28.01.2015 Views

Road_Jerusalem_full

Road_Jerusalem_full

Road_Jerusalem_full

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

تأليف<br />

د.‏ محسسن محمد صاله<br />

مركز الزيتونة<br />

للدراسسات والاسستشارات<br />

بيروت - لبنان


The <strong>Road</strong> to <strong>Jerusalem</strong><br />

A Historical Study of the Islamic Experience in the Land of Palestine<br />

Since the Time of the Prophets until Late Twentieth Century<br />

By:<br />

Dr. Mohsen Moh’d Saleh<br />

حقوق الطبع محفوظة ©<br />

الطبعة الخامسسة<br />

‎2012‎م – ‎1433‎ه<br />

بيروت – لبنان<br />

ISBN 978-9953-572-13-0<br />

يمُ‏ نع نسسخ أو اسستعمال أي جزء من هذا الكتاب بأي وسسيلة تصويرية أو إلكترونية<br />

أو ميكانيكية بما في ذلك التسسجيل الفوتوغرافي،‏ والتسسجيل على أشرطة أو أقراص‏ مدمجة<br />

أو أي وسسيلة نشر أخرى أو حفظ المعلومات واسسترجاعها دون إذن خطّ‏ ي من الناشر.‏<br />

‏(الٓراء الواردة في الكتاب لا تُعبرّ‏ بالضرورة عن وجهة نظر مركز الزيتونة للدراسسات والاسستششارات)‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستششارات<br />

تلفون:‏ + 961 1 80 36 44<br />

تلفاكس:‏ + 961 1 80 36 43<br />

صص.ب.:‏ 14-5034، بيروت - لبنان<br />

بريد إلكتروني:‏ info@alzaytouna.net<br />

الموقع:‏ www.alzaytouna.net<br />

تصميم وإخراج<br />

ربيع مراد


فهرس‏ المهتويات<br />

فهرس‏ المهتويات<br />

فهرس‏ المهتويات.........................................................................................‏‎٣‎<br />

مقدمة الطبعة الٔولى......................................................................................‏‎٥‎<br />

مقدمة الطبعة الخامسسة................................................................................‏‎٧‎<br />

تقديم..........................................................................................................‏‎٩‎<br />

الفصل الٔول:‏ صراع الهق والباطل على أرضض فلسسطين قبل الفته الٕسسلامي<br />

أولاً:‏ شرعية ميراش الٔنبياء...........................................................‏‎١٣‎<br />

ثانياً:‏ نظرة تاريخية...................................................................‏‎١٧‎<br />

ثالشاً:‏ دعوة الهق ومسسيرة الٔنبياء على الٔرضض المقدسسة...........................‏‎٢٠‎<br />

رابعاً:‏ مملكتا إسراءيل ويهودا........................................................‏‎٣٠‎<br />

خامسساً:‏ تداول الهيمنة الفارسسية والٕغريقية والرومانية على فلسسطين...........‏‎٣٣‎<br />

سسادسساً:‏ نهاية الوجود السسياسسي اليهودي في فلسسطين.............................‏‎٣٩‎<br />

الفصل الشاني:‏ الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

أولاً:‏ مكانة فلسسطين الٕسسلامية.......................................................‏‎٤٩‎<br />

ثانياً:‏ أنظار المسسلمين تتجه إلى فلسسطين..............................................‏‎٥١‎<br />

ثالشاً:‏ وقفات مع منهج الفته ودوافعه................................................‏‎٥٤‎<br />

رابعاً:‏ الخطوات الٔولى................................................................‏‎٥٨‎<br />

خامسساً:‏ معركة أجنادين..............................................................‏‎٦١‎<br />

سسادسساً:‏ عزل خالد....................................................................‏‎٦٢‎<br />

سسابعاً:‏ معركة فهل - بيسسان.........................................................‏‎٦٣‎<br />

٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ثامناً:‏ معركة اليرموك.................................................................‏‎٦٧‎<br />

تاسسعاً:‏ فته فلسسطين...................................................................‏‎٧٣‎<br />

عاشراً:‏ الٕسسلام يترسسخ في فلسسطين .................................................٧٧<br />

الفصل الشالش:‏ المسسلمون في مواجهة الصليبيين والتتار<br />

أولاً:‏ سسنن االله في النصر والهزيمة.....................................................‏‎٨٧‎<br />

ثانياً:‏ الخريطة السسياسسية للمنطقة قبيل الهروب الصليبية........................‏‎٨٩‎<br />

ثالشاً:‏ الهملة الصليبية الٔولى ونتاءجها..............................................‏‎٩٠‎<br />

رابعاً:‏ اسستمرار الصراع ‏(نظرة عامة)...............................................‏‎٩٤‎<br />

خامسساً:‏ جهاد عماد الدين زنكي ‎٥٤١-٥٢١‎ه.....................................‏‎٩٧‎<br />

سسادسساً:‏ جهاد نور الدين محمود ٥٤١-٥٦٩ ه...................................‏‎٩٩‎<br />

سسابعاً:‏ جهاد صلاه الدين الٔيوبي ٥٦٩-٥٨٩ ه...............................‏‎١٠٨‎<br />

ثامناً:‏ الٔيوبيون والصراع مع الصليبيين.........................................‏‎١١٧‎<br />

تاسسعاً:‏ المماليك ومواجهة التتار....................................................‏‎١٢٢‎<br />

عاشراً:‏ المماليك والقضضاء على الصليبيين.........................................‏‎١٢٦‎<br />

الفصل الرابع:‏ التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصرة في فلسسطين<br />

في ظلّ‏ الدولة العشمانية...............................................................‏‎١٣٧‎<br />

الموءامرة على فلسسطين...............................................................‏‎١٤٠‎<br />

أولاً:‏ مرحلة الاحتلال البريطاني ‎١٩٤٨-١٩١٧‎م...............................‏‎١٤٢‎<br />

ثانياً:‏ مرحلة المد القومي العربي ‎١٩٦٧-١٩٤٩‎م...............................‏‎١٥٧‎<br />

ثالشاً:‏ مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد الٕسسلامي ‎١٩٨٧-١٩٦٧‎م......‏‎١٦٢‎<br />

رابعاً:‏ مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية ‎١٩٩٦-١٩٨٧‎م.........‏‎١٦٩‎<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤


مقدمة الطبعة الٔولى<br />

مقدمة الطبعة الأولى<br />

إن الهمد الله نهمده ونسستعينه ونسستغفره،‏ ونعوذ باالله من شرور أنفسسنا،‏ ومن سسيئات<br />

أعمالنا،‏ من يهده االله فلا مضضل له،‏ ومن يضضلل فلا هادي له،‏ وأششهد أن لا إله إلا االله وأششهد<br />

أن محمداً‏ عبده ورسسوله.‏<br />

حظيت قضضية فلسسطين بأعداد هاءلة من الدراسسات والكتب والمصنفات في ششتى<br />

المجالات،‏ وما تزال محوراً‏ لاهتمام الكتاب من عرب ويهود وأوروبيين،‏ وأمريكان<br />

وغيرهم.‏ غير أن إعداد الٔبهاش والكتب في قضضية فلسسطين من وجهة نظر إسسلامية هو<br />

مما ما تزال تفتقر إليه المكتبة الفلسسطينية،‏ بالرغم من أن عدداً‏ من هذه الدراسسات أخذت<br />

في الصدور خصوصاً‏ منذ الشمانينيات من هذا القرن.‏<br />

لقد كان الدافع الرءيسس من إعداد هذا الكتاب هو محاولة تسسليط الضضوء على التجربة<br />

الٕسسلامية التاريخية على أرضض فلسسطين،‏ وفق روءية إسسلامية علمية موضضوعية،‏ ووفق<br />

تصور ينبع من فهم المسسلمين لهذه القضضية المقدسسة وبما يتوافق مع تراثهم وهويتهم<br />

الهضضارية.‏ وهي روءية تسستفيد من إسسلامية المعرفة ومن النظر في سسنن االله سسبهانه في<br />

الكون والهياة والاعتبار منها.‏<br />

وعلى الرغم من أن هذا الكتاب كتاب أكاديمي موثق من الناحية العلمية،‏ إلا أن موءلفه<br />

سسعى ألا يهصر قرّاءه في المشقفين والٔكاديميين فقط،‏ فهرص‏ على أن يكون أسسلوبه<br />

سسهلاً،‏ وابتعد عن الجفاف والجمود قدر الٕمكان،‏ بهيش يطلع عليه،‏ ويسستفيد منه أكبر<br />

عدد من القراء،‏ وهو مع ذلك حافل بالمعلومات بعيد عن الخطابة العاطفية والٕنششاء.‏<br />

ويأمل الموءلف أن يسستجيب هذا الكتاب لرغبة الكشير من القراء الذي يودون التعرف<br />

على تاريخ فلسسطين وقضضيتها ‏-من وجهة نظر إسسلامية-‏ في كتاب واحد مركز يجمع بين<br />

دفتيه مجمل الصورة المرادة.‏ ولعله بذلك يكون مدخلاً‏ مهماً‏ لكل مبتدئ،‏ وأسساسساً‏ ينطلق<br />

منه كل من يرغب ‏-بعد ذلك-‏ في التخصص‏ والتوسسع.‏ كما يرجو الموءلف أن يقدم هذا<br />

الكتاب تعريفاً‏ ششاملاً‏ بقضضية فلسسطين وتاريخها وتجربتها الٕسسلامية،‏ دونما حاجة إلى<br />

أن يقرأ‏ كتباً‏ كشيرة للوصول إلى الصورة المرجوة.‏ ونهسسبه ‏-بذلك-‏ مصدراً‏ للمسسلمين<br />

الذين لا يعايششون قضضية فلسسطين داءماً،‏ ولا تششكل محور اهتمامهم الٔسساسس اليومي.‏<br />

٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

لقد حاولنا في هذا الكتاب انتقاء المعلومات واختصارها والتركيز على مواطن العبرة<br />

والعظة،‏ والشره والتفصيل حيشما اقتضضت المصلهة،‏ والاختصار والٕجمال ‏-في مواطن<br />

أخرى-‏ دون إخلال بالصورة العامة.‏ ودار الكتاب حول محور أسساسس هو التجربة<br />

الٕسسلامية على أرضض فلسسطين سساعياً‏ إلى إثبات عمقها وعراقتها وأصالتها،‏ مبيناً‏ أن<br />

الراية الٕسسلامية هي الراية التي نجه المسسلمون تحت ظلّها في الهفاظ على مقدسساتهم<br />

وتحريرها من كل غاصب.‏<br />

وبعد،‏ فنسسأل االله سسبهانه أن يكون هذا العمل خالصاً‏ لوجهه الكريم،‏ والصدر مفتوه<br />

لكل اقتراه ونقد بن َّاء.‏<br />

والهمد الله رب العالمين<br />

د.‏ محسسن محمد صاله<br />

١٩٩٥<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦


مقدمة الطبعة الخامسة<br />

مقدمة الطبعة الخامسسة<br />

صدر هذا الكتاب في طبعته الٔولى سسنة ١٩٩٥، حيش لقيت بفضضل االله قبولاً‏ واسسعاً،‏<br />

فتبعتها طبعة ثانية ما لبشت نسسخهما أن نفذت في بضضعة أششهر.‏ وبناء على رغبة العديد<br />

من الزملاء والقراء في التوسسع في طره التجربة المعاصرة وخصوصاً‏ فترة الانتفاضضة<br />

المباركة وما بعدها،‏ فقد جاءت الطبعة الشالشة مزيدة ومنقهة حيش غطت بششيء من<br />

التفصيل الٔحداش حتى ششهر آب/‏ أغسسطسس ١٩٩٦. ولذلك يجد القارئ للفصل الرابع<br />

إضضافات حول علاقة حركة الٕخوان بفته،‏ وحول معسسكرات الششيوخ،‏ والانتفاضضة،‏<br />

والتطورات السسياسسية،‏ وموقف الٕسسلاميين من التسسوية،‏ ويجد توسسعاً‏ في الهديش حول<br />

حركة حماسس وفكرها وتواجدها الششعبي وقيادتها السسياسسية وعملياتها الجهادية،‏ كما<br />

يلهظ إضضافات حول حركة الجهاد الٕسسلامي وفكرها وجهادها.‏ بالٕضضافة إلى أن هناك<br />

مبهشاً‏ حول علاقة التيار الٕسسلامي بالسسلطة الفلسسطينية في مناطق الهكم الذاتي.‏<br />

وقد قام مركز الٕعلام العربي في القاهرة بإعادة طباعة هذا الكتاب سسنة ٢٠٠٢. أما<br />

هذه الطبعة فهي طبعة إلكترونية ظلت فيها معلومات الكتاب كما هي،‏ مكتفية بالٔحداش<br />

حتى صيف ١٩٩٦. غير أنه تمّ‏ مراجعة النص‏ نفسسه،‏ ومعالجة بعضض الٔخطاء المطبعية<br />

وتدقيق بعضض المعلومات،‏ كما أضضيفت للكشير من الٔسسماء الٔجنبية ما يقابلها باللغة<br />

الٕنجليزية.‏<br />

ولعل الموءلف لم يرغب بتعطيل نشر الكتاب إلكترونياً،‏ بانتظار أن يجد وقتاً‏ لتهديشه<br />

وتحريره،‏ وهو وقت قد يطول.‏ ثم إن هناك العديد من الدراسسات المفصلة التي غطت<br />

أنششطة وأدوار الاتجاه الٕسسلامي الفلسسطيني في السسنوات الٔخيرة.‏ كما أن هناك مادة<br />

غنية في الفصول الشلاثة الٔولى تعطي للكتاب قيمة مميزة.‏<br />

والششكر الجزيل لكل من أسسهم باقتراه أو نقد أو توجيه ولا زال الصدر مفتوحاً‏<br />

للمزيد.‏<br />

والهمد الله رب العالمين<br />

د.‏ محسسن محمد صاله<br />

٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


تقديم<br />

تقديم*‏<br />

بقلم:‏ أ.‏ د.‏ عماد الدين خليل<br />

عندما قرأت كتاب ‏“الطريق إلى القدسس”‏ للدكتور محسسن محمد صاله في طبعته الشانية<br />

الصادرة في لندن سسنة ١٩٩٥ ضضمن منششورات ‏“فلسسطين المسسلمة”‏ لفتت انتباهي تلك<br />

وحتى<br />

التغطية الششاملة والمتوازنة للتاريخ الفلسسطيني منذ عصور الٔنبياء<br />

أواخر قرننا العشرين هذا،‏ والقدرة على الٕمسساك المنهجي بالبعد الٕسسلامي الٔصيل عبر<br />

هذه المسسيرة الطويلة،‏ مما لا يكاد المرء يلهظه في معظم ما كتب في الموضضوع.‏<br />

إن الٔخ الموءلف عبر كتابه هذا يضضع الٔمور في نصابها،‏ سسواء وهو يتهدش عن مرحلة<br />

ما قبل الفته الٕسسلامي أو المراحل التي تلته،‏ بعد أن عبشت بتاريخ هذه الٔرضض المباركة<br />

رياه التشريق والتغريب.‏<br />

ومنذ الفصل الٔول يجد المرء نفسسه قبالة ما يمكن تسسميته بالمنهج الٕسسلامي في<br />

التعامل مع التاريخ بهشاً‏ ودراسسة وتأليفاً،‏ فهو يهيل المعطيات التاريخية بمروياتها<br />

وآثارها على الششاهد القرآني،‏ ويجعله حاكماً‏ عليه،‏ وليسس العكسس،‏ كما يفعل أنصاف<br />

الموءرخين والٓثاريين ممن لا يملكون من الهقيقة التاريخية عشر معششارها،‏ بينما تغيب<br />

الٔعششار الٔخرى عن الٔنظار فلا يعلم بها إلا االله سسبهانه.‏<br />

ها هنا نهن بأمسسّ‏ الهاجة إلى هذا الٔسسلوب في التعامل مع التاريخ القديم،‏ من أجل<br />

ألا نجعل الظن والهوى والعلم النسسبي،‏ الهكم الفصل في الواقعة التاريخية،‏ ويكفي أن<br />

نتذكر،‏ قبالة كل ادعاءات الموءرخين والٓثاريين التقليديين تلك المهاولة القيمة التي نفذها<br />

العالم الفرنسسي موريسس بوكاي Maurice Bucaille في كتابه ‏“التوراة والٕنجيل والقرآن<br />

في ضضوء المعارف الهديشة”‏ La Bible, le Coran et la science: Les Écritures<br />

saintes examinées à la lumière des connaissances modernes والتي قارن<br />

فيها بين معطيات هذه الكتب المقدسسة الشلاثة،‏ وبين الكششوف المعرفية الهديشة في<br />

سسياقات ششتى من بينها التاريخ والٓثار وبدايات الخلق.‏<br />

* كتب أ.د.‏ عماد الدين خليل مششكوراً‏ هذا التقديم للطبعة الشالشة المزيدة والمنقهة التي صدرت في سسنة ١٩٩٨.<br />

٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وكانت النتيجة ارتطام العهدين القديم والجديد بهذه الكششوف،‏ وتوافق مدهشش<br />

بينهما وبين آيات االله البيّنات.‏<br />

يمضضي الموءلف في الفصول التالية لكي يتابع:‏ الفته الٕسسلامي لفلسسطين،‏ والمسسلمين<br />

في مواجهة الصليبيين والتتار وصولاً‏ إلى التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصرة في<br />

فلسسطين،‏ وهو في طبعته الجديدة للكتاب يعيد صياغة الفصل الٔخير،‏ ويضضيف إليه<br />

صفهات قيمة،‏ تبلغ السستين،‏ عن دور حركة المقاومة الٕسسلامية ‏(حماسس)‏ في الانتفاضضة<br />

والجهاد،‏ وهو بهذا يظلّ‏ صادقاً‏ مع نفسسه،‏ ومع المنهج الذي اعتمده في متابعة المعطيات<br />

التاريخية ذات الشقل الهقيقي في تاريخ فلسسطين...‏<br />

لقد تلقى الٔخ الموءلف من إحدى الموءسسسسات العلمية الجاءزة الٔولى على كتابه هذا،‏<br />

ولكن ما هو أهم وأعمق دلالة في ظنّي هو أن يصدر الكتاب في طبعة ثالشة،‏ ولم يمضض ‏ِعلى<br />

الطبعة الٔولى سسوى أقل من سسنتين...‏ ومعنى ذلك أنه قُبل لدى جماهير القراء والمهتمين<br />

بالقضضية...‏<br />

وتلك هي الجاءزة الهقيقية التي يتلقاها،‏ ويطمه إليها أي موءلف في كل مكان.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠


الفصصل الأول<br />

صصراع الهق والباطل<br />

على أرضض فلسسطين قبل الفته الٕسسلامي


صصراع الهق والباطل<br />

صصراع الهق والباطل<br />

على أرض‏ فلسطين قبل الفته الإسلامي<br />

أولاً:‏ شرعية ميراش الٔنبياء:‏<br />

قدّر االله سسبهانه وتعالى أن تكون فلسسطين أرضضاً‏ للرسسل والٔنبياء الذين حملوا راية<br />

التوحيد،‏ ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها.‏ وقد ششهدت فلسسطين في تاريخها القديم نماذج<br />

من قيادة الٔنبياء وحكمهم لٔقوامهم،‏ وخاضضوا<br />

راية الهق على الٔرضض المباركة.‏<br />

صراعات عنيفة في سسبيل تشبيت<br />

وقبل أن نخوضض في التفاصيل،‏ يجب أن نشبت حقيقة مهمة،‏ وهي أن المسسلمين يوءمنون<br />

بكل الٔنبياء،‏ ويعدّون تراش الٔنبياء تراثهم،‏ ويعدّون رسسالتهم الٕسسلامية امتداداً‏<br />

لرسسالات الٔنبياء الذين جاوءوا من قبلهم،‏ وأن الدعوة التي دعا إليها الٔنبياء هي الدعوة<br />

نفسسها التي دعا إليها محمد ]، وبالتالي فإن رصيد تجربة الٔنبياء في دعوتهم للهق،‏<br />

وعبادة االله وحده لا تنفصم عن دعوة المسسلمين،‏ ورصيد تجربتهم.‏<br />

وانظر إلى قوله سسبهانه چڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ<br />

ڇڇچ ، ١ فهي رسسالة التوحيد التي يدعو إليها كل رسسول.‏ وعندما كان يكذّب أي<br />

قوم رسسولهم،‏ فقد كان ذلك تكذيباً‏ لجميع المرسسلين،‏ وتأمل قوله تعالى في چئۇ ئۇ ئۆ<br />

ئۆچ،‏ چڻ ڻ ڻچ،‏ چڦ ڦ ڦچ،‏ چٱ ٻ ٻچ،‏ چۅ<br />

ۉ ۉ ېچ . ٢<br />

ويغرق العديد من الموءرخين عند مواجهتهم لادعاءات اليهود المعاصرين بهقهم في<br />

فلسسطين في الانششغال بعلوم الٓثار،‏ وذكر الششعوب التي اسستوطنت أو حكمت أو مرّت<br />

على فلسسطين،‏ وكم حكم كل منها هذه الٔرضض،‏ ليخرجوا في النهاية بنتيجة موءداها ضضآلة<br />

الفترة والمسساحة التي حكم فيها اليهود عبر التاريخ مقارنة بالعرب والمسسلمين.‏ وبالرغم<br />

من أن هذا الجانب مفيد في ردّ‏ ادعاءات اليهود من النواحي التاريخية والعقلية والمنطقية،‏<br />

إلا أن كشيراً‏ من هوءلاء الكتّاب والموءرخين يقعون في خطأين كبيرين حسسبما يظهر لنا:‏<br />

١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الٔول:‏ اعتبار تراش الٔنبياء الذي أرسسلوا إلى بني إسراءيل أو قادوهم تراثاً‏ خاصاً‏<br />

باليهود فقط،‏ وهذا ما يريده اليهود!!‏<br />

الشاني:‏ الٕسساءة إلى سسيرة عدد من أنبياء بني إسراءيل باسستخدام الاسستدلالات المسستندة<br />

إلى توراة اليهود المهرفة نفسسها...،‏ وهم عندما يسستخدمونها فإنما يقصدون الٕششارة إلى<br />

‏“السسلوك المششين”‏ لمن كفر وفسسق من بني إسراءيل وقادتهم عندما حل ُّوا في فلسسطين،‏<br />

ليضضعفوا من قيمة دولتهم ويبينوا انهطاط مسستواهم الهضضاري...،‏ ويُدخلون في<br />

الاسستدلالات ما ذكرته الٕسراءيليات من اتهام للٔنبياء بالغشش والكذب والزنى واغتصاب<br />

الهقوق وقتل الٔبرياء،‏ في محاولات لتششويههم وتششويه صورة حكمهم ودولتهم في<br />

ذلك الزمان.‏<br />

لقد كفانا القرآن الكريم موءونة التعرف على أخلاق من كفر وفسسق من اليهود<br />

وفسسادهم وإفسسادهم،‏ غير أن أنبياءهم وصالهيهم أمر آخر،‏ فالٔنبياء خير البشر،‏<br />

ولا ينبغي الٕسساءة إليهم،‏ والانجرار خلف الروايات الٕسراءيلية المهرفة،‏ التي لا<br />

تسسيء للٔنبياء فقط،‏ وإنما إلى االله تبارك وتعالى ** . وعلى سسبيل المشال تذكر التوراة<br />

المهرفة والتلمود أن االله ‏(تعالى عما يقولون علواً‏ كبيراً)‏ يلعب مع الهوت والٔسسماك كل<br />

يوم ثلاش سساعات،‏ وأنه بكى على هدم الهيكل حتى صغر حجمه من سسبع سسموات إلى<br />

أربع سسموات،‏ وأن الزلازل والٔعاصير تحدش نتيجة نزول دمع االله على البهر ندماً‏<br />

على خراب الهيكل...‏ ٣ هذا فضضلاً‏ عما ذكره القرآن من ادعاءاتهم چۉ ې ې ې<br />

ېىچ ، ٤ چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀچ ، ٥ چڱ<br />

ڱ ڱ ں ںچ ... ٦ .<br />

كما ينسسب من حر َّف التوراة من اليهود إلى سسيدنا يعقوب \ سرقة صنم ذهبي<br />

من أبيه،‏ وأنه صارع االله!!‏ قرب نابلسس وسسمي لذلك بإسراءيل،‏ كما تنسسب له رششوة أخيه<br />

وخدعة أبيه،‏ وأنه سسكت عن زنا ابنتيه،‏ وأنه أشرك بربه...!!‏ وقِسسْ‏ على ذلك ما ذكروا عن<br />

باقي الٔنبياء . ٧<br />

** نهن هنا نعرضض الفهم الٕسسلامي لليهود وسسلوكهم،‏ وإن َّ طره أي من المسسلكيات الخاطئة لا يعني إطلاقاً‏ عداءً‏<br />

لليهود لمجرد كونهم يهوداً،‏ أو ما يعرف بالمصطلهات المعاصرة ‏“العداء للسسامية”؛ لٔن الفهم الٕسسلامي<br />

يميز بين أنبياء اليهود وصالهيهم وبين من فسسد وكفر وانهرف منهم؛ ولٔنه يتعامل معهم كبشر،‏ يصيبون<br />

ويخطئون،‏ ويوءمنون ويكفرون،‏ وينجهون ويفششلون...؛ ويتعامل معهم بهسسب أوضضاعهم كأهل ذمة أو<br />

كمعاهدين أو كمهاربين؛ ولكل ٍّ أحكامه التي يبنيها الٕسسلام على أسسسس العدل والتسسامه وحرية الاعتقاد،‏<br />

وإعطاء كل ِّ ذي حق ٍّ حقه،‏ بغضض ِّ النظر عن دينه أو لونه أو جنسسه.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤


صصراع الهق والباطل<br />

إن أولئك الذين حر َّفوا التوراة من اليهود،‏ قد سساروا على نهجها المهرف في<br />

أخلاقهم وفسسادهم وإفسسادهم،‏ محتجين بما نسسبوه إلى أنبياءهم كذباً‏ وزوراً.‏ ومن<br />

الواجب على الموءرخين وخصوصاً‏ المسسلمين ألا يندفعوا في اسستقراءهم لتاريخ فلسسطين<br />

إلى اتهام أنبياء االله ورسسله بما افتراه عليهم هوءلاء اليهود،‏ وذلك في سسبيل إثبات حقّ‏<br />

الٔقوام الٔخرى في فلسسطين.‏<br />

وإذا كانت رابطة العقيدة والٕيمان هي الٔسساسس الذي يجتمع عليه المسسلمون مهما<br />

اختلفت أجناسسهم وألوانهم،‏ فإن المسسلمين هم أحق الناسس بميراش الٔنبياء،‏ بما فيهم<br />

أنبياء بني إسراءيل،‏ لٔن المسسلمين هم الذين ما يزالون يرفعون الراية التي رفعها<br />

الٔنبياء،‏ وهم السساءرون على دربهم وطريقهم،‏ وهوءلاء الٔنبياء هم مسسلمون موحدون<br />

حسسب الفهم القرآني.‏<br />

وانظر إلى قوله تعالى چۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ<br />

ۋ ۋۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ئائا ئە ئە<br />

ئوئوچ ، ٨ وقوله تعالى چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />

ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ ، ٩<br />

وقوله تعالى چڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ کک ک ک گ گگ گ<br />

ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ<br />

ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ<br />

ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى<br />

ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆچ . ١٠ هذه الٓيات من<br />

الوضضوه بما لا يهتاج معه إلى الشره.‏ وفي المقابل فإن الٕسسلام يعدّ‏ الٕيمان بالٔنبياء<br />

والرسسل أحد أركان الٕيمان،‏ تأمل قوله تعالى چٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ<br />

ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ<br />

ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍچ . ١١<br />

وبششكل عام فأمة التوحيد هي أمة واحدة من لدن آدم \ حتى يرش االله الٔرضض<br />

ومن عليها،‏ وأنبياء االله ورسسله وأتباعهم هم جزء من أمة التوحيد،‏ ودعوة الٕسسلام هي<br />

امتداد لدعوتهم،‏ والمسسلمون هم أحق الناسس بأنبياء االله ورسسله وميراثهم.‏<br />

١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

فرصيد الٔنبياء هو رصيدنا،‏ وتجربتهم هي تجربتنا،‏ وتاريخهم هو تاريخنا،‏<br />

والشرعية التي أعطاها االله للٔنبياء وأتباعهم في حكم الٔرضض المباركة المقدسسة،‏ هي<br />

دلالة على شرعيتنا وحقنا في هذه الٔرضض وحكمها.‏<br />

نعم،‏ لقد أعطى االله سسبهانه هذه الٔرضض لبني إسراءيل عندما كانوا مسستقيمين على<br />

أمر االله،‏ وعندما كانوا يمشلون أمة التوحيد في الٔزمان الغابرة.‏ ولسسنا نخجل أو نتردد في<br />

ذكر هذه الهقيقة،‏ وإلا خالفنا صريه القرآن،‏ ومن ذلك قول موسسى \ لقومه چھ<br />

ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆچ . ١٢ غير أن<br />

هذه الشرعية ارتبطت بمدى التزامهم بالتوحيد،‏ والالتزام بمنهج االله،‏ فلما كفروا باالله<br />

وعَ‏ صوا رسسله وقتلوا الٔنبياء ونقضضوا عهودهم وميشاقهم،‏ ورفضضوا اتباع الرسسالة<br />

الٕسسلامية التي جاء بها محمد ]، وهو النبي الذي بشر َّ به أنبياء بني إسراءيل قومهم<br />

چڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇچ ١٣ وقوله تعالى<br />

چٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ ، ١٤ فلما فعلوا ذلك حل َّت عليهم لعنة االله وغضضبه<br />

چۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھچ ١٥ وقال تعالى چڄ ڄ ڃ ڃ<br />

ڃ ڃ چ چ چچ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ ژ<br />

ژ ڑ ڑ ک ک کچ . ١٦<br />

وبذلك تحولت شرعية حكم الٔرضض المقدسسة إلى الٔمة التي سسارت على منهج الٔنبياء،‏<br />

وحملت رايتهم وهي أمة الٕسسلام.‏ فالمسسألة في فهمنا ليسست متعلقة بالجنسس والنسسل<br />

والقوم،‏ وإنما باتباع المنهج.‏<br />

واسستطراداً‏ في مناقششة الادعاءات اليهودية بهقهم في فلسسطين وفق نصوص‏ التوراة،‏<br />

نششير إلى ما يذكرونه في التوراة المهرفة من إعطاء هذه الٔرضض لٕبراهيم \ ونسسله.‏<br />

ومما جاء فيها ‏“وقال الرب لٕبراهيم:‏ اذهب من أرضضك ومن عششيرتك ومن بيت أبيك إلى<br />

الٔرضض التي أريك...‏ فذهب إبراهيم كما قال الرب...‏ فأتوا إلى أرضض كنعان...‏ وظهر الرب<br />

لٕبراهيم،‏ وقال:‏ لنسسلك أعطي هذه الٔرضض”‏ . ١٧ وجاء في التوراة المهرفة أيضضاً‏ ‏“وسسكن<br />

‏]إبراهيم \] في أرضض كنعان،‏ فقال له الرب:‏ ارفع عينيك،‏ وانظر من الموضضع الذي أنت<br />

فيه ششمالاً‏ وجنوباً‏ وشرقاً‏ وغرباً؛ لٔن جميع الٔرضض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسسلك<br />

إلى الٔبد“‏ . ١٨ وجاء فيها أيضضاً‏ ‏“قطع الرب مع إبراهيم ميشاقاً‏ قاءلاً:‏ لنسسلك أعطي هذه<br />

الٔرضض.‏ من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات”‏ . ١٩<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦


وللرد على ذلك ‏-فضضلاً‏ عن فهمنا للمسسألة في أصلها الشرعي-‏ نقول:‏<br />

صصراع الهق والباطل<br />

١. إذا كان هناك عهد،‏ فقد أعطي لٕبراهيم \ ولنسسله،‏ وليسس بنو إسراءيل وحدهم<br />

نسسل إبراهيم،‏ فالعرب المسستعربة هم من نسسله أيضضاً‏ ‏(أبناء إسسماعيل \) ومنهم<br />

محمد ].<br />

٢. إذا كانت المسسألة مرتبطة بالنسسل والتناسسل،‏ فالدلاءل تششير إلى أن الٔغلبية السساحقة<br />

لليهود في عصرنا ليسست من نسسل إبراهيم \، وذلك أن معظم يهود اليوم هم<br />

من يهود الخزر ،Khazars الذين دخلوا هذا الدين في القرنين:‏ التاسسع والعاشر<br />

الميلاديين!!‏<br />

٣. إن القرآن الكريم يوضضه مسسألة إمامة سسيدنا إبراهيم وذريته في ششكل لا لبسس فيه،‏<br />

وتأمل قوله تعالى چۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھ ھ ے ے ۓۓ ڭ<br />

ڭ ڭڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈچ . ٢٠<br />

فعندما سسأل إبراهيم االله تعالى أن تكون الٕمامة في ذريته بين َّ االله له أن عهده لذريته<br />

بالٕمامة لا يسستهقه،‏ ولا يناله الظالمون،‏ وأي ظلم وكفر وصد ٍّ عن سسبيل االله،‏ أكبر مما<br />

فعله بنو إسراءيل بهسسب ما تششير مصادرهم نفسسها،‏ وبهسسب ما يششير القرآن الكريم؟!‏<br />

أما ما يتعلق بادعاءات اليهود التاريخية،‏ فقد كفانا الكشير من الموءرخين موءونة الرد<br />

عليها،‏ ففترة حكم فلسسطين تحت راية الٕسسلام هي أطول الفترات التاريخية،‏ والششعوب<br />

التي اسستوطنت فلسسطين قبل مجيء اليهود بأكثر من ألف عام ظلّت مسستقرة فيها حتى<br />

الٓن،‏ وقد اندمجت بها الهجرات العربية قبل وبعد الفته الٕسسلامي،‏ وهي التي يتششكل<br />

منها ششعب فلسسطين الهالي بدينه الٕسسلامي ولغته وسسماته العربية . ٢١<br />

ثانياً:‏ نظرة تاريخية:‏<br />

تششوب دراسسة التاريخ القديم الكشير من الصعوبات،‏ وعادة ما يلجأ‏ الموءرخون إلى<br />

دراسسة الٓثار،‏ وفك ِّ رموز اللغات القديمة التي تمت الكتابة بها على بعضض الٓثار،‏ كما<br />

يسستفيدون مما يكتششفونه من لفاءف وأوراق وجلود وعظام عليها بعضض الكتابات،‏<br />

وكذلك مما يسستهصلونه من مخطوطات وكتب التاريخ والتراش القديمة.‏ وفي دراسستهم<br />

لتاريخ فلسسطين القديم كانوا كشيراً‏ ما يلجأون إلى ما كتبته التوراة،‏ وما تناقله اليهود،‏ غير<br />

أن الاعتماد تزايد في هذا العصر على الٓثار...‏ . ونهن في دراسستنا المختصرة سسنهاول<br />

١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الاسستفادة مما ذكره القرآن الكريم والسسنة النبوية،‏ ثم نهاول اسستكمال الصورة بما<br />

لدينا من أخبار وآثار،‏ لا تتعارضض مع صهيه ما نعتقده.‏ وسسنلتزم هنا بالاختصار غير<br />

المخل بالمعنى المراد،‏ وفي حدود دراسستنا للتجربة الٕسسلامية على أرضض فلسسطين.‏<br />

سسكن الٕنسسان أرضض فلسسطين منذ العصور الموغلة في القدم،‏ وهناك آثار تعود إلى<br />

العصر الهجري القديم (٥٠٠ ألف - ١٤ ألف ق.م)‏ والعصر الهجري الوسسيط<br />

(١٤ ألف - ٨ آلاف ق.م)‏ حيش يطلق على هذا العصر في فلسسطين الهضضارة النطوفية<br />

نسسبة إلى مغاءر النطوف ششمال القدسس،‏ وأصل النطوفيين غير معروف حتى الٓن،‏<br />

تركزت حضضارتهم على السساحل وعاششوا في المغاءر والكهوف كمغاءر جبل الكرمل.‏<br />

وفي العصر الهجري الهديش (٨٠٠٠-٤٥٠٠ ق.م)‏ انتقلت حياة الٕنسسان في فلسسطين<br />

إلى الاسستقرار،‏ وتحول من جمع الغذاء إلى إنتاجه،‏ وفي أريها ظهرت أول الدلاءل على<br />

حياة الاسستقرار،‏ وهي تعدّ،‏ حتى الٓن،‏ أقدم مدن العالم؛ حيش أنششئت نهو ٨٠٠٠ ق.م.‏<br />

وامتد العصر الهجري النهاسسي من ٤٥٠٠-٣٣٠٠ ق.م،‏ وقد كششف عن مواقع<br />

حضضارية أثرية تعود إلى تلك الفترة في منطقة بئر السسبع،‏ وبين جبال الخليل والبهر<br />

الميت،‏ والخضضيرة على السسهل السساحلي.‏<br />

وتميزت بداية الٔلف الشالش ق.م بظهور الٕمبراطوريات القديمة في الشرق،‏ وقد رافق<br />

ذلك التوصل إلى الكتابة والبدء بتدوين التاريخ،‏ ومن هنا تبدأ‏ العصور التاريخية في<br />

فلسسطين.‏<br />

ويطلق على الفترة الممتدة من ٣٢٠٠-٢٠٠٠ ق.م اسسم العصر البرونزي القديم،‏<br />

وقد تميزت هذه الفترة بظهور المدن التهصينية الدفاعية التي قامت على هضضاب<br />

مرتفعة،‏ وانتشرت بأعداد كبيرة،‏ وكانت غالبيتها في وسسط وششمال فلسسطين،‏ ومن أهم<br />

المواقع بيسسان ومجد ُّو والعفولة ورأسس الناقورة وتلّ‏ الفارعة غربي نابلسس،‏ وفي الٔلف<br />

الشالش ق.م زاد عدد سسكان فلسسطين،‏ ونمت المدن،‏ وأصبه لها قوة سسياسسية واقتصادية<br />

مما يمكن تسسميته عصر ‏“دويلات المدن”.‏<br />

وخلال الٔلف الشالش ق.م هاجر إلى فلسسطين العموريون ‏“الٔموريون“‏ والكنعانيون،‏<br />

وكذلك اليبوسسيون والفينيقيون ‏(وهما يُعدان من البطون الكنعانية)،‏ وعلى ما يظهر<br />

فقد كانت هجرتهم إلى فلسسطين حوالي ٢٥٠٠ ق.م،‏ حيش اسستقر الكنعانيون في سسهول<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨


صصراع الهق والباطل<br />

فلسسطين،‏ وتركز العموريون في الجبال،‏ واسستقر اليبوسسيون في القدسس وما حولها،‏ وهم<br />

الذين أنششأوا مدينة القدسس وأسسموها ‏“يبوسس“‏ ثم ‏“أورسسالم”،‏ أما الفينيقيون فاسستقروا<br />

في السساحل الششمالي لفلسسطين وفي لبنان.‏<br />

ويرى ثقات الموءرخين أن العموريين والكنعانيين واليبوسسيين والفينيقيين قد خرجوا<br />

من جزيرة العرب،‏ وأن سسواد أهل فلسسطين الهاليين،‏ وخاصة القرويين هم أنسسال تلك<br />

القباءل والششعوب القديمة أو من العرب والمسسلمين الذين اسستقروا في البلاد إثر الفته<br />

الٕسسلامي لها.‏<br />

لقد كانت هجرة الكنعانيين واسسعة في تلك الفترة بهيش أصبهوا السسكان الٔسساسسيين<br />

للبلاد،‏ واسسم أرضض كنعان هو أقدم اسسم عرفت به أرضض فلسسطين،‏ وقد أنششأ‏ الكنعانيون<br />

معظم مدن فلسسطين،‏ وكان عددها،‏ حسسب حدود فلسسطين الهالية،‏ لا يقل عن ٢٠٠ مدينة<br />

خلال الٔلف الشاني ق.م وقبل قدوم العبرانيين اليهود بمئات السسنين،‏ ومن المدن القديمة<br />

فضضلاً‏ عن أريها والقدسس مدن ششكيم ‏“بلاطة،‏ نابلسس“‏ وبيسسان وعسسقلان وعكا وحيفا<br />

والخليل وأسسدود وعاقر وبئر السسبع وبيت لهم...‏ .<br />

ثم جاء العصر البرونزي الوسسيط (٢٠٠٠-١٥٥٠ ق.م)‏ حيش ششهد النصف الٔول<br />

من الٔلف الشاني ق.م حكم الهكسسوسس الذين سسيطروا على فلسسطين خلال القرون<br />

١٨-١٦ ق.م.‏<br />

وبدأ‏ العصر البرونزي المتأخر (١٥٥٠-١٢٠٠ ق.م)‏ بانزواء حكم الهكسسوسس<br />

ودخول فلسسطين تحت سسيطرة الهكم المصري المطلق،‏ أما العصر الهديدي<br />

(١٢٠٠-٣٣٠ ق.م)‏ فيظهر أنه في بدايته (١٢٠٠ ق.م تقريباً)‏ اسستقبلت فلسسطين<br />

مجموعات مهاجرة من مناطق مختلفة أبرزها هجرات ‏“ششعوب البهر“‏ التي يظهر أنها<br />

جاءت من غرب آسسيا ومن جزر بهر إيجه ‏(كريت وغيرها)‏ وقد هاجمت هذه الششعوب<br />

في البداية سسواحل الششام ومصر،‏ ولكن فرعون مصر،‏ رعمسسيسس الشالش،‏ صدها عن<br />

بلاده في معركة بلوزيون ‏“قرب بور سسعيد“‏ وأذن لها أن تسستقر في الجزء الجنوبي<br />

من فلسسطين،‏ وورد في النقوشش الٔثرية اسسمها ‏“ب ل سس ت”،‏ ومنها جاءت تسسميتهم<br />

‏“فلسسطيون“‏ ثم زيدت النون إلى اسسمهم ‏(ربما على اعتبار الجمع)‏ فأصبهوا فلسسطينيين،‏<br />

وقد أقام الفلسسطيون خمسس ممالك هي مدن غزة،‏ وأششدود،‏ وجت،‏ وعقرون،‏ وعسسقلان،‏<br />

وهي مدن المرجه أنها كنعانية قديمة،‏ غير أنهم وسسعوها ونظموها،‏ ثم أنششأوا مدينتين<br />

١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

جديدتين هما اللد وصقلغ،‏ واسستولوا على بقية السساحل حتى جبل الكرمل،‏ كما اسستولوا<br />

على مرج ابن عامر...،‏ وسرعان ما اندمج الفلسسطيون بالكنعانيين،‏ واسستعملوا لغتهم<br />

وعبدوا آلهتهم ‏“داجون وبعل وعششتار“.‏ وبالرغم من أن الفلسسطيين ذابوا في السسكان إلا<br />

أنهم أعطوا هذه الٔرضض اسسمهم فأصبهت تعرف بفلسسطين . ٢٢<br />

ويظهر من الدلاءل التاريخية المقارنة أن موسسى \ قاد بني إسراءيل باتجاه الٔرضض<br />

المقدسسة في النصف الٔخير من القرن ١٣ ق.م،‏ أي أواخر العصر البرونزي المتأخر،‏<br />

الذي ششهد هو وبداية العصر الهديدي بداية الدخول اليهودي إلى فلسسطين،‏ ثم قيام<br />

مملكة داود وسسليمان (١٠٠٤-٩٢٣ ق.م)،‏ التي انقسسمت إلى مملكة إسراءيل<br />

(٩٢٣-٧٢٢ ق.م)،‏ ومملكة يهودا (٩٢٣-٥٨٦ ق.م)،‏ والتي حكمت كل منها جزءاً‏<br />

محدوداً‏ من أرضض فلسسطين،‏ ومنذ ٧٣٠ ق.م دخلت فلسسطين بششكل عام تحت النفوذ<br />

الٓششوري القادم من العراق حتى ٦٤٥ ق.م.‏ ثم ورثهم البابليون في النفوذ حتى ٥٣٩ ق.م،‏<br />

وكان الٓششوريون والبابليون يتداولون النفوذ على فلسسطين مع مصر.‏ ثم إن الفرسس<br />

غزوا فلسسطين وحكموها خلال الفترة ٥٣٩-٣٣٢ ق.م.‏<br />

ثم دخلت فلسسطين في العصر الهلينسستي اليوناني،‏ حيش حكمها البطالمة حتى ١٩٨ ق.م،‏<br />

ثم ورثهم السسلوقيون Seleucid حتى ٦٤ ق.م.‏ عندما جاء الرومان،‏ وسسيطروا على<br />

فلسسطين،‏ وبعد انقسسام الٕمبراطورية الرومانية،‏ ظلّت فلسسطين تتبع الٕمبراطورية<br />

الرومانية الشرقية ‏“دولة الروم“‏ وعاصمتها القسسطنطينية حتى جاء الفته الٕسسلامي،‏<br />

وأعطاها صبغتها العربية الٕسسلامية سسنة ‎٦٣٦‎م . ٢٣<br />

ثالشاً:‏ دعوة الهق ومسسيرة الٔنبياء على الٔرضض المقدسسة:‏<br />

كان إبراهيم \ أول الٔنبياء الذين نعلم أنهم عاششوا في فلسسطين،‏ وماتوا فيها،‏<br />

وإبراهيم \ هو أبو الٔنبياء،‏ فمن نسسله جاء الكشير من الٔنبياء كإسسهق ويعقوب<br />

ويوسسف وإسسماعيل ومحمد عليهم أفضضل الصلاة والسسلام.‏<br />

ولد إبراهيم \، حسسبما ورد من آثار،‏ في ‏“أور”‏ في العراق ٢٤ وعاشش هناك ردحاً‏ من<br />

الزمن؛ حيش قام بتهطيم الٔصنام،‏ ودعا إلى التوحيد،‏ وواجه النمرود،‏ وألقمه الهجة،‏<br />

وألقي في النار عقاباً‏ له على تحطيم الٔصنام فجعلها االله عليه برداً‏ وسسلاماً،‏ وهاجر<br />

إبراهيم ومعه ابن أخيه لوط في سسبيل االله ٢٥ چى ى ئا ئا ئە ئەچ . ٢٦<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠


صصراع الهق والباطل<br />

ويظهر أن إبراهيم في البداية هاجر ومن معه إلى حر َّان ‏(الرها)‏ وهي تقع الٓن في<br />

جنوب تركيا إلى الششمال من سسورية،‏ ومن هناك هاجر ومعه ابن أخيه لوط إلى أرضض<br />

كنعان ‏“فلسسطين”‏ نهو ١٩٠٠ ق.م ، ٢٧ قال تعالى چې ې ې ى ى ئا ئا<br />

ئەچ . ٢٨ وكان هذا التاريخ بالنسسبة لتاريخ العراق القديم يمشل نهاية عهد ‏“أور<br />

الشالشة”‏ التي حكمها السسومريون وبداية العصر البابلي القديم الذي سسيطرت فيه<br />

العناصر السسامية القادمة من جزيرة العرب ‏“العموريون”.‏ وهناك في فلسسطين ولد<br />

إسسماعيل وإسسهق ويعقوب .<br />

نزل إبراهيم \ في ششكيم قرب نابلسس،‏ ومنها انتقل إلى جهات رام االله والقدسس،‏ ومرّ‏<br />

بالخليل ثم ببئر السسبع؛ حيش اسستقر حولها زمناً،‏ ثم ارتحل إلى مصر،‏ وكان ذلك يوافق<br />

تقريباً‏ عهد الٔسرة ال ١١ أو ال ١٢ لفراعنة مصر،‏ وعاد من مصر ومعه ‏“هاجر”‏ التي<br />

أهداها الزعيم المصري له،‏ وذكر في رواية أنها ابنة فرعون أو إحدى الٔميرات،‏ ثم عاد<br />

إلى فلسسطين،‏ فمرّ‏ بجوار غزة؛ حيش التقى أبا مالك أمير غزة،‏ ثم تجوّل بين بئر السسبع<br />

والخليل،‏ ثم صعد إلى القدسس.‏ ثم إن لوطاً‏ \ انتقل إلى جنوب البهر الميت؛ حيش<br />

أُرسسل لٔهل تلك المنطقة،‏ بينما مكش إبراهيم \ في جبال القدسس والخليل.‏ وقد<br />

ولد إسسماعيل \ لٕبراهيم من زوجته هاجر،‏ ثم رزق بإسسهق بعد ذلك ب ١٣ عاماً‏ من<br />

زوجته سسارة . ٢٩ ويبدو أن إبراهيم رزق بأبناءه وهو في سسن ٍّ كبيرة نسستششف ذلك من قوله<br />

تعالى على لسسان سسارة چٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پپچ . ٣٠<br />

ويبدو أن إبراهيم \ تردد على الهجاز أكثر من مرة،‏ فقد أحضر إسسماعيل وأمه<br />

هاجر إلى مكة،‏ وقصة سسعي هاجر بين الصفا والمروة،‏ وتفجر ماء زمزم مششهورة،‏ ثم إن<br />

إبراهيم عاد فبنى مع إسسماعيل الكعبة چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />

ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺچ . ٣١ غير أن مركز اسستقرار إبراهيم كان في ظلّ‏ فلسسطين،‏ وفيها<br />

توفي حيش دفن في مغارة المكفيلة قرب ‏“الخليل”،‏ وهي المدينة التي سسميت باسسمه \<br />

وقيل إنه عم َّر ١٧٥ سسنة . ٣٢<br />

عاصر إبراهيم \ حاكم القدسس ‏“ملكي صادق”‏ وكان على ما يبدو موح َّ داً،‏ وكان<br />

صديقاً‏ له ، ٣٣ وفي تلك الفترة كان الموءمنون باالله قلة نادرة،‏ فقد ذكر رسسول االله [ أن<br />

إبراهيم قال لزوجته سسارة عندما أتى على جبار من الجبابرة ‏“ليسس على الٔرضض موءمن<br />

غيري وغيرك”‏ ، ٣٤ ويظهر أن ذلك حدش عندما ذهبا لمصر.‏ ولعلنا نسستششف هذا المعنى<br />

٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

من قوله تعالى چٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤچ . ٣٥ وعلى كل حال فإن أبا الٔنبياء<br />

إبراهيم الخليل كان رسسولاً‏ من أولي العزم من الرسسل،‏ وكان له دوره الدعوي في نشر<br />

رسسالة التوحيد في فلسسطين؛ حيش كان يوءسسسس المسساجد،‏ ويقيم المهاريب لعبادة االله في<br />

كل مكان ذهب إليه.‏ ويظهر أنه لم يجِ‏ د عناء أو عنتاً‏ من أهل فلسسطين،‏ ولم يضضطر لتركها<br />

بسسبب دينه ودعوته،‏ فظل مسستقراً‏ يتنقل بهرية فيها حتى توفاه االله.‏<br />

أما لوط \ فقد اسستقر جنوب البهر الميت؛ حيش أرسسل إلى قرية ‏“سسدوم”‏ وهوءلاء<br />

كانوا يفعلون الفاحششة بالرجال ‏“اللواط”وقد نهاهم لوط عن هذا،‏ فأعرضضوا واسستكبروا،‏<br />

فانتقم االله منهم،‏ فجعل عاليها سسافلها،‏ وأمطر عليهم حجارة من سسجيل چڭ ڭ ۇ<br />

ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې<br />

ى ىئا ئا ئە ئە ئو ئو ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />

پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ<br />

ٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ ، ٣٦ چٱ ٻ ٻ<br />

ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ<br />

ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹچ . ٣٧<br />

ويششير القرآن الكريم إلى أن إبراهيم \ قد عاصر رسسالة لوط وهلاك قومه.‏ فقد<br />

جاءته الملاءكة،‏ وبشروه بإسسهق،‏ وأخبروه بأنهم مرسسلون لتدمير قوم لوط،‏ فقال لهم<br />

چٿ ٿ ٿٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤڤ ڤ ڦ ڦ ڦچ . ٣٨ وهكذا نَصرَ‏ َ االله<br />

سسبهانه رسسوله لوطاً،‏ وطهّر أرضضه المباركة من چٹ ٹ ڤ ڤ ڤڤچ ، ٣٩<br />

وجاءت البشرى لٕبراهيم بإسسهق ليهمل راية التوحيد من بعده على الٔرضض المباركة،‏<br />

وليتواصل انتششار النور الٕلهي فيها.‏<br />

وعاشش إسسهق في أرضض فلسسطين،‏ ورزقه االله سسبهانه يعقوب \ ‏(إسراءيل)‏ والذي<br />

يعدّه اليهود أباهم،‏ وكان إسسهق ويعقوب منارات للهدى بعد إبراهيم \، وانظر<br />

إلى البيان القرآني في إيجازه وروعته چئو ئو ئۇ ئۇ ئۆئۆ ئۈ ئۈ<br />

ئې ئې ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />

ڀ ڀ ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺچ . ٤٠<br />

ولد يعقوب \ في القرن ١٨ ق.م ‏(حوالي ١٧٥٠ ق.م)‏ في فلسسطين،‏ غير أنه هاجر<br />

على ما يظهر إلى حرّان ‏“الرها”‏ وهناك تزوج وولد له ١١ ابناً،‏ منهم يوسسف \<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢


صصراع الهق والباطل<br />

بينما ولد ابنه ال ١٢ بنيامين في أرضض كنعان ‏“فلسسطين”.‏ وقد رجع يعقوب وأبناوءه<br />

إلى فلسسطين وسسكن عند ‏“سسعّير”‏ قرب الخليل ، ٤١ وقصته وقصة ابنه يوسسف مششهورة<br />

ومفصلة في سسورة يوسسف من القرآن الكريم.‏ وهي التي تحكي تآمر إخوة يوسسف على<br />

يوسسف،‏ وإلقاءه في البئر،‏ واكتششاف قافلة له وبيعهم إياه في مصر،‏ حيش ششبّ‏ هناك<br />

ودعا إلى االله،‏ وصمد أمام فتنة النسساء،‏ وصبر في السسجن حتى أكرمه االله بأن يوضضع على<br />

خزاءن مصر بعد تأويله الروءيا وثبوت براءته.‏ ثم إن يوسسف اسستقدم أباه يعقوب وإخوته<br />

إلى مصر؛ حيش رد االله البصر إلى يعقوب بعد أن ابيضضت عيناه على فراق يوسسف،‏ كما عفا<br />

يوسسف عن إخوته.‏ وتذكر بعضض الروايات أن يعقوب عاشش في مصر ١٧ سسنة غير أنه<br />

دفن \ إلى جوار جده وأبيه إبراهيم وإسسهق في الخليل . ٤٢<br />

ويبدو أن تلك الفترة التي عاشش فيها يعقوب وأبناوءه في مصر كانت توافق حكم<br />

الهكسسوسس لمصر،‏ وهم أصلاً‏ من غير المصريين،‏ ويمشل حكمهم الٔسرتين ال ١٥ و‎١٦‎ من<br />

الٔسر التي حكمت مصر،‏ واللتين امتد حكمهما لمصر خلال الفترة ١٧٧٤-١٥٦٧ ق.م.‏<br />

وعلى كل حال،‏ يظهر أن يوسسف وإخوته أبناء يعقوب نعموا بهرية العمل والعبادة<br />

في مصر،‏ وكان لهم دورهم في الدعوة إلى التوحيد،‏ غير أن الٔمر لم يسستمر على حاله<br />

في أجيالهم المتعاقبة،‏ فوقع بنو إسراءيل تحت الاضضطهاد الفرعوني حتى أرسسل االله<br />

موسسى \ إلى فرعون لٕخراج بني إسراءيل منها إلى الٔرضض المقدسسة.‏<br />

لقد كان بنو إسراءيل في تلك الفترة هم أهل الهق وحملة راية التوحيد،‏ وكان فرعون<br />

٤٣<br />

مصر ذلك الزمان متكبراً‏ متعجرفاً‏ يدّعي الٔلوهية چچ چ چ ڇ ڇ ڇچ<br />

وكان مفسسداً‏ يضضطهد بني إسراءيل،‏ فيذب ِّه أبناءهم ويسستهيي نسساءهم چے ے<br />

ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴۋ<br />

ۋ ۅ ۅ ۉچ . ٤٤ وقد ولد موسسى \ في هذا الجو وتربى،‏ في بيت فرعون<br />

في تدبير رباني محكم،‏ وهو الذي كان يجب أن يُقتل،‏ وقصة موسسى ونششأته ودعوته<br />

لفرعون وخروجه ببني إسراءيل وهلاك فرعون أششهر من أن تروى،‏ وهي من أكبر<br />

وأكثر قصص‏ القرآن ذكراً‏ وتكراراً‏ لما فيها من الدروسس والعبر،‏ ومن التعريف ببني<br />

إسراءيل وطباءعهم...‏ .<br />

قدّر االله سسبهانه أن يعطي تلك الفئة الموءمنة في ذلك الزمان أرضض فلسسطين چې<br />

ې ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ٱ ٻ<br />

٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀڀچ . ٤٥ وأرسسل<br />

موسسى \ إلى فرعون بهذا الٔمر،‏ يعاونه في ذلك أخوه هارون الذي بُعش رسسولاً‏ أيضضاً‏<br />

چئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />

پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿچ . ٤٦ غير أن فرعون<br />

يأبى ويتكبر ولا يوءمن بالٓيات والمعجزات التي جاء بها موسسى.‏ ويوءمن السسهرة الذين<br />

حششدهم فرعون بدعوة موسسى،‏ ويسسقط في يد فرعون . ٤٧ ويبدو أن الذين أظهروا<br />

إيمانهم،‏ وانضضموا إلى بني إسراءيل كانوا عدداً‏ محدوداً‏ من فتيان بني إسراءيل،‏ وكان<br />

إيمانهم مقروناً‏ بخوف من أن يفتنهم فرعون چڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ<br />

ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گ گ گچ . ٤٨<br />

ثم إنّ‏ موسسى<br />

قاد من آمن من قومه شرقاً‏ فأتبعهم فرعون وجنوده،‏ وحدثت قصة<br />

انششقاق البهر،‏ وإنقاذ االله سسبهانه لبني إسراءيل،‏ وهلاك فرعون وجنوده چٿ ٿ<br />

ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ<br />

ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇچ . ٤٩<br />

ونقف هنا عند بعضض الٓراء والروايات التاريخية التي يظهر منها أن عدد من خرج مع<br />

موسسى من مصر كان حوالي سستة آلاف فقط أو ١٥ ألفاً‏ على بعضض الروايات.‏ أما تلك<br />

الفترة من الناحية التاريخية فكانت على ما يبدو خلال القرن ال ١٣ قبل الميلاد.‏<br />

وكان خروج بني إسراءيل من مصر تحديداً‏ في حوالي الشلش الٔخير من ذلك القرن.‏ وهي<br />

فترة توافق حكم ‏“رعمسسيسس الشاني”‏ المششهور في هذا العصر ب“رمسسيسس الشاني”‏ ، ٥٠<br />

ومن تقدير االله أن جشة هذا الفرعون معروضضة في أحد المتاحف المصرية الٓن،‏ وهذا<br />

يذكرنا بقوله سسبهانه چڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈژ ژ ڑ ڑ ک<br />

ک ک کچ . ٥١ بل وتوءخذ جشته بين فترة وأخرى لتعرضض في متاحف البلاد<br />

الغربية،‏ والناسس الذين يزورون جشته ينششغلون بالتأمل في علم التهنيط دون أن يذكروا<br />

آيات االله في هذا الفرعون!!‏ فارجع لتقرأ‏ مرة أخرى قوله تعالى چژ ڑ ڑ ک ک<br />

ک کچ . ٥٢<br />

وبعد إنقاذ االله سسبهانه لبني إسراءيل تبرز فصول معاناة موسسى وهارون معهم،‏<br />

ويظهر من صفات هوءلاء ضضعف الٕيمان والجهل والجبن،‏ فما كادوا يخرجون من البهر<br />

حتى أتَوا على قوم يعبدون أصناماً‏ چڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿچ !!، ٥٣ ثم<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٤


صصراع الهق والباطل<br />

عندما يذهب موسسى لميقات ربه،‏ يعبد قومه العجل على الرغم من وجود<br />

٥٤<br />

هارون بينهم!!‏ چھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭۇچ<br />

چپ پ پ ڀ ڀ ڀچ ، ٥٥ وكادوا يقتلون هارون عندما نهاهم عن<br />

٥٦<br />

كفرهم،‏ وهو الذي قال لٔخيه موسسى چڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ<br />

وغيرها من المواقف.‏<br />

ثم يقود موسسى بني إسراءيل باتجاه الٔرضض المقدسسة،‏ ويقول لهم چھ ھ<br />

ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆچ ، ٥٧ ولكنهم<br />

يختارون الارتداد على أدبارهم!!‏ چۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې<br />

ې ې ې ى ى ئا ئاچ ، ٥٨ ولا ينفع فيهم النصه فيكررون<br />

چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ<br />

ٺچ ...!! ٥٩ .<br />

ويعلق سسيد قطب،‏ رحمه االله،‏ على موقف بني إسراءيل هذا فيقول:‏ ‏“إن جبلة يهود<br />

لتبدو هنا على حقيقتها،‏ مكششوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل...،‏ إن الخطر ماثل<br />

قريب،‏ ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد االله لهم بأنهم أصهاب الٔرضض،‏ وأن االله قد<br />

كتبها لهم.‏ فهم يريدون نصراً‏ رخيصاً،‏ لا ثمن له،‏ ولا جهد فيه،‏ نصراً‏ مريهاً‏ يتنزل<br />

عليهم تنزل المن والسسلوى”....‏ ‏“وهكذا يخرج الجبناء فيتوقهون،‏ ويفزعون من الخطر<br />

أمامهم،‏ هكذا في وقاحة العاجز لا تكلفه وقاحة اللسسان إلا مدّ‏ اللسسان...‏ چڀ ڀ<br />

ڀچ!‏ فليسس بربهم إذا كانت ربوبيته سستكلفهم القتال!‏ چٺ ٺ ٺچ<br />

لا نريد ملكاً،‏ ولا نريد عزاً،‏ ولا نريد أرضض ميعاد...‏ ودونها لقاء الجبارين،‏ هذه نهاية<br />

المطاف بموسسى \، نهاية الجهد الجهيد،‏ والسسفر الطويل،‏ واحتمال الرذالات،‏<br />

والانهرافات،‏ والالتواءات من بني إسراءيل!”‏ . ٦٠<br />

ويتألم موسسى \ ويلجأ‏ إلى ربه چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ<br />

ڦ ڦ ڦچ ، ٦١ ويسستجيب االله لنبيه چڄ ڄ ڄ ڄڃ ڃ ڃڃ<br />

چ چ چچچ ٦٢ وهكذا يهكم عليهم بالتيه بعد أن كانوا على أبواب الٔرضض<br />

المقدسسة،‏ ويظهر أن االله سسبهانه قد حرمها على هذا الجيل من بني إسراءيل حتى<br />

ينششأ‏ جيل غيره يصلب عوده في جو ٍّ من خششونة الصهراء،‏ فهذا الجيل ‏“أفسسده الذل،‏<br />

والاسستعباد،‏ والطغيان في مصر،‏ فلم يعد يصله لهذا الٔمر الجليل”‏ . ٦٣<br />

٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وتوفي موسسى \ قبل أن يسستطيع دخول الٔرضض المقدسسة،‏ وفي الهديش المتفق عليه<br />

عن أبي هريرة أن رسسول االله [ قال:‏ إن موسسى عندما حان أجله قال:‏ ‏“رب أدنني من<br />

الٔرضض المقدسسة رمية بهجر”‏ قال رسسول االله [ ‏“واالله لو أني عنده لٔريتكم مكان قبره<br />

إلى جنب الطريق عند الكشيب الٔحمر”‏ . ٦٤<br />

وبعد أن نششأ‏ جيل صلب جديد،‏ وبعد سسنوات التيه قاد بني إسراءيل نبي لهم هو<br />

يوششع بن نون \ Nun Joshua son of ويسسميه اليهود ‏“يششوع”‏ وهو الذي عبر<br />

بهم نهر الٔردن،‏ وانتصر على أعداءه،‏ واحتل مدينة أريها،‏ وكان عبوره نهر الٔردن<br />

حوالي ١١٩٠ ق.م،‏ ثم غزا ‏“عاي”‏ بجوار رام االله،‏ وحاول فته القدسس،‏ ولكنه لم<br />

يسستطع،‏ وكان عدد اليهود قليلاً‏ بهيش يصعب عليهم الانتششار،‏ واحتلال كافة المناطق،‏<br />

والسسيطرة عليها . ٦٥ ومما نعلمه عن يوششع من حديش رسسول االله أن يوششع التقى<br />

أعداءه في معركة طالت حتى كادت الششمسس أن تغيب،‏ فدعا االله ألا تغيب الششمسس حتى<br />

تنتهي المعركة،‏ وينتصر،‏ فاسستجاب االله لدعوته،‏ فأخر غروب الششمسس حتى انتصر<br />

يوششع . ٦٦<br />

وبعد يوششع تولى قيادة اليهود زعماء عرفوا ب“القضضاة”‏ وعرف عصرهم<br />

ب“عصر القضضاة”.‏ وعلى الرغم من محاولاتهم إصلاه قومهم فقد سساد عصرهم الذي<br />

دام حوالي ١٥٠ سسنة الفوضضى والنكبات والخلافات والانهلال الخلقي والديني بين<br />

بني إسراءيل.‏ وقد اسستوطنوا في تلك الفترة في الٔراضضي المرتفعة المهيطة بالقدسس وفي<br />

السسهول الششمالية في فلسسطين . ٦٧<br />

ولما ششعر بنو إسراءيل بهالهم المتردي طلب الملٔ‏ منهم من نبيّ‏ لهم,‏ يقال أن اسسمه<br />

‏“صموءيل”,‏ أن يبعش عليهم ملكاً‏ يقاتلون تحت رايته في سسبيل االله،‏ ولكن نبيهم الذي<br />

يعرف طباعهم قال لهم چٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦڦ ڦ ڄ<br />

ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چڇ ڇ ڇ ڇ ڍ<br />

ڍ ڌ ڌ ڎڎچ وأخبرهم نبيهم أن االله قد بعش عليهم طالوت ملكاً‏ فاعترضضوا<br />

بأنهم چں ں ڻچ وأنه چڻ ڻ ڻ ۀ ۀہچ فقال لهم نبيهم إن االله<br />

اصطفاه عليهم وزاده بسسطة في العلم والجسسم.‏<br />

وتولى القاءد الموءمن طالوت المُلك على بني إسراءيل،‏ وكان ذلك حوالي ١٠٢٥ ق.م،‏<br />

وتسسميه الروايات الٕسراءيلية ‏“شاوءول”,‏ وتسساقط أتباعه في الاختبار عندما ابتلاهم<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٦


صصراع الهق والباطل<br />

االله بنهر،‏ ومنعهم من الشرب منه چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ<br />

ڦڦچ ثم تسساقط الكشير من القليل الذي بقي في الاختبار التالي عندما رأوا جالوت<br />

وجنوده فقالوا چڃ ڃ ڃ چ چ چچ ولم تشبت في النهاية إلا ثلة<br />

قليلة موءمنة،‏ أعطاها االله سسبهانه النصر،‏ وقتل داود ‏-وكان فتى في هذه المعركة-‏<br />

جالوت بالمقلاع . ٦٨<br />

ولا نعرف بعد ذلك ما حصل يقيناً‏ لطالوت،‏ غير أن الروايات الٕسراءيلية تذكر أنه<br />

في ١٠٠٤ ق.م تقريباً‏ اسستطاع الفلسسطيون الانتصار على طالوت ‏“شاوءول”‏ في معركة<br />

جلبوع،‏ وأنهم قتلوا ثلاثة من أبناءه،‏ وأكرهوه على الانتهار وقطعوا رأسسه،‏ وسسمّروا<br />

جسسده وأجسساد أولاده على سسور مدينة بيت ششان ‏“بيسسان”‏ . ٦٩<br />

وبتولي داود الهُكم بعد طالوت ١٠٠٤ ق.م،‏ ينفته فصل جديد في تاريخ بني<br />

إسراءيل وفي انتششار وسسيطرة دعوة التوحيد على الٔرضض المباركة.‏ إذ يُعدّ‏ داود<br />

الموءسسسس الهقيقي لمملكة بني إسراءيل في فلسسطين،‏ فقد قضضى اليهود الفترة التي سسبقت<br />

داود دون أن يملكوا سسوى سسلطان ضضئيل في أجزاء محدودة من فلسسطين،‏ ودون أن<br />

يسستطيعوا أن يكونوا سسادتها...،‏ ومضضى جميع عصر القضضاة في القتال الجزءي بجماعات<br />

صغيرة،‏ حيش تُدافع كل جماعة ‏(قبيلة)‏ بمششقة عن قطعة الٔرضض التي اسستولت عليها . ٧٠<br />

ولد داود في بيت لهم،‏ واسستمر حكمه أربعين عاماً‏ تقريباً‏ (١٠٠٤-٩٦٣ ق.م)‏<br />

وكانت عاصمة حكمه في البداية مدينة الخليل حيش مكش فيها سسبع سسنوات،‏ ثم إنه فته<br />

القدسس حوالي ٩٩٥ ق.م فنقل عاصمته إليها،‏ وواصل حربه ضضدّ‏ الٔقوام الكافرة في<br />

الٔرضض المقدسسة حتى تمكن من إخضضاعها ٩٩٠ ق.م تقريباً،‏ وأجبر دمششق على دفع<br />

الخراج،‏ وأخضضع الموءابيين والٔيدوميين والعمونيين . ٧١ وهكذا سسيطر أتباع التوحيد،‏ في<br />

ذلك الزمان،‏ على معظم أنهاء فلسسطين.‏ غير أن حدود مملكة داود في أغلب الظن لم<br />

تلامسس البهر إلا من مكان قريب من يوبا ‏“يافا”،‏ ويبدو أن حدود المملكة الٕسراءيلية<br />

في أوْجِ‏ ها كانت ١٢٠ ميلاً‏ (١٩١ كيلو متراً)‏ في أطول أطوالها و‎٦٠‎ ميلاً‏ (٩٧ كيلو متراً)‏<br />

في أعرضض عرضضها،‏ وأقل من ذلك بكشير في أغلب الٔحيان،‏ أي أن مسساحتها لم تزد عن<br />

٧٢٠٠ ميل مربع أي حوالي ١٩ ألف كم ، ٢ وهذا أقل من مسساحة فلسسطين الهالية بهوالي<br />

ثمانية آلاف كم . ٢ لقد سسيطر اليهود على المناطق المرتفعة لكنهم أخفقوا في السسيطرة<br />

على السسهول وخصوصاً‏ أجزاء كبيرة من السساحل الفلسسطيني،‏ وهي أجزاء لم تتم<br />

لدولتهم السسيطرة عليها إطلاقاً‏ طوال قيامها . ٧٢<br />

٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وإذا كان يهود هذا الزمان يفاخرون بداود ويعدّون أنفسسهم حاملي لواءه<br />

وميراثه،‏ فإن المسسلمين يعدّون أنفسسهم أحق بداود من بني إسراءيل،‏ وهم يوءمنون به<br />

نبياً‏ من أنبياء االله،‏ ويهبونه ويكرمونه،‏ ويفاخرون به لٔنه أنششأ‏ دولة الٕيمان القاءمة<br />

على التوحيد في فلسسطين،‏ وهم السساءرون على دربه الهاملون لرايته في هذا الزمان بعد<br />

أن نكص‏ عنها بنو إسراءيل،‏ وكفروا وأشركوا،‏ ونقضضوا عهودهم مع االله.‏<br />

ونعلم من القرآن الكريم أن االله سسبهانه قد رزق داود العلم والهكمة،‏ وأنزل عليه<br />

الزبور،‏ وأنه أوتي ملكاً‏ قوياً،‏ وأن الجبال والطيور كانت تسسبه معه،‏ وتذكر االله عندما<br />

كان يتلو مزاميره بصوته الخاششع الموءثر چٻ پ پ پ پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ<br />

ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ<br />

ڦ ڦ ڄ ڄچ ، ٧٣ چئې ئې ئى ئى ئى ی ی ی ی ئج<br />

ئح ئم ئى ئي بج بح بخبمچ . ٧٤ وألانَ‏ االله سسبهانه لداود الهديد فكان بين يديه<br />

كالششمع أو كالعجين يششكله كيف ششاء دون حاجة لصهره في النار،‏ وهذه معجزة أعطاها<br />

االله لداود.‏ وكان داود،‏ بالرغم مما أوتي من ملك،‏ يعمل بالهدادة،‏ ولا يأكل إلا من عمل<br />

يده.‏ وقد طور داود صناعة الدروع في زمانه،‏ فبعد أن كان الدرع صفيهة واحدة تشقل<br />

حاملها،‏ وتعيق حركته هداه االله إلى أن تكون حلقاً‏ متداخلة تسسهل الهركة،‏ ولا تنفذ منها<br />

السسهام...‏ چۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋۅ ۅ ۉ ۉچ ، ٧٥<br />

چ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ ژ ژ ڑ ڑک ک ک ک گ گ گ گ<br />

ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱڱ ڱ ں ں ڻ ڻچ . ٧٦<br />

وورش سسليمان \ أباه داود في العلم والهكم والنبوة،‏ وتششير الروايات إلى أن<br />

سسليمان كان واحداً‏ من ١٩ ابناً‏ لداود،‏ وأن سسليمان ولد في القدسس،‏ وأن حكمه في الٔرضض<br />

المباركة اسستمر حوالي أربعين عاماً‏ (٩٦٣-٩٢٣ ق.م)‏ . ٧٧ وقد وهب االله سسبهانه<br />

سسليمان ملكاً‏ لا يهصل لٔحد بعده،‏ فقد سسخر االله له الجن لخدمته،‏ كما سسخر له الريه<br />

تجري بأمره،‏ واششتهر سسليمان بهكمته وعدله وقوة سسلطانه،‏ كما علمه االله لغة الطير<br />

والهيوانات.‏<br />

لقد كان ملك سسليمان بهد ذاته معجزة ربانية أعطاها االله له دلالة على نبوته،‏ وقد<br />

نعمت فلسسطين بهذا الهكم الٕيماني المعجزة الذي تدعمه قوى الجن والٕنسس والطير<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٨


صصراع الهق والباطل<br />

والريه،‏ وكرم االله سسليمان بمعجزة إسسالة النهاسس له حتى كان يجري كأنه عين ماء<br />

متدفقة من الٔرضض.‏ وششهدت مملكة سسليمان حركة بناء وعمران ضضخمة،‏ كما امتد نفوذه<br />

ليصل مملكة سسبأ‏ في اليمن.‏<br />

ولقد جاء ذكر سسليمان مرات عديدة في القرآن الكريم مششيراً‏ إلى علمه وملكه ونبوته،‏<br />

قال تعالى متهدثاً‏ عن سسليمان چھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇۇ ۆ<br />

ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ئا<br />

ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ئى ئى ی<br />

ی یچ . ٧٨<br />

وقال تعالى چڦ ڦ ڦڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چچ<br />

ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ<br />

ڑچ ، ٧٩ وقال تعالى چڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہہ ہ ھ ھ ھھ ے<br />

ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ<br />

ۉ ې ې ې ې ى ى ئا ئا ئەئە ئو ئو ئۇ ئۇئۆ ئۆ ئۈ<br />

ئۈ ئې ئېچ ، ٨٠ وقال تعالى چې ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە<br />

ئوئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />

٨٢<br />

پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ چ . ٨١ وقد عرفنا من القرآن قصص‏ سسليمان مع النملة<br />

ومع الهدهد ٨٣ ومع بلقيسس ملكة سسبأ‏ ٨٤ حيش انتهى الٔمر بإسسلامها چحم خج خح<br />

خم سج سح سخ سم صح صم ضجچ ، ٨٥ وقصته في القضضاء ببعضض الٔمور ، ٨٦<br />

وقصته في حبه للخيل ورعايته لها . ٨٧<br />

أما في حديش رسسول االله [ فنسستششف منه أن سسليمان كان ذا قوة بدنية هاءلة،‏ وأنه<br />

كان محباً‏ للجهاد في سسبيل االله،‏ وأنه كان له زوجات كشيرات،‏ فعن أبي هريرة ] أن<br />

رسسول االله [ قال:‏ ‏“قال سسليمان:‏ لٔطوفن الليلة على تسسعين،‏ وفي رواية:‏ بمئة امرأة،‏<br />

كلهن تأتي بفارسس يجاهد في سسبيل االله،‏ فقال له الملك:‏ قل إن ششاء االله،‏ فلم يقل ونسسي<br />

فطاف عليهن،‏ فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بششق رجل،‏ وأيم الذي نفسس محمد بيده<br />

لو قال:‏ إن ششاء االله لجاهدوا في سسبيل االله فرسساناً‏ أجمعون”‏ . ٨٨<br />

وكانت وفاة سسليمان \ آية من آيات االله ودرسساً‏ من الدروسس للٕنسس والجن،‏ بأن<br />

الجن لا يعلمون الغيب؛ إذ إن سسليمان وقف يصلي في المهراب وهو متكئ على<br />

٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

عصاه فمات وهو كذلك،‏ ومكش فترة طويلة والجن تعمل تلك الٔعمال الششاقة دون أن<br />

تدري بموته حتى أكلت الٔرضضة عصاه فسسقط على الٔرضض،‏ قال تعالى چئې ئى<br />

ئى ئى ی ی ی ی ئج ئح ئم ئى ئيبج بح بخ بم بى بي تج تح<br />

تخ تم تى تي ثج ثم ثىچ . ٨٩<br />

رابعاً:‏ مملكتا إسسراءيل ويهودا:‏<br />

اسستمر حكم داود وسسليمان حوالي ثمانين عاماً‏ وهو العصر الذهبي الذي حُ‏ كمت فيه<br />

فلسسطين تحت راية التوحيد والٕيمان قبل الفته الٕسسلامي لها.‏<br />

وبعد وفاة سسليمان انقسسمت مملكته إلى قسسمين ششكلا دولتين منفصلتين متعاديتين في<br />

كشير من الٔحيان،‏ وعانتا من الفسساد الداخلي والضضعف العسسكري والسسياسسي والنفوذ<br />

الخارجي،‏ فعند وفاة سسليمان اجتمع ممشلو قباءل بني إسراءيل ال ١٢ في ششكيم ‏“قرب نابلسس”‏<br />

لمبايعة رحبعام بن سسليمان،‏ ولكن ممشلي عشر قباءل اتفقوا على عدم مبايعته؛ لٔنه لم<br />

يعدهم،‏ حسسب الروايات،‏ بتخفيف الضراءب،‏ وانتخبوا بدلاً‏ منه ‏“يربعام”‏ من قبيلة<br />

أفرايم ملكاً،‏ وأطلقوا اسسم ‏“إسراءيل”‏ على مملكتهم،‏ وعاصمتهم ششكيم ‏(ثم ترزة ثم<br />

السسامرة).‏ أما قبيلتا يهودا وبنيامين فقد حافظتا على ولاءهما لرحبعام بن سسليمان<br />

،Rehoboam ben Solomon وكوّنتا تحت حكمه مملكة ‏“يهودا“‏ وعاصمتها القدسس . ٩٠<br />

أما مملكة ‏“إسراءيل”‏ فقد اسستمرت خلال الفترة ٩٢٣-٧٢١ ق.م،‏ وقد سسمتها<br />

داءرة المعارف البريطانية ازدراء ‏“المملكة الذيلية”،‏ وقد خسرت بسسبب غزو الدمششقيين<br />

كل الٔراضضي الواقعة شرقي الٔردن وششمال اليرموك.‏ وكان ‏“عمري”‏ أششهر ملوك<br />

مملكة إسراءيل ٨٨٥-٨٧٤ ق.م بني السسامرة،‏ وجعلها عاصمته،‏ أما خليفته<br />

‏“آخاب”‏ ٨٧٤-٨٥٢ ق.م،‏ فقد سسمه لزوجته ‏“إيزابل”‏ بنت ملك صيدا وصور<br />

بفرضض عبادة الٕله الفينيقي ‏“بعل”‏ مما أدى إلى ثورة قام بها أحد الضضباط واسسمه<br />

‏“ياهو”‏ أطاحت بآخاب،‏ وأعاد عبادة يهوه .Yahweh<br />

وفي عهد ‏“يربعام الشاني”‏ ٧٨٥-٧٤٥ ق.م وهو الشالش من سسلالة ياهو توسسعت<br />

مملكته ششمالاً‏ على حسساب الٓراميين،‏ لكن ذلك لم يسستمر طويلاً؛ إذ أدى ظهور الملك<br />

الٓششوري ‏“تجلات بلسر َّ الشالش”‏ ٧٤٥-٧٢٧ ق.م إلى الهد من هذا التوسسع،‏ وقام<br />

خليفته ‏“ششلمنصر الخامسس”،‏ ومن بعده ‏“سرجون الشاني”‏ بتأديب ‏“هوششع”‏ آخر<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٠


صصراع الهق والباطل<br />

ملوك إسراءيل،‏ وقضضى على دولته سسنة ٧٢١ ق.م.‏ وقام الٓششوريون بنقل سسكان<br />

إسراءيل إلى حران والخابور وكردسستان وفارسس وأحلوا مكانهم جماعات من الٓراميين.‏<br />

ويظهر أن المنفيين الٕسراءيليين اندمجوا تماماً‏ في الششعوب المجاورة لهم في المنفى،‏ فلم<br />

يبقَ‏ بعد ذلك أثر للٔسسباط العشرة من بني إسراءيل . ٩١<br />

أما مملكة ‏“يهودا”‏ ٩٢٣-٥٨٦ ق.م فهسسب الروايات الٕسراءيلية ‏(وهي توءخذ<br />

بتفهص‏ وحذر؛ حيش لا يوجد بين أيدينا ما ينفي أو يشبت الكشير مما فيها)‏ فقد انتشرت<br />

في حكم يربعام بن سسليمان ٩٢٣-٩١٦ ق.م العبادة الوثنية،‏ وفسسدت أخلاق القوم<br />

بششيوع اللواط،‏ وعندما خلفه ابنه ‏“أبيام”‏ ٩١٥-٩١٣ ق.م بقيت الٔخلاق فاسسدة...،‏<br />

وعندما حكم يهورام بن يهوششفاط ٨٤٩-٨٤٢ Jehoram ben Jehoshafat ق.م قَتَل<br />

إخوته السستة مع جماعة من روءسساء القوم...،‏ أما يوحاز بن يوتام ٧٣٥-٧١٥ ق.م،‏<br />

فيُقال أنه علق قلبه بهب الٔوثان حتى إنه ضضهى بأولاده على مذابه الٓلهة الوثنية،‏ وأطلق<br />

لنفسسه عنان الششهوات والشرور.‏ وأما منسسي بن حزقيا Manasseh ben Hezekiah<br />

الذي حكم ٦٨٧-٦٤٢ ق.م فيُقال أنه أضضلّ‏ قومه عن عبادة االله،‏ وأقام معابد وثنية . ٩٢<br />

ولسسنا نسستغرب هذا عن بني إسراءيل فتلك أخلاقهم مع موسسى \ تششهد بذلك،‏<br />

كما أن القرآن الكريم يششير إلى أنهم غيروا وبدلوا وحرفوا كلام االله وقتلوا الٔنبياء<br />

چئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈئۈ ئې ئې ئې ئى ئى ئى<br />

ی ی ی ی ئجچ . ٩٣ ويهدثنا التاريخ أنهم قتلوا النبي ‏“حزقيال”‏<br />

حيش قتله قاضض ‏ٍمن قضضاتهم،‏ لٔنه نهاه عن منكرات فعلها؛ وأن الملك منسسي ‏)بن حزقيا(‏<br />

قتل النبي أششعيا بن أموص،‏ إذ أمر بنشره على جذع ششجرة،‏ لٔنه نصهه ووعظه؛ وأن<br />

اليهود قتلوا النبي إرميا رجماً‏ بالهجارة،‏ لٔنه وبخهم على منكرات فعلوها . ٩٤<br />

ويظهر أن مملكة يهودا قد اعترتها عوامل الضضعف والوقوع تحت النفوذ الخارجي<br />

فترات طويلة،‏ فقد هوجمت مرات عديدة وهزمت،‏ ودخل المهاجمون القدسس نفسسها،‏ كما<br />

فعل ششيششق فرعون مصر عندما دخل القدسس واسستولى على ما فيها ‏(أواخر القرن ١٠ ق.م)،‏<br />

وهاجم الفلسسطينيون والعرب القدسس في عهد يهورام ٨٤٩-٨٤٢ ق.م فدخلوها<br />

واسستولوا على قصر يهورام وسسبوا بنيه ونسساءه،‏ أما الملك حزقيا ٧١٥-٦٨٧ ق.م<br />

فقد اضضطر لٕعلان خضضوعه التام لملك الٓششوريين سرجون الشاني بعد أن أسسقط مملكة<br />

إسراءيل.‏<br />

٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ودفع منسسي بن حزقيا الجزية ل“أسرحدون”‏ Esarhaddon و“آششور بانيبال”‏<br />

Ashurbanipal ملكي آششور...،‏ وقد قيد الٓششوريون هذا الملك بسسلاسسل من نهاسس،‏<br />

وذهبوا به إلى بابل،‏ ثم عاد للقدسس ومات بها.‏ وأيام حكم ‏“يوششيا بن آمون“‏<br />

٦٤٠-٦٠٩ ق.م تقدم فرعون مصر ‏“نخاو”‏ إلى فلسسطين،‏ حيش هزم يوششيا،‏ وأرسسله<br />

لمصر أسسيراً؛ حيش مات هناك،‏ ووضضع مكانه ‏“يهوياقيم بن يوششيا”‏ ٦٠٩-٥٩٨ ق.م،‏<br />

وقد أرهق هذا الهاكم الششعب بالضراءب ليدفع الجزية لسسيده المصري،‏ ورجع إلى عبادة<br />

الٔوثان.‏ وفي أيام يهوياقيم هزم نبوخذ نصر ‏“بختنصر”‏ Nebuchadnezzar البابلي<br />

‏“نخاو”‏ المصري ششمال سسورية ٦٠٥ ق.م،‏ وزحف إلى أن وصل للقدسس،‏ وأخضضع<br />

يهوياقيم وأذله،‏ وأدخل البلد تحت نفوذه،‏ ولما ثار يهوياقيم على بختنصر دخل الٔخير<br />

وجيششه القدسس،‏ وقيد يهوياقيم بسسلاسسل من نهاسس؛ حيش مات بعد مدة . ٩٥<br />

وعندما حكم يهوياكين ٥٩٨-٥٩٧ ق.م حاصر بختنصر القدسس،‏ وأَخَ‏ ذَ‏ الملك<br />

يهوياكين مع عاءلته وروءسساء اليهود وحوالي عشرة آلاف من سسكانها ‏(فيما يعرف<br />

بالسسبي الٔول)‏ وبعضض خزاءن الهيكل إلى بابل،‏ ثم إن بختنصر عين َّ صدقيا<br />

بن يوششيا ٥٩٧-٥٨٦ Zedekiah son of Josiah ق.م حيش أقسسم له يمين الولاء،‏<br />

غير أن صدقيا ثار في آخر حكمه على البابليين،‏ الذين ما لبشوا أن زحفوا للقدسس<br />

وحاصروها ١٨ ششهراً‏ حتى أسسقطوها،‏ وأُخذ صدقيا أسسيراً‏ وربط بسسلاسسل من<br />

نهاسس وسسيق إلى بابل؛ حيش يُذكر أنه قُتل أبناوءه أمامه ُ وسملت عيونه،‏ وخرب نبوخذ<br />

نصر القدسس،‏ ودمر الهيكل ونهب الخزاءن والثروات،‏ وجمع حوالي ٤٠ ألفاً‏ من<br />

اليهود وسسباهم إلى بابل ‏(السسبي البابلي الشاني)‏ وهاجر من بقي من يهود إلى مصر<br />

ومنهم النبي إرميا.‏ وبذلك سسقطت مملكة يهودا ٥٨٦ ق.م . ٩٦<br />

ويسسجل التلمود أن سسقوط دولة اليهود وتدميرها لم يكن إلا ‏“عندما بلغت ذنوب<br />

بني إسراءيل مبلغها،‏ وفاقت حدود ما يطيقه الٕله العظيم،‏ وعندما رفضضوا أن ينصتوا<br />

لكلمات وتحذيرات إرميا”.‏ وبعد تدمير الهيكل،‏ وجه النبي إرميا كلامه إلى نبوخذ نصر<br />

قاءلاً:‏ ‏“لا تظن أنك بقوتك وحدها اسستطعت أن تتغلب على ششعب االله المختار،‏ إنها ذنوبهم<br />

الفاجرة التي سساقتهم إلى هذا العذاب”‏ . ٩٧<br />

وتششير التوراة إلى آثام بني إسراءيل التي اسستهقوا بسسببها سسقوط مملكتهم،‏<br />

فتذكر على لسسان أششعيا،‏ وهو أحد أنبياءهم قوله ‏“ويل للٔمة الخاطئة،‏ الششعب الشقيل<br />

الٓثم،‏ نسسل فاعلي الشر،‏ أولاد مفسسدين تركوا الرب،‏ اسستهانوا بقدوسس إسراءيل،‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٢


صصراع الهق والباطل<br />

ارتدوا إلى وراء”‏ سسفر أششعيا - الٕصهاه الٔول (٤)، وتقول التوراة ‏“والٔرضض<br />

تدنسست تحت سسكانها؛ لٔنهم تعدوا الشراءع،‏ غيروا الفريضضة،‏ نكشوا العهد الٔبدي”‏<br />

سسفر أششعيا - الٕصهاه (٥). ٢٤<br />

خامسساً:‏ تداول الهيمنة الفارسسية والٕغريقية<br />

والرومانية على فلسسطين:‏<br />

عاشش اليهود بعد سسقوط ملكهم في فلسسطين مرحلة ‏“السسبي البابلي”‏ في العراق،‏ وهي<br />

الفترة التي يظهر أنهم بدأوا فيها بتدوين التوراة،‏ أي بعد ما لا يقل عن ٧٠٠ سسنة من<br />

ظهور موسسى \، ولم ينتهوا من تدوينها إلا أواخر القرن الشاني ق.م ‏(بعد أكثر من<br />

٤٠٠ سسنة)‏ وخلال هذه الفترة كان اليهود قد تركوا الالتزام بدينهم،‏ وقلدوا الدول التي<br />

يعيششون فيها بعبادة الٔوثان.‏<br />

ولاحت الفرصة لليهود للعودة مرة أخرى إلى فلسسطين عندما أسسقط الٕمبراطور<br />

الفارسسي قورشش الشاني Cyrus II الدولة البابلية الكلدانية ٥٣٩ ق.م بمسساعدة يهودية،‏<br />

وانتصر على ميديا،‏ ومد َّ نفوذه إلى فلسسطين التي دخلت في عصر السسيطرة الفارسسية<br />

٥٣٩-٣٣٢ ق.م،‏ فقد سسمه قورشش بعودة اليهود إلى فلسسطين كما سسمه لهم بإعادة<br />

بناء الهيكل في القدسس،‏ غير أن القليل من اليهود انتهزوا الفرصة؛ لٔن الكشير من السسبي<br />

أعجبتهم الٔرضض الجديدة،‏ ولكن القلة المتششددة التي عارضضت الاندماج حفظت<br />

بني إسراءيل من الاندثار.‏<br />

ويذكر أحد الموءرخين أن عدد الراجعين كانوا ٤٢ ألفاً‏ وهم أقلية بالنسسبة للعدد<br />

الهقيقي.‏ وقام هوءلاء اليهود ببناء الهيكل؛ حيش اكتمل بناوءه في ٥١٥ ق.م،‏ وفي منطقة<br />

القدسس تمتع اليهود بنوع من الاسستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسسية،‏ وهو حكم لم<br />

يكن يتجاوز نصف قطره عشرين كيلو متراً‏ في أي اتجاه ‏(أي ما لا يزيد عن ١٢٥٧ كم ، ٢<br />

وهو أقل من ٥٪ من مسساحة فلسسطين)‏ . ٩٨<br />

وفي ٣٣٢ ق.م احتل الٕسسكندر المقدوني Alexander III of Macedon فلسسطين في<br />

إطار حملته الششهيرة التي احتل خلالها بلاد الششام ومصر والعراق وإيران وأجزاء من<br />

الهند،‏ وقد ترك الٕسسكندر اليهود دون أن يمسسهم،‏ ومنذ ذلك التاريخ دخلت فلسسطين في<br />

عصر السسيطرة الهللينية الٕغريقية الذي اسستمر حتى ٦٣ ق.م.‏<br />

٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وبعد موت الٕسسكندر نششب نزاع بين قادته أدى إلى توزيع مملكته بينهم فكانت<br />

فلسسطين ‏(وباقي سسورية المجوفة من جنوب اللاذقية ولبنان وأجزاء من سسورية<br />

كدمششق)‏ ومصر وبرقة ‏(ليبيا)‏ وبعضض جزر البهر الٕيجي من نصيب القاءد بطليموسس<br />

الٔول ،Ptolemy I Soter وسسمي حكمه وحكم خلفاءه من بعده ب”عصر البطالمة“‏ وقد<br />

اسستمر في فلسسطين من ٣٠٢-١٩٨ ق.م،‏ وقد عطف البطالمة على اليهود الذين كان يدير<br />

شوءونهم ‏“الكاهن الٔكبر”.‏ ثم إن السسلوقيين ‏(الذين كان نصيبهم بعد وفاة الٕسسكندر<br />

سسورية الششمالية وآسسيا الصغرى والرافدين والهضضبة الٕيرانية)‏ اسستطاعوا السسيطرة<br />

على فلسسطين إثر معركة بانيون Paneion التي حقق فيها الملك السسلوقي أنطيوخوسس<br />

الشالش Antiochus III the Great نصراً‏ كاملاً‏ على البطالمة،‏ وقد اسستمرت سسيطرة<br />

السسلوقيين على فلسسطين حتى ٦٣ ق.م . ٩٩<br />

وقد حاول السسلوقيون صبغ اليهود بالصبغة الهللينية الٕغريقية،‏ فهاول أنطيوخوسس<br />

الرابع Antiochus IV Epiphanes صرف اليهود عن دينهم وأرسسل في ١٦٧ ق.م أحد<br />

قادته وكلفه إلغاء الطقوسس الدينية اليهودية والاسستعاضضة بالٕله زيوسس Zeus الٔوليمبي<br />

عن الٕله يهوه،‏ وعين َّ لهم كاهناً‏ إغريقياً‏ وثنياً‏ في القدسس،‏ وحر َّم الختان،‏ واقتناء الٔسسفار<br />

المقدسسة،‏ وأوجب أكل لهم الخنزير،‏ وبموجب هذه الٔوامر انقسسم اليهود إلى قسسمين:‏<br />

قسسم انصرف عن الشريعة مقتنعاً‏ أو مكرهاً‏ وهم ‏“المتهلنون”‏ أو ‏“المتأغرقون”‏ وأقاموا<br />

في القدسس والمدن الٕغريقية،‏ وقسسم آخر أقل عدداً‏ هربوا من القدسس،‏ وأطلق عليهم اسسم<br />

‏“حزب القديسسين”.‏ وبششكل عام تأثر اليهود بالٕغريقية فهلت الٓرامية محل العبرية،‏<br />

وأصبهت اليونانية لغة الطبقة المشقفة،‏ ونششأ‏ في اليهود جماعة تناصر اليونانيين تمكنوا<br />

من الوصول للهكم بقيادة كبير الكهنة جيسسون . ١٠٠ Jason<br />

أما الذين هربوا من القدسس ‏“حزب القديسسين”‏ فقد اعتمدوا لقيادتهم متاثياسس ‏(متاييه)‏<br />

كبير عاءلة الٔششمونيين،‏ والذي مات بعد فترة قصيرة،‏ فخلفه ابنه يهوذا الملقب ‏“المكابي”‏<br />

أي المطرقة،‏ وقد ثار على السسلوقيين وانتصر عليهم أكثر من مرة ١٦٦-١٦٥ ق.م،‏ وانضضم<br />

إليه قسسم كبير من المترددين اليهود.‏ وهذا دفع أنطيوخوسس الرابع لٕيقاف اضضطهاد<br />

اليهود فسسمه لهم بممارسسة دينهم جنباً‏ إلى جنب مع أنصار التأغرق.‏ وعاد ‏“المكابيون“‏<br />

إلى القدسس في ١٦٤/١/٢٥ ق.م،‏ وما زال اليهود يهتفلون بهذه المناسسبة تحت اسسم عيد<br />

الٔنوار ‏“حانوكا”‏ . ١٠١ Hanukkah<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٤


صصراع الهق والباطل<br />

تأسسسس لليهود بعد ذلك حكم ذاتي في القدسس أخذ يتسسع أو يضضيق وتزداد مظاهر<br />

اسستقلاله أو تضضعف حسسب صراع القوى الكبرى على فلسسطين ‏(الرومان،‏ البطالمة،‏<br />

السسلوقيين...).‏ وأصبه الهكم وراثياً‏ في ذرية يهودا المكابي،‏ وقد حكم المكابيون ك”كبار<br />

كهنة”،‏ وسرعان ما سسموا أنفسسهم ملوكاً‏ على الرغم من أنهم كانوا تابعين،‏ ويدفعون<br />

الخراج للسسلوقيين،‏ وفي ١٤٣ ق.م أعفى الٕمبراطور ديمتريوسس الشاني Demetrius II<br />

اليهود من الضراءب،‏ وأعطى لقب حاكم ل”سسيمون”‏ Simon واتفق اليهود على اعتباره<br />

ملكهم،‏ وبذلك تأسسسس حكم ملكي اعترف به السسلوقيون الذين ‏“أعطوا سسيمون أيضضاً‏ حق<br />

صك النقود”‏ . ١٠٢<br />

وفي عهد الملك اليهودي ألكسسندر جانيوسس ١٠٣-٧٦ Alexander Jannaeus ق.م<br />

ششمل حكمه شرق الٔردن الذي سسماه اليهود بيريا،‏ وتوغل إلى السساحل أيضضاً،‏ وكادت<br />

حدود مملكته تلامسس حدود مملكة سسليمان.‏ وقد حكمت بعده أرملته سسالوم ألكسسندرا<br />

Alexandra Salome حتى ٦٧ ق.م،‏ ثم تخاصم ابناها على الهكم،‏ وتدخل العرب الٔنباط<br />

في مسساعدة هيركانوسس الشاني Hyrcanus II ضضدّ‏ أخيه أريسستوبولوسس .Aristobulus<br />

وفي ٦٣ ق.م قضضى القاءد الروماني الششهير بومبي Pompey على ‏“الدويلة”‏ اليهودية،‏<br />

َّ ونصب هيركانوسس الشاني كبيراً‏ للكهنة،‏ وحط َّ م أسسوار القدسس،‏ وبتر الٔجزاء الٔخرى من<br />

أيدي اليهود،‏ وأبقى على اسستمرار الٔسرة المكابية في ظلّ‏ الرومان . ١٠٣<br />

وفي الفترة ٤٧-٤٠ ق.م دخلت ‏“المسستعمرة”‏ اليهودية تحت سسيطرة حاكم<br />

أيدومية ‏“أنتي بيتر”‏ Antipater I the Idumaean وفي ٤٠ ق.م هاجم الفرسس فلسسطين<br />

ونصبوا ‏“أنتي جونوسس”‏ Antigonus أخو ‏“هركانوسس الشاني”‏ حاكماً‏ وكبيراً‏ للكهنة،‏<br />

حيش اسستمر حكم ‏“أنتي جونوسس”‏ ثلاش سسنوات،‏ وكان هو آخر حكام الٔسرة المكابية.‏<br />

وفي ٣٧ ق.م انتصر الرومان على الفرسس،‏ واسستعادوا السسيطرة على فلسسطين،‏<br />

ونصبوا هيردوسس Herod بن أنتي بيتر حاكماً،‏ وبالرغم من أن هيردوسس قد تهوّد،‏<br />

وحاول اسسترضضاء اليهود إلا أنه كان مبغوضضاً‏ من قبلهم،‏ وكان هو بششكل عام طاغية<br />

ظالماً‏ ششديد الولاء للرومان،‏ وقد قام بتجديد الهيكل فضضاعف مسساحته ورفع سسطهه<br />

وجعله على جانب عظيم من الٕتقان والهندسسة . ١٠٤<br />

اسستمر حكم هيردوسس حتى سسنة ٤ ق.م،‏ وعاصره من الٔنبياء زكريا وابنه يهيى<br />

كما عاصرته مريم بنت عمران ، وفي آخر أيامه ولد المسسيه \.<br />

٣٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

كان زكريا \ يعمل نجاراً،‏ وقد تولى كفالة مريم بنت عمران،‏ ورزقه االله سسبهانه<br />

ولداً‏ هو يهيى \، بعد أن بلغ الكبر وكانت امرأته عاقراً.‏ وكان لزكريا ويهيى جهود<br />

كبيرة في دعوة بني إسراءيل للهداية والهق.‏ وقد جاءت البششارة بيهيى بأنه سسيكون<br />

چڄ ڄ ڄ ڄ ڃچ ، ١٠٥ أي يسسود قومه ويفوقهم ويهبسس نفسسه عن<br />

الششهوات عفة وزهداً‏ ويكون نبيا‎١٠٦ً‎ . فلما ولد يهيى وبلغ السسن الذي يوءمر فيه،‏ قال<br />

له تعالى چٱ ٻ ٻ ٻٻچ ، ١٠٧ أي خُ‏ ذ ما في كتاب االله بجد واجتهاد،‏ وآتاه<br />

االله الهكمة ورجاحة العقل منذ صغره چپ پ پچ . ١٠٨ وقام يهيى بواجبه<br />

في الدعوى والٔمر بالمعروف والنهي عن المنكر،‏ وقد اششتهر في الٔدبيات المسسيهية باسسم<br />

‏“يوحنا المعمدان”؛ والمعمدان نسسبة إلى ما ذُكر أنه كان يُعم ِّد الناسس ‏(يغسسلهم بالماء)‏<br />

لتطهيرهم من الخطايا،‏ وكان يهيى يبشر بقدوم المسسيه \.<br />

وقد دفع يهيى \ حياته ثمناً‏ لموقفه الصلب من رغبة هيردوسس بالزواج من ابنة<br />

أخيه ‏(وقيل ابنة أخته)‏ حين أنكر ذلك،‏ وكانت هذه الفتاة واسسمها ‏“هيروديا”‏ بارعة<br />

الجمال،‏ فهقدت أم الفتاة والفتاة على يهيى،‏ وتزينت البنت،‏ ودخلت على هيردوسس<br />

فرقصت أمامه حتى ملكت مششاعره،‏ فطلب منها أن تتمنى فتمنت رأسس يهيى،‏ فاسستجاب<br />

لها وقتل يهيى وقدم رأسسه على طبق هدية لها ١٠٩ چٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ<br />

ڦ ڦچ . ١١٠<br />

ولم يكتفِ‏ هيردوسس بجريمته هذه؛ إذ إنه قتل زكريا \ أيضضاً؛ حيش نشره<br />

بالمنششار؛ لٔنه دافع عن ابنه يهيى،‏ وعارضض صهة الزواج لمانع القرابة . ١١١<br />

وكانت أمها قد نذرتها<br />

أما مريم،‏ سسيدة نسساء العالمين،‏ فقد ولدت قبل يهيى<br />

وهي جنين في بطنها في سسبيل االله چئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې<br />

ئېچ ١١٢ واصطفى االله مريم چڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ<br />

ھ ھ ھ ھچ . ١١٣<br />

وقدر االله سسبهانه أن يجري معجزته العظيمة بأن تلد مريم ابنها المسسيه من دون<br />

أب،‏ وأن يتم ذلك بكلمة من االله ‏“كن”،‏ ونقف هنا لنقرأ‏ النص‏ القرآني الموجز المعجز<br />

حول قصة المسسيه ورسسالته چئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې<br />

ئې ئى ئى ئى ی ی ی ی ئج ئح ئم ٱ ٻ ٻ ٻ<br />

ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺٿ ٿ ٿ ٿ<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٦


صصراع الهق والباطل<br />

ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ<br />

ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ڌ ڎ ڎ<br />

ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک کک گ گ گ گ<br />

ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ<br />

ہ ھ چ . ١١٤<br />

ولد عيسسى بن مريم حوالي ٤ ق.م في بيت لهم،‏ وتذكر الروايات أن مريم هربت<br />

بعيسسى مع يوسسف ‏“النجار”‏ إلى مصر خوفاً‏ على ابنها من ظلم هيرودسس وبطششه،‏ ثم<br />

ما لبشوا أن عادوا بسرعة إلى مدينة الناصرة؛ حيش عاشش طفولته وششبّ‏ على عوده هناك،‏<br />

ولذلك عرف باسسم ‏“يسسوع الناصري”‏ وسسمي أتباعه ‏“النصارى”‏ . ١١٥<br />

لقد كان عيسسى بن مريم آية من آيات االله حسسم حقيقة أمره أمام الناسس وهو رضضيع<br />

في مهده،‏ فأكد أنه عبد االله وبشرهم بنبوته چڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک<br />

گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱچ . ١١٦<br />

وهناك في الٔرضض المباركة فلسسطين قام عيسسى \ بواجب الدعوة إلى االله،‏ وبذل<br />

جهوداً‏ كبيرة في هداية بني إسراءيل،‏ وبشرهم بقدوم خاتم الٔنبياء محمد [ چٿ<br />

ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ . ١١٧ وعلى الرغم من المعجزات التي أجراها االله على يديه وما<br />

تضضمنته رسسالته من حقّ‏ ونور إلا أن بني إسراءيل جهدوا وأنكروا وناصبوه العداء،‏ ولم<br />

يوءمن به إلا عدد ضضئيل.‏<br />

ويذكر التاريخ أنه لما جاء عيد الفصه في ‎٣٠‎م ذهب المسسيه إلى أورششليم ‏(القدسس)‏<br />

وزار الهيكل واسستنكر وجود الصيارفة والباعة ، ١١٨ وفي إنجيل متى (١٢/٢١-١٣)<br />

‏“ودخل يسسوع إلى هيكل االله،‏ وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويششترون في الهيكل،‏<br />

وقلب مواءد الصيارفة وكراسسي باعة الهمام،‏ وقال لهم:‏ مكتوب أن بيتي ‏]هكذا النص[‏<br />

بيت الصلاة يُدعى،‏ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص”‏ . ١١٩<br />

وقد حقد زعماء اليهود والوجهاء على المسسيه،‏ وفي إنجيل لوقا (٤٧/١٩) ‏“وكان يعلّم<br />

كل يوم في الهيكل وكان روءسساء الكهنة والكتبة مع وجوه الششعب يطلبون أن يهلكوه”‏ ، ١٢٠<br />

وسسارع مجلسس اليهود الديني ‏“السسنهدرين”‏ Sanhedrin إلى الاجتماع،‏ وقرر القبضض<br />

على المسسيه،‏ وأصدر في الهال حكماً‏ بإعدامه بتهمة التجديف،‏ والخروج عن الدين،‏ ثم<br />

إنهم سساقوه إلى الوالي الروماني ‏-في ذلك الوقت-‏ بيلاطسس البنطي ،Pontius Pilate الذي<br />

٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

يهق له وحده تنفيذ الٕعدام،‏ ولم يجد هذا جرماً‏ من المسسيه يوجب قتله،‏ فقامت قيامة<br />

خصومه من اليهود،‏ وأخذوا يصرخون بصوت واحد:‏ اصلبه،‏ اصلبه ‏“دمه علينا وعلى<br />

أولادنا”‏ . ١٢١<br />

وقد اضضطر كارهاً‏ إلى الموافقة على إعدامه،‏ غير أن االله سسبهانه أدركه برحمته،‏ فرفعه<br />

إليه في الوقت الذي ظنّ‏ فيه اليهود أنهم قتلوه چڃ چ چ چ چ ڇ ڇڇچ،‏<br />

چڳ ڳ ڳ ڳڱچ . ١٢٢<br />

وطويت هذه الصفهة من تاريخ الصراع بين الهق والباطل على الٔرضض المقدسسة،‏<br />

فقد كذب بنو إسراءيل بآخر نبي أرسسل إليهم،‏ واتهموه بالسسهر وتآمروا عليه.‏<br />

وآمن بعيسسى الهواريون،‏ وأخذوا ينشرون دعوته من بعده،‏ ويلاقون في سسبيلها<br />

الاضضطهاد والٔذى،‏ واسستمر الهواريون في دعوة اليهود،‏ وكانوا يخطبون في الهيكل،‏<br />

ولما تضضاعف عدد النصارى بعد بضضع سسنوات خاف اليهود من انتششار الدعوة،‏ وطلبوا<br />

القبضض على بطرسس Peter وغيره لمهاكمتهم أمام ‏“السسنهدرين”‏ إلا أن المجلسس اكتفى<br />

بجلدهم وأطلق سراحهم،‏ وهرب المهتدون الجدد إلى السسامرة وقيسسارية وأنطاكية<br />

فأنششأوا الجماعات المسسيهية.‏ ووصل بطرسس إلى روما؛ حيش أنششأ‏ جماعة مسسيهية،‏<br />

وكان يركز في دعوته على اليهود،‏ أمّا بولسس Paul فكان يدعو الوثنيين كما يدعو اليهود،‏<br />

واسستخدم في دعوته المصطلهات والمفاهيم الفلسسفية لتفسسير المسسيهية بما يتلاءم مع<br />

الشقافة الهلنسستية السساءدة آنذاك.‏<br />

وانتهى الٔمر ببولسس وبطرسس بأن حكم عليهما بالٕعدام في عهد الٕمبراطور الروماني<br />

نيرون Nerone في ‎٦٤‎م،‏ غير أن رسسالة عيسسى \ ما لبشت أن تعرضضت للتششويه،‏<br />

وما لبش الٕنجيل الذي جاء به أن تعرضض للتهريف،‏ وتأثر أتباعه من بعده بالهضضارة<br />

الهلنسستية ونظام الهكم الروماني،‏ واختلطت دعوتهم بالكشير من التقاليد والطقوسس<br />

والتعاليم السساءدة في البلدان التي انتشرت فيها،‏ فأصبه من السسهل على الششعوب اعتناقها،‏<br />

غير أن المسسيهية لم تنطلق من إطارها المهدود إلا بعد أن آمن بها الٕمبراطور قسسطنطين<br />

Constantine في ‎٣٢٥‎م وأصبهت الديانة الرسسمية للٕمبراطورية الرومانية ، ١٢٣ وقد<br />

اهتم قسسطنطين بفلسسطين،‏ وبنى في القدسس كنيسسة الضريه المقدسس التي أصبهت أعظم<br />

الكناءسس المسسيهية ششأناً،‏ وبنى فوق جبل الزيتون كنيسسة الصعود،‏ وأقام كنيسسة الميلاد<br />

في بيت لهم،‏ وعلى كل حال،‏ فقد دخل أهل فلسسطين في ذلك الوقت في النصرانية إلى أن جاء<br />

الفته الٕسسلامي لها . ١٢٤<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٨


صصراع الهق والباطل<br />

سسادسساً:‏ نهاية الوجود السسياسسي اليهودي في فلسسطين:‏<br />

ونعود مرة أخرى لنرى أحوال بني إسراءيل في فلسسطين بعد صعود المسسيه،‏ فقد<br />

كان الرومان قد بدأوا حكماً‏ مباشراً‏ على القدسس وباقي فلسسطين منذ ‎٦‎م،‏ بعد أن خلعوا<br />

أرخيليوسس الذي خلف أباه هيردوسس لسسوء حكمه،‏ وفي عهد واليهم بيلاطسس البنطي<br />

‎٣٦-٢٦‎م حدثت وقاءع السسيد المسسيه \، وقد ثار اليهود على حكم الرومان في<br />

تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎٦٦‎م في عهد الٕمبراطور نيرون،‏ واسستطاع القاءد العسسكري<br />

الروماني تيتوسس Titus إخماد هذه الشورة في أيلول/‏ سسبتمبر ‎٧٠‎م بعد أن اسستمرت<br />

أربع سسنوات فدخل القدسس بعد حصار ششديد،‏ وأعمل القتل والنهب والهرق،‏ ودمر<br />

الهيكل الذي بناه هيردوسس حتى لم يبقَ‏ حجر على حجر،‏ وأصبهت مدينة القدسس قاعاً‏<br />

صفصفاً،‏ وبيع كشير من الٔسرى عبيداً‏ في أسسواق الٕمبراطورية الرومانية بأبخسس<br />

الٔثمان،‏ وكانت أمنية اليهودي أن يششتريه من يرفق به،‏ فلا يرسسله إلى حلقة المصارعة<br />

مع الوحوشش التي اعتاد الرومان التلذذ بمنظرها وهي تلتهم الناسس،‏ وبنى هذا القاءد<br />

قوسساً‏ في روما بمناسسبة نصره على اليهود،‏ وهو ما يزال قاءماً‏ إلى الٓن،‏ وعليه نقوشش<br />

ذكرى ذلك الانتصار،‏ ويُرى فيه الششمعدان ذو الروءوسس السسبعة المششهور عند اليهود،‏<br />

والذي أخذه من الهيكل . ١٢٥<br />

ثار اليهود مرة أخرى على الرومان بقيادة باركوخبا Bar Kokhba واسسمه الٔصلي<br />

سسيمون Simon واسستمرت ثورتهم ثلاش سسنوات ‎١٣٥-١٣٢‎م،‏ واجتمع تحت لواءه<br />

عدد كبير من اليهود،‏ واسستطاع احتلال القدسس،‏ غير أن الٕمبراطور الروماني هادريان<br />

Hadrian أرسسل جيششاً‏ كبيراً‏ بقيادة جوليوسس سسيفروسس Julius Severus الذي احتل<br />

القدسس ثانية وهزم اليهود،‏ الذين هربوا إلى بت ِّير؛ حيش ما تزال خراءب القلعة التي تحصن<br />

فيها اليهود،‏ وهزموا,‏ وسسماها العرب ‏“خربة اليهود”.‏ وقد نك َّل هادريان بالشاءرين أششد<br />

تنكيل،‏ ودمر ‏“أورششليم”‏ وحرش موقعها الذي كانت قاءمة عليه،‏ وقتل وسسبى أعداداً‏<br />

كبيرة من اليهود،‏ ثم منع اليهود من دخول القدسس والسسكن فيها،‏ بل والدنوّ‏ منها،‏ وسسمه<br />

للمسسيهيين بالٕقامة فيها على ألا يكونوا من أصل يهودي.‏ وأقام هادريان مدينة جديدة<br />

فوق خراءب ‏“أورششليم”‏ سسماها إيليا كابيتولينا،‏ حيش عرفت بعد ذلك ب“إيلياء”‏ وهو<br />

اسسم هادريان الٔول،‏ وأقام هيكلاً‏ وثنياً‏ لٕله الرومان جوبيتر Jupiter على مكان الهيكل<br />

القديم نفسسه . ١٢٦<br />

٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

واسستمر حظر دخول القدسس على اليهود حوالي ٢٠٠ سسنة تالية ، ١٢٧ وندر دخولهم إليها<br />

وإقامتهم فيها طوال القرون التالية حتى القرن ال ١٩. وتشرد بنو إسراءيل في الٔرضض،‏ ولم<br />

يعد لهم في فلسسطين سسوى الذكريات التي أكثرها كفر وفسسق وبغي وقتل للٔنبياء،‏ فكان<br />

جزاوءهم غضضب االله عليهم ولعنته وحرمانهم من الٔرضض المقدسسة وتشردهم في الٔرضض.‏<br />

وفي نهاية هذا الفصل نذكر أهم الخلاصات:‏<br />

• إن سسكان فلسسطين قد جاء معظمهم من جزيرة العرب،‏ وإنهم ظلّوا سسكان هذه<br />

البلاد حتى عصرنا هذا.‏<br />

• إن االله قد وعد بني إسراءيل الٔرضض المقدسسة عندما كانوا مسستقيمين على أمر االله،‏<br />

وعندما كانت تسسوسسهم الٔنبياء،‏ فلما بدلوا وأعرضضوا وكفروا ذهب هذا الهق من<br />

أيديهم.‏<br />

• إن المسسلمين هم أولى من بني إسراءيل بأنبياءهم،‏ وهم الورثة الهقيقيون لتراثهم،‏<br />

ودعوة الٕسسلام هي اسستمرار لدعوة هوءلاء الٔنبياء،‏ وإن الهق الذي سسعوا لتكريسسه<br />

هو الهق الذي يسسعى المسسلمون لتكريسسه.‏<br />

• إن مُلك بني إسراءيل لم يششمل في أي يوم من الٔيام كل فلسسطين المعروفة بهدودها<br />

الهالية،‏ وإن المدة التي حكموا فيها بششكل مسستقل تماماً‏ هي مدة ضضئيلة قياسساً‏ إلى<br />

تاريخ فلسسطين،‏ وإنهم حتى عندما كانت لهم مملكتان كانوا في كشير من الٔحيان<br />

خاضضعين لنفوذ قوى أكبر منهم.‏<br />

• إن الهكم الذاتي الذي تمتع به اليهود بعد عودتهم من السسبي البابلي كان ضضعيفاً‏<br />

ومحدوداً‏ بمنطقة القدسس وضضواحيها،‏ ولم يتمتعوا بعد ذلك إلا باسستقلال محدود<br />

في عهد المكابيين.‏<br />

• إن اليهود بعد ذلك تشردوا في الٔرضض،‏ ولم تعد لهم صلة بفلسسطين لفترة اسستمرت<br />

حوالي ١٩٠٠ سسنة متصلة.‏<br />

وفي الختام نذكر قول ه.ج.‏ ولز H.G. Wells في كتاب موجز تاريخ العالم<br />

A Short History of the World حول تجربة بني إسراءيل في فلسسطين بعد السسبي<br />

البابلي:‏ ‏“كانت حياة العبرانيين ‏]في فلسسطين[‏ تششبه حياة رجل يصر على الٕقامة وسسط<br />

طريق مزدحم،‏ فتدوسسه الهافلات والششاحنات باسستمرار،‏ ومن الٔول إلى الٓخر لم تكن<br />

مملكتهم سسوى حادش طارئ في تاريخ مصر وسسورية وآششور وفينيقية،‏ ذلك التاريخ<br />

الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم”‏ . ١٢٨<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٠


صصراع الهق والباطل<br />

ويذكر الموءرخ المششهور جوسستاف لوبون Gustave Le Bon أن بني إسراءيل عندما<br />

اسستقروا في فلسسطين ‏“لم يقتبسسوا من تلك الٔمم العليا سسوى أخسس ما في حضضارتها،‏ أي لم<br />

يقتبسسوا غير عيوبها وعاداتها الضضارة ودعارتها وخرافاتها،‏ فقربوا لجميع آلهة آسسيا،‏<br />

قربوا لعششتروت ولبعل ولمولوخ من القرابين ما هو أكثر جداً‏ مما قربوه لٕله قبيلتهم<br />

يهوه العبوسس الهقود،‏ الذي لم يشقوا به إلا قليلاً”‏ ويقول:‏ ‏“اليهود عاششوا عيشش الفوضضى<br />

الهاءلة على الدوام تقريباً‏ ولم يكن تاريخهم غير قصة لضروب المنكرات...”...‏ ‏“إن تاريخ<br />

اليهود في ضروب الهضضارة صفر...‏ و(هم)‏ لم يسستهقوا أن يعدوا من الٔمم المتمدنة بأي<br />

وجه”،‏ ويقول غوسستاف لوبون أيضضاً‏ ‏“وبقي بنو إسراءيل حتى في عهد ملوكهم بدواً‏<br />

أفّاقين مفاجئين مغيرين سسفاكين...‏ مندفعين في الخصام الوحششي”،‏ ويقول:‏ إن مزاج<br />

اليهود النفسسي ‏“ظلّ‏ على الدوام قريباً‏ جداً‏ من حال أششد الششعوب ابتداءية فقد كان اليهود<br />

عُ‏ نُداً‏ مندفعين غفلاً‏ سسذجاً‏ جفاة كالوحوشش والٔطفال”...‏ ‏“ولا تجد ششعباً‏ عطل من الذوق<br />

الفني كما عطل اليهود”‏ . ١٢٩<br />

٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

هوامشش الفصصل الأول<br />

١ القرآن الكريم،‏ سسورة النهل:‏ ٣٦.<br />

٢ القرآن الكريم،‏ سسورة الششعراء:‏ .١٧٦ ،١٦١ ،١٤١ ،١٢٣ ،١٠٥<br />

٣ انظر:‏ عمر سسليمان الٔششقر،‏ العقيدة في االله،‏ ط ٥ ‏(الكويت:‏ مكتبية الفلاه،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٢٥٦-٢٦١.<br />

٤ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٦٤.<br />

٥ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ١٨١.<br />

٦ القرآن الكريم،‏ سسورة التوبة:‏ ٣٠.<br />

٧ انظر:‏ محمد علي الزعبي،‏ دقاءق النفسسية اليهودية ‏(بيروت:‏ بدون ناشر،‏ ‎١٩٦٨‎‏)؛ وانظر أيضضاً:‏ بولسس حنا سسعد،‏<br />

همجية التعاليم الصهيونية ‏(بيروت:‏ دار الكتاب العربي،‏ ١٩٦٩).<br />

٨ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ٦٧-٦٨.<br />

٩ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٢٧-١٢٨.<br />

١٠ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٣٠-١٣٣.<br />

١١ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٣٦.<br />

١٢ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢١.<br />

١٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ١٥٧.<br />

١٤ القرآن الكريم،‏ سسورة الصف:‏ ٦.<br />

١٥ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ١٣.<br />

١٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٦٠.<br />

١٧ سسفر التكوين (١/١٢) نقلاً‏ عن:‏ سسمير أيوب،‏ وثاءق أسساسسية في الصراع العربي الصهيوني ‏(بيروت:‏ دار<br />

الهداثة،‏ ١٩٨٤)، ج ١، ص‏ ٢٩.<br />

١٨ سسفر التكوين ١٤/١٣، نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ١، ص‏ ٣١-٣٢.<br />

١٩ سسفر التكوين ١٥، نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ١، ص‏ ٣٢.<br />

٢٠ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٢٤.<br />

٢١ انظر مشلاً:‏ محمد أديب العامري،‏ عروبة فلسسطين في التاريخ ‏(صيدا - بيروت:‏ المكتبة العصرية،‏ ١٩٧٢).<br />

٢٢ حول الفقرات التاريخية السسابقة،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٦-١٧، و‎٢٩‎‏،‏ و‎٦٤‎‏،‏ و‎٧٤-٧٣‎‏،‏ و‎٨٤‎‏،‏ و‎٨٦‎‏،‏<br />

و‎٩٧-٩٦‎‏.‏<br />

٢٣ سسنششير بالتفصيل إلى هذه التفاصيل لاحقاً.‏<br />

٢٤ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ إشراف أحمد المرعششلي ‏(دمششق:‏ هيئة الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ١٩٨٤)، ج ١، ص‏ ٣٧.<br />

٢٥ انظر في القرآن الكريم حول ما سسبق من قصة إبراهيم \: سسورة البقرة:‏ ٢٥٨، وسسورة الٔنبياء:‏‎٧١-٥١‎‏.‏<br />

٢٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الصافات:‏ ‎٩٩‎؛ وانظر قصة إبراهيم \ بالتفصيل في:‏ إسسماعيل بن كشير،‏ البداية<br />

والنهاية،‏ ط ٥ ‏(بيروت:‏ مكتبة دار المعارف،‏ ١٩٨٣)، ج ١، ص‏ ١٤٦-١٧٥.<br />

٢٧ محمد العامري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٩٥‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٣٧.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٢


صصراع الهق والباطل<br />

٢٨ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٧١.<br />

٢٩ محمد العامري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٩٨-٩٦‎؛ ومصطفى مراد الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ق ٢ في بيت المقدسس<br />

(١) ‏(بيروت:‏ دار الطليعة،‏ ١٩٧٥)، ص‏ ٩٦-٩٧.<br />

٣٠ القرآن الكريم،‏ سسورة هود:‏ ٧٢.<br />

٣١ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٢٧.<br />

٣٢ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٣٧.<br />

٣٣ المرجع نفسسه؛ والدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ق (١)، ٢ ص‏ ٢٥-٢٦.<br />

٣٤ متفق عليه.‏<br />

٣٥ القرآن الكريم،‏ سسورة النهل:‏ ١٢٠.<br />

٣٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ٨٠-٨٤.<br />

٣٧ القرآن الكريم،‏ سسورة هود:‏ ٨٢-٨٣.<br />

٣٨ القرآن الكريم،‏ سسورة العنكبوت:‏ ٣٢.<br />

٣٩ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٧٤.<br />

٤٠ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٧٢-٧٣.<br />

٤١ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٦٣٢-٦٣٣.<br />

٤٢ المرجع نفسسه.‏<br />

٤٣ القرآن الكريم،‏ سسورة القصص:‏ ٣٨.<br />

٤٤ القرآن الكريم،‏ سسورة القصص:‏ ٤.<br />

٤٥ القرآن الكريم،‏ سسورة القصص:‏ ٥-٦.<br />

٤٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ‎١٠٥-١٠٤‎؛ انظر قصة موسسى \ بالتفصيل في:‏ ابن كشير،‏ البداية<br />

والنهاية،‏ ج ١، ص‏ ٢٣٧-٣١٩.<br />

٤٧ انظر مشلاً‏ في:‏ القرآن الكريم،‏ سسورة طه:‏ ٤٢-٧٦.<br />

٤٨ القرآن الكريم،‏ سسورة يونسس:‏ ٨٣.<br />

٤٩ القرآن الكريم،‏ سسورة الششعراء:‏ ٦٣-٦٦.<br />

٥٠ انظر:‏ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٣٩٠-٣٩١.<br />

٥١ القرآن الكريم،‏ سسورة يونسس:‏ ٩٢.<br />

٥٢ القرآن الكريم،‏ سسورة يونسس:‏ ٩٢.<br />

٥٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ١٣٨.<br />

٥٤ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ١٤٨.<br />

٥٥ القرآن الكريم،‏ سسورة طه:‏ ٨٨.<br />

٥٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔعراف:‏ ١٥٠.<br />

٥٧ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢١.<br />

٥٨ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢٢.<br />

٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٥٩ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢٤.<br />

٦٠ سسيد قطب،‏ في ظلال القرآن،‏ ط ٧ ‏(بيروت:‏ دار إحياء التراش العربي،‏ ١٩٧١)، ج ٢، ص‏ ٦٩٥-٦٩٧.<br />

٦١ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢٥.<br />

٦٢ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢٦.<br />

٦٣ سسيد قطب،‏ في ظلال القرآن،‏ ج ٢، ص‏ ٦٩٨.<br />

٦٤ نقلاً‏ عن:‏ محمد عبد االله الخطيب التبريزي،‏ مششكاة المصابيه،‏ تحقيق محمد ناصر الدين الٔلباني ‏(بيروت:‏<br />

المكتب الٕسسلامي،‏ ١٩٨٥)، ج ٢، ص‏ ١٥٩.<br />

٦٥ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ق (١)، ٢ ص‏ ١٢١-١٢٢، و‎١٢٤‎‏،‏ و‎١٣٨‎‏.‏<br />

٦٦ حديش رواه أحمد على شرط البخاري،‏ وبنفسس معناه دون ذكر اسسم يوششع حديش رواه مسسلم وآخر رواه<br />

البزار،‏ انظر:‏ ابن كشير،‏ تفسسير القرآن العظيم،‏ ج ١، ص‏ ٣٠٢-٣٠٣.<br />

٦٧ محمد العامري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٣٨.<br />

٦٨ انظر:‏ قصة بني إسراءيل مع نبيهم ومع طالوت في:‏ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ٢٤٦-٢٥١.<br />

٦٩ انظر:‏ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ١٨٤.<br />

٧٠ ظفر الٕسسلام خان،‏ تاريخ فلسسطين القديم ١٢٢٠ ق.م ‏-‏‎١٣٥٩‎م:‏ منذ أول غزو يهودي حتى آخر غزو<br />

صليبي ‏(بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٣٥.<br />

٧١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٤٣.<br />

٧٢ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٤٨-٤٩.<br />

٧٣ القرآن الكريم،‏ سسورة ص:‏ ١٧-٢٠<br />

٧٤ القرآن الكريم،‏ سسورة ص:‏ ٢٦.<br />

٧٥ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٨٠.<br />

٧٦ القرآن الكريم،‏ سسورة سسبأ:‏ ١٠-١١.<br />

٧٧ انظر:‏ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٤٥‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ١٨٤-١٨٥.<br />

٧٨ القرآن الكريم،‏ سسورة ص:‏ ٣٥-٤٠.<br />

٧٩ القرآن الكريم،‏ سسورة النمل:‏ ١٦-١٧.<br />

٨٠ القرآن الكريم،‏ سسورة سسبأ:‏ ١٢-١٣.<br />

٨١ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٨١-٨٢.<br />

٨٢ القرآن الكريم،‏ سسورة النمل:‏ ١٨.<br />

٨٣ القرآن الكريم،‏ سسورة النمل:‏ ٢٠-٢٨.<br />

٨٤ القرآن الكريم،‏ سسورة النمل:‏ ٢٢-٤٤.<br />

٨٥ القرآن الكريم،‏ سسورة النمل:‏ ٤٤.<br />

٨٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٧٨-٧٩.<br />

٨٧ القرآن الكريم،‏ سسورة ص:‏ ٣١-٣٤.<br />

٨٨ متفق عليه.‏<br />

٨٩ القرآن الكريم،‏ سسورة سسبأ:‏ ١٤.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٤


صصراع الهق والباطل<br />

٩٠ انظر:‏ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ‎١٨٥‎؛ وظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٦.<br />

٩١ انظر:‏ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٢٣٨، وج ٣، ص‏ ‎١٨٦-١٨٥‎؛ وظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٥.<br />

٩٢ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق (١)، ٢ ص‏ ٤١-٥١.<br />

٩٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٧٠.<br />

٩٤ انظر:‏ محمد علي الزعبي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧٥.<br />

٩٥ انظر:‏ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق (١)، ٢ ص‏ ٤١-٥١.<br />

٩٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٥٢-٥١‎؛ وظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٨-٥٩.<br />

٩٧ وظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٩.<br />

٩٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٦٤-٦٧.<br />

٩٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٦٨، و‎٧٤‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٢٦٦.<br />

١٠٠ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٧٥‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٢٦٦.<br />

١٠١ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٧٧‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٢٦٧.<br />

١٠٢ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٧٩-٧٨‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٢٦٧-٢٦٨.<br />

١٠٣ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٨٠-٨٤.<br />

١٠٤ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٨٧-٨٦‎؛ والدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق (١)، ٢ ص‏ ٦٢.<br />

١٠٥ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ٣٩.<br />

١٠٦ محمد علي الصابوني،‏ صفوة التفاسسير،‏ ط ٣ ‏(بيروت:‏ دار القرآن الكريم،‏ ١٩٨١)، ج ١، ص‏ ٢٠١.<br />

١٠٧ القرآن الكريم،‏ سسورة مريم:‏ ١٢.<br />

١٠٨ القرآن الكريم،‏ سسورة مريم:‏ ‎١٢‎؛ وانظر:‏ الصابوني،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ٢١٣.<br />

١٠٩ انظر:‏ محمد علي الزعبي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧٦.<br />

١١٠ القرآن الكريم،‏ سسورة مريم:‏ ١٥.<br />

١١١ ورد في الهديش أن زكريا نُشر بالمنششار.‏ انظر قصة زكريا في:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٢، ص‏ ٤٧-٥٥.<br />

١١٢ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ٣٧.<br />

١١٣ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ٤٢.<br />

١١٤ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ٤٥-٤٩.<br />

١١٥ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٢١٤.<br />

١١٦ القرآن الكريم،‏ سسورة مريم:‏ ٣٠-٣١.<br />

١١٧ القرآن الكريم،‏ سسورة الصف:‏ ٦.<br />

١١٨ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٢١٦.<br />

١١٩ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق (١)، ٢ ص‏ ٦٦.<br />

١٢٠ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه.‏<br />

١٢١ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه.‏<br />

١٢٢ القرآن الكريم،‏ سسورة النسساء:‏ ١٥٧-١٥٨.<br />

٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١٢٣ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٢١٧.<br />

١٢٤ المرجع نفسسه،‏ ج ٣، ص‏ ٥٧٣.<br />

١٢٥ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق (١)، ٢ ص‏ ٦٨-٧٠.<br />

١٢٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٧٢-٧١‎؛ وظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٩١-٩٣.<br />

١٢٧ ظفر الٕسسلام خان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٩٣.<br />

١٢٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٩٨.<br />

١٢٩ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١١٧-١٢٤.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٦


الفصصل الشاني<br />

الفته الٕسسلامي لفلسسطين


الفته الإسلامي لفلسطين<br />

أولاً:‏ مكانة فلسسطين الٕسسلامية:‏<br />

الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

تتمتع أرضض فلسسطين بمكانة خاصة في التصور الٕسسلامي،‏ وهي المكانة التي جعلتها<br />

محط أنظار ومهوى أفئدة المسسلمين،‏ وسسنششير هنا باختصار إلى أهم النقاط التي جعلتها<br />

تحظى بهذه المكانة:‏<br />

• في أرضض فلسسطين المسسجد الٔقصى المبارك،‏ وهو أول قبلة للمسسلمين في صلاتهم،‏ كما<br />

يعدّ‏ ثالش المسساجد مكانة ومنزلة في الٕسسلام بعد المسسجد الهرام والمسسجد النبوي،‏<br />

ويُسسن ُّ ششدّ‏ الرحال إليه وزيارته،‏ والصلاة فيه ب ٥٠٠ صلاة عما سسواه في المسساجد.‏<br />

فعن أبي هريرة ] عن النبي ‏]قال:‏ ‏“لا تششد الرحال إلا إلى ثلاثة مسساجد:‏ المسسجد<br />

الهرام ومسسجدي هذا والمسسجد الٔقصى”‏ . ١<br />

وقال ]: ‏“الصلاة في المسسجد الهرام بماءة ألف صلاة،‏ والصلاة في مسسجدي بألف<br />

صلاة،‏ والصلاة في بيت المقدسس بخمسسماءة صلاة”‏ . ٢<br />

• أرضض فلسسطين أرضض مباركة بنص‏ القرآن الكريم چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ<br />

پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺچ ، ٣ وقال تعالى چې<br />

ې ې ى ى ئا ئاچ ، ٤ قال ابن كشير:‏ بلاد الششام ، ٥ وقوله تعالى چې<br />

ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە ئوئوچ ، ٦ قال ابن كشير:‏ بلاد الششام ، ٧ وقال<br />

تعالى چڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑچ ، ٨ قال ابن عباسس:‏<br />

القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدسس . ٩<br />

والبركة هنا حسسية ومعنوية...‏ لما فيها من ثمار وخيرات،‏ ولما خُ‏ صت به من مكانة،‏<br />

ولكونها مقر الٔنبياء،‏ ومهبط الملاءكة الٔطهار . ١٠<br />

• هي أرضض مقدسسة بنص‏ القرآن الكريم،‏ قال تعالى على لسسان موسسى چھ<br />

ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭچ . ١١ قال الزجاج:‏ المقدسسة هي الطاهرة،‏<br />

وقيل سسماها مقدسسة لٔنها طهرت من الشرك،‏ وجعلت مسسكناً‏ للٔنبياء والموءمنين،‏<br />

قال الكلبي:‏ الٔرضض المقدسسة هي دمششق وفلسسطين وبعضض الٔردن،‏ وقال قتادة:‏ هي<br />

الششام كلها . ١٢<br />

٤٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• فلسسطين أرضض الٔنبياء ومبعشهم فعلى أرضضها عاشش إبراهيم،‏ وإسسهق،‏<br />

ويعقوب،‏ ويوسسف،‏ ولوط،‏ وداود،‏ وسسليمان،‏ وصاله،‏ وزكريا،‏ ويهيى وعيسسى<br />

، ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم،‏ كما عاشش على أرضضها الكشير من أنبياء<br />

بني إسراءيل الذين كانت تسسوسسهم الٔنبياء كلما هلك نبي جاءهم نبي،‏ وممن ورد<br />

ذكرهم في الهديش الصهيه:‏ نبي االله يوششع .<br />

• عندما يقرأ‏ المسسلمون القرآن الكريم يششعرون بارتباط عظيم بينهم وبين هذه الٔرضض؛<br />

لٔن ميدان الصراع بين الهق والباطل تركز على هذه الٔرضض،‏ ولٔنهم يوءمنون بأنهم<br />

حاملو ميراش الٔنبياء،‏ ورافعو رايتهم.‏<br />

• المسسجد الٔقصى هو مسرى رسسول االله [ ومنه كان معراجه إلى السسماء،‏ وفي هذا<br />

المسسجد جمع االله لرسسوله الٔنبياء من قبله،‏ فأمّهم دلالة على انتقال الٕمامة والريادة<br />

وأعباء الرسسالة إلى الٔمة الٕسسلامية.‏<br />

• الملاءكة تبسسط أجنهتها على أرضض فلسسطين،‏ التي هي جزء من الششام،‏ ففي<br />

الهديش الصهيه عن زيد بن ثابت ] قال:‏ سسمعت رسسول االله [ يقول:‏ ‏“يا طوبى<br />

للششام،‏ يا طوبى للششام،‏ قالوا:‏ يا رسسول االله وبمَ‏ ذلك؟ قال:‏ تلك ملاءكة االله باسسطة<br />

أجنهتها على الششام”‏ . ١٣<br />

• هي أرضض المهشر والمنشر،‏ فقد روى الٕمام أحمد بسسنده عن ميمونة بنت سسعد مولاة<br />

النبي [ قالت:‏ يا نبي االله أفتنا في بيت المقدسس فقال:‏ ‏“أرضض المهشر والمنشر”‏ . ١٤<br />

• هي عقر دار الٕسسلام وقت اششتداد المهن والفتن،‏ فعن سسلمة بن نفيل قال:‏ قال<br />

رسسول االله ]: ‏“عقر دار الٕسسلام بالششام”‏ ، ١٥ وعن عبد االله بن عمرو قال:‏<br />

‏“قال رسسول االله ]: إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسسادتي،‏ فنظرت فإذا<br />

نور سساطع عمد به إلى الششام،‏ ألا إن الٕيمان إذا وقعت الفتن بالششام”‏ . ١٦<br />

• المقيم المهتسسب فيها كالمجاهد والمرابط في سسبيل االله،‏ فعن أبي الدرداء ] قال:‏ قال<br />

رسسول االله ]: ‏“أهل الششام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماوءهم إلى منتهى<br />

الجزيرة مرابطون في سسبيل االله،‏ فمن احتل مدينة من المداءن فهو في رباط،‏ ومن احتل<br />

منها ثغراً‏ من الشغور فهو في جهاد”‏ . ١٧<br />

• الطاءفة المنصورة الشابتة على الهق تسسكن الششام،‏ وخصوصاً‏ بيت المقدسس وأكنافها،‏<br />

وذلك في أحاديش يفسسر ويقوي بعضضها بعضضاً؛ فعن أبي أمامة مرفوعاً‏ إلى<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٠


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

رسسول االله [ قال:‏ ‏“لا تزال طاءفة من أمتي ظاهرين على الهق لعدوهم قاهرين<br />

حتى يأتيهم أمر االله وهم كذلك،‏ قيل يا رسسول االله أين هم؟ قال:‏ ببيت المقدسس وأكناف<br />

بيت المقدسس”‏ . ١٨<br />

هذه مكانة فلسسطين من الناحية الدينية،‏ وهي مكانة جعلتها جزءاً‏ من عقيدة المسسلمين<br />

ووجدانهم.‏ وقد تعمقت هذه المكانة بالفته الٕسسلامي لفلسسطين،‏ ووقوع عدد من المعارك<br />

الفاصلة في التاريخ الٕسسلامي على أرضضها كأجنادين،‏ وفهل - بيسسان،‏ واليرموك،‏<br />

وحطين،‏ وعين جالوت.‏ وباختلاط دماء الصهابة والتابعين والمجاهدين بثراها المبارك،‏<br />

وبهجرة وإقامة الكشير من الصهابة والتابعين والعلماء وأنسسالهم فيها،‏ وببروز عدد من<br />

أبناءها كعلماء وقادة ورجال حكم.‏<br />

وهذا يقودنا إلى الٕششارة إلى أحد معالم الهل الٕسسلامي المنششود لتهرير الٔرضض<br />

المباركة،‏ وهو توسسيع داءرة الصراع لتششمل كافة المسسلمين الموءمنين بهقهم فيها،‏ وعدم<br />

التفريط بأي جزء منها باعتبارها أرضضاً‏ إسسلامية مقدسسة،‏ وباعتبارها جزءاً‏ من عقيدة<br />

المسسلمين ووجدانهم.‏ وإن اسستششعار المسسلمين بواجبهم تجاه تحرير أرضض الٕسراء،‏<br />

وقيامهم بخطوات عملية في هذا الٕطار هو ضضمانة حقيقية للسسير بخطوات جادة لتهقيق<br />

آمال المسسلمين باسستعادة أرضضهم ومقدسساتهم.‏<br />

ثانياً:‏ أنظار المسسلمين تتجه إلى فلسسطين:‏<br />

اسستمرت الهيمنة الرومانية على فلسسطين بعد أن رفع االله سسبهانه المسسيه إليه،‏ وفي عهد<br />

الٕمبراطور قسسطنطين الكبير ‏(‏‎٣٣٧-٣٠٦‎م)‏ تمّ‏ الاعتراف رسسمياً‏ بالمسسيهية في المرسسوم<br />

الششهير بمرسسوم ميلان Edict of Milan الصادر سسنة ‎٣١٣‎م،‏ وقد تنصر قسسطنطين<br />

نفسسه،‏ وأقام في مدينة القدسس ‏“في المكان الذي يعتقد النصارى أن السسيد المسسيه دفن فيه”‏<br />

كنيسسة الضريه المقدسس التي أصبهت أعظم الكناءسس ششأناً‏ عند النصارى،‏ وبنى فوق<br />

جبل الزيتون كنيسسة الصعود،‏ وأقام كنيسسة الميلاد في بيت لهم،‏ وقسسطنطين نفسسه هو<br />

الذي بنى مدينة القسسطنطينية ‏“إسسطنبول”‏ ‎٣٣٠‎م.‏<br />

وقد انقسسمت الٕمبراطورية الرومانية إلى قسسمين شرقي وغربي،‏ وذلك بعد موت<br />

الٕمبراطور ثيودوسسيوسس الٔول Theodosius I في ‎٣٩٥‎م،‏ فتكونت الٕمبراطورية<br />

الرومانية الشرقية ‏(الدولة البيزنطية)‏ وعاصمتها القسسطنطينية،‏ والٕمبراطورية<br />

٥١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الرومانية الغربية،‏ وعاصمتها روما،‏ وما لبشت الٕمبراطورية الغربية أن سسقطت في<br />

‎٤٧٦‎م لكن الٕمبراطورية الشرقية التي عرفها العرب بدولة الروم حافظت على الهيمنة<br />

على فلسسطين باسستشناء فترات ضضئيلة حتى جاء الفته الٕسسلامي . ١٩<br />

ولد رسسول االله [ سسنة ‎٥٧٠‎م وبعد أربعين سسنة نزل عليه الوحي،‏ وتحمل أمانة<br />

الرسسالة والدعوة،‏ ولقي في الفترة المكية التي اسستمرت ١٣ سسنة الكشير من العنت<br />

والٕيذاء ، ٢٠ ومنذ هذه الفترة وقبل أن تتششكل دولة الٕسسلام في المدينة كانت أنظار المسسلمين<br />

الٔواءل ترنو إلى المسسجد الٔقصى في فلسسطين فقد كان قبلتهم الٔولى في الصلاة ، ٢١ وجاءت<br />

معجزة الٕسراء من المسسجد الهرام إلى المسسجد الٔقصى،‏ ثم المعراج إلى السسماء في<br />

السسنة العاشرة ٢٢ للبعشة النبوية لتوءكد عمق الارتباط بين الٕسسلام وبين أرضض فلسسطين<br />

المقدسسة؛ حيش يوجد المسسجد الٔقصى الذي بارك االله حوله.‏<br />

وبعد أن تششكلت الدولة الٕسسلامية في المدينة المنورة،‏ وعندما وقعت غزوة الخندق<br />

‎٥‎ه وفي غمرة الموقف العصيب من تآلب قوى الشرك على المسسلمين وحصارهم<br />

چڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک<br />

گ گ گچ ٢٣ في هذا الموقف ضرب رسسول االله [ صخرة تطاير منها شرر،‏<br />

فبشر الموءمنين بفته بلاد الروم،‏ كما بشرهم بفته اليمن وفارسس ، ٢٤ وهكذا فإن نفوسس<br />

الموءمنين لم تكن لتفارقها الٓمال والشقة باالله في النصر وتحرير الٔرضض من كل سسلطان غير<br />

سسلطان االله حتى من تلك القوى الكبرى التي كان يبعش مجرد ذكرها الرعب في النفوسس.‏<br />

وبعد أن أخذت أركان الدولة الٕسسلامية تتوطد في جزيرة العرب أرسسل رسسول االله [<br />

رسساءله إلى الهكام والملوك يدعوهم إلى الٕسسلام باعتباره رسسولاً‏ إلى كل البشرية،‏ فكانت<br />

رسساءله سسنة ‎٧‎ه إلى كسرى فارسس،‏ وقيصر الروم هرقل ،Heraclius وإلى المقوقسس<br />

حاكم مصر،‏ أما كسرى فمزق كتاب رسسول االله،‏ فدعا عليه الرسسول أن يمزق االله<br />

ملكه،‏ وأما قيصر الروم فيظهر من الروايات أنه مال إلى الٕسسلام،‏ ورغب في الدخول فيه،‏<br />

غير أنه خاف من الروم على نفسسه وملكه ، ٢٥ وكان هرقل في تلك الفترة قد انتصر على<br />

الفرسس،‏ وأجلاهم عن الششام،‏ ولعله عاد إلى القدسس ليششكر االله على نصره ، ٢٦ وهو النصر<br />

الذي أششار إليه القرآن الكريم چھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ<br />

ۇ ۆ ۈ ۈۇٴ چ . ٢٧<br />

وكان فته خيبر وفدك ‎٧‎ه إلى الششمال من جزيرة العرب مقدمة للتطلع إلى<br />

الششام،‏ فكانت غزوة موءتة في جمادى الٔولى سسنة ‎٧‎ه - أيلول/‏ سسبتمبر ‎٦٢٨‎م والتي<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٢


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

حدثت إثر قتل أحد زعماء الغسساسسنة ‏“شرحبيل بن عمرو الغسساني”‏ لرسسول رسسول االله<br />

‏“الهارش بن عمير الٔزدي”‏ إلى ملك بصرى.‏ كان جيشش المسسلمين مكوناً‏ من<br />

ثلاثة آلاف رجل واجهوا حسسب الروايات ١٠٠ ألف رجل من جند الروم،‏ و‎١٠٠‎ ألف<br />

أخرى من العرب المناصرين للروم بقيادة مالك بن رافلة.‏<br />

وقد وقعت المعركة في شرق الٔردن جنوب مدينة الكرك بهوالي ١١ كيلومتراً‏ وفيها<br />

اسستششهد أمراء المسسلمين الشلاثة:‏ زيد بن حارثة،‏ وجعفر بن أبي طالب،‏ وعبد االله بن رواحة،‏<br />

وتمكن خالد بن الوليد الذي تولى الزمام من تحقيق انسسهاب كريم موفق،‏ وقتل في المعركة<br />

مالك بن رافلة الزعيم العربي الموالي للروم . ٢٨<br />

ثم كانت غزة تبوك ‎٩‎ه التي قادها رسسول االله بنفسسه،‏ وتحت قيادته ٣٠ ألفاً‏ بعد أن<br />

بلغه أن الروم ومن يواليهم أعدوا العدة ضضده،‏ ولكنه عندما وصل تبوك ‏(ششمال جزيرة<br />

العرب على مششارف الششام)‏ اسستبان له أنه ليسس للروم جموع هناك،‏ غير أنه وطَ‏ د<br />

سسلطة المسسلمين في تلك المناطق،‏ وأرسسل خالد بن الوليد ففته ‏“دومة الجندل”‏ وصالهه<br />

أهل أيلة ‏(على خليج العقبة)‏ وأذره وتيماء وجرباء على أداء الجزية . ٢٩<br />

ومع نهاية العهد النبوي كانت بطون بعضض القباءل في شرق الٔردن قد أسسلمت،‏<br />

ومن ذلك إسسلام أهل تبالة وجرشش وبطون من قضضاعة،‏ وقبيل وفاته [ كان يعد العدة<br />

لخروج جيشش أسسامة؛ حيش أمره بالانطلاق إلى الجهاد؛ حيش قتل أبوه زيد بن حارثة،‏<br />

وعقد له اللواء آخر يوم من صفر ‎١١‎ه - ٢٨ أيار/‏ مايو ‎٦٣٢‎م،‏ ولكن مرضض رسسول االله<br />

ووفاته في ١٢ ربيع الٔول أخّ‏ ر خروج هذا الجيشش حتى أمره الخليفة أبو بكر الصديق<br />

بذلك،‏ فخرج في أول ربيع الشاني ١١ ه - ٢٧ حزيران/‏ يونيو ‎٦٣٢‎م،‏ وثب َّت جيشش أسسامة<br />

ششوكة الٕسسلام على تخوم الششام،‏ وعاد سريعاً‏ إلى المدينة في وقت انششغل فيه المسسلمون<br />

بهرب الردّة . ٣٠<br />

وما نريد أن نخلص‏ إليه هنا أن أنظار المسسلمين وقلوبهم ظلّت سسنوات طويلة معلقة<br />

ببيت المقدسس والمسسجد الٔقصى حتى قبل أن يتم لهم فته فلسسطين.‏ فضضلاً‏ عما سسبقت<br />

الٕششارة إليه،‏ فإن كشيراً‏ من سسور القرآن وآياته التي كانت تنزل تباعاً‏ على رسسول االله [<br />

كانت تتهدش عن قصص‏ الٔنبياء،‏ وكان ميدان العديد منها هو أرضض فلسسطين ‏(يعقوب<br />

ولوط وزكريا ويهيى وداود وسسليمان وعيسسى...‏ ( مما عمق الارتباط النفسسي<br />

والٕيماني بهذه الٔرضض.‏<br />

٥٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ثالشاً:‏ وقفات مع منهج الفته ودوافعه:‏<br />

قبل أن نسستطرد في الهديش عن فته الٔرضض المقدسسة،‏ لا بدّ‏ من وقفات لاسستجلاء<br />

المنهج الذي بنيت على أسساسسه فكرة الفتوحات،‏ والدوافع التي دفعت إليها:‏<br />

الوقفة الٔولى:‏ في الٕششارة إلى حقيقة الجهاد؛ فلقد كان من الواضضه ‏-لٔي باحش<br />

منصف-‏ أن القيام بواجب الجهاد في سسبيل االله،‏ وتبليغ دعوة الٕسسلام إلى البشرية،‏<br />

والسسعي إلى الفوز بإحدى الهسسنيين إما النصر وإما الششهادة،‏ هي الٔهداف الهقيقية<br />

التي دفعت المسسلمين لتهقيق أعظم وأرحم حركة فته لبقاع الٔرضض في التاريخ.‏ ولم تكن<br />

حركة الفتوه هذه مبنية على المنافع المادية أو المصاله الششخصية أو بسسبب جدب الٔرضض<br />

وضضيق العيشش،‏ كما لم تكن هذه الفتوه عملاً‏ عدوانياً‏ أو إكراهاً‏ للناسس على اتباع الٕسسلام<br />

تحت تهديد السسيوف...‏ . بل كان الجهاد هو ضضدّ‏ تلك الٔنظمة والسسلطات التي تحول بين<br />

الٕسسلام وبين دعوته للناسس،‏ ونشر نوره في الٔرضض.‏<br />

يقول سسيد قطب ‏“إن هذا الدين موضضوعه الٕنسسان ومجاله الٔرضض وهو إعلان عام<br />

لتهرير ‏“الٕنسسان”‏ في ‏“الٔرضض”‏ من كل سسلطان غير سسلطان االله،‏ وهو إعلان حركي<br />

واقعي إيجابي يراد له التهقيق العملي في صورة نظام يهكم البشر بشريعة االله”....‏<br />

‏“إن الٕسسلام ليسس مجرد عقيدة،‏ فهو يهدف ابتداءً‏ إلى إزالة الٔنظمة والهكومات التي<br />

تقوم على أسساسس حاكمية البشر للبشر بهيش يكون النظام الذي يهكم البشر قاعدته<br />

العبودية الله وحده،‏ وذلك بتلقي الشراءع منه وحده،‏ ثم ليعتنق كل فرد في ظلّ‏ هذا النظام<br />

العام ما يعتنقه من عقيدة”....‏ ‏“إن الٕسسلام الله هو الٔصل العالمي الذي على البشرية كلها<br />

أن تفيء إليه أو أن تسسالمه بجملتها،‏ فلا تقف لدعوته بأي حاءل من نظام سسياسسي أو قوة<br />

مادية،‏ وأن تخلي بينه وبين كل فرد يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته،‏ ولكن لا يقاومه<br />

ولا يهاربه فإن فعل ذلك كان على الٕسسلام أن يقاتله ...” ٣١ .<br />

ثم إن الجهاد في سسبيل االله لا يكون جهاداً‏ إلا إذا قصد به وجه االله،‏ وأن يكون وفق ما<br />

شرع االله،‏ يقول حسسن البنا:‏<br />

فرضض االله الجهاد على المسسلمين لا أداة للعدوان ولا وسسيلة للمطامع<br />

الششخصية،‏ ولكن حماية للدعوة،‏ وضضماناً‏ للسسلم،‏ وأداء للرسسالة الكبرى التي<br />

حمل عبئها المسسلمون،‏ رسسالة هداية الناسس إلى الهق والعدل.‏ والمسسلم يخرج<br />

للقتال،‏ وفي نفسسه أمر واحد أن يجاهد لتكون كلمة االله هي العليا،‏ وقد فرضض<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٤


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

دينه عليه أن لا يخلط بهذا القصد غاية أخرى،‏ فهب الجاه عليه حرام،‏ وحب<br />

الظهور عليه حرام،‏ وحب المال عليه حرام،‏ والغلول من الغنيمة عليه حرام،‏<br />

وقصد الغلب بغير حق عليه حرام،‏ والهلال أمر واحد أن يقدم دمه وروحه فداء<br />

لعقيدته،‏ وهداية للناسس . ٣٢<br />

فالجهاد في الفهم الٕسسلامي مربوط بأنه ‏“في سسبيل االله”‏ أما ثمنه فهو ‏“الجنة”‏ وليسس<br />

لهظ النفسس فيه في الدنيا نصيب،‏ لٔنه بذل للمال والنفسس،‏ وانظر إلى قوله تعالى<br />

چۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅۅ ۉ ۉ<br />

ې ې ې ېچ . ٣٣<br />

الوقفة الشانية:‏ في الٕششارة إلى أن عملية فته بلاد الششام ‏-وغيرها-‏ بنيت وتمت<br />

على الرغبة الصادقة في الجهاد في سسبيل االله،‏ وعلى هذا الٔسساسس انطلقت،‏ وقام المسسلمون<br />

بالتطبيق العملي لمعاني الجهاد أثناء فتوحاتهم،‏ فعندما يقّلب أي باحش منصف صفهات<br />

التاريخ والسس ِّ ير يجد التزاماً‏ حقيقياً‏ كاملاً‏ لدى الصهابة والفاتحين بمعاني الجهاد<br />

الٕسسلامي وأهدافه وغاياته وضضوابطه،‏ وفي الٕششارة إلى هذه الهقيقة سسنقتصر على<br />

بعضض ما ورد في فتوه الششام.‏<br />

فعندما بعش أبو بكر أنسس بن مالك في ربيع الشاني ‎١٢‎ه - حزيران/‏ يونيو ‎٦٣٣‎م<br />

لٔهل اليمن لفته الششام،‏ كتب أبو بكر لهم:‏<br />

... أما بعد:‏ فإن االله كتب على الموءمنين الجهاد،‏ وأمرهم أن ينفروا خفافاً‏<br />

وثقالاً،‏ وقال:‏ جاهدوا بأموالكم وأنفسسكم في سسبيل االله،‏ فالجهاد فريضضة<br />

مفروضضة،‏ وثوابه عند االله عظيم،‏ وقد اسستنفرنا من قبلنا من المسسلمين إلى جهاد<br />

الروم بالششام،‏ وقد سسارعوا إلى ذلك وعسسكروا وخرجوا،‏ وحسسنت في ذلك نيتهم،‏<br />

وعظمت في الخير حسسبتهم،‏ فسسارعوا ‏-عباد االله-‏ إلى فريضضة ربكم،‏ وإلى إحدى<br />

الهسسنيين،‏ إما الششهادة وإما الفته والغنيمة،‏ فإن االله لم يرضض عن عباده القول<br />

دون العمل،‏ ولا يترك أهل عداوته حتى يدينوا بالهق،‏ ويقروا بهكم الكتاب،‏ أو<br />

يوءدوا الجزية عن يد وهم صاغرون...‏ . ٣٤<br />

وأوصى أبو بكر يزيد بن أبي سسفيان عند خروجه بجيششه إلى الششام قاءلاً:‏<br />

‏“عليك بتقوى االله،‏ فإنه يرى من باطنك مشل الذي من ظاهرك،‏ وإن أولى الناسس باالله<br />

أششدهم تولياً‏ له،‏ وأقرب الناسس من االله أششهدهم تقرباً‏ إليه بعمله...”‏ ، ٣٥ وفي وصية أخرى<br />

من أبي بكر ليزيد قال له:‏<br />

٥٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

يا يزيد إني أوصيك بتقوى االله وطاعته،‏ والٕيشار له،‏ والخوف منه،‏ وإذا<br />

لقيت العدو فأظفركم االله بهم فلا تغلل،‏ ولا تمش ِّل،‏ ولا تغدر،‏ ولا تجبن،‏ ولا<br />

تقتلوا وليداً،‏ ولا ششيخاً‏ كبيراً،‏ ولا امرأة،‏ ولا تحرقوا نخلاً،‏ ولا تعرفون<br />

‏]تقشروه وتفسسدوه[‏ ولا تقطعوا ششجرة مشمرة،‏ ولا تعقروا بهيمة إلا لمأكلة،‏<br />

وسستمرون بقوم في الصوامع يزعمون أنهم حبسسوا أنفسسهم الله،‏ فدعوهم وما<br />

حبسسوا أنفسسهم له،‏ فإذا لقيتم العدو من المشركين،‏ فادعوهم إلى ثلاش خصال،‏<br />

فإن أجابوكم فاقبلوا منهم،‏ وكفوا عنهم،‏ ادعوهم إلى الٕسسلام،‏ فإن هم أبوا أن<br />

يدخلوا الٕسسلام فادعوهم إلى الجزية،‏ فإن هم فعلوا،‏ فاقبلوا منهم،‏ وكفوا عنهم،‏<br />

فإن هم أبوا فاسستعينوا باالله عليهم فقاتلوهم إن ششاء االله،‏ ولينصرن االله من<br />

ينصره ورسسله بالغيب . ٣٦<br />

ومن وصية أبي بكر لخالد بن سسعيد “... وقد خرجت في هذا الوجه العظيم الٔجر،‏<br />

وأنا أرجو أن يكون خروجك فيه لهسسبة ونية صادقة إن ششاء االله”‏ . ٣٧<br />

وقال أبو بكر في وداعه لٔبي عبيدة عندما خرج بجيشش للششام ‏“اسسمع سسماع من يريد<br />

أن يفهم ما قيل له،‏ ثم يعمل بما أمر به،‏ إنك تخرج في أشراف الناسس وبيوتات العرب<br />

وصلهاء المسسلمين وفرسسان الجاهلية،‏ كانوا يقاتلون إذ ذاك على الهمية وهم اليوم<br />

يقاتلون على الهسسبة والنية الهسسنة،‏ وتوكل على االله وكفى باالله وكيلاً،‏ اخرج من غد إن<br />

ششاء االله”‏ . ٣٨<br />

وفي اليوم التالي جاءه أبو بكر وقال له عند فراقه ‏“يا أبا عبيدة،‏ اعمل صالهاً،‏ وعشش<br />

مجاهداً،‏ وتوف َّ ششهيداً‏ يعطك االله كتابك بيمينك،‏ ولتقر عينك في دنياك وآخرتك،‏ فواالله إني<br />

لٔرجو أن تكون من التوابين الٔوابين المخششعين الزاهدين في الدنيا،‏ الراغبين في الٓخرة.‏<br />

إن االله قد صنع بك خيراً‏ وسساقه إليك؛ إذ جعلك تسسير في جيشش من المسسلمين إلى عدوه من<br />

المشركين تقاتل من كفر باالله،‏ وأشرك به،‏ وعبد معه غيره”‏ . ٣٩<br />

وفي وداعه لعمرو بن العاص‏ قال أبو بكر له:‏ ‏“اتق االله في سرك وعلانيتك،‏ واسستهيه في<br />

خلواتك،‏ فإنه يراك في عملك،‏ وأرد بعملك وجه االله،‏ واتق االله إذا لقيت العدو”‏ . ٤٠<br />

وعندما صرف الصديق خالداً‏ إلى غزو الششام كان فيما كتب له:‏ ‏“وإن الجموع لم تششج<br />

بعون االله ششجيك،‏ فليهنئك أبا سسليمان النية والهظوة،‏ فأتمم يتمم االله لك،‏ ولا يدخلنك<br />

عجب فتخسر وتخذل،‏ وإياك أن تُدل َّ بعمل فإن االله له المن وهو ولي الجزاء”‏ . ٤١<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٦


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

هذه بعضض المختارات المنتقاة في بدء مسسيرة الفتوه،‏ ولولا خششية الٕطالة لخرج من<br />

الجعبة الكشير،‏ ولن ِّ نُفصل في الشروه والتعليقات لوضضوه النصوص‏ وقوتها،‏ ويكفي<br />

أنها أكدت على الٔسسسس التي انطلقت من أجلها حركة الفته والجهاد،‏ أما كيف نفذ<br />

الصهابة هذه التوجيهات في معاركهم ودعوتهم وانتششارهم فهو ما سسنتركه لذكر بعضض<br />

أمشلته في حينه.‏<br />

الوقفة الشالشة:‏ ونركز فيها أيضضاً‏ على جانب مهمّ‏ تضضمنته وصايا أبي بكر لقادة<br />

الجيوشش الٕسسلامية التي ذهبت لفته الششام،‏ ألا وهي فن قيادة الجيشش المسسلم،‏ وبعضض<br />

أسساليب التعامل.‏ ونذهب إلى أنها من أرقى وأروع ما ذكر في فن إدارة الجيوشش،‏ غير أنها<br />

تعطي للجيشش المسسلم بعداً‏ رسسالياً‏ إيمانياً،‏ يميزه في سسلوكه الفردي والقيادي،‏ وتجمع<br />

بين الانضضباط والطاعة عن حب واقتناع،‏ وتمنع تسسلط القاءد على الٔفراد،‏ وتوجب<br />

الششورى،‏ والتعبئة المعنوية،‏ وتراعي أصول السرية،‏ وتوءكد على أن الجهاد عبادة وعمل<br />

خالص‏ الله.‏<br />

ففي وصية أبي بكر ليزيد عند خروجه إلى الششام:‏<br />

وإذا قدمت على جندك،‏ فأحسسن صهبتهم،‏ وابدأههم بالخير،‏ وعدهم إياه،‏<br />

وإذا وعظت فأوجز فإن كشير الكلام يُنسسي بعضضه بعضضاً،‏ وأصله نفسسك يصله<br />

لك الناسس،‏ وصل ِّ الصلوات لٔوقاتها بإتمام ركوعها وسسجودها والتخششع فيها،‏<br />

وإذا قدم عليك رسسل عدوك فأكرمهم وأقلل لبشهم حتى يخرجوا من عسسكرك<br />

وهم جاهلون به،‏ ولا تُرين َّهم فيروا خللك،‏ ويعلموا علمك،‏ وامنع من قبلك من<br />

محادثتهم وكن أنت المتولي لكلامهم،‏ ولا تجعل سر َّك لعلانيتك فيخلط أمرك،‏<br />

وإذا اسستشرت فاصدق الهديش تُصدق المششورة،‏ ولا تخزن عن المششير خبرك<br />

فتوءتى من قبل نفسسك.‏ واسسمر بالليل في أصهابك تأتك الٔخبار،‏ وتنكششف عنك<br />

الٔسستار،‏ وأكثر حرسسك وبددهم في عسسكرك وأكثر مفاجأتهم في محارسسهم بغير<br />

علم منهم بك،‏ فمن وجدته غفل من محرسسه،‏ فأحسسن أدبه وعاقبه في غير إفراط،‏<br />

وأعقب بينهم بالليل،‏ واجعل النوبة الٔولى أطول من الٔخيرة،‏ فإنها أيسرهما<br />

لقربها من النهار،‏ ولا تخف من عقوبة المسستهق ولا تلج َّ ن َّ فيها ولا تسرع إليها<br />

ولا تخذلها مُدفعاً،‏ ولا تغفل عن أهل عسسكرك فتفسسده،‏ ولا تجسسسس عليهم<br />

فتفضضههم،‏ ولا تكششف الناسس عن أسرارهم واكتف بعلانيتهم،‏ ولا تجالسسن<br />

العباثين،‏ وجالسس أهل الصدق والوفاء.‏ واصدق اللقاء ولا تجبن فيجبن الناسس،‏<br />

واجتنب الغلول فإنه يقر ِّب الفقر ويدفع النصر...‏ . ٤٢<br />

٥٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وفي رواية أخرى مما ذكره أبو بكر ليزيد في وداعه:‏ ‏“وإذا وعدت فأنجز...،‏ وإذا بلغك<br />

عن العدوّ‏ عورة فاكتمها حتى تعاينها...،‏ واصدق اللقاء إذا لقيت،‏ ولا تجبن فيجبن من<br />

سسواك”‏ . ٤٣<br />

ومن وصية أبي بكر لعمرو بن العاص:‏ “... وكن والداً‏ لمن معك،‏ وارفق بهم في السسير،‏<br />

فإن فيهم أهل ضضعف....،‏ وإياك أن تكون واهناً‏ عما ندبتك إليه،‏ وإياك والوهن أن تقول<br />

جعلني ابن أبي قهافة في نهر العدو ولا قوة لي به....”‏ وأمره ببرّ‏ المهاجرين والٔنصار<br />

ثم قال:‏<br />

ولا تداخلك نجدة الششيطان فتقول إنما ولاني أبو بكر لٔني خيرهم،‏ وكن<br />

كأحدهم،‏ وششاورهم فيما تريد من أمرك،‏ والصلاة ثم الصلاة أذن بها إذا دخل<br />

وقتها....،‏ وإذا وعظت فأوجز،‏ وأصله نفسسك تصله لك رعيتك....،‏ وألزم<br />

أصهابك قراءة القرآن،‏ وانههم عن ذكر الجاهلية وما كان منها،‏ فإن ذلك يورش<br />

العداوة بينهم،‏ وأعرضض عن زهرة الدنيا حتى تلتقي بمن مضضى من سسلفك....‏ . ٤٤<br />

وعندما أوصى أبو بكر خالد بن سسعيد كان مما ذكره:‏<br />

... فشب ِّت العالم،‏ وعلّم الجاهل،‏ وعاتب السسفيه المترف،‏ وانصه لعامة<br />

المسسلمين،‏ واخصص‏ الوالي على الجند من نصيهتك ومششورتك ما يهق الله<br />

وللمسسلمين عليك،‏ واعمل الله كأنك تراه،‏ واعدد نفسسك في الموتى،‏ واعلم أنا عما<br />

قليل ميتون ثم مبعوثون ثم مسساءلون ومحاسسبون،‏ جعلنا االله وإياك لٔنعمه من<br />

الششاكرين ولنقمه من الخاءفين”‏ . ٤٥<br />

رابعاً:‏ الخطوات الٔولى:‏<br />

اسستمرت عمليات المسسلمين في القضضاء على الردة التي انتشرت في جزيرة العرب إثر<br />

وفاة رسسول االله [ حتى نهاية ‎١١‎ه،‏ ومع بداية ‎١٢‎ه زحف خالد بن الوليد ومعه جيشش<br />

عدده ١٨ ألفاً‏ على العراق،‏ وأخذ يهقق انتصارات متوالية هناك ‏(ذات السسلاسسل محرم ‎١٢‎ه،‏<br />

المذار صفر ‎١٢‎ه،‏ والولجة صفر ‎١٢‎ه،‏ أُل َّيسس صفر ‎١٢‎ه،‏ أمغيششيا صفر ‎١٢‎ه،‏ فته<br />

الهيرة ربيع الٔول ‎١٢‎ه)‏ . ٤٦ وجاء شرحبيل بن حسسنة من العراق مبشراً‏ أبا بكر بفته<br />

الهيرة،‏ ورأى شرحبيل روءيا أولها بفته الششام،‏ وحدش بها أبا بكر الذي أخبره أن نفسسه<br />

تحدثه أيضضاً‏ بفته الششام . ٤٧<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٨


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

وفي ٣٠ ربيع الٔول ‎١٢‎ه - ١٤ حزيران/‏ يونيو ‎٦٣٣‎م جمع أبو بكر كبار الصهابة،‏<br />

واسستششارهم في فته الششام،‏ فوافقوه على رأيه ثقة منهم بأنه ناصه للدين،‏ حريص‏ على<br />

المسسلمين،‏ ثم إن أبا بكر قام فدعا الناسس للجهاد ‏“فواالله ما أجابه أحد هيبة لغزو الروم لما<br />

يعلمون من كثرة عددهم،‏ وششدة ششوكتهم”‏ وقام عمر بن الخطاب فهضضهم على الجهاد،‏<br />

وتقدم خالد بن سسعيد فأحسسن الهديش فأم َّ ره أبو بكر،‏ وأعلن خالد بن سسعيد أنه وأهله<br />

حبسساء في سسبيل االله،‏ وعقد أبو بكر لخالد بن سسعيد لواء،‏ فكان أول لواء عقد لغزو الششام،‏<br />

٢ ربيع الشاني ‎١٢‎ه - ١٦ حزيران/‏ يونيو ‎٦٣٣‎م،‏ وأششار عمر بن الخطاب على أبي بكر<br />

بألا يولي خالد بن سسعيد قيادة الجيشش لعدم أهليته،‏ فاكتفى أبو بكر بجعله على رأسس قوة<br />

محدودة،‏ وأمره أن ينزل تيماء كقوة احتياطية . ٤٨<br />

ثم إن أبا بكر أرسسل إلى يزيد بن أبي سسفيان وأبي عبيدة بن الجراه ومعاذ بن جبل<br />

وشرحبيل بن حسسنة فأخبرهم أنه باعشهم وموءمرهم على الجنود،‏ فإذا اجتمعت قواتهم<br />

فأميرهم أبو عبيدة،‏ وأرسسل أبو بكر كتاباً‏ إلى اليمن يسستنفرهم للجهاد مع أنسس بن مالك،‏<br />

وأخذت أفواج المسسلمين تتجمع وتتجهز للجهاد من كل حدب وصوب . ٤٩<br />

كان جيشش يزيد بن أبي سسفيان أول الجيوشش خروجاً‏ إلى الششام،‏ وكان ذلك تقريباً‏<br />

في ٢٣ رجب ‎١٢‎ه - ٣ تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎٦٣٣‎م،‏ وكان مكوناً‏ من حوالي سسبعة آلاف<br />

رجل،‏ ثم تبعه جيشش شرحبيل بعد ذلك بهوالي أربعة أيام،‏ ثم جيشش أبي عبيدة بعد<br />

شرحبيل بهوالي عشرة أيام،‏ وكان معاذ بن جبل في جيشش أبي عبيدة،‏ كما ألهق أبو بكر خالد<br />

بن سسعيد بجيشش أبي عبيدة . ٥٠<br />

خرج إمبراطور الروم هرقل من فلسسطين بعد أن بلغته تحركات المسسلمين حوالي<br />

٢٣ ششعبان ‎١٢‎ه - ٢ تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎٦٣٣‎م إلى دمششق،‏ ثم إلى حمص،‏ ثم إلى<br />

أنطاكية،‏ فبلغها حوالي ‎٦٣٣/١١/١٨‎م واتخذها مقره،‏ ومن هناك أخذ ينظم الجيوشش،‏<br />

ويهششد الهششود لملاقاة المسسلمين . ٥١<br />

نزل جيشش يزيد منطقة البلقاء شرق الٔردن،‏ ونزل جيشش شرحبيل نواحي بصرى،‏<br />

أما جيشش أبي عبيدة فنزل الجابية،‏ وأمّر أبو بكر عمرو بن العاص‏ على جيشش رابع من<br />

ألفين إلى ثلاثة آلاف،‏ وقد التهق بهذا الجيشش سسادات قريشش وأشرافها مشل عكرمة بن<br />

أبي جهل،‏ وسسهيل بن عمرو،‏ والهارش ابن هششام،‏ وسسلك عمرو طريق المعركة إلى أيلة<br />

.٥٢<br />

متجهاً‏ إلى فلسسطين<br />

٥٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وبعد أن بلغت أبا بكر حششود الروم الهاءلة،‏ وبعد أن بلغته انتصارات خالد بن الوليد<br />

الكبيرة في العراق،‏ أرسسل إلى خالد في ٢١ محرم ‎١٣‎ه - ٢٨ آذار/‏ مارسس ‎٦٣٤‎م تقريباً‏<br />

يطلب إليه الذهاب للششام غوثاً‏ للمسسلمين،‏ وخرج خالد من العراق حوالي ٨ صفر<br />

‎١٣‎ه - ١٤ نيسسان/‏ أبريل ‎٦٣٤‎م بمدد من تسسعة آلاف رجل ليصبه مجموع عدد<br />

القوات الٕسسلامية في الششام ٣٣ ألفا‎٥٣ً‎ .<br />

اسستعداد للنزال:‏<br />

في الوقت الذي أخذت فيه جيوشش المسسلمين بالزحف لفته الششام،‏ كان هرقل في أنطاكية<br />

يعد الجيوشش والٕمدادات لملاقاة المسسلمين،‏ وبلغ أبا عبيدة عظم الهششود الرومية،‏ فأرسسل<br />

إلى أبي بكر بذلك،‏ فرد َّ عليه برسسالة في ششوال ‎١٢‎ه - كانون الٔول/‏ ديسسمبر ‎٦٣٣‎م جاء<br />

فيها:‏<br />

فقد بلغني كتابك،‏ وفهمت ما ذكرت فيه من أمر هرقل ملك الروم،‏ فأما منزله<br />

بأنطاكية فهزيمة له ولٔصهابه وفته من االله عليك وعلى المسسلمين،‏ وأما ما<br />

ذكرت من حشره لكم أهل مملكته وجمعه لكم الجموع فإن ذلك ما قد كنا وكنتم<br />

تعلمون أنه سسيكون منهم،‏ وما كان قوم ليدعوا سسلطانهم ويخرجوا من ملكهم<br />

بغير قتال.‏ وقد علمت والهمد الله قد غزاهم رجال كشير من المسسلمين يهبون الموت<br />

حب عدوهم للهياة،‏ ويرجون من االله في قتالهم الٔجر العظيم،‏ ويهبون الجهاد<br />

في سسبيل االله أششد من حبهم أبكار نسساءهم،‏ وعقاءل أموالهم،‏ والرجل منهم عند<br />

الفته خير من ألف رجل من المشركين،‏ فالقهم بجندك،‏ ولا تسستوحشش لمن غاب<br />

عنك من المسسلمين فإن االله معك،‏ وأنا مع ذلك ممدك بالرجال حتى تكتفي،‏ ولا<br />

تريد أن تزداد إن ششاء االله . ٥٤<br />

أول المعارك:‏<br />

كانت أولى المعارك على أرضض الششام بعد سرية أسسامة بن زيد هي موقعة العربة<br />

وداثنة (٢٤ ذي الهجة ‎١٢‎ه - آذار/‏ مارسس ‎٦٣٤‎م)‏ فقد دفع الروم قوة من ثلاثة آلاف<br />

مقاتل إلى مدينة غزة،‏ ولعلها توجهت إلى وادي عربة جنوب البهر الميت،‏ وهناك التقت<br />

بقوة من المسسلمين،‏ فهزمها المسسلمون وقتلوا قاءداً‏ من قوادها،‏ وانسسهبت القوة فلاحقها<br />

المسسلمون؛ حيش التقوا مرة أخرى عند الداثنة قرب غزة،‏ وهزم الروم مرة أخرى . ٥٥<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٠


خالد بن الوليد يتولى القيادة العامة:‏<br />

الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

ويبدو أن موقعة العربة وداثنة كانت أقرب إلى اختبار القوة،‏ ويظهر أن الروم<br />

قد أخذوا يششعرون بششكل أكبر بخطورة الموقف،‏ فأخذوا يتجمعون ويهششدون،‏<br />

فأرسسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد لينجد المسسلمين بالششام،‏ فوصل خالد على عجل<br />

في صفر ‎١٣‎ه - نيسسان/‏ أبريل ‎٦٣٤‎م وتولى القيادة العامة للجيوشش الٕسسلامية في<br />

بلاد الششام مكان أبي عبيدة . ٥٦<br />

خامسساً:‏ معركة أجنادين:‏<br />

كانت معركة أجنادين أولى المعارك البارزة المهمة في فتوه الششام،‏ وقد وقعت على<br />

أرضض فلسسطين،‏ وبالرغم من أن أجنادين لا يظهر لها ذكر في الخراءط،‏ إلا أنها حسسب<br />

اسستنتاج أحمد عادل كمال تبعد ١١ كم إلى الششمال من بيت جبرين و‎٣٩‎ كم إلى الجنوب<br />

من الرملة . ٥٧<br />

التقت جيوشش المسسلمين الخمسسة ‏(أبو عبيدة،‏ وخالد،‏ ويزيد،‏ وشرحبيل،‏ وعمرو)‏ في<br />

منطقة أجنادين تحت قيادة خالد بن الوليد،‏ وكان عددهم يقدر ب ٣٣ ألف رجل،‏ أما قوات<br />

الروم فوصل عددها إلى حوالي ١٠٠ ألف رجل . ٥٨<br />

وفي يوم المعركة نهار يوم السسبت ٢٧ جمادى الٔولى ‎١٣‎ه - ٣٠ تموز/‏ يوليو ‎٦٣٤‎م،‏<br />

أخذ معاذ بن جبل،‏ قاءد ميمنة المسسلمين،‏ يقول:‏ ‏“يا معشر المسسلمين اشروا أنفسسكم<br />

اليوم الله،‏ فإنكم إن هزمتموهم اليوم كانت لكم هذه البلاد دار الٕسسلام أبداً‏ مع رضضوان<br />

االله والشواب العظيم من االله”‏ ، ٥٩ وتحت هذه المعاني الٕيمانية الربانية خاضض المسسلمون<br />

معركتهم على أرضض فلسسطين.‏<br />

هاجم الروم ميمنة المسسلمين ثم ميسرتهم،‏ فصمد المسسلمون،‏ ثم رموا المسسلمين<br />

بالنششاب...،‏ ثم إن المسسلمين هاجموهم فهزموهم بسرعة كبيرة،‏ وروى الطبري عن<br />

ابن إسسهق أن قاءد الروم قال لهم:‏ ‏“لفوا رأسسي بشوب،‏ قالوا:‏ ولم؟ قال:‏ يوم بئيسس لا<br />

أحب أن أراه!!‏ ما رأيت في الدنيا يوماً‏ أششد من هذا،‏ فاحتز المسسلمون رأسسه،‏ وإنه لمُلَفّف”‏ . ٦٠<br />

وقتل من الروم في هذه المعركة حوالي ثلاثة آلاف،‏ وتفرقت فلولهم إلى القدسس<br />

وقيسسارية ودمششق وحمص،‏ واسستششهد من المسسلمين أبان بن سسعيد ابن العاص،‏<br />

وهششام بن العاص‏ أخو عمرو بن العاص،‏ وطليب بن عمير بن وهب وهو ابن أروى بنت<br />

عبد المطلب عمة الرسسول [ ٦١ .<br />

٦١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

مشلت هذه المعركة انتصاراً‏ كبيراً‏ للمسسلمين،‏ وتحطمت هيبة الروم،‏ وششعر المسسلمون<br />

عملياً‏ بفضضل الٕيمان والصبر والاحتسساب على الٔعداد والعتاد التي يملكها عدوهم...،‏<br />

وانطلقوا لاسستكمال فتوحهم بعزيمة وثبات صقلتها الخبرة والتجربة.‏<br />

ويظهر أن المسسلمين لم يسستكملوا فتوحاتهم داخل فلسسطين بعد هذه المعركة،‏ فلم تتجه<br />

قواتهم ششمالاً‏ داخلها،‏ وإنما توجهوا إلى دمششق ملتفين من جنوب البهر الميت مار ِّين<br />

بشرق الٔردن.‏<br />

وفي مرج ُّ الصفر إلى الجنوب من دمششق بهوالي ٣٨ كم التقى المسسلمون بقوات الروم<br />

وهزموها في ١٧ جمادى الشانية ‎١٣‎ه - ١٨ آب/‏ أغسسطسس ‎٦٣٤‎م،‏ وجاءت البششارة<br />

لٔبي بكر الصديق بهذا النصر وهو في الرمق الٔخير؛ إذ توفي ] مسساء الشلاثاء<br />

٢١ جمادى الشانية ‎١٣‎ه - ٢٣ آب/‏ أغسسطسس ‎٦٣٤‎م . ٦٢<br />

سسادسساً:‏ عزل خالد:‏<br />

تولى عمر بن الخطاب ] الخلافة بعد أبي بكر الصديق [، فأمر بعزل خالد عن<br />

قيادة جيوشش الششام،‏ وأرسسل إلى أبي عبيدة حوالي ٢٦ جمادى الشانية ‎١٣‎ه - ٢٨ آب/‏<br />

أغسسطسس ‎٦٣٤‎م يوليه مكان خالد،‏ ولعل الخبر وصل إلى أبي عبيدة بعد حوالي أسسبوع،‏<br />

وجاء في كتاب عمر إلى أبي عبيدة:‏<br />

فقد وليتك أمور المسسلمين فلا تسستهي،‏ فإن االله لا يسستهي من الهق،‏ وإني<br />

أوصيك بتقوى االله الذي أخرجك من الكفر إلى الٕيمان ومن الضضلال إلى الهدى،‏<br />

وقد اسستعملتك على جند خالد فاقبضض جنده واعزله عن إمارته،‏ ولا تقد المسسلمين<br />

إلى هلكة رجاء غنيمة،‏ ولا تنفذ سرية إلى جمع كشير،‏ وغضض عن الدنيا عينيك<br />

وألْهِ‏ قلبك،‏ وإياك أن تهلك كما هلك من كان قبلك فقد رأيت مصارعهم وخبرت<br />

سراءرهم،‏ وإن بينك وبين الٓخرة سستر الخمار وكأني بك منتظراً‏ سسفراً‏ من دار قد<br />

مضضت نضضارتها،‏ وذهبت زهرتها،‏ وأحزم الناسس من يكون زاده التقوى....‏ . ٦٣<br />

هذه كتب التعيين في زمن الصهابة!!‏ أمر واضضه محدد،‏ وحرص‏ ورحمة بالجند<br />

الموءمنين،‏ ودعوة إلى تعليق القلب بالٓخرة والتزود بالتقوى،‏ واتسساق متوازن بين<br />

التكليف والعمل والعبادة.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٢


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

ولسسنا بصدد مناقششة عزل خالد،‏ ولكننا نقف لهظة أمام مششهد لٔولئك الصهابة<br />

العظام الذين فتهوا أرضض فلسسطين.‏ فقد علم خالد بأمر عزله دون أن يخبره أبو عبيدة،‏<br />

وكان خالد ما يزال يتصرف كأمير،‏ وأبو عبيدة يصلي خلفه...،‏ فعاتبه خالد عتاباً‏ رقيقاً‏<br />

لمِ‏ َ لم يخبره والسسلطان سسلطانه...‏ فكان مما رد عليه أبو عبيدة:‏<br />

وما سسلطان الدنيا أريد وما للدنيا أعمل...‏ وإنما نهن أخوان قوامان بأمر االله<br />

عز وجل،‏ وما يضر الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه،‏ بل يعلم الوالي<br />

أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة،‏ وأوقعهما في الخطيئة لما يعرضض من الهلكة إلا<br />

من عصم االله عز وجل وقليل ما هم . ٦٤<br />

إن من أهم المزايا التربية الٕسسلامية،‏ التي تنعكسس إيجابياً‏ على نجاه الهل الجهادي<br />

الٕسسلامي،‏ تجاوز المسساءل المتعلقة بهوى وحظوظ النفسس،‏ وتعليق القلب والعمل<br />

بالٓخرة،‏ وبالتالي تضضييق هامشش التنازع والصراع على المناصب والٔلقاب،‏ والتنافسس<br />

في ميدان البذل والعطاء،‏ وبهذا تتهقق بركة العمل،‏ ويتم الٕنجاز في أفضضل الظروف<br />

النفسسية.‏ وأن أصهاب التجارب الٕسسلامية المعاصرة مطالبون،‏ على مسستوى القيادة<br />

قبل مسستوى الٔفراد،‏ أن يكونوا النموذج والقدوة في هذا الٕطار،‏ ولو اسسترششد المجاهدون<br />

في أفغانسستان،‏ وفي غيرها،‏ بصدق بمقولة أبي عبيدة لتجاوزوا مششاكلهم،‏ ولبنوا دولتهم.‏<br />

سسابعاً:‏ معركة فهل - بيسسان:‏<br />

تعدّ‏ معركة فهل - بيسسان من أبرز المعارك التي خاضضها المسسلمون في فتههم لبلاد<br />

الششام،‏ وقد وقعت هذه المعركة على ضضفاف نهر الٔردن،‏ فقد عسسكر المسسلمون في فهل<br />

شرقي نهر الٔردن،‏ وعسسكر الروم عند بيسسان غربي نهر الٔردن ‏(إلى الششمال الغربي من<br />

فهل)،‏ غير أن ميدان المعركة كان في فلسسطين المعروفة بهدودها الهالية إلى الجنوب من<br />

بيسسان،‏ وكان عدد الروم ٥٠ ألفاً‏ وقيل ٨٠ ألفاً،‏ أما المسسلمون فكانوا ٢٦ ألفاً‏ تقريباً،‏ ولا<br />

يصل عددهم إلى ٣٠ ألفا‎٦٥ً‎ .<br />

وقبيل المعركة أرسسل الروم إلى أبي عبيدة أن ‏“اخرج أنت ومن معك من أصهابك<br />

وأهل دينك من بلادنا التي تنبت الهنطة والششعير والفواكه والٔعناب والشمار،‏ فلسستم لها<br />

بأهل،‏ وارجعوا إلى بلادكم،‏ بلاد البوءسس والششقاء،‏ وإلا أتيناكم فيما لا قِبل لكم به،‏ ثم لم<br />

ننصرف عنكم وفيكم عين تطرف”‏ . ٦٦<br />

٦٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

فرد عليهم أبو عبيدة:‏<br />

أما قولكم:‏ اخرجوا من بلادنا فلسستم لها ولما تنبت بأهل،‏ فلعمري ما كنا لنخرج<br />

منه وقد أذلكم االله بما فيها وأورثناها،‏ ونزعها من أيديكم وصيرّ‏ ها لنا،‏ وإنما البلاد<br />

بلاد االله،‏ والعباد عباد االله،‏ واالله مالك الملك يوءتي ملكه من يششاء ويعز من يششاء ويذل<br />

من يششاء...،‏ فلا تحسسبونا تاركيها ولا منصرفين عنها حتى نفنيكم ونخرجكم<br />

عنها،‏ فأقيموا فواالله لا نجششمكم إن أنتم لم تأتونا أن نأتيكم،‏ وإن أنتم أقمتم لنا فلا<br />

نبره حتى نبيد خضراءكم،‏ ونسستأصل ششأفتكم إن ششاء االله . ٦٧<br />

هكذا كان جواب القيادة المسسلمة:‏ عزة وكرامة واسستعلاء،‏ مقرون بفهم عميق لطبيعة<br />

الرسسالة الٕسسلامية وحركة التاريخ اختصر بخمسس كلمات فقط ‏“فلسستم لها ولما تنبت<br />

بأهل”،‏ وحرب نفسسية ردت على التهديد بتهديد أقوى،‏ وأكدت الٕصرار على الفته<br />

ونشر الرسسالة.‏<br />

ثم إن الروم طلبوا رجلاً‏ يفاوضضونه فأرسسل أبو عبيدة معاذ بن جبل إليهم،‏ فأقبل<br />

عليهم فإذا هم على فرشش ووسساءد في أبهة وفخامة تغششي الٔبصار،‏ فأبى معاذ أن يجلسس<br />

على البسسط مع روءسساءهم...‏ وجلسس إلى جانبها على الٔرضض،‏ فقالوا له:‏ ‏“لو دنوت<br />

فجلسست معنا كان أكرم لك...،‏ إن جلوسسك على الٔرضض منتهياً‏ صنيع العبد بنفسسه فلا<br />

نراك إلا قد أزريت بنفسسك”‏ فقال معاذ لهم إن هذه المكرمة التي يدعونه إليها قد اسستأثروا<br />

بها على ضضعفاءهم...‏ ‏“ولا حاجة لنا في شرف الدنيا ولا في فخرها،‏ ولا في ششيء يباعدنا<br />

عن ربنا”،‏ ورد على قولهم إنه صنع صنيع العبد ‏“أنا عبد من عبيد االله جلسست على<br />

بسساط االله،‏ ولا أسستأثر بششيء من االله على إخواني من أولياء االله...،‏ فلسست أبالي كيف كانت<br />

منزلتي عندكم إذا كانت عند االله على غير ذلك...”.‏<br />

وحاول الروم إبراز قوتهم لمعاذ قاءلين:‏ ‏“إن ملكنا حي،‏ وإن جنودنا عظيمة كشيرة...،‏<br />

ونهن عدد نجوم السسماء وحصى الٔرضض”‏ وسسألوه عما يطلبه المسسلمون،‏ فدعاهم معاذ<br />

إلى إحدى ثلاش:‏ الٕسسلام أو الجزية أو الهرب،‏ ورد عليهم قاءلاً:‏ ‏“وإن يكن ملككم هرقل<br />

فإن ملكنا االله عز وجل الذي خلقنا،‏ وأميرنا رجل منا إن عمل فينا بكتاب االله وسسنة<br />

نبينا [ أقررناه علينا،‏ وإن عمل بغير ذلك عزلناه عنا،‏ وإن هو سرق قطعنا يده،‏ وإن<br />

زنى جلدناه،‏ وإن ششتم رجلاً‏ منا ششتمه كما ششتمه،‏ وإن جرحه أقاده من نفسسه،‏ ولا يهتجب<br />

منا ولا يتكبر علينا،‏ ولا يسستأثر علينا في فيئنا الذي أفاءه االله علينا،‏ وهو كرجل منا”...‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٤


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

‏“وأما قولكم:‏ جنودنا كشيرة فإنها إن عظمت حتى تكون أكثر من نجوم السسماء وحصى<br />

الٔرضض،‏ فإنا لا نشق بها ولا نتكل عليها ولا نرجو النصر على عدونا بها،‏ ولكنا نتبرأ‏ من<br />

الهول والقوة،‏ ونتوكل على االله عز وجل ونشق بربنا...،‏ فكم من فئة قليلة قد أعزها االله<br />

ونصرها وأغناها وغلبت فئة كشيرة بإذن االله،‏ وكم من فئة كشيرة قد أذلها االله وأهانها”.‏<br />

فعرضض الروم على معاذ أن يعطوا المسسلمين البلقاء وما إلى أرضض العرب من سسواد<br />

الٔردن،‏ ودعوهم إلى قتال أهل فارسس ووعدوهم بالمسساعدة.‏ فقال معاذ:‏ ‏“هذا الذي<br />

عرضضتم علينا وتعطونا كله في أيدينا،‏ ولو أعطيتمونا جميع ما في أيديكم مما لم نظهر<br />

عليه،‏ ومنعتمونا خصلة من الخصال الشلاثة التي وضضعت لكم ما فعلنا”‏ فغضضبوا منه<br />

وقالوا:‏ ‏“نتقرب إليك وتتباعد عنا؟ اذهب إلى أصهابك فواالله إنا لنرجو أن نفرقكم في<br />

الجبال غداً”‏ فقال معاذ:‏ ‏“أما الجبال فلا،‏ ولكن واالله لتقتلنا عن آخرنا أو لنخرجنكم من<br />

أرضضكم أذلة وأنتم صاغرون”‏ . ٦٨<br />

وإذا كان لنا من وقفة هنا مع هذا المششهد التفاوضضي الزاخر،‏ فلعلنا نختار الٕششارة<br />

السريعة إلى النقاط التالية:‏<br />

• يعاني الكشير من زعماءنا ومفاوضضينا في هذا العصر من عقدة النقص‏ تجاه الٓخرين،‏<br />

ومن ضضعف الشقة بأنفسسهم أو قضضيتهم،‏ ويهاولون التعويضض عن ذلك بتقليد<br />

الٓخرين ‏“الخصوم”‏ في اللباسس والوجاهة والمظاهر،‏ فتكون هذه أول نقاط الانهزام<br />

لديهم.‏<br />

• عندما حاول الروم أن يزروا بسسلوك معاذ بن جبل الششخصي،‏ اسستخدم ذلك في الرد<br />

عليهم بتأكيد معاني الرسسالة الٕسسلامية من عبودية االله،‏ وعدم الاهتمام بزخرف<br />

الدنيا،‏ وكذلك في كششف عيوب سسلوكهم الاجتماعي - القيادي من ظلم وأنانية<br />

واسستعلاء على الضضعفاء،‏ فكان رده الٔقوى؛ لٔنه اسستعلى عليهم بإيمانه وسسلوكه<br />

ومنهجه.‏<br />

• وعندما هددوه بملكهم وأعدادهم،‏ رد الملك إلى االله سسبهانه،‏ ثم طعن في أسسلوبهم<br />

القيادي واسستعلاء ملوكهم بغير حق،‏ مششيراً‏ إلى منهجية وطبيعة القيادة الٕسسلامية،‏<br />

بهيش يتمنى الروم أن يعاملوا أميرهم كما يعامل المسسلمون أمراءهم،‏ كما رد على<br />

مسسألة العدد بإرجاع الٔمر إلى االله الذي بيده كل ششيء.‏<br />

• كل ذلك في قالب من العزة والقوة والتواضضع،‏ وإصرار على الدعوة إلى إحدى الخصال<br />

الشلاثة،‏ ورد التهديد بما هو أقوى وأوقع في النفسس.‏<br />

٦٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ترى ما هو ششعور المسسلم عندما يقرأ‏ هذا الموقف للصهابة الذين فتهوا فلسسطين،‏<br />

وبين أولئك الذين يسساومون عليها الٓن في عصرنا ‏(غزة - أريها...؟!).‏<br />

ويبعش الروم رجلاً‏ منهم إلى أبي عبيدة ليفاوضضه،‏ ويتكرر موقف ششبيه لما حدش مع<br />

معاذ؛ إذ إن الرجل لما دنا من المسسلمين لم يعرف الٔمير!!‏ فسسأل عنه،‏ فقالوا:‏ ها هو ذا!!‏<br />

فنظر إذا هو بأبي عبيدة جالسس على الٔرضض،‏ وهو منتكب القوسس،‏ وفي يده أسسهم وهو<br />

يقلبها،‏ فتعجب منه وسسأله لم يجلسس على الٔرضض؟ فكان مما قاله أبو عبيدة:‏ ‏“ما أصبهت<br />

أملك ديناراً‏ ولا درهماً،‏ وما أملك إلا فرسسي وسسلاحي وسسيفي...‏ ولو كان عندي بسساط<br />

أو وسسادة ما كنت لٔجلسس عليه دون إخواني وأصهابي...”،‏ فعرضض الرومي على<br />

أبي عبيدة أن يعطي كل مقاتل مسسلم دينارين وثوباً‏ ويعطي أبا عبيدة ألف دينار،‏ ويعطي<br />

الخليفة عمر ألفين،‏ ويعطي المسسلمين أرضض البلقاء وسسواد الٔردن على أن يرجعوا وتكتب<br />

بذلك المواثيق،‏ فرفضض أبو عبيدة وقال:‏ إن االله أمرهم أن يعرضضوا على العدو إحدى ثلاش:‏<br />

الٕسسلام أو الجزية أو الهرب....‏ فانصرف الرومي . ٦٩ كان على الروم أن يدركوا أن<br />

المسسلمين أصهاب رسسالة،‏ وأنهم لا يبيعون رسسالتهم بعرَضض ‏ٍمن الدنيا،‏ وهو درسس أيضضاً‏<br />

لٔولئك الموءرخين الذين يتششدقون بالدافع الاقتصادي وعوامل الجوع والعطشش التي<br />

يزعمون أنها دفعت المسسلمين للقيام بهركة الفته الٕسسلامي.‏<br />

كان قاءد الروم في المعركة هو سسَ‏ قِلار بن مخراق،‏ وقاءد المسسلمين أبو عبيدة،‏ وفي الشلش<br />

الٔخير من ليلة الٕثنين ٢٨ ذي القعدة ‎١٣‎ه - ٢٣ كانون الشاني/‏ يناير ‎٦٣٥‎م تم َّت تعبئة<br />

المسسلمين وترتيبهم،‏ وصلّوا الفجر،‏ وجعل أبو عبيدة على الميمنة معاذ بن جبل،‏ وعلى<br />

الميسرة هاششم بن عتبة،‏ وعلى المششاة سسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل،‏ وعلى الخيل<br />

خالد بن الوليد،‏ وعبر بهم النهر باتجاه الروم . ٧٠<br />

أما الروم فظنوا أن المسسلمين في فهل لا يتوقعون عبورهم إليهم،‏ وقدر قاءدهم أنه إذا<br />

جاءهم وجدهم نياماً‏ فيفاجئهم،‏ فسسار بجيششه نهو فهل . ٧١<br />

وفي الصباه بدأت المعركة،‏ وكان القتال فيها أششد قتال اقتتلوه قط،‏ وقتل خالد بن الوليد<br />

بنفسسه ١١ رجلاً‏ من أششداءهم وبطارقتهم،‏ وانتصر المسسلمون،‏ وقيل إن ٨٠ ألفاً‏ أصيبوا لم<br />

يفلت منهم إلا الشريد ، ٧٢ وذكر البلاذري أن قتلى الروم كانوا حوالي عشرة آلاف . ٧٣<br />

وبهذه المعركة غلب المسسلمون على أرضض الٔردن وأصابوا من ريفه أفضضل ما ترك<br />

الروم فأصبهت أقواتهم ومادتهم موفورة،‏ وأخذ الروم ينتقلون إلى الهصون،‏ وأصابهم<br />

الرعب مما أصابهم فلجأ‏ الكشير من فرسسانهم وأغنياءهم إلى قيسسارية والقدسس . ٧٤<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٦


الاتجاه ششمالاً:‏<br />

الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

وعلى الرغم من أن المسسلمين هزموا الروم هزيمتين كبيرتين على أرضض فلسسطين<br />

إحداهما في الجنوب ‏“أجنادين”‏ والٔخرى في الششمال ‏“فهل - بيسسان”‏ إلا أنهم لم يتابعوا<br />

طريقهم لفته باقي فلسسطين،‏ وإنما اتجهوا ششمالاً،‏ فهاصروا دمششق أربعة أششهر حتى<br />

فتهوها يوم الٔحد ١٥ رجب ‎١٤‎ه - ٣ أيلول/‏ سسبتمبر ‎٦٣٥‎م،‏ ثم فتهوا بعلبك صلهاً‏<br />

أواخر ربيع الٔول ‎١٥‎ه - أواءل أيار/‏ مايو ‎٦٣٦‎م،‏ ثم فتهوا حمص‏ صلهاً‏ بعد حصار<br />

اسستمر ١٨ ليلة في ٢١ ربيع الٓخرة ‎١٥‎ه - أول حزيران/‏ يونيو ‎٦٣٦‎م،‏ وأرسسل أبو عبيدة<br />

بعدها طلاءع جنده إلى حلب،‏ وإلى جهة الجزيرة،‏ ولكن عمر بن الخطاب طلب منه أن يضضم<br />

أجناده ويتوقف.‏ ففي تلك الفترة كانت تجري الاسستعدادات الكبرى لمعركة القادسسية بين<br />

المسسلمين والفرسس،‏ ثم إن الروم كانوا يعدون لمعركة حاسسمة فاصلة،‏ ولذلك دعا أبو عبيدة<br />

خالداً‏ فبعشه إلى دمششق ليقيم بها في ألف من المسسلمين،‏ كما كل َّف عمرو بن العاص،‏ أن يقيم<br />

بجيششه في فلسسطين . ٧٥<br />

ثامناً:‏ معركة اليرموك:‏<br />

كان هرقل خلال الهزاءم السسابقة المتكررة ما يزال مقيماً‏ في أنطاكية يهششد قواته<br />

ويبعشها للقتال،‏ ويبدو أنه عند سسقوط دمششق،‏ وربما قبلها،‏ أراد أن يهششد حششداً‏ ضضخماً‏<br />

بأكبر قوة يسستطيعها ليدخل بها معركة فاصلة.‏ وقد اختلفت الروايات في أعداد الروم<br />

وذكر الرواة أنه أقبلت من الجموع ما لا تحمله الٔرضض،‏ ووصفهم الٔزدي قاءلاً:‏ ‏“فطبقوا<br />

الٔرضض مشل الليل والسسيل كأنهم الجراد السسود”‏ ، ٧٦ أما تقديرات الرواة لٔعدادهم<br />

فتراوحت بين ١٠٠-٤٠٠ ألف،‏ ولعل الٔقرب للصهة أنهم كانوا ٢٠٠ ألف بقيادة باهان<br />

،Vahan أما عدد المسسلمين فكان ٣٦ ألفاً‏ منهم ألف من الصهابة رضضوان االله عليهم فيهم<br />

نهو مئة ممن ششهدوا بدرا‎٧٧ً‎ .<br />

ولما بلغت أبا عبيدة أخبار جموع الروم الهاءلة،‏ وكان المسسلمون قد سساحوا في أرضض<br />

الششام،‏ قررت قيادة جيشش المسسلمين أن يتنهوا جانباً‏ وينسسهبوا من حمص،‏ وردوا<br />

لٔهلها جزيتهم؛ لٔنهم غير قادرين على حمايتهم . ٧٨ وعلى الرغم من أن عمر بن الخطاب<br />

كره هذا الرأي إلا أنه رضضي لٕجماعهم عليه،‏ وأمدهم بقوة عليها سسعيد بن عامر وأوصى<br />

سسعيداً:‏ ‏“إني قد وليتك على هذا الجيشش ولسست بخير رجل منهم إلا أن تكون أتقى الله<br />

منه،‏ فلا تششتم أعراضضهم ولا تضرب أبششارهم،‏ ولا تحقر ضضعيفهم،‏ ولا توءثر قويهم،‏<br />

وكن للهق تابعاً،‏ ولا تتبع هوى ششاذاً...”‏ . ٧٩ وهكذا فإن علاقة القيادة بالٔفراد في الجيشش<br />

٦٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الٕسسلامي علاقة متميزة تقوم على احترام إنسسانيتهم،‏ ومراعاة مششاعرهم،‏ والمسساواة<br />

والعدل بينهم لا كما يهدش في بعضض الجيوشش؛ حيش يتفنن أصهاب كل رتبة في إذلال<br />

من دونهم بهجة الانضضباط،‏ فتقوم علاقة مبنية على الكراهية والخوف لا على الهب<br />

والاقتناع والولاء.‏<br />

ورجع أبو عبيدة إلى دمششق،‏ ورد المسسلمون على أهلها ما جُ‏ بي منهم ، ٨٠ وكان رأي<br />

المسسلمين أن يتجمعوا لعدوهم وينتظروا قدوم الٕمدادات لهم...،‏ فخرج المسسلمون باتجاه<br />

الٔردن،‏ وزحف جيشش الروم،‏ وانضضم إليهم النصارى في المناطق التي في طريقهم...،‏<br />

وتجرأوا على المسسلمين . ٨١ وأرسسل أبو عبيدة إلى عمر أن ‏“الروم قد نفرت إلى المسسلمين براً‏<br />

وبهراً،‏ ولم يخلفوا وراءهم رجلاً‏ يطيق حمل السسلاه إلا جاششوا به علينا،‏ وأخرجوا معهم<br />

القسسيسسين والٔسساقفة،‏ ونزلت إليهم الرهبان من الصوامع،‏ واسستجاششوا بأهل أرمينية<br />

وأهل الجزيرة...”‏ وأخبره رأي المسسلمين بالتنهي والتجمع حتى يأتي المدد...‏ وقال<br />

‏“فالعجل العجل يا أمير الموءمنين بالرجال بعد الرجال،‏ وإلا فاحتسسب أنفسس المسسلمين إن<br />

هم أقاموا ودينهم منهم إن هم تفرقوا،‏ فقد جاءهم ما لا قِبل لهم به إلا أن يمدهم االله<br />

بملاءكته أو يأتيهم بغياش من قبله،‏ والسسلام عليك”‏ . ٨٢<br />

ولما وصل كتاب أبي عبيدة إلى عمر دعا المهاجرين والٔنصار فقرأه عليهم،‏ فبكوا بكاء<br />

ششديداً‏ وأششفقوا على إخوانهم،‏ ولم يكن هناك مجال لٕرسسال غوش ومدد للمسسلمين لقرب<br />

الروم منهم،‏ فأرسسل عمر يشبتهم ويششد من أزرهم،‏ ويوءكد لهم في هذا الجو العصيب<br />

المعاني الٕسسلامية بما تحمله من إيمان وثقة باالله وموازين الصراع بين الهق والباطل...‏<br />

ومما جاء فيها “... فلا تهولنك كثرة ما جاء منهم فإن االله منهم بريء،‏ ومن برئ االله<br />

منه كان قمناً‏ ‏]جديراً[‏ ألا تنفعه كثرة،‏ وأن يكله االله إلى نفسسه ويخذله،‏ ولا توحششك قلة<br />

المسسلمين،‏ فإن االله معك،‏ وليسس قليلاً‏ من كان االله معه.‏ فأقم بمكانك الذي أنت فيه حتى تلقى<br />

عدوك وتناجزهم وتسستظهر االله عليهم،‏ وكفى به ظهيراً‏ وولياً‏ ونصيراً...”‏ ‏“ولعمري إن<br />

أقام لهم المسسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند االله خير للٔبرار”...‏ ومما جاء في كتاب عمر<br />

لٔبي عبيدة أيضضاً:‏<br />

فأما قولك إنه قد جاءهم ما لا قِبل لهم به،‏ فإن لا يكن لكم بهم قبل فإن الله بهم<br />

قبلاً،‏ ولم يزل ربنا عليهم مقتدراً،‏ ولو كنا واالله إنما نقاتل الناسس بهولنا وقوتنا<br />

وكثرتنا لهيهات ما قد أبادونا وأهلكونا،‏ ولكن نتوكل على االله ربنا ونبرأ‏ إليه من<br />

الهول والقوة ونسسأله النصر والرحمة،‏ وإنكم منصورون إن ششاء االله على كل<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٨


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

حال،‏ فأخلصوا الله نياتكم،‏ وارفعوا إليه رغبتكم،‏ واصبروا وصابروا ورابطوا<br />

واتقوا االله لعلكم تفلهون”‏ وأوصاه عمر أن يقرأ‏ كتابه على الناسس . 83<br />

وجاء الرسسول بكتاب عمر يوم دخل سسعيد بن عامر الجمهي بألف من المسسلمين مدداً‏<br />

من قبل عمر في معسسكر المسسلمين باليرموك،‏ واسستبشر المسسلمون بالمدد،‏ كما اسستبشروا<br />

برأي عمر . ٨٤<br />

كانت جيوشش المسسلمين قد اجتمعت بالجابية قبل أن تتجه إلى اليرموك،‏ وفي الجابية<br />

اجتمع قادة المسسلمين وتداولوا الٔمر فكان رأي بعضضهم الانسسهاب جنوباً‏ إلى أطراف<br />

الصهراء،‏ أما خالد بن الوليد فقال:‏ ‏“أرى واالله إن كنا نقاتل ‏]بالكثرة والقوة[‏ هم أكثر<br />

منا وأقوى منا وما لنا بهم إذن طاقة،‏ وإن كنا نقاتلهم باالله والله،‏ فما ‏]أرى[‏ جماعتهم ولو<br />

كانوا أهل الٔرضض جميعاً‏ أنها تغني عنهم ششيئاً”‏ . ٨٥<br />

كان قادة المسسلمين يدركون خطورة الموقف،‏ ويسستششعرون عظم المسوءولية،‏ وفي هذا<br />

الموقف الذي تتزلزل فيه الٔقدام،‏ ويهرب منه عششاق المناصب تقدم خالد بن الوليد وقال<br />

لٔبي عبيدة:‏ ‏“أتطيعني أنت فيما آمرك به؟”‏ قال أبو عبيدة،‏ أمين هذه الٔمة،‏ وكله ثقة<br />

بخالد:‏ نعم،‏ فقال خالد:‏ ‏“فولني ما وراء بابك وخلني والقوم فإني لٔرجو االله أن ينصرني<br />

عليهم”،‏ قال أبو عبيدة ‏“قد فعلت”‏ . ٨٦<br />

وهكذا فوضض أبو عبيدة خالداً‏ بالقيادة الميدانية،‏ بينما احتفظ لنفسسه،‏ كما يظهر،‏<br />

بالقيادة العليا الرسسمية للجيشش.‏ وظلّ‏ خالد متأدباً‏ مع أبي عبيدة فاسستششاره في قيادة<br />

الميمنة فرششه أبو عبيدة معاذاً‏ فوافق خالد،‏ وقال فولّها له،‏ فولاها له أبو عبيدة،‏ ورششه<br />

خالد قُباش بن أششيم على الميسرة،‏ فأمره أبو عبيدة بذلك،‏ وقال خالد:‏ وأنا على الخيل،‏<br />

وول ِّ على الرجالة من ششئت،‏ فاختار أبو عبيدة هاششم بن عتبة بن أبي وقاص‏ فوافق<br />

خالد،‏ فأمر أبو عبيدة بذلك.‏ ثم إن أبا عبيدة أرسسل،‏ بطلب من خالد،‏ إلى أهل كل راية أن<br />

يطيعوا خالداً،‏ ونقل الٔمر الضضهاك بن قيسس،‏ فسسار على الناسس وهو يقول:‏ ‏“إن أميركم<br />

أبا عبيدة،‏ يأمركم بطاعة خالد بن الوليد فيما يأمركم به”‏ . ٨٧<br />

انسسهب المسسلمون من الجابية إلى أذرعات؛ حيش نزلوا خلف نهر اليرموك وجعلوا<br />

أذرعات خلفهم،‏ ونزل الروم بين اليرموك ووادي الرقاد ‏“الواقوصة”‏ فهُ‏ صروا من<br />

ثلاش جهات.‏ وتحرك المسسلمون من أذرعات وعسسكروا مقابل الروم الذين لم يعد لهم<br />

طريق إلا على المسسلمين . ٨٨<br />

٦٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

كان المسسلمون،‏ في المعارك السسابقة،‏ يقاتلون متسساندين أي أن كل جيشش وحدة<br />

مسستقلة بذاتها تتعاون مع الجيوشش الٔخرى،‏ وكان رأي خالد مزجها جيششاً‏ واحداً،‏<br />

وإعادة تنظيمها بوحدات متناسسقة على ششكل كراديسس،‏ فاجتمع بأمراء الجيشش واقتره<br />

لهم ذلك،‏ وكان مما قاله:‏ ‏“إن هذا يوم من أيام االله لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي،‏ أخلصوا<br />

جهادكم،‏ وأريدوا الله بعملكم فإن هذا اليوم له ما بعده”...‏ ‏“فقد أفرد كل رجل منكم ببلد<br />

من البلدان لا ينتقصه منه إن دان لٔحد من أمراء الجند،‏ ولا يزيده عليه إن دانوا له.‏ إن<br />

تأمير بعضضكم لا ينقصكم عند االله ولا عند خليفة رسسول االله ]....”. وهكذا عالج خالد<br />

مسسألة الٕمارة الهسساسسة بصراحة ووضضوه،‏ وسسد على النفوسس منافذ الششيطان وسسوء<br />

الظن،‏ وتمت الاسستجابة بسسلاسسة ويسر،‏ وأعيد الترتيب بهيش يظهر كما يرى أحمد كمال<br />

أن أمراء الجيوشش كانوا هيئة إدارة عليا للميدان بدليل وجود أسسماء أخرى لقيادات الميمنة<br />

والميسرة والمششاة . ٨٩<br />

وقبيل المعركة دعا باهان قاءد الروم خالداً‏ للتباحش،‏ وفي المفاوضضات التي جرت بينهما<br />

تحدش باهان عن قوة أمته ومَنَعتها سساخراً‏ من ضضعف ورق َّة حال العرب،‏ وعرضض عليه<br />

أن يعطي الٔمير عشرة آلاف دينار،‏ وأن يأخذ خالد عشرة آلاف،‏ وكل رءيسس ألف دينار،‏<br />

ولكل فرد مئة دينار!!‏ وهكذا تتكرر مرة أخرى لدى الروم تلك العقلية المسساومة التي تربط<br />

حركة الهياة بالمادة والمصلهة،‏ ولم تسستوعب أصول الرسسالة الٕسسلامية وسسموها ودوافع<br />

حركتها الجهادية النبيلة.‏ ويرد خالد على طره وعرضض باهان فيوءكد له ما ذكره مما كان<br />

عليه العرب من فقر وضضعف وفرقة وصراع ويبين له أن الذي اسستجد عليهم ليسس الفقر<br />

والجوع،‏ وإنما ‏“خروج النبي [ برسسالة الٕسسلام وأمره لهم بقتال من اتخذ مع االله آلهة<br />

أخرى....”‏ وعرضض خالد على باهان إحدى ثلاش:‏ الٕسسلام أو الجزية أو القتال . ٩٠<br />

ودعا الدرنجار قاءد ميسرة الروم رجلاً‏ من نصارى العرب،‏ وأمره أن يذهب<br />

ليتجسسسس على المسسلمين فذهب ومكش في معسسكرهم ليلة حتى أصبه،‏ فأقام عامة يومه،‏<br />

ثم عاد إلى الدرنجار فقال له:‏ ‏“جئتك من عند قوم يقومون الليل كله يصلون ويصومون<br />

النهار،‏ ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر،‏ رهبان بالليل أسسد بالنهار،‏ لو يسرق<br />

ملكهم لقطعوا يده،‏ ولو زنى لرجموه لٕيشارهم الهق،‏ واتباعهم إياه على الهوى”‏ فقال<br />

درنجار:‏ ‏“لئن كان هوءلاء القوم كما تزعم،‏ وكما ذكرت لبطن الٔرضض خير ‏-لمن يريد<br />

قتالهم-‏ من ظهرها”‏ . ٩١ هذا الوصف،‏ هو الوصف الهقيقي لٔي جيشش مسسلم يرفع راية<br />

الهل الٕسسلامي لتهرير الٔرضض المباركة،‏ واسستعادتها من أيدي الٔعداء.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٠


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

وفي يوم الٕثنين ٥ رجب ‎١٥‎ه - ١٢ آب/‏ أغسسطسس ‎٦٣٦‎م وقعت معركة اليرموك،‏<br />

ووضضع باهان على ميمنته ابن قناطر،‏ وعلى ميسرته الدرنجار،‏ ومعه جرجير في جند<br />

أرمينية،‏ وجبلة بن الٔيهم الغسساني على الٔعراب الموالين للروم،‏ وعددهم ١٢ ألفاً‏ من<br />

قباءل لخم وجذام وبلقين وعاملة من قضضاعة وغسسان . ٩٢<br />

وزحف الروم على المسسلمين مشل ‏“الليل والسسيل”‏ وكانوا حوالي ١٢٠ ألفاً‏ من المششاة،‏<br />

و‎٨٠‎ ألفاً‏ من الفرسسان.‏ وأخذ قادة المسسلمين يهشون الجنود على الصبر والجهاد،‏ وسسار<br />

أبو عبيدة في المسسلمين فقال ‏“يا عباد االله انصروا االله ينصركم ويشبت أقدامكم فإن وعد االله<br />

حق،‏ يا معشر المسسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ومرضضاة للرب ومدحضضة<br />

للعار،‏ فلا تبرحوا مصافكم،‏ ولا تخطوا إليهم خطوة،‏ ولا تبدوءوهم بقتال،‏ وأشرعوا<br />

الرماه،‏ واسستتروا ‏]بالد ُّرق[‏ والزموا الصمت إلا من ذكر االله حتى آمركم إن ششاء االله”‏ . ٩٣<br />

وكذا فعل معاذ بن جبل،‏ وعمرو بن العاص‏ الذي كان مما قاله:‏ ‏“فوالذي يرضضى<br />

الصدق ويشيب عليه،‏ ويمقت الكذب ويعاقب عليه،‏ ويجزي بالٕحسسان،‏ لقد بلغني أن<br />

المسسلمين سسيفتهونها كفراً‏ كفراً‏ وقصراً‏ قصراً،‏ فلا يهولنكم جموعهم ولا عددهم،‏ فإنكم<br />

لو صدقتموهم الششدة لقد انذعروا انذعار أولاد الهجل”‏ . ٩٤<br />

وهكذا فعل أبو سسفيان بن حرب،‏ وجاءت نسساء المسسلمين فوقفن على مرتفع<br />

خلف الصفوف فرجع إليهن َّ أبو سسفيان وأمر بالهجارة فألقيت بين أيديهن،‏ وقال<br />

لهن:‏ ‏“لا يرجع أحد من المسسلمين إلا رميتن َّه بهذه الهجارة”‏ . ٩٥<br />

وزحف الروم،‏ وقد رفعوا الصلبان،‏ وأقبلوا معهم الرهبان والقسسيسسون والبطارقة،‏<br />

وتبايع عظماوءهم على الموت،‏ ودخل ٣٠ ألفاً‏ منهم بالسسلاسسل،‏ كل عشرة في سسلسسلة حتى<br />

لا يفروا . ٩٦<br />

ورجع خالد إلى نسساء المسسلمين فأمرهن أن يقتلن أي رجل أقبل إليهن َّ منهزماً‏ من<br />

المسسلمين،‏ ونظم خالد الجيشش بهيش كان الفرسسان خلف المششاة،‏ وبهيش ينكسر الهجوم<br />

الرومي أمام المششاة،‏ وعندما يفقد الروم نظامهم يهاجمهم خالد بفرسسانه وهي مرتاحة . ٩٧<br />

وبدأ‏ الهجوم الرومي على ميمنة المسسلمين ثم الميسرة،‏ وحدش التهام هاءل،‏ وأمام<br />

سسيل الروم الجارف انكششف المسسلمون في الميمنة والميسرة،‏ لكن المسسلمين صمدوا في<br />

القتال بين مد وجزر . ٩٨ وكان أششد القتال في الميمنة؛ حيش الٔزد قوم أبي هريرة الذي أخذ<br />

يهمسس المسسلمين هناك،‏ ويقول ‏“تزينوا للهور العين،‏ وارغبوا إلى جوار ربكم عز وجل في<br />

٧١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

جنات النعيم،‏ فما أنتم إلى ربكم في موطن من مواطن الخير أحب إليه منكم في هذا الموطن،‏<br />

ألا وإن للصابرين فضضلهم”‏ . ٩٩ وهكذا فمن يتمعن في أقوال قادة المسسلمين والصهابة في<br />

المعركة ‏(أبي عبيدة،‏ ومعاذ،‏ وعمرو،‏ وأبي هريرة...)‏ لا يرى حشاً‏ على الدنيا ولا وعوداً‏<br />

بالمغانم والمناصب،‏ وإنما دعوات للٕخلاص‏ والصبر والذكر،‏ وثقة بوعد االله ونصره،‏<br />

ورغبة في الششهادة والجنة.‏<br />

وعندما حدش الاختراق الرومي للميمنة والميسرة،‏ وثبت القلب،‏ تدفقت قوات الروم<br />

نهو معسسكر المسسلمين بالخلف،‏ وظلت هناك صفوف المسسلمين تقاوم،‏ ويعود إليها من<br />

جديد من كانت الروم قد اجتاحته.‏<br />

وفي هذا الجو العصيب،‏ قال عكرمة بن أبي جهل:‏ قاتلت رسسول االله [ في كل موطن،‏<br />

وأفر منه اليوم؟!‏ من يبايع على الموت؟!‏ فبايعه ٤٠٠ من وجوه المسسلمين وفرسسانهم<br />

فيهم الهارش بن هششام وضرار بن الٔزور فاسستبسسلوا أمام فسسطاط خالد،‏ حتى أصيبوا<br />

جميعاً‏ بجراه خطيرة فمنهم من قضضى نهبه،‏ ومنهم من برئ مشل ضرار بن الٔزور . ١٠٠<br />

وقاتلت نسساء المسسلمين في هذا اليوم قتالاً‏ ششديداً‏ كخولة بنت الٔزور،‏ وأم حكيم ابنة<br />

حكيم ابن الهرش،‏ وسسلمى بنت لوءي،‏ وأسسماء بنت أبي بكر...،‏ كما قامت نسساء المسسلمين<br />

بمداواة الجرحى وسسقاية الماء . ١٠١<br />

كان خالد بن الوليد في نصف فرسسان المسسلمين وقيسس بن هبيرة في النصف الشاني<br />

لم يقاتلوا حتى تلك اللهظة،‏ وعندما تكسرت صفوف الروم زحف خالد في فرسسانه<br />

إلى الروم،‏ وقد أنهكهم التعب واختلت صفوفهم.‏ أما فرسسان الروم الذين سسبقوا المششاة<br />

إلى معسسكر المسسلمين فقد انقطعت أخبارهم،‏ ويبدو أنهم اسستمروا في طريقهم هرباً‏ من<br />

المعركة والهصار وعددهم حوالي ٣٠ ألف فارسس،‏ ولما رأى المسسلمون خيل الروم كذلك<br />

فتهوا لها مهرباً‏ فذهبت في حالة من الفوضضى،‏ وششد َّ خالد بفرسسانه على المششاة وقتل<br />

سستة آلاف وقيل عشرة آلاف ، ١٠٢ وقيل إنه تكسرت في يد خالد تسسعة أسسياف . ١٠٣<br />

وأخذ المسسلمون يزحفون مع هجوم خالد وقيسس...‏ وتراجع الروم وقد سسد َّ المسسلمون<br />

عليهم المنافذ...،‏ واندفعوا متراجعين إلى الواقوصة ‏(وهو نهر الرقاد من جهة التقاءه<br />

باليرموك)‏ وكانت حافته مرتفعة فتهاووا فيها،‏ إذ كان الجو ضضباباً،‏ وقيل كان ليلاً‏ وهو<br />

الٔرجه؛ حيش قتل منهم في هذه الهاوية حوالي ٨٠ ألفاً،‏ وقتل في المعركة ٥٠ ألفاً،‏ واسستطاع<br />

الفرار تحت جنه الليل حوالي ٤٠ ألفاً،‏ بينما كان قد هرب حوالي ٣٠ ألف فارسس . ١٠٤ أما<br />

المسسلمون فقد اسستششهد منهم حوالي ثلاثة آلاف . ١٠٥<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٢


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

اسستعادة الششام:‏<br />

وبانتهاء معركة اليرموك التي تعدّ‏ إحدى المعارك الهاسسمة في التاريخ انكسرت<br />

ششوكة الروم في الششام،‏ وأصبه فتهها أكثر سسهولة ويسراً‏ على المسسلمين.‏ وقد اسستفاد<br />

المسسلمون من هذه الفرصة،‏ فقام خالد بسرعة كبيرة بمطاردة الروم واسستعادة الششام<br />

حتى حمص‏ . ١٠٦ وعادت القيادة المباشرة على الجيوشش لٔبي عبيدة الذي انتقل معسسكره<br />

إلى مرج الصفر ومنها إلى دمششق . ١٠٧<br />

وفي أواخر آب/‏ أغسسطسس ‎٦٣٦‎م جاء أمر عمر إلى أبي عبيدة بإعادة الجيشش،‏ الذي<br />

جاء مدداً‏ من العراق مع خالد،‏ فعاد إلى العراق سستة آلاف؛ ليدركوا معركة القادسسية التي<br />

وقعت بعد اليرموك بأربعين يوما‎١٠٨ً‎ .<br />

وفي دمششق قسسّ‏ م أبو عبيدة الششام على الٔمراء فاسستخلف يزيد بن أبي سسفيان على<br />

دمششق،‏ وعمرو بن العاص‏ على فلسسطين،‏ وشرحبيل بن حسسنة على الٔردن،‏ ومضضى<br />

أبو عبيدة إلى حمص.‏ ومن دمششق خرج يزيد،‏ وفي مقدمته معاوية بن أبي سسفيان ففته<br />

صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وكان فتهاً‏ يسسيراً.‏ أما شرحبيل ففته باقي الٔردن<br />

بيسر...‏ ففته سسوسسية،‏ وأفيق،‏ وجرشش،‏ وبيت راسس،‏ وقدسس،‏ والجولان،‏ وذلك في<br />

النصف الشاني من ‎١٥‎ه . ١٠٩<br />

تاسسعاً:‏ فته فلسسطين:‏<br />

وانفته الطريق بعد اليرموك إلى فلسسطين،‏ فاتجه عمرو بن العاص‏ إليها،‏ ففته<br />

سسبسسطية ونابلسس،‏ ثم اللد ونواحيها،‏ ثم يبنة وعمواسس وبيت جبرين،‏ ثم هبط باتجاه<br />

الجنوب الغربي حتى فته رفه،‏ وفي رواية حتى أنه فته يافا،‏ وفي قول آخر أن معاوية هو<br />

الذي فتهها.‏ ثم فته عمرو عسسقلان ثم انتقضض أهلها فأعاد معاوية فتهها في ولايته . ١١٠<br />

وذكر صاحب فتوه البلدان أن عمرو ابن العاص‏ فته غزة على عهد أبي بكر . ١١١<br />

وهكذا فتهت فلسسطين،‏ ولم يبقَ‏ إلا قيسسارية وبيت المقدسس،‏ أما بيت المقدسس فقد<br />

فتهت على الٔرجه في ربيع الٓخر ‎١٦‎ه - أيار/‏ مايو ‎٦٣٧‎م.‏ فقد اتجه عمرو بن العاص‏<br />

إلى القدسس بعد أن أصبهت جيباً‏ معزولاً‏ وحاصرها،‏ وبعد أن فرغ أبو عبيدة من تطهير<br />

ششمال الششام ‏(حلب،‏ أنطاكية...)‏ سسار إلى عمرو وتولى الهصار بنفسسه.‏<br />

٧٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وكتب أهل القدسس إلى أبي عبيدة يطلبون الصله على مشل ما صالهت عليه مدن<br />

الششام،‏ غير أنهم اششترطوا أن يتولى العقد عمر بن الخطاب...‏ .<br />

اسستخلف عمر بن الخطاب علي َّ بن أبي طالب على المدينة،‏ وسسار إلى الششام؛ حيش وافاه<br />

أمراء جيوشش المسسلمين في الجابية.‏ ومع قدوم عمر هرب قاءد الروم ‏(أرطبون)‏ من القدسس،‏<br />

فكان الذي صاله عن أهل فلسسطين رجل من أهل إيلياء ‏(القدسس)‏ والرملة يدعى العو َّام.‏<br />

وقد صاله عمر أهل القدسس وهو بالجابية وكتب لهم هناك الصله . ١١٢ وقد جاء في نصه:‏<br />

بسسم االله الرحمن الرحيم.‏ هذا ما أعطى عبد االله عمر أمير الموءمنين أهل إيلياء<br />

من الٔمان،‏ أعطاهم أماناً‏ لٔنفسسهم وأموالهم ولكناءسسهم وصلبانهم وسسقيمها<br />

وبريئها وسساءر ملتها،‏ أنه لا تسسكن كناءسسهم ولا تهدم ولا ينتقص‏ منها ولا من<br />

خيرها ولا من صليبهم ولا من ششيء من أموالهم،‏ ولا يكرهون على دينهم،‏ ولا<br />

يضضار أحد منهم،‏ ولا يسسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.‏<br />

وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المداءن،‏ وعليهم أن يخرجوا<br />

منها الروم واللصوص،‏ فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسسه وماله حتى يبلغوا<br />

مأمنهم،‏ ومن أقام منهم فهو آمن،‏ وله مشل ما على أهل إيلياء من الجزية...‏ .<br />

وعلى ما في هذا الكتاب عهد االله وذمة رسسوله وذمة الخلفاء وذمة الموءمنين إذا<br />

أعطوا الذي عليهم من الجزية.‏<br />

ششهد على ذلك خالد بن الوليد،‏ وعمرو بن العاص،‏ وعبد الرحمن بن عوف،‏<br />

ومعاوية بن أبي سسفيان،‏ وكتب وحضر ‎١٥‎ه . ١١٣<br />

وهذا النص‏ هو ما يعرف بالعهدة العمرية،‏ وعلى أسساسسه فتهت القدسس،‏ وهو<br />

يعكسس مدى التسسامه الديني الذي تمتع به المسسلمون؛ بهيش أصبه نموذجاً‏ يهتذى في<br />

وقت كان التعصب الٔعمى والٕكراه على الدين يعم العالم.‏<br />

وقبل أن نسرد دخول عمر إلى القدسس نقف لهظات مع ذلك الجيل الرباني الذي<br />

فته الٔرضض،‏ وحطم القوى الكبرى في ذلك الزمان.‏ نقف مع الخليفة القاءد الزاهد<br />

عمر لنسستلهم من سسلوكه بعضض المعايير التي يهتاجها أولئك الذين يتصد َّرون العمل<br />

الٕسسلامي،‏ ويتهملون أمانة وتبعات الجهاد والتهرير.‏ فقد روى ابن أبي الدنيا عن<br />

أبي الغالية الششامي أن عمر قدم إلى الجابية ‏“على جمل أورق،‏ تلوه صلعته للششمسس،‏<br />

ليسس عليه قلنسسوة ولا عمامة،‏ تصطفق رجلاه بين ششعبتي الرحل بلا ركاب....،‏ وعليه<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٤


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

قميص‏ من كرابيسس قد رَسسم وتخر َّق جنبه....،‏ فنزع قميصه وغسسل ورقع”‏ فقال<br />

له أحدهم:‏ ‏“أنت ملك العرب وهذه البلاد لا تصله بها الٕبل،‏ فلو لبسست ششيئاً‏ غير هذا،‏<br />

وركبت بردوناً‏ لكان ذلك أعظم في أعين الروم”‏ فقال عمر:‏ ‏“نهن قوم أعزنا االله بالٕسسلام<br />

فلا نطلب بغير االله بديلاً”‏ . ١١٤<br />

ونقل ابن كشير عن طارق بن ششهاب قال:‏<br />

لما قدم عمر الششام عرضضت له مخاضضة،‏ فنزل عن بعيره ونزع موقيه<br />

‏]حذاءه[‏ فأمسسكهما بيده،‏ وخاضض الماء ومعه بعيره.‏ فقال أبو عبيدة:‏ قد صنعت<br />

اليوم صنيعاً‏ عظيماً‏ عند أهل الٔرضض،‏ صنعت كذا وكذا،‏ قال:‏ فصك َّ في صدره<br />

وقال:‏ أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة،‏ إنكم كنتم أذل الناسس وأحقر الناسس وأقل<br />

الناسس،‏ فأعزكم االله بالٕسسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم االله . ١١٥<br />

وهنا نقف لنقول:‏ إن الششعور الذاتي بالعزة والكرامة الناتجة عن الٕيمان،‏ وتجاوز<br />

عُ‏ قد النقص،‏ والتأكيد على ما يبذله الٕنسسان من عمل لا على ما يظهر عليه من لباسس أو<br />

نعيم،‏ هي من أحوج الهاجات لقادة المسسلمين وأفرادهم.‏<br />

لقد وضضع عمر ] وهو في طريقه إلى القدسس يده على القاعدة التي حكمت تاريخ<br />

المسسلمين منذ فجر الدعوة وحتى عصرنا،‏ وهي أن االله أعزّ‏ المسسلمين بالٕسسلام فمهما<br />

طلبوا العزّ‏ بغيره أذلهم االله.‏ وهي القاعدة التي أكدها رصيد التجربة،‏ وهي القاعدة التي<br />

يسستند إليها دعاة الهل الٕسسلامي لتهرير أرضض الٕسراء والمعراج.‏<br />

رحمك االله يا عمر،‏ كم من أناسس وقادة يخجلون إذا لم يلبسسوا البِذَل وربطات العنق،‏<br />

وإذا لم يلووا ألسسنتهم ببعضض الكلمات والمصطلهات الٕنجليزية،‏ ويخجلون أن يقوموا<br />

للصلاة إن حان وقتها،...‏ ولكنهم لا يخجلون أن يفر ِّطوا في أرضض الٕسراء والمعراج،‏<br />

وأن ينظروا للتسسوية السسلمية و”بركات”‏ التطبيع...،‏ كما لا يخجلون أن يتنكروا لتراش<br />

الٔنبياء ودماء الششهداء!!‏<br />

سسار عمر من الجابية حتى وصل إلى القدسس،‏ وهو وغلامه يتبادلان الركوب على<br />

الجمل،‏ ودخل عمر القدسس وهو يمششي على قدميه وغلامه راكب!!‏ ويذكر أنه ششارك معه<br />

في فته القدسس أربعة آلاف من الصهابة،‏ وهي المدينة الوحيدة التي اسستلم الخليفة عمر<br />

مفاتيهها بنفسسه.‏ وعندما دخل القدسس صلى في محراب داود قارءاً‏ سسورة ص،‏<br />

حيش سسجد سسجدة داود،‏ ثم قارءاً‏ في الركعة الشانية سسورة الٕسراء،‏ التي تحدثت فواتحها<br />

٧٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

عن حادش الٕسراء ومباركة االله سسبهانه لٔرضض فلسسطين،‏ ووعد االله سسبهانه بظهور<br />

اليهود مرتين وانتصار الموءمنين عليهم . ١١٦<br />

وسسأل عمر عن مكان الصخرة المباركة التي كانت اختفت معالمها؛ لٔنها اتُخذت<br />

مكاناً‏ لٕلقاء الٔوسساخ والقمامة من قبل سسكانها النصارى،‏ رداً‏ على اليهود الذين اتخذوا<br />

مكان الششخص‏ المصلوب بدل السسيد المسسيه ‏(الذي ُ شبه للنصارى واليهود)‏ مكاناً‏ لٕلقاء<br />

الٔوسساخ والقمامة،‏ والذي أنششأت هيلانة Helena أم الٕمبراطور قسسطنطين في مكانه<br />

كنيسسة ‏“قمامة”‏ التي عُ‏ رفت بعد ذلك بكنيسسة ‏“القيامة”.‏ وقد دل َّ كعب الٔحبار عمر على<br />

المكان،‏ فقام عمر بنفسسه يششاركه الصهابة وأهل المنطقة بإزالة الٔوسساخ عنها وتنظيفها،‏<br />

ثم أمر عمر ببناء الهرم فبني من الخششب بما يتسسع لهوالي ثلاثة آلاف من المصلين . ١١٧<br />

أما قيسسارية فقد فتهها معاوية بن أبي سسفيان في ششوال ‎١٩‎ه - تشرين الٔول/‏<br />

أكتوبر ‎٦٣٩‎م،‏ وبذلك تمّ‏ للمسسلمين فته كل فلسسطين.‏ وقد كانت قيسسارية مدينة عامرة<br />

ضضخمة على البهر،‏ ويبدو أن الروم أرادوا الاحتفاظ بها كموطئ قدم،‏ وكان قد سسبقت<br />

فتهها محاولات عدة لم يكتب لها النجاه.‏ فقد كان أول من حاصرها عمرو بن العاص‏<br />

‎١٣‎ه،‏ وكان يعود لمهاصرتها بعد أن يششارك في اجتماع الجيوشش لمعارك أجنادين وفهل<br />

ومرج الصفر واليرموك،‏ وحاصرها بعد فته القدسس ثم خرج إلى مصر،‏ فولى عمر بن<br />

الخطاب يزيد بن أبي سسفيان،‏ وأمره بغزوها فنهضض إليها في ١٧ ألفاً‏ وحاصرها،‏ ومرِضض<br />

آخر ‎١٨‎ه فمضضى لدمششق،‏ واسستخلف أخاه معاوية الذي تمّ‏ له فتهها قسراً.‏<br />

ويذكر البلاذري أن معاوية وجد فيها عندما فتهها ٧٠٠ ألف من المرتزقة،‏ ومن<br />

السسامرة ٣٠ ألفاً،‏ ومن اليهود ٢٠٠ ألف،‏ و‎٣٠٠‎ سسوقٍ‏ ، وكان يهرسس سسورها ١٠٠ ألف،‏<br />

وقيل إن قتلى الروم عند فتهها كانوا حوالي ١٠٠ ألف،‏ وسسبي أربعة آلاف أرسسلهم<br />

معاوية إلى عمر فأنزلهم الجرف . ١١٨ غير أنه،‏ على ما يبدو،‏ فإن هناك مبالغة كبيرة في<br />

ذكر أعداد المرتزقة واليهود والٔسسواق،‏ ولعلها في الهقيقة أقل من ذلك بكشير.‏<br />

وظلّ‏ عمر بن الخطاب في القدسس بضضعة أيام،‏ وقبل أن يغادر خطب في المسسلمين<br />

‏“يا أهل الٕسسلام،‏ إن االله تعالى قد صدقكم الوعد،‏ ونصركم على الٔعداء،‏ وأورثكم البلاد،‏<br />

ومك َّن لكم في الٔرضض،‏ فلا يكون جزاوءه منكم إلا الششكر،‏ وإياكم والعمل بالمعاصي،‏ فإن<br />

العمل بالمعاصي كفر بالنعم،‏ وقلما كفر قوم بما أنعم االله عليهم ثم لم يفرغوا إلى التوبة إلا<br />

سسلبوا عزهم،‏ وسسلط االله عليهم عدوهم”‏ . ١١٩<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٦


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

هذا ما قاله عمر،‏ وهو الذي جعل االله الهق على لسسانه،‏ وهذه هي الهقيقة التي<br />

نعايششها اليوم،‏ والتي عايششها المسسلمون أيام الهروب الصليبية،‏ كفر بالنعم وعمل<br />

بالمعاصي يتبعه سسلب للعز وتسسليط العدو على رقاب المسسلمين.‏<br />

عاشراً:‏ الٕسسلام يترسسخ في فلسسطين:‏<br />

وبعد الفته الٕسسلامي لفلسسطين أخذت هذه الٔرضض تكتسسب من جديد هويتها<br />

الٕسسلامية؛ إذ دخل أهلها في الٕسسلام،‏ وكان للصهابة الذين عاششوا فيها أثرهم في تعميق<br />

مفاهيمه ونشرها.‏<br />

فمن الصهابة الذين اسستوطنوا في فلسسطين عبادة بن الصامت ‏(ت ‎٣٤‎ه)‏ وهو من<br />

الخزرج،‏ ششهد بدراً‏ وأحداً‏ والخندق والمششاهد كلها مع رسسول االله [ وكان ] طويلاً‏<br />

جسسيماً‏ جميلا‎١٢٠ً‎ .<br />

ومنهم أيضضاً‏ ششداد بن أوسس ‏(ت ‎٥٨‎ه)‏ ] وهو خزرجي،‏ ابن أخي حسسان بن ثابت،‏<br />

ولي إمارة حمص‏ لعمر بن الخطاب،‏ وكانت وفاته أواخر ولاية معاوية في القدسس،‏ وأسسامة<br />

بن زيد بن حارثة ‏(ت ‎٥٧‎ه)‏ ] سسكن ناحية الرملة ومات بها،‏ وواثلة بن الٔسسقع<br />

‏(ت ‎٨٥‎ه)‏ ] الذي سسكن بيت المقدسس ومات بها،‏ وفيروز الديلمي ] وهو من فرسس<br />

صنعاء وهو قاتل مد َّعي النبوة الٔسسود العنسسي،‏ ودحية الكلبي ] ششهد كشيراً‏ من<br />

الوقاءع،‏ كما ششهد اليرموك،‏ بعشه رسسول االله [ إلى قيصر الروم يدعوه للٕسسلام فلقيه<br />

في القدسس وسسلمه الرسسالة،‏ وسسكن فلسسطين وعاشش فيها إلى خلافة معاوية،‏ وتوفي في قرية<br />

‏“الدحي”‏ التي نسسبت إليه وجبلها القاءمة عليه،‏ وقبره معروف يُزار ، ١٢١ والصهابي<br />

عبد الرحمن بن غنم الٔششعري ‏(ت ‎٧٨‎ه)‏ ] فقيه الششام وششيخ أهل فلسسطين،‏ كان<br />

ضضمن البعشة التعليمية التي أرسسلها ابن الخطاب،‏ لتعليم أهل فلسسطين أمور دينهم ، ١٢٢<br />

والصهابي علقمة بن مجزر الكناني،‏ أرسسله في تبوك للاسستطلاع إلى فلسسطين،‏ ششهد<br />

اليرموك وحصار بيت المقدسس،‏ وكان عاملاً‏ لعمر بن الخطاب على القدسس . ١٢٣<br />

والصهابي أوسس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت،‏ ششهد بدراً‏ والمششاهد كلها<br />

ومات بفلسسطين وعمره ٨٥ سسنة . ١٢٤<br />

والصهابي مسسعود بن أوسس بن زيد،‏ ششهد بدراً‏ وفته مصر،‏ وتوفي بالقدسس.‏<br />

والصهابي سسلام بن قيسس بن قيصر الهضرمي ‏(وقيل سسلامة أو سسلمة)،‏ كان والياً‏<br />

لمعاوية على بيت المقدسس . ١٢٥<br />

٧٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

والصهابي زنباع بن روه الجذامي،‏ وهو من أهل فلسسطين قبل الٕسسلام ، ١٢٦ ومالك<br />

السرايا مالك بن عبد االله الخشعمي ] ومنهم من يجعله في عداد التابعين،‏ ولي الصواءف<br />

زمن معاوية ثم يزيد ثم عبد الملك،‏ وهو من أهل فلسسطين . ١٢٧<br />

ومن الصهابة أيضضاً‏ الذين عاششوا وتوفوا في فلسسطين أبو ريهانة ششمعون الٔنصاري،‏<br />

وسسويد بن زيد،‏ وذو الٔصابع التميمي،‏ وأبو أبيّ‏ بن أم حرام الٔنصاري الخزرجي،‏<br />

وأنيف بن ملة الجذامي،‏ وسسويد بن زيد الجذامي،‏ وسسعد بن واءل بن عمرو العبيدي الجذامي،‏<br />

وأبو رويهة الفزعي واسسمه ربيعة بن السسكل أجمعين . ١٢٨<br />

وممن سسكن بيت المقدسس من الصهابة إبراهيم بن أبي علة العقيلي،‏ ويزيد بن سسلام،‏<br />

وعبد االله بن محيريز الجمهي،‏ وزياد بن أبي سسودة ] ١٢٩ .<br />

ورفع التابعون راية الصهابة على أرضض فلسسطين،‏ وهناك الكشير ممن ولد فيها<br />

أو سسكنها أو زارها،‏ ومنهم رجاء بن حيوة الكندي ‏(ت ‎١١٢‎ه/‏‎٧٣٠‎م)‏ وهو من أهل<br />

فلسسطين من مواليد بيسسان،‏ وكان أميناً‏ على بيوت أموال عبد الملك بن مروان،‏ وهو الذي<br />

أششار على سسليمان بن عبد الملك بتولية عمر بن عبد العزيز.‏ ومن التابعين أيضضاً‏ عبادة بن<br />

نسسي الكندي ‏(ت ‎١١٨‎ه/‏‎٧٣٦‎م)‏ وكان جليل القدر،‏ يُنعت بسسيد أهل الٔردن،‏ تولى قضضاء<br />

طبريا،‏ ومنهم أيضضاً‏ مالك بن دينار،‏ والٔوزاعي،‏ وروه بن زنباع،‏ وهانئ ابن كلشوم بن<br />

عبد االله،‏ وحميد بن عبد االله اللخمي،‏ وسسفيان الشوري،‏ وابن ششهاب الزهري . ١٣٠<br />

ومن كبار الٔءمة والفقهاء الذين عاششوا في فلسسطين وزاروها الٕمام الششافعي الذي<br />

ولد في مدينة غزة،‏ وإبراهيم بن أدهم،‏ والليش بن سسعد،‏ وأبو بكر محمد الطرطوششي،‏<br />

وأبو بكر الجرجاني،‏ وابن قدامة المقدسسي.‏ أما الٕمام ابن حجر أحمد بن علي العسسقلاني<br />

فقد ولد وعاشش في مصر بعد أن هاجر إليها أسسلافه بعد خراب عسسقلان ‎٦٦٩‎ه . ١٣١<br />

وإلى فلسسطين ينتسسب الفاتح الٕسسلامي الكبير موسسى بن نصير اللخمي ‏(‏‎٩٧-١٩‎ه)‏<br />

فاتح الٔندلسس،‏ وعبد الهميد بن يهيى الكاتب،‏ وكان جده من موالي بني عامر الذي<br />

دعي المرج باسسمهم ‏(مرج بني عامر)‏ أصله من قيسسارية،‏ رءيسس فنّ‏ الكتابة وسسيد<br />

الٕنششاء وششيخ الدواوين صاحب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية،‏ وقتل معه<br />

سسنة ‎١٣٢‎ه/‏‎٧٥٠‎م . ١٣٢ وإلى فلسسطين أيضضاً‏ ينتسسب أول علماء الكيمياء المسسلمين الكبار<br />

خالد بن يزيد الٔموي،‏ وهو أول من نقل علوم الفرضج إلى العربية في دولة الٕسسلام . ١٣٣<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٨


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

ويمكن أن ينسسب إلى فلسسطين،‏ حسسب التقسسيمات الجغرافية الٕسسلامية القديمة،‏ أول<br />

ثلاثة خلفاء من دولة بني العباسس؛ إذ ولد كل من أبي العباسس السسفاه،‏ وأبي جعفر المنصور<br />

وابنه المهدي في الهميمة من جند فلسسطين ‏(الششام الٔولى)،‏ وهي تقع الٓن شرق الٔردن<br />

على يمين الطريق من معان إلى العقبة . ١٣٤<br />

ومن الوزارء ‏“الفلسسطينيين”‏ المششهورين الربيع بن يونسس،‏ الذي ينتسسب إلى العاءلة<br />

الكيسسانية من جبل الخليل،‏ كان حاجباً‏ ثم وزيراً‏ للمنصور،‏ ثم وزيراً‏ ومسستششاراً‏ للمهدي،‏<br />

أما ابنه الفضضل بن الربيع فعمل حاجباً‏ للمنصور،‏ ثم وزيراً‏ للمهدي،‏ ثم وزيراً‏ للهادي،‏<br />

ثم حاجباً‏ لهارون الرششيد،‏ ثم وزيراً‏ للٔمين بن هارون الرششيد ، ١٣٥ ومن الوزراء أيضضاً‏<br />

معاوية بن عبيد االله بن يسسار الٔششعري الطبراني اسستوزره المهدي،‏ وفوضض إليه أمر الدولة<br />

العباسسية،‏ وفي أيام وزارته علا ششأن الوزارة لكفاءته ومقدرته ، ١٣٦ وأحمد بن أبي خالد يزيد<br />

بن عبد الرحمن الكاتب الٔحول،‏ وكان من خيار الوزراء الذين اسستوزرهم المأمون . ١٣٧<br />

ومن العلماء المعروفين عقيل بن خالد الٔيلي ‏(ت ‎١٤٤‎ه)‏ روى الهديش عن<br />

مالك بن أنسس،‏ وآدم بن أبي عباسس العسسقلاني ‏(ت ‎٢٢٠‎ه)‏ روى عنه البخاري،‏<br />

والعباسس بن محمد الجرجي ‏(ت ‎٣٢٠‎ه)‏ محدش فلسسطين ينسسب إلى قرية بيت جرجا<br />

من أعمال غزة،‏ وسسليمان بن أحمد اللخمي الطبراني ‏(ت ‎٣٤٠‎ه)،‏ وهو رحالة<br />

ومحدش مششهور من مواليد طبريا . ١٣٨<br />

وقد أحصى أحد الباحشين المعاصرين أعيان المتوفين في بيت المقدسس فقط في العهود<br />

الٕسسلامية فوجد أنهم تسسعة من الصهابة،‏ و‎٦٠‎ من الملوك والٔمراء وأرباب الهكم،‏<br />

و‎١٦٧‎ من العلماء و‎٦٦‎ من الٔولياء والصالهين و‎٥٣‎ من القضضاة...‏ وأضضاف أن هذا<br />

غيضض من فيضض من أعيان المدفونين في بيت المقدسس؛ لٔن هناك كشيراً‏ ممن توفوا فيها<br />

ضضاعت أسسماوءهم...،‏ هذا في القدسس وحدها فكيف بأرضض فلسسطين كلها؟!‏ . ١٣٩<br />

٧٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

هوامشش الفصصل الشاني<br />

١ رواه البخاري ومسسلم وابن ماجه وأبو داود،‏ انظر:‏ المناوي،‏ فيضض القدير:‏ شره الجامع الصغير،‏ ط ٢<br />

‏(لا مكان:‏ دار الفكر،‏ ١٩٧٢)، ج ٦، ص‏ ٤٠٣.<br />

٢ حديش حسسن رواه الطبراني،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٤، ص‏ ٢٢٨.<br />

٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الٕسراء:‏ ١.<br />

٤ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٧١.<br />

٥ إسسماعيل بن كشير،‏ تفسسير القرآن العظيم ‏(بيروت:‏ دار إحياء التراش العربي،‏ ١٩٦٩)، ج ٣، ص‏ ١٨٤-١٨٥.<br />

٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنبياء:‏ ٨١.<br />

٧ ابن كشير،‏ تفسسير القرآن العظيم،‏ ج ٣، ص‏ ١٨٧.<br />

٨ القرآن الكريم،‏ سسورة سسبأ:‏ ١٨.<br />

٩ ابن كشير،‏ تفسسير القرآن العظيم،‏ ج ٣، ص‏ ٥٣٣.<br />

١٠ محمد علي الصابوني،‏ صفوة التفاسسير،‏ ط ٤ ‏(بيروت:‏ دار القرآن الكريم،‏ ١٩٩٨)، ج ٢، ص‏ ١٥١.<br />

١١ القرآن الكريم،‏ سسورة الماءدة:‏ ٢١.<br />

١٢ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ١، ق ١، ص‏ . ٣٤٣<br />

١٣ محمد ناصر الدين الٔلباني،‏ تخريج أحاديش ‏“فضضاءل الششام ودمششق”‏ للربعي ‏(دمششق:‏ المكتب الٕسسلامي،‏<br />

لا تاريخ)،‏ ص‏ ٥.<br />

١٤ حديش صهيه رواه الٕمام أحمد في مسسنده ٤٦٣/٦، وابن ماجه في سسننه ٤٢٩/١، نقلاً‏ عن:‏ محمد عشمان ششبير،‏<br />

بيت المقدس‏ وما حوله ‏(الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ٢٤.<br />

١٥ حديش صهيه رواه الطبراني ورجاله ثقات،‏ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٦.<br />

١٦ حديش صهيه،‏ أخرجه الهاكم وأبو نعيم في الهلية،‏ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٧.<br />

١٧ رواه الطبراني،‏ وقال الهيشمي فيه أرطأة بن المنذر وبقية رجاله ثقات،‏ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٧.<br />

١٨ رواه الٕمام أحمد،‏ نقلاً‏ عن:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣١.<br />

١٩ انظر حول الفترة من بعشة المسسيه وحتى الفته الٕسسلامي في:‏ محمود سسعيد عمران،‏ معالم تاريخ<br />

الٕمبراطورية البيزنطية ‏(بيروت:‏ دار النهضضة العربية،‏ ١٩٨١)، ص‏ ‎٧٥-١٩‎؛ وجوزيف نسسيم يوسسف،‏<br />

تاريخ الدولة البيزنطية ‏(الٕسسكندرية:‏ موءسسسسة ششباب الجامعة،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ٣٥-١١١، وانظر:‏<br />

Moses Hadas, A History of Rome: from its Origins to 529 A.D (US: Peter Smith, 1976); and<br />

A.H.M. Jones, The Later Roman Empire 284-602 (Paltimore (US): Johns Hopkins, 1986).<br />

٢٠ حول ميلاد رسسول االله (]) والفترة المكية انظر مشلاً:‏ عبد السسلام هارون،‏ تهذيب سسيرة ابن هششام،‏ ط ٦<br />

‏(بيروت والكويت:‏ موءسسسسة الرسسالة و دار البهوش العلمية،‏ ١٩٧٩)، ص‏ ‎١١٨-٣٦‎؛ وابن كشير،‏ البداية<br />

والنهاية،‏ ج ٣، ص‏ ٢-١٧٧.<br />

٢١ ظلّ‏ المسسجد الٔقصى قبلة المسسلمين الٔولى في الصلاة حتى السسنة الشانية للهجرة،‏ انظر:‏ عبد السسلام هارون،‏<br />

تهذيب سسيرة ابن هششام،‏ ص‏ ١٣٥.<br />

٢٢ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٨٩-٩٢، وابن كشير؛ البداية والنهاية،‏ ج ٣، ص‏ ١٠٨-١١٨.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٠


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

٢٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔحزاب:‏ ١٠.<br />

٢٤ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٤، ص‏ ٩٩-١٠٢ .<br />

٢٥ انظر كتبه (]) إلى الملوك في:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٤، ص‏ ٢٦٢-٢٧٣.<br />

٢٦ أحمد عادل كمال،‏ الطريق إلى دمششق ‏(بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٠)، ص‏ ١٤٨.<br />

٢٧ القرآن الكريم،‏ سسورة الروم:‏ ٢-٤.<br />

٢٨ انظر:‏ عبد السسلام هارون،‏ تهذيب سسيرة ابن هششام،‏ ص‏ ‎٢٤٢-٢٣٨‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏<br />

ص‏ ١٤٥-١٤٩.<br />

٢٩ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٥، ص‏ ٢-١٨.<br />

٣٠ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٦، ص‏ ‎٣٠٥-٣٠٤‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ١٥٢-١٥٦.<br />

٣١ سسيد قطب،‏ الجهاد في سسبيل االله،‏ ص‏ ٩٩-١٠٦.<br />

٣٢ حسسن البنا،‏ مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا ‏(القاهرة:‏ دار الششهاب،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ٨٥.<br />

٣٣ القرآن الكريم،‏ سسورة التوبة:‏ ١١١.<br />

٣٤ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ١٧٣.<br />

٣٥ علي بن محمد الششيباني المعروف بابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ ‏(بيروت:‏ دار صادر للطباعة والنشر،‏ دار<br />

بيروت للطباعة والنشر،‏ ١٩٦٥)، ج ٢، ص‏ ٤٠٤.<br />

٣٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١-١٢.<br />

٣٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٣-٢٤.<br />

٣٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٧.<br />

٣٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨.<br />

٤٠ محمد بن عمر الواقدي،‏ فتوه الششام ‏(بيروت:‏ دار الجيل،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ١٥-١٦.<br />

٤١ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٦، ص‏ ٣٥٢.<br />

٤٢ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٢، ص‏ ٤٠٤.<br />

٤٣ أبو الهسسن علي بن الهسسين بن علي المسسعودي،‏ مروج الذهب ومعادن الجوهر،‏ تحقيق:‏ محي الدين عبد الهميد،‏<br />

ط ٢ ‏(مصر:‏ مطبعة السسعادة،‏ ١٩٤٨)، ج ٢، ص‏ ٣١٥.<br />

٤٤ الواقدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٥-١٦.<br />

٤٥ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٣-٢٤.<br />

٤٦ أحمد كمال،‏ الطريق إلى المداءن،‏ ط ٦ ‏(بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٦)، ص‏ ‎٢٦٣-٢١٢‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق<br />

إلى دمششق،‏ ص‏ ١٥٩.<br />

٤٧ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ١٦١-١٦٢.<br />

٤٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٧٠-١٦٢‎؛ والٔزدي،‏ تاريخ فتوه الششام،‏ تحقيق:‏ عبد المنعم عبد االله عامر ‏(القاهرة:‏<br />

موءسسسسة سسجل العرب،‏ ١٩٧٠)، ص‏ ١-٦.<br />

٤٩ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ١٧١.<br />

٥٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٧٦-١٩٢.<br />

٥١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٩٦-١٩٥‎؛ والٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٧.<br />

٨١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٥٢ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٢٠٩، و‎٢١٥‎‏.‏<br />

٥٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٣٩-٢٤٠، و‎٢٤٧‎‏.‏<br />

٥٤ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٠.<br />

٥٥ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٢٠٨-٢١٠.<br />

٥٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٣٨-٢٤٢.<br />

٥٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٧٣.<br />

٥٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٢٧٢-٢٦٣‎؛ وانظر:‏ البلاذري،‏ فتوه البلدان ‏(بيروت:‏ دار الكتب العلمية،‏ ١٩٨٣)، ص‏ ١٢٠.<br />

٥٩ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٩٠.<br />

٦٠ محمد بن جرجير الطبري،‏ تاريخ الرسسل والملوك،‏ تحقيق:‏ محمد أبو الفضضل إبراهيم،‏ ط ٢ ‏(القاهرة:‏ دار<br />

المعارف،‏ ١٩٦٩)، ج ٣، ص‏ ٤١٨.<br />

٦١ البلاذري،‏ مرجع سسابق،‏ ق ١، ص‏ ‎١٣٥‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٢٨٠-٢٨١.<br />

٦٢ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٢٩١-٢٩٨.<br />

٦٣ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎١٠٣-١٠٢‎؛ وأيضضاً:‏ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٣٠٥.<br />

٦٤ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ‎٣٠٦-٣٠٥‎؛ وحسسب الٔزدي فإن الكلام الوارد في هذا النص‏ على<br />

لسسان أبي عبيدة كتبه عمر بن الخطاب بنفسسه إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل رداً‏ على رسسالتهما إليه،‏ انظر:‏<br />

الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٠٢.<br />

٦٥ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٣٣٤، و‎٣٤٦‎؛ والٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٣١.<br />

٦٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١٣-١١٤.<br />

٦٧ المرجع نفسسه.‏<br />

٦٨ انظر نص‏ مفاوضضة معاذ للروم في:‏ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١٥-١٢١.<br />

٦٩ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٢١-١٢٥.<br />

٧٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٣٠‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٣٣٢.<br />

٧١ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٣٣٣.<br />

٧٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٣٤٤‎؛ والٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٣٦.<br />

٧٣ البلاذري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٢٢.<br />

٧٤ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٣٤٤، و‎٣٤٩‎‏.‏<br />

٧٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٥٨-٤٠١.<br />

٧٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٩٤.<br />

٧٧ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ‎٤٠٧-٤٠٦‎؛ وانظر:‏ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎١٥٢‎؛ والبلاذري،‏<br />

مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٤١.<br />

٧٨ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٥٣-١٥٦.<br />

٧٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٦.<br />

٨٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٦٠.<br />

٨١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٦٠-١٦٩.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٢


الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />

٨٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٠-١٨٢.<br />

٨٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٣.<br />

٨٤ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٤.<br />

٨٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٧٠‎؛ وفي النص‏ المششار إليه بين القوسسين ذكر الٔزدي ويبدو أن الصهيه هو ‏“بالكثرة<br />

والقوة”،‏ انظر:‏ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٢٨-٤٢٩.<br />

٨٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٧٠-١٧١.<br />

٨٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٩.<br />

٨٨ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٣٣، و‎٤٤٤‎‏.‏<br />

٨٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٤٤٥.<br />

٩٠ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٩٩-٢٠٧.<br />

٩١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢١١.<br />

٩٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٢١٠‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٦٦، و‎٤٧١‎‏.‏<br />

٩٣ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢١٨‎؛ الكلمة المششار إليها بين القوسسين ذكرت في نص‏ الٔزدي ‏“بالورق”.‏<br />

٩٤ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢١٩.<br />

٩٥ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٧٤.<br />

٩٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٢٠.<br />

٩٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٢٢١‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٧٥.<br />

٩٨ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٧٦-٤٨٠.<br />

٩٩ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٢٥‎؛ والواقدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٠٦.<br />

١٠٠ الطبري،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٣، ص‏ ٤٠١.<br />

١٠١ الواقدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢١٧-٢١٨.<br />

١٠٢ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٨٧-٤٨٩.<br />

١٠٣ الواقدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢١٨.<br />

١٠٤ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٣١‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٩١-٤٩٤.<br />

١٠٥ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٤٩٦، وذكر الواقدي أن ششهداء المسسلمين كانوا أربعة آلاف،‏ انظر:‏<br />

الواقدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٢٦.<br />

١٠٦ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٣١.<br />

١٠٧ أحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٥٠٠.<br />

١٠٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٥٠٩-٥١٠.<br />

١٠٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٥١١-٥١٦.<br />

١١٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٥١٣.<br />

١١١ البلاذري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٤٤.<br />

١١٢ حول فته القدسس،‏ انظر:‏ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٥٩-٢٤٦‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏<br />

ص‏ ‎٥٢٧-٥٢٣‎؛ والطبري،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٣، ص‏ ٦٠٧-٦٠٨.<br />

٨٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١١٣ الطبري،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٣، ص‏ ٦٠٩.<br />

١١٤ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٧، ص‏ ٥٩-٦٠.<br />

كرابيسس:‏ ثوب خششن غليظ.‏<br />

١١٥ المرجع نفسسه،‏ ج ٧، ص‏ ٦٠.<br />

١١٦ انظر:‏ الٔزدي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٥٩-٢٤٦‎؛ وانظر:‏ مجير الدين الهنبلي،‏ الٔنس‏ الجليل بتاريخ القدس‏<br />

الجليل ‏(عمّان:‏ مكتبة المهتسسب،‏ ١٩٧٣)، ج ١، ص‏ ٢٥٥.<br />

١١٧ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ٧، ص‏ ٢٢٢.<br />

١١٨ انظر:‏ البلاذري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎١٤٨-١٤٥‎؛ وأحمد كمال،‏ الطريق إلى دمششق،‏ ص‏ ٥٣٤-٥٣٥.<br />

١١٩ مجير الدين الهنبلي،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ص‏ ٢٥٨.<br />

١٢٠ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق ٢، ص‏ ٩٦.<br />

١٢١ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ق ٢، ص‏‎٩٧‎؛ ومصطفى مراد الدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها في بلادنا<br />

فلسسطين ‏(بيروت:‏ دار الطليعة،‏ ١٩٧٩)، ص‏ ٤٧-٤٨، و‎١٨٨‎‏.‏<br />

١٢٢ الدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها،‏ ص‏ ١٠٤.<br />

١٢٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٨٨.<br />

١٢٤ الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين،‏ ج ٩، ق ٢، ص‏ ٩٧.<br />

١٢٥ انظر:‏ ضضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسسي الهنبلي،‏ فضضاءل بيت المقدس،‏ تحقيق<br />

محمد مطيع حافظ،‏ سسلسسلة فضضاءل الششام رقم ٢ ‏(دمششق:‏ دار الفكر،‏ ١٩٨٥)، ص‏ ٩٠-٩٢.<br />

١٢٦ الدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها،‏ ص‏ ١٠٤.<br />

١٢٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٩٨-٩٩.<br />

١٢٨ ضضياء الدين المقدسسي،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٩٢-٩٠‎؛ والدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها،‏ ص‏ ٩٨،<br />

و‎١١٣-١١١‎‏.‏<br />

١٢٩ ششفيق جاسر أحمد محمود،‏ تاريخ القدس:‏ العلاقة بين المسسلمين والمسسيهيين فيها منذ الفته الٕسسلامي<br />

حتى الهروب الصليبية ‏(عمّان:‏ دار البششير للنشر والتوزيع،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ١٢٥-١٢٦.<br />

١٣٠ مصطفى مراد الدباغ،‏ من هنا وهناك ‏(بيروت:‏ الموءسسسسة العربية للدراسسات والنشر،‏ ١٩٨٦)، ص‏ ٨٠, و‎١٠٩‎‏.‏<br />

١٣١ الدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها،‏ ص‏ ‎١٨٧‎؛ وششفيق محمود،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٢٦-١٤٣.<br />

١٣٢ انظر:‏ الدباغ،‏ من هنا وهناك،‏ ص‏ ‎٨١-٨٠‎؛ والدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها،‏ ص‏ ١٣٨-١٤٠.<br />

١٣٣ انظر:‏ صاله مسسعود أبو بصير،‏ جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف قرن،‏ ط ٣ ‏(بيروت:‏ دار الفته للطباعة<br />

والنشر،‏ ١٩٧٠)، ص‏ ٢٤-٢٥.<br />

١٣٤ الدباغ،‏ من هنا وهناك،‏ ص‏ ٨١.<br />

١٣٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٨٢.<br />

١٣٦ المرجع نفسسه.‏<br />

١٣٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٨٣.<br />

١٣٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١١٢.<br />

١٣٩ جميل العسسلي،‏ أجدادنا في ثرى بيت المقدس:‏ دراسسة تاريخية لمقابر القدس‏ وتربها وإثبات بأسسماء الٔعيان<br />

المدفونين فيها ‏(عمّان:‏ موءسسسسة آل البيت:‏ المجموع الملكي لبهوش الهضضارة الٕسسلامية،‏ ١٩٨١)، ص‏ ١٥٠.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٤


الفصصل الشالش<br />

المسسلمون في مواجهة<br />

الصصليبيين والتتار


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

المسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

أولاً:‏ سسنن الله في النصصر والهزيمة:‏<br />

إن سسنن االله سسبهانه في نصر المسسلمين ترتبط ارتباطاً‏ لا ينفصم بمدى التزامهم<br />

بأحكام دينهم وشريعة ربهم،‏ وهذا ما أثبتته نصوص‏ القرآن الكريم والسسنة النبوية،‏<br />

وما أكدته تجارب التاريخ،‏ وما أصاب حياة المسسلمين من مد ٍّ وجزر.‏<br />

• فالنصر لا يأتي إلا من االله،‏ قال تعالى چگ گ ڳ ڳ ڳ ڳچ ، ١ وقال سسبهانه<br />

چچ چ ڇ ڇ ڇ ڇڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژچ . ٢<br />

• واالله ينصر الفئة الموءمنة الصادقة چے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ<br />

ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ ، ٣ وقال سسبهانه چڦ ڦ ڄ ڄ ڄ<br />

ڄ ڃچ . ٤<br />

• والنصر يتهقق للموءمنين متى أحسسنوا الصلة باالله سسبهانه،‏ والتزموا كتابه،‏ وسسنة نبيه،‏<br />

ونصروا دينه چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ . ٥<br />

• وعوامل النصر الهقيقية تتمشل في:‏ الشبات عند لقاء العدو،‏ والاتصال باالله والذكر،‏<br />

وطاعة االله،‏ وطاعة الرسسول،‏ وتجنب النزاع والششقاق،‏ والصبر على تكاليف المعركة،‏<br />

وقد ذكرها االله سسبهانه فقال چى ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ<br />

ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پپ<br />

ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺچ . ٦<br />

ومن طاعة االله ورسسوله الاسستجابة لما أمرنا به من بذل للٔسسباب في العدة والٕعداد<br />

چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ ، ٧ وكذلك بيع النفسس الله،‏ والٕنفاق والجهاد في<br />

سسبيل االله.‏<br />

• والموءمنون العاملون هم سسادة الٔرضض وحكامها،‏ قال تعالى چڤ ڤ ڦ ڦ ڦ<br />

ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ<br />

چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژڑ ڑ<br />

ک ک ک ک گ گچ . ٨<br />

٨٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• وعندما تقع الهزيمة للفئة الموءمنة،‏ فلا بدّ‏ أن تكون هناك ثغرة في حقيقة الٕيمان،‏ إما<br />

في الششعور وإما في العمل،‏ وبقدر هذه الشغرة تكون الهزيمة الوقتية،‏ ثم يعود النصر<br />

للموءمنين حين يوجدون،‏ وبعد أن يسسدوا ما بهم من ثغرات.‏<br />

فمشلاً‏ كانت الشغرة في ‏“أحد”‏ في ترك طاعة الرسسول عليه الصلاة والسسلام وفي الطمع<br />

في الغنيمة،‏ وفي ‏“حنين”‏ في بدايتها،‏ كانت الشغرة في الاعتزاز بالكثرة والٕعجاب بها...‏<br />

• أما التخلي عن منهج االله سسبهانه،‏ فإنه يعني بالنسسبة للمسسلمين الضضعف والذلة،‏<br />

والهزيمة،‏ والضضياع،‏ قال تعالى چڑ ک ک ک ک گ گ گ گ<br />

ڳ ڳ ڳچ . ٩<br />

وفي الٔثر:‏ ‏“ما ترك قوم الجهاد إلا ذلّوا”.‏<br />

وهكذا فإن المد والجزر في تقدم المسسلمين أو تأخرهم،‏ في انتصارهم أو هزيمتهم،‏ في<br />

حضضارتهم،‏ أو تخلّفهم،‏ ترتبط ارتباطاً‏ أسساسسياً‏ بمدى التزامهم بشرع االله سسبهانه،‏ أو<br />

ابتعادهم عنه،‏ ومن هذا المنطلق نتقدم لنفهم حقيقة حركة التاريخ في النصر أو الهزيمة<br />

عند المسسلمين.‏<br />

ودار الزمان:‏<br />

قدمت أرضض الٕسسلام في فلسسطين على مرّ‏ عصور الٕسسلام الزاهرة فيها أطيب الشمار<br />

وأينعها،‏ ولكن هذا المد المعطاء من الهياة الٕسسلامية المشرقة لم يسستمر...‏ .<br />

وما فتئ الزمان يدور حتى مضضى بالركب قوم آخرونا<br />

وآلمني وآلم كل حر ٍّ سوءال الدهر أين المسسلمونا<br />

فمنذ العصر العباسسي الشاني الذي ابتدأ‏ بعد منتصف القرن الشالش الهجري،‏ ودولة<br />

الخلافة الٕسسلامية في ضضعف مسستمر متزايد نتيجة ضضعف الارتباط باالله سسبهانه،‏ وعدم<br />

التطبيق الدقيق لشرعه سسبهانه،‏ وضضعف الهكام وانششغالهم بوسساءل اللهو والترف،‏<br />

وانتششار الٔفكار الضضالة والفرق المنهرفة في دولة الٕسسلام،‏ ودخول علماء المسسلمين في<br />

مرحلة من الجمود والتقليد أبعدتهم عن حلّ‏ كشير من مششاكل وقضضايا العصر المتجدد<br />

التي تواجه المسسلمين،‏ وكثرة الخلافات الفقهية،‏ وتزايد التعصب المذهبي،‏ وتمزق دولة<br />

الٕسسلام،‏ وتكوين ثلاش خلافات بدلاً‏ من خلافة واحدة،‏ فالخلافة العباسسية في المشرق،‏<br />

والخلافة الفاطمية في مصر وأجزاء من المغرب والششام،‏ والخلافة الٔموية في الٔندلسس،‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٨


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وانششغال كشير من المسسلمين بقششور الهضضارة،‏ ومباهجها،‏ وجمع الٔموال،‏ والجواري<br />

والغلمان...‏ .<br />

في هذه الهالة من الترهل والضضعف،‏ التي أصابت المسسلمين في تلك الفترة،‏ حدثت<br />

الهروب الصليبية.‏<br />

ثانياً:‏ الخريطة السسياسسية للمنطقة قبيل الهروب<br />

الصصليبية:‏<br />

قبل بدء الهروب الصليبية بهوالي أربعين عاماً‏ نجه السسلاجقة الٔتراك في بسسط<br />

سسيطرتهم على بغداد،‏ وتولي الهكم تحت الخلافة الٕسسميّة للعباسسيين.‏ فقد اسستطاع<br />

السسلاجقة بسسط سسيطرتهم على أجزاء واسسعة من فارسس،‏ وششمال العراق،‏ وأرمينيا،‏<br />

وآسسيا الصغرى حوالي سسنة ‎١٠٤٠‎م،‏ ثم سسيطر السسلطان السسلجوقي طغرل بك على<br />

بغداد سسنة ‎١٠٥٥‎م،‏ وتوسسع السسلاجقة على حسساب البيزنطيين في آسسيا الصغرى،‏ وفي<br />

‎١٠٧١/٨/١٩‎م وقعت معركة ملاذكرد التي قادها السسلطان السسلجوقي ألب أرسسلان،‏<br />

وحلت فيها أكبر كارثة بالبيزنطيين حتى نهاية القرن الهادي عشر الميلادي،‏ وفي ‎١٠٧١‎م<br />

سسيطر السسلاجقة على معظم فلسسطين عدا أرسسوف،‏ وأخرجوا النفوذ الفاطمي منها،‏<br />

وتوسسع السسلاجقة على حسساب الفاطميين في الششام فاسستطاعوا الاسستيلاء على معظمها . ١٠<br />

وفي ‎٤٨٥‎ه/‏‎١٠٩٢‎م توفي السسلطان السسلجوقي ملكششاه فتفككت سسلطة السسلاجقة،‏<br />

ودخلوا فيما بينهم في معارك طويلة طاحنة على السسيطرة والنفوذ،‏ وعلى حد ِّ تعبير<br />

ابن الٔثير ‏“انهلت الدولة ووقع السسيف”‏ ، ١١ وفي ‎١٠٩٦‎م أصبهت سسلطتهم تتكون من<br />

خمسس ممالك:‏ سسلطنة فارسس بزعامة بركياروق،‏ ومملكة خراسسان وما وراء النهر بزعامة<br />

سسنجر،‏ ومملكة حلب بزعامة رضضوان،‏ ومملكة دمششق بزعامة دقاق،‏ وسسلطنة سسلاجقة<br />

الروم بزعامة قلج أرسسلان،‏ وكانت معظم مناطق فلسسطين تتبع الهكم في دمششق.‏<br />

وفي ظلّ‏ ضضعف حاكمي الششام ‏(رضضوان ودقاق)‏ ظهرت الكشير من البيوتات الهاكمة<br />

بهيش لا يزيد حكم كشير منها عن مدينة واحدة . ١٢<br />

لقد بدأ‏ الصليبيون حملتهم ‎٤٩١‎ه/‏‎١٠٩٨‎م ومناطق المسسلمين في الششام والعراق<br />

وغيرها تمزقها الخلافات والصراعات الدموية،‏ فقد دخل الٔخوان رضضوان ودقاق<br />

ابنا تتشش في حرب بينهما سسنة ‎٤٩٠‎ه،‏ ووقعت معارك عديدة بين محمد بن ملكششاه<br />

وأخيه بركياروق في الصراع على السسلطنة،‏ تداولا فيها الانتصارات والخطبة لهما<br />

٨٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

بدار الخلافة ‏(‏‎٤٩٧-٤٩٢‎ه)،‏ و“طالت الهرب بينهما،‏ وعمّ‏ الفسساد،‏ فصارت الٔموال<br />

منهوبة،‏ والدماء مسسفوكة،‏ والبلاد مخربة،‏ والقرى محرقة،‏ والسسلطنة مطموعاً‏ فيها،‏<br />

محكوماً‏ عليها،‏ وأصبه الملوك مقهورين”‏ . ١٣ وفي تلك الفترة كان الصليبيون قد ثبتوا<br />

ملكهم في فلسسطين وأرجاء عديدة من الششام،‏ واسستطال الفرضج بما ملكوه من بلاد الششام،‏<br />

واتفق لهم ‏“اششتغال عسساكر الٕسسلام وملوكه بقتال بعضضهم بعضضاً،‏ فتفرقت حينئذ<br />

بالمسسلمين الٓراء،‏ واختلفت الٔهواء،‏ وتمزقت الٔموال”‏ . ١٤<br />

ثالشاً:‏ الهملة الصصليبية الٔولى ونتاءجها:‏<br />

وفي تلك الٔثناء أخذت الٔنظار في أوروبا تتجه نهو الٔرضض المقدسسة بعد أن دعا<br />

البابا أوربان الشاني Pope Urban II ‏(‏‎١٠٩٩-١٠٨٨‎م)‏ في مجمع كليرومونت<br />

Council of Clermont في ‎١٠٩٥/١١/٢٦‎م ‏“لاسسترداد”‏ الٔراضضي المقدسسة من أيدي<br />

المسسلمين،‏ ثم عقد عدة مجمعات دعا فيها للهروب الصليبية ‏(ليموج ،Limoges أنجرز<br />

،Angers مان ،Le Mans تورز ،Tours بواتييه ،Poitiers بوردو ،Bordeaux تولوز<br />

،Toulouse نيم (Nîmes خلال الفترة ‎١٠٩٦-١٠٩٥‎م،‏ وقرر أن كل من يششترك في<br />

الهروب الصليبية تغفر له ذنوبه،‏ كما قرر أن ممتلكات الصليبيين توضضع تحت رعاية<br />

الكنيسسة مدة غيابهم،‏ وأن يخيط كل محارب صليباً‏ من القماشش على رداءه الخارجي . ١٥<br />

وبدأت الهملات الصليبية بهملات العامة أو حملات الدعاة،‏ وهي حملات تفتقر<br />

إلى القوة والنظام.‏ وكان منها حملة بطرسس الناسسك،‏ وهو رجل فصيه،‏ مهلهل الشياب،‏<br />

حافي القدمين يركب حماراً‏ أعرج،‏ جمع حوله من فرنسسا حوالي ١٥ ألفاً،‏ وفي طريقهم<br />

أحدثوا مذبهة في مدينة مجرية لخلاف على الموءن فقُتل أربعة آلاف،‏ وانضضمت إليهم<br />

عند القسسطنطينية جموع والتر المفلسس،‏ ودخلت حششودهم الششاطئ الٓسسيوي،‏ وحدثت<br />

معركة مع السسلاجقة انتصر فيها السسلاجقة وقتلوا من الصليبيين ٢٢ ألفاً،‏ ولم يبقَ‏<br />

من الصليبيين سسوى ثلاثة آلاف.‏ أما حملتا فولكمار وأميخ فقد أقامتا مذابه لليهود في<br />

الطريق،‏ وتششتت الهملتان في المجر!!‏ . ١٦<br />

ثم كان ما يعرف بالهملة الصليبية الٔولى،‏ وقد ششارك فيها أمراء وفرسسان أوروبيون<br />

محترفون،‏ وبدأت الهملة سسيطرتها على مناطق المسسلمين منذ صيف ‎١٠٩٧‎م،‏ وأسسسس<br />

الصليبيون إمارة الرها في آذار/‏ مارسس ‎١٠٩٨‎م بزعامة بلدوين البولوني.‏ وحاصر<br />

الصليبيون أنطاكية تسسعة أششهر،‏ وظهر من ششجاعة صاحب أنطاكية باغيسسيان ‏“وجودة<br />

رأيه واحتياطه ما لم يششاهد من غيره،‏ فهلك أكثر الفرضج،‏ ولو بقوا على كثرتهم التي<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٠


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

خرجوا فيها لطبقوا بلاد الٕسسلام”،‏ غير أن أحد الٔرمن المسستهفظين على أسسوار المدينة<br />

راسسله الصليبيون،‏ وبذلوا له ‏“مالاً‏ وإقطاعاً”‏ ففته للصليبيين الباب من البرج الذي<br />

يهرسسه،‏ فاحتل الصليبيون المدينة،‏ وأسسسسوا فيها إمارتهم الشانية ‎٤٩١‎ه - ٣ حزيران/‏<br />

يونيو ‎١٠٩٨‎م،‏ بزعامة بوهيموند النورماني . ١٧ Bohemond<br />

ونسستطرد قليلاً‏ مع أحد المواقف التي تسستهق التسسجيل،‏ والتي تعكسس مدى تششتت<br />

المسسلمين،‏ وتنازع أهواءهم،‏ فبعد سسقوط أنطاكية جمع المسسلمون العسساكر بقيادة كربوقا<br />

الذي وُلي الموصل،‏ واجتمع معه عسساكر الششام:‏ تركها وعربها...،‏ وسسار المسسلمون إلى<br />

أنطاكية فهاصروها وأقام الفرضج بأنطاكية ١٢ يوماً‏ ليسس لهم ما يأكلونه.‏ وتقوت الٔقوياء<br />

بدوابهم والضضعفاء بالميتة وورق الششجر،‏ وأصبه الرغيف بدينار،‏ والبيضضة بدينارين،‏<br />

وراسسل الفرضج ‏(الصليبيون)‏ كربوقا يطلبون الٔمان ليخرجوا من أنطاكية فرفضض...‏ .<br />

ومع بدء علاءم النصر للمسسلمين كانت قد بدأت علاءم الخذلان وسسط المسسلمين؛ إذ إن<br />

كربوقا أسساء السسيرة فيمن معه من المسسلمين،‏ وتكبر على الٔمراء فأغضضبهم وأضضمروا<br />

له الغدر.‏<br />

وقرر الفرضج الخروج للقتال،‏ فخرجوا متفرقين من خمسسة أو سستة أبواب،‏ فأششار<br />

المسسلمون على كربوقا أن يقفوا عند كل باب فيقتلوا من يخرج،‏ ولكنه رفضض وقال:‏<br />

‏“لا تفعلوا أمهلوهم حتى يتكامل خروجهم فنقتلهم”،‏ فلما تكامل خروجهم ولى المسسلمون<br />

منهزمين لما عاملهم به كربوقا:‏ أولاً‏ من الاسستهانة بهم،‏ والٕعراضض عنهم،‏ وثانياً‏ لٔنه<br />

منعهم من قتال الفرضج،‏ وتمت الهزيمة،‏ ولم يضرب أحد منهم بسسيف،‏ ولا طعن برمه،‏<br />

ولا رمى بسسهم!!‏ فلما رأى الفرضج ذلك ظنوه مكيدة؛ إذ لم يجرِ‏ قتال ينهزم بسسببه،‏ وثبت<br />

جماعة من المجاهدين قاتلوا حسسبة وطلباً‏ للششهادة،‏ فقتل الفرضج منهم ألوفاً‏ وغنموا ما في<br />

المعسسكر من الٔقوات والٔموال والٔثاش والدواب والٔسسلهة فصلهت حالهم!!‏ . ١٨<br />

هذا الوضضع يعكسس باختصار جانباً‏ كبيراً‏ من الٔحوال في ذلك الزمان،‏ زعامة سسيئة<br />

السسيرة،‏ مسستفردة برأيها،‏ وقادة جعلوا الخصومة مع أميرهم أكبر من عداء الفرضج،‏<br />

وأعداد كبيرة من المسسلمين دون قيادة كفوءة،‏ وأعداد أقل من الفرضج أكثر تدريباً‏ وانتظاماً‏<br />

واحترافاً،‏ ومسسلمون مجاهدون صادقون لا يخلو منهم أي زمان يقاتلون احتسساباً‏ في<br />

سسبيل االله...‏ .<br />

وفي الوقت الذي كان السسلاجقة يتعرضضون فيه للزحف الصليبي ششمال بلاد الششام،‏<br />

اسستغل الفاطميون الفرصة،‏ فاحتلوا صور ‎١٠٩٧‎م،‏ وسسيطروا على بيت المقدسس في<br />

٩١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ششباط/‏ فبراير ‎١٠٩٨‎م أثناء حصار الصليبيين لٔنطاكية.‏ واسستقل بطرابلسس القاضضي<br />

ابن عمار أحد أتباع الفاطميين،‏ وقد أرسسل الفاطميون للصليبيين في أثناء حصارهم<br />

لٔنطاكية سسفارة للتهالف معهم،‏ وعرضضوا عليهم قتال السسلاجقة بهيش يكون القسسم<br />

الششمالي ‏“سسورية”‏ للصليبيين وفلسسطين للفاطميين...،‏ وأرسسل الصليبيون وفداً‏<br />

إلى مصر ليدللوا على ‏“حسسن ني َّاتهم”!!،‏ وهكذا...‏ فأثناء انششغال السسلاجقة بهرب<br />

الصليبيين كان الفاطميون منششغلين بتوسسيع نفوذهم في فلسسطين على حسساب السسلاجقة<br />

حتى إن حدودهم امتدت حتى نهر الكلب ششمالاً‏ ونهر الٔردن شرقاً...!!‏<br />

وظهرت الخيانات،‏ وانكششف التخاذل من إمارات المدن التي حرصت كل منها على<br />

نفوذها و”كسسب ودّ”‏ الصليبيين أثناء توسسعهم؛ ومن ذلك ما حدش من اتصال صاحب<br />

إقليم ششيزر بالصليبيين،‏ حيش تعهد بعدم اعتراضضهم،‏ وتقديم ما يهتاجون من غذاء<br />

وموءن،‏ بل وأرسسل لهم دليلين ليرششداهم على الطريق!!،‏ وقدمت لهم حمص‏ الهدايا!!‏<br />

وعقدت معهم مصياف اتفاقية!!‏ أما طرابلسس فدفعت لهم الجزية،‏ وأعانتهم بالٔدلاء،‏<br />

ودفعت بيروت المال،‏ وعرضضت عليهم الدخول في الطاعة إذا نجهوا في احتلال بيت<br />

المقدسس!!‏ . ١٩<br />

تابع ريمون دي تولوز Raymond Toulouse ‏(أمير إقليم بروفانسس Provence<br />

وتولوز Toulouse بفرنسسا)‏ قيادة بقية الصليبيين إلى بيت المقدسس،‏ وكان عددهم<br />

ألف فارسس وخمسسة آلاف من المششاة فقط!!‏ وفي ربيع ‎١٠٩٩‎م،‏ دخلوا مناطق فلسسطين،‏<br />

فمروا بعكا التي قام حاكمها بتموين الصليبيين،‏ ثم قيسسارية ثم أرسسوف،‏ ثم احتلوا<br />

الرملة واللد وبيت لهم،‏ وفي ‎١٠٩٩/٦/٧‎م بدأوا حصار بيت المقدسس،‏ وكان حاكمها<br />

قد نصبه الفاطميون،‏ ويدعى افتخار الدولة،‏ وتمّ‏ احتلالها في ٢٣ ششعبان ‎٤٩٢‎ه -<br />

‎١٠٩٩/٧/١٥‎م.‏ ولبش الفرضج أسسبوعاً‏ يقتلون المسسلمين،‏ وقتلوا بالمسسجد الٔقصى ما<br />

يزيد على ٧٠ ألفاً،‏ منهم جماعة كشيرة من أءمة المسسلمين،‏ وعلماءهم وعبادهم . ٢٠ أما<br />

الدولة الفاطمية فقد واجهت الخبر ببرود،‏ كما أن الدولة العباسسية لم تحرك سساكناً!!‏<br />

تولى حكم بيت المقدسس القاءد الصليبي جود فري بوايون،‏ وتَسسمى تواضضعاً‏ بهامي<br />

بيت المقدسس،‏ واسستسسلمت نابلسس،‏ وتمّ‏ للصليبيين احتلال الخليل . ٢١<br />

ويقال إنه لم يبقَ‏ من الصليبيين إلا ٣٠٠ فارسس وألفين من المششاة،‏ ولم يسستطيعوا<br />

توسسيع سسيطرتهم،‏ لٔن كشيراً‏ منهم عادوا إلى بلادهم بعد أن أوفوا قسسمهم بالاسستيلاء<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٢


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

على بيت المقدسس ، ٢٢ وبذلك أصبهت ممالك الصليبيين كالجزر وسسط محيط من الٔعداء،‏<br />

ومع ذلك كُتب لها الاسستمرار ٢٠٠ سسنة حتى تمّ‏ اقتلاع آخرها!!‏ بسسبب الٕمدادات<br />

والهملات التي كانت تأتيهم بين فترة وأخرى،‏ وبسسبب ضضعف المسسلمين وتشرذمهم،‏<br />

وعدم اسستغلالهم لفرصة انسسياب وانتششار الصليبيين على مسساحات واسسعة من الٔرضض<br />

بأعداد قليلة ليقضضوا عليهم،‏ ولكن المسسلمين تأخروا حتى قويت ششوكة الصليبيين،‏<br />

وأصبه من الصعب اقتلاعها.‏<br />

وتتابع سسقوط مدن فلسسطين الٔخرى،‏ فقد كانت يافا قد سسقطت أثناء حصار بيت<br />

المقدسس على يد سسفن جنوية في ‎١٠٩٩/٦/١٥‎م،‏ وسسيطر الصليبيون على شرق بهيرة<br />

طبريا ‏“منطقة السسواد”‏ في أيار/‏ مايو ‎١١٠٠‎م،‏ واسستولوا على حيفا عنوة في ششوال<br />

‎٤٩٤‎ه - آب/‏ أغسسطسس ‎١١٠١‎م بمسساعدة أسسطول كبير من البندقية،‏ وملكوا أرسسوف في<br />

نيسسان/‏ أبريل ١١٠١ بالٔمان وأخرجوا أهلها منها ثم ملكوا قيسسارية في ‎١١٠١/٥/١٧‎م<br />

بالسسيف،‏ وقتلوا أهلها ونهبوا ما فيها . ٢٣<br />

وهكذا فرضض الصليبيون هيمنتهم على فلسسطين،‏ غير أن عسسقلان ظلّت عصية عليهم،‏<br />

وكان المصريون ‏(الفاطميون)‏ يرسسلون لها كل عام الذخاءر والرجال والٔموال،‏ وكان<br />

الفرضج يقصدونها ويهاصرونها كل عام فلا يجدون لها سسبيلاً،‏ ولم تسسقط عسسقلان<br />

بأيدي الفرضج إلا في ‎٥٤٨‎ه/‏‎١١٥٣‎م،‏ وكان أهلها قد ردوا الفرضج مقهورين في ذلك العام،‏<br />

وعندما آيسس الفرضج،‏ وهموا بالرحيل أتاهم خبر أن خلافاً‏ وقع بين أهلها فصبروا.‏<br />

وكان سسبب الخلاف أن أهلها لما عادوا قاهرين منصورين ادعت كل طاءفة أن النصر<br />

كان من جهتها،‏ فعظم الخصام بينهم إلى أن قُتل من إحدى الطاءفتين قتيل،‏ واششتد<br />

الخطب،‏ وتفاقم الشر،‏ ووقعت الهرب بينهم فقتل بينهم قتلى!!‏ فطمع الفرضج،‏ وزحفوا<br />

إلى عسسقلان وقاتلوا ‏“فلم يجدوا من يمنعهم فملكوها”‏ !! ٢٤ ترى...‏ كم هي الهزاءم التي<br />

تأتي من أنفسسنا أو نصنعها بأنفسسنا؟!‏ چٻ ٻ پ پپچ . ٢٥<br />

وهكذا تأسسسست مملكة بيت المقدسس الصليبية،‏ ونششير اسستطراداً‏ إلى تأسسيسس الفرضج<br />

لمملكة صليبية رابعة هي طرابلسس في ١١ ذي الهجة ‎٥٠٣‎ه - ١٢ تموز/‏ يوليو ‎١١٠٩‎م<br />

بعد حصار دام سسبعة أعوام . ٢٦<br />

٩٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

رابعاً:‏ اسستمرار الصصراع ‏(نظرة عامة):‏<br />

من الصعب أن ندخل في تفصيل الٔحداش سسنة بسسنة حادثاً‏ بهادش،‏ خصوصاً‏ أن<br />

منهجنا يميل إلى الاختصار،‏ ووضضع اليد على النقاط المهمة الهسساسسة في سسياق حديشنا<br />

عن التجربة التاريخية للهل الٕسسلامي على أرضض فلسسطين،‏ غير أن اسستكمال الصورة،‏<br />

ومعرفة مجمل الظروف في تلك الفترة يقتضضي الٕششارة إلى المعطيات التالية،‏ التي ظهرت<br />

خلال الشلاثين سسنة التي تلت الاحتلال الصليبي لبيت المقدسس:‏<br />

• كان عدد الصليبيين محدوداً،‏ وقد فرضضوا هيمنتهم من خلال قلاع منتشرة كجزر<br />

معزولة في العديد من مناطق الششام.‏<br />

• اسستمر الصراع والنزاع بين المسسلمين،‏ واسستعان بعضضهم بالصليبيين على<br />

خصومهم،‏ مما أضضعف الموقف الٕسسلامي،‏ وجعل الصليبيين يلعبون في بعضض<br />

الٔحيان دور الشرطي،‏ ويسستفيدون من ذلك في زيادة نفوذهم،‏ وتقوية ششوكتهم.‏<br />

ومن ذلك الصراع بين طغتكين وبكتاشش بن تتشش على دمششق؛ حيش اسستعان بكتاشش<br />

سسنة ‎٤٩٨‎ه بالفرضج على خصمه،‏ ولهق به ‏“كل من يريد الفسساد”،‏ غير أن ملك الفرضج<br />

لم يعطِ‏ ه سسوى التهريضض على الٕفسساد،‏ ثم اسستقام الٔمر لطغتكين . ٢٧<br />

وعندما وقعت معركة بين الفاطميين والفرضج بين عسسقلان ويافا ‎٤٩٨‎ه سساعدت<br />

الفاطميين قوة من دمششق من ٣٠٠ فارسس،‏ وسساعدت جماعة من المسسلمين بقيادة بكتاشش<br />

بن تتشش الفرضج . ٢٨ وعندما جاء جيشش السسلطان من العراق ‎٥٠٩‎ه إلى الششام لجهاد<br />

الصليبيين بقيادة برسسق ابن برسسق خاف حكام دمششق وحلب على نفوذهم من أن<br />

يزول،‏ فتعاونوا بقيادة طغتكين مع فرضج أنطاكية ضضدّ‏ جيشش السسلطان؛ ثم ما لبش طغتكين<br />

نفسسه أن قاتل فرضج بيت المقدسس،‏ واسستعاد رفنية بعد أن اسستولى الفرضج عليها ...، ٢٩ إنه<br />

القتال المرتبط بالمصلهة،‏ فمرة يلبسس ثوب الجهاد في سسبيل االله،‏ ومرة يلبسس ثوب الدفاع<br />

عن ‏“الهق”‏ ‏(الكرسسي)‏ تحت حجج الوراثة أو الكفاءة...‏ حتى لو اقتضضى ذلك التهالف<br />

مع الٔعداء.‏<br />

• اسستمر جهاد المسسلمين ضضدّ‏ الفرضج ‏(الصليبيين)‏ دون توقف،‏ وإن كان هذا الجهاد<br />

قد افتقر إلى حسسن الٕعداد والتنظيم،‏ وقد تعدد القادة المسسلمون الذين يأتون<br />

ويذهبون،‏ كما تعددت محاور الصراع والاششتباك مع الفرضج في بلاد الششام،‏<br />

وافتقر المسسلمون إلى قاعدة كبيرة قوية تكون منطلقاً‏ داءماً‏ للجهاد،‏ وكشيراً‏ ما كان<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٤


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

القتال بين مدينة أو قلعة إسسلامية،‏ تحاول الدفاع عن نفسسها،‏ أو توسسيع نفوذها،‏<br />

وبين الفرضج.‏<br />

وتداول المسسلمون والصليبيون النصر والهزيمة في المعارك،‏ ولم يكن يمضضي عام<br />

دون معارك،‏ وتبادلوا احتلال المدن والقلاع،‏ ولم يكن من الصعب على المسسلمين أن<br />

يدخلوا في وسسط فلسسطين،‏ ويخوضضوا المعارك عند الرملة أو يافا أو غيرهما.‏ غير أن<br />

الصليبيين ظلّوا يهتفظون بنفوذهم وهيمنتهم في المناطق التي اسستولوا عليها.‏<br />

الممالك والٕمارات الصليبية في بلاد الششام<br />

٩٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وظهر عدد من المجاهدين المسسلمين الذين كانت قدراتهم محدودة،‏ ولم يتمكنوا من<br />

توحيد قوى المسسلمين لجهاد الفرضج،‏ غير أنهم حافظوا على جذوة الجهاد،‏ وألهقوا<br />

بالفرضج خسساءر كبيرة،‏ وأفقدوهم الاسستقرار والٔمان،‏ وقتلوا أو أسروا العديد من<br />

قادتهم وزعماءهم . ٣٠ فمشلاً‏ كان بين معين الدولة سسقمان وششمسس الدولة جكرمشش حرب،‏<br />

ولما حوصرت حرّان من قبل الفرضج ‎٤٩٧‎ه تراسسلا،‏ وأعْ‏ لمَ‏ كل منهما الٓخر أنه قد بذل<br />

نفسسه الله تعالى وثوابه،‏ فسسارا واجتمعا بالخابور في عشرة آلاف من التركمان والترك<br />

والعرب والٔكراد،‏ فالتقوا بالفرضج عند نهر البليخ،‏ وهزم الفرضج فقتلهم المسسلمون<br />

‏“كيف شاوءوا”‏ وأُسر القاءد الصليبي بردويل وفُدي ب ٣٥ ديناراً‏ و‎١٦٠‎ أسسيراً‏ من<br />

المسسلمين،‏ وكان عدد قتلى الفرضج يقارب ١٢ ألفا‎٣١ً‎ .<br />

وفي ‎٥٠٧‎ه اجتمع المسسلمون من الموصل وسسنجار ودمششق،‏ وقاتلوا الفرضج عند<br />

طبريا،‏ وانتصروا عليهم،‏ وأسروا ملكهم ‏“بغدوين”‏ دون أن يُعرَف أنه المَلك،‏ فأُخذ<br />

سسلاحه وأُطلق سراحه،‏ وكثر القتل والٔسر في الفرضج.‏<br />

ثم جاء مدد من جند أنطاكية وطرابلسس فقويت نفوسس الفرضج،‏ وعادوا للهرب فأحاط<br />

بهم المسسلمون من كل ناحية،‏ وصعد الفرضج إلى جبل غربي طبريا،‏ ومكشوا ٢٦ يوماً‏ دون<br />

أن ينزلوا للقتال،‏ فتركهم المسسلمون،‏ وسساروا إلى بيسسان،‏ و“نهبوا بلاد الٕفرضج”‏ بين عكا<br />

إلى القدسس وخربوها،‏ ورجع المسسلمون.‏ وعاد مودود بن التونتكين صاحب الموصل مع<br />

طغتكين إلى دمششق،‏ وهناك في صهن المسسجد في يوم الجمعة،‏ وثب عليه باطني فجرحه<br />

أربع جراحات وقُتل الباطني،‏ وأبى مودود أن يموت إلا صاءماً،‏ وكان خير ِّ اً‏ عادلاً‏ كشير<br />

الخير،‏ ويقال إن طغتكين هو الذي تآمر عليه.‏ وكتب ملك الفرضج إلى طغتكين بعد قتل<br />

مودود كتاباً‏ جاء فيه:‏ ‏“إن أمة قتلت عميدها يوم عيدها في بيت معبودها لهقيق على االله<br />

أن يبيدها”‏ !! ٣٢<br />

المسسلمون الٔصليون من سسكان فلسسطين اسستمروا في سسكنهم للبلاد التي احتلها الفرضج،‏<br />

ولكن قسسماً‏ منهم هجروها إلى شرق الٔردن ودمششق،‏ وأنفوا من التعاون مع الصليبيين.‏<br />

ولذلك تعطلت الزراعة في أكثر المدن السساحلية الفلسسطينية.‏ وقد عمل هوءلاء على محاربة<br />

الصليبيين،‏ وقدموا خدمات للمسسلمين المهاجمين،‏ وانضضموا إلى كتاءب المسسلمين في بلاد<br />

الششام،‏ وسساعدوهم كأدلاء في فلسسطين،‏ يقول الموءرخ الصليبي وليم الصوري عنهم<br />

‏“إنهم علموا عدونا كيف يدمرنا؛ لٔنهم يملكون معلومات كافية عن حالتنا”‏ . ٣٣<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٦


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وكان من أبرز قادة المسسلمين المجاهدين الٔواءل أقسسنقر البرسسقي الذي ولاه السسلطان<br />

محمد سسنة ‎٥٠٨‎ه الموصل وأعمالها،‏ وأمره بقتال الفرضج،‏ وخاضض أقسسنقر المعارك ضضدّ‏<br />

الصليبيين في ششمال الششام.‏ ودخلت،‏ بالٕضضافة إلى الموصل والجزيرة وسسنجار،‏ مدينة<br />

حلب سسنة ‎٥١٨‎ه تحت زعامته،‏ فتوسسعت جبهته المعادية للصليبيين،‏ غير أنه قتل<br />

رحمه االله سسنة ‎٥٢٠‎ه على يد الباطنية في الموصل،‏ وكان أقسسنقر مملوكاً‏ تركياً‏ خيرّ‏ اً‏<br />

يهب أهل العلم والصالهين،‏ ويرى العدل ويفعله،‏ وكان من خير الولاة،‏ يهافظ على<br />

الصلوات في أوقاتها،‏ ويقوم الليل . ٣٤<br />

الدولة الفاطمية في مصر بقيادة وزيرها الٔفضضل بدر الجمالي أرسسلت حملات عديدة<br />

إلى فلسسطين،‏ وحاولت الدفاع عن مناطق نفوذها على السساحل،‏ غير أن حملاتها لم تكن<br />

بمسستوى ما تزخر به مصر من قدرات وإمكانات،‏ ويظهر أن حملاتها اتخذت طابعاً‏<br />

اسستعراضضياً،‏ وافتقرت إلى التنسسيق الجاد مع القوى الٕسسلامية في الششام . ٣٥ وكان الهكم<br />

الفاطمي قد افتقد مصداقيته الجهادية الٕسسلامية عندما راسسل الفرضج وهم يزحفون<br />

باتجاه بيت المقدسس عارضضاً‏ التهالف ضضدّ‏ السسلاجقة،‏ وتقاسسم النفوذ في الششام.‏ ومهما يكن،‏<br />

فإن الدولة الفاطمية كانت في طور الٔفول،‏ وكانت تعاني من عوامل الضضعف والانهيار.‏<br />

خامسساً:‏ جهاد عماد الدين زنكي ‎٥٤١-٥٢١‎ه:‏<br />

انفتهت صفهة جديدة لجهاد الصليبيين بظهور عماد الدين زنكي بن أقسسنقر،‏<br />

وبدء عهد الدولة الزنكية في الموصل وحلب،‏ فقد تولى عماد الدين زنكي أمر ولاية<br />

الموصل وأعمالها ‎٥٢١‎ه بعد أن ظهرت كفاءته في حكم البصرة وواسسط وتولىّ‏ ششهنكية<br />

العراق ، ٣٦ وفي محرم ‎٥٢٢‎ه تمت له السسيطرة على حلب.‏ وأخذ عماد الدين يخوضض<br />

المعارك تلو المعارك،‏ ويهقق الانتصارات على الصليبيين،‏ وعلق ابن الٔثير بعد أن تحدش<br />

عن انتصار عماد الدين على الفرضج في معركة كبيرة،‏ وملكه حصن الٔثارب،‏ وحصاره<br />

حارم ‎٥٢٤‎ه...‏ ‏“وضضعفت قوى الكافرين،‏ وعلموا أن البلاد قد جاءها ما لم يكن لهم في<br />

حسساب،‏ وصار قصاراهم حفظ ما بأيديهم بعد أن كانوا قد طمعوا في ملك الجميع”‏ . ٣٧<br />

واسستمرت جهود زنكي في توحيد قوى المسسلمين في غزو الصليبيين،‏ فمَلك زنكي<br />

حماة،‏ وحمص‏ وبعلبك،‏ وسرجي،‏ ودارا،‏ والمعرة،‏ وكفر طاب،‏ وقلعة الصور في ديار<br />

بكر،‏ وقلاع الٔكراد الهميدية،‏ وقلعة بعرين،‏ وششهرزور،‏ والهديشة،‏ وقعلة أششب وغيرها<br />

٩٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

من الٔكراد الهكارية ... ٣٨ . وفي ‎٥٣٤‎ه حاول زنكي الاسستيلاء على دمششق مرتين دون<br />

جدوى،‏ فقد كانت دمششق المفتاه الهقيقي لاسسترداد فلسسطين من جهة الششام،‏ غير أن<br />

القاءم بأمر الهكم هناك معين الدين أنز راسسل الصليبيين للتهالف ضضدّ‏ زنكي،‏ ووعدهم<br />

أن يهاصر بانياسس ويسسلمها لهم ووافقوا،‏ ولكن زنكي ذهب إليهم قبل قدومهم لدمششق،‏<br />

فلما سسمعوا ذلك لم يخرجوا.‏ ومع ذلك فإن معين الدين حاصر بانياسس بمسساعدة جماعة<br />

من الفرضج،‏ ثم اسستولى عليها،‏ وسسلمها للفرضج !! ٣٩<br />

غير أن أششهر ما يذكر من الفتوه لزنكي هو فتهه للرها،‏ وإسسقاطه للمملكة الصليبية<br />

التي قامت بها،‏ فقد حاصرها أربعة أسسابيع،‏ وفتهها عنوة في ٦ جمادى الٓخرة ‎٥٣٩‎ه،‏<br />

وفته ما يتبع هذه المملكة من أعمال في منطقة الجزيرة،‏ وفته سروج وسساءر الٔماكن التي<br />

كانت للفرضج شرقي الفرات ما عدا البيرة . ٤٠<br />

قُتل عماد الدين زنكي،‏ بعد أن حمل راية الجهاد أكثر من عشرين عاماً،‏ في ٥ ربيع<br />

الٔول ‎٥٤١‎ه - منتصف أيلول/‏ سسبتمبر ‎١١٤٦‎م،‏ غدراً‏ على يد جماعة من مماليكه،‏<br />

بينما كان يهاصر قلعة جعبر ، ٤١ وكان عمره زاد عن سستين سسنة،‏ وعلى ما ذكر ابن الٔثير<br />

فقد كان زنكي،‏ ششديد الهيبة في عسسكره ورعيته،‏ عظيم السسياسسة،‏ لا يعين القوي على<br />

ظلم الضضعيف،‏ وكانت البلاد قبل أن يملكها خراباً‏ من الظلم،‏ وتنقل الولاة،‏ ومجاورة<br />

الفرضج،‏ فعمّرها وامتلٔت أهلاً‏ وسسكانا‎٤٢ً‎ . ‏“وكان زنكي من خيار الملوك وأحسسنهم سسيرة<br />

وششكلاً،‏ وكان ششجاعاً‏ مقداماً‏ حازماً،‏ خضضعت له ملوك الٔطراف،‏ وكان من أششد الناسس<br />

غيرة على نسساء الرعية،‏ وأجود الملوك معاملة،‏ وأرفقهم بالعامة”‏ . ٤٣ واششتهر عماد الدين<br />

بعد مقتله بلقب ‏“الششهيد”.‏<br />

لقد عمل عماد الدين زنكي في أجواء صعبة من النزاع بين أمراء وزعماء السسلاجقة<br />

أنفسسهم،‏ وبينهم وبين الخليفة العباسسي في أحيان أخرى،‏ وفي أجواء الهكم الوراثي،‏<br />

ونزعة الكشيرين للسسيطرة والزعامة حتى ولو على مدينة أو قلعة واحدة،‏ كما عاشش<br />

في فترة كانت القوى الصليبية فيها ما تزال تملك الكشير من القوة والهيوية.‏ ومع ذلك<br />

فقد اسستطاع عماد الدين أن يضضع الٔسسسس لقاعدة انطلاق جهادية كبيرة وقوية تمتد<br />

من ششمال الششام إلى ششمال العراق،‏ كما كسر ششوكة الصليبيين في مواقع كشيرة،‏ ويسر<br />

سسبل الجهاد والعمل الجاد لتهرير الٔرضض،‏ وقدم نموذجاً‏ للهاكم والمجاهد تحت راية<br />

الٕسسلام،‏ وقوّى الٔمل باسسترجاع المقدسسات.‏ غير أن أفضضل أثر تركه،‏ على ما يظهر لنا،‏<br />

هو ابنه نور الدين محمود.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٨


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

سسادسساً:‏ جهاد نور الدين محمود ‎٥٦٩-٥٤١‎ه:‏<br />

بعد اسستششهاد زنكي،‏ وحسسب الٔعراف الوراثية في ذلك الزمان،‏ انقسسمت دولته بين<br />

ابنيه:‏ نور الدين محمود الذي تولى حلب وما يتبعها،‏ وسسيف الدين غازي الذي تولى<br />

الموصل وما يتبعها.‏<br />

ولد نور الدين محمود بعد حوالي عشرين عاماً‏ من سسقوط القدسس في أيدي الصليبيين<br />

في ١٧ ششوال ‎٥١١‎ه - ششباط/‏ فبراير ‎١١١٨‎م،‏ وكان أسسمر،‏ طويل القامة،‏ حسسن<br />

الصورة،‏ ذا لهية خفيفة،‏ وعليه هيبة ووقار.‏ تزوج سسنة ‎٥٤١‎ه من ابنة معين الدين أنز<br />

ورزق ببنت وولدين،‏ وتوفي رحمه االله في ١١ ششوال ‎٥٦٩‎ه - ١٥ أيار/‏ مايو ‎١١٧٤‎م . ٤٤<br />

وبهكم نور الدين انفتهت صفهة جديدة راءعة من صفهات الجهاد الٕسسلامي في<br />

بلاد الششام،‏ وطوال ٢٨ عاماً،‏ من حكم نور الدين كان واضضهاً‏ في ذهنه هدفه الٔسساسسي في<br />

تحرير واسسترداد بلاد المسسلمين،‏ وتوحيدها تحت راية الٕسسلام.‏<br />

ومنذ تلك اللهظة أخذ يبذل الٔسسباب،‏ ويعدّ‏ العدة والعتاد،‏ ويوحد جهود المسسلمين،‏<br />

ويرتقي بهم في جوانب الهياة المختلفة،‏ وذلك وفق تصور إسسلامي متكامل لٕعادة أمجاد<br />

المسسلمين،‏ وطرد الاحتلال الصليبي من بلادهم...‏ .<br />

ودخل المعركة وفق فهم إسسلامي ششامل سسليم يوءكد على عقاءدية المعركة مع<br />

الصليبيين،‏ فهي:‏<br />

• صراع بين حق ٍّ وباطل،‏ وبين إسسلام وكفر.‏<br />

• تعني كل المسسلمين دون نظر إلى قوميات وعصبيات وجنسسيات.‏<br />

• ولا سسلام نهاءي حتى يسسترجع المسسلمون كل شبر من أراضضيهم.‏<br />

• ولا بدّ‏ من الٕعداد المتكامل للٔمة،‏ حتى تكون على مسستوى الجهاد،‏ إيمانياً‏ وثقافياً‏<br />

وتربوياً‏ واجتماعياً‏ وجهادياً‏ وعسسكرياً.‏<br />

• ولا بدّ‏ من توحيد الجهود تحت راية الٕسسلام في مواجهة العدو الصليبي.‏<br />

معالم النهضضة الٕسسلامية:‏<br />

وفي سسبيل ذلك قام نور الدين محمود بإحياء نهضضة إسسلامية أكدت على تكامل الهل<br />

الٕسسلامي،‏ وقد تمّ‏ التعبير عنها من خلال:‏<br />

٩٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١. القيادة الٕسسلامية الصادقة:‏<br />

تمشلت هذه القيادة في ششخصه وأششخاص‏ من حوله من القادة والمسوءولين والعلماء.‏<br />

فقد كان للتكوين النفسسي والششخصية المميزة لنور الدين محمود أثرهما الكبير في وجود<br />

قيادة إسسلامية واعية،‏ جادة،‏ ومجاهدة.‏<br />

قال ابن الٔثير:‏ ‏“طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الٕسسلام،‏ وفيه إلى يومنا هذا،‏<br />

فلم أرَ‏ بعد الخلفاء الراششدين وعمر بن عبد العزيز أحسسن سسيرة من الملك العادل<br />

نور الدين”‏ . ٤٥ فلقد كان ذكياً،‏ ألمعياً،‏ فطناً،‏ لا تششتبه عليه الٔحوال،‏ ولا يتبهرج عليه<br />

الرجال،‏ ولم يتقدم لديه إلا ذوو الفضضل،‏ والقدرة على الٕنجاز الٔمين المسوءول للعمل،‏<br />

ولم ينظر في تقديمه للرجال إلى المكانة الاجتماعية أو للجنسس والبلد . ٤٦<br />

كما عُ‏ رف نور الدين بتقواه وورعه،‏ فقد كان حريصاً‏ على أداء السسنن وقيام الليل<br />

بالٔسسهار.‏ إذ كان ينام بعد صلاة العششاء،‏ ثم يسستيقظ في منتصف الليل،‏ فيصلي ويتبتل<br />

إلى االله بالدعاء حتى يوءذن الفجر،‏ كما كان كشير الصيام . ٤٧<br />

وتميز بفقهه وعلمه الواسسع،‏ فلقد تششبه بالعلماء،‏ واقتدى بسسيرة السسلف الصاله،‏<br />

وكان عالماً‏ بالمذهب الهنفي،‏ وحصل على الٕجازة في رواية الٔحاديش،‏ وألّف كتاباً‏ عن<br />

الجهاد . ٤٨<br />

وكان ذا طبيعة جادة،‏ كما رزقه االله قوة الششخصية فكان ‏“مهيباً‏ مخوفاً‏ مع لينه<br />

ورحمته”‏ ومجلسسه ‏“لا يذكر فيه إلا العلم والدين والمششورة في الجهاد”‏ ‏“ولم يسسمع منه<br />

كلمة فهشش قط في غضضب ولا رضضى صموتاً‏ وقوراً”‏ . ٤٩<br />

وكان زاهداً‏ متواضضعاً،‏ فقد كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقة منه من غير اكتناز،‏<br />

ولا اسستئشار بالدنيا،‏ وعندما ششكت زوجته الضضاءقة المادية أعطاها ثلاثة دكاكين له<br />

بهمص،‏ وقال:‏ ‏“ليسس لي إلا هذا،‏ وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسسلمين لا أخونهم فيه،‏<br />

ولا أخوضض في نار جهنم لٔجلك”‏ . ٥٠<br />

قال له الششيخ الفقيه قطب الدين النيسسابوري يوماً:‏ ‏“باالله عليك لا تخاطر بنفسسك<br />

وبالٕسسلام،‏ فإن أصبت في معركة لا يبقى من المسسلمين أحد إلا أخذه السسيف”،‏ فقال<br />

له نور الدين:‏ ‏“يا قطب الدين!!‏ ومن محمود حتى يقال له هذا؟ قبلي من حفظ البلاد<br />

والٕسسلام،‏ ذلك االله الذي لا إله إلا هو”‏ . ٥١<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٠


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وعلى اتسساع نفوذه وسسلطانه جاءه التشريف من الخلافة العباسسية،‏ وتضضمن قاءمة<br />

بألقابه التي يذكر بها على منابر بغداد تقول:‏ ‏“اللهم أصله المولى السسلطان الملك العادل<br />

العالم العامل الزاهد العابد الورع المجاهد المرابط المشاغر نور الدين وعدته،‏ ركن الٕسسلام<br />

وسسيفه،‏ قسسيم الدولة وعمادها،‏ اختيار الخلافة ومعزها،‏ رضض ِّ يَ‏ الٕمامة وأثيرها،‏ فخر<br />

الملة ومجدها،‏ ششمسس المعالي وملكها،‏ سسيد ملوك المشرق والمغرب وسسلطانها،‏ محي العدل<br />

في العالمين،‏ منصف المظلوم من الظالمين،‏ ناصر دولة أمير الموءمنين”!!‏ فأوقف هذا كله،‏<br />

واكتفى بدعاء واحد هو ‏“اللهم أصله عبدك الفقير محمود بن زنكي”‏ . ٥٢<br />

وعرف باتسساع ششعبيته،‏ وحبّ‏ الناسس له حتى في البلاد التي لا يهكمها،‏ وكان<br />

يسستششعر إحسساسساً‏ عظيماً‏ بالمسوءولية تجاه الزمن أن يضضيع،‏ واتجاه الدم المسسلم أن<br />

يراق،‏ والكرامة الٕسسلامية أن تهدر،‏ والٔرضض الٕسسلامية أن تسستباه؛ فكان يَص‏ ِ ل في عمله<br />

الليل بالنهار،‏ وكان لا يهمل أمراً‏ من أمور رعيته . ٥٣<br />

وحباه االله تكويناً‏ عسسكرياً‏ فذاً‏ حمل من خلاله تكاليف الجهاد الششاقة ٢٨ عاماً‏ بنفسسية<br />

جهادية صادقة . ٥٤<br />

٢. التزام أحكام الٕسسلام وتطبيقها:‏<br />

حرص‏ نور الدين على تطبيق أحكام الٕسسلام على الجميع،‏ وكان قدوة في الالتزام<br />

بها،‏ وطبقها على مسوءولي الدولة وقادتها،‏ وكما حرص‏ على ردّ‏ الهقوق إلى أصهاب<br />

المظالم،‏ وكان يقول:‏ ‏“حرام على كل من صهبني أن لا يرفع قصة مظلوم لا يسستطيع<br />

الوصول إليّ”.‏ وفي توحيده لبلاد المسسلمين كان يهرص‏ على عدم إراقة دماء المسسلمين،‏<br />

ولذلك كان ذا صبر وحكمة وتأن ٍّ في ذلك،‏ لقد كان رحمه الله يهفظ الشريعة المطهرة،‏<br />

ويقف عند أحكامها . ٥٥<br />

وعلى الرغم من اضضطراره للاصطدام بالعديد من زعماء المدن والقلاع المسسلمين في<br />

سسعيه لتهقيق الوحدة،‏ أو لتهالفهم مع الفرضج...،‏ إلا أن دم المسسلم كان عنده عظيماً‏ وكان:‏<br />

‏“لا يقصد ولاية أحد من المسسلمين إلا لضرورة،‏ إما ليسستعين على قتال الفرضج،‏ أو للخوف<br />

عليها منهم”‏ . ٥٦ وعندما تحالف حكام دمششق مع الصليبيين ‎٥٤٤‎ه جاهد الصليبيين<br />

دون إيذاء المسسلمين وضضياعهم،‏ وقال:‏ ‏“لا حاجة لقتل المسسلمين بعضضهم بعضضاً،‏ وأنا<br />

أرفههم ليكون بذل نفوسسهم في مجاهدة المشركين”.‏ لقد ششاهد الدماششقة حرمته حتى<br />

تمنوه،‏ ودعوا االله أن يكون ملكهم . ٥٧<br />

١٠١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وعندما رفع عليه أحدهم قضضية إلى القاضضي،‏ اسستدعاه القاضضي فقال:‏ ‏“السسمع<br />

والطاعة،‏ إنما كان قول الموءمنين إذا دعوا إلى االله ورسسوله ليهكم بينهم أن يقولوا سسمعنا<br />

وأطعنا،‏ إني جئت ها هنا امتشالاً‏ لٔمر الشرع”.‏ وفي مرة أخرى دعي للقضضاء،‏ فاسستجاب،‏<br />

ولما ثبت أن الهق مع نور الدين وهب لخصمه ما ادعاه عليه . ٥٨<br />

لقد ألغى رحمه االله الضراءب التي تزيد عن الهد الشرعي على الرغم مما كانت تدر<br />

من دخل كبير على ميزانية الدولة،‏ وعلى الرغم من إمكانية تبرير وجودها،‏ عند البعضض،‏<br />

بظروف البلاد والهرب ، ٥٩ وكان يقول:‏ ‏“نهن نهفظ الطريق من ٍّ لص‏ وقاطع طريق...‏<br />

أفلا نهفظ الدين ونمنع ما يناقضضه؟”‏ . ٦٠ وكان أششهى ششيء عنده كلمة حق ٍّ يسسمعها أو<br />

إرششاد إلى سسنة يتبعها . ٦١<br />

٣. البناء الٕيماني والتربوي والشقافي:‏<br />

في هذا المجال اسستقدم نور الدين العلماء العاملين،‏ وأفسسه لهم مجال العمل والدعوة،‏<br />

وسسعى في بناء المدارسس والمسساجد،‏ وأوقف عليها الٔوقاف،‏ وحارب البدع والٔضضاليل...‏<br />

فانتشر نور الٕيمان والعلم بين الرعية،‏ وأحيا سسمت احترام العلماء وتوقيرهم.‏ وعلى<br />

الرغم من أن الٔمراء والقادة لم يكونوا يجروءون على الجلوسس في مجلسسه دون أمره<br />

وإذنه...‏ إلا أنه كان إذا دخل عليه العالم الفقيه أو الرجل الصاله قام هو إليه وأجلسسه،‏<br />

وأقبل عليه مظهراً‏ كل احترام وتوقير . ٦٢ وكان يقول عن العلماء إنهم ‏“هم جند االله<br />

وبدعاءهم نُنصر على الٔعداء،‏ ولهم في بيت المال حقّ‏ أضضعاف ما أعطيهم،‏ فإن رضضوا<br />

منا ببعضض حقهم فلهم المنة علينا”‏ . ٦٣ لقد كانت بلاد الششام خالية من العلم وأهله،‏ وفي<br />

زمانه صارت مقراً‏ للعلماء والفقهاء والصوفية ، ٦٤ وكان يسسمع نصيهة العلماء ويُجلها،‏<br />

ويقول:‏ ‏“إن البلخي إذا قال لي:‏ محمود،‏ قامت كل ششعرة في جسسدي هيبة له،‏ وير ُّق<br />

قلبي”‏ . ٦٥<br />

٤. الٕعمار والبناء الهضضاري والاجتماعي:‏<br />

عُ‏ رف نور الدين بششخصيته التي تهتم بأحوال المسسلمين وتحيي معاني التكافل<br />

والتعاون والتضضامن بينهم،‏ ورفع عنهم معاناتهم وأحوالهم الصعبة...‏ فلقد عمل على<br />

كفالة الٔيتام،‏ وتزويج الٔرامل،‏ وإغناء الفقراء،‏ وبناء المسستششفيات والملاجىء ودور<br />

الٔيتام والٔسسواق والهمامات والطرق العامة،‏ وتوطين البدو وإقطاعهم الٔراضضي حتى<br />

لا يوءذوا الهجاج.‏ لقد ارتقى بالخدمات التي تُقدّم للمسسلمين فأحبه الششعب،‏ وأصبهت<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٢


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

صلته به متينة قوية...،‏ وسرَ‏ ‏َت هذه النفسسية البناءة المهبة للخير إلى نفوسس رجاله،‏<br />

فأصبهوا يتسسابقون في خدمة الناسس،‏ وبناء المدارسس والمسستششفيات والملاجئ،‏ ووسساءل<br />

الخدمات المختلفة . ٦٦<br />

٥. البناء الاقتصادي:‏<br />

رتب نور الدين ديوان الزكاة في عهده ونظم جبايتها وتوزيعها وفق الٔسسسس الشرعية،‏<br />

وششجع التجارة بتأمين طرق المواصلات ورفع الضراءب التي تشقل حركة التجارة،‏<br />

وسسعى في كل ما يقوي الدولة ويدعم بنيانها الاقتصادي . ٦٧<br />

٦. البناء الجهادي العسسكري:‏<br />

لقد سسعى نور الدين في إحياء المعاني الجهادية في النفوسس،‏ وتربية الٔمة على معانيها<br />

وتكريسس عزة المسسلمين ومنعتهم وقوتهم،‏ وبذل الجهد في توفير العدة والعتاد،‏ واختيار<br />

القادة المناسسبين،‏ وحماية المدن،‏ وبناء الٔسسوار والهفاظ على أرواه المسسلمين،‏ وتميز<br />

بهزمه وقوته في ذلك،‏ وكان رده عنيفاً‏ جداً‏ على الٔعداء إذا انتهكت حرمات المسسلمين.‏<br />

ومن ذلك أنه لم يكد يمرّ‏ على اسستلامه للهكم ششهر واحد حتى هاجم الصليبيون الرها<br />

ظانين أن الهاكم الجديد ضضعيف،‏ ولكن نور الدين هاجم الصليبيين،‏ وقتل ثلاثة أرباع<br />

جيششهم،‏ الذي هربت فلوله،‏ وقد عرفت من يكون هذا القاءد الجديد،‏ وحصل مرة أن<br />

هاجم الصليبيون نور الدين وجزءاً‏ من جيششه على حين غفلة،‏ فأقسسم نور الدين أن لا<br />

يسستظل بسسقف حتى ينتقم للٕسسلام،‏ وكان انتقامه رهيباً‏ في معركة حارم؛ إذ قتل منهم<br />

الٓلاف . ٦٨<br />

حتى الرياضضة اسستفاد منها في مجال الٕعداد الجهادي،‏ فلقد كانت الهرب تجري في<br />

ذلك العصر على الخيول...‏ ولبناء هذه المهارة في التهكم بالخيول وحركتها،‏ كان يلعب<br />

بمهارة كبيرة لعبة الكرة من فوق الخيول ‏(البولو)‏ !! ٦٩<br />

لقد حرص‏ على تعبئة طاقات الٔمة للجهاد...‏ وهو في بذله لٔسسبابه لم ينسسَ‏ دعاء الضضعفاء<br />

والعجاءز والمهتاجين،‏ فكان يهسسن إليهم،‏ ويذكر أنه ربما ينتصر ببركة دعاءهم.‏<br />

بهذا البناء المتكامل والٕعداد الجاد المتزن دخل نور الدين مرحلة التغيير الجذري على<br />

السساحة السسياسسية ليهقق أمرين سسار بهما في اتجاهين متوازيين هما:‏<br />

١٠٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• تحقيق الوحدة الٕسسلامية وتعبئة قواها في بوتقة واحدة.‏<br />

• تحطيم القوى الصليبية تدريجياً:‏ بإضضعاف هيبتها،‏ وإنهاك قواها،‏ والتهرير<br />

التدريجي لٔرضض المسسلمين الواقعة تحت سسيطرتها...‏ وذلك بانتظار اسستكمال<br />

الوحدة الٕسسلامية لتهقيق نصر حاسسم ونهاءي.‏<br />

جهود الوحدة الٕسسلامية:‏<br />

لقد حرص‏ نور الدين على تحقيقها بقدر كبير من الصبر والهكمة والٔناة،‏ وحرص‏<br />

ششديد على عدم إراقة دماء المسسلمين،‏ وقد حرص‏ على اسستمالة القوى الٕسسلامية المتعددة<br />

في الششمال،‏ وششمال العراق وكسسب صداقتها،‏ كما كان يكششف بطريقة عاقلة واعية حقيقة<br />

أولئك الزعماء والهكام،‏ الذين يقفون حجر عثرة أمام الوحدة الٕسسلامية أمام رعيتهم.‏<br />

وكان الناسس يقارنون بين جهاده،‏ وبين تخاذل حكامهم،‏ وبين إصلاحاته وبين إفسساد<br />

حكامهم،‏ وبين ولاءه الله سسبهانه ولرسسوله وللموءمنين وبين ولاء حكامهم لمصالههم<br />

وششهواتهم وللصليبيين!!‏ فأخذ الناسس يتمنون حكمه عليهم...‏ ولذلك فقد وجد كل<br />

ترحيب ششعبي عند انضضمام أي من بلاد المسسلمين إليه.‏<br />

ضضمّ‏ نور الدين حمص‏ إليه سسنة ‎٥٤٤‎ه/‏‎١١٤٩‎م،‏ غير أنه كان يتوق لضضمّ‏ دمششق التي<br />

كانت تقف بينه وبين الصليبيين في فلسسطين.‏ وكان الهكم في دمششق يسسعى بالدرجة الٔولى<br />

للهفاظ على نفسسه،‏ فمرة يجاهد الفرضج،‏ ومرة يصانعهم ويهادنهم،‏ ومرة يتهالف معهم<br />

إذا خاف من قوة إسسلامية ما.‏ ووفق تخطيط متأن ٍّ يهدف إلى:‏ السسيطرة على دمششق دون<br />

إراقة دماء،‏ وكسسب أهل دمششق إلى صفه،‏ ومنع نظام الهكم من الاسستعانة بالفرضج عليه<br />

إذا قصدهم.‏ اسستطاع نور الدين أن يفته دمششق في صفر ‎٥٤٩‎ه - ٢٥ نيسسان/‏<br />

أبريل ‎١١٥٤‎م،‏ وقد جاء هذا الفته بعد أن توفي معين الدين أنز سسنة ‎١١٤٩‎م،‏ وبعد أن<br />

ضضعف الهكم بدمششق،‏ ووقع تحت النفوذ الصليبي الذي فرضض الٕتاوات على دمششق،‏<br />

وكانت رسسلهم تدخل البلد كل عام ويأخذونها منهم . ٧٠<br />

وتوالت سسيطرة نور الدين على مدن وقلاع الششام حتى خضضعت معظمها له،‏ غير أنه<br />

كان يدرك أن السسبيل الفعال لتهرير فلسسطين،‏ واقتلاع الهكم الصليبي منها لا يكون إلا<br />

بالسسيطرة على مصر،‏ ودخولها ضضمن الجبهة الٕسسلامية المتهدة،‏ ووضضع الصليبيين<br />

بين فكي الكماششة.‏<br />

وقد جاءت الفرصة لنور الدين بالسسيطرة على مصر عندما اسستعان أحد المتنافسسين<br />

على الوزارة واسسمه ششاور بنور الدين على غريمه ضرغام سسنة ‎٥٥٩‎ه،‏ وعرضض على<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٤


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

نور الدين ثلش البلاد بعد إقطاعات العسساكر،‏ ويكون قاءده الذي يرسسله مقيماً‏ بمصر،‏<br />

ويتصرف بأمر نور الدين.‏ أرسسل نور الدين أسسد الدين ششيركوه الذي هزم ضرغام<br />

وقتله،‏ ولكن ششاور غدر بششيركوه واسستعان بالفرضج لٕخراجه،‏ فجاوءوا وحاصروا<br />

ششيركوه ورفاقه في بلبيسس ثلاثة أششهر حتى جاءتهم أخبار انتصارات نور الدين وملكه<br />

‏(حارم)‏ فعرضضوا الصله والعودة إلى الششام،‏ فوافق ولم يكن يعلم ما فعله نور الدين<br />

بالششام . ٧١<br />

واششتد التنافسس بين نور الدين وبين الصليبيين على مصر،‏ وخصوصاً‏ أن الدولة<br />

الفاطمية كانت في ضضعف ششديد وفي طور الاحتضضار.‏ فأرسسل نور الدين أسسد الدين<br />

ششيركوه إلى مصر في ألفي فارسس في حملة ثانية في ربيع الشاني ‎٥٦٢‎ه،‏ واسستطاع هزيمة<br />

الفرضج وجيشش مصر بالصعيد،‏ ومَلكَ‏ الٕسسكندرية بمسساعدة أهلها وذهب للصعيد فملكه،‏<br />

غير أنه اضضطر للعودة إلى دمششق في ذي القعدة بعد أن اششترط على الفرضج ألا يأخذوا ولو<br />

قرية واحدة من مصر فوافقوا . ٧٢<br />

وتمت السسيطرة لنور الدين على مصر في الهملة الشالشة التي قادها أيضضاً‏ أسسد الدين<br />

ششيركوه في ربيع الٔول ‎٥٦٤‎ه،‏ ففي ذلك الوقت كان الفرضج بسسبب تحالف ششاور معهم<br />

قد تمكنوا من البلاد المصرية،‏ وأصبه لهم نفوذ كبير،‏ وتسسلموا أبواب القاهرة وجعلوا<br />

لهم فيها جماعة من ششجعانهم وأعيان فرسسانهم و”حكموا على المسسلمين حكماً‏ جاءراً‏<br />

وركبوهم بالٔذى العظيم”.‏ وطمع الفرضج بملك مصر فجاءت حملة بقيادة ملك بيت<br />

المقدسس واحتلت بلبيسس عنوة،‏ فقتلت وأسرت ثم حاصرت القاهرة،‏ وأرسسل الخليفة<br />

العاضضد إلى نور الدين يسستغيشه وأرسسل في الكتب ششعور النسساء،‏ وقال هذه ششعور<br />

‏(جمع ششَ‏ عْر)‏ نسساءي من قصري يسستغشن بك لتنقذهن من الفرضج.‏ فأرسسل نور الدين<br />

حملته الشالشة،‏ فلما قارب أسسد الدين مصر خرج الفرضج خاءبين،‏ وانتهت الهملة<br />

بسسيطرة أسسد الدين على مصر،‏ وقتل الوزير ششاور،‏ وتولى أسسد الدين الوزارة مكانه<br />

في ١٧ ربيع الشاني ‎٥٦٤‎ه - كانون الشاني/‏ يناير ‎١١٦٩‎م،‏ غير أن أسسد الدين توفي بعد<br />

ششهرين في ٢٢ من جمادى الشانية فولى صلاه الدين يوسسف الٔيوبي الوزارة مكانه . ٧٣<br />

وبأمر من نور الدين أسسقط صلاه الدين الخلافة الفاطمية،‏ وتمت الخطبة للخليفة<br />

العباسسي المسستضضيء في ثاني جمعة من محرم ‎٥٦٧‎ه - ١٠ أيلول/‏ سسبتمبر ‎١١٧١‎م ‏“فلم<br />

١٠٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

يتنطه في ذلك عنزان”،‏ ومات الخليفة الفاطمي العاضضد في ١٠ محرم من دون أن<br />

يعلم بذلك . ٧٤ وهكذا ض‏ ُ مت مصر رسسمياً‏ للخلافة العباسسية،‏ وأصبهت تحت القيادة<br />

الفعلية لنور الدين.‏<br />

وفي ‎٥٦٦‎ه/‏‎١١٧٠‎م ضضمّ‏ نور الدين الموصل،‏ والمناطق التي تتبعها إلى حكمه ، ٧٥ كما<br />

ضضمّ‏ اليمن سسنة ‎٥٦٩‎ه/‏‎١١٧٣‎م عندما أذن لصلاه الدين بفتهها فأرسسل إليها أخاه<br />

توران ششاه بن أيوب؛ حيش تمت له السسيطرة عليها . ٧٦ وبذلك امتدت الجبهة الٕسسلامية<br />

المتهدة من العراق إلى الششام فمصر واليمن،‏ مما أنذر بقرب القضضاء على الصليبيين.‏<br />

تحطيم القوى الصليبية:‏<br />

خلال فترة حكمه التي امتدت من ‎١١٧٤-١١٤٦‎م لم تتوقف المعارك وحروب<br />

الجهاد بين نور الدين والصليبيين،‏ وفي الوقت الذي كان يدعم فيه حكمه،‏ ويوحد جهود<br />

المسسلمين كان يقوم بالاسستيلاء التدريجي على الممالك الصليبية،‏ ويضضعف قوتها يوماً‏<br />

بعد يوم وهو يعد للمعركة الفاصلة معهم،‏ وخلال تلك الفترة اسستطاع نور الدين في<br />

جهاده الٕسسلامي اسسترجاع وتحرير حوالي خمسسين مدينة وقلعة،‏ مما كان تحت سسيطرة<br />

الصليبيين.‏<br />

فمنذ بداية حكمه أحكم السسيطرة على منطقة الرها وصف َّى الٔملاك التي كانت تتبعها<br />

‏(تل باشر،‏ سسميسساط،‏ قلعة الروم،‏ دلوك،‏ الراوندان،‏ قورسس،‏ مرعشش،‏ إعزاز،‏ عينتاب،‏<br />

البيرة...)‏ وذلك خلال الفترة الممتدة بين ‎١١٥١-١١٤٦‎م.‏ كما اسستعاد وحرر جميع<br />

الٔراضضي التي كانت تتبع إمارة أنطاكية شرقي نهر العاصي ‏(‏‎١١٤٩-١١٤٧‎م)؛ وقَتل<br />

في إحدى معاركها ‏(أنب ‎١١٤٩/٧/٢٩‎م)‏ أمير أنطاكية ريموند ،Raymond of Poitiers<br />

وزعيمَ‏ الباطنية المتعامل معهم ضضدّ‏ المسسلمين علي بن وفا.‏ وقام بدور أسساسس في تحطيم<br />

الهملة الصليبية الشانية ‏(‏‎١١٤٨-١١٤٧‎م)‏ التي ششارك فيها ملك فرنسسا لويسس السسابع<br />

،Louis VII وإمبراطور ألمانيا كونراد الشالش ،Conrad III والتي تعدّ‏ نقطة تحول خطيرة<br />

في تاريخ الهروب الصليبية؛ حيش كُسرت هيبة الصليبيين،‏ ورفعت الروه المعنوية لدى<br />

المسسلمين . ٧٧<br />

واسستمرت الهروب سسجالاً،‏ ووقعت العديد من المعارك المهمة،‏ أدت إلى إضضعاف<br />

النفوذ الصليبي وضضمّ‏ مناطق جديدة لنور الدين على حسساب الصليبيين...‏ حتى<br />

أحكم نور الدين إحاطة مملكة بيت المقدسس الصليبية.‏ ولا يتسسع المجال لذكر المعارك<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٦


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

والوقاءع كلها،‏ ولكنا نكتفي بالٕششارة إلى إحداها،‏ وهي التي وقعت عند تلّ‏ حارم في<br />

رمضضان ‎٥٥٩‎ه - ١١ آب/‏ أغسسطسس ‎١١٦٤‎م.‏<br />

ففي ‎٥٥٨‎ه كان نور الدين قد انهزم من الفرضج تحت حصن الٔكراد،‏ وهي المعركة<br />

التي عرفت ب”البقيعة”؛ حيش كبسسهم الفرضج فجأة،‏ وأكثروا فيهم القتل والٔسر،‏ ونجا<br />

نور الدين في اللهظة الهاسسمة وهرب،‏ ونزل قرب حمص،‏ وهناك أقسسم ‏“واالله لا أسستظل<br />

بسسقف حتى آخذ بشأري وثأر الٕسسلام”‏ ثم أرسسل إلى حلب ودمششق وأحضر الٔموال<br />

والشياب والخيل والسسلاه،‏ فأعطى الناسس عوضض ما أخذ منهم جميعه،‏ وعاد العسسكر<br />

‏“كأن لم تصبهم هزيمة”‏ . ٧٨<br />

ولما رأى أصهاب نور الدين كثرة خروجه للجهاد،‏ وإنفاقه عليه قال له بعضضهم:‏<br />

‏“إن لك في بلادك إدرارات وصدقات كشيرة على الفقهاء والفقراء والصوفية والقراء،‏ فلو<br />

اسستعنت بها في هذا الوقت لكان أصله”،‏ فغضضب من ذلك،‏ وقال:‏ ‏“واالله إني لا أرجو النصر<br />

إلا بأولئك،‏ فإنما ترزقون وتنصرون بضضعفاءكم،‏ كيف أقطع صلات قوم يقاتلون عني<br />

وأنا ناءم على فراششي بسسهام لا تخطئ،‏ وأصرفها على من لا يقاتل عني إلا إذا رآني<br />

بسسهام قد تصيب وقد تخطئ،‏ وهوءلاء القوم لهم نصيب في بيت المال،‏ كيف يهل لي أن<br />

أعطيه غيرهم”؟!‏ . ٧٩<br />

وعرضض الفرضج الصله،‏ لكن نور الدين رفضض.‏ واجتمع جيششا المسسلمين والفرضج بعد<br />

أن حششدا حششوداً‏ ضضخمة عند حارم.‏ وقبيل القتال انفرد نور الدين بنفسسه تحت تلّ‏ حارم<br />

وسسجد الله،‏ ومر َّغ وجهه،‏ وتضرع ‏“يا رب هوءلاء عبيدك وهم أولياوءك،‏ وهوءلاء عبيدك<br />

وهم أعداوءك،‏ فانصر أولياءك على أعداءك”...‏ ‏“إيشش فضضول محمود في الوسسط”!!...‏<br />

وقال:‏ ‏“اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً.‏ من محمود الكلب حتى يُنصر”!!‏ يهقر<br />

نفسسه ويتذلل إلى االله سسبهانه . ٨٠ ولهذا الدعاء قصة مع بشرى النصر نذكرها كما رواها<br />

أبو ششامة في كتاب الروضضتين،‏ إذ قال:‏<br />

بلغني أن إماماً‏ لنور الدين رأى ليلة رحيل الفرضج عن دمياط في منامه<br />

النبي [ وقال له:‏ أَعلم نور الدين أن الفرضج قد رحلوا عن دمياط في هذه الليلة،‏<br />

فقال يا رسسول االله ربما لا يصدقني فاذكر لي علامة يعرفها،‏ فقال:‏ قل له بعلامة<br />

ما سسجدت على تل حارم وقلت:‏ يارب انصر دينك ولا تنصر محموداً،‏ من هو<br />

محمود الكلب حتى ينصر!!‏ قال:‏ فانتهيت ونزلت إلى المسسجد،‏ وكان من عادة<br />

نور الدين أنه كان ينزل إليه بغلسس ولا يزال يتركّع فيه حتى يصلي الصبه،‏<br />

١٠٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

قال:‏ فتعرضضت له،‏ فسسألني عن أمري،‏ فأخبرته بالمنام،‏ وذكرت له العلامة،‏ إلا<br />

أنني لم أذكر لفظة الكلب.‏ فقال نور الدين رحمه االله تعالى:‏ اذكر العلامة كلها؛<br />

وأله علي في ذلك،‏ فقلتها؛ فبكى رحمه االله وصدق الروءيا.‏ وأرخت تلك الليلة<br />

فجاء الخبر برحيل الفرضج بعد ذلك في تلك الليلة.‏<br />

وفي ‎١١٦٤/٨/١١‎م التهم الفريقان،‏ وانكششفت المعركة الكبرى عن كارثة هاءلة حلت<br />

بالصليبيين؛ إذ قتل منهم عشرة آلاف وأسر عشرة آلاف أو أكثر،‏ وكان من بين الٔسرى<br />

أمير أنطاكية وأمير طرابلسس وحاكم قيليقية البيزنطي،‏ وأسر جميع الٔمراء عدا أمير<br />

الٔرمن،‏ وفي اليوم التالي اسستولى نور الدين على حارم...،‏ وكان ذلك فتهاً‏ كبيرا‎٨١ً‎ .<br />

وفي ‎٥٦٩‎ه/‏‎١١٧٣‎م كان نور الدين قد أعد عدته للهجوم النهاءي على بيت المقدسس،‏<br />

وتحرير أرضض الٕسراء من النفوذ الصليبي حتى إنه قد جهز منبراً‏ جديداً‏ راءعاً‏<br />

للمسسجد الٔقصى يوضضع فيه بعد الانتصار على الصليبيين بإذن االله،‏ وراسسل في<br />

ذلك عامله على مصر صلاه الدين الذي تلكأ‏ بسسبب الظروف الخاصة التي تواجهه<br />

في مصر،‏ والتي يرى أنها تحتاج إلى صبر وأناة وإعداد.‏ ولم يرضضَ‏ نور الدين بذلك<br />

التأخر،‏ فقرر الذهاب إلى مصر،‏ وترتيب أمورها بنفسسه إلا أن المنيّة عاجلته،‏ فتوفي<br />

رحمه االله في ١١ ششوال ‎٥٧٠‎ه - ‎١١٧٤/٥/١٥‎م . ٨٢<br />

وهكذا انطوت صفهة راءعة من صفهات الجهاد أيام الهروب الصليبية إلا أن الصفهة<br />

التي تلتها كانت مشرقة وموءثرة في مسسار التاريخ،‏ تلك هي صفهة صلاه الدين الٔيوبي.‏<br />

سسابعاً:‏ جهاد صصلاه الدين الٔيوبي ‎٥٨٩-٥٦٩‎ه:‏<br />

رفع الراية،‏ بعد نور الدين محمود،‏ صلاه الدين الٔيوبي،‏ وقد سسار على خطى سسلفه<br />

نور الدين،‏ فقد ترسسم المنهج الٕسسلامي والهل الٕسسلامي في تحطيم القوى الصليبية<br />

وتحرير الٔرضض المقدسسة.‏<br />

جاء صلاه الدين ووجد نور الدين قد هيأ‏ الظروف المناسسبة لاسسترداد الٔرضض<br />

المقدسسة،‏ فاسستغلها أحسسن اسستغلال وقطف ثمارها اليانعة بعد سسنوات من حكمه.‏<br />

ولد صلاه الدين يوسسف بن أيوب سسنة ‎٥٣٢‎ه/‏‎١١٣٧‎م بقلعة تكريت،‏ وكان أبوه<br />

والياً‏ عليها،‏ دخل هو وأبوه وعمه في خدمة نور الدين محمود،‏ وششارك عمه أسسد الدين<br />

ششيركوه في حملاته الشلاش على مصر،‏ وتولى الوزارة في مصر وعمره ٣٢ سسنة.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٨


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

يُوصف صلاه الدين بأنه كان حسسن العقيدة،‏ كشير الذكر،‏ ششديد المواظبة على صلاة<br />

الجماعة،‏ ويواظب على السسنة والنوافل،‏ ويقوم الليل.‏ وكان يهب سسماع القرآن وينتقي<br />

إمامه،‏ وكان رقيق القلب خاششع الدمعة إذا سسمع القرآن دمعت عيناه،‏ ششديد الرغبة في<br />

سسماع الهديش،‏ كشير التعظيم لششعاءر االله،‏ وكان حسسن الظن باالله،‏ كشير الاعتماد عليه،‏<br />

وعظيم الٕنابة إليه.‏<br />

وكان صلاه الدين عادلاً‏ روءوفاً،‏ رحيماً‏ ناصراً‏ للضضعيف على القوي،‏ وكان كريماً،‏<br />

وحسسن العشرة،‏ لطيف الٔخلاق،‏ طاهر المجلسس؛ لا يذكر أحد بين يديه إلا بخير،‏ طاهر<br />

السسمع،‏ طاهر اللسسان،‏ طاهر القلم،‏ فما كتب إيذاء لمسسلم قط.‏<br />

وكان ششجاعاً‏ ششديد البأسس والمواظبة على الجهاد عالي الهمة،‏ قال يوماً‏ وهو قرب<br />

عكا ‏“في نفسسي أنه متى ما يسر االله تعالى فته بقية السسواحل قسسمت البلاد،‏ وأوصيت<br />

وودعت،‏ وركبت هذا البهر إلى جزاءرهم أتتبعهم فيها حتى لا أبقي على وجه الٔرضض من<br />

يكفر باالله أو أموت”.‏<br />

ومات صلاه الدين ولم يكن لديه من الٔموال ما تجب فيه الزكاة،‏ واسستنفدت صدقة<br />

النفل جميع ما ملكه،‏ ولم يخلف في خزاءنه من الفضضة والذهب إلا ٤٧ درهماً‏ ناصرية،‏<br />

وديناراً‏ واحداً‏ ذهباً،‏ ولم يخلف ملكاً،‏ ولا داراً،‏ ولا عقاراً،‏ ولا مزرعة...‏ عزم على الهج<br />

في السسنة التي توفي فيها،‏ ولكنه تعوق بسسبب ضضيق ذات اليد وضضيق الوقت . ٨٣<br />

صراع على خلافة نور الدين:‏<br />

لما مات نور الدين بويع لابنه من بعده بالملك،‏ وهو الصاله إسسماعيل،‏ وكان صغيراً‏<br />

في ال ١١ من عمره،‏ وجُ‏ عل أتابكه ششمسس الدين بن المقدم...‏ ‏“فاختلف الٔمراء وحارت<br />

الٓراء،‏ وظهرت الشرور،‏ وكثرت الخمور....‏ وانتشرت الفواحشش...‏ وطمعت الٔعداء<br />

من كل جانب في المسسلمين”‏ ، ٨٤ وعندما هاجم الفرضج المسسلمين واجههم ابن المقدم عند<br />

بانياسس لكنه ضضعف عن مقاومتهم،‏ فبذل لهم أموالاً‏ جزيلة وهادنهم،‏ كما خرجت أرضض<br />

الجزيرة من ملك الصاله إسسماعيل،‏ واسستبعد الٔمراء المتهكمون في الصاله بني الداية<br />

وسسجنوهم،‏ وهم من أقرب الٔمراء المقربين إلى نور الدين ‏(ششمسس الدين بن الداية ومجد<br />

الدين بن الداية رضضيع نور الدين...)،‏ وكان كل ما سسبق سسبباً‏ في غضضب صلاه الدين على<br />

الٔمراء المتهكمين في الملك الصاله،‏ بل واعتبر نفسسه أحق الناسس بالٕشراف على تربية<br />

وخدمة الملك الصاله . ٨٥<br />

١٠٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وهكذا فتهت أنظمة الهكم الوراثي،‏ وانعدام الموءسسسسات ‏“الدسستورية”‏ الششورية،‏<br />

والتنازع على السسلطة وحبّ‏ الرءاسسة...،‏ المجال أمام مرحلة جديدة من الصراع والخلاف<br />

بين المسسلمين أخرت المعركة الفاصلة التي كان يُعد لها نور الدين،‏ واضضطرت صلاه الدين<br />

أن يخوضض معركة الوحدة من جديد،‏ ولم يتم له ذلك إلا بعد أكثر من ١٢ سسنة.‏<br />

ففي ربيع الٔول ‎٥٧٠‎ه - تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎١١٧٤‎م ضضمّ‏ صلاه الدين<br />

دمششق سسلماً،‏ ثم ضضمّ‏ حمص‏ دون قلعتها في ‎١١٧٤/١٢/١٠‎م،‏ ثم ملك حماة وقلعتها في<br />

‎١١٧٤/١٢/٢٨‎م،‏ ثم عاد فسسيطر على قلعة حمص،‏ ثم اسستولى على بعلبك في رمضضان من<br />

السسنة نفسسها،‏ فصار أكثر الششام بيده،‏ وكان صلاه الدين طوال ذلك الوقت محافظاً‏ على<br />

ولاءه الظاهر للصاله بن نور الدين،‏ والدعوة له في المسساجد وصكّ‏ العملة باسسمه،‏ ولكن<br />

بعد أن وقعت معركة بين صلاه الدين من جهة وبين جند حلب والموصل الزنكيين من<br />

جهة أخرى وانتصر فيها صلاه الدين،‏ قطع حينئذ صلاه الدين الخطبة وصكّ‏ العملة<br />

للملك الصاله،‏ وتسسم َّى هو بملك مصر والششام،‏ وأقره الخليفة على ذلك،‏ ثم اسستولى<br />

صلاه الدين في ششوال من السسنة نفسسها ‏(‏‎٥٧٠‎ه)‏ على قلعة بعرين . ٨٦<br />

وفي سسنة ‎٥٧٠‎ه أيضضاً‏ اسستولى صلاه الدين على بزاعة ومنبج وإعزاز ، ٨٧ وفي ‎٥٧٧‎ه<br />

توفي الملك الصاله إسسماعيل في حلب،‏ ولم يكمل العشرين عاما‎٨٨ً‎ ، وفي ‎٥٧٨‎ه عبر<br />

صلاه الدين الفرات وملك منطقة الجزيرة ‏(الرها - حران - الرقة...)‏ وملك سسنجار ، ٨٩<br />

وفي ‎٥٧٩‎ه ملك صلاه الدين آمد،‏ وتلّ‏ خالد وعينتاب ، ٩٠ وملك حلب في صفر من السسنة<br />

نفسسها؛ حيش نزل عنها عماد الدين بن مودود بن زنكي مقابل سسنجار ونصيبين<br />

والخابور والرقة وسروج،‏ وبملك صلاه الدين حلب،‏ بعد حصارها مرات عديدة،‏<br />

‏“اسستقر ملك صلاه الدين بملكها،‏ وكان مزلزلاً‏ فشبت قدمه بتسسلمها...”‏ ، ٩١ كما فته<br />

صلاه الدين قلعة حارم . ٩٢ وفي ‎٥٨١‎ه ملك صلاه الدين ميافارقين،‏ واسستلم ششهرزور<br />

وولاية القرابلي وجميع ما وراء نهر الزاب . ٩٣ وأخيراً‏ دخلت الموصل وما يتبعها في حكم<br />

صلاه الدين في ‎٥٨٢‎ه/‏‎١١٨٦‎م . ٩٤<br />

اسستمرار الجهاد:‏<br />

لم تخلُ‏ هذه المرحلة ‎٥٨٢-٥٦٩‎ه/‏‎١١٨٦-١١٧٤‎م من معارك عنيفة مع الصليبيين<br />

أسسهمت في المهافظة على هيبة المسسلمين ، ٩٥ والتعرف على إمكانات العدو ونقاط ضضعفه،‏<br />

واسستدراك جوانب النقص‏ عند المسسلمين،‏ وعدم إعطاء العدو فرصة للتقو ِّي والتمدد<br />

والانتششار،‏ إلا أن صلاه الدين لم يدخل في معركة فاصلة مع الصليبيين.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٠


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

ونمرّ‏ هنا على أهم الوقاءع مع الصليبيين في تلك الفترة،‏ ففي ‎٥٧٠‎ه هزم المسسلمون<br />

الٔسسطول الصليبي القادم من صقلية،‏ الذي هاجم الٕسسكندرية ب ٥٠ ألف رجل،‏ هزيمة<br />

كبيرة . ٩٦ وفي ‎٥٧٣‎ه هاجم صلاه الدين الفرضج من جهة مصر حتى وصل عسسقلان<br />

وفتهها وأسر وقتل وأحرق،‏ ثم انسساه جند صلاه الدين لما رأوا أن الفرضج لم يظهر<br />

لهم عسسكر،‏ وسسار صلاه الدين للرملة،‏ وهناك فاجأهم الفرضج وهزموهم ورجع<br />

صلاه الدين في نفر يسسير ومششقّة ششديدة ، ٩٧ وكان درسساً‏ قاسسياً‏ له.‏ وفي العام نفسسه<br />

حاصر الفرضج حماة وحارم وفششلوا،‏ وهزم الفرضج في العام التالي عند حماة . ٩٨ وفي ‎٥٧٥‎ه<br />

أغار صلاه الدين على مناطق سسيطرة الفرضج،‏ وخرب الهصن الذي أقاموه بمخاضضة<br />

الٔحزان قرب بانياسس،‏ ووقعت معركة ششديدة انتصر فيها المسسلمون،‏ ونجا ملك الفرضج،‏<br />

وأسر عدد من قادتهم:‏ ابن بيرزان صاحب الرملة ونابلسس،‏ وهو أعظم الفرضج محلاً‏ عند<br />

الملك،‏ وأسر أخوه صاحب جبيل،‏ كما أسر صاحب طبريا،‏ ومقدم الداوية،‏ وصاحب<br />

جنين . ٩٩<br />

وفي ‎٥٧٨‎ه قام صلاه الدين بغارات على أطراف مناطق سسيطرة الفرضج مُرك ِّزاً‏<br />

على الششوبك والكرك،‏ وفته المسسلمون الششقيف من أعمال طبريا على يد فرخششاه ‏(والي<br />

دمششق)،‏ واقتهم فرخششاه بيسسان وغنم ما فيها،‏ وسسارت العرب فأغارت على جنين<br />

واللجون حتى قاربوا عكا . ١٠٠ وفي السسنة نفسسها هزم صلاه الدين الٔسسطول الذي سيرّ‏ ه<br />

أرناط ‏(رينالد دي ششاتيون)‏ Renaud de Châtillon حاكم الكرك في البهر الٔحمر<br />

للتخريب في سسواحل المسسلمين ومهاجمة مكة والمدينة...،‏ وأرسسل بعضض الٔسرى الفرضج<br />

إلى مِنى ‏“ليُنهروا”‏ عقوبة لمن رامَ‏ إخافة حرم االله . ١٠١<br />

وفي ‎٥٧٩‎ه عبر صلاه الدين نهر الٔردن في ١٩ جمادى الٓخرة،‏ فهاجم بيسسان،‏<br />

‏“وأغار المسسلمون على تلك الٔعمال يميناً‏ وششمالاً،‏ ووصلوا فيها إلى ما لم يكونوا يطمعون<br />

في الوصول إليه والٕقدام عليه”.‏ كما غزا صلاه الدين الكرك،‏ وعاد فهاصرها في السسنة<br />

التالية دون جدوى،‏ ثم هاجم نابلسس ‎٥٨٠‎ه،‏ وسسار إلى سسبسسطية فاسستنقذ جماعة من<br />

أسرى المسسلمين،‏ ووصل إلى جنين فاقتهمها،‏ وعاد إلى دمششق،‏ وهو يبش السرايا عن<br />

يمينه وششماله يغنمون ويخربون أملاك الفرضج . ١٠٢<br />

وفي ‎٥٨٢‎ه مات ملك الفرضج في بيت المقدسس،‏ وتولى مكانه طفل صغير،‏ وحدش خلاف<br />

وطمع في السسلطة بين الفرضج جعل صاحب طرابلسس يراسسل صلاه الدين،‏ ويتهالف<br />

معه ضضدّ‏ أقرانه من الفرضج.‏ وفي السسنة نفسسها غدر صاحب الكرك أرناط بقافلة عظيمة<br />

١١١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

للمسسلمين فأخذها عن آخرها وغنمها،‏ ولم يسستجب لطلب صلاه الدين ووعيده بإطلاقها،‏<br />

فأقسسم صلاه الدين ليقتلنه إن ظفر به . ١٠٣<br />

وهكذا دخلت سسنة ‎٥٨٣‎ه وقد نضضجت ظروف الٕعداد للمعركة الفاصلة من توحيد<br />

لقوى المسسلمين،‏ ومن كسر لهيبة الصليبيين،‏ وخبرة أوسسع في فنّ‏ التعامل معهم،‏ وبهذا<br />

دخل صلاه الدين معركة حطين.‏ وقبل الٕششارة إلى معركة حطين نقف قليلاً‏ عند<br />

اسستراتيجية العمل لدى صلاه الدين.‏<br />

اسستراتيجية العمل والٕعداد لدى صلاه الدين:‏<br />

١. الانطلاق من قاعدة قوية ومأمونة:‏<br />

تمشل ذلك في إعادة الوحدة وتقويتها،‏ وبناء الٕنسسان المسسلم المقاتل،‏ وبناء الاقتصاد<br />

الهربي.‏<br />

٢. بناء المجتمع للهرب:‏<br />

وفي هذا حرص‏ على إششاعة العدل وإزالة الٔحقاد بين إمارات المسسلمين،‏ وتوجيه العداء<br />

ضضدّ‏ الصليبيين،‏ كما أقام الصناعات الهربية من دور صناعة سسفن وتنظيم الهصون<br />

وحمايتها وتجهيزات الهصار...‏ .<br />

٣. وضضوه الهدف:‏<br />

الذي تمشل بقيادة الٔمة الٕسسلامية لطرد الصليبيين،‏ وهذا الوضضوه سساعد على كفاءة<br />

الٔداء والٕعداد،‏ فكان ‏“يبذل أقل جهد لٔفضضل نتيجة”،‏ كما سساعد على تحديد أهداف<br />

العمليات العسسكرية،‏ فكانت الٔولوية للتهرير،‏ وحددت السسياسسات على هذا الٔسساسس.‏<br />

٤. الهرصص على المسسلمين:‏<br />

فهو ‏“يهرص‏ على المسسلمين لتهقيق هدف الهرب،‏ ويهرص‏ على الهرب للمهافظة<br />

على المسسلمين”،‏ وقد اعتاد على ردّ‏ العدوان بأقوى منه حفاظاً‏ على الروه المعنوية،‏ وتبني<br />

الاسستعداد القتالي المسستمر،‏ وحدد لكل عملية أسساليبها المناسسبة . ١٠٤<br />

بالٕضضافة إلى هذه الاسستراتيجيات الٔسساسسية فقد تبنى صلاه الدين في معاركه<br />

اسستراتيجية الهجوم غير المباشر مشل القيام بمسسيرات طويلة وهجمات مباغتة،‏ والهجوم<br />

على جهة لتخفيف الضضغط عن جهة أخرى.‏ واسستراتيجية الهرب التششتيتية كتششتيت<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٢


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

الجيشش المعادي داخل المعركة ‏(فصل الفرسسان عن المششاة مشلاً)‏ واسستغلال النزاعات<br />

السسياسسية،‏ وضرب فريق بآخر وتحييد الٔعداء.‏ واسستراتيجية الهجمات الوقاءية التي<br />

تضضعف قدرة العدو القتالية قبل هجومه أو اسستكمال اسستعداده . ١٠٥<br />

وحقق صلاه الدين في حروبه المبادئ الٔسساسسية للهرب بكفاءة كبيرة مشل:‏<br />

• مبدأ‏ المباغتة.‏<br />

• مبدأ‏ أمن العمل:‏ بما تمشل له من ششبكة أمنية جاسسوسسية قوية ودقيقة.‏<br />

• مبدأ‏ القدرة الهركية:‏ بما تعنيه من سرعة تحرك الجيشش وتجمعه وانتقاله.‏<br />

• مبدأ‏ المبادءة والقوة الهجومية:‏ الذي تمشل بتهويل الروه الدفاعية إلى هجومية.‏<br />

• مبدأ‏ الاقتصاد القوي:‏ فكل معركة ما يناسسبها.‏<br />

• مبدأ‏ المهافظة على الهدف:‏ فكان يهتم بتدمير القوى البشرية للصليبيين بالدرجة<br />

الٔولى،‏ وحرمانهم من مواردهم الاقتصادية وتحويلهم إلى عبء على الغرب،‏<br />

وتحرير الٔرضض من الداخل تجاه السساحل.‏<br />

وبالنسسبة للجيشش الٕسسلامي فإن صلاه الدين رسسخ الاسستعداد الداءم للقتال،‏ ورفع<br />

الروه الٕيمانية والجهادية في النفوسس،‏ كما نمى الكفاءة البدنية الجسسدية،‏ وأكد على<br />

الانضضباط وكمال الطاعة ‏(في غير معصية)‏ . ١٠٦<br />

معركة حطين:‏<br />

جهز صلاه الدين جيششه للمعركة الفاصلة وكانوا ١٢ ألف مقاتل نظامي سسوى<br />

المتطوعة،‏ وجهز الفرضج أنفسسهم وتصالهوا،‏ وتجمعت ملوكهم وجيوششهم،‏ وكوّنوا<br />

جيششاً‏ من حوالي ٦٣ ألف مقاتل.‏<br />

اجتاز صلاه الدين نهر الٔردن،‏ وفته طبريا بدون قلعتها،‏ وبدأت المناوششات يوم الجمعة<br />

إلا أن المعركة احتدمت يوم السسبت في ٢٤ ربيع الٓخر ‎٥٨٣‎ه - ٤ تموز/‏ يوليو ‎١١٨٧‎م،‏<br />

وعانى الفرضج من الهر والعطشش،‏ وحصرهم المسسلمون وأحرقوا الهششاءشش الجافة<br />

من حولهم ومن تحتهم ‏“فاجتمع عليهم حرّ‏ الششمسس،‏ وحرّ‏ العطشش،‏ وحرّ‏ النار،‏ وحرّ‏<br />

السسلاه،‏ وحرّ‏ رششق النبال”،‏ ثم أمر السسلطان بالتكبير وبالهملة الصادقة،‏ فمنه االله<br />

المسسلمين أكتاف الفرضج فقتلوا منهم ٣٠ ألفاً،‏ وأسروا ٣٠ ألفاً،‏ وكان فيمن أسر جميع<br />

ملوكهم سسوى أمير طرابلسس،‏ ‏“ولم يسسمع بمشل هذا اليوم في عزّ‏ الٕسسلام وأهله،‏ ودَفعِ‏<br />

١١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الباطل وأهله،‏ حتى ذكر أن بعضض الفلاحين رآه بعضضهم يقود نيفاً‏ وثلاثين أسسيراً‏ من<br />

الفرضج،‏ قد ربطهم بطنب خيمة،‏ وباع بعضضهم أسسيراً‏ بنعل ليلبسسها في رجله،‏ وجرت أمور<br />

لم يسسمع بمشلها إلا في زمن الصهابة والتابعين”‏ . ١٠٧<br />

ووقع في الٔسر الملك غي دي لوزينيان Guy de Lusignan ملك بيت المقدسس وأخوه،‏<br />

وأرناط حاكم الكرك الذي قتله صلاه الدين بيده براً‏ بيمينه لغدره وإيذاءه المسسلمين،‏<br />

وأسروا صاحب جبيل وابن همفرى ،Humphrey ومقدم الداوية،‏ وجماعة من الداوية<br />

وجماعة من الاسسبتارية وقد أعدم المسسلمون الداوية والاسسبتارية لششدة نكايتهم في<br />

المسسلمين . ١٠٨<br />

هذه هي وقعة حطين،‏ وهي إحدى المعارك الفاصلة في التاريخ الٕسسلامي وتاريخ<br />

فلسسطين،‏ بات المسسلمون ليلتها يكثرون من التكبير والتهليل،‏ وانتهت بسسجود صلاه الدين<br />

ششكراً‏ الله مع سسقوط خيمة ملك الفرضج وأسره . ١٠٩<br />

وبعد هذه المعركة فتهت الطريق أمام المسسلمين لتهرير معظم أرجاء فلسسطين،‏ فخلال<br />

أيام قليلة تمّ‏ فته طبريا ثم عكا (١٠ تموز/‏ يوليو)‏ ثم الناصرة وصفورية،‏ ثم قيسسارية<br />

وحيفا وأرسسوف،‏ ثم نابلسس،‏ ثم الفولة،‏ ودبورية،‏ وجنين،‏ وزعين،‏ والطور،‏ واللجون،‏<br />

وبيسسان،‏ وجميع ما يتبع طبريا وعكا،‏ وتمّ‏ فته يافا.‏ ثم اتجه المسسلمون ششمالاً‏ ففتهوا<br />

حصن تبنين،‏ ثم صيدا (٢٩ تموز/‏ يوليو)،‏ ثم بيروت (٦ آب/‏ أغسسطسس)،‏ وجبيل.‏ ثم<br />

اتجهوا جنوباً‏ لاسستكمال فتوه فلسسطين،‏ ففتهوا الرملة،‏ ويبنه،‏ وبيت لهم،‏ والخليل،‏<br />

ثم عسسقلان (٤ أيلول/‏ سسبتمبر)،‏ وغزة والداروم،‏ وأقام صلاه الدين بعسسقلان حتى<br />

تسسلم حصون الداوية في غزة والنطرون،‏ وبيت جبريل...‏ وغيرها . ١١٠ وقد تم َّ ذلك كله<br />

لصلاه الدين في ششهرين تقريباً،‏ وبعضضها كان يهتاج إلى سسنين من الهصار لاقتهامه،‏<br />

وكان جملة ما فته ‏“خمسسين بلداً‏ كباراً‏ كل بلد له مقاتلة وقلعة ومنعة”‏ . ١١١<br />

تحرير بيت المقدس:‏<br />

تطلعت الٔنظار إلى القدسس فأعد صلاه الدين عدته،‏ وبدأ‏ حصارها في منتصف<br />

رجب ‎٥٨٣‎ه - ٢٠ أيلول/‏ سسبتمبر ‎١١٨٧‎م،‏ وكان داخل القدسس حوالي ٦٠ ألف<br />

مقاتل صليبي كلهم يرى الموت أهون عليه من تسسليمها.‏ وخلال أيام حصارها جرت<br />

صدامات عديدة،‏ وحاول المسسلمون اقتهامها،‏ واقتتلوا ‏“أششد قتال رآه الناسس،‏ وكل<br />

واحد من الفريقين يرى ذلك ديناً‏ حتماً‏ واجباً،‏ فلا يهتاج فيه إلا باعش سسلطاني”‏ . ١١٢<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٤


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وطلب الفرضج الٔمان مقابل تسسليم المدينة فرفضض صلاه الدين إلا أن يفعل بهم كما<br />

فعلوا بالمسسلمين عندما احتلوها قبل حوالي تسسعين عاماً،‏ ثم عادوا وطلبوا الٔمان،‏<br />

وهددوا إن لم يعطوه أن يقتلوا أسرى المسسلمين وهم ألوف،‏ ثم يقومون بقتل نسساءهم<br />

وذراريهم من النصارى،‏ ويهرقون ويعطبون أموالهم،‏ ويقتلون حيواناتهم،‏<br />

ويخربون الصخرة والٔقصى،‏ ثم يخرجون ليقاتلوا حتى النهاية قتال المسستميت،‏<br />

وششاور صلاه الدين أصهابه فأجمعوا على الٕششارة بالٔمان،‏ فأمّنهم صلاه الدين:‏<br />

وتمّ‏ للمسسلمين فته القدسس في ٢٧ رجب ‎٥٨٣‎ه - ٢ تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١١٨٧‎م،‏<br />

وظهر من تسسامه ورحمة صلاه الدين الكشير مما اعترف به الصليبيون أنفسسهم . ١١٣<br />

وهكذا عادت بيت المقدسس لتهكم براية الٕسسلام بعد ٩١ سسنة هجرية (٨٨ سسنة ميلادية)‏<br />

وأعيد للمسسجد الٔقصى بهاوءه ونضضارته،‏ وعاد صوت الٔذان يصده في جنباته،‏ وتمّ‏<br />

إحضضار المنبر الذي أعده نور الدين للمسسجد الٔقصى قبل فتهها بعشرين سسنة . ١١٤<br />

ومن المهم الٕششارة إلى أن صلاه الدين تابع فته المدن والقلاع الصليبية الٔخرى،‏<br />

ففته سسنة ‎٥٨٤‎ه جبلة،‏ واللاذقية،‏ وقلعة صهيون،‏ وفته حصن بكاسس،‏ والششغر،‏<br />

وسرمينية،‏ وبرزية،‏ ودرب سساك،‏ وبغراسس ، ١١٥ كما فته الكرك وما يجاورها كالششوبك<br />

بعد طول حصار بالٔمان ‏“وفرغ القلب من تلك الناحية وألقى الٕسسلام هناك جرانه،‏<br />

وأمنت قلوب كل من كان في ذلك الصقع من البلاد كالقدسس وغيره،‏ فإنهم كانوا ممن<br />

بتلك الهصون وجلين ومن شرهم مششفقين”.‏ وفته صلاه الدين صفد بالٔمان بعد<br />

حصار،‏ وخرج الفرضج إلى صور ‏“وكفى االله الموءمنين شرهم،‏ فإنهم كانوا وسسط البلاد<br />

الٕسسلامية”‏ ، ١١٦ كما فته كوكب.‏ وفي ربيع الٔول ‎٥٨٥‎ه فته صلاه الدين ششقيف أرنوم<br />

وهي من أمنع الهصون . ١١٧<br />

وهكذا عادت أرضض فلسسطين لتهكم تحت راية الٕسسلام من جديد.‏ ولكن ربيع<br />

الانتصارات لم يدم طويلاً‏ فانفتهت صفهة جديدة من الصراع والتهدي.‏<br />

متابعة الجهاد ضضدّ‏ الصليبيين:‏<br />

تجمع الصليبيون الذين سسقطت مدنهم وقلاعهم في صور،‏ وكان صلاه الدين قد<br />

تسسامه وتسساهل معهم في الذهاب إليها،‏ وأخذ الصليبيون يرسسلون الاسستغاثات وتأتيهم<br />

الٕمدادات حتى قويت ششوكتهم،‏ ثم إن صلاه الدين أطلق سراه الملك جاي سسنة ‎٥٨٤‎ه<br />

١١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

على أن يعود لفرنسسا،‏ فذهب إلى صور وتولى قيادة الصليبيين من هناك بمسساعدة<br />

أسسطول من ‏“بيزا”‏ Pisa الٕيطالية....‏ ‏“وكان ذلك كله بتفريط صلاه الدين في إطلاق كل<br />

من حصره حتى عضضّ‏ بنانه ندماً‏ وأسسفاً؛ حيش لم ينفعه ذلك”‏ على حد ِّ تعبير ابن الٔثير . ١١٨<br />

هاجم الصليبيون من صور مدينة عكا ‎٥٨٥‎ه/‏‎١١٨٩‎م،‏ وانتظروا هناك حتى<br />

جاءتهم إمدادات الهملة الصليبية الشالشة التي دعا إليها البابا أوربان الشاني لاسستعادة<br />

بيت المقدسس يقودها ثلاثة من ملوك أوروبا،‏ امبراطور ألمانيا فريدريك الٔول بربروسسا<br />

Frederick I Barbarossa الذي مات وهلك أكثر جيششه في الطريق ، ١١٩ وريتششارد<br />

قلب الٔسسد ملك إنكلترا Richard the Lionheart الذي جاء بهراً‏ ‏“فعظم به ش ُّر<br />

الفرضج،‏ واششتدت نكايتهم في المسسلمين،‏ وكان رجل زمانه ششجاعة،‏ ومكراً،‏ وجلداً،‏<br />

وصبراً،‏ وبلي المسسلمون منه بالداهية التي لا مشل لها”‏ ، ١٢٠ وملك فرنسسا فيليب<br />

أغسسطسس .Philip Augustus وحاصرت جميع الجيوشش عكا ‏(ربيع الشاني -<br />

جمادى الٔولى ‎٥٨٧‎ه أي حزيران/‏ يونيو ‎١١٩١‎م)‏ وسسقطت بأيدي الفرضج في<br />

١٧ جمادى الٔولى ‎٥٨٧‎ه - ١٢ تموز/‏ يوليو ‎١١٩١‎م.‏ وبهذا عاد الصليبيون ليكون<br />

لهم موطئ قدم جديد في فلسسطين.‏ وتداول المسسلمون والفرضج الصراع،‏ ونال كل طرف<br />

من الٓخر،‏ واسستطاع الفرضج التمدد على السساحل إلى الجنوب فاحتلوا حيفا ويافا . ١٢١<br />

ومن المهم الٕششارة إلى أن الصراع كان دموياً‏ مريراً،‏ فقد أششار ابن كشير إلى أن<br />

صلاه الدين أقام على عكا صابراً‏ مصابراً‏ مرابطاً‏ ٣٧ ششهراً،‏ وأن جملة من قتل من<br />

الفرضج كان خمسسين ألفا‎١٢٢ً‎ .<br />

وانتهت الهملة الصليبية الشالشة بعقد صله الرملة بين ريتششارد قلب الٔسسد،‏<br />

وصلاه الدين الٔيوبي في ٢١ ششعبان ‎٥٨٨‎ه - ١ أيلول/‏ سسبتمبر ‎١١٩٢‎م،‏ وهو عبارة<br />

عن هدنة مدتها ثلاش سسنين وثلاثة أششهر،‏ سسيطر الفرضج بمقتضضاها على السساحل من يافا<br />

إلى عكا،‏ وسسمه لهم بزيارة القدسس،‏ وحرية التجارة،‏ وتنقل القوافل بين الطرفين . ١٢٣ على<br />

أنه من المهم الٕششارة هنا إلى بعضض النقاط المتعلقة بهذا الصله:‏<br />

١. لم يكن صلاه الدين يميل إلى عقد الصله،‏ وعندما أحضر أمراءه المسستششارين كان<br />

رأيه عدم قبول الهدنة،‏ وكتب العماد الٔصفهاني بأسسلوبه رأي صلاه الدين...‏<br />

‏“نهن بهمد االله في قوة،‏ وفي ترقب نصرة مرجوة...،‏ وقد ألفنا الجهاد،‏ وألفنا به<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٦


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

المراد،‏ والفطام عن المألوف صعب...،‏ وما لنا ششغل ولا مغزى إلا الغزو....،‏ رأي<br />

أن أخلّف رأي الهدنة وراءي،‏ وأقدم تقديم الجهاد اعتزازي وإليه اعتزاءي...،‏ ولي<br />

بتأييد االله من الٔمر أجزمه وأحزمه”‏ . ١٢٤<br />

ولكن مسستششاريه أجمعوا على قبول الصله بهجة خراب البلاد،‏ وتعب الٔجناد<br />

والرعية،‏ وقلة الٔقوات،‏ ولٔن الفرضج إذا لم تحدش الهدنة أصروا على البقاء<br />

والقتال،‏ أما إن حدثت فسسيعود للبلاد سسكانها وعمارها،‏ وتسستريه الٔجناد وتقوى<br />

وتسستعد للهرب،‏ وكان رأيهم أن الفرنجة لا يفون بعهودهم،‏ ولذلك نصهوه بعقد<br />

الهدنة حتى يتفرق الفرضج وينهلوا،‏ وما زالوا به حتى رضضي . ١٢٥<br />

٢. إن هذا الصله هدنة موءقتة قصيرة الٔجل،‏ وليسس معاهدة سسلام داءمة،‏ وقد عقد<br />

مشلها قبلها،‏ وبعدها العديد وهي جاءزة في الشرع حسسب تقدير المصلهة التي<br />

يقررها إمام المسسلمين،‏ وقد اسستمرت من بعدها الصراعات والمعارك.‏<br />

٣. لم يتم في هذه الهدنة أي اعتراف للفرضج بأي حق ٍّ لهم على أرضض فلسسطين،‏ وإنما<br />

تقررت الهدنة بعدم القتال على ما انتزعوه من أرضض إلى أن تنتهي الهدنة.‏<br />

وششتان ما بين هذه الهدنة التي عقد المسسلمون منها العشرات،‏ وبين معاهدة السسلام<br />

مع الكيان الٕسراءيلي التي تجري في عصرنا.‏<br />

وعلى كل حال فإن الٔمر لم يطل بصلاه الدين فتوفي رحمه االله في ٢٧ صفر ‎٥٨٩‎ه -<br />

٤ آذار/‏ مارسس ‎١١٩٣‎م ، ١٢٦ أي بعد سستة أششهر فقط من توقيع صله الرملة.‏<br />

ثامناً:‏ الٔيوبيون والصصراع مع الصصليبيين:‏<br />

دبّ‏ النزاع والششقاق بين خلفاء صلاه الدين،‏ ودخلوا بعد سسنوات من وفاته في<br />

صراعات دموية أضضعفتهم،‏ وقوت ششوكة المملكة الصليبية في عكا التي اسستمرت وتمددت<br />

في بعضض الٔحيان على حسسابهم.‏<br />

لقد كان حبّ‏ الدنيا وحبّ‏ السسلطان،‏ ولو على حسساب المبادئ والمقدسسات أحد المظاهر<br />

التي حكمت عدداً‏ من سسلاطين الدولة الٔيوبية،‏ فتهالف بعضضهم مع الصليبيين ضضدّ‏<br />

بعضض،‏ وعرضضوا عليهم بيت المقدسس أكثر من مرة مقابل أن ينتصر سسلطان الششام على<br />

سسلطان مصر أو العكسس!!‏ وقد سسعد الصليبيون بهذا الدور الذي لعبوه،‏ ولكنهم ظلّوا<br />

على طمعهم في الجميع،‏ غير أن ربيع الصليبيين لم يدم طويلاً.‏<br />

١١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

انتهت الهملة الصليبية الرابعة التي أرسسلها الغرب ‎٦٠١‎ه/‏‎١٢٠٤‎م في القسسطنطينية،‏<br />

ولم تصل إلى الششام أو مصر ، ١٢٧ أما الهملة الخامسسة ‎٦١٨-٦١٥‎ه/‏‎١٢٢١-١٢١٨‎م فقد<br />

انطلقت من عكا نفسسها بقيادة ملكها يوحنا برين ‏(جان دي بريين)‏ Jean de Brienne<br />

إلى دمياط بمصر.‏ وعندما ششعر السسلطان الٔيوبي الكامل محمد بن محمد بن أيوب بخطورة<br />

الوضضع عرضض على الفرضج الصله مقابل تسسليمهم القدسس ومعظم فتوه صلاه الدين،‏<br />

فرفضضوا وطالبوا بجنوب شرق الٔردن أيضضاً‏ ‏(الكرك والششوبك...)‏ وقام الملك المعظم<br />

عيسسى بن أحمد ابن أيوب صاحب دمششق بتدمير أسسوار القدسس وتخريبها حتى لا<br />

يسستفيد منها الفرضج إذا احتلوها في ‎٦١٦‎ه/‏‎١٢١٩‎م.‏ لكن الٔيوبيين حششدوا قواهم في<br />

النهاية،‏ واسستطاعوا هزيمة الصليبيين الذين عادوا خاءبين إلى عكا بعد أن فاتتهم فرصة<br />

عظيمة . ١٢٨<br />

ثم إن الخلاف الناششب بين الكامل محمد والمعظم عيسسى أدى إلى اسستنجاد الكامل<br />

محمد بفريدريك الشاني إمبراطور الٕمبراطورية الرومانية المقدسسة،‏ والذي أصبه وصياً‏<br />

على عرشش مملكة عكا الصليبية،‏ ووعده بتسسليمه القدسس إن هو سساعده على أخيه المعظم<br />

عيسسى.‏<br />

وجاء فريدريك الشاني Frederick II يقود الهملة الصليبية السسادسسة،‏ ووصل إلى<br />

عكا في ‎٦٢٥‎ه/‏‎١٢٢٨‎م،‏ وعلى الرغم من أن المعظم عيسسى توفي مما مكن أخويه الكامل<br />

والٔشرف من اقتسسام أملاكه مع إعطاء ابنه الناصر داود الكرك،‏ والبلقاء،‏ والٔغوار،‏<br />

والسسلط،‏ والششوبك،‏ ولم يعد الكامل بهاجة إلى فريدريك الشاني،‏ إلا أن الكامل فرط في<br />

القدسس ‏“وفاء”‏ بعهده لفريدريك!!‏ الذي لم يكن لديه من القوة ما يكفي لٕجبار المسسلمين<br />

على التنازل عن القدسس،‏ بل إن فريدريك اضضطر للبكاء واسستعطاف الكامل في مراحل<br />

المفاوضضات ليتسسلم القدسس!!‏ ومما قاله للكامل:‏ “... أنا مملوكك وعتيقك،‏ وليسس لي عما<br />

تأمره خروج....‏ فإن رأى السسلطان أن ينعم علي َّ بقبضضة البلد والزيارة فيكون صدقة<br />

منه،‏ ويرتفع رأسسي بين ملوك البهر”!!‏ واسستجاب له الكامل،‏ وعقد معه صله يافا<br />

في ‎٦٢٦‎ه - ١٨ ششباط/‏ فبراير ‎١٢٢٩‎م لمدة عشر سسنوات،‏ وبمقتضضاه تقرر أن يأخذ<br />

الفرنجة بيت المقدسس،‏ وبيت لهم،‏ وتبنين،‏ وهونين،‏ وصيدا مع شريط من الٔرضض من<br />

القدسس يخترق اللد،‏ وينتهي عند يافا،‏ فضضلاً‏ عن الناصرة وغرب الجليل،‏ على أن يكون<br />

الهرم بما حواه من الصخرة والمسسجد الٔقصى بأيدي المسسلمين . ١٢٩<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٨


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وهكذا اسستولى الفرضج على بيت المقدسس الٔمر الذي أثار غضضب المسسلمين ‏“فاششتد<br />

البكاء،‏ وعظم الصراخ والعويل،‏ وأقيمت المآتم،‏ وعظم على أهل الٕسسلام هذا البلاء،‏ وقال<br />

الوعاظ والعلماء:‏ يا خجلة ملوك المسسلمين لمشل هذه الهادثة.‏ واششتد الٕنكار على الملك<br />

الكامل،‏ وحقد أهل دمششق عليه ومن معه،‏ وكثرت الششناعات عليه في سساءر الٔقطار”‏ ، ١٣٠<br />

وقال ابن كشير:‏ ‏“فعظم ذلك على المسسلمين جداً،‏ وحصل وهن ششديد،‏ وإرجاف عظيم”‏ . ١٣١<br />

واسستمر الصراع بين أبناء البيت الٔيوبي،‏ غير أن الناصر داود صاحب الٔردن انتهز<br />

فرصة انتهاء مدة صله يافا،‏ وتحصين الفرضج بيت المقدسس بخلاف الشروط،‏ فاسستولى<br />

على القدسس،‏ وطرد منها الفرضج في ٦ جمادى الٔولى ‎٦٣٧‎ه - ٧ كانون الٔول/‏ ديسسمبر<br />

‎١٢٣٩‎م،‏ ولكن الصاله إسسماعيل ‏-صاحب دمششق-‏ سسلمها لهم في ‎٦٣٨‎ه/‏‎١٢٤٠‎م!!‏<br />

بعد أن طلب مسساعدتهم له ضضدّ‏ صاحب مصر الصاله نجم الدين أيوب،‏ هذا فضضلاً‏<br />

عن تسسليمهم عسسقلان وقلعة الششقيف،‏ ونهر الموجب وأعمالها،‏ وقلعة صفد وأعمالها،‏<br />

ومناصفة صيدا وطبريا وأعمالهما،‏ وجبل عامل وسساءر بلاد السساحل...‏ وقد أثار هذا<br />

التصرف سسخط المسسلمين الذين ‏“أكثروا من التششنيع على الملك الصاله إسسماعيل”‏<br />

وهكذا عادت القدسس مرة أخرى للفرضج.‏<br />

وعندما حششد الصاله إسسماعيل قواته لينضضم إلى حلفاءه الفرضج عند غزة لقتال<br />

الصاله أيوب رفضض جند الششام محالفة الفرضج ضضدّ‏ إخوانهم،‏ فانهازوا إلى جند مصر،‏<br />

وهزموا الفرضج هزيمة كبيرة،‏ ولكن الصاله أيوب صالههم سسنة ‎٦٣٨‎ه/‏‎١٢٤٠‎م،‏<br />

واسستقرت سسيطرتهم على بيت المقدسس،‏ وما أعطاهم إياه الصاله إسسماعيل . ١٣٢<br />

ومرة أخرى دخل أبناء البيت الٔيوبي في الصراع،‏ وظلت القدسس والٔرضض المقدسسة<br />

ورقة يلعبون بها في تهافتهم على السسلطة والنفوذ.‏ فقد عرضض الصاله إسسماعيل مرة<br />

أخرى على الفرضج في عكا التهالف مقابل أن يسسيطروا على القدسس سسيطرة تامة بما في<br />

ذلك الصخرة والمسسجد الٔقصى،‏ وانضضم إليه في ذلك الناصر داود،‏ وفي الوقت نفسسه<br />

عرضض الصاله نجم الدين أيوب صاحب مصر على الصليبيين أنفسسهم العرضض نفسسه<br />

مقابل التهالف معهم !!! ١٣٣<br />

واختار الفرضج التهالف مع الصاله إسسماعيل الذي شرع في غزو مصر بمسساعدة<br />

حليفه الناصر داود والمنصور إبراهيم ملك حمص‏ إلى جانب الفرضج.‏ واسستعان الصاله<br />

١١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

نجم الدين أيوب بالخوارزمية الذين جاءوا لمسساعدته في قوة من عشرة آلاف مقاتل في<br />

طريقها إليه بالاسستيلاء على طبريا ونابلسس،‏ اقتهمت بيت المقدسس في ١٧ تموز/‏ يوليو،‏<br />

واسستعادت بيت المقدسس بششكل كامل إلى حظيرة الٕسسلام في ‎٦٤٢‎ه - ٢٣ آب/‏<br />

أغسسطسس ‎١٢٤٤‎م . ١٣٤ وبذلك عادت بيت المقدسس نهاءياً‏ إلى أيدي المسسلمين،‏ وظلت تحتفظ<br />

بهويتها الٕسسلامية حتى دخلها الٕنجليز في ‎١٩١٧/١٢/١٠‎م.‏<br />

ثم إن الخوارزمية اتجهوا لمسساعدة الصاله أيوب ضضدّ‏ الصاله إسسماعيل وحلفاءه،‏<br />

ووقعت معركة غزة الشانية ‏(قرب غزة في موقع اسسمه هربيا)‏ بين هذه القوى في ١٢ جمادى<br />

الٔولى ‎٦٤٢‎ه - ١٧ تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١٢٤٤‎م،‏ وانتهت بهزيمة سساحقة للصاله<br />

إسسماعيل والفرضج،‏ وقد ِّر فيها عدد قتلى الفرضج بأكثر من ثلاثين ألفاً‏ عدا ٨٠٠ أسسير<br />

سسيقوا إلى مصر،‏ وكانت هذه المعركة هي أخطر ضربة تلقاها الصليبيون بعد معركة<br />

حطين،‏ وتعدّ‏ من المعارك الفاصلة في تاريخ فلسسطين؛ إذ ضضعف الصليبيون بعدها،‏ ولم<br />

يتمكنوا من التوسسع،‏ وسسعوا إلى الاحتفاظ بما لديهم . ١٣٥<br />

ثم قام الصاله أيوب بالسسيطرة على القدسس والخليل وبيت جبرين والٔغوار ودمششق<br />

‎٦٤٢‎ه/‏‎١٢٤٥‎م،‏ وعاقب الفرضج،‏ فسسيطر على قلعة طبريا،‏ واقتهم عسسقلان،‏ وبذلك<br />

انهسرت حدود مملكة الفرضج إلى أبواب يافا سسنة ‎٦٤٤‎ه/‏‎١٢٤٧‎م.‏<br />

ثم داهمت مصر الهملة الصليبية السسابعة بزعامة لويسس التاسسع Louis IX ملك<br />

فرنسسا ‎٦٤٦‎ه/‏‎١٢٤٩‎م،‏ والتي انتهت بالفششل،‏ وأسر لويسس التاسسع ثم تمّ‏ إطلاق سراحه<br />

وذهابه إلى عكا ، ١٣٦ ثم ما لبش الهكم الٔيوبي لمصر أن انتهى بدخولها تحت حكم المماليك<br />

‎٦٤٧‎ه/‏‎١٢٥٠‎م،‏ وبدأت صفهة جديدة من صفهات الجهاد ضضدّ‏ المغول والصليبيين . ١٣٧<br />

وهكذا فإن بيت المقدسس والٔرضض المقدسسة في السسنوات الخمسسين التي تلت حكم<br />

صلاه الدين الٔيوبي كانت عرضضة لهالة من عدم الاسستقرار خصوصاً‏ في النصف<br />

الشاني منها،‏ واسستخدمت أكثر من مرة في مسساومات عدد من حكام البيت الٔيوبي مع<br />

الفرضج مقابل عقد تحالفات معينة،‏ وافتقد هوءلاء مصداقيتهم الجهادية الٕسسلامية،‏ حتى<br />

إن قتالهم للفرضج لم يكن يعبر بالضرورة عن التزامهم الٕسسلامي بقدر حرصهم على<br />

الهكم،‏ والنفوذ،‏ والمصاله الششخصية،‏ ولذلك كان القتال مع الفرضج يعبر إلى حد ٍّ كبير<br />

عن موازين القوى المادية بين هذه الٔطراف،‏ وهو ما جعل القدسس وأجزاء من فلسسطين<br />

تسسقط أكثر من مرة بأيدي الفرضج دون مبررات مشروعة إسسلامياً.‏ على أن ما سسبق لا<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٠


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

ينفي وجود الكشير من المتطوعة والمجاهدين الصادقين الذين كانوا وقود المعارك ضضدّ‏<br />

الفرضج،‏ والسسبيل إلى تحرير الٔقصى والٔرضض المباركة.‏ ثم إن التعبئة الٕيمانية الجهادية،‏<br />

والتصدي للهكام المتعاونين مع الفرضج التي قام بها علماء كبار سسجنوا وأوذوا في<br />

سسبيلها،‏ أمشال العز بن عبد السسلام وسسبط ابن الجوزي وغيرهما،‏ كان لها دورها الكبير<br />

في حششد الجماهير وراء الصف الٕسسلامي،‏ والٕصرار على احتفاظ المسسلمين ببيت المقدسس<br />

والٔرضض المقدسسة.‏<br />

أهم المدن ومواقع المعارك في بلاد الششام<br />

١٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

تاسسعاً:‏ المماليك ومواجهة التتار:‏<br />

في القرن السسابع الهجري - الشالش عشر الميلادي ظهر الخطر المغولي ‏(التتري)‏ على<br />

بلاد المسسلمين.‏ وكان المغول قد توحدت قباءلهم تحت قيادة جنكيز خان ،Genghis Khan<br />

وبدأوا حملة كبرى للتوسسع،‏ فسسيطروا على منششوريا والصين وكوريا،‏ واسستطاعوا<br />

تحطيم جيشش الدولة الخوارزمية المسسلمة ‎١٢٢١‎م،‏ الذي كان سسداً‏ منيعاً‏ أمام توسسعهم<br />

تجاه العالم الٕسسلامي،‏ والذي كان قد حقق عليهم عدداً‏ من الانتصارات المهمة.‏<br />

وقد توفي جنكيز خان سسنة ‎٦٢٤‎ه/‏‎١٢٢٧‎م،‏ ولكن المغول واصلوا زحفهم فاقتهموا<br />

آسسيا الوسسطى،‏ وروسسيا،‏ وسسيطروا على موسسكو،‏ كما سسيطروا على أوكرانيا،‏ وهاجموا<br />

بولندا،‏ وهزموا الجيوشش الٔلمانية،‏ واجتاحوا المجر بعد أن سسهقوا جيششها،‏ وتوغلوا<br />

في أوروبا،‏ كما أخذوا يتوغلون في العالم الٕسسلامي،‏ فاسستكملوا سسيطرتهم على مناطق<br />

التركسستان وأفغانسستان والهند وفارسس...‏ . ١٣٨<br />

وكان المغول يدمرون الممالك التي أمامهم تدميراً‏ دون ششفقة أو رحمة وبشراسسة<br />

رهيبة أرعبت العالم من قوتهم وسسطوتهم،‏ فصاروا ينتصرون لا بكفاءتهم وقوتهم<br />

فهسسب،‏ وإنما بالهرب النفسسية والرعب الذي بشوه في نفوسس الناسس....‏ حتى انتشر المشل<br />

القاءل ‏“من قال لك إن التتار قد هزموا فلا تصدقه”!!‏ وقد اسستشمر المغول،‏ إلى أقصى حدّ،‏<br />

حرب الصاعقة التي تعتمد على سرعة الهركة،‏ كما اسستشمروا حرب الٔعصاب،‏ فنشروا<br />

الرعب والذعر من بطششهم في كل مكان.‏<br />

وكانت بلاد المسسلمين تعاني من التفكك والضضعف مما سسهل على المغول الزحف إلى<br />

بلادهم،‏ والقضضاء بسسهولة على ممالكهم.‏ وبلغ من ضضعف حكام المسسلمين أن أحدهم،‏<br />

وكان يهكم إحدى المدن،‏ أرسسل صورته المرسسومة على حذاء هدية لهولاكو قاءد المغول،‏<br />

حتى ‏“يتشرف”‏ هذا الهاكم بوضضع هولاكو قدمه على صورته عندما يلبسس الهذاء؟!‏ . ١٣٩<br />

ثم اجتاه المغول العراق،‏ وحاصروا بغداد عاصمة الخلافة العباسسية التي كانت تعاني<br />

من ضضعف ششديد كان من أسسبابه تآمر الوزير ابن العلقمي مع المغول لٕسسقاط الخلافة<br />

وتسريهه معظم جيشش الخلافة الذي أصبه عشرة آلاف بعد أن كان أكثر من 100 ألف.‏<br />

وقد سسقطت بغداد في ‎٦٥٦‎ه - ١٠ ششباط/‏ فبراير ‎١٢٥٨‎م،‏ وقام المغول بمذبهة هاءلة<br />

اسستمرت أربعين يوماً،‏ وذكر ابن كشير أن عدد الضضهايا بلغ ٨٠٠ ألف،‏ وقيل مليونان،‏<br />

وقتل الخليفة المسستعصم باالله،‏ وقيل إنه وضضع في كيسس وقتل رفسسا‎١٤٠ً‎ .<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٢


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

وقام المغول باجتياه بلاد الجزيرة،‏ واسستولوا على حران،‏ والرها،‏ وديار بكر،‏ ثم<br />

جاوزوا الفرات،‏ ونزلوا حلب في ‎٦٥٨‎ه - كانون الشاني/‏ يناير ‎١٢٦٠‎م،‏ وأظهر حكام<br />

بني أيوب في الششام تخاذلاً‏ كبيراً،‏ فأعلن الناصر يوسسف الٔيوبي صاحب حلب خضضوعه<br />

للمغول،‏ ولكنهم دخلوا حلب،‏ وارتكبوا الفظاءع،‏ حتى جرت دماء المسسلمين في الٔزقة.‏<br />

وبادر المنصور بن المظفر صاحب حماة بالفرار إلى مصر بهريمه وأبناءه تاركاً‏ حماة<br />

وأهلها يلقون مصيرهم،‏ ثم فرّ‏ الناصر يوسسف من دمششق إلى غزة بنية الهرب إلى مصر،‏<br />

‏“وترك دمششق خالية وفيها عامتها...”‏ وتبدد البيت الٔيوبي في الششام بسرعة.‏<br />

وصل المغول إلى دمششق فاسستلموها بالٔمان أول آذار/‏ مارسس ‎١٢٦٠‎م ثم غدروا<br />

بأهلها،‏ وخلال فصل الربيع احتلوا نابلسس والكرك،‏ وتقدموا إلى غزة دون مقاومة<br />

تذكر . ١٤١ وهكذا تقاسسم النفوذ في فلسسطين مملكة عكا الصليبية والمغول التتار،‏ وعادت<br />

فلسسطين لتئن من جديد تحت سسنابك خير الكفار.‏<br />

الصليبيون والتتار:‏<br />

فرحت أوروبا بالهجوم التتري على بلاد الٕسسلام،‏ وعملت على التنسسيق معهم بغية<br />

ضرب ‏“العدو المششترك”،‏ كما هدفوا إلى نشر المسسيهية بين التتار أنفسسهم،‏ وقد نجهوا<br />

في بداية الٔمر جزءياً‏ في ذلك؛ إذ اششتهر القاءد التتري الذي اجتاه بلاد الٕسسلام هولاكو<br />

بميله للمسسيهيين النسسطوريين،‏ وكانت حاششيته تضضم عدداً‏ كبيراً‏ منهم،‏ وكانت زوجته<br />

مسسيهية أيضضاً،‏ وقد لعبت هذه الزوجة دوراً‏ خطيراً‏ تفخر فيه الكنيسسة في تجنيب أوروبا<br />

أهوال الغزو التتري،‏ وتوجيهه لبلاد المسسلمين،‏ بل إن قاءد معركة عين جالوت التتري<br />

كتبغا Kitbuqa كان مسسيهياً،‏ حتى إن أحد الٔسساقفة المسسيهيين وصف حملة التتار<br />

بأنها ‏“حملة صليبية بالمعنى الكامل لها،‏ حملة نسسطورية مسسيهية”،‏ وإن آمال الغرب<br />

قد انعقدت على هولاكو وقاءده كتبغا ليهقق ‏“القضضاء على المسسلمين”.‏ وقد بادر هاتون<br />

الٔول Hutton I ملك أرمينية وبوهيموند السسادسس Bohemond VI أمير طرابلسس<br />

وأمراء الفرضج في صور وعكا وقبرص‏ إلى عقد حلف مع المغول التتار يقوم على أسساسس<br />

القضضاء على المسسلمين في آسسيا،‏ وتسسليم الفرضج بيت المقدسس . ١٤٢<br />

وفي تلك الفترة تولى السسلطة في مصر ‏-التي أخذ المماليك يهكمونها-‏ السسلطان<br />

المظفر قطز محمود بن ممدود ١٧ ذو القعدة ‎٦٥٧‎ه - كانون الٔول/‏ ديسسمبر ‎١٢٥٩‎م،‏<br />

وقد عرف قطز بتقواه،‏ وصلاحه،‏ وارتباطه العميق بالٕسسلام،‏ وكان تلميذاً‏ لٔعظم العلماء في<br />

١٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

العصر العز بن عبد السسلام.‏ وعلى حدّ‏ تعبير ابن كشير فقد كان قطز ششجاعاً‏ بطلاً‏ كشير<br />

الخير ناصهاً‏ للٕسسلام وأهله،‏ وكان الناسس يهبونه،‏ ويدعون له كشيرا‎١٤٣ً‎ .<br />

ولم يكد يمرّ‏ عليه في الهكم سسوى بضضعة أششهر حتى واجه مششكلة الاجتياه التتري،‏<br />

وتلقى رسسالة تهديد عنيفة من هولاكو،‏ قبل مغادرته سسورية،‏ تطلب منه الاسستسسلام جاء<br />

فيها ‏“اتعظوا بغيركم،‏ وأسسلموا إلينا أمركم،‏ فنهن لا نرحم من بكى،‏ ولا نرق لمن ششكا...‏<br />

أي أرضض توءويكم؟ وأي طريق تنجيكم؟ وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سسيوفنا خلاص،‏<br />

ولا من مهابتنا مناص...‏ الهصون عندنا لا تمنع،‏ والعسساكر لقتالنا لا تنفع،‏ ودعاوءكم<br />

علينا لا يسسمع!...”‏ . ١٤٤<br />

ولكن قطز،‏ القاءد المسسلم الذي لا يخششى إلا االله،‏ والذي يعلم أن النصر بيد االله،‏ وأنه<br />

متى اسستكمل العدة،‏ وبذل الٔسسباب،‏ وأحسسن الصلة باالله،‏ والاسستعانة به حقق له النصر،‏<br />

قرر إعلان الجهاد،‏ ومواجهة الزحف المغولي،‏ وبعد أن قرأ‏ الكتاب قبضض على هوءلاء<br />

الرسسل،‏ وأمر بإعدامهم توسسيطاً‏ ‏(بأن يضرب الششخص‏ في وسسطه،‏ فيقسسم نصفين)،‏<br />

وعلقت روءوسسهم على أحد أبواب القاهرة ‏(باب زويلة)‏ وكان إعدامهم إعلاناً‏ لا تراجع<br />

فيه عن العزم على القتال،‏ وتحدياً‏ يفيضض بمششاعر القوة والعزة في مواجهة الزحف<br />

التتري . ١٤٥<br />

وقرر قطز أن يبادر هو بالهجوم والزحف على قوات التتار رفعاً‏ للروه المعنوية<br />

للمسسلمين،‏ وتأكيداً‏ على روه الجهاد السساعية إلى الششهادة في سسبيل االله،‏ وحفظاً‏ لٔرضض<br />

الٕسسلام في مصر،‏ وتحريراً‏ لٔرضض الٕسسلام في بلاد الششام،‏ ومن ضضمنها أرضض فلسسطين<br />

والمسسجد الٔقصى المبارك،‏ وتخويفاً‏ للتتار بأنه نوع جديد من الرجال لم يواجهوه من<br />

قبل،‏ ولٔن أنجه وسساءل الدفاع الهجوم.‏<br />

وفي ششعبان ‎٦٥٨‎ه - ٢٦ تموز/‏ يوليو ‎١٢٦٠‎م اجتاز الجيشش المسسلم بقيادة قطز<br />

الهدود،‏ وحرر غزة؛ حيش أقام بها يوماً‏ واحداً،‏ ثم اتجه ششمالاً‏ باتجاه قوات التتار؛ حيش<br />

التقت القوتان الٕسسلامية والتترية عند ‏“عين جالوت”‏ ششمال شرقي فلسسطين.‏<br />

معركة عين جالوت:‏<br />

ونششبت إحدى أكبر المعارك الهاسسمة في التاريخ هناك وهي معركة عين جالوت،‏ يوم<br />

الجمعة ٢٥ رمضضان ‎٦٥٨‎ه - ٣ أيلول/‏ سسبتمبر ‎١٢٦٠‎م وفي هذه المعركة توفرت للتتار<br />

عناصر النصر ‏“علمياً‏ ومنطقياً”‏ إذ تفوق التتار على الجيشش الٕسسلامي في عناصر:‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٤


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

• الكفاءة والخبرة الواسسعة نتيجة الهروب الكشيرة التي خاضضوها ‏“قيادة وجنوداً”.‏<br />

• المعنويات العالية جداً‏ لٔنهم لم يهزموا من قبل.‏<br />

• التفوق الكبير في العدة والعتاد والٔعداد.‏<br />

• الكفاءة العالية لسسلاه الفرسسان الذي تميز بكثرته وسرعة حركته وقدرته على<br />

تطبيق ‏(حرب الصاعقة)‏ التي كانت إحدى السسمات البارزة للتتار.‏<br />

• التفوق الٕداري فله قواعد قريبة وطرق من مواقع الجيشش المسسلم.‏<br />

• مواضضع التتار في المعركة كانت أفضضل من مواقع الجيشش المسسلم.‏<br />

وعلى الرغم من التفوق التتري السساحق،‏ إلا أن النصر السساحق كان للمسسلمين.‏<br />

لقد تميز جيشش قطز بأنه ‏“جيشش إسسلامي”‏ قام لنصرة الٕسسلام،‏ والدفاع عن أراضضيه<br />

المقدسسة،‏ وششارك في هذا الجيشش ششيوخ مصر وعلماوءها وصالهوها،‏ وانتشر الٔمر<br />

بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الجيشش،‏ فخرج من مصر تاءباً‏ منيباً‏ طاهراً‏ يبغي<br />

نصر دين االله،‏ والتمكين له في الٔرضض،‏ كما تميز الجيشش الٕسسلامي بقيادة موءمنة تتهلى<br />

‏“بإرادة القتال”‏ بأقوى مظاهرها،‏ وهي من أهم عوامل النصر في أي معركة . ١٤٦<br />

طلب قطز من الجيشش الانتظار لما بعد صلاة الجمعة ‏“لا تقاتلوهم حتى تزول الششمسس،‏<br />

وتفيء الظلال،‏ وتهب الرياه،‏ ويدعو لنا الخطباء والناسس في صلاتهم”...،‏ وهكذا بدأ‏<br />

القتال.‏<br />

وفي أثناء المعركة قتلت زوجة قطز ‏“جلنار”‏ وهي تجاهد فأقبل عليها قطز وهي في<br />

الرمق الٔخير وهو يقول:‏ واحبيبتاه،‏ فقالت له:‏ لا تقل واحبيبتاه،‏ ولكن قل وا إسسلاماه،‏<br />

ثم صعدت روحها إلى االله بعد أن ذكرته بأن أمر الٕسسلام والجهاد في سسبيل االله أهم من<br />

الهب والعلاقات الششخصية...،‏ وقام قطز منتفضضاً‏ وهو يردد وا إسسلاماه...‏ وا إسسلاماه<br />

والجيشش يرددها حتى تمّ‏ النصر...‏ .<br />

كما حدش في أثناء المعركة أن قُتل فرسس قطز،‏ فترجل أحد الٔمراء ليعطيه فرسسه،‏<br />

فرفضض حتى لا يهرمه من الجهاد،‏ وحتى يأتيه المعنيون بالخيل بفرسس جديد،‏ فقيل له:‏<br />

لمَ‏ لْ‏ تركب الفرسس،‏ ولو أن بعضض الٔعداء رآك لقتلك،‏ وهلك الٕسسلام بسسببك؟ فقال:‏<br />

‏“أما أنا فكنت أروه الجنة،‏ وأما الٕسسلام فله رب لا يضضيعه”.‏ وبعد النصر ترجل قطز<br />

عن فرسسه،‏ ومرغ وجهه بالتراب،‏ وسسجد الله ششكراً‏ على ما أولاه من نصر.‏<br />

١٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وبدأ‏ المسسلمون فوراً‏ في مطاردة المغول،‏ ودخل قطز دمششق بعد خمسسة أيام<br />

من عين جالوت،‏ وامتدت المطاردة إلى حلب،‏ فلما ششعر المغول باقتراب المسسلمين تركوا<br />

ما بأيديهم من أسرى المسسلمين...‏ وقاسسوا من البلاء الكشير،‏ وخلال ششهر واحد كان<br />

المسسلمون بقيادة المماليك قد اسستعادوا بلاد الششام من المغول والتتار . ١٤٧<br />

وتعدّ‏ هذه المعركة من المعارك الهاسسمة في التاريخ؛ إذ إنها أوقفت الزحف التتري<br />

الذي لم يكن يقف أمامه ششيء،‏ وكانت بداية لسسلسسلة من الهزاءم المتوالية أعادت المغول<br />

إلى قواعدهم،‏ وحررت بلاد الٕسسلام منهم.‏ ثم إن من اسستقر من المغول في بلاد الٕسسلام<br />

تحول إلى الٕسسلام،‏ فدخلوا في دين االله أفواجاً،‏ فكان ذلك نصراً‏ جديداً‏ للمسسلمين.‏<br />

عاشراً:‏ المماليك والقضضاء على الصصليبيين:‏<br />

على الرغم من انهسسار المد المغولي التتري عن فلسسطين،‏ وانتصار المسسلمين في عين جالوت،‏<br />

إلا أن مملكة عكا الصليبية ظلّت تحتفظ بسسيطرتها على المنطقة السساحلية الممتدة من يافا<br />

إلى عكا.‏ وقد تولى سسلاطين المماليك مهمة تحرير باقي أرضض الٕسراء،‏ وبلاد الششام،‏ حتى<br />

جلا آخر الصليبيين عنها بعد أكثر من ثلاثين عاماً‏ من معركة عين جالوت.‏<br />

وكان الظاهر بيبرسس قد تولى خلافة السسلطان قطز الذي لم يدم حكمه أكثر من سسنة،‏<br />

ونُفسسه المجال هنا لنقل المختصر الجيد الذي كتبته الموسسوعة الفلسسطينية حول دور<br />

بيبرسس ومن تلاه من سسلاطين:‏<br />

وقد قام الظاهر بيبرسس بدور كبير في محاربة الفرضج في بلاد الششام وتطهيرها<br />

منهم،‏ فكان في حركة داءبة مسستمرة يقوم بالغارات على ممتلكاتهم.‏ ولكنه كان<br />

يلجأ‏ أحياناً‏ على الرغم من ذلك إلى توقيع المعاهدات معهم إذا أحسس َّ بهاجة إلى<br />

ذلك.‏ وقد جرت العادة أن تكون مدتها عشر سسنوات وعشرة ششهور وعشرة<br />

أيام وعشر سساعات.‏<br />

وبعد أن فرغ من القضضاء على المششكلات الداخلية في دولته توجه إلى حرب<br />

الفرضج.‏ ففي ‎٦٦٢‎ه/‏‎١٢٦٣‎م خرج إلى فلسسطين،‏ ولما وصلت قواته إلى عكا خرج<br />

الفرضج إليه يطلبون تجديد الهدنة،‏ ويتعهدون بإطلاق سراه أسرى المسسلمين،‏<br />

والمهافظة على العهود والمواثيق.‏ ولكن بيبرسس لم يكترش لمطالبهم،‏ وآثر<br />

مهاجمة مواقعهم المختلفة،‏ ولا سسيّما عكا،‏ ليعرف أماكن القوة والضضعف فيهم<br />

إلى أن يهين الوقت لاسستنقاذ البلدان والمواقع التي كانوا يهتلونها.‏ ولم تكن قوة<br />

الفرنجة بقادرة على اعتراضض سسبيله.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٦


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

خرج الظاهر بيبرسس إلى فلسسطين ثانية ‎٦٦٤‎ه/‏‎١٢٦٥‎م فاسستولى على<br />

قيسسارية المهصنة،‏ وهدم أسسوارها،‏ وهاجم قسسم من جيششه عكا،‏ وضرب<br />

حيفا،‏ ثم سسقطت أرسسوف في يده في السسنة نفسسها.‏<br />

وفي السسنة التالية خرج إلى فلسسطين مرة أخرى،‏ وحاصر صفداً‏ وفتهها،‏<br />

وهدم أسسوارها،‏ ثم عاد إلى فلسسطين في ‎٦٦٦‎ه/‏‎١٢٦٧‎م فأرسسل إليه الفرنجة<br />

يطلبون الهدنة.‏ وكان يتبع سسياسسة مهادنة بعضضهم دون الٓخر حتى لا تتجمع<br />

قواهم في وجهه.‏ وقد مكنته هذه السسياسسة من تحرير أنطاكية سسنة ‎٦٦٧‎ه/‏<br />

‎١٢٦٨‎م.‏ ويعد اسستيلاوءه عليها أكبر نصر حققه المسسلمون على الفرنجة في<br />

الششام منذ تحرير صلاه الدين بيت المقدسس سسنة ‎٥٨٣‎ه/‏‎١١٨٧‎م،‏ وقد وافق<br />

بيبرسس بعد فته أنطاكية على عقد هدنة مع عكا مدتها عشر سسنوات على أن تكون<br />

أعمال عكا مناصفة بين الطرفين،‏ ويسستولي هو على المرتفعات المهيطة بصيدا.‏<br />

تابع السسلطان المنصور سسيف الدين قلاوون مسسيرة تحرير بلاد الششام<br />

من الفرضج بعد الظاهر بيبرسس.‏ ففي عهده حدش تحالف ثلاثي ضضمّ‏ التتار<br />

والصليبيين في الششام،‏ وسسنقر الٔششقر ناءب دمششق الشاءر،‏ ولكن تحالفهم أخفق،‏<br />

وبدأ‏ قلاوون يششدّد الخناق على الفرضج،‏ فاحتل الهصن المرقب ‎٦٨٤‎ه/‏‎١٢٨٥‎م،‏<br />

واسستولى على اللاذقية ‎٦٨٦‎ه/‏‎١٢٨٧‎م،‏ وعلى طرابلسس ‎٦٨٨‎ه/‏‎١٢٨٩‎م.‏ وقد<br />

اسستفاد قلاوون من حالة الفرضج غير المسستقرة في عكا خاصة،‏ وبلاد الششام عامة<br />

بسسبب الصراعات والمنازعات على السسلطة،‏ فقوي مركزه وتمت له تصفية<br />

الوجود الفرنجي في الشرق العربي،‏ ولم يبق في هذه الفترة بيد الفرضج على<br />

السساحل الششامي سسوى عكا وصور وصيدا وعتليت.‏<br />

وجد قلاوون الوقت قد حان لتصفية الوجود الصليبي في فلسسطين،‏ فانتهز<br />

حادثة مهاجمة الفرضج في عكا تجار المسسلمين وقتلهم عدداً‏ منهم،‏ فأعلن الجهاد،‏<br />

وطلب القوات من جميع أنهاء مصر والششام،‏ وأقام خارج القاهرة ينتظر<br />

وصول الٕمدادات،‏ ولكنه مرضض فجأة وتوفي في ذي القعدة ‎٦٨٩‎ه - ١٠ تشرين<br />

الشاني/‏ نوفمبر ‎١٢٩٠‎م،‏ فخلفه ابنه الٔشرف صلاه الدين خليل.‏ وقد حاول<br />

الفرضج في عكا الاسستفادة من الوضضع الجديد ومن التغيير في القيادة المملوكية،‏<br />

فعرضضوا على الٔشرف خليل عقد هدنة يضضع هو شروطها،‏ ولكنه رفضض<br />

وأكمل الاسستعداد،‏ وسسار إلى عكا وحاصرها بمسساعدة القوات الششامية،‏ وتمكّن<br />

من تحريرها في ١٧ جمادى الٔولى ‎٦٩٠‎ه - ١٨ أيار/‏ مايو ‎١٢٩١‎م بعد أن هرب<br />

ملكها هنري الشاني Henry II إلى قبرص،‏ وبعد فته عكا اسستولى الٔشرف خليل<br />

١٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

على صيدا،‏ وصور،‏ وحيفا،‏ وعتليت،‏ وأمر بهدم تحصيناتها جميعاً.‏ وهكذا<br />

سسقطت آخر المعاقل الصليبية في الشرق العربي في أيدي المماليك،‏ وانتهى<br />

وجود الفرنجة في فلسسطين والششام بعد قرنين من الزمان ‏(‏‎٦٩٠-٤٩٢‎ه أي<br />

‎١٢٩١-١٠٩٩‎م)‏ . ١٤٨<br />

وبذلك عادت فلسسطين كاملة إلى حظيرة الهكم الٕسسلامي الذي اسستمر حتى الاحتلال<br />

البريطاني لفلسسطين.‏<br />

لعل الدارس‏ لتاريخ الهروب الصليبية والجهود التي بذلت لتهرير الٔرضض<br />

المباركة يخرج بالنقاط البارزة التالية:‏<br />

• إن الراية التي رفعت لتهرير فلسسطين هي الراية الٕسسلامية،‏ ولم تكن راية قومية أو<br />

علمانية أو إقليمية.‏<br />

• إن الجهاد في سسبيل االله هو الطريق الذي عادت عن طريقه فلسسطين إلى الهكم الٕسسلامي.‏<br />

• إن أبرز رموز الجهاد والقادة الذين حُ‏ ررت الٔرضض المباركة على أيديهم ‏(عماد الدين<br />

زنكي،‏ نور الدين محمود،‏ صلاه الدين الٔيوبي،‏ قطز،‏ بيبرسس،‏ قلاوون وابنه...)‏ تبنوا<br />

الٕسسلام فكراً،‏ ومنهجاً،‏ ووسسيلة للتهششيد والتعبئة ضضدّ‏ العدو الغاصب.‏ وكانوا بششكل<br />

عام على التزام تام بالٕسسلام وأحكامه،‏ وعلى سسلامة العقيدة،‏ وحسسن الصلة باالله.‏<br />

• إن القادة،‏ والٔمراء،‏ والجنود،‏ والمتطوعة،‏ والعلماء الذين ششاركوا في الجهاد والتهرير<br />

كانوا من جنسسيات ومناطق ششتى ‏(عرب،‏ أكراد،‏ ترك...‏ إلخ)‏ وكان قاسسمهم المششترك<br />

أمراً‏ واحداً‏ هو الٕسسلام وإيمانهم بهقهم المقدسس في الٔرضض المباركة.‏<br />

• إن أمر اسستعادة كامل فلسسطين قد اقتضضى حوالي ٢٠٠ سسنة من الجهاد دون أن يتنازل<br />

المسسلمون عن حقهم فيها،‏ فكانت معركة تداولتها الٔجيال حتى قطفت الشمرة النهاءية<br />

للانتصار.‏<br />

• وبالتالي فإن المهتل الغاصب لم يكن عدواً‏ سسهلاً،‏ ولا ينبغي أن نتوقع من أي عدو أن<br />

يكون سسهلاً‏ ‏(كاليهودية الصهاينة في عصرنا)‏ كما لا ينبغي أن نفقد الٔمل مهما طال<br />

الزمن،‏ ومهما كان العدو شرسساً‏ عنيداً.‏<br />

• إن هناك ارتباطاً‏ جوهرياً‏ بين انتصارات المسسلمين،‏ وبين مدى التزامهم بدين االله<br />

وشرعة تحكيمه في حياتهم،‏ كما أن هناك ارتباطاً‏ جوهرياً‏ بين هزاءم المسسلمين وبين<br />

تنازعهم وتششتتهم وبعدهم عن منهج الٕسسلام.‏<br />

• إن الفكرة الٕسسلامية هي الوسسيلة المشلى لتهششيد وتعبئة الطاقات لتهرير أي<br />

أرضض إسسلامية.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٨


هوامشش الفصصل الشالش<br />

المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

١ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ١٢٦.<br />

٢ القرآن الكريم،‏ سسورة آل عمران:‏ ١٦٠.<br />

٣ القرآن الكريم،‏ سسورة الصافات:‏ ١٧١-١٧٣.<br />

٤ القرآن الكريم،‏ سسورة النسساء:‏ ١٤١.<br />

٥ القرآن الكريم،‏ سسورة محمد:‏ ٧.<br />

٦ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنفال:‏ ٤٥-٤٦.<br />

٧ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنفال:‏ ٦٠.<br />

٨ القرآن الكريم،‏ سسورة النور:‏ ٥٥.<br />

٩ القرآن الكريم،‏ سسورة النور:‏ ٦٣.<br />

١٠ انظر:‏ فايد حماد عاششور،‏ جهاد المسسلمين في الهروب الصليبية:‏ العصر الفاطمي والسسلجوقي والزنكي،‏<br />

ط ٤ ‏(بيروت:‏ موءسسسسة الرسسالة،‏ ١٩٨٨)، ص‏ ٥١-٥٤.<br />

١١ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ١٦٢.<br />

١٢ فايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٦٨.<br />

١٣ انظر:‏ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ١٩٠-٢٢٠.<br />

١٤ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٢٢.<br />

١٥ أرنسست باركر،‏ الهروب الصليبية،‏ ترجمة السسيد الباز العريني،‏ ط ٤ ‏(بيروت:‏ دار النهضضة العربية،‏ دون<br />

تاريخ)،‏ ص‏ ‎٢٤-٢٣‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٧٨‎؛ وسسعيد عبد الفتاه عاششور،‏ الهركة الصليبية:‏<br />

صفهة مشرقة في تاريخ الجهاد الٕسسلامي في العصور الوسسطى،‏ ط ٤ ‏(القاهرة:‏ مكتبة الٔنجلو مصرية،‏ ١٩٨٦)،<br />

ج ١، ص‏ ١٠٤-١٠٧.<br />

١٦ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ١، ص‏ ‎١١٣-١٠٨‎؛ وأرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٥-٢٦.<br />

١٧ انظر:‏ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ‎١٨١‎؛ وأرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٤-٣٥.<br />

١٨ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ١٨٧.<br />

١٩ فايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٠٨-١١٢.<br />

٢٠ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ‎١٨٩‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١٢-١١٣.<br />

٢١ أرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٣٧-٣٦‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١٦.<br />

٢٢ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ١، ص‏ ‎٢٣٠-٢٢٩‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٤٤٤.<br />

٢٣ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ١، ص‏ ٢٠١-٢١٠، و‎٢٣٢-٢٣١‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏<br />

ج ٨، ص‏ ‎٢٠٤‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١١٧-١٢٤.<br />

٢٤ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٤٢.<br />

٢٥ القرآن الكريم،‏ سسورة الٔنفال:‏ ٤٦.<br />

٢٦ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٢٥٨-٢٥٩.<br />

١٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٢٧ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٢٢.<br />

٢٨ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٢٨-٢٢٩.<br />

٢٩ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٧٢.<br />

٣٠ مشلاً:‏ مقتل سسيرجال صاحب أنطاكية مع ثلاثة آلاف فارسس وتسسعة آلاف من المششاة في معركة مع إيلغازي<br />

صاحب حلب سسنة ‎٥١٢‎ه ‏(ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٢٨٩)، وأسر جوسسلين صاحب الرها<br />

ومعه ابن خالته كليام وجماعة من الفرسسان المششهورين سسنة ‎٥١٥‎ه ‏(ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨،<br />

ص‏ ٣٠٤).<br />

٣١ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٢٢.<br />

٣٢ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٢٢٦.<br />

٣٣ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٤٤٦.<br />

٣٤ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٢٦٨، و‎٣٠٢‎‏،‏ و‎٣٢٠‎‏.‏<br />

٣٥ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏‎٢١٢‎‏،‏ و‎٢١٨‎‏،‏ و‎٢٢٩-٢٢٨‎‏.‏<br />

٣٦ ششهاب الدين عبد الرحمن بن إسسماعيل المعروف بأبي ششامة المقدسسي،‏ الروضضتين في أخبار الدولتين النورية<br />

والصلاحية،‏ تحقيق محمد حلمي محمد أحمد،‏ ج ١، ق ١ ‏(القاهرة:‏ لجنة التأليف والترجمة والنشر،‏ ١٩٥٦)،<br />

ص‏ ‎٧٥‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٣٠٩، و‎٣٢٣‎‏.‏<br />

٣٧ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٣٣١.<br />

٣٨ المرجع نفسسه،‏ ج ٨، ص‏ ٣٢٩-٣٦٨، وج ٩، ص‏ ‎٥‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ٧٨، و‎٨٥-٨٤‎‏.‏<br />

٣٩ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٨، ص‏ ٣٦٧.<br />

٤٠ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ‎٩-٨‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ٩٤-٩٦.<br />

٤١ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ١٠٧-١٠٩.<br />

٤٢ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٣.<br />

٤٣ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٢٢٠‎؛ وانظر أيضضاً:‏ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ‎١١٤-١٠٩‎؛<br />

وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٧٩-٢٠٤.<br />

٤٤ عماد الدين خليل،‏ نور الدين محمود:‏ الرجل..‏ والتجربة ‏(دمششق-بيروت:‏ دار القلم،‏ ١٩٨٠)، ص‏ ٤٩-٥٠.<br />

يعتبر هذا الكتاب من أفضضل ما كتب عن نور الدين محمود،‏ حيش أعطى الموءلف من خلاله صورة متكاملة عن<br />

ششخصيته وسسياسساته الٕدارية والاجتماعية والقضضاءية والاقتصادية والشقافية.‏<br />

٤٥ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٢٥.<br />

٤٦ عماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٣.<br />

٤٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٤٥-٤٧.<br />

٤٨ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٥٨٣. ‏(صدر القسسم الشاني من الجزء الٔول من كتاب أبي ششامة<br />

سسنة ١٩٦٢ في مصر عن وزارة الشقافة).‏<br />

٤٩ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٢٧٨‎؛ وعماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٤.<br />

٥٠ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٢٥‎؛ وانظر:‏ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ‎٥٨٤‎؛<br />

وابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ٢٧٨.<br />

٥١ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٢٥.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٠


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

٥٢ عماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٢.<br />

٥٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٢، و‎٢٥‎‏.‏<br />

٥٤ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٧-٣٢.<br />

٥٥ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٧٥-٨٩.<br />

٥٦ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٥٤٤.<br />

٥٧ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٢٢٣‎؛ وعماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٧.<br />

٥٨ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ‎٣٦‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٢٥‎؛ وعماد الدين<br />

خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧٩.<br />

٥٩ عماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٩٣-١٠٧.<br />

٦٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٨٦.<br />

٦١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٨٧.<br />

٦٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٥-٣٦.<br />

٦٣ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ٢٨١.<br />

٦٤ عماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٤٤.<br />

٦٥ حول اهتمامه بالعلم والعلماء انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٢٩-١٦٥.<br />

٦٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٠-٢٤، و‎١١٨-١١١‎‏.‏<br />

٦٧ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٩٣-١٢٦.<br />

٦٨ انظر:‏ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ٨٦-٨٧.<br />

٦٩ عماد الدين خليل،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٢-٣٥.<br />

٧٠ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎٤٦-٤٥‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ١، ص‏ ٢٣٦.<br />

٧١ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎٨٥-٨٤‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٣٢٩-٣٣٨.<br />

٧٢ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎٩٦-٩٥‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٣٦٣-٣٦٧.<br />

٧٣ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٠٣-٩٩‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ‎٤٠٦-٣٨٩‎؛<br />

وحول ضضمّ‏ نور الدين لمصر انظر:‏ فايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٢٩-٢٤٤.<br />

٧٤ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١١١‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٤٩٢-٥٠٠.<br />

٧٥ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٠٩-١١٠.<br />

٧٦ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٢٣‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٥٥١-٥٥٤.<br />

٧٧ انظر بالتفصيل حول صراع نور الدين مع الصليبيين:‏ فايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٠٧-٢٢٦.<br />

٧٨ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ٨٢-٨٣.<br />

٧٩ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ٨٣.<br />

٨٠ أبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٣٤٢-٣٤٣.<br />

٨١ انظر:‏ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ٨٦-٨٨.<br />

٨٢ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٢٤‎؛ وأبو ششامة،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ق ٢، ص‏ ٥٧٧-٥٨٢.<br />

١٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٨٣ حول صفات صلاه الدين وأخلاقه،‏ انظر:‏ بهاء الدين بن ششداد،‏ النوادر السسلطانية والمهاسسن اليوسسفية<br />

‏(مصر:‏ شركة طبع الكتب العربية،‏ ‎١٣١٧‎ه)،‏ ص‏ ‎٢٨-٤‎؛ ومحمود ششيت خطاب،‏ بين العقيدة والقيادة،‏<br />

ص‏ ٢٨٢، و‎٣١٤-٣٠٧‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ١٣-٢٥.<br />

٨٤ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ٢٨٥.<br />

٨٥ المرجع نفسسه،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٢٨٦-٢٨٥‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٢٧.<br />

٨٦ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٣٣-١٢٩‎؛ وانظر:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢،<br />

ص‏ ٥٨٣-٥٨٦.<br />

٨٧ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٣٧.<br />

٨٨ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٥٣.<br />

٨٩ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٥٦-١٥٩.<br />

٩٠ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦١-١٦٢.<br />

٩١ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦٢.<br />

٩٢ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦٣.<br />

٩٣ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦٩-١٧٠.<br />

٩٤ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٧١.<br />

٩٥ انظر حول جهاد صلاه الدين للصليبيين في تلك الفترة:‏ فايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ٤٧-١١٣.<br />

٩٦ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٢٩-١٣٠.<br />

٩٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٤٣-١٤١‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٥٩٦.<br />

٩٨ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٤٢-١٤٥.<br />

٩٩ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٤٧.<br />

١٠٠ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٥٥-١٥٦.<br />

١٠١ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦٠.<br />

١٠٢ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٦٤-١٦٦.<br />

١٠٣ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٧٤.<br />

١٠٤ انظر:‏ بسسام العسسلي،‏ صلاه الدين الٔيوبي ‏(بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٣)، ص‏ ٩٩-١٠٦.<br />

١٠٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٠٧-١٠٩.<br />

١٠٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١١٢-١١٥.<br />

١٠٧ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٣٢١-٣٢٠‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٧٨.<br />

١٠٨ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٣٢١‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٧٨.<br />

١٠٩ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٧٨‎؛ وحول معركة حطين،‏ انظر:‏ العماد الٔصفهاني،‏ الفته القسسي<br />

في الفته القدسسي،‏ ص‏ ‎٨٣-٧٦‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٦٣٨-٦٣٢‎؛ وابن ششداد،‏<br />

مرجع سسابق،‏ ص‏ ٦٠-٦٤.<br />

١١٠ انظر:‏ العماد الٔصفهاني،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎١١٤-٨٨‎؛ وابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٨٢-١٧٢‎؛<br />

وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٦٣٧-٦٤٣.<br />

١١١ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ٣٢٢.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٢


المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />

١١٢ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٨٢.<br />

١١٣ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ‎١٨٣‎؛ وابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٣٢٤-٣٢٣‎؛ وسسعيد عاششور،‏<br />

الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٦٤٤-٦٥٠.<br />

١١٤ ابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ،‏ ج ٩، ص‏ ١٨٥.<br />

١١٥ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٩٠-١٩٥.<br />

١١٦ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٩٦.<br />

١١٧ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٩٦-٢٠٠.<br />

١١٨ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ١٩٧.<br />

١١٩ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ٢٠٧.<br />

١٢٠ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ٢١٣.<br />

١٢١ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ٩، ص‏ ٢١٤-٢١٥.<br />

١٢٢ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ٣٤٥.<br />

١٢٣ العماد الٔصفهاني،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٦٠٥‎؛ وابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٢، ص‏ ‎٣٥٠‎؛ وانظر<br />

بالتفصيل حول الهملة الصليبية الشالشة:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٧٠٩-٦٥٩‎؛<br />

وأرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٩٣-٨٦‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ١٧٧-٢٤٤.<br />

١٢٤ العماد الٔصفهاني،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٦٠٣.<br />

١٢٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٦٠٤-٦٠٥.<br />

١٢٦ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ٣.<br />

١٢٧ انظر:‏ أرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٩١-٢٧٩‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ٢٧٩-٢٩١.<br />

١٢٨ انظر:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٧٧٧-٧٦٠‎؛ وأرنسست باركر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎١١٠-١٠٥‎؛<br />

والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٢٤٩، وج ٣، ص‏ ٥١٢.<br />

١٢٩ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ‎١٢٤-١٢٣‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢،<br />

ص‏ ‎٨٠٤-٧٩١‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ٦١٨.<br />

١٣٠ انظر:‏ السسيد الباز العريني،‏ الشرق الٔدنى في العصور الوسسطى (١) الٔيوبيون ‏(دون مكان:‏ دار النهضضة<br />

العربية،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ‎١٢٧-١٢٥‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ‎٣٣٤‎؛ والموسسوعة<br />

الفلسسطينية،‏ ج ٤، ص‏ ‎٦١٩-٦١٨‎؛ ومجير الدين الهنبلي،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ص‏ ٤٠٦-٤٠٧.<br />

١٣١ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ١٢٤.<br />

١٣٢ انظر:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٨٢١-٨١٧‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٢٥٠،<br />

وج ٣، ص‏ ٤٤٧. ذكر الهنبلي أن القدسس اسستمرت بأيدي المسسلمين حتى ٦٤١ ه،‏ انظر:‏ مجير الدين الهنبلي،‏<br />

مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ٥-٦.<br />

١٣٣ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٢٥٠.<br />

١٣٤ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ج ١، ص‏ ٢٥٠، وج ٣، ص‏ ‎٤٤٧‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢،<br />

ص‏ ‎٨٢٦-٨٢٥‎؛ وفايد عاششور،‏ مرجع سسابق،‏ ج ٢، ص‏ ٣٥٤-٣٥٥.<br />

١٣٥ انظر:‏ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ‎١٦٥-١٦٤‎؛ والموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ٢٥٠،<br />

وج ٣، ص‏ ٣٠٤، و‎٤٤٧‎‏،‏ و‎٥١٢‎؛ والسسيد العريني،‏ الٔيوبيون،‏ ص‏ ‎١٤٢-١٤١‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة<br />

الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٢٦-٨٢٧.<br />

١٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١٣٦ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ١، ص‏ ‎٢٥٠‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٣١-٨٤٩.<br />

١٣٧ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٥٠-٨٥٣.<br />

١٣٨ انظر:‏ السسيد الباز العريني،‏ المماليك ‏(بيروت:‏ دار النهضضة العربية،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ٤٠-٤٣.<br />

١٣٩ رششيد الدين فضضل االله الهمذاني،‏ جامع التواريخ،‏ المجلد الشاني،‏ ج ١، نقله للعربية محمد صادق نششأت<br />

ومحمد موسسى الهنداوي وفوءاد عبد المعطي الصياد ‏(الجمهورية العربية المتهدة:‏ وزارة الشقافة – دار إحياء<br />

الكتب العربية،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ٣٠١.<br />

١٤٠ حول اسستيلاء المغول على بغداد،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ المجلد الشاني،‏ ج ١، ص‏ ‎٢٩٥-٢٨١‎؛ وسسعيد عاششور،‏<br />

الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٨٦-٨٨٧.<br />

١٤١ حول اجتياه المغول للششام،‏ انظر:‏ رششيد الدين فضضل االله الهمذاني،‏ مرجع سسابق،‏ المجلد الشاني،‏ ج ١،<br />

ص‏ ‎٣٠٩-٣٠٥‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٨٦-٨٨٧.<br />

١٤٢ انظر:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٦٨-٨٧٢، و‎٨٨١‎‏.‏<br />

١٤٣ ابن كشير،‏ البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ٢٢٥.<br />

١٤٤ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٨٩٩‎؛ ومحمود ششيت خطاب،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٣٣-٣٣٤.<br />

١٤٥ سسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ٨٩٩.<br />

١٤٦ انظر:‏ محمود ششيت خطاب،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٤٥-٣٤٦.<br />

١٤٧ حول معركة عين جالوت،‏ انظر:‏ رششيد الدين فضضل االله الهمذاني،‏ مرجع سسابق،‏ المجلد الشاني،‏ ج ١،<br />

ص‏ ‎٣١٦-٣١٠‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الهركة الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٩٠١-٨٩٩‎؛ وسسعيد عبد الفتاه عاششور،‏<br />

الٔيوبيون والمماليك في مصر والششام ‏(القاهرة:‏ دار النهضضة العربية،‏ ١٩٩٠)، ص‏ ‎١٩٩-١٩٥‎؛ وابن كشير،‏<br />

البداية والنهاية،‏ ج ١٣، ص‏ ٢٢٠-٢٢١.<br />

١٤٨ الموسسوعة الفلسسطينية،‏ ج ٣، ص‏ ٤٤٧-٤٤٨. ولمزيد من التفصيل انظر:‏ سسعيد عاششور،‏ الهركة<br />

الصليبية،‏ ج ٢، ص‏ ‎٩٣٦-٩٠٥‎؛ وسسعيد عاششور،‏ الٔيوبيون والمماليك،‏ ص‏ ٢١٠-٢٣٤.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٤


الفصصل الرابع<br />

التجربة الٕسسلامية<br />

الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

التجربة الإسلامية<br />

الهديشة والمعاصصرة في فلسطين<br />

في ظلّ‏ الدولة العشمانية:‏<br />

ظلت فلسسطين تحت سسيطرة دولة المماليك إلى أن قامت الدولة العشمانية بالسسيطرة<br />

عليها ‎١٥١٧-١٥١٦‎م.‏ وكان لدولة الخلافة العشمانية من القوة ما مكنها من السسيطرة<br />

على معظم شرق أوروبا ‏(بلغاريا،‏ يوغوسسلافيا،‏ رومانيا،‏ اليونان...)‏ بالٕضضافة إلى<br />

العراق وبلاد الششام والهجاز ومصر والسسودان ومعظم المغرب العربي...‏ . وكانت<br />

إحدى أهم وأقوى دول العالم في العصر الهديش،‏ غير أن عوامل الضضعف أخذت تدب<br />

في أوصالها منذ القرن ال ١٨، وأخذت تفقد تدريجياً‏ مسساحات كبيرة من أرضضها،‏ ولم<br />

تتمكن من مواكبة التطورات العلمية والهضضارية في الغرب الٔوروبي،‏ وعانت من الديون<br />

والتعثر الاقتصادي،‏ كما عانت من النفوذ الٔوروبي في أرضضها،‏ فضضلاً‏ عن حالة الجمود<br />

الفقهي والشقافي والفكري التي عاششتها بما لم يمكنها من متابعة قضضايا العصر،‏ وتقديم<br />

الهلول المناسسبة وفق روءى واعية مسستمدة من الٕسسلام وتراثه العظيم.‏<br />

ومهما يكن من أمر فإن الدولة العشمانية حافظت على الهوية الٕسسلامية لٔرضض<br />

فلسسطين،‏ ورسسختها لٔربعة قرون متواصلة،‏ كما أن أهل فلسسطين كانوا يعدّون هذه<br />

الدولة دولتهم،‏ ويهسسون بالولاء لها،‏ وكانوا،‏ ومعهم غيرهم من المسسلمين،‏ يتمتعون<br />

بكافة الهقوق السسياسسية وغيرها التي يتمتع بها الٔتراك،‏ ويششاطرون الٔتراك جميع<br />

مناصب الدولة العسسكرية والمدنية...‏ . ١ فمشلاً‏ عُ‏ ين ِّ موسسى كاظم الهسسيني،‏ والد الششهيد<br />

عبد القادر الهسسيني،‏ متصرفاً‏ لعسسير ‎١٨٩٢‎م،‏ ثم متصرفاً‏ لنجد ‎١٨٩٦‎م،‏ ثم متصرفاً‏<br />

للهسسا ‎١٩٠٠‎م،...‏ وتنقل به المقام إلى أن صار متصرفاً‏ لهوران ‎١٩١٢‎م ، ٢ وهو نفسسه<br />

الذي قاد الهركة الوطنية الفلسسطينية ‎١٩٣٤-١٩٢٠‎م،‏ وهناك الششيخ أسسعد الششقيري،‏<br />

والد أول رءيسس لمنظمة التهرير الفلسسطينية أحمد الششقيري،‏ الذي تولى أكبر منصب في<br />

دولة الخلافة يلي منصب ‏“ششيخ الٕسسلام”،‏ كما تولى منصب مفتي الجيشش العشماني<br />

الرابع...‏ . ٣<br />

١٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وعندما تكششفت للدولة العشمانية مخاطر المشروع الصهيوني في فلسسطين قامت<br />

بمهاربة الهجرة اليهودية إليها،‏ ومنعت بيع الٔراضضي لليهود،‏ وقامت سسنة ‎١٨٨٧‎م<br />

بفصل سسنجق القدسس عن ولاية سسورية،‏ وأخضضعته بصورة مباشرة للباب العالي من باب<br />

زيادة الاهتمام بفلسسطين،‏ وإفششال المخطط الصهيوني - الغربي للهجرة،‏ والاسستيطان<br />

اليهودي فيها . ٤<br />

وكان للسسلطان عبد الهميد موقفه المتسسق تماماً‏ مع الفكرة الٕسسلامية باعتبار أرضض<br />

فلسسطين جزءاً‏ من أرضض الٕسسلام والمسسلمين المقدسسة،‏ التي لا يجوز التفريط بأي جزء<br />

منها.‏ وعندما عرضض موءسسسس الهركة الصهيونية ثيودور هرتزل Theodor Herzl على<br />

السسلطان عبد الهميد ‏(عن طريق صديقه نيولنسسكي (Nevlenski بيع فلسسطين لليهود،‏<br />

أجابه السسلطان بما يلي:‏<br />

إذا كان هرتزل صديقك بقدر ما أنت صديقي فأنصهه أن لا يسسير أبداً‏ في<br />

هذا الٔمر.‏ لا أقدر أن أبيع ولو قدماً‏ واحداً‏ من البلاد؛ لٔنها ليسست لي،‏ بل لششعبي.‏<br />

ولقد حصل ششعبي على هذه الٕمبراطورية بإراقة دماءهم،‏ وقد غذوها فيما<br />

بعد بدماءهم،‏ وسسوف نغطيها بدماءنا قبل أن نسسمه لٔحد باغتصابها منّا.‏<br />

لقد حاربت كتيبتنا في سسورية وفي فلسسطين،‏ وقتل رجالنا الواحد تلو الٓخر في<br />

بلقنة؛ لٔن أحداً‏ منهم لم يرضضَ‏ بالتسسليم،‏ وفضضلوا أن يموتوا في سساحة القتال.‏<br />

الٕمبراطورية التركية ليسست لي وإنما للششعب التركي،‏ لا أسستطيع أبداً‏ أن أعطي<br />

أحداً‏ أي جزء منها.‏ ليهتفظ اليهود ببلايينهم،‏ فإذا قسسمت الٕمبراطورية فقد<br />

يهصل اليهود على فلسسطين دون مقابل،‏ إنما لن تقسسم إلا على جششنا،‏ ولن أقبل<br />

بتشريهنا لٔي غرضض كان . ٥<br />

وتعددت محاولات هرتزل وعروضضه السسخية المختلفة دونما فاءدة،‏ ومات<br />

سسنة ‎١٩٠٤‎م دون أن يهقق أهدافه،‏ وهكذا ظلّ‏ السسلطان عبد الهميد الشاني<br />

‏(‏‎١٩٠٩-١٨٧٦‎م)‏ عقبة في وجه المششاريع الصهيونية طيلة سسنوات حكمه منطلقاً‏ في ذلك<br />

من سسياسسته الٕسسلامية،‏ ومن معرفته بهقيقة الٔطماع الصهيونية،‏ ويذكر عبد الهميد في<br />

مذكراته ‏“وانتظم يهود العالم وسسعوا ‏-عن طريق المهافل الماسسونية-‏ في سسبيل ‏“الٔرضض<br />

الموعودة”...‏ وجاوءوا إلي َّ بعد فترة،‏ وطلبوا مني أرضضاً‏ لتوطين اليهود في فلسسطين مقابل<br />

أموال طاءلة،‏ وبالطبع رفضضت”‏ ، ٦ وكان السسلطان يعدّ‏ نفسسه أكبر أعداءهم ، ٧ ويذكر أنه إذا<br />

ما سسمه لليهود بالتوطن في فلسسطين فإننا ‏“نكون قد وق َّعنا قراراً‏ بالموت على إخواننا في<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

الدين”ويقصد الفلسسطينيين ، ٨ ويوءكد الخلفية الٕسسلامية لارتباطه بفلسسطين قاءلاً:‏ ‏“لماذا<br />

نترك القدسس؟...‏ إنها أرضضنا في كل وقت وفي كل زمان،‏ وسستبقى كذلك فهي من مدننا<br />

المقدسسة،‏ وتقع في أرضض إسسلامية،‏ لا بدّ‏ أن تظل القدسس لنا”‏ . ٩<br />

غير أن الدولة العشمانية التي كانت في أواخر عهدها،‏ وقد اششتد فيها الفسساد الٕداري،‏<br />

واخترقتها المنظمات الماسسونية والعلمانية لم تسستطع أن تحقق أهدافها بالكامل في منع<br />

الهجرة اليهودية إلى فلسسطين،‏ وانتقال الٔراضضي إلى اليهود،‏ فكانت هناك مداخلات<br />

السسفراء الٔجانب الذين تمسسكوا بالامتيازات الٔجنبية،‏ وأعاقت احتجاجاتهم تنفيذ قيود<br />

الهجرة اليهودية،‏ وكان هناك ما عرف ب”حزب البخششيشش”!!‏ المسستشري في الجهاز<br />

الٕداري،‏ والذي كان يتهايل على القانون مقابل الرششاوي،‏ ويسسهل هجرة اليهود<br />

واسستيطانهم . ١٠ وخلال الفترة ‎١٩١٤-١٨٨١‎م هاجر إلى فلسسطين ٥٥ ألف يهودي من<br />

أصل ٢,٣٦٧ مليون من اليهود تركوا مواطنهم إلى أماكن أخرى في العالم،‏ أي ما نسسبته<br />

٢,٣% من المجموع الكلي للمهاجرين ، ١١ مما يدل على نجاه السسلطات العشمانية إلى حد ٍّ ما<br />

في الوقوف أمام حركة الهجرة اليهودية.‏<br />

ومن المهم الٕششارة إلى أن الدولة العشمانية فقدت الكشير من مصداقيتها الٕسسلامية<br />

خصوصاً‏ بعد انقلاب حزب الاتحاد والترقي على السسلطان عبد الهميد ‎١٩٠٩‎م،‏ وقد<br />

كان هذا الهزب الذي سسيطر على تركيا فيما بعد معادياً‏ للفكرة الٕسسلامية،‏ منتهجاً‏<br />

سسياسسة التتريك،‏ مُسسيطراً‏ عليه من قبل المهافل الماسسونية التي يهيمن عليها اليهود،‏<br />

حتى إن الناسس علقوا على الشورة التي أسسقطت عبد الهميد بأنها ثورة يهودية أكثر منها<br />

تركية ، ١٢ بل إن أحد الشلاثة الذين أوفدتهم جمعية الاتحاد والترقي لٕبلاغ السسلطان<br />

عبد الهميد قرار خلعه عن العرشش كان يهودياً‏ يدعى ‏“قراصو”،‏ وكان السسلطان قد<br />

طرده من مجلسسه في قصر ‏“يلدز”حين حاول التأثير عليه لٕسسكان اليهود في فلسسطين . ١٣<br />

وقد ذكر السسفير البريطاني في تركيا لوزير خارجيته في مذكرته التي رفعها إليه في آب/‏<br />

أغسسطسس ‎١٩١٠‎م ‏“إن لجنة الاتحاد والترقي تبدو في تششكيلها الداخلي تحالفاً‏ يهودياً‏<br />

تركياً‏ مزدوجاً...‏ إن اليهود الذين يبدون الٓن في موقف الملهم والمسسيطر على الجهاز<br />

الداخلي للدولة يعملون على السسيطرة الاقتصادية والصناعية على تركيا الفتاة...”‏ . ١٤<br />

بل إن السسلطان عبد الهميد ذكر في رسسالة إلى الششيخ محمود أبو الششامات في ‎١٩١١‎م<br />

أن سسبب خلع الاتحاد والترقي له من السسلطة هو إصرارهم عليه أن يصادق على تأسسيسس<br />

١٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وطن قومي لليهود في الٔرضض المقدسسة ‏(فلسسطين)،‏ فرفضض وذكر لهم أنهم لو دفعوا ملء<br />

الٔرضض ذهباً‏ فلن يرضضى بذلك . ١٥<br />

وفضضلاً‏ عما سسبق،‏ فقد انتشرت المفاسسد المنافية لٔحكام الٕسسلام وآدابه كالملاهي<br />

والمراقص‏ والهانات،‏ والتعامل بالربا،‏ فأصبه عامة الناسس يرون حزب الاتحاد والترقي<br />

بعيداً‏ عن الٕسسلام،‏ وخارجاً‏ عن تعاليمه،‏ وحدثت ردود فعل معادية لهذه المفاسسد في<br />

فلسسطين وسسورية . ١٦<br />

ولذلك لم يكن غريباً‏ أن تظهر حركات معادية لهكم الاتحاد والترقي في البلاد<br />

العربية،‏ وطالب جُ‏ ل ُّها في البداية بالٕصلاه ضضمن الدولة العشمانية،‏ ولكن عندما لم تتم<br />

الاسستجابة لتلك المطالب قامت الشورة العربية الكبرى ‎١٩١٦‎م،‏ وأيدها الكشير من رجال<br />

الفكر والٕصلاه . ١٧<br />

وخلال الهرب العالمية الٔولى فقدت الدولة العشمانية ما تبقى لها من أرضض تحكمها<br />

في البلاد العربية ‏(اليمن،‏ الهجاز،‏ العراق،‏ الششام)،‏ ثم أعلن كمال أتاتورك الجمهورية<br />

التركية سسنة ‎١٩٢٣‎م،‏ وأسسقط الخلافة العشمانية سسنة ‎١٩٢٤‎م.‏ وبذلك فقد المسسلمون<br />

لٔول مرة مظلة الخلافة الٕسسلامية،‏ وتوزعت بلادهم على الدول الاسستعمارية.‏<br />

الموءامرة على فلسسطين:‏<br />

احتل البريطانيون الجزء الجنوبي من فلسسطين ‏(حتى خط يافا - القدسس)‏ في كانون<br />

الٔول/‏ ديسسمبر ‎١٩١٧‎م،‏ واحتلوا باقي فلسسطين في أيلول/‏ سسبتمبر ‎١٩١٨‎م،‏ ومنذ<br />

ذلك التاريخ وحتى ‎١٩٤٨‎م ظلّت فلسسطين واقعة تحت الاحتلال البريطاني،‏ وقد دخل<br />

البريطانيون القدسس في ‎١٩١٧/١٢/٩‎م،‏ وهناك أعلن القاءد البريطاني إدموند اللنبي<br />

Edmund Allenby في خطابه ‏“اليوم انتهت الهروب الصليبية”‏ ، ١٨ وهو ما فعل مشله<br />

القاءد الفرنسسي هنري غورو Henri Gouraud الذي احتل سسورية،‏ ووقف على قبر<br />

صلاه الدين الٔيوبي،‏ وهو يقول بلهجة المنتششي المنتصر...‏ ‏“ها قد عدنا يا صلاه الدين”!!‏<br />

وقد عاششت فلسسطين تحت الاحتلال البريطاني ‏(‏‎١٩٤٨-١٩١٧‎م)‏ موءامرة رهيبة<br />

تنفيذاً‏ لوعد بلفور Balfour حرصت فيها بريطانيا بكل ما تملك على تحويل فلسسطين إلى<br />

وطن قومي لليهود،‏ فهرمت أهل فلسسطين من حقوقهم السسياسسية،‏ وضضيقت عليهم سسبل<br />

العيشش والرزق،‏ وششجعت الفسساد،‏ وعملت على تحقيق الانقسسامات العاءلية والطاءفية،‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وإششغال أهل فلسسطين ببعضضهم،‏ ومن جهة أخرى ششجعت الهجرة اليهودية إلى فلسسطين،‏<br />

والاسستيطان اليهودي،‏ وشراء الٔراضضي،‏ وسساعدت على تسسليه اليهود،‏ وبناء المسستعمرات،‏<br />

وسسمهت ببناء الموءسسسسات اليهودية ششبه الرسسمية تهيئة لبناء دولتهم وإعلانها.‏<br />

وقد قاوم أهل فلسسطين هذه الموءامرة خلال هذه المرحلة بكل عزم وإصرار،‏ وبذلوا<br />

عشرات الٓلاف من الششهداء والجرحى،‏ وقاموا بالشورة تلو الٔخرى لتهطيم المشروع<br />

اليهودي الصهيوني،‏ وإجلاء الاسستعمار البريطاني،‏ لكن الموءامرة كانت أكبر منهم<br />

بكشير،‏ إذ ششاركت فيها بكل قوة جميع القوى الدولية متضضامنة مع الهركة الصهيونية<br />

العالمية التي تمكنت بما تملكه من نفوذ وإمكانات عظيمة في بقاع العالم من تسسيير الٔمور<br />

لصالهها في سسبيل تكوين الدولة اليهودية على أرضض فلسسطين.‏ ولم يسستطع العالم<br />

العربي أو الٕسسلامي أن يوقف الموءامرة على فلسسطين؛ لٔنه هو أيضضاً‏ كان واقعاً‏ تحت<br />

قبضضة النفوذ الاسستعماري بكافة أششكاله ودوله.‏<br />

وهكذا،‏ فَتَهْ‏ تَ‏ الهراب البريطانية قامت حركة هجرة يهودية أدت إلى زيادة أعداد<br />

اليهود في فلسسطين من حوالي ٥٥ ألفاً‏ سسنة ‎١٩١٨‎م إلى حوالي ٦٥٠ ألفاً‏ سسنة ‎١٩٤٨‎م ، ١٩<br />

غير أنهم على الرغم من كل الجهود لم يسستطيعوا أن يضضعوا أيديهم على أكثر من ٦,٧%<br />

من أرضض فلسسطين قبيل اندلاع حرب فلسسطين ‎١٩٤٨-١٩٤٧‎م ، ٢٠ والتي أدت إلى انتصار<br />

القوات اليهودية الصهيونية على الجيوشش العربية،‏ وسسيطرتها على أكثر من ٧٨% من<br />

أرضض فلسسطين،‏ وإنششاء كيانهم الغاصب عليها . ٢١<br />

ومنذ ظهور الخطر الصهيوني والعرب يتنادون إلى تحرير فلسسطين تحت رايات<br />

الاششتراكية والقومية والششيوعية والعلمانية...‏ بينما تتوالى على روءوسسهم الهزاءم...،‏<br />

حتى لجأوا إلى الهلول السسلمية،‏ وقنعوا بالهصول ولو على أجزاء قليلة من أرضض<br />

فلسسطين المباركة...،‏ ولكن أنظمة الهكم لم تتبنَ،‏ ولو لمرة،‏ بششكل جاد الراية الٕسسلامية<br />

والهل الٕسسلامي للقضضية.‏<br />

كالعيسس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول<br />

وعلى الرغم من وجود التيار الٕسسلامي على السساحة الفلسسطينية والعربية،‏ إلا أنه لم<br />

ينجه حتى الٓن في الٕمسساك بدفة التوجيه السسياسسي والجهادي،‏ ولا يكاد يعطى الفرصة<br />

لٔي عمل جاد من ششأنه دفع العمل باتجاه تحرير فلسسطين.‏ ولكن هذا لا ينفي أنه كان لهذا<br />

التيار دوره الراءد،‏ وفق إمكاناته،‏ في مواجهة الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني منذ<br />

١٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

‎١٩١٧‎م وحتى الٓن.‏ وإذا كان لنا أن نتهدش باختصار عن تجربة التيار الٕسسلامي خلال<br />

هذه الفترة،‏ فإننا تسسهيلاً‏ على القارئ الكريم يمكن أن نجعل حديشنا وفق المراحل التالية:‏<br />

أولاً:‏ مرحلة الاحتلال البريطاني ‎١٩٤٨-١٩١٧‎م.‏<br />

ثانياً:‏ مرحلة المد القومي العربي ‎١٩٦٧-١٩٤٨‎م.‏<br />

ثالشاً:‏ مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد الٕسسلامي ‎١٩٨٧-١٩٦٧‎م.‏<br />

رابعاً:‏ مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية ‎١٩٩٦-١٩٨٧‎م.‏<br />

أولاً:‏ مرحلة الاحتلال البريطاني ‎١٩٤٨-١٩١٧‎م:‏<br />

يمكن تقسسيم هذه المرحلة إلى ثلاش مراحل فرعية:‏<br />

١. الفترة ‎١٩٢٩-١٩١٧‎م:‏<br />

وخلالها كان التهرك الٕسسلامي تحركاً‏ فردياً‏ ششعبياً،‏ لم تظهر فيه حركات سسلامية<br />

منظمة ذات منهجية محددة،‏ إلا أن التأثير السسياسسي والاجتماعي للعلماء كان واضضهاً‏<br />

وقوياً،‏ كما أن المششاعر الششعبية الٕسسلامية كانت ما تزال عميقة في نفوسس الششعب<br />

الفلسسطيني،‏ ولا يوجد هناك ما ينافسسها،‏ ولذلك فقد اكتسسب التهرك الششعبي طبيعة<br />

إسسلامية،‏ وتميزت الانتفاضضات التي وقعت في تلك المرحلة إما بطبيعتها الٕسسلامية<br />

الكاملة،‏ وإما بعمق التأثير الٕسسلامي فيها.‏<br />

فانتفاضضة موسسم النبي موسسى في القدسس ‎١٩٢٠/٤/١٠-٤‎م حدثت أثناء احتفالات<br />

المسسلمين بهذا الموسسم الديني،‏ عندما لو َّش أحد اليهود أحد الٔعلام الٕسسلامية لموكب<br />

الخليل،‏ وكان للهاج أمين الهسسيني دور كبير في تأجيج الانتفاضضة.‏<br />

وانتفاضضة يافا في ‎١٩٢١/٥/١٥-١‎م كان من أسسبابها السسلوك الاسستفزازي لليهود<br />

ضضدّ‏ دين وأخلاق وآداب المسسلمين.‏<br />

أما انتفاضضة البراق ‎١٩٢٩/٨/٣٠-١٥‎م فقد كانت انتفاضضة إسسلامية ششملت<br />

معظم مناطق فلسسطين دفاعاً‏ عن الهق الٕسسلامي في حاءط البراق ‏(الهاءط الغربي للمسسجد<br />

الٔقصى)،‏ والذي طالب اليهود بامتلاكه باعتباره حاءط المبكى الذي يقدسسونه،‏ ويصلون<br />

عنده.‏ وكان للهاج أمين الهسسيني،‏ مفتي فلسسطين ورءيسس المجلسس الٕسسلامي الٔعلى،‏<br />

دوره البارز في تنظيم هذه الشورة من خلف السستار وبششكل غير معلن.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وقد ظهر خلال هذه الفترة موءسسسسات إسسلامية كان أبرزها المجلسس الٕسسلامي<br />

الشرعي الٔعلى ‎١٩٢٢‎م برءاسسة الهاج أمين الذي أخذ نجمه السسياسسي والٕسسلامي في<br />

البروز.‏ كما ظهرت هيئات ششعبية أبرزها جمعية الششبان المسسلمين التي كان لها دورها في<br />

الهفاظ على مبادئ الٕسسلام،‏ والتوعية العامة،‏ والمطالبة بهقوق أبناء فلسسطين . ٢٢<br />

٢. الفترة ‎١٩٣٩-١٩٢٩‎م:‏<br />

وخلالها ظهر التهرك الٕسسلامي الجهادي المنظم الذي كانت أبرز نماذجه حركة<br />

الششيخ المجاهد عز الدين القسسام،‏ والتي كان لها أكبر الٔثر في الشورة الكبرى التي عمت<br />

فلسسطين ‎١٩٣٩-١٩٣٦‎م.‏ كما ششهدت نزول الهاج أمين إلى ميدان قيادة الهركة الوطنية<br />

الفلسسطينية بششكل علني ومباشر،‏ حيش فقد مناصبه الرسسمية،‏ وهرب من فلسسطين<br />

سسنة ‎١٩٣٧‎م،‏ وتولى توجيه دفة الشورة الكبرى من لبنان.‏<br />

جماعة القسسام ‏“الجهادية“:‏<br />

الششيخ عز الدين عبد القادر مصطفى القسسام،‏ من مواليد بلدة جبلة قضضاء اللاذقية في<br />

سسورية ‎١٨٨٢‎م،‏ درسس في الٔزهر،‏ وعاد ليكون أحد دعاة الٕسسلام النششيطين في بلدته في<br />

سسورية،‏ كان من قادة الشورة السسورية ضضدّ‏ الفرنسسيين خلال الفترة ‎١٩٢٠-١٩١٨‎م،‏<br />

وقد هرب إلى فلسسطين بعد توقفها،‏ واسستقر في حيفا.‏<br />

عرف الششيخ القسسام بتقواه وورعه،‏ وذكاءه،‏ وسسعة علمه،‏ وكان سسلفي العقيدة،‏<br />

محارباً‏ للانهرافات والبدع،‏ قدوة في سسلوكه وما يدعو إليه.‏ وكان القسسام ششجاعاً‏ جريئاً،‏<br />

ومن أكثر العلماء توقاً‏ للجهاد،‏ قال يوماً‏ وهو على المنبر يخطب ‏“رأيت ششباناً‏ يهملون<br />

المكانسس لكنسس الششوارع،‏ هوءلاء مدعوون لهمل البنادق،‏ ورأيت ششباناً‏ يهملون الفرششاة<br />

لمسسه أحذية الٔجانب،‏ هوءلاء مدعوون لهمل المسسدسسات لقتل هوءلاء الٔجانب“.‏<br />

ولقد كان القسسام متفاعلاً‏ مع الواقع،‏ ذا ششخصية اجتماعية منفتهة محببة،‏ تحمل<br />

هموم الناسس،‏ وتششاركهم أفراحهم وأتراحهم،‏ ولٔنه كان حسسن السسيرة والعشرة،‏<br />

ومحدثاً‏ لبقاً‏ وخطيباً‏ بارعاً،‏ قوي الهجة،‏ ومتواضضعاً‏ بعيداً‏ عن الغرور،‏ فقد كان لذلك<br />

أثره في أن يكون ذا ششعبية كبيرة.‏<br />

وقد جعلته هذه الصفات،‏ فضضلاً‏ عن رصيد تجربته الجهادية،‏ موءهلاً‏ لٔن يكون<br />

موءسسسساً‏ لتنظيم جهادي قوي له دوره المهم في تاريخ فلسسطين الهديش المعاصر . ٢٣<br />

١٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

تعود نششأة جماعة القسسام إلى ‎١٩٢٥‎م عندما ابتدأ‏ الششيخ عز الدين القسسام في إنششاء<br />

تنظيم جهادي سري،‏ يسستمد ُّ فهمه ومنهجه من الٕسسلام،‏ ويعدّ‏ الجهاد طريقاً‏ وحيداً‏<br />

لٕنقاذ فلسسطين . ٢٤ وقد اعتبر إميل الغوري هذا التنظيم ‏“أخطر منظمة سرية،‏ وأعظم<br />

حركة فداءية عرفها تاريخ الهركة الوطنية الفلسسطينية،‏ بل تاريخ الجهاد العربي<br />

الهديش”‏ . ٢٥ وقد أطلق على هذا التنظيم اسسم ‏“المنظمة الجهادية”‏ ، ٢٦ ولكن غلب عليه بعد<br />

اسستششهاد القسسام اسسم جماعة القسسام أو القسساميون ، ٢٧ وكان ششعار التنظيم ‏“هذا جهاد..‏<br />

نصر أو اسستششهاد”‏ . ٢٨<br />

وكانت جماعة القسسام لا تقبل أي عضضو إلا بعد انتقاء وتمهيص،‏ ولا يدخل في<br />

عضضويتها إلا من كان ‏“موءمناً‏ مسستعداً‏ أن يموت في سسبيل بلاده”ومن أهل الدين والعقيدة<br />

الصهيهة ، ٢٩ وقد اسستفاد القسسام من وظيفته كإمام وخطيب لمسسجد الاسستقلال في حيفا<br />

منذ ‎١٩٢٥‎م،‏ وكمأذون شرعي منذ ‎١٩٣٠‎م في الاتصال بالناسس،‏ وانتقاء العناصر<br />

المناسسبة لجماعته.‏ كما اسستفاد من رءاسسته لفرع جمعية الششبان المسسلمين في حيفا كغطاء<br />

مقبول لهركته ونششاطه وزياراته للقرى،‏ وإنششاء فروع لهذه الجمعية في اللواء الششمالي،‏<br />

والتي أصبهت غطاءً‏ مناسسباً‏ لٕخوانه المجاهدين المهليين . ٣٠ وتششكلت القيادة الٔولى<br />

للتنظيم القسسامي سسنة ‎١٩٢٨‎م وضضمت بالٕضضافة إلى رءيسسها القسسام كلاً‏ من العبد<br />

قاسسم ومحمود زعرورة ومحمد الصاله الهمد وخليل محمد عيسسى.‏ وكان مركزها<br />

حيفا،‏ وكانت القيادة جماعية ومسوءولة عن اتخاذ كافة القرارات المهمة ، ٣١ وبلغ عدد<br />

أفراد الجماعة سسنة ‎١٩٣٥‎م حوالي ٢٠٠ منتظم أكثرهم يشرف على حلقات توجيهية<br />

من الٔنصار،‏ الذين يصل عددهم إلى . ٣٢ ٨٠٠<br />

وقد أنششأ‏ تنظيم القسسام خمسس وحدات متخصصة تضضمنت وحدة لشراء السسلاه،‏<br />

ووحدة للتدريب،‏ ووحدة للتجسسسس على اليهود والٕنجليز،‏ وكان أفرادها بششكل عام<br />

ممن يششتغل في داوءر الهكومة وخصوصاً‏ الشرطة،‏ ورابعة للدعاية للشورة،‏ وخامسسة<br />

للاتصالات السسياسسية . ٣٣ أما ماليتها فقد اعتمدت على اششتراكات الٔعضضاء،‏ وتبرعات<br />

الموثوقين ، ٣٤ وكان من منهج التنظيم أن يتدرب جميع أفراده على حمل السسلاه بهيش<br />

يكونون مسستعدين لخوضض معارك الجهاد عند إعلانها،‏ وكان على كل عضضو أن يدبر أمر<br />

تجهيز نفسسه بالسسلاه . ٣٥ ولم يكن حال أغلب الٔعضضاء ميسسورة،‏ إذ كانوا يكدون من أجل<br />

لقمة العيشش،‏ ومع ذلك ‏“فقد منعوا أنفسسهم الخبز من أجل ابتياع السسلاه”ومن أجل أن<br />

يعتمدوا على أنفسسهم في العمل والٕعداد . ٣٦<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

ويبدو أن انتقال جماعة القسسام إلى مرحلة التسسليه والتدريب كان في أواخر<br />

‎١٩٢٨‎م ، ٣٧ وجاءت ثورة البراق في آب/‏ أغسسطسس ‎١٩٢٩‎م لتعزز الاتجاه العسسكري<br />

لدى الجماعة،‏ فأخذ القسسام يسسهم في عملية التدريب بنفسسه،‏ والتي ششملت رحلات ليلية<br />

وحركات اسستطلاعية وتمارين على إصابة الهدف . ٣٨ وعندما أرادت الجماعة أن تعلن عن<br />

نفسسها في تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎١٩٣٥‎م كانت تملك حسسبما ذكر صبهي ياسسين،‏ وهو<br />

أحد أعضضاءها،‏ ألف قطعة سسلاه وقاعدة تسسليه في منطقة اللاذقية . ٣٩<br />

وعلى الرغم من أن جماعة القسسام لم تعلن عن نفسسها إلا في وقت متأخر،‏ إلا أنها<br />

قامت بعدد من العمليات العسسكرية،‏ خصوصاً‏ في الفترة ‎١٩٣٢-١٩٣٠‎م وقد بدت<br />

وكأنها عمليات فردية.‏ يبدو أن هذه العمليات كانت من باب كسر حاجز الخوف لدى<br />

أفراد الجماعة،‏ وجسسّ‏ النبضض وردود الفعل لدى العرب والٕنجليز واليهود،‏ وربما كانت<br />

تعبيراً‏ عن الهماسس والتفاعل مع القضضايا الوطنية،‏ ومحاولة تصعيدها بما يتناسسب<br />

وخطة الٕعداد والتعبئة.‏<br />

وفي تشرين الشاني/‏ نوفمبر ١٩٣٥ أعلنت جماعة القسسام ‏“الجهادية”‏ الجهاد،‏ وقد<br />

توافق ذلك مع الازدياد الهاءل في الهجرة والاسستيطان،‏ وتهريب السسلاه لليهود،‏ واششتداد<br />

المراقبة على القسسام وإخوانه.‏ وتلخصت خطة القسسام في الخروج إلى القرى،‏ وحضضّ‏<br />

الناسس على شراء السسلاه،‏ والاسستعداد للشورة،‏ وحششد العناصر الموءيدة للجماعة . ٤٠<br />

وقد اختفى القسسام وعدد من إخوانه في أواخر تشرين الٔول/‏ أكتوبر بعد أن باع بيته<br />

الوحيد في حيفا،‏ وباع أصهابه حلي زوجاتهم وبعضض أثاش بيوتهم ليوفروا الرصاص‏<br />

والبنادق . ٤١<br />

وبعد فجر يوم ‎١٩٣٥/١١/٢٠‎م طوقت قوات كبيرة من الشرطة تقدر ب ٤٠٠ رجل،‏<br />

معظمهم من الٕنجليز،‏ القسسام وعشرة من إخوانه في أحراشش ‏(يعبد)‏ عند قرية الششيخ<br />

زيد.‏ وقد بدأت المعركة في الخامسسة والنصف صباحاً،‏ واسستمرت أربع سساعات ونصف<br />

السساعة . ٤٢ وعندما لاحظ الششيخ القسسام أن الٕنجليز وضضعوا الشرطة العربية في المقدمة<br />

أوصى رجاله ‏“لا تقتلوا أبناءنا”‏ ، ٤٣ وصاه برجاله على مسسمع من الشرطة العربية<br />

‏“إياكم ومقابلة رصاص‏ الجنود ‏]الشرطة[‏ العرب بمشله فإنهم مسساكين ولا يدرون ماذا<br />

نصنع ولا ما يصنعون،‏ ولكن عليكم بالٕنكليز”‏ . ٤٤ وحسسب المصادر العربية فقد خسر<br />

الٕنجليز ١٥ رجلا‎٤٥ً‎ ، لكن التقارير البريطانية أششارت إلى مقتل شرطي واحد يدعى<br />

١٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

موت Mott وجره العريف ريدر Reader في يده . ٤٦ أما جماعة القسسام فقد اسستششهد في<br />

هذه المعركة الششيخ عز الدين القسسام ويوسسف الزيباوي ومحمد حنفي المصري،‏ وقبضض<br />

على نمر السسعدي وأسسعد المفله اللذين أصيبا بجراه،‏ كما قبضض على عربي بدوي<br />

ومحمد يوسسف وأحمد جابر وحسسن الباير . ٤٧<br />

وقد أحدش مقتل القسسام ورفاقه هزة كبرى في فلسسطين،‏ وخرج في جنازتهم حوالي<br />

٣٠ ألفاً‏ جاوءوا إلى حيفا من مختلف أنهاء فلسسطين.‏ وقد بلغ الهماسس في الجنازة مداه،‏<br />

وترددت صيهات الانتقام،‏ فهاجم المششاركون داءرة الشرطة بالهجارة والطوب،‏<br />

وكسروا زجاج نوافذها،‏ وحطموا باب الداءرة وثلاش سسيارات للشرطة.‏ وعندما حضرت<br />

قوة من الشرطة البريطانية المدججين بالسسلاه ثارت الجموع،‏ ودخلت معهم في صدام،‏<br />

ووقع قاءدهم على الٔرضض،‏ وجره اثنان،‏ وانسسهب البريطانيون بسرعة . ٤٨ ولولا أن<br />

السسلطة سسهبت ‏“عسساكرها”‏ من وجه الجنازة لوقعت الشورة الكبرى في فلسسطين قبل<br />

موعدها بخمسسة أششهر على حدّ‏ تعبير صبهي ياسسين . ٤٩<br />

وقد أحدش مقتل القسسام تغييراً‏ أسساسسياً‏ في مسسار الهركة الوطنية الفلسسطينية،‏ فقد<br />

كرسس بديل الجهاد بعد سسنوات طويلة من الهركة السسياسسية غير المجدية،‏ وألهبت حركته،‏<br />

و”تضضهيته”‏ الهماسس،‏ و”صارت مشلاً‏ راءعاً‏ للجرأة والجهاد العلني ضضدّ‏ الٕنجليز”‏ ، ٥٠<br />

‏“وقامت البلاد وقعدت واهتزت أيما اهتزاز،‏ وزلزلت أيما زلزال،‏ ومن ذلك الهين اششتدت<br />

كراهية العرب لهكومة الانتداب،‏ وأخذت تظهر هذه الكراهية بأششكال عنيفة”‏ . ٥١ وأطلق<br />

ششعب فلسسطين على القسسام اسسم ‏“أبو الوطنية”‏ ، ٥٢ وقد ششعر الزعماء السسياسسيون العرب<br />

في فلسسطين بهدة المأزق الذي وضضعوا فيه،‏ فقد أوضضه المندوب السسامي في رسسالة له إلى<br />

وزير المسستعمرات في ‎١٩٣٥/١٢/٧‎م ما أحدثه مقتل القسسام ورفاقه من أثر كبير.‏ وقال<br />

المندوب:‏ إن زعماء الٔحزاب العربية الخمسسة قد اجتمعوا به يوم ٢٥ تشرين الشاني/‏ نوفمبر<br />

وأخبروه أنهم ما لم يتلقوا على مذكرتهم رداً‏ يمكن اعتباره بششكل عام مرضضياً‏ لمطالبهم<br />

فإنهم ‏“سسيفقدون كل تأثير على أتباعهم،‏ وسستسسود الٓراء المتطرفة واللامسوءولة،‏<br />

وسسيتدهور الوضضع السسياسسي بسرعة”‏ . ٥٣<br />

وهكذا فإن القسسام كان محقاً‏ عندما قال قبل ابتداء المعركة:‏ إنه وإخوانه عبارة عن<br />

عود ثقاب سسيششعل الشورة في البلاد . ٥٤<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

منظمة الجهاد المقدس:‏<br />

ومن الجدير بالذكر،‏ أن تنظيم جماعة القسسام لم يكن هو التنظيم الشوري الوحيد في<br />

النصف الٔول من الشلاثينيات،‏ فقد تششكلت تنظيمات سرية أخرى للغرضض نفسسه،‏ وإن<br />

لم يظهر أثر واضضه لنششاطها في تلك الفترة،‏ ولكنها أسسهمت في تكوين أرضضية مناسسبة<br />

للشورة الكبرى ‎١٩٣٦‎م.‏ فقد تششكلت،‏ حسسبما يذكر أميل الغوري،‏ ‏“منظمة المقاومة<br />

والجهاد”سسنة ‎١٩٣٤‎م برءاسسة عبد القادر الهسسيني،‏ وكان مركزها القدسس،‏ ووصل<br />

أعضاوءها إلى ٤٠٠ عضضو موزعين على ١٧ فرعاً.‏ وأضضاف الغوري أن الهاج أمين الهسسيني<br />

التقى في صيف ‎١٩٣٥‎م عبد القادر وزملاءه المسوءولين ودعاهم لتوحيد جهودهم<br />

مع جهوده السرية التي كان يعدها،‏ وأنه نتيجة ذلك تششكلت ‏“منظمة الجهاد المقدسس”‏<br />

برعاية المفتي وتحت إشرافه . ٥٥<br />

الشورة الفلسسطينية الكبرى:‏<br />

اكتسسبت الشورة الفلسسطينية الكبرى ‏(‏‎١٩٣٩-١٩٣٦‎م)‏ طبيعة إسسلامية واضضهة،‏<br />

فالششعب الفلسسطيني الذي عرف بعمق ارتباطه بالٕسسلام عبر عن ثورته ومششاعره من<br />

خلال الصياغات الٕسسلامية ومفهوم الجهاد.‏<br />

ومن البيانات التي تعبر بعمق عن التوجه الٕسسلامي للشورة،‏ ذلك البيان الذي أصدرته<br />

قيادة الشورة العامة في فلسسطين ‎١٩٣٨‎م،‏ والذي جاء فيه:‏<br />

إن المجاهدين قد باعوا أنفسسهم الله،‏ وخرجوا في طاعته،‏ لم يخرجوا إلا ابتغاء<br />

وجهه،‏ والجهاد في سسبيله والفوز بمشوبته،‏ واكتسساب مرضضاته،‏ لا يرضضون بذلك<br />

بديلاً‏ ولا يبغون عنها حولاً،‏ صدقوا ما عاهدوا االله عليه،‏ فمنهم من قضضى نهبه<br />

ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً،‏ وهم يتسسابقون إلى ميدان الجهاد والششهادة<br />

انتصاراً‏ للهق وإقامة للعدل ودفاعاً‏ عن أمتهم الكريمة وبلادهم المقدسسة،‏ فقد<br />

فارقوا في سسبيل ذلك أهلهم،‏ وتركوا أموالهم،‏ وعطلوا مصالههم.‏<br />

ومن كان هذا حالهم،‏ وكان كل مبتغاهم ثواب الدنيا وحسسن ثواب الٓخرة<br />

مِن االله لا مِن سسواه،‏ حاششا الله أن يفسسدوا في الٔرضض...‏ .<br />

... ونهن ماضضون في هذا السسبيل إن ششاء االله إلى أن يكتب النصر لهذه الٔمة،‏<br />

أو يأتي االله بأمر من عنده چچ چ چ چڇچ چۇ ۆ ۆ ۈ<br />

ۈ ۇٴچ،‏ واالله ولينا وهو نِعم المولى ونِعم النصير . ٥٦<br />

١٤٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وأظهرت دراسسة إحصاءية ٥٧ في بيانات وتقارير الشورة الكبرى ششملت ١٥٤ وثيقة أنه<br />

كان للٕسسلام ورجاله ورموزه النصيب الٔكبر من أسسماء الفصاءل،‏ كما أن طريقة كتابة<br />

البيانات والتقارير العسسكرية تميزت بطابعها الٕسسلامي العام،‏ فهي عادة تبدأ‏ بالبسسملة،‏<br />

وتحتها أحياناً‏ آية چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ وأحياناً‏ چئۆ ئۈ ئۈ ئې ئېئېچ،‏<br />

وإلى جانبها أحياناً‏ ‏“االله أكبر”.‏ وكان قادة الشورة يوقعون بياناتهم بألفاظ ‏“المتوكل على االله”‏<br />

أو ‏“خادم دينه ووطنه”‏ أو ‏“المعتصم باالله”‏ أو ‏“المعتز باالله”،‏ أما الٔختام فكان ختم<br />

ديوان الشورة يتضضمن أعلاه لفظة ‏“االله أكبر”‏ وتحتها هلال بداخله آية چئۆ ئۈ ئۈ<br />

ئې ئېئېچ.‏ أما مناطق العمليات فقد تركزت في ششمال فلسسطين ولواء نابلسس حيش كان<br />

الوجود القسسامي كشيفاً.‏<br />

أما جماعة القسسام فقد كان لها شرف تفجير الشورة في عملية عنبتا - نور الششمسس<br />

في ‎١٩٣٦/٤/١٥‎م والتي قادها القاءد الجديد للجماعة الششيخ فرحان السسعدي.‏ كما كان<br />

لها شرف تفجير المرحلة الشانية من الشورة عندما قامت في ‎١٩٣٧/٩/٢٦‎م باغتيال<br />

لويسس أندروز Lewis Yelland Andrews الهاكم البريطاني لمنطقة الجليل.‏<br />

وأسسهم القسساميون في تنظيم وقيادة الشورة،‏ فششارك ثلاثة منهم ‏(من أصل سستة)‏ في<br />

عضضوية القيادة العسسكرية والتي اختارت في ‎١٩٣٦/٩/٢‎م فوزي القاوقجي قاءداً‏ عاماً‏<br />

للشورة الذي اسستمر في القيادة حتى نهاية المرحلة الٔولى من الشورة في ‎١٩٣٦/١٠/١٢‎م.‏<br />

أما في المرحلة الشانية من الشورة فقد اششتهر عبد الرحيم الهاج محمد،‏ وكان معروفاً‏<br />

بتقواه وتدينه،‏ كقاءد عام للشورة حتى اسستششهد رحمه االله في ‎١٩٣٩/٣/٢٦‎م.‏<br />

وقد تولى قيادة الشورة في ششمال فلسسطين القاءد القسسامي أبو إبراهيم الكبير،‏ وكان<br />

معظم قيادته من الهركة القسسامية ‏(أبو محمود الصفوري،‏ وسسليمان عبد الجبار،‏<br />

وعبد االله الٔصبه،‏ وتوفيق الٕبراهيم،‏ وعبد االله الششاعر...‏ وغيرهم).‏ وفي منطقة لواء<br />

نابلسس المقسسمة لٔربعة أقسسام كان هناك قاءدان قسساميان بارزان هما:‏ الششيخ<br />

عطية أحمد عوضض والذي خلفه في منطقته الششيخ القسسامي يوسسف أبو درة،‏ والششيخ<br />

محمد الصاله الهمد ‏(أبو خالد)‏ والذي خلفه في منطقته الششيخ القسسامي عبد الفتاه محمد<br />

الهاج مصطفى.‏ هذا بالٕضضافة إلى منطقة يقودها عبد الرحيم الهاج محمد،‏ وأخرى يقودها<br />

عارف عبد الرازق.‏<br />

وتولى قيادة منطقة القدسس المجاهد عبد القادر الهسسيني،‏ وقاد منطقة اللد الششيخ<br />

حسسن سسلامة،‏ أما منطقة الخليل فقادها عيسسى البطاط ثم عبد الهليم الجولاني.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وكان للهاج أمين الهسسيني دور راءد في تنظيم وتمويل وتوجيه الشورة بششكل غير<br />

معلن في مرحلتها الٔولى ثم مباشرة في مرحلتها الشانية . ٥٨<br />

وقد هزت هذه الشورة الوجود البريطاني في فلسسطين،‏ واسستطاعت أن تسسيطر على<br />

الريف الفلسسطيني وعدد من المدن،‏ خصوصاً‏ في صيف ١٩٣٨، ونفذت آلاف العمليات<br />

العسسكرية،‏ وأقامت لنفسسها مراكز قيادة ميدانية،‏ ومحاكم تحكم بين الناسس بكتاب االله<br />

وسسنة رسسوله...‏ . ولم تسستطع بريطانيا القضضاء على الشورة إلا بعد أن اسستعانت بسسدسس<br />

جيششها الٕمبراطوري الذي كان يهيمن على عشرات من دول ومناطق العالم بما فيها<br />

القارة الهندية،‏ وبعد أن اسستدعت أفضضل قادتها العسسكريين أمشال ديل Dill وويفل<br />

Wavell وهاينينغ Haining ومونتغمري Montgomery وباركر Parker وغيرهم،‏<br />

وبعد أن أعادت احتلال أرضض فلسسطين جزءاً‏ جزءاً‏ في حرب شرسسة اسستخدمت فيها كافة<br />

الوسساءل والتقنيات العسسكرية المتطورة والطيران والدبابات،‏ فضضلاً‏ عن قمعها العنيف<br />

لكافة أنصار الشورة ‏(كل الفلسسطينيين)‏ المدنيين . ٥٩<br />

٣. الفترة الممتدة بين ‎١٩٤٨-١٩٣٩‎م:‏<br />

مرّ‏ ششعب فلسسطين في هذه الفترة بجو عصيب تبع خروجهم وهم في حالة إنهاك نتيجة<br />

الشورة الكبرى،‏ ودخول العالم في مرحلة الهرب العالمية الشانية،‏ التي انتهت ‎١٩٤٥‎م.‏<br />

كما ششهدت هذه الفترة نمو النفوذ اليهودي الصهيوني العالمي،‏ واتسساع الموءامرة الدولية<br />

على فلسسطين،‏ وتولي الٔنظمة العربية أمر قضضية فلسسطين مع إضضعاف وتهميشش الدور<br />

الفلسسطيني ممشلاً‏ في الهاج أمين والهيئة العربية العليا.‏<br />

ومن ناحية التيار الٕسسلامي فقد ششهدت هذه الفترة ظهور حركة الٕخوان المسسلمين<br />

في فلسسطين،‏ والتي ششاركت بما تملك من جهود ووسساءل محدودة في مواجهة الخطر<br />

الصهيوني والاسستعمار البريطاني.‏<br />

الٕخوان المسسلمون:‏<br />

إن الهديش عن جماعة الٕخوان المسسلمين لا يكتسسب أهميته فقط من دورها الذي<br />

أد َّته في فترة ‎١٩٤٨-١٩٣٩‎م في فلسسطين،‏ وإنما لٔن تيار الٕخوان المسسلمين أصبه هو<br />

التيار الٕسسلامي الرءيسس في أوسساط الفلسسطينيين داخل وخارج الٔرضض المهتلة إلى وقتنا<br />

الهاضر.‏<br />

١٤٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

أسسسس الششيخ حسسن البنا جماعة ‏“الٕخوان المسسلمين”‏ في آذار/‏ مارسس ‎١٩٢٨‎م في مدينة<br />

الٕسسماعيلية بمصر . ٦٠ وقد هدفت هذه الجماعة إلى إحياء معاني الٕسسلام الصهيهة في<br />

النفوسس،‏ والالتزام بتعاليمه عقيدة وسسلوكاً‏ ومنهج حياة،‏ وبناء الفرد المسسلم والٔسرة<br />

المسسلمة والمجتمع المسسلم والدولة المسسلمة،‏ وتخليص‏ البلاد الٕسسلامية من الاسستعمار<br />

بكافة أششكاله،‏ وإقامة الخلافة الٕسسلامية الواحدة على بلاد المسسلمين،‏ والتقدم لسسيادة<br />

وأسستاذية العالم . ٦١ واعتبرت الجماعة نفسسها،‏ وفق المفهوم الششامل للٕسسلام،‏ ‏“دعوة<br />

سسلفية...‏ وطريقة سسنية...‏ وحقيقة صوفية...‏ وهيئة سسياسسية...‏ وجماعة رياضضية...‏<br />

ورابطة علمية ثقافية...‏ وشركة اقتصادية...‏ وفكرة اجتماعية”‏ . ٦٢<br />

بدأ‏ اهتمام جماعة الٕخوان المسسلمين في مصر بفلسسطين مبكراً،‏ غير أنه برز أثناء<br />

الشورة الكبرى ‎١٩٣٩-١٩٣٦‎م عبر الدعاية والٕعلام والمظاهرات وجمع التبرعات.‏<br />

وكانت أولى الٕششارات لما بدأ‏ الٕخوان نشر دعوتهم في فلسسطين في آب/‏ أغسسطسس ‎١٩٣٥‎م،‏<br />

عندما زارها عبد الرحمن السساعاتي ومحمد أسسعد الهكيم،‏ وهناك لقيا ترحيباً‏ من الهاج<br />

أمين،‏ حيش قاما بنشر دعوتهم . ٦٣ وخلال الهرب العالمية الشانية ‏(‏‎١٩٤٥-١٩٣٩‎م)‏<br />

زادت زيارات الٕخوان لفلسسطين،‏ وأخذ عدد من أبناء فلسسطين ينضضمون للٕخوان،‏ غير<br />

أن تششكيل فروع للٕخوان لم يتم،‏ على ما يظهر،‏ إلا بعد انتهاء الهرب،‏ حيش خفت ظروف<br />

القهر والتششديد البريطاني،‏ ونششطت الهركة السسياسسية الفلسسطينية.‏ ويبدو أن أول فروع<br />

الٕخوان إنششاءً‏ كان فرع غزة برءاسسة الهاج ظافر الششوا،‏ ثم تأسسسس فرع يافا برءاسسة<br />

ظافر الدجاني،‏ أما فرع القدسس فقد ششهد حفل افتتاه مميز في ‎١٩٤٦/٥/٥‎م حضره<br />

الزعيم الفلسسطيني جمال الهسسيني،‏ وأنششئ فرع حيفا برءاسسة الششيخ عبد الرحمن مراد،‏<br />

وتتابع إنششاء الفروع في قلقيلية واللد ونابلسس،‏ وطولكرم،‏ والمجدل،‏ وسسلواد،‏ والخليل<br />

حتى زادت الفروع عن عشرين فرعا‎٦٤ً‎ .<br />

وقد نششطت جماعة الٕخوان في فلسسطين في مجالات الدعوة والتربية والتوعية<br />

الٕسسلامية،‏ والتعريف بالخطر الصهيوني،‏ والموءامرة على فلسسطين،‏ والتعبئة للجهاد.‏<br />

ودلت القرارات الصادرة عن موءتمراتهم العامة ‏(حيفا،‏ تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١٩٤٦‎م)،‏<br />

‏(حيفا،‏ تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١٩٤٧‎م)‏ على قوتها ومتابعتها للٔحداش السسياسسية<br />

ومضضمونها الجهادي . ٦٥<br />

ششارك الٕخوان المسسلمون الفلسسطينيون في الجهاد عندما اندلعت حرب<br />

‎١٩٤٨-١٩٤٧‎م،‏ إلا أن حداثة تنظيمهم وعدم نموه واسستقراره بششكل مناسسب وقوي<br />

جعلت مششاركتهم محصورة ضضمن قدراتهم المهدودة وإمكاناتهم المتواضضعة.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

ومع ذلك فقد ششكلت ش‏ ُ عب الٕخوان في فلسسطين قوات غير نظامية منذ بداية الهرب<br />

عملت في أماكن اسستقرارها في الششمال والوسسط تحت القيادات العربية المهلية هناك<br />

‏(التي تتبع جيشش الٕنقاذ أو جيشش الجهاد المقدسس)،‏ وقد قامت بغارات ناجهة على<br />

مسستعمرات اليهود وطرق مواصلاتهم على الرغم من الضضعف الششديد الذي كانت تعانيه<br />

سسواء في التسسليه أو التدريب . ٦٦ ولذلك لا نجد ذكراً‏ رسسمياً‏ لدور الٕخوان في هذه المناطق<br />

بششكل عام،‏ أما في المناطق الجنوبية وخصوصاً‏ غزة وبئر السسبع فقد انضضم العديد من<br />

إخوان فلسسطين إلى قوات الٕخوان ‏(المصرية)‏ الهرة بقيادة كامل الشريف،‏ وششاركوا<br />

بقوة وفاعلية في معارك فلسسطين هناك،‏ ويذكر كامل الشريف أن قوات الٕخوان المصريين<br />

الهرة كان معدل عددها ٢٠٠ مجاهد في مناطق جنوب فلسسطين،‏ وأنه كان يششاركها<br />

الجهاد حوالي ٨٠٠ مجاهد آخر من أبناء فلسسطين تحت قيادتها،‏ حيش إن كشيراً‏ منهم<br />

تأثروا بفكر الٕخوان المسسلمين وأصبهوا منهم . ٦٧<br />

وكانت أنششط ش‏ ُ عب الٕخوان مششاركة في الجهاد ششعبة الٕخوان المسسلمين في يافا،‏ وقد<br />

كان هناك ‏“تنظيم عسسكري سري خاص”‏ ضضمن أعضضاء الٕخوان في يافا،‏ ششارك فيه عدد<br />

محدود من الٕخوان ممن يصلهون لهذا العمل،‏ ولم يكن باقي الٕخوان أعضضاء فيه،‏ أو<br />

يعلمون ششيئاً‏ عنه،‏ وقد ظهر نششاطه الجهادي في بداية الهرب . ٦٨<br />

وعندما تششكلت لجنة قومية في يافا مع بدء الهرب ششارك ضضمن قيادتها ممشل<br />

عن الٕخوان المسسلمين وهو رءيسس الفرع هناك ‏“ظافر راغب الدجاني”،‏ وقد ألفت هذه<br />

اللجنة لجاناً‏ عديدة لتعنى بمختلف الشوءون في المدينة،‏ وقد أسسندت مهمة إدارة اللجنة<br />

الاقتصادية لظافر الدجاني الذي كان يششغل أيضضاً‏ رءاسسة الغرفة التجارية في المدينة . ٦٩<br />

وعندما جاء كامل الشريف إلى منطقة يافا مع سرية من ششباب الجامعات،‏ تولى<br />

هو قيادة مجاهدي الٕخوان حيش تجمع تحت قيادته حوالي مئة مجاهد ، ٧٠ وتولى كامل<br />

الشريف قيادة منطقة في يافا اسسمها ‏“كرم التوت”‏ وتقع بين يافا وتل أبيب،‏ حيش تقع<br />

معارك يومية بين المجاهدين واليهود،‏ كما ششارك الٕخوان المجاهدون في الهجوم على<br />

مسستعمرة بتاه تكفاه،‏ ثم ما لبش كامل الشريف أن انتقل إلى منطقة النقب . ٧١<br />

ويذكر عارف العارف أنه كان للٕخوان المسسلمين في يافا قوات متهركة يبلغ عددها<br />

ثلاثين مجاهداً‏ بقيادة حسسن عبد الفتاه والهاج أحمد دولة،‏ وكان عندهم ثلاثين بندقية<br />

ورششاشش و‎٢‎ سستن،‏ وقد كانوا يهبون لنجدة المواقع كلما دعت الهاجة . ٧٢<br />

١٥١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ويقول يوسسف عميرة:‏ إن الٕخوان تولوا أثناء الهرب الدفاع عن مناطق البصة<br />

وتل الريشش والعجمي والنزهة في يافا،‏ بالٕضضافة إلى المهافظة على الٔمن داخل البلد،‏ كما<br />

يوءكد على الدور المشرف الذي قام به الٕخوان في يافا،‏ حيش كان الالتزام بالٕسسلام من<br />

سسماتهم،‏ وكان الدفاع والقتال عن إيمان باالله . ٧٣<br />

وفي منطقة القدسس ششارك إخوان فلسسطين في القتال مع إخوانهم القادمين من البلاد<br />

العربية،‏ أو مع قوات الجهاد المقدسس.‏<br />

أما الٕخوان المسسلمون المصريون ، ٧٤ ففضضلاً‏ عن دورهم الكبير في التعبئة الٕعلامية<br />

وجمع التبرعات والٔسسلهة،‏ فقد أبدوا اسستعدادهم الجاد قبل بدء المعارك بإرسسال دفعة<br />

أولى من عشرة آلاف مجاهد إلى فلسسطين ‏(وهي أكبر من بعضض الجيوشش العربية)‏ حيش<br />

أبرق بذلك الششيخ البنا إلى جامعة الدول العربية في ‎١٩٤٧/١٠/٩‎م،‏ وتقدم فوراً‏ إلى<br />

الهكومة المصرية بطلب السسماه لفوج من هوءلاء باجتياز الهدود،‏ ولكنها رفضضت.‏ وأخذ<br />

الٕخوان يجهزون المجموعات ويرسسلونها،‏ ولكن الهكومة كانت تضضي ِّق عليهم حتى إنهم<br />

اضضطروا للتهايل ‏(بعمل رحلة علمية إلى سسيناء...)‏ لينطلقوا بعد ذلك إلى فلسسطين.‏<br />

ولما اششتد الضضغط على الهكومة المصرية سسمهت للمتطوعين بالمششاركة في القتال<br />

تحت راية الجامعة العربية حيش تدربوا في معسسكر ‏“هاكسستب”‏ وكان يشرف على<br />

حركة التطوع محمود لبيب وكيل الٕخوان للشوءون العسسكرية،‏ وتألفت ثلاش كتاءب<br />

من المتطوعين يقدر عددها ب ٦٠٠ مقاتل نصفهم تقريباً‏ من الٕخوان المسسلمين،‏ وقد<br />

طبعوا هذه الكتاءب بطابعهم الخاص،‏ وكان أبرز قادة هذه الكتاءب أحمد عبد العزيز<br />

وعبد الجواد طبالة.‏<br />

ولم يكف ‏ِمعسسكر هاكسستب لاسستيعاب المتطوعين،‏ إذ إن المتطوعين كانوا عشرات<br />

الٔضضعاف بالنسسبة للمششاركين،‏ فأرسسل الٕخوان مئة من أفرادهم ليتدربوا في<br />

معسسكر ‏“قطنا”‏ في سسورية،‏ وهم كل ما اسستطاع المركز العام للٕخوان أن يقنع<br />

الهكومة المصرية بقبوله.‏<br />

قام الٕخوان المسسلمون بدور مشرف في حرب فلسسطين اعترف لهم به كل من كتب<br />

عن هذه الهرب،‏ وكان لهم دور مششهود في جنوب فلسسطين في مناطق غزة ورفه وبئر<br />

السسبع،‏ حيش كانوا يهاجمون المسستعمرات،‏ ويقطعون مواصلات اليهود الصهاينة،‏ ومن<br />

أبرز المعارك التي ششاركوا فيها هناك معركة التبة ٨٦ التي يذكر العسسكريون أنها هي التي<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

حفظت قطاع غزة عربياً،‏ ومعركة كفار ديروم،‏ واحتلال مسستعمرة ياد مردخاي وغيرها،‏<br />

كما أسسهموا بدور مهم في تخفيف الهصار عن القوات المصرية المهاصرة في الفالوجا.‏<br />

كما أن للٕخوان المصريين مششاركتهم الفعالة في معارك القدسس وبيت لهم والخليل<br />

وخصوصاً‏ صور باهر،‏ وكان من أبرز المعارك التي ششاركوا فيها في تلك المناطق معركة<br />

رامات راحيل،‏ واسسترجاع مار الياسس،‏ وتدمير برج مسستعمرة تل بيوت قرب بيت لهم،‏<br />

والدفاع عن ‏“تبة اليمن”‏ التي سسمي تبة الٕخوان المسسلمين،‏ نظراً‏ للبطولة التي أبدوها...‏<br />

وغيرها.‏<br />

وقد اسستششهد من إخوان مصر في معارك فلسسطين حوالي مئة،‏ وجره نهو ذلك وأسر<br />

بعضضهم،‏ وكانت وطأة الٕخوان ششديدة على اليهود الصهاينة.‏ وقد سسئل موششيه<br />

ديان Moshe Dayan بعد الهرب بقليل عن السسبب الذي من أجله تجنب اليهود محاربة<br />

المتطوعين في بيت لهم والخليل والقدسس فأجاب ‏“إن الفداءيين يهاربون بعقيدة أقوى<br />

من عقيدتنا...‏ إنهم يريدون أن يسستششهدوا ونهن نريد أن نبني أمة،‏ وقد جربنا قتالهم<br />

فكبدونا خسساءر فادحة...‏ ولذا فنهن نهاول قدر الٕمكان أن نتجنب الاششتباك معهم”.‏<br />

وقام الٕخوان السسوريون ٧٥ بدور مششهود خصوصاً‏ في معارك منطقة القدسس،‏ وقد<br />

تدربت كتيبة الٕخوان السسوريين في ‏“قطنا”‏ ثم سسافرت إلى منطقة القدسس،‏ وقد ششارك من<br />

الٕخوان السسوريين حوالي مئة أخ،‏ بقيادة المراقب العام للٕخوان المسسلمين في سسورية الدكتور<br />

مصطفى السسباعي،‏ وقد اششتركوا ببسسالة في معارك القدسس مشل معركة باب الخليل التي<br />

أصيب فيها ٣٥ منهم بجراه،‏ وكان النصر معقوداً‏ فيها للمجاهدين،‏ ومعركة القسسطل،‏<br />

حيش ششارك فوجٌ‏ منهم فيه عبد القادر الهسسيني،‏ ومعركة الهي القديم في القدسس،‏ ومعركة<br />

القطمون،‏ ونسسف الكنيسس اليهودي الذي اتخذه اليهود مقراً‏ حربياً‏ وغيرها.‏<br />

وقد تفاعل الٔردنيون ، ٧٦ مع حرب فلسسطين،‏ وششكل الٕخوان المسسلمون هناك لجنة<br />

لجمع التبرعات والمسساعدات،‏ كما فتهوا باب التطوع للمششاركة في الجهاد،‏ وكان تجاوب<br />

الناسس راءعاً،‏ فيذكر الٔسستاذ محمد عبد الرحمن خليفة أنه عندما فته باب التطوع في ششعبة<br />

السسلط سسج َّ ل أكثر من ثلاثة آلاف ششخص‏ أنفسسهم.‏<br />

وتكونت من إخوان منطقة عمّان وما حولها سرية متطوعين تضضم نهو ١٢٠ مجاهداً‏<br />

من الٕخوان المسسلمين،‏ وسسميت باسسم سرية أبي عبيدة،‏ وقد تولى قيادتها التنظيمية<br />

١٥٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الٕخوانية الهاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للٕخوان المسسلمين في الٔردن في تلك<br />

الفترة،‏ أما قيادتها العسسكرية فقد تولاها الملازم المتقاعد ممدوه الصرايرة،‏ وقد دخلت<br />

فلسسطين في ‎١٩٤٨/٤/١٤‎م وتمركزت في عين كارم وصور باهر.‏ وقد خاضضت هذه<br />

السرية عدة معارك واسستششهد عدد من أفرادها مشل سسالم المسسلم وبششير سسلطان.‏<br />

وفي إربد تولى مسوءول ششعبة الٕخوان هناك السسيد أحمد محمد الخطيب قيادة الٕخوان<br />

فيها في حرب فلسسطين،‏ وبلغ مجموع من ششارك معه في الجهاد من إخوان إربد وأهلها<br />

المتطوعين حوالي مئة مجاهد بهيش كان يششترك في المعركة الواحدة من ٢٠-٢٥ مجاهداً.‏<br />

أما في العراق فبعد أسسبوع واحد من قرار التقسسيم أسسهم الٕخوان المسسلمون في<br />

العراق ٧٧ بقيادة الششيخ محمد محمود الصواف بششكل فعال في تأليف ‏“جمعية إنقاذ<br />

فلسسطين”‏ في بغداد،‏ ولقد لبى نداء التطوع ١٥ ألفاً‏ معظمهم ممن تدرب في الجندية أو<br />

الشرطة،‏ وكان للٕخوان المسسلمين في تلك الفترة دور أسساسس في تعبئة الجماهير للجهاد،‏<br />

وكانوا على رأسس المظاهرات التي خرجت للتنديد بقرار تقسسيم فلسسطين والتي اششترك<br />

فيها ٢٠٠ ألف عراقي في بغداد.‏<br />

وتألف من المتطوعين للجهاد فوجا الهسسين والقادسسية وسرية المغاوير وغيرها،‏<br />

وكلما تدرب فريق منهم كانت الجمعية ترسسله إلى اللجنة العسسكرية في دمششق.‏ وفي<br />

‎١٩٤٨/١/٧‎م وصلت أول سرية مغاوير إلى دمششق،‏ وبعد أسسبوع وصل فوجان آخران<br />

مع السسلاه والعتاد،‏ وبينما كانت الجمعية تسستعد لٕرسسال فوج جديد تلقت إنذاراً‏ من<br />

اللجنة العسسكرية بأن تكف َّ عن إرسسال المتطوعين حتى إششعار آخر!!‏ كما أششار صاله<br />

جبر ‏(بعد أن وقع معاهدة بورتسسموش (Portsmouth treaty of 1948 بعدم إرسسال<br />

أكثر من ٥٠٠ متطوع،‏ كما أن طه الهاششمي قال لرءيسس الجميعة:‏ ‏“إذا أرسسلتم مدداً‏ آخر<br />

من المتطوعين أعدتهم إلى بغداد على نفقة الجمعية!!”‏ فاكتفت الجمعية بعد ذلك بإرسسال<br />

التبرعات،‏ وقد كان الٕخوان من أبرز وأنششط عناصر هذه الجمعية،‏ وقد وصلت كتيبتا<br />

‏“الهسسين”و”القادسسية”‏ من متطوعي العراق ‏(كل واحدة تتكون من ٣٦٠ مقاتلاً)‏ إلى<br />

فلسسطين في آذار/‏ مارسس ‎١٩٤٨‎م.‏<br />

كما ششارك ضضمن الٔفواج التي ذهبت للجهاد الكشير من ‏“إخوان”‏ العراق الذين<br />

قاتلوا ضضمن قوات جيشش الٕنقاذ،‏ ورأوا الكشير من تخاذل وضضعف وسسوء إدارة قيادته،‏<br />

وعلى رأسسه فوزي القاوقجي،‏ إلا أنهم بذلوا ما اسستطاعوا في المعارك التي ششاركوا فيها<br />

خصوصاً‏ في ششمال فلسسطين.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

القسساميون سسنة ‎١٩٤٨‎م:‏<br />

عندما أعلنت الهرب ‎١٩٤٨-١٩٤٧‎م عاد القسساميون ٧٨ للمششاركة في ميادين الجهاد<br />

من جديد،‏ وقد عمل معظمهم تحت توجيه الهاج أمين الهسسيني ضضمن جيشش الجهاد<br />

المقدسس،‏ أو مع جيشش الٕنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي.‏<br />

وقد ظلّ‏ القسساميون يعملون بالذات في مناطق الششمال كأبي إبراهيم الكبير<br />

وأبي إبراهيم الصغير،‏ وأبي محمود الصفوري،‏ وسرور برهم،‏ ولكن هذه المرة لم<br />

يكونوا هم القيادات الموجهة المسسيطرة المهركة للوضضع،‏ وإنما كانوا تابعين لقيادات أعلى،‏<br />

كشيراً‏ ما وضضعتهم في ظروف صعبة،‏ بهيش لم يتمكنوا من أداء واجبهم كما يشاوءون.‏<br />

ششارك أبو إبراهيم الكبير ضضمن قيادة فوج اليرموك الشاني التابع لجيشش الٕنقاذ،‏<br />

والذي كان يتولى قيادته أديب الششيششكلي.‏ وقد قاد أبو إبراهيم ضضمن أعمال هذا الفوج<br />

‏“معركة جدين”‏ في الششمال،‏ وبلغت خسساءر اليهود ١٢٠ قتيلاً‏ وجريهاً،‏ واسستششهد من<br />

العرب تسسعة وجره سستة.‏<br />

وتولى أبو إبراهيم الصغير العمل في منطقة الناصرة،‏ وكان تحت إمرته ٢٠٠ مسسله،‏<br />

وكان يتبع في عمله جيشش الجهاد المقدسس بقيادة عبد القادر الهسسيني وتوجيه ورعاية<br />

الهاج أمين الهسسيني.‏ كما أبلى أبو محمود الصفوري بلاءً‏ حسسناً‏ في معارك الششمال،‏<br />

وتولى الدفاع عن بلدة ششفا عمرو مع خمسسين جندياً‏ من قوات الجهاد المقدسس،‏ واسستششهد<br />

سرور برهم الذي تولى مسوءولية مسساعد قاءد حامية حيفا عندما حوصر وعدد من<br />

إخوانه المجاهدين فرفضض التسسليم وفجر السسيارة التي تحمل الذخيرة،‏ مما أدى لمقتل<br />

أكثر من خمسسين يهودياً‏ واسستششهاد ١٤ مجاهداً‏ منهم سرور برهم نفسسه.‏<br />

قوات الجهاد المقدس:‏<br />

أما قوات الجهاد المقدسس ٧٩ التي تولى قيادتها عبد القادر الهسسيني ورعاها الهاج أمين<br />

فقد جندت في صفوفها أعداداً‏ كبيرة من أهل فلسسطين،‏ وخاضضت معارك مهمة وعديدة في<br />

مناطق فلسسطين،‏ وخصوصاً‏ في منطقة القدسس مشل عمليات ششارع بن يهودا،‏ والبالسستاين<br />

بوسست،‏ وهاسسوليل،‏ والمنتفيوري،‏ والوكالة اليهودية...‏ .<br />

ومن أششهر المعارك التي خاضضتها قوات الجهاد المقدسس معركة القسسطل،‏ وكان<br />

عبد القادر الهسسيني قد طلب مسساعدة اللجنة العسسكرية للجامعة العربية بالسسلاه<br />

لاسسترداد القسسطل دونما فاءدة فخرج من عند رءيسسها وهو يقول بصوت مرتفع:‏ ‏“أنتم<br />

١٥٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

خاءنون...‏ أنتم مجرمون،‏ سسيسسجل التاريخ أنكم أضضعتم فلسسطين،‏ سسأحتل القسسطل<br />

وسسأموت أنا وجميع إخواني المجاهدين”...،‏ وغادر المكان وهو يقول لصديقه قاسسم<br />

الريماوي ‏“هيا نرجع إلى فلسسطين كي نموت فيها الميتة التي وضضعناها نصب أعيننا،‏<br />

هيا نسستششهد أو ننتصر على الٔعداء،‏ ولنذكر قوله تعالى چى ى ئا ئا ئە<br />

ئە ئو ئو ئۇئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ئى<br />

ئى ی یچ”.‏ وفي ‎١٩٤٨/٤/٨‎م انتصر عبد القادر ورفاقه في معركة القسسطل<br />

وحرروها،‏ بعد أن قتلوا حوالي ٣٥٠ يهودياً،‏ واسستششهد قاءد قوات الجهاد المقدسس<br />

عبد القادر الهسسيني في هذه المعركة...‏ .<br />

الهاج أمين الهسسيني:‏<br />

٨٠<br />

وقبل أن نطوي صفهة الاحتلال البريطاني لا بدّ‏ من وقفة مع الهاج أمين الهسسيني<br />

الذي كان من أبرز ششخصيات التيار الٕسسلامي ‏(‏‎١٩٤٨-١٩١٧‎م)،‏ والذي يرجع نسسبه<br />

إلى إحدى أكبر عاءلات فلسسطين وأكثرها نفوذاً،‏ وقد تولى منصب المفتي الٔكبر<br />

‏(مفتي القدسس)،‏ ثم تولى رءاسسة المجلسس الٕسسلامي الٔعلى،‏ وأخذ يبرز ششيئاً‏ فششيئاً‏ حتى<br />

صار الششخصية الٔولى في فلسسطين،‏ وخصوصاً‏ في مرحلة الشلاثينيات والٔربعينيات.‏<br />

وقد أكسسب البعد الٕسسلامي الواضضه في ششخصيته قضضية فلسسطين بعداً‏ إسسلامياً‏ عالمياً،‏<br />

وأسسهم إلى حد ٍّ كبير في الدعاية للقضضية الفلسسطينية في العالم الٕسسلامي،‏ كما أثر عبر<br />

المجلسس الٕسسلامي الٔعلى في اسستخدام منابر المسساجد لخدمة القضضية وتوعية الناسس،‏<br />

ومواجهة اليهود الصهاينة والاسستعمار البريطاني،‏ وكانت المسساجد في تلك الفترة منابر<br />

إششعاع وطنية ومراكز تجميع وانطلاق ششعبي للتظاهرات والشورات الفلسسطينية.‏<br />

وقد بلغ الهاج أمين أوج زعامته الٕسسلامية عندما رأسس الموءتمر الٕسسلامي العام لسسنة<br />

‎١٩٣١‎م،‏ والذي ششارك فيه ٢٢ بلداً‏ إسسلامياً،‏ إلا أن تأثيره في أحداش فلسسطين ما لبش<br />

أن ضضعف بعد الهرب العالمية الشانية عندما تولت الدول العربية الٔمر وأخذت تتجاوزه<br />

وتتجاهله،‏ وتصطدم به فيما يتعلق بقضضية فلسسطين حتى نهاية الهرب ‎١٩٤٨‎م.‏<br />

وكان لارتباط الهاج أمين بالمنصب ‏(‏‎١٩٣٧-١٩٢٠‎م)‏ أثره في حصر تحركه المعلن<br />

ضضمن إطار لا ترفضضه السسلطات البريطانية،‏ ونتيجة لذلك أخذ الجانب الٕعلامي والدعاءي<br />

والاجتماعي والسسياسسي القسسط الٔكبر من نششاطه بهيش كان يمكن أن يبذل جهداً‏<br />

مضضاعفاً‏ في الجانب العسسكري والجهادي لو تخلى عن المنصب.‏ ثم إن زعامته لجميع أهل<br />

فلسسطين بمختلف اتجاهاتهم وطواءفهم جعلته يعطي مرونة أكبر في اسستيعابه لجميع<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

الٔطراف،‏ مما أثر بششكل سسلبي على وجود منهجية إسسلامية حركية جهادية تعتمد<br />

التربية والتركيز في أعماله.‏<br />

وإذا كانت العديد من الدلاءل تششير إلى دور أسساسسي،‏ غير معلن،‏ للهاج أمين في تنظيم<br />

وتنفيذ بعضض الانتفاضضات،‏ وإنششاء التنظيمات السرية الجهادية،‏ فإن دوره الجهادي<br />

المعلن قد برز في المرحلة التالية من الشورة الكبرى وما تلاها،‏ وكان رءيسساً‏ للهيئة العربية<br />

العليا التي تششكلت سسنة ‎١٩٤٦‎م كممشل لعرب فلسسطين،‏ وأسسهمت وفق إمكاناتها<br />

المهدودة في الدفاع عن أرضض فلسسطين.‏<br />

ثانياً:‏ مرحلة المد القومي العربي ‎١٩٦٧-١٩٤٩‎م:‏<br />

ششهدت هذه المرحلة غلبة الفكر القومي العربي ونمو الاتجاه الاششتراكي على السساحة<br />

العربية،‏ وبرز دور مصر في عهد عبد الناصر فيما يتعلق بفلسسطين،‏ بينما لم تكن الهوية<br />

الوطنية الفلسسطينية قوية بما يكفي لبروزها وانتششارها.‏ أما التيار الٕسسلامي فقد عانى<br />

كشيراً‏ من الهرب والتضضييق،‏ خصوصاً‏ في مصر وانهسر دوره السسياسسي والششعبي في<br />

البلاد العربية،‏ وششهدت هذه المرحلة أفول نجم الهاج أمين الهسسيني،‏ وإنششاء منظمة<br />

التهرير الفلسسطينية ‎١٩٦٤‎م.‏ وانتهت المرحلة بهزيمة الجيوشش العربية في حرب ‎١٩٦٧‎م<br />

وفقدان باقي فلسسطين والجولان وسسيناء،‏ مما أدى إلى صدمة كبيرة في العالم العربي،‏<br />

واهتزاز الشقة بالٔفكار القومية والاششتراكية وبالٔنظمة العربية.‏<br />

التيار الٕسسلامي في الضضفة والقطاع:‏<br />

ومن ناحية التيار الٕسسلامي الفلسسطيني،‏ فبعد انتهاء حرب ‎١٩٤٨‎م وبداية<br />

الخمسسينيات،‏ كان الٕخوان المسسلمون يزدادون قوة ونفوذاً،‏ خصوصاً‏ في قطاع غزة.‏ وفي<br />

القطاع أصبه الششيخ عمر صوان،‏ رءيسس المكتب الٕداري في غزة،‏ وكان للٕخوان في غزة<br />

أربع ششعب:‏ ششعبة تتبع المكتب الٕداري،‏ وششعبة في ‏“الرمال”‏ وششعبة في ‏“حارة الزيتون”،‏<br />

وششعبة في ‏“حارة الدرج”،‏ كما كانت هناك ششعب للٕخوان في خان يونسس ورفه وششعب<br />

مصغرة في معسسكري البريج والنصيرات،‏ وكان من نواب هذه الششعب أعضضاء في المكتب<br />

الٕداري للٕخوان في منطقة غزة ، ٨١ وأصبه عدد الفروع حوالي ١١ فرعا‎٨٢ً‎ ، وخلال الفترة<br />

‎١٩٥٥-١٩٤٩‎م كان الٕخوان أقوى الٔحزاب والظاهرة السسياسسية الٔولى في القطاع . ٨٣<br />

قام الٕخوان في القطاع بتبني التدريب وتششجيعه وبالعمل العسسكري ضضدّ‏ الكيان<br />

الٕسراءيلي،‏ وتحت إشراف الضضابط المصري الٕخواني عبد المنعم عبد الروءوف<br />

١٥٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

‏(أحد ضضباط ثورة تموز/‏ يوليو ‎١٩٥٢‎م البارزين)‏ تمّ‏ تجنيد وتدريب الكشيرين.‏ وقد<br />

قام الٕخوان بزرع الٔلغام في وسساءل النقل المدنية والعسسكرية الٕسراءيلية،‏ ونسسف عدد<br />

من المنششآت،‏ وتخريب خطوط المياه والكهرباء،‏ وقد كان لهذه العمليات أثرها في انفجار<br />

الموقف على الهدود بين الٔرضض المهتلة والقطاع على نطاق واسسع...‏ وأدت ردود الفعل<br />

الٕسراءيلية المتغطرسسة والقصف العششواءي الوحششي إلى إدخال أعداد كبيرة من الهرسس<br />

الوطني المصري،‏ وإلى تنظيم عمليات فداءية يقوم بها الفلسسطينيون داخل الٔرضض المهتلة<br />

برعاية السسلطات المصرية وبإشراف ضضابط المخابرات مصطفى حافظ.‏<br />

ومن جهة أخرى،‏ ومع تعرضض الٕخوان لتضضييق السسلطات المصرية فقد قامت<br />

باعتقال خليل الوزير ‏“أبو جهاد”‏ الذي كان من أنششط العناصر الٕخوانية العسسكرية،‏<br />

ولقي من التعذيب أهوالاً‏ في إدارة المباحش في سرايا غزة،‏ وأفرج عنه بكفالة بعد أسسبوع،‏<br />

وكان ما يزال طالباً‏ في المرحلة الشانوية.‏<br />

أسسهمت عمليات الٕخوان العسسكرية في القطاع في إفششال مشروع توطين اللاجئين في<br />

سسيناء،‏ الذي كانت قد وافقت عليه حكومة الشورة المصرية،‏ ذلك أن كل عملية جهادية<br />

كان يعقبها انتقام إسراءيلي،‏ مما أحرج الهكومة المصرية،‏ ودفعها إلى إنششاء الكتيبة<br />

الفلسسطينية.‏ وحتى بعد حظر نششاط الٕخوان في القطاع وتعرضضهم للمطاردة اسستمروا<br />

في عملهم الجهادي السري،‏ وششكلوا سسلسسلة من المجموعات الجهادية للعمل المسسله مشل<br />

ششباب الشأر وكتيبة الهق...‏ وكان لهم دورهم في مقاومة الاحتلال الٕسراءيلي للقطاع<br />

تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎١٩٥٦‎م - آذار/‏ مارسس ‎١٩٥٧‎م،‏ وتحت الاحتلال نظم الٕخوان<br />

إضراباً‏ نجه على نطاق واسسع،‏ وقبضض الصهاينة على عدد من الٕخوان الذين ظلّوا في<br />

السسجن حتى انسسهاب الصهاينة من القطاع.‏<br />

غير أن ظروف مطاردة النظام الهاكم في مصر للٕخوان واعتقالهم،‏ والٕفسساه لنششاط<br />

الهركات القومية والاششتراكية،‏ فضضلاً‏ عن هجرة العديد من كفاءات ورموز الٕخوان إلى<br />

الخارج،‏ وخصوصاً‏ الخليج للعمل،‏ كل ذلك أضضعف من قوة حركة الٕخوان في القطاع،‏<br />

وهم َّشش دورها خصوصاً‏ منذ أواخر الخمسسينيات وحتى ‎١٩٦٧‎م . ٨٤<br />

وفي الضضفة الغربية،‏ التي ض‏ ُ مت إلى الٔردن،‏ تابع الٕخوان نششاطهم الذي حافظ على<br />

لافتته الرسسمية،‏ وأنششأوا فروعاً‏ جديدة لهم في الخليل وبيت لهم وجنين وقلقيلية وعنبتا<br />

ودورا وصوريف وصور باهر وطوباسس وكفر برقة وأريها،‏ وبعضض مخيمات اللاجئين<br />

مشل عقبة جبر قرب أريها والعروب قرب بيت لهم . ٨٥<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

ويذكر عبد العزيز علي أن كامل الشريف اسستدعاه من مصر إلى القدسس لتدريب<br />

الٕخوان في القدسس على العمل العسسكري الفداءي،‏ وكان الشريف يتولى الٕشراف على<br />

الموءتمر الٕسسلامي في القدسس بعد ذهاب سسعيد رمضضان،‏ وخرج عبد العزيز علي من مصر<br />

في ‎١٩٥٤/٧/٢١‎م بعد أن اسستأذن من الٕخوان هناك فسسمهوا له.‏ وفي القدسس قام بتدريب<br />

عدة دفعات بأعداد لا بأسس بها من الٕخوان،‏ بعلم ورضضا الٕخوان،‏ وقاموا بعمليات ضضدّ‏<br />

الكيان الٕسراءيلي،‏ وقد اسستمر عبد العزيز علي في العمل والتدريب حتى حصلت الضربة<br />

الشانية للٕخوان في مصر في كانون الٔول/‏ ديسسمبر ‎١٩٥٤‎م حيش غادر إلى سسورية . ٨٦<br />

الٕخوان المسسلمون وإنششاء حركة فته:‏<br />

نقف هنا لنششير إلى مششاركة الٕخوان في تأسسيسس حركة التهرير الوطني الفلسسطيني<br />

‏(فته)‏ إذ تششير الدلاءل أن فته قد نششأت ‏(أواخر ‎١٩٥٧‎م)‏ في أحضضان حركة الٕخوان،‏<br />

وأن الٕخوان كانوا يعدّونها جزءاً‏ منهم أو على الٔقل رصيداً‏ لهم.‏ ويذكر أحد المصادر<br />

الٕخوانية أن المجموعة القيادية الٔولى لفته كانت تتكون من خمسسة أششخاص،‏ واحد<br />

منهم يقيم في السسعودية هو عبد الفتاه حمود وهو من الٕخوان،‏ وأربعة يقيمون في<br />

الكويت وهم أبو جهاد خليل الوزير،‏ ويوسسف عميرة،‏ وسسليمان حمد،‏ وهوءلاء كلهم<br />

كانوا من الٕخوان،‏ وأبو عمار ياسر عرفات الذي كان مقرباً‏ من الٕخوان،‏ وإن لم يكن<br />

عضضواً‏ من الٔعضضاء،‏ وقد كان لٔبي عمار من الهمة والنششاط والذكاء ما جعلهم يولونه<br />

قيادة الهركة . ٨٧<br />

ويذكر آلان هارت ،Alan Hart الذي اسستقى معلوماته من مصادر فتهاوية قديمة،‏<br />

ومنها عرفات وأبو جهاد،‏ أن أول خلية سرية لفته تششكلت من خمسسة هم:‏ أبو جهاد<br />

وياسر عرفات وعادل كريم ويوسسف عميرة،‏ أما الخامسس فاسسمه ششديد.‏ وينسسب هارت<br />

نششأة فته إلى أواخر ‎١٩٥٧‎م في الكويت . ٨٨<br />

ويرى صلاه خلف ‏“أبو إياد”‏ أن تأسسيسس فته تمّ‏ في ‎١٩٥٩/١٠/١٠‎م عندما اجتمعت<br />

‏“مجموعة صغيرة منا”‏ في الكويت لصياغة الششكل التنظيمي لفته.‏ أما خالد الهسسن<br />

فيوءرخ الششكل النهاءي لتوحيد فته تحت قيادة مركزية في ‎١٩٦٢‎م،‏ ويقول:‏ إن ما<br />

سسبق ذلك التاريخ هو تطوير مجموعات محلية مسستقلة،‏ وأنهم اكتششفوا أنه أينما كان<br />

تجمع للفلسسطينيين خلال ‎١٩٦٢-١٩٥٨‎م فقد كانت هناك حركة فلسسطينية فكان هاني<br />

الهسسن يششكل مجموعة في ألمانيا وحمدان في النمسسا وكوكبان في إسسبانيا وعبد الفتاه<br />

حمود في السسعودية،‏ وأبو مازن وأبو يوسسف في قطر،‏ ‏“وكنا نششكل مجموعة في الكويت”،‏<br />

١٥٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وكان هناك آخرون في العراق وغزة ودمششق.‏ ويضضيف خالد الهسسن أن مجموعة الكويت<br />

كانت الوحيدة التي لديها مجلة ‏“فلسسطيننا”‏ التي تصدر في لبنان،‏ ومن خلالها أصبهوا<br />

معروفين للٓخرين قبل غيرهم،‏ وأنهم بعد ذلك اسستطاعوا روءية بعضضهم بعضضاً،‏ وأخيراً‏<br />

في ‎١٩٦٢‎م اجتمعوا في الكويت وتوحد الجميع تحت فته،‏ غير أن خالد الهسسن يششير إلى<br />

أن أول من بدأ‏ حركة فته هو خليل الوزير . ٨٩<br />

وعلى أي حال،‏ فإن هارت لا يذكر الششخص‏ أو المصدر الذي اسستقى منه معلوماته<br />

حول الٔسسماء الخمسسة لٔول خلية لفته،‏ وإن كان مجمل الصياغة السسابقة لكتابة المعلومة<br />

توحي بأن المصدر هو أبو جهاد.‏ أما القراءة الدقيقة لما ذكره أبو إياد وخالد الهسسن فلا<br />

تعطي تأكيداً‏ بأنهما كانا من أواءل الموءسسسسين أو من أول قيادة لفته في الكويت.‏ مع الٕششارة<br />

إلى أن هارت ذكر أن أبا إياد وخالد الهسسن وهاني الهسسن انضضموا إلى فته ‎١٩٦٣‎م . ٩٠<br />

وربما أمكن حلّ‏ التعارضض بين ما ذكره هارت وما ذكره الٔسستاذ سسليمان حمد من<br />

أن أول خلية لفته ليسست بالضرورة أول قيادة لفته،‏ إذ إن تششكيل القيادة ربما سسبقه<br />

تششكيل عدد من الخلايا التي اختيرت منها القيادة.‏<br />

وحسسب الدكتور عبد االله أبو عزة فإن خليل الوزير قدم تصوراً‏ للٕخوان في القطاع<br />

سسلمه إلى الٔسستاذ هاني بسسيسسو يقضضي بإنششاء تنظيم خاص‏ لا يهمل لوناً‏ إسسلامياً‏ في<br />

مظهره،‏ وإنما يهمل ششعار تحرير فلسسطين عن طريق الكفاه المسسله،‏ ونوهت المذكرة<br />

التي قدمها الوزير بأن هذا التنظيم سسوف يفته الٔبواب المغلقة بين الٕخوان والجماهير،‏<br />

ويفك الهصار الناصري عنهم ويبقي قضضية فلسسطين حية،‏ ويجبر الدول العربية على<br />

خوضض الهرب.‏ ولما لم يسستجب الٕخوان المسوءولون لهذا التصور،‏ قام عدد من الٕخوان<br />

ذوي المكانة والاحترام بين القواعد،‏ ممن اقتنعوا بهذا التصور،‏ بدعوة إخوانهم الٓخرين<br />

للانضضمام للهركة وكان من هوءلاء الدعاة سسعيد المزين ‏(أبو هششام)‏ وغالب الوزير،‏<br />

وانضضم لهم عدد من الٕخوان المرموقين في ذلك الوقت مشل سسليم الزعنون،‏ وصلاه خلف<br />

وأسسعد الصفطاوي.‏ ولٔن دعاة الهركة الجديدة من الٕخوان ومعظم قادتها ششخصيات<br />

إخوانية معروفة لا يششك في سسابقتها وإخلاصها وولاءها،‏ فقد سسهل عليهم ذلك تجنيد<br />

أفراد ممتازين كشيرين من الٕخوان،‏ وقد أسسهم في ذلك أن الٕخوان أنفسسهم لم يهسسموا<br />

أمرهم مع فته إلا بعد حوالي خمسس سسنوات كانت كافية لٔن يفقدوا عدداً‏ من أفضضل<br />

عناصرهم،‏ كما أن الٕخوان الذين دخلوا فته لم يعلنوا انسسهابهم من الٕخوان،‏ وإنما<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

انكمششوا أو انقطعوا عن المششاركة،‏ بينما اسستمر بعضضهم في المششاركة المزدوجة بين<br />

الطرفين مشل أبو يوسسف محمد يوسسف النجار حتى اعتبره الٕخوان منسسهباً‏ عندما<br />

عرفوا بأمر مششاركته فته.‏<br />

ومن الششخصيات الٕخوانية*‏ * التي انضضمت لفته في تلك الفترة،‏ ممن لم نذكرهم،‏<br />

كمال عدوان ورفيق النتششة . ٩١<br />

وقد تميزت فته عند نششأتها بدخول المخلصين الراغبين في البذل والتضضهية وتحرير<br />

الوطن،‏ وكانت حركة سرية تعتمد الانتقاء من ذوي الٔخلاق الهميدة والالتزام الوطني.‏<br />

لقد فتهت فته في تلك الفترة المجال أمام الششباب الٕخواني المتهمسس للعمل الٕيجابي<br />

الجهادي في وقت كان يسستهيل فيه على جماعة الٕخوان المسسلمين المطارَدة القابعة<br />

قيادتها في السسجون أن تسستوعب مشل هذه الطاقات وتوجهها.‏<br />

ثم إن فته توسسعت في عمليات التجنيد من الفئات المختلفة،‏ وثارت التساوءلات في الوسسط<br />

الٕخواني حول توجيه فته والٕشراف عليها،‏ حيش أصرت قيادة الٕخوان الفلسسطينية<br />

على أن يكون من القياديين الخمسسة ثلاش تعينهم بنفسسها،‏ فضضلاً‏ عن إشرافها على<br />

عمل الهركة،‏ وقد رفضضت قيادة فته هذا الطلب،‏ ويظهر أنها نظرت بعين الششك إلى قدرة<br />

الٕخوان،‏ وهم في أوضضاعهم الصعبة،‏ على القيادة وحسسن المتابعة وتحقيق الطموحات.‏<br />

ويذكر الٔسستاذ سسليمان حمد أن قيادة فته كلفته الاتصال بالٔخ هاني بسسيسسو،‏ رحمه<br />

االله،‏ الذي كان رءيسس تنظيم الٕخوان الفلسسطينيين،‏ والذي كان مقره غزة،‏ وقد هدف<br />

هذا الاتصال لمعرفة رأي الٕخوان في الهركة ‏“حيش كانت الغالبية العظمى من عناصر<br />

الهركة من أفراد الٕخوان”،‏ وقد بدأ‏ التناقضض بين التوجيه الٕخواني وبين توجيه حركة<br />

فته لعناصرها مما جعل حركة فته تتخوف من انفصال الٕخوان عنها.‏ وعندما تفاوضض<br />

سسليمان حمد مع قيادة الٕخوان في غزة في صيف ‎١٩٦٢‎م،‏ أصرّت قيادة الٕخوان أن<br />

يكون في مجلسس قيادة فته ثلاثة أعضضاء على الٔقل من بين الٔعضضاء الخمسسة،‏ ولم يكونوا<br />

يعلمون بأسسماء قيادتها.‏<br />

وعندما عاد سسليمان حمد إلى الكويت ونقل ذلك لياسر عرفات وباقي الٔعضضاء كان<br />

جوابهم أن هناك أربعة وليسس ثلاثة في القيادة.‏ وقام سسليمان حمد نفسسه بإخبار ذلك<br />

* في طبعات سسابقة أشرنا إلى محمود عباسس ‏(أبو مازن)‏ أنه كان من الٕخوان المسسلمين،‏ غير أن هذا لم يشبت لدينا<br />

بعد مراجعة العديد من المراجع والششخصيات الٕخوانية التي عاصرته.‏<br />

١٦١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

لهاني بسسيسسو في صيف ‎١٩٦٣‎م،‏ فكان ردّ‏ الٕخوان أنهم يريدون أن يعينوا بأنفسسهم<br />

الٔفراد الشلاثة وليسس فته.‏ وقد رأت فته في ذلك تدخلاً‏ في شوءونها،‏ وخافت أن يوءدي<br />

ذلك لتهكم قيادة الٕخوان بقيادة فته ‏“الٔمر الذي رفضضه ياسر عرفات وبعضض الٔفراد<br />

الٓخرين”،‏ ولذلك فقد أمرت حركة الٕخوان أفرادها بالتمايز إما للٕخوان أو لفته،‏<br />

ورفضضت أن يكون لٔي ششخص‏ الصفتان كلتاهما فاختار أغلب الٕخوان الرجوع<br />

إلى قيادتهم وتنظيمهم،‏ كما أمرت فته أفرادها بالتمايز أيضضاً‏ ‏(عن أي تنظيم غيرها).‏<br />

وقد أدى هذا إلى حدوش ‏“الانفصام النكد”‏ بين الجماعة وبين حركة فته حسسب تعبير<br />

أحد الٕخوان،‏ وقد كان ذلك في صيف ‎١٩٦٣‎م،‏ وقد خسرت جماعة الٕخوان عدداً‏ من<br />

نششطاءها وششبابها المتهمسس،‏ وتأثرت حركة فته وهيكلها العام كشيراً‏ بخروج عدد كبير<br />

من كوادرها وعناصرها الصالهة . ٩٢<br />

غير أن النَفَسس الٕخواني اسستمر في أجواء حركة فته،‏ بل إن الٔنظمة العربية نظرت لها<br />

بعين الششك كجهة تتبع الٕخوان حتى بعد انطلاقتها العسسكرية ‎١٩٦٥‎م،‏ لكن هذا النفسس<br />

أخذ يضضعف مع دخول أعداد هاءلة من الناسس في فته،‏ خصوصاً‏ بعد حرب ‎١٩٦٧‎م،‏<br />

ومع اسستششهاد عدد من كبار قادتها ورموزها من ذوي الماضضي الهركي الٕسسلامي،‏<br />

وخصوصاً‏ عبد الفتاه حمود،‏ وأبو يوسسف النجار وكمال عدوان...‏ وتولي فته قيادة<br />

م.ت.ف،‏ ثم دخولها في مششاريع التسسوية السسلمية...‏ .<br />

وفي أواءل الخمسسينيات ‏(‏‎١٩٥٢‎م)‏ أنششئ حزب التهرير الٕسسلامي برءاسسة الششيخ<br />

تقي الدين النبهاني،‏ وقد اكتسسب ششعبية لا بأسس بها في الخمسسينيات،‏ وكان له دوره في<br />

الدفاع عن الٕسسلام والدعوة للخلافة الٕسسلامية،‏ غير أنه لم يمارسس عملاً‏ جهادياً‏ باعتبار<br />

أن ذلك منوط بخليفة المسسلمين الذي يجب أن يتم الجهاد تحت رايته . ٩٣<br />

ثالشاً:‏ مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد<br />

الٕسسلامي ‎١٩٨٧-١٩٦٧‎م:‏<br />

كانت أبرز معالم هذه المرحلة:‏<br />

• هزيمة الٔنظمة العربية في ‎١٩٦٧‎م،‏ وتراجع المد القومي واليسساري.‏<br />

• ظهور الهوية الوطنية الفلسسطينية بقوة،‏ وسسيطرة المنظمات الفداءية على م.ت.ف<br />

‎١٩٦٨‎م،‏ والاعتراف بها ممشلاً‏ شرعياً‏ وحيداً‏ للششعب الفلسسطيني ‎١٩٧٤‎م.‏<br />

• الاندفاع نهو التسسوية السسلمية مع الكيان الٕسراءيلي على الصعيد العربي،‏ وعقد<br />

مصر لاتفاقيات كامب ديفيد ‎١٩٧٩‎م.‏ Camp David<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

• بروز نششاط الكفاه المسسله الفلسسطيني ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي،‏ وتعرضضه<br />

لعمليات تصفية وضربة قاسسية أدت إلى تحجيمه وإضضعافه،‏ خصوصاً‏ إثر<br />

الاجتياه الٕسراءيلي للبنان ‎١٩٨٢‎م.‏<br />

• تنامي المدّ‏ الٕسسلامي على السساحة الفلسسطينية والعربية والٕسسلامية،‏ بهيش أصبه<br />

الاتجاه الٕسسلامي الفلسسطيني أحد أبرز القوى الموءثرة على السساحة الششعبية.‏ وهذا<br />

ينطبق على السساحة العربية،‏ وخصوصاً‏ في الٔردن ومصر والسسودان والجزاءر<br />

والكويت وتونسس واليمن،‏ كما ينطبق على السساحة الٕسسلامية بنجاه التجربة<br />

الٕسسلامية في إيران،‏ والتجربة الجهادية في أفغانسستان،‏ وتنامي الاتجاه الٕسسلامي<br />

في الباكسستان وماليزيا وأندونيسسيا،‏ وبين الجاليات الٕسسلامية في أوروبا وأمريكا...‏ .<br />

ولٔننا نركز على التجربة الٕسسلامية الجهادية في فلسسطين،‏ فإن حديشنا سسينهصر في<br />

هذا الٕطار.‏<br />

معسسكرات الششيوخ:‏<br />

كانت أولى المششاركات الٕسسلامية الجهادية الفلسسطينية فيما يعرف ب”معسسكرات<br />

الششيوخ”‏ في الٔردن والتي ششكلها الٕخوان المسسلمون تحت مظلة فته ‎١٩٦٨‎م،‏ واسستمرت<br />

في عملها حتى إغلاق معسسكرات العمل الفداءي الفلسسطيني في الٔردن ‎١٩٧٠‎م.‏<br />

وكانت قيادة الٕخوان المسسلمين قد أصدرت قراراً‏ بفته معسسكرات لتدريب الٕخوان<br />

وموءيديهم،‏ حيش اسستفاد الٕخوان من أجواء حرية العمل الفداءي والتأييد الششعبي الهاءل<br />

له،‏ والذي ظهر خصوصاً‏ بعد هزيمة ‎١٩٦٧‎م،‏ غير أن الٕخوان لم يسستطيعوا العمل<br />

باسستقلالية كاملة نتيجة أجواء العداء ضضدّ‏ الٕسسلاميين التي كانت ما تزال مسستمرة،‏<br />

وبالذات من عبد الناصر والقوى اليسسارية...،‏ فضضلاً‏ عن صعوبة التمويل.‏<br />

وقد وافقت حركة فته على توفير الغطاء لمعسسكرات الٕخوان،‏ كما التزمت بتقديم<br />

التموين والسسلاه والذخيرة،‏ فضضلاً‏ عن مصاريف الٔفراد ١٥ ديناراً‏ للٔعزب<br />

و‎٣٠‎ ديناراً‏ للمتزوج،‏ وكانت العمليات الفداءية تحدش بالتنسسيق معها.‏ بينما كان<br />

للٕخوان حريتهم الكاملة في تصريف أمور التدريب والانتقاء وشوءونهم الخاصة . ٩٤<br />

افتته أول معسسكر للششيوخ في منطقة العالوك ‏(باتجاه طريق الزرقاء - السسخنة)،‏<br />

وتولى التدريب صلاه حسسن وإبراهيم حسسن ‏(وهم إخوان في الدم)‏ وعبد العزيز علي،‏<br />

وكان ينسسق معهم من جهة إخوان الٔردن إسسهق الفرحان وأبو بششير الزميلي.‏ ومن<br />

١٦٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الذين تدربوا في المعسسكر أحمد نوفل وعبد االله عزام،‏ وإبراهيم المششوخي وذيب أنيسس.‏<br />

وششارك في هذه القواعد أفراد من جنسسيات عربية مشل فلسسطين والٔردن وسسورية<br />

والسسودان ‏(حوالي سسبعة سسودانيين)،‏ ومصر واليمن . ٩٥<br />

والدفعة الٔولى التي تمّ‏ تدريبها كانت من ٣٠-٤٠ رجلاً‏ ذهبوا جميعاً‏ بعد ذلك إلى<br />

منطقة إربد،‏ حيش فتهت لهم قاعدة جهادية.‏ وبلغ عدد الذين تمّ‏ تدريبهم في معسسكرات<br />

الششيوخ حوالي ٢٥٠-٣٠٠ رجل من الٕخوان المسسلمين وموءيديهم،‏ وبينما بلغ عدد<br />

القواعد التي فتهت سسبع قواعد . ٩٦<br />

ويذكر الششيخ عبد االله عزام رحمه االله أن السرية الٔولى قدمت نماذج رفيعة،‏ وكان<br />

من بينها مجموعة من الٕخوة السسودانيين على رأسسهم الوزير السسوداني السسابق<br />

محمد صاله عمر.‏ وقال الششيخ عبد االله عزام:‏ ‏“كان القاءد الششهيد صلاه حسسن يربينا<br />

بعمله دون قوله،‏ وكان أخوه أبو خليل يعتبرنا إخوة له ولسسنا تلاميذ،‏ وكان قاءدنا<br />

العام عبد العزيز علي له في قلوبنا هيبة وأيما هيبة،‏ وحباً‏ ومودة لا نظير لها”،‏ وأضضاف<br />

الششيخ عبد االله عزام بأن معسسكرات الششيوخ نجهت في كسسب ودّ‏ الناسس واحترام الجيشش<br />

الٔردني . ٩٧<br />

ومن العمليات البارزة التي نفذتها معسسكرات الششيوخ عملية ‏“الهزام الٔخضر”‏<br />

في ‎١٩٦٩/٨/٣١‎م بالتعاون مع فته حيش اسستهدفت ثلاش مسستعمرات متقاربة هي<br />

‏“ياروينا”‏ و”بيت يوسسف”‏ و”بيت يور”‏ وتم الهجوم في ليلة واحدة،‏ وكانت أصداوءها<br />

مدوية.‏ وهناك أيضضاً‏ عملية ‏“دير ياسسين”،‏ المششتركة مع فته،‏ في الجولان ضضدّ‏ مسستعمرة<br />

‏“ناحال هجولان”‏ في ليلة ‎١٩٦٩/٩/١٤‎م حيش تمّ‏ تدمير نادي الضضباط ومحطة للوقود<br />

ومسستودعات التموين وسسيارات عسسكرية إسراءيلية،‏ وقد اعترف اليهود بمقتل واحد<br />

و‎١٢‎ جريهاً،‏ غير أن المششاركين في العملية قالوا:‏ إنهم أحصوا حوالي سستين قتيلاً‏<br />

إسراءيلياً،‏ وكانت خسساءر المجموعة الفداءية ششهيداً‏ واحداً‏ وثلاثة جرحى . ٩٨<br />

ويروي الششيخ عبد االله عزام أن أبا عمرو ‏“صلاه حسسن”‏ أعد لعملية بالصواريخ<br />

يسسميها عملية ‏“سسيد قطب”‏ ضضدّ‏ دورية من عدة دبابات إسراءيلية،‏ ورتب الخطة،‏ وأشرف<br />

على المكان،‏ وزرع الصواريخ التي سسيطلقها بالكهرباء.‏ ولكن الجنود الصهاينة كمنوا له<br />

قرب الششارع،‏ ودارت بينهم معركة سسقط فيها أبو عمرو ششهيداً،‏ واسستششهد معه محمود<br />

البرقاوي وزهير قيششو،‏ ومن الموافقات أنها حدثت في الذكرى الرابعة لاسستششهاد سسيد<br />

قطب،‏ أي في ‎١٩٧٠/٨/٢٨‎م . ٩٩<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

أما عملية ‎١٩٧٠/٦/٥‎م فقد ششارك فيها سستة من المجاهدين حيش تصدوا لدبابتين<br />

وكاسسهة ألغام،‏ وكان موششيه دايان قد أرسسل مراسسلاً‏ كندياً‏ وآخر أمريكياً‏ ليطوف<br />

بهما على الهدود،‏ ويريهما أن العمل الفداءي قد انتهى،‏ ففاجأهم المجاهدون،‏ وجره<br />

الصهفيان،‏ واعترف الصهاينة ب ١٢ قتيلاً،‏ ولكن القتلى،‏ كما يذكر الششيخ عبد االله<br />

عزام،‏ كانوا أكثر من هذا بكشير.‏ وقد ضضجّ‏ الٕعلام العربي بهذه العملية،‏ واسستششهد من<br />

المجاهدين ثلاثة منهم مهدي الٕدلبي من قاعدة ‏“بيت المقدسس”‏ التي يقودها الششيخ<br />

عبد االله عزام،‏ وبلال المقدسسي من قاعدة ‏“غزة”‏ . ١٠٠<br />

وقد رصدت الاسستخبارات الٕسراءيلية معسسكر العالوك،‏ ثم هاجمته الطاءرات<br />

الٕسراءيلية صباه يوم أحد الٔيام،‏ غير أن جميع من فيه كانوا خارج المعسسكر في الطابور<br />

الرياضضي الصباحي،‏ ولم يكن هناك إلا ششخص‏ واحد أصيب بششظية،‏ وقد ضربت الخيام<br />

‏(أي المهاجع)‏ بالصواريخ،‏ ودمرت تماماً،‏ وتمّ‏ رششّ‏ المعسسكر بالرصاص.‏ وفي اليوم التالي<br />

اسستششهد اثنان نتيجة انفجار رصاصة ‏(لم تكن قد انفجرت في الغارة)‏ كان يطرق بها<br />

أحدهما تسسلية فانفجرت واسستششهدا فورا‎١٠١ً‎ .<br />

وحسسب عبد العزيز علي فإن عدد ششهداء معسسكرات الششيوخ خلال الفترة<br />

‎١٩٧٠-١٩٦٨‎م بلغ ١١ ششهيدا‎١٠٢ً‎ ، غير أن عبد االله عزام يذكر أن عددهم كان ١٣ ششهيداً،‏<br />

ومن هوءلاء الششهداء رضضوان كريششان،‏ ورضضوان بلعة الدمششقي،‏ ومحمد سسعيد باعباد<br />

الضضابط اليمني،‏ وأبو الهسسن إبراهيم الغزي . ١٠٣<br />

اتسساع التيار الٕسسلامي:‏<br />

وفي منتصف السسبعينيات بدأ‏ الاتجاه الٕسسلامي يظهر ويقوى على السساحة<br />

الفلسسطينية في الداخل والخارج،‏ فبدأ‏ يظهر في أواخر السسبعينيات كأول أو ثاني اتجاه<br />

من ناحية القوة في الجامعات الفلسسطينية،‏ وأصبهت الفكرة الٕسسلامية والطره الجهادي<br />

يلقى ششعبية متزايدة في الٔوسساط المختلفة.‏ ومع اسستمرار الوقت أخذت تتزايد الجمعيات<br />

الخيرية الٕسسلامية ولجان الزكاة والتكافل الاجتماعي،‏ ومن أبرزها المجمع الٕسسلامي<br />

في غزة،‏ كما تضضاعفت أعداد المسساجد في الضضفة وقطاع غزة،‏ وأصبه الكتاب الٕسسلامي<br />

والشريط الٕسسلامي هما الٔكثر رواجاً.‏<br />

وقويت الظاهرة الٕسسلامية في فلسسطين المهتلة سسنة ‎١٩٤٨‎م،‏ وأصبهت تحظى<br />

بششعبية متزايدة.‏ وفي ‎١٩٨٠‎م كششف الكيان الٕسراءيلي تنظيم ‏“أسرة الجهاد”‏ في قرى<br />

١٦٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

المشلش العربي،‏ واعتقل العشرات من أفراده ‏(أكثر من سستين عنصراً)‏ من قرى أم الفهم<br />

وكفر قاسسم وقلنسسوة وباقة الغربية،‏ وكان أبرز قياداته فريد أبو مخ والششيخ عبد االله<br />

نمر درويشش اللذان حكم عليهما وعلى رفاقهما بالسسجن مُدداً‏ مختلفة.‏ وكان هذا التنظيم<br />

قد قام بتدمير العشرات من المرافق الاقتصادية،‏ وإحراق السسيارات والمعامل والبسساتين<br />

الٕسراءيلية . ١٠٤<br />

وفي قطاع غزة أصبه الاتجاه الٕسسلامي أقوى اتجاه منفرد في موءسسسسات التعليم،‏<br />

وفي العديد من القطاعات،‏ وبرز دور المجمع الٕسسلامي والششيخ أحمد ياسسين،‏ وأصبهت<br />

الجامعة الٕسسلامية بغزة أحد أهم المعاقل الٕسسلامية،‏ وتزايدت أعداد المسساجد من<br />

٢٠٠ مسسجد ‎١٩٦٧‎م إلى أكثر من ٦٠٠ مسسجد ‎١٩٨٧‎م.‏<br />

وفي ‎١٩٨٣‎م كششفت السسلطات الٕسراءيلية أسسلهة داخل قبو في أحد المسساجد،‏ وقبضضت<br />

على الششيخ أحمد ياسسين بتهمة انتماءه لتنظيم معادٍ‏ ل“إسراءيل”‏ وحيازة الٔسسلهة،‏<br />

وحكمت عليه بالسسجن ١٣ عاماً،‏ غير أنه أفرج عنه في عملية تبادل الٔسرى التي تمت في<br />

‎١٩٨٥/٥/٢٠‎م،‏ بين المنظمات الفداءية الفلسسطينية والكيان الٕسراءيلي . ١٠٥<br />

وعلى الرغم من ضرب أولى المهاولات الجهادية للششيخ أحمد ياسسين ورفاقه من<br />

أبناء الهركة الٕسسلامية ‏(الٕخوان المسسلمون)،‏ والتي كان الششيخ أحد قادتها البارزين،‏<br />

إلا أن فكرة الٕعداد الجهادي تعززت لدى قطاعات واسسعة من الٕسسلاميين،‏ وقد ضرب<br />

الششيخ ياسسين مشلاً‏ طيباً‏ لٕخوانه،‏ فهو من مواليد ‎١٩٣٧‎م وأب ل ١١ طفلاً،‏ يعيشش حياة<br />

متواضضعة بسسيطة في حارة جنوبي غزة تسسمى ‏“جورة الششمسس”.‏ وقد نششط في الدعوة<br />

حتى غدا من أششهر خطباء قطاع غزة،‏ حيش كان يخطب في مسسجد الششاطئ،‏ ثم الكنز،‏<br />

ثم العباسس،‏ وعرف بقوة حجته وجرأته في قول الهق.‏ وقد عانى من ششلل جزءي منذ<br />

صيف ‎١٩٥٢‎م،‏ غير أنه اسستمر في العمل والدعوة على الرغم من أن حالة الششلل كانت<br />

تزداد انتششاراً‏ حتى أصيب بالششلل الكامل.‏ وفي أواءل السسبعينيات تفرغ للعمل الدعوي<br />

بعد أن كان يعمل في التدريسس بمدارسس الهكومة،‏ وكان له اهتمامه بإنششاء صناديق<br />

الزكاة وتربية النسساء والٔطفال،‏ وقد أسسسس المجمع الٕسسلامي في غزة ‎١٩٧٩‎م كموءسسسسة<br />

ثقافية صهية اجتماعية،‏ وظلّ‏ أميناً‏ عاماً‏ لهذا المجمع حتى ‎١٩٨٤‎م . ١٠٦ وقد كان للششيخ<br />

أحمد ياسسين ورفاقه تأثير كبير خصوصاً‏ في قطاع غزة في نمو التيار الٕسسلامي والٕعداد<br />

للانتفاضضة المباركة.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

لقد كان من الواضضه أن الفكرة الجهادية كنت تششغل بال الٕسسلاميين على اعتبار أنها<br />

ذروة سسنام الٕسسلام،‏ وبسسبب ما أخذوا يسستششعرون من مسوءولية متزايدة تجاه أرضض<br />

الٕسراء بعد اسستعداد الٔنظمة العربية للدخول في تسسويات سسلمية مع الكيان الٕسراءيلي<br />

توءدي إلى الاعتراف بهقه على حوالي ٨٠% من أرضض فلسسطين،‏ فضضلاً‏ عن حالة الضضعف<br />

المتزايد الذي كانت تعاني منه م.ت.ف نتيجة ما تعرضضت له من ضربات،‏ وبسسبب<br />

انجرارها التدريجي نهو الهلول السسلمية.‏<br />

وقد ششهدت سسنة ‎١٩٨٠‎م إنششاء حركة الجهاد الٕسسلامي في فلسسطين،‏ والتي قام<br />

بتأسسيسسها عدد من الششباب الفلسسطيني الدارسس في الجامعات المصرية برءاسسة الدكتور<br />

فتهي الششقاقي رحمه االله.‏<br />

وكان الدكتور الششقاقي قد انضضم لجماعة الٕخوان المسسلمين في القطاع بزعامة الششيخ<br />

أحمد ياسسين ‎١٩٦٨‎م واسستمر في أطر الٕخوان إلى أواخر السسبعينيات . ١٠٧<br />

ويذكر الششقاقي الذي ولد في غزة ‎١٩٥١‎م ‏(عاءلته تنتمي أصلاً‏ إلى قرية زرنوقة<br />

قضضاء الرملة)‏ والذي درسس الطب في جامعة الزقازيق بمصر ‎١٩٨١-١٩٧٤‎م أن فكرة<br />

إنششاء حركة الجهاد الٕسسلامي نششأت أيام الدراسسة الجامعية،‏ وأنه كان هناك خلافات<br />

بينه وبين الٕخوان في المنهج والتغيير وقضضية فلسسطين،‏ والموقف من الٔنظمة ومن العالم<br />

الواقع والٔدب والفن.‏ وأضضاف أنه كان يششعر أنه ‏“ليسس لدى الٕخوان منهج،‏ وأن هناك<br />

فوضضى في المفاهيم في إطار الهركة...”‏ . ١٠٨<br />

وانتقد الششقاقي ما عد َّه سسكونية مناهج التكوين لدى حركة الٕخوان،‏ والتخبط في<br />

طراءق العمل،‏ وإهمال جانب التخطيط،‏ وطغيان مبدأ‏ السسلامة والمبالغة فيها . ١٠٩<br />

غير أن الششقاقي يرى أن حركة الٕخوان المسسلمين حركة أم للتيار الٕسسلامي في<br />

المنطقة،‏ وأن البنا كان راءداً‏ كبيراً،‏ وقال:‏ إنه وحركته يكنون ‏“كل احترام وتقدير لهذه<br />

الهركة على دورها التربوي وحفظها للٕسسلام في المنطقة”‏ . ١١٠<br />

وقال الششقاقي:‏ إنه مع مجيء ‎١٩٧٨‎م كان التمايز واضضهاً‏ بينه وعدد من زملاءه<br />

وبين الٕخوان،‏ وتابع الششقاقي الشورة الٕيرانية باهتمام،‏ وانتهى من إعداد كتابه<br />

‏“الخميني:‏ الهل الٕسسلامي والبديل”‏ في كانون الشاني/‏ يناير ‎١٩٧٩‎م قبيل نجاه الشورة،‏<br />

والذي صدر بعد نجاحها بأيام،‏ ولم يلتقِ‏ بأي مسوءول إيراني قبل ذلك،‏ وقد اعتقل ليلة<br />

صدور الكتاب مدة أربعة أيام بسسبب نششاطه الٕسسلامي في الجامعة،‏ ثم أعيد اعتقاله<br />

١٦٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

في ‎١٩٧٩/٧/٢٠‎م لٔربعة أششهر،‏ وبعد خروجه من السسجن انقطعت صلته التنظيمية<br />

بالٕخوان،‏ حيش ششعر أن فكرة ‏“التأثير والتوافق لم تعد قاءمة”‏ بينه وبين الٕخوان،‏ فبدأ‏<br />

بتششكيل نواة حركة الجهاد الٕسسلامي في بداية ‎١٩٨٠‎م . ١١١<br />

وقبل أن يعود الششقاقي إلى فلسسطين ‎١٩٨١‎م كان قد سسبقه عدد من إخوانه الذين<br />

تخرجوا في ‎١٩٨٠‎م من الجامعات المصرية،‏ وبدأوا نششاطهم داخل الٔرضض المهتلة.‏ وقد<br />

التهق الششقاقي بمسستششفى فكتوريا بالقدسس لمدة سسنتين إلى أن اعتقل في ‎١٩٨٣‎م لمدة عام<br />

لٕصداره مجلة الطليعة،‏ ثم أعيد اعتقاله في ‎١٩٨٦‎م وحكم عليه بالسسجن أربع سسنوات<br />

بتهمة تششكيل تنظيم سري عسسكري،‏ ثم أبعد في ‎١٩٨٨‎م إلى لبنان،‏ حيش عاشش سسنة واحدة،‏<br />

ثم انتقل إلى دمششق . ١١٢<br />

وحسسب فكرة حركة الجهاد الٕسسلامي فإنها جاءت لتعبر ِّ عن ‏“الٕسسلام كمنطلق،‏<br />

والجهاد كوسسيلة،‏ وفلسسطين كهدف للتهرير”،‏ وأنها عندما قامت ‏“كانت قوة تجديد<br />

داخل الفكر الٕسسلامي وداخل الهركة الٕسسلامية على مسستوى الفكرة والمنهج والتنظيم<br />

وعلى مسستوى الٔداء داخل فلسسطين”‏ . ١١٣<br />

وبششكل عام فإن الهركة ركزت على المعاني الجهادية،‏ وتحرير الوطن،‏ وتنظيم<br />

العناصر للقيام بالعمليات العسسكرية،‏ وتأثرت بتجربة الجهاد الٕسسلامي في مصر<br />

والتجربة الٕيرانية والتجربة القسسامية.‏ وحافظت على علاقة متينة بإيران منذ إنششاءها<br />

وحتى الٓن.‏<br />

وقد بدأ‏ العمل العسسكري لهركة الجهاد الٕسسلامي قبل الانتفاضضة،‏ وتعد ُّ الهركة<br />

نفسسها مسوءولة عن عملية ‏“باب المغاربة”‏ التي تضضمنت قصف الجنود الٕسراءيليين<br />

الذين كانوا يُعم َّدون عند حاءط المبكى اسستعداداً‏ للتخرج في ‎١٩٨٦/١٠/١٦‎م،‏ وقد أدت إلى<br />

إيقاع ثمانين إصابة بين قتيل وجريه من لواء ‏“غفعاتي”‏ الٕسراءيلي . ١١٤<br />

كما أن أربعة من مجاهدي الهركة ‏(اثنان منهم كانا قد هربا من سسجن غزة المركزي<br />

في أيار/‏ مايو ‎١٩٨٧‎م)‏ قد قاموا بعدد من العمليات الجهادية إلى أن اسستششهدوا في عملية<br />

الششجاعية في ‎١٩٨٧/١٠/٦‎م في اششتباك مسسله مع القوات الٕسراءيلية.‏ وترى الجهاد<br />

الٕسسلامي أن ذلك اليوم ‎١٩٨٧/١٠/٦‎م هو اليوم الٔول للانتفاضضة المباركة،‏ وقد<br />

اسستمرت طيلة سسنوات الانتفاضضة تدعو إلى الٕضراب الششهري لذكرى بدء الانتفاضضة في<br />

هذا اليوم من كل ششهر . ١١٥<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

رابعاً:‏ مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية<br />

‎١٩٩٦-١٩٨٧‎م:‏<br />

تكاد المصادر تجمع على أن الهادش الذي أششعل شرارة الانتفاضضة قد وقع في<br />

‎١٩٨٧/١٢/٨‎م عندما جاءت ششاحنة إسراءيلية إلى حاجز ‏“إيرز”،‏ على حدود قطاع غزة<br />

مع الٔرضض المهتلة سسنة ‎١٩٤٨‎م،‏ حيش انهرف سساءق الششاحنة إلى الاتجاه المعاكسس،‏ وحطم<br />

سسيارتي أجرة تقلان عمالاً‏ عرباً،‏ مما أدى لاسستششهاد أربعة وجره تسسعة آخرين،‏ وقد<br />

هرب السساءق بسسيارة ذات نمرة صفراء ششبيهة بسسيارات المخابرات الٕسراءيلية،‏ كانت<br />

تقف قرب مكان الهادش.‏ ويبدو أن هذا الهادش كان رداً‏ صهيونياً‏ على طعن ومقتل تاجر<br />

يهودي في ميدان فلسسطين بمدينة غزة قبيل صلاة العصر من يوم ‎١٩٨٧/١٢/٦‎م . ١١٦<br />

لقد كان لهذا الهادش أثر بالغ أدى لاششتعال انتفاضضة ششعبية عارمة،‏ ششارك فيها<br />

الششباب والششيوخ والنسساء والٔطفال،‏ واتسسعت لتششمل أراضضي قطاع غزة والضضفة الغربية<br />

لعدة سسنوات.‏<br />

وقد قررت الهركة الٕسسلامية منذ البداية المششاركة في الانتفاضضة وتوجيهها،‏ وبدأت<br />

التظاهرات العارمة بعد صلاة الفجر من يوم الٔربعاء في ‎١٩٨٧/١٢/٩‎م من مسسجد<br />

مخيم جباليا،‏ وسسقط الششهيد حاتم أبو سسيسس،‏ وأصيب ٢٧ آخرون بجراه،‏ ونظم<br />

طلاب الجامعة الٕسسلامية بغزة مسسيرة صاخبة،‏ وقرب مسستششفى الششفاء حيش حدثت<br />

مواجهات عنيفة أدت إلى إصابة العديد من الطلاب،‏ واسستششهد راءد ششهادة ‏(من أبناء<br />

الهركة الٕسسلامية بالجامعة)‏ متأثراً‏ بجراحه ، ١١٧ وتوالى سسقوط الششهداء،‏ واتسسعت<br />

مظاهر الغضضب والمقاومة لتعبر عن أقوى مظاهر جهاد الششعب الفلسسطيني تحت<br />

الاحتلال الصهيوني منذ ‎١٩٦٧‎م.‏<br />

وقد تميزت هذه الانتفاضضة ببروز العامل الديني ودور التيار الٕسسلامي وموءسسسساته<br />

في إذكاء روه المقاومة والاسستبسسال وحبّ‏ الاسستششهاد في سسبيل االله.‏ كما تميزت بالششمول،‏<br />

ومششاركة كافة قطاعات الششعب الفلسسطيني واتجاهاته وفئاته العمرية.‏ وبرز جيل<br />

جديد من الششباب الجريء المتهمسس،‏ والذي لم تزده وسساءل التركيع والٕذلال والٕفسساد<br />

الصهيوني إلا تحدياً‏ وجهاداً.‏ وعلى الرغم من تنوع الٕجراءات الصهيونية وقسسوتها في<br />

قمع الانتفاضضة إلا أن ذلك قوبل بصمود وثبات عظيم،‏ بل وصاحبه تنويع وتطوير في<br />

أسساليب المقاومة،‏ كما ظهرت العديد من المظاهر الششعبية النبيلة من إيشار وتعاون ونخوة<br />

وششهامة.‏<br />

١٦٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وخلال الٔششهر الشمانية الٔولى كان قد اسستششهد حوالي ٤٠٠ فلسسطيني،‏ وجره ١٢ ألفاً‏<br />

منهم ٣٤٠٠ أصيبوا بعاهات داءمة،‏ وبلغت حالات الٕجهاضض بسسبب القمع الٕسراءيلي<br />

للنسساء ١٧٠٠ حالة،‏ كما بلغ عدد المعتقلين ٢٣ ألفا‎١١٨ً‎ .<br />

ولا ششكّ‏ أن هذه الانتفاضضة لم تأت ‏ِمن فراغ،‏ فقد أسسهم في تأجيجها تراكم الٓثار<br />

السسلبية لسسياسسة القمع الصهيوني والقبضضة الهديدية وهدم البيوت والاعتقال التعسسفي<br />

والٕبعاد والٕذلال،‏ والضراءب الباهظة،‏ وسسياسسة إلهاق الضضفة الغربية والقطاع<br />

اقتصادياً‏ بالكيان الٕسراءيلي،‏ وحرمان أبناء فلسسطين من الخدمات الاجتماعية،‏<br />

وتضضييق فرص‏ العمل.‏ وزاد الٔمر سسوءاً‏ تنامي التيار الصهيوني الٔكثر تعصباً،‏<br />

وبروز المنظمات الصهيونية التي تقوم سسياسساتها على اسستفزاز المسسلمين،‏ وضضمّ‏ الضضفة<br />

والقطاع للكيان الصهيوني،‏ وطرد الفلسسطينيين للخارج،‏ والمهاولات الهشيشة لتهويد<br />

القدسس،‏ وزيادة الاعتداء على المسساجد والٓثار والمقدسسات الٕسسلامية.‏ ومن جهة أخرى<br />

فإن تنامي الصهوة الٕسسلامية،‏ وبروز التيار الٕسسلامي كأحد أقوى التيارات الششعبية<br />

في فلسسطين أسسهم في نمو القيم الٕسسلامية والمششاعر الدينية،‏ وإذكاء مششاعر الجهاد<br />

والدفاع عن أرضض الٕسراء والمعراج والمسسجد الٔقصى،‏ والرباط والمقاومة مهما كانت<br />

التضضهيات.‏ وقد صاحب هذا كله اليأسس من وعود التسسوية السسلمية أو العون الخارجي،‏<br />

والششعور الششعبي القوي بضرورة المبادرة الذاتية،‏ وإثبات الهوية،‏ وانتزاع الهق من<br />

الغاصبين.‏ كما لا يجب أن يغيب عن البال بعضض الٕرهاصات والتفاعل الششعبي الذي<br />

رافق عملية الششجاعية في ‎١٩٨٧/١٠/٦‎م،‏ وعملية الطاءرة الشراعية في ‎١٩٨٧/١١/٢٥‎م<br />

عندما تمكن خالد أكر من الهبوط بطاءرة شراعية قرب معسسكر ‏“جيبور”‏ الٕسراءيلي<br />

ششمال فلسسطين،‏ وتمكن من قتل سستة جنود وجره ثمانية آخرين قبل أن يسستششهد،‏ وقد<br />

أعلنت الجبهة الششعبية - القيادة العامة مسوءوليتها عن العملية . ١١٩<br />

لقد قررت الهركة الٕسسلامية منذ السساعات الٔولى خوضض الانتفاضضة وتصعيدها<br />

وقيادة الجماهير،‏ وسسارعت الهركة الٕسسلامية ‏(الٕخوان المسسلمون)‏ بالٕعلان عن ذراعها<br />

الجهادي الضضارب حركة المقاومة الٕسسلامية ‏(حماسس).‏ وقد وزعت حماسس بيانها الٔول<br />

في ‎١٩٨٧/١٢/١٥‎م وهو أول بيان يصدر في الانتفاضضة،‏ وفيه أكدت للجماهير ‏“المرابطة<br />

المسسلمة”‏ أنهم ‏“اليوم على موعد مع قدر االله سسبهانه النافذ في اليهود وأعوانهم...‏ بل<br />

أنتم جزء من هذا القدر الذي سسيقتلع جذور كيانهم إن آجلاً‏ أم عاجلاً‏ بإذن االله سسبهانه<br />

وتعالى”...،‏ وقال البيان:‏ ‏“ألا فليعلم المسستوطنون المسستهترون أن ششعبنا عرف ويعرف<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

طريقه طريق الاسستششهاد وطريق التضضهية،‏ وأن ششعبنا جواد كريم في هذا الميدان”...‏<br />

‏“ارفعوا أيديكم عن ششعبنا،‏ عن مدننا،‏ عن مخيماتنا،‏ عن قرانا،‏ معركتكم معنا معركة<br />

عقيدة ووجود وحياة”‏ . ١٢٠<br />

وهكذا فلٔول مرة منذ ‎١٩٦٧‎م ينزل تيار الٕخوان المسسلمين بشقله في ميدان المواجهة<br />

بعد طول ترقب وإعداد.‏ وقد هدف التيار الٕسسلامي من الانتفاضضة إلى رفع الروه المعنوية<br />

للششعب،‏ وتعميق ثقته بربه وإسسلامه،‏ ونفضض مششاعر الاسستكانة والعجزة والاسستسسلام<br />

للواقع،‏ وتأكيد معاني العداء والصراع مع العدو الغاصب المهتل،‏ كما هدف إلى التأكيد<br />

على الهوية الٕسسلامية لفلسسطين وششعبها،‏ والٕبقاء على روه الجهاد،‏ وتأجيج جذوتها.‏<br />

وسسعى إلى كششف معادن أبناءه بالعمل وصقل قدراتهم في التهرك الميداني،‏ وإكسسابهم<br />

الخبرة في المواجهة والممارسسة الجهادية.‏ وهدف كذلك إلى الهد ِّ من غطرسسة الصهاينة<br />

وعنجهيتهم،‏ وهزّهم نفسسياً‏ من داخلهم،‏ والعمل على التأثير على معدلات الهجرة<br />

والاسستيطان.‏ هذا فضضلاً‏ عن إحياء القضضية الفلسسطينية عربياً‏ وإسسلامياً‏ ودولياً.‏<br />

ومن جهة أخرى،‏ جاءت الانتفاضضة كرافعة لمنظمة التهرير الفلسسطينية التي عانت<br />

من محاولات عزلها وتهميششها وتجاوزها خصوصاً‏ بعد ضرب بنيتها العسسكرية في<br />

لبنان،‏ فسسعت المنظمة لتوظيف الانتفاضضة في تحقيق اسستراتيجيتها للوصول إلى تسسوية<br />

سسلمية مع الكيان الٕسراءيلي،‏ توءدي إلى انسسهاب الصهاينة من الضضفة والقطاع،‏ وإقامة<br />

الدولة الفلسسطينية على هذه الٔرضض التي احتلت سسنة ‎١٩٦٧‎م.‏ وبعد حوالي أسسبوعين من<br />

الانتفاضضة ارتأت م.ت.ف الاششتراك في الانتفاضضة تمهيداً‏ لاسستشمارها سسياسسياً‏ فدعت إلى<br />

إضراب عام يوم الٕثنين في ‎١٩٨٧/١٢/٢١‎م،‏ وبدأ‏ ظهور صور ياسر عرفات وششعارات<br />

المنظمة،‏ وششكلت م.ت.ف من الفصاءل الفلسسطينية المنتمية إليها ما عرف بالقيادة الوطنية<br />

الموحدة للانتفاضضة،‏ ومشلت فته والجبهة الششعبية والجبهة الديموقراطية التيارات<br />

الرءيسسية فيها،‏ وصدر البيان الٔول للقيادة الموحدة في ‎١٩٨٨/١/٨‎م . ١٢١<br />

وهكذا بدأ‏ يتنازع قيادة الانتفاضضة تياران مختلفان هما التيار الٕسسلامي وتيار<br />

م.ت.ف باسستراتيجيات وأهداف متباينة،‏ ولكن بفعاليات نضضالية جهادية متششابهة<br />

تقريباً‏ ضضدّ‏ العدو من تظاهرات وإضرابات وقذف الصهاينة بالهجارة وقنابل<br />

المولوتوف الهارقة...‏ وغيرها.‏ على أن الجماهير كانت تسستجيب لكلا التيارين،‏ وتلتزم<br />

بالٕضرابات التي يدعوان إليها.‏<br />

١٧١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وإذا كان من اليسسير تحديد بداية الانتفاضضة المباركة فلعله من الصعب تحديد تاريخ<br />

لنهايتها،‏ هذا إذا كان هناك اتفاق أنها انتهت.‏ فبالنسسبة ل م.ت.ف ‏(وتحديداً‏ فته)‏ فإن<br />

الانتفاضضة عُ‏ د َّت منتهية مع دخولها اتفاقية السسلام مع الكيان الٕسراءيلي،‏ وتوقيع<br />

اتفاق أوسسلو Oslo Accords ‏(أيلول/‏ سسبتمبر ‎١٩٩٣‎م).‏ أما بالنسسبة للتيار الٕسسلامي<br />

فإن حماسس كانت ما تزال تصدر بياناتها المرقمة منذ بداية الانتفاضضة وحتى وقت<br />

قريب،‏ وتدعو إلى فعاليات محددة،‏ كما صعدت عملياتها الجهادية بعد اتفاقية أوسسلو،‏<br />

وخصوصاً‏ إثر مذبهة الهرم الٕبراهيمي في ششباط/‏ فبراير ‎١٩٩٤‎م.‏ وعلى الرغم مما<br />

وُج ِّ ه وما يُوج َّ ه إليها من ضربات من الصهاينة ومن سسلطة الهكم الذاتي فقد اسستمرت في<br />

عملياتها القوية ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي،‏ كما تابعت حركة الجهاد الٕسسلامي مششاركتها<br />

الانتفاضضية النوعية،‏ وكذلك المنظمات المعارضضة لاتفاق أوسسلو بدرجات وأششكال<br />

انتفاضضية متفاوتة.‏<br />

غير أنه من الواضضه الٓن أن الانتفاضضة فقدت كشيراً‏ من وهجها الششعبي والمششاركة<br />

الجماهيرية اليومية...‏ وأخذ يقتصر الٔمر أكثر فأكثر على أعضضاء القوى والهركات<br />

المنظمة؛ لٔن الانتفاضضة بهد ذاتها لم تتخذ ششكلاً‏ ثابتاً،‏ وتنوعت وسساءلها وطابعها العام<br />

من فترة لٔخرى،‏ ولٔن القوى الهركية المنظمة أقدر على التخطيط والاسستمرار وتنويع<br />

الٔسساليب مع ازدياد أنواع البطشش والتنكيل والمواجهة الصهيونية.‏ وعلى الرغم من<br />

أن الانتفاضضة،‏ مع الزمن،‏ فقدت جانباً‏ من حيويتها الجماهيرية،‏ إلا أن زيادة العمليات<br />

النوعية وقتل الجنود والمسستوطنين والانفجارات الاسستششهادية،‏ التي زادت مع مرور<br />

الوقت،‏ كان لها أثرها القوي في إبقاء جذوة الصراع والتهدي مسستمرة.‏ وبششكل عام فمع<br />

دخول السسلطة الفلسسطينية أراضضي الضضفة والقطاع كانت مظاهر الانتفاضضة تضضعف أو<br />

تنتهي باعتبارها موجهة أصلاً‏ ضضدّ‏ الاحتلال الصهيوني.‏<br />

وعلى أي حال،‏ فإن السسنوات السست الٔولى للانتفاضضة ‏(كانون الٔول/‏ ديسسمبر<br />

‎١٩٨٧‎م - كانون الٔول/‏ ديسسمبر ‎١٩٩٣‎م)‏ حسسب إحصاءية أعدتها م.ت.ف قد ششهدت<br />

اسستششهاد ١٥٤٠ فلسسطينياً،‏ وبلغ عدد الجرحى ١٣٠ ألفاً،‏ واعتقل حوالي ١١٦ ألفاً‏ لمدد<br />

مختلفة . ١٢٢<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

التطور السسياسسي:‏<br />

نهاول هنا الٕششارة باختصار إلى التطورات السسياسسية المتعلقة بالقضضية<br />

‏(‏‎١٩٩٦-١٩٨٧‎م)‏ بما يتناسسب ومنهجنا في إعطاء الصورة العامة التي تعين في دراسستنا<br />

للتيار الٕسسلامي وتجربته على أرضض فلسسطين.‏<br />

إذا كانت الانتفاضضة قد ششكلت أحد أبرز المظاهر السسامية في التاريخ الفلسسطيني،‏<br />

وعلى الرغم مما حققته من نتاءج إيجابية،‏ ومن تعاطف دولي واسسع مع حقوق الششعب<br />

الفلسسطيني إلا أن التطورات التي تلت ذلك قد صبّت في اتجاه وأد ‏ِالانتفاضضة،‏ واسستغلال<br />

ظروف م.ت.ف والضضعف العربي والٕسسلامي لتقديم المزيد من التنازلات للكيان<br />

الصهيوني،‏ وعمل تسسوية سسياسسية على حسساب حقوق أبناء فلسسطين والمسسلمين في<br />

الٔرضض المباركة.‏<br />

فقد سسارعت م.ت.ف لاسستشمار الانتفاضضة سسياسسياً،‏ وكان إحدى أواءل موءشرات<br />

التنازل ما عرف ب”وثيقة أبي شريف”‏ التي وزعت على المراسسلين الٔجانب في موءتمر<br />

القمة العربي بالجزاءر ‏(‏‎١٩٨٨/٦/٩-٧‎م)‏ والتي أرسسلت إلى إحدى الصهف الٔمريكية<br />

بتوقيع المسستششار الٕعلامي لرءيسس م.ت.ف بسسام أبو شريف،‏ حيش أششير للمرة الٔولى<br />

وبصراحة بقبول مبدأ‏ المفاوضضات المباشرة مع الكيان الٕسراءيلي،‏ وذهبت الوثيقة<br />

لضرورة قيام علاقات سسياسسية واقتصادية بين الدولة اليهودية والدولة الفلسسطينية<br />

‏“المرتقبة”‏ . ١٢٣ وعلى الرغم من أن المنظمة لم تعلن رسسمياً‏ الموافقة على الوثيقة،‏ لكن<br />

المراقبين اعتبروها ‏“بالون اختبار”‏ ترغب خلاله م.ت.ف أو تيار له وزنه داخلها بمعرفة<br />

انعكاسساتها ششعبياً‏ وعربياً‏ ودولياً‏ قبل تبنيها رسسمياً.‏<br />

واسستفادت م.ت.ف من قرار الٔردن فك َّ روابطه الٕدارية والقانونية مع الضضفة الغربية<br />

في ‎١٩٨٨/٧/٣١‎م ١٢٤ لتخوضض ما أسسمته ‏“هجوم السسلام الفلسسطيني”.‏<br />

ونجهت قيادة المنظمة في عقد المجلسس الوطني الفلسسطيني ال ١٩ في الجزاءر<br />

‏(‏‎١٩٨٨/١١/١٥-١٢‎م)‏ في دورة غير عادية عرفت ‏“بدورة الانتفاضضة”،‏ وششاركت<br />

في حضضوره معظم فصاءل م.ت.ف،‏ وفي هذا المجلسس تمّ‏ وضضع برنامج فلسسطيني<br />

قاءم على الاعتراف بقرار الٔمم المتهدة رقم ١٨١ الصادر في تشرين الشاني/‏ نوفمبر<br />

‎١٩٤٧‎م بتقسسيم فلسسطين إلى دولتين عربية ويهودية،‏ وانطلاقاً‏ من ذلك واسستناداً‏ إلى<br />

‏“الهق الطبيعي والتاريخي والقانوني للششعب العربي الفلسسطيني في وطنه فلسسطين...”‏<br />

١٧٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

تمّ‏ إعلان اسستقلال دولة فلسسطين،‏ ودعا المجلسس إلى تسسوية سسياسسية من خلال موءتمر<br />

دولي قاءم على أسساسس قراري مجلسس الٔمن رقم ٢٤٢ ‏(الصادر في تشرين الشاني/‏ نوفمبر<br />

‎١٩٦٧‎م)‏ ورقم ٣٣٨ ‏(الصادر في تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١٩٧٣‎م)،‏ كما دعا إلى الاعتراف<br />

بهق تقرير المصير للششعب الفلسسطيني،‏ وإقامة كونفيدرالية فلسسطينية - أردنية بعد<br />

إنجاز الاسستقلال الفلسسطيني . ١٢٥<br />

وعلى الرغم مما أحدثه البرنامج من ترحيب دولي،‏ وتوالي اعتراف عشرات الدول<br />

بالدولة الفلسسطينية المأمولة قبل أن تقوم على أرضض الواقع،‏ وعلى الرغم مما تضضمنه من<br />

تنازلات كبيرة...‏ إلا أن ذلك كله لم يكن كافياً‏ للولايات المتهدة لٕعطاء ياسر عرفات حتى<br />

مجرد تأششيرة لهضضور اجتماعات الٔمم المتهدة في نيويورك.‏<br />

وحتى يتم فته حوار رسسمي مع الولايات المتهدة اضضطر عرفات للٕعلان يوم<br />

‎١٩٨٨/١٢/١٥‎م بعبارات محددة الاعتراف الصريه ب“إسراءيل”،‏ وبالقرارين<br />

رقم ٢٤٢ و‎٣٣٨‎‏،‏ والتخلي عن ‏“الٕرهاب”‏ ونبذه بكافة صوره وأششكاله . ١٢٦ غير أن<br />

الدور الٔمريكي في الهوار لم يتجاوز محاولة جرّ‏ الجانب الفلسسطيني لتهقيق الشروط<br />

الٕسراءيلية.‏ وفي الانتخابات الٕسراءيلية في تشرين الشاني/‏ نوفمبر ‎١٩٨٨‎م مالت الكفة<br />

لصاله الليكود Likud والٔحزاب التي تلتقي معه،‏ وتمّ‏ تششكيل حكومة شراكة بين<br />

الليكود والعمل ، ١٢٧ Labour اسستمرت في سسياسسة المراوغة والضضغط على الفلسسطينيين<br />

وم.ت.ف دون أي تنازل جاد من طرفها.‏<br />

وفي أواخر الشمانينيات وأواءل التسسعينيات حدثت تغيرات على المسستوى العربي<br />

والدولي أضضعفت كشيراً‏ الموقف الفلسسطيني والعربي،‏ فقد حدش مزيد من الضضعف<br />

والتفكك في السساحة العربية،‏ خصوصاً‏ إثر الاجتياه العراقي للكويت في ‎١٩٩٠/٨/٢‎م<br />

وما نتج عنه من عداء بين البلاد العربية،‏ واسستنزاف الموارد والثروات العربية،‏ وتدمير<br />

البنية العسسكرية للعراق،‏ وهجرة وتهجير مئات الٓلاف من الفلسسطينيين من الكويت<br />

أثناء الاجتياه العراقي،‏ وبعد تحرير الكويت،‏ وما تلاه من حجب الدعم عن م.ت.ف...‏<br />

وبششكل عام فإن هذا الاجتياه وما اسستتبعه من ‏“حرب الخليج”‏ ونتاءجها كان له آثار<br />

كارثية على قضضية فلسسطين.‏<br />

أما في الٕطار الدولي فقد ششهدت هذه الفترة انهيار الاتحاد السسوفييتي وتفككه،‏ وكذلك<br />

كتلة الدول الاششتراكية،‏ وتحولها من حالة المنافسسة والعداء على أمريكا وحلفاءها إلى<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

حالة من التوافق و“الاسسترضضاء”‏ في ضضوء التهول نهو الرأسسمالية والديموقراطية<br />

الغربية،‏ والهاجة إلى المسساعدات الاقتصادية من الغرب.‏ وقد أسسهم ذلك في اختلال<br />

التوازن السسياسسي الدولي الذي كان يسستفيد منه الجانب الفلسسطيني والعربي إلى حد ٍّ ما،‏<br />

عندما كانت هناك حالة من التنافر والاسستقطاب تسسمه بمجال للمناورة.‏ وهكذا برزت<br />

الولايات المتهدة كقوة وحيدة أولى في العالم،‏ خصوصاً‏ بعد حرب الخليج في أواءل<br />

‎١٩٩١‎م.‏ وقد اسستشمرت ذلك في فرضض هيمنتها وإرادتها وتصوراتها لنظام عالمي جديد،‏<br />

كما سسعت لٕغلاق الملف الفلسسطيني بما يخدم مصاله حليفها الاسستراتيجي ‏“إسراءيل”.‏<br />

بينما قطف الكيان الٕسراءيلي ثماراً‏ غالية نتيجة انهيار الاتحاد السسوفيتي والدول<br />

الاششتراكية،‏ فأعادت هذه الدول علاقاتها الدبلوماسسية معها،‏ كما فتهت أبواب الهجرة<br />

اليهودية إلى فلسسطين المهتلة التي وصلها،‏ خصوصاً‏ من الاتحاد السسوفيتي،‏ خلال<br />

الفترة ‎١٩٩٥-١٩٨٩‎م ما يزيد عن ٦٣٠ ألف يهودي الكشير منهم من الكفاءات العلمية<br />

والعسسكرية العالية،‏ مما زاد من خطورة الكيان الٕسراءيلي ومشروعه في المنطقة . ١٢٨<br />

وفي هذه الٔجواء المشالية لٔمريكا و“إسراءيل”‏ نجهت الولايات المتهدة في جرّ‏ البلاد<br />

العربية إلى موءتمر السسلام العربي - الٕسراءيلي في مدريد في تشرين الٔول/‏ أكتوبر ‎١٩٩١‎م<br />

تلته مفاوضضات عربية - إسراءيلية مباشرة.‏ ولم تنفع حوالي سسنتين من المفاوضضات<br />

بين الجانب الفلسسطيني والجانب الٕسراءيلي في كسر التصلب الصهيوني.‏ وقد جاءت<br />

المفاجأة عندما أعلن عن اتفاق أوسسلو بين الطرفين،‏ حيش كششف النقاب عن مفاوضضات<br />

سرية كانت تجري بين الطرفين منذ ‎١٩٩٣/١/٢٠‎م من وراء ظهر الوفد الفلسسطيني<br />

الرسسمي المفاوضض ‏(برءاسسة حيدر عبد الششافي)‏ دون علم معظم قادة م.ت.ف،‏ وقد وقّع<br />

الاتفاق بالٔحرف الٔولى في ‎١٩٩٣/٨/١٩‎م في أوسسلو بالنرويج،‏ وتمّ‏ التوقيع عليه رسسمياً‏<br />

في واششنطن برعاية الرءيسس الٔمريكي بيل كلينتون Bill Clinton وحضضور ياسر عرفات<br />

ورءيسس الوزراء الٕسراءيلي إسسهق رابين ،Yitzhak Rabin ووقعه عن الجانب الفلسسطيني<br />

محمود عباسس،‏ وعن الجانب الٕسراءيلي وزير الخارجية ششمعون بيريز ،Shimon Peres<br />

كما وقعه وزيرا خارجية أمريكا وروسسيا كششاهدين . ١٢٩<br />

ونظراً‏ للٔهمية الهيوية والتاريخية لاتفاق أوسسلو،‏ والذي ما زلنا نعيشش ملابسساته<br />

وانعكاسساته فسسنورده بششيء من التفصيل.‏ فقد اتسسم هذا الاتفاق بالمرحلية،‏ إذ تضضمن<br />

حكماً‏ ذاتياً‏ في قطاع غزة وأريها أولاً‏ بهيش تنسسهب جزءياً‏ القوات الٕسراءيلية من<br />

هاتين المنطقتين فور التوقيع على الاتفاقية،‏ ويكتمل الانسسهاب بعد أربعة أششهر من<br />

١٧٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

توقيعه.‏ وخلال ششهرين من دخول الاتفاق حيز التنفيذ يتوصل الطرفان لاتفاقية حول<br />

انسسهاب ‏“إسراءيل”‏ من غزة وأريها تششمل نقلاً‏ محدوداً‏ للصلاحيات للفلسسطينيين،‏<br />

وتغطي التعليم والشقافة والصهة والشوءون الاجتماعية والضراءب المباشرة والسسياحة.‏<br />

وبعد تسسعة أششهر من تطبيق الهكم الذاتي تجري انتخابات مباشرة في الضضفة الغربية<br />

وقطاع غزة لانتخاب مجلسس فلسسطيني للهكم الذاتي،‏ وتقوم القوات الٕسراءيلية قبيل<br />

الانتخابات بالانسسهاب من المناطق المأهولة بالسسكان،‏ وإعادة الانتششار في الضضفة.‏<br />

ويتم تششكيل سسلطة فلسسطينية انتقالية ذاتية ‏“المجلسس المنتخب”‏ تششمل الضضفة الغربية<br />

والقطاع،‏ على أن صلاحيات السسلطة الفلسسطينية لا تششمل الٔمن الخارجي،‏ والمسستوطنات<br />

الٕسراءيلية في الضضفة والقطاع،‏ والعلاقات الخارجية،‏ والٕسراءيليين،‏ ولا القدسس.‏<br />

وتسستمر المرحلة الانتقالية من الهكم الذاتي خمسس سسنوات ول“إسراءيل”‏ حقّ‏ النقضض<br />

‏“الفيتو”‏ على أية تشريعات تصدرها السسلطة الفلسسطينية خلال المرحلة الانتقالية.‏<br />

وتجري المفاوضضات على الوضضع النهاءي بين الطرفين بعد عامين من بدء الهكم الذاتي،‏<br />

حيش سستهسسم القضضايا المعلقة مشل مسستقبل القدسس،‏ والمسستوطنات الٕسراءيلية،‏ وعودة<br />

اللاجئين.‏ وأششار الاتفاق إلى أن ما لا تتم تسسويته بالتفاوضض يمكن أن يتفق على تسسويته<br />

من خلال آلية توفيق يتم الاتفاق عليها بين الطرفين . ١٣٠<br />

وقد فششل الطرفان الفلسسطيني والٕسراءيلي في الاتفاق على تفصيلات المرحلة<br />

الٔولى ‏(غزة - أريها)‏ وانقضضت المهلة المهددة لانتهاء انسسهاب القوات الٕسراءيلية قبل<br />

أن تبدأ‏ هذه القوات أصلاً‏ بأي انسسهاب.‏ وبعد مزيد من التعنت الٕسراءيلي والتنازل<br />

الفلسسطيني توصل الجانبان لتوقيع اتفاق القاهرة ‏(أوسسلو ١) في ‎١٩٩٤/٥/٤‎م الذي<br />

َّ فصل المرحلة الٔولى من الاتفاق والجدولة الزمنية للانسسهاب الٕسراءيلي من قطاع غزة<br />

وأريها والترتيبات الٔمنية المتعلقة بذلك.‏ وبدأ‏ دخول الشرطة الفلسسطينية قطاع غزة في<br />

‎١٩٩٤/٥/١٨‎م،‏ وأدى أعضضاء سسلطة الهكم الذاتي اليمين الدسستورية أمام ياسر عرفات<br />

في أريها يوم ‎١٩٩٤/٧/٥‎م . ١٣١<br />

أما انسسهاب قوات الاحتلال الٕسراءيلي من المناطق المأهولة،‏ وإعادة انتششارها<br />

في الضضفة الغربية،‏ وإجراء انتخابات فلسسطينية في الضضفة والقطاع،‏ فقد تأخر حوالي<br />

سسنة ونصف،‏ حيش سسعى الكيان الٕسراءيلي لفرضض شروطه وتفسسيراته الخاصة،‏<br />

وربط إمكانية التقدم في المفاوضضات بمدى تمكن السسلطة الفلسسطينية من تحقيق الٔمن<br />

ل“إسراءيل”،‏ وبعبارة أخرى بمدى تمكن السسلطة الفلسسطينية من سسهق المعارضضة<br />

الفلسسطينية،‏ وخصوصاً‏ التيار الٕسسلامي وعلى رأسسه حركة حماسس.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

ولم يتم التوصل لتنفيذ اتفاق المرحلة الشانية من أوسسلو إلا بعد ‏“نجاه”‏ السسلطة<br />

إلى حد ٍّ بعيد في ‏“الاختبار”‏ الٕسراءيلي.‏ وقد تمّ‏ التوصل إلى هذا الاتفاق في طابا بمصر<br />

‏(أوسسلو ٢) وتمّ‏ توقيعه في ‎١٩٩٥/٩/٢٨‎م في واششنطن،‏ حيش اتفق على نقل صلاحيات<br />

الهكم الذاتي إلى بعضض أجزاء الضضفة الغربية،‏ وبالذات المدن والقرى<br />

الفلسسطينية ‏(أي المناطق المأهولة)‏ وهي لا تزيد بأي حال عن ٣٠% من مسساحة الضضفة.‏<br />

وأبقيت أجزاء من مدينة الخليل تحت الٕشراف الٔمني الٕسراءيلي،‏ أما جميع القرى<br />

الفلسسطينية فالٕشراف الٔمني عليها فلسسطيني - إسراءيلي مششترك،‏ وأما المناطق<br />

الٔخرى والمسستوطنات الٕسراءيلية فالٕشراف الٔمني عليها إسراءيلي . ١٣٢ وهكذا بدا<br />

الهكم الذاتي الفلسسطيني كجزر متناثرة في بهر أمني إسراءيلي!!‏<br />

لقد سسعى موءيدو اتفاق أوسسلو لتسسويقه باعتباره أفضضل ما يمكن تحصيله وفق<br />

الظروف الراهنة،‏ وبكونه يفته الٔمل لٕمكانية إنششاء دولة فلسسطينية في الضضفة والقطاع،‏<br />

ويوقف الزحف التهويدي الاسستيطاني في الٔرضض المهتلة،‏ ويتضضمن لٔول مرة اعترافاً‏<br />

إسراءيلياً‏ رسسمياً‏ بالششعب الفلسسطيني،‏ وبعضض حقوقه المشروعة،‏ واعترافاً‏ ب م.ت.ف<br />

ممشلة للششعب الفلسسطيني،‏ ويتعامل مع الضضفة والقطاع كوحدة إقليمية واحدة،‏ فضضلاً‏<br />

عن انسسهاب قوات الاحتلال الٕسراءيلي من مناطق في الضضفة والقطاع.‏<br />

وعلى الرغم من التأييد الذي لقيته الاتفاقات من حركة فته المهيمنة على م.ت.ف،‏<br />

والتي ما يزال لها وزنها في السساحة الفلسسطينية،‏ بالٕضضافة إلى بعضض الفصاءل والقوى<br />

الهامششية على السساحة،‏ فإنه لقي معارضضة ششاملة من التيار الٕسسلامي ‏(حماسس،‏ الجهاد<br />

الٕسسلامي)‏ ومن عدد من الفصاءل الفلسسطينية مشل الجبهة الششعبية بقيادة جورج حبشش،‏<br />

والجبهة الديموقراطية بقيادة نايف حواتمة وعدد آخر من الفصاءل ذات الهضضور<br />

المتواضضع في السساحة الفلسسطينية،‏ وقد تششكل من هذه القوى تحالف يضضم عشرة فصاءل<br />

معارضضة للاتفاق في ‎١٩٩٣/١٢/١٦-١٥‎م سسعت من خلاله لمواجهة اتفاق أوسسلو،‏<br />

وششكلت بمجملها تياراً‏ فلسسطينياً‏ واسسعاً،‏ غير أنها لم تتمكن عملياً‏ من إسسقاط الاتفاق<br />

لٔسسباب لا مجال لذكرها هنا،‏ وإن تمكنت من تنسسيق مواقفها ضضدّ‏ هذا الاتفاق،‏ كما لم<br />

يسسلم هذا الاتفاق من المعارضضة الششديدة أو المتهفظة من مجمل تيار المشقفين الفلسسطينيين<br />

حتى من أولئك الموءيدين للعملية السسلمية وموءتمر مدريد ممن هالهم حجم التنازلات<br />

الضضخم الذي قدمته م.ت.ف.‏<br />

١٧٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ونقف هنا لنششير إلى أبرز النقاط التي اسستند إليها التيار الٕسسلامي،‏ ومن اتخذ<br />

موقفاً‏ يماثله،‏ في اعتراضضه على اتفاقية أوسسلو:‏<br />

١. من الناحية الشرعية التي تششكل منطلق التفكير لدى الهركة الٕسسلامية،‏ فإن<br />

علماء المسسلمين الشقات أفتوا بعدم جواز التسسوية السسلمية حسسبما يريد الداعون<br />

إليها،‏ وبوجوب الجهاد المقدسس لتهرير الٔرضض المغتصبة،‏ وإرجاعها كاملة تحت راية<br />

الٕسسلام،‏ وباعتبار هذه المعركة مع الصهيونية على أرضض فلسسطين المباركة معركة<br />

بين حقّ‏ وباطل،‏ تتوارثها الٔجيال حتى يأذن االله بالنصر والتمكين،‏ كما أن قضضية<br />

فلسسطين هي قضضية كل المسسلمين الذين يرفضضون التنازل عن حقهم مهما طال الزمن،‏<br />

وليسست قضضية الفلسسطينيين وحدهم،‏ فضضلاً‏ عن أن تكون قضضية م.ت.ف أو قيادتها،‏<br />

وهناك فتاوى عديدة أصدرها العلماء،‏ وقد نُشرت إحداها سسنة ‎١٩٩٠‎م وجاء فيها<br />

أن ‏“الجهاد هو السسبيل الوحيد لتهرير فلسسطين،‏ وأنه لا يجوز بهال من الٔحوال<br />

الاعتراف لليهود بشبر من أرضض فلسسطين،‏ وليسس لششخص‏ أو جهة أن تقر اليهود<br />

على أرضض فلسسطين،‏ أو تتنازل لهم عن أي جزء منها أو تعترف لهم بأي حقّ‏ فيها”.‏<br />

وقد وقّع هذه الفتوى عشرات العلماء الكبار مشل يوسسف القرضضاوي،‏ ومحمد الغزالي،‏<br />

ووهبة الزحيلي،‏ وعمر الٔششقر،‏ وإبراهيم زيد الكيلاني،‏ وخالد المذكور،‏ وعبد االله عزام،‏<br />

وهمام سسعيد،‏ وعجيل النششمي،‏ ومحرم العارفي،‏ ومحمد أحمد الراششد،‏ وعصام البششير،‏<br />

وفيصل مولوي،‏ وطه جابر العلواني،‏ وأحمد العسسال،‏ وعبد السسلام الهراسس.‏ كما<br />

وقعها جمع من قادة الهركات الٕسسلامية أمشال راششد الغنوششي،‏ ومصطفى مششهور،‏<br />

ونجم الدين أربكان،‏ وبرهان الدين رباني،‏ وحكمتيار،‏ ومحفوظ النهناه،‏ وأبو الليش<br />

الندوي،‏ وقاضضي حسسين أحمد،‏ وفتهي يكن . ١٣٣<br />

٢. تعترف قيادة م.ت.ف من خلال الاتفاق ‏“بهق إسراءيل في الوجود”‏ وبشرعية<br />

احتلالها وملكيتها ل ٧٨% من أرضض فلسسطين التي احتلت سسنة ‎١٩٤٨‎م وتششكلت عليها<br />

‏“دولة إسراءيل”‏ وتخرج هذه الٔرضض من داءرة المفاوضضات والصراع.‏<br />

٣. تتعهد م.ت.ف بالتوقف مطلقاً‏ عن المقاومة المسسلهة والانتفاضضة،‏ وبإلغاء وحذف<br />

كافة البنود الداعية لتهرير فلسسطين،‏ وتدمير الكيان الصهيوني من ميشاقها الوطني الذي<br />

قامت على أسساسسه،‏ وتتعهد بهلّ‏ كافة المششاكل بالطرق السسلمية.‏ وفي المقابل لا يوجد أي<br />

تعهد إسراءيلي بانسسهاب كامل من الضضفة والقطاع،‏ أو إعطاء الششعب الفلسسطيني حقوقه<br />

المشروعة كاملة في الضضفة والقطاع.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

٤. إن أهم وأخطر القضضايا تمّ‏ تأجيل بهشها إلى مفاوضضات المرحلة النهاءية،‏ ولم يعطِ‏<br />

الكيان الٕسراءيلي أية وعود إيجابية حقيقية بششأنها،‏ وظلت المسسألة مرتبطة بمدى<br />

‏“الكرم الٕسراءيلي”‏ الذي يملك عناصر القوة وأوراق اللعبة بعد أن جردت م.ت.ف<br />

نفسسها من الانتفاضضة والكفاه المسسله،‏ والتزمت بالطرق السسلمية فقط بالمفاوضضات،‏<br />

وهذه القضضايا هي:‏<br />

أ.‏ مسستقبل مدينة القدسس،‏ والتي يجمع الٕسراءيليون أنها عاصمتهم الٔبدية،‏ غير<br />

القابلة للمسساومة أو التنازل.‏<br />

ب.‏ مسستقبل اللاجئين الفلسسطينيين خارج فلسسطين،‏ وهم يزيدون عن<br />

أربعة ملايين نسسمة أي أكثر من نصف ششعب فلسسطين.‏<br />

ج.‏ مسستقبل المسستوطنات الٕسراءيلية في الضضفة والقطاع،‏ حيش توجد<br />

١٢٦ مسستوطنة في الضضفة و‎١٤‎ مسستوطنة في القطاع،‏ في الوقت الذي<br />

صادرت فيه ‏“إسراءيل”‏ أكثر من نصف أراضضي الضضفة والقطاع . ١٣٤<br />

٥. لا يتضضمن الاتفاق أية إششارة صريهة أو ضضمنية عن إعطاء الفلسسطينيين حقهم في<br />

تقرير المصير،‏ أو إقامة دولتهم المسستقلة،‏ ولو على جزء من فلسسطين.‏<br />

٦. لا تتضضمن مسوءوليات السسلطة الفلسسطينية الٔمن الخارجي والهدود،‏ ولا يسستطيع<br />

أحد دخول مناطق السسلطة دون إذن إسراءيلي حتى لو كان مسوءولاً‏ فلسسطينياً‏ كبيراً،‏ كما<br />

لا تتضضمن مسوءوليات السسلطة العلاقات الخارجية،‏ وليسس لها ولاية أو سسلطة قانونية<br />

على الٕسراءيليين في مناطقها،‏ ولا تملك تششكيل جيشش،‏ وأية أسسلهة تذهب للسسلطة يجب<br />

أن تتم بموافقة إسراءيلية...‏ .<br />

٧. الهصيلة العملية للاتفاق إدارة حكم ذاتي بصلاحيات تنفيذية محدودة متعلقة<br />

بإدارة الشوءون اليومية للفلسسطينيين كالصهة والتعليم والٕسسكان والضراءب،‏ وهو ما<br />

حاولت ‏“إسراءيل”‏ أن تفعله لسسنوات عديدة.‏ وسستكون هذه الٕدارة ‏“السسلطة الفلسسطينية”‏<br />

مرتبطة بالاحتلال،‏ وتحت هيمنته المباشرة،‏ ولا تملك السسيادة أو السسلطة على الٔرضض<br />

التي تحكمها.‏<br />

٨. ل“إسراءيل”‏ حقّ‏ النقضض ‏“الفيتو”‏ على أية تشريعات تصدرها السسلطة الفلسسطينية<br />

خلال المرحلة الانتقالية.‏<br />

٩. منذ البداية أخذت ‏“إسراءيل”‏ تتنكر لعهودها ومواثيقها،‏ وتعدّ‏ أن المواعيد المتفق<br />

عليها ليسست مقدسسة...،‏ وأن الوصول للششكل النهاءي لن يأخذ بالضرورة ثلاش<br />

سسنوات،‏ وإنما قد يصل إلى سسنوات كشيرة.‏<br />

١٧٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١٠. أصبهت سسلطة الهكم الذاتي،‏ في ضضوء تعهداتها السسلمية،‏ مضضطرة لقمع وسسهق<br />

أي جهاد وعمليات مسسلهة ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي،‏ ومحاربة الفصاءل والمنظمات التي لم<br />

تدخل طرفاً‏ في الاتفاق،‏ والتي أصرت على اسستمرار المقاومة والجهاد.‏ ووجدت السسلطة<br />

نفسسها،‏ عملياً،‏ أداةً‏ لهماية الٔمن الٕسراءيلي في مناطقها،‏ وتعاونت أمنياً‏ مع السسلطات<br />

الٕسراءيلية،‏ وقامت بهملات اعتقال واسسعة للمجاهدين في عقب كل عملية جهادية<br />

يقومون بها ضضدّ‏ الصهاينة،‏ إثباتاً‏ ل“حسسن نواياها”‏ وحرصها على ‏“السسلام”.‏ وقد<br />

يهدد هذا باحتمالات حرب أهلية فلسسطينية يكون الخاسر الوحيد فيها الفلسسطينيون<br />

أنفسسهم.‏<br />

١١. لا تششير الاتفاقية إلى الضضفة والقطاع كأراضض ‏ٍمحتلة،‏ مما يعزز الاعتقاد بأنها<br />

مجرد أراضض ‏ٍمتنازع عليها.‏<br />

١٢. من حقّ‏ ‏“إسراءيل”‏ الدخول متى ششاءت في مناطق السسلطة إذا رأت أن حالتها<br />

الٔمنية تسستدعي ذلك،‏ وأن السسلطة الفلسسطينية لا تقوم بواجبها.‏<br />

١٣. فته هذا الاتفاق على مصراعيه للدول العربية والٕسسلامية وغيرها ممن<br />

يوءيد قضضية فلسسطين لعقد اتفاقات وبناء علاقات مع الكيان الٕسراءيلي،‏ وأعطى<br />

الفرصة للكيان الصهيوني لفكّ‏ العزلة عن نفسسه،‏ والتغلغل في المنطقة،‏ وتحقيق الهيمنة<br />

الاقتصادية،‏ ونشر الفسساد والانهلال،‏ وغسسل العقل العربي المسسلم،‏ وضرب القوى<br />

الٕسسلامية والوطنية في المنطقة.‏<br />

١٤. تفردت قيادة م.ت.ف بالموافقة على الاتفاق والاتفاقات التي تلته دون الرجوع<br />

للششعب الفلسسطيني،‏ وحتى في أطرها القيادية كان هناك الكشير من الاعتراضض والٕرباك،‏<br />

وقاطع عدد من أعضضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة الاجتماعات أو اسستقالوا،‏ وكانت الموافقة<br />

تتم في اللجنة التنفيذية بأكثرية ضضئيلة . ١٣٥<br />

١٥. حتى في داخل حركة فته وفي صفها الٔول لقيت الاتفاقية معارضضة قوية من<br />

فاروق قدومي وخالد الهسسن وهاني الهسسن،‏ وأبدى اعتراضضات وتحفظات عديدة<br />

قيادات مشل محمود غنيم وصخر حبشش ومحمد جهاد وعباسس زكي...‏ وغيرهم.‏ ونشرت<br />

العشرات من التصريهات والمقالات لهوءلاء القادة طوال الفترة الماضضية،‏ فمشلاً‏ اعتبر<br />

فاروق قدومي مسسيرة اتفاقية أوسسلو مسسيرة عابشة ، ١٣٦ وأن حصيلة اتفاق أوسسلو بعد<br />

عام من توقيعه هي صفر . ١٣٧<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وقال هاني الهسسن:‏ إن التسسوية ضرورة إسراءيلية وضرورة أمريكية وإلا لما حدثت،‏<br />

وطالب ب“إسسقاط الخط السسياسسي لمدرسسة العجز الذاتي”،‏ وذكر بأن أهل أوسسلو أدخلوا<br />

الششعب في أزمة ششاملة . ١٣٨ وحتى إن الششعور بالٕحباط كان يلاحق عر َّابي اتفاق أوسسلو،‏<br />

فنبيل ششعش الذي كان يقود الوفد الفلسسطيني لمفاوضضات لجنة الارتباط الفلسسطينية -<br />

الٕسراءيلية في القاهرة قال بعد أكثر من سسنة وثلاثة أششهر من توقيع الاتفاق:‏ إن حصيلة<br />

عملية السسلام هي ‏“صفر حتى الٓن”‏ . ١٣٩ أما محمود عباسس الذي وقع بنفسسه اتفاق<br />

أوسسلو،‏ فقد اعتزل في فترة لاحقة،‏ وحمل على أداء السسلطة الفلسسطينية ورءيسسها ياسر<br />

عرفات بششدة،‏ واتهم عرفات بالٕصرار على السسيطرة على كل الٔمور،‏ وتجاهله أعضضاء<br />

اللجنة المركزية لفته واللجنة التنفيذية لمنظمة التهرير ، ١٤٠ وحتى عرفات نفسسه قال:‏<br />

‏“أخششى بأني تسرعت في التصديق على أوسسلو،‏ وأخششى أن أكون قد أخفقت في مهمتي”،‏<br />

وأضضاف ‏“لقد خذلني العدو والصديق”‏ . ١٤١<br />

١٦. وحتى العديد من المفكرين الفلسسطينيين ممن كانوا يوءيدون تسسوية سسلمية<br />

بشروط معينة أذهلهم حجم التنازلات في اتفاق أوسسلو من أمشال الدكتور هششام شرابي<br />

والدكتور إدوارد سسعيد.‏ فمشلاً‏ ذكر إدوارد سسعيد لجريدة الهياة أن عرفات ‏“ور َّط ششعبه<br />

بمصيدة لا مخرج منها”‏ وأنه ألقى بنفسسه بين الٕسراءيليين والٔمريكيين،‏ وأنه يريد<br />

السسيطرة على الهكم بطريقة مطلقة،‏ وأن يبقى مسوءولاً‏ عن كل ششيء دون أن يهاسسبه<br />

أحد...‏ . ١٤٢ واتهم هششام شرابي القيادة الفلسسطينية بأنها ‏“تبدو وكأنها لا تدري ما يجري<br />

حولها”،‏ وأنها ‏“لا تعرف كيف يوءخذ القرار،‏ وكيف يتم تقرير المصير”،‏ وقال:‏ ‏“إنها<br />

تقريباً‏ على مسستوى درجة الصفر بقدرتها على مجابهة الكفاءات الٕسراءيلية والتعامل<br />

معها”‏ . ١٤٣<br />

حركة المقاومة الٕسسلامية ‏(حماس)**:‏<br />

تعدّ‏ حركة حماسس جناحاً‏ من أجنهة الٕخوان المسسلمين بفلسسطين،‏ وامتداداً‏ من<br />

امتداداتها،‏ وهي حسسب ميشاقها الذي صدر في ‎١٩٨٨/٨/١٨‎م تعدّ‏ الٕسسلام منهجها،‏ منه<br />

تسستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها،‏ وإليه تحتكم،‏ ومنه تسسترششد خطاها . ١٤٤<br />

** ملاحظة:‏ معلومات هذا الكتاب محدثة حتى صيف ١٩٩٦.<br />

١٨١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وتهدف حماسس إلى تحرير فلسسطين،‏ وإقامة دولة الٕسسلام عليها،‏ وإعادة الهقوق إلى<br />

أصهابها،‏ وتعدّ‏ نفسسها سسنداً‏ لكل مسستضضعف،‏ ونصيراً‏ لكل مظلوم . ١٤٥<br />

وترى حماسس أن فلسسطين أرضض وقف إسسلامي على أجيال المسسلمين إلى يوم القيامة،‏<br />

لا يصه التفريط بها،‏ أو بجزء منها،‏ أو التنازل عنها،‏ أو عن جزء منها،‏ وأنه لا حلّ‏ لقضضية<br />

فلسسطين إلا بالجهاد في سسبيل االله،‏ وأن العمل على تحريرها فرضض عين على كل مسسلم<br />

حيشما كان . ١٤٦<br />

وأبدت حماسس في ميشاقها اهتماماً‏ بتربية الٔجيال تربية متكاملة،‏ وأعطت للمرأة<br />

المسسلمة دوراً‏ لا يقل عن دور الرجل في معركة التهرير،‏ وششجعت الفن الٕسسلامي الذي<br />

يعبئ طاقات الٔمة للجهاد،‏ وأكدت على التكافل والتضضامن الاجتماعي،‏ ومراعاة مصاله<br />

الجماهير،‏ ورفضضت الطعن والتششهير بالٔششخاص‏ والجماعات،‏ وحشت على بيان الهق،‏<br />

وتبنيه بهكمة وموضضوعية . ١٤٧<br />

ونظرت حماسس نظرة احترام وتقدير إلى الهركات الٕسسلامية،‏ وبادلت الهركات<br />

الوطنية الفلسسطينية وم.ت.ف الاحترام،‏ وقدرت جهودها والظروف التي أحاطت بها،‏<br />

لكنها رفضضت في الوقت نفسسه الفكرة العلمانية معتبرة أنها لن توءدي إلى التهرير . ١٤٨<br />

وأكدت حماسس على اعتبارها حركة إنسسانية تلتزم بسسماحة الٕسسلام في النظر إلى أتباع<br />

الديانات الٔخرى،‏ ولا تعادي إلا من يناصبها العداء . ١٤٩<br />

ودعت حماسس الٔدباء والمشقفين ورجال التربية والٕعلام والخطباء وسساءر القطاعات<br />

في العالم العربي والٕسسلامي إلى القيام بدورهم،‏ كما حذرت من خطورة الهجمة<br />

الصهيونية على المنطقة،‏ ومحاولات الاختراق والهيمنة والٕفسساد التي تقوم بها،‏ ودعت<br />

إلى التصدي لها . ١٥٠<br />

التأييد الششعبي:‏<br />

ويهظى التيار الٕسسلامي الذي تتزعمه حماسس بتأييد واسسع في السساحة الفلسسطينية.‏<br />

ومنذ سسنوات عديدة تحصل الكتل الٕسسلامية الموءيدة لهماسس ‏(أو الٕخوان المسسلمين)‏<br />

التي تششارك في الانتخابات الطلابية والنقابات المهنية بششكل منفرد على ما لا يقل عن<br />

ثلش الٔصوات،‏ وبما يزيد أحياناً‏ عن نصف الٔصوات،‏ وبمعدلات تقارب ٤٠-٤٥% من<br />

مجمل الٔصوات.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

ويفوز عادة موءيدو حماسس في جامعة غزة بنسسب تزيد عن ٧٠% من الٔصوات ، ١٥١<br />

كما يفوزون عادة في انتخابات جامعة القدسس وجامعة الخليل ، ١٥٢ وقد فازوا في انتخابات<br />

جامعة بيرزيت في أيار/‏ مايو ‎١٩٩٦‎م،‏ والتي تعدّ‏ معقلاً‏ لموءيدي م.ت.ف . ١٥٣ وفي جامعة<br />

النجاه بنابلسس يبدون كفرسسي رهان مع الكتلة المنافسسة والموءيدة لفته ومن يتهالف<br />

معها،‏ حيش النتاءج متقاربة ، ١٥٤ ولهم حضضورهم القوي في جامعة بيت لهم.‏<br />

وينطبق معيار الششعبية نفسسه على النقابات المهنية كاتحادات المهندسسين والمهاسسبين<br />

والٔطباء والصيادلة والمهامين والمعلمين...،‏ ففي جمعية المهامين بقطاع غزة حصلت<br />

الكتلة الٕسسلامية على ٣٨,٩%، وفي جمعية المهندسسين بقطاع غزة حصلت حماسس على<br />

٤٩%، وفي جمعية المهاسسبين القانونيين على ٤٨,٤%، وفي اتحاد موظفي وكالة الغوش<br />

على ...%٤٤,٧ ١٥٥ .<br />

وفي انتخابات الغرف التجارية حصل الٕسسلاميون على نسسب عالية،‏ ففازوا بششكل<br />

سساحق في انتخابات غرفة تجارة وصناعة الخليل في آذار/‏ مارسس ‎١٩٩٤‎م،‏ كما فازوا في<br />

غرفة تجارة وصناعة رام االله التي تعد معقلاً‏ تقليدياً‏ للقوى الوطنية المنافسسة،‏ فهصلوا<br />

على ٤٩,٩%، بينما حصل اءتلاف الفصاءل الفلسسطينية على ٣٨,٣%. وفي غرفة تجارة<br />

وصناعة نابلسس فاز التهالف الموءيد ل م.ت.ف ب ٥٠,٢%، بينما حصل موءيدو التيار<br />

الٕسسلامي على ٤٥,٦%، وفي غرفة تجارة وصناعة غزة فاز تحالف الفصاءل الفلسسطينية<br />

الموءيد ل م.ت.ف ب ٥٤,٤%، بينما حصل الاتجاه الٕسسلامي على ٣٧,٥% من الٔصوات في<br />

الانتخابات التي جرت في ‎١٩٩١/١١/٤‎م . ١٥٦<br />

وفي دراسسة أجراها د.‏ محمود الزهار حول نسسب التأييد للاتجاهات المختلفة من خلال<br />

انتخابات الاتحادات الطلابية والمهنية في ٢٣ موءسسسسة في الضضفة والقطاع لانتخابات<br />

أجريت في ‎١٩٩٢-١٩٩١‎م وجد أن نسسبة ششعبية التيار الٕسسلامي في هذه الٔوسساط هي<br />

في حدود %٤٥,٨ ١٥٧ .<br />

ولا يتوافر مراكز اسستطلاع للرأي العام يمكن الركون بارتياه إلى نتاءجها،‏ فبعضضها<br />

يفتقر الكفاءة لٕجراء اسستطلاعات واسسعة تتسسم بالدقة،‏ وبعضضها يفتقر إلى الهياد؛ لٔنه<br />

مدعوم من أطراف يهمها خروج النتاءج بششكل يخدمها.‏ وينطبق ذلك على أنششط هذه<br />

المراكز،‏ وهو مركز البهوش والدراسسات الفلسسطينية بنابلسس المدعوم من ياسر عرفات<br />

وفته،‏ والذي تعطي موءشرات الششعبية لديه عادة حركة فته حوالي ٤٠% من الٔصوات،‏<br />

١٨٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وحماسس حوالي ١٥%، والجبهة الششعبية ٦%، والجهاد الٕسسلامي ٣,٨% ١٥٨ ، ولا يبعد ذلك<br />

كشيراً‏ عن النتاءج التي أعطاها ‏“مركز القدسس للٕعلام والاتصال”‏ الذي ذكر أن نتاءج<br />

اسستبيانه ‏(الذي نشر في حزيران/‏ يونيو ‎١٩٩٥‎م)‏ تعطي فته ٤٦,٦% وحماسس ١٨,٢%<br />

من الٔصوات . ١٥٩<br />

وقد قاطع الٕسسلاميون ومعارضضو التسسوية السسلمية انتخابات الهكم الذاتي في<br />

الضضفة الغربية وقطاع غزة،‏ بما لم يوفر مجالاً‏ لدراسسة الششعبية الهقيقية للاتجاهات<br />

المختلفة.‏ مع العلم أن ششخصية إسراءيلية كبيرة هي يوءيل زنجر ،Yoel Singer<br />

المسستششار القانوني لوزارة الخارجية الٕسراءيلية،‏ قد توقعت أن يهصل التيار الٕسسلامي<br />

على ٤٠% من الٔصوات في انتخابات الهكم الذاتي في حال مششاركتها،‏ وقال:‏ إن م.ت.ف<br />

الموءيدة لعرفات سستهصل على ٥٠% والجناه اليسساري ١٠% ١٦٠ .<br />

وبغضض النظر عن نسسب التصويت،‏ فإنه مما لا ششكّ‏ فيه أن التيار الٕسسلامي يتمتع<br />

بهضضور قوي على السساحة الفلسسطينية،‏ ولا ينبغي المبالغة في تقديره،‏ أو التقليل من ششأنه؛<br />

لٔن انتخابات الطلاب والقطاعات المهنية لا تعكسس داءماً‏ مجمل التداخلات والتعقيدات<br />

والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسسياسسية التي تعيششها قطاعات المجتمع...،‏ حيش<br />

تدخل العششاءرية،‏ ونوعية المرششهين،‏ ومكانتهم الاجتماعية والسسياسسية،‏ وإمكاناتهم<br />

المادية،‏ وحملاتهم الدعاءية،‏ ودورهم في الٔمور الخدماتية،‏ وماضضيهم النضضالي...‏<br />

كعوامل مرجهة في الانتخابات.‏ كما توءثر الٔحداش على مسسار الانتخابات كالعمليات<br />

الاسستششهادية،‏ والهصار الاقتصادي،‏ وتحقيق السسلطة لبعضض المكاسسب المرحلية...‏<br />

وغير ذلك.‏ كما لا ينبغي حصر دراسسة نسسب الششعبية والتمشيل الفلسسطيني في<br />

الضضفة الغربية وقطاع غزة فقط.‏ فالتيار الٕسسلامي هو الٔقوى في فلسسطين المهتلة<br />

سسنة ‎١٩٤٨‎م على المسستوى الششعبي،‏ وكذلك التيار الٕسسلامي في الٔردن،‏ حيش عبرت<br />

التجمعات ذات الٔصول الفلسسطينية في الانتخابات البرلمانية العامة ‏(‏‎١٩٨٩‎م و‎١٩٩٣‎م)‏<br />

وفي النقابات والجامعات عن دعم متفوق للتيار الٕسسلامي...،‏ كما يششهد التيار الٕسسلامي<br />

الفلسسطيني في لبنان تصاعداً‏ مُطرداً،‏ وفي دول الخليج العربي كذلك،‏ وبلاد المهجر في<br />

أوروبا والٔمريكيتين.‏<br />

وعلى أي ِّ حال فإن حركة المقاومة الٕسسلامية أصبهت تمشل حالة ششعبية متصاعدة،‏<br />

ومنهجاً‏ متفرداً،‏ وأصبهت تتصدر المقاومة الفعلية للاحتلال بعد دخول م.ت.ف في<br />

التسسوية السسلمية،‏ وينبغي تقديرها وفق الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة الهرجة.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

إن المفكر الفلسسطيني المعروف د.‏ هششام شرابي،‏ الٔسستاذ بجامعة جورج تاون<br />

،Georgetown University والمعروف بميوله العلمانية تحدش بإعجاب عن حماسس<br />

في مقابلة مع جريدة هآرتسس ،Haaretz وقال:‏ ‏“إن حركة المقاومة الٕسسلامية هي حركة<br />

سسياسسية عسسكرية،‏ أفرزتها الانتفاضضة الفلسسطينية،‏ وأصبهت اليوم الٕطار الموحد<br />

والجامع للمقاومة الفلسسطينية”،‏ وقال:‏ إنها ليسست فصيلاً‏ آخر ينضضم تحت لواء<br />

م.ت.ف،‏ ولكنها ‏“الششكل الجديد للمقاومة الفلسسطينية”....‏ ‏“إن المقاومة الٕسسلامية<br />

بعكسس منظمة التهرير الفلسسطينية لا تمشل فئات وتنظيمات تقاسسمت فيما بينها<br />

مراكز مهمة ‏“تحرير فلسسطين”‏ وأموال دعمها،‏ بل تمشل إطاراً‏ تنظيمياً،‏ يجمع الششعب<br />

الفلسسطيني تحت راية الٕسسلام،‏ وششعارات تنبع من دين الششعب وتراثه،‏ التي يوءمن بها<br />

الكبير والصغير،‏ المشقف والٔمي،‏ والٔكثرية الفقيرة من الششعب”...‏ وقال شرابي:‏ ‏“لقد<br />

نجهت هذه المقاومة حتى الٓن فيما عجزت عنه منظمة التهرير وفصاءلها خلال أكثر<br />

من ربع قرن،‏ في اسستنباط أششكال جديدة لتنظيم الششعب الفلسسطيني وتمكينه من الصراع<br />

العسسكري الفعال باسستقلال عن كلّ‏ عون خارجي”‏ . ١٦١<br />

القيادة السسياسسية:‏<br />

ومع اسستمرار الانتفاضضة أخذت تتكششف تدريجياً‏ في الصهف أسسماء العديد من<br />

القيادات السسياسسية لهماسس أو المهسسوبة عليها،‏ وكان أبرزها الششيخ أحمد ياسسين الذي<br />

يعدّ‏ موءسسسس حماسس وششيخ الانتفاضضة،‏ وفي قطاع غزة عرفت قيادات عديدة<br />

أمشال د.‏ عبد العزيز الرنتيسسي ود.‏ محمود الزهار ومحمد ششمعة وعبد الفتاه دخان<br />

وسسيد أبو مسسامه وأحمد بهر...،‏ وفي الضضفة الغربية برزت أسسماء جمال سسليم<br />

وحسسن يوسسف وجميل حمامي...،‏ وفي خارج فلسسطين ترددت أسسماء د.‏ موسسى أبو مرزوق،‏<br />

رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس،‏ وخالد مششعل،‏ ناءب رءيسس المكتب السسياسسي،‏<br />

وإبراهيم غوششة،‏ الناطق الرسسمي باسسم حماسس،‏ ومحمد نزال،‏ ممشل حماسس في الٔردن،‏<br />

ومنير سسعيد،‏ ممشلها في السسودان،‏ ومصطفى القانوع،‏ ممشلها في سسورية،‏ ومصطفى اللداوي،‏<br />

ممشلها في لبنان،‏ وعماد العلمي الذي كان يمشلها في إيران،‏ وأسسامة حمدان،‏ ممشلها الهالي<br />

في إيران.‏<br />

وقد عانت القيادات والرموز السسياسسية المهسسوبة على حماسس،‏ خصوصاً‏ داخل<br />

فلسسطين المهتلة من عمليات الاعتقال والتعذيب والٕبعاد،‏ وما يزال العديد من قياداتها<br />

في السسجون الٕسراءيلية من أمشال الششيخ أحمد ياسسين وعبد العزيز الرنتيسسي...،‏ أو في<br />

١٨٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

سسجون سسلطة الهكم الذاتي الفلسسطينية وكشيراً‏ ما تتعدد مرات الاعتقال والٕفراج لهذه<br />

الششخصيات حيش طال الاعتقال والٕيذاء معظمهم إن لم يكن كل َّهم.‏<br />

وفي خارج فلسسطين كان أبرز أحداش الاعتقال هو قبضض الولايات المتهدة في<br />

‎١٩٩٥/٧/٢٥‎م على د.‏ موسسى أبو مرزوق،‏ رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس،‏<br />

بمطار كنيدي في نيويورك بهجة مخالفة قوانين الهجرة الٔمريكية.‏ ويبدو أن هذا<br />

الاعتقال كان وفق رغبة ‏“إسراءيلية”‏ إذ إن أسسسس الاتهام لا تسستند إلى أي أدلة<br />

منطقية ثابتة،‏ فأبو مرزوق وعاءلته يملكون البطاقة الخضراء ،Green Card ولم<br />

يخالف القوانين الٔمريكية طوال إقامته السسابقة فيها مدة ١٤ عاماً،‏ ولم يرتكب عملاً‏ ضضدّ‏<br />

الولايات المتهدة،‏ ثم إن حماسس حصرت عملها في داخل فلسسطين لمقاومة الاحتلال،‏ والذي<br />

أجازته مواثيق الٔمم المتهدة وقراراتها.‏ وقد بدا واضضهاً‏ أن سسبب الاعتقال كان سسياسسياً‏<br />

عندما أصدرت محكمة إسراءيلية أمراً‏ باعتقال أبو مرزوق لٔول مرة في ‎١٩٩٥/٧/٣١‎م،‏<br />

وطالب الكيان الٕسراءيلي الولايات المتهدة رسسمياً‏ بتسسليمه في ‎١٩٩٥/٨/٧‎م ريشما يقدم<br />

الكيان الٕسراءيلي المسستندات اللازمة في مهلة أقصاها ششهرين.‏ وقد قد َّمت هذه الٔوراق<br />

قبل انتهاء المهلة،‏ واششتملت على حوالي ألف صفهة،‏ وتتضضمن عريضضة الدعوى ٢٢ بنداً‏<br />

تسستند أسساسساً‏ على اعترافات تحت التعذيب أدلى بها عضضو حماسس محمد صلاه الذي كان<br />

يعمل بأمريكا،‏ والذي اعتقلته السسلطات الٕسراءيلية عندما زار فلسسطين المهتلة.‏ وتتضضمن<br />

لواءه الاتهام ارتكاب جراءم القتل العمد وغير العمد وإيقاع الٔذى المتعمد والٕصابة<br />

بجروه...‏ وتوجيه وتنسسيق الٔعمال ‏“الٕرهابية”لهماسس في الٔرضض المهتلة . ١٦٢<br />

غير أنه من الصعب توجيه تهم متعلقة بالعمل المسسله لقيادات حماسس السسياسسية؛<br />

لٔنها لا تقوم بالتوجيه المباشر لجهازها العسسكري الذي يتمتع باسستقلالية وحرية حركة<br />

واسسعة،‏ بينما تقوم قيادات ورموز حماسس السسياسسية بالتعبير عن أيديولوجية الهركة<br />

ومنهجها ومواقفها السسياسسية،‏ وتعبئة الجماهير دون أن تمارسس أي عمل مسسله.‏ ويُظهر<br />

اعتقال أبي مرزوق مدى التنسسيق والتعاون بين الٕدارة الٔمريكية والكيان الٕسراءيلي<br />

ضضدّ‏ حماسس الذي يهدف إلى إضضعافها وإرباك عملها،‏ ودفع مسسيرة التسسوية السسلمية،‏<br />

وتحقيق مكاسسب انتخابية إسراءيلية - أمريكية.‏<br />

وقد اسستمرت محاكمة أبو مرزوق أششهر عديدة،‏ وفي ‎١٩٩٦/٥/٨‎م أصدر القاضضي<br />

الاتحادي الٔمريكي كيفين دافي ،Kevin Duffy المعروف بعداءه للٕسسلاميين،‏ قراراً‏<br />

بالسسماه بتسسليم أبي مرزوق إلى السسلطات الٕسراءيلية،‏ واعتبر أن الٔدلة التي قدمتها<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

السسلطات الٕسراءيلية كافية لتسسليمه وأن أبو مرزوق ‏“ينتمي إلى موءامرة اسسمها<br />

حماسس”‏ !! ١٦٣ وقد رفعت قضضية أبو مرزوق إلى محاكم الاسستئناف الٔمريكية،‏ وما يزال<br />

إلى لهظة كتابة هذه السسطور معتقلاً‏ في أمريكا...‏ وربما تأخذ القضضية وقتاً‏ طويلاً.‏<br />

أما حركة حماسس فبذلت جهوداً‏ عديدة للٕفراج عن زعيمها،‏ وأصدرت بيانات اتهمت<br />

فيها الٕدارة الٔمريكية بالخداع والخبش،‏ وحذ َّرت من تسسليمه للكيان الٕسراءيلي باعتبار<br />

ذلك خطاً‏ أحمر سسيعني تجاهله دخولها بششكل مباشر طرفاً‏ في الصراع بين الششعب<br />

الفلسسطيني والاحتلال الصهيوني ‏“وهو ما لا تحمد عقباه”،‏ وتعهدت بصون كرامة<br />

قادتها السسياسسيين والٕفراج عنهم بكافة الوسساءل المتاحة لديها . ١٦٤<br />

دور حركة حماس‏ في الانتفاضضة والجهاد:‏<br />

ربما يتسساءل البعضض عن مدى قوة وتأثير العمل الجهادي الفلسسطيني المعاصر،‏<br />

ولعل البعضض يجده ضضئيلاً‏ قياسساً‏ إلى التجربة الجهادية في أفغانسستان مشلاً‏ أو الجزاءر<br />

حيش بذلت مئات الٓلاف من الششهداء في معارك ضضارية لسسنوات عديدة.‏ ولسسنا هنا في<br />

معرضض الرد،‏ ولكن توضضيهاً‏ للٔمور نقول:‏ إن المقارنة غير صهيهة وتفتقر إلى الدقة،‏<br />

ولعل النقاط التالية تعين في اسستيعاب الصورة بششكل أفضضل:‏<br />

١. إن الكيان الٕسراءيلي من أكفئ وأقوى الٔنظمة العسسكرية في العالم وما ينفقه على<br />

الٔمن يزيد عن الميزانيات الكاملة لعدد من الدول العربية مجتمعة.‏ ويسستطيع أن يهششد<br />

في حالة التعبئة حوالي مليون جندي من أصل ٤,٥ ملايين هي عدد اليهود في فلسسطين<br />

المهتلة ‏(حسسب الٕحصاءيات في نهاية ‎١٩٩٥‎م)،‏ ثم إن كل اليهود ذكوراً‏ وإناثاً‏ يبدوءون<br />

التدريب العسسكري في سسن ٍّ مبكرة،‏ ثم يدخلون التدريب العسسكري الٕجباري في سسنّ‏<br />

ال ١٨، وكل من انتهى من تدريبه،‏ إن لم يدخل الجيشش،‏ يعدّ‏ جندي احتياط يسستدعى<br />

للخدمة عند الهاجة.‏<br />

٢. الكيان الٕسراءيلي يتمتع بالتأييد والدعم الدولي من الدول الكبرى وعلى رأسسها<br />

الولايات المتهدة،‏ ويتلقى منها مسساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار سسنوياً،‏ ويسستفيد<br />

أولاً‏ بأول من التكنولوجيا العالمية المتطورة في السسلاه والٔمن والمعدات وغيرها.‏ والدول<br />

الكبرى وأوروبا وكشير من دول العالم تعترف ب“حقّ‏ إسراءيل في الوجود”وبدولتها<br />

المنششأة على ٧٨% من أرضض فلسسطين.‏ وهذه الدول تقف مع هذا الكيان في حال تعرضضه<br />

للخطر أو أي تحديات جدية.‏ وهذا بخلاف ما حدش في أفغانسستان مشلاً‏ عندما دعمت<br />

١٨٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الولايات المتهدة وأوروبا،‏ فضضلاً‏ عن العالم الٕسسلامي الجهاد ضضدّ‏ الاتحاد السسوفيتي،‏<br />

الذي كانت تجد فيه عدوها ومنافسسها التقليدي.‏<br />

٣. مسساحة أرضض فلسسطين صغيرة مقارنة بالجزاءر وأفغانسستان مشلاً،‏ فهي حوالي<br />

١% فقط من مسساحة الجزاءر،‏ فضضلاً‏ عن أن التضضاريسس في فلسسطين لا تسساعد كشيراً‏ على<br />

حرب العصابات وتششكيل قواعد عسسكرية طويلة الٔمد مقارنة بأفغانسستان والجزاءر،‏<br />

وهذا أفقد مجاهدي فلسسطين الكشير من القدرة على المناورة والعمل والاسستمرار.‏<br />

٤. لم ينعم مجاهدو فلسسطين بقواعد عسسكرية ومراكز تحششيد وانطلاق في الدول<br />

المهيطة بالكيان الٕسراءيلي،‏ بعكسس المقاومة الٔفغانية التي كان لها قواعدها في باكسستان،‏<br />

وقد مُنع مجاهدو فلسسطين من ششن ِّ العمليات من خارج الٔرضض المهتلة،‏ وأغلقت في<br />

وجوههم طرق الٕمداد والتسسليه،‏ وقد جعل هذا أي عمل على مسستوى كبير أمراً‏ يكاد<br />

يكون مسستهيلاً.‏<br />

٥. إن أبناء فلسسطين الموجودون بكشافة في مسساحات ضضيقة تحت الاحتلال موضضوعون<br />

تحت رقابة أمنية لصيقة تحصي عليهم أنفاسسهم،‏ تصادر أرضضهم،‏ وتدمر بيوتهم،‏<br />

وتحاربهم في معيششتهم،‏ وتعتقل وتقتل دونما تردد.‏<br />

٦. إن قضضية فلسسطين أسساسساً‏ ليسست قضضية الفلسسطينيين وحدهم،‏ وإنششاء الكيان<br />

الٕسراءيلي جاء نتيجة تآمر دولي كبير لزرعه في قلب العالم الٕسسلامي وتمزيقه ومنع<br />

وحدته وإبقاء الهيمنة الغربية - الصهيونية عليه.‏ ولذلك فالقضضية أكبر من أن تكون<br />

قضضية الفلسسطينيين وحدهم،‏ وإنما قضضية المسسلمين كلهم،‏ ولا يمكن أن تحُل َّ هذه القضضية<br />

إلا إذا ارتقى المسسلمون أنفسسهم إلى مسستوى التهدي.‏<br />

٧. إن المعركة لم تتخذ بعد طابعها الٕسسلامي العام،‏ ولم تتول َّ الهركة الٕسسلامية<br />

الفلسسطينية بعد القيادة السسياسسية للششعب الفلسسطيني،‏ وهي ما تزال تعاني من ضضعف<br />

الٕمكانات،‏ وششهّ‏ الدعم العربي والٕسسلامي،‏ وعدم توفر قواعد التدريب والتهششيد<br />

والٕسسناد.‏<br />

٨. إن منظمة التهرير الفلسسطينية التي لا ششكّ‏ بأن لها ثقلها الكبير في السساحة قد<br />

دخلت في التسسوية السسلمية وتخلت عن البندقية،‏ وتعاونت مع السسلطات الٕسراءيلية في<br />

ضرب المقاومة الٕسسلامية والجهاد،‏ بهجة الهفاظ على التزاماتها في اتفاقيات السسلام.‏<br />

٩. لا يجوز حصر الجهاد في فلسسطين في فترة الانتفاضضة وما بعدها،‏ فمنذ العشرينيات<br />

من هذا القرن وجذوة الجهاد مسستعرة،‏ وقد بذل الفلسسطينيون عشرات الٓلاف من<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

الششهداء ومئات الٓلاف من الجرحى،‏ وما يزال هناك حوالي أربعة ملايين فلسسطيني<br />

مشرد في أرجاء الٔرضض.‏<br />

إن العوامل السسابقة جعلت العمل الجهادي في فلسسطين ‏(في هذه المرحلة)‏ كمن يسسبه<br />

عكسس تيار جارف،‏ بل إن عملاً‏ جهادياً‏ مهما كان نوعه وبسساطته يسستهق التقدير في مشل<br />

هذه الٔجواء التي تخاذل فيها الكشيرون وهم يلهشون نهو اتفاقات السسلام مع الكيان<br />

الٕسراءيلي،‏ ويضضيقون حتى على من يجمع الزكاة والخيرات لٔيتام فلسسطين ونسساءها<br />

وششيوخها،‏ فضضلاً‏ عن مجاهديها،‏ ويدينون كل عملية يقوم بها المجاهدون،‏ ويصفونها<br />

ب“الٕرهاب“.‏<br />

غير أن ما سسبق لا يخلي أبناء فلسسطين،‏ وخصوصاً‏ التيار الٕسسلامي من المسوءولية،‏<br />

فما زال أمامه الكشير من العمل للارتقاء بأفراده وتقوية صفه الداخلي وموءسسسساته،‏<br />

وتحديد برامجه واسستراتيجياته،‏ وفي توسسيع داءرة انتششاره وتأييده وسسط الششعب<br />

الفلسسطيني،‏ وفي توعية العالم الٕسسلامي بدوره ومسوءولياته...،‏ وفي إبقاء جذوة المقاومة<br />

والجهاد مهما غلت التضضهيات...‏ .<br />

وفي مشل هذه الظروف،‏ فإن جهاد الهركة الٕسسلامية في فلسسطين لا يسستهدف تحريرها<br />

عاجلاً‏ ومباشرة،‏ وإنما يتعامل معها كمعركة طويلة الٔمد ربما تتداولها الٔجيال حتى<br />

يأذن االله بالنصر.‏ ففي مشل هذه الٔجواء الهالكة تسسعى الهركة الٕسسلامية لتجاوز<br />

المرحلة بالمهافظة على الهق وإبقاء جذوة الجهاد.‏ وهو ما عبر الناطق الرسسمي باسسم<br />

حركة حماسس إبراهيم غوششة عنه عندما قال:‏<br />

حركة حماسس هي حركة ششعبية محدودة الٕمكانات والفعاليات،‏ هدفها<br />

الرءيسسي والٔسساسسي،‏ كما ذكرت سسابقاً،‏ أن تبقى جذوة الجهاد والمقاومة في<br />

أرضض فلسسطين،‏ ولتبقى ماءة سسنة أخرى...،‏ وإذا كانت الهروب الصليبية قد<br />

اسستمرت طوال ماءتي عام حتى تمّ‏ التخلص‏ من الغزاة فإن حركة حماسس تنظر إلى<br />

الصراع مع الصهاينة بنفسس طويل،‏ ليسستمر الصراع مع الصهاينة ماءة سسنة أخرى<br />

نهن لسسنا في عجلة من أمرنا،‏ أهم ما في الموضضوع أن يبقى الششعب الفلسسطيني<br />

متمسسكاً‏ بأرضضه،‏ ويعبر عن هذا التمسسك بالمقاومة والجهاد . ١٦٥<br />

وفي ضضوء ما سسبق يمكن فهم الدور الجهادي لهركة حماسس وغيرها من الهركات<br />

الجهادية،‏ وهو دور أثبت تواجده على السساحة،‏ وفرضض نفسسه على الٔحداش على<br />

١٨٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

الرغم مما واجهه من صعوبات وضضعف الٕمكانات،‏ وقد أمكن لهماسس تجاوز هذه<br />

الصعوبات بوجود نوعية من الرجال مسستعدة للتضضهية والاسستششهاد.‏ ويعترف<br />

المهللون الٕسراءيليون أن ‏“حماسس قد صكت نماذج جديدة للٕنسسان الفلسسطيني،‏ وهم<br />

الاسستششهاديون الجدد“‏ ، ١٦٦ ويذكر أحد الخبراء أن حماسس قد أثبتت أنها الرقم الٔصعب<br />

في المعادلة الفلسسطينية . ١٦٧<br />

ويقول زءيف ششيف ،Ze'ev Schiff الخبير العسسكري الٕسراءيلي،‏ عن حماسس ‏“أن<br />

إسراءيل تواجه كياناً‏ أيديولوجياً‏ يلتزم بمبادءه مهما كانت الظروف والضضغوط قاسسية،‏<br />

فكلما نجهت قوات الٔمن في اعتقال عدد من ناششطي حماسس كانت حماسس تتعافى وتعود<br />

من جديد”‏ . ١٦٨<br />

ومن جهة أخرى فقد طورت حماسس إمكاناتها وقدراتها الذاتية وكفاءة عملها،‏ فقد ذكر<br />

مصدر عسسكري رفيع المسستوى في الجيشش الٕسراءيلي ‏“أن هناك ارتفاعاً‏ هاماً‏ في قدرتهم<br />

التنفيذية،‏ وهناك تحسسن واضضه في جمع المعلومات الاسستخبارية،‏ ولا سسيّما على مسستوى<br />

المعلومات الضرورية للعمليات،‏ وهم يسستخلصون العبر،‏ ويهللون ويفهصون،‏<br />

ويجمعون الهقاءق قبل التنفيذ،‏ ويهددون ويصيبون من الضربة الٔولى”‏ . ١٦٩ ونسسبت<br />

جريدة الجيروزاليم بوسست The <strong>Jerusalem</strong> Post الٕسراءيلية إلى د.‏ يفراه زلبرمان<br />

Yifrakh Zilberman من معهد ترومان Truman Institute التابع للجامعة العبرية،‏<br />

وهو خبير مهتم بهماسس قوله عنها ‏“المنظمة تتمتع بالديناميكية،‏ وهذا جزء مهم من سرّ‏<br />

قوتها،‏ إنها تعمل على أسساسس المبادرة والقيادة في الششارع الفلسسطيني،‏ وهناك مجموعات<br />

متفرعة متهالفة لكن بغير بنية قيادية ثابتة،‏ وتحت ظروف الانتفاضضة يعتبر ذلك<br />

ميزة”‏ . ١٧٠ أما الجنرال أوري سساغي ،Uri Sagi رءيسس ششعبة الاسستخبارات العسسكرية،‏<br />

فذكر في مقابلة مع جريدة يديعوت أحرونوت الٕسراءيلية Yedioth Ahronoth في<br />

‎١٩٩٣/٤/٥‎م أن رجال حماسس ‏“يعرفون المنطقة أكثر من القوات الٕسراءيلية التي<br />

تواجههم ولديهم أسساليب عمل متطورة...،‏ لديهم مسستوى عال ‏ٍمن السرية ومن مراقبة<br />

القوات الٕسراءيلية،‏ ويهضرون لعملياتهم تحضضيراً‏ جيداً”،‏ وقال:‏ إن حماسس تنفذ<br />

عمليات ‏“بارزة وقاسسية”‏ . ١٧١<br />

إن قوة أداء حماسس على السساحة دفع وزير الٕسسكان والبناء الٕسراءيلي الجنرال<br />

بنيامين بن إليعازر ،Binyamin Ben-Eliezer الذي ششغل منصب القاءد العسسكري<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

للضضفة الغربية سسابقاً،‏ إلى القول في أواخر آذار/‏ مارسس ‎١٩٩٣‎م إن أمام ‏“إسراءيل”‏<br />

خيارين،‏ إما الرضضوخ وإما مواصلة المواجهة حتى النهاية،‏ و”نهن اخترنا الشاني،‏ وعلينا<br />

أن نقرر من يهكم هنا حركة حماسس أم حكومة إسراءيل”‏ . ١٧٢<br />

وحسسب تصريه إبراهيم غوششة فإن حماسس قد قدمت منذ الانتفاضضة حوالي<br />

٧٠٠ ششهيد ١٧٣ فضضلاً‏ عن آلاف الجرحى والٔسرى والمعتقلين،‏ وهو رقم لا يبدو يسسيراً‏ في<br />

أجواء العمل الصعبة في فلسسطين،‏ ودون الدخول في معارك ‏“تحرير”‏ وحروب ومواجهة<br />

ذات طبيعة ششاملة مع الكيان الٕسراءيلي.‏<br />

وعلى أي حال،‏ فسسنقدم في الصفهات التالية مجملاً‏ لفعاليات حماس‏ الجهادية.‏<br />

مع بروز حماسس بششكل متزايد منذ بدء الانتفاضضة تصاعدت وتيرة نششاطها الجهادي،‏<br />

فقد تطورت هذه الفعاليات من الٕضرابات والمظاهرات وكتابة الششعارات على الجدران<br />

والبيانات،‏ وإششعال الٕطارات في الششوارع إلى إلقاء الهجارة وقنابل المولوتوف على جنود<br />

العدو.‏ وتطورت إلى عمليات طعن الجنود الٕسراءيليين بالسسكاكين وتصفية العملاء<br />

والخونة،‏ ثم إلى مهاجمة العدو بالٔسسلهة الرششاششة ونصب الكماءن وتفجير السسيارات<br />

الملغومة.‏ وقد زادت سسنوات الانتفاضضة حماسس خبرة وصلابة وإبداعاً،‏ واسستعصت<br />

على حملات السسهق والٕبادة والاعتقال،‏ ولولا أن م.ت.ف دخلت في التسسوية السسلمية<br />

ونسسقت بنششاط وفعالية مع السسلطات الٕسراءيلية لوأد جهاد حماسس وإيقافه،‏ لكان<br />

لفعالية حماسس الجهادية ششأن آخر.‏<br />

كان من أواءل عمليات حماسس العسسكرية ضضدّ‏ جنود الاحتلال خطف الجندي آفي<br />

سساسسبورتسس Avi Sasportas في ‎١٩٨٩/٢/٣‎م وقتله،‏ ثم خطف الجندي إيلان سسعدون<br />

Ilan Sa'adon في ‎١٩٨٩/٥/٣‎م وقتله . ١٧٤ وقد تلى ذلك حملة مكشفة ششنتها السسلطات<br />

الٕسراءيلية في أيار/‏ مايو ‎١٩٨٩‎م ضضدّ‏ عناصر حماسس وموءيديها،‏ حيش اعتقلت المئات،‏<br />

وكان من أبرز المعتقلين ششيخ الانتفاضضة وموءسسسس حماسس الششيخ أحمد ياسسين،‏ الذي<br />

اتهم بقيادة حماسس وإصدار التوجيهات والفتاوى بالعمليات وقتل العملاء.‏ وقد حُ‏ كم<br />

على الششيخ أحمد ياسسين بالسسجن الموءبد مرتان،‏ بالٕضضافة إلى ١٥ عاماً‏ أخرى!!‏ وهو<br />

الششيخ المقعد المششلول الجسسد تماماً،‏ والذي يعاني من أمراضض مزمنة وصعبة وناهز<br />

عمره السستين عاماً،‏ لكنه يهتفظ بعزة المسسلم،‏ ويسستعلي على آلامه وأعداءه،‏ ويهر ِّك<br />

بهمته وإصراره أمةً‏ همدت واسستكانت ُ وشل َّت حركتها تجاه قُدسسها وأرضضها المباركة،‏<br />

ويلهم بصبره وتضضهيته الٔجيال،‏ نسسأل االله أن يأجره ويشبته ويفر ِّج عنه.‏<br />

١٩١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ومما قاله الششاعر خالد أبو العمرين في إثر اعتقال الششيخ أحمد ياسسين:‏<br />

كنت الهلال سسجين الجسسم هامد واليوم تمّ‏ البدر والٔنوار<br />

هي حكمة المولى بأنك مقعد يهوي أمام حماسسه الفجار<br />

يا أحمد الياسسين أنت إمامنا ويششدنا إيمانك الجبار<br />

قد أقعدتنا ششهوة وهزيمة وتقوم أنت يمينك الٕعصار<br />

يا أحمد الياسسين خفف سرعة زعماوءنا أقدامهم فخ َّ ار<br />

يا أيها البطل المهر ِّك أمة هلا تحرك سسادة وكبار<br />

يا ميت الجسسم الصغير أقمتنا تحي هزال جسسومنا الٔحجار<br />

١٧٥<br />

سسبهان ربي إن هذي آية وبها يزول الخوف والٕعذار<br />

وقد ظهر من التهقيقات التي انتزعتها السسلطات الٕسراءيلية تحت التعذيب وجود<br />

ثلاثة أجنهة لهركة حماسس:‏<br />

• الجناه السسياسسي الذي اتهم الششيخ أحمد ياسسين بقيادته.‏<br />

• والجناه العسسكري ‏(المجاهدون)‏ الذي اتهم صلاه ششهادة بقيادته.‏<br />

• والجناه الٔمني ‏(مجد)‏ الذي اتهم يهيى السسنوار بقيادته . ١٧٦<br />

غير أن حماسس سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها واسستأنفت نششاطها الجهادي،‏ فكان<br />

منها عملية الششيخ عجلين في غزة في ‎١٩٨٩/١١/١٣‎م،‏ والتي أدت لمقتل جنديين،‏ وعملية<br />

البقعة في ‎١٩٩٠/١٠/٢٠‎م،‏ حيش أوقع عامر أبو سرحان ثلاثة قتلى،‏ وعملية هيشم ششفيق<br />

جملة في ‎١٩٩٠/١٠/٢٩‎م التي أدت لاسستششهاده ومقتل مسستوطن،‏ وعملية الانطلاقة في<br />

‎١٩٩٠/١٢/١٤‎م،‏ والتي أوقعت ثلاثة قتلى،‏ وبعد هذه العملية الٔخيرة بالذات تعرضضت<br />

حماسس لهملة اعتقالات واسسعة ششملت معظم عناصرها وموءيديها،‏ غير أنها تجاوزت<br />

المهنة،‏ وخرجت أصلب عوداً،‏ وأكثر تنبهاً‏ وجرأة وخبرة،‏ فكانت عملية محمد أبو جلالة<br />

في ‎١٩٩١/٣/١٠‎م التي أوقعت أربعة قتلى،‏ وعملية راتب زيدان في ‎١٩٩١/١٠/١١‎م التي<br />

أوقعت قتيلين و‎١١‎ جريها‎١٧٧ً‎ . ونششطت عناصرها الجهادية تحت تششكيل ‏“كتاءب الششيخ<br />

الششهيد عز الدين القسسام”‏ الذي تُعزى بدايات تششكيله السرية إلى أيار/‏ مايو ‎١٩٩٠‎م ، ١٧٨<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وأخذت تقوم بعمليات نوعية قوية لم تسستطع الهملات المتوالية وكافة وسساءل البطشش<br />

والتنكيل والملاحقة الصهيونية أن توقفها،‏ مما يظهر مدى إصرار حماسس على الجهاد<br />

وتجذ ُّرها وششعبيتها وقدرتها على التجنيد وكفاءتها في العمل والاسستمرار في ظروف<br />

صعبة جداً.‏<br />

وليسس هنا مجال لتتبع كافة عمليات حماسس العسسكرية،‏ وإنما سسنمرّ‏ بأبرز محطات<br />

جهادها.‏ فمع الذكرى الخامسسة للانتفاضضة صعدت حماسس عملياتها فهاجم مجاهدوها<br />

في ‏“عملية الششجاعية”‏ في ‎١٩٩٢/١٢/٧‎م سسيارة جيب عسسكرية وقتلوا ثلاثة جنود<br />

إسراءيليين،‏ ووصفت جريدة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر في ‎١٩٩٢/١٢/٨‎م<br />

كتاءب القسسام بأنها ‏“أجرأ‏ الخلايا الموجودة في المناطق،‏ حيش تمتاز بالهكمة والجرأة<br />

القتالية،‏ ويمتازون بالذكاء والمهارة العسسكرية”‏ . ١٧٩<br />

ثم قامت حماسس ‏“بعملية الهاووز”‏ في الخليل في ‎١٩٩٢/١٢/١٢‎م فهاجمت دورية<br />

إسراءيلية وقتلت جندياً‏ وجرحت اثنين آخرين أحدهما جروحه خطيرة . ١٨٠ غير أن<br />

الهادش الذي هزّ‏ أمن الكيان الصهيوني في الصميم،‏ وكانت له انعكاسساته الواسسعة<br />

محلياً‏ ودولياً‏ هو عملية ‏“الوفاء للششيخ أحمد ياسسين”‏ إذ قام مجاهدو حماسس باختطاف<br />

العسسكري الٕسراءيلي نسسيم توليدانو Nissim Toledano وهو برتبة رقيب أول في<br />

‎١٩٩٢/١٢/١٣‎م،‏ بينما كان يغادر منزله في مدينة اللد متوجهاً‏ إلى مقر سريته في حرسس<br />

الهدود في رام االله،‏ وقاموا بإخفاءه وطالبوا بإطلاق سراه الششيخ أحمد ياسسين مقابل<br />

إطلاق سراحه وأعطوا مهلة عشر سساعات لذلك.‏ وقد ماطلت السسلطات الٕسراءيلية<br />

ورفضضت ‏“الرضضوخ تحت ضضغط الخاطفين”‏ فقامت حماسس بتنفيذ تهديدها،‏ إثباتاً‏<br />

لجديتها،‏ وقتلت توليدانو بعد انتهاء المهلة المقررة . ١٨١<br />

ششك َّل اختطاف توليدانو إهانة وصفعة كبيرة للٔمن الٕسراءيلي الذي يفاخر بأنه من<br />

أكفئ الٔجهزة في العالم،‏ وهزّ‏ اختطافه من أمام بيته مَنْ‏ هم ‏“أحرص‏ الناسس على حياة”،‏<br />

فقامت السسلطات الٕسراءيلية بهملة تنكيل واعتقالات ششملت حوالي ١٣٠٠ من موءيدي<br />

حماسس،‏ وألقى رءيسس الوزراء إسسهق رابين خطاباً‏ في البرلمان الٕسراءيلي ‏“الكنيسست”‏<br />

أعلن فيه الهرب الششاملة على حركة حماسس،‏ ونقلت إذاعة الجيشش الٕسراءيلي عن<br />

مصدر عسسكري رفيع المسستوى في الجيشش أن ‏“حماسس أصبهت العدو الٔول والصانع<br />

الرءيسسي للٕرهاب،‏ وسسيششمل القمع كل البنية السسياسسية والعسسكرية...”‏ . ١٨٢ وقامت<br />

السسلطات الٕسراءيلية بإبعاد ٤١٥ رجلاً‏ أغلبهم من الٕسسلاميين الموءيدين لهماسس ومن<br />

١٩٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ضضمنهم أيضضاً‏ عدد من موءيدي حركة الجهاد الٕسسلامي،‏ ونفذ هذا القرار مسساء الخميسس<br />

‎١٩٩٢/١٢/١٧‎م حيش قُذف بالمبعدين خارج الهدود الفلسسطينية الششمالية مع لبنان،‏<br />

غير أن المبعدين رفضضوا الٕبعاد وأقاموا في ‏“مرج الزهور”بين الهاجزين الهدوديين<br />

اللبناني والٕسراءيلي.‏ وقد عانى المبعدون وصمدوا في ظروف قاسسية،‏ وعرف العالم<br />

حقيقة الظلم الذي يعانيه ششعب فلسسطين،‏ خصوصاً‏ وأن الٕبعاد ششمل الكشير من<br />

الششخصيات الٔكاديمية والعلماء والٔسساتذة والمهندسسين والٔطباء.‏ وتحت الضضغط الدولي<br />

ولٔن المبعدين كسسبوا المعركة الٕعلامية،‏ وافق الٕسراءيليون على العودة التدريجية<br />

للمبعدين التي اكتملت بعد عام من الٕبعاد ، ١٨٣ غير أن العديد منهم لم يسسلم من الاعتقال<br />

والسسجن وعلى رأسسهم د.‏ عبد العزيز الرنتيسسي الذي ظلّ‏ معتقلاً‏ حتى آب/‏ أغسسطسس<br />

‎١٩٩٦‎م.‏<br />

وششهدت ‎١٩٩٣‎م تطوراً‏ نوعياً‏ في أداء كتاءب عز الدين القسسام،‏ الذراع<br />

العسسكري لهركة حماسس،‏ فهسسب إحصاءية أعدها الباحش غسسان دوعر قامت<br />

حماسس ب ١٣٨ عملية عسسكرية تنوعت من الكماءن إلى الهجمات الخاطفة وخطف الجنود<br />

والعمليات الاسستششهادية والاششتباكات المسسلهة وغيرها.‏ وقد خسر الكيان الصهيوني<br />

جراء هذه العمليات ٧٩ قتيلاً‏ و‎٢٢٠‎ جريهاً‏ حسسبما ذكرت المصادر الٕسراءيلية،‏ غير أن<br />

الخسساءر حسسبما تششير الدلاءل أكبر من ذلك بكشير،‏ أما حماسس فقد قدت ٣٣ ششهيدا‎١٨٤ً‎ ،<br />

وليسس هناك تقليل لخسساءر حماسس فجميع الٔحداش والٔسسماء معروفة،‏ لكن أسساليب<br />

حرب العصابات ونصب الكماءن والعمليات الاسستششهادية وتفجير السسيارات المفخخة<br />

التي اعتمدتها حماسس جعل إمكانية الٕصابة في القوات الٕسراءيلية أكبر منها في حماسس.‏<br />

وكان من العمليات المميزة عملية تصفية النقيب حاييم ميخاءيل نهماني<br />

Haim Nahmani في ‎١٩٩٣/١‎م ٣/ ، و هو ضضا بط في جها ز ا لٔ‏ من ا لعا م<br />

‏(الششاباك)‏ (Shabak) ،Israel Security Agency-ISA وكان نهماني المعروف<br />

باسسم ‏“كابتن عفيف”‏ يُعد أحد أفضضل وأنششط عناصر جهاز الششاباك،‏ وقد ششكلت هذه<br />

العملية اختراقاً‏ لجهاز الٔمن الصهيوني،‏ إذ تمكن ماهر أبو سرور من توثيق صلته<br />

ب”الكابتن عفيف”‏ وإظهار التعاون معه ك”مخبر”‏ بينما أعد له ماهر كميناً‏ محكماً‏ أدى<br />

إلى مقتله طعناً‏ بالسسكاكين في ضضاحية ريهافيا بالقدسس . ١٨٥<br />

أما عملية ‏“مسسيرة الٔكفان”‏ الاسستششهادية في ‎١٩٩٣/٤/١٦‎م فقد اخترقت سسيارة جيب<br />

مفخخة مسستوطنة ميهولا Mehola داخل فلسسطين المهتلة سسنة ‎١٩٤٨‎م ششمال شرق<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

فلسسطين،‏ وانفجرت السسيارة في سساحة مطعم،‏ يعج ُّ عادة بالجنود الصهاينة،‏ بين حافلتين<br />

عسسكريتين كانتا تنزلان جنوداً‏ مما أسسفر عن سسقوط عشرات القتلى والجرحى،‏ غير أن<br />

السسلطات الٕسراءيلية أعلنت عن مقتل اثنين فقط وجره سسبعة آخرين . ١٨٦<br />

وفي ‎١٩٩٣/٤/٢٠‎م قتل زكريا الششوربجي الكابتن ‏“أبو عوني”‏ ضضابط في الششاباك<br />

وثلاثة جنود،‏ قبل أن يسستششهد في اششتباك عنيف في حي التفاه في غزة،‏ ولم يتمكنوا من<br />

قتله إلا بعد قصف المنازل بالصواريخ والقذاءف المضضادة للدروع وتدمير ١٩ منزلاً،‏<br />

حيش اسستششهد بششظايا أحد الصواريخ التي أطلقت على المنزل الذي كان يتهصن فيه . ١٨٧<br />

وفي معركة وادي الخليل في ‎١٩٩٦/٥/١٩‎م حاصرت قوات كبيرة مجموعة من<br />

المجاهدين في حي عيطة جنوب غرب الخليل،‏ وتمكن المجاهدون من الانسسهاب بعد<br />

أن أحصوا ثلاثة قتلى و‎١١‎ جريهاً‏ إسراءيلياً،‏ واسستششهد اثنان من حماسس هما حاتم<br />

المهتسسب ويعقوب مطاوع . ١٨٨<br />

ومرة أخرى ووفاءً‏ للششيخ أحمد ياسسين وللمعتقلين في السسجون الٕسراءيلية قام ثلاثة<br />

من مجاهدي حماسس ‏(صلاه عشمان وماهر أبو سرور ومحمد الهندي)‏ في ‎١٩٩٣/٧/١‎م<br />

باحتجاز باص‏ إسراءيلي في القدسس يُقل ُّ أربعين راكباً،‏ وطالبوا مقابل الٕفراج عن الرهاءن<br />

بالٕفراج عن الششيخ أحمد ياسسين،‏ وعن خمسسين عنصراً‏ من كتاءب عز الدين القسسام،‏ وعن<br />

عشرة من الجهاد الٕسسلامي،‏ وعشرة من فته،‏ وعشرة من الجبهة الششعبية،‏ وعشرة<br />

من الجبهة الششعبية - القيادة العامة،‏ وعشرة من الجبهة الديموقراطية والٕفراج كذلك<br />

عن الششيخ عبد الكريم عبيد زعيم ‏“حزب االله”‏ اللبناني غير أن الجيشش الٕسراءيلي هاجم<br />

الهافلة وحدش تبادل لٕطلاق النار جره على أثره صلاه عشمان بجروه خطيرة،‏ وتمكن<br />

الٓخران من الانسسهاب حيش تمت ملاحقتهما إلى أن اسستششهدا،‏ وأصيب من الٕسراءيليين<br />

حسسب روايتهم قتيلان وثلاثة جرحى . ١٨٩<br />

وقام عضضو حماسس سسليمان زيدان في ‎١٩٩٣/١٠/٤‎م بتفجير سسيارته المفخخة<br />

في حافلة عسسكرية إسراءيلية تقل ُّ جنوداً‏ من القوات الخاصة قرب مسستوطنة بيت إيل<br />

ششمال مدينة رام االله،‏ واعترفت السسلطات الٕسراءيلية بجره ٢٨ جندياً‏ وسساءق الهافلة<br />

ومسستوطن.‏ وفي اليوم نفسسه أعلنت السسلطات الٕسراءيلية عن مصرع ثلاثة جنود اثنان<br />

منهم انتهاراً‏ والشالش في مباراة كرة القدم!!‏ ، ١٩٠ ومن عادة الصهاينة نسسبة إصاباتهم إلى<br />

حوادش متفرقة مراعاة للروه المعنوية والوضضع الٕسراءيلي الداخلي.‏<br />

١٩٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وكان من أبرز نماذج الاسستششهاد التي اهتزت لها فلسسطين اسستششهاد عماد حسسن<br />

عقل،‏ الذي ولد في مخيم جباليا في ‎١٩٧١/٦/١٩‎م ونششأ‏ نششأة إسسلامية وسسجن في<br />

‎١٩٨٨/٩/٢٣‎م بتهمة الانتماء لهماسس والمششاركة في الانتفاضضة وخرج من المعتقل في<br />

آذار/‏ مارسس ‎١٩٩٠‎م،‏ ثم أصبه مسوءولاً‏ في مجموعة ‏“الششهداء”‏ التابعة لكتاءب القسسام،‏<br />

والتي عملت ششمال القطاع،‏ وأصبه مطارداً‏ من القوات الٕسراءيلية منذ كانون الٔول/‏<br />

ديسسمبر ‎١٩٩١‎م،‏ وقد تنقل في جهاده وتجنيده للعناصر بين قطاع غزة والقدسس<br />

والخليل . ١٩١<br />

واسستطاع على الرغم من حالة المطاردة الهشيشة أن يقوم بعمليات عديدة موجعة<br />

وناجهة حولته إلى كابوسس يطارد مطارديه.‏ وكان يسسعى للششهادة داءماً‏ ويقول:‏<br />

‏“ماذا يسستطيع رابين أن يفعل ضضدّ‏ ششاب قرر أن يموت؟”‏ ، ١٩٢ وتنسسب إليه المصادر<br />

العسسكرية الٕسراءيلية قتل ١١ جندياً‏ وأحد المسستوطنين الٕسراءيليين وأربعة عملاء،‏<br />

فضضلاً‏ عن الكشير من الجرحى،‏ وهو ما كانوا يعدّونه ‏“أكثر السسجلات دموية لٔي مخرب<br />

فلسسطيني”‏ . ١٩٣<br />

وقد كان اسستششهاد عماد عقل في ‎١٩٩٣/١١/٢٤‎م،‏ بعدما أفطر من صيام تطوع عند<br />

بعضض زملاءه في حي الششجاعية في قطاع غزة،‏ إذ ششعر بمهاصرة المكان فقال لٕخوانه<br />

‏“حضر موعد اسستششهادي”.‏ وبالفعل فقد كانت قوات كبيرة من الجيشش الٕسراءيلي<br />

وحرسس الهدود قُد ِّرت بسستين سسيارة عسسكرية تحاصر المكان،‏ فصعد عماد عقل<br />

إلى سسطه المنزل وتبادل إطلاق النار مع الجنود حتى أصابته قذيفة مضضادة للدروع<br />

مزّقت جسسده أششلاء.‏ وعندما أخرجت جشته،‏ أطلق الجنود الصهاينة النار بغزارة عليها<br />

حيش اسستقرت في جشته حوالي سسبعين رصاصة،‏ فضضلاً‏ عن قيام بعضض الجنود بطعنها<br />

بالسسكاكين!!‏ ، ١٩٤ وقد اعتبر إسسهق رابين رءيسس الوزارء الٕسراءيلي قتل عماد عقل<br />

إنجازاً‏ ضضخماً‏ وعظيما‎١٩٥ً‎ .<br />

وقد انتقمت كتاءب القسسام لاسستششهاد عماد عقل في ‏“عملية عماد عقل”‏ بعد ششهر<br />

من اسستششهاده في ‎١٩٩٣/١٢/٢٤‎م،‏ عندما نصبت كميناً‏ في حي الششيخ رضضوان في غزة<br />

لسسيارتي جيب إسراءيليتين،‏ مما أدى لمقتل العقيد مئير مينتسس Meir Mintz ‏(منسسق<br />

نششاطات الوحدات العسسكرية الخاصة في قطاع غزة)‏ وإصابة ضضابط يرافقه برتبة راءد<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

إصابات بالغة أدت لوفاته بعد يومين،‏ بينما أصيب اثنان آخران بجراه.‏ وقد كانت هذه<br />

العملية ضربة قاسسية للجيشش الٕسراءيلي؛ لٔن العقيد مئير مينتسس يُعد ُّ حسسبما ذكر المعلق<br />

الٕسراءيلي المعروف أليكسس فيششمان Alex Fishman في جريدة معاريف Maariv<br />

الصادرة في ‎١٩٩٣/١٢/٢٦‎م ‏“القلب والعقل المفكر للهرب الخاصة ضضدّ‏ الٕرهاب،‏<br />

ورمزاً‏ من رموز الجيشش الٕسراءيلي في محاربة الانتفاضضة”‏ . ١٩٦<br />

ومنذ ١٩٩٤ ازدادت صعوبة الٔداء الجهادي لهركة حماسس بعد دخول اتفاقات<br />

أوسسلو حيز التنفيذ،‏ وتسسل ُّم منظمة التهرير الفلسسطينية الهكم الذاتي في قطاع غزة<br />

وأريها،‏ اعتباراً‏ من أيار/‏ مايو ‎١٩٩٤‎م،‏ ثم توسسع مناطق الهكم الذاتي ليششمل قرى<br />

الضضفة الغربية ومعظم مدنها في أواخر ‎١٩٩٥‎م،‏ وقد وجدت حماسس نفسسها تحت ضضغط<br />

سسلطة فلسسطينية تمنعها من ممارسسة عملها الجهادي،‏ وتحت حملات قمع وتنكيل<br />

واعتقال متوالية تُششن ُّ عليها بالتنسسيق بين السسلطات الفلسسطينية والٕسراءيلية.‏<br />

وفي الوقت الذي ربطت السسلطات الٕسراءيلية مدى التقدم في عملية السسلام وتسسليم<br />

بعضض الصلاحيات لسسلطة الهكم الذاتي الفلسسطيني بمدى قدرة ونجاه سسلطات الهكم<br />

الذاتي الفلسسطيني في قمع حماسس،‏ وتصفية وجودها،‏ إلا أن حماسس رفضضت الدخول في<br />

حرب مع السسلطة الفلسسطينية وصبرت على الٔذى،‏ وكلما زاد الضضغط عليها كلما ركزت<br />

انتقامها وفعالياتها ضضدّ‏ العدو الصهيوني.‏<br />

وبششكل عام فإن الفعالية النوعية لٔداء حماسس الجهادي قد ازدادت منذ ‎١٩٩٤‎م<br />

على الرغم من قسسوة الظروف،‏ وبرز نجم يهيى عياشش،‏ وتلقى الكيان الٕسراءيلي<br />

ضربات موجعة،‏ خصوصاً‏ بعد نجاه أسسلوب العمليات الاسستششهادية في التجمعات<br />

الٕسراءيلية.‏ فعندما وقعت مجزرة الهرم الٕبراهيمي للمصل ِّين الذين كانوا يوءدون<br />

صلاة الفجر في منتصف رمضضان ‎١٤١٤‎ه - ٢٥ ششباط/‏ فبراير ‎١٩٩٤‎م على يد ضضابط<br />

الاحتياط الٕسراءيلي باروخ جولدششتاين،‏ تعهدت حماسس بالانتقام للمصلين الٔبرياء<br />

الذين اسستششهدوا وكان عددهم ٢٩ ولعشرات الجرحى،‏ فبعد أن كانت حماسس تركز على<br />

الٔهداف العسسكرية فقط والجنود الٕسراءيليين,‏ وسسّ‏ عت حماسس داءرة الصراع ليششمل<br />

المجتمع الٕسراءيلي كله,‏ وذلك لاعتبارات هي حسسب رأي حماسس:‏<br />

• إن السسلطات الٕسراءيلية لم تتورع يوماً‏ عن قتل الٔبرياء من النسساء والششيوخ<br />

والٔطفال طوال تاريخها ومن بينهم المئات ممن سسقطوا بأسسلهتها الفتاكة خلال<br />

فترة الانتفاضضة.‏ ‏(نشرت جريدة الٔسسواق في ‎١٩٩٦/٣/٢٥‎م تقريراً‏ لموءسسسسة<br />

١٩٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

التضضامن الدولي لهقوق الٕنسسان أن السسلطات الٕسراءيلية قتلت خلال الانتفاضضة<br />

١٢٧ ششهيدة من النسساء،‏ و‎٢٦٨‎ طفلاً).‏<br />

• إنه لا بدّ‏ من المعاملة والمواجهة بالمشل ليدرك الطرف الٓخر مدى المعاناة والٔلم<br />

التي يسسببها للجانب الفلسسطيني بقتل نسساءه وأطفاله وششيوخه،‏ وهو ما<br />

أجازه الٕسسلام چک ک ک ک گ گ گ گ چ ، ١٩٧ وعلى<br />

حد ِّ تعبير إبراهيم غوششة،‏ الناطق الرسسمي باسسم حماسس:‏ ‏“لا يعقل أن يكون<br />

الدم اليهودي للمدنيين مقدسساً‏ والدم الفلسسطيني للمدنيين مهدوراً‏ بلا ثمن”‏ . ١٩٨<br />

• إن المجتمع الٕسراءيلي مجتمع محارب مغتصب للٔرضض وحقوق المسسلمين<br />

والفلسسطينيين،‏ ورجاله ونساوءه محاربون يتدربون على القتال منذ الصغر،‏ وهو<br />

ما أششار إليه عدد من العلماء المسسلمين بجواز قتالهم والعمليات الاسستششهادية في<br />

أوسساطهم،‏ مشل الششيخ يوسسف القرضضاوي . ١٩٩<br />

• إن حماسس قد َّمت أكثر من مبادرة ‏(منذ نيسسان/‏ أبريل ‎١٩٩٤‎م)‏ بأن يتم إخراج<br />

المدنيين الفلسسطينيين واليهود من داءرة الصراع،‏ ولكن الهكومة الٕسراءيلية<br />

رفضضت الاسستجابة،‏ واسستمرت في إجراءاتها وسسياسساتها ضضدّ‏ المدنيين ٢٠٠ ‏(كان<br />

أحدها مجزرة قانا في جنوب لبنان عندما قصفت القوات الٕسراءيلية ملجأ‏<br />

يهتمي فيه المدنيون وقتلت أكثر من مئة من النسساء والٔطفال والششيوخ في<br />

نيسسان/‏ أبريل ‎١٩٩٦‎م).‏<br />

وكانت أولى عمليات الانتقام لمجزرة الهرم الٕبراهيمي تفجير راءد زكارنة نفسسه في<br />

حافلة للركاب الٕسراءيليين في العفولة في ‎١٩٩٤/٤/٦‎م،‏ مما أدى لمقتل ثمانية إسراءيليين،‏<br />

وجره خمسسين آخرين،‏ ثم تفجير عمار عمارنة حافلة أخرى للركاب في الخضضيرة في<br />

‎١٩٩٤/٤/١٣‎م،‏ مما أدى لمقتل خمسسة وجره ٣٢ آخرين،‏ وكان بين القتلى والجرحى<br />

عدد من الجنود الصهاينة . ٢٠١<br />

وفي عملية القدسس في ‎١٩٩٤/١٠/٩‎م فته عضضوا كتاءب القسسام حسسن عباسس ‏(من غزة)‏<br />

وعصام الجوهري ‏(من مصر)‏ النار باتجاه الصهاينة في حي نهلات ششفعا،‏ مما أدى لمقتل<br />

اثنين وجره ١٦ آخرين،‏ ودخلا في معركة اسستمرت أربعين دقيقة أدت لاسستششهادهما . ٢٠٢<br />

وفي ‎١٩٩٤/١٠/١١‎م أعلنت كتاءب القسسام أنها تحتجز الجندي الصهيوني نهششون<br />

فاكسسمان ،Nahshon Waxman وطالبت بالٕفراج عن مئات المعتقلين وعلى رأسسهم<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

الششيخ أحمد ياسسين مقابل إطلاق سراحه.‏ وقد هزت هذه العملية الكيان الٕسراءيلي<br />

الذي قطع مفاوضضات نقل الصلاحيات،‏ وتوسسيع الهكم الذاتي في القاهرة،‏ وضضغط<br />

على السسلطة الفلسسطينية بقيادة عرفات،‏ والتي قامت من جهتها بهملة اعتقالات واسسعة<br />

ششملت أكثر من ٤٠٠ من كوادر وعناصر حماسس وقامت بتهقيقات أدت لهصولها<br />

على طرف الخيط الذي قاد القوات الصهيونية لمعرفة مكان احتجاز الجندي.‏ وفي<br />

مسساء ١٤ تشرين الٔول/‏ أكتوبر،‏ وبعد أن قررت كتاءب القسسام تمديد الاحتجاز<br />

٢٤ سساعة بعد أن أبدى رابين مرونة في الاسستجابة لبعضض مطالبها،‏ قامت وحدة خاصة<br />

من الجيشش الٕسراءيلي بعملية غادرة أدت إلى مقتل الجندي الرهينة وقاءد الوحدة وجره<br />

١٢ جندياً‏ إسراءيلياً‏ واسستششهد ثلاثة من أعضضاء كتاءب القسسام كما تمّ‏ اعتقال آخر.‏<br />

وقد سسارعت حركة حماسس بتوجيه ردها الخامسس على مجزرة الخليل في عملية نفذها<br />

صاله صوي في سساحة ديزنكوف بقلب تل أبيب في ‎١٩٩٤/١٠/١٩‎م،‏ حيش فجر باصاً‏<br />

مكتظاً‏ بالركاب في منطقة مزدحمة،‏ مما أدى لاسستششهاده،‏ وإلى مقتل ٢٢ إسراءيلياً‏ وجره<br />

٤٨ آخرين . ٢٠٣<br />

وفي ‎١٩٩٤/١٢/٢٥‎م قام أيمن راضضي بتفجير نفسسه بجانب باص‏ إسراءيلي يُق ُّل<br />

ضضباطاً‏ وجنوداً‏ يخدمون في سسلاه الطيران الٕسراءيلي،‏ مما أدى إلى اسستششهاده وإصابة<br />

١٢ إسراءيلياً‏ منهم اثنين بهالة خطرة . ٢٠٤<br />

وفي تلك الفترة برز اسسم يهيى عياشش كمسوءول أول عن التفجيرات الاسستششهادية<br />

وباعتباره المطلوب رقم واحد للسسلطات الٕسراءيلية.‏ وكان يهيى عياشش هو قاءد<br />

مجموعات الاسستششهاديين في كتاءب القسسام الذراع العسسكري لهماسس.‏ وقد ولد عياشش في<br />

قرية رافات ششمال الضضفة الغربية في ‎١٩٦٦/٢/٢٢‎م وأتم حفظ القرآن وتخرج مهندسساً‏<br />

كهرباءياً‏ من جامعة بيرزيت في ‎١٩٩٣‎م ، ٢٠٥ حيش بدأت مطاردته في تلك الفترة،‏ وقد زادت<br />

كشافة البهش عن عياشش منذ أواخر ‎١٩٩٤‎م،‏ وقالت مصادر أمنية إسراءيلية:‏ إن آلافاً‏ من<br />

الجنود وحرسس الهدود وعناصر قوات الٔمن والاسستخبارات يششاركون في أوسسع حملة<br />

مطاردة تسستهدف يهيى عياشش...،‏ ووصفه مسوءول أمني كبير بأنه ‏“ذكي ومتملص‏<br />

بارع”‏ . ٢٠٦ وقال ششمعون رومه أحد كبار الضضباط السسابقين في الششاباك في ندوة بشها<br />

التلفزيون الٕسراءيلي ششارك فيها عدد من الخبراء حول عياشش:‏ ‏“إنه لمن دواعي الٔسسف<br />

١٩٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

أن أجد نفسسي مضضطراً‏ للاعتراف بإعجابي وتقديري لهذا الرجل الذي يبرهن على<br />

قدرات وخبرات فاءقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه،‏ وعلى روه مبادرة عالية،‏ وقدرة على<br />

البقاء،‏ وتجديد النششاط دون انقطاع”‏ . ٢٠٧<br />

وأعلن رءيسس الششاباك قبل تسسلمه منصبه في ‎١٩٩٥/٣/١‎م أن الهدف الٔول له<br />

هو إلقاء القبضض على عياشش . ٢٠٨ واسستطراداً‏ نقول:‏ إن رءيسس الششاباك هذا<br />

واسسمه ‏“كارمي غيلون”‏ Carmi Gillon قد قد َّم اسستقالته بعد ثلاثة أيام من<br />

اسستششهاد عياشش،‏ أي في ‎١٩٩٦/١/٨‎م،‏ بعد نجاحه في هذه المهمة . ٢٠٩ وحتى منتصف آب/‏<br />

أغسسطسس ‎١٩٩٥‎م كان الجنود الٕسراءيليون قد داهموا منزل يهيى عياشش ٩٦ مرة،‏ وفي<br />

كل مرة يقومون بتخريب المنزل وششتم الموجودين وإرهابهم . ٢١٠<br />

لم تمنع هذه الظروف التي تكاد تكون مسستهيلة يهيى عياشش ورفاقه من الاسستمرار<br />

في العمل،‏ وزادته مطاردات السسلطات الٕسراءيلية والفلسسطينية المكشفة والمضضنية إصراراً‏<br />

على المضضي،‏ وبرع في التخفي ودر َّب الكشير،‏ من رفاقه على مهارات القنابل المفخخة التي<br />

يملكها.‏ وتابعت حماسس عملياتها وتقديم الششهداء.‏<br />

وفي ‎١٩٩٥/٤/٢‎م اسستششهد كمال كهيل،‏ المطلوب رقم ٢ لدى الٕسراءيليين بعد عياشش،‏<br />

وعدد من رفاقه في انفجار مدب َّر وقع في منزل يختبئ فيه في حي الششيخ رضضوان بغزة.‏<br />

وكهيل معروف بهزمه ونششاطه،‏ وكان معروفاً‏ في غزة أنه ‏“الٔكثر جرأة والٔقل خوفاً”‏<br />

وهو مطارد منذ ‎١٩٩٢‎م،‏ وسسبق له أن قاد الهجوم الذي أدى لمقتل مئري منتسس،‏ منسسق<br />

عمل الوحدات الخاصة في قطاع غزة،‏ في كانون الٔول/‏ ديسسمبر ‎١٩٩٣‎م . ٢١١<br />

وفي ‎١٩٩٥/٦/٢٥‎م فجر معاوية روكة نفسسه بدوريتين إسراءيليتين،‏ مما أسسفر عن<br />

جره ثلاثة جنود حسسب المصادر الٕسراءيلية واسستششهاد الششاب نفسسه . ٢١٢<br />

ونفذت حماسس أيضضاً‏ عملية رامان غان في ‎١٩٩٥/٧/٢٤‎م عندما قام أحد أبناءها<br />

بتفجير نفسسه فقتل سسبعة إسراءيليين وجره ٣٢ آخرين . ٢١٣ وفي الذكرى ال ٢٦ لٕحراق<br />

المسسجد الٔقصى نفذ أحد مجاهدي حماسس عملية القدسس الاسستششهادية في رامات أششكول<br />

Ramat Eshkol فقتل خمسسة إسراءيليين وجره ١٠٢ آخرين . ٢١٤<br />

هذه بعضض نماذج عمليات حماسس خلال ‎١٩٩٥‎م،‏ وهناك عمليات وصدامات أخرى<br />

يصعب حصرها هنا...‏ كاسستششهاد طاهر قفيششة،‏ القاءد المهلي لكتاءب القسسام في الخليل،‏<br />

في ‎١٩٩٥/٦/٢٩‎م بعد معركة قوية ، ٢١٥ واسستششهاد إبراهيم قواسسمي ونادر ششهادة عضضوا<br />

كتاءب القسسام بعد معركة مع الجيشش الٕسراءيلي في مدينة الخليل في ‎١٩٩٥/٨/٢٥‎م . ٢١٦<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وكان يوم الجمعة ‎١٩٩٦/١/٥‎م يوماً‏ حزيناً‏ في تاريخ فلسسطين،‏ إذ اسستششهد يهيى<br />

عياشش في ذلك اليوم بعد مطاردات طويلة اسستمرت ثلاش سسنوات وظّ‏ ف خلالها الكيان<br />

الٕسراءيلي جميع إمكاناته الٔمنية والعسسكرية التي تعدّ‏ ضضمن أكفأ‏ الٔجهزة عالمياً،‏<br />

وحم َّلته ‏“إسراءيل”‏ مسوءولية سستّ‏ عمليات كبرى اسستششهادية أدت لمقتل سسبعين إسراءيلياً‏<br />

وجره ما لا يقل عن ٣٤٠ آخرين . ٢١٧<br />

وقد تمّ‏ اغتيال عياشش باسستخدام تقنيات عالية،‏ في مخبئه في منطقة بيت لاهيا في<br />

قطاع غزة.‏ واتهم أسسامة حماد،‏ الذي كان يوءوي عياشش في بيته،‏ والذي كان صديقه منذ<br />

الدراسسة في جامعة بيرزيت وهو نفسسه الرءيسس السسابق للكتلة الٕسسلامية فيها،‏ اتهم خاله<br />

كمال حماد بتفخيخ هاتف نقال كان قد أعطاه لٔسسامة قبل ثلاثة أششهر بعد أن بدأ‏ أسسامة<br />

العمل معه في شركته،‏ وكان يسستعيده بين حين وآخر بأعذار مختلفة.‏ وفي صباه ذلك<br />

اليوم عط َّ ل الٕسراءيليون هاتف البيت العادي،‏ مما اضضطر والد عياشش للاتصال به على<br />

التليفون النقال،‏ وعندما بدأ‏ الهديش معه قال لٔبيه ‏“يا أبي لا تظل تتصل على التليفون”‏<br />

وانفجر الهاتف في رأسس يهيى.‏ جريدة معاريف الٕسراءيلية قالت:‏ إن طاءرة هليكوبتر<br />

إسراءيلية كانت تحلق فوق بيت لاهيا،‏ وأن أحد طاقم الطاءرة ضضغط زر انفجار العبوة<br />

الناسسفة الموضضوعة في الهاتف النقال والتي تزن خمسسين جراماً‏ بعد أن تأكدوا أن المتهدش<br />

هو يهيى عندما قال ‏“يا أبي...”‏ . ٢١٨<br />

وذكرت مصادر صهفية إسراءيلية أن العميل كمال حماد اسستطاع الهرب وهو<br />

تحت الهماية الٕسراءيلية،‏ وأنه حصل على قرابة مليون دولار نقداً‏ وجواز سسفر مزور<br />

يسستطيع به بدء حياة جديدة . ٢١٩<br />

وقد نعت حماسس اسستششهاد عياشش،‏ الذي أصبه رمزاً‏ للبطولة والمقاومة لدى كل<br />

الفلسسطينيين،‏ واجتمع على حبه واحترامه معارضضو اتفاقات السسلام وحتى موءيدوها<br />

وكافة الفصاءل الفلسسطينية في م.ت.ف وخارجها.‏ وقام ياسر عرفات بنفسسه بزيارة<br />

لمنزل د.‏ محمود الزهار لتعزية حماسس وأهله في يهيى عياشش . ٢٢٠<br />

وكانت جنازة الششهيد عياشش من أكبر الجنازات في تاريخ فلسسطين،‏ إذ ششارك في جنازته<br />

في غزة حوالي ٢٥٠ ألف ششخص‏ أي حوالي ثلش سسكان قطاع غزة،‏ كما خرجت مسسيرات<br />

ضضخمة في مدن الضضفة الغربية ششارك فيها عشرات الٓلاف في نابلسس ورام االله وجنين...‏<br />

٢٠١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وغيرها.‏ كما أعلن الهداد العام والٕضراب في الضضفة الغربية وقطاع غزة اسستجابة لدعوة<br />

حماسس . ٢٢١<br />

وفي بيان أصدرته حماسس يوم اسستششهاد عياشش عاهدت االله على المضضي قدماً‏ في برنامج<br />

الجهاد والمقاومة،‏ وتعهدت بالرد على الجريمة الصهيونية.‏ كما أصدرت بياناً‏ آخر في<br />

‎١٩٩٦/١/٧‎م ثمنت فيه خروج مئات الٓلاف من أبناء القطاع في وداع عياشش،‏ وقالت:‏<br />

إن ذلك يوءكد التفاف الجماهير على برنامج المقاومة،‏ وأششارت إلى أن النقمة الجماهيرية<br />

التي سسادت ششعوب الٔمة الٕسسلامية توءكد أنها ما زالت تنبضض بالهياة وحبّ‏ الجهاد<br />

والمجاهدين،‏ وتلتف حول مشروعهم الجهادي من أجل فلسسطين . ٢٢٢<br />

وقد جاء رد ُّ حماسس قاسسياً‏ اهتز له الكيان الصهيوني بأسره،‏ وعاشش تسسعة أيام<br />

من الرعب الذي أفقده صوابه.‏ ففي عملية القدسس الٔولى في ‎١٩٩٦/٢/٢٥‎م التي نفذها<br />

إبراهيم أحمد السراحنة فجر نفسسه في حافلة إسراءيلية ‏(تعمل على خطّ‏ الهافلات<br />

رقم ١٨) مكونة من مقطورتين عند توقفها عند إششارة مرورية،‏ مما أدى لمقتل ٢٤ إسراءيلياً‏<br />

بينهم ١٣ جندياً،‏ وعدد من ضضباط وكوادر الششاباك الذين كانوا في طريقهم إلى مقر<br />

عملهم،‏ بالٕضضافة إلى إصابة خمسسين إسراءيلياً‏ بجروه،‏ وذلك حسسبما أعلن متهدش<br />

رسسمي باسسم الشرطة الٕسراءيلية.‏ وفي اليوم نفسسه قام مجدي محمد أبو وردة الذي كان<br />

يهمل نهو ١٥ كغ من المتفجرات المهششوة بالمسسامير،‏ ويرتدي زي الجنود الٕسراءيليين،‏<br />

بتفجيرها في محطة لسسفر الجنود الٕسراءيليين في عسسقلان وسسط أكثر من ٣٥ جندياً.‏<br />

ولٔن الهدف كان عسسكرياً‏ صرفاً‏ لجأت السسلطات الٕسراءيلية لٕخفاء خسساءرها كعادتها<br />

حيش أعلنت في البداية عن مقتل ثلاثة وإصابة ثلاثين،‏ ثم عادت واكتفت بالٕعلان عن<br />

مقتل مجندة،‏ وإصابة ٣١ آخرين بجراه وصفت جراه ١٩ منهم بأنها خطيرة . ٢٢٣<br />

وفي اليوم التالي ‎١٩٩٦/٢/٢٦‎م اقتهم أحمد عبد الهميد حميدة بسسيارة يقودها موقفاً‏<br />

للهافلات في حي التلة الفرنسسية الاسستيطاني على الطريق بين القدسس ورام االله كان يغص‏<br />

بالعسسكريين الٕسراءيليين،‏ مما أسسفر عن مقتل رقيب أول في جيشش الاحتلال،‏ وإصابة<br />

أكثر من ٢٢ عسسكرياً‏ آخر بجروه وكسسور مختلفة . ٢٢٤<br />

وفي الٔسسبوع التالي ويوم الٔحد ‎١٩٩٦/٣/٣‎م فجر راءد عبد الكريم ششغنوبي عبواته<br />

الناسسفة داخل الهافلة التي تعمل على خطّ‏ الهافلات رقم ١٨ نفسسه،‏ مما أدى حسسبما<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

أعلن متهدش باسسم الشرطة الٕسراءيلية إلى مقتل ١٩ إسراءيلياً‏ بينهم ثلاثة جنود،‏<br />

وجره عشرة آخرين بينهم سسبعة بجراه بالغة . ٢٢٥<br />

وفي عملية يظهر أنها مششتركة بين حماسس وحركة الجهاد الٕسسلامي فجّ‏ ر رامز عبيد<br />

‏(من الجهاد الٕسسلامي)‏ في ‎١٩٩٦/٣/٤‎م في وسسط تل أبيب كيسساً‏ كبيراً‏ من المتفجرات<br />

وسسط حششد إسراءيلي،‏ مما أدى لمقتل ١٤ بينهم جنديان على الٔقل،‏ وإصابة ١٢٥<br />

بجروه وصفت جراه عشرين منهم بأنها بالغة الخطورة . ٢٢٦<br />

لقد كانت هذه العمليات صفعة كبيرة لدولة تُعد ُّ أكثر الدول في العالم من ناحية<br />

الاحتياطات الٔمنية حتى في الظروف العادية،‏ وعلى الرغم من أن أجهزتها الٔمنية اتخذت<br />

إجراءات اسستشناءية تحسسباً‏ من الانتقام لمقتل عياشش إلا أن رجال حماسس تمكنوا من تنفيذ<br />

عمليتين موجعتين في ٢٥ ششباط/‏ فبراير،‏ ثم عادت فاتخذت إجراءات لم يسسبق لها مشيل<br />

منذ احتلالها للضضفة الغربية وقطاع غزة قبل حوالي ٢٩ عاماً،‏ ومع ذلك تمكن رجال<br />

حماسس من ضرب أهدافهم في المكان نفسسه في القدسس بعد أسسبوع واحد،‏ ثم وسسط تل أبيب<br />

في اليوم التالي،‏ حيش نفذها أحد مجاهدي الجهاد الٕسسلامي.‏<br />

وقد أثارت هذه العمليات حالة من الٕرباك والذهول في الٔوسساط السسياسسية<br />

والعسسكرية والٔمنية،‏ وألقت بظلالها على مسستقبل بيريز السسياسسي وإمكانات فوز<br />

حزب العمل في الانتخابات الٕسراءيلية ‏(التي خسرها فعلاً‏ أمام تحالف الليكود في أيار/‏<br />

مايو ‎١٩٩٦‎م)،‏ بل وعلى مسستقبل عملية السسلام في المنطقة المتعثرة أصلاً‏ بسسبب التعنت<br />

والصلف الٕسراءيلي،‏ فقامت الهكومة الٕسراءيلية وأجهزتها الٔمنية والعسسكرية بهملة<br />

ششعواء،‏ بالتنسسيق مع السسلطة الفلسسطينية،‏ ضضدّ‏ حماسس وموءيديها وكافة الموءسسسسات<br />

التعليمية الخيرية والاجتماعية التي يمكن أن تدعم فكر حماسس وجهودها،‏ وكل ما يمكن<br />

أن يكون له صلة بالتيار الٕسسلامي الهركي في فلسسطين.‏ وقامت السسلطات الٕسراءيلية<br />

بإغلاق الضضفة والقطاع،‏ وأعادت احتلال مناطق واسسعة من القرى كانت قد سسلمتها<br />

للسسلطات الفلسسطينية،‏ وتحرك المجتمع الدولي لينفخ الروه في عملية السسلام،‏ وانعقد في<br />

شرم الششيخ في ‎١٩٩٦/٣/١٣‎م في مصر موءتمر دولي لمكافهة ‏“الٕرهاب”‏ أو ما سسمي<br />

بقمة صانعي السسلام بهضضور الرءيسس الٔمريكي كلينتون،‏ والرءيسس الروسسي بوريسس<br />

يلتسسين Boris Yeltsin ورءيسس الوزراء البريطاني جون ميجور ،John Major والرءيسس<br />

الفرنسسي جاك ششيراك ،Jacques Chirac والزعيم الٔلماني كول ،Helmut Kohl ورءيسس<br />

الوزراء الٕسراءيلي بيريز،‏ وياسر عرفات،‏ وعدد من زعماء الدول العربية والعالم.‏<br />

٢٠٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وتلقى بيريز وحكومته دعماً‏ غير مسسبوق،‏ وحضر كلينتون بنفسسه اجتماعاً‏ لمجلسس<br />

الوزراء الٕسراءيلي المصغ َّر.‏ وسسخرت أمريكا جهودها الدبلوماسسية والٔمنية والتقنية<br />

لخدمة الٔجهزة الٕسراءيلية،‏ وأرسسلت معدات أمريكية للكيان الٕسراءيلي للكششف عن<br />

المتفجرات بقيمة خمسسين مليون دولار...‏ . ٢٢٧<br />

والهقيقة أن حركة حماسس وموءيديها وجميع الموءسسسسات الٕسسلامية المسساندة مرّت<br />

بمرحلة من أقسسى المراحل،‏ وتعرضضت لمهاولات اقتلاع،‏ وعانت من ضربات قاسسية من<br />

السسلطة الفلسسطينية التي ششعرت أن مشروعها السسلمي أصبه ‏“في مهب الريه”‏ على ح ِّد<br />

تعبير المسوءول الفلسسطيني صاءب عريقات في مقابلة له مع القسسم العربي لٕذاعة لندن<br />

في ‎١٩٩٦/٣/٨‎م.‏<br />

الجهاد الٕسسلامي:‏<br />

على الرغم من أن حركة الجهاد الٕسسلامي لا تتمتع إلا بششعبية جماهيرية محدودة<br />

مقارنة بهماسس حسسبما يظهر من انتخابات الموءسسسسات التعليمية والنقابية والمهنية...،‏<br />

إلا أن هذه الهركة قدمت نماذج جهادية مميزة،‏ وعانى أفرادها من السسجن والمطاردة<br />

والٕبعاد،‏ واسستششهد العديد من أفرادها في عمليات عسسكرية جريئة.‏ وتسستجيب لٕضرابها<br />

الذي تدعو إليه في اليوم السسادسس من كل ششهر قطاعات واسسعة من الششعب الفلسسطيني في<br />

الضضفة والقطاع.‏<br />

ومن الفعاليات المميزة لهركة الجهاد الٕسسلامي عملية نتسساريم حيش قام الششهيد<br />

هششام حمد بتفجير نفسسه مع دراجة هواءية محملة بعبوات ناسسفة في تجمع عسسكري<br />

صهيوني وسسط قطاع غزة في ‎١٩٩٤/١١/١١‎م،‏ مما أدى لمقتل ثلاثة صهاينة وجره<br />

١٦ آخرين.‏ وقد جاءت هذه العملية رداً‏ سريعاً‏ من الهركة لاغتيال المخابرات الصهيونية<br />

للششهيد هاني عابد أحد قادة حركة الجهاد الٕسسلامي في القطاع في ‎١٩٩٤/١١/٢‎م . ٢٢٨<br />

أما عملية بيت ليد في ‎١٩٩٥/١/٢٢‎م التي هزت الكيان الٕسراءيلي،‏ فقد أعلنت<br />

حركة الجهاد الٕسسلامي مسوءوليتها عنها.‏ وقد ارتدى منفذا العملية ملابسس الجنود<br />

الٕسراءيليين،‏ وقدما إلى محطة من أكبر محطات تجمع العسسكريين الٕسراءيليين بيت ليد<br />

حيش دخل أنور محمد سسكر الاسستراحة والكافيتريا التي يرتادها الجنود،‏ وفجر عبواته<br />

الناسسفة وسسطهم،‏ مما أدى إلى تدمير المبنى،‏ وسسقوط عدد كبير منهم بين قتيل وجريه،‏<br />

وخرج العشرات ممن نجوا وهم في حالة فزع ششديد،‏ بينما تجمع حولهم عشرات آخرون<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

من الجنود الذين وصلوا لتوهم للمكان،‏ عند ذلك تسسلل صلاه عبد الهميد ششاكر بينهم،‏<br />

وقام بتفجير الهقيبة التي يهملها،‏ مما أدى لسسقوط عدد أكبر من القتلى والجرحى.‏<br />

وقد قتل فيها ٢١ إسراءيلياً‏ ‏(أربعة ضضباط و‎١٧‎ جندياً‏ وضضابط صفّ‏ ( وجره ٦٦ جندياً‏<br />

آخرين . ٢٢٩ وتششير بعضض الدلاءل إلى تنسسيق ميداني بين حماسس والجهاد الٕسسلامي في<br />

تنفيذ هذه العملية،‏ خصوصاً‏ فيما ذكر عن إعداد يهيى عياشش للمتفجرات،‏ وفي إيصال<br />

منفذي العملية إلى أهدافهم . ٢٣٠<br />

وفي ‎١٩٩٥/١٠/٢٦‎م اغتيل في مالطا د.‏ فتهي الششقاقي،‏ الٔمين العام لهركة الجهاد<br />

الٕسسلامي،‏ عندما هاجمه اثنان يركبان دراجة نارية،‏ وأطلقا عليه خمسس رصاصات.‏<br />

وقد نعته حركة الجهاد الٕسسلامي،‏ واتهمت المخابرات الصهيونية بقتله،‏ وتعهدت<br />

بالشأر والانتقام . ٢٣١ وأعلنت الجهاد الٕسسلامي انتخاب د.‏ رمضضان عبد االله ششله،‏ أميناً‏<br />

عاماً‏ جديداً‏ خلفاً‏ للششقاقي،‏ وهو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درهام<br />

Durham University في بريطانيا ‎١٩٨٩‎م،‏ وقد أشرف بعد ذلك على إصدار المجلة<br />

الفصلية ‏“قراءات سسياسسية”‏ في تامبا Tampa بولاية فلوريدا Florida الٔمريكية لفترة<br />

من الزمن . ٢٣٢<br />

وفيما اعتبر انتقاماً‏ سريعاً‏ لاسستششهاد الششقاقي،‏ تمّ‏ تنفيذ عمليتين اسستششهاديتين في<br />

القطاع،‏ اعترف الٕسراءيليون بإصابة ١١ إسراءيلياً‏ فقط بجروه . ٢٣٣<br />

أما عملية تل أبيب،‏ التي سسبقت الٕششارة إليها،‏ التي نفذها أحد مجاهدي<br />

الجهاد الٕسسلامي في ‎١٩٩٦/٣/٤‎م،‏ والتي أدت لمقتل ١٤ وإصابة ١٢٥ بجراه،‏ فقد<br />

أعلنت حركة الجهاد الٕسسلامي أنها نفذتها انتقاماً‏ لمقتل د.‏ الششقاقي الذي كان مدنياً‏ أعزل<br />

عندما قتلته المخابرات الصهيونية،‏ واعتبرت الهركة أن ‏“المجتمع الٕسراءيلي كله مجتمع<br />

عسسكري”‏ وقالت ‏“لا هدنة في عقيدتنا الجهادية،‏ لا هدنة لدم الششقاقي،‏ إذا أراد بيريز هدنة<br />

مع حركتنا فليعد لنا فتهي الششقاقي كما كان،‏ وليعيدوا لنا وطننا فلسسطين،‏ وليرحلوا عنا<br />

إلى حيش جاءوا من أصقاع الٔرضض”.‏ وكانت حماسس في البداية قد أعلنت مسوءوليتها عن<br />

العملية،‏ ويظهر أن هناك تنسسيقاً‏ بين الهركتين في إعداد وتنفيذ هذه العملية . ٢٣٤<br />

وعلى الصعيد السسياسسي فقد تحسسنت العلاقات بين حركتي حماسس والجهاد الٕسسلامي،‏<br />

خصوصاً‏ بعد توقيع م.ت.ف لاتفاقات أوسسلو،‏ ودخولها في التسسوية السسلمية،‏ حيش<br />

نسسقت الهركتان مواقفهما بالتعاون مع فصاءل المعارضضة الٔخرى ضضدّ‏ اتفاقيات أوسسلو.‏<br />

٢٠٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وذكر الششقاقي في كانون الشاني/‏ يناير ‎١٩٩٥‎م أن العلاقة مع حماسس ‏“ممتازة،‏ علاقة<br />

ودية وأخوية،‏ ونهن نسسعى إلى زيادة التعاون على الٔرضض”‏ وقال:‏ إن انبشاق حماسس<br />

من الٕخوان ودورها المهم في الانتفاضضة والهركة الوطنية الفلسسطينية ‏“صنع درجة<br />

كبيرة من التقارب بعدما كان هناك تباعد”‏ . ٢٣٥ وأكد رمضضان ششله هذه المعاني عندما<br />

قال:‏ إن هناك تفاهماً‏ ولقاء في خندق المواجهة مع العدو بيننا وبين الٕخوة في حماسس،‏<br />

ونهن حريصون على تطوير العلاقة وتمتينها لترتقي إلى مسستوى الهرب الشرسسة التي<br />

تسستهدف المشروع الٕسسلامي في فلسسطين والمنطقة . ٢٣٦<br />

ومع أن هناك عدداً‏ من التنظيمات الفلسسطينية التي أطلقت على نفسسها ‏“الجهاد<br />

الٕسسلامي”وانششقت عن حركة الجهاد الٕسسلامي الٔم،‏ مشل ‏“الجهاد الٕسسلامي - بيت<br />

المقدسس”و“الجهاد الٕسسلامي - كتاءب الٔقصى”‏ فإن حركة الجهاد الٕسسلامي بقيادة<br />

الششقاقي ثم رمضضان ششله بقيت أكثرهن قوة وتأثيراً.‏<br />

التيار الٕسسلامي وسسلطة الهكم الذاتي:‏<br />

منذ أن وقّعت م.ت.ف بقيادة ياسر عرفات اتفاقيات أوسسلو في أيلول/‏ سسبتمبر ‎١٩٩٣‎م<br />

كانت هناك مخاوف حقيقية من أن يوءدي ذلك إلى أن يتصارع موءيدو اتفاقات السسلام<br />

ومعارضضوها،‏ وأن يتصاعد التوتر ليوءدي إلى حرب أهلية.‏ فمنذ البداية التزم الموقعون<br />

على اتفاقيات أوسسلو بنبذ ‏“الٕرهاب”والتخلي عن أي عمل من أعمال العنف،‏ والتعهد<br />

بتدارك أي انتهاكات لهذه التعهدات،‏ وباتخاذ إجراءات تأديبية ضضدّ‏ أي مخالف لها،‏ وذلك<br />

حسسب رسسالة ياسر عرفات إلى رءيسس الوزراء الٕسراءيلي في ‎١٩٩٣/٩/٩‎م.‏ وفي اتفاق<br />

القاهرة ‏(‏‎١٩٩٤/٥/٤‎م)‏ تعهدت السسلطة الفلسسطينية بمنع الهملات الدعاءية والتهريضض<br />

ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي في المناطق التي تسسيطر عليها،‏ كما تعهدت باتخاذ الٕجراءات<br />

الضرورية لمنع الٔعمال ‏“الٕرهابية”والجراءم والاعتداءات ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي أو أي<br />

من أفراده . ٢٣٧<br />

ولٔن اتفاقات الهكم الذاتي موءقتة ويتبعها فيما بعد الدخول في مفاوضضات المرحلة<br />

النهاءية حول القضضايا الجوهرية بات تحقيق أي تقدم مرهوناً‏ برضضى الطرف<br />

الٕسراءيلي،‏ وكرم تنازلاته،‏ وبدا الطرف الفلسسطيني تحت رحمة الطرف الٓخر،‏<br />

وأصبه مضضطراً‏ للاسستجابة للضضغوط الٕسراءيلية لتهقيق أي تقدم في المفاوضضات أو<br />

أية مكاسسب مهما كانت ضضئيلة،‏ ولٔن الٔطراف الفلسسطينية المعارضضة لاتفاقيات أوسسلو<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

وعلى رأسسها التيار الٕسسلامي اعتبرت نفسسها غير معنية بهذه الاتفاقيات،‏ واسستمرت في<br />

مقاومتها للاحتلال الٕسراءيلي،‏ فإن الكيان الٕسراءيلي أخذ يماطل في تنفيذ اتفاقياته<br />

مع السسلطة الفلسسطينية،‏ ما لم تقم بكبه جماه المعارضضة وإيقاف جهادها.‏ وتطور الٔمر<br />

لدفع السسلطة الفلسسطينية لسسهق التيار الٕسسلامي،‏ وضرب بنيته التهتية وموءسسسساته<br />

الٕسسلامية التعليمية والخيرية والاجتماعية.‏ وسسواء كانت راغبة أم غير راغبة،‏ فإن<br />

السسلطة الفلسسطينية وجدت نفسسها تمضضي ششوطاً‏ بعيداً‏ في محاربة التيار الٕسسلامي وعلى<br />

رأسسه حركة حماسس تحقيقاً‏ لالتزاماتها في العملية السسلمية،‏ وتمكيناً‏ لنفسسها ونفوذها على<br />

السساحة الفلسسطينية،‏ وتششجيعاً‏ للطرف الٕسراءيلي للمضضي في العملية السسلمية.‏ وهكذا<br />

نجهت ‏“إسراءيل”في وضضع حماسس والجهاد الٕسسلامي والمعارضضة الفلسسطينية كعاءق في<br />

الطريق،‏ على السسلطة الفلسسطينية أن تدكه بمداحِ‏ لها وجرافاتها حتى تصل إلى ما تحسسبه<br />

أهدافاً‏ وطنية فلسسطينية.‏<br />

وكما ذكر سستيفن بيلليتير Stephen Pelletiere في دراسسة نشرها معهد الدراسسات<br />

الاسستراتيجية في الكلية الهربية للجيشش الٔمريكي Strategic Studies Institute of<br />

،the U.S. Army War College فإن حكومة رابين قررت أن تعهد لعرفات ومنظومته<br />

بالقيام بدور الشرطي بالوكالة لقمع الانتفاضضة وسسهق حماسس . ٢٣٨ ولٔن ‏“إسراءيل”هي<br />

الطرف الذي يفرضض شروطه في هذه التسسوية،‏ وبيده أوراق اللعبة،‏ فإن السسلطة<br />

الفلسسطينية،‏ إذا لم تصل كفاءة أداءها ضضدّ‏ المعارضضة للمدى الذي ترغبه ‏“إسراءيل”،‏<br />

سستكون مهددة بتراجع ‏“إسراءيل”عن التزاماتها،‏ أو بخنق الاقتصاد الفلسسطيني<br />

بإغلاق الضضفة والقطاع،‏ أو بإعادة احتلال أجزاء كانت قد سسلمت للسسلطة الفلسسطينية.‏<br />

وفي كل الٔحوال كان مطلوباً‏ من السسلطة الفلسسطينية تحقيق العمل بكفاءة أعلى من كفاءة<br />

الٕسراءيليين،‏ وأن تنجه فيما فششل الكيان الصهيوني في تحقيقه طوال ال ٢٧ سسنة الماضضية!!‏<br />

ومنذ دخول السسلطة الفلسسطينية مناطق غزة وأريها ثم اسستلامها لٕدارة مدن<br />

وقرى الضضفة الغربية،‏ وجانب الٔمن الداخلي يأخذ الجانب الهيوي في ميزانية السسلطة<br />

واهتماماتها.‏ وزاد عدد الشرطة الفلسسطينية إلى ٣٠ ألفاً‏ ليششكل أعلى نسسبة شرطة في<br />

العالم مقارنة بعدد السسكان،‏ وششكلت السسلطة الفلسسطينية ثمانية أجهزة أمنية!!‏ هي<br />

الٔمن الوطني،‏ والٔمن الوقاءي،‏ والمخابرات العامة،‏ والاسستخبارات العسسكرية،‏ والٔمن<br />

الخاص،‏ والقوة ١٧، والدفاع المدني،‏ بالٕضضافة إلى الشرطة المدنية ، ٢٣٩ وقد تحقق ذلك<br />

على حسساب الهالة الاقتصادية التي تراجعت كشيراً،‏ وعلى حسساب موءسسسسات التعليم<br />

٢٠٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

والهريات السسياسسية،‏ والموءسسسسات الاجتماعية.‏ وفي أيار/‏ مايو ‎١٩٩٥‎م نشر تقرير<br />

لبرنامج الٔمم المتهدة للتنمية أششار إلى أن دخل الفرد في قطاع غزة تراجع إلى ٥٠٠ دولار<br />

في العام بنسسبة تراجع ٣٨% عما كان عليه في ‎١٩٩٣‎م . ٢٤٠ وذكر تقرير نشرته وكالة<br />

رويترز وكتبته وفاء عمرو من غزة أن الٔحوال الاقتصادية في قطاع غزة بعد مرور<br />

عام على الهكم الذاتي هي أسسوأ‏ أحوال يششهدونها منذ ربع قرن،‏ ونقلت عن تيري<br />

رود لارسسن Terje Rod-Larsen ‏-منسسق الٔمم المتهدة الخاص‏ في غزة-‏ قوله بأن<br />

الموقف خطير للغاية،‏ وأن البطالة والبطالة المقنعة قد تجاوزتا ٦٥% في قطاع غزة . ٢٤١<br />

ولم تسسلم سسلطة الهكم الذاتي الفلسسطيني من الفسساد الٕداري والتجاوزات التي<br />

أخذت تصيب الششارع الفلسسطيني بالضضيق والٕحباط،‏ حتى إن تحليلاً‏ إخبارياً‏ نشرته<br />

جريدة الشرق الٔوسسط في ‎١٩٩٥/٣/٢٢‎م نقل عن أحد العاملين في جهاز الٔمن الوقاءي<br />

بأن الششارع الفلسسطيني يغلي...،‏ ونقل عن آخر قوله إن هناك:‏<br />

اعتقالات عششواءية لكشير من الشرفاء لمجرد الششاءعات أو تقارير كاذبة كتبها<br />

أحد الهاقدين أو المندسسين الذين يعملون في أجهزة المخابرات.‏ وتتم الاعتقالات<br />

دون الرجوع إلى القضضاء...‏ العربدات تمارسس بششكل يومي في الششارع.‏ كما أن<br />

الفقر والجوع يزداد يوماً‏ بعد يوم،‏ ولا ننسسى ممارسسات الٔجهزة العسسكرية في<br />

الششارع والبيروقراطية في المكاتب المدنية والعسسكرية،‏ والهديش عن الانهلال<br />

والرششوة والمهسسوبية يزكم الٔنوف . ٢٤٢<br />

ولم يتورع أحد كبار قادة حركة فته التي يرأسسها عرفات،‏ والتي تقود مسسيرة<br />

التسسوية من أن يتهم عرفات بأنه أحاط نفسسه بشلة من اللصوص‏ والمبتزين . ٢٤٣<br />

وتلقت السسلطة الفلسسطينية نقداً‏ لاذعاً‏ من المفكر الفلسسطيني المعروف الدكتور<br />

هششام شرابي عندما قال:‏ ‏“إن السسلطة الفلسسطينية بتركيبها الهالي لا تمشل الششعب<br />

الفلسسطيني أو إرادة الششعب الفلسسطيني...،‏ إنها عاجزة عن إحداش أي تغيير في الوضضع<br />

الذي يعيششه الششعب الفلسسطيني،‏ وهي نفسسها أحد أسسباب تفاقم وضضعه المأسساوي”‏ . ٢٤٤<br />

وقد وجد التيار الٕسسلامي نفسسه في وضضع صعب في مشل هذه الٔجواء؛ تحت سسلطة<br />

فلسسطينية حيش رفاق النضضال في الماضضي هم الذين يمنعونه من العمل والجهاد،‏<br />

وأصبهت أية عملية ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي تعني عملياً‏ مواجهة السسلطة الفلسسطينية.‏<br />

وقد حدد التيار الٕسسلامي وعلى رأسسه حماسس ضضوابط للتعامل في مشل هذه الظروف<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

تضضمنت المهافظة على الوحدة الوطنية،‏ والسسعي لعدم إيجاد أية مبررات للاصطدام<br />

مع السسلطة الفلسسطينية،‏ وعدم الدخول في حرب أهلية،‏ وتبني معارضضة بناءة تسستهدف<br />

كششف عورات اتفاقيات التسسوية،‏ والمهافظة على حقّ‏ الششعب الفلسسطيني في أرضضه<br />

ومقدسساته،‏ وحماية الهريات السسياسسية،‏ وحقّ‏ التعبير،‏ وحرية الصهافة،‏ والهفاظ<br />

على كرامة أبناء فلسسطين ومكتسسباتهم،‏ وفي الوقت نفسسه أعلنت أنها غير داخلة أو ملزمة<br />

باتفاقيات أوسسلو،‏ وأن جهادها مسستمر لدحر الاحتلال الٕسراءيلي،‏ وأن بنادقها موجهة<br />

نهو المهتلين الغاصبين فقط . ٢٤٥<br />

أما من الناحية العملية،‏ فإن مسسيرة الٔحداش لم تمنع من حدوش احتكاكات وصدامات<br />

موءسسفة،‏ فمع كل عملية جهادية ضضد الاحتلال الصهيوني كانت السسلطة الفلسسطينية<br />

تقوم بهملة اعتقالات واسسعة في صفوف حماسس والجهاد الٕسسلامي وفصاءل المعارضضة،‏<br />

ومنذ أيار/‏ مايو ‎١٩٩٤‎م وحتى آب/‏ أغسسطسس ‎١٩٩٥‎م ششنت السسلطة الفلسسطينية<br />

١٢ حملة اعتقال ششملت أكثر من ألف فلسسطيني.‏ وفي قطاع غزة الذي لا تتجاوز مسساحته<br />

٣٦٠ كم ٢ يتبع السسلطة ٢٤ مركز توقيف واعتقال،‏ وهناك ٣٢ حاجزاً‏ عسسكرياً‏ ٢٤٦ وخلال<br />

ششهر واحد فقط (١٩ نيسسان/‏ أبريل - ١٩ أيار/‏ مايو ‎١٩٩٥‎م)‏ داهمت السسلطة حوالي<br />

٥٧ مسسجداً‏ ١٣٨ مرة،‏ حيش تعرضضت للتفتيشش والعبش والتخريب ، ٢٤٧ وفي ‎١٩٩٥/٢/٧‎م<br />

أصدر ياسر عرفات قراراً‏ بإنششاء ‏“محكمة أمن الدولة”وهي محاكم عسسكرية قضضاتها<br />

من ضضباط الٔمن،‏ وبدأت عملها في ‎١٩٩٥/٤/٩‎م،‏ وحتى ‎١٩٩٥/٥/٢٧‎م كانت قد حاكمت<br />

ما لا يقل عن ٣٣ ششخصاً‏ معظمهم من حماسس أو الجهاد الٕسسلامي،‏ وتمت المهاكمات<br />

بعد منتصف الليل،‏ وبششكل سرّي،‏ ولم تششهدها الصهافة أو الٕعلام،‏ وبعضضها لم<br />

يسستغرق سسوى دقاءق معدودة،‏ ولم يتمكن موظفو منظمة العفو الدولية من حضضور هذه<br />

المهاكمات على الرغم من الطلبات المتكررة،‏ أو الهصول على لواءه الاتهام،‏ أو نسسخ من<br />

القضضايا،‏ أو محاضر المهاكمات...،‏ وقد أدانت منظمة العفو الدولية هذه المهاكم،‏ وطالبت<br />

السسلطة الفلسسطينية بإيقافها فورا‎٢٤٨ً‎ . وكان أحد ضضهايا هذه المهاكم سسيد أبو مسسامه،‏<br />

أحد قيادات حماسس،‏ الذي حوكم ليلة ‎١٩٩٥/٥/١٤‎م،‏ وصدر عليه الهكم بالسسجن<br />

ثلاش سسنوات بتهمة ‏“التششهير”بالسسلطة و“التهريضض”ضضدها . ٢٤٩<br />

وكان من أكثر الٔحداش الموءسسفة دموية ما يعرف ب“مجزرة الجمعة الٔسسود”التي<br />

ارتكبتها شرطة الهكم الذاتي ضضدّ‏ المصلين الذين كانوا ينوون الخروج بمسسيرة سسلمية<br />

بعد صلاة الجمعة من مسسجد فلسسطين بغزة باتجاه منزل الششهيد هششام حمد،‏ وذلك في<br />

‎١٩٩٤/١١/١٨‎م،‏ مما أدى لاسستششهاد ١٣ مصلياً،‏ وجره أكثر من ٢٠٠ آخرين...‏ .<br />

٢٠٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

وقد اتهمت حماسس السسلطة بتدبير المذبهة ‏“النوايا مبيتة والمجزرة مدبرة”ورفضضت<br />

محاولات السسلطة لتبرير ما حدش،‏ وحملتها المسوءولية،‏ واتهمتها بأنها تسسعى ل“إرضضاء<br />

إسراءيل”‏ والٕثبات لها أنها تسستطيع وبجدارة قمع المعارضضة الفلسسطينية،‏ وبصورة لا<br />

تقدر عليها ‏“إسراءيل”.‏ وقد سسارعت سسلطة عرفات بمهاولة إظهار ششعبيتها،‏ فهششدت<br />

مظاهرة من ثلاثة آلاف ششخص،‏ غير أن حماسس نظمت مهرجاناً‏ جماهيرياً‏ حاششداً‏ في<br />

٢٦ تشرين الشاني/‏ نوفمبر حضره حوالي ٧٠ ألف ششخص‏ . ٢٥٠<br />

وقد زادت حدة التوتر مع السسلطة عندما قامت باعتقال عدد من قيادات حماسس في<br />

قطاع غزة في أواخر حزيران/‏ يونيو ‎١٩٩٥‎م،‏ بينهم محمود الزهار وأحمد بهر وأحمد<br />

٢٥١<br />

نمر،‏ وخضضعوا للتعذيب والٕهانة،‏ وحُ‏ لقت لهاهم التي تعد ُّ رمز التزامهم الٕسسلامي<br />

مما أثار غضضباً‏ واسسعاً‏ في السساحة الفلسسطينية.‏ غير أن أششد حملات الاعتقال قد تمت<br />

في ششهري آذار/‏ مارسس،‏ ونيسسان/‏ أبريل ‎١٩٩٦‎م بعد سسلسسلة العمليات الاسستششهادية<br />

التي هزت الكيان الٕسراءيلي،‏ وقد طالت هذه العمليات أكثر من ألف من نششطاء حماسس<br />

والجهاد الٕسسلامي،‏ وخضضعوا للتعذيب،‏ واسستهدفت البنية التهتية للتيار الٕسسلامي،‏<br />

فأغلقت المدارسس والجمعيات الخيرية ولجان الزكاة ورعاية الٔيتام التي يديرها أنصار<br />

حماسس والجهاد الٕسسلامي . ٢٥٢ وقد أششار رءيسس أركان الجيشش الٕسراءيلي آمنون ششاحاك<br />

Amnon Shahak ورءيسس الششاباك عامي أيالون Ami Ayalon بالتهرك ‏“المنهجي”‏<br />

الذي يقوم به ياسر عرفات ضضدّ‏ حماسس . ٢٥٣<br />

وفي تقرير بشته ‏“قدسس برسس”‏ في ‎١٩٩٦/٤/٨‎م قال اللواء محمد جهاد،‏ المسوءول<br />

الكبير في حركة فته:‏ إن السسلطة الفلسسطينية تنتهك بصورة مخجلة القوانين الدولية<br />

المعترف بها،‏ وأن التعذيب الذي يمارسس بهقّ‏ المعتقلين ‏“لا يطاق”وأن هناك ممارسسات<br />

حدثت بهقّ‏ المعتقلين ‏“يندى لها الجبين”‏ مششيراً‏ إلى حدوش عمليات اغتصاب لسسجناء<br />

سسياسسيين،‏ إضضافة إلى التعذيب بواسسطة الششبه والجلد وإطفاء السسجاءر في أبدان المعتقلين.‏<br />

وفي حديشه لجريدة الشرق الٔوسسط قال محمد جهاد:‏ إن إجراءات بعضض أجهزة السسلطة<br />

الٔمنية ضضدّ‏ حماسس ‏“قمعية وغير مبررة”‏ . ٢٥٤<br />

وقد توفي عدة أششخاص‏ تحت التعذيب في سسجون السسلطة كان آخرهم ‏(حتى كتابة<br />

هذه السسطور)‏ محمود جميل في ‎١٩٩٦/٧/٣١‎م وهو محسسوب على حركة فته نفسسها،‏<br />

لكن يبدو أنه قد اتخذ خطاً‏ مغايراً‏ وأكثر تششدداً‏ من خطّ‏ ياسر عرفات وموءيديه،‏ وقد أدى<br />

اسستششهاده إلى موجة سسخط عارمة.‏ وفي اليوم التالي حدثت تظاهرات في مدينة طولكرم<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

إثر ورود أنباء عن الهالة الصهية المتدهورة للعشرات من معتقلين حماسس المضربين<br />

عن الطعام،‏ حيش قام المتظاهرون باقتهام السسجن وتحرير العشرات من المعتقلين،‏ وقد<br />

واجهت شرطة الهكم الذاتي المتظاهرين،‏ وقتلت إبراهيم الهدايدة المهسسوب على حركة<br />

حماسس،‏ وجرحت العديدين . ٢٥٥<br />

وتجدر الٕششارة إلى ما يعرف ب“مداولات وتوصيات لجنة الطوارئ المششتركة”‏ التي<br />

ششكلها ياسر عرفات لتقديم توصياتها وروءيتها لكيفية مكافهة حركة حماسس،‏ والتي<br />

رفعت تقريرها إلى عرفات في آذار/‏ مارسس ‎١٩٩٦‎م،‏ واعترفت بمهدودية معرفة الجهات<br />

الٔمنية التابعة للسسلطة بهركة حماسس.‏ وتضضمنت توصياتها ثلاثة محاور،‏ الٔول:‏<br />

تصفية البنية العسسكرية لهماسس ‏(كتاءب القسسام)،‏ ومما تضضمنه اسستمرار الطوق الٔمني<br />

الٕسراءيلي حتى انتهاء الانتخابات الٕسراءيلية ‏(في نهاية أيار/‏ مايو ‎١٩٩٦‎م)،‏ والتعاون<br />

الٔمني مع الٕسراءيليين...،‏ والتصفية الجسسدية لعدد من قادة كتاءب القسسام على فترات<br />

متباعدة،‏ وإظهارها على أنها تجاوزات فردية أو اختراقات إسراءيلية يعاقب المتورطون<br />

بها،‏ والسسعي لاختراق التنظيم السري للقسسام،‏ ورصد ومراقبة أسساليب العمل والتجنيد<br />

والتنقل...‏ وغيرها.‏ أما المهور الشاني فهو:‏ تفكيك القدرة السسياسسية لهركة حماسس<br />

بإظهار تعدد الروءى الدينية حول المسسار السسياسسي للقضضية،‏ وإظهار تناقضضات في<br />

الخطاب السسياسسي بين قادة حماسس أنفسسهم،‏ واتهام حماسس بالمشالية الهالمة،‏ والتركيز في<br />

الاسستقطاب على ششخصيات حماسس ‏“المعتدلين منهم ممن يتمتعون بمهدودية النظرة،‏<br />

متوسسطو الذكاء،‏ المندفعين،‏ ممن تسسهل قيادتهم،‏ وهذا يتطلب تركيز الهوار مع أمشال<br />

هوءلاء وليسس مع أصهاب الروءى الاسستراتيجية في صفوف الهمسساويين”،‏ وتدعيم<br />

مكانة المعتدلين منهم بتسسليمهم المنابر والموءسسسسات الجماهيرية بدلاً‏ من الكوادر الملتزمة<br />

بالخط الٓخر،‏ والتضضييق على آليات اتخاذ القرار لدى حماسس.‏ وأما المهور الشالش فهو<br />

إرباك وجود حماسس في الخارج وهزّ‏ توازنه وخصوصاً‏ في الٔردن . ٢٥٦<br />

وعلى الرغم من أن السسلطة الفلسسطينية أنكرت نسسبة هذه الوثيقة إليها،‏ إلا أن<br />

الٔوسساط الموءيدة لهماسس توءكد ذلك،‏ كما أن القراءة المتأنية للوثيقة تدفع إلى الميل بأنها<br />

بالفعل من صياغة إحدى اللجان الٔمنية في السسلطة،‏ خصوصاً‏ لمن يطلع على خلفياتها<br />

السسابقة وأداءها الهالي،‏ ثم إن الهقاءق العملية على الواقع توءكد على الٔقل العديد من<br />

النقاط التي أوصت بها اللجنة.‏<br />

٢١١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

ومن جهة أخرى ششنت السسلطة الفلسسطينية حرباً‏ إعلامية ضضدّ‏ حركة حماسس،‏ واتهمتها<br />

بالتواطوء مع الليكود الٕسراءيلي المتششدد لٕسسقاط حكومة حزب العمل،‏ وتعطيل التسسوية،‏<br />

واتهمتها بتلقي الدعم المادي والٔوامر من إيران،‏ كما ادعت أن حماسس تعد لهرب ضضدّ‏<br />

السسلطة،‏ واغتيال ياسر عرفات،‏ وحاولت السسلطة ششقّ‏ حركة حماسس،‏ وإظهار وجود<br />

معتدلين ومتششددين،‏ ووجود تيار ‏“الداخل”وتيار ‏“الخارج”وتعارضضهما،‏ وقد حاولت<br />

اسستقطاب بعضض عناصر حماسس كما حدش مع عماد الفالوجي الذي فصلته حماسس من<br />

عضضويتها،‏ بينما تلقفته السسلطة،‏ وأدرجته على قواءم فته في انتخابات الهكم الذاتي<br />

‏(كانون الشاني/‏ يناير ‎١٩٩٦‎م)‏ وعينته وزيراً‏ في السسلطة الفلسسطينية.‏ ودعمت تششكيل<br />

أحزاب إسسلامية أخرى خرج أفرادها عن مظلة حماسس مشل حزب الوطن برءاسسة خضر<br />

محجز،‏ وحزب المسسار الوطني الٕسسلامي برءاسسة محمود أبو دان . ٢٥٧<br />

أما حماسس فقد أصرت على الالتزام بسسياسساتها العامة،‏ ورفضضت التخلي عن المقاومة<br />

المسسلهة،‏ كما رفضضت الدخول في مواجهات مع السسلطة،‏ لكنها اسستمرت بالتعبير بصراحة<br />

وقوة عن موقفها من السسلطة وأداءها وممارسستها.‏ وقد نو َّه هاني الهسسن،‏ عضضو اللجنة<br />

المركزية لهركة فته،‏ ب“موقف الٕخوة في حماسس لٔنهم مارسسوا ضضبطاً‏ للنفسس يششكرون<br />

عليه وسسيسسجله لهم التاريخ”‏ . ٢٥٨<br />

وفي سسياق توضضيهها لممارسسات السسلطة الفلسسطينية،‏ أصدرت حماسس بيانات<br />

كشيرة جاء في أحدها أن ‏“السسلطة الفلسسطينية تصر ُّ على تجاهل كل الدعوات لهقن الدم<br />

الفلسسطيني،‏ وصون المهرمات الوطنية عبر مواصلتها حملة المداهمات الليلية والاعتقال<br />

والتعذيب في حق أبناء ششعبنا ومجاهديه،‏ إضضافة إلى اسستمرارها إصدار الٔحكام الباطلة،‏<br />

وعقد المهاكمات الصورية الظالمة داخل محكمة السسلطة العسسكرية”‏ . ٢٥٩ وفي بيان آخر<br />

اتهمت حماسس السسلطة بانتهاك حرمة المسساجد،‏ وأنه لا يكاد يمرّ‏ يوم دون أن تششن<br />

مجموعة من عناصر هذه الٔجهزة سسلسسلة من الانتهاكات لهرمة المسساجد،‏ وترويع<br />

المصلين،‏ وإتلاف محتوياتها وممتلكاتها بأسسلوب أششبه ما يكون بممارسسات الاحتلال<br />

الصهيوني البغيضضة . ٢٦٠<br />

وذكر إبراهيم غوششة،‏ الناطق الرسسمي باسسم حماسس،‏ أن هناك محاولات حشيشة<br />

من السسلطة بهدف تفتيت حركة حماسس،‏ وتحويلها من العمل الجهادي إلى السسياسسي.‏<br />

وقال:‏ إن تأثير السسلطة كان على ششخصيات غير أسساسسية في الهركة اششتراها عرفات<br />

بالمال والمناصب والٔلقاب العسسكرية الفارغة،‏ ولكنه لم يسستطع الوصول إلى قلب الهركة<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

النابضض،‏ وأي إنجازات له،‏ لن توءثر على مسسار الهركة.‏ وقال:‏ إن عرفات مو َّل نفقات<br />

سسيناريوهات لانششقاق الهركة،‏ وأشرف على تنفيذها الطيب عبد الرحيم،‏ أمين عام<br />

الهكم الذاتي،‏ ونصر يوسسف وأجهزته الٔمنية،‏ ولكن حماسس أحبطتها . ٢٦١<br />

وبعد حملة الاعتقالات الضضخمة ضضدّ‏ حماسس في آذار/‏ مارسس ‎١٩٩٦‎م رو َّ جت السسلطة<br />

الفلسسطينية اتهامات ضضدّ‏ حماسس بالتخطيط لهرب ضضدّ‏ السسلطة واغتيال عرفات،‏ غير<br />

أن حماسس نفت ذلك وقالت إن ذلك مما تفتق عنه ذهن ‏“مدبري الفتنة في سسلطة الهكم<br />

الذاتي عن مسرحية جديدة تشير الضضهك والرثاء في آنٍ‏ واحد“،‏ ‏“أولئك الذين أفلسسوا<br />

ششعبياً‏ فاتجهوا نهو اجترار الٔكاذيب“.‏ واتهمت حماسس الطيب عبد الرحيم بالتخصص‏<br />

في إصدار البيانات المزورة باسسم حماسس وكتاءب القسسام وتلفيق الوثاءق.‏ وأكدت حماسس<br />

نهجها القاءم على رفضض مبدأ‏ الاغتيال السسياسسي،‏ واسستخدام العنف لهسسم الخلافات<br />

بين أبناء الششعب الواحد،‏ وأكدت أن جهادها موجه ضضدّ‏ الاحتلال الصهيوني،‏ وأن سسلطة<br />

الهكم الذاتي تمارسس لعبة خطيرة بالتصدي للششعب الفلسسطيني وموءسسسساته وقواه<br />

المجاهدة ‏“وهي لم تتوقف لهظة عن اتهام المجاهدين بالعمالة لجهات خارجية دون أدنى<br />

دليل غير فبركاتها،‏ فيما تتعامى عن آلاف الٔدلة المعلنة التي توءكد تحالفها مع الصهاينة<br />

لدرجة تلقي الٔوامر والٕملاءات منهم لقمع الششعب الفلسسطيني“.‏ وقالت حماسس:‏ إن العالم<br />

ما زال يششهد لها بالنجاه في ضضبط النفسس،‏ وضضبط أفرادها عن الاسستجابة لاسستفزازات<br />

السسلطة،‏ ومحاولات جرّ‏ المجتمع الفلسسطيني إلى حرب أهلية.‏ وأضضافت أن حماسس توءمن<br />

أن ‏“احتضضار السسلطة ورءيسسها سسياسسياً‏ أقسسى على السسلطة من القتل اغتيالاً“!!‏ . ٢٦٢<br />

وبششكل عام،‏ فإن علاقة السسلطة الفلسسطينية بالتيار الٕسسلامي قد اتسسمت بالتوتر<br />

طوال الفترة الماضضية،‏ وما يزال هناك حوالي ألف معتقل من عناصر حماسس وموءيديها<br />

في سسجون السسلطة،‏ بالٕضضافة إلى أربعة آلاف معتقل آخر لهذه الهركة في السسجون<br />

الٕسراءيلية.‏ ولكن أجواء التوتر لم تمنع من وجود محاولات بين كلا الطرفين لتخفيف<br />

الششدّ‏ والاحتقان.‏ والهقيقة أن قنوات الهوار والتفاوضض بين الطرفين تعود إلى ما قبل<br />

قيام السسلطة الفلسسطينية،‏ أي مع م.ت.ف وتحديداً‏ مع التيار السساءد فيها أي فته بقيادة<br />

ياسر عرفات،‏ فقد عُ‏ رضضت على حماسس بعضض مقاعد المجلسس الوطني الفلسسطيني<br />

سسنة ‎١٩٨٨‎م،‏ بينما طالبت حماسس في نيسسان/‏ أبريل ‎١٩٩٠‎م ب ٤٠% من مقاعد<br />

المجلسس،‏ وبتغييرات جوهرية في سسياسسة المنظمة ‏(م.ت.ف)‏ كشرط لدخولها.‏ ووقع في<br />

‎١٩٩٠/٩/٢١‎م ‏“اتفاق الشرف”بين فته وحماسس لتنسسيق الجهود في مواجهة العدو بما<br />

٢١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

يعزز الوحدة الوطنية.‏ وفي الخرطوم عاصمة السسودان في ‎١٩٩٣/١/٢‎م جرى حوار بين<br />

وفد من فته برءاسسة ياسر عرفات ووفد من حماسس برءاسسة موسسى أبو مرزوق.‏ كما<br />

جرت عدة حوارات رسسمية وغير رسسمية منذ دخول السسلطة الفلسسطينية قطاع غزة في<br />

أيار/‏ مايو ‎١٩٩٤‎م،‏ وبعد مجزرة مسسجد فلسسطين ‏“الجمعة الٔسسود”في تشرين الشاني/‏<br />

نوفمبر ‎١٩٩٤‎م تمّ‏ تششكيل لجنة مششتركة بين الطرفين للتهقيق،‏ وتجاوز الٔزمة دون أن<br />

تحقق أية نتاءج ملموسسة . ٢٦٣<br />

وفي آب/‏ أغسسطسس ‎١٩٩٥‎م دعا الششيخ أحمد ياسسين من سسجنه أبناء الششعب الفلسسطيني<br />

إلى وضضع صيغة للتفاهم،‏ وللمهافظة على وحدة الششعب وسسلامته ومسستقبله ‏“مع<br />

المهافظة على مواقفنا المبدءية وقناعاتنا”وجدد تحريمه لسسفك الدم الفلسسطيني،‏ معتبراً‏<br />

توجيه السسلاه الفلسسطيني إلى صدور الفلسسطينيين جريمة لا تغتفر . ٢٦٤ وفي ‎١٩٩٥/٩/٤‎م<br />

دعت حماسس إلى حوار وطني ششامل وجاد يكون ملزماً‏ لكل الجماعات الموءثرة في السساحة<br />

بما فيها السسلطة والمعارضضة،‏ والهدف هو التوصل إلى تفاهم ينظم طبيعة العمل الوطني<br />

الفلسسطيني . ٢٦٥ وفي اليوم التالي رحبت السسلطة بدعوة حماسس للهوار . ٢٦٦ وششهدت تلك<br />

الفترة نششاطاً‏ ملهوظاً‏ في الٔوسساط المختلفة لتششجيع الهوار.‏ وقد تكللت الجهود بانعقاد<br />

الهوار في القاهرة بين السسلطة الفلسسطينية وحماسس في ‎١٩٩٥/١٢/٢١-١٨‎م برءاسسة<br />

سسليم الزعنون عن السسلطة،‏ وبرءاسسة خالد مششعل عن حماسس.‏ وقد سسعت السسلطة إلى هذا<br />

اللقاء لخوفها من احتمال إفششال حماسس،‏ وتعطيلها لانتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني<br />

في الضضفة والقطاع،‏ وحاولت إقناع حماسس بالمششاركة فيها،‏ كما حاولت إقناع حماسس<br />

بوقف عملياتها ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي والمعارضضة تحت سسقف اتفاقيات أوسسلو وبما<br />

لا يخل بالتزامات السسلطة تجاه عملية السسلام.‏ وخلال هذا الهوار أصرت حماسس على<br />

مقاطعة الانتخابات،‏ لكنها التزمت بعدم إفششالها بالقوة أو إجبار أحد على المقاطعة،‏ كما<br />

أكدت حماسس على اسستمرار عملياتها المسسلهة ضضدّ‏ الكيان الٕسراءيلي . ٢٦٧<br />

ولم يخلُ‏ حوار القاهرة من الٕيجابية لكلا الطرفين،‏ وأفادت أجواء الهوار الصريه<br />

والجاد في تقليص‏ الخلافات،‏ وتحديد نقاطها،‏ والعمل على عدم تصادم الطرفين.‏ وقد<br />

اتفق الوفدان على التأكيد على الوحدة الوطنية على قاعدة التعددية السسياسسية،‏ وتحريم<br />

الاقتتال الداخلي،‏ واعتماد مبدأ‏ الهوار نهجاً‏ حضضارياً‏ ووحيداً‏ في التعامل بين مختلف<br />

الٔطراف على السساحة الفلسسطينية،‏ وتششكيل لجنة مششتركة لمعالجة المششكلات الطارءة،‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

والتأكيد على تهيئة الٔجواء من أجل تعميق الشقة،‏ والتعاون لتهقيق الٔهداف الوطنية،‏<br />

والسسعي من أجل الٕفراج عن المعتقلين في سسجون الاحتلال . ٢٦٨<br />

وبالطبع،‏ وكما رأينا سسابقاً،‏ فإن كل محاولات الهوار لم تنجه في تحقيق أهدافها،‏<br />

وتكرر أن تعتقل السسلطة الفلسسطينية محاوريها من حماسس،‏ وتعذب عدداً‏ منهم في<br />

سسجونها حتى ممن ششارك منهم في حوار القاهرة أمشال حسسن يوسسف وعبد الفتاه دخان<br />

ومحمد ششمعة وجمال سسليم...‏ وغيرهم . ٢٦٩<br />

وقد علق إبراهيم غوششة على تجربة الهوار مع م.ت.ف والسسلطة الفلسسطينية بأن<br />

أبا عمار يلجأ‏ للهوار عندما يكون في مأزق،‏ وعندما يريد أن يهصل على ششيء.‏ وأضضاف<br />

أنه في أيلول/‏ سسبتمبر ‎١٩٩١‎م كان هناك لقاء مع أبي عمار الذي أله َّ على حماسس بالدخول<br />

في المجلسس الوطني الفلسسطيني كي يأخذ قراراً‏ بالتوجه إلى مدريد،‏ وعرضض على حماسس<br />

١٨ مقعداً‏ من أصل ٤٨٠. أما حوار الخرطوم في أواءل ‎١٩٩٣‎م فكان يريد موافقة حماسس<br />

على م.ت.ف ممشلاً‏ شرعياً‏ وحيداً‏ للششعب الفلسسطيني ‏“ولم يهصل على ما يريد “ ٢٧٠ ،<br />

أما محمد نزال،‏ ممشل حماسس في الٔردن،‏ فقال:‏ إنه من وجهة نظر حماسس فإن الهوار هو<br />

الٔسسلوب الهضضاري الذي لا بدّ‏ للجميع الاحتكام إليه ‏“أما فيما يتعلق بهواراتنا مع فته<br />

في الخرطوم وتونسس وعمّان والداخل كلها لم تحقق ما نصبو إليه ونريد،‏ ذلك أن حماسس<br />

لم تلمسس لدى الطرف الٓخر رغبة جدية في علاج المششكلات القاءمة بين الطرفين،‏ أو حتى<br />

رغبة في تطبيق ما يتم التوصل إليه على أرضض الواقع...‏ “ ٢٧١ .<br />

ويرى خالد مششعل رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس أن مسستقبل العلاقة<br />

بين حماسس والسسلطة الفلسسطينية،‏ بل بين الششعب الفلسسطيني والسسلطة ‏“مسستقبل غير<br />

مطمئن؛ لٔن السسلطة قد رهنته لهسساب علاقتها مع العدو،‏ وأخضضعته للمزاج الصهيوني<br />

وأولوياته،‏ وقدمت مصاله عدونا ومطالبه على مصاله ششعبنا ووحدته الوطنية<br />

وتماسسك نسسيجه الاجتماعي “ ٢٧٢ .<br />

وحتى الٓن فإن ششوكة حماسس وجذورها قد اسستعصت على الاقتلاع،‏ ولم تزعزع<br />

حملات الاعتقال والاسستئصال مكانتها الششعبية،‏ وما يزال موءيدوها في الجامعات<br />

والنقابات المهنية يهافظون على مكانتهم القوية،‏ بل ويتقدمون في مواقع عديدة.‏<br />

يقول خالد مششعل:‏ إن عمليات الضضغط على حماسس لن تنجه ‏“إذ نتبع سسياسسة لا<br />

مركزية،‏ وليسس ثمة عصب ظاهر يضضغطون عليه لا في قطاع غزة ولا في الضضفة الغربية أو<br />

٢١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

خارجها.‏ ولقد اسستفدنا من ضضغوط السسنوات الماضضية،‏ وبدلنا أجيالاً‏ قيادية عدة في وقت<br />

قصير،‏ وطورنا أسسلوب العمل والاتصال ليتعايشش مع كل الظروف “ ٢٧٣ .<br />

ومهما يكن من أمر،‏ فما دامت الٔرضض المباركة المقدسسة مغتصبة،‏ وما دامت القدسس<br />

محتلة،‏ والمسسجد الٔقصى أسسيراً،‏ وما دام المسسلمون يوءمنون بهقهم في فلسسطين،‏ فإن<br />

الٔمر يتجاوز مجرد ضرب حماسس أو حتى اقتلاعها؛ لٔن هناك من سسيأتي من المسسلمين<br />

والٔجيال ليطالب بهقه،‏ ويتابع الطريق،‏ ولعل من مصلهة السسلطة الفلسسطينية تعزيز<br />

الوحدة الوطنية جدياً،‏ وعدم الدخول في عمليات ‏“التركيع”و“كسر العظم”مع التيار<br />

الٕسسلامي وأطراف المعارضضة،‏ خصوصاً‏ وأن خصمها الٕسراءيلي ما يزال يتصرف<br />

بغطرسسة وصلف،‏ ويتلكأ‏ في اتفاقيات حقق من خلالها مكاسسب كبيرة،‏ بينما لم يهصل<br />

الطرف الفلسسطيني على ‏“فتات”‏ يُقترّ‏ الطرف الٕسراءيلي حتى في إعطاءها.‏<br />

وبعد<br />

فإن أمام التيار الٕسسلام في فلسسطين تحديات عظيمة مع دخول التسسوية السسلمية<br />

مرحلة التنفيذ،‏ وسسيكون مسستهدفاً‏ من الجميع بالتصفية أو التهجيم أو التهييد أو<br />

التششويه أو محاولات الاسستيعاب.‏ وسسيكون مطلوباً‏ منه أن يوقف برنامجه الجهادي وإلا<br />

تعرضض لمرحلة من المهنة والابتلاء على يدّ‏ مناضضلي الٔمسس.‏ وسسيهتاج التيار الٕسسلامي<br />

إلى الكشير من المهارة والهنكة والذكاء والالتصاق بالجماهير،‏ وقبل ذلك كله عون االله<br />

وتوفيقه لاجتياز هذه المرحلة.‏<br />

على أن المسسلمين لن يتنازلوا عن حقهم في كل فلسسطين مهما طال الزمن،‏ ومرت<br />

الٔجيال،‏ فالهق لا يزول بسسبب هزيمة أنظمة أو ضضعف ثورات أو تخاذل قادة،‏ وهو<br />

حتماً‏ سسيعود بعودة الفئة الموءمنة الصادقة إلى توجيه دفة الٔمة والجهاد وتحقيق وعد االله<br />

بالنصر على الٔعداء چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ،‏ چ ڤ ڤ ڦڦ ڦ ڦ<br />

ڄ ڄ ڄچ.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

هوامشش الفصصل الرابع<br />

١ انظر:‏ عارف العارف،‏ المفصل في تاريخ القدس‏ ‏(القدسس:‏ فوزي يوسسف،‏ ١٩٦١)، ج ١، ص‏ ‎٣٦٦-٣٦٥‎؛<br />

وأحمد الششقيري،‏ أربعون عاماً‏ في الهياة العربية والدولية ‏(بيروت:‏ دار النهار،‏ ١٩٦٩)، ص‏ ٤٢.<br />

٢ انظر:‏ عجاج نويهضض،‏ رجال من فلسسطين ‏(بيروت:‏ منششورات فلسسطين المهتلة،‏ ١٩٨١)، ص‏ ٩٨-٩٩.<br />

٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٣٥-١٣٤‎؛ وانظر أيضضاً:‏ خليل السسكاكيني،‏ كذا أنا يا دنيا ‏(دون مكان:‏ الاتحاد العام<br />

للكتاب والصهفيين الفلسسطينيين،‏ ١٩٨٢)، ص‏ ١٣٤-١٣٥.<br />

٤ انظر:‏ حسسان علي حلاق،‏ موقف الدولة العشمانية من الهركة الصهيونية ١٨٩٧-١٩٠٩، ط ٢ ‏(بيروت:‏<br />

الدار الجامعية للطباعة والنشر،‏ ١٩٨٠)، ص‏ ٨٦-٩٠، و‎١٠٥-١٠١‎‏.‏<br />

٥ سسمير أيوب،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ص‏ ‎١٢٨‎؛ وصاله مسسعود أبو يصير،‏ جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف<br />

قرن ‏(بيروت:‏ دار الفته،‏ ١٩٧٠)، ص‏ ٣١.<br />

٦ مذكرات السسلطان عبد الهميد،‏ ترجمة وتعليق محمد حرب عبد الهميد ‏(القاهرة:‏ دار الٔنصار،‏ ١٩٧٨)،<br />

ص‏ ٦٥.<br />

٧ سسمير أيوب،‏ مرجع سسابق،‏ ج ١، ص‏ ٢٦٩-٢٧٠.<br />

٨ مقدمة مذكرات السسلطان عبد الهميد،‏ ص‏ ١١.<br />

٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١١-١٢.<br />

١٠ عبد العزيز محمد عوضض،‏ مقدمة في تاريخ فلسسطين الهديش ١٨٣١-١٩١٤ ‏(بيروت:‏ الموءسسسسة العربية<br />

للدراسسات والنشر - مكتبة المهتسسب،‏ ١٩٨٣)، ص‏ ‎٦٢‎؛ وحسسان حلاق،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٩٦-٩٨.<br />

١١ وليم فهمي،‏ الهجرة اليهودية إلى فلسسطين ‏(مصر:‏ الهيئة المصرية العامة للكتاب،‏ ١٩٧٤)، ص‏ ٣٦.<br />

١٢ انظر:‏ خيرية قاسسمية،‏ النششاط الصهيوني في الشرق العربي وصداه ١٩٠٨-١٩١٨، سسلسسلة كتب<br />

فلسسطينية،‏ رقم ٤١ ‏(بيروت:‏ مركز الٔبهاش،‏ ١٩٧٣)، ص‏ ٤١-٤٩.<br />

١٣ صاله أبو يصير،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٣.<br />

١٤ وزارة الٕرششاد القومي،‏ الهيئة العامة للاسستعلامات,‏ ملف وثاءق فلسسطين،‏ الجزء الٔول:‏ ١٩٣٧-١٩٤٩،<br />

‏(القاهرة:‏ الهيئة العامة للاسستعلامات,‏ ١٩٦٩)، ج ١، ص‏ ١٥٥.<br />

١٥ خيرية قاسسمية،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٠٣.<br />

١٦ انظر:‏ محسسن محمد صاله،‏ التيار الٕسسلامي في فلسسطين وأثره في حركة الجهاد ١٩١٧-١٩٤٨، ط ٢<br />

‏(الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ٥٩-٦١.<br />

١٧ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٦٢-٧٨.<br />

١٨ إميل الغوري،‏ فلسسطين عبر سستين عاماً‏ ‏(بيروت:‏ دار النهار،‏ ١٩٧٢)، ص‏ ٢٨-٣٠.<br />

١٩ محمد سسلامة النهال،‏ سسياسسة الانتداب البريطاني حور أراضضي فلسسطين العربية،‏ ط ٢ ‏(بيروت:‏ منششورات<br />

فلسسطين المهتلة،‏ ١٩٨١)، ص‏ ٧١-٧٢.<br />

٢٠ انظر:‏ حرب فلسسطين ١٩٤٧-١٩٤٨ ‏(الرواية الٕسراءيلية الرسسمية)،‏ ترجمه عن العبرية أحمد خليفة<br />

‏(قبرص:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٢٦.<br />

٢١ انظر:‏ محمد عزة دروزة،‏ فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين:‏ في معركة الهياة والموت ضضد بريطانيا<br />

والصهيونية العالمية ١٩١٧-١٩٤٨ ‏(القاهرة:‏ دار الكتاب العربي،‏ ١٩٥٩)، ص‏ ‎٩٨‎؛ ومحمد أمين<br />

الهسسيني،‏ حقاءق عن قضضية فلسسطين،‏ ط ٢ ‏(القاهرة:‏ مكتب الهيئة العربية العليا لفلسسطين،‏ ١٩٥٧)، ص‏ ٥٠.<br />

٢١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٢٢ حول طبيعة هذه الفترة ودور التيار الٕسسلامي في الانتفاضضات،‏ انظر:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٨٩-١٩١.<br />

٢٣ حول ششخصية القسسام بالتفصيل،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٣١-٢٤٧.<br />

٢٤ صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى في فلسسطين:‏ ١٩٣٦-١٩٣٩ ‏(القاهرة:‏ وزارة الشقافة،‏ دار الكتاب<br />

العربي،‏ ١٩٦٧)، ص‏ ٣٣.<br />

٢٥ إميل الغوري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٤٨، التوكيد للباحش.‏<br />

٢٦ عوني العبيدي،‏ ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني ‏(الزرقاء،‏ الٔردن:‏ مكتبة المنار،‏<br />

دون تاريخ)،‏ ص‏ ٩.<br />

٢٧ بيان الهوت،‏ القيادات والموءسسسسات السسياسسية في فلسسطين ١٩١٧-١٩٤٨ ‏(بيروت:‏ موءسسسسة الدراسسات<br />

الفلسسطينية،‏ ١٩٨١)، ص‏ ٣١٧-٣١٨.<br />

٢٨ سسميه حمودة،‏ الوعي والشورة:‏ دراسسة في حياة وجهاد الششيخ عز الدين القسسام ١٨٨٢-١٩٣٥، ط ٢<br />

‏(عم َّان:‏ دار الشروق،‏ ١٩٨٦)، ص‏ ٤٢.<br />

٢٩ انظر:‏ صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى،‏ ص‏ ‎٣١‎؛ وأكرم زعيتر،‏ الهركة الوطنية الفلسسطينية<br />

١٩٣٥-١٩٣٩: يوميات أكرم زعيتر ‏(بيروت:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٨٠)، ص‏ ‎٣٠‎؛<br />

ومحمد نمر الخطيب،‏ من أثر النكبة ‏(دمششق:‏ المطبعة العمومية،‏ ١٩٥١)، ص‏ ٨٧.<br />

٣٠ انظر:‏ علي حسسين خلف،‏ تجربة الششيخ عز الدين القسسام ‏(عم َّان:‏ دار ابن رششد،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٤٤-٤٧،<br />

و‎٦٠-٥٨‎؛ وسسميه حمودة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٨-٥٠.<br />

٣١ بيان الهوت،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٣٢٤‎؛ وكامل خلة،‏ فلسسطين والانتداب البريطاني ١٩٢٢-١٩٢٩ ‏(طرابلسس،‏<br />

ليبيا:‏ المنششأة العامة للنشر،‏ ١٩٨٢)، ص‏ ٥٨٤.<br />

٣٢ صبهي ياسسين،‏ حرب العصابات في فلسسطين ‏(القاهرة:‏ الموءسسسسة المصرية العامة للتأليف والنشر – دار<br />

الكتاب العربي،‏ دون تاريخ)،‏ ص‏ ‎٧٩‎؛ وصبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى،‏ ص‏ ٣٣-٣٤.<br />

٣٣ صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى،‏ ص‏ ٣٣-٣٤.<br />

٣٤ إبراهيم الششيخ خليل،‏ ‏“رسسالة من مجاهد قديم:‏ ذكريات مع القسسام،”‏ مجلة شوءون فلسسطينية،‏ عدد ٧،<br />

آذار/‏ مارسس ١٩٧٢، ص‏ ‎٢٦٨-٢٦٧‎؛ وبيان الهوت،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٢٣.<br />

٣٥ صبهي ياسسين،‏ حرب العصابات في فلسسطين،‏ ص‏ ‎٦٨‎؛ ومحمد عزة دروزة،‏ فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين،‏<br />

ص‏ ٢٩.<br />

٣٦ عبد السستار قاسسم،‏ الششيخ المجاهد عز الدين القسسام ‏(بيروت:‏ دار الٔمة للنشر،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٩٩. التوكيد<br />

للباحش.‏<br />

٣٧ كامل خلة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٨٤.<br />

٣٨ علي خلف،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٥٤-٥٣‎؛ ومحمد نمر الخطيب،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٨٨‎؛ وانظر أيضضاً:‏<br />

S. Abdullah Schleifer “The Life and Thought of Izziddin Al-Qassam”, The Islamic Quarterly,<br />

vol. 23, no. 2, 1979, p. 75.<br />

٣٩ صبهي ياسسين،‏ حرب العصابات في فلسسطين،‏ ص‏ ٧٠.<br />

٤٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٧٠.<br />

٤١ عوني العبيدي،‏ ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني،‏ ص‏ ٤٢.<br />

٤٢ كامل خلة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٥٩٤-٥٩٣‎؛ وعبد السستار قاسسم،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٦٥-٦٤‎؛ و انظر أيضضاً:‏<br />

The Palestine Police Force, Annual Administrative Report, 1935 (<strong>Jerusalem</strong>: Government<br />

Printing Press, Undated), p. 40.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٨


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

٤٣ زهير المارديني،‏ ألف يوم مع الهاج أمين الهسسيني ‏(دون مكان:‏ دون ناشر،‏ ١٩٨٠)، ص‏ ٨٣.<br />

٤٤ عن ثورة فلسسطين سسنة ١٩٣٦: وصف وأخبار ووقاءع ووثاءق،‏ إعداد مكتب الاسستعلامات الفلسسطيني<br />

العربي بمصر ‏(القاهرة:‏ اللجنة الفلسسطينية العربية،‏ كانون الٔول/‏ ديسسمبر ١٩٣٦)، ص‏ ٤١.<br />

٤٥ صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى،‏ ص‏ ٤٠.<br />

٤٦ وثاءق الهركة الوطنية الفلسسطينية،‏ ص‏ ٣٩٧. وانظر أيضضاً:‏<br />

Police Report, 1935, p. 40.<br />

٤٧ عبد السستار قاسسم،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٦٦-٦٧.<br />

٤٨ أكرم زعيتر،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٢.<br />

٤٩ صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى،‏ ص‏ ٣٩-٤١.<br />

٥٠ محمد عزة دروزة،‏ العدوان الٕسراءيلي القديم والعدوان الصهيوني الهديش على فلسسطين وما جاورها<br />

‏(بيروت:‏ دار الكلمة،‏ ١٩٨٠)، ج ٢، ص‏ ٥٢.<br />

٥١ محمد نمر الخطيب،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٨٨.<br />

٥٢ كامل خلة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٩٤.<br />

Despach, High Comissioner of Palestine to Secretary of State for the Colonies, 7 December 1935, ٥٣<br />

Secret, C.O. (Colonial Office-London), 733/297/1.<br />

٥٤ عبد السستار قاسسم،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٠٦.<br />

٥٥ إميل الغوري،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٥٦-١٥٩، و‎٢٣٥-٢٣٢‎‏.‏<br />

٥٦ ‏“وثاءق المقاومة الفلسسطينية العربية ضضد الاحتلال البريطاني والصهيونية ١٩١٨-١٩٣٩،” جمع<br />

وتصنيف عبد الوهاب الكيالي ‏(بيروت:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٦٨)، ص‏ ٦١٤-٦١٦.<br />

٥٧ انظر خلاصة هذه الدراسسة في:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ٣٥٨-٣٦٠.<br />

٥٨ حول دور جماعة القسسام والٕسسلاميين بششكل عام في الشورة الكبرى،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٦١-٤١٢.<br />

٥٩ حول الشورة الكبرى،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٣١-٣٥١.<br />

٦٠ حسسن البنا،‏ مذكرات الدعوة والداعية،‏ ط‎٥‎ ‏(بيروت – دمششق:‏ المكتب الٕسسلامي،‏ ١٩٨٣)، ص‏ ٢٨.<br />

٦١ حسسن البنا،‏ مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا،‏ ص‏ ٢٧١-٢٧٣.<br />

٦٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٥٦-١٥٧.<br />

٦٣ حسسن البنا،‏ مذكرات الدعوة والداعية،‏ ص‏ ١٩٨-١٩٩.<br />

٦٤ حول نششأة جماعة الٕخوان في فلسسطين،‏ انظر:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٣٨-٤٤٥.<br />

٦٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٤٥٠-٤٤٧‎؛ وبيان الهوت،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٠٣.<br />

٦٦ كامل الشريف،‏ الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين ‏(الزرقاء،‏ الٔردن:‏ مكتبة المنار،‏ ١٩٨٤)، ص‏ ٤٦٤.<br />

٦٧ مقابلة مع كامل الشريف،‏ عم َّان،‏ ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />

٦٨ مقابلة مع يوسسف عميرة،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/١١/٦.<br />

٦٩ عارف العارف،‏ النكبة:‏ نكبة بيت المقدس‏ والفردوس‏ المفقود ١٩٤٧-١٩٥٢ ‏(صيدا – بيروت:‏ المكتبة<br />

العصرية،‏ ١٩٥٤)، ج ١، ص‏ ٢٢٧-٢٢٩.<br />

٧٠ مقابلة مع يوسسف عميرة،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/١١/٦.<br />

٧١ مقابلة مع كامل الشريف،‏ عم َّان،‏ ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />

٢١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٧٢ عارف العارف،‏ النكبة،‏ ج ١، ص‏ ٢٣٤.<br />

٧٣ مقابلة مع يوسسف عميرة،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/١١/٦.<br />

٧٤ حول دور الٔخوان المسسلمين المصريين،‏ انظر:‏ كامل الشريف،‏ الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين؛<br />

ومحسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٦٨-٤٧٥. حول دور الٕخوان المسسلمين السسوريين،‏ انظر:‏<br />

مصطفى السسباعي،‏ الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين ‏(دار النذير،‏ ١٩٨٥)، وعارف العارف،‏ النكبة،‏ ج ١،<br />

ص‏ ٣٢٦، و‎٣٢٩‎‏،‏ و‎٤٣٧-٤٣٥‎‏.‏<br />

٧٥ حول دور الٕخوان المسسلمين السسوريين،‏ انظر:‏ مصطفى السسباعي،‏ مرجع سسابق؛ وعارف العارف،‏ النكبة،‏<br />

ج ١، ص‏ ٣٢٦، و‎٣٢٩‎‏،‏ و‎٤٣٧-٤٣٥‎‏.‏<br />

٧٦ حول دور الٕخوان المسسلمين الٔردنيين،‏ انظر:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٤٧٧-٤٧٦‎؛ وسسليمان موسسى،‏<br />

أيام لا تنسسى:‏ الٔردن في حرب ١٩٤٨ ‏(الٔردن:‏ مطبعة المسسلهة الٔردنية،‏ ١٩٨٢)، ص‏ ٤٤-٤٥.<br />

٧٧ حول دور الٕخوان المسسلمين العراقيين،‏ انظر:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٤٧٨-٤٧٧‎؛ وبيان الهوت،‏<br />

مرجع سسابق،‏ ص‏‎٦١٣-٦١٢‎‏.‏<br />

٧٨ حول دور القسساميين،‏ انظر:‏ محسسن صاله،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٧٩-٤٨٠.<br />

٧٩ حول دور الجهاد المقدسس،‏ انظر:‏ مسسعود أبو يصير،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٤٠-٣٥٦.<br />

٨٠ كتب الكشير عن الهاج أمين ودوره،‏ انظر مشلاً:‏ بيان الهوت،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٠١-٢٤٩، و‎٥٩٤-٥٨٥‎؛<br />

وزهير المارديني،‏ مرجع سسابق؛ وغيرها.‏<br />

٨١ مقابلة مع يوسسف عميرة،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/١١/٦.<br />

٨٢ فايز سسارة،‏ ‏“الهركة الٕسسلامية في فلسسطين:‏ وحدة الٔيديولوجيا وانقسسام السسياسسة،”‏ مجلة المسستقبل العربي،‏<br />

عدد ١٢٤، حزيران/‏ يونيو ١٩٨٩، ص‏ ٥٢.<br />

٨٣ انظر:‏ المرجع نفسسه؛ وربعي المدهون،‏ ‏“الهركة الٕسسلامية في فلسسطين ١٩٢٨-١٩٨٧،” مجلة شوءون<br />

فلسسطينية،‏ عدد ١٨٧، تشرين الٔول/‏ أكتوبر ١٩٨٨، ص‏ ٢٠-٢٣.<br />

٨٤ حول ما سسبق انظر:‏ عبد االله أبو عزة،‏ مع الهركة الٕسسلامية في الدول العربية ‏(الكويت:‏ دار القلم،‏ ١٩٨٦)،<br />

ص‏ ٢٦-٣٨، و‎٥٣-٤٨‎‏.‏<br />

Ammon Cohen, Political Parties in the West Bank under the Jordanian Regime, 1949-1967 ٨٥<br />

(London: Cornell University Press), p. 145.<br />

٨٦ مقابلة مع عبد العزيز علي،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />

٨٧ مقابلة مع سسليمان حمد،‏ الكويت،‏ ١٩٨٦/١/٢٥.<br />

Alan Hart, Arafat: A Political Biography, 4th edition (Bloomington & Indianapolis (U.S.A.): ٨٨<br />

Indiana University Press, 1989), p. 123. (Originally published as Arafat: Terrorist or peacemaker).<br />

Helena Cobban, The Palestinian Liberation Organization: People, Power & Politics (U.S.A.: ٨٩<br />

Cambridge University Press, 1988), pp.23-24.<br />

Hart, op. cit., pp. 556-557. ٩٠<br />

٩١ عبد االله أبو عزة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧١-٩٦.<br />

٩٢ حول ما سسبق:‏ رسسالة من سسليمان حمد،‏ الكويت،‏ ١٩٩٤/٧/١٧.<br />

ملاحظة:‏ اطلع الٔسستاذ سسليمان حمد على مسسودة ما كتبه الموءلف حول نششأة فته وعلاقتها بالٕخوان،‏ وقام<br />

بإضضافة بعضض المعلومات والتعديلات من خلال الرسسالة المششار إليها.‏<br />

وانظر أيضضاً‏ حول الموضضوع نفسسه:‏ عبد االله أبو عزة،‏ مرجع سسابق،‏ ٧١-٩٦.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٠


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

٩٣ انظر:‏ ربعي المدهون،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ‎٢٤-٢٣‎؛ وانظر:‏ عوني جدوع العبيدي،‏ حزب التهرير الٕسسلامي<br />

‏(عمّان:‏ دار اللواء،‏ ١٩٩٣). وانظر أيضضاً:‏<br />

Cohen, op. cit., p. 209.<br />

٩٤ مقابلة مع عبد العزيز علي،‏ الكويت،‏ ‎١٩٨٥/٩/٢٧‎؛ وانظر:‏ عبدا الله أبو عزة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٢٧-١٤٤.<br />

٩٥ مقابلة مع عبد العزيز علي،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />

ملاحظة:‏ يذكر محمد الهسسن أن الٕسسلاميين السسوريين أسسهموا ب ٩٥٠ مجاهداً،‏ منهم ٢٥٠ من الٕخوان<br />

وأسسهمت حماة وحدها ب ١٦٠ مجاهداً،‏ واسستششهد منهم العشرات وكان نششاطهم ضضمن معسسكرات الششيوخ.‏<br />

وقال أيضضاً:‏ إنه أسسهم من إخوان السسودان خمسسون أخاً‏ منهم ٢٢ يهملون الدكتوراه و‎٢٦‎ دراسسات عليا<br />

واثنان مدرسسان.‏ غير أن محمد الهسسن لا يششير إلى مصدر هذه المعلومات التي يبدو لنا أنها لا تخلو من<br />

المبالغة.‏ انظر:‏ محمد الهسسن،‏ موقف الٕسسلاميين من قضضية فلسسطين ‏(قطر:‏ مكتبة الفته ومكتبة الغزالي،‏ ١٩٩٥)،<br />

ص‏ ١٣٩، و‎٢١١‎‏.‏<br />

٩٦ مقابلة مع عبد العزيز علي،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />

٩٧ عبد االله عزام،‏ حماس:‏ حركة المقاومة الٕسسلامية في فلسسطين:‏ الجذور التاريخية والميشاق ‏(بيششاور،‏<br />

باكسستان:‏ مكتب خدمات المجاهدين،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ٧١-٧٣.<br />

٩٨ محمد الهسسن،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٣٩.<br />

٩٩ عبد االله عزام،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧٤.<br />

١٠٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٧٣-٧٤.<br />

١٠١ مقابلة مع عبد العزيز علي،‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />

١٠٢ المرجع نفسسه.‏<br />

١٠٣ عبد االله عزام،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧٦.<br />

١٠٤ انظر:‏ زياد محمود علي،‏ عداء اليهود للهركة الٕسسلامية ‏(عمّان:‏ دار الفرقان،‏ ١٩٨٢)، ص‏ ‎١١٤-١٠٠‎؛<br />

وفايزة سسارة،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٥٥.<br />

١٠٥ ربعي المدهون،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٢٧.<br />

١٠٦ انظر:‏ أحمد بن يوسسف،‏ أحمد ياسسين:‏ الظاهرة المعجزة وأسسطورة التهدي،‏ ط ٢ ‏(عمّان:‏ دار الفرقان،‏ ١٩٩٠)،<br />

ص‏ ٧-٢١، و‎٨٠‎‏،‏ و‎٩٢‎‏.‏<br />

١٠٧ انظر:‏ مقابلة مع الدكتور فتهي الششقاقي،‏ مجلة الوسسط،‏ لندن،‏ ١٩٩٥/١١/٦.<br />

١٠٨ المرجع نفسسه.‏<br />

١٠٩ انظر:‏ حمد سسعيد الموعد،‏ ‏“المصادر الفكرية لهركة الجهاد الٕسسلامي في فلسسطين،”‏ جريدة الهياة،‏ لندن،‏<br />

.١٩٩٥/١/٢٧<br />

١١٠ الوسسط،‏ .١٩٩٥/١/٣٠<br />

١١١ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/١١/٦.<br />

١١٢ المرجع نفسسه،‏ وانظر أيضضاً:‏ جريدة الٔسسواق،‏ عم َّان،‏ ١٩٩٥/١٠/٣٠.<br />

١١٣ الوسسط،‏ .١٩٩٥/١/٣٠<br />

١١٤ المرجع نفسسه.‏<br />

١١٥ المرجع نفسسه؛ وانظر أيضضاً‏ حول حركة الجهاد الٕسسلامي:‏ زياد أبو عمرو،‏ الهركة الٕسسلامية في الضضفة<br />

وقطاع غزة ‏(عكا،‏ فلسسطين المهتلة:‏ دار الٔسسوار،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ١١١-١٤٨.<br />

١١٦ انظر:‏ غسسان حمدان،‏ الانتفاضضة المباركة:‏ وقاءع وأبعاد ‏(الكويت:‏ دار الفلاه،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ٣٦.<br />

٢٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١١٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٧-٣٨.<br />

١١٨ جريدة صوت الششعب،‏ عم َّان،‏ ١٩٩٣/٨/١٧.<br />

١١٩ حول عملية الطاءرة الشراعية،‏ انظر:‏ عبد القادر ياسسين،‏ مجتمع الانتفاضضة الفلسسطينية،‏ سسلسسلة كتاب<br />

الٔهالي،‏ رقم ٤١ ‏(القاهرة:‏ أيار/‏ مايو ١٩٩٢)، ص‏ ٣٦، وانظر أيضضاً:‏ غسسان حمدان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٣٠.<br />

١٢٠ غسسان حمدان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٣٥-٤٣٦.<br />

١٢١ انظر نص‏ البيان الٔول للقيادة الموحدة في:‏ أسسعد عبد الرحمن ونواف الزرو،‏ الانتفاضضة:‏ مقدمات ونتاءج،‏<br />

تفاعلات وآفاق ‏(بيروت:‏ موءسسسسة الٔبهاش العربية،‏ ١٩٨٩)، ص‏ ١٩٤-١٩٥.<br />

١٢٢ صوت الششعب،‏ ١٩٩٣/١٢/٨.<br />

١٢٣ نشرت جريدة نيويورك تايمز ملخصاً‏ لوثيقة أبي شريف في ١٩٨٨/٦/٢٢، انظر:‏<br />

Rex Brynen (Editor), Echoes of Intifada: Regional Repercussions of Palestinian Israeli Conflict<br />

١٢٤ انظر:‏ جريدة الرأي،‏ عم َّان،‏ ١٩٨٨/٨/١.<br />

(U.S.A.: Westview Press, 1991), p. 144.<br />

١٢٥ انظر:‏ لطفي الخولي،‏ الانتفاضضة والدولة الفلسسطينية ‏(القاهرة:‏ مركز الٔهرام للترجمة والنشر،‏ ١٩٨٨)،<br />

ص‏ ٣٤٠-٣٥١.<br />

١٢٦ انظر:‏ الرأي،‏ ١٥-١٩٨٨/١٢/١٦.<br />

١٢٧ انظر:‏ النتاءج النهاءية للانتخابات،‏ المرجع نفسسه،‏ ١٩٨٨/١١/٥.<br />

١٢٨ انظر:‏ جريدة الدسستور،‏ الٔردن،‏ ١٩٩٦/٦/١٣.<br />

١٢٩ انظر:‏ جواد الهمد،‏ عملية السسلام في الشرق الٔوسسط:‏ وتطبيقاتها على المسسارين الفلسسطيني والٔردني<br />

‏(عم َّان:‏ مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٦)، ص‏ ٢٠-٤١.<br />

١٣٠ انظر نص‏ الاتفاق في:‏ عماد يوسسف،‏ الانعكاسسات السسياسسية لاتفاق الهكم الذاتي الفلسسطيني ‏(عم َّان:‏<br />

مركز الدراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٤)، ص‏ ١٢٨-١٣٦.<br />

١٣١ انظر:‏ الدسستور،‏ ‎١٩٩٤/٥/٥-٤‎؛ وداود سسليمان،‏ السسلطة الوطنية الفلسسطينية في عام ١٩٩٤-١٩٩٥<br />

‏(عم َّان:‏ مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٥)، ص‏ ٢٣.<br />

١٣٢ انظر:‏ جواد الهمد،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٤٣-٤٤.<br />

١٣٣ انظر:‏ فتوى علماء المسسلمين بتهريم التنازل عن أي جزء من فلسسطين ‏(الكويت:‏ جمعية الٕصلاه<br />

الاجتماعي،‏ ١٩٩٠). وهو كتاب يتضضمن مجموعة من الفتاوى في هذا الموضضوع.‏ كما أصدر علماء المسسلمين<br />

فتاوى عديدة بعد توقيع اتفاقية أوسسلو،‏ وكان من بينها ‏“بيان نصرة وتضضامن”وقعه علماء المسسلمين<br />

ومعهم قادة الهركات الٕسسلامية والكشير من المفكرين وممشلي القوى الوطنية والسسياسسية،‏ والذي أكد على<br />

أن قضضية فلسسطين هي القضضية المركزية للٔمة العربية والٕسسلامية،‏ وأن الٔمة لن تقبل التفريط بأي جزء من<br />

الٔرضض المباركة مهما كانت مبررات التفريط،‏ وأن نهج التسسوية الذي تحاول فرضضه قوى الاسستكبار العالمي<br />

والصهيوني هو نهج مُدان ومرفوضض،‏ وأن الاعتراف السسياسسي بالاحتلال أو التطبيع معه أمر مرفوضض،‏<br />

وأن خيار الجهاد هو خيار الٔمة المشروع،‏ كما طالبوا بدعم ومناصرة الششعب الفلسسطيني بكل الوسساءل الممكنة،‏<br />

ودعم حركات الجهاد والمقاومة،‏ وحذروا من التعرضض لها بسسوء.‏ ومن بين من وق َّع على هذا الاتفاق يوسسف<br />

القرضضاوي،‏ ومحمد حامد أبو النصر،‏ ومصطفى مششهور،‏ وحسسن الترابي،‏ وأبو الهسسن الندوي،‏ والقاضضي<br />

حسسين أحمد،‏ وراششد الغنوششي،‏ وعبد المجيد الزنداني،‏ وفتهي يكن،‏ وعبد المجيد ذنيبات،‏ وعمر الٔششقر،‏<br />

وجاسسم الياسسين،‏ وعجيل النششمي،‏ ومأمون الهضضيبي،‏ وإسسهق الفرحان،‏ وجاب االله عبد االله...‏ وغيرهم كشير.‏<br />

وقد صدر هذا البيان في نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٥، ونشرته مجلة فلسسطين المسسلمة،‏ لندن،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٢


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

١٣٤ حسسب تقرير داءرة الشوءون الفلسسطينية في الٔردن،‏ فقد صادر الكيان الٕسراءيلي حتى نهاية<br />

حزيران/‏ يونيو ١٩٩٣ حوالي ٣,٠٨ مليون دونم من أرضض الضضفة والقطاع،‏ وهو ما يششكل أكثر من<br />

نصف مسساحتهما،‏ انظر:‏ صوت الششعب،‏ ١٩٩٣/٧/١٧.<br />

١٣٥ اسستقال سستة أعضضاء من أصل ١٨ عضضواً‏ من اللجنة التنفيذية للمنظمة في إثر اتفاقات أوسسلو،‏ وأقر َّت<br />

أموراً‏ مهمة دون اكتمال النصاب القانوني لاجتماعها وهو ١٢ عضضواً‏ بمقاطعة آخرين لاجتماعاتها مشل<br />

فاروق قدومي،‏ وعقدت اجتماعها في القاهرة يومي ٢١-١٩٩٥/٢/٢٢ بهضضور تسسعة من أعضضاءها فقط.‏<br />

وقد اعترضض سسليم الزعنون – رءيسس المجلسس الوطني بالٕنابة ‏(وهو من حركة فته)‏ على ذلك في مذكرة<br />

رفعها إلى ياسر عرفات في ١٩٩٥/٢/٢٧، وقال:‏ إنه حسسب المادة ١٤ ب من قانون المجلسس فإنه إذا كانت<br />

الهالات الششاغرة ثلش أعضضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر يتم ملوءها من قبل المجلسس الوطني في جلسسة خاصة<br />

يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً.‏ انظر:‏ الٔسسواق،‏ ١٩٩٥/٣/٢٩.<br />

١٣٦ جريدة الشرق الٔوسسط،‏ لندن،‏ ١٩٩٥/٣/٦.<br />

١٣٧ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٤/٩/٢٤.<br />

١٣٨ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/٢/١٥.<br />

١٣٩ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/١/٨.<br />

١٤٠ الهياة،‏ .١٩٩٥/٣/٧<br />

١٤١ الدسستور،‏ .١٩٩٤/٩/٢٥<br />

١٤٢ الهياة،‏ .١٩٩٥/٨/٢١<br />

١٤٣ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/٣/٥.<br />

١٤٤ ميشاق حركة المقاومة الٕسسلامية ‏(حماس)،‏ مادة ٢. ١، نشر ميشاق حماسس في ١٩٨٨/٨/١٩.<br />

١٤٥ المرجع نفسسه،‏ مادة ٩.<br />

١٤٦ المرجع نفسسه،‏ المواد ١٣-١٥. ١١،<br />

١٤٧ المرجع نفسسه،‏ المواد ١٦-٢١، و‎٢٥‎‏.‏<br />

١٤٨ المرجع نفسسه،‏ المواد ٢٥-٢٧. ٢٣،<br />

١٤٩ المرجع نفسسه،‏ مادة ٣١.<br />

١٥٠ المرجع نفسسه،‏ مادة ٢٢، و‎٣٠‎‏.‏<br />

١٥١ مشلاً:‏ حصل موءيدو حماسس في انتخابات ١٩٩٣/١١/٢٧، في جامعة غزة على ٨١% من الٔصوات،‏ وحصلت<br />

فته على ١٠,٦% انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ كانون الشاني/‏ يناير ١٩٩٤.<br />

١٥٢ انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ ششباط/‏ فبراير ١٩٩٥، وتموز/‏ يوليو ١٩٩٥.<br />

١٥٣ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ حزيران/‏ يونيو ‎١٩٩٦‎؛ وجريدة القدس‏ العربي،‏ لندن،‏ ١٩٩٦/٥/١٠.<br />

١٥٤ في انتخابات حزيران/‏ يونيو ١٩٩٥ تقاسسمت حماسس وفته مناصفة ٧٨ مقعداً‏ من أصل ٨١ مقعداً،‏ وحصلت<br />

الكتلة الموءيدة للجبهة الششعبية على المقاعد الشلاش الباقية،‏ وتوقعت حماسس نصراً‏ أكبر لولا اعتقال سسلطات<br />

الاحتلال ٣٠٠ من أنصارها في الجامعة..‏ انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ تموز/‏ يوليو ١٩٩٥.<br />

١٥٥ انظر:‏ عبد الجواد صاله،‏ ‏“اسستعراضض وتقويم التجارب الانتخابية السسابقة في الضضفة والقطاع،”‏ في جواد<br />

الهمد ‏(محرر)،‏ انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني ‏(عم َّان:‏ مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٤)، ص‏<br />

٣٠-٣١. والنسسب المششار إليها لانتخابات عقدت خلال السسنوات الٔربع الماضضية،‏ ولم يهدش تغيير ملهوظ في<br />

ميزان القوى حتى الٓن.‏<br />

٢٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

١٥٦ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٥-٢٧. وانظر أيضضاً:‏ عبد الجواد صاله،‏ ‏“انتخابات الغرف التجارية والصناعية<br />

مشلاً،”‏ الهياة،‏ ١٩٩٥/١/٢٧.<br />

١٥٧ انظر:‏ عاطف عدوان وجواد الدلو،‏ ‏“توجهات الناخب الفلسسطيني في الضضفة والقدسس والقطاع،‏ العوامل الموءثرة<br />

فيها والنتاءج المتوقعة في ضضوءها،”‏ في جواد الهمد ‏(محرر)،‏ انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني ‏(عم َّان:‏<br />

مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٤)، ص‏ ١٢٦-١٢٧.<br />

١٥٨ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎١٢٤‎؛ وانظر ورقة عمل مقدمة من خليل الششقاقي بنفسس العنوان في:‏ المرجع نفسسه،‏<br />

ص‏ ١٤٣.<br />

١٥٩ الرأي،‏ .١٩٩٥/٦/٢٤<br />

١٦٠ مجلة الدعوة،‏ ١٩٩٥/٥/١.<br />

١٦١ الهياة،‏ ١٩٩٥/٣/٥. التوكيد للباحش.‏<br />

١٦٢ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/٨/٩، و‎١٩٩٥/١٠/٢٣‎؛ الشرق الٔوسسط،‏ ‎١٩٩٥/١٠/٢٣‎؛ ومجلة المجتمع،‏<br />

الكويت،‏ ١٩٩٥/١٠/١٧.<br />

١٦٣ انظر:‏ الشرق الٔوسسط،‏ ‎١٩٩٦/٥/١٠‎؛ والهياة ١٩٩٦/٥/١٠. وفي ١٩٩٦/١٠/٩ رفضض القضضاء الٔمريكي<br />

اسستئناف د.‏ أبو مرزوق،‏ وأكد على السسماه بتسسليمه للكيان الٕسراءيلي،‏ انظر:‏ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/١٠/١١‎؛<br />

وجريدة السسبيل،‏ عمّان،‏ ١٩٩٦/١٠/١٥.<br />

١٦٤ انظر:‏ الٔسسواق،‏ ‎١٩٩٥/٨/١٠‎؛ والشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٦/٥/١٠.<br />

١٦٥ جريدة الٔردن،‏ عمّان،‏ ١٩٩٦/٨/١٧.<br />

١٦٦ انظر:‏ موسسى الكيلاني،‏ ‏“الرقم الٔصعب في المعادلة،”في الدسستور،‏ ١٩٩٥/٢/١. التوكيد للباحش.‏<br />

١٦٧ المرجع نفسسه.‏<br />

١٦٨ الدسستور،‏ .١٩٩٣/٣/٣١<br />

١٦٩ انظر:‏ غسسان دوعر،‏ موعد مع الششاباك:‏ دراسسة في النششاط العسسكري لهركة حماس‏ وكتاءب عز الدين القسسام<br />

خلال عام ١٩٩٣ ‏(لندن:‏ منششورات فلسسطين المسسلمة،‏ ١٩٩٥)، ص‏ ١٥٧.<br />

١٧٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٦٨-١٦٩.<br />

١٧١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٧٢.<br />

١٧٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٢٩.<br />

١٧٣ الٔردن،‏ .١٩٩٦/٨/١٧<br />

١٧٤ غسسان دوعر،‏ أسسود حماس:‏ حرب الٔيام السسبعة ‏(لندن:‏ منششورات فلسسطين المسسلمة،‏ ١٩٩٣)، ص‏ ١٤.<br />

١٧٥ حول الششيخ أحمد ياسسين،‏ انظر:‏ أحمد بن يوسسف،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٧-٢١، و‎٧٣-٧١‎‏،‏ و‎٨٠‎‏،‏ و‎٩٢‎‏.‏<br />

١٧٦ غسسان دوعر،‏ أسسود حماس،‏ ص‏ ١١.<br />

١٧٧ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٤.<br />

١٧٨ انظر:‏ غسسان دوعر،‏ عماد عقل:‏ أسسطورة الجهاد والمقاومة ‏(لندن:‏ منششورات فلسسطين المسسلمة،‏ ١٩٩٤)،<br />

ص‏ ٢٣.<br />

١٧٩ غسسان دوعر،‏ أسسود حماس،‏ ص‏ ٢١-٢٢.<br />

١٨٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٢٩-٣٠.<br />

١٨١ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٣٣-٤٢.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٤


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

١٨٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٤٤.<br />

١٨٣ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏‎٤٧‎؛ وقد غطى الٕعلام بوسساءله المرءية والمسسموعة والمقروءة تفاصيل الٕبعاد وأحوال<br />

المبعدين وعودتهم منذ إبعادهم وطوال عام ١٩٩٣. انظر مشلاً:‏ أعداد مجلة فلسسطين المسسلمة لسسنة ١٩٩٣.<br />

١٨٤ غسسان دوعر،‏ موعد مع الششاباك،‏ ص‏ ١٨٤، و‎١٩٢‎‏.‏<br />

١٨٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٧٥-٩٠.<br />

١٨٦ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٩٢-٩٥.<br />

١٨٧ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٢٦-١٢٧.<br />

١٨٨ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٢٧-١٣٠.<br />

١٨٩ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١١٣-١٢١.<br />

١٩٠ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ٩٧-٩٨.<br />

١٩١ غسسان دوعر،‏ عماد عقل،‏ ص‏ ١٨-١٩، و‎٢٢‎‏،‏ و‎٢٤‎‏،‏ و‎٢٨-٢٧‎‏،‏ و‎٣٠‎‏،‏ و‎٣٦‎‏،‏ و‎٤٣‎‏.‏<br />

١٩٢ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٥٩.<br />

١٩٣ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٥٢.<br />

١٩٤ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٠٥-١٠٨.<br />

١٩٥ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ١٥٨.<br />

١٩٦ غسسان دوعر،‏ موعد مع الششاباك،‏ ص‏ ٣٧-٣٩.<br />

١٩٧ القرآن الكريم،‏ سسورة البقرة:‏ ١٩٤.<br />

١٩٨ الدسستور،‏ .١٩٩٥/٩/٥<br />

١٩٩ انظر:‏ نص‏ خطبة الجمعة التي ألقاها الششيخ يوسسف القرضضاوي،‏ والتي نقلت على التلفزيون مباشرة في قطر،‏<br />

١٩٩٦/٣/٩. ونشرت جزءاً‏ منها مجلة فلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

٢٠٠ الدسستور،‏ .١٩٩٥/٩/٥<br />

٢٠١ انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ أيار/‏ مايو ١٩٩٤.<br />

٢٠٢ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ تشرين الشاني/‏ نوفمبر ١٩٩٤.<br />

٢٠٣ حول ما سسبق،‏ انظر:‏ المرجع نفسسه؛ والسسبيل،‏ ‎١٩٩٤/١٠/١٨‎؛ والرأي،‏ ١٩٩٤/١٠/٢٠.<br />

٢٠٤ فلسسطين المسسلمة،‏ ششباط/‏ فبراير ١٩٩٥.<br />

٢٠٥ انظر:‏ الرأي،‏ ١٩٩٦/١/٧.<br />

٢٠٦ السسبيل،‏ .١٩٩٥/١/٢٤<br />

٢٠٧ الرأي،‏ .١٩٩٥/١/٢٩<br />

٢٠٨ الدسستور،‏ .١٩٩٥/٢/٢٨<br />

٢٠٩ الرأي،‏ ١٩٩٦/١/١٣. ومن أسسباب اسستقالته اتهامه بالتقصير جراء عملية اغتيال رءيسس الوزراء الٕسراءيلي<br />

إسسهق رابين في ١٩٩٥/١١/٤.<br />

٢١٠ جريدة البلاد،‏ عم َّان،‏ ١٩٩٥/٨/١٦.<br />

٢١١ انظر:‏ الرأي،‏ ٣ و‎١٩٩٥/٤/٨‎؛ والدسستور،‏ ١٩٩٥/٤/٤.<br />

٢١٢ انظر:‏ الرأي،‏ ١٩٩٥/٦/٢٧.<br />

٢٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

٢١٣ انظر:‏ الهياة،‏ ٥ و‎١٩٩٥/٨/٩‎؛ والدسستور ‎١٩٩٥/٨/١١‎؛ وفلسسطين المسسلمة،‏ أيلول/‏ سسبتمبر ١٩٩٥.<br />

٢١٤ انظر:‏ الرأي،‏ ‎١٩٩٥/٨/٢٢‎؛ والقدس‏ العربي،‏ ١٩٩٥/٨/٢٢.<br />

٢١٥ الدسستور،‏ .١٩٩٥/٦/٣٠<br />

٢١٦ الٔسسواق،‏ .١٩٩٥/٨/٢٦<br />

٢١٧ الرأي،‏ .١٩٩٦/١/٧<br />

٢١٨ المرجع نفسسه،‏ ‎١٩٩٦/١/٨‎؛ والدسستور،‏ ١٩٩٦/١/٩.<br />

٢١٩ انظر:‏ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/١/٩‎؛ والٔسسواق،‏ ١٩٩٦/١/١١.<br />

٢٢٠ الرأي،‏ .١٩٩٦/١/٧<br />

٢٢١ انظر:‏ المرجع نفسسه؛ والهياة،‏ ‎١٩٩٦/١/٧‎؛ والٔسسواق،‏ ١٩٩٦/١/٧.<br />

٢٢٢ انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ ششباط/‏ فبراير ١٩٩٦.<br />

٢٢٣ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ نيسسان/‏ أبريل ‎١٩٩٦‎؛ والرأي الٔعداد:‏ ٢٦ ششباط/‏ فبراير - ١ آذار/‏ مارسس . ١٩٩٦<br />

٢٢٤ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/٢/٢٨‎؛ وفلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

٢٢٥ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/٣/٤‎؛ وفلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

٢٢٦ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/٣/٥‎؛ والهياة،‏ ‎١٩٩٦/٣/٩‎؛ وفلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

٢٢٧ انظر حول الموءتمر ونصوص‏ كلمات الوفود والبيان الختامي،‏ في:‏ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/٣/١٤‎؛ وانظر أيضضاً:‏<br />

فلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٦.<br />

٢٢٨ فلسسطين المسسلمة،‏ نيسسان/‏ أبريل ١٩٩٤.<br />

٢٢٩ انظر:‏ الرأي ٢٣-١٩٩٥/١/٢٥.<br />

٢٣٠ انظر:‏ الدسستور،‏ ‎١٩٩٥/١/٢٣‎؛ والقدس‏ العربي،‏ ٢٤ و‎١٩٩٥/١/٣٠‎؛ والشرق الٔوسسط،‏ ‎١٩٩٥/٢/٧‎؛<br />

والوسسط،‏ ١٩٩٥/١/٣٠.<br />

٢٣١ الهياة،‏ .١٩٩٥/١٠/٣٠<br />

٢٣٢ الوسسط،‏ .١٩٩٥/١١/٦<br />

٢٣٣ الرأي،‏ .١٩٩٥/١١/٣<br />

٢٣٤ انظر:‏ الرأي،‏ ‎١٩٩٦/٣/٥‎؛ والهياة ١٩٩٦/٣/٩.<br />

٢٣٥ الوسسط،‏ .١٩٩٥/١/٣٠<br />

٢٣٦ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٦/٤/١.<br />

٢٣٧ عماد يوسسف،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٦٥-١٦٦، و‎١٩٩‎‏،‏ و‎٢١٠‎‏.‏<br />

٢٣٨ داود سسليمان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ٦٠.<br />

٢٣٩ انظر:‏ جريدة المهرر،‏ باريسس،‏ ‎١٩٩٥/٥/٨‎؛ والمجتمع،‏ ١٩٩٦/٦/٢٥.<br />

٢٤٠ الرأي،‏ .١٩٩٥/٥/٢<br />

٢٤١ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/٥/١٦.<br />

٢٤٢ الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٥/٣/٢٢.<br />

٢٤٣ جريدة السسياسسة،‏ الكويت،‏ ١٩٩٥/٤/٢٧.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٦


التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />

٢٤٤ الهياة،‏ .١٩٩٥/٣/٥<br />

٢٤٥ ما سسبق هو ملخص‏ يمكن اسستنتاجه من خلال الٔدبيات المنششورة والمقابلات الصهفية لهماسس خلال<br />

السسنوات ١٩٩٣-١٩٩٦.<br />

٢٤٦ الرأي،‏ .١٩٩٥/٨/٢٥<br />

٢٤٧ داود سسليمان،‏ مرجع سسابق،‏ ص‏ ١٣٥.<br />

٢٤٨ انظر:‏ المرجع نفسسه،‏ ص‏ ‎٨٣-٧٥‎؛ وانظر:‏ تقرير منظمة العفو الدولية،‏ محاكمة منتصف الليل:‏ المهاكمات<br />

السرية والفورية والجاءرة في غزة،‏ حزيران/‏ يونيو ١٩٩٥، رقم الوثيقة .MDE ١٥/١٥/٩٥<br />

٢٤٩ انظر:‏ تقرير منظمة العفو الدولية،‏ محاكمة منتصف الليل،‏ ص‏ ‎٢٠‎؛ والهياة ١٩٩٥/٥/١٦.<br />

٢٥٠ انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏ تشرين الشاني/‏ نوفمبر،‏ وكانون الٔول/‏ ديسسمبر ١٩٩٤، وكانون الشاني/‏<br />

يناير ١٩٩٥.<br />

٢٥١ انظر:‏ الشرق الٔوسسط،‏ ‎١٩٩٥/٦/٢٧‎؛ والرأي من ‎١٩٩٥/٧/٢‎؛ وفلسسطين المسسلمة،‏ آب/‏ أغسسطسس ١٩٩٥.<br />

٢٥٢ انظر:‏ المجتمع،‏ ١٩٩٦/٦/٢٩.<br />

٢٥٣ الرأي،‏ .١٩٩٦/٤/١٨<br />

٢٥٤ الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٦/٤/١٤.<br />

٢٥٥ انظر حول ما سسبق:‏ الرأي ‎١٩٩٦/٨/٥-٢‎؛ والهياة ‎١٩٩٦/٨/٥-٤‎؛ والسسبيل،‏ ١٩٩٦/٨/١٣. وتوفي بعد<br />

ذلك خالد عبايل في سسجن رام االله التابع لسسلطة الهكم الذاتي،‏ وسسلمت جشته لذويه في ١٩٩٦/٨/١٧، انظر:‏<br />

فلسسطين المسسلمة،‏ أيلول/‏ سسبتمبر ١٩٩٦.<br />

٢٥٦ الوثيقة نشرتها السسبيل،‏ ‎١٩٩٦/٤/٢٣‎؛ ومجلة الٔسسبوع العربي،‏ باريسس ١٩٩٦/٥/٦.<br />

٢٥٧ حول ما سسبق انظر مشلاً:‏ الدسستور،‏ ‎١٩٩٥/٨/٣١‎؛ والٔسسواق،‏ ‎١٩٩٥/٩/٢٠‎؛ والرأي ١١ و‎١٩٩٦/٤/٢٣‎‏.‏<br />

٢٥٨ الهياة،‏ .١٩٩٥/٨/٢١<br />

٢٥٩ المرجع نفسسه،‏ ١٩٩٥/٥/١٦.<br />

٢٦٠ الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٥/٨/١٧.<br />

٢٦١ الٔسسواق،‏ .١٩٩٥/٩/٢٠<br />

٢٦٢ عن تصريه مسوءول في حماسس في ١٩٩٦/٤/١١، وبيان لهماسس في ١٩٩٦/٤/٢٢، انظر:‏ فلسسطين المسسلمة،‏<br />

أيار/‏ مايو ١٩٩٦.<br />

٢٦٣ انظر:‏ الوسسط،‏ ١٩٩٥/١٢/٢٥.<br />

٢٦٤ الرأي،‏ .١٩٩٥/٨/٢٧<br />

٢٦٥ الهياة،‏ .١٩٩٥/٩/٥<br />

٢٦٦ الدسستور،‏ .١٩٩٥/٩/٦<br />

٢٦٧ انظر:‏ الدسستور،‏ ‎١٩٩٥/١٢/٢٣‎؛ والرأي،‏ ١٩٩٥/١٢/٢٤.<br />

٢٦٨ الدسستور،‏ .١٩٩٥/١٢/٢٣<br />

٢٦٩ انظر مشلاً:‏ مقابلة مع خالد مششعل في فلسسطين المسسلمة،‏ آب/‏ أغسسطسس ١٩٩٦.<br />

٢٧٠ الٔسسواق،‏ .١٩٩٥/٣/٩-٨<br />

٢٧١ الدسستور،‏ .١٩٩٤/٨/٣٠<br />

٢٧٢ فلسسطين المسسلمة،‏ آب/‏ أغسسطسس ١٩٩٦.<br />

٢٧٣ الهياة،‏ .١٩٩٥/٩/٢٣<br />

٢٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


قاءمة المراجع<br />

قاءمة المراجع<br />

أولاً:‏ المراجع العربية:‏<br />

١. القرآن الكريم.‏<br />

٢. الوثاءق:‏<br />

• عن ثورة فلسسطين سسنة ١٩٣٦: وصف وأخبار ووقاءع ووثاءق،‏ إعداد مكتب<br />

الاسستعلامات الفلسسطيني العربي بمصر.‏ القاهرة:‏ اللجنة الفلسسطينية العربية،‏<br />

كانون الٔول/‏ ديسسمبر ١٩٣٦.<br />

• فتوى علماء المسسلمين بتهريم التنازل عن أي جزء من فلسسطين.‏ الكويت:‏<br />

جمعية الٕصلاه الاجتماعي،‏ ١٩٩٠.<br />

• ملف وثاءق فلسسطين،‏ الجزء الٔول:‏ ١٩٣٧-١٩٤٩، إعداد وزارة الٕرششاد<br />

القومي،‏ الهيئة العامة للاسستعلامات.‏ القاهرة:‏ الهيئة العامة للاسستعلامات،‏<br />

.١٩٦٩<br />

• منظمة العفو الدولية،‏ محاكمة منتصف الليل:‏ المهاكمات السرية والفورية<br />

والجاءرة في غزة،‏ حزيران/‏ يونيو ١٩٩٥. رقم الوثيقة .MDE ١٥/١٥/٩٥<br />

• ميشاق حركة المقاومة الٕسسلامية ‏“حماس“.‏<br />

• وثاءق أسساسسية في الصراع العربي الصهيوني،‏ إعداد سسمير أيوب.‏ بيروت:‏<br />

دار الهداثة،‏ ١٩٨٤.<br />

• وثاءق المقاومة الفلسسطينية العربية ضضد الاحتلال البريطاني والصهيونية<br />

١٩١٨-١٩٣٩، جمع وتصنيف عبد الوهاب الكيالي.‏ بيروت:‏ موءسسسسة<br />

الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٦٨.<br />

٣. المذكرات واليوميات:‏<br />

• أحمد الششقيري،‏ أربعون عاماً‏ في الهياة العربية والدولية.‏ بيروت:‏<br />

دار النهار،‏ ١٩٦٩.<br />

• أكرم زعيتر،‏ الهركة الوطنية الفلسسطينية ١٩٣٥-١٩٣٩: يوميات أكرم زعيتر.‏<br />

بيروت:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٨٠.<br />

• حسسن البنا،‏ مذكرات الدعوة والداعية,‏ ط ٥. بيروت - دمششق:‏ المكتب<br />

الٕسسلامي،‏ ١٩٨٣.<br />

٢٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• خليل السسكاكيني،‏ كذا أنا يا دنيا.‏ دون مكان:‏ دون ناشر،‏ ١٩٨٠.<br />

• زهير المارديني،‏ ألف يوم مع الهاج أمين الهسسيني،‏ دون مكان:‏ دون ناشر،‏<br />

.١٩٨٠<br />

• عبد االله أبو عزة،‏ مع الهركة الٕسسلامية في الدول العربية.‏ الكويت:‏ دار القلم،‏<br />

.١٩٨٦<br />

• مذكرات السسلطان عبد الهميد،‏ ترجمة حرب عبد الهميد.‏ القاهرة:‏ دار<br />

الٔنصار،‏ ١٩٧٨.<br />

٤. المقابلات الششخصية:‏<br />

• مقابلة مع سسليمان حمد.‏ الكويت،‏ ١٩٨٦/١/٢٥.<br />

• مقابلة مع عبد العزيز علي.‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />

• مقابلة مع كامل الشريف.‏ عم َّان،‏ ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />

• مقابلة مع يوسسف عميرة.‏ الكويت،‏ ١٩٨٥/١١/٦.<br />

٥. المراجع:‏<br />

• أحمد عادل كمال،‏ الطريق إلى دمششق.‏ بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٠.<br />

• أحمد عادل كمال،‏ الطريق إلى المداءن.‏ بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٦.<br />

• أحمد بن يوسسف،‏ أحمد ياسسين:‏ الظاهرة المعجزة وأسسطورة التهدي.‏ عم َّان:‏<br />

دار الفرقان،‏ ١٩٩٠.<br />

• أرنسست باركر،‏ الهروب الصليبية،‏ ترجمة السسيد الباز العريني.‏ بيروت:‏ دار<br />

النهضضة العربية،‏ دون تاريخ.‏<br />

• الٔزدي،‏ تاريخ فتوه الششام،‏ تحقيق عبد المنعم عبد االله عامر.‏ القاهرة:‏<br />

موءسسسسة سسجل العرب،‏ ١٩٧٠.<br />

• أسسعد عبد الرحمن ونواف الزرو،‏ الانتفاضضة:‏ مقدمات ونتاءج،‏ تفاعلات<br />

وآفاق.‏ بيروت:‏ موءسسسسة الٔبهاش العربية،‏ ١٩٨٩.<br />

• إسسماعيل بن كشير،‏ البداية والنهاية.‏ بيروت:‏ مكتبة دار المعارف،‏ ١٩٨٣.<br />

• إسسماعيل بن كشير،‏ تفسسير القرآن العظيم.‏ بيروت:‏ دار إحياء التراش العربي،‏<br />

.١٩٦٩<br />

• أميل الغوري،‏ فلسسطين عبر سستين عاماً.‏ بيروت:‏ دار النهار،‏ ١٩٧٢.<br />

• بسسام العسسلي،‏ صلاه الدين الٔيوبي.‏ بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٣.<br />

• البلاذري،‏ فتوه البلدان.‏ بيروت:‏ دار الكتب العلمية،‏ ١٩٨٣.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٠


قاءمة المراجع<br />

• بهاء الدين بن ششداد،‏ النوادر السسلطانية والمهاسسن اليوسسفية.‏ مصر:‏ شركة<br />

طبع الكتاب العربية،‏ ‎١٣١٧‎ه.‏<br />

• بولسس حنا مسسعد،‏ همجية التعاليم الصهيونية.‏ بيروت:‏ دار الكتاب العربي،‏<br />

.١٩٦٩<br />

• بيان نويهضض الهوت،‏ القيادات والموءسسسسات السسياسسية في فلسسطين<br />

١٩١٧-١٩٤٨. بيروت:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٨١.<br />

• جميل العسسلي،‏ أجدادنا في ثرى بيت المقدس:‏ دراسسة تاريخية لمقابر القدس‏<br />

وتربها وإثبات بأسسماء الٔعيان المدفونين فيها.‏ عم َّان:‏ موءسسسسة آل البيت:‏<br />

المجمع الملكي لبهوش الهضضارة الٕسسلامية،‏ ١٩٨١.<br />

• جواد الهمد ‏(محرر)،‏ انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني.‏ عم َّان:‏ مركز<br />

الدراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٤.<br />

• جواد الهمد،‏ عملية السسلام في الشرق الٔوسسط:‏ وتطبيقاتها على المسسارين<br />

الفلسسطيني والٔردني.‏ عم َّان:‏ مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٦.<br />

• جوزيف نسسيم يوسسف،‏ تاريخ الدولة البيزنطية.‏ الٕسسكندرية:‏ موءسسسسة<br />

ششباب الجامعة،‏ دون تاريخ.‏<br />

• حرب فلسسطين ١٩٤٧-١٩٤٨ ‏(الرواية الٕسراءيلية الرسسمية)،‏ ترجمه عن<br />

العبرية أحمد خليفة.‏ قبرص:‏ موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية،‏ ١٩٨٤.<br />

• حسسان علي حلاق،‏ موقف الدولة العشمانية من الهركة الصهيونية<br />

١٨٩٧-١٩٠٩، ط ٢. بيروت:‏ الدار الجامعية للطباعة والنشر،‏ ١٩٨٠.<br />

• حسسن البنا،‏ مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا.‏ القاهرة:‏ دار<br />

الششهاب،‏ دون تاريخ.‏<br />

• خيرية قاسسمية،‏ النششاط الصهيوني في الشرق العربي وصداه ١٩٠٨-١٩١٨،<br />

سسلسسلة كتب فلسسطينية،‏ رقم ٤١. بيروت:‏ مركز الٔبهاش،‏ ١٩٧٣.<br />

• داود سسليمان،‏ السسلطة الوطنية الفلسسطينية في عام ١٩٩٤-١٩٩٥. عم َّان:‏<br />

مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٥.<br />

• رششيد الدين فضضل االله الهمذاني،‏ جامع التواريخ،‏ المجلد الشاني،‏ ج ١، نقله<br />

للعربية محمد صادق نششأت ومحمد موسسى هنداوي وفوءاد عبد المعطي الصياد.‏<br />

الجمهورية العربية المتهدة:‏ وزارة الشقافة - دار إحياء الكتب العربية،‏ دون تاريخ.‏<br />

٢٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• زياد أبو عمرو،‏ الهركة الٕسسلامية في الضضفة وقطاع غزة.‏ عكا،‏ ‏(فلسسطين<br />

المهتلة):‏ دار الٔسسوار،‏ ١٩٨٩.<br />

• زياد محمود علي،‏ عداء اليهود للهركة الٕسسلامية.‏ عم َّان:‏ دار الفرقان،‏<br />

.١٩٨٢<br />

• سسعيد عبد الفتاه عاششور،‏ الهركة الصليبية:‏ صفهة مشرقة في تاريخ الجهاد<br />

الٕسسلامي في العصور الوسسطى.‏ القاهرة:‏ مكتبة الٔنجلو المصرية،‏ ١٩٨٦.<br />

• سسعيد عبد الفتاه عاششور،‏ الٔيوبيون والمماليك في مصر والششام.‏ القاهرة:‏ دار<br />

النهضضة العربية،‏ ١٩٩٠.<br />

• سسليمان موسسى،‏ أيام لا تنسسى:‏ الٔردن في حرب ١٩٤٨. الٔردن:‏ مطبعة القوات<br />

المسسلهة الٔردنية،‏ ١٩٨٢.<br />

• سسميه حمودة،‏ الوعي والشورة:‏ دراسسة في حياة وجهاد الششيخ عز الدين<br />

القاسسم ١٨٨٢-١٩٣٥، ط ٢. عم َّان:‏ دار الشروق،‏ ١٩٨٦.<br />

• السسيد الباز العريني،‏ الشرق الٔدنى في العصور الوسسطى (١) الٔيوبيون.‏<br />

دون مكان:‏ دار النهضضة العربية،‏ دون تاريخ.‏<br />

• السسيد الباز العريني،‏ المماليك.‏ بيروت:‏ دار النهضضة العربية،‏ دون تاريخ.‏<br />

• سسيد قطب،‏ الجهاد في سسبيل االله.‏<br />

• سسيد قطب،‏ في ظلال القرآن.‏ بيروت:‏ دار إحياء التراش العربي،‏ ١٩٧١.<br />

• ششفيق جاسر أحمد محمود،‏ تاريخ القدس:‏ العلاقة بين المسسلمين<br />

والمسسيهيين فيها منذ الفته الٕسسلامي حتى الهروب الصليبية.‏ عم َّان:‏ دار<br />

البششير،‏ ١٩٨٤.<br />

• ششهاب الدين عبد الرحمن بن إسسماعيل المعروف بأبي ششامة المقدسسي،‏<br />

الروضضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية،‏ تحقيق محمد حلمي<br />

محمد أحمد.‏ القاهرة:‏ لجنة التأليف والترجمة والنشر،‏ ١٩٥٦.<br />

• صاله مسسعود أبو يصير،‏ جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف قرن.‏ بيروت:‏<br />

دار الفته،‏ ١٩٧٠.<br />

• صبهي ياسسين،‏ الشورة العربية الكبرى في فلسسطين:‏ ١٩٣٦-١٩٣٩.<br />

القاهرة:‏ وزارة الشقافة - دار الكتاب العربي،‏ ١٩٦٧.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٢


قاءمة المراجع<br />

• صبهي ياسسين،‏ حرب العصابات في فلسسطين.‏ القاهرة:‏ الموءسسسسة المصرية<br />

العامة للتأليف والنشر - دار الكتاب العربي،‏ دون تاريخ.‏<br />

• ضضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسسي الهنبلي،‏ فضضاءل بيت<br />

المقدس،‏ تحقيق محمد مطيع حافظ،‏ سسلسسلة فضضاءل الششام،‏ رقم ٢. دمششق:‏<br />

دار الفكر،‏ ١٩٨٥.<br />

• ظفر الٕسسلام خان،‏ تاريخ فلسسطين القديم:‏ ‎١٢٢٠‎ق.م.-‏‎١٣٥٩‎م منذ أول<br />

غزو يهودي حتى آخر غزو صليبي.‏ بيروت:‏ دار النفاءسس،‏ ١٩٨٤.<br />

• عارف العارف،‏ المفصل في تاريخ القدس.‏ القدسس:‏ فوزي يوسسف،‏ ١٩٦١.<br />

• عارف العارف،‏ النكبة:‏ نكبة بيت المقدس‏ والفردوس‏ المفقود ١٩٤٧-١٩٥٢.<br />

صيدا - بيروت:‏ المكتبة العصرية،‏ ١٩٥٤.<br />

• عبد السستار قاسسم،‏ الششيخ المجاهد عز الدين القسسام.‏ بيروت:‏ دار الٔمة<br />

للنشر،‏ ١٩٨٤.<br />

• عبد السسلام هارون،‏ تهذيب سسيرة ابن هششام،‏ ط ٢. بيروت - الكويت:‏<br />

موءسسسسة الرسسالة - دار البهوش العلمية،‏ ١٩٧٩.<br />

• عبد العزيز محمد عوضض،‏ مقدمة في تاريخ فلسسطين الهديش ١٨٣١-١٩١٤.<br />

بيروت:‏ الموءسسسسة العربية للدراسسات والنشر - مكتبة المهتسسب،‏ ١٩٨٣.<br />

• عبد القادر ياسسين،‏ مجتمع الانتفاضضة الفلسسطينية،‏ سسلسسلة كتاب الٔهالي،‏<br />

رقم ٤١. القاهرة،‏ ١٩٩٢.<br />

• عبد االله عزام،‏ حماس:‏ حركة المقاومة الٕسسلامية في فلسسطين:‏ الجذور<br />

التاريخية والميشاق.‏ بيششاور،‏ ‏(باكسستان):‏ مكتب خدمات المجاهدين،‏ ١٩٨٩.<br />

• عجاج نويهضض،‏ رجال من فلسسطين.‏ بيروت:‏ منششورات فلسسطين المهتلة،‏<br />

.١٩٨١<br />

• علي حسسين خلف،‏ تجربة الششيخ عز الدين القسسام.‏ عم َّان:‏ دار ابن رششد،‏<br />

.١٩٨٤<br />

• علي بن الهسسين المسسعودي،‏ مروج الذهب ومعادن الجوهر،‏ تحقيق<br />

محيي الدين عبد الهميد.‏ مصر:‏ مطبعة السسعادة،‏ ١٩٤٨.<br />

• علي بن محمد الششيباني المعروف بابن الٔثير،‏ الكامل في التاريخ.‏ بيروت:‏ دار<br />

صادر للطباعة - دار بيروت للطباعة والنشر،‏ ١٩٦٥.<br />

• العماد الٔصفهاني،‏ الفته القسسي في الفته القدسسي.‏<br />

٢٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• عماد الدين خليل،‏ نور الدين محمود:‏ الرجل والتجربة.‏ دمششق - بيروت:‏ دار<br />

القلم،‏ ١٩٨٠.<br />

• عماد يوسسف،‏ الانعكاسسات السسياسسية لاتفاق الهكم الذاتي الفلسسطيني.‏<br />

عم َّان:‏ مركز دراسسات الشرق الٔوسسط،‏ ١٩٩٤.<br />

• عمر سسليمان الٔششقر،‏ العقيدة في االله.‏ الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٤.<br />

• عوني العبيدي،‏ ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني.‏<br />

الزرقاء،‏ ‏(الٔردن):‏ مكتبة المنار،‏ دون تاريخ.‏<br />

• عوني العبيدي،‏ حزب التهرير الٕسسلامي.‏ عم َّان:‏ دار اللواء،‏ ١٩٩٣.<br />

• غسسان حمدان،‏ الانتفاضضة المباركة:‏ وقاءع وأبعاد.‏ الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٩.<br />

• غسسان دوعر الجربان،‏ حرب الٔيام السسبعة:‏ أسسود حماس.‏ عم َّان:‏ منششورات<br />

فلسسطين المسسلمة،‏ ١٩٩٣.<br />

• غسسان دوعر،‏ عماد عقل.‏ عم َّان:‏ منششورات فلسسطين المسسلمة،‏ ١٩٩٤.<br />

• غسسان دوعر،‏ موعد مع الششاباك:‏ دراسسة في النششاط العسسكري لهركة حماس‏<br />

وكتاءب عز الدين القسسام خلال عام ١٩٩٣. لندن:‏ منششورات فلسسطين<br />

المسسلمة،‏ ١٩٩٥.<br />

• فايد حماد عاششور،‏ جهاد المسسلمين في الهروب الصليبية:‏ العصر الفاطمي<br />

والسسلجوقي والزنكي.‏ بيروت:‏ موءسسسسة الرسسالة،‏ ١٩٨٨.<br />

• كامل خلة،‏ فلسسطين والانتداب البريطاني ١٩٢٢-١٩٣٩. طرابلسس،‏ ‏(ليبيا):‏<br />

المنششأة العامة للنشر،‏ ١٩٨٢.<br />

• كامل الشريف،‏ الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين.‏ الزرقاء،‏ ‏(الٔردن):‏<br />

مكتبة المنار،‏ ١٩٨٤.<br />

• لطفي الخولي،‏ الانتفاضضة والدولة الفلسسطينية.‏ القاهرة:‏ مركز الٔهرام<br />

للترجمة والنشر،‏ ١٩٨٨.<br />

• مجير الدين الهنبلي،‏ الٔنس‏ الجليل بتاريخ القدس‏ والخليل.‏ عم َّان:‏ مكتبة<br />

المهتسسب،‏ ١٩٧٣.<br />

• محسسن محمد صاله،‏ التيار الٕسسلامي في فلسسطين وأثره في حركة الجهاد<br />

١٩١٧-١٩٤٨. الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٩.<br />

• محمد أديب العامري،‏ عروبة فلسسطين في التاريخ.‏ صيدا - بيروت:‏ المكتبة<br />

العصرية،‏ ١٩٧٢.<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٤


قاءمة المراجع<br />

• محمد أمين الهسسيني،‏ حقاءق عن قضضية فلسسطين.‏ القاهرة:‏ مكتب الهيئة<br />

العربية العليا لفلسسطين،‏ ١٩٥٧.<br />

• محمد الهسسن،‏ موقف الٕسسلاميين من قضضية فلسسطين.‏ قطر:‏ مكتبة الفته<br />

ومكتبة الغزالي،‏ ١٩٩٥.<br />

• محمد بن جرير الطبري،‏ تاريخ الرسسل والملوك،‏ تحقيق<br />

محمد أ‏ بو ا لفضضل إبراهيم.‏ القاهرة:‏ دار المعارف،‏ ١٩٦٩.<br />

• محمد سسلامة النهال،‏ سسياسسة الانتداب البريطاني حول أراضضي فلسسطين<br />

العربية.‏ بيروت:‏ منششورات فلسسطين المهتلة،‏ ١٩٨١.<br />

• محمد عبد االله الخطيب التبريزي،‏ مششكاة المصابيه،‏ تحقيق محمد ناصر الدين<br />

الٔلباني.‏ بيروت:‏ المكتب الٕسسلامي،‏ ١٩٨٥.<br />

• محمد عشمان ششبير،‏ بيت المقدس‏ وما حوله.‏ الكويت:‏ مكتبة الفلاه،‏ ١٩٨٩.<br />

• محمد عزة دروزة،‏ فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين:‏ في معركة الهياة والموت<br />

ضضد بريطانيا والصهيونية العالمية ١٩١٧-١٩٤٨. القاهرة:‏ دار الكتاب<br />

العربي،‏ ١٩٥٩.<br />

• محمد عزة دروزة،‏ العدوان الٕسراءيلي القديم والعدوان الصهيوني الهديش<br />

على فلسسطين وما جاورها.‏ بيروت:‏ دار الكلمة،‏ ١٩٨٠.<br />

• محمد علي الزعبي،‏ دفاءن النفسسية اليهودية.‏ بيروت:‏ دون ناشر،‏ ١٩٦٨.<br />

• محمد علي الصابوني،‏ صفوة التفاسسير.‏ بيروت:‏ دار القرآن الكريم،‏ ١٩٨١.<br />

• محمد بن عمر الوافدي،‏ فتوه الششام.‏ بيروت:‏ دار الجيل،‏ دون تاريخ.‏<br />

• محمد ناصر الدين الٔلباني،‏ تخريج أحاديش ‏“فضضاءل الششام ودمششق“‏<br />

للربعي.‏ دمششق:‏ المكتب الٕسسلامي،‏ دون تاريخ.‏<br />

• محمد نمر الخطيب،‏ من أثر النكبة.‏ دمششق:‏ المطبعة العمومية،‏ ١٩٥١.<br />

• محمود سسعيد عمران،‏ معالم تاريخ الٕمبراطورية البيزنطية.‏ بيروت:‏ دار<br />

النهضضة العربية،‏ ١٩٨١.<br />

• محمود ششيت خطاب،‏ بين العقيدة والقيادة.‏<br />

• مصطفى السسباعي،‏ الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين.‏ دون مكان:‏ دار<br />

النذير،‏ ١٩٨٥.<br />

• مصطفى مراد الدباغ،‏ بلادنا فلسسطين.‏ بيروت:‏ دار الطليعة،‏ ١٩٧٥.<br />

٢٣٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


الطريق إلى القدس‏<br />

• مصطفى مراد الدباغ،‏ القباءل العربية وسسلاءلها في بلادنا فلسسطين.‏ بيروت:‏<br />

دار الطليعة،‏ ١٩٧٩.<br />

• مصطفى مراد الدباغ،‏ من هنا وهناك.‏<br />

• المناوي،‏ فيضض القدير:‏ شره الجامع الصغير.‏ دون مكان:‏ دار الفكر،‏ ١٩٧٢.<br />

• الموسسوعة الفلسسطينية،‏ إشراف أحمد المرعششلي.‏ دمششق:‏ هيئة الموسسوعة<br />

الفلسسطينية،‏ ١٩٨٤.<br />

• وليم فهمي،‏ الهجرة اليهودية إلى فلسسطين.‏ مصر:‏ الهيئة المصرية العامة<br />

للكتاب،‏ ١٩٧٤.<br />

٦. مقالات وأبهاش في دوريات:‏<br />

• إبراهيم الششيخ خليل،‏ ‏“رسسالة من مجاهد قديم:‏ ذكريات مع القسسام،“‏ مجلة<br />

شوءون فلسسطينية،‏ عدد ٧، آذار/‏ مارسس ١٩٧٢.<br />

• ربعي المدهون،‏ ‏“الهركة الٕسسلامية في فلسسطين ١٩٢٨-١٩٨٧،“ مجلة شوءون<br />

فلسسطينية،‏ عدد ١٨٧، تشرين الٔول/‏ أكتوبر ١٩٨٨.<br />

• فايز سسارة،‏ ‏“الهركة الٕسسلامية في فلسسطين:‏ وحدة الٔيديولوجيا وانقسسام<br />

السسياسسية،“‏ مجلة المسستقبل العربي،‏ عدد ١٢٤، حزيران/‏ يونيو ١٩٨٩.<br />

٧. مجلات ودوريات:‏<br />

• جريدة الٔردن،‏ عم َّان.‏<br />

• جريدة الٔسسبوع العربي،‏ باريسس.‏<br />

• جريدة الٔسسواق،‏ عم َّان.‏<br />

• جريدة البلاد،‏ عم َّان.‏<br />

• جريدة الهياة،‏ لندن.‏<br />

• جريدة الدسستور،‏ عم َّان.‏<br />

• مجلة الدعوة.‏<br />

• جريدة الرأي،‏ عم َّان.‏<br />

• جريدة السسبيل،‏ عم َّان.‏<br />

• جريدة السسياسسة،‏ الكويت.‏<br />

• جريدة الشرق الٔوسسط،‏ لندن.‏<br />

• جريدة صوت الششعب،‏ عم َّان.‏<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٦


قاءمة المراجع<br />

1. Unpublished Documents:<br />

• مجلة فلسسطين المسسلمة،‏ لندن.‏<br />

• جريدة القدس‏ العربي،‏ لندن.‏<br />

• مجلة المجتمع،‏ الكويت.‏<br />

• جريدة المهرر،‏ باريسس.‏<br />

• مجلة الوسسط،‏ لندن.‏<br />

ثانياً:‏ المراجع الٔجنبية:‏<br />

Despach, High Comissioner of Palestine to Secretary of State for the<br />

Colonies, 7/12/1935, Secret, C.O. (Colonial Office-London), 733/297/1.<br />

2. Official Report:<br />

Issued by Government of Palestine:<br />

The Palestine Police Force, Annual Administrative Report 1935.<br />

<strong>Jerusalem</strong>: Government Printing Press, Undated.<br />

3. Books:<br />

• Brynen, Rex, Echoes of Intifada: Regional Reburcusions of<br />

Palestinian Israeli Conflict. U.S.A.: Westview Press, 1991.<br />

• Cobban, Helena, The Palestinian Liberation Organization: People,<br />

Power & Politics. U.S.A.: Cambridge University Press, 1988.<br />

• Cohen, Amnon, Political Parties in the West Bank under the<br />

Jordanian Regime 1949-1967. London: Cornell University Press,<br />

Undated.<br />

• Hadas, Moses, A History of Rome: from its Origin to 529 A.D.<br />

U.S.A.: Peter Smith, 1976.<br />

• Hart, Alan, Arafat: A Political Biography. Bloomington &<br />

Indianapolis (U.S.A.): Indiana University Press, 1989.<br />

• Jones, A.H.M., The Later Roman Empire 284-602. Paltimore<br />

(U.S.A.): Johns Hopkins, 1986.<br />

4. Articles:<br />

Schleifer, S. Abdullah, “The Life and Thought of Izziddin Al-Qassam”,<br />

The Islamic Quarterly, vol. 23, no. 2, 1979.<br />

٢٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


إصصدارات مركز الزيتونة للدراسات والاستششارات<br />

أولاً:‏ الٕصصدارات باللغة العربية:‏<br />

١. بششير نافع ومحسسن محمد صاله،‏ محرران،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة<br />

.٢٠٠٦ ،٢٠٠٥<br />

٢. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٧. ٢٠٠٦،<br />

٣. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٨. ٢٠٠٧،<br />

٤. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٩. ٢٠٠٨،<br />

٥. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١٠. ٢٠٠٩،<br />

٦. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١١. ٢٠١٠،<br />

٧. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١٢. ٢٠١١،<br />

٨. محسسن محمد صاله وواءل سسعد،‏ محرران،‏ مختارات من الوثاءق الفلسسطينية لسسنة<br />

.٢٠٠٦ ،٢٠٠٥<br />

٩. محسسن محمد صاله وواءل سسعد،‏ محرران،‏ الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠٠٨. ٢٠٠٦،<br />

١٠. محسسن محمد صاله وواءل سسعد،‏ محرران،‏ الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠٠٩. ٢٠٠٧،<br />

١١. محسسن محمد صاله وواءل سسعد وعبد الهميد فخري الكيالي،‏ محررون،‏ الوثاءق<br />

الفلسسطينية لسسنة ٢٠١١. ٢٠٠٨،<br />

١٢. محسسن محمد صاله وواءل سسعد،‏ محرران،‏ الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠١٢. ٢٠٠٩،<br />

١٣. واءل سسعد،‏ الهصار:‏ دراسسة حول حصار الششعب الفلسسطيني ومحاولات إسسقاط<br />

حكومة حماس،‏ ٢٠٠٦.<br />

١٤. محمد عارف زكاء االله،‏ الدين والسسياسسة في أميركا:‏ صعود المسسيهيين الٕنجيليين<br />

وأثرهم،‏ ترجمة أمل عيتاني،‏ ٢٠٠٧.<br />

١٥. أحمد سسعيد نوفل،‏ دور إسراءيل في تفتيت الوطن العربي،‏ ٢٠٠٧، ط ٢٠١٠. ٢،<br />

١٦. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ منظمة التهرير الفلسسطينية:‏ تقييم التجربة وإعادة<br />

البناء،‏ ٢٠٠٧.<br />

١٧. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ قراءات نقدية في تجربة حماس‏ وحكومتها ٢٠٠٦-٢٠٠٧،<br />

.٢٠٠٧<br />

١٨. خالد وليد محمود،‏ آفاق الٔمن الٕسراءيلي:‏ الواقع والمسستقبل،‏ ٢٠٠٧.<br />

٢٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


١٩. حسسن ابهيص‏ وواءل سسعد،‏ التطورات الٔمنية في السسلطة الفلسسطينية ٢٠٠٦-٢٠٠٧،<br />

ملف الٔمن في السسلطة الفلسسطينية (١)، ٢٠٠٨.<br />

٢٠. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ صراع الٕرادات:‏ السسلوك الٔمني لفته وحماس‏ والٔطراف<br />

المعنية ٢٠٠٦-٢٠٠٧، ملف الٔمن في السسلطة الفلسسطينية (٢)، ٢٠٠٨.<br />

٢١. مريم عيتاني،‏ صراع الصلاحيات بين فته وحماس‏ في إدارة السسلطة الفلسسطينية<br />

.٢٠٠٨ ،٢٠٠٧-٢٠٠٦<br />

٢٢. نجوى حسساوي،‏ حقوق اللاجئين الفلسسطينيين بين الشرعية الدولية والمفاوضضات<br />

الفلسسطينية – الٕسراءيلية،‏ ٢٠٠٨.<br />

٢٣. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ أوضضاع اللاجئين الفلسسطينيين في لبنان،‏ ٢٠٠٨، ط ٢،<br />

.٢٠١٢<br />

٢٤. إبراهيم غوششة،‏ المئذنة الهمراء،‏ ٢٠٠٨.<br />

٢٥. عدنان أبو عامر،‏ مترجم،‏ دروس‏ مسستخلصة من حرب لبنان الشانية ‏(تموز ٢٠٠٦):<br />

تقرير لجنة الخارجية والٔمن في الكنيسست الٕسراءيلي،‏ ٢٠٠٨.<br />

٢٦. عدنان أبو عامر،‏ ثغرات في جدار الجيشش الٕسراءيلي،‏ ٢٠٠٩.<br />

٢٧. قصي أحمد حامد،‏ الولايات المتهدة والتهول الديموقراطي في فلسسطين،‏ ٢٠٠٩.<br />

٢٨. أمل عيتاني وعبد القادر علي ومعين منّاع،‏ الجماعة الٕسسلامية في لبنان منذ النششأة<br />

حتى .٢٠٠٩ ،١٩٧٥<br />

٢٩. سسمر جودت البرغوثي،‏ سسمات النخبة السسياسسية الفلسسطينية قبل وبعد قيام السسلطة<br />

الوطنية الفلسسطينية،‏ ٢٠٠٩.<br />

٣٠. عبد الهميد الكيالي،‏ محرر،‏ دراسسات في العدوان الٕسراءيلي على قطاع غزة:‏ عملية<br />

الرصاصص المصبوب/‏ معركة الفرقان،‏ ٢٠٠٩.<br />

٣١. عدنان أبو عامر،‏ مترجم،‏ قراءات إسراءيلية اسستراتيجية:‏ التقدير الاسستراتيجي<br />

الصادر عن معهد أبهاش الٔمن القومي الٕسراءيلي،‏ ٢٠٠٩.<br />

٣٢. سسامه خليل الوادية،‏ المسوءولية الدولية عن جراءم الهرب الٕسراءيلية،‏ ٢٠٠٩.<br />

٣٣. محمد عيسسى صالهية،‏ مدينة القدس:‏ السسكان والٔرضض ‏(العرب واليهود)‏<br />

‎١٣٦٨-١٢٧٥‎ه/‏ ‎١٩٤٨-١٨٥٨‎م،‏ ٢٠٠٩.<br />

٣٤. رأفت فهد مرة،‏ الهركات والقوى الٕسسلامية في المجتمع الفلسسطيني في لبنان:‏<br />

النششأة – الٔهداف – الٕنجازات،‏ ٢٠١٠.<br />

٢٤٠<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


٣٥. سسامي الصلاحات،‏ فلسسطين:‏ دراسسات من منظور مقاصد الشريعة الٕسسلامية،‏ ط ٢<br />

‏(بالتعاون مع موءسسسسة فلسسطين للشقافة)،‏ ٢٠١٠.<br />

٣٦. محسسن محمد صاله،‏ محرر،‏ دراسسات في التراش الشقافي لمدينة القدس،‏ ٢٠١٠.<br />

٣٧. مأمون كيوان،‏ فلسسطينيون في وطنهم لا دولتهم،‏ ٢٠١٠.<br />

٣٨. محسسن محمد صاله،‏ حقاءق وثوابت في القضضية الفلسسطينية:‏ روءية إسسلامية،‏ ٢٠١٠.<br />

٣٩. عبد الرحمن محمد علي،‏ محرر،‏ إسراءيل والقانون الدولي،‏ ٢٠١١.<br />

٤٠. كريم الجندي،‏ صناعة القرار الٕسراءيلي:‏ الٓليات والعناصر الموءثرة،‏ ترجمة<br />

أمل عيتاني،‏ ٢٠١١.<br />

٤١. وسسام أبي عيسسى،‏ الموقف الروسسي تجاه حركة حماس:‏ ٢٠٠٦-٢٠١٠، ٢٠١١.<br />

٤٢. سسامي محمد الصلاحات،‏ الٔوقاف الٕسسلامية في فلسسطين ودورها في مواجهة الاحتلال<br />

الٕسراءيلي،‏ ٢٠١١.<br />

٤٣. نادية سسعد الدين،‏ حق عودة اللاجئين الفلسسطينيين:‏ بين حل الدولتين ويهودية<br />

الدولة،‏ ٢٠١١.<br />

٤٤. عامر خليل أحمد عامر،‏ السسياسسة الخارجية الٕسراءيلية تجاه إفريقيا:‏ السسودان<br />

نموذجاً،‏ ٢٠١١.<br />

٤٥. إبراهيم أبو جابر وآخرون،‏ الداخل الفلسسطيني ويهودية الدولة،‏ ٢٠١١.<br />

٤٦. عبد الرحمن محمد علي،‏ الجراءم الٕسراءيلية خلال العدوان على قطاع غزة:‏ دراسسة<br />

قانونية،‏ ٢٠١١.<br />

٤٧. محسسن محمد صاله،‏ القضضية الفلسسطينية:‏ خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة،‏<br />

.٢٠١٢<br />

٤٨. ناءل إسسماعيل رمضضان،‏ أحكام الٔسرى في سسجون الاحتلال الٕسراءيلي:‏ دراسسة فقهية<br />

مقارنة،‏ ٢٠١٢.<br />

٤٩. حسسني محمد البوريني،‏ مرج الزهور:‏ محطة في تاريخ الهركة الٕسسلامية في فلسسطين،‏<br />

.٢٠١٢<br />

٥٠. غسسان محمد دوعر،‏ المسستوطنون الصهاينة في الضضفة الغربية:‏ الاعتداء على الٔرضض<br />

والٕنسسان،‏ ٢٠١٢.<br />

٥١. محسسن محمد صاله،‏ الطريق إلى القدس:‏ دراسسة تاريخية في رصيد التجربة الٕسسلامية<br />

على أرضض فلسسطين منذ عصور الٔنبياء وحتى أواخر القرن العشرين،‏ ط ٢٠١٢. ٥،<br />

‏(نسسخة إلكترونية)‏<br />

٢٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


٥٢. دلال باجسس،‏ الهركة الطلابية الٕسسلامية في فلسسطين:‏ الكتلة الٕسسلامية نموذجاً،‏<br />

.٢٠١٢<br />

٥٣. واءل عبد الهميد المبهوه،‏ المعارضضة في الفكر السسياسسي لهركة المقاومة الٕسسلامية<br />

‏(حماس)‏ ١٩٩٤-٢٠٠٦: دراسسة تحليلية،‏ ٢٠١٢.<br />

٥٤. عباسس إسسماعيل،‏ عنصرية إسراءيل:‏ فلسسطينيو ٤٨ نموذجاً،‏ سسلسسلة أولسست<br />

إنسساناً؟ ،(١) .٢٠٠٨<br />

٥٥. حسسن ابهيص‏ وسسامي الصلاحات ومريم عيتاني،‏ معاناة المرأة الفلسسطينية تحت<br />

الاحتلال الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٢)، ٢٠٠٨.<br />

٥٦. أحمد الهيلة ومريم عيتاني،‏ معاناة الطفل الفلسسطيني تحت الاحتلال الٕسراءيلي،‏<br />

سسلسسلة أولسست إنسساناً‏ ‏َ؟ (٣)، ٢٠٠٨.<br />

٥٧. فراسس أبو هلال،‏ معاناة الٔسسير الفلسسطيني في سسجون الاحتلال الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة<br />

أولسست إنسساناً‏ ‏َ؟ (٤)، ٢٠٠٩.<br />

٥٨. ياسر علي،‏ المجازر الٕسراءيلية بهق الششعب الفلسسطيني،‏ سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٥)،<br />

.٢٠٠٩<br />

٥٩. مريم عيتاني ومعين منّاع،‏ معاناة اللاجئ الفلسسطيني،‏ سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٦)،<br />

.٢٠١٠<br />

٦٠. محسسن محمد صاله،‏ معاناة القدس‏ والمقدسسات تحت الاحتلال الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة<br />

أولسست إنسساناً؟ (٧)، ٢٠١١.<br />

٦١. حسسن ابهيص‏ وخالد عايد،‏ الجدار العازل في الضضفة الغربية،‏ سسلسسلة أولسست<br />

إنسساناً؟ ،(٨) .٢٠١٠<br />

٦٢. مريم عيتاني وأمين أبو وردة ووضضّ‏ اه عيد،‏ معاناة العامل الفلسسطيني تحت الاحتلال<br />

الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (١٠)، ٢٠١١.<br />

٦٣. فاطمة عيتاني وعاطف دغلسس،‏ معاناة المريضض الفلسسطيني تحت الاحتلال الٕسراءيلي،‏<br />

سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (١١)، ٢٠١١.<br />

٦٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ معاناة قطاع غزة تحت الهصار<br />

الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (١)، ٢٠٠٨.<br />

٦٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ معابر قطاع غزة:‏ شريان حياة أم أداة<br />

حصار،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (٢)، ٢٠٠٨.<br />

٢٤٢<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


٦٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ أثر الصواريخ الفلسسطينية في الصراع مع<br />

الاحتلال الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (٣)، ٢٠٠٨.<br />

٦٧. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ مسسار المفاوضضات الفلسسطينية الٕسراءيلية<br />

ما بين ‏“أنابوليس”‏ والقمة العربية في دمششق ‏(خريف – ٢٠٠٧ ربيع ٢٠٠٨)،<br />

سسلسسلة تقرير معلومات (٤)، ٢٠٠٨.<br />

٦٨. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الفسساد في الطبقة السسياسسية الٕسراءيلية،‏<br />

سسلسسلة تقرير معلومات (٥)، ٢٠٠٨.<br />

٦٩. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الثروة الماءية في الضضفة الغربية وقطاع<br />

غزة بين الهاجة الفلسسطينية والانتهاكات الٕسراءيلية،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (٦)،<br />

.٢٠٠٨<br />

٧٠. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ مصر وحماس،‏ سسلسسلة تقرير<br />

معلومات ،(٧) .٢٠٠٩<br />

٧١. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ العدوان الٕسراءيلي على قطاع غزة<br />

(٢٠٠٨/١٢/٢٧-٢٠٠٩/١/١٨)، سسلسسلة تقرير معلومات (٨)، ٢٠٠٩.<br />

٧٢. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ حزب كاديما،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (٩)،<br />

.٢٠٠٩<br />

٧٣. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الترانسسفير ‏(طرد الفلسسطينيين)‏ في الفكر<br />

والممارسسات الٕسراءيلية،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (١٠)، ٢٠٠٩.<br />

٧٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الملف الٔمني بين السسلطة الفلسسطينية<br />

وإسراءيل،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (١١)، ٢٠٠٩.<br />

٧٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ اللاجئون الفلسسطينيون في العراق،‏ سسلسسلة<br />

تقرير معلومات (١٢)، ٢٠٠٩.<br />

٧٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ أزمة مخيم نهر البارد،‏ سسلسسلة تقرير<br />

معلومات ،(١٣) .٢٠١٠<br />

٧٧. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ المجلس‏ التشريعي الفلسسطيني في الضضفة<br />

الغربية وقطاع غزة ١٩٩٦-٢٠١٠، سسلسسلة تقرير معلومات (١٤)، ٢٠١٠.<br />

٧٨. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الٔونروا:‏ برامج العمل وتقييم الٔداء،‏<br />

سسلسسلة تقرير معلومات (١٥)، ٢٠١٠.<br />

٢٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


٧٩. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ دور الاتحاد الٔوروبي في مسسار التسسوية<br />

السسلمية للقضضية الفلسسطينية،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (١٦)، ٢٠١٠.<br />

٨٠. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ تركيا والقضضية الفلسسطينية،‏ سسلسسلة تقرير<br />

معلومات ،(١٧) .٢٠١٠<br />

٨١. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ إششكالية إعطاء اللاجئين الفلسسطينيين في<br />

لبنان حقوقهم المدنية،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (١٨)، ٢٠١١.<br />

٨٢. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ حزب العمل الٕسراءيلي،‏ سسلسسلة تقرير<br />

معلومات ،(١٩) .٢٠١١<br />

٨٣. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ قوافل كسر الهصار عن قطاع غزة،‏ سسلسسلة<br />

تقرير معلومات (٢٠)، ٢٠١١.<br />

٨٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الاسستيطان الٕسراءيلي في الضضفة الغربية<br />

١٩٩٣-٢٠١١، سسلسسلة تقرير معلومات (٢١)، ٢٠١٢.<br />

٨٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ ششاليط:‏ من عملية ‏“الوهم المتبدد”‏ إلى<br />

صفقة ‏“وفاء الٔحرار”‏ ، سسلسسلة تقرير معلومات (٢٢)، ٢٠١٢.<br />

٨٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات،‏ مركز الزيتونة،‏ الموقف الٕسراءيلي من ثورة ٢٥ يناير<br />

المصرية،‏ سسلسسلة تقرير معلومات (٢٣)، ٢٠١٢.<br />

ثانياً:‏ الٕصصدارات باللغة الٕنجليزية:‏<br />

87. Mohsen Moh’d Saleh and Basheer M. Nafi, editors, The Palestinian<br />

Strategic Report 2005, 2007.<br />

88. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2006, 2010.<br />

89. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2007, 2010.<br />

90. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2008, 2010.<br />

91. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2009/10,<br />

2011.<br />

92. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2010/11,<br />

2012.<br />

93. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2011/12,<br />

2012.<br />

94. Muhammad Arif Zakaullah, Religion and Politics in America: The Rise of<br />

Christian Evangelists and Their Impact, 2007.<br />

٢٤٤<br />

مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات


95. Mohsen Moh’d Saleh and Ziad al-Hasan, The Political Views of the<br />

Palestinian Refugees in Lebanon as Reflected in May 2006, 2009.<br />

96. Ishtiaq Hossain and Mohsen Moh’d Saleh, American Foreign Policy &<br />

the Muslim World, 2009.<br />

97. Karim El-Gendy, The Process of Israeli Decision Making: Mechanisms,<br />

Forces and Influences, 2010. (electronic book)<br />

98. Abbas Ismail, The Israeli Racism: Palestinians in Israel: A Case Study,<br />

Book Series: Am I Not a Human (1), translated by Aladdin Assaiqeli,<br />

2009.<br />

99. Hasan Ibhais, Mariam Itani and Sami al-Salahat, The Suffering of the<br />

Palestinian Woman Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not<br />

a Human (2), translated by Iman Itani, 2010.<br />

100. Ahmad el-Helah and Mariam Itani, The Suffering of the Palestinian Child<br />

Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (3),<br />

translated by Iman Itani, 2010.<br />

101. Firas Abu Hilal, The Suffering of the Palestinian Prisoners & Detainees<br />

Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (4),<br />

translated by Baraah Darazi, 2011.<br />

102. Mariam Itani and Mo’in Manna’, The Suffering of the Palestinian<br />

Refugee, Book Series: Am I Not a Human (6), translated by Salma<br />

al-Houry, 2010.<br />

103. Mohsen Moh’d Saleh, The Suffering of <strong>Jerusalem</strong> and the Holy Sites<br />

Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (7),<br />

translated by Salma al-Houry, 2012.<br />

104. Fatima Itani and Atef Daghlas, The Suffering of the Palestinian Patient<br />

Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (11),<br />

translated by Mohammed Ibrahim El-Jadili and Saja Abed Rabo<br />

El-Shami, 2012.<br />

٢٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!