ﻨﺤﻭ ﺇﺘﻘﺎﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ - جامعة دمشق

ﻨﺤﻭ ﺇﺘﻘﺎﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ - جامعة دمشق ﻨﺤﻭ ﺇﺘﻘﺎﻥ ﺍﻟﻜﺘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺭﺒﻴﺔ - جامعة دمشق

26.04.2015 Views

• نحو إتقان الكتابة العلمية باللغة العربية وتبين كتب النحو ما يط َّرد فيه استعمال كل حرف-‏ وهذا ما سنورده قريب ًا-‏ أي تبين الاستعمال القياسي المنقاد،‏ لحروف الجر‏.‏ ويفصل فيها وجوه تصريف هذه الحروف في وجهاتها المطردة.‏ لأن المعاجم لم تؤل َّف لتبسط القول في القياس المنقاد،‏ وإنما قامت لتنص على السماع،‏ بل على ما لا يتأتى الاهتداء إليه بالقياس قبل كل شيء.‏ وقد تشير إلى القياس وت ُمث ِّل له لاستبانة وجهٍ‏ من الوجوه،‏ أو التنبيه على ما يقع فيه الل ْبس أو الخفاء فتكشف عنه.‏ فإذا ن ُص في المعجم على استعمال حرف مع فعل من الأفعال،‏ أُخذ به للإفصاح عن الدلالة المعينة للفعل باستعماله،‏ ولا يمنع هذا أن يصرف الفعل في وجوه أخرى باستعمال حروف اطرد جريانها قياسا ً في وجهات محددة.‏ وقد يتفق لك استعمال فعل بحرف سماعي وآخر قياسي لقصدين متماثلين،‏ نحو:‏ دعاه إلى الجهاد ودعاه للجهاد.‏ ولكن الأصل أن ت َعاقب حرفين ) أو أكثر)‏ على الموضع الواحد لا يعني أنهما بمعن ًى واحد،‏ إذ يكون كل ٌّ على ما هو قياسه.‏ أي إن استعمال حرف في مقام،‏ لا يمنع من إعمال آخر في مثل موضعه بتقدير آخر!‏ وإذا كان بعض الأئمة فيما يخص ) ) اللام)‏ و ) كما فعل الأخفش والزجاج والزمخشري وأبو حيان)‏ قد قال-‏ إلى)-‏ بت َعاقبهما حينا ً على الموضع الواحد،‏ أو ذهب إلى تعاقبهما قياسا ً ) كما فعل الإمام المالقي)‏ فذلك لتقاربهما وتماثلهما في كثير من المواضع.‏ ومع ذلك،‏ ليس صحيحا ً أن هذا التعاقب جائز في كل موضع!‏ فإذا جمعت َ-‏ في استعمال حروف الجر-‏ القياس على ما نصت ْ عليه كتب اللغة عامة ً،‏ إلى السماع فيما نصت عليه المعجمات خاصة ً،‏ أي إذا ضمَمت َ يدك على هذا وذاك،‏ كان لابد أن تلحظ أن تصريف الفعل بحرف من الحروف،‏ إنما يف ْرده بمعنى لا يؤديه تصريفه بحرفٍ‏ آخر،‏ وإن داناه أحيانا ً لأن لكل حرفٍ‏ وجهة ً اختص بها دون سواه.‏ 406

مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية-‏ المجلد الثاني والعشرون-‏ العدد الثاني-‏ 2006 مك ّي الحَسَني ثالثا ً-‏ رأي ابن جني ‎189‎ه)‏ ) ت والكسائي ( ‎392‎ه ) ت قال ابن جني في الخصائص،‏ تعليقا ً على بعض قول النحاة بأن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض:‏ » ولسنا ندفع أن يكون ذلك كما قالوا،‏ ولكنا نقول إنه يكون معناه في موضع دون موضع،‏ على حسَب الحال الداعية إليه،‏ والمسَوغة له؛ فأما في كل موضع وعلى كل حال فلا!‏ .« فإذا قلت مثلا ً:‏ » جلست ُ للاستراحة»،‏ فهل يصح أن تقول في معناه:‏ » جلست إلى الاستراحة؟ « وهل تقول » سِرت في البحر»‏ بدل » سرت إلى البحر»؟ وهل تقول » بِعته في درهم»‏ بَدَلَ‏ » بعته بدرهم»؟ قال الشاعر الأموي الق ُحَيف العق َيلي:‏ إذا رضيَت ْ علي بنو ق ُش َير ل َعَمر االلهِ‏ أعجبني رضاها أراد:‏ رضيت عنه.‏ ووجه ذلك أنها إذا رضيت ْ عنه،‏ عطفت عليه،‏ وأقبلت عليه،‏ ولذلك استعمل • قال الكسائي:‏ ) على)‏ في موضع ) ) لما كان » عن).‏ ) رضيت)‏ ضد سَخِطت)‏ عَدى رضيت ْ ب على)‏ حملا ً ) للشيءِ‏ على نقيضه،‏ كما يحمل على نظيره».‏ ومن المعلوم أنه يقال:‏ سَخِط عليه:‏ كرِهَه وغضب عليه ولم يَرضَه ) ويقال:‏ هو قريب مِنا؛ وهو بعيد مِن ّا فيه الواحد والجمع).‏ المعجم الوسيط).‏ ) ويقال:‏ اقترب من؛ وابتعد من/‏ عن.‏ • وقال صاحب الكليات،‏‎327/5‎ ) ت ‎1094‎ه):‏ » يَط َّرد لفظ ويقال:‏ بعيد عن ّا)؛ وما أنتم مِن ّا ببعيد ) ) على)‏ بمعنى ) من)‏ بعد ألفاظ وهي:‏ خفي علي‏،‏ بَعدَ‏ علي‏،‏ استحال علي‏،‏ رضي علي‏،‏ غضب علي‏.‏ « يستوي 407

•<br />

نحو إتقان الكتابة العلمية باللغة العربية<br />

وتبين كتب النحو ما يط َّرد فيه استعمال كل حرف-‏ وهذا ما سنورده قريب ًا-‏ أي<br />

تبين الاستعمال القياسي المنقاد،‏ لحروف الجر‏.‏ ويفصل فيها وجوه تصريف هذه<br />

الحروف في وجهاتها المطردة.‏ لأن المعاجم لم تؤل َّف لتبسط القول في القياس<br />

المنقاد،‏ وإنما قامت لتنص على السماع،‏ بل على ما لا يتأتى الاهتداء إليه بالقياس<br />

قبل كل شيء.‏ وقد تشير إلى القياس وت ُمث ِّل له لاستبانة وجهٍ‏ من الوجوه،‏ أو التنبيه<br />

على ما يقع فيه الل ْبس أو الخفاء فتكشف عنه.‏<br />

فإذا ن ُص في المعجم على استعمال حرف مع فعل من الأفعال،‏ أُخذ به للإفصاح عن<br />

الدلالة المعينة للفعل باستعماله،‏ ولا يمنع هذا أن يصرف الفعل في وجوه أخرى<br />

باستعمال حروف اطرد جريانها قياسا ً في وجهات محددة.‏ وقد يتفق لك استعمال فعل<br />

بحرف سماعي وآخر قياسي لقصدين متماثلين،‏ نحو:‏ دعاه إلى الجهاد ودعاه للجهاد.‏<br />

ولكن الأصل أن ت َعاقب حرفين<br />

)<br />

أو أكثر)‏ على الموضع الواحد لا يعني أنهما بمعن ًى<br />

واحد،‏ إذ يكون كل ٌّ على ما هو قياسه.‏ أي إن استعمال حرف في مقام،‏ لا يمنع من<br />

إعمال آخر في مثل موضعه بتقدير آخر!‏<br />

وإذا كان بعض الأئمة<br />

فيما يخص<br />

)<br />

) اللام)‏ و )<br />

كما فعل الأخفش والزجاج والزمخشري وأبو حيان)‏ قد قال-‏<br />

إلى)-‏ بت َعاقبهما حينا ً على الموضع الواحد،‏ أو ذهب إلى<br />

تعاقبهما قياسا ً ) كما فعل الإمام المالقي)‏ فذلك لتقاربهما وتماثلهما في كثير من<br />

المواضع.‏ ومع ذلك،‏ ليس صحيحا ً أن هذا التعاقب جائز في كل موضع!‏<br />

فإذا جمعت َ-‏ في استعمال حروف الجر-‏ القياس على ما نصت ْ عليه كتب اللغة عامة ً،‏<br />

إلى السماع فيما نصت عليه المعجمات خاصة ً،‏ أي إذا ضمَمت َ يدك على هذا وذاك،‏<br />

كان لابد أن تلحظ أن تصريف الفعل بحرف من الحروف،‏ إنما يف ْرده بمعنى لا يؤديه<br />

تصريفه بحرفٍ‏ آخر،‏ وإن داناه أحيانا ً لأن لكل حرفٍ‏ وجهة ً اختص بها دون سواه.‏<br />

406

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!