارة في معرض القيام به بسلطة<br />

تقديرية يبررها اتصال الإدارة بالواقع،‏ وبشكل مستمر،‏ وإدراكها التام لحاجات المرفق مما يؤدي إلى<br />

عجز المشروع عن تحديد أوقات وأوضاع معينة للإعلان عن استدراج العروض من جانب الإدارة<br />

المعنية،‏ لذلك يبقى للإدارة الحق في تقدير الأوقات والحالات التي تعلن فيها عن عروض أسعار.‏ ولكن<br />

تبقى هذه السلطة التقديرية للإدارة مقيدة في حقيقتها بمبادئ المشروعية المتعلقة بالاختصاص وبالشكل<br />

(١١)<br />

وعدم مخالفة القانون .<br />

وإن السلطة التقديرية للإدارة في مجال الإعلان عن استدراج العروض لا تظهر فقط في مجال توقيت<br />

الإعلان وتناسبه مع المعطيات الاقتصادية المختلفة سواء تلك الخاصة بالإدارة أم التي تتعلق بالسوق،‏<br />

بل إنه يظهر في الفترة الزمنية الفاصلة بين نشر الإعلان واليوم الأخير الذي تقبل فيه العروض،‏ فالحد<br />

الأدنى العادي لهذه الفترة هو خمسة عشر يوما ً ولكن يمكن لهذه الفترة أن تطول أكثر من ذلك،‏ أي إن<br />

الفترة الممتدة بين تاريخ النشر وآخر موعد لقبول العرض يمكن أن تزيد عن خمسة عشر يوما ً.‏ ولا<br />

يوجد حد أعلى لهذه الفترة المنوه عنها سابقا ً،‏ مما يترك تقديره لآمر الصرف المختص في الإدارة<br />

المعنية،‏ وكذلك الأمر بالنسبة لذات الفترة الزمنية،‏ إذا كان الإعلان خارجيا ً.‏ ولكن ما يتغير هنا هو الحد<br />

الأدنى حيث يصبح خمسين يوما ً بدلا ً من خمسة عشر يوما ً ويبقى الحد الأعلى لهذه الفترة مطلقا ً ويعود<br />

تقديره إلى آمر الصرف<br />

(١٢)<br />

المختص .<br />

والمظهر الآخر الذي تظهر فيه السلطة التقديرية للإدارة في مجال الإعلان يتمثل في تخفيض الحد<br />

الأدنى للفترة الفاصلة بين تاريخ النشر وآخر تاريخ لقبول العروض،‏ ففي الحالات التي توجب الإسراع<br />

في إتمام العملية التعاقدية لأن حاجات المرفق تتطلب ذلك فإنه يحق لآمر الصرف المختص إنقاص فترة<br />

النشر إلى حد أدنى جديد هو خمسة أيام.‏ ونستدل بمفهوم المخالفة على أنه يجوز أن يكون التخفيض في<br />

(١٣)<br />

كل ما يتجاوز خمسة أيام ، ولكن أي تخفيض لمدة النشر من جانب آمر الصرف إلى مادون الخمسة<br />

أيام يؤدي إلى اعتبار إجراءات النشر باطلة،‏ مما يترتب عليه بطلان أي إجراء لاحق من إجراءات<br />

(١١)<br />

(١٢)<br />

(١٣)<br />

راجع:‏ المادة<br />

(١٠)<br />

راجع:‏ الفقرة ج من المادة<br />

راجع:‏ الفقرة د من المادة<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ الفقرة أ.‏<br />

(١٠)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

(١٠)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

٨٢


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

العملية التعاقدية.‏<br />

ونحن نبحث في الفترة الفاصلة بين تاريخ النشر وآخر موعد لقبول العروض فإننا نقترح أن يطلق على<br />

هذه الفترة بين التاريخين المذكورين اصطلاحا ً،‏ مفهوم ‏"فترة العلم"،‏ بمعنى أن هذه الغاية من هذه الفترة<br />

هو وصول نبأ استدراج العروض إلى علم جميع المتعهدين مما يؤدي إلى الانتقال إلى الخطوات التالية<br />

للعملية التعاقدية.‏<br />

وفي نطاق حساب ‏"مدة العلم"‏ هذه فإنه لا يدخل في هذا الحساب يوم الإعلان عن استدراج العروض<br />

(١٤)<br />

كما لا يدخل اليوم الذي يلي انتهاء الموعد المحدد لتقديم العروض ، إذ غالبا ً ما يكون هذا اليوم<br />

مخصصا ً لاجتماع لجنة المناقصات لدى الإدارة من أجل فض العروض وتحديد المراكز النهائية<br />

للعارضين قبل دخولهم ساحة المنافسة على السعر الاقتصادي الأفضل.‏<br />

لما كان قد تم الإعلان عن استدراج العروض فلا يجوز للجهة الإدارية المعنية التعديل في دفاتر<br />

الشروط التي بُني عليها هذا الإستدراج،‏ وذلك لأن التعديل يؤدي إلى تغيير الأسس التي قام عليها<br />

استدراج العروض بمجمله مما لا يتيسر على كل عارض أن يدركه ولم به.‏<br />

ثالثا ً شروط الإعلان:‏<br />

يجب أن يكون الإعلان متفقا ً مع القوانين والأنظمة النافذة ولا يحتوي أي بيانات مخالفة للنظام العام أو<br />

للآداب العامة،‏ كما يجب أن يكون متسما ً بالوضوح والكفاية في صيغته أي لا يوجد فيه أي لبس أو<br />

غموض أو تناقض أو تعارض أو نقص في البيانات الأساسية التي تطلب القانون أن ينص عليها<br />

الإعلان.‏ ويجب أن يكون الإعلان متسما ً بكفاية مدتة،‏ بما يتناسب مع حجم العطاء ودرجة بساطته أو<br />

تعقيده أو كونه داخليا ً أم خارجيا ً.‏ بالإضافة إلى ما تقدم فإن طرق ووسائل الإعلان يجب أن تكون كافية<br />

مما يؤدي إلى اتساع نطاق العلم به.‏<br />

رابعا ً طرق الإعلان وأساليبه:‏<br />

في الواقع إن لنشر الإعلان عدة أساليب،‏ ويأتي في مقدمة هذه الأساليب النشر في الصحف.‏ والمقصود<br />

بالصحف هنا:‏ الصحف واسعة الانتشار لذلك فلا بد أن يتم النشر في الصحف المركزية التي توزع في<br />

أنحاء القطر كافة.‏ وإذا اقتضى الأمر أن يتم نشر الإعلان في صحف غير سورية،‏ فيجوز ذلك على أن<br />

٨٣<br />

(١٤)<br />

راجع:‏ في ذلك بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎١٢٣‎‏/ب <br />

عن صبحي سلوم،‏ المرجع السابق،‏ الجزء الأول،‏ ص‎٩٧‎‏.‏<br />

١٥/٢٤٨٩ تاريخ ١٩٧٤/٨/١١ نقلا ً


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

(١٥)<br />

تكون هذه الصحف متفقة في خطها ومنهجها مع السياسة العامة للقطر . والحد الأدنى لعدد الصحف<br />

التي ينشر فيها الإعلان عن استدراج العروض هو صحيفة واحدة ولمرة واحدة،‏ وذلك إضافة إلى<br />

وجوب نشر الإعلان في نشرة الإعلانات الرسمية ويقصد بنشرة الإعلانات الرسمية:‏ النشرة التي<br />

تصدرها المؤسسة العربية للإعلان وتتضمن نوعا ً من ‏"البانوراما"‏ الشاملة لجميع الإعلانات الصادرة<br />

عن جهات الإدارة المختلفة في سورية لإجراء مناقصات بسيطة أو مركبة أو مزايدات.‏<br />

ولا يجوز قبول عروض المتعهدين شكلا ً ما لم يقدموا ما يشعر باشتراكهم في نشرة الإعلانات<br />

(١٦)<br />

الرسمية . وتجب الإشارة إلى أن التشدد في اشتراط وثيقة اشتراك في نشرة الإعلانات الرسمية<br />

لقبول دخول العرض في ساحة المنافسة قد تنعكس آثاره سلبا ً على الإدارة.‏ فربما كان هذا العرض<br />

محتويا ً على ما يلائم الإدارة ومصلحتها ماليا ً وفنيا ً،‏ فلا يجوز استبعاد مثل هذا العرض لمجرد تقديم<br />

العارض لوثيقة اشتراكه في نشرة الإعلانات الرسمية،‏ بل يجب أن يمنح العارض مهلة لتقديم الوثيقة<br />

أسوة بالوثائق المنصوص عليها في المادة<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨، وخصوصا ً أن<br />

الغالبية العظمى من المتعهدين يسجلون اشتراكا ً في نشرة الإعلانات الرسمية ليكونوا على اطلاع دائم<br />

ومباشر بما يمكن طرحه من أعمال وتعهدات.‏<br />

وإضافة إلى النشر في الصحف هناك طريقة أقل أهمية هي النشر عن طريق الإلصاق فكل إعلان عن<br />

استدراج عروض أسعار يتم إلصاق نسخة عنه في لوحة إعلانات الإدارة المعنية،‏ كما يتم إرساله إلى<br />

كافة المحافظات ليصار إلى نشره عن طريق الإلصاق في بهو المحافظة هناك.‏<br />

وهناك وسائل نادرا ً ما يتم اللجوء إليها تتمثل بالنشر عن طريق الإذاعة والتلفزيون إذا رأى آمر<br />

الصرف المختص أمرا ً موجبا ً لذلك وتجب الإشارة إلى أن استدراج العروض إذا كان ذا صفة دولية أي<br />

أنه خارجي،‏ فيجب تبليغ البعثات الدبلوماسية السورية المعتمدة في الخارج نسخا ً عن الإعلان وبعضا ً<br />

(١٧)<br />

من وثائقها اللازمة .<br />

(١٥)<br />

راجع:‏ في ذلك بلاغ مجلس رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎١٢٣‎‏/ب <br />

١٩٦٨/٨/٢٩، وكذلك البلاغ رقم ‎٤١‎‏/ب <br />

١٥ /٢٦٩٤ تاريخ<br />

١٥/٣٤٧٤ تاريخ<br />

١٥/١٦٣٢ تاريخ .١٩٨٩/٣/١٨<br />

(١٦)<br />

راجع:‏ في ذلك بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎٢٧‎‏/ب <br />

بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎٢٣‎‏/ب <br />

١٩٨٩/٨/٢، والبلاغ رقم ‎١٨‎‏/ب <br />

١٥/٤٩٧ تاريخ ١٩٧٣/٣/٤ وكذلك<br />

١٥/٦ تاريخ .١٩٨٢/٧/٢<br />

(١٧)<br />

راجع المادة<br />

(٣١)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢ ولا سيما الفقرة ج منها.‏<br />

٨٤


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

خامسا ً مضمون الإعلان:‏<br />

ويمكن للإدارة تضمين الإعلان ما ترغبه من المعلومات التي تراها ضرورية ولكن هناك بيانات على<br />

درجة من الأهمية وهي لا غنى عنها في مجال حسن سير العملية التعاقدية وقد نص القانون على<br />

ذكرها بصورة وجوبية.‏ بديهيا ً يذكر الإعلان أنواع المواد أو الأشغال أو الخدمات المطلوبة وإلا أصبح<br />

طلب عروض الأسعار غير ذي موضوع،‏ ويجب أن يذكر تاريخ انتهاء فترة تقديم العروض ومكان<br />

تقديم هذه العروض،‏ كما ويجب أن يتضمن الإعلان بندا ً خاصا ً بطلب تفضيل العروض من حيث<br />

المواصفات والسعر وطريقة الدفع ومدة التسليم أو مدة إنجاز الأعمال،‏ كما ويجب أن يذكر فيه المدة<br />

التي سيبقى صاحب العرض مرتبطا ً خلالها بعرضه على ألا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتهاء تقديم<br />

العروض.‏ والحكمة من هذا البند أن يكون العارض على بينة بالمدة التي سيبقى ملتزما ً خلالها بإيجابه،‏<br />

وهذا يتعلق بشكل كبير بالجدوى الاقتصادية للتعهد مجمله،‏ إذ إن كل متعهد عارض يحرص على<br />

معرفة الفترة التي سيبقى خلالها جزء هام من رأسماله مجمدا ً لصالح المشروع المرتقب سواء بشكل<br />

تأمينات أولية أو كترقب لأن يرسو العطاء عليه في كل لحظة ومن ثم المباشرة في التنفيذ.‏ ومما لا<br />

ريب فيه أن تجميد الأموال لفترة طويلة سيزعزع المركز الاقتصادي للمتعهد مما يجعل المتعهدين<br />

يحجمون عن العطاءات التي لا تحدد فيها مدة ارتباطهم بعروضهم أو أن تكون هذه المدة طويلة نسبي ًا!.‏<br />

(١٨)<br />

وحسنا ً فعل المشرع السوري حين وضع حدا ً أعلى لمدة ارتباط العارضين بعروضهم وإن كانت<br />

مؤشرات السوق وعوامل العرض والطلب تحتم أن يكون هذا الحد الأعلى أقل من هذه المدة،‏ مما يؤدي<br />

إلى أن تصبح العملية التعاقدية الإدارية أكثر تجاوبا ً مع الحاجات العملية ومقتضيات التبادل والتداول<br />

والتعامل التجاري عامة.‏<br />

-١<br />

-٢<br />

ولكن إذا وضعت الإدارة مدة أدنى من الحد الأعلى المنصوص عليه في القانون ‏(ستة أشهر)‏ فإنه يجوز<br />

للإدارة المعنية رفع هذه المدة إلى الحد الأعلى وذلك ضمن شرطين:‏<br />

أن تقتضي الدراسات الفنية والمالية ذلك.‏<br />

(١٩)<br />

أن يوافق أصحاب العروض المقبولة على هذا التمديد .<br />

سادسا ً إشكالات الإعلان:‏<br />

٨٥<br />

(١٨)<br />

(١٩)<br />

راجع:‏ رأي مجلس الدولة رقم<br />

٦٠ لسنة .١٩٧٣<br />

راجع:‏ هذا البلاغ في صبحي سلوم،‏ المرجع السابق،‏ ج‎١‎‏،‏ ص‎٩١‎‏.‏


ج/‏<br />

المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

‎١‎ الإعلان الداخلي والإعلان الخارجي:‏<br />

يعني الإعلان الخارجي أن استدراج العروض مفتوح لجميع العارضين السوريين العرب والأجانب<br />

سواء أكانوا أشخاصا ً طبيعيين أم اعتباريين.‏ ونلاحظ أن الإشكال يقدر في مجال مدة العلم المحددة في<br />

القانون بالنسبة لاستدراج العروض الخارجي،‏ والحقيقة أن الفصل الرابع من المرسوم التشريعي<br />

١٩٦٩/٢٢٨ لم ينص على شيء من ذلك،‏ ولكن من قراءة المادة<br />

(٣٠)<br />

التي يتضمنها هذا الفصل<br />

نستنتج أن الأحكام المطبقة على المناقصة هي نفسها المطبقة على استدراج عروض الأسعار مع<br />

مراعاة الأحكام الخاصة لهذه الأخيرة.‏<br />

ومن جملة الأحكام المطبقة على الأسلوبين معا ً هي جميع الأحكام والقواعد المتعلقة بالإعلان تقريب ًا<br />

لذلك بدلالة المادتين<br />

(٣٠ و‎١٠‎‏)‏<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ نستطيع القول:‏ إن ‏"مهلة العلم"‏ في<br />

استدراج عروض الأسعار الخارجي هي خسمون يوما ً على الأقل،‏ والملفت للنظر أن بلاغ رئاسة<br />

مجلس الوزراء رقم ‎٢١‎‏/ب <br />

١٥/٧٨٨ تاريخ<br />

١٩٦٩/٢/٢٥ قد حتم أن تكون مدة الإعلان في<br />

العطاءات الدولية لا تقل عن ستين يوما ً،‏ وهذا مخالف للأصل القانوني المنصوص عليه في المادة<br />

(١٠)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨، والتي تقضي بأن لا تكون المهلة في المناقصات الخارجية<br />

أقل من خمسين يوما ً،‏ وفي هذا دون شك مخالفة لمبدأ الشرعية الذي يقضي بترجيح القاعدة<br />

(٢٠)<br />

القانونية باعتبارها القاعدة الأعلى .<br />

ويلاحظ أن بعض الجهات الإدارية تنشر إعلان استدراج العروض على أنه:‏ ‏(استدراج عروض أسعار<br />

استيراد)‏ وهذا المصطلح يدل دلالة قاطعة على أن العطاء مفتوح للعارضين السوريين والأجانب<br />

على حد سواء.‏ ولكن ما يجري في الواقع أن الإعلان يكون استيرادا ً ويتم فيه قبول عارضين أجانب؛<br />

ولكن مدة الإعلان تكون أقل من المدة المطلوبة للإعلانات الخارجية.‏ وتقدم هذه الجهات الإدارية<br />

مسوغاتها على أسس مخالفة لكل منطق قانوني وخصوصا ً ذلك المبرر الذي يقول:‏ إن المقصود بإعلان<br />

الاستيراد أن يكون موجها ً إلى المتعهدين ضمن القطر على أن يقوموا باستيراد المواد المطلوبة.‏<br />

والحقيقة أن هذه المقولة لا تعد حجة يعتد بها إذ إن معظم التوريدات المعلن عنها إن لم تكن جميعها،‏<br />

وسواء أكان الإعلان داخليا ً أم خارجيا ً هي مستوردة في النهاية مما يؤدي إلى عدم التمييز بين<br />

الإعلانات الداخلية والخارجية.‏<br />

(٢٠)<br />

راجع:‏ تعميم المؤسسة العربية للإعلان رقم<br />

ذلك رأي مجلس الدولة رقم<br />

١/٤/٦٢٢٣ تاريخ<br />

.١٩٧٤ ‏.ع ٦٢<br />

١٩٧٦/١٠/١٧، كما راجع:‏ في<br />

٨٦


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

‎٢‎ الخطأ في الإعلان وتعديله:‏<br />

قد تقع جهة الإدارة المعنية بالعطاء في خطأ ما في أثناء إعدادها لصيغة الإعلان،‏ والواقع العملي يعكس<br />

صيغا ً غريبة للخطأ قد يصل إلى حد الخطأ في موضوع استدراج العروض بحد ذاته.‏ وهذا يحصل<br />

عندما تكون جهة الإدارة بصدد الإعلان عن عدة عطاءات في أوقات متضاربة جدا ً مما يؤدي إلى<br />

وقوع الأطر الفنية المختصة في الخطأ بين مواضيع العطاءات المختلفة على أي حال فإن الخطأ في<br />

صيغة الإعلان يلزم الإدارة المعنية إعداد صيغة مصححة للإعلان وإرسالها إلى المؤسسة العربية<br />

للإعلان.‏<br />

وقد تجد الإدارة نفسها مرغمة على التعديل في البيانات الأساسية للإعلان بسبب حدوث مفاجئ يطرأ،‏<br />

يؤدي إلى تغير الإدارة نفسها استراتيجيتها تجاه هذا العطاء أو ذاك،‏ فمثلا ً يمكن للإدارة أن تمدد ‏"مدة<br />

العلم"‏ بسبب أنه قد تبادر إلى علمها أن أصنافا ً جديدة من التوريدات المطلوبة ستطرح في السوق مما<br />

يساهم في رفع السوية الفنية للعروض التي ستقدم من جانب العارضين.‏<br />

وفي كلتا الحالتين ‏(التصحيح والتعديل)‏ فإن الإدارة المعنية تكون ملزمة بأجور النشر وفقا ً للتعرفة<br />

(٢١)<br />

السائدة لدى المؤسسة العربية للإعلان .<br />

المبحث الثاني:‏ حرية التنافس والمساواة فيها:‏<br />

أولا ً المبدأ:‏<br />

إن حرية المنافسة تعني حرية تقديم العروض من جانب كل شخص طبيعي أو اعتباري يجد نفسه أهلا ً<br />

لذلك،‏ أما المساواة في المنافسة فتعني عدم التمييز بين العارضين أي أن هناك شروط واحدة توضع<br />

وتسري على جميع المتعهدين العارضين،‏ وإن الارتباط واضح بين الإعلان وحرية المنافسة إذ إن<br />

الإدارة لا تقوم بالإعلان عن استدراج العروض إلا من أجل أن يتصل هذا الإعلان بعلم جميع<br />

المتعهدين،‏ ويقوم أكبر عدد ممكن من المتعهدين بتقديم عروضهم،‏ لذلك فإن اقتصار الإعلان في نطاقه<br />

أو مضمونه أو صيغته على شريحة معينة من العارضين يؤدي إلى الإخلال بمبدأ حرية المنافسة<br />

والمساواة فيها.‏<br />

وهكذا فإن مبدأ حرية المنافسة يقتضي أن ترحب الإدارة دائما ً بكل المتعهدين العائدين إلى مهنة معينة<br />

٨٧<br />

(٢١)<br />

راجع:‏ د.‏ عبد الإله الخاني،‏ المرجع السابق،‏ ص‎١٨٢‎‏.‏


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

(٢٢)<br />

ذات اتصال بالصفقة المحددة نوعا ً وكم ًا وأن تتلقى عروضهم ونستطيع القول:‏ إن المبدأ السابق<br />

يفرض على جهة الإدارة المعنية أن لا تعفي بعض المتنافسين من شروط معينة،‏ كما لا يجوز أن<br />

(٢٣)<br />

تضيف شروطا ً أو تحذفها أو تعدليها لبعض العارضين دون غيرهم . إضافة إلى ذلك فإن درجة<br />

تطبيق شروط استدراج العروض يجب أن لا تتفاوت من عارض إلى آخر،‏ ويا للأسف فإن هذا ما<br />

يلاحظ في الواقع العملي إذ إن العديد من الجهات الإدارية لا تقوم بتطبيق شروط العطاء بدرجة على<br />

كل العارضين مما يمنح بعضهم دون بعضهم الآخر امتيازات تجعلهم في مركز متميز ومتفوق على<br />

نظرائهم من العارضين.‏ وإن التخلص من عبء هذا الإشكال ممكن إذا أضاف آمر الصرف المختص<br />

إلى لجنة المناقصات عضوا ً مراقبا ً أو أكثر من أجل القيام برقابة مختلف الإجراءات التي تقوم بها لجنة<br />

المناقصة عند فض العروض وتفريغ الدراسة الفنية والعروض المالية في جدول واحد،‏ وهذا يساعد جدا ً<br />

في التقليل من إمكانية محاباة عارض على حساب غيره مما ينجم عنه ضياع الحكمة من استدراج<br />

العروض عامة.‏<br />

ثانيا ً الاستثناءات العامة:‏<br />

على الرغم من أن المبدأ العام هو حرية المنافسة والمساواة فيها إلا أن هناك جملة من العوامل التي<br />

يمكن أن تشكل استثناءات لهذا المبدأ،‏ ولعل هذه العوامل تشكل انعكاسا ً لجملة الشروط التي يجب أن<br />

تتوافر في العارض ليتمكن من ولوج باب المنافسة ضمن نطاق استدراج العروض،‏ والحديث عن هذه<br />

الشروط التي تنتج عنها جملة الاستثناءات التي تقيد حرية المنافسة والمساواة فيها سيقودنا حتما ً للبحث<br />

في مفهومين قانونيين غاية في الأهمية يتصلان اتصالا ً وثيقا ً بجملة المقيدات والشروط التي تحدثنا<br />

عنها:‏<br />

‎١‎ الأهلية:‏<br />

فيجب قبل كل شيء أن يكون المتعهد العارض ذا أهمية عامة تمكنه من التصرف<br />

القانوني،‏ أي يجب أن تتوافر فيه أهلية الأداء إلى جانب أهلية الوجوب،‏ وإن وجوب توافر الأهلية في<br />

شخص المتعهد العارض إنما هو تطبيق للقواعد العامة للتعاقد التي تقضي بأن يكون المتعاقد قادرا ً على<br />

اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات.‏ لذلك فلا يقبل الاشتراك في استدراج العروض من قبل مجنون أو<br />

معتوه أو شخص محجور عليه لغفلة أو لسفه.‏ وكما يجب توافر الأهلية العامة في شخص من يود<br />

(٢٢)<br />

(٢٣)<br />

راجع:‏ حسين درويش عبد العال،‏ النظرية العامة في العقود الإدارية،‏ مكتبة الإنجلو المصرية<br />

القاهرة ١٩٥٨، الطبعة الأولى،‏ ص‎٨٧‎‏.‏<br />

راجع:‏ د.‏ عبد الإله الخاني،‏ المرجع السابق،‏ ص‎١٨٢‎<br />

٨٨


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

الاشتراك في استدراج العروض فإنه يجب أن تتوافر الأهلية التجارية فيه،‏ من حيث إن العارض<br />

سيتعهد بأن ينفذ التزامات تتسم بالطابع التجاري،‏ فالشركة المؤسسة خلافا ً لأحكام قانون التجارة لا<br />

يجوز قبول اشتراكها في استدراج العروض،‏ ومن ثم فإنه من الواجب على لجنة المناقصات رفض<br />

عرضها شكلا ً،‏ وكذلك الأمر بالنسبة للتاجر الذي تم إشهار إفلاسه فإنه لا يعد أهلا ً للاشتراك في<br />

(٢٤)<br />

استدراجات عروض الأسعار . لذلك فإنه يجب على مقدم العطاء أن يكون مسجلا ً في السجل<br />

(٢٥)<br />

التجاري الذي هو أداة للشهر يقصد بها جعل مندرجاته نافذة في حق غيره ، ومن ثم فإن السجل<br />

التجاري يقدم معلومات كافية ووافية عن التجار المتقدمين للمنافسة سواء أكانوا أشخاصا ً طبيعيين أ/‏<br />

اعتباريين،‏ وهذا يمكن الإدارة من الوقوف على الأوضاع المالية والقانونية لكل متعهد عارض إذا<br />

اقتضت الضرورة ذلك،‏ ويجب على العارض أن يكون مسجلا ً في السجل التجاري السوري ولا يجوز<br />

(٢٦)<br />

الاستعاضة عن ذلك بالتسجيل في السجل التجاري لبلده .<br />

ولكي يدل العارض على إمكانياته المالية وفعالية نشاطه ولا سيما من الناحية النوعية،‏ فيجب أن يكون<br />

مسجلا ً في إحدى الغرف التجارية أو الزراعية أو الصناعية السورية ولا يجوز الاستعاضة عن ذلك<br />

(٢٧)<br />

بالتسجيل في إحدى الغرف في دولة أخرى .<br />

وفي الواقع فإن اشتراط المادة<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ بدلالة المادة<br />

من (٣٠)<br />

المرسوم نفسه على المتعهد العارض التسجيل في السجل التجاري وفي إحدى الغرف التجارية أو<br />

الزراعية أو الصناعية السورية يؤدي إلى اكتمال الهوية التجارية للمتعهد العارض مما يجسد مصلحة<br />

المرفق العام في النهاية وأدائه للخدمات العامة في سبيل النفع العام على أتم وجه وأكمل شكل ممكنين.‏<br />

والإشكال الذي يثار في هذا الصدد يخص فئة من المتعهدين العارضين وبخاصة أولئك الذين يقومون<br />

بتنفيذ الخدمات والأشغال.‏ فبالنسبة للفئة الأولى نستطيع أن نقول:‏ إن قسما ً مهما ً منها لا توجد جهات<br />

معينة ‏"نقابة،‏ جمعية…"‏ تؤلف مرجعا ً يمكن الاعتماد عليه لبيان المركز القانوني للمتعهدين الذين<br />

يقومون بأداء الخدمة،‏ ففي الفترة الأخيرة على ساحة المثال تزايدت عقود تنظيف المباني العامة،‏<br />

وعند دخول المتعهدين ساحة المنافسة تلاحظ لجنة المناقصات عدم وجود وثائق تبين أن العارضين<br />

٨٩<br />

(٢٤)<br />

(٢٥)<br />

راجع:‏ حسين درويش عبد العال،‏ المرجع السابق،‏ ص‎٨٧‎‏.‏<br />

(٢٢)<br />

(٢٧)<br />

راجع:‏ المادة من القانون التجاري السوري.‏<br />

(٢٦<br />

) راجع:‏ تعميم وزارة المالية رقم ٧/١٥/٣٠١٤٣ تاريخ ١٩٧٨/١٢/٧.<br />

راجع:‏ تعميم وزارة المالية رقم<br />

٧/١٥/٣٠١٤٣ تاريخ .١٩٧٨/١٢/٧


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

مسجلون في السجل التجاري عملا ً بنص المادة<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

والسبب في ذلك أن المتعهدين القائمين على أداء هذا النوع من الخدمات لا يعدون تجارا ً وصناعيين ولا<br />

زراعيين لا مقاولين ومن ثم فإنهم لا يمنحون أية وثيقة تحدد مركزهم المالي والقانوني من قبل أي من<br />

هذه الجهات.‏<br />

على أي حال،‏ فإن السجل التجاري يتضمن الأعمال التي يقوم بها المتعهد العارض ويجب أن تكون<br />

(٢٨)<br />

نوعية هذه الأعمال متجانسة مع نوعية الأعمال التي سيقوم المتعهد العارض بأدائها . فلا يجوز على<br />

سبيل المثال أن تكون الأعمال التي يقوم المتعهد بأدائها وتشكل مجال نشاطه هي الاتجار بقطع غيار<br />

الدراجات الهوائية وذلك وفقا ً لما هو مسجل في صورة سجله التجاري ويقوم باستدراج عروض<br />

موضوعه توريد مواد طبية!!‏ إن مثل هذا العرض جدير حتما ً بالرفض شكلا ً.‏<br />

وإن مفهوم الأهلية في مجال التقدم لاستدراجات عروض الأسعار لا تكتمل أبعاده إلا إذا توافرت الأهلية<br />

الجانبية للمتعهد العارض،‏ فيجب أن لا يكون محكوما ً بجناية أو بجرم شائن،‏ والجناية كمفهوم قانوني لا<br />

تثير أي إشكال فهي كل جريمة معاقب عليها بعقوبة جنائية وفقا ً للمعيار المعتمد لذلك في قانون<br />

العقوبات.‏ ولكن المشكلة الحقيقية تظهر عندما نتناول مفهوم الجرم الشائن!‏ إضافة إلى ذلك فإن توضيح<br />

أبعاد نص قانوني بمثل هذه الأهمية يتطلب منا شرح مصطلح الجرم الشائن…،‏ ومن هنا فإننا نقترح<br />

التمييز بين الجريمة الطبيعية والجريمة الاجتماعية:‏ فعندما لا تكون الجريمة محل استنكار اجتماعي<br />

عام فإنها لا تكون جريمة اجتماعية وتشكل جرما ً غير شائن،‏ وأما عندما تكون الجريمة محل استنكار<br />

اجتماعي من حيث كونها تهز الضمير العام فإنها تكون جريمة طبيعية وتشكل جرما ً شائن ًا.‏<br />

ولكن تجب الإشارة إلى أن التمييز بين الجرم الشائن والجرم غير الشائن ينصرف إلى الجرائم التي هي<br />

نوع من الجنح فقط،‏ وهذا واضح من منطوق البند<br />

/٥/<br />

من الفقرة ‏/آ/‏ من المادة<br />

(١٢)<br />

المرسوم<br />

التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨، ولعل هذا التأصيل المتعلق بالتمييز بين الجريمة الطبيعة والجريمة الاجتماعية<br />

كمنطلق لفهم الجرم الشائن هو الذي يوضح لنا بماذا عد مجلس الدولة الجرائم المتعلقة بالتموين<br />

(٢٩)<br />

والتسعير أو تلك بحمل السلاح بصورة مخالفة للقانون غير داخلة في نطاق الجرائم الشائنة .<br />

وإن المنع الناجم عن الحكم على المتعهد بجناية ما أو بجنحة شائنة ينفيه إبراز المتعهد العارض لوثيقة<br />

(٢٨)<br />

(٢٩)<br />

راجع كتاب وزارة المالية إلى وزارة التعليم العالي رقم<br />

راجع:‏ رأي مجلس الدولة رقم<br />

.١٩٩٥/١١/٩ ٥٢٩/٣٠٠٦٨<br />

٣٦ تاريخ<br />

١٩٧٦/٢/٢٢، ورأي مجلس الدولة رقم<br />

٣٧٥ سنة<br />

.١٩٧٠<br />

٩٠


ج/‏<br />

مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

سجل عدلي،‏ على أنه يمكن قبول وثيقة السجل العدلي التي تصدر<br />

(٣٠)<br />

عن بلد العارض بعد تصديقها أصولا ً .<br />

ونلاحظ أن البلاغات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء تشدد وتحت طائلة المسؤولية على عدم قبول<br />

العارضين الذين ارتكبوا جرائم من نوع محدد،‏ فلا يجوز لسائر جهات القطاع العام التعامل مع<br />

أشخاص سبق وحُكموا قضائيا ً بجرم اختلاس أموال الدولة،‏ وإن المنع المتعلق بجرم اختلاس أموال<br />

(٣١)<br />

الدولة قد أتى مطلقا ً أي أنه غير مقيد بإعادة اعتبار المحكوم عليه بهذا النوع من الجرائم ، ولكن إذا<br />

أخذنا بمفهوم تسلسل القواعد القانونية وتفوق القانون على القرار التنظيمي لقلنا إن هذا البلاغ وما يماثله<br />

مقيد بما تمليه مقتضيات المادة<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ من حيث إن الأهلية الجنائية<br />

المطلوب توافرها في المتعهد العارض تعود حيز الوجود بمجرد رد اعتبار المحكوم مما يضطلع ببحث<br />

تفاصيله القانون الجزائي فقط.‏<br />

وهناك عائق هام يحول دون اكتمال أهلية المتعهد العارض تمهيدا ً لدخوله ساحة المنافسة في نطاق<br />

استدراجات عروض الأسعار،‏ هذا العائق يتمثل بعدم كون المتعهد العارض من العاملين في الدولة،‏ وإن<br />

مدلول كلمة العاملين في هذا المجال لا ينصرف إلى فئات الموظفين والمستخدمين والعمال في الجهات<br />

العامة فحسب،‏ وإنما يتسع نطاقه حتى يشمل كل من له موقع من مواقع المسؤولية يمارس فيه نشاطا ً<br />

(٣٢)<br />

لصالح جهة عامة سواء أكان وجوده في ذلك الموقع عن طريق الانتخاب أو التسمية أو التعيين ،<br />

وغير خافٍ‏ أن اشتراط مثل هذا الشرط يجد مسوغاته في عدم الإخلال بمبدأ التكافؤ في الفرص بين<br />

المواطنين مما يسبب إحجام الكثيرين عن تقديم عروضهم.‏<br />

وإن الحظر على العاملين في الدولة بعدم قبولهم للاشتراك في استدراجات العروض التي تجريها<br />

الجهات العامة على اختلاف درجاتها وأنواعها يبقى ساريا ً سواء أكانت هذه الجهة التي أعلنت عن<br />

(٣٣)<br />

استدراج عروض أسعار ما تقع في دائرة عمل الموظف أم في سواها من الدوائر .<br />

ولكن ضرورة نبذ الإجراءات الروتينية وتسهيل العمل عند القيام بإجراءات التعاقد فإنه لا يشترط إبراز<br />

وثيقة غير موظف،‏ وإنما يكتفي بتعهد شخصي أصولي يتقدم به صاحب العلاقة يؤكد فيه تحت طائلة<br />

(٣٠)<br />

(٣١)<br />

راجع:‏ تعميم وزارة المالية رقم<br />

راجع:‏ بلاغ مجلس الوزراء رقم ‎٣٤‎‏/ب <br />

٧/١٥/٣٠١٤٣ تاريخ .١٩٧٨/١٢/٧<br />

١٥/٧٨٩ تاريخ .١٩٨٠/٣/٢٦<br />

(٣٢<br />

راجع:‏ رأي مجلس الدولة رقم<br />

‏.ع عام ٦٣<br />

.١٩٧٥<br />

(٣٣)<br />

راجع كتاب وزارة المالية رقم<br />

١/١٠/١٥٤٦٤ تاريخ .١٩٧١/٨/٩<br />

٩١


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

(٣٤)<br />

المسؤولية عدم كونه موظفا ً أو مستخدما ً أو عاملا ً أو متعاقدا ً مع أي من الجهات العامة .<br />

‎٢‎ الجنسية:‏<br />

إن المشروع العربي السوري ذو نظرة قومية جادة فقد أباح لكل متعهد ينتمي لأي<br />

دولة من دول الجامعة العربية في رعويته الاشتراك في أي مناقصة أو استدراج عروض تجريه<br />

الجهات العامة،‏ وإن هذا الانفتاح على المتعهدين من جميع أنحاء الوطن العربي له فائدة لا تخفى ولا<br />

سيما فيما يتصل بإمكانية إشعال نار المنافسة بين أكبر عدد من العارضين وهذا بدوره ييسر توافر<br />

أفضل الاحتمالات لانتقاء أنسب العروض ماليا ً وفني ًا.‏<br />

وإذا كان لا يحق لغير من لا يحمل جنسية بلد عربي الاشتراك في العطاءات التي تعلن عنها الجهات<br />

(٣٥)<br />

العامة في القطر إلا أنه يجوز له أن يشترك في العطاءات الخارجية .<br />

وفي فرنسة فقد جرى القضاء الفرنسي في بادئ الأمر على بطلان شرط الجنسية ولكنه عدل عن هذا<br />

المسلك واعترف بشرعيته في<br />

(٣٦)<br />

كل المناقصات والعطاءات التي تجريها الإدارات لانتقاء المتعهدين .<br />

وعلى أي حال فإن اتساع نطاق العلاقات التجارية الدولية من جهة ومصلحة المرفق التي تقتضي انتقاء<br />

أفضل المتعهدين العارضين للقيام بتنفيذ الأعمال المطلوبة من خدمات أو أشغال أو توريدات من جهة<br />

أخرى،‏ كل ذلك يدفعنا للقول:‏ إن شرط الجنسية قد تضاءلت أهميته في الوقت الحاضر،‏ وهذا ما يعكسه<br />

لنا الواقع العملي إذ إن استدراجات العروض التي تنطوي على أهمية ودقة في التنفيذ غالبا ً ما يدعى<br />

إليها العارضون الأجانب عن طريق إعلان عن استدراج عروض خارجي،‏ أي أن الصبغة الدولية هي<br />

المسيطرة على مثل هذه العطاءات.‏<br />

‎٣‎ الحرمان من التعاقد مع الإدارة:‏<br />

يعد هذا الشرط مكملا ً لأهلية التعاقد مع الإدارة وقد<br />

اقتضت أهميته منا أن نخصه بفقرة خاصة.‏ والحرمان كمصطلح هو إجراء يؤدي إلى منع المتعهد<br />

العارض من دخول المنافسة على العطاءات التي تعلن عنها جهة عامة أو التي تعلن عنها جميع الجهات<br />

العامة،‏ وذلك بقرار من الوزير المختص إذا كان يتعلق بجهة عامة محددة بذاتها أو بقرار عن رئيس<br />

(٣٧)<br />

مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير المختص إذا كان متصلا ً بجميع الجهات العامة .<br />

(٣٤)<br />

(٣٥)<br />

(٣٦)<br />

(٣٧)<br />

راجع:‏ بلاغ رئاسة مجلس الوزراء رقم ‎٨٠‎‏/ب <br />

راجع:‏ الفقرة ج من المادة (١٢) من المرسوم التشريعي<br />

راجع:‏ د.‏ سليمان الطهاوي،‏ المرجع السابق،‏ ص‎١٨٦‎‏.‏<br />

راجع:‏ المادة<br />

١٥/٣١٨٣ تاريخ .١٩٨٠/٧/٢<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

(٦٦)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

٩٢


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

والأساس القانوني للحرمان هو أن يصدر كجزاء يوقع عن أخطاء سابقة ارتكبها المتعهد،‏ متعلقة بسوء<br />

نيته في تنفيذ التزامات سابقة،‏ أو بعدم كفاءته في تنفيذ هذه الالتزامات.‏ كما أن الحرمان يوجد أيضا ً في<br />

غير حالة التنفيذ المعيبة لالتزام سابق وذلك بنصوص صريحة مبينة في القوانين واللوائح.‏ ولعل أبرزها<br />

تلك الحالة التي ينص عليها قانون العقوبات بحرمان المحكوم بجناية من أن يكون صاحب التزام مع<br />

(٣٨)<br />

الدولة .<br />

وعلى كل فإن قرار الحرمان يجب أن يكون مسببا ً،‏ ونلاحظ أن القضاء الإداري في سورية متشدد في<br />

هذه الناحية،‏ وأن كثيرا ً من قرارات الحرمان الصادرة من جهة الإدارة تتعرض للإلغاء من منطلق<br />

فعالية هذه الرقابة،‏ وفي اعتقادنا أن نطاق رقابة الفضاء الإداري على مشروعية قرار الحرمان يجب أن<br />

تمتد إلى أبعد مدى ولاسيما من حيث عيب الانحراف بالسلطة.‏ والواقع يدلنا على أن كثير من قرارات<br />

الحرمان لا يكون الهدف منها الصالح العام،‏ وإنما الكيد لمتعهد معين بقصد إقصائه والإضرار به من<br />

منطلق الباعث الشخصي.‏<br />

هذا وإن قرار الحرمان من دخول باب المنافسة على العطاءات العامة يكون دائما ً ذا صفة مؤقتة بحيث<br />

لا تتجاوز فعاليته الثلاث سنوات مع جواز إعادة النظر به من قبل الوزير المختص أو رئيس مجلس<br />

(٣٩)<br />

الوزراء تبعا ً للحال بعد مرور سنة واحدة على الأقل .<br />

وإذا ما تم حرمان متعهد ما من التعاقد مع الإدارة فإنه لا يحق له أن يقوم بتنفيذ العقود الإدارية بصفة<br />

وكيل عن متعهد غير محروم من التعاقد.‏<br />

‎٤‎ استثناءات فنية وسياسية:‏<br />

وكما هو واضح من هذه الشروط كونها متباينة في طبيعتها،‏<br />

فالضرورة الفنية تقتضي أحيانا ً وجود مؤهلات مالية وفنية ومهنية معينة بالراغبين في الاشتراك<br />

بالعطاء،‏ لكن ذلك مقيد بشرطين:‏<br />

-I<br />

-II<br />

يجب أن تكون هناك ضرورة فنية تقتضي ذلك،‏ ويجب أن تسترشد الإدارة في معرض تطبيقها<br />

لهذا الشرط بالصالح العام.‏<br />

يجب أن ينص دفتر الشروط الخاصة على النسق الخاص بهذه المؤهلات المالية والفنية<br />

والمهنية،‏ فإذا لم ينص دفتر الشروط على ذلك فإن استبعاد بعض العارضين عن نطاق المنافسة<br />

(٤٠)<br />

لعدم توافر الشروط هذه فيهم يعد غير قائم على أساس قانوني يسوغه .<br />

٩٣<br />

(٣٨)<br />

(٣٩)<br />

(٤٠)<br />

راجع:‏ الفقرة<br />

راجع:‏ المادة<br />

(٤٩) من المادة (٣)<br />

(٦٦)<br />

راجع:‏ رأي مجلس الدولة رقم<br />

من المرسوم التشريعي<br />

من قانون العقوبات السوري.‏<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

٧ سنة .١٩٧٧


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

وقد قامت إسرائيل باغتصاب قطعة مقدسة من الوطن العربي،‏ ولما كانت المقاطعة الاقتصادية تعد من<br />

أنجح الوسائل في محاربة الدول فإننا نلاحظ أن من يريد التعاقد مع أي من الجهات العامة في سورية<br />

يجب أن لا يكون مالكا ً أي مصنع أو مؤسسة أو مكتب فرعي في إسرائيل،‏ وألا يكون مشتركا ً في أي<br />

مؤسسة أو هيئة أو أن يكون طرفا ً في أي عقد للصنع أو للتجميع أو الترخيص أو المساعدة الفنية مع<br />

أي مؤسسة أو هيئة أو شخص في إسرائيل سواء بشخصه أو عن طريق وسيط،‏ وألا يساهم بشكل من<br />

(٤١)<br />

الأشكال في دعم إسرائيل أو مجهودها الحربي .<br />

ويلاحظ أن هذا القيد يبرز دوره بشكل جاد في نطاق المناقصات الخارجية وخصوصا ً في نطاق التعامل<br />

مع الشركات الأجنبية إذ يجب أن ترسل كل شركة تود الاشتراك في أحد استدراجات العروض إقرار<br />

(٤٢)<br />

يبين وضعها بشكل شامل وتفصيلي بعدم تعاملها مع إسرائيل .<br />

ثالثا ً مناقشة واقتراح:‏<br />

نلاحظ أن الفقرة ب من المادة<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي ١٩٦٩/٢٢٨ قد نصت على أن يقتصر<br />

تطبيق الفقرات المتعلقة بالجنسية وأن يكون العارض من غير العاملين وغير محكوم على الأشخاص<br />

الطبيعيين دون الأشخاص الاعتباريين.‏ وفي الواقع فإن هذا المذهب منتقد وينطوي على تناقض واضح،‏<br />

فالفقرة ه من المادة نفسها تدل بصورة صريحة على أنه لا يجوز قبول العارض الأجنبي في<br />

العطاءات الداخلية وإن تطبيق البند<br />

(١)<br />

من الفقرة أ من ذات المادة على الأشخاص الطبيعيين فقط<br />

سيؤدي بنا إلى قبول العارضين من الأشخاص الاعتباريين الأجانب في حين لا يجوز قبولهم إلا في<br />

العطاءات الخارجية بدلالة الفقرة ه من المادة المذكورة كما أسلفنا.‏<br />

كما أنه يجوز أن يطبق مفهوم العقوبة لجرم شائن على الشخص الاعتباري كما هو الحال بالنسبة<br />

للشخص الطبيعي تماما ً،‏ فمن الممكن جدا ً على سبيل المثال إقدام شركة معينة على إساءة استعمال<br />

أموال الدولة،‏ وإن تضيق مجال العقوبات المطبقة على الأشخاص الاعتباريين لا يمنع من تطبيق البند<br />

المتعلق بألا يكون الشخص الاعتباري المتقدم بعرضه غير محكوم بجرم شائن.‏<br />

كما أن الفقرة ه من المادة نفسها قضت على أنه يمكن أن ينص دفتر الشروط الخاصة على الإعفاء<br />

من توافر الشرطين المتعلقين بالتسجيل في السجل التجاري وفي إحدى الغرف التجارية أو الزراعية أو<br />

الصناعية،‏ وذلك في العطاءات التي تستدعي طبيعتها ذلك وفي العطاءات الخارجية،‏ وإن هذا الحكم<br />

(٤١)<br />

(٤٢)<br />

راجع:‏ البند ٧ من الفقرة أ من المادة<br />

راجع:‏ تعميم وزارة الاقتصاد رقم<br />

(١٢)<br />

من المرسوم التشريعي<br />

.١٩٦٩/٢٢٨<br />

٤٩/٤/٨٠٨ تاريخ .١٩٨٣/١٢/٧<br />

٩٤


مجلة جامعة دمشق - المجلد الخامس عشر-العدد الأول-‏ ١٩٩٩<br />

محمد الحسين<br />

ينطوي على شيء من الغرابة فمهما كانت طبيعة العطاءات فإن هذا لا يمنع البتة من ضرورة اطلاع<br />

الإدارة على ما يجسد الحالة التجارية ‏"المالية والقانونية والمهنية"‏ لمن تود التعامل معه لا شيء أكثر من<br />

وثيقتي التسجيل في السجل التجاري وفي إحدى غرف التجارة أشد دلالة على ذلك.‏<br />

وقبل أن نختم هذا المبحث فإننا نقترح تعديل المادة<br />

كما يلي:‏<br />

(١٢)<br />

‏"يشترط فيمن يود الاشتراك في عطاءات جهات القطاع العام مايلي:‏<br />

أ أن تتوافر أهلية التعاقد مع الإدارة بعناصرها التالية:‏<br />

من المرسوم التشريعي<br />

١٩٦٩/٢٢٨ لتصبح<br />

الأهلية العامة:‏ يجب أن يكون العارض قادرا ً على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات.‏<br />

الأهلية الإدارية:‏ يجب أن لا يكون العارض من العاملين في الدولة وبأي صفة كانت وبأي شكل<br />

من الأشكال.‏<br />

الأهلية التجارية:‏ يجب أن تتوافر في العارض الأهلية التجارية وفقا ً لما تنظمه القوانين الخاصة<br />

بهذا الشأن واستنادا ً إلى ذلك يجب على العارض أن يكون مسجلا ً في السجل التجاري وفي إحدى<br />

الغرف الصناعية أو التجارية أو الزراعية.‏<br />

الأهلية الجنائية:‏ يجب أن لا يكون محكوما ً بجناية أو بجنحة تشكل إخلالا ً خطيرا ً بالنظام العام أو<br />

الآداب العامة أو الضمير العام الاجتماعي.‏<br />

لا تكتمل العناصر المشار إليها سابقا ً إلا إذا كان العارض من غير المحرومين من التقدم<br />

للعطاءات التي تعلن عنها الجهة العامة التي أعلنت عن العطاء أو جميع الجهات العامة.‏<br />

-١<br />

-٢<br />

-٣<br />

-٤<br />

-٥<br />

ب يمكن للإدارة أن تشترط أهمية ذات طابع فني ومهني للاشتراك في بعض العطاءات ذات الطابع<br />

الخاص،‏ ويكون للإدارة السلطة التقديرية الكاملة في ذلك على أن تسترشد بالصالح العام وأن ينص<br />

دفتر الشروط الخاصة على ذلك.‏<br />

ت الجنسية:‏ يجب أن يكون العارض سوريا ً أو عربيا ً ويجوز في العطاءات الخارجية قبول العارض<br />

الأجنبي.‏<br />

ث التعامل مع إسرائيل:‏ يجب أن لا يكون العارض متعاملا ً مع إسرائيل بأي صورة كانت مباشرة أم<br />

غير مباشرة،‏ وذلك بألا يملك أي مصنع أو مؤسسة أو مكتب في إسرائيل وألا يكون مشتركا ً في أي<br />

مؤسسة أو هيئة فنية وألا يكون طرفا ً في أي عقد للصنع أو للتجميع…".‏<br />

ج في معرض تطبيق هذه المادة يجب أن يقدم العارض الوثائق التي تثبت حالته من حيث<br />

٩٥


المغزى الصحيح لاستدراج عروض الأسعار.‏<br />

استيفاؤها للشروط السابقة ما عدا البنود ١-٢-٥ من الفقرة ‏/أ/‏ فيكتفي من العارض بتصريحات خطية<br />

على مسؤوليته لبيان مركزه بالنسبة لها.‏<br />

ح تطبيق أحكام هذه المادة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين على حد سواء،‏ ما عدا البند<br />

من الفقرة أ فيطبق على الأشخاص الطبيعيين فقط.‏<br />

٢<br />

بعد دراسة هذا البحث يمكننا القول:‏ إن استدراج العروض يعد طريقة من طرق انتقاء المتعاقد مع<br />

الإدارة ويقوم على أساس موجبات قانونية لا غنى عنها هي الإعلان وحرية المنافسة والمساواة فيها،‏<br />

إضافة إلى أن استدراج عروض الأسعار هو مناقصة من نوع خاص اقتضاها إضافة عامل الجودة إلى<br />

عامل السعر،‏ وذلك في سبيل التخفيف من وطأة آلية الإرساء التي تطبع المناقصة البسيطة بطابعها.‏<br />

وإن الحديث عن الإعلان يقودنا إلى القول:‏ إن التكييف القانوني له إنما يكون عبارة عن قرار إداري<br />

ينطوي على دعوة للتفاوض وإذا كانت الموجبات القانونية لاستدراج العروض تفرض التقيد التام بحرية<br />

المنافسة والمساواة فيها إلا َّ أن هناك استثناءات ترد على هذا المبدأ قد قمنا بتفصيلها في متن هذا الفصل<br />

وسنقوم لاحقا ً بدراسة تفصيلية للجانب العملي لاستدراج عروض الأسعار والمشاكل المتعلقة باستدراج<br />

.<br />

العروض.‏<br />

.<br />

تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق<br />

.١٩٩٨/٨/٤<br />

٩٦

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!