Road_Jerusalem_full
Road_Jerusalem_full
Road_Jerusalem_full
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
تأليف<br />
د. محسسن محمد صاله<br />
مركز الزيتونة<br />
للدراسسات والاسستشارات<br />
بيروت - لبنان
The <strong>Road</strong> to <strong>Jerusalem</strong><br />
A Historical Study of the Islamic Experience in the Land of Palestine<br />
Since the Time of the Prophets until Late Twentieth Century<br />
By:<br />
Dr. Mohsen Moh’d Saleh<br />
حقوق الطبع محفوظة ©<br />
الطبعة الخامسسة<br />
2012م – 1433ه<br />
بيروت – لبنان<br />
ISBN 978-9953-572-13-0<br />
يمُ نع نسسخ أو اسستعمال أي جزء من هذا الكتاب بأي وسسيلة تصويرية أو إلكترونية<br />
أو ميكانيكية بما في ذلك التسسجيل الفوتوغرافي، والتسسجيل على أشرطة أو أقراص مدمجة<br />
أو أي وسسيلة نشر أخرى أو حفظ المعلومات واسسترجاعها دون إذن خطّ ي من الناشر.<br />
(الٓراء الواردة في الكتاب لا تُعبرّ بالضرورة عن وجهة نظر مركز الزيتونة للدراسسات والاسستششارات)<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستششارات<br />
تلفون: + 961 1 80 36 44<br />
تلفاكس: + 961 1 80 36 43<br />
صص.ب.: 14-5034، بيروت - لبنان<br />
بريد إلكتروني: info@alzaytouna.net<br />
الموقع: www.alzaytouna.net<br />
تصميم وإخراج<br />
ربيع مراد
فهرس المهتويات<br />
فهرس المهتويات<br />
فهرس المهتويات.........................................................................................٣<br />
مقدمة الطبعة الٔولى......................................................................................٥<br />
مقدمة الطبعة الخامسسة................................................................................٧<br />
تقديم..........................................................................................................٩<br />
الفصل الٔول: صراع الهق والباطل على أرضض فلسسطين قبل الفته الٕسسلامي<br />
أولاً: شرعية ميراش الٔنبياء...........................................................١٣<br />
ثانياً: نظرة تاريخية...................................................................١٧<br />
ثالشاً: دعوة الهق ومسسيرة الٔنبياء على الٔرضض المقدسسة...........................٢٠<br />
رابعاً: مملكتا إسراءيل ويهودا........................................................٣٠<br />
خامسساً: تداول الهيمنة الفارسسية والٕغريقية والرومانية على فلسسطين...........٣٣<br />
سسادسساً: نهاية الوجود السسياسسي اليهودي في فلسسطين.............................٣٩<br />
الفصل الشاني: الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
أولاً: مكانة فلسسطين الٕسسلامية.......................................................٤٩<br />
ثانياً: أنظار المسسلمين تتجه إلى فلسسطين..............................................٥١<br />
ثالشاً: وقفات مع منهج الفته ودوافعه................................................٥٤<br />
رابعاً: الخطوات الٔولى................................................................٥٨<br />
خامسساً: معركة أجنادين..............................................................٦١<br />
سسادسساً: عزل خالد....................................................................٦٢<br />
سسابعاً: معركة فهل - بيسسان.........................................................٦٣<br />
٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ثامناً: معركة اليرموك.................................................................٦٧<br />
تاسسعاً: فته فلسسطين...................................................................٧٣<br />
عاشراً: الٕسسلام يترسسخ في فلسسطين .................................................٧٧<br />
الفصل الشالش: المسسلمون في مواجهة الصليبيين والتتار<br />
أولاً: سسنن االله في النصر والهزيمة.....................................................٨٧<br />
ثانياً: الخريطة السسياسسية للمنطقة قبيل الهروب الصليبية........................٨٩<br />
ثالشاً: الهملة الصليبية الٔولى ونتاءجها..............................................٩٠<br />
رابعاً: اسستمرار الصراع (نظرة عامة)...............................................٩٤<br />
خامسساً: جهاد عماد الدين زنكي ٥٤١-٥٢١ه.....................................٩٧<br />
سسادسساً: جهاد نور الدين محمود ٥٤١-٥٦٩ ه...................................٩٩<br />
سسابعاً: جهاد صلاه الدين الٔيوبي ٥٦٩-٥٨٩ ه...............................١٠٨<br />
ثامناً: الٔيوبيون والصراع مع الصليبيين.........................................١١٧<br />
تاسسعاً: المماليك ومواجهة التتار....................................................١٢٢<br />
عاشراً: المماليك والقضضاء على الصليبيين.........................................١٢٦<br />
الفصل الرابع: التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصرة في فلسسطين<br />
في ظلّ الدولة العشمانية...............................................................١٣٧<br />
الموءامرة على فلسسطين...............................................................١٤٠<br />
أولاً: مرحلة الاحتلال البريطاني ١٩٤٨-١٩١٧م...............................١٤٢<br />
ثانياً: مرحلة المد القومي العربي ١٩٦٧-١٩٤٩م...............................١٥٧<br />
ثالشاً: مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد الٕسسلامي ١٩٨٧-١٩٦٧م......١٦٢<br />
رابعاً: مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية ١٩٩٦-١٩٨٧م.........١٦٩<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤
مقدمة الطبعة الٔولى<br />
مقدمة الطبعة الأولى<br />
إن الهمد الله نهمده ونسستعينه ونسستغفره، ونعوذ باالله من شرور أنفسسنا، ومن سسيئات<br />
أعمالنا، من يهده االله فلا مضضل له، ومن يضضلل فلا هادي له، وأششهد أن لا إله إلا االله وأششهد<br />
أن محمداً عبده ورسسوله.<br />
حظيت قضضية فلسسطين بأعداد هاءلة من الدراسسات والكتب والمصنفات في ششتى<br />
المجالات، وما تزال محوراً لاهتمام الكتاب من عرب ويهود وأوروبيين، وأمريكان<br />
وغيرهم. غير أن إعداد الٔبهاش والكتب في قضضية فلسسطين من وجهة نظر إسسلامية هو<br />
مما ما تزال تفتقر إليه المكتبة الفلسسطينية، بالرغم من أن عدداً من هذه الدراسسات أخذت<br />
في الصدور خصوصاً منذ الشمانينيات من هذا القرن.<br />
لقد كان الدافع الرءيسس من إعداد هذا الكتاب هو محاولة تسسليط الضضوء على التجربة<br />
الٕسسلامية التاريخية على أرضض فلسسطين، وفق روءية إسسلامية علمية موضضوعية، ووفق<br />
تصور ينبع من فهم المسسلمين لهذه القضضية المقدسسة وبما يتوافق مع تراثهم وهويتهم<br />
الهضضارية. وهي روءية تسستفيد من إسسلامية المعرفة ومن النظر في سسنن االله سسبهانه في<br />
الكون والهياة والاعتبار منها.<br />
وعلى الرغم من أن هذا الكتاب كتاب أكاديمي موثق من الناحية العلمية، إلا أن موءلفه<br />
سسعى ألا يهصر قرّاءه في المشقفين والٔكاديميين فقط، فهرص على أن يكون أسسلوبه<br />
سسهلاً، وابتعد عن الجفاف والجمود قدر الٕمكان، بهيش يطلع عليه، ويسستفيد منه أكبر<br />
عدد من القراء، وهو مع ذلك حافل بالمعلومات بعيد عن الخطابة العاطفية والٕنششاء.<br />
ويأمل الموءلف أن يسستجيب هذا الكتاب لرغبة الكشير من القراء الذي يودون التعرف<br />
على تاريخ فلسسطين وقضضيتها -من وجهة نظر إسسلامية- في كتاب واحد مركز يجمع بين<br />
دفتيه مجمل الصورة المرادة. ولعله بذلك يكون مدخلاً مهماً لكل مبتدئ، وأسساسساً ينطلق<br />
منه كل من يرغب -بعد ذلك- في التخصص والتوسسع. كما يرجو الموءلف أن يقدم هذا<br />
الكتاب تعريفاً ششاملاً بقضضية فلسسطين وتاريخها وتجربتها الٕسسلامية، دونما حاجة إلى<br />
أن يقرأ كتباً كشيرة للوصول إلى الصورة المرجوة. ونهسسبه -بذلك- مصدراً للمسسلمين<br />
الذين لا يعايششون قضضية فلسسطين داءماً، ولا تششكل محور اهتمامهم الٔسساسس اليومي.<br />
٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
لقد حاولنا في هذا الكتاب انتقاء المعلومات واختصارها والتركيز على مواطن العبرة<br />
والعظة، والشره والتفصيل حيشما اقتضضت المصلهة، والاختصار والٕجمال -في مواطن<br />
أخرى- دون إخلال بالصورة العامة. ودار الكتاب حول محور أسساسس هو التجربة<br />
الٕسسلامية على أرضض فلسسطين سساعياً إلى إثبات عمقها وعراقتها وأصالتها، مبيناً أن<br />
الراية الٕسسلامية هي الراية التي نجه المسسلمون تحت ظلّها في الهفاظ على مقدسساتهم<br />
وتحريرها من كل غاصب.<br />
وبعد، فنسسأل االله سسبهانه أن يكون هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، والصدر مفتوه<br />
لكل اقتراه ونقد بن َّاء.<br />
والهمد الله رب العالمين<br />
د. محسسن محمد صاله<br />
١٩٩٥<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦
مقدمة الطبعة الخامسة<br />
مقدمة الطبعة الخامسسة<br />
صدر هذا الكتاب في طبعته الٔولى سسنة ١٩٩٥، حيش لقيت بفضضل االله قبولاً واسسعاً،<br />
فتبعتها طبعة ثانية ما لبشت نسسخهما أن نفذت في بضضعة أششهر. وبناء على رغبة العديد<br />
من الزملاء والقراء في التوسسع في طره التجربة المعاصرة وخصوصاً فترة الانتفاضضة<br />
المباركة وما بعدها، فقد جاءت الطبعة الشالشة مزيدة ومنقهة حيش غطت بششيء من<br />
التفصيل الٔحداش حتى ششهر آب/ أغسسطسس ١٩٩٦. ولذلك يجد القارئ للفصل الرابع<br />
إضضافات حول علاقة حركة الٕخوان بفته، وحول معسسكرات الششيوخ، والانتفاضضة،<br />
والتطورات السسياسسية، وموقف الٕسسلاميين من التسسوية، ويجد توسسعاً في الهديش حول<br />
حركة حماسس وفكرها وتواجدها الششعبي وقيادتها السسياسسية وعملياتها الجهادية، كما<br />
يلهظ إضضافات حول حركة الجهاد الٕسسلامي وفكرها وجهادها. بالٕضضافة إلى أن هناك<br />
مبهشاً حول علاقة التيار الٕسسلامي بالسسلطة الفلسسطينية في مناطق الهكم الذاتي.<br />
وقد قام مركز الٕعلام العربي في القاهرة بإعادة طباعة هذا الكتاب سسنة ٢٠٠٢. أما<br />
هذه الطبعة فهي طبعة إلكترونية ظلت فيها معلومات الكتاب كما هي، مكتفية بالٔحداش<br />
حتى صيف ١٩٩٦. غير أنه تمّ مراجعة النص نفسسه، ومعالجة بعضض الٔخطاء المطبعية<br />
وتدقيق بعضض المعلومات، كما أضضيفت للكشير من الٔسسماء الٔجنبية ما يقابلها باللغة<br />
الٕنجليزية.<br />
ولعل الموءلف لم يرغب بتعطيل نشر الكتاب إلكترونياً، بانتظار أن يجد وقتاً لتهديشه<br />
وتحريره، وهو وقت قد يطول. ثم إن هناك العديد من الدراسسات المفصلة التي غطت<br />
أنششطة وأدوار الاتجاه الٕسسلامي الفلسسطيني في السسنوات الٔخيرة. كما أن هناك مادة<br />
غنية في الفصول الشلاثة الٔولى تعطي للكتاب قيمة مميزة.<br />
والششكر الجزيل لكل من أسسهم باقتراه أو نقد أو توجيه ولا زال الصدر مفتوحاً<br />
للمزيد.<br />
والهمد الله رب العالمين<br />
د. محسسن محمد صاله<br />
٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
تقديم<br />
تقديم*<br />
بقلم: أ. د. عماد الدين خليل<br />
عندما قرأت كتاب “الطريق إلى القدسس” للدكتور محسسن محمد صاله في طبعته الشانية<br />
الصادرة في لندن سسنة ١٩٩٥ ضضمن منششورات “فلسسطين المسسلمة” لفتت انتباهي تلك<br />
وحتى<br />
التغطية الششاملة والمتوازنة للتاريخ الفلسسطيني منذ عصور الٔنبياء<br />
أواخر قرننا العشرين هذا، والقدرة على الٕمسساك المنهجي بالبعد الٕسسلامي الٔصيل عبر<br />
هذه المسسيرة الطويلة، مما لا يكاد المرء يلهظه في معظم ما كتب في الموضضوع.<br />
إن الٔخ الموءلف عبر كتابه هذا يضضع الٔمور في نصابها، سسواء وهو يتهدش عن مرحلة<br />
ما قبل الفته الٕسسلامي أو المراحل التي تلته، بعد أن عبشت بتاريخ هذه الٔرضض المباركة<br />
رياه التشريق والتغريب.<br />
ومنذ الفصل الٔول يجد المرء نفسسه قبالة ما يمكن تسسميته بالمنهج الٕسسلامي في<br />
التعامل مع التاريخ بهشاً ودراسسة وتأليفاً، فهو يهيل المعطيات التاريخية بمروياتها<br />
وآثارها على الششاهد القرآني، ويجعله حاكماً عليه، وليسس العكسس، كما يفعل أنصاف<br />
الموءرخين والٓثاريين ممن لا يملكون من الهقيقة التاريخية عشر معششارها، بينما تغيب<br />
الٔعششار الٔخرى عن الٔنظار فلا يعلم بها إلا االله سسبهانه.<br />
ها هنا نهن بأمسسّ الهاجة إلى هذا الٔسسلوب في التعامل مع التاريخ القديم، من أجل<br />
ألا نجعل الظن والهوى والعلم النسسبي، الهكم الفصل في الواقعة التاريخية، ويكفي أن<br />
نتذكر، قبالة كل ادعاءات الموءرخين والٓثاريين التقليديين تلك المهاولة القيمة التي نفذها<br />
العالم الفرنسسي موريسس بوكاي Maurice Bucaille في كتابه “التوراة والٕنجيل والقرآن<br />
في ضضوء المعارف الهديشة” La Bible, le Coran et la science: Les Écritures<br />
saintes examinées à la lumière des connaissances modernes والتي قارن<br />
فيها بين معطيات هذه الكتب المقدسسة الشلاثة، وبين الكششوف المعرفية الهديشة في<br />
سسياقات ششتى من بينها التاريخ والٓثار وبدايات الخلق.<br />
* كتب أ.د. عماد الدين خليل مششكوراً هذا التقديم للطبعة الشالشة المزيدة والمنقهة التي صدرت في سسنة ١٩٩٨.<br />
٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وكانت النتيجة ارتطام العهدين القديم والجديد بهذه الكششوف، وتوافق مدهشش<br />
بينهما وبين آيات االله البيّنات.<br />
يمضضي الموءلف في الفصول التالية لكي يتابع: الفته الٕسسلامي لفلسسطين، والمسسلمين<br />
في مواجهة الصليبيين والتتار وصولاً إلى التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصرة في<br />
فلسسطين، وهو في طبعته الجديدة للكتاب يعيد صياغة الفصل الٔخير، ويضضيف إليه<br />
صفهات قيمة، تبلغ السستين، عن دور حركة المقاومة الٕسسلامية (حماسس) في الانتفاضضة<br />
والجهاد، وهو بهذا يظلّ صادقاً مع نفسسه، ومع المنهج الذي اعتمده في متابعة المعطيات<br />
التاريخية ذات الشقل الهقيقي في تاريخ فلسسطين...<br />
لقد تلقى الٔخ الموءلف من إحدى الموءسسسسات العلمية الجاءزة الٔولى على كتابه هذا،<br />
ولكن ما هو أهم وأعمق دلالة في ظنّي هو أن يصدر الكتاب في طبعة ثالشة، ولم يمضض ِعلى<br />
الطبعة الٔولى سسوى أقل من سسنتين... ومعنى ذلك أنه قُبل لدى جماهير القراء والمهتمين<br />
بالقضضية...<br />
وتلك هي الجاءزة الهقيقية التي يتلقاها، ويطمه إليها أي موءلف في كل مكان.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠
الفصصل الأول<br />
صصراع الهق والباطل<br />
على أرضض فلسسطين قبل الفته الٕسسلامي
صصراع الهق والباطل<br />
صصراع الهق والباطل<br />
على أرض فلسطين قبل الفته الإسلامي<br />
أولاً: شرعية ميراش الٔنبياء:<br />
قدّر االله سسبهانه وتعالى أن تكون فلسسطين أرضضاً للرسسل والٔنبياء الذين حملوا راية<br />
التوحيد، ودعوا أقوامهم إلى الالتزام بها. وقد ششهدت فلسسطين في تاريخها القديم نماذج<br />
من قيادة الٔنبياء وحكمهم لٔقوامهم، وخاضضوا<br />
راية الهق على الٔرضض المباركة.<br />
صراعات عنيفة في سسبيل تشبيت<br />
وقبل أن نخوضض في التفاصيل، يجب أن نشبت حقيقة مهمة، وهي أن المسسلمين يوءمنون<br />
بكل الٔنبياء، ويعدّون تراش الٔنبياء تراثهم، ويعدّون رسسالتهم الٕسسلامية امتداداً<br />
لرسسالات الٔنبياء الذين جاوءوا من قبلهم، وأن الدعوة التي دعا إليها الٔنبياء هي الدعوة<br />
نفسسها التي دعا إليها محمد ]، وبالتالي فإن رصيد تجربة الٔنبياء في دعوتهم للهق،<br />
وعبادة االله وحده لا تنفصم عن دعوة المسسلمين، ورصيد تجربتهم.<br />
وانظر إلى قوله سسبهانه چڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ<br />
ڇڇچ ، ١ فهي رسسالة التوحيد التي يدعو إليها كل رسسول. وعندما كان يكذّب أي<br />
قوم رسسولهم، فقد كان ذلك تكذيباً لجميع المرسسلين، وتأمل قوله تعالى في چئۇ ئۇ ئۆ<br />
ئۆچ، چڻ ڻ ڻچ، چڦ ڦ ڦچ، چٱ ٻ ٻچ، چۅ<br />
ۉ ۉ ېچ . ٢<br />
ويغرق العديد من الموءرخين عند مواجهتهم لادعاءات اليهود المعاصرين بهقهم في<br />
فلسسطين في الانششغال بعلوم الٓثار، وذكر الششعوب التي اسستوطنت أو حكمت أو مرّت<br />
على فلسسطين، وكم حكم كل منها هذه الٔرضض، ليخرجوا في النهاية بنتيجة موءداها ضضآلة<br />
الفترة والمسساحة التي حكم فيها اليهود عبر التاريخ مقارنة بالعرب والمسسلمين. وبالرغم<br />
من أن هذا الجانب مفيد في ردّ ادعاءات اليهود من النواحي التاريخية والعقلية والمنطقية،<br />
إلا أن كشيراً من هوءلاء الكتّاب والموءرخين يقعون في خطأين كبيرين حسسبما يظهر لنا:<br />
١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الٔول: اعتبار تراش الٔنبياء الذي أرسسلوا إلى بني إسراءيل أو قادوهم تراثاً خاصاً<br />
باليهود فقط، وهذا ما يريده اليهود!!<br />
الشاني: الٕسساءة إلى سسيرة عدد من أنبياء بني إسراءيل باسستخدام الاسستدلالات المسستندة<br />
إلى توراة اليهود المهرفة نفسسها...، وهم عندما يسستخدمونها فإنما يقصدون الٕششارة إلى<br />
“السسلوك المششين” لمن كفر وفسسق من بني إسراءيل وقادتهم عندما حل ُّوا في فلسسطين،<br />
ليضضعفوا من قيمة دولتهم ويبينوا انهطاط مسستواهم الهضضاري...، ويُدخلون في<br />
الاسستدلالات ما ذكرته الٕسراءيليات من اتهام للٔنبياء بالغشش والكذب والزنى واغتصاب<br />
الهقوق وقتل الٔبرياء، في محاولات لتششويههم وتششويه صورة حكمهم ودولتهم في<br />
ذلك الزمان.<br />
لقد كفانا القرآن الكريم موءونة التعرف على أخلاق من كفر وفسسق من اليهود<br />
وفسسادهم وإفسسادهم، غير أن أنبياءهم وصالهيهم أمر آخر، فالٔنبياء خير البشر،<br />
ولا ينبغي الٕسساءة إليهم، والانجرار خلف الروايات الٕسراءيلية المهرفة، التي لا<br />
تسسيء للٔنبياء فقط، وإنما إلى االله تبارك وتعالى ** . وعلى سسبيل المشال تذكر التوراة<br />
المهرفة والتلمود أن االله (تعالى عما يقولون علواً كبيراً) يلعب مع الهوت والٔسسماك كل<br />
يوم ثلاش سساعات، وأنه بكى على هدم الهيكل حتى صغر حجمه من سسبع سسموات إلى<br />
أربع سسموات، وأن الزلازل والٔعاصير تحدش نتيجة نزول دمع االله على البهر ندماً<br />
على خراب الهيكل... ٣ هذا فضضلاً عما ذكره القرآن من ادعاءاتهم چۉ ې ې ې<br />
ېىچ ، ٤ چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀچ ، ٥ چڱ<br />
ڱ ڱ ں ںچ ... ٦ .<br />
كما ينسسب من حر َّف التوراة من اليهود إلى سسيدنا يعقوب \ سرقة صنم ذهبي<br />
من أبيه، وأنه صارع االله!! قرب نابلسس وسسمي لذلك بإسراءيل، كما تنسسب له رششوة أخيه<br />
وخدعة أبيه، وأنه سسكت عن زنا ابنتيه، وأنه أشرك بربه...!! وقِسسْ على ذلك ما ذكروا عن<br />
باقي الٔنبياء . ٧<br />
** نهن هنا نعرضض الفهم الٕسسلامي لليهود وسسلوكهم، وإن َّ طره أي من المسسلكيات الخاطئة لا يعني إطلاقاً عداءً<br />
لليهود لمجرد كونهم يهوداً، أو ما يعرف بالمصطلهات المعاصرة “العداء للسسامية”؛ لٔن الفهم الٕسسلامي<br />
يميز بين أنبياء اليهود وصالهيهم وبين من فسسد وكفر وانهرف منهم؛ ولٔنه يتعامل معهم كبشر، يصيبون<br />
ويخطئون، ويوءمنون ويكفرون، وينجهون ويفششلون...؛ ويتعامل معهم بهسسب أوضضاعهم كأهل ذمة أو<br />
كمعاهدين أو كمهاربين؛ ولكل ٍّ أحكامه التي يبنيها الٕسسلام على أسسسس العدل والتسسامه وحرية الاعتقاد،<br />
وإعطاء كل ِّ ذي حق ٍّ حقه، بغضض ِّ النظر عن دينه أو لونه أو جنسسه.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤
صصراع الهق والباطل<br />
إن أولئك الذين حر َّفوا التوراة من اليهود، قد سساروا على نهجها المهرف في<br />
أخلاقهم وفسسادهم وإفسسادهم، محتجين بما نسسبوه إلى أنبياءهم كذباً وزوراً. ومن<br />
الواجب على الموءرخين وخصوصاً المسسلمين ألا يندفعوا في اسستقراءهم لتاريخ فلسسطين<br />
إلى اتهام أنبياء االله ورسسله بما افتراه عليهم هوءلاء اليهود، وذلك في سسبيل إثبات حقّ<br />
الٔقوام الٔخرى في فلسسطين.<br />
وإذا كانت رابطة العقيدة والٕيمان هي الٔسساسس الذي يجتمع عليه المسسلمون مهما<br />
اختلفت أجناسسهم وألوانهم، فإن المسسلمين هم أحق الناسس بميراش الٔنبياء، بما فيهم<br />
أنبياء بني إسراءيل، لٔن المسسلمين هم الذين ما يزالون يرفعون الراية التي رفعها<br />
الٔنبياء، وهم السساءرون على دربهم وطريقهم، وهوءلاء الٔنبياء هم مسسلمون موحدون<br />
حسسب الفهم القرآني.<br />
وانظر إلى قوله تعالى چۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ<br />
ۋ ۋۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ئائا ئە ئە<br />
ئوئوچ ، ٨ وقوله تعالى چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />
ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ ، ٩<br />
وقوله تعالى چڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ کک ک ک گ گگ گ<br />
ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ<br />
ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ<br />
ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى<br />
ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆچ . ١٠ هذه الٓيات من<br />
الوضضوه بما لا يهتاج معه إلى الشره. وفي المقابل فإن الٕسسلام يعدّ الٕيمان بالٔنبياء<br />
والرسسل أحد أركان الٕيمان، تأمل قوله تعالى چٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ<br />
ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ<br />
ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍچ . ١١<br />
وبششكل عام فأمة التوحيد هي أمة واحدة من لدن آدم \ حتى يرش االله الٔرضض<br />
ومن عليها، وأنبياء االله ورسسله وأتباعهم هم جزء من أمة التوحيد، ودعوة الٕسسلام هي<br />
امتداد لدعوتهم، والمسسلمون هم أحق الناسس بأنبياء االله ورسسله وميراثهم.<br />
١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
فرصيد الٔنبياء هو رصيدنا، وتجربتهم هي تجربتنا، وتاريخهم هو تاريخنا،<br />
والشرعية التي أعطاها االله للٔنبياء وأتباعهم في حكم الٔرضض المباركة المقدسسة، هي<br />
دلالة على شرعيتنا وحقنا في هذه الٔرضض وحكمها.<br />
نعم، لقد أعطى االله سسبهانه هذه الٔرضض لبني إسراءيل عندما كانوا مسستقيمين على<br />
أمر االله، وعندما كانوا يمشلون أمة التوحيد في الٔزمان الغابرة. ولسسنا نخجل أو نتردد في<br />
ذكر هذه الهقيقة، وإلا خالفنا صريه القرآن، ومن ذلك قول موسسى \ لقومه چھ<br />
ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆچ . ١٢ غير أن<br />
هذه الشرعية ارتبطت بمدى التزامهم بالتوحيد، والالتزام بمنهج االله، فلما كفروا باالله<br />
وعَ صوا رسسله وقتلوا الٔنبياء ونقضضوا عهودهم وميشاقهم، ورفضضوا اتباع الرسسالة<br />
الٕسسلامية التي جاء بها محمد ]، وهو النبي الذي بشر َّ به أنبياء بني إسراءيل قومهم<br />
چڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇچ ١٣ وقوله تعالى<br />
چٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ ، ١٤ فلما فعلوا ذلك حل َّت عليهم لعنة االله وغضضبه<br />
چۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھچ ١٥ وقال تعالى چڄ ڄ ڃ ڃ<br />
ڃ ڃ چ چ چچ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ ژ<br />
ژ ڑ ڑ ک ک کچ . ١٦<br />
وبذلك تحولت شرعية حكم الٔرضض المقدسسة إلى الٔمة التي سسارت على منهج الٔنبياء،<br />
وحملت رايتهم وهي أمة الٕسسلام. فالمسسألة في فهمنا ليسست متعلقة بالجنسس والنسسل<br />
والقوم، وإنما باتباع المنهج.<br />
واسستطراداً في مناقششة الادعاءات اليهودية بهقهم في فلسسطين وفق نصوص التوراة،<br />
نششير إلى ما يذكرونه في التوراة المهرفة من إعطاء هذه الٔرضض لٕبراهيم \ ونسسله.<br />
ومما جاء فيها “وقال الرب لٕبراهيم: اذهب من أرضضك ومن عششيرتك ومن بيت أبيك إلى<br />
الٔرضض التي أريك... فذهب إبراهيم كما قال الرب... فأتوا إلى أرضض كنعان... وظهر الرب<br />
لٕبراهيم، وقال: لنسسلك أعطي هذه الٔرضض” . ١٧ وجاء في التوراة المهرفة أيضضاً “وسسكن<br />
]إبراهيم \] في أرضض كنعان، فقال له الرب: ارفع عينيك، وانظر من الموضضع الذي أنت<br />
فيه ششمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً؛ لٔن جميع الٔرضض التي أنت ترى لك أعطيها ولنسسلك<br />
إلى الٔبد“ . ١٨ وجاء فيها أيضضاً “قطع الرب مع إبراهيم ميشاقاً قاءلاً: لنسسلك أعطي هذه<br />
الٔرضض. من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات” . ١٩<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦
وللرد على ذلك -فضضلاً عن فهمنا للمسسألة في أصلها الشرعي- نقول:<br />
صصراع الهق والباطل<br />
١. إذا كان هناك عهد، فقد أعطي لٕبراهيم \ ولنسسله، وليسس بنو إسراءيل وحدهم<br />
نسسل إبراهيم، فالعرب المسستعربة هم من نسسله أيضضاً (أبناء إسسماعيل \) ومنهم<br />
محمد ].<br />
٢. إذا كانت المسسألة مرتبطة بالنسسل والتناسسل، فالدلاءل تششير إلى أن الٔغلبية السساحقة<br />
لليهود في عصرنا ليسست من نسسل إبراهيم \، وذلك أن معظم يهود اليوم هم<br />
من يهود الخزر ،Khazars الذين دخلوا هذا الدين في القرنين: التاسسع والعاشر<br />
الميلاديين!!<br />
٣. إن القرآن الكريم يوضضه مسسألة إمامة سسيدنا إبراهيم وذريته في ششكل لا لبسس فيه،<br />
وتأمل قوله تعالى چۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھھ ھ ے ے ۓۓ ڭ<br />
ڭ ڭڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈچ . ٢٠<br />
فعندما سسأل إبراهيم االله تعالى أن تكون الٕمامة في ذريته بين َّ االله له أن عهده لذريته<br />
بالٕمامة لا يسستهقه، ولا يناله الظالمون، وأي ظلم وكفر وصد ٍّ عن سسبيل االله، أكبر مما<br />
فعله بنو إسراءيل بهسسب ما تششير مصادرهم نفسسها، وبهسسب ما يششير القرآن الكريم؟!<br />
أما ما يتعلق بادعاءات اليهود التاريخية، فقد كفانا الكشير من الموءرخين موءونة الرد<br />
عليها، ففترة حكم فلسسطين تحت راية الٕسسلام هي أطول الفترات التاريخية، والششعوب<br />
التي اسستوطنت فلسسطين قبل مجيء اليهود بأكثر من ألف عام ظلّت مسستقرة فيها حتى<br />
الٓن، وقد اندمجت بها الهجرات العربية قبل وبعد الفته الٕسسلامي، وهي التي يتششكل<br />
منها ششعب فلسسطين الهالي بدينه الٕسسلامي ولغته وسسماته العربية . ٢١<br />
ثانياً: نظرة تاريخية:<br />
تششوب دراسسة التاريخ القديم الكشير من الصعوبات، وعادة ما يلجأ الموءرخون إلى<br />
دراسسة الٓثار، وفك ِّ رموز اللغات القديمة التي تمت الكتابة بها على بعضض الٓثار، كما<br />
يسستفيدون مما يكتششفونه من لفاءف وأوراق وجلود وعظام عليها بعضض الكتابات،<br />
وكذلك مما يسستهصلونه من مخطوطات وكتب التاريخ والتراش القديمة. وفي دراسستهم<br />
لتاريخ فلسسطين القديم كانوا كشيراً ما يلجأون إلى ما كتبته التوراة، وما تناقله اليهود، غير<br />
أن الاعتماد تزايد في هذا العصر على الٓثار... . ونهن في دراسستنا المختصرة سسنهاول<br />
١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الاسستفادة مما ذكره القرآن الكريم والسسنة النبوية، ثم نهاول اسستكمال الصورة بما<br />
لدينا من أخبار وآثار، لا تتعارضض مع صهيه ما نعتقده. وسسنلتزم هنا بالاختصار غير<br />
المخل بالمعنى المراد، وفي حدود دراسستنا للتجربة الٕسسلامية على أرضض فلسسطين.<br />
سسكن الٕنسسان أرضض فلسسطين منذ العصور الموغلة في القدم، وهناك آثار تعود إلى<br />
العصر الهجري القديم (٥٠٠ ألف - ١٤ ألف ق.م) والعصر الهجري الوسسيط<br />
(١٤ ألف - ٨ آلاف ق.م) حيش يطلق على هذا العصر في فلسسطين الهضضارة النطوفية<br />
نسسبة إلى مغاءر النطوف ششمال القدسس، وأصل النطوفيين غير معروف حتى الٓن،<br />
تركزت حضضارتهم على السساحل وعاششوا في المغاءر والكهوف كمغاءر جبل الكرمل.<br />
وفي العصر الهجري الهديش (٨٠٠٠-٤٥٠٠ ق.م) انتقلت حياة الٕنسسان في فلسسطين<br />
إلى الاسستقرار، وتحول من جمع الغذاء إلى إنتاجه، وفي أريها ظهرت أول الدلاءل على<br />
حياة الاسستقرار، وهي تعدّ، حتى الٓن، أقدم مدن العالم؛ حيش أنششئت نهو ٨٠٠٠ ق.م.<br />
وامتد العصر الهجري النهاسسي من ٤٥٠٠-٣٣٠٠ ق.م، وقد كششف عن مواقع<br />
حضضارية أثرية تعود إلى تلك الفترة في منطقة بئر السسبع، وبين جبال الخليل والبهر<br />
الميت، والخضضيرة على السسهل السساحلي.<br />
وتميزت بداية الٔلف الشالش ق.م بظهور الٕمبراطوريات القديمة في الشرق، وقد رافق<br />
ذلك التوصل إلى الكتابة والبدء بتدوين التاريخ، ومن هنا تبدأ العصور التاريخية في<br />
فلسسطين.<br />
ويطلق على الفترة الممتدة من ٣٢٠٠-٢٠٠٠ ق.م اسسم العصر البرونزي القديم،<br />
وقد تميزت هذه الفترة بظهور المدن التهصينية الدفاعية التي قامت على هضضاب<br />
مرتفعة، وانتشرت بأعداد كبيرة، وكانت غالبيتها في وسسط وششمال فلسسطين، ومن أهم<br />
المواقع بيسسان ومجد ُّو والعفولة ورأسس الناقورة وتلّ الفارعة غربي نابلسس، وفي الٔلف<br />
الشالش ق.م زاد عدد سسكان فلسسطين، ونمت المدن، وأصبه لها قوة سسياسسية واقتصادية<br />
مما يمكن تسسميته عصر “دويلات المدن”.<br />
وخلال الٔلف الشالش ق.م هاجر إلى فلسسطين العموريون “الٔموريون“ والكنعانيون،<br />
وكذلك اليبوسسيون والفينيقيون (وهما يُعدان من البطون الكنعانية)، وعلى ما يظهر<br />
فقد كانت هجرتهم إلى فلسسطين حوالي ٢٥٠٠ ق.م، حيش اسستقر الكنعانيون في سسهول<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨
صصراع الهق والباطل<br />
فلسسطين، وتركز العموريون في الجبال، واسستقر اليبوسسيون في القدسس وما حولها، وهم<br />
الذين أنششأوا مدينة القدسس وأسسموها “يبوسس“ ثم “أورسسالم”، أما الفينيقيون فاسستقروا<br />
في السساحل الششمالي لفلسسطين وفي لبنان.<br />
ويرى ثقات الموءرخين أن العموريين والكنعانيين واليبوسسيين والفينيقيين قد خرجوا<br />
من جزيرة العرب، وأن سسواد أهل فلسسطين الهاليين، وخاصة القرويين هم أنسسال تلك<br />
القباءل والششعوب القديمة أو من العرب والمسسلمين الذين اسستقروا في البلاد إثر الفته<br />
الٕسسلامي لها.<br />
لقد كانت هجرة الكنعانيين واسسعة في تلك الفترة بهيش أصبهوا السسكان الٔسساسسيين<br />
للبلاد، واسسم أرضض كنعان هو أقدم اسسم عرفت به أرضض فلسسطين، وقد أنششأ الكنعانيون<br />
معظم مدن فلسسطين، وكان عددها، حسسب حدود فلسسطين الهالية، لا يقل عن ٢٠٠ مدينة<br />
خلال الٔلف الشاني ق.م وقبل قدوم العبرانيين اليهود بمئات السسنين، ومن المدن القديمة<br />
فضضلاً عن أريها والقدسس مدن ششكيم “بلاطة، نابلسس“ وبيسسان وعسسقلان وعكا وحيفا<br />
والخليل وأسسدود وعاقر وبئر السسبع وبيت لهم... .<br />
ثم جاء العصر البرونزي الوسسيط (٢٠٠٠-١٥٥٠ ق.م) حيش ششهد النصف الٔول<br />
من الٔلف الشاني ق.م حكم الهكسسوسس الذين سسيطروا على فلسسطين خلال القرون<br />
١٨-١٦ ق.م.<br />
وبدأ العصر البرونزي المتأخر (١٥٥٠-١٢٠٠ ق.م) بانزواء حكم الهكسسوسس<br />
ودخول فلسسطين تحت سسيطرة الهكم المصري المطلق، أما العصر الهديدي<br />
(١٢٠٠-٣٣٠ ق.م) فيظهر أنه في بدايته (١٢٠٠ ق.م تقريباً) اسستقبلت فلسسطين<br />
مجموعات مهاجرة من مناطق مختلفة أبرزها هجرات “ششعوب البهر“ التي يظهر أنها<br />
جاءت من غرب آسسيا ومن جزر بهر إيجه (كريت وغيرها) وقد هاجمت هذه الششعوب<br />
في البداية سسواحل الششام ومصر، ولكن فرعون مصر، رعمسسيسس الشالش، صدها عن<br />
بلاده في معركة بلوزيون “قرب بور سسعيد“ وأذن لها أن تسستقر في الجزء الجنوبي<br />
من فلسسطين، وورد في النقوشش الٔثرية اسسمها “ب ل سس ت”، ومنها جاءت تسسميتهم<br />
“فلسسطيون“ ثم زيدت النون إلى اسسمهم (ربما على اعتبار الجمع) فأصبهوا فلسسطينيين،<br />
وقد أقام الفلسسطيون خمسس ممالك هي مدن غزة، وأششدود، وجت، وعقرون، وعسسقلان،<br />
وهي مدن المرجه أنها كنعانية قديمة، غير أنهم وسسعوها ونظموها، ثم أنششأوا مدينتين<br />
١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
جديدتين هما اللد وصقلغ، واسستولوا على بقية السساحل حتى جبل الكرمل، كما اسستولوا<br />
على مرج ابن عامر...، وسرعان ما اندمج الفلسسطيون بالكنعانيين، واسستعملوا لغتهم<br />
وعبدوا آلهتهم “داجون وبعل وعششتار“. وبالرغم من أن الفلسسطيين ذابوا في السسكان إلا<br />
أنهم أعطوا هذه الٔرضض اسسمهم فأصبهت تعرف بفلسسطين . ٢٢<br />
ويظهر من الدلاءل التاريخية المقارنة أن موسسى \ قاد بني إسراءيل باتجاه الٔرضض<br />
المقدسسة في النصف الٔخير من القرن ١٣ ق.م، أي أواخر العصر البرونزي المتأخر،<br />
الذي ششهد هو وبداية العصر الهديدي بداية الدخول اليهودي إلى فلسسطين، ثم قيام<br />
مملكة داود وسسليمان (١٠٠٤-٩٢٣ ق.م)، التي انقسسمت إلى مملكة إسراءيل<br />
(٩٢٣-٧٢٢ ق.م)، ومملكة يهودا (٩٢٣-٥٨٦ ق.م)، والتي حكمت كل منها جزءاً<br />
محدوداً من أرضض فلسسطين، ومنذ ٧٣٠ ق.م دخلت فلسسطين بششكل عام تحت النفوذ<br />
الٓششوري القادم من العراق حتى ٦٤٥ ق.م. ثم ورثهم البابليون في النفوذ حتى ٥٣٩ ق.م،<br />
وكان الٓششوريون والبابليون يتداولون النفوذ على فلسسطين مع مصر. ثم إن الفرسس<br />
غزوا فلسسطين وحكموها خلال الفترة ٥٣٩-٣٣٢ ق.م.<br />
ثم دخلت فلسسطين في العصر الهلينسستي اليوناني، حيش حكمها البطالمة حتى ١٩٨ ق.م،<br />
ثم ورثهم السسلوقيون Seleucid حتى ٦٤ ق.م. عندما جاء الرومان، وسسيطروا على<br />
فلسسطين، وبعد انقسسام الٕمبراطورية الرومانية، ظلّت فلسسطين تتبع الٕمبراطورية<br />
الرومانية الشرقية “دولة الروم“ وعاصمتها القسسطنطينية حتى جاء الفته الٕسسلامي،<br />
وأعطاها صبغتها العربية الٕسسلامية سسنة ٦٣٦م . ٢٣<br />
ثالشاً: دعوة الهق ومسسيرة الٔنبياء على الٔرضض المقدسسة:<br />
كان إبراهيم \ أول الٔنبياء الذين نعلم أنهم عاششوا في فلسسطين، وماتوا فيها،<br />
وإبراهيم \ هو أبو الٔنبياء، فمن نسسله جاء الكشير من الٔنبياء كإسسهق ويعقوب<br />
ويوسسف وإسسماعيل ومحمد عليهم أفضضل الصلاة والسسلام.<br />
ولد إبراهيم \، حسسبما ورد من آثار، في “أور” في العراق ٢٤ وعاشش هناك ردحاً من<br />
الزمن؛ حيش قام بتهطيم الٔصنام، ودعا إلى التوحيد، وواجه النمرود، وألقمه الهجة،<br />
وألقي في النار عقاباً له على تحطيم الٔصنام فجعلها االله عليه برداً وسسلاماً، وهاجر<br />
إبراهيم ومعه ابن أخيه لوط في سسبيل االله ٢٥ چى ى ئا ئا ئە ئەچ . ٢٦<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠
صصراع الهق والباطل<br />
ويظهر أن إبراهيم في البداية هاجر ومن معه إلى حر َّان (الرها) وهي تقع الٓن في<br />
جنوب تركيا إلى الششمال من سسورية، ومن هناك هاجر ومعه ابن أخيه لوط إلى أرضض<br />
كنعان “فلسسطين” نهو ١٩٠٠ ق.م ، ٢٧ قال تعالى چې ې ې ى ى ئا ئا<br />
ئەچ . ٢٨ وكان هذا التاريخ بالنسسبة لتاريخ العراق القديم يمشل نهاية عهد “أور<br />
الشالشة” التي حكمها السسومريون وبداية العصر البابلي القديم الذي سسيطرت فيه<br />
العناصر السسامية القادمة من جزيرة العرب “العموريون”. وهناك في فلسسطين ولد<br />
إسسماعيل وإسسهق ويعقوب .<br />
نزل إبراهيم \ في ششكيم قرب نابلسس، ومنها انتقل إلى جهات رام االله والقدسس، ومرّ<br />
بالخليل ثم ببئر السسبع؛ حيش اسستقر حولها زمناً، ثم ارتحل إلى مصر، وكان ذلك يوافق<br />
تقريباً عهد الٔسرة ال ١١ أو ال ١٢ لفراعنة مصر، وعاد من مصر ومعه “هاجر” التي<br />
أهداها الزعيم المصري له، وذكر في رواية أنها ابنة فرعون أو إحدى الٔميرات، ثم عاد<br />
إلى فلسسطين، فمرّ بجوار غزة؛ حيش التقى أبا مالك أمير غزة، ثم تجوّل بين بئر السسبع<br />
والخليل، ثم صعد إلى القدسس. ثم إن لوطاً \ انتقل إلى جنوب البهر الميت؛ حيش<br />
أُرسسل لٔهل تلك المنطقة، بينما مكش إبراهيم \ في جبال القدسس والخليل. وقد<br />
ولد إسسماعيل \ لٕبراهيم من زوجته هاجر، ثم رزق بإسسهق بعد ذلك ب ١٣ عاماً من<br />
زوجته سسارة . ٢٩ ويبدو أن إبراهيم رزق بأبناءه وهو في سسن ٍّ كبيرة نسستششف ذلك من قوله<br />
تعالى على لسسان سسارة چٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پپچ . ٣٠<br />
ويبدو أن إبراهيم \ تردد على الهجاز أكثر من مرة، فقد أحضر إسسماعيل وأمه<br />
هاجر إلى مكة، وقصة سسعي هاجر بين الصفا والمروة، وتفجر ماء زمزم مششهورة، ثم إن<br />
إبراهيم عاد فبنى مع إسسماعيل الكعبة چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />
ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺچ . ٣١ غير أن مركز اسستقرار إبراهيم كان في ظلّ فلسسطين، وفيها<br />
توفي حيش دفن في مغارة المكفيلة قرب “الخليل”، وهي المدينة التي سسميت باسسمه \<br />
وقيل إنه عم َّر ١٧٥ سسنة . ٣٢<br />
عاصر إبراهيم \ حاكم القدسس “ملكي صادق” وكان على ما يبدو موح َّ داً، وكان<br />
صديقاً له ، ٣٣ وفي تلك الفترة كان الموءمنون باالله قلة نادرة، فقد ذكر رسسول االله [ أن<br />
إبراهيم قال لزوجته سسارة عندما أتى على جبار من الجبابرة “ليسس على الٔرضض موءمن<br />
غيري وغيرك” ، ٣٤ ويظهر أن ذلك حدش عندما ذهبا لمصر. ولعلنا نسستششف هذا المعنى<br />
٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
من قوله تعالى چٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤچ . ٣٥ وعلى كل حال فإن أبا الٔنبياء<br />
إبراهيم الخليل كان رسسولاً من أولي العزم من الرسسل، وكان له دوره الدعوي في نشر<br />
رسسالة التوحيد في فلسسطين؛ حيش كان يوءسسسس المسساجد، ويقيم المهاريب لعبادة االله في<br />
كل مكان ذهب إليه. ويظهر أنه لم يجِ د عناء أو عنتاً من أهل فلسسطين، ولم يضضطر لتركها<br />
بسسبب دينه ودعوته، فظل مسستقراً يتنقل بهرية فيها حتى توفاه االله.<br />
أما لوط \ فقد اسستقر جنوب البهر الميت؛ حيش أرسسل إلى قرية “سسدوم” وهوءلاء<br />
كانوا يفعلون الفاحششة بالرجال “اللواط”وقد نهاهم لوط عن هذا، فأعرضضوا واسستكبروا،<br />
فانتقم االله منهم، فجعل عاليها سسافلها، وأمطر عليهم حجارة من سسجيل چڭ ڭ ۇ<br />
ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې<br />
ى ىئا ئا ئە ئە ئو ئو ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />
پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ<br />
ٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ ، ٣٦ چٱ ٻ ٻ<br />
ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ<br />
ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹچ . ٣٧<br />
ويششير القرآن الكريم إلى أن إبراهيم \ قد عاصر رسسالة لوط وهلاك قومه. فقد<br />
جاءته الملاءكة، وبشروه بإسسهق، وأخبروه بأنهم مرسسلون لتدمير قوم لوط، فقال لهم<br />
چٿ ٿ ٿٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤڤ ڤ ڦ ڦ ڦچ . ٣٨ وهكذا نَصرَ َ االله<br />
سسبهانه رسسوله لوطاً، وطهّر أرضضه المباركة من چٹ ٹ ڤ ڤ ڤڤچ ، ٣٩<br />
وجاءت البشرى لٕبراهيم بإسسهق ليهمل راية التوحيد من بعده على الٔرضض المباركة،<br />
وليتواصل انتششار النور الٕلهي فيها.<br />
وعاشش إسسهق في أرضض فلسسطين، ورزقه االله سسبهانه يعقوب \ (إسراءيل) والذي<br />
يعدّه اليهود أباهم، وكان إسسهق ويعقوب منارات للهدى بعد إبراهيم \، وانظر<br />
إلى البيان القرآني في إيجازه وروعته چئو ئو ئۇ ئۇ ئۆئۆ ئۈ ئۈ<br />
ئې ئې ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ<br />
ڀ ڀ ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺچ . ٤٠<br />
ولد يعقوب \ في القرن ١٨ ق.م (حوالي ١٧٥٠ ق.م) في فلسسطين، غير أنه هاجر<br />
على ما يظهر إلى حرّان “الرها” وهناك تزوج وولد له ١١ ابناً، منهم يوسسف \<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢
صصراع الهق والباطل<br />
بينما ولد ابنه ال ١٢ بنيامين في أرضض كنعان “فلسسطين”. وقد رجع يعقوب وأبناوءه<br />
إلى فلسسطين وسسكن عند “سسعّير” قرب الخليل ، ٤١ وقصته وقصة ابنه يوسسف مششهورة<br />
ومفصلة في سسورة يوسسف من القرآن الكريم. وهي التي تحكي تآمر إخوة يوسسف على<br />
يوسسف، وإلقاءه في البئر، واكتششاف قافلة له وبيعهم إياه في مصر، حيش ششبّ هناك<br />
ودعا إلى االله، وصمد أمام فتنة النسساء، وصبر في السسجن حتى أكرمه االله بأن يوضضع على<br />
خزاءن مصر بعد تأويله الروءيا وثبوت براءته. ثم إن يوسسف اسستقدم أباه يعقوب وإخوته<br />
إلى مصر؛ حيش رد االله البصر إلى يعقوب بعد أن ابيضضت عيناه على فراق يوسسف، كما عفا<br />
يوسسف عن إخوته. وتذكر بعضض الروايات أن يعقوب عاشش في مصر ١٧ سسنة غير أنه<br />
دفن \ إلى جوار جده وأبيه إبراهيم وإسسهق في الخليل . ٤٢<br />
ويبدو أن تلك الفترة التي عاشش فيها يعقوب وأبناوءه في مصر كانت توافق حكم<br />
الهكسسوسس لمصر، وهم أصلاً من غير المصريين، ويمشل حكمهم الٔسرتين ال ١٥ و١٦ من<br />
الٔسر التي حكمت مصر، واللتين امتد حكمهما لمصر خلال الفترة ١٧٧٤-١٥٦٧ ق.م.<br />
وعلى كل حال، يظهر أن يوسسف وإخوته أبناء يعقوب نعموا بهرية العمل والعبادة<br />
في مصر، وكان لهم دورهم في الدعوة إلى التوحيد، غير أن الٔمر لم يسستمر على حاله<br />
في أجيالهم المتعاقبة، فوقع بنو إسراءيل تحت الاضضطهاد الفرعوني حتى أرسسل االله<br />
موسسى \ إلى فرعون لٕخراج بني إسراءيل منها إلى الٔرضض المقدسسة.<br />
لقد كان بنو إسراءيل في تلك الفترة هم أهل الهق وحملة راية التوحيد، وكان فرعون<br />
٤٣<br />
مصر ذلك الزمان متكبراً متعجرفاً يدّعي الٔلوهية چچ چ چ ڇ ڇ ڇچ<br />
وكان مفسسداً يضضطهد بني إسراءيل، فيذب ِّه أبناءهم ويسستهيي نسساءهم چے ے<br />
ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴۋ<br />
ۋ ۅ ۅ ۉچ . ٤٤ وقد ولد موسسى \ في هذا الجو وتربى، في بيت فرعون<br />
في تدبير رباني محكم، وهو الذي كان يجب أن يُقتل، وقصة موسسى ونششأته ودعوته<br />
لفرعون وخروجه ببني إسراءيل وهلاك فرعون أششهر من أن تروى، وهي من أكبر<br />
وأكثر قصص القرآن ذكراً وتكراراً لما فيها من الدروسس والعبر، ومن التعريف ببني<br />
إسراءيل وطباءعهم... .<br />
قدّر االله سسبهانه أن يعطي تلك الفئة الموءمنة في ذلك الزمان أرضض فلسسطين چې<br />
ې ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ٱ ٻ<br />
٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀڀچ . ٤٥ وأرسسل<br />
موسسى \ إلى فرعون بهذا الٔمر، يعاونه في ذلك أخوه هارون الذي بُعش رسسولاً أيضضاً<br />
چئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />
پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿچ . ٤٦ غير أن فرعون<br />
يأبى ويتكبر ولا يوءمن بالٓيات والمعجزات التي جاء بها موسسى. ويوءمن السسهرة الذين<br />
حششدهم فرعون بدعوة موسسى، ويسسقط في يد فرعون . ٤٧ ويبدو أن الذين أظهروا<br />
إيمانهم، وانضضموا إلى بني إسراءيل كانوا عدداً محدوداً من فتيان بني إسراءيل، وكان<br />
إيمانهم مقروناً بخوف من أن يفتنهم فرعون چڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ<br />
ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گ گ گچ . ٤٨<br />
ثم إنّ موسسى<br />
قاد من آمن من قومه شرقاً فأتبعهم فرعون وجنوده، وحدثت قصة<br />
انششقاق البهر، وإنقاذ االله سسبهانه لبني إسراءيل، وهلاك فرعون وجنوده چٿ ٿ<br />
ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ<br />
ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇچ . ٤٩<br />
ونقف هنا عند بعضض الٓراء والروايات التاريخية التي يظهر منها أن عدد من خرج مع<br />
موسسى من مصر كان حوالي سستة آلاف فقط أو ١٥ ألفاً على بعضض الروايات. أما تلك<br />
الفترة من الناحية التاريخية فكانت على ما يبدو خلال القرن ال ١٣ قبل الميلاد.<br />
وكان خروج بني إسراءيل من مصر تحديداً في حوالي الشلش الٔخير من ذلك القرن. وهي<br />
فترة توافق حكم “رعمسسيسس الشاني” المششهور في هذا العصر ب“رمسسيسس الشاني” ، ٥٠<br />
ومن تقدير االله أن جشة هذا الفرعون معروضضة في أحد المتاحف المصرية الٓن، وهذا<br />
يذكرنا بقوله سسبهانه چڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈژ ژ ڑ ڑ ک<br />
ک ک کچ . ٥١ بل وتوءخذ جشته بين فترة وأخرى لتعرضض في متاحف البلاد<br />
الغربية، والناسس الذين يزورون جشته ينششغلون بالتأمل في علم التهنيط دون أن يذكروا<br />
آيات االله في هذا الفرعون!! فارجع لتقرأ مرة أخرى قوله تعالى چژ ڑ ڑ ک ک<br />
ک کچ . ٥٢<br />
وبعد إنقاذ االله سسبهانه لبني إسراءيل تبرز فصول معاناة موسسى وهارون معهم،<br />
ويظهر من صفات هوءلاء ضضعف الٕيمان والجهل والجبن، فما كادوا يخرجون من البهر<br />
حتى أتَوا على قوم يعبدون أصناماً چڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿچ !!، ٥٣ ثم<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٤
صصراع الهق والباطل<br />
عندما يذهب موسسى لميقات ربه، يعبد قومه العجل على الرغم من وجود<br />
٥٤<br />
هارون بينهم!! چھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭۇچ<br />
چپ پ پ ڀ ڀ ڀچ ، ٥٥ وكادوا يقتلون هارون عندما نهاهم عن<br />
٥٦<br />
كفرهم، وهو الذي قال لٔخيه موسسى چڤ ڦ ڦ ڦ ڦچ<br />
وغيرها من المواقف.<br />
ثم يقود موسسى بني إسراءيل باتجاه الٔرضض المقدسسة، ويقول لهم چھ ھ<br />
ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆچ ، ٥٧ ولكنهم<br />
يختارون الارتداد على أدبارهم!! چۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې<br />
ې ې ې ى ى ئا ئاچ ، ٥٨ ولا ينفع فيهم النصه فيكررون<br />
چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ<br />
ٺچ ...!! ٥٩ .<br />
ويعلق سسيد قطب، رحمه االله، على موقف بني إسراءيل هذا فيقول: “إن جبلة يهود<br />
لتبدو هنا على حقيقتها، مكششوفة بلا حجاب ولو رقيق من التجمل...، إن الخطر ماثل<br />
قريب، ومن ثم لا يعصمهم منه حتى وعد االله لهم بأنهم أصهاب الٔرضض، وأن االله قد<br />
كتبها لهم. فهم يريدون نصراً رخيصاً، لا ثمن له، ولا جهد فيه، نصراً مريهاً يتنزل<br />
عليهم تنزل المن والسسلوى”.... “وهكذا يخرج الجبناء فيتوقهون، ويفزعون من الخطر<br />
أمامهم، هكذا في وقاحة العاجز لا تكلفه وقاحة اللسسان إلا مدّ اللسسان... چڀ ڀ<br />
ڀچ! فليسس بربهم إذا كانت ربوبيته سستكلفهم القتال! چٺ ٺ ٺچ<br />
لا نريد ملكاً، ولا نريد عزاً، ولا نريد أرضض ميعاد... ودونها لقاء الجبارين، هذه نهاية<br />
المطاف بموسسى \، نهاية الجهد الجهيد، والسسفر الطويل، واحتمال الرذالات،<br />
والانهرافات، والالتواءات من بني إسراءيل!” . ٦٠<br />
ويتألم موسسى \ ويلجأ إلى ربه چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ<br />
ڦ ڦ ڦچ ، ٦١ ويسستجيب االله لنبيه چڄ ڄ ڄ ڄڃ ڃ ڃڃ<br />
چ چ چچچ ٦٢ وهكذا يهكم عليهم بالتيه بعد أن كانوا على أبواب الٔرضض<br />
المقدسسة، ويظهر أن االله سسبهانه قد حرمها على هذا الجيل من بني إسراءيل حتى<br />
ينششأ جيل غيره يصلب عوده في جو ٍّ من خششونة الصهراء، فهذا الجيل “أفسسده الذل،<br />
والاسستعباد، والطغيان في مصر، فلم يعد يصله لهذا الٔمر الجليل” . ٦٣<br />
٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وتوفي موسسى \ قبل أن يسستطيع دخول الٔرضض المقدسسة، وفي الهديش المتفق عليه<br />
عن أبي هريرة أن رسسول االله [ قال: إن موسسى عندما حان أجله قال: “رب أدنني من<br />
الٔرضض المقدسسة رمية بهجر” قال رسسول االله [ “واالله لو أني عنده لٔريتكم مكان قبره<br />
إلى جنب الطريق عند الكشيب الٔحمر” . ٦٤<br />
وبعد أن نششأ جيل صلب جديد، وبعد سسنوات التيه قاد بني إسراءيل نبي لهم هو<br />
يوششع بن نون \ Nun Joshua son of ويسسميه اليهود “يششوع” وهو الذي عبر<br />
بهم نهر الٔردن، وانتصر على أعداءه، واحتل مدينة أريها، وكان عبوره نهر الٔردن<br />
حوالي ١١٩٠ ق.م، ثم غزا “عاي” بجوار رام االله، وحاول فته القدسس، ولكنه لم<br />
يسستطع، وكان عدد اليهود قليلاً بهيش يصعب عليهم الانتششار، واحتلال كافة المناطق،<br />
والسسيطرة عليها . ٦٥ ومما نعلمه عن يوششع من حديش رسسول االله أن يوششع التقى<br />
أعداءه في معركة طالت حتى كادت الششمسس أن تغيب، فدعا االله ألا تغيب الششمسس حتى<br />
تنتهي المعركة، وينتصر، فاسستجاب االله لدعوته، فأخر غروب الششمسس حتى انتصر<br />
يوششع . ٦٦<br />
وبعد يوششع تولى قيادة اليهود زعماء عرفوا ب“القضضاة” وعرف عصرهم<br />
ب“عصر القضضاة”. وعلى الرغم من محاولاتهم إصلاه قومهم فقد سساد عصرهم الذي<br />
دام حوالي ١٥٠ سسنة الفوضضى والنكبات والخلافات والانهلال الخلقي والديني بين<br />
بني إسراءيل. وقد اسستوطنوا في تلك الفترة في الٔراضضي المرتفعة المهيطة بالقدسس وفي<br />
السسهول الششمالية في فلسسطين . ٦٧<br />
ولما ششعر بنو إسراءيل بهالهم المتردي طلب الملٔ منهم من نبيّ لهم, يقال أن اسسمه<br />
“صموءيل”, أن يبعش عليهم ملكاً يقاتلون تحت رايته في سسبيل االله، ولكن نبيهم الذي<br />
يعرف طباعهم قال لهم چٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦڦ ڦ ڄ<br />
ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چڇ ڇ ڇ ڇ ڍ<br />
ڍ ڌ ڌ ڎڎچ وأخبرهم نبيهم أن االله قد بعش عليهم طالوت ملكاً فاعترضضوا<br />
بأنهم چں ں ڻچ وأنه چڻ ڻ ڻ ۀ ۀہچ فقال لهم نبيهم إن االله<br />
اصطفاه عليهم وزاده بسسطة في العلم والجسسم.<br />
وتولى القاءد الموءمن طالوت المُلك على بني إسراءيل، وكان ذلك حوالي ١٠٢٥ ق.م،<br />
وتسسميه الروايات الٕسراءيلية “شاوءول”, وتسساقط أتباعه في الاختبار عندما ابتلاهم<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٦
صصراع الهق والباطل<br />
االله بنهر، ومنعهم من الشرب منه چ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ<br />
ڦڦچ ثم تسساقط الكشير من القليل الذي بقي في الاختبار التالي عندما رأوا جالوت<br />
وجنوده فقالوا چڃ ڃ ڃ چ چ چچ ولم تشبت في النهاية إلا ثلة<br />
قليلة موءمنة، أعطاها االله سسبهانه النصر، وقتل داود -وكان فتى في هذه المعركة-<br />
جالوت بالمقلاع . ٦٨<br />
ولا نعرف بعد ذلك ما حصل يقيناً لطالوت، غير أن الروايات الٕسراءيلية تذكر أنه<br />
في ١٠٠٤ ق.م تقريباً اسستطاع الفلسسطيون الانتصار على طالوت “شاوءول” في معركة<br />
جلبوع، وأنهم قتلوا ثلاثة من أبناءه، وأكرهوه على الانتهار وقطعوا رأسسه، وسسمّروا<br />
جسسده وأجسساد أولاده على سسور مدينة بيت ششان “بيسسان” . ٦٩<br />
وبتولي داود الهُكم بعد طالوت ١٠٠٤ ق.م، ينفته فصل جديد في تاريخ بني<br />
إسراءيل وفي انتششار وسسيطرة دعوة التوحيد على الٔرضض المباركة. إذ يُعدّ داود<br />
الموءسسسس الهقيقي لمملكة بني إسراءيل في فلسسطين، فقد قضضى اليهود الفترة التي سسبقت<br />
داود دون أن يملكوا سسوى سسلطان ضضئيل في أجزاء محدودة من فلسسطين، ودون أن<br />
يسستطيعوا أن يكونوا سسادتها...، ومضضى جميع عصر القضضاة في القتال الجزءي بجماعات<br />
صغيرة، حيش تُدافع كل جماعة (قبيلة) بمششقة عن قطعة الٔرضض التي اسستولت عليها . ٧٠<br />
ولد داود في بيت لهم، واسستمر حكمه أربعين عاماً تقريباً (١٠٠٤-٩٦٣ ق.م)<br />
وكانت عاصمة حكمه في البداية مدينة الخليل حيش مكش فيها سسبع سسنوات، ثم إنه فته<br />
القدسس حوالي ٩٩٥ ق.م فنقل عاصمته إليها، وواصل حربه ضضدّ الٔقوام الكافرة في<br />
الٔرضض المقدسسة حتى تمكن من إخضضاعها ٩٩٠ ق.م تقريباً، وأجبر دمششق على دفع<br />
الخراج، وأخضضع الموءابيين والٔيدوميين والعمونيين . ٧١ وهكذا سسيطر أتباع التوحيد، في<br />
ذلك الزمان، على معظم أنهاء فلسسطين. غير أن حدود مملكة داود في أغلب الظن لم<br />
تلامسس البهر إلا من مكان قريب من يوبا “يافا”، ويبدو أن حدود المملكة الٕسراءيلية<br />
في أوْجِ ها كانت ١٢٠ ميلاً (١٩١ كيلو متراً) في أطول أطوالها و٦٠ ميلاً (٩٧ كيلو متراً)<br />
في أعرضض عرضضها، وأقل من ذلك بكشير في أغلب الٔحيان، أي أن مسساحتها لم تزد عن<br />
٧٢٠٠ ميل مربع أي حوالي ١٩ ألف كم ، ٢ وهذا أقل من مسساحة فلسسطين الهالية بهوالي<br />
ثمانية آلاف كم . ٢ لقد سسيطر اليهود على المناطق المرتفعة لكنهم أخفقوا في السسيطرة<br />
على السسهول وخصوصاً أجزاء كبيرة من السساحل الفلسسطيني، وهي أجزاء لم تتم<br />
لدولتهم السسيطرة عليها إطلاقاً طوال قيامها . ٧٢<br />
٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وإذا كان يهود هذا الزمان يفاخرون بداود ويعدّون أنفسسهم حاملي لواءه<br />
وميراثه، فإن المسسلمين يعدّون أنفسسهم أحق بداود من بني إسراءيل، وهم يوءمنون به<br />
نبياً من أنبياء االله، ويهبونه ويكرمونه، ويفاخرون به لٔنه أنششأ دولة الٕيمان القاءمة<br />
على التوحيد في فلسسطين، وهم السساءرون على دربه الهاملون لرايته في هذا الزمان بعد<br />
أن نكص عنها بنو إسراءيل، وكفروا وأشركوا، ونقضضوا عهودهم مع االله.<br />
ونعلم من القرآن الكريم أن االله سسبهانه قد رزق داود العلم والهكمة، وأنزل عليه<br />
الزبور، وأنه أوتي ملكاً قوياً، وأن الجبال والطيور كانت تسسبه معه، وتذكر االله عندما<br />
كان يتلو مزاميره بصوته الخاششع الموءثر چٻ پ پ پ پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ<br />
ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ<br />
ڦ ڦ ڄ ڄچ ، ٧٣ چئې ئې ئى ئى ئى ی ی ی ی ئج<br />
ئح ئم ئى ئي بج بح بخبمچ . ٧٤ وألانَ االله سسبهانه لداود الهديد فكان بين يديه<br />
كالششمع أو كالعجين يششكله كيف ششاء دون حاجة لصهره في النار، وهذه معجزة أعطاها<br />
االله لداود. وكان داود، بالرغم مما أوتي من ملك، يعمل بالهدادة، ولا يأكل إلا من عمل<br />
يده. وقد طور داود صناعة الدروع في زمانه، فبعد أن كان الدرع صفيهة واحدة تشقل<br />
حاملها، وتعيق حركته هداه االله إلى أن تكون حلقاً متداخلة تسسهل الهركة، ولا تنفذ منها<br />
السسهام... چۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋۅ ۅ ۉ ۉچ ، ٧٥<br />
چ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ ژ ژ ڑ ڑک ک ک ک گ گ گ گ<br />
ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱڱ ڱ ں ں ڻ ڻچ . ٧٦<br />
وورش سسليمان \ أباه داود في العلم والهكم والنبوة، وتششير الروايات إلى أن<br />
سسليمان كان واحداً من ١٩ ابناً لداود، وأن سسليمان ولد في القدسس، وأن حكمه في الٔرضض<br />
المباركة اسستمر حوالي أربعين عاماً (٩٦٣-٩٢٣ ق.م) . ٧٧ وقد وهب االله سسبهانه<br />
سسليمان ملكاً لا يهصل لٔحد بعده، فقد سسخر االله له الجن لخدمته، كما سسخر له الريه<br />
تجري بأمره، واششتهر سسليمان بهكمته وعدله وقوة سسلطانه، كما علمه االله لغة الطير<br />
والهيوانات.<br />
لقد كان ملك سسليمان بهد ذاته معجزة ربانية أعطاها االله له دلالة على نبوته، وقد<br />
نعمت فلسسطين بهذا الهكم الٕيماني المعجزة الذي تدعمه قوى الجن والٕنسس والطير<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٨
صصراع الهق والباطل<br />
والريه، وكرم االله سسليمان بمعجزة إسسالة النهاسس له حتى كان يجري كأنه عين ماء<br />
متدفقة من الٔرضض. وششهدت مملكة سسليمان حركة بناء وعمران ضضخمة، كما امتد نفوذه<br />
ليصل مملكة سسبأ في اليمن.<br />
ولقد جاء ذكر سسليمان مرات عديدة في القرآن الكريم مششيراً إلى علمه وملكه ونبوته،<br />
قال تعالى متهدثاً عن سسليمان چھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇۇ ۆ<br />
ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ئا<br />
ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ئى ئى ی<br />
ی یچ . ٧٨<br />
وقال تعالى چڦ ڦ ڦڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چچ<br />
ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ<br />
ڑچ ، ٧٩ وقال تعالى چڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہہ ہ ھ ھ ھھ ے<br />
ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ<br />
ۉ ې ې ې ې ى ى ئا ئا ئەئە ئو ئو ئۇ ئۇئۆ ئۆ ئۈ<br />
ئۈ ئې ئېچ ، ٨٠ وقال تعالى چې ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە<br />
ئوئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ<br />
٨٢<br />
پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ چ . ٨١ وقد عرفنا من القرآن قصص سسليمان مع النملة<br />
ومع الهدهد ٨٣ ومع بلقيسس ملكة سسبأ ٨٤ حيش انتهى الٔمر بإسسلامها چحم خج خح<br />
خم سج سح سخ سم صح صم ضجچ ، ٨٥ وقصته في القضضاء ببعضض الٔمور ، ٨٦<br />
وقصته في حبه للخيل ورعايته لها . ٨٧<br />
أما في حديش رسسول االله [ فنسستششف منه أن سسليمان كان ذا قوة بدنية هاءلة، وأنه<br />
كان محباً للجهاد في سسبيل االله، وأنه كان له زوجات كشيرات، فعن أبي هريرة ] أن<br />
رسسول االله [ قال: “قال سسليمان: لٔطوفن الليلة على تسسعين، وفي رواية: بمئة امرأة،<br />
كلهن تأتي بفارسس يجاهد في سسبيل االله، فقال له الملك: قل إن ششاء االله، فلم يقل ونسسي<br />
فطاف عليهن، فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بششق رجل، وأيم الذي نفسس محمد بيده<br />
لو قال: إن ششاء االله لجاهدوا في سسبيل االله فرسساناً أجمعون” . ٨٨<br />
وكانت وفاة سسليمان \ آية من آيات االله ودرسساً من الدروسس للٕنسس والجن، بأن<br />
الجن لا يعلمون الغيب؛ إذ إن سسليمان وقف يصلي في المهراب وهو متكئ على<br />
٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
عصاه فمات وهو كذلك، ومكش فترة طويلة والجن تعمل تلك الٔعمال الششاقة دون أن<br />
تدري بموته حتى أكلت الٔرضضة عصاه فسسقط على الٔرضض، قال تعالى چئې ئى<br />
ئى ئى ی ی ی ی ئج ئح ئم ئى ئيبج بح بخ بم بى بي تج تح<br />
تخ تم تى تي ثج ثم ثىچ . ٨٩<br />
رابعاً: مملكتا إسسراءيل ويهودا:<br />
اسستمر حكم داود وسسليمان حوالي ثمانين عاماً وهو العصر الذهبي الذي حُ كمت فيه<br />
فلسسطين تحت راية التوحيد والٕيمان قبل الفته الٕسسلامي لها.<br />
وبعد وفاة سسليمان انقسسمت مملكته إلى قسسمين ششكلا دولتين منفصلتين متعاديتين في<br />
كشير من الٔحيان، وعانتا من الفسساد الداخلي والضضعف العسسكري والسسياسسي والنفوذ<br />
الخارجي، فعند وفاة سسليمان اجتمع ممشلو قباءل بني إسراءيل ال ١٢ في ششكيم “قرب نابلسس”<br />
لمبايعة رحبعام بن سسليمان، ولكن ممشلي عشر قباءل اتفقوا على عدم مبايعته؛ لٔنه لم<br />
يعدهم، حسسب الروايات، بتخفيف الضراءب، وانتخبوا بدلاً منه “يربعام” من قبيلة<br />
أفرايم ملكاً، وأطلقوا اسسم “إسراءيل” على مملكتهم، وعاصمتهم ششكيم (ثم ترزة ثم<br />
السسامرة). أما قبيلتا يهودا وبنيامين فقد حافظتا على ولاءهما لرحبعام بن سسليمان<br />
،Rehoboam ben Solomon وكوّنتا تحت حكمه مملكة “يهودا“ وعاصمتها القدسس . ٩٠<br />
أما مملكة “إسراءيل” فقد اسستمرت خلال الفترة ٩٢٣-٧٢١ ق.م، وقد سسمتها<br />
داءرة المعارف البريطانية ازدراء “المملكة الذيلية”، وقد خسرت بسسبب غزو الدمششقيين<br />
كل الٔراضضي الواقعة شرقي الٔردن وششمال اليرموك. وكان “عمري” أششهر ملوك<br />
مملكة إسراءيل ٨٨٥-٨٧٤ ق.م بني السسامرة، وجعلها عاصمته، أما خليفته<br />
“آخاب” ٨٧٤-٨٥٢ ق.م، فقد سسمه لزوجته “إيزابل” بنت ملك صيدا وصور<br />
بفرضض عبادة الٕله الفينيقي “بعل” مما أدى إلى ثورة قام بها أحد الضضباط واسسمه<br />
“ياهو” أطاحت بآخاب، وأعاد عبادة يهوه .Yahweh<br />
وفي عهد “يربعام الشاني” ٧٨٥-٧٤٥ ق.م وهو الشالش من سسلالة ياهو توسسعت<br />
مملكته ششمالاً على حسساب الٓراميين، لكن ذلك لم يسستمر طويلاً؛ إذ أدى ظهور الملك<br />
الٓششوري “تجلات بلسر َّ الشالش” ٧٤٥-٧٢٧ ق.م إلى الهد من هذا التوسسع، وقام<br />
خليفته “ششلمنصر الخامسس”، ومن بعده “سرجون الشاني” بتأديب “هوششع” آخر<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٠
صصراع الهق والباطل<br />
ملوك إسراءيل، وقضضى على دولته سسنة ٧٢١ ق.م. وقام الٓششوريون بنقل سسكان<br />
إسراءيل إلى حران والخابور وكردسستان وفارسس وأحلوا مكانهم جماعات من الٓراميين.<br />
ويظهر أن المنفيين الٕسراءيليين اندمجوا تماماً في الششعوب المجاورة لهم في المنفى، فلم<br />
يبقَ بعد ذلك أثر للٔسسباط العشرة من بني إسراءيل . ٩١<br />
أما مملكة “يهودا” ٩٢٣-٥٨٦ ق.م فهسسب الروايات الٕسراءيلية (وهي توءخذ<br />
بتفهص وحذر؛ حيش لا يوجد بين أيدينا ما ينفي أو يشبت الكشير مما فيها) فقد انتشرت<br />
في حكم يربعام بن سسليمان ٩٢٣-٩١٦ ق.م العبادة الوثنية، وفسسدت أخلاق القوم<br />
بششيوع اللواط، وعندما خلفه ابنه “أبيام” ٩١٥-٩١٣ ق.م بقيت الٔخلاق فاسسدة...،<br />
وعندما حكم يهورام بن يهوششفاط ٨٤٩-٨٤٢ Jehoram ben Jehoshafat ق.م قَتَل<br />
إخوته السستة مع جماعة من روءسساء القوم...، أما يوحاز بن يوتام ٧٣٥-٧١٥ ق.م،<br />
فيُقال أنه علق قلبه بهب الٔوثان حتى إنه ضضهى بأولاده على مذابه الٓلهة الوثنية، وأطلق<br />
لنفسسه عنان الششهوات والشرور. وأما منسسي بن حزقيا Manasseh ben Hezekiah<br />
الذي حكم ٦٨٧-٦٤٢ ق.م فيُقال أنه أضضلّ قومه عن عبادة االله، وأقام معابد وثنية . ٩٢<br />
ولسسنا نسستغرب هذا عن بني إسراءيل فتلك أخلاقهم مع موسسى \ تششهد بذلك،<br />
كما أن القرآن الكريم يششير إلى أنهم غيروا وبدلوا وحرفوا كلام االله وقتلوا الٔنبياء<br />
چئە ئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈئۈ ئې ئې ئې ئى ئى ئى<br />
ی ی ی ی ئجچ . ٩٣ ويهدثنا التاريخ أنهم قتلوا النبي “حزقيال”<br />
حيش قتله قاضض ٍمن قضضاتهم، لٔنه نهاه عن منكرات فعلها؛ وأن الملك منسسي )بن حزقيا(<br />
قتل النبي أششعيا بن أموص، إذ أمر بنشره على جذع ششجرة، لٔنه نصهه ووعظه؛ وأن<br />
اليهود قتلوا النبي إرميا رجماً بالهجارة، لٔنه وبخهم على منكرات فعلوها . ٩٤<br />
ويظهر أن مملكة يهودا قد اعترتها عوامل الضضعف والوقوع تحت النفوذ الخارجي<br />
فترات طويلة، فقد هوجمت مرات عديدة وهزمت، ودخل المهاجمون القدسس نفسسها، كما<br />
فعل ششيششق فرعون مصر عندما دخل القدسس واسستولى على ما فيها (أواخر القرن ١٠ ق.م)،<br />
وهاجم الفلسسطينيون والعرب القدسس في عهد يهورام ٨٤٩-٨٤٢ ق.م فدخلوها<br />
واسستولوا على قصر يهورام وسسبوا بنيه ونسساءه، أما الملك حزقيا ٧١٥-٦٨٧ ق.م<br />
فقد اضضطر لٕعلان خضضوعه التام لملك الٓششوريين سرجون الشاني بعد أن أسسقط مملكة<br />
إسراءيل.<br />
٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ودفع منسسي بن حزقيا الجزية ل“أسرحدون” Esarhaddon و“آششور بانيبال”<br />
Ashurbanipal ملكي آششور...، وقد قيد الٓششوريون هذا الملك بسسلاسسل من نهاسس،<br />
وذهبوا به إلى بابل، ثم عاد للقدسس ومات بها. وأيام حكم “يوششيا بن آمون“<br />
٦٤٠-٦٠٩ ق.م تقدم فرعون مصر “نخاو” إلى فلسسطين، حيش هزم يوششيا، وأرسسله<br />
لمصر أسسيراً؛ حيش مات هناك، ووضضع مكانه “يهوياقيم بن يوششيا” ٦٠٩-٥٩٨ ق.م،<br />
وقد أرهق هذا الهاكم الششعب بالضراءب ليدفع الجزية لسسيده المصري، ورجع إلى عبادة<br />
الٔوثان. وفي أيام يهوياقيم هزم نبوخذ نصر “بختنصر” Nebuchadnezzar البابلي<br />
“نخاو” المصري ششمال سسورية ٦٠٥ ق.م، وزحف إلى أن وصل للقدسس، وأخضضع<br />
يهوياقيم وأذله، وأدخل البلد تحت نفوذه، ولما ثار يهوياقيم على بختنصر دخل الٔخير<br />
وجيششه القدسس، وقيد يهوياقيم بسسلاسسل من نهاسس؛ حيش مات بعد مدة . ٩٥<br />
وعندما حكم يهوياكين ٥٩٨-٥٩٧ ق.م حاصر بختنصر القدسس، وأَخَ ذَ الملك<br />
يهوياكين مع عاءلته وروءسساء اليهود وحوالي عشرة آلاف من سسكانها (فيما يعرف<br />
بالسسبي الٔول) وبعضض خزاءن الهيكل إلى بابل، ثم إن بختنصر عين َّ صدقيا<br />
بن يوششيا ٥٩٧-٥٨٦ Zedekiah son of Josiah ق.م حيش أقسسم له يمين الولاء،<br />
غير أن صدقيا ثار في آخر حكمه على البابليين، الذين ما لبشوا أن زحفوا للقدسس<br />
وحاصروها ١٨ ششهراً حتى أسسقطوها، وأُخذ صدقيا أسسيراً وربط بسسلاسسل من<br />
نهاسس وسسيق إلى بابل؛ حيش يُذكر أنه قُتل أبناوءه أمامه ُ وسملت عيونه، وخرب نبوخذ<br />
نصر القدسس، ودمر الهيكل ونهب الخزاءن والثروات، وجمع حوالي ٤٠ ألفاً من<br />
اليهود وسسباهم إلى بابل (السسبي البابلي الشاني) وهاجر من بقي من يهود إلى مصر<br />
ومنهم النبي إرميا. وبذلك سسقطت مملكة يهودا ٥٨٦ ق.م . ٩٦<br />
ويسسجل التلمود أن سسقوط دولة اليهود وتدميرها لم يكن إلا “عندما بلغت ذنوب<br />
بني إسراءيل مبلغها، وفاقت حدود ما يطيقه الٕله العظيم، وعندما رفضضوا أن ينصتوا<br />
لكلمات وتحذيرات إرميا”. وبعد تدمير الهيكل، وجه النبي إرميا كلامه إلى نبوخذ نصر<br />
قاءلاً: “لا تظن أنك بقوتك وحدها اسستطعت أن تتغلب على ششعب االله المختار، إنها ذنوبهم<br />
الفاجرة التي سساقتهم إلى هذا العذاب” . ٩٧<br />
وتششير التوراة إلى آثام بني إسراءيل التي اسستهقوا بسسببها سسقوط مملكتهم،<br />
فتذكر على لسسان أششعيا، وهو أحد أنبياءهم قوله “ويل للٔمة الخاطئة، الششعب الشقيل<br />
الٓثم، نسسل فاعلي الشر، أولاد مفسسدين تركوا الرب، اسستهانوا بقدوسس إسراءيل،<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٢
صصراع الهق والباطل<br />
ارتدوا إلى وراء” سسفر أششعيا - الٕصهاه الٔول (٤)، وتقول التوراة “والٔرضض<br />
تدنسست تحت سسكانها؛ لٔنهم تعدوا الشراءع، غيروا الفريضضة، نكشوا العهد الٔبدي”<br />
سسفر أششعيا - الٕصهاه (٥). ٢٤<br />
خامسساً: تداول الهيمنة الفارسسية والٕغريقية<br />
والرومانية على فلسسطين:<br />
عاشش اليهود بعد سسقوط ملكهم في فلسسطين مرحلة “السسبي البابلي” في العراق، وهي<br />
الفترة التي يظهر أنهم بدأوا فيها بتدوين التوراة، أي بعد ما لا يقل عن ٧٠٠ سسنة من<br />
ظهور موسسى \، ولم ينتهوا من تدوينها إلا أواخر القرن الشاني ق.م (بعد أكثر من<br />
٤٠٠ سسنة) وخلال هذه الفترة كان اليهود قد تركوا الالتزام بدينهم، وقلدوا الدول التي<br />
يعيششون فيها بعبادة الٔوثان.<br />
ولاحت الفرصة لليهود للعودة مرة أخرى إلى فلسسطين عندما أسسقط الٕمبراطور<br />
الفارسسي قورشش الشاني Cyrus II الدولة البابلية الكلدانية ٥٣٩ ق.م بمسساعدة يهودية،<br />
وانتصر على ميديا، ومد َّ نفوذه إلى فلسسطين التي دخلت في عصر السسيطرة الفارسسية<br />
٥٣٩-٣٣٢ ق.م، فقد سسمه قورشش بعودة اليهود إلى فلسسطين كما سسمه لهم بإعادة<br />
بناء الهيكل في القدسس، غير أن القليل من اليهود انتهزوا الفرصة؛ لٔن الكشير من السسبي<br />
أعجبتهم الٔرضض الجديدة، ولكن القلة المتششددة التي عارضضت الاندماج حفظت<br />
بني إسراءيل من الاندثار.<br />
ويذكر أحد الموءرخين أن عدد الراجعين كانوا ٤٢ ألفاً وهم أقلية بالنسسبة للعدد<br />
الهقيقي. وقام هوءلاء اليهود ببناء الهيكل؛ حيش اكتمل بناوءه في ٥١٥ ق.م، وفي منطقة<br />
القدسس تمتع اليهود بنوع من الاسستقلال الذاتي تحت الهيمنة الفارسسية، وهو حكم لم<br />
يكن يتجاوز نصف قطره عشرين كيلو متراً في أي اتجاه (أي ما لا يزيد عن ١٢٥٧ كم ، ٢<br />
وهو أقل من ٥٪ من مسساحة فلسسطين) . ٩٨<br />
وفي ٣٣٢ ق.م احتل الٕسسكندر المقدوني Alexander III of Macedon فلسسطين في<br />
إطار حملته الششهيرة التي احتل خلالها بلاد الششام ومصر والعراق وإيران وأجزاء من<br />
الهند، وقد ترك الٕسسكندر اليهود دون أن يمسسهم، ومنذ ذلك التاريخ دخلت فلسسطين في<br />
عصر السسيطرة الهللينية الٕغريقية الذي اسستمر حتى ٦٣ ق.م.<br />
٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وبعد موت الٕسسكندر نششب نزاع بين قادته أدى إلى توزيع مملكته بينهم فكانت<br />
فلسسطين (وباقي سسورية المجوفة من جنوب اللاذقية ولبنان وأجزاء من سسورية<br />
كدمششق) ومصر وبرقة (ليبيا) وبعضض جزر البهر الٕيجي من نصيب القاءد بطليموسس<br />
الٔول ،Ptolemy I Soter وسسمي حكمه وحكم خلفاءه من بعده ب”عصر البطالمة“ وقد<br />
اسستمر في فلسسطين من ٣٠٢-١٩٨ ق.م، وقد عطف البطالمة على اليهود الذين كان يدير<br />
شوءونهم “الكاهن الٔكبر”. ثم إن السسلوقيين (الذين كان نصيبهم بعد وفاة الٕسسكندر<br />
سسورية الششمالية وآسسيا الصغرى والرافدين والهضضبة الٕيرانية) اسستطاعوا السسيطرة<br />
على فلسسطين إثر معركة بانيون Paneion التي حقق فيها الملك السسلوقي أنطيوخوسس<br />
الشالش Antiochus III the Great نصراً كاملاً على البطالمة، وقد اسستمرت سسيطرة<br />
السسلوقيين على فلسسطين حتى ٦٣ ق.م . ٩٩<br />
وقد حاول السسلوقيون صبغ اليهود بالصبغة الهللينية الٕغريقية، فهاول أنطيوخوسس<br />
الرابع Antiochus IV Epiphanes صرف اليهود عن دينهم وأرسسل في ١٦٧ ق.م أحد<br />
قادته وكلفه إلغاء الطقوسس الدينية اليهودية والاسستعاضضة بالٕله زيوسس Zeus الٔوليمبي<br />
عن الٕله يهوه، وعين َّ لهم كاهناً إغريقياً وثنياً في القدسس، وحر َّم الختان، واقتناء الٔسسفار<br />
المقدسسة، وأوجب أكل لهم الخنزير، وبموجب هذه الٔوامر انقسسم اليهود إلى قسسمين:<br />
قسسم انصرف عن الشريعة مقتنعاً أو مكرهاً وهم “المتهلنون” أو “المتأغرقون” وأقاموا<br />
في القدسس والمدن الٕغريقية، وقسسم آخر أقل عدداً هربوا من القدسس، وأطلق عليهم اسسم<br />
“حزب القديسسين”. وبششكل عام تأثر اليهود بالٕغريقية فهلت الٓرامية محل العبرية،<br />
وأصبهت اليونانية لغة الطبقة المشقفة، ونششأ في اليهود جماعة تناصر اليونانيين تمكنوا<br />
من الوصول للهكم بقيادة كبير الكهنة جيسسون . ١٠٠ Jason<br />
أما الذين هربوا من القدسس “حزب القديسسين” فقد اعتمدوا لقيادتهم متاثياسس (متاييه)<br />
كبير عاءلة الٔششمونيين، والذي مات بعد فترة قصيرة، فخلفه ابنه يهوذا الملقب “المكابي”<br />
أي المطرقة، وقد ثار على السسلوقيين وانتصر عليهم أكثر من مرة ١٦٦-١٦٥ ق.م، وانضضم<br />
إليه قسسم كبير من المترددين اليهود. وهذا دفع أنطيوخوسس الرابع لٕيقاف اضضطهاد<br />
اليهود فسسمه لهم بممارسسة دينهم جنباً إلى جنب مع أنصار التأغرق. وعاد “المكابيون“<br />
إلى القدسس في ١٦٤/١/٢٥ ق.م، وما زال اليهود يهتفلون بهذه المناسسبة تحت اسسم عيد<br />
الٔنوار “حانوكا” . ١٠١ Hanukkah<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٤
صصراع الهق والباطل<br />
تأسسسس لليهود بعد ذلك حكم ذاتي في القدسس أخذ يتسسع أو يضضيق وتزداد مظاهر<br />
اسستقلاله أو تضضعف حسسب صراع القوى الكبرى على فلسسطين (الرومان، البطالمة،<br />
السسلوقيين...). وأصبه الهكم وراثياً في ذرية يهودا المكابي، وقد حكم المكابيون ك”كبار<br />
كهنة”، وسرعان ما سسموا أنفسسهم ملوكاً على الرغم من أنهم كانوا تابعين، ويدفعون<br />
الخراج للسسلوقيين، وفي ١٤٣ ق.م أعفى الٕمبراطور ديمتريوسس الشاني Demetrius II<br />
اليهود من الضراءب، وأعطى لقب حاكم ل”سسيمون” Simon واتفق اليهود على اعتباره<br />
ملكهم، وبذلك تأسسسس حكم ملكي اعترف به السسلوقيون الذين “أعطوا سسيمون أيضضاً حق<br />
صك النقود” . ١٠٢<br />
وفي عهد الملك اليهودي ألكسسندر جانيوسس ١٠٣-٧٦ Alexander Jannaeus ق.م<br />
ششمل حكمه شرق الٔردن الذي سسماه اليهود بيريا، وتوغل إلى السساحل أيضضاً، وكادت<br />
حدود مملكته تلامسس حدود مملكة سسليمان. وقد حكمت بعده أرملته سسالوم ألكسسندرا<br />
Alexandra Salome حتى ٦٧ ق.م، ثم تخاصم ابناها على الهكم، وتدخل العرب الٔنباط<br />
في مسساعدة هيركانوسس الشاني Hyrcanus II ضضدّ أخيه أريسستوبولوسس .Aristobulus<br />
وفي ٦٣ ق.م قضضى القاءد الروماني الششهير بومبي Pompey على “الدويلة” اليهودية،<br />
َّ ونصب هيركانوسس الشاني كبيراً للكهنة، وحط َّ م أسسوار القدسس، وبتر الٔجزاء الٔخرى من<br />
أيدي اليهود، وأبقى على اسستمرار الٔسرة المكابية في ظلّ الرومان . ١٠٣<br />
وفي الفترة ٤٧-٤٠ ق.م دخلت “المسستعمرة” اليهودية تحت سسيطرة حاكم<br />
أيدومية “أنتي بيتر” Antipater I the Idumaean وفي ٤٠ ق.م هاجم الفرسس فلسسطين<br />
ونصبوا “أنتي جونوسس” Antigonus أخو “هركانوسس الشاني” حاكماً وكبيراً للكهنة،<br />
حيش اسستمر حكم “أنتي جونوسس” ثلاش سسنوات، وكان هو آخر حكام الٔسرة المكابية.<br />
وفي ٣٧ ق.م انتصر الرومان على الفرسس، واسستعادوا السسيطرة على فلسسطين،<br />
ونصبوا هيردوسس Herod بن أنتي بيتر حاكماً، وبالرغم من أن هيردوسس قد تهوّد،<br />
وحاول اسسترضضاء اليهود إلا أنه كان مبغوضضاً من قبلهم، وكان هو بششكل عام طاغية<br />
ظالماً ششديد الولاء للرومان، وقد قام بتجديد الهيكل فضضاعف مسساحته ورفع سسطهه<br />
وجعله على جانب عظيم من الٕتقان والهندسسة . ١٠٤<br />
اسستمر حكم هيردوسس حتى سسنة ٤ ق.م، وعاصره من الٔنبياء زكريا وابنه يهيى<br />
كما عاصرته مريم بنت عمران ، وفي آخر أيامه ولد المسسيه \.<br />
٣٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
كان زكريا \ يعمل نجاراً، وقد تولى كفالة مريم بنت عمران، ورزقه االله سسبهانه<br />
ولداً هو يهيى \، بعد أن بلغ الكبر وكانت امرأته عاقراً. وكان لزكريا ويهيى جهود<br />
كبيرة في دعوة بني إسراءيل للهداية والهق. وقد جاءت البششارة بيهيى بأنه سسيكون<br />
چڄ ڄ ڄ ڄ ڃچ ، ١٠٥ أي يسسود قومه ويفوقهم ويهبسس نفسسه عن<br />
الششهوات عفة وزهداً ويكون نبيا١٠٦ً . فلما ولد يهيى وبلغ السسن الذي يوءمر فيه، قال<br />
له تعالى چٱ ٻ ٻ ٻٻچ ، ١٠٧ أي خُ ذ ما في كتاب االله بجد واجتهاد، وآتاه<br />
االله الهكمة ورجاحة العقل منذ صغره چپ پ پچ . ١٠٨ وقام يهيى بواجبه<br />
في الدعوى والٔمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد اششتهر في الٔدبيات المسسيهية باسسم<br />
“يوحنا المعمدان”؛ والمعمدان نسسبة إلى ما ذُكر أنه كان يُعم ِّد الناسس (يغسسلهم بالماء)<br />
لتطهيرهم من الخطايا، وكان يهيى يبشر بقدوم المسسيه \.<br />
وقد دفع يهيى \ حياته ثمناً لموقفه الصلب من رغبة هيردوسس بالزواج من ابنة<br />
أخيه (وقيل ابنة أخته) حين أنكر ذلك، وكانت هذه الفتاة واسسمها “هيروديا” بارعة<br />
الجمال، فهقدت أم الفتاة والفتاة على يهيى، وتزينت البنت، ودخلت على هيردوسس<br />
فرقصت أمامه حتى ملكت مششاعره، فطلب منها أن تتمنى فتمنت رأسس يهيى، فاسستجاب<br />
لها وقتل يهيى وقدم رأسسه على طبق هدية لها ١٠٩ چٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ<br />
ڦ ڦچ . ١١٠<br />
ولم يكتفِ هيردوسس بجريمته هذه؛ إذ إنه قتل زكريا \ أيضضاً؛ حيش نشره<br />
بالمنششار؛ لٔنه دافع عن ابنه يهيى، وعارضض صهة الزواج لمانع القرابة . ١١١<br />
وكانت أمها قد نذرتها<br />
أما مريم، سسيدة نسساء العالمين، فقد ولدت قبل يهيى<br />
وهي جنين في بطنها في سسبيل االله چئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې<br />
ئېچ ١١٢ واصطفى االله مريم چڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ<br />
ھ ھ ھ ھچ . ١١٣<br />
وقدر االله سسبهانه أن يجري معجزته العظيمة بأن تلد مريم ابنها المسسيه من دون<br />
أب، وأن يتم ذلك بكلمة من االله “كن”، ونقف هنا لنقرأ النص القرآني الموجز المعجز<br />
حول قصة المسسيه ورسسالته چئو ئو ئۇ ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې<br />
ئې ئى ئى ئى ی ی ی ی ئج ئح ئم ٱ ٻ ٻ ٻ<br />
ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺٿ ٿ ٿ ٿ<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٦
صصراع الهق والباطل<br />
ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ<br />
ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ڌ ڎ ڎ<br />
ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک کک گ گ گ گ<br />
ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ<br />
ہ ھ چ . ١١٤<br />
ولد عيسسى بن مريم حوالي ٤ ق.م في بيت لهم، وتذكر الروايات أن مريم هربت<br />
بعيسسى مع يوسسف “النجار” إلى مصر خوفاً على ابنها من ظلم هيرودسس وبطششه، ثم<br />
ما لبشوا أن عادوا بسرعة إلى مدينة الناصرة؛ حيش عاشش طفولته وششبّ على عوده هناك،<br />
ولذلك عرف باسسم “يسسوع الناصري” وسسمي أتباعه “النصارى” . ١١٥<br />
لقد كان عيسسى بن مريم آية من آيات االله حسسم حقيقة أمره أمام الناسس وهو رضضيع<br />
في مهده، فأكد أنه عبد االله وبشرهم بنبوته چڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک<br />
گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱچ . ١١٦<br />
وهناك في الٔرضض المباركة فلسسطين قام عيسسى \ بواجب الدعوة إلى االله، وبذل<br />
جهوداً كبيرة في هداية بني إسراءيل، وبشرهم بقدوم خاتم الٔنبياء محمد [ چٿ<br />
ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹچ . ١١٧ وعلى الرغم من المعجزات التي أجراها االله على يديه وما<br />
تضضمنته رسسالته من حقّ ونور إلا أن بني إسراءيل جهدوا وأنكروا وناصبوه العداء، ولم<br />
يوءمن به إلا عدد ضضئيل.<br />
ويذكر التاريخ أنه لما جاء عيد الفصه في ٣٠م ذهب المسسيه إلى أورششليم (القدسس)<br />
وزار الهيكل واسستنكر وجود الصيارفة والباعة ، ١١٨ وفي إنجيل متى (١٢/٢١-١٣)<br />
“ودخل يسسوع إلى هيكل االله، وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويششترون في الهيكل،<br />
وقلب مواءد الصيارفة وكراسسي باعة الهمام، وقال لهم: مكتوب أن بيتي ]هكذا النص[<br />
بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص” . ١١٩<br />
وقد حقد زعماء اليهود والوجهاء على المسسيه، وفي إنجيل لوقا (٤٧/١٩) “وكان يعلّم<br />
كل يوم في الهيكل وكان روءسساء الكهنة والكتبة مع وجوه الششعب يطلبون أن يهلكوه” ، ١٢٠<br />
وسسارع مجلسس اليهود الديني “السسنهدرين” Sanhedrin إلى الاجتماع، وقرر القبضض<br />
على المسسيه، وأصدر في الهال حكماً بإعدامه بتهمة التجديف، والخروج عن الدين، ثم<br />
إنهم سساقوه إلى الوالي الروماني -في ذلك الوقت- بيلاطسس البنطي ،Pontius Pilate الذي<br />
٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
يهق له وحده تنفيذ الٕعدام، ولم يجد هذا جرماً من المسسيه يوجب قتله، فقامت قيامة<br />
خصومه من اليهود، وأخذوا يصرخون بصوت واحد: اصلبه، اصلبه “دمه علينا وعلى<br />
أولادنا” . ١٢١<br />
وقد اضضطر كارهاً إلى الموافقة على إعدامه، غير أن االله سسبهانه أدركه برحمته، فرفعه<br />
إليه في الوقت الذي ظنّ فيه اليهود أنهم قتلوه چڃ چ چ چ چ ڇ ڇڇچ،<br />
چڳ ڳ ڳ ڳڱچ . ١٢٢<br />
وطويت هذه الصفهة من تاريخ الصراع بين الهق والباطل على الٔرضض المقدسسة،<br />
فقد كذب بنو إسراءيل بآخر نبي أرسسل إليهم، واتهموه بالسسهر وتآمروا عليه.<br />
وآمن بعيسسى الهواريون، وأخذوا ينشرون دعوته من بعده، ويلاقون في سسبيلها<br />
الاضضطهاد والٔذى، واسستمر الهواريون في دعوة اليهود، وكانوا يخطبون في الهيكل،<br />
ولما تضضاعف عدد النصارى بعد بضضع سسنوات خاف اليهود من انتششار الدعوة، وطلبوا<br />
القبضض على بطرسس Peter وغيره لمهاكمتهم أمام “السسنهدرين” إلا أن المجلسس اكتفى<br />
بجلدهم وأطلق سراحهم، وهرب المهتدون الجدد إلى السسامرة وقيسسارية وأنطاكية<br />
فأنششأوا الجماعات المسسيهية. ووصل بطرسس إلى روما؛ حيش أنششأ جماعة مسسيهية،<br />
وكان يركز في دعوته على اليهود، أمّا بولسس Paul فكان يدعو الوثنيين كما يدعو اليهود،<br />
واسستخدم في دعوته المصطلهات والمفاهيم الفلسسفية لتفسسير المسسيهية بما يتلاءم مع<br />
الشقافة الهلنسستية السساءدة آنذاك.<br />
وانتهى الٔمر ببولسس وبطرسس بأن حكم عليهما بالٕعدام في عهد الٕمبراطور الروماني<br />
نيرون Nerone في ٦٤م، غير أن رسسالة عيسسى \ ما لبشت أن تعرضضت للتششويه،<br />
وما لبش الٕنجيل الذي جاء به أن تعرضض للتهريف، وتأثر أتباعه من بعده بالهضضارة<br />
الهلنسستية ونظام الهكم الروماني، واختلطت دعوتهم بالكشير من التقاليد والطقوسس<br />
والتعاليم السساءدة في البلدان التي انتشرت فيها، فأصبه من السسهل على الششعوب اعتناقها،<br />
غير أن المسسيهية لم تنطلق من إطارها المهدود إلا بعد أن آمن بها الٕمبراطور قسسطنطين<br />
Constantine في ٣٢٥م وأصبهت الديانة الرسسمية للٕمبراطورية الرومانية ، ١٢٣ وقد<br />
اهتم قسسطنطين بفلسسطين، وبنى في القدسس كنيسسة الضريه المقدسس التي أصبهت أعظم<br />
الكناءسس المسسيهية ششأناً، وبنى فوق جبل الزيتون كنيسسة الصعود، وأقام كنيسسة الميلاد<br />
في بيت لهم، وعلى كل حال، فقد دخل أهل فلسسطين في ذلك الوقت في النصرانية إلى أن جاء<br />
الفته الٕسسلامي لها . ١٢٤<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٣٨
صصراع الهق والباطل<br />
سسادسساً: نهاية الوجود السسياسسي اليهودي في فلسسطين:<br />
ونعود مرة أخرى لنرى أحوال بني إسراءيل في فلسسطين بعد صعود المسسيه، فقد<br />
كان الرومان قد بدأوا حكماً مباشراً على القدسس وباقي فلسسطين منذ ٦م، بعد أن خلعوا<br />
أرخيليوسس الذي خلف أباه هيردوسس لسسوء حكمه، وفي عهد واليهم بيلاطسس البنطي<br />
٣٦-٢٦م حدثت وقاءع السسيد المسسيه \، وقد ثار اليهود على حكم الرومان في<br />
تشرين الشاني/ نوفمبر ٦٦م في عهد الٕمبراطور نيرون، واسستطاع القاءد العسسكري<br />
الروماني تيتوسس Titus إخماد هذه الشورة في أيلول/ سسبتمبر ٧٠م بعد أن اسستمرت<br />
أربع سسنوات فدخل القدسس بعد حصار ششديد، وأعمل القتل والنهب والهرق، ودمر<br />
الهيكل الذي بناه هيردوسس حتى لم يبقَ حجر على حجر، وأصبهت مدينة القدسس قاعاً<br />
صفصفاً، وبيع كشير من الٔسرى عبيداً في أسسواق الٕمبراطورية الرومانية بأبخسس<br />
الٔثمان، وكانت أمنية اليهودي أن يششتريه من يرفق به، فلا يرسسله إلى حلقة المصارعة<br />
مع الوحوشش التي اعتاد الرومان التلذذ بمنظرها وهي تلتهم الناسس، وبنى هذا القاءد<br />
قوسساً في روما بمناسسبة نصره على اليهود، وهو ما يزال قاءماً إلى الٓن، وعليه نقوشش<br />
ذكرى ذلك الانتصار، ويُرى فيه الششمعدان ذو الروءوسس السسبعة المششهور عند اليهود،<br />
والذي أخذه من الهيكل . ١٢٥<br />
ثار اليهود مرة أخرى على الرومان بقيادة باركوخبا Bar Kokhba واسسمه الٔصلي<br />
سسيمون Simon واسستمرت ثورتهم ثلاش سسنوات ١٣٥-١٣٢م، واجتمع تحت لواءه<br />
عدد كبير من اليهود، واسستطاع احتلال القدسس، غير أن الٕمبراطور الروماني هادريان<br />
Hadrian أرسسل جيششاً كبيراً بقيادة جوليوسس سسيفروسس Julius Severus الذي احتل<br />
القدسس ثانية وهزم اليهود، الذين هربوا إلى بت ِّير؛ حيش ما تزال خراءب القلعة التي تحصن<br />
فيها اليهود، وهزموا, وسسماها العرب “خربة اليهود”. وقد نك َّل هادريان بالشاءرين أششد<br />
تنكيل، ودمر “أورششليم” وحرش موقعها الذي كانت قاءمة عليه، وقتل وسسبى أعداداً<br />
كبيرة من اليهود، ثم منع اليهود من دخول القدسس والسسكن فيها، بل والدنوّ منها، وسسمه<br />
للمسسيهيين بالٕقامة فيها على ألا يكونوا من أصل يهودي. وأقام هادريان مدينة جديدة<br />
فوق خراءب “أورششليم” سسماها إيليا كابيتولينا، حيش عرفت بعد ذلك ب“إيلياء” وهو<br />
اسسم هادريان الٔول، وأقام هيكلاً وثنياً لٕله الرومان جوبيتر Jupiter على مكان الهيكل<br />
القديم نفسسه . ١٢٦<br />
٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
واسستمر حظر دخول القدسس على اليهود حوالي ٢٠٠ سسنة تالية ، ١٢٧ وندر دخولهم إليها<br />
وإقامتهم فيها طوال القرون التالية حتى القرن ال ١٩. وتشرد بنو إسراءيل في الٔرضض، ولم<br />
يعد لهم في فلسسطين سسوى الذكريات التي أكثرها كفر وفسسق وبغي وقتل للٔنبياء، فكان<br />
جزاوءهم غضضب االله عليهم ولعنته وحرمانهم من الٔرضض المقدسسة وتشردهم في الٔرضض.<br />
وفي نهاية هذا الفصل نذكر أهم الخلاصات:<br />
• إن سسكان فلسسطين قد جاء معظمهم من جزيرة العرب، وإنهم ظلّوا سسكان هذه<br />
البلاد حتى عصرنا هذا.<br />
• إن االله قد وعد بني إسراءيل الٔرضض المقدسسة عندما كانوا مسستقيمين على أمر االله،<br />
وعندما كانت تسسوسسهم الٔنبياء، فلما بدلوا وأعرضضوا وكفروا ذهب هذا الهق من<br />
أيديهم.<br />
• إن المسسلمين هم أولى من بني إسراءيل بأنبياءهم، وهم الورثة الهقيقيون لتراثهم،<br />
ودعوة الٕسسلام هي اسستمرار لدعوة هوءلاء الٔنبياء، وإن الهق الذي سسعوا لتكريسسه<br />
هو الهق الذي يسسعى المسسلمون لتكريسسه.<br />
• إن مُلك بني إسراءيل لم يششمل في أي يوم من الٔيام كل فلسسطين المعروفة بهدودها<br />
الهالية، وإن المدة التي حكموا فيها بششكل مسستقل تماماً هي مدة ضضئيلة قياسساً إلى<br />
تاريخ فلسسطين، وإنهم حتى عندما كانت لهم مملكتان كانوا في كشير من الٔحيان<br />
خاضضعين لنفوذ قوى أكبر منهم.<br />
• إن الهكم الذاتي الذي تمتع به اليهود بعد عودتهم من السسبي البابلي كان ضضعيفاً<br />
ومحدوداً بمنطقة القدسس وضضواحيها، ولم يتمتعوا بعد ذلك إلا باسستقلال محدود<br />
في عهد المكابيين.<br />
• إن اليهود بعد ذلك تشردوا في الٔرضض، ولم تعد لهم صلة بفلسسطين لفترة اسستمرت<br />
حوالي ١٩٠٠ سسنة متصلة.<br />
وفي الختام نذكر قول ه.ج. ولز H.G. Wells في كتاب موجز تاريخ العالم<br />
A Short History of the World حول تجربة بني إسراءيل في فلسسطين بعد السسبي<br />
البابلي: “كانت حياة العبرانيين ]في فلسسطين[ تششبه حياة رجل يصر على الٕقامة وسسط<br />
طريق مزدحم، فتدوسسه الهافلات والششاحنات باسستمرار، ومن الٔول إلى الٓخر لم تكن<br />
مملكتهم سسوى حادش طارئ في تاريخ مصر وسسورية وآششور وفينيقية، ذلك التاريخ<br />
الذي هو أكبر وأعظم من تاريخهم” . ١٢٨<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٠
صصراع الهق والباطل<br />
ويذكر الموءرخ المششهور جوسستاف لوبون Gustave Le Bon أن بني إسراءيل عندما<br />
اسستقروا في فلسسطين “لم يقتبسسوا من تلك الٔمم العليا سسوى أخسس ما في حضضارتها، أي لم<br />
يقتبسسوا غير عيوبها وعاداتها الضضارة ودعارتها وخرافاتها، فقربوا لجميع آلهة آسسيا،<br />
قربوا لعششتروت ولبعل ولمولوخ من القرابين ما هو أكثر جداً مما قربوه لٕله قبيلتهم<br />
يهوه العبوسس الهقود، الذي لم يشقوا به إلا قليلاً” ويقول: “اليهود عاششوا عيشش الفوضضى<br />
الهاءلة على الدوام تقريباً ولم يكن تاريخهم غير قصة لضروب المنكرات...”... “إن تاريخ<br />
اليهود في ضروب الهضضارة صفر... و(هم) لم يسستهقوا أن يعدوا من الٔمم المتمدنة بأي<br />
وجه”، ويقول غوسستاف لوبون أيضضاً “وبقي بنو إسراءيل حتى في عهد ملوكهم بدواً<br />
أفّاقين مفاجئين مغيرين سسفاكين... مندفعين في الخصام الوحششي”، ويقول: إن مزاج<br />
اليهود النفسسي “ظلّ على الدوام قريباً جداً من حال أششد الششعوب ابتداءية فقد كان اليهود<br />
عُ نُداً مندفعين غفلاً سسذجاً جفاة كالوحوشش والٔطفال”... “ولا تجد ششعباً عطل من الذوق<br />
الفني كما عطل اليهود” . ١٢٩<br />
٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
هوامشش الفصصل الأول<br />
١ القرآن الكريم، سسورة النهل: ٣٦.<br />
٢ القرآن الكريم، سسورة الششعراء: .١٧٦ ،١٦١ ،١٤١ ،١٢٣ ،١٠٥<br />
٣ انظر: عمر سسليمان الٔششقر، العقيدة في االله، ط ٥ (الكويت: مكتبية الفلاه، ١٩٨٤)، ص ٢٥٦-٢٦١.<br />
٤ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٦٤.<br />
٥ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ١٨١.<br />
٦ القرآن الكريم، سسورة التوبة: ٣٠.<br />
٧ انظر: محمد علي الزعبي، دقاءق النفسسية اليهودية (بيروت: بدون ناشر، ١٩٦٨)؛ وانظر أيضضاً: بولسس حنا سسعد،<br />
همجية التعاليم الصهيونية (بيروت: دار الكتاب العربي، ١٩٦٩).<br />
٨ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ٦٧-٦٨.<br />
٩ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٢٧-١٢٨.<br />
١٠ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٣٠-١٣٣.<br />
١١ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٣٦.<br />
١٢ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢١.<br />
١٣ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ١٥٧.<br />
١٤ القرآن الكريم، سسورة الصف: ٦.<br />
١٥ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ١٣.<br />
١٦ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٦٠.<br />
١٧ سسفر التكوين (١/١٢) نقلاً عن: سسمير أيوب، وثاءق أسساسسية في الصراع العربي الصهيوني (بيروت: دار<br />
الهداثة، ١٩٨٤)، ج ١، ص ٢٩.<br />
١٨ سسفر التكوين ١٤/١٣، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ج ١، ص ٣١-٣٢.<br />
١٩ سسفر التكوين ١٥، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ج ١، ص ٣٢.<br />
٢٠ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٢٤.<br />
٢١ انظر مشلاً: محمد أديب العامري، عروبة فلسسطين في التاريخ (صيدا - بيروت: المكتبة العصرية، ١٩٧٢).<br />
٢٢ حول الفقرات التاريخية السسابقة، انظر: المرجع نفسسه، ص ١٦-١٧، و٢٩، و٦٤، و٧٤-٧٣، و٨٤، و٨٦،<br />
و٩٧-٩٦.<br />
٢٣ سسنششير بالتفصيل إلى هذه التفاصيل لاحقاً.<br />
٢٤ الموسسوعة الفلسسطينية، إشراف أحمد المرعششلي (دمششق: هيئة الموسسوعة الفلسسطينية، ١٩٨٤)، ج ١، ص ٣٧.<br />
٢٥ انظر في القرآن الكريم حول ما سسبق من قصة إبراهيم \: سسورة البقرة: ٢٥٨، وسسورة الٔنبياء:٧١-٥١.<br />
٢٦ القرآن الكريم، سسورة الصافات: ٩٩؛ وانظر قصة إبراهيم \ بالتفصيل في: إسسماعيل بن كشير، البداية<br />
والنهاية، ط ٥ (بيروت: مكتبة دار المعارف، ١٩٨٣)، ج ١، ص ١٤٦-١٧٥.<br />
٢٧ محمد العامري، مرجع سسابق، ص ٩٥؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٣٧.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٢
صصراع الهق والباطل<br />
٢٨ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٧١.<br />
٢٩ محمد العامري، مرجع سسابق، ص ٩٨-٩٦؛ ومصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسسطين، ق ٢ في بيت المقدسس<br />
(١) (بيروت: دار الطليعة، ١٩٧٥)، ص ٩٦-٩٧.<br />
٣٠ القرآن الكريم، سسورة هود: ٧٢.<br />
٣١ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٢٧.<br />
٣٢ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٣٧.<br />
٣٣ المرجع نفسسه؛ والدباغ، بلادنا فلسسطين، ق (١)، ٢ ص ٢٥-٢٦.<br />
٣٤ متفق عليه.<br />
٣٥ القرآن الكريم، سسورة النهل: ١٢٠.<br />
٣٦ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ٨٠-٨٤.<br />
٣٧ القرآن الكريم، سسورة هود: ٨٢-٨٣.<br />
٣٨ القرآن الكريم، سسورة العنكبوت: ٣٢.<br />
٣٩ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٧٤.<br />
٤٠ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٧٢-٧٣.<br />
٤١ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٦٣٢-٦٣٣.<br />
٤٢ المرجع نفسسه.<br />
٤٣ القرآن الكريم، سسورة القصص: ٣٨.<br />
٤٤ القرآن الكريم، سسورة القصص: ٤.<br />
٤٥ القرآن الكريم، سسورة القصص: ٥-٦.<br />
٤٦ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ١٠٥-١٠٤؛ انظر قصة موسسى \ بالتفصيل في: ابن كشير، البداية<br />
والنهاية، ج ١، ص ٢٣٧-٣١٩.<br />
٤٧ انظر مشلاً في: القرآن الكريم، سسورة طه: ٤٢-٧٦.<br />
٤٨ القرآن الكريم، سسورة يونسس: ٨٣.<br />
٤٩ القرآن الكريم، سسورة الششعراء: ٦٣-٦٦.<br />
٥٠ انظر: الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٣٩٠-٣٩١.<br />
٥١ القرآن الكريم، سسورة يونسس: ٩٢.<br />
٥٢ القرآن الكريم، سسورة يونسس: ٩٢.<br />
٥٣ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ١٣٨.<br />
٥٤ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ١٤٨.<br />
٥٥ القرآن الكريم، سسورة طه: ٨٨.<br />
٥٦ القرآن الكريم، سسورة الٔعراف: ١٥٠.<br />
٥٧ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢١.<br />
٥٨ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢٢.<br />
٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٥٩ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢٤.<br />
٦٠ سسيد قطب، في ظلال القرآن، ط ٧ (بيروت: دار إحياء التراش العربي، ١٩٧١)، ج ٢، ص ٦٩٥-٦٩٧.<br />
٦١ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢٥.<br />
٦٢ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢٦.<br />
٦٣ سسيد قطب، في ظلال القرآن، ج ٢، ص ٦٩٨.<br />
٦٤ نقلاً عن: محمد عبد االله الخطيب التبريزي، مششكاة المصابيه، تحقيق محمد ناصر الدين الٔلباني (بيروت:<br />
المكتب الٕسسلامي، ١٩٨٥)، ج ٢، ص ١٥٩.<br />
٦٥ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ق (١)، ٢ ص ١٢١-١٢٢، و١٢٤، و١٣٨.<br />
٦٦ حديش رواه أحمد على شرط البخاري، وبنفسس معناه دون ذكر اسسم يوششع حديش رواه مسسلم وآخر رواه<br />
البزار، انظر: ابن كشير، تفسسير القرآن العظيم، ج ١، ص ٣٠٢-٣٠٣.<br />
٦٧ محمد العامري، مرجع سسابق، ص ١٣٨.<br />
٦٨ انظر: قصة بني إسراءيل مع نبيهم ومع طالوت في: القرآن الكريم، سسورة البقرة: ٢٤٦-٢٥١.<br />
٦٩ انظر: الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ١٨٤.<br />
٧٠ ظفر الٕسسلام خان، تاريخ فلسسطين القديم ١٢٢٠ ق.م -١٣٥٩م: منذ أول غزو يهودي حتى آخر غزو<br />
صليبي (بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٤)، ص ٣٥.<br />
٧١ المرجع نفسسه، ص ٤٣.<br />
٧٢ انظر: المرجع نفسسه، ص ٤٨-٤٩.<br />
٧٣ القرآن الكريم، سسورة ص: ١٧-٢٠<br />
٧٤ القرآن الكريم، سسورة ص: ٢٦.<br />
٧٥ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٨٠.<br />
٧٦ القرآن الكريم، سسورة سسبأ: ١٠-١١.<br />
٧٧ انظر: ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٤٥؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ١٨٤-١٨٥.<br />
٧٨ القرآن الكريم، سسورة ص: ٣٥-٤٠.<br />
٧٩ القرآن الكريم، سسورة النمل: ١٦-١٧.<br />
٨٠ القرآن الكريم، سسورة سسبأ: ١٢-١٣.<br />
٨١ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٨١-٨٢.<br />
٨٢ القرآن الكريم، سسورة النمل: ١٨.<br />
٨٣ القرآن الكريم، سسورة النمل: ٢٠-٢٨.<br />
٨٤ القرآن الكريم، سسورة النمل: ٢٢-٤٤.<br />
٨٥ القرآن الكريم، سسورة النمل: ٤٤.<br />
٨٦ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٧٨-٧٩.<br />
٨٧ القرآن الكريم، سسورة ص: ٣١-٣٤.<br />
٨٨ متفق عليه.<br />
٨٩ القرآن الكريم، سسورة سسبأ: ١٤.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٤
صصراع الهق والباطل<br />
٩٠ انظر: الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ١٨٥؛ وظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٤٦.<br />
٩١ انظر: الموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٣٨، وج ٣، ص ١٨٦-١٨٥؛ وظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٥٥.<br />
٩٢ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق (١)، ٢ ص ٤١-٥١.<br />
٩٣ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٧٠.<br />
٩٤ انظر: محمد علي الزعبي، مرجع سسابق، ص ٧٥.<br />
٩٥ انظر: الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق (١)، ٢ ص ٤١-٥١.<br />
٩٦ المرجع نفسسه، ص ٥٢-٥١؛ وظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٥٨-٥٩.<br />
٩٧ وظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٥٩.<br />
٩٨ المرجع نفسسه، ص ٦٤-٦٧.<br />
٩٩ المرجع نفسسه، ص ٦٨، و٧٤؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٢٦٦.<br />
١٠٠ ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٧٥؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٢٦٦.<br />
١٠١ ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٧٧؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٢٦٧.<br />
١٠٢ ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٧٩-٧٨؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٢٦٧-٢٦٨.<br />
١٠٣ ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٨٠-٨٤.<br />
١٠٤ المرجع نفسسه، ص ٨٧-٨٦؛ والدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق (١)، ٢ ص ٦٢.<br />
١٠٥ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ٣٩.<br />
١٠٦ محمد علي الصابوني، صفوة التفاسسير، ط ٣ (بيروت: دار القرآن الكريم، ١٩٨١)، ج ١، ص ٢٠١.<br />
١٠٧ القرآن الكريم، سسورة مريم: ١٢.<br />
١٠٨ القرآن الكريم، سسورة مريم: ١٢؛ وانظر: الصابوني، مرجع سسابق، ج ٢، ص ٢١٣.<br />
١٠٩ انظر: محمد علي الزعبي، مرجع سسابق، ص ٧٦.<br />
١١٠ القرآن الكريم، سسورة مريم: ١٥.<br />
١١١ ورد في الهديش أن زكريا نُشر بالمنششار. انظر قصة زكريا في: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٢، ص ٤٧-٥٥.<br />
١١٢ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ٣٧.<br />
١١٣ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ٤٢.<br />
١١٤ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ٤٥-٤٩.<br />
١١٥ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٢١٤.<br />
١١٦ القرآن الكريم، سسورة مريم: ٣٠-٣١.<br />
١١٧ القرآن الكريم، سسورة الصف: ٦.<br />
١١٨ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٢١٦.<br />
١١٩ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق (١)، ٢ ص ٦٦.<br />
١٢٠ نقلاً عن: المرجع نفسسه.<br />
١٢١ نقلاً عن: المرجع نفسسه.<br />
١٢٢ القرآن الكريم، سسورة النسساء: ١٥٧-١٥٨.<br />
٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١٢٣ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٢١٧.<br />
١٢٤ المرجع نفسسه، ج ٣، ص ٥٧٣.<br />
١٢٥ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق (١)، ٢ ص ٦٨-٧٠.<br />
١٢٦ المرجع نفسسه، ص ٧٢-٧١؛ وظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٩١-٩٣.<br />
١٢٧ ظفر الٕسسلام خان، مرجع سسابق، ص ٩٣.<br />
١٢٨ المرجع نفسسه، ص ٩٨.<br />
١٢٩ انظر: المرجع نفسسه، ص ١١٧-١٢٤.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٤٦
الفصصل الشاني<br />
الفته الٕسسلامي لفلسسطين
الفته الإسلامي لفلسطين<br />
أولاً: مكانة فلسسطين الٕسسلامية:<br />
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
تتمتع أرضض فلسسطين بمكانة خاصة في التصور الٕسسلامي، وهي المكانة التي جعلتها<br />
محط أنظار ومهوى أفئدة المسسلمين، وسسنششير هنا باختصار إلى أهم النقاط التي جعلتها<br />
تحظى بهذه المكانة:<br />
• في أرضض فلسسطين المسسجد الٔقصى المبارك، وهو أول قبلة للمسسلمين في صلاتهم، كما<br />
يعدّ ثالش المسساجد مكانة ومنزلة في الٕسسلام بعد المسسجد الهرام والمسسجد النبوي،<br />
ويُسسن ُّ ششدّ الرحال إليه وزيارته، والصلاة فيه ب ٥٠٠ صلاة عما سسواه في المسساجد.<br />
فعن أبي هريرة ] عن النبي ]قال: “لا تششد الرحال إلا إلى ثلاثة مسساجد: المسسجد<br />
الهرام ومسسجدي هذا والمسسجد الٔقصى” . ١<br />
وقال ]: “الصلاة في المسسجد الهرام بماءة ألف صلاة، والصلاة في مسسجدي بألف<br />
صلاة، والصلاة في بيت المقدسس بخمسسماءة صلاة” . ٢<br />
• أرضض فلسسطين أرضض مباركة بنص القرآن الكريم چٱ ٻ ٻ ٻ ٻ<br />
پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺچ ، ٣ وقال تعالى چې<br />
ې ې ى ى ئا ئاچ ، ٤ قال ابن كشير: بلاد الششام ، ٥ وقوله تعالى چې<br />
ې ې ى ى ئا ئا ئە ئە ئوئوچ ، ٦ قال ابن كشير: بلاد الششام ، ٧ وقال<br />
تعالى چڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑچ ، ٨ قال ابن عباسس:<br />
القرى التي باركنا فيها هي بيت المقدسس . ٩<br />
والبركة هنا حسسية ومعنوية... لما فيها من ثمار وخيرات، ولما خُ صت به من مكانة،<br />
ولكونها مقر الٔنبياء، ومهبط الملاءكة الٔطهار . ١٠<br />
• هي أرضض مقدسسة بنص القرآن الكريم، قال تعالى على لسسان موسسى چھ<br />
ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭچ . ١١ قال الزجاج: المقدسسة هي الطاهرة،<br />
وقيل سسماها مقدسسة لٔنها طهرت من الشرك، وجعلت مسسكناً للٔنبياء والموءمنين،<br />
قال الكلبي: الٔرضض المقدسسة هي دمششق وفلسسطين وبعضض الٔردن، وقال قتادة: هي<br />
الششام كلها . ١٢<br />
٤٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• فلسسطين أرضض الٔنبياء ومبعشهم فعلى أرضضها عاشش إبراهيم، وإسسهق،<br />
ويعقوب، ويوسسف، ولوط، وداود، وسسليمان، وصاله، وزكريا، ويهيى وعيسسى<br />
، ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم، كما عاشش على أرضضها الكشير من أنبياء<br />
بني إسراءيل الذين كانت تسسوسسهم الٔنبياء كلما هلك نبي جاءهم نبي، وممن ورد<br />
ذكرهم في الهديش الصهيه: نبي االله يوششع .<br />
• عندما يقرأ المسسلمون القرآن الكريم يششعرون بارتباط عظيم بينهم وبين هذه الٔرضض؛<br />
لٔن ميدان الصراع بين الهق والباطل تركز على هذه الٔرضض، ولٔنهم يوءمنون بأنهم<br />
حاملو ميراش الٔنبياء، ورافعو رايتهم.<br />
• المسسجد الٔقصى هو مسرى رسسول االله [ ومنه كان معراجه إلى السسماء، وفي هذا<br />
المسسجد جمع االله لرسسوله الٔنبياء من قبله، فأمّهم دلالة على انتقال الٕمامة والريادة<br />
وأعباء الرسسالة إلى الٔمة الٕسسلامية.<br />
• الملاءكة تبسسط أجنهتها على أرضض فلسسطين، التي هي جزء من الششام، ففي<br />
الهديش الصهيه عن زيد بن ثابت ] قال: سسمعت رسسول االله [ يقول: “يا طوبى<br />
للششام، يا طوبى للششام، قالوا: يا رسسول االله وبمَ ذلك؟ قال: تلك ملاءكة االله باسسطة<br />
أجنهتها على الششام” . ١٣<br />
• هي أرضض المهشر والمنشر، فقد روى الٕمام أحمد بسسنده عن ميمونة بنت سسعد مولاة<br />
النبي [ قالت: يا نبي االله أفتنا في بيت المقدسس فقال: “أرضض المهشر والمنشر” . ١٤<br />
• هي عقر دار الٕسسلام وقت اششتداد المهن والفتن، فعن سسلمة بن نفيل قال: قال<br />
رسسول االله ]: “عقر دار الٕسسلام بالششام” ، ١٥ وعن عبد االله بن عمرو قال:<br />
“قال رسسول االله ]: إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسسادتي، فنظرت فإذا<br />
نور سساطع عمد به إلى الششام، ألا إن الٕيمان إذا وقعت الفتن بالششام” . ١٦<br />
• المقيم المهتسسب فيها كالمجاهد والمرابط في سسبيل االله، فعن أبي الدرداء ] قال: قال<br />
رسسول االله ]: “أهل الششام وأزواجهم وذرياتهم وعبيدهم وإماوءهم إلى منتهى<br />
الجزيرة مرابطون في سسبيل االله، فمن احتل مدينة من المداءن فهو في رباط، ومن احتل<br />
منها ثغراً من الشغور فهو في جهاد” . ١٧<br />
• الطاءفة المنصورة الشابتة على الهق تسسكن الششام، وخصوصاً بيت المقدسس وأكنافها،<br />
وذلك في أحاديش يفسسر ويقوي بعضضها بعضضاً؛ فعن أبي أمامة مرفوعاً إلى<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٠
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
رسسول االله [ قال: “لا تزال طاءفة من أمتي ظاهرين على الهق لعدوهم قاهرين<br />
حتى يأتيهم أمر االله وهم كذلك، قيل يا رسسول االله أين هم؟ قال: ببيت المقدسس وأكناف<br />
بيت المقدسس” . ١٨<br />
هذه مكانة فلسسطين من الناحية الدينية، وهي مكانة جعلتها جزءاً من عقيدة المسسلمين<br />
ووجدانهم. وقد تعمقت هذه المكانة بالفته الٕسسلامي لفلسسطين، ووقوع عدد من المعارك<br />
الفاصلة في التاريخ الٕسسلامي على أرضضها كأجنادين، وفهل - بيسسان، واليرموك،<br />
وحطين، وعين جالوت. وباختلاط دماء الصهابة والتابعين والمجاهدين بثراها المبارك،<br />
وبهجرة وإقامة الكشير من الصهابة والتابعين والعلماء وأنسسالهم فيها، وببروز عدد من<br />
أبناءها كعلماء وقادة ورجال حكم.<br />
وهذا يقودنا إلى الٕششارة إلى أحد معالم الهل الٕسسلامي المنششود لتهرير الٔرضض<br />
المباركة، وهو توسسيع داءرة الصراع لتششمل كافة المسسلمين الموءمنين بهقهم فيها، وعدم<br />
التفريط بأي جزء منها باعتبارها أرضضاً إسسلامية مقدسسة، وباعتبارها جزءاً من عقيدة<br />
المسسلمين ووجدانهم. وإن اسستششعار المسسلمين بواجبهم تجاه تحرير أرضض الٕسراء،<br />
وقيامهم بخطوات عملية في هذا الٕطار هو ضضمانة حقيقية للسسير بخطوات جادة لتهقيق<br />
آمال المسسلمين باسستعادة أرضضهم ومقدسساتهم.<br />
ثانياً: أنظار المسسلمين تتجه إلى فلسسطين:<br />
اسستمرت الهيمنة الرومانية على فلسسطين بعد أن رفع االله سسبهانه المسسيه إليه، وفي عهد<br />
الٕمبراطور قسسطنطين الكبير (٣٣٧-٣٠٦م) تمّ الاعتراف رسسمياً بالمسسيهية في المرسسوم<br />
الششهير بمرسسوم ميلان Edict of Milan الصادر سسنة ٣١٣م، وقد تنصر قسسطنطين<br />
نفسسه، وأقام في مدينة القدسس “في المكان الذي يعتقد النصارى أن السسيد المسسيه دفن فيه”<br />
كنيسسة الضريه المقدسس التي أصبهت أعظم الكناءسس ششأناً عند النصارى، وبنى فوق<br />
جبل الزيتون كنيسسة الصعود، وأقام كنيسسة الميلاد في بيت لهم، وقسسطنطين نفسسه هو<br />
الذي بنى مدينة القسسطنطينية “إسسطنبول” ٣٣٠م.<br />
وقد انقسسمت الٕمبراطورية الرومانية إلى قسسمين شرقي وغربي، وذلك بعد موت<br />
الٕمبراطور ثيودوسسيوسس الٔول Theodosius I في ٣٩٥م، فتكونت الٕمبراطورية<br />
الرومانية الشرقية (الدولة البيزنطية) وعاصمتها القسسطنطينية، والٕمبراطورية<br />
٥١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الرومانية الغربية، وعاصمتها روما، وما لبشت الٕمبراطورية الغربية أن سسقطت في<br />
٤٧٦م لكن الٕمبراطورية الشرقية التي عرفها العرب بدولة الروم حافظت على الهيمنة<br />
على فلسسطين باسستشناء فترات ضضئيلة حتى جاء الفته الٕسسلامي . ١٩<br />
ولد رسسول االله [ سسنة ٥٧٠م وبعد أربعين سسنة نزل عليه الوحي، وتحمل أمانة<br />
الرسسالة والدعوة، ولقي في الفترة المكية التي اسستمرت ١٣ سسنة الكشير من العنت<br />
والٕيذاء ، ٢٠ ومنذ هذه الفترة وقبل أن تتششكل دولة الٕسسلام في المدينة كانت أنظار المسسلمين<br />
الٔواءل ترنو إلى المسسجد الٔقصى في فلسسطين فقد كان قبلتهم الٔولى في الصلاة ، ٢١ وجاءت<br />
معجزة الٕسراء من المسسجد الهرام إلى المسسجد الٔقصى، ثم المعراج إلى السسماء في<br />
السسنة العاشرة ٢٢ للبعشة النبوية لتوءكد عمق الارتباط بين الٕسسلام وبين أرضض فلسسطين<br />
المقدسسة؛ حيش يوجد المسسجد الٔقصى الذي بارك االله حوله.<br />
وبعد أن تششكلت الدولة الٕسسلامية في المدينة المنورة، وعندما وقعت غزوة الخندق<br />
٥ه وفي غمرة الموقف العصيب من تآلب قوى الشرك على المسسلمين وحصارهم<br />
چڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک<br />
گ گ گچ ٢٣ في هذا الموقف ضرب رسسول االله [ صخرة تطاير منها شرر،<br />
فبشر الموءمنين بفته بلاد الروم، كما بشرهم بفته اليمن وفارسس ، ٢٤ وهكذا فإن نفوسس<br />
الموءمنين لم تكن لتفارقها الٓمال والشقة باالله في النصر وتحرير الٔرضض من كل سسلطان غير<br />
سسلطان االله حتى من تلك القوى الكبرى التي كان يبعش مجرد ذكرها الرعب في النفوسس.<br />
وبعد أن أخذت أركان الدولة الٕسسلامية تتوطد في جزيرة العرب أرسسل رسسول االله [<br />
رسساءله إلى الهكام والملوك يدعوهم إلى الٕسسلام باعتباره رسسولاً إلى كل البشرية، فكانت<br />
رسساءله سسنة ٧ه إلى كسرى فارسس، وقيصر الروم هرقل ،Heraclius وإلى المقوقسس<br />
حاكم مصر، أما كسرى فمزق كتاب رسسول االله، فدعا عليه الرسسول أن يمزق االله<br />
ملكه، وأما قيصر الروم فيظهر من الروايات أنه مال إلى الٕسسلام، ورغب في الدخول فيه،<br />
غير أنه خاف من الروم على نفسسه وملكه ، ٢٥ وكان هرقل في تلك الفترة قد انتصر على<br />
الفرسس، وأجلاهم عن الششام، ولعله عاد إلى القدسس ليششكر االله على نصره ، ٢٦ وهو النصر<br />
الذي أششار إليه القرآن الكريم چھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ<br />
ۇ ۆ ۈ ۈۇٴ چ . ٢٧<br />
وكان فته خيبر وفدك ٧ه إلى الششمال من جزيرة العرب مقدمة للتطلع إلى<br />
الششام، فكانت غزوة موءتة في جمادى الٔولى سسنة ٧ه - أيلول/ سسبتمبر ٦٢٨م والتي<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٢
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
حدثت إثر قتل أحد زعماء الغسساسسنة “شرحبيل بن عمرو الغسساني” لرسسول رسسول االله<br />
“الهارش بن عمير الٔزدي” إلى ملك بصرى. كان جيشش المسسلمين مكوناً من<br />
ثلاثة آلاف رجل واجهوا حسسب الروايات ١٠٠ ألف رجل من جند الروم، و١٠٠ ألف<br />
أخرى من العرب المناصرين للروم بقيادة مالك بن رافلة.<br />
وقد وقعت المعركة في شرق الٔردن جنوب مدينة الكرك بهوالي ١١ كيلومتراً وفيها<br />
اسستششهد أمراء المسسلمين الشلاثة: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد االله بن رواحة،<br />
وتمكن خالد بن الوليد الذي تولى الزمام من تحقيق انسسهاب كريم موفق، وقتل في المعركة<br />
مالك بن رافلة الزعيم العربي الموالي للروم . ٢٨<br />
ثم كانت غزة تبوك ٩ه التي قادها رسسول االله بنفسسه، وتحت قيادته ٣٠ ألفاً بعد أن<br />
بلغه أن الروم ومن يواليهم أعدوا العدة ضضده، ولكنه عندما وصل تبوك (ششمال جزيرة<br />
العرب على مششارف الششام) اسستبان له أنه ليسس للروم جموع هناك، غير أنه وطَ د<br />
سسلطة المسسلمين في تلك المناطق، وأرسسل خالد بن الوليد ففته “دومة الجندل” وصالهه<br />
أهل أيلة (على خليج العقبة) وأذره وتيماء وجرباء على أداء الجزية . ٢٩<br />
ومع نهاية العهد النبوي كانت بطون بعضض القباءل في شرق الٔردن قد أسسلمت،<br />
ومن ذلك إسسلام أهل تبالة وجرشش وبطون من قضضاعة، وقبيل وفاته [ كان يعد العدة<br />
لخروج جيشش أسسامة؛ حيش أمره بالانطلاق إلى الجهاد؛ حيش قتل أبوه زيد بن حارثة،<br />
وعقد له اللواء آخر يوم من صفر ١١ه - ٢٨ أيار/ مايو ٦٣٢م، ولكن مرضض رسسول االله<br />
ووفاته في ١٢ ربيع الٔول أخّ ر خروج هذا الجيشش حتى أمره الخليفة أبو بكر الصديق<br />
بذلك، فخرج في أول ربيع الشاني ١١ ه - ٢٧ حزيران/ يونيو ٦٣٢م، وثب َّت جيشش أسسامة<br />
ششوكة الٕسسلام على تخوم الششام، وعاد سريعاً إلى المدينة في وقت انششغل فيه المسسلمون<br />
بهرب الردّة . ٣٠<br />
وما نريد أن نخلص إليه هنا أن أنظار المسسلمين وقلوبهم ظلّت سسنوات طويلة معلقة<br />
ببيت المقدسس والمسسجد الٔقصى حتى قبل أن يتم لهم فته فلسسطين. فضضلاً عما سسبقت<br />
الٕششارة إليه، فإن كشيراً من سسور القرآن وآياته التي كانت تنزل تباعاً على رسسول االله [<br />
كانت تتهدش عن قصص الٔنبياء، وكان ميدان العديد منها هو أرضض فلسسطين (يعقوب<br />
ولوط وزكريا ويهيى وداود وسسليمان وعيسسى... ( مما عمق الارتباط النفسسي<br />
والٕيماني بهذه الٔرضض.<br />
٥٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ثالشاً: وقفات مع منهج الفته ودوافعه:<br />
قبل أن نسستطرد في الهديش عن فته الٔرضض المقدسسة، لا بدّ من وقفات لاسستجلاء<br />
المنهج الذي بنيت على أسساسسه فكرة الفتوحات، والدوافع التي دفعت إليها:<br />
الوقفة الٔولى: في الٕششارة إلى حقيقة الجهاد؛ فلقد كان من الواضضه -لٔي باحش<br />
منصف- أن القيام بواجب الجهاد في سسبيل االله، وتبليغ دعوة الٕسسلام إلى البشرية،<br />
والسسعي إلى الفوز بإحدى الهسسنيين إما النصر وإما الششهادة، هي الٔهداف الهقيقية<br />
التي دفعت المسسلمين لتهقيق أعظم وأرحم حركة فته لبقاع الٔرضض في التاريخ. ولم تكن<br />
حركة الفتوه هذه مبنية على المنافع المادية أو المصاله الششخصية أو بسسبب جدب الٔرضض<br />
وضضيق العيشش، كما لم تكن هذه الفتوه عملاً عدوانياً أو إكراهاً للناسس على اتباع الٕسسلام<br />
تحت تهديد السسيوف... . بل كان الجهاد هو ضضدّ تلك الٔنظمة والسسلطات التي تحول بين<br />
الٕسسلام وبين دعوته للناسس، ونشر نوره في الٔرضض.<br />
يقول سسيد قطب “إن هذا الدين موضضوعه الٕنسسان ومجاله الٔرضض وهو إعلان عام<br />
لتهرير “الٕنسسان” في “الٔرضض” من كل سسلطان غير سسلطان االله، وهو إعلان حركي<br />
واقعي إيجابي يراد له التهقيق العملي في صورة نظام يهكم البشر بشريعة االله”....<br />
“إن الٕسسلام ليسس مجرد عقيدة، فهو يهدف ابتداءً إلى إزالة الٔنظمة والهكومات التي<br />
تقوم على أسساسس حاكمية البشر للبشر بهيش يكون النظام الذي يهكم البشر قاعدته<br />
العبودية الله وحده، وذلك بتلقي الشراءع منه وحده، ثم ليعتنق كل فرد في ظلّ هذا النظام<br />
العام ما يعتنقه من عقيدة”.... “إن الٕسسلام الله هو الٔصل العالمي الذي على البشرية كلها<br />
أن تفيء إليه أو أن تسسالمه بجملتها، فلا تقف لدعوته بأي حاءل من نظام سسياسسي أو قوة<br />
مادية، وأن تخلي بينه وبين كل فرد يختاره أو لا يختاره بمطلق إرادته، ولكن لا يقاومه<br />
ولا يهاربه فإن فعل ذلك كان على الٕسسلام أن يقاتله ...” ٣١ .<br />
ثم إن الجهاد في سسبيل االله لا يكون جهاداً إلا إذا قصد به وجه االله، وأن يكون وفق ما<br />
شرع االله، يقول حسسن البنا:<br />
فرضض االله الجهاد على المسسلمين لا أداة للعدوان ولا وسسيلة للمطامع<br />
الششخصية، ولكن حماية للدعوة، وضضماناً للسسلم، وأداء للرسسالة الكبرى التي<br />
حمل عبئها المسسلمون، رسسالة هداية الناسس إلى الهق والعدل. والمسسلم يخرج<br />
للقتال، وفي نفسسه أمر واحد أن يجاهد لتكون كلمة االله هي العليا، وقد فرضض<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٤
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
دينه عليه أن لا يخلط بهذا القصد غاية أخرى، فهب الجاه عليه حرام، وحب<br />
الظهور عليه حرام، وحب المال عليه حرام، والغلول من الغنيمة عليه حرام،<br />
وقصد الغلب بغير حق عليه حرام، والهلال أمر واحد أن يقدم دمه وروحه فداء<br />
لعقيدته، وهداية للناسس . ٣٢<br />
فالجهاد في الفهم الٕسسلامي مربوط بأنه “في سسبيل االله” أما ثمنه فهو “الجنة” وليسس<br />
لهظ النفسس فيه في الدنيا نصيب، لٔنه بذل للمال والنفسس، وانظر إلى قوله تعالى<br />
چۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴ ۋ ۋ ۅۅ ۉ ۉ<br />
ې ې ې ېچ . ٣٣<br />
الوقفة الشانية: في الٕششارة إلى أن عملية فته بلاد الششام -وغيرها- بنيت وتمت<br />
على الرغبة الصادقة في الجهاد في سسبيل االله، وعلى هذا الٔسساسس انطلقت، وقام المسسلمون<br />
بالتطبيق العملي لمعاني الجهاد أثناء فتوحاتهم، فعندما يقّلب أي باحش منصف صفهات<br />
التاريخ والسس ِّ ير يجد التزاماً حقيقياً كاملاً لدى الصهابة والفاتحين بمعاني الجهاد<br />
الٕسسلامي وأهدافه وغاياته وضضوابطه، وفي الٕششارة إلى هذه الهقيقة سسنقتصر على<br />
بعضض ما ورد في فتوه الششام.<br />
فعندما بعش أبو بكر أنسس بن مالك في ربيع الشاني ١٢ه - حزيران/ يونيو ٦٣٣م<br />
لٔهل اليمن لفته الششام، كتب أبو بكر لهم:<br />
... أما بعد: فإن االله كتب على الموءمنين الجهاد، وأمرهم أن ينفروا خفافاً<br />
وثقالاً، وقال: جاهدوا بأموالكم وأنفسسكم في سسبيل االله، فالجهاد فريضضة<br />
مفروضضة، وثوابه عند االله عظيم، وقد اسستنفرنا من قبلنا من المسسلمين إلى جهاد<br />
الروم بالششام، وقد سسارعوا إلى ذلك وعسسكروا وخرجوا، وحسسنت في ذلك نيتهم،<br />
وعظمت في الخير حسسبتهم، فسسارعوا -عباد االله- إلى فريضضة ربكم، وإلى إحدى<br />
الهسسنيين، إما الششهادة وإما الفته والغنيمة، فإن االله لم يرضض عن عباده القول<br />
دون العمل، ولا يترك أهل عداوته حتى يدينوا بالهق، ويقروا بهكم الكتاب، أو<br />
يوءدوا الجزية عن يد وهم صاغرون... . ٣٤<br />
وأوصى أبو بكر يزيد بن أبي سسفيان عند خروجه بجيششه إلى الششام قاءلاً:<br />
“عليك بتقوى االله، فإنه يرى من باطنك مشل الذي من ظاهرك، وإن أولى الناسس باالله<br />
أششدهم تولياً له، وأقرب الناسس من االله أششهدهم تقرباً إليه بعمله...” ، ٣٥ وفي وصية أخرى<br />
من أبي بكر ليزيد قال له:<br />
٥٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
يا يزيد إني أوصيك بتقوى االله وطاعته، والٕيشار له، والخوف منه، وإذا<br />
لقيت العدو فأظفركم االله بهم فلا تغلل، ولا تمش ِّل، ولا تغدر، ولا تجبن، ولا<br />
تقتلوا وليداً، ولا ششيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تحرقوا نخلاً، ولا تعرفون<br />
]تقشروه وتفسسدوه[ ولا تقطعوا ششجرة مشمرة، ولا تعقروا بهيمة إلا لمأكلة،<br />
وسستمرون بقوم في الصوامع يزعمون أنهم حبسسوا أنفسسهم الله، فدعوهم وما<br />
حبسسوا أنفسسهم له، فإذا لقيتم العدو من المشركين، فادعوهم إلى ثلاش خصال،<br />
فإن أجابوكم فاقبلوا منهم، وكفوا عنهم، ادعوهم إلى الٕسسلام، فإن هم أبوا أن<br />
يدخلوا الٕسسلام فادعوهم إلى الجزية، فإن هم فعلوا، فاقبلوا منهم، وكفوا عنهم،<br />
فإن هم أبوا فاسستعينوا باالله عليهم فقاتلوهم إن ششاء االله، ولينصرن االله من<br />
ينصره ورسسله بالغيب . ٣٦<br />
ومن وصية أبي بكر لخالد بن سسعيد “... وقد خرجت في هذا الوجه العظيم الٔجر،<br />
وأنا أرجو أن يكون خروجك فيه لهسسبة ونية صادقة إن ششاء االله” . ٣٧<br />
وقال أبو بكر في وداعه لٔبي عبيدة عندما خرج بجيشش للششام “اسسمع سسماع من يريد<br />
أن يفهم ما قيل له، ثم يعمل بما أمر به، إنك تخرج في أشراف الناسس وبيوتات العرب<br />
وصلهاء المسسلمين وفرسسان الجاهلية، كانوا يقاتلون إذ ذاك على الهمية وهم اليوم<br />
يقاتلون على الهسسبة والنية الهسسنة، وتوكل على االله وكفى باالله وكيلاً، اخرج من غد إن<br />
ششاء االله” . ٣٨<br />
وفي اليوم التالي جاءه أبو بكر وقال له عند فراقه “يا أبا عبيدة، اعمل صالهاً، وعشش<br />
مجاهداً، وتوف َّ ششهيداً يعطك االله كتابك بيمينك، ولتقر عينك في دنياك وآخرتك، فواالله إني<br />
لٔرجو أن تكون من التوابين الٔوابين المخششعين الزاهدين في الدنيا، الراغبين في الٓخرة.<br />
إن االله قد صنع بك خيراً وسساقه إليك؛ إذ جعلك تسسير في جيشش من المسسلمين إلى عدوه من<br />
المشركين تقاتل من كفر باالله، وأشرك به، وعبد معه غيره” . ٣٩<br />
وفي وداعه لعمرو بن العاص قال أبو بكر له: “اتق االله في سرك وعلانيتك، واسستهيه في<br />
خلواتك، فإنه يراك في عملك، وأرد بعملك وجه االله، واتق االله إذا لقيت العدو” . ٤٠<br />
وعندما صرف الصديق خالداً إلى غزو الششام كان فيما كتب له: “وإن الجموع لم تششج<br />
بعون االله ششجيك، فليهنئك أبا سسليمان النية والهظوة، فأتمم يتمم االله لك، ولا يدخلنك<br />
عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تُدل َّ بعمل فإن االله له المن وهو ولي الجزاء” . ٤١<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٦
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
هذه بعضض المختارات المنتقاة في بدء مسسيرة الفتوه، ولولا خششية الٕطالة لخرج من<br />
الجعبة الكشير، ولن ِّ نُفصل في الشروه والتعليقات لوضضوه النصوص وقوتها، ويكفي<br />
أنها أكدت على الٔسسسس التي انطلقت من أجلها حركة الفته والجهاد، أما كيف نفذ<br />
الصهابة هذه التوجيهات في معاركهم ودعوتهم وانتششارهم فهو ما سسنتركه لذكر بعضض<br />
أمشلته في حينه.<br />
الوقفة الشالشة: ونركز فيها أيضضاً على جانب مهمّ تضضمنته وصايا أبي بكر لقادة<br />
الجيوشش الٕسسلامية التي ذهبت لفته الششام، ألا وهي فن قيادة الجيشش المسسلم، وبعضض<br />
أسساليب التعامل. ونذهب إلى أنها من أرقى وأروع ما ذكر في فن إدارة الجيوشش، غير أنها<br />
تعطي للجيشش المسسلم بعداً رسسالياً إيمانياً، يميزه في سسلوكه الفردي والقيادي، وتجمع<br />
بين الانضضباط والطاعة عن حب واقتناع، وتمنع تسسلط القاءد على الٔفراد، وتوجب<br />
الششورى، والتعبئة المعنوية، وتراعي أصول السرية، وتوءكد على أن الجهاد عبادة وعمل<br />
خالص الله.<br />
ففي وصية أبي بكر ليزيد عند خروجه إلى الششام:<br />
وإذا قدمت على جندك، فأحسسن صهبتهم، وابدأههم بالخير، وعدهم إياه،<br />
وإذا وعظت فأوجز فإن كشير الكلام يُنسسي بعضضه بعضضاً، وأصله نفسسك يصله<br />
لك الناسس، وصل ِّ الصلوات لٔوقاتها بإتمام ركوعها وسسجودها والتخششع فيها،<br />
وإذا قدم عليك رسسل عدوك فأكرمهم وأقلل لبشهم حتى يخرجوا من عسسكرك<br />
وهم جاهلون به، ولا تُرين َّهم فيروا خللك، ويعلموا علمك، وامنع من قبلك من<br />
محادثتهم وكن أنت المتولي لكلامهم، ولا تجعل سر َّك لعلانيتك فيخلط أمرك،<br />
وإذا اسستشرت فاصدق الهديش تُصدق المششورة، ولا تخزن عن المششير خبرك<br />
فتوءتى من قبل نفسسك. واسسمر بالليل في أصهابك تأتك الٔخبار، وتنكششف عنك<br />
الٔسستار، وأكثر حرسسك وبددهم في عسسكرك وأكثر مفاجأتهم في محارسسهم بغير<br />
علم منهم بك، فمن وجدته غفل من محرسسه، فأحسسن أدبه وعاقبه في غير إفراط،<br />
وأعقب بينهم بالليل، واجعل النوبة الٔولى أطول من الٔخيرة، فإنها أيسرهما<br />
لقربها من النهار، ولا تخف من عقوبة المسستهق ولا تلج َّ ن َّ فيها ولا تسرع إليها<br />
ولا تخذلها مُدفعاً، ولا تغفل عن أهل عسسكرك فتفسسده، ولا تجسسسس عليهم<br />
فتفضضههم، ولا تكششف الناسس عن أسرارهم واكتف بعلانيتهم، ولا تجالسسن<br />
العباثين، وجالسس أهل الصدق والوفاء. واصدق اللقاء ولا تجبن فيجبن الناسس،<br />
واجتنب الغلول فإنه يقر ِّب الفقر ويدفع النصر... . ٤٢<br />
٥٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وفي رواية أخرى مما ذكره أبو بكر ليزيد في وداعه: “وإذا وعدت فأنجز...، وإذا بلغك<br />
عن العدوّ عورة فاكتمها حتى تعاينها...، واصدق اللقاء إذا لقيت، ولا تجبن فيجبن من<br />
سسواك” . ٤٣<br />
ومن وصية أبي بكر لعمرو بن العاص: “... وكن والداً لمن معك، وارفق بهم في السسير،<br />
فإن فيهم أهل ضضعف....، وإياك أن تكون واهناً عما ندبتك إليه، وإياك والوهن أن تقول<br />
جعلني ابن أبي قهافة في نهر العدو ولا قوة لي به....” وأمره ببرّ المهاجرين والٔنصار<br />
ثم قال:<br />
ولا تداخلك نجدة الششيطان فتقول إنما ولاني أبو بكر لٔني خيرهم، وكن<br />
كأحدهم، وششاورهم فيما تريد من أمرك، والصلاة ثم الصلاة أذن بها إذا دخل<br />
وقتها....، وإذا وعظت فأوجز، وأصله نفسسك تصله لك رعيتك....، وألزم<br />
أصهابك قراءة القرآن، وانههم عن ذكر الجاهلية وما كان منها، فإن ذلك يورش<br />
العداوة بينهم، وأعرضض عن زهرة الدنيا حتى تلتقي بمن مضضى من سسلفك.... . ٤٤<br />
وعندما أوصى أبو بكر خالد بن سسعيد كان مما ذكره:<br />
... فشب ِّت العالم، وعلّم الجاهل، وعاتب السسفيه المترف، وانصه لعامة<br />
المسسلمين، واخصص الوالي على الجند من نصيهتك ومششورتك ما يهق الله<br />
وللمسسلمين عليك، واعمل الله كأنك تراه، واعدد نفسسك في الموتى، واعلم أنا عما<br />
قليل ميتون ثم مبعوثون ثم مسساءلون ومحاسسبون، جعلنا االله وإياك لٔنعمه من<br />
الششاكرين ولنقمه من الخاءفين” . ٤٥<br />
رابعاً: الخطوات الٔولى:<br />
اسستمرت عمليات المسسلمين في القضضاء على الردة التي انتشرت في جزيرة العرب إثر<br />
وفاة رسسول االله [ حتى نهاية ١١ه، ومع بداية ١٢ه زحف خالد بن الوليد ومعه جيشش<br />
عدده ١٨ ألفاً على العراق، وأخذ يهقق انتصارات متوالية هناك (ذات السسلاسسل محرم ١٢ه،<br />
المذار صفر ١٢ه، والولجة صفر ١٢ه، أُل َّيسس صفر ١٢ه، أمغيششيا صفر ١٢ه، فته<br />
الهيرة ربيع الٔول ١٢ه) . ٤٦ وجاء شرحبيل بن حسسنة من العراق مبشراً أبا بكر بفته<br />
الهيرة، ورأى شرحبيل روءيا أولها بفته الششام، وحدش بها أبا بكر الذي أخبره أن نفسسه<br />
تحدثه أيضضاً بفته الششام . ٤٧<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٥٨
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
وفي ٣٠ ربيع الٔول ١٢ه - ١٤ حزيران/ يونيو ٦٣٣م جمع أبو بكر كبار الصهابة،<br />
واسستششارهم في فته الششام، فوافقوه على رأيه ثقة منهم بأنه ناصه للدين، حريص على<br />
المسسلمين، ثم إن أبا بكر قام فدعا الناسس للجهاد “فواالله ما أجابه أحد هيبة لغزو الروم لما<br />
يعلمون من كثرة عددهم، وششدة ششوكتهم” وقام عمر بن الخطاب فهضضهم على الجهاد،<br />
وتقدم خالد بن سسعيد فأحسسن الهديش فأم َّ ره أبو بكر، وأعلن خالد بن سسعيد أنه وأهله<br />
حبسساء في سسبيل االله، وعقد أبو بكر لخالد بن سسعيد لواء، فكان أول لواء عقد لغزو الششام،<br />
٢ ربيع الشاني ١٢ه - ١٦ حزيران/ يونيو ٦٣٣م، وأششار عمر بن الخطاب على أبي بكر<br />
بألا يولي خالد بن سسعيد قيادة الجيشش لعدم أهليته، فاكتفى أبو بكر بجعله على رأسس قوة<br />
محدودة، وأمره أن ينزل تيماء كقوة احتياطية . ٤٨<br />
ثم إن أبا بكر أرسسل إلى يزيد بن أبي سسفيان وأبي عبيدة بن الجراه ومعاذ بن جبل<br />
وشرحبيل بن حسسنة فأخبرهم أنه باعشهم وموءمرهم على الجنود، فإذا اجتمعت قواتهم<br />
فأميرهم أبو عبيدة، وأرسسل أبو بكر كتاباً إلى اليمن يسستنفرهم للجهاد مع أنسس بن مالك،<br />
وأخذت أفواج المسسلمين تتجمع وتتجهز للجهاد من كل حدب وصوب . ٤٩<br />
كان جيشش يزيد بن أبي سسفيان أول الجيوشش خروجاً إلى الششام، وكان ذلك تقريباً<br />
في ٢٣ رجب ١٢ه - ٣ تشرين الٔول/ أكتوبر ٦٣٣م، وكان مكوناً من حوالي سسبعة آلاف<br />
رجل، ثم تبعه جيشش شرحبيل بعد ذلك بهوالي أربعة أيام، ثم جيشش أبي عبيدة بعد<br />
شرحبيل بهوالي عشرة أيام، وكان معاذ بن جبل في جيشش أبي عبيدة، كما ألهق أبو بكر خالد<br />
بن سسعيد بجيشش أبي عبيدة . ٥٠<br />
خرج إمبراطور الروم هرقل من فلسسطين بعد أن بلغته تحركات المسسلمين حوالي<br />
٢٣ ششعبان ١٢ه - ٢ تشرين الشاني/ نوفمبر ٦٣٣م إلى دمششق، ثم إلى حمص، ثم إلى<br />
أنطاكية، فبلغها حوالي ٦٣٣/١١/١٨م واتخذها مقره، ومن هناك أخذ ينظم الجيوشش،<br />
ويهششد الهششود لملاقاة المسسلمين . ٥١<br />
نزل جيشش يزيد منطقة البلقاء شرق الٔردن، ونزل جيشش شرحبيل نواحي بصرى،<br />
أما جيشش أبي عبيدة فنزل الجابية، وأمّر أبو بكر عمرو بن العاص على جيشش رابع من<br />
ألفين إلى ثلاثة آلاف، وقد التهق بهذا الجيشش سسادات قريشش وأشرافها مشل عكرمة بن<br />
أبي جهل، وسسهيل بن عمرو، والهارش ابن هششام، وسسلك عمرو طريق المعركة إلى أيلة<br />
.٥٢<br />
متجهاً إلى فلسسطين<br />
٥٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وبعد أن بلغت أبا بكر حششود الروم الهاءلة، وبعد أن بلغته انتصارات خالد بن الوليد<br />
الكبيرة في العراق، أرسسل إلى خالد في ٢١ محرم ١٣ه - ٢٨ آذار/ مارسس ٦٣٤م تقريباً<br />
يطلب إليه الذهاب للششام غوثاً للمسسلمين، وخرج خالد من العراق حوالي ٨ صفر<br />
١٣ه - ١٤ نيسسان/ أبريل ٦٣٤م بمدد من تسسعة آلاف رجل ليصبه مجموع عدد<br />
القوات الٕسسلامية في الششام ٣٣ ألفا٥٣ً .<br />
اسستعداد للنزال:<br />
في الوقت الذي أخذت فيه جيوشش المسسلمين بالزحف لفته الششام، كان هرقل في أنطاكية<br />
يعد الجيوشش والٕمدادات لملاقاة المسسلمين، وبلغ أبا عبيدة عظم الهششود الرومية، فأرسسل<br />
إلى أبي بكر بذلك، فرد َّ عليه برسسالة في ششوال ١٢ه - كانون الٔول/ ديسسمبر ٦٣٣م جاء<br />
فيها:<br />
فقد بلغني كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه من أمر هرقل ملك الروم، فأما منزله<br />
بأنطاكية فهزيمة له ولٔصهابه وفته من االله عليك وعلى المسسلمين، وأما ما<br />
ذكرت من حشره لكم أهل مملكته وجمعه لكم الجموع فإن ذلك ما قد كنا وكنتم<br />
تعلمون أنه سسيكون منهم، وما كان قوم ليدعوا سسلطانهم ويخرجوا من ملكهم<br />
بغير قتال. وقد علمت والهمد الله قد غزاهم رجال كشير من المسسلمين يهبون الموت<br />
حب عدوهم للهياة، ويرجون من االله في قتالهم الٔجر العظيم، ويهبون الجهاد<br />
في سسبيل االله أششد من حبهم أبكار نسساءهم، وعقاءل أموالهم، والرجل منهم عند<br />
الفته خير من ألف رجل من المشركين، فالقهم بجندك، ولا تسستوحشش لمن غاب<br />
عنك من المسسلمين فإن االله معك، وأنا مع ذلك ممدك بالرجال حتى تكتفي، ولا<br />
تريد أن تزداد إن ششاء االله . ٥٤<br />
أول المعارك:<br />
كانت أولى المعارك على أرضض الششام بعد سرية أسسامة بن زيد هي موقعة العربة<br />
وداثنة (٢٤ ذي الهجة ١٢ه - آذار/ مارسس ٦٣٤م) فقد دفع الروم قوة من ثلاثة آلاف<br />
مقاتل إلى مدينة غزة، ولعلها توجهت إلى وادي عربة جنوب البهر الميت، وهناك التقت<br />
بقوة من المسسلمين، فهزمها المسسلمون وقتلوا قاءداً من قوادها، وانسسهبت القوة فلاحقها<br />
المسسلمون؛ حيش التقوا مرة أخرى عند الداثنة قرب غزة، وهزم الروم مرة أخرى . ٥٥<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٠
خالد بن الوليد يتولى القيادة العامة:<br />
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
ويبدو أن موقعة العربة وداثنة كانت أقرب إلى اختبار القوة، ويظهر أن الروم<br />
قد أخذوا يششعرون بششكل أكبر بخطورة الموقف، فأخذوا يتجمعون ويهششدون،<br />
فأرسسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد لينجد المسسلمين بالششام، فوصل خالد على عجل<br />
في صفر ١٣ه - نيسسان/ أبريل ٦٣٤م وتولى القيادة العامة للجيوشش الٕسسلامية في<br />
بلاد الششام مكان أبي عبيدة . ٥٦<br />
خامسساً: معركة أجنادين:<br />
كانت معركة أجنادين أولى المعارك البارزة المهمة في فتوه الششام، وقد وقعت على<br />
أرضض فلسسطين، وبالرغم من أن أجنادين لا يظهر لها ذكر في الخراءط، إلا أنها حسسب<br />
اسستنتاج أحمد عادل كمال تبعد ١١ كم إلى الششمال من بيت جبرين و٣٩ كم إلى الجنوب<br />
من الرملة . ٥٧<br />
التقت جيوشش المسسلمين الخمسسة (أبو عبيدة، وخالد، ويزيد، وشرحبيل، وعمرو) في<br />
منطقة أجنادين تحت قيادة خالد بن الوليد، وكان عددهم يقدر ب ٣٣ ألف رجل، أما قوات<br />
الروم فوصل عددها إلى حوالي ١٠٠ ألف رجل . ٥٨<br />
وفي يوم المعركة نهار يوم السسبت ٢٧ جمادى الٔولى ١٣ه - ٣٠ تموز/ يوليو ٦٣٤م،<br />
أخذ معاذ بن جبل، قاءد ميمنة المسسلمين، يقول: “يا معشر المسسلمين اشروا أنفسسكم<br />
اليوم الله، فإنكم إن هزمتموهم اليوم كانت لكم هذه البلاد دار الٕسسلام أبداً مع رضضوان<br />
االله والشواب العظيم من االله” ، ٥٩ وتحت هذه المعاني الٕيمانية الربانية خاضض المسسلمون<br />
معركتهم على أرضض فلسسطين.<br />
هاجم الروم ميمنة المسسلمين ثم ميسرتهم، فصمد المسسلمون، ثم رموا المسسلمين<br />
بالنششاب...، ثم إن المسسلمين هاجموهم فهزموهم بسرعة كبيرة، وروى الطبري عن<br />
ابن إسسهق أن قاءد الروم قال لهم: “لفوا رأسسي بشوب، قالوا: ولم؟ قال: يوم بئيسس لا<br />
أحب أن أراه!! ما رأيت في الدنيا يوماً أششد من هذا، فاحتز المسسلمون رأسسه، وإنه لمُلَفّف” . ٦٠<br />
وقتل من الروم في هذه المعركة حوالي ثلاثة آلاف، وتفرقت فلولهم إلى القدسس<br />
وقيسسارية ودمششق وحمص، واسستششهد من المسسلمين أبان بن سسعيد ابن العاص،<br />
وهششام بن العاص أخو عمرو بن العاص، وطليب بن عمير بن وهب وهو ابن أروى بنت<br />
عبد المطلب عمة الرسسول [ ٦١ .<br />
٦١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
مشلت هذه المعركة انتصاراً كبيراً للمسسلمين، وتحطمت هيبة الروم، وششعر المسسلمون<br />
عملياً بفضضل الٕيمان والصبر والاحتسساب على الٔعداد والعتاد التي يملكها عدوهم...،<br />
وانطلقوا لاسستكمال فتوحهم بعزيمة وثبات صقلتها الخبرة والتجربة.<br />
ويظهر أن المسسلمين لم يسستكملوا فتوحاتهم داخل فلسسطين بعد هذه المعركة، فلم تتجه<br />
قواتهم ششمالاً داخلها، وإنما توجهوا إلى دمششق ملتفين من جنوب البهر الميت مار ِّين<br />
بشرق الٔردن.<br />
وفي مرج ُّ الصفر إلى الجنوب من دمششق بهوالي ٣٨ كم التقى المسسلمون بقوات الروم<br />
وهزموها في ١٧ جمادى الشانية ١٣ه - ١٨ آب/ أغسسطسس ٦٣٤م، وجاءت البششارة<br />
لٔبي بكر الصديق بهذا النصر وهو في الرمق الٔخير؛ إذ توفي ] مسساء الشلاثاء<br />
٢١ جمادى الشانية ١٣ه - ٢٣ آب/ أغسسطسس ٦٣٤م . ٦٢<br />
سسادسساً: عزل خالد:<br />
تولى عمر بن الخطاب ] الخلافة بعد أبي بكر الصديق [، فأمر بعزل خالد عن<br />
قيادة جيوشش الششام، وأرسسل إلى أبي عبيدة حوالي ٢٦ جمادى الشانية ١٣ه - ٢٨ آب/<br />
أغسسطسس ٦٣٤م يوليه مكان خالد، ولعل الخبر وصل إلى أبي عبيدة بعد حوالي أسسبوع،<br />
وجاء في كتاب عمر إلى أبي عبيدة:<br />
فقد وليتك أمور المسسلمين فلا تسستهي، فإن االله لا يسستهي من الهق، وإني<br />
أوصيك بتقوى االله الذي أخرجك من الكفر إلى الٕيمان ومن الضضلال إلى الهدى،<br />
وقد اسستعملتك على جند خالد فاقبضض جنده واعزله عن إمارته، ولا تقد المسسلمين<br />
إلى هلكة رجاء غنيمة، ولا تنفذ سرية إلى جمع كشير، وغضض عن الدنيا عينيك<br />
وألْهِ قلبك، وإياك أن تهلك كما هلك من كان قبلك فقد رأيت مصارعهم وخبرت<br />
سراءرهم، وإن بينك وبين الٓخرة سستر الخمار وكأني بك منتظراً سسفراً من دار قد<br />
مضضت نضضارتها، وذهبت زهرتها، وأحزم الناسس من يكون زاده التقوى.... . ٦٣<br />
هذه كتب التعيين في زمن الصهابة!! أمر واضضه محدد، وحرص ورحمة بالجند<br />
الموءمنين، ودعوة إلى تعليق القلب بالٓخرة والتزود بالتقوى، واتسساق متوازن بين<br />
التكليف والعمل والعبادة.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٢
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
ولسسنا بصدد مناقششة عزل خالد، ولكننا نقف لهظة أمام مششهد لٔولئك الصهابة<br />
العظام الذين فتهوا أرضض فلسسطين. فقد علم خالد بأمر عزله دون أن يخبره أبو عبيدة،<br />
وكان خالد ما يزال يتصرف كأمير، وأبو عبيدة يصلي خلفه...، فعاتبه خالد عتاباً رقيقاً<br />
لمِ َ لم يخبره والسسلطان سسلطانه... فكان مما رد عليه أبو عبيدة:<br />
وما سسلطان الدنيا أريد وما للدنيا أعمل... وإنما نهن أخوان قوامان بأمر االله<br />
عز وجل، وما يضر الرجل أن يلي عليه أخوه في دينه ولا دنياه، بل يعلم الوالي<br />
أنه يكاد يكون أدناهما إلى الفتنة، وأوقعهما في الخطيئة لما يعرضض من الهلكة إلا<br />
من عصم االله عز وجل وقليل ما هم . ٦٤<br />
إن من أهم المزايا التربية الٕسسلامية، التي تنعكسس إيجابياً على نجاه الهل الجهادي<br />
الٕسسلامي، تجاوز المسساءل المتعلقة بهوى وحظوظ النفسس، وتعليق القلب والعمل<br />
بالٓخرة، وبالتالي تضضييق هامشش التنازع والصراع على المناصب والٔلقاب، والتنافسس<br />
في ميدان البذل والعطاء، وبهذا تتهقق بركة العمل، ويتم الٕنجاز في أفضضل الظروف<br />
النفسسية. وأن أصهاب التجارب الٕسسلامية المعاصرة مطالبون، على مسستوى القيادة<br />
قبل مسستوى الٔفراد، أن يكونوا النموذج والقدوة في هذا الٕطار، ولو اسسترششد المجاهدون<br />
في أفغانسستان، وفي غيرها، بصدق بمقولة أبي عبيدة لتجاوزوا مششاكلهم، ولبنوا دولتهم.<br />
سسابعاً: معركة فهل - بيسسان:<br />
تعدّ معركة فهل - بيسسان من أبرز المعارك التي خاضضها المسسلمون في فتههم لبلاد<br />
الششام، وقد وقعت هذه المعركة على ضضفاف نهر الٔردن، فقد عسسكر المسسلمون في فهل<br />
شرقي نهر الٔردن، وعسسكر الروم عند بيسسان غربي نهر الٔردن (إلى الششمال الغربي من<br />
فهل)، غير أن ميدان المعركة كان في فلسسطين المعروفة بهدودها الهالية إلى الجنوب من<br />
بيسسان، وكان عدد الروم ٥٠ ألفاً وقيل ٨٠ ألفاً، أما المسسلمون فكانوا ٢٦ ألفاً تقريباً، ولا<br />
يصل عددهم إلى ٣٠ ألفا٦٥ً .<br />
وقبيل المعركة أرسسل الروم إلى أبي عبيدة أن “اخرج أنت ومن معك من أصهابك<br />
وأهل دينك من بلادنا التي تنبت الهنطة والششعير والفواكه والٔعناب والشمار، فلسستم لها<br />
بأهل، وارجعوا إلى بلادكم، بلاد البوءسس والششقاء، وإلا أتيناكم فيما لا قِبل لكم به، ثم لم<br />
ننصرف عنكم وفيكم عين تطرف” . ٦٦<br />
٦٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
فرد عليهم أبو عبيدة:<br />
أما قولكم: اخرجوا من بلادنا فلسستم لها ولما تنبت بأهل، فلعمري ما كنا لنخرج<br />
منه وقد أذلكم االله بما فيها وأورثناها، ونزعها من أيديكم وصيرّ ها لنا، وإنما البلاد<br />
بلاد االله، والعباد عباد االله، واالله مالك الملك يوءتي ملكه من يششاء ويعز من يششاء ويذل<br />
من يششاء...، فلا تحسسبونا تاركيها ولا منصرفين عنها حتى نفنيكم ونخرجكم<br />
عنها، فأقيموا فواالله لا نجششمكم إن أنتم لم تأتونا أن نأتيكم، وإن أنتم أقمتم لنا فلا<br />
نبره حتى نبيد خضراءكم، ونسستأصل ششأفتكم إن ششاء االله . ٦٧<br />
هكذا كان جواب القيادة المسسلمة: عزة وكرامة واسستعلاء، مقرون بفهم عميق لطبيعة<br />
الرسسالة الٕسسلامية وحركة التاريخ اختصر بخمسس كلمات فقط “فلسستم لها ولما تنبت<br />
بأهل”، وحرب نفسسية ردت على التهديد بتهديد أقوى، وأكدت الٕصرار على الفته<br />
ونشر الرسسالة.<br />
ثم إن الروم طلبوا رجلاً يفاوضضونه فأرسسل أبو عبيدة معاذ بن جبل إليهم، فأقبل<br />
عليهم فإذا هم على فرشش ووسساءد في أبهة وفخامة تغششي الٔبصار، فأبى معاذ أن يجلسس<br />
على البسسط مع روءسساءهم... وجلسس إلى جانبها على الٔرضض، فقالوا له: “لو دنوت<br />
فجلسست معنا كان أكرم لك...، إن جلوسسك على الٔرضض منتهياً صنيع العبد بنفسسه فلا<br />
نراك إلا قد أزريت بنفسسك” فقال معاذ لهم إن هذه المكرمة التي يدعونه إليها قد اسستأثروا<br />
بها على ضضعفاءهم... “ولا حاجة لنا في شرف الدنيا ولا في فخرها، ولا في ششيء يباعدنا<br />
عن ربنا”، ورد على قولهم إنه صنع صنيع العبد “أنا عبد من عبيد االله جلسست على<br />
بسساط االله، ولا أسستأثر بششيء من االله على إخواني من أولياء االله...، فلسست أبالي كيف كانت<br />
منزلتي عندكم إذا كانت عند االله على غير ذلك...”.<br />
وحاول الروم إبراز قوتهم لمعاذ قاءلين: “إن ملكنا حي، وإن جنودنا عظيمة كشيرة...،<br />
ونهن عدد نجوم السسماء وحصى الٔرضض” وسسألوه عما يطلبه المسسلمون، فدعاهم معاذ<br />
إلى إحدى ثلاش: الٕسسلام أو الجزية أو الهرب، ورد عليهم قاءلاً: “وإن يكن ملككم هرقل<br />
فإن ملكنا االله عز وجل الذي خلقنا، وأميرنا رجل منا إن عمل فينا بكتاب االله وسسنة<br />
نبينا [ أقررناه علينا، وإن عمل بغير ذلك عزلناه عنا، وإن هو سرق قطعنا يده، وإن<br />
زنى جلدناه، وإن ششتم رجلاً منا ششتمه كما ششتمه، وإن جرحه أقاده من نفسسه، ولا يهتجب<br />
منا ولا يتكبر علينا، ولا يسستأثر علينا في فيئنا الذي أفاءه االله علينا، وهو كرجل منا”...<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٤
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
“وأما قولكم: جنودنا كشيرة فإنها إن عظمت حتى تكون أكثر من نجوم السسماء وحصى<br />
الٔرضض، فإنا لا نشق بها ولا نتكل عليها ولا نرجو النصر على عدونا بها، ولكنا نتبرأ من<br />
الهول والقوة، ونتوكل على االله عز وجل ونشق بربنا...، فكم من فئة قليلة قد أعزها االله<br />
ونصرها وأغناها وغلبت فئة كشيرة بإذن االله، وكم من فئة كشيرة قد أذلها االله وأهانها”.<br />
فعرضض الروم على معاذ أن يعطوا المسسلمين البلقاء وما إلى أرضض العرب من سسواد<br />
الٔردن، ودعوهم إلى قتال أهل فارسس ووعدوهم بالمسساعدة. فقال معاذ: “هذا الذي<br />
عرضضتم علينا وتعطونا كله في أيدينا، ولو أعطيتمونا جميع ما في أيديكم مما لم نظهر<br />
عليه، ومنعتمونا خصلة من الخصال الشلاثة التي وضضعت لكم ما فعلنا” فغضضبوا منه<br />
وقالوا: “نتقرب إليك وتتباعد عنا؟ اذهب إلى أصهابك فواالله إنا لنرجو أن نفرقكم في<br />
الجبال غداً” فقال معاذ: “أما الجبال فلا، ولكن واالله لتقتلنا عن آخرنا أو لنخرجنكم من<br />
أرضضكم أذلة وأنتم صاغرون” . ٦٨<br />
وإذا كان لنا من وقفة هنا مع هذا المششهد التفاوضضي الزاخر، فلعلنا نختار الٕششارة<br />
السريعة إلى النقاط التالية:<br />
• يعاني الكشير من زعماءنا ومفاوضضينا في هذا العصر من عقدة النقص تجاه الٓخرين،<br />
ومن ضضعف الشقة بأنفسسهم أو قضضيتهم، ويهاولون التعويضض عن ذلك بتقليد<br />
الٓخرين “الخصوم” في اللباسس والوجاهة والمظاهر، فتكون هذه أول نقاط الانهزام<br />
لديهم.<br />
• عندما حاول الروم أن يزروا بسسلوك معاذ بن جبل الششخصي، اسستخدم ذلك في الرد<br />
عليهم بتأكيد معاني الرسسالة الٕسسلامية من عبودية االله، وعدم الاهتمام بزخرف<br />
الدنيا، وكذلك في كششف عيوب سسلوكهم الاجتماعي - القيادي من ظلم وأنانية<br />
واسستعلاء على الضضعفاء، فكان رده الٔقوى؛ لٔنه اسستعلى عليهم بإيمانه وسسلوكه<br />
ومنهجه.<br />
• وعندما هددوه بملكهم وأعدادهم، رد الملك إلى االله سسبهانه، ثم طعن في أسسلوبهم<br />
القيادي واسستعلاء ملوكهم بغير حق، مششيراً إلى منهجية وطبيعة القيادة الٕسسلامية،<br />
بهيش يتمنى الروم أن يعاملوا أميرهم كما يعامل المسسلمون أمراءهم، كما رد على<br />
مسسألة العدد بإرجاع الٔمر إلى االله الذي بيده كل ششيء.<br />
• كل ذلك في قالب من العزة والقوة والتواضضع، وإصرار على الدعوة إلى إحدى الخصال<br />
الشلاثة، ورد التهديد بما هو أقوى وأوقع في النفسس.<br />
٦٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ترى ما هو ششعور المسسلم عندما يقرأ هذا الموقف للصهابة الذين فتهوا فلسسطين،<br />
وبين أولئك الذين يسساومون عليها الٓن في عصرنا (غزة - أريها...؟!).<br />
ويبعش الروم رجلاً منهم إلى أبي عبيدة ليفاوضضه، ويتكرر موقف ششبيه لما حدش مع<br />
معاذ؛ إذ إن الرجل لما دنا من المسسلمين لم يعرف الٔمير!! فسسأل عنه، فقالوا: ها هو ذا!!<br />
فنظر إذا هو بأبي عبيدة جالسس على الٔرضض، وهو منتكب القوسس، وفي يده أسسهم وهو<br />
يقلبها، فتعجب منه وسسأله لم يجلسس على الٔرضض؟ فكان مما قاله أبو عبيدة: “ما أصبهت<br />
أملك ديناراً ولا درهماً، وما أملك إلا فرسسي وسسلاحي وسسيفي... ولو كان عندي بسساط<br />
أو وسسادة ما كنت لٔجلسس عليه دون إخواني وأصهابي...”، فعرضض الرومي على<br />
أبي عبيدة أن يعطي كل مقاتل مسسلم دينارين وثوباً ويعطي أبا عبيدة ألف دينار، ويعطي<br />
الخليفة عمر ألفين، ويعطي المسسلمين أرضض البلقاء وسسواد الٔردن على أن يرجعوا وتكتب<br />
بذلك المواثيق، فرفضض أبو عبيدة وقال: إن االله أمرهم أن يعرضضوا على العدو إحدى ثلاش:<br />
الٕسسلام أو الجزية أو الهرب.... فانصرف الرومي . ٦٩ كان على الروم أن يدركوا أن<br />
المسسلمين أصهاب رسسالة، وأنهم لا يبيعون رسسالتهم بعرَضض ٍمن الدنيا، وهو درسس أيضضاً<br />
لٔولئك الموءرخين الذين يتششدقون بالدافع الاقتصادي وعوامل الجوع والعطشش التي<br />
يزعمون أنها دفعت المسسلمين للقيام بهركة الفته الٕسسلامي.<br />
كان قاءد الروم في المعركة هو سسَ قِلار بن مخراق، وقاءد المسسلمين أبو عبيدة، وفي الشلش<br />
الٔخير من ليلة الٕثنين ٢٨ ذي القعدة ١٣ه - ٢٣ كانون الشاني/ يناير ٦٣٥م تم َّت تعبئة<br />
المسسلمين وترتيبهم، وصلّوا الفجر، وجعل أبو عبيدة على الميمنة معاذ بن جبل، وعلى<br />
الميسرة هاششم بن عتبة، وعلى المششاة سسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وعلى الخيل<br />
خالد بن الوليد، وعبر بهم النهر باتجاه الروم . ٧٠<br />
أما الروم فظنوا أن المسسلمين في فهل لا يتوقعون عبورهم إليهم، وقدر قاءدهم أنه إذا<br />
جاءهم وجدهم نياماً فيفاجئهم، فسسار بجيششه نهو فهل . ٧١<br />
وفي الصباه بدأت المعركة، وكان القتال فيها أششد قتال اقتتلوه قط، وقتل خالد بن الوليد<br />
بنفسسه ١١ رجلاً من أششداءهم وبطارقتهم، وانتصر المسسلمون، وقيل إن ٨٠ ألفاً أصيبوا لم<br />
يفلت منهم إلا الشريد ، ٧٢ وذكر البلاذري أن قتلى الروم كانوا حوالي عشرة آلاف . ٧٣<br />
وبهذه المعركة غلب المسسلمون على أرضض الٔردن وأصابوا من ريفه أفضضل ما ترك<br />
الروم فأصبهت أقواتهم ومادتهم موفورة، وأخذ الروم ينتقلون إلى الهصون، وأصابهم<br />
الرعب مما أصابهم فلجأ الكشير من فرسسانهم وأغنياءهم إلى قيسسارية والقدسس . ٧٤<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٦
الاتجاه ششمالاً:<br />
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
وعلى الرغم من أن المسسلمين هزموا الروم هزيمتين كبيرتين على أرضض فلسسطين<br />
إحداهما في الجنوب “أجنادين” والٔخرى في الششمال “فهل - بيسسان” إلا أنهم لم يتابعوا<br />
طريقهم لفته باقي فلسسطين، وإنما اتجهوا ششمالاً، فهاصروا دمششق أربعة أششهر حتى<br />
فتهوها يوم الٔحد ١٥ رجب ١٤ه - ٣ أيلول/ سسبتمبر ٦٣٥م، ثم فتهوا بعلبك صلهاً<br />
أواخر ربيع الٔول ١٥ه - أواءل أيار/ مايو ٦٣٦م، ثم فتهوا حمص صلهاً بعد حصار<br />
اسستمر ١٨ ليلة في ٢١ ربيع الٓخرة ١٥ه - أول حزيران/ يونيو ٦٣٦م، وأرسسل أبو عبيدة<br />
بعدها طلاءع جنده إلى حلب، وإلى جهة الجزيرة، ولكن عمر بن الخطاب طلب منه أن يضضم<br />
أجناده ويتوقف. ففي تلك الفترة كانت تجري الاسستعدادات الكبرى لمعركة القادسسية بين<br />
المسسلمين والفرسس، ثم إن الروم كانوا يعدون لمعركة حاسسمة فاصلة، ولذلك دعا أبو عبيدة<br />
خالداً فبعشه إلى دمششق ليقيم بها في ألف من المسسلمين، كما كل َّف عمرو بن العاص، أن يقيم<br />
بجيششه في فلسسطين . ٧٥<br />
ثامناً: معركة اليرموك:<br />
كان هرقل خلال الهزاءم السسابقة المتكررة ما يزال مقيماً في أنطاكية يهششد قواته<br />
ويبعشها للقتال، ويبدو أنه عند سسقوط دمششق، وربما قبلها، أراد أن يهششد حششداً ضضخماً<br />
بأكبر قوة يسستطيعها ليدخل بها معركة فاصلة. وقد اختلفت الروايات في أعداد الروم<br />
وذكر الرواة أنه أقبلت من الجموع ما لا تحمله الٔرضض، ووصفهم الٔزدي قاءلاً: “فطبقوا<br />
الٔرضض مشل الليل والسسيل كأنهم الجراد السسود” ، ٧٦ أما تقديرات الرواة لٔعدادهم<br />
فتراوحت بين ١٠٠-٤٠٠ ألف، ولعل الٔقرب للصهة أنهم كانوا ٢٠٠ ألف بقيادة باهان<br />
،Vahan أما عدد المسسلمين فكان ٣٦ ألفاً منهم ألف من الصهابة رضضوان االله عليهم فيهم<br />
نهو مئة ممن ششهدوا بدرا٧٧ً .<br />
ولما بلغت أبا عبيدة أخبار جموع الروم الهاءلة، وكان المسسلمون قد سساحوا في أرضض<br />
الششام، قررت قيادة جيشش المسسلمين أن يتنهوا جانباً وينسسهبوا من حمص، وردوا<br />
لٔهلها جزيتهم؛ لٔنهم غير قادرين على حمايتهم . ٧٨ وعلى الرغم من أن عمر بن الخطاب<br />
كره هذا الرأي إلا أنه رضضي لٕجماعهم عليه، وأمدهم بقوة عليها سسعيد بن عامر وأوصى<br />
سسعيداً: “إني قد وليتك على هذا الجيشش ولسست بخير رجل منهم إلا أن تكون أتقى الله<br />
منه، فلا تششتم أعراضضهم ولا تضرب أبششارهم، ولا تحقر ضضعيفهم، ولا توءثر قويهم،<br />
وكن للهق تابعاً، ولا تتبع هوى ششاذاً...” . ٧٩ وهكذا فإن علاقة القيادة بالٔفراد في الجيشش<br />
٦٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الٕسسلامي علاقة متميزة تقوم على احترام إنسسانيتهم، ومراعاة مششاعرهم، والمسساواة<br />
والعدل بينهم لا كما يهدش في بعضض الجيوشش؛ حيش يتفنن أصهاب كل رتبة في إذلال<br />
من دونهم بهجة الانضضباط، فتقوم علاقة مبنية على الكراهية والخوف لا على الهب<br />
والاقتناع والولاء.<br />
ورجع أبو عبيدة إلى دمششق، ورد المسسلمون على أهلها ما جُ بي منهم ، ٨٠ وكان رأي<br />
المسسلمين أن يتجمعوا لعدوهم وينتظروا قدوم الٕمدادات لهم...، فخرج المسسلمون باتجاه<br />
الٔردن، وزحف جيشش الروم، وانضضم إليهم النصارى في المناطق التي في طريقهم...،<br />
وتجرأوا على المسسلمين . ٨١ وأرسسل أبو عبيدة إلى عمر أن “الروم قد نفرت إلى المسسلمين براً<br />
وبهراً، ولم يخلفوا وراءهم رجلاً يطيق حمل السسلاه إلا جاششوا به علينا، وأخرجوا معهم<br />
القسسيسسين والٔسساقفة، ونزلت إليهم الرهبان من الصوامع، واسستجاششوا بأهل أرمينية<br />
وأهل الجزيرة...” وأخبره رأي المسسلمين بالتنهي والتجمع حتى يأتي المدد... وقال<br />
“فالعجل العجل يا أمير الموءمنين بالرجال بعد الرجال، وإلا فاحتسسب أنفسس المسسلمين إن<br />
هم أقاموا ودينهم منهم إن هم تفرقوا، فقد جاءهم ما لا قِبل لهم به إلا أن يمدهم االله<br />
بملاءكته أو يأتيهم بغياش من قبله، والسسلام عليك” . ٨٢<br />
ولما وصل كتاب أبي عبيدة إلى عمر دعا المهاجرين والٔنصار فقرأه عليهم، فبكوا بكاء<br />
ششديداً وأششفقوا على إخوانهم، ولم يكن هناك مجال لٕرسسال غوش ومدد للمسسلمين لقرب<br />
الروم منهم، فأرسسل عمر يشبتهم ويششد من أزرهم، ويوءكد لهم في هذا الجو العصيب<br />
المعاني الٕسسلامية بما تحمله من إيمان وثقة باالله وموازين الصراع بين الهق والباطل...<br />
ومما جاء فيها “... فلا تهولنك كثرة ما جاء منهم فإن االله منهم بريء، ومن برئ االله<br />
منه كان قمناً ]جديراً[ ألا تنفعه كثرة، وأن يكله االله إلى نفسسه ويخذله، ولا توحششك قلة<br />
المسسلمين، فإن االله معك، وليسس قليلاً من كان االله معه. فأقم بمكانك الذي أنت فيه حتى تلقى<br />
عدوك وتناجزهم وتسستظهر االله عليهم، وكفى به ظهيراً وولياً ونصيراً...” “ولعمري إن<br />
أقام لهم المسسلمون وصبروا فأصيبوا لما عند االله خير للٔبرار”... ومما جاء في كتاب عمر<br />
لٔبي عبيدة أيضضاً:<br />
فأما قولك إنه قد جاءهم ما لا قِبل لهم به، فإن لا يكن لكم بهم قبل فإن الله بهم<br />
قبلاً، ولم يزل ربنا عليهم مقتدراً، ولو كنا واالله إنما نقاتل الناسس بهولنا وقوتنا<br />
وكثرتنا لهيهات ما قد أبادونا وأهلكونا، ولكن نتوكل على االله ربنا ونبرأ إليه من<br />
الهول والقوة ونسسأله النصر والرحمة، وإنكم منصورون إن ششاء االله على كل<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٦٨
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
حال، فأخلصوا الله نياتكم، وارفعوا إليه رغبتكم، واصبروا وصابروا ورابطوا<br />
واتقوا االله لعلكم تفلهون” وأوصاه عمر أن يقرأ كتابه على الناسس . 83<br />
وجاء الرسسول بكتاب عمر يوم دخل سسعيد بن عامر الجمهي بألف من المسسلمين مدداً<br />
من قبل عمر في معسسكر المسسلمين باليرموك، واسستبشر المسسلمون بالمدد، كما اسستبشروا<br />
برأي عمر . ٨٤<br />
كانت جيوشش المسسلمين قد اجتمعت بالجابية قبل أن تتجه إلى اليرموك، وفي الجابية<br />
اجتمع قادة المسسلمين وتداولوا الٔمر فكان رأي بعضضهم الانسسهاب جنوباً إلى أطراف<br />
الصهراء، أما خالد بن الوليد فقال: “أرى واالله إن كنا نقاتل ]بالكثرة والقوة[ هم أكثر<br />
منا وأقوى منا وما لنا بهم إذن طاقة، وإن كنا نقاتلهم باالله والله، فما ]أرى[ جماعتهم ولو<br />
كانوا أهل الٔرضض جميعاً أنها تغني عنهم ششيئاً” . ٨٥<br />
كان قادة المسسلمين يدركون خطورة الموقف، ويسستششعرون عظم المسوءولية، وفي هذا<br />
الموقف الذي تتزلزل فيه الٔقدام، ويهرب منه عششاق المناصب تقدم خالد بن الوليد وقال<br />
لٔبي عبيدة: “أتطيعني أنت فيما آمرك به؟” قال أبو عبيدة، أمين هذه الٔمة، وكله ثقة<br />
بخالد: نعم، فقال خالد: “فولني ما وراء بابك وخلني والقوم فإني لٔرجو االله أن ينصرني<br />
عليهم”، قال أبو عبيدة “قد فعلت” . ٨٦<br />
وهكذا فوضض أبو عبيدة خالداً بالقيادة الميدانية، بينما احتفظ لنفسسه، كما يظهر،<br />
بالقيادة العليا الرسسمية للجيشش. وظلّ خالد متأدباً مع أبي عبيدة فاسستششاره في قيادة<br />
الميمنة فرششه أبو عبيدة معاذاً فوافق خالد، وقال فولّها له، فولاها له أبو عبيدة، ورششه<br />
خالد قُباش بن أششيم على الميسرة، فأمره أبو عبيدة بذلك، وقال خالد: وأنا على الخيل،<br />
وول ِّ على الرجالة من ششئت، فاختار أبو عبيدة هاششم بن عتبة بن أبي وقاص فوافق<br />
خالد، فأمر أبو عبيدة بذلك. ثم إن أبا عبيدة أرسسل، بطلب من خالد، إلى أهل كل راية أن<br />
يطيعوا خالداً، ونقل الٔمر الضضهاك بن قيسس، فسسار على الناسس وهو يقول: “إن أميركم<br />
أبا عبيدة، يأمركم بطاعة خالد بن الوليد فيما يأمركم به” . ٨٧<br />
انسسهب المسسلمون من الجابية إلى أذرعات؛ حيش نزلوا خلف نهر اليرموك وجعلوا<br />
أذرعات خلفهم، ونزل الروم بين اليرموك ووادي الرقاد “الواقوصة” فهُ صروا من<br />
ثلاش جهات. وتحرك المسسلمون من أذرعات وعسسكروا مقابل الروم الذين لم يعد لهم<br />
طريق إلا على المسسلمين . ٨٨<br />
٦٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
كان المسسلمون، في المعارك السسابقة، يقاتلون متسساندين أي أن كل جيشش وحدة<br />
مسستقلة بذاتها تتعاون مع الجيوشش الٔخرى، وكان رأي خالد مزجها جيششاً واحداً،<br />
وإعادة تنظيمها بوحدات متناسسقة على ششكل كراديسس، فاجتمع بأمراء الجيشش واقتره<br />
لهم ذلك، وكان مما قاله: “إن هذا يوم من أيام االله لا ينبغي فيه الفخر ولا البغي، أخلصوا<br />
جهادكم، وأريدوا الله بعملكم فإن هذا اليوم له ما بعده”... “فقد أفرد كل رجل منكم ببلد<br />
من البلدان لا ينتقصه منه إن دان لٔحد من أمراء الجند، ولا يزيده عليه إن دانوا له. إن<br />
تأمير بعضضكم لا ينقصكم عند االله ولا عند خليفة رسسول االله ]....”. وهكذا عالج خالد<br />
مسسألة الٕمارة الهسساسسة بصراحة ووضضوه، وسسد على النفوسس منافذ الششيطان وسسوء<br />
الظن، وتمت الاسستجابة بسسلاسسة ويسر، وأعيد الترتيب بهيش يظهر كما يرى أحمد كمال<br />
أن أمراء الجيوشش كانوا هيئة إدارة عليا للميدان بدليل وجود أسسماء أخرى لقيادات الميمنة<br />
والميسرة والمششاة . ٨٩<br />
وقبيل المعركة دعا باهان قاءد الروم خالداً للتباحش، وفي المفاوضضات التي جرت بينهما<br />
تحدش باهان عن قوة أمته ومَنَعتها سساخراً من ضضعف ورق َّة حال العرب، وعرضض عليه<br />
أن يعطي الٔمير عشرة آلاف دينار، وأن يأخذ خالد عشرة آلاف، وكل رءيسس ألف دينار،<br />
ولكل فرد مئة دينار!! وهكذا تتكرر مرة أخرى لدى الروم تلك العقلية المسساومة التي تربط<br />
حركة الهياة بالمادة والمصلهة، ولم تسستوعب أصول الرسسالة الٕسسلامية وسسموها ودوافع<br />
حركتها الجهادية النبيلة. ويرد خالد على طره وعرضض باهان فيوءكد له ما ذكره مما كان<br />
عليه العرب من فقر وضضعف وفرقة وصراع ويبين له أن الذي اسستجد عليهم ليسس الفقر<br />
والجوع، وإنما “خروج النبي [ برسسالة الٕسسلام وأمره لهم بقتال من اتخذ مع االله آلهة<br />
أخرى....” وعرضض خالد على باهان إحدى ثلاش: الٕسسلام أو الجزية أو القتال . ٩٠<br />
ودعا الدرنجار قاءد ميسرة الروم رجلاً من نصارى العرب، وأمره أن يذهب<br />
ليتجسسسس على المسسلمين فذهب ومكش في معسسكرهم ليلة حتى أصبه، فأقام عامة يومه،<br />
ثم عاد إلى الدرنجار فقال له: “جئتك من عند قوم يقومون الليل كله يصلون ويصومون<br />
النهار، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رهبان بالليل أسسد بالنهار، لو يسرق<br />
ملكهم لقطعوا يده، ولو زنى لرجموه لٕيشارهم الهق، واتباعهم إياه على الهوى” فقال<br />
درنجار: “لئن كان هوءلاء القوم كما تزعم، وكما ذكرت لبطن الٔرضض خير -لمن يريد<br />
قتالهم- من ظهرها” . ٩١ هذا الوصف، هو الوصف الهقيقي لٔي جيشش مسسلم يرفع راية<br />
الهل الٕسسلامي لتهرير الٔرضض المباركة، واسستعادتها من أيدي الٔعداء.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٠
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
وفي يوم الٕثنين ٥ رجب ١٥ه - ١٢ آب/ أغسسطسس ٦٣٦م وقعت معركة اليرموك،<br />
ووضضع باهان على ميمنته ابن قناطر، وعلى ميسرته الدرنجار، ومعه جرجير في جند<br />
أرمينية، وجبلة بن الٔيهم الغسساني على الٔعراب الموالين للروم، وعددهم ١٢ ألفاً من<br />
قباءل لخم وجذام وبلقين وعاملة من قضضاعة وغسسان . ٩٢<br />
وزحف الروم على المسسلمين مشل “الليل والسسيل” وكانوا حوالي ١٢٠ ألفاً من المششاة،<br />
و٨٠ ألفاً من الفرسسان. وأخذ قادة المسسلمين يهشون الجنود على الصبر والجهاد، وسسار<br />
أبو عبيدة في المسسلمين فقال “يا عباد االله انصروا االله ينصركم ويشبت أقدامكم فإن وعد االله<br />
حق، يا معشر المسسلمين اصبروا فإن الصبر منجاة من الكفر ومرضضاة للرب ومدحضضة<br />
للعار، فلا تبرحوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدوءوهم بقتال، وأشرعوا<br />
الرماه، واسستتروا ]بالد ُّرق[ والزموا الصمت إلا من ذكر االله حتى آمركم إن ششاء االله” . ٩٣<br />
وكذا فعل معاذ بن جبل، وعمرو بن العاص الذي كان مما قاله: “فوالذي يرضضى<br />
الصدق ويشيب عليه، ويمقت الكذب ويعاقب عليه، ويجزي بالٕحسسان، لقد بلغني أن<br />
المسسلمين سسيفتهونها كفراً كفراً وقصراً قصراً، فلا يهولنكم جموعهم ولا عددهم، فإنكم<br />
لو صدقتموهم الششدة لقد انذعروا انذعار أولاد الهجل” . ٩٤<br />
وهكذا فعل أبو سسفيان بن حرب، وجاءت نسساء المسسلمين فوقفن على مرتفع<br />
خلف الصفوف فرجع إليهن َّ أبو سسفيان وأمر بالهجارة فألقيت بين أيديهن، وقال<br />
لهن: “لا يرجع أحد من المسسلمين إلا رميتن َّه بهذه الهجارة” . ٩٥<br />
وزحف الروم، وقد رفعوا الصلبان، وأقبلوا معهم الرهبان والقسسيسسون والبطارقة،<br />
وتبايع عظماوءهم على الموت، ودخل ٣٠ ألفاً منهم بالسسلاسسل، كل عشرة في سسلسسلة حتى<br />
لا يفروا . ٩٦<br />
ورجع خالد إلى نسساء المسسلمين فأمرهن أن يقتلن أي رجل أقبل إليهن َّ منهزماً من<br />
المسسلمين، ونظم خالد الجيشش بهيش كان الفرسسان خلف المششاة، وبهيش ينكسر الهجوم<br />
الرومي أمام المششاة، وعندما يفقد الروم نظامهم يهاجمهم خالد بفرسسانه وهي مرتاحة . ٩٧<br />
وبدأ الهجوم الرومي على ميمنة المسسلمين ثم الميسرة، وحدش التهام هاءل، وأمام<br />
سسيل الروم الجارف انكششف المسسلمون في الميمنة والميسرة، لكن المسسلمين صمدوا في<br />
القتال بين مد وجزر . ٩٨ وكان أششد القتال في الميمنة؛ حيش الٔزد قوم أبي هريرة الذي أخذ<br />
يهمسس المسسلمين هناك، ويقول “تزينوا للهور العين، وارغبوا إلى جوار ربكم عز وجل في<br />
٧١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
جنات النعيم، فما أنتم إلى ربكم في موطن من مواطن الخير أحب إليه منكم في هذا الموطن،<br />
ألا وإن للصابرين فضضلهم” . ٩٩ وهكذا فمن يتمعن في أقوال قادة المسسلمين والصهابة في<br />
المعركة (أبي عبيدة، ومعاذ، وعمرو، وأبي هريرة...) لا يرى حشاً على الدنيا ولا وعوداً<br />
بالمغانم والمناصب، وإنما دعوات للٕخلاص والصبر والذكر، وثقة بوعد االله ونصره،<br />
ورغبة في الششهادة والجنة.<br />
وعندما حدش الاختراق الرومي للميمنة والميسرة، وثبت القلب، تدفقت قوات الروم<br />
نهو معسسكر المسسلمين بالخلف، وظلت هناك صفوف المسسلمين تقاوم، ويعود إليها من<br />
جديد من كانت الروم قد اجتاحته.<br />
وفي هذا الجو العصيب، قال عكرمة بن أبي جهل: قاتلت رسسول االله [ في كل موطن،<br />
وأفر منه اليوم؟! من يبايع على الموت؟! فبايعه ٤٠٠ من وجوه المسسلمين وفرسسانهم<br />
فيهم الهارش بن هششام وضرار بن الٔزور فاسستبسسلوا أمام فسسطاط خالد، حتى أصيبوا<br />
جميعاً بجراه خطيرة فمنهم من قضضى نهبه، ومنهم من برئ مشل ضرار بن الٔزور . ١٠٠<br />
وقاتلت نسساء المسسلمين في هذا اليوم قتالاً ششديداً كخولة بنت الٔزور، وأم حكيم ابنة<br />
حكيم ابن الهرش، وسسلمى بنت لوءي، وأسسماء بنت أبي بكر...، كما قامت نسساء المسسلمين<br />
بمداواة الجرحى وسسقاية الماء . ١٠١<br />
كان خالد بن الوليد في نصف فرسسان المسسلمين وقيسس بن هبيرة في النصف الشاني<br />
لم يقاتلوا حتى تلك اللهظة، وعندما تكسرت صفوف الروم زحف خالد في فرسسانه<br />
إلى الروم، وقد أنهكهم التعب واختلت صفوفهم. أما فرسسان الروم الذين سسبقوا المششاة<br />
إلى معسسكر المسسلمين فقد انقطعت أخبارهم، ويبدو أنهم اسستمروا في طريقهم هرباً من<br />
المعركة والهصار وعددهم حوالي ٣٠ ألف فارسس، ولما رأى المسسلمون خيل الروم كذلك<br />
فتهوا لها مهرباً فذهبت في حالة من الفوضضى، وششد َّ خالد بفرسسانه على المششاة وقتل<br />
سستة آلاف وقيل عشرة آلاف ، ١٠٢ وقيل إنه تكسرت في يد خالد تسسعة أسسياف . ١٠٣<br />
وأخذ المسسلمون يزحفون مع هجوم خالد وقيسس... وتراجع الروم وقد سسد َّ المسسلمون<br />
عليهم المنافذ...، واندفعوا متراجعين إلى الواقوصة (وهو نهر الرقاد من جهة التقاءه<br />
باليرموك) وكانت حافته مرتفعة فتهاووا فيها، إذ كان الجو ضضباباً، وقيل كان ليلاً وهو<br />
الٔرجه؛ حيش قتل منهم في هذه الهاوية حوالي ٨٠ ألفاً، وقتل في المعركة ٥٠ ألفاً، واسستطاع<br />
الفرار تحت جنه الليل حوالي ٤٠ ألفاً، بينما كان قد هرب حوالي ٣٠ ألف فارسس . ١٠٤ أما<br />
المسسلمون فقد اسستششهد منهم حوالي ثلاثة آلاف . ١٠٥<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٢
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
اسستعادة الششام:<br />
وبانتهاء معركة اليرموك التي تعدّ إحدى المعارك الهاسسمة في التاريخ انكسرت<br />
ششوكة الروم في الششام، وأصبه فتهها أكثر سسهولة ويسراً على المسسلمين. وقد اسستفاد<br />
المسسلمون من هذه الفرصة، فقام خالد بسرعة كبيرة بمطاردة الروم واسستعادة الششام<br />
حتى حمص . ١٠٦ وعادت القيادة المباشرة على الجيوشش لٔبي عبيدة الذي انتقل معسسكره<br />
إلى مرج الصفر ومنها إلى دمششق . ١٠٧<br />
وفي أواخر آب/ أغسسطسس ٦٣٦م جاء أمر عمر إلى أبي عبيدة بإعادة الجيشش، الذي<br />
جاء مدداً من العراق مع خالد، فعاد إلى العراق سستة آلاف؛ ليدركوا معركة القادسسية التي<br />
وقعت بعد اليرموك بأربعين يوما١٠٨ً .<br />
وفي دمششق قسسّ م أبو عبيدة الششام على الٔمراء فاسستخلف يزيد بن أبي سسفيان على<br />
دمششق، وعمرو بن العاص على فلسسطين، وشرحبيل بن حسسنة على الٔردن، ومضضى<br />
أبو عبيدة إلى حمص. ومن دمششق خرج يزيد، وفي مقدمته معاوية بن أبي سسفيان ففته<br />
صيدا وعرقة وجبيل وبيروت وكان فتهاً يسسيراً. أما شرحبيل ففته باقي الٔردن<br />
بيسر... ففته سسوسسية، وأفيق، وجرشش، وبيت راسس، وقدسس، والجولان، وذلك في<br />
النصف الشاني من ١٥ه . ١٠٩<br />
تاسسعاً: فته فلسسطين:<br />
وانفته الطريق بعد اليرموك إلى فلسسطين، فاتجه عمرو بن العاص إليها، ففته<br />
سسبسسطية ونابلسس، ثم اللد ونواحيها، ثم يبنة وعمواسس وبيت جبرين، ثم هبط باتجاه<br />
الجنوب الغربي حتى فته رفه، وفي رواية حتى أنه فته يافا، وفي قول آخر أن معاوية هو<br />
الذي فتهها. ثم فته عمرو عسسقلان ثم انتقضض أهلها فأعاد معاوية فتهها في ولايته . ١١٠<br />
وذكر صاحب فتوه البلدان أن عمرو ابن العاص فته غزة على عهد أبي بكر . ١١١<br />
وهكذا فتهت فلسسطين، ولم يبقَ إلا قيسسارية وبيت المقدسس، أما بيت المقدسس فقد<br />
فتهت على الٔرجه في ربيع الٓخر ١٦ه - أيار/ مايو ٦٣٧م. فقد اتجه عمرو بن العاص<br />
إلى القدسس بعد أن أصبهت جيباً معزولاً وحاصرها، وبعد أن فرغ أبو عبيدة من تطهير<br />
ششمال الششام (حلب، أنطاكية...) سسار إلى عمرو وتولى الهصار بنفسسه.<br />
٧٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وكتب أهل القدسس إلى أبي عبيدة يطلبون الصله على مشل ما صالهت عليه مدن<br />
الششام، غير أنهم اششترطوا أن يتولى العقد عمر بن الخطاب... .<br />
اسستخلف عمر بن الخطاب علي َّ بن أبي طالب على المدينة، وسسار إلى الششام؛ حيش وافاه<br />
أمراء جيوشش المسسلمين في الجابية. ومع قدوم عمر هرب قاءد الروم (أرطبون) من القدسس،<br />
فكان الذي صاله عن أهل فلسسطين رجل من أهل إيلياء (القدسس) والرملة يدعى العو َّام.<br />
وقد صاله عمر أهل القدسس وهو بالجابية وكتب لهم هناك الصله . ١١٢ وقد جاء في نصه:<br />
بسسم االله الرحمن الرحيم. هذا ما أعطى عبد االله عمر أمير الموءمنين أهل إيلياء<br />
من الٔمان، أعطاهم أماناً لٔنفسسهم وأموالهم ولكناءسسهم وصلبانهم وسسقيمها<br />
وبريئها وسساءر ملتها، أنه لا تسسكن كناءسسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من<br />
خيرها ولا من صليبهم ولا من ششيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا<br />
يضضار أحد منهم، ولا يسسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود.<br />
وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المداءن، وعليهم أن يخرجوا<br />
منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسسه وماله حتى يبلغوا<br />
مأمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وله مشل ما على أهل إيلياء من الجزية... .<br />
وعلى ما في هذا الكتاب عهد االله وذمة رسسوله وذمة الخلفاء وذمة الموءمنين إذا<br />
أعطوا الذي عليهم من الجزية.<br />
ششهد على ذلك خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن بن عوف،<br />
ومعاوية بن أبي سسفيان، وكتب وحضر ١٥ه . ١١٣<br />
وهذا النص هو ما يعرف بالعهدة العمرية، وعلى أسساسسه فتهت القدسس، وهو<br />
يعكسس مدى التسسامه الديني الذي تمتع به المسسلمون؛ بهيش أصبه نموذجاً يهتذى في<br />
وقت كان التعصب الٔعمى والٕكراه على الدين يعم العالم.<br />
وقبل أن نسرد دخول عمر إلى القدسس نقف لهظات مع ذلك الجيل الرباني الذي<br />
فته الٔرضض، وحطم القوى الكبرى في ذلك الزمان. نقف مع الخليفة القاءد الزاهد<br />
عمر لنسستلهم من سسلوكه بعضض المعايير التي يهتاجها أولئك الذين يتصد َّرون العمل<br />
الٕسسلامي، ويتهملون أمانة وتبعات الجهاد والتهرير. فقد روى ابن أبي الدنيا عن<br />
أبي الغالية الششامي أن عمر قدم إلى الجابية “على جمل أورق، تلوه صلعته للششمسس،<br />
ليسس عليه قلنسسوة ولا عمامة، تصطفق رجلاه بين ششعبتي الرحل بلا ركاب....، وعليه<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٤
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
قميص من كرابيسس قد رَسسم وتخر َّق جنبه....، فنزع قميصه وغسسل ورقع” فقال<br />
له أحدهم: “أنت ملك العرب وهذه البلاد لا تصله بها الٕبل، فلو لبسست ششيئاً غير هذا،<br />
وركبت بردوناً لكان ذلك أعظم في أعين الروم” فقال عمر: “نهن قوم أعزنا االله بالٕسسلام<br />
فلا نطلب بغير االله بديلاً” . ١١٤<br />
ونقل ابن كشير عن طارق بن ششهاب قال:<br />
لما قدم عمر الششام عرضضت له مخاضضة، فنزل عن بعيره ونزع موقيه<br />
]حذاءه[ فأمسسكهما بيده، وخاضض الماء ومعه بعيره. فقال أبو عبيدة: قد صنعت<br />
اليوم صنيعاً عظيماً عند أهل الٔرضض، صنعت كذا وكذا، قال: فصك َّ في صدره<br />
وقال: أولو غيرك يقولها يا أبا عبيدة، إنكم كنتم أذل الناسس وأحقر الناسس وأقل<br />
الناسس، فأعزكم االله بالٕسسلام فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم االله . ١١٥<br />
وهنا نقف لنقول: إن الششعور الذاتي بالعزة والكرامة الناتجة عن الٕيمان، وتجاوز<br />
عُ قد النقص، والتأكيد على ما يبذله الٕنسسان من عمل لا على ما يظهر عليه من لباسس أو<br />
نعيم، هي من أحوج الهاجات لقادة المسسلمين وأفرادهم.<br />
لقد وضضع عمر ] وهو في طريقه إلى القدسس يده على القاعدة التي حكمت تاريخ<br />
المسسلمين منذ فجر الدعوة وحتى عصرنا، وهي أن االله أعزّ المسسلمين بالٕسسلام فمهما<br />
طلبوا العزّ بغيره أذلهم االله. وهي القاعدة التي أكدها رصيد التجربة، وهي القاعدة التي<br />
يسستند إليها دعاة الهل الٕسسلامي لتهرير أرضض الٕسراء والمعراج.<br />
رحمك االله يا عمر، كم من أناسس وقادة يخجلون إذا لم يلبسسوا البِذَل وربطات العنق،<br />
وإذا لم يلووا ألسسنتهم ببعضض الكلمات والمصطلهات الٕنجليزية، ويخجلون أن يقوموا<br />
للصلاة إن حان وقتها،... ولكنهم لا يخجلون أن يفر ِّطوا في أرضض الٕسراء والمعراج،<br />
وأن ينظروا للتسسوية السسلمية و”بركات” التطبيع...، كما لا يخجلون أن يتنكروا لتراش<br />
الٔنبياء ودماء الششهداء!!<br />
سسار عمر من الجابية حتى وصل إلى القدسس، وهو وغلامه يتبادلان الركوب على<br />
الجمل، ودخل عمر القدسس وهو يمششي على قدميه وغلامه راكب!! ويذكر أنه ششارك معه<br />
في فته القدسس أربعة آلاف من الصهابة، وهي المدينة الوحيدة التي اسستلم الخليفة عمر<br />
مفاتيهها بنفسسه. وعندما دخل القدسس صلى في محراب داود قارءاً سسورة ص،<br />
حيش سسجد سسجدة داود، ثم قارءاً في الركعة الشانية سسورة الٕسراء، التي تحدثت فواتحها<br />
٧٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
عن حادش الٕسراء ومباركة االله سسبهانه لٔرضض فلسسطين، ووعد االله سسبهانه بظهور<br />
اليهود مرتين وانتصار الموءمنين عليهم . ١١٦<br />
وسسأل عمر عن مكان الصخرة المباركة التي كانت اختفت معالمها؛ لٔنها اتُخذت<br />
مكاناً لٕلقاء الٔوسساخ والقمامة من قبل سسكانها النصارى، رداً على اليهود الذين اتخذوا<br />
مكان الششخص المصلوب بدل السسيد المسسيه (الذي ُ شبه للنصارى واليهود) مكاناً لٕلقاء<br />
الٔوسساخ والقمامة، والذي أنششأت هيلانة Helena أم الٕمبراطور قسسطنطين في مكانه<br />
كنيسسة “قمامة” التي عُ رفت بعد ذلك بكنيسسة “القيامة”. وقد دل َّ كعب الٔحبار عمر على<br />
المكان، فقام عمر بنفسسه يششاركه الصهابة وأهل المنطقة بإزالة الٔوسساخ عنها وتنظيفها،<br />
ثم أمر عمر ببناء الهرم فبني من الخششب بما يتسسع لهوالي ثلاثة آلاف من المصلين . ١١٧<br />
أما قيسسارية فقد فتهها معاوية بن أبي سسفيان في ششوال ١٩ه - تشرين الٔول/<br />
أكتوبر ٦٣٩م، وبذلك تمّ للمسسلمين فته كل فلسسطين. وقد كانت قيسسارية مدينة عامرة<br />
ضضخمة على البهر، ويبدو أن الروم أرادوا الاحتفاظ بها كموطئ قدم، وكان قد سسبقت<br />
فتهها محاولات عدة لم يكتب لها النجاه. فقد كان أول من حاصرها عمرو بن العاص<br />
١٣ه، وكان يعود لمهاصرتها بعد أن يششارك في اجتماع الجيوشش لمعارك أجنادين وفهل<br />
ومرج الصفر واليرموك، وحاصرها بعد فته القدسس ثم خرج إلى مصر، فولى عمر بن<br />
الخطاب يزيد بن أبي سسفيان، وأمره بغزوها فنهضض إليها في ١٧ ألفاً وحاصرها، ومرِضض<br />
آخر ١٨ه فمضضى لدمششق، واسستخلف أخاه معاوية الذي تمّ له فتهها قسراً.<br />
ويذكر البلاذري أن معاوية وجد فيها عندما فتهها ٧٠٠ ألف من المرتزقة، ومن<br />
السسامرة ٣٠ ألفاً، ومن اليهود ٢٠٠ ألف، و٣٠٠ سسوقٍ ، وكان يهرسس سسورها ١٠٠ ألف،<br />
وقيل إن قتلى الروم عند فتهها كانوا حوالي ١٠٠ ألف، وسسبي أربعة آلاف أرسسلهم<br />
معاوية إلى عمر فأنزلهم الجرف . ١١٨ غير أنه، على ما يبدو، فإن هناك مبالغة كبيرة في<br />
ذكر أعداد المرتزقة واليهود والٔسسواق، ولعلها في الهقيقة أقل من ذلك بكشير.<br />
وظلّ عمر بن الخطاب في القدسس بضضعة أيام، وقبل أن يغادر خطب في المسسلمين<br />
“يا أهل الٕسسلام، إن االله تعالى قد صدقكم الوعد، ونصركم على الٔعداء، وأورثكم البلاد،<br />
ومك َّن لكم في الٔرضض، فلا يكون جزاوءه منكم إلا الششكر، وإياكم والعمل بالمعاصي، فإن<br />
العمل بالمعاصي كفر بالنعم، وقلما كفر قوم بما أنعم االله عليهم ثم لم يفرغوا إلى التوبة إلا<br />
سسلبوا عزهم، وسسلط االله عليهم عدوهم” . ١١٩<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٦
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
هذا ما قاله عمر، وهو الذي جعل االله الهق على لسسانه، وهذه هي الهقيقة التي<br />
نعايششها اليوم، والتي عايششها المسسلمون أيام الهروب الصليبية، كفر بالنعم وعمل<br />
بالمعاصي يتبعه سسلب للعز وتسسليط العدو على رقاب المسسلمين.<br />
عاشراً: الٕسسلام يترسسخ في فلسسطين:<br />
وبعد الفته الٕسسلامي لفلسسطين أخذت هذه الٔرضض تكتسسب من جديد هويتها<br />
الٕسسلامية؛ إذ دخل أهلها في الٕسسلام، وكان للصهابة الذين عاششوا فيها أثرهم في تعميق<br />
مفاهيمه ونشرها.<br />
فمن الصهابة الذين اسستوطنوا في فلسسطين عبادة بن الصامت (ت ٣٤ه) وهو من<br />
الخزرج، ششهد بدراً وأحداً والخندق والمششاهد كلها مع رسسول االله [ وكان ] طويلاً<br />
جسسيماً جميلا١٢٠ً .<br />
ومنهم أيضضاً ششداد بن أوسس (ت ٥٨ه) ] وهو خزرجي، ابن أخي حسسان بن ثابت،<br />
ولي إمارة حمص لعمر بن الخطاب، وكانت وفاته أواخر ولاية معاوية في القدسس، وأسسامة<br />
بن زيد بن حارثة (ت ٥٧ه) ] سسكن ناحية الرملة ومات بها، وواثلة بن الٔسسقع<br />
(ت ٨٥ه) ] الذي سسكن بيت المقدسس ومات بها، وفيروز الديلمي ] وهو من فرسس<br />
صنعاء وهو قاتل مد َّعي النبوة الٔسسود العنسسي، ودحية الكلبي ] ششهد كشيراً من<br />
الوقاءع، كما ششهد اليرموك، بعشه رسسول االله [ إلى قيصر الروم يدعوه للٕسسلام فلقيه<br />
في القدسس وسسلمه الرسسالة، وسسكن فلسسطين وعاشش فيها إلى خلافة معاوية، وتوفي في قرية<br />
“الدحي” التي نسسبت إليه وجبلها القاءمة عليه، وقبره معروف يُزار ، ١٢١ والصهابي<br />
عبد الرحمن بن غنم الٔششعري (ت ٧٨ه) ] فقيه الششام وششيخ أهل فلسسطين، كان<br />
ضضمن البعشة التعليمية التي أرسسلها ابن الخطاب، لتعليم أهل فلسسطين أمور دينهم ، ١٢٢<br />
والصهابي علقمة بن مجزر الكناني، أرسسله في تبوك للاسستطلاع إلى فلسسطين، ششهد<br />
اليرموك وحصار بيت المقدسس، وكان عاملاً لعمر بن الخطاب على القدسس . ١٢٣<br />
والصهابي أوسس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت، ششهد بدراً والمششاهد كلها<br />
ومات بفلسسطين وعمره ٨٥ سسنة . ١٢٤<br />
والصهابي مسسعود بن أوسس بن زيد، ششهد بدراً وفته مصر، وتوفي بالقدسس.<br />
والصهابي سسلام بن قيسس بن قيصر الهضرمي (وقيل سسلامة أو سسلمة)، كان والياً<br />
لمعاوية على بيت المقدسس . ١٢٥<br />
٧٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
والصهابي زنباع بن روه الجذامي، وهو من أهل فلسسطين قبل الٕسسلام ، ١٢٦ ومالك<br />
السرايا مالك بن عبد االله الخشعمي ] ومنهم من يجعله في عداد التابعين، ولي الصواءف<br />
زمن معاوية ثم يزيد ثم عبد الملك، وهو من أهل فلسسطين . ١٢٧<br />
ومن الصهابة أيضضاً الذين عاششوا وتوفوا في فلسسطين أبو ريهانة ششمعون الٔنصاري،<br />
وسسويد بن زيد، وذو الٔصابع التميمي، وأبو أبيّ بن أم حرام الٔنصاري الخزرجي،<br />
وأنيف بن ملة الجذامي، وسسويد بن زيد الجذامي، وسسعد بن واءل بن عمرو العبيدي الجذامي،<br />
وأبو رويهة الفزعي واسسمه ربيعة بن السسكل أجمعين . ١٢٨<br />
وممن سسكن بيت المقدسس من الصهابة إبراهيم بن أبي علة العقيلي، ويزيد بن سسلام،<br />
وعبد االله بن محيريز الجمهي، وزياد بن أبي سسودة ] ١٢٩ .<br />
ورفع التابعون راية الصهابة على أرضض فلسسطين، وهناك الكشير ممن ولد فيها<br />
أو سسكنها أو زارها، ومنهم رجاء بن حيوة الكندي (ت ١١٢ه/٧٣٠م) وهو من أهل<br />
فلسسطين من مواليد بيسسان، وكان أميناً على بيوت أموال عبد الملك بن مروان، وهو الذي<br />
أششار على سسليمان بن عبد الملك بتولية عمر بن عبد العزيز. ومن التابعين أيضضاً عبادة بن<br />
نسسي الكندي (ت ١١٨ه/٧٣٦م) وكان جليل القدر، يُنعت بسسيد أهل الٔردن، تولى قضضاء<br />
طبريا، ومنهم أيضضاً مالك بن دينار، والٔوزاعي، وروه بن زنباع، وهانئ ابن كلشوم بن<br />
عبد االله، وحميد بن عبد االله اللخمي، وسسفيان الشوري، وابن ششهاب الزهري . ١٣٠<br />
ومن كبار الٔءمة والفقهاء الذين عاششوا في فلسسطين وزاروها الٕمام الششافعي الذي<br />
ولد في مدينة غزة، وإبراهيم بن أدهم، والليش بن سسعد، وأبو بكر محمد الطرطوششي،<br />
وأبو بكر الجرجاني، وابن قدامة المقدسسي. أما الٕمام ابن حجر أحمد بن علي العسسقلاني<br />
فقد ولد وعاشش في مصر بعد أن هاجر إليها أسسلافه بعد خراب عسسقلان ٦٦٩ه . ١٣١<br />
وإلى فلسسطين ينتسسب الفاتح الٕسسلامي الكبير موسسى بن نصير اللخمي (٩٧-١٩ه)<br />
فاتح الٔندلسس، وعبد الهميد بن يهيى الكاتب، وكان جده من موالي بني عامر الذي<br />
دعي المرج باسسمهم (مرج بني عامر) أصله من قيسسارية، رءيسس فنّ الكتابة وسسيد<br />
الٕنششاء وششيخ الدواوين صاحب مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية، وقتل معه<br />
سسنة ١٣٢ه/٧٥٠م . ١٣٢ وإلى فلسسطين أيضضاً ينتسسب أول علماء الكيمياء المسسلمين الكبار<br />
خالد بن يزيد الٔموي، وهو أول من نقل علوم الفرضج إلى العربية في دولة الٕسسلام . ١٣٣<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٧٨
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
ويمكن أن ينسسب إلى فلسسطين، حسسب التقسسيمات الجغرافية الٕسسلامية القديمة، أول<br />
ثلاثة خلفاء من دولة بني العباسس؛ إذ ولد كل من أبي العباسس السسفاه، وأبي جعفر المنصور<br />
وابنه المهدي في الهميمة من جند فلسسطين (الششام الٔولى)، وهي تقع الٓن شرق الٔردن<br />
على يمين الطريق من معان إلى العقبة . ١٣٤<br />
ومن الوزارء “الفلسسطينيين” المششهورين الربيع بن يونسس، الذي ينتسسب إلى العاءلة<br />
الكيسسانية من جبل الخليل، كان حاجباً ثم وزيراً للمنصور، ثم وزيراً ومسستششاراً للمهدي،<br />
أما ابنه الفضضل بن الربيع فعمل حاجباً للمنصور، ثم وزيراً للمهدي، ثم وزيراً للهادي،<br />
ثم حاجباً لهارون الرششيد، ثم وزيراً للٔمين بن هارون الرششيد ، ١٣٥ ومن الوزراء أيضضاً<br />
معاوية بن عبيد االله بن يسسار الٔششعري الطبراني اسستوزره المهدي، وفوضض إليه أمر الدولة<br />
العباسسية، وفي أيام وزارته علا ششأن الوزارة لكفاءته ومقدرته ، ١٣٦ وأحمد بن أبي خالد يزيد<br />
بن عبد الرحمن الكاتب الٔحول، وكان من خيار الوزراء الذين اسستوزرهم المأمون . ١٣٧<br />
ومن العلماء المعروفين عقيل بن خالد الٔيلي (ت ١٤٤ه) روى الهديش عن<br />
مالك بن أنسس، وآدم بن أبي عباسس العسسقلاني (ت ٢٢٠ه) روى عنه البخاري،<br />
والعباسس بن محمد الجرجي (ت ٣٢٠ه) محدش فلسسطين ينسسب إلى قرية بيت جرجا<br />
من أعمال غزة، وسسليمان بن أحمد اللخمي الطبراني (ت ٣٤٠ه)، وهو رحالة<br />
ومحدش مششهور من مواليد طبريا . ١٣٨<br />
وقد أحصى أحد الباحشين المعاصرين أعيان المتوفين في بيت المقدسس فقط في العهود<br />
الٕسسلامية فوجد أنهم تسسعة من الصهابة، و٦٠ من الملوك والٔمراء وأرباب الهكم،<br />
و١٦٧ من العلماء و٦٦ من الٔولياء والصالهين و٥٣ من القضضاة... وأضضاف أن هذا<br />
غيضض من فيضض من أعيان المدفونين في بيت المقدسس؛ لٔن هناك كشيراً ممن توفوا فيها<br />
ضضاعت أسسماوءهم...، هذا في القدسس وحدها فكيف بأرضض فلسسطين كلها؟! . ١٣٩<br />
٧٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
هوامشش الفصصل الشاني<br />
١ رواه البخاري ومسسلم وابن ماجه وأبو داود، انظر: المناوي، فيضض القدير: شره الجامع الصغير، ط ٢<br />
(لا مكان: دار الفكر، ١٩٧٢)، ج ٦، ص ٤٠٣.<br />
٢ حديش حسسن رواه الطبراني، انظر: المرجع نفسسه، ج ٤، ص ٢٢٨.<br />
٣ القرآن الكريم، سسورة الٕسراء: ١.<br />
٤ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٧١.<br />
٥ إسسماعيل بن كشير، تفسسير القرآن العظيم (بيروت: دار إحياء التراش العربي، ١٩٦٩)، ج ٣، ص ١٨٤-١٨٥.<br />
٦ القرآن الكريم، سسورة الٔنبياء: ٨١.<br />
٧ ابن كشير، تفسسير القرآن العظيم، ج ٣، ص ١٨٧.<br />
٨ القرآن الكريم، سسورة سسبأ: ١٨.<br />
٩ ابن كشير، تفسسير القرآن العظيم، ج ٣، ص ٥٣٣.<br />
١٠ محمد علي الصابوني، صفوة التفاسسير، ط ٤ (بيروت: دار القرآن الكريم، ١٩٩٨)، ج ٢، ص ١٥١.<br />
١١ القرآن الكريم، سسورة الماءدة: ٢١.<br />
١٢ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ١، ق ١، ص . ٣٤٣<br />
١٣ محمد ناصر الدين الٔلباني، تخريج أحاديش “فضضاءل الششام ودمششق” للربعي (دمششق: المكتب الٕسسلامي،<br />
لا تاريخ)، ص ٥.<br />
١٤ حديش صهيه رواه الٕمام أحمد في مسسنده ٤٦٣/٦، وابن ماجه في سسننه ٤٢٩/١، نقلاً عن: محمد عشمان ششبير،<br />
بيت المقدس وما حوله (الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٩)، ص ٢٤.<br />
١٥ حديش صهيه رواه الطبراني ورجاله ثقات، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ص ٢٦.<br />
١٦ حديش صهيه، أخرجه الهاكم وأبو نعيم في الهلية، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ص ٢٧.<br />
١٧ رواه الطبراني، وقال الهيشمي فيه أرطأة بن المنذر وبقية رجاله ثقات، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ص ٢٧.<br />
١٨ رواه الٕمام أحمد، نقلاً عن: المرجع نفسسه، ص ٣١.<br />
١٩ انظر حول الفترة من بعشة المسسيه وحتى الفته الٕسسلامي في: محمود سسعيد عمران، معالم تاريخ<br />
الٕمبراطورية البيزنطية (بيروت: دار النهضضة العربية، ١٩٨١)، ص ٧٥-١٩؛ وجوزيف نسسيم يوسسف،<br />
تاريخ الدولة البيزنطية (الٕسسكندرية: موءسسسسة ششباب الجامعة، دون تاريخ)، ص ٣٥-١١١، وانظر:<br />
Moses Hadas, A History of Rome: from its Origins to 529 A.D (US: Peter Smith, 1976); and<br />
A.H.M. Jones, The Later Roman Empire 284-602 (Paltimore (US): Johns Hopkins, 1986).<br />
٢٠ حول ميلاد رسسول االله (]) والفترة المكية انظر مشلاً: عبد السسلام هارون، تهذيب سسيرة ابن هششام، ط ٦<br />
(بيروت والكويت: موءسسسسة الرسسالة و دار البهوش العلمية، ١٩٧٩)، ص ١١٨-٣٦؛ وابن كشير، البداية<br />
والنهاية، ج ٣، ص ٢-١٧٧.<br />
٢١ ظلّ المسسجد الٔقصى قبلة المسسلمين الٔولى في الصلاة حتى السسنة الشانية للهجرة، انظر: عبد السسلام هارون،<br />
تهذيب سسيرة ابن هششام، ص ١٣٥.<br />
٢٢ انظر: المرجع نفسسه، ص ٨٩-٩٢، وابن كشير؛ البداية والنهاية، ج ٣، ص ١٠٨-١١٨.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٠
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
٢٣ القرآن الكريم، سسورة الٔحزاب: ١٠.<br />
٢٤ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٤، ص ٩٩-١٠٢ .<br />
٢٥ انظر كتبه (]) إلى الملوك في: المرجع نفسسه، ج ٤، ص ٢٦٢-٢٧٣.<br />
٢٦ أحمد عادل كمال، الطريق إلى دمششق (بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٠)، ص ١٤٨.<br />
٢٧ القرآن الكريم، سسورة الروم: ٢-٤.<br />
٢٨ انظر: عبد السسلام هارون، تهذيب سسيرة ابن هششام، ص ٢٤٢-٢٣٨؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق،<br />
ص ١٤٥-١٤٩.<br />
٢٩ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٥، ص ٢-١٨.<br />
٣٠ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٦، ص ٣٠٥-٣٠٤؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ١٥٢-١٥٦.<br />
٣١ سسيد قطب، الجهاد في سسبيل االله، ص ٩٩-١٠٦.<br />
٣٢ حسسن البنا، مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا (القاهرة: دار الششهاب، دون تاريخ)، ص ٨٥.<br />
٣٣ القرآن الكريم، سسورة التوبة: ١١١.<br />
٣٤ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ١٧٣.<br />
٣٥ علي بن محمد الششيباني المعروف بابن الٔثير، الكامل في التاريخ (بيروت: دار صادر للطباعة والنشر، دار<br />
بيروت للطباعة والنشر، ١٩٦٥)، ج ٢، ص ٤٠٤.<br />
٣٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١١-١٢.<br />
٣٧ المرجع نفسسه، ص ٢٣-٢٤.<br />
٣٨ المرجع نفسسه، ص ١٧.<br />
٣٩ المرجع نفسسه، ص ١٨.<br />
٤٠ محمد بن عمر الواقدي، فتوه الششام (بيروت: دار الجيل، دون تاريخ)، ص ١٥-١٦.<br />
٤١ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٦، ص ٣٥٢.<br />
٤٢ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٢، ص ٤٠٤.<br />
٤٣ أبو الهسسن علي بن الهسسين بن علي المسسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق: محي الدين عبد الهميد،<br />
ط ٢ (مصر: مطبعة السسعادة، ١٩٤٨)، ج ٢، ص ٣١٥.<br />
٤٤ الواقدي، مرجع سسابق، ص ١٥-١٦.<br />
٤٥ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٣-٢٤.<br />
٤٦ أحمد كمال، الطريق إلى المداءن، ط ٦ (بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٦)، ص ٢٦٣-٢١٢؛ وأحمد كمال، الطريق<br />
إلى دمششق، ص ١٥٩.<br />
٤٧ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ١٦١-١٦٢.<br />
٤٨ المرجع نفسسه، ص ١٧٠-١٦٢؛ والٔزدي، تاريخ فتوه الششام، تحقيق: عبد المنعم عبد االله عامر (القاهرة:<br />
موءسسسسة سسجل العرب، ١٩٧٠)، ص ١-٦.<br />
٤٩ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ١٧١.<br />
٥٠ المرجع نفسسه، ص ١٧٦-١٩٢.<br />
٥١ المرجع نفسسه، ص ١٩٦-١٩٥؛ والٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٧.<br />
٨١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٥٢ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٢٠٩، و٢١٥.<br />
٥٣ المرجع نفسسه، ص ٢٣٩-٢٤٠، و٢٤٧.<br />
٥٤ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٣٠.<br />
٥٥ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٢٠٨-٢١٠.<br />
٥٦ المرجع نفسسه، ص ٢٣٨-٢٤٢.<br />
٥٧ المرجع نفسسه، ص ٢٧٣.<br />
٥٨ المرجع نفسسه، ص ٢٧٢-٢٦٣؛ وانظر: البلاذري، فتوه البلدان (بيروت: دار الكتب العلمية، ١٩٨٣)، ص ١٢٠.<br />
٥٩ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٩٠.<br />
٦٠ محمد بن جرجير الطبري، تاريخ الرسسل والملوك، تحقيق: محمد أبو الفضضل إبراهيم، ط ٢ (القاهرة: دار<br />
المعارف، ١٩٦٩)، ج ٣، ص ٤١٨.<br />
٦١ البلاذري، مرجع سسابق، ق ١، ص ١٣٥؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٢٨٠-٢٨١.<br />
٦٢ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٢٩١-٢٩٨.<br />
٦٣ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٠٣-١٠٢؛ وأيضضاً: أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٠٥.<br />
٦٤ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٠٦-٣٠٥؛ وحسسب الٔزدي فإن الكلام الوارد في هذا النص على<br />
لسسان أبي عبيدة كتبه عمر بن الخطاب بنفسسه إلى أبي عبيدة ومعاذ بن جبل رداً على رسسالتهما إليه، انظر:<br />
الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٠٢.<br />
٦٥ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٣٤، و٣٤٦؛ والٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٣١.<br />
٦٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١١٣-١١٤.<br />
٦٧ المرجع نفسسه.<br />
٦٨ انظر نص مفاوضضة معاذ للروم في: الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١١٥-١٢١.<br />
٦٩ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٢١-١٢٥.<br />
٧٠ المرجع نفسسه، ص ١٣٠؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٣٢.<br />
٧١ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٣٣.<br />
٧٢ المرجع نفسسه، ص ٣٤٤؛ والٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٣٦.<br />
٧٣ البلاذري، مرجع سسابق، ص ١٢٢.<br />
٧٤ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٣٤٤، و٣٤٩.<br />
٧٥ المرجع نفسسه، ص ٣٥٨-٤٠١.<br />
٧٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٩٤.<br />
٧٧ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٠٧-٤٠٦؛ وانظر: الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٥٢؛ والبلاذري،<br />
مرجع سسابق، ص ١٤١.<br />
٧٨ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٥٣-١٥٦.<br />
٧٩ المرجع نفسسه، ص ١٨٦.<br />
٨٠ المرجع نفسسه، ص ١٦٠.<br />
٨١ المرجع نفسسه، ص ١٦٠-١٦٩.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٢
الفته الٕسسلامي لفلسسطين<br />
٨٢ المرجع نفسسه، ص ١٨٠-١٨٢.<br />
٨٣ المرجع نفسسه، ص ١٨٣.<br />
٨٤ المرجع نفسسه، ص ١٨٤.<br />
٨٥ المرجع نفسسه، ص ١٧٠؛ وفي النص المششار إليه بين القوسسين ذكر الٔزدي ويبدو أن الصهيه هو “بالكثرة<br />
والقوة”، انظر: أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٢٨-٤٢٩.<br />
٨٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٧٠-١٧١.<br />
٨٧ المرجع نفسسه، ص ١٨٩.<br />
٨٨ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٣٣، و٤٤٤.<br />
٨٩ المرجع نفسسه، ص ٤٤٥.<br />
٩٠ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ١٩٩-٢٠٧.<br />
٩١ المرجع نفسسه، ص ٢١١.<br />
٩٢ المرجع نفسسه، ص ٢١٠؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٦٦، و٤٧١.<br />
٩٣ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢١٨؛ الكلمة المششار إليها بين القوسسين ذكرت في نص الٔزدي “بالورق”.<br />
٩٤ المرجع نفسسه، ص ٢١٩.<br />
٩٥ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٧٤.<br />
٩٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٢٠.<br />
٩٧ المرجع نفسسه، ص ٢٢١؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٧٥.<br />
٩٨ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٧٦-٤٨٠.<br />
٩٩ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٢٥؛ والواقدي، مرجع سسابق، ص ٢٠٦.<br />
١٠٠ الطبري، مرجع سسابق، ج ٣، ص ٤٠١.<br />
١٠١ الواقدي، مرجع سسابق، ص ٢١٧-٢١٨.<br />
١٠٢ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٨٧-٤٨٩.<br />
١٠٣ الواقدي، مرجع سسابق، ص ٢١٨.<br />
١٠٤ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٣١؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٩١-٤٩٤.<br />
١٠٥ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٤٩٦، وذكر الواقدي أن ششهداء المسسلمين كانوا أربعة آلاف، انظر:<br />
الواقدي، مرجع سسابق، ص ٢٢٦.<br />
١٠٦ الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٣١.<br />
١٠٧ أحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٥٠٠.<br />
١٠٨ المرجع نفسسه، ص ٥٠٩-٥١٠.<br />
١٠٩ المرجع نفسسه، ص ٥١١-٥١٦.<br />
١١٠ المرجع نفسسه، ص ٥١٣.<br />
١١١ البلاذري، مرجع سسابق، ص ١٤٤.<br />
١١٢ حول فته القدسس، انظر: الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٥٩-٢٤٦؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق،<br />
ص ٥٢٧-٥٢٣؛ والطبري، مرجع سسابق، ج ٣، ص ٦٠٧-٦٠٨.<br />
٨٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١١٣ الطبري، مرجع سسابق، ج ٣، ص ٦٠٩.<br />
١١٤ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٧، ص ٥٩-٦٠.<br />
كرابيسس: ثوب خششن غليظ.<br />
١١٥ المرجع نفسسه، ج ٧، ص ٦٠.<br />
١١٦ انظر: الٔزدي، مرجع سسابق، ص ٢٥٩-٢٤٦؛ وانظر: مجير الدين الهنبلي، الٔنس الجليل بتاريخ القدس<br />
الجليل (عمّان: مكتبة المهتسسب، ١٩٧٣)، ج ١، ص ٢٥٥.<br />
١١٧ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ٧، ص ٢٢٢.<br />
١١٨ انظر: البلاذري، مرجع سسابق، ص ١٤٨-١٤٥؛ وأحمد كمال، الطريق إلى دمششق، ص ٥٣٤-٥٣٥.<br />
١١٩ مجير الدين الهنبلي، مرجع سسابق، ج ١، ص ٢٥٨.<br />
١٢٠ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق ٢، ص ٩٦.<br />
١٢١ انظر: المرجع نفسسه، ج ٩، ق ٢، ص٩٧؛ ومصطفى مراد الدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها في بلادنا<br />
فلسسطين (بيروت: دار الطليعة، ١٩٧٩)، ص ٤٧-٤٨، و١٨٨.<br />
١٢٢ الدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها، ص ١٠٤.<br />
١٢٣ المرجع نفسسه، ص ١٨٨.<br />
١٢٤ الدباغ، بلادنا فلسسطين، ج ٩، ق ٢، ص ٩٧.<br />
١٢٥ انظر: ضضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسسي الهنبلي، فضضاءل بيت المقدس، تحقيق<br />
محمد مطيع حافظ، سسلسسلة فضضاءل الششام رقم ٢ (دمششق: دار الفكر، ١٩٨٥)، ص ٩٠-٩٢.<br />
١٢٦ الدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها، ص ١٠٤.<br />
١٢٧ المرجع نفسسه، ص ٩٨-٩٩.<br />
١٢٨ ضضياء الدين المقدسسي، مرجع سسابق، ص ٩٢-٩٠؛ والدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها، ص ٩٨،<br />
و١١٣-١١١.<br />
١٢٩ ششفيق جاسر أحمد محمود، تاريخ القدس: العلاقة بين المسسلمين والمسسيهيين فيها منذ الفته الٕسسلامي<br />
حتى الهروب الصليبية (عمّان: دار البششير للنشر والتوزيع، ١٩٨٤)، ص ١٢٥-١٢٦.<br />
١٣٠ مصطفى مراد الدباغ، من هنا وهناك (بيروت: الموءسسسسة العربية للدراسسات والنشر، ١٩٨٦)، ص ٨٠, و١٠٩.<br />
١٣١ الدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها، ص ١٨٧؛ وششفيق محمود، مرجع سسابق، ص ١٢٦-١٤٣.<br />
١٣٢ انظر: الدباغ، من هنا وهناك، ص ٨١-٨٠؛ والدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها، ص ١٣٨-١٤٠.<br />
١٣٣ انظر: صاله مسسعود أبو بصير، جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف قرن، ط ٣ (بيروت: دار الفته للطباعة<br />
والنشر، ١٩٧٠)، ص ٢٤-٢٥.<br />
١٣٤ الدباغ، من هنا وهناك، ص ٨١.<br />
١٣٥ المرجع نفسسه، ص ٨٢.<br />
١٣٦ المرجع نفسسه.<br />
١٣٧ المرجع نفسسه، ص ٨٣.<br />
١٣٨ المرجع نفسسه، ص ١١٢.<br />
١٣٩ جميل العسسلي، أجدادنا في ثرى بيت المقدس: دراسسة تاريخية لمقابر القدس وتربها وإثبات بأسسماء الٔعيان<br />
المدفونين فيها (عمّان: موءسسسسة آل البيت: المجموع الملكي لبهوش الهضضارة الٕسسلامية، ١٩٨١)، ص ١٥٠.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٤
الفصصل الشالش<br />
المسسلمون في مواجهة<br />
الصصليبيين والتتار
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
المسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
أولاً: سسنن الله في النصصر والهزيمة:<br />
إن سسنن االله سسبهانه في نصر المسسلمين ترتبط ارتباطاً لا ينفصم بمدى التزامهم<br />
بأحكام دينهم وشريعة ربهم، وهذا ما أثبتته نصوص القرآن الكريم والسسنة النبوية،<br />
وما أكدته تجارب التاريخ، وما أصاب حياة المسسلمين من مد ٍّ وجزر.<br />
• فالنصر لا يأتي إلا من االله، قال تعالى چگ گ ڳ ڳ ڳ ڳچ ، ١ وقال سسبهانه<br />
چچ چ ڇ ڇ ڇ ڇڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژژچ . ٢<br />
• واالله ينصر الفئة الموءمنة الصادقة چے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ<br />
ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ ، ٣ وقال سسبهانه چڦ ڦ ڄ ڄ ڄ<br />
ڄ ڃچ . ٤<br />
• والنصر يتهقق للموءمنين متى أحسسنوا الصلة باالله سسبهانه، والتزموا كتابه، وسسنة نبيه،<br />
ونصروا دينه چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ . ٥<br />
• وعوامل النصر الهقيقية تتمشل في: الشبات عند لقاء العدو، والاتصال باالله والذكر،<br />
وطاعة االله، وطاعة الرسسول، وتجنب النزاع والششقاق، والصبر على تكاليف المعركة،<br />
وقد ذكرها االله سسبهانه فقال چى ئا ئا ئە ئە ئو ئو ئۇ<br />
ئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پپ<br />
ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺچ . ٦<br />
ومن طاعة االله ورسسوله الاسستجابة لما أمرنا به من بذل للٔسسباب في العدة والٕعداد<br />
چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ ، ٧ وكذلك بيع النفسس الله، والٕنفاق والجهاد في<br />
سسبيل االله.<br />
• والموءمنون العاملون هم سسادة الٔرضض وحكامها، قال تعالى چڤ ڤ ڦ ڦ ڦ<br />
ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ<br />
چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژڑ ڑ<br />
ک ک ک ک گ گچ . ٨<br />
٨٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• وعندما تقع الهزيمة للفئة الموءمنة، فلا بدّ أن تكون هناك ثغرة في حقيقة الٕيمان، إما<br />
في الششعور وإما في العمل، وبقدر هذه الشغرة تكون الهزيمة الوقتية، ثم يعود النصر<br />
للموءمنين حين يوجدون، وبعد أن يسسدوا ما بهم من ثغرات.<br />
فمشلاً كانت الشغرة في “أحد” في ترك طاعة الرسسول عليه الصلاة والسسلام وفي الطمع<br />
في الغنيمة، وفي “حنين” في بدايتها، كانت الشغرة في الاعتزاز بالكثرة والٕعجاب بها...<br />
• أما التخلي عن منهج االله سسبهانه، فإنه يعني بالنسسبة للمسسلمين الضضعف والذلة،<br />
والهزيمة، والضضياع، قال تعالى چڑ ک ک ک ک گ گ گ گ<br />
ڳ ڳ ڳچ . ٩<br />
وفي الٔثر: “ما ترك قوم الجهاد إلا ذلّوا”.<br />
وهكذا فإن المد والجزر في تقدم المسسلمين أو تأخرهم، في انتصارهم أو هزيمتهم، في<br />
حضضارتهم، أو تخلّفهم، ترتبط ارتباطاً أسساسسياً بمدى التزامهم بشرع االله سسبهانه، أو<br />
ابتعادهم عنه، ومن هذا المنطلق نتقدم لنفهم حقيقة حركة التاريخ في النصر أو الهزيمة<br />
عند المسسلمين.<br />
ودار الزمان:<br />
قدمت أرضض الٕسسلام في فلسسطين على مرّ عصور الٕسسلام الزاهرة فيها أطيب الشمار<br />
وأينعها، ولكن هذا المد المعطاء من الهياة الٕسسلامية المشرقة لم يسستمر... .<br />
وما فتئ الزمان يدور حتى مضضى بالركب قوم آخرونا<br />
وآلمني وآلم كل حر ٍّ سوءال الدهر أين المسسلمونا<br />
فمنذ العصر العباسسي الشاني الذي ابتدأ بعد منتصف القرن الشالش الهجري، ودولة<br />
الخلافة الٕسسلامية في ضضعف مسستمر متزايد نتيجة ضضعف الارتباط باالله سسبهانه، وعدم<br />
التطبيق الدقيق لشرعه سسبهانه، وضضعف الهكام وانششغالهم بوسساءل اللهو والترف،<br />
وانتششار الٔفكار الضضالة والفرق المنهرفة في دولة الٕسسلام، ودخول علماء المسسلمين في<br />
مرحلة من الجمود والتقليد أبعدتهم عن حلّ كشير من مششاكل وقضضايا العصر المتجدد<br />
التي تواجه المسسلمين، وكثرة الخلافات الفقهية، وتزايد التعصب المذهبي، وتمزق دولة<br />
الٕسسلام، وتكوين ثلاش خلافات بدلاً من خلافة واحدة، فالخلافة العباسسية في المشرق،<br />
والخلافة الفاطمية في مصر وأجزاء من المغرب والششام، والخلافة الٔموية في الٔندلسس،<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٨٨
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وانششغال كشير من المسسلمين بقششور الهضضارة، ومباهجها، وجمع الٔموال، والجواري<br />
والغلمان... .<br />
في هذه الهالة من الترهل والضضعف، التي أصابت المسسلمين في تلك الفترة، حدثت<br />
الهروب الصليبية.<br />
ثانياً: الخريطة السسياسسية للمنطقة قبيل الهروب<br />
الصصليبية:<br />
قبل بدء الهروب الصليبية بهوالي أربعين عاماً نجه السسلاجقة الٔتراك في بسسط<br />
سسيطرتهم على بغداد، وتولي الهكم تحت الخلافة الٕسسميّة للعباسسيين. فقد اسستطاع<br />
السسلاجقة بسسط سسيطرتهم على أجزاء واسسعة من فارسس، وششمال العراق، وأرمينيا،<br />
وآسسيا الصغرى حوالي سسنة ١٠٤٠م، ثم سسيطر السسلطان السسلجوقي طغرل بك على<br />
بغداد سسنة ١٠٥٥م، وتوسسع السسلاجقة على حسساب البيزنطيين في آسسيا الصغرى، وفي<br />
١٠٧١/٨/١٩م وقعت معركة ملاذكرد التي قادها السسلطان السسلجوقي ألب أرسسلان،<br />
وحلت فيها أكبر كارثة بالبيزنطيين حتى نهاية القرن الهادي عشر الميلادي، وفي ١٠٧١م<br />
سسيطر السسلاجقة على معظم فلسسطين عدا أرسسوف، وأخرجوا النفوذ الفاطمي منها،<br />
وتوسسع السسلاجقة على حسساب الفاطميين في الششام فاسستطاعوا الاسستيلاء على معظمها . ١٠<br />
وفي ٤٨٥ه/١٠٩٢م توفي السسلطان السسلجوقي ملكششاه فتفككت سسلطة السسلاجقة،<br />
ودخلوا فيما بينهم في معارك طويلة طاحنة على السسيطرة والنفوذ، وعلى حد ِّ تعبير<br />
ابن الٔثير “انهلت الدولة ووقع السسيف” ، ١١ وفي ١٠٩٦م أصبهت سسلطتهم تتكون من<br />
خمسس ممالك: سسلطنة فارسس بزعامة بركياروق، ومملكة خراسسان وما وراء النهر بزعامة<br />
سسنجر، ومملكة حلب بزعامة رضضوان، ومملكة دمششق بزعامة دقاق، وسسلطنة سسلاجقة<br />
الروم بزعامة قلج أرسسلان، وكانت معظم مناطق فلسسطين تتبع الهكم في دمششق.<br />
وفي ظلّ ضضعف حاكمي الششام (رضضوان ودقاق) ظهرت الكشير من البيوتات الهاكمة<br />
بهيش لا يزيد حكم كشير منها عن مدينة واحدة . ١٢<br />
لقد بدأ الصليبيون حملتهم ٤٩١ه/١٠٩٨م ومناطق المسسلمين في الششام والعراق<br />
وغيرها تمزقها الخلافات والصراعات الدموية، فقد دخل الٔخوان رضضوان ودقاق<br />
ابنا تتشش في حرب بينهما سسنة ٤٩٠ه، ووقعت معارك عديدة بين محمد بن ملكششاه<br />
وأخيه بركياروق في الصراع على السسلطنة، تداولا فيها الانتصارات والخطبة لهما<br />
٨٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
بدار الخلافة (٤٩٧-٤٩٢ه)، و“طالت الهرب بينهما، وعمّ الفسساد، فصارت الٔموال<br />
منهوبة، والدماء مسسفوكة، والبلاد مخربة، والقرى محرقة، والسسلطنة مطموعاً فيها،<br />
محكوماً عليها، وأصبه الملوك مقهورين” . ١٣ وفي تلك الفترة كان الصليبيون قد ثبتوا<br />
ملكهم في فلسسطين وأرجاء عديدة من الششام، واسستطال الفرضج بما ملكوه من بلاد الششام،<br />
واتفق لهم “اششتغال عسساكر الٕسسلام وملوكه بقتال بعضضهم بعضضاً، فتفرقت حينئذ<br />
بالمسسلمين الٓراء، واختلفت الٔهواء، وتمزقت الٔموال” . ١٤<br />
ثالشاً: الهملة الصصليبية الٔولى ونتاءجها:<br />
وفي تلك الٔثناء أخذت الٔنظار في أوروبا تتجه نهو الٔرضض المقدسسة بعد أن دعا<br />
البابا أوربان الشاني Pope Urban II (١٠٩٩-١٠٨٨م) في مجمع كليرومونت<br />
Council of Clermont في ١٠٩٥/١١/٢٦م “لاسسترداد” الٔراضضي المقدسسة من أيدي<br />
المسسلمين، ثم عقد عدة مجمعات دعا فيها للهروب الصليبية (ليموج ،Limoges أنجرز<br />
،Angers مان ،Le Mans تورز ،Tours بواتييه ،Poitiers بوردو ،Bordeaux تولوز<br />
،Toulouse نيم (Nîmes خلال الفترة ١٠٩٦-١٠٩٥م، وقرر أن كل من يششترك في<br />
الهروب الصليبية تغفر له ذنوبه، كما قرر أن ممتلكات الصليبيين توضضع تحت رعاية<br />
الكنيسسة مدة غيابهم، وأن يخيط كل محارب صليباً من القماشش على رداءه الخارجي . ١٥<br />
وبدأت الهملات الصليبية بهملات العامة أو حملات الدعاة، وهي حملات تفتقر<br />
إلى القوة والنظام. وكان منها حملة بطرسس الناسسك، وهو رجل فصيه، مهلهل الشياب،<br />
حافي القدمين يركب حماراً أعرج، جمع حوله من فرنسسا حوالي ١٥ ألفاً، وفي طريقهم<br />
أحدثوا مذبهة في مدينة مجرية لخلاف على الموءن فقُتل أربعة آلاف، وانضضمت إليهم<br />
عند القسسطنطينية جموع والتر المفلسس، ودخلت حششودهم الششاطئ الٓسسيوي، وحدثت<br />
معركة مع السسلاجقة انتصر فيها السسلاجقة وقتلوا من الصليبيين ٢٢ ألفاً، ولم يبقَ<br />
من الصليبيين سسوى ثلاثة آلاف. أما حملتا فولكمار وأميخ فقد أقامتا مذابه لليهود في<br />
الطريق، وتششتت الهملتان في المجر!! . ١٦<br />
ثم كان ما يعرف بالهملة الصليبية الٔولى، وقد ششارك فيها أمراء وفرسسان أوروبيون<br />
محترفون، وبدأت الهملة سسيطرتها على مناطق المسسلمين منذ صيف ١٠٩٧م، وأسسسس<br />
الصليبيون إمارة الرها في آذار/ مارسس ١٠٩٨م بزعامة بلدوين البولوني. وحاصر<br />
الصليبيون أنطاكية تسسعة أششهر، وظهر من ششجاعة صاحب أنطاكية باغيسسيان “وجودة<br />
رأيه واحتياطه ما لم يششاهد من غيره، فهلك أكثر الفرضج، ولو بقوا على كثرتهم التي<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٠
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
خرجوا فيها لطبقوا بلاد الٕسسلام”، غير أن أحد الٔرمن المسستهفظين على أسسوار المدينة<br />
راسسله الصليبيون، وبذلوا له “مالاً وإقطاعاً” ففته للصليبيين الباب من البرج الذي<br />
يهرسسه، فاحتل الصليبيون المدينة، وأسسسسوا فيها إمارتهم الشانية ٤٩١ه - ٣ حزيران/<br />
يونيو ١٠٩٨م، بزعامة بوهيموند النورماني . ١٧ Bohemond<br />
ونسستطرد قليلاً مع أحد المواقف التي تسستهق التسسجيل، والتي تعكسس مدى تششتت<br />
المسسلمين، وتنازع أهواءهم، فبعد سسقوط أنطاكية جمع المسسلمون العسساكر بقيادة كربوقا<br />
الذي وُلي الموصل، واجتمع معه عسساكر الششام: تركها وعربها...، وسسار المسسلمون إلى<br />
أنطاكية فهاصروها وأقام الفرضج بأنطاكية ١٢ يوماً ليسس لهم ما يأكلونه. وتقوت الٔقوياء<br />
بدوابهم والضضعفاء بالميتة وورق الششجر، وأصبه الرغيف بدينار، والبيضضة بدينارين،<br />
وراسسل الفرضج (الصليبيون) كربوقا يطلبون الٔمان ليخرجوا من أنطاكية فرفضض... .<br />
ومع بدء علاءم النصر للمسسلمين كانت قد بدأت علاءم الخذلان وسسط المسسلمين؛ إذ إن<br />
كربوقا أسساء السسيرة فيمن معه من المسسلمين، وتكبر على الٔمراء فأغضضبهم وأضضمروا<br />
له الغدر.<br />
وقرر الفرضج الخروج للقتال، فخرجوا متفرقين من خمسسة أو سستة أبواب، فأششار<br />
المسسلمون على كربوقا أن يقفوا عند كل باب فيقتلوا من يخرج، ولكنه رفضض وقال:<br />
“لا تفعلوا أمهلوهم حتى يتكامل خروجهم فنقتلهم”، فلما تكامل خروجهم ولى المسسلمون<br />
منهزمين لما عاملهم به كربوقا: أولاً من الاسستهانة بهم، والٕعراضض عنهم، وثانياً لٔنه<br />
منعهم من قتال الفرضج، وتمت الهزيمة، ولم يضرب أحد منهم بسسيف، ولا طعن برمه،<br />
ولا رمى بسسهم!! فلما رأى الفرضج ذلك ظنوه مكيدة؛ إذ لم يجرِ قتال ينهزم بسسببه، وثبت<br />
جماعة من المجاهدين قاتلوا حسسبة وطلباً للششهادة، فقتل الفرضج منهم ألوفاً وغنموا ما في<br />
المعسسكر من الٔقوات والٔموال والٔثاش والدواب والٔسسلهة فصلهت حالهم!! . ١٨<br />
هذا الوضضع يعكسس باختصار جانباً كبيراً من الٔحوال في ذلك الزمان، زعامة سسيئة<br />
السسيرة، مسستفردة برأيها، وقادة جعلوا الخصومة مع أميرهم أكبر من عداء الفرضج،<br />
وأعداد كبيرة من المسسلمين دون قيادة كفوءة، وأعداد أقل من الفرضج أكثر تدريباً وانتظاماً<br />
واحترافاً، ومسسلمون مجاهدون صادقون لا يخلو منهم أي زمان يقاتلون احتسساباً في<br />
سسبيل االله... .<br />
وفي الوقت الذي كان السسلاجقة يتعرضضون فيه للزحف الصليبي ششمال بلاد الششام،<br />
اسستغل الفاطميون الفرصة، فاحتلوا صور ١٠٩٧م، وسسيطروا على بيت المقدسس في<br />
٩١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ششباط/ فبراير ١٠٩٨م أثناء حصار الصليبيين لٔنطاكية. واسستقل بطرابلسس القاضضي<br />
ابن عمار أحد أتباع الفاطميين، وقد أرسسل الفاطميون للصليبيين في أثناء حصارهم<br />
لٔنطاكية سسفارة للتهالف معهم، وعرضضوا عليهم قتال السسلاجقة بهيش يكون القسسم<br />
الششمالي “سسورية” للصليبيين وفلسسطين للفاطميين...، وأرسسل الصليبيون وفداً<br />
إلى مصر ليدللوا على “حسسن ني َّاتهم”!!، وهكذا... فأثناء انششغال السسلاجقة بهرب<br />
الصليبيين كان الفاطميون منششغلين بتوسسيع نفوذهم في فلسسطين على حسساب السسلاجقة<br />
حتى إن حدودهم امتدت حتى نهر الكلب ششمالاً ونهر الٔردن شرقاً...!!<br />
وظهرت الخيانات، وانكششف التخاذل من إمارات المدن التي حرصت كل منها على<br />
نفوذها و”كسسب ودّ” الصليبيين أثناء توسسعهم؛ ومن ذلك ما حدش من اتصال صاحب<br />
إقليم ششيزر بالصليبيين، حيش تعهد بعدم اعتراضضهم، وتقديم ما يهتاجون من غذاء<br />
وموءن، بل وأرسسل لهم دليلين ليرششداهم على الطريق!!، وقدمت لهم حمص الهدايا!!<br />
وعقدت معهم مصياف اتفاقية!! أما طرابلسس فدفعت لهم الجزية، وأعانتهم بالٔدلاء،<br />
ودفعت بيروت المال، وعرضضت عليهم الدخول في الطاعة إذا نجهوا في احتلال بيت<br />
المقدسس!! . ١٩<br />
تابع ريمون دي تولوز Raymond Toulouse (أمير إقليم بروفانسس Provence<br />
وتولوز Toulouse بفرنسسا) قيادة بقية الصليبيين إلى بيت المقدسس، وكان عددهم<br />
ألف فارسس وخمسسة آلاف من المششاة فقط!! وفي ربيع ١٠٩٩م، دخلوا مناطق فلسسطين،<br />
فمروا بعكا التي قام حاكمها بتموين الصليبيين، ثم قيسسارية ثم أرسسوف، ثم احتلوا<br />
الرملة واللد وبيت لهم، وفي ١٠٩٩/٦/٧م بدأوا حصار بيت المقدسس، وكان حاكمها<br />
قد نصبه الفاطميون، ويدعى افتخار الدولة، وتمّ احتلالها في ٢٣ ششعبان ٤٩٢ه -<br />
١٠٩٩/٧/١٥م. ولبش الفرضج أسسبوعاً يقتلون المسسلمين، وقتلوا بالمسسجد الٔقصى ما<br />
يزيد على ٧٠ ألفاً، منهم جماعة كشيرة من أءمة المسسلمين، وعلماءهم وعبادهم . ٢٠ أما<br />
الدولة الفاطمية فقد واجهت الخبر ببرود، كما أن الدولة العباسسية لم تحرك سساكناً!!<br />
تولى حكم بيت المقدسس القاءد الصليبي جود فري بوايون، وتَسسمى تواضضعاً بهامي<br />
بيت المقدسس، واسستسسلمت نابلسس، وتمّ للصليبيين احتلال الخليل . ٢١<br />
ويقال إنه لم يبقَ من الصليبيين إلا ٣٠٠ فارسس وألفين من المششاة، ولم يسستطيعوا<br />
توسسيع سسيطرتهم، لٔن كشيراً منهم عادوا إلى بلادهم بعد أن أوفوا قسسمهم بالاسستيلاء<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٢
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
على بيت المقدسس ، ٢٢ وبذلك أصبهت ممالك الصليبيين كالجزر وسسط محيط من الٔعداء،<br />
ومع ذلك كُتب لها الاسستمرار ٢٠٠ سسنة حتى تمّ اقتلاع آخرها!! بسسبب الٕمدادات<br />
والهملات التي كانت تأتيهم بين فترة وأخرى، وبسسبب ضضعف المسسلمين وتشرذمهم،<br />
وعدم اسستغلالهم لفرصة انسسياب وانتششار الصليبيين على مسساحات واسسعة من الٔرضض<br />
بأعداد قليلة ليقضضوا عليهم، ولكن المسسلمين تأخروا حتى قويت ششوكة الصليبيين،<br />
وأصبه من الصعب اقتلاعها.<br />
وتتابع سسقوط مدن فلسسطين الٔخرى، فقد كانت يافا قد سسقطت أثناء حصار بيت<br />
المقدسس على يد سسفن جنوية في ١٠٩٩/٦/١٥م، وسسيطر الصليبيون على شرق بهيرة<br />
طبريا “منطقة السسواد” في أيار/ مايو ١١٠٠م، واسستولوا على حيفا عنوة في ششوال<br />
٤٩٤ه - آب/ أغسسطسس ١١٠١م بمسساعدة أسسطول كبير من البندقية، وملكوا أرسسوف في<br />
نيسسان/ أبريل ١١٠١ بالٔمان وأخرجوا أهلها منها ثم ملكوا قيسسارية في ١١٠١/٥/١٧م<br />
بالسسيف، وقتلوا أهلها ونهبوا ما فيها . ٢٣<br />
وهكذا فرضض الصليبيون هيمنتهم على فلسسطين، غير أن عسسقلان ظلّت عصية عليهم،<br />
وكان المصريون (الفاطميون) يرسسلون لها كل عام الذخاءر والرجال والٔموال، وكان<br />
الفرضج يقصدونها ويهاصرونها كل عام فلا يجدون لها سسبيلاً، ولم تسسقط عسسقلان<br />
بأيدي الفرضج إلا في ٥٤٨ه/١١٥٣م، وكان أهلها قد ردوا الفرضج مقهورين في ذلك العام،<br />
وعندما آيسس الفرضج، وهموا بالرحيل أتاهم خبر أن خلافاً وقع بين أهلها فصبروا.<br />
وكان سسبب الخلاف أن أهلها لما عادوا قاهرين منصورين ادعت كل طاءفة أن النصر<br />
كان من جهتها، فعظم الخصام بينهم إلى أن قُتل من إحدى الطاءفتين قتيل، واششتد<br />
الخطب، وتفاقم الشر، ووقعت الهرب بينهم فقتل بينهم قتلى!! فطمع الفرضج، وزحفوا<br />
إلى عسسقلان وقاتلوا “فلم يجدوا من يمنعهم فملكوها” !! ٢٤ ترى... كم هي الهزاءم التي<br />
تأتي من أنفسسنا أو نصنعها بأنفسسنا؟! چٻ ٻ پ پپچ . ٢٥<br />
وهكذا تأسسسست مملكة بيت المقدسس الصليبية، ونششير اسستطراداً إلى تأسسيسس الفرضج<br />
لمملكة صليبية رابعة هي طرابلسس في ١١ ذي الهجة ٥٠٣ه - ١٢ تموز/ يوليو ١١٠٩م<br />
بعد حصار دام سسبعة أعوام . ٢٦<br />
٩٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
رابعاً: اسستمرار الصصراع (نظرة عامة):<br />
من الصعب أن ندخل في تفصيل الٔحداش سسنة بسسنة حادثاً بهادش، خصوصاً أن<br />
منهجنا يميل إلى الاختصار، ووضضع اليد على النقاط المهمة الهسساسسة في سسياق حديشنا<br />
عن التجربة التاريخية للهل الٕسسلامي على أرضض فلسسطين، غير أن اسستكمال الصورة،<br />
ومعرفة مجمل الظروف في تلك الفترة يقتضضي الٕششارة إلى المعطيات التالية، التي ظهرت<br />
خلال الشلاثين سسنة التي تلت الاحتلال الصليبي لبيت المقدسس:<br />
• كان عدد الصليبيين محدوداً، وقد فرضضوا هيمنتهم من خلال قلاع منتشرة كجزر<br />
معزولة في العديد من مناطق الششام.<br />
• اسستمر الصراع والنزاع بين المسسلمين، واسستعان بعضضهم بالصليبيين على<br />
خصومهم، مما أضضعف الموقف الٕسسلامي، وجعل الصليبيين يلعبون في بعضض<br />
الٔحيان دور الشرطي، ويسستفيدون من ذلك في زيادة نفوذهم، وتقوية ششوكتهم.<br />
ومن ذلك الصراع بين طغتكين وبكتاشش بن تتشش على دمششق؛ حيش اسستعان بكتاشش<br />
سسنة ٤٩٨ه بالفرضج على خصمه، ولهق به “كل من يريد الفسساد”، غير أن ملك الفرضج<br />
لم يعطِ ه سسوى التهريضض على الٕفسساد، ثم اسستقام الٔمر لطغتكين . ٢٧<br />
وعندما وقعت معركة بين الفاطميين والفرضج بين عسسقلان ويافا ٤٩٨ه سساعدت<br />
الفاطميين قوة من دمششق من ٣٠٠ فارسس، وسساعدت جماعة من المسسلمين بقيادة بكتاشش<br />
بن تتشش الفرضج . ٢٨ وعندما جاء جيشش السسلطان من العراق ٥٠٩ه إلى الششام لجهاد<br />
الصليبيين بقيادة برسسق ابن برسسق خاف حكام دمششق وحلب على نفوذهم من أن<br />
يزول، فتعاونوا بقيادة طغتكين مع فرضج أنطاكية ضضدّ جيشش السسلطان؛ ثم ما لبش طغتكين<br />
نفسسه أن قاتل فرضج بيت المقدسس، واسستعاد رفنية بعد أن اسستولى الفرضج عليها ...، ٢٩ إنه<br />
القتال المرتبط بالمصلهة، فمرة يلبسس ثوب الجهاد في سسبيل االله، ومرة يلبسس ثوب الدفاع<br />
عن “الهق” (الكرسسي) تحت حجج الوراثة أو الكفاءة... حتى لو اقتضضى ذلك التهالف<br />
مع الٔعداء.<br />
• اسستمر جهاد المسسلمين ضضدّ الفرضج (الصليبيين) دون توقف، وإن كان هذا الجهاد<br />
قد افتقر إلى حسسن الٕعداد والتنظيم، وقد تعدد القادة المسسلمون الذين يأتون<br />
ويذهبون، كما تعددت محاور الصراع والاششتباك مع الفرضج في بلاد الششام،<br />
وافتقر المسسلمون إلى قاعدة كبيرة قوية تكون منطلقاً داءماً للجهاد، وكشيراً ما كان<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٤
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
القتال بين مدينة أو قلعة إسسلامية، تحاول الدفاع عن نفسسها، أو توسسيع نفوذها،<br />
وبين الفرضج.<br />
وتداول المسسلمون والصليبيون النصر والهزيمة في المعارك، ولم يكن يمضضي عام<br />
دون معارك، وتبادلوا احتلال المدن والقلاع، ولم يكن من الصعب على المسسلمين أن<br />
يدخلوا في وسسط فلسسطين، ويخوضضوا المعارك عند الرملة أو يافا أو غيرهما. غير أن<br />
الصليبيين ظلّوا يهتفظون بنفوذهم وهيمنتهم في المناطق التي اسستولوا عليها.<br />
الممالك والٕمارات الصليبية في بلاد الششام<br />
٩٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وظهر عدد من المجاهدين المسسلمين الذين كانت قدراتهم محدودة، ولم يتمكنوا من<br />
توحيد قوى المسسلمين لجهاد الفرضج، غير أنهم حافظوا على جذوة الجهاد، وألهقوا<br />
بالفرضج خسساءر كبيرة، وأفقدوهم الاسستقرار والٔمان، وقتلوا أو أسروا العديد من<br />
قادتهم وزعماءهم . ٣٠ فمشلاً كان بين معين الدولة سسقمان وششمسس الدولة جكرمشش حرب،<br />
ولما حوصرت حرّان من قبل الفرضج ٤٩٧ه تراسسلا، وأعْ لمَ كل منهما الٓخر أنه قد بذل<br />
نفسسه الله تعالى وثوابه، فسسارا واجتمعا بالخابور في عشرة آلاف من التركمان والترك<br />
والعرب والٔكراد، فالتقوا بالفرضج عند نهر البليخ، وهزم الفرضج فقتلهم المسسلمون<br />
“كيف شاوءوا” وأُسر القاءد الصليبي بردويل وفُدي ب ٣٥ ديناراً و١٦٠ أسسيراً من<br />
المسسلمين، وكان عدد قتلى الفرضج يقارب ١٢ ألفا٣١ً .<br />
وفي ٥٠٧ه اجتمع المسسلمون من الموصل وسسنجار ودمششق، وقاتلوا الفرضج عند<br />
طبريا، وانتصروا عليهم، وأسروا ملكهم “بغدوين” دون أن يُعرَف أنه المَلك، فأُخذ<br />
سسلاحه وأُطلق سراحه، وكثر القتل والٔسر في الفرضج.<br />
ثم جاء مدد من جند أنطاكية وطرابلسس فقويت نفوسس الفرضج، وعادوا للهرب فأحاط<br />
بهم المسسلمون من كل ناحية، وصعد الفرضج إلى جبل غربي طبريا، ومكشوا ٢٦ يوماً دون<br />
أن ينزلوا للقتال، فتركهم المسسلمون، وسساروا إلى بيسسان، و“نهبوا بلاد الٕفرضج” بين عكا<br />
إلى القدسس وخربوها، ورجع المسسلمون. وعاد مودود بن التونتكين صاحب الموصل مع<br />
طغتكين إلى دمششق، وهناك في صهن المسسجد في يوم الجمعة، وثب عليه باطني فجرحه<br />
أربع جراحات وقُتل الباطني، وأبى مودود أن يموت إلا صاءماً، وكان خير ِّ اً عادلاً كشير<br />
الخير، ويقال إن طغتكين هو الذي تآمر عليه. وكتب ملك الفرضج إلى طغتكين بعد قتل<br />
مودود كتاباً جاء فيه: “إن أمة قتلت عميدها يوم عيدها في بيت معبودها لهقيق على االله<br />
أن يبيدها” !! ٣٢<br />
المسسلمون الٔصليون من سسكان فلسسطين اسستمروا في سسكنهم للبلاد التي احتلها الفرضج،<br />
ولكن قسسماً منهم هجروها إلى شرق الٔردن ودمششق، وأنفوا من التعاون مع الصليبيين.<br />
ولذلك تعطلت الزراعة في أكثر المدن السساحلية الفلسسطينية. وقد عمل هوءلاء على محاربة<br />
الصليبيين، وقدموا خدمات للمسسلمين المهاجمين، وانضضموا إلى كتاءب المسسلمين في بلاد<br />
الششام، وسساعدوهم كأدلاء في فلسسطين، يقول الموءرخ الصليبي وليم الصوري عنهم<br />
“إنهم علموا عدونا كيف يدمرنا؛ لٔنهم يملكون معلومات كافية عن حالتنا” . ٣٣<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٦
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وكان من أبرز قادة المسسلمين المجاهدين الٔواءل أقسسنقر البرسسقي الذي ولاه السسلطان<br />
محمد سسنة ٥٠٨ه الموصل وأعمالها، وأمره بقتال الفرضج، وخاضض أقسسنقر المعارك ضضدّ<br />
الصليبيين في ششمال الششام. ودخلت، بالٕضضافة إلى الموصل والجزيرة وسسنجار، مدينة<br />
حلب سسنة ٥١٨ه تحت زعامته، فتوسسعت جبهته المعادية للصليبيين، غير أنه قتل<br />
رحمه االله سسنة ٥٢٠ه على يد الباطنية في الموصل، وكان أقسسنقر مملوكاً تركياً خيرّ اً<br />
يهب أهل العلم والصالهين، ويرى العدل ويفعله، وكان من خير الولاة، يهافظ على<br />
الصلوات في أوقاتها، ويقوم الليل . ٣٤<br />
الدولة الفاطمية في مصر بقيادة وزيرها الٔفضضل بدر الجمالي أرسسلت حملات عديدة<br />
إلى فلسسطين، وحاولت الدفاع عن مناطق نفوذها على السساحل، غير أن حملاتها لم تكن<br />
بمسستوى ما تزخر به مصر من قدرات وإمكانات، ويظهر أن حملاتها اتخذت طابعاً<br />
اسستعراضضياً، وافتقرت إلى التنسسيق الجاد مع القوى الٕسسلامية في الششام . ٣٥ وكان الهكم<br />
الفاطمي قد افتقد مصداقيته الجهادية الٕسسلامية عندما راسسل الفرضج وهم يزحفون<br />
باتجاه بيت المقدسس عارضضاً التهالف ضضدّ السسلاجقة، وتقاسسم النفوذ في الششام. ومهما يكن،<br />
فإن الدولة الفاطمية كانت في طور الٔفول، وكانت تعاني من عوامل الضضعف والانهيار.<br />
خامسساً: جهاد عماد الدين زنكي ٥٤١-٥٢١ه:<br />
انفتهت صفهة جديدة لجهاد الصليبيين بظهور عماد الدين زنكي بن أقسسنقر،<br />
وبدء عهد الدولة الزنكية في الموصل وحلب، فقد تولى عماد الدين زنكي أمر ولاية<br />
الموصل وأعمالها ٥٢١ه بعد أن ظهرت كفاءته في حكم البصرة وواسسط وتولىّ ششهنكية<br />
العراق ، ٣٦ وفي محرم ٥٢٢ه تمت له السسيطرة على حلب. وأخذ عماد الدين يخوضض<br />
المعارك تلو المعارك، ويهقق الانتصارات على الصليبيين، وعلق ابن الٔثير بعد أن تحدش<br />
عن انتصار عماد الدين على الفرضج في معركة كبيرة، وملكه حصن الٔثارب، وحصاره<br />
حارم ٥٢٤ه... “وضضعفت قوى الكافرين، وعلموا أن البلاد قد جاءها ما لم يكن لهم في<br />
حسساب، وصار قصاراهم حفظ ما بأيديهم بعد أن كانوا قد طمعوا في ملك الجميع” . ٣٧<br />
واسستمرت جهود زنكي في توحيد قوى المسسلمين في غزو الصليبيين، فمَلك زنكي<br />
حماة، وحمص وبعلبك، وسرجي، ودارا، والمعرة، وكفر طاب، وقلعة الصور في ديار<br />
بكر، وقلاع الٔكراد الهميدية، وقلعة بعرين، وششهرزور، والهديشة، وقعلة أششب وغيرها<br />
٩٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
من الٔكراد الهكارية ... ٣٨ . وفي ٥٣٤ه حاول زنكي الاسستيلاء على دمششق مرتين دون<br />
جدوى، فقد كانت دمششق المفتاه الهقيقي لاسسترداد فلسسطين من جهة الششام، غير أن<br />
القاءم بأمر الهكم هناك معين الدين أنز راسسل الصليبيين للتهالف ضضدّ زنكي، ووعدهم<br />
أن يهاصر بانياسس ويسسلمها لهم ووافقوا، ولكن زنكي ذهب إليهم قبل قدومهم لدمششق،<br />
فلما سسمعوا ذلك لم يخرجوا. ومع ذلك فإن معين الدين حاصر بانياسس بمسساعدة جماعة<br />
من الفرضج، ثم اسستولى عليها، وسسلمها للفرضج !! ٣٩<br />
غير أن أششهر ما يذكر من الفتوه لزنكي هو فتهه للرها، وإسسقاطه للمملكة الصليبية<br />
التي قامت بها، فقد حاصرها أربعة أسسابيع، وفتهها عنوة في ٦ جمادى الٓخرة ٥٣٩ه،<br />
وفته ما يتبع هذه المملكة من أعمال في منطقة الجزيرة، وفته سروج وسساءر الٔماكن التي<br />
كانت للفرضج شرقي الفرات ما عدا البيرة . ٤٠<br />
قُتل عماد الدين زنكي، بعد أن حمل راية الجهاد أكثر من عشرين عاماً، في ٥ ربيع<br />
الٔول ٥٤١ه - منتصف أيلول/ سسبتمبر ١١٤٦م، غدراً على يد جماعة من مماليكه،<br />
بينما كان يهاصر قلعة جعبر ، ٤١ وكان عمره زاد عن سستين سسنة، وعلى ما ذكر ابن الٔثير<br />
فقد كان زنكي، ششديد الهيبة في عسسكره ورعيته، عظيم السسياسسة، لا يعين القوي على<br />
ظلم الضضعيف، وكانت البلاد قبل أن يملكها خراباً من الظلم، وتنقل الولاة، ومجاورة<br />
الفرضج، فعمّرها وامتلٔت أهلاً وسسكانا٤٢ً . “وكان زنكي من خيار الملوك وأحسسنهم سسيرة<br />
وششكلاً، وكان ششجاعاً مقداماً حازماً، خضضعت له ملوك الٔطراف، وكان من أششد الناسس<br />
غيرة على نسساء الرعية، وأجود الملوك معاملة، وأرفقهم بالعامة” . ٤٣ واششتهر عماد الدين<br />
بعد مقتله بلقب “الششهيد”.<br />
لقد عمل عماد الدين زنكي في أجواء صعبة من النزاع بين أمراء وزعماء السسلاجقة<br />
أنفسسهم، وبينهم وبين الخليفة العباسسي في أحيان أخرى، وفي أجواء الهكم الوراثي،<br />
ونزعة الكشيرين للسسيطرة والزعامة حتى ولو على مدينة أو قلعة واحدة، كما عاشش<br />
في فترة كانت القوى الصليبية فيها ما تزال تملك الكشير من القوة والهيوية. ومع ذلك<br />
فقد اسستطاع عماد الدين أن يضضع الٔسسسس لقاعدة انطلاق جهادية كبيرة وقوية تمتد<br />
من ششمال الششام إلى ششمال العراق، كما كسر ششوكة الصليبيين في مواقع كشيرة، ويسر<br />
سسبل الجهاد والعمل الجاد لتهرير الٔرضض، وقدم نموذجاً للهاكم والمجاهد تحت راية<br />
الٕسسلام، وقوّى الٔمل باسسترجاع المقدسسات. غير أن أفضضل أثر تركه، على ما يظهر لنا،<br />
هو ابنه نور الدين محمود.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٩٨
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
سسادسساً: جهاد نور الدين محمود ٥٦٩-٥٤١ه:<br />
بعد اسستششهاد زنكي، وحسسب الٔعراف الوراثية في ذلك الزمان، انقسسمت دولته بين<br />
ابنيه: نور الدين محمود الذي تولى حلب وما يتبعها، وسسيف الدين غازي الذي تولى<br />
الموصل وما يتبعها.<br />
ولد نور الدين محمود بعد حوالي عشرين عاماً من سسقوط القدسس في أيدي الصليبيين<br />
في ١٧ ششوال ٥١١ه - ششباط/ فبراير ١١١٨م، وكان أسسمر، طويل القامة، حسسن<br />
الصورة، ذا لهية خفيفة، وعليه هيبة ووقار. تزوج سسنة ٥٤١ه من ابنة معين الدين أنز<br />
ورزق ببنت وولدين، وتوفي رحمه االله في ١١ ششوال ٥٦٩ه - ١٥ أيار/ مايو ١١٧٤م . ٤٤<br />
وبهكم نور الدين انفتهت صفهة جديدة راءعة من صفهات الجهاد الٕسسلامي في<br />
بلاد الششام، وطوال ٢٨ عاماً، من حكم نور الدين كان واضضهاً في ذهنه هدفه الٔسساسسي في<br />
تحرير واسسترداد بلاد المسسلمين، وتوحيدها تحت راية الٕسسلام.<br />
ومنذ تلك اللهظة أخذ يبذل الٔسسباب، ويعدّ العدة والعتاد، ويوحد جهود المسسلمين،<br />
ويرتقي بهم في جوانب الهياة المختلفة، وذلك وفق تصور إسسلامي متكامل لٕعادة أمجاد<br />
المسسلمين، وطرد الاحتلال الصليبي من بلادهم... .<br />
ودخل المعركة وفق فهم إسسلامي ششامل سسليم يوءكد على عقاءدية المعركة مع<br />
الصليبيين، فهي:<br />
• صراع بين حق ٍّ وباطل، وبين إسسلام وكفر.<br />
• تعني كل المسسلمين دون نظر إلى قوميات وعصبيات وجنسسيات.<br />
• ولا سسلام نهاءي حتى يسسترجع المسسلمون كل شبر من أراضضيهم.<br />
• ولا بدّ من الٕعداد المتكامل للٔمة، حتى تكون على مسستوى الجهاد، إيمانياً وثقافياً<br />
وتربوياً واجتماعياً وجهادياً وعسسكرياً.<br />
• ولا بدّ من توحيد الجهود تحت راية الٕسسلام في مواجهة العدو الصليبي.<br />
معالم النهضضة الٕسسلامية:<br />
وفي سسبيل ذلك قام نور الدين محمود بإحياء نهضضة إسسلامية أكدت على تكامل الهل<br />
الٕسسلامي، وقد تمّ التعبير عنها من خلال:<br />
٩٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١. القيادة الٕسسلامية الصادقة:<br />
تمشلت هذه القيادة في ششخصه وأششخاص من حوله من القادة والمسوءولين والعلماء.<br />
فقد كان للتكوين النفسسي والششخصية المميزة لنور الدين محمود أثرهما الكبير في وجود<br />
قيادة إسسلامية واعية، جادة، ومجاهدة.<br />
قال ابن الٔثير: “طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل الٕسسلام، وفيه إلى يومنا هذا،<br />
فلم أرَ بعد الخلفاء الراششدين وعمر بن عبد العزيز أحسسن سسيرة من الملك العادل<br />
نور الدين” . ٤٥ فلقد كان ذكياً، ألمعياً، فطناً، لا تششتبه عليه الٔحوال، ولا يتبهرج عليه<br />
الرجال، ولم يتقدم لديه إلا ذوو الفضضل، والقدرة على الٕنجاز الٔمين المسوءول للعمل،<br />
ولم ينظر في تقديمه للرجال إلى المكانة الاجتماعية أو للجنسس والبلد . ٤٦<br />
كما عُ رف نور الدين بتقواه وورعه، فقد كان حريصاً على أداء السسنن وقيام الليل<br />
بالٔسسهار. إذ كان ينام بعد صلاة العششاء، ثم يسستيقظ في منتصف الليل، فيصلي ويتبتل<br />
إلى االله بالدعاء حتى يوءذن الفجر، كما كان كشير الصيام . ٤٧<br />
وتميز بفقهه وعلمه الواسسع، فلقد تششبه بالعلماء، واقتدى بسسيرة السسلف الصاله،<br />
وكان عالماً بالمذهب الهنفي، وحصل على الٕجازة في رواية الٔحاديش، وألّف كتاباً عن<br />
الجهاد . ٤٨<br />
وكان ذا طبيعة جادة، كما رزقه االله قوة الششخصية فكان “مهيباً مخوفاً مع لينه<br />
ورحمته” ومجلسسه “لا يذكر فيه إلا العلم والدين والمششورة في الجهاد” “ولم يسسمع منه<br />
كلمة فهشش قط في غضضب ولا رضضى صموتاً وقوراً” . ٤٩<br />
وكان زاهداً متواضضعاً، فقد كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقة منه من غير اكتناز،<br />
ولا اسستئشار بالدنيا، وعندما ششكت زوجته الضضاءقة المادية أعطاها ثلاثة دكاكين له<br />
بهمص، وقال: “ليسس لي إلا هذا، وجميع ما بيدي أنا فيه خازن للمسسلمين لا أخونهم فيه،<br />
ولا أخوضض في نار جهنم لٔجلك” . ٥٠<br />
قال له الششيخ الفقيه قطب الدين النيسسابوري يوماً: “باالله عليك لا تخاطر بنفسسك<br />
وبالٕسسلام، فإن أصبت في معركة لا يبقى من المسسلمين أحد إلا أخذه السسيف”، فقال<br />
له نور الدين: “يا قطب الدين!! ومن محمود حتى يقال له هذا؟ قبلي من حفظ البلاد<br />
والٕسسلام، ذلك االله الذي لا إله إلا هو” . ٥١<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٠
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وعلى اتسساع نفوذه وسسلطانه جاءه التشريف من الخلافة العباسسية، وتضضمن قاءمة<br />
بألقابه التي يذكر بها على منابر بغداد تقول: “اللهم أصله المولى السسلطان الملك العادل<br />
العالم العامل الزاهد العابد الورع المجاهد المرابط المشاغر نور الدين وعدته، ركن الٕسسلام<br />
وسسيفه، قسسيم الدولة وعمادها، اختيار الخلافة ومعزها، رضض ِّ يَ الٕمامة وأثيرها، فخر<br />
الملة ومجدها، ششمسس المعالي وملكها، سسيد ملوك المشرق والمغرب وسسلطانها، محي العدل<br />
في العالمين، منصف المظلوم من الظالمين، ناصر دولة أمير الموءمنين”!! فأوقف هذا كله،<br />
واكتفى بدعاء واحد هو “اللهم أصله عبدك الفقير محمود بن زنكي” . ٥٢<br />
وعرف باتسساع ششعبيته، وحبّ الناسس له حتى في البلاد التي لا يهكمها، وكان<br />
يسستششعر إحسساسساً عظيماً بالمسوءولية تجاه الزمن أن يضضيع، واتجاه الدم المسسلم أن<br />
يراق، والكرامة الٕسسلامية أن تهدر، والٔرضض الٕسسلامية أن تسستباه؛ فكان يَص ِ ل في عمله<br />
الليل بالنهار، وكان لا يهمل أمراً من أمور رعيته . ٥٣<br />
وحباه االله تكويناً عسسكرياً فذاً حمل من خلاله تكاليف الجهاد الششاقة ٢٨ عاماً بنفسسية<br />
جهادية صادقة . ٥٤<br />
٢. التزام أحكام الٕسسلام وتطبيقها:<br />
حرص نور الدين على تطبيق أحكام الٕسسلام على الجميع، وكان قدوة في الالتزام<br />
بها، وطبقها على مسوءولي الدولة وقادتها، وكما حرص على ردّ الهقوق إلى أصهاب<br />
المظالم، وكان يقول: “حرام على كل من صهبني أن لا يرفع قصة مظلوم لا يسستطيع<br />
الوصول إليّ”. وفي توحيده لبلاد المسسلمين كان يهرص على عدم إراقة دماء المسسلمين،<br />
ولذلك كان ذا صبر وحكمة وتأن ٍّ في ذلك، لقد كان رحمه الله يهفظ الشريعة المطهرة،<br />
ويقف عند أحكامها . ٥٥<br />
وعلى الرغم من اضضطراره للاصطدام بالعديد من زعماء المدن والقلاع المسسلمين في<br />
سسعيه لتهقيق الوحدة، أو لتهالفهم مع الفرضج...، إلا أن دم المسسلم كان عنده عظيماً وكان:<br />
“لا يقصد ولاية أحد من المسسلمين إلا لضرورة، إما ليسستعين على قتال الفرضج، أو للخوف<br />
عليها منهم” . ٥٦ وعندما تحالف حكام دمششق مع الصليبيين ٥٤٤ه جاهد الصليبيين<br />
دون إيذاء المسسلمين وضضياعهم، وقال: “لا حاجة لقتل المسسلمين بعضضهم بعضضاً، وأنا<br />
أرفههم ليكون بذل نفوسسهم في مجاهدة المشركين”. لقد ششاهد الدماششقة حرمته حتى<br />
تمنوه، ودعوا االله أن يكون ملكهم . ٥٧<br />
١٠١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وعندما رفع عليه أحدهم قضضية إلى القاضضي، اسستدعاه القاضضي فقال: “السسمع<br />
والطاعة، إنما كان قول الموءمنين إذا دعوا إلى االله ورسسوله ليهكم بينهم أن يقولوا سسمعنا<br />
وأطعنا، إني جئت ها هنا امتشالاً لٔمر الشرع”. وفي مرة أخرى دعي للقضضاء، فاسستجاب،<br />
ولما ثبت أن الهق مع نور الدين وهب لخصمه ما ادعاه عليه . ٥٨<br />
لقد ألغى رحمه االله الضراءب التي تزيد عن الهد الشرعي على الرغم مما كانت تدر<br />
من دخل كبير على ميزانية الدولة، وعلى الرغم من إمكانية تبرير وجودها، عند البعضض،<br />
بظروف البلاد والهرب ، ٥٩ وكان يقول: “نهن نهفظ الطريق من ٍّ لص وقاطع طريق...<br />
أفلا نهفظ الدين ونمنع ما يناقضضه؟” . ٦٠ وكان أششهى ششيء عنده كلمة حق ٍّ يسسمعها أو<br />
إرششاد إلى سسنة يتبعها . ٦١<br />
٣. البناء الٕيماني والتربوي والشقافي:<br />
في هذا المجال اسستقدم نور الدين العلماء العاملين، وأفسسه لهم مجال العمل والدعوة،<br />
وسسعى في بناء المدارسس والمسساجد، وأوقف عليها الٔوقاف، وحارب البدع والٔضضاليل...<br />
فانتشر نور الٕيمان والعلم بين الرعية، وأحيا سسمت احترام العلماء وتوقيرهم. وعلى<br />
الرغم من أن الٔمراء والقادة لم يكونوا يجروءون على الجلوسس في مجلسسه دون أمره<br />
وإذنه... إلا أنه كان إذا دخل عليه العالم الفقيه أو الرجل الصاله قام هو إليه وأجلسسه،<br />
وأقبل عليه مظهراً كل احترام وتوقير . ٦٢ وكان يقول عن العلماء إنهم “هم جند االله<br />
وبدعاءهم نُنصر على الٔعداء، ولهم في بيت المال حقّ أضضعاف ما أعطيهم، فإن رضضوا<br />
منا ببعضض حقهم فلهم المنة علينا” . ٦٣ لقد كانت بلاد الششام خالية من العلم وأهله، وفي<br />
زمانه صارت مقراً للعلماء والفقهاء والصوفية ، ٦٤ وكان يسسمع نصيهة العلماء ويُجلها،<br />
ويقول: “إن البلخي إذا قال لي: محمود، قامت كل ششعرة في جسسدي هيبة له، وير ُّق<br />
قلبي” . ٦٥<br />
٤. الٕعمار والبناء الهضضاري والاجتماعي:<br />
عُ رف نور الدين بششخصيته التي تهتم بأحوال المسسلمين وتحيي معاني التكافل<br />
والتعاون والتضضامن بينهم، ورفع عنهم معاناتهم وأحوالهم الصعبة... فلقد عمل على<br />
كفالة الٔيتام، وتزويج الٔرامل، وإغناء الفقراء، وبناء المسستششفيات والملاجىء ودور<br />
الٔيتام والٔسسواق والهمامات والطرق العامة، وتوطين البدو وإقطاعهم الٔراضضي حتى<br />
لا يوءذوا الهجاج. لقد ارتقى بالخدمات التي تُقدّم للمسسلمين فأحبه الششعب، وأصبهت<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٢
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
صلته به متينة قوية...، وسرَ َت هذه النفسسية البناءة المهبة للخير إلى نفوسس رجاله،<br />
فأصبهوا يتسسابقون في خدمة الناسس، وبناء المدارسس والمسستششفيات والملاجئ، ووسساءل<br />
الخدمات المختلفة . ٦٦<br />
٥. البناء الاقتصادي:<br />
رتب نور الدين ديوان الزكاة في عهده ونظم جبايتها وتوزيعها وفق الٔسسسس الشرعية،<br />
وششجع التجارة بتأمين طرق المواصلات ورفع الضراءب التي تشقل حركة التجارة،<br />
وسسعى في كل ما يقوي الدولة ويدعم بنيانها الاقتصادي . ٦٧<br />
٦. البناء الجهادي العسسكري:<br />
لقد سسعى نور الدين في إحياء المعاني الجهادية في النفوسس، وتربية الٔمة على معانيها<br />
وتكريسس عزة المسسلمين ومنعتهم وقوتهم، وبذل الجهد في توفير العدة والعتاد، واختيار<br />
القادة المناسسبين، وحماية المدن، وبناء الٔسسوار والهفاظ على أرواه المسسلمين، وتميز<br />
بهزمه وقوته في ذلك، وكان رده عنيفاً جداً على الٔعداء إذا انتهكت حرمات المسسلمين.<br />
ومن ذلك أنه لم يكد يمرّ على اسستلامه للهكم ششهر واحد حتى هاجم الصليبيون الرها<br />
ظانين أن الهاكم الجديد ضضعيف، ولكن نور الدين هاجم الصليبيين، وقتل ثلاثة أرباع<br />
جيششهم، الذي هربت فلوله، وقد عرفت من يكون هذا القاءد الجديد، وحصل مرة أن<br />
هاجم الصليبيون نور الدين وجزءاً من جيششه على حين غفلة، فأقسسم نور الدين أن لا<br />
يسستظل بسسقف حتى ينتقم للٕسسلام، وكان انتقامه رهيباً في معركة حارم؛ إذ قتل منهم<br />
الٓلاف . ٦٨<br />
حتى الرياضضة اسستفاد منها في مجال الٕعداد الجهادي، فلقد كانت الهرب تجري في<br />
ذلك العصر على الخيول... ولبناء هذه المهارة في التهكم بالخيول وحركتها، كان يلعب<br />
بمهارة كبيرة لعبة الكرة من فوق الخيول (البولو) !! ٦٩<br />
لقد حرص على تعبئة طاقات الٔمة للجهاد... وهو في بذله لٔسسبابه لم ينسسَ دعاء الضضعفاء<br />
والعجاءز والمهتاجين، فكان يهسسن إليهم، ويذكر أنه ربما ينتصر ببركة دعاءهم.<br />
بهذا البناء المتكامل والٕعداد الجاد المتزن دخل نور الدين مرحلة التغيير الجذري على<br />
السساحة السسياسسية ليهقق أمرين سسار بهما في اتجاهين متوازيين هما:<br />
١٠٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• تحقيق الوحدة الٕسسلامية وتعبئة قواها في بوتقة واحدة.<br />
• تحطيم القوى الصليبية تدريجياً: بإضضعاف هيبتها، وإنهاك قواها، والتهرير<br />
التدريجي لٔرضض المسسلمين الواقعة تحت سسيطرتها... وذلك بانتظار اسستكمال<br />
الوحدة الٕسسلامية لتهقيق نصر حاسسم ونهاءي.<br />
جهود الوحدة الٕسسلامية:<br />
لقد حرص نور الدين على تحقيقها بقدر كبير من الصبر والهكمة والٔناة، وحرص<br />
ششديد على عدم إراقة دماء المسسلمين، وقد حرص على اسستمالة القوى الٕسسلامية المتعددة<br />
في الششمال، وششمال العراق وكسسب صداقتها، كما كان يكششف بطريقة عاقلة واعية حقيقة<br />
أولئك الزعماء والهكام، الذين يقفون حجر عثرة أمام الوحدة الٕسسلامية أمام رعيتهم.<br />
وكان الناسس يقارنون بين جهاده، وبين تخاذل حكامهم، وبين إصلاحاته وبين إفسساد<br />
حكامهم، وبين ولاءه الله سسبهانه ولرسسوله وللموءمنين وبين ولاء حكامهم لمصالههم<br />
وششهواتهم وللصليبيين!! فأخذ الناسس يتمنون حكمه عليهم... ولذلك فقد وجد كل<br />
ترحيب ششعبي عند انضضمام أي من بلاد المسسلمين إليه.<br />
ضضمّ نور الدين حمص إليه سسنة ٥٤٤ه/١١٤٩م، غير أنه كان يتوق لضضمّ دمششق التي<br />
كانت تقف بينه وبين الصليبيين في فلسسطين. وكان الهكم في دمششق يسسعى بالدرجة الٔولى<br />
للهفاظ على نفسسه، فمرة يجاهد الفرضج، ومرة يصانعهم ويهادنهم، ومرة يتهالف معهم<br />
إذا خاف من قوة إسسلامية ما. ووفق تخطيط متأن ٍّ يهدف إلى: السسيطرة على دمششق دون<br />
إراقة دماء، وكسسب أهل دمششق إلى صفه، ومنع نظام الهكم من الاسستعانة بالفرضج عليه<br />
إذا قصدهم. اسستطاع نور الدين أن يفته دمششق في صفر ٥٤٩ه - ٢٥ نيسسان/<br />
أبريل ١١٥٤م، وقد جاء هذا الفته بعد أن توفي معين الدين أنز سسنة ١١٤٩م، وبعد أن<br />
ضضعف الهكم بدمششق، ووقع تحت النفوذ الصليبي الذي فرضض الٕتاوات على دمششق،<br />
وكانت رسسلهم تدخل البلد كل عام ويأخذونها منهم . ٧٠<br />
وتوالت سسيطرة نور الدين على مدن وقلاع الششام حتى خضضعت معظمها له، غير أنه<br />
كان يدرك أن السسبيل الفعال لتهرير فلسسطين، واقتلاع الهكم الصليبي منها لا يكون إلا<br />
بالسسيطرة على مصر، ودخولها ضضمن الجبهة الٕسسلامية المتهدة، ووضضع الصليبيين<br />
بين فكي الكماششة.<br />
وقد جاءت الفرصة لنور الدين بالسسيطرة على مصر عندما اسستعان أحد المتنافسسين<br />
على الوزارة واسسمه ششاور بنور الدين على غريمه ضرغام سسنة ٥٥٩ه، وعرضض على<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٤
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
نور الدين ثلش البلاد بعد إقطاعات العسساكر، ويكون قاءده الذي يرسسله مقيماً بمصر،<br />
ويتصرف بأمر نور الدين. أرسسل نور الدين أسسد الدين ششيركوه الذي هزم ضرغام<br />
وقتله، ولكن ششاور غدر بششيركوه واسستعان بالفرضج لٕخراجه، فجاوءوا وحاصروا<br />
ششيركوه ورفاقه في بلبيسس ثلاثة أششهر حتى جاءتهم أخبار انتصارات نور الدين وملكه<br />
(حارم) فعرضضوا الصله والعودة إلى الششام، فوافق ولم يكن يعلم ما فعله نور الدين<br />
بالششام . ٧١<br />
واششتد التنافسس بين نور الدين وبين الصليبيين على مصر، وخصوصاً أن الدولة<br />
الفاطمية كانت في ضضعف ششديد وفي طور الاحتضضار. فأرسسل نور الدين أسسد الدين<br />
ششيركوه إلى مصر في ألفي فارسس في حملة ثانية في ربيع الشاني ٥٦٢ه، واسستطاع هزيمة<br />
الفرضج وجيشش مصر بالصعيد، ومَلكَ الٕسسكندرية بمسساعدة أهلها وذهب للصعيد فملكه،<br />
غير أنه اضضطر للعودة إلى دمششق في ذي القعدة بعد أن اششترط على الفرضج ألا يأخذوا ولو<br />
قرية واحدة من مصر فوافقوا . ٧٢<br />
وتمت السسيطرة لنور الدين على مصر في الهملة الشالشة التي قادها أيضضاً أسسد الدين<br />
ششيركوه في ربيع الٔول ٥٦٤ه، ففي ذلك الوقت كان الفرضج بسسبب تحالف ششاور معهم<br />
قد تمكنوا من البلاد المصرية، وأصبه لهم نفوذ كبير، وتسسلموا أبواب القاهرة وجعلوا<br />
لهم فيها جماعة من ششجعانهم وأعيان فرسسانهم و”حكموا على المسسلمين حكماً جاءراً<br />
وركبوهم بالٔذى العظيم”. وطمع الفرضج بملك مصر فجاءت حملة بقيادة ملك بيت<br />
المقدسس واحتلت بلبيسس عنوة، فقتلت وأسرت ثم حاصرت القاهرة، وأرسسل الخليفة<br />
العاضضد إلى نور الدين يسستغيشه وأرسسل في الكتب ششعور النسساء، وقال هذه ششعور<br />
(جمع ششَ عْر) نسساءي من قصري يسستغشن بك لتنقذهن من الفرضج. فأرسسل نور الدين<br />
حملته الشالشة، فلما قارب أسسد الدين مصر خرج الفرضج خاءبين، وانتهت الهملة<br />
بسسيطرة أسسد الدين على مصر، وقتل الوزير ششاور، وتولى أسسد الدين الوزارة مكانه<br />
في ١٧ ربيع الشاني ٥٦٤ه - كانون الشاني/ يناير ١١٦٩م، غير أن أسسد الدين توفي بعد<br />
ششهرين في ٢٢ من جمادى الشانية فولى صلاه الدين يوسسف الٔيوبي الوزارة مكانه . ٧٣<br />
وبأمر من نور الدين أسسقط صلاه الدين الخلافة الفاطمية، وتمت الخطبة للخليفة<br />
العباسسي المسستضضيء في ثاني جمعة من محرم ٥٦٧ه - ١٠ أيلول/ سسبتمبر ١١٧١م “فلم<br />
١٠٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
يتنطه في ذلك عنزان”، ومات الخليفة الفاطمي العاضضد في ١٠ محرم من دون أن<br />
يعلم بذلك . ٧٤ وهكذا ض ُ مت مصر رسسمياً للخلافة العباسسية، وأصبهت تحت القيادة<br />
الفعلية لنور الدين.<br />
وفي ٥٦٦ه/١١٧٠م ضضمّ نور الدين الموصل، والمناطق التي تتبعها إلى حكمه ، ٧٥ كما<br />
ضضمّ اليمن سسنة ٥٦٩ه/١١٧٣م عندما أذن لصلاه الدين بفتهها فأرسسل إليها أخاه<br />
توران ششاه بن أيوب؛ حيش تمت له السسيطرة عليها . ٧٦ وبذلك امتدت الجبهة الٕسسلامية<br />
المتهدة من العراق إلى الششام فمصر واليمن، مما أنذر بقرب القضضاء على الصليبيين.<br />
تحطيم القوى الصليبية:<br />
خلال فترة حكمه التي امتدت من ١١٧٤-١١٤٦م لم تتوقف المعارك وحروب<br />
الجهاد بين نور الدين والصليبيين، وفي الوقت الذي كان يدعم فيه حكمه، ويوحد جهود<br />
المسسلمين كان يقوم بالاسستيلاء التدريجي على الممالك الصليبية، ويضضعف قوتها يوماً<br />
بعد يوم وهو يعد للمعركة الفاصلة معهم، وخلال تلك الفترة اسستطاع نور الدين في<br />
جهاده الٕسسلامي اسسترجاع وتحرير حوالي خمسسين مدينة وقلعة، مما كان تحت سسيطرة<br />
الصليبيين.<br />
فمنذ بداية حكمه أحكم السسيطرة على منطقة الرها وصف َّى الٔملاك التي كانت تتبعها<br />
(تل باشر، سسميسساط، قلعة الروم، دلوك، الراوندان، قورسس، مرعشش، إعزاز، عينتاب،<br />
البيرة...) وذلك خلال الفترة الممتدة بين ١١٥١-١١٤٦م. كما اسستعاد وحرر جميع<br />
الٔراضضي التي كانت تتبع إمارة أنطاكية شرقي نهر العاصي (١١٤٩-١١٤٧م)؛ وقَتل<br />
في إحدى معاركها (أنب ١١٤٩/٧/٢٩م) أمير أنطاكية ريموند ،Raymond of Poitiers<br />
وزعيمَ الباطنية المتعامل معهم ضضدّ المسسلمين علي بن وفا. وقام بدور أسساسس في تحطيم<br />
الهملة الصليبية الشانية (١١٤٨-١١٤٧م) التي ششارك فيها ملك فرنسسا لويسس السسابع<br />
،Louis VII وإمبراطور ألمانيا كونراد الشالش ،Conrad III والتي تعدّ نقطة تحول خطيرة<br />
في تاريخ الهروب الصليبية؛ حيش كُسرت هيبة الصليبيين، ورفعت الروه المعنوية لدى<br />
المسسلمين . ٧٧<br />
واسستمرت الهروب سسجالاً، ووقعت العديد من المعارك المهمة، أدت إلى إضضعاف<br />
النفوذ الصليبي وضضمّ مناطق جديدة لنور الدين على حسساب الصليبيين... حتى<br />
أحكم نور الدين إحاطة مملكة بيت المقدسس الصليبية. ولا يتسسع المجال لذكر المعارك<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٦
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
والوقاءع كلها، ولكنا نكتفي بالٕششارة إلى إحداها، وهي التي وقعت عند تلّ حارم في<br />
رمضضان ٥٥٩ه - ١١ آب/ أغسسطسس ١١٦٤م.<br />
ففي ٥٥٨ه كان نور الدين قد انهزم من الفرضج تحت حصن الٔكراد، وهي المعركة<br />
التي عرفت ب”البقيعة”؛ حيش كبسسهم الفرضج فجأة، وأكثروا فيهم القتل والٔسر، ونجا<br />
نور الدين في اللهظة الهاسسمة وهرب، ونزل قرب حمص، وهناك أقسسم “واالله لا أسستظل<br />
بسسقف حتى آخذ بشأري وثأر الٕسسلام” ثم أرسسل إلى حلب ودمششق وأحضر الٔموال<br />
والشياب والخيل والسسلاه، فأعطى الناسس عوضض ما أخذ منهم جميعه، وعاد العسسكر<br />
“كأن لم تصبهم هزيمة” . ٧٨<br />
ولما رأى أصهاب نور الدين كثرة خروجه للجهاد، وإنفاقه عليه قال له بعضضهم:<br />
“إن لك في بلادك إدرارات وصدقات كشيرة على الفقهاء والفقراء والصوفية والقراء، فلو<br />
اسستعنت بها في هذا الوقت لكان أصله”، فغضضب من ذلك، وقال: “واالله إني لا أرجو النصر<br />
إلا بأولئك، فإنما ترزقون وتنصرون بضضعفاءكم، كيف أقطع صلات قوم يقاتلون عني<br />
وأنا ناءم على فراششي بسسهام لا تخطئ، وأصرفها على من لا يقاتل عني إلا إذا رآني<br />
بسسهام قد تصيب وقد تخطئ، وهوءلاء القوم لهم نصيب في بيت المال، كيف يهل لي أن<br />
أعطيه غيرهم”؟! . ٧٩<br />
وعرضض الفرضج الصله، لكن نور الدين رفضض. واجتمع جيششا المسسلمين والفرضج بعد<br />
أن حششدا حششوداً ضضخمة عند حارم. وقبيل القتال انفرد نور الدين بنفسسه تحت تلّ حارم<br />
وسسجد الله، ومر َّغ وجهه، وتضرع “يا رب هوءلاء عبيدك وهم أولياوءك، وهوءلاء عبيدك<br />
وهم أعداوءك، فانصر أولياءك على أعداءك”... “إيشش فضضول محمود في الوسسط”!!...<br />
وقال: “اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً. من محمود الكلب حتى يُنصر”!! يهقر<br />
نفسسه ويتذلل إلى االله سسبهانه . ٨٠ ولهذا الدعاء قصة مع بشرى النصر نذكرها كما رواها<br />
أبو ششامة في كتاب الروضضتين، إذ قال:<br />
بلغني أن إماماً لنور الدين رأى ليلة رحيل الفرضج عن دمياط في منامه<br />
النبي [ وقال له: أَعلم نور الدين أن الفرضج قد رحلوا عن دمياط في هذه الليلة،<br />
فقال يا رسسول االله ربما لا يصدقني فاذكر لي علامة يعرفها، فقال: قل له بعلامة<br />
ما سسجدت على تل حارم وقلت: يارب انصر دينك ولا تنصر محموداً، من هو<br />
محمود الكلب حتى ينصر!! قال: فانتهيت ونزلت إلى المسسجد، وكان من عادة<br />
نور الدين أنه كان ينزل إليه بغلسس ولا يزال يتركّع فيه حتى يصلي الصبه،<br />
١٠٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
قال: فتعرضضت له، فسسألني عن أمري، فأخبرته بالمنام، وذكرت له العلامة، إلا<br />
أنني لم أذكر لفظة الكلب. فقال نور الدين رحمه االله تعالى: اذكر العلامة كلها؛<br />
وأله علي في ذلك، فقلتها؛ فبكى رحمه االله وصدق الروءيا. وأرخت تلك الليلة<br />
فجاء الخبر برحيل الفرضج بعد ذلك في تلك الليلة.<br />
وفي ١١٦٤/٨/١١م التهم الفريقان، وانكششفت المعركة الكبرى عن كارثة هاءلة حلت<br />
بالصليبيين؛ إذ قتل منهم عشرة آلاف وأسر عشرة آلاف أو أكثر، وكان من بين الٔسرى<br />
أمير أنطاكية وأمير طرابلسس وحاكم قيليقية البيزنطي، وأسر جميع الٔمراء عدا أمير<br />
الٔرمن، وفي اليوم التالي اسستولى نور الدين على حارم...، وكان ذلك فتهاً كبيرا٨١ً .<br />
وفي ٥٦٩ه/١١٧٣م كان نور الدين قد أعد عدته للهجوم النهاءي على بيت المقدسس،<br />
وتحرير أرضض الٕسراء من النفوذ الصليبي حتى إنه قد جهز منبراً جديداً راءعاً<br />
للمسسجد الٔقصى يوضضع فيه بعد الانتصار على الصليبيين بإذن االله، وراسسل في<br />
ذلك عامله على مصر صلاه الدين الذي تلكأ بسسبب الظروف الخاصة التي تواجهه<br />
في مصر، والتي يرى أنها تحتاج إلى صبر وأناة وإعداد. ولم يرضضَ نور الدين بذلك<br />
التأخر، فقرر الذهاب إلى مصر، وترتيب أمورها بنفسسه إلا أن المنيّة عاجلته، فتوفي<br />
رحمه االله في ١١ ششوال ٥٧٠ه - ١١٧٤/٥/١٥م . ٨٢<br />
وهكذا انطوت صفهة راءعة من صفهات الجهاد أيام الهروب الصليبية إلا أن الصفهة<br />
التي تلتها كانت مشرقة وموءثرة في مسسار التاريخ، تلك هي صفهة صلاه الدين الٔيوبي.<br />
سسابعاً: جهاد صصلاه الدين الٔيوبي ٥٨٩-٥٦٩ه:<br />
رفع الراية، بعد نور الدين محمود، صلاه الدين الٔيوبي، وقد سسار على خطى سسلفه<br />
نور الدين، فقد ترسسم المنهج الٕسسلامي والهل الٕسسلامي في تحطيم القوى الصليبية<br />
وتحرير الٔرضض المقدسسة.<br />
جاء صلاه الدين ووجد نور الدين قد هيأ الظروف المناسسبة لاسسترداد الٔرضض<br />
المقدسسة، فاسستغلها أحسسن اسستغلال وقطف ثمارها اليانعة بعد سسنوات من حكمه.<br />
ولد صلاه الدين يوسسف بن أيوب سسنة ٥٣٢ه/١١٣٧م بقلعة تكريت، وكان أبوه<br />
والياً عليها، دخل هو وأبوه وعمه في خدمة نور الدين محمود، وششارك عمه أسسد الدين<br />
ششيركوه في حملاته الشلاش على مصر، وتولى الوزارة في مصر وعمره ٣٢ سسنة.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٠٨
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
يُوصف صلاه الدين بأنه كان حسسن العقيدة، كشير الذكر، ششديد المواظبة على صلاة<br />
الجماعة، ويواظب على السسنة والنوافل، ويقوم الليل. وكان يهب سسماع القرآن وينتقي<br />
إمامه، وكان رقيق القلب خاششع الدمعة إذا سسمع القرآن دمعت عيناه، ششديد الرغبة في<br />
سسماع الهديش، كشير التعظيم لششعاءر االله، وكان حسسن الظن باالله، كشير الاعتماد عليه،<br />
وعظيم الٕنابة إليه.<br />
وكان صلاه الدين عادلاً روءوفاً، رحيماً ناصراً للضضعيف على القوي، وكان كريماً،<br />
وحسسن العشرة، لطيف الٔخلاق، طاهر المجلسس؛ لا يذكر أحد بين يديه إلا بخير، طاهر<br />
السسمع، طاهر اللسسان، طاهر القلم، فما كتب إيذاء لمسسلم قط.<br />
وكان ششجاعاً ششديد البأسس والمواظبة على الجهاد عالي الهمة، قال يوماً وهو قرب<br />
عكا “في نفسسي أنه متى ما يسر االله تعالى فته بقية السسواحل قسسمت البلاد، وأوصيت<br />
وودعت، وركبت هذا البهر إلى جزاءرهم أتتبعهم فيها حتى لا أبقي على وجه الٔرضض من<br />
يكفر باالله أو أموت”.<br />
ومات صلاه الدين ولم يكن لديه من الٔموال ما تجب فيه الزكاة، واسستنفدت صدقة<br />
النفل جميع ما ملكه، ولم يخلف في خزاءنه من الفضضة والذهب إلا ٤٧ درهماً ناصرية،<br />
وديناراً واحداً ذهباً، ولم يخلف ملكاً، ولا داراً، ولا عقاراً، ولا مزرعة... عزم على الهج<br />
في السسنة التي توفي فيها، ولكنه تعوق بسسبب ضضيق ذات اليد وضضيق الوقت . ٨٣<br />
صراع على خلافة نور الدين:<br />
لما مات نور الدين بويع لابنه من بعده بالملك، وهو الصاله إسسماعيل، وكان صغيراً<br />
في ال ١١ من عمره، وجُ عل أتابكه ششمسس الدين بن المقدم... “فاختلف الٔمراء وحارت<br />
الٓراء، وظهرت الشرور، وكثرت الخمور.... وانتشرت الفواحشش... وطمعت الٔعداء<br />
من كل جانب في المسسلمين” ، ٨٤ وعندما هاجم الفرضج المسسلمين واجههم ابن المقدم عند<br />
بانياسس لكنه ضضعف عن مقاومتهم، فبذل لهم أموالاً جزيلة وهادنهم، كما خرجت أرضض<br />
الجزيرة من ملك الصاله إسسماعيل، واسستبعد الٔمراء المتهكمون في الصاله بني الداية<br />
وسسجنوهم، وهم من أقرب الٔمراء المقربين إلى نور الدين (ششمسس الدين بن الداية ومجد<br />
الدين بن الداية رضضيع نور الدين...)، وكان كل ما سسبق سسبباً في غضضب صلاه الدين على<br />
الٔمراء المتهكمين في الملك الصاله، بل واعتبر نفسسه أحق الناسس بالٕشراف على تربية<br />
وخدمة الملك الصاله . ٨٥<br />
١٠٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وهكذا فتهت أنظمة الهكم الوراثي، وانعدام الموءسسسسات “الدسستورية” الششورية،<br />
والتنازع على السسلطة وحبّ الرءاسسة...، المجال أمام مرحلة جديدة من الصراع والخلاف<br />
بين المسسلمين أخرت المعركة الفاصلة التي كان يُعد لها نور الدين، واضضطرت صلاه الدين<br />
أن يخوضض معركة الوحدة من جديد، ولم يتم له ذلك إلا بعد أكثر من ١٢ سسنة.<br />
ففي ربيع الٔول ٥٧٠ه - تشرين الشاني/ نوفمبر ١١٧٤م ضضمّ صلاه الدين<br />
دمششق سسلماً، ثم ضضمّ حمص دون قلعتها في ١١٧٤/١٢/١٠م، ثم ملك حماة وقلعتها في<br />
١١٧٤/١٢/٢٨م، ثم عاد فسسيطر على قلعة حمص، ثم اسستولى على بعلبك في رمضضان من<br />
السسنة نفسسها، فصار أكثر الششام بيده، وكان صلاه الدين طوال ذلك الوقت محافظاً على<br />
ولاءه الظاهر للصاله بن نور الدين، والدعوة له في المسساجد وصكّ العملة باسسمه، ولكن<br />
بعد أن وقعت معركة بين صلاه الدين من جهة وبين جند حلب والموصل الزنكيين من<br />
جهة أخرى وانتصر فيها صلاه الدين، قطع حينئذ صلاه الدين الخطبة وصكّ العملة<br />
للملك الصاله، وتسسم َّى هو بملك مصر والششام، وأقره الخليفة على ذلك، ثم اسستولى<br />
صلاه الدين في ششوال من السسنة نفسسها (٥٧٠ه) على قلعة بعرين . ٨٦<br />
وفي سسنة ٥٧٠ه أيضضاً اسستولى صلاه الدين على بزاعة ومنبج وإعزاز ، ٨٧ وفي ٥٧٧ه<br />
توفي الملك الصاله إسسماعيل في حلب، ولم يكمل العشرين عاما٨٨ً ، وفي ٥٧٨ه عبر<br />
صلاه الدين الفرات وملك منطقة الجزيرة (الرها - حران - الرقة...) وملك سسنجار ، ٨٩<br />
وفي ٥٧٩ه ملك صلاه الدين آمد، وتلّ خالد وعينتاب ، ٩٠ وملك حلب في صفر من السسنة<br />
نفسسها؛ حيش نزل عنها عماد الدين بن مودود بن زنكي مقابل سسنجار ونصيبين<br />
والخابور والرقة وسروج، وبملك صلاه الدين حلب، بعد حصارها مرات عديدة،<br />
“اسستقر ملك صلاه الدين بملكها، وكان مزلزلاً فشبت قدمه بتسسلمها...” ، ٩١ كما فته<br />
صلاه الدين قلعة حارم . ٩٢ وفي ٥٨١ه ملك صلاه الدين ميافارقين، واسستلم ششهرزور<br />
وولاية القرابلي وجميع ما وراء نهر الزاب . ٩٣ وأخيراً دخلت الموصل وما يتبعها في حكم<br />
صلاه الدين في ٥٨٢ه/١١٨٦م . ٩٤<br />
اسستمرار الجهاد:<br />
لم تخلُ هذه المرحلة ٥٨٢-٥٦٩ه/١١٨٦-١١٧٤م من معارك عنيفة مع الصليبيين<br />
أسسهمت في المهافظة على هيبة المسسلمين ، ٩٥ والتعرف على إمكانات العدو ونقاط ضضعفه،<br />
واسستدراك جوانب النقص عند المسسلمين، وعدم إعطاء العدو فرصة للتقو ِّي والتمدد<br />
والانتششار، إلا أن صلاه الدين لم يدخل في معركة فاصلة مع الصليبيين.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٠
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
ونمرّ هنا على أهم الوقاءع مع الصليبيين في تلك الفترة، ففي ٥٧٠ه هزم المسسلمون<br />
الٔسسطول الصليبي القادم من صقلية، الذي هاجم الٕسسكندرية ب ٥٠ ألف رجل، هزيمة<br />
كبيرة . ٩٦ وفي ٥٧٣ه هاجم صلاه الدين الفرضج من جهة مصر حتى وصل عسسقلان<br />
وفتهها وأسر وقتل وأحرق، ثم انسساه جند صلاه الدين لما رأوا أن الفرضج لم يظهر<br />
لهم عسسكر، وسسار صلاه الدين للرملة، وهناك فاجأهم الفرضج وهزموهم ورجع<br />
صلاه الدين في نفر يسسير ومششقّة ششديدة ، ٩٧ وكان درسساً قاسسياً له. وفي العام نفسسه<br />
حاصر الفرضج حماة وحارم وفششلوا، وهزم الفرضج في العام التالي عند حماة . ٩٨ وفي ٥٧٥ه<br />
أغار صلاه الدين على مناطق سسيطرة الفرضج، وخرب الهصن الذي أقاموه بمخاضضة<br />
الٔحزان قرب بانياسس، ووقعت معركة ششديدة انتصر فيها المسسلمون، ونجا ملك الفرضج،<br />
وأسر عدد من قادتهم: ابن بيرزان صاحب الرملة ونابلسس، وهو أعظم الفرضج محلاً عند<br />
الملك، وأسر أخوه صاحب جبيل، كما أسر صاحب طبريا، ومقدم الداوية، وصاحب<br />
جنين . ٩٩<br />
وفي ٥٧٨ه قام صلاه الدين بغارات على أطراف مناطق سسيطرة الفرضج مُرك ِّزاً<br />
على الششوبك والكرك، وفته المسسلمون الششقيف من أعمال طبريا على يد فرخششاه (والي<br />
دمششق)، واقتهم فرخششاه بيسسان وغنم ما فيها، وسسارت العرب فأغارت على جنين<br />
واللجون حتى قاربوا عكا . ١٠٠ وفي السسنة نفسسها هزم صلاه الدين الٔسسطول الذي سيرّ ه<br />
أرناط (رينالد دي ششاتيون) Renaud de Châtillon حاكم الكرك في البهر الٔحمر<br />
للتخريب في سسواحل المسسلمين ومهاجمة مكة والمدينة...، وأرسسل بعضض الٔسرى الفرضج<br />
إلى مِنى “ليُنهروا” عقوبة لمن رامَ إخافة حرم االله . ١٠١<br />
وفي ٥٧٩ه عبر صلاه الدين نهر الٔردن في ١٩ جمادى الٓخرة، فهاجم بيسسان،<br />
“وأغار المسسلمون على تلك الٔعمال يميناً وششمالاً، ووصلوا فيها إلى ما لم يكونوا يطمعون<br />
في الوصول إليه والٕقدام عليه”. كما غزا صلاه الدين الكرك، وعاد فهاصرها في السسنة<br />
التالية دون جدوى، ثم هاجم نابلسس ٥٨٠ه، وسسار إلى سسبسسطية فاسستنقذ جماعة من<br />
أسرى المسسلمين، ووصل إلى جنين فاقتهمها، وعاد إلى دمششق، وهو يبش السرايا عن<br />
يمينه وششماله يغنمون ويخربون أملاك الفرضج . ١٠٢<br />
وفي ٥٨٢ه مات ملك الفرضج في بيت المقدسس، وتولى مكانه طفل صغير، وحدش خلاف<br />
وطمع في السسلطة بين الفرضج جعل صاحب طرابلسس يراسسل صلاه الدين، ويتهالف<br />
معه ضضدّ أقرانه من الفرضج. وفي السسنة نفسسها غدر صاحب الكرك أرناط بقافلة عظيمة<br />
١١١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
للمسسلمين فأخذها عن آخرها وغنمها، ولم يسستجب لطلب صلاه الدين ووعيده بإطلاقها،<br />
فأقسسم صلاه الدين ليقتلنه إن ظفر به . ١٠٣<br />
وهكذا دخلت سسنة ٥٨٣ه وقد نضضجت ظروف الٕعداد للمعركة الفاصلة من توحيد<br />
لقوى المسسلمين، ومن كسر لهيبة الصليبيين، وخبرة أوسسع في فنّ التعامل معهم، وبهذا<br />
دخل صلاه الدين معركة حطين. وقبل الٕششارة إلى معركة حطين نقف قليلاً عند<br />
اسستراتيجية العمل لدى صلاه الدين.<br />
اسستراتيجية العمل والٕعداد لدى صلاه الدين:<br />
١. الانطلاق من قاعدة قوية ومأمونة:<br />
تمشل ذلك في إعادة الوحدة وتقويتها، وبناء الٕنسسان المسسلم المقاتل، وبناء الاقتصاد<br />
الهربي.<br />
٢. بناء المجتمع للهرب:<br />
وفي هذا حرص على إششاعة العدل وإزالة الٔحقاد بين إمارات المسسلمين، وتوجيه العداء<br />
ضضدّ الصليبيين، كما أقام الصناعات الهربية من دور صناعة سسفن وتنظيم الهصون<br />
وحمايتها وتجهيزات الهصار... .<br />
٣. وضضوه الهدف:<br />
الذي تمشل بقيادة الٔمة الٕسسلامية لطرد الصليبيين، وهذا الوضضوه سساعد على كفاءة<br />
الٔداء والٕعداد، فكان “يبذل أقل جهد لٔفضضل نتيجة”، كما سساعد على تحديد أهداف<br />
العمليات العسسكرية، فكانت الٔولوية للتهرير، وحددت السسياسسات على هذا الٔسساسس.<br />
٤. الهرصص على المسسلمين:<br />
فهو “يهرص على المسسلمين لتهقيق هدف الهرب، ويهرص على الهرب للمهافظة<br />
على المسسلمين”، وقد اعتاد على ردّ العدوان بأقوى منه حفاظاً على الروه المعنوية، وتبني<br />
الاسستعداد القتالي المسستمر، وحدد لكل عملية أسساليبها المناسسبة . ١٠٤<br />
بالٕضضافة إلى هذه الاسستراتيجيات الٔسساسسية فقد تبنى صلاه الدين في معاركه<br />
اسستراتيجية الهجوم غير المباشر مشل القيام بمسسيرات طويلة وهجمات مباغتة، والهجوم<br />
على جهة لتخفيف الضضغط عن جهة أخرى. واسستراتيجية الهرب التششتيتية كتششتيت<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٢
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
الجيشش المعادي داخل المعركة (فصل الفرسسان عن المششاة مشلاً) واسستغلال النزاعات<br />
السسياسسية، وضرب فريق بآخر وتحييد الٔعداء. واسستراتيجية الهجمات الوقاءية التي<br />
تضضعف قدرة العدو القتالية قبل هجومه أو اسستكمال اسستعداده . ١٠٥<br />
وحقق صلاه الدين في حروبه المبادئ الٔسساسسية للهرب بكفاءة كبيرة مشل:<br />
• مبدأ المباغتة.<br />
• مبدأ أمن العمل: بما تمشل له من ششبكة أمنية جاسسوسسية قوية ودقيقة.<br />
• مبدأ القدرة الهركية: بما تعنيه من سرعة تحرك الجيشش وتجمعه وانتقاله.<br />
• مبدأ المبادءة والقوة الهجومية: الذي تمشل بتهويل الروه الدفاعية إلى هجومية.<br />
• مبدأ الاقتصاد القوي: فكل معركة ما يناسسبها.<br />
• مبدأ المهافظة على الهدف: فكان يهتم بتدمير القوى البشرية للصليبيين بالدرجة<br />
الٔولى، وحرمانهم من مواردهم الاقتصادية وتحويلهم إلى عبء على الغرب،<br />
وتحرير الٔرضض من الداخل تجاه السساحل.<br />
وبالنسسبة للجيشش الٕسسلامي فإن صلاه الدين رسسخ الاسستعداد الداءم للقتال، ورفع<br />
الروه الٕيمانية والجهادية في النفوسس، كما نمى الكفاءة البدنية الجسسدية، وأكد على<br />
الانضضباط وكمال الطاعة (في غير معصية) . ١٠٦<br />
معركة حطين:<br />
جهز صلاه الدين جيششه للمعركة الفاصلة وكانوا ١٢ ألف مقاتل نظامي سسوى<br />
المتطوعة، وجهز الفرضج أنفسسهم وتصالهوا، وتجمعت ملوكهم وجيوششهم، وكوّنوا<br />
جيششاً من حوالي ٦٣ ألف مقاتل.<br />
اجتاز صلاه الدين نهر الٔردن، وفته طبريا بدون قلعتها، وبدأت المناوششات يوم الجمعة<br />
إلا أن المعركة احتدمت يوم السسبت في ٢٤ ربيع الٓخر ٥٨٣ه - ٤ تموز/ يوليو ١١٨٧م،<br />
وعانى الفرضج من الهر والعطشش، وحصرهم المسسلمون وأحرقوا الهششاءشش الجافة<br />
من حولهم ومن تحتهم “فاجتمع عليهم حرّ الششمسس، وحرّ العطشش، وحرّ النار، وحرّ<br />
السسلاه، وحرّ رششق النبال”، ثم أمر السسلطان بالتكبير وبالهملة الصادقة، فمنه االله<br />
المسسلمين أكتاف الفرضج فقتلوا منهم ٣٠ ألفاً، وأسروا ٣٠ ألفاً، وكان فيمن أسر جميع<br />
ملوكهم سسوى أمير طرابلسس، “ولم يسسمع بمشل هذا اليوم في عزّ الٕسسلام وأهله، ودَفعِ<br />
١١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الباطل وأهله، حتى ذكر أن بعضض الفلاحين رآه بعضضهم يقود نيفاً وثلاثين أسسيراً من<br />
الفرضج، قد ربطهم بطنب خيمة، وباع بعضضهم أسسيراً بنعل ليلبسسها في رجله، وجرت أمور<br />
لم يسسمع بمشلها إلا في زمن الصهابة والتابعين” . ١٠٧<br />
ووقع في الٔسر الملك غي دي لوزينيان Guy de Lusignan ملك بيت المقدسس وأخوه،<br />
وأرناط حاكم الكرك الذي قتله صلاه الدين بيده براً بيمينه لغدره وإيذاءه المسسلمين،<br />
وأسروا صاحب جبيل وابن همفرى ،Humphrey ومقدم الداوية، وجماعة من الداوية<br />
وجماعة من الاسسبتارية وقد أعدم المسسلمون الداوية والاسسبتارية لششدة نكايتهم في<br />
المسسلمين . ١٠٨<br />
هذه هي وقعة حطين، وهي إحدى المعارك الفاصلة في التاريخ الٕسسلامي وتاريخ<br />
فلسسطين، بات المسسلمون ليلتها يكثرون من التكبير والتهليل، وانتهت بسسجود صلاه الدين<br />
ششكراً الله مع سسقوط خيمة ملك الفرضج وأسره . ١٠٩<br />
وبعد هذه المعركة فتهت الطريق أمام المسسلمين لتهرير معظم أرجاء فلسسطين، فخلال<br />
أيام قليلة تمّ فته طبريا ثم عكا (١٠ تموز/ يوليو) ثم الناصرة وصفورية، ثم قيسسارية<br />
وحيفا وأرسسوف، ثم نابلسس، ثم الفولة، ودبورية، وجنين، وزعين، والطور، واللجون،<br />
وبيسسان، وجميع ما يتبع طبريا وعكا، وتمّ فته يافا. ثم اتجه المسسلمون ششمالاً ففتهوا<br />
حصن تبنين، ثم صيدا (٢٩ تموز/ يوليو)، ثم بيروت (٦ آب/ أغسسطسس)، وجبيل. ثم<br />
اتجهوا جنوباً لاسستكمال فتوه فلسسطين، ففتهوا الرملة، ويبنه، وبيت لهم، والخليل،<br />
ثم عسسقلان (٤ أيلول/ سسبتمبر)، وغزة والداروم، وأقام صلاه الدين بعسسقلان حتى<br />
تسسلم حصون الداوية في غزة والنطرون، وبيت جبريل... وغيرها . ١١٠ وقد تم َّ ذلك كله<br />
لصلاه الدين في ششهرين تقريباً، وبعضضها كان يهتاج إلى سسنين من الهصار لاقتهامه،<br />
وكان جملة ما فته “خمسسين بلداً كباراً كل بلد له مقاتلة وقلعة ومنعة” . ١١١<br />
تحرير بيت المقدس:<br />
تطلعت الٔنظار إلى القدسس فأعد صلاه الدين عدته، وبدأ حصارها في منتصف<br />
رجب ٥٨٣ه - ٢٠ أيلول/ سسبتمبر ١١٨٧م، وكان داخل القدسس حوالي ٦٠ ألف<br />
مقاتل صليبي كلهم يرى الموت أهون عليه من تسسليمها. وخلال أيام حصارها جرت<br />
صدامات عديدة، وحاول المسسلمون اقتهامها، واقتتلوا “أششد قتال رآه الناسس، وكل<br />
واحد من الفريقين يرى ذلك ديناً حتماً واجباً، فلا يهتاج فيه إلا باعش سسلطاني” . ١١٢<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٤
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وطلب الفرضج الٔمان مقابل تسسليم المدينة فرفضض صلاه الدين إلا أن يفعل بهم كما<br />
فعلوا بالمسسلمين عندما احتلوها قبل حوالي تسسعين عاماً، ثم عادوا وطلبوا الٔمان،<br />
وهددوا إن لم يعطوه أن يقتلوا أسرى المسسلمين وهم ألوف، ثم يقومون بقتل نسساءهم<br />
وذراريهم من النصارى، ويهرقون ويعطبون أموالهم، ويقتلون حيواناتهم،<br />
ويخربون الصخرة والٔقصى، ثم يخرجون ليقاتلوا حتى النهاية قتال المسستميت،<br />
وششاور صلاه الدين أصهابه فأجمعوا على الٕششارة بالٔمان، فأمّنهم صلاه الدين:<br />
وتمّ للمسسلمين فته القدسس في ٢٧ رجب ٥٨٣ه - ٢ تشرين الٔول/ أكتوبر ١١٨٧م،<br />
وظهر من تسسامه ورحمة صلاه الدين الكشير مما اعترف به الصليبيون أنفسسهم . ١١٣<br />
وهكذا عادت بيت المقدسس لتهكم براية الٕسسلام بعد ٩١ سسنة هجرية (٨٨ سسنة ميلادية)<br />
وأعيد للمسسجد الٔقصى بهاوءه ونضضارته، وعاد صوت الٔذان يصده في جنباته، وتمّ<br />
إحضضار المنبر الذي أعده نور الدين للمسسجد الٔقصى قبل فتهها بعشرين سسنة . ١١٤<br />
ومن المهم الٕششارة إلى أن صلاه الدين تابع فته المدن والقلاع الصليبية الٔخرى،<br />
ففته سسنة ٥٨٤ه جبلة، واللاذقية، وقلعة صهيون، وفته حصن بكاسس، والششغر،<br />
وسرمينية، وبرزية، ودرب سساك، وبغراسس ، ١١٥ كما فته الكرك وما يجاورها كالششوبك<br />
بعد طول حصار بالٔمان “وفرغ القلب من تلك الناحية وألقى الٕسسلام هناك جرانه،<br />
وأمنت قلوب كل من كان في ذلك الصقع من البلاد كالقدسس وغيره، فإنهم كانوا ممن<br />
بتلك الهصون وجلين ومن شرهم مششفقين”. وفته صلاه الدين صفد بالٔمان بعد<br />
حصار، وخرج الفرضج إلى صور “وكفى االله الموءمنين شرهم، فإنهم كانوا وسسط البلاد<br />
الٕسسلامية” ، ١١٦ كما فته كوكب. وفي ربيع الٔول ٥٨٥ه فته صلاه الدين ششقيف أرنوم<br />
وهي من أمنع الهصون . ١١٧<br />
وهكذا عادت أرضض فلسسطين لتهكم تحت راية الٕسسلام من جديد. ولكن ربيع<br />
الانتصارات لم يدم طويلاً فانفتهت صفهة جديدة من الصراع والتهدي.<br />
متابعة الجهاد ضضدّ الصليبيين:<br />
تجمع الصليبيون الذين سسقطت مدنهم وقلاعهم في صور، وكان صلاه الدين قد<br />
تسسامه وتسساهل معهم في الذهاب إليها، وأخذ الصليبيون يرسسلون الاسستغاثات وتأتيهم<br />
الٕمدادات حتى قويت ششوكتهم، ثم إن صلاه الدين أطلق سراه الملك جاي سسنة ٥٨٤ه<br />
١١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
على أن يعود لفرنسسا، فذهب إلى صور وتولى قيادة الصليبيين من هناك بمسساعدة<br />
أسسطول من “بيزا” Pisa الٕيطالية.... “وكان ذلك كله بتفريط صلاه الدين في إطلاق كل<br />
من حصره حتى عضضّ بنانه ندماً وأسسفاً؛ حيش لم ينفعه ذلك” على حد ِّ تعبير ابن الٔثير . ١١٨<br />
هاجم الصليبيون من صور مدينة عكا ٥٨٥ه/١١٨٩م، وانتظروا هناك حتى<br />
جاءتهم إمدادات الهملة الصليبية الشالشة التي دعا إليها البابا أوربان الشاني لاسستعادة<br />
بيت المقدسس يقودها ثلاثة من ملوك أوروبا، امبراطور ألمانيا فريدريك الٔول بربروسسا<br />
Frederick I Barbarossa الذي مات وهلك أكثر جيششه في الطريق ، ١١٩ وريتششارد<br />
قلب الٔسسد ملك إنكلترا Richard the Lionheart الذي جاء بهراً “فعظم به ش ُّر<br />
الفرضج، واششتدت نكايتهم في المسسلمين، وكان رجل زمانه ششجاعة، ومكراً، وجلداً،<br />
وصبراً، وبلي المسسلمون منه بالداهية التي لا مشل لها” ، ١٢٠ وملك فرنسسا فيليب<br />
أغسسطسس .Philip Augustus وحاصرت جميع الجيوشش عكا (ربيع الشاني -<br />
جمادى الٔولى ٥٨٧ه أي حزيران/ يونيو ١١٩١م) وسسقطت بأيدي الفرضج في<br />
١٧ جمادى الٔولى ٥٨٧ه - ١٢ تموز/ يوليو ١١٩١م. وبهذا عاد الصليبيون ليكون<br />
لهم موطئ قدم جديد في فلسسطين. وتداول المسسلمون والفرضج الصراع، ونال كل طرف<br />
من الٓخر، واسستطاع الفرضج التمدد على السساحل إلى الجنوب فاحتلوا حيفا ويافا . ١٢١<br />
ومن المهم الٕششارة إلى أن الصراع كان دموياً مريراً، فقد أششار ابن كشير إلى أن<br />
صلاه الدين أقام على عكا صابراً مصابراً مرابطاً ٣٧ ششهراً، وأن جملة من قتل من<br />
الفرضج كان خمسسين ألفا١٢٢ً .<br />
وانتهت الهملة الصليبية الشالشة بعقد صله الرملة بين ريتششارد قلب الٔسسد،<br />
وصلاه الدين الٔيوبي في ٢١ ششعبان ٥٨٨ه - ١ أيلول/ سسبتمبر ١١٩٢م، وهو عبارة<br />
عن هدنة مدتها ثلاش سسنين وثلاثة أششهر، سسيطر الفرضج بمقتضضاها على السساحل من يافا<br />
إلى عكا، وسسمه لهم بزيارة القدسس، وحرية التجارة، وتنقل القوافل بين الطرفين . ١٢٣ على<br />
أنه من المهم الٕششارة هنا إلى بعضض النقاط المتعلقة بهذا الصله:<br />
١. لم يكن صلاه الدين يميل إلى عقد الصله، وعندما أحضر أمراءه المسستششارين كان<br />
رأيه عدم قبول الهدنة، وكتب العماد الٔصفهاني بأسسلوبه رأي صلاه الدين...<br />
“نهن بهمد االله في قوة، وفي ترقب نصرة مرجوة...، وقد ألفنا الجهاد، وألفنا به<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٦
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
المراد، والفطام عن المألوف صعب...، وما لنا ششغل ولا مغزى إلا الغزو....، رأي<br />
أن أخلّف رأي الهدنة وراءي، وأقدم تقديم الجهاد اعتزازي وإليه اعتزاءي...، ولي<br />
بتأييد االله من الٔمر أجزمه وأحزمه” . ١٢٤<br />
ولكن مسستششاريه أجمعوا على قبول الصله بهجة خراب البلاد، وتعب الٔجناد<br />
والرعية، وقلة الٔقوات، ولٔن الفرضج إذا لم تحدش الهدنة أصروا على البقاء<br />
والقتال، أما إن حدثت فسسيعود للبلاد سسكانها وعمارها، وتسستريه الٔجناد وتقوى<br />
وتسستعد للهرب، وكان رأيهم أن الفرنجة لا يفون بعهودهم، ولذلك نصهوه بعقد<br />
الهدنة حتى يتفرق الفرضج وينهلوا، وما زالوا به حتى رضضي . ١٢٥<br />
٢. إن هذا الصله هدنة موءقتة قصيرة الٔجل، وليسس معاهدة سسلام داءمة، وقد عقد<br />
مشلها قبلها، وبعدها العديد وهي جاءزة في الشرع حسسب تقدير المصلهة التي<br />
يقررها إمام المسسلمين، وقد اسستمرت من بعدها الصراعات والمعارك.<br />
٣. لم يتم في هذه الهدنة أي اعتراف للفرضج بأي حق ٍّ لهم على أرضض فلسسطين، وإنما<br />
تقررت الهدنة بعدم القتال على ما انتزعوه من أرضض إلى أن تنتهي الهدنة.<br />
وششتان ما بين هذه الهدنة التي عقد المسسلمون منها العشرات، وبين معاهدة السسلام<br />
مع الكيان الٕسراءيلي التي تجري في عصرنا.<br />
وعلى كل حال فإن الٔمر لم يطل بصلاه الدين فتوفي رحمه االله في ٢٧ صفر ٥٨٩ه -<br />
٤ آذار/ مارسس ١١٩٣م ، ١٢٦ أي بعد سستة أششهر فقط من توقيع صله الرملة.<br />
ثامناً: الٔيوبيون والصصراع مع الصصليبيين:<br />
دبّ النزاع والششقاق بين خلفاء صلاه الدين، ودخلوا بعد سسنوات من وفاته في<br />
صراعات دموية أضضعفتهم، وقوت ششوكة المملكة الصليبية في عكا التي اسستمرت وتمددت<br />
في بعضض الٔحيان على حسسابهم.<br />
لقد كان حبّ الدنيا وحبّ السسلطان، ولو على حسساب المبادئ والمقدسسات أحد المظاهر<br />
التي حكمت عدداً من سسلاطين الدولة الٔيوبية، فتهالف بعضضهم مع الصليبيين ضضدّ<br />
بعضض، وعرضضوا عليهم بيت المقدسس أكثر من مرة مقابل أن ينتصر سسلطان الششام على<br />
سسلطان مصر أو العكسس!! وقد سسعد الصليبيون بهذا الدور الذي لعبوه، ولكنهم ظلّوا<br />
على طمعهم في الجميع، غير أن ربيع الصليبيين لم يدم طويلاً.<br />
١١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
انتهت الهملة الصليبية الرابعة التي أرسسلها الغرب ٦٠١ه/١٢٠٤م في القسسطنطينية،<br />
ولم تصل إلى الششام أو مصر ، ١٢٧ أما الهملة الخامسسة ٦١٨-٦١٥ه/١٢٢١-١٢١٨م فقد<br />
انطلقت من عكا نفسسها بقيادة ملكها يوحنا برين (جان دي بريين) Jean de Brienne<br />
إلى دمياط بمصر. وعندما ششعر السسلطان الٔيوبي الكامل محمد بن محمد بن أيوب بخطورة<br />
الوضضع عرضض على الفرضج الصله مقابل تسسليمهم القدسس ومعظم فتوه صلاه الدين،<br />
فرفضضوا وطالبوا بجنوب شرق الٔردن أيضضاً (الكرك والششوبك...) وقام الملك المعظم<br />
عيسسى بن أحمد ابن أيوب صاحب دمششق بتدمير أسسوار القدسس وتخريبها حتى لا<br />
يسستفيد منها الفرضج إذا احتلوها في ٦١٦ه/١٢١٩م. لكن الٔيوبيين حششدوا قواهم في<br />
النهاية، واسستطاعوا هزيمة الصليبيين الذين عادوا خاءبين إلى عكا بعد أن فاتتهم فرصة<br />
عظيمة . ١٢٨<br />
ثم إن الخلاف الناششب بين الكامل محمد والمعظم عيسسى أدى إلى اسستنجاد الكامل<br />
محمد بفريدريك الشاني إمبراطور الٕمبراطورية الرومانية المقدسسة، والذي أصبه وصياً<br />
على عرشش مملكة عكا الصليبية، ووعده بتسسليمه القدسس إن هو سساعده على أخيه المعظم<br />
عيسسى.<br />
وجاء فريدريك الشاني Frederick II يقود الهملة الصليبية السسادسسة، ووصل إلى<br />
عكا في ٦٢٥ه/١٢٢٨م، وعلى الرغم من أن المعظم عيسسى توفي مما مكن أخويه الكامل<br />
والٔشرف من اقتسسام أملاكه مع إعطاء ابنه الناصر داود الكرك، والبلقاء، والٔغوار،<br />
والسسلط، والششوبك، ولم يعد الكامل بهاجة إلى فريدريك الشاني، إلا أن الكامل فرط في<br />
القدسس “وفاء” بعهده لفريدريك!! الذي لم يكن لديه من القوة ما يكفي لٕجبار المسسلمين<br />
على التنازل عن القدسس، بل إن فريدريك اضضطر للبكاء واسستعطاف الكامل في مراحل<br />
المفاوضضات ليتسسلم القدسس!! ومما قاله للكامل: “... أنا مملوكك وعتيقك، وليسس لي عما<br />
تأمره خروج.... فإن رأى السسلطان أن ينعم علي َّ بقبضضة البلد والزيارة فيكون صدقة<br />
منه، ويرتفع رأسسي بين ملوك البهر”!! واسستجاب له الكامل، وعقد معه صله يافا<br />
في ٦٢٦ه - ١٨ ششباط/ فبراير ١٢٢٩م لمدة عشر سسنوات، وبمقتضضاه تقرر أن يأخذ<br />
الفرنجة بيت المقدسس، وبيت لهم، وتبنين، وهونين، وصيدا مع شريط من الٔرضض من<br />
القدسس يخترق اللد، وينتهي عند يافا، فضضلاً عن الناصرة وغرب الجليل، على أن يكون<br />
الهرم بما حواه من الصخرة والمسسجد الٔقصى بأيدي المسسلمين . ١٢٩<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١١٨
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وهكذا اسستولى الفرضج على بيت المقدسس الٔمر الذي أثار غضضب المسسلمين “فاششتد<br />
البكاء، وعظم الصراخ والعويل، وأقيمت المآتم، وعظم على أهل الٕسسلام هذا البلاء، وقال<br />
الوعاظ والعلماء: يا خجلة ملوك المسسلمين لمشل هذه الهادثة. واششتد الٕنكار على الملك<br />
الكامل، وحقد أهل دمششق عليه ومن معه، وكثرت الششناعات عليه في سساءر الٔقطار” ، ١٣٠<br />
وقال ابن كشير: “فعظم ذلك على المسسلمين جداً، وحصل وهن ششديد، وإرجاف عظيم” . ١٣١<br />
واسستمر الصراع بين أبناء البيت الٔيوبي، غير أن الناصر داود صاحب الٔردن انتهز<br />
فرصة انتهاء مدة صله يافا، وتحصين الفرضج بيت المقدسس بخلاف الشروط، فاسستولى<br />
على القدسس، وطرد منها الفرضج في ٦ جمادى الٔولى ٦٣٧ه - ٧ كانون الٔول/ ديسسمبر<br />
١٢٣٩م، ولكن الصاله إسسماعيل -صاحب دمششق- سسلمها لهم في ٦٣٨ه/١٢٤٠م!!<br />
بعد أن طلب مسساعدتهم له ضضدّ صاحب مصر الصاله نجم الدين أيوب، هذا فضضلاً<br />
عن تسسليمهم عسسقلان وقلعة الششقيف، ونهر الموجب وأعمالها، وقلعة صفد وأعمالها،<br />
ومناصفة صيدا وطبريا وأعمالهما، وجبل عامل وسساءر بلاد السساحل... وقد أثار هذا<br />
التصرف سسخط المسسلمين الذين “أكثروا من التششنيع على الملك الصاله إسسماعيل”<br />
وهكذا عادت القدسس مرة أخرى للفرضج.<br />
وعندما حششد الصاله إسسماعيل قواته لينضضم إلى حلفاءه الفرضج عند غزة لقتال<br />
الصاله أيوب رفضض جند الششام محالفة الفرضج ضضدّ إخوانهم، فانهازوا إلى جند مصر،<br />
وهزموا الفرضج هزيمة كبيرة، ولكن الصاله أيوب صالههم سسنة ٦٣٨ه/١٢٤٠م،<br />
واسستقرت سسيطرتهم على بيت المقدسس، وما أعطاهم إياه الصاله إسسماعيل . ١٣٢<br />
ومرة أخرى دخل أبناء البيت الٔيوبي في الصراع، وظلت القدسس والٔرضض المقدسسة<br />
ورقة يلعبون بها في تهافتهم على السسلطة والنفوذ. فقد عرضض الصاله إسسماعيل مرة<br />
أخرى على الفرضج في عكا التهالف مقابل أن يسسيطروا على القدسس سسيطرة تامة بما في<br />
ذلك الصخرة والمسسجد الٔقصى، وانضضم إليه في ذلك الناصر داود، وفي الوقت نفسسه<br />
عرضض الصاله نجم الدين أيوب صاحب مصر على الصليبيين أنفسسهم العرضض نفسسه<br />
مقابل التهالف معهم !!! ١٣٣<br />
واختار الفرضج التهالف مع الصاله إسسماعيل الذي شرع في غزو مصر بمسساعدة<br />
حليفه الناصر داود والمنصور إبراهيم ملك حمص إلى جانب الفرضج. واسستعان الصاله<br />
١١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
نجم الدين أيوب بالخوارزمية الذين جاءوا لمسساعدته في قوة من عشرة آلاف مقاتل في<br />
طريقها إليه بالاسستيلاء على طبريا ونابلسس، اقتهمت بيت المقدسس في ١٧ تموز/ يوليو،<br />
واسستعادت بيت المقدسس بششكل كامل إلى حظيرة الٕسسلام في ٦٤٢ه - ٢٣ آب/<br />
أغسسطسس ١٢٤٤م . ١٣٤ وبذلك عادت بيت المقدسس نهاءياً إلى أيدي المسسلمين، وظلت تحتفظ<br />
بهويتها الٕسسلامية حتى دخلها الٕنجليز في ١٩١٧/١٢/١٠م.<br />
ثم إن الخوارزمية اتجهوا لمسساعدة الصاله أيوب ضضدّ الصاله إسسماعيل وحلفاءه،<br />
ووقعت معركة غزة الشانية (قرب غزة في موقع اسسمه هربيا) بين هذه القوى في ١٢ جمادى<br />
الٔولى ٦٤٢ه - ١٧ تشرين الٔول/ أكتوبر ١٢٤٤م، وانتهت بهزيمة سساحقة للصاله<br />
إسسماعيل والفرضج، وقد ِّر فيها عدد قتلى الفرضج بأكثر من ثلاثين ألفاً عدا ٨٠٠ أسسير<br />
سسيقوا إلى مصر، وكانت هذه المعركة هي أخطر ضربة تلقاها الصليبيون بعد معركة<br />
حطين، وتعدّ من المعارك الفاصلة في تاريخ فلسسطين؛ إذ ضضعف الصليبيون بعدها، ولم<br />
يتمكنوا من التوسسع، وسسعوا إلى الاحتفاظ بما لديهم . ١٣٥<br />
ثم قام الصاله أيوب بالسسيطرة على القدسس والخليل وبيت جبرين والٔغوار ودمششق<br />
٦٤٢ه/١٢٤٥م، وعاقب الفرضج، فسسيطر على قلعة طبريا، واقتهم عسسقلان، وبذلك<br />
انهسرت حدود مملكة الفرضج إلى أبواب يافا سسنة ٦٤٤ه/١٢٤٧م.<br />
ثم داهمت مصر الهملة الصليبية السسابعة بزعامة لويسس التاسسع Louis IX ملك<br />
فرنسسا ٦٤٦ه/١٢٤٩م، والتي انتهت بالفششل، وأسر لويسس التاسسع ثم تمّ إطلاق سراحه<br />
وذهابه إلى عكا ، ١٣٦ ثم ما لبش الهكم الٔيوبي لمصر أن انتهى بدخولها تحت حكم المماليك<br />
٦٤٧ه/١٢٥٠م، وبدأت صفهة جديدة من صفهات الجهاد ضضدّ المغول والصليبيين . ١٣٧<br />
وهكذا فإن بيت المقدسس والٔرضض المقدسسة في السسنوات الخمسسين التي تلت حكم<br />
صلاه الدين الٔيوبي كانت عرضضة لهالة من عدم الاسستقرار خصوصاً في النصف<br />
الشاني منها، واسستخدمت أكثر من مرة في مسساومات عدد من حكام البيت الٔيوبي مع<br />
الفرضج مقابل عقد تحالفات معينة، وافتقد هوءلاء مصداقيتهم الجهادية الٕسسلامية، حتى<br />
إن قتالهم للفرضج لم يكن يعبر بالضرورة عن التزامهم الٕسسلامي بقدر حرصهم على<br />
الهكم، والنفوذ، والمصاله الششخصية، ولذلك كان القتال مع الفرضج يعبر إلى حد ٍّ كبير<br />
عن موازين القوى المادية بين هذه الٔطراف، وهو ما جعل القدسس وأجزاء من فلسسطين<br />
تسسقط أكثر من مرة بأيدي الفرضج دون مبررات مشروعة إسسلامياً. على أن ما سسبق لا<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٠
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
ينفي وجود الكشير من المتطوعة والمجاهدين الصادقين الذين كانوا وقود المعارك ضضدّ<br />
الفرضج، والسسبيل إلى تحرير الٔقصى والٔرضض المباركة. ثم إن التعبئة الٕيمانية الجهادية،<br />
والتصدي للهكام المتعاونين مع الفرضج التي قام بها علماء كبار سسجنوا وأوذوا في<br />
سسبيلها، أمشال العز بن عبد السسلام وسسبط ابن الجوزي وغيرهما، كان لها دورها الكبير<br />
في حششد الجماهير وراء الصف الٕسسلامي، والٕصرار على احتفاظ المسسلمين ببيت المقدسس<br />
والٔرضض المقدسسة.<br />
أهم المدن ومواقع المعارك في بلاد الششام<br />
١٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
تاسسعاً: المماليك ومواجهة التتار:<br />
في القرن السسابع الهجري - الشالش عشر الميلادي ظهر الخطر المغولي (التتري) على<br />
بلاد المسسلمين. وكان المغول قد توحدت قباءلهم تحت قيادة جنكيز خان ،Genghis Khan<br />
وبدأوا حملة كبرى للتوسسع، فسسيطروا على منششوريا والصين وكوريا، واسستطاعوا<br />
تحطيم جيشش الدولة الخوارزمية المسسلمة ١٢٢١م، الذي كان سسداً منيعاً أمام توسسعهم<br />
تجاه العالم الٕسسلامي، والذي كان قد حقق عليهم عدداً من الانتصارات المهمة.<br />
وقد توفي جنكيز خان سسنة ٦٢٤ه/١٢٢٧م، ولكن المغول واصلوا زحفهم فاقتهموا<br />
آسسيا الوسسطى، وروسسيا، وسسيطروا على موسسكو، كما سسيطروا على أوكرانيا، وهاجموا<br />
بولندا، وهزموا الجيوشش الٔلمانية، واجتاحوا المجر بعد أن سسهقوا جيششها، وتوغلوا<br />
في أوروبا، كما أخذوا يتوغلون في العالم الٕسسلامي، فاسستكملوا سسيطرتهم على مناطق<br />
التركسستان وأفغانسستان والهند وفارسس... . ١٣٨<br />
وكان المغول يدمرون الممالك التي أمامهم تدميراً دون ششفقة أو رحمة وبشراسسة<br />
رهيبة أرعبت العالم من قوتهم وسسطوتهم، فصاروا ينتصرون لا بكفاءتهم وقوتهم<br />
فهسسب، وإنما بالهرب النفسسية والرعب الذي بشوه في نفوسس الناسس.... حتى انتشر المشل<br />
القاءل “من قال لك إن التتار قد هزموا فلا تصدقه”!! وقد اسستشمر المغول، إلى أقصى حدّ،<br />
حرب الصاعقة التي تعتمد على سرعة الهركة، كما اسستشمروا حرب الٔعصاب، فنشروا<br />
الرعب والذعر من بطششهم في كل مكان.<br />
وكانت بلاد المسسلمين تعاني من التفكك والضضعف مما سسهل على المغول الزحف إلى<br />
بلادهم، والقضضاء بسسهولة على ممالكهم. وبلغ من ضضعف حكام المسسلمين أن أحدهم،<br />
وكان يهكم إحدى المدن، أرسسل صورته المرسسومة على حذاء هدية لهولاكو قاءد المغول،<br />
حتى “يتشرف” هذا الهاكم بوضضع هولاكو قدمه على صورته عندما يلبسس الهذاء؟! . ١٣٩<br />
ثم اجتاه المغول العراق، وحاصروا بغداد عاصمة الخلافة العباسسية التي كانت تعاني<br />
من ضضعف ششديد كان من أسسبابه تآمر الوزير ابن العلقمي مع المغول لٕسسقاط الخلافة<br />
وتسريهه معظم جيشش الخلافة الذي أصبه عشرة آلاف بعد أن كان أكثر من 100 ألف.<br />
وقد سسقطت بغداد في ٦٥٦ه - ١٠ ششباط/ فبراير ١٢٥٨م، وقام المغول بمذبهة هاءلة<br />
اسستمرت أربعين يوماً، وذكر ابن كشير أن عدد الضضهايا بلغ ٨٠٠ ألف، وقيل مليونان،<br />
وقتل الخليفة المسستعصم باالله، وقيل إنه وضضع في كيسس وقتل رفسسا١٤٠ً .<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٢
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
وقام المغول باجتياه بلاد الجزيرة، واسستولوا على حران، والرها، وديار بكر، ثم<br />
جاوزوا الفرات، ونزلوا حلب في ٦٥٨ه - كانون الشاني/ يناير ١٢٦٠م، وأظهر حكام<br />
بني أيوب في الششام تخاذلاً كبيراً، فأعلن الناصر يوسسف الٔيوبي صاحب حلب خضضوعه<br />
للمغول، ولكنهم دخلوا حلب، وارتكبوا الفظاءع، حتى جرت دماء المسسلمين في الٔزقة.<br />
وبادر المنصور بن المظفر صاحب حماة بالفرار إلى مصر بهريمه وأبناءه تاركاً حماة<br />
وأهلها يلقون مصيرهم، ثم فرّ الناصر يوسسف من دمششق إلى غزة بنية الهرب إلى مصر،<br />
“وترك دمششق خالية وفيها عامتها...” وتبدد البيت الٔيوبي في الششام بسرعة.<br />
وصل المغول إلى دمششق فاسستلموها بالٔمان أول آذار/ مارسس ١٢٦٠م ثم غدروا<br />
بأهلها، وخلال فصل الربيع احتلوا نابلسس والكرك، وتقدموا إلى غزة دون مقاومة<br />
تذكر . ١٤١ وهكذا تقاسسم النفوذ في فلسسطين مملكة عكا الصليبية والمغول التتار، وعادت<br />
فلسسطين لتئن من جديد تحت سسنابك خير الكفار.<br />
الصليبيون والتتار:<br />
فرحت أوروبا بالهجوم التتري على بلاد الٕسسلام، وعملت على التنسسيق معهم بغية<br />
ضرب “العدو المششترك”، كما هدفوا إلى نشر المسسيهية بين التتار أنفسسهم، وقد نجهوا<br />
في بداية الٔمر جزءياً في ذلك؛ إذ اششتهر القاءد التتري الذي اجتاه بلاد الٕسسلام هولاكو<br />
بميله للمسسيهيين النسسطوريين، وكانت حاششيته تضضم عدداً كبيراً منهم، وكانت زوجته<br />
مسسيهية أيضضاً، وقد لعبت هذه الزوجة دوراً خطيراً تفخر فيه الكنيسسة في تجنيب أوروبا<br />
أهوال الغزو التتري، وتوجيهه لبلاد المسسلمين، بل إن قاءد معركة عين جالوت التتري<br />
كتبغا Kitbuqa كان مسسيهياً، حتى إن أحد الٔسساقفة المسسيهيين وصف حملة التتار<br />
بأنها “حملة صليبية بالمعنى الكامل لها، حملة نسسطورية مسسيهية”، وإن آمال الغرب<br />
قد انعقدت على هولاكو وقاءده كتبغا ليهقق “القضضاء على المسسلمين”. وقد بادر هاتون<br />
الٔول Hutton I ملك أرمينية وبوهيموند السسادسس Bohemond VI أمير طرابلسس<br />
وأمراء الفرضج في صور وعكا وقبرص إلى عقد حلف مع المغول التتار يقوم على أسساسس<br />
القضضاء على المسسلمين في آسسيا، وتسسليم الفرضج بيت المقدسس . ١٤٢<br />
وفي تلك الفترة تولى السسلطة في مصر -التي أخذ المماليك يهكمونها- السسلطان<br />
المظفر قطز محمود بن ممدود ١٧ ذو القعدة ٦٥٧ه - كانون الٔول/ ديسسمبر ١٢٥٩م،<br />
وقد عرف قطز بتقواه، وصلاحه، وارتباطه العميق بالٕسسلام، وكان تلميذاً لٔعظم العلماء في<br />
١٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
العصر العز بن عبد السسلام. وعلى حدّ تعبير ابن كشير فقد كان قطز ششجاعاً بطلاً كشير<br />
الخير ناصهاً للٕسسلام وأهله، وكان الناسس يهبونه، ويدعون له كشيرا١٤٣ً .<br />
ولم يكد يمرّ عليه في الهكم سسوى بضضعة أششهر حتى واجه مششكلة الاجتياه التتري،<br />
وتلقى رسسالة تهديد عنيفة من هولاكو، قبل مغادرته سسورية، تطلب منه الاسستسسلام جاء<br />
فيها “اتعظوا بغيركم، وأسسلموا إلينا أمركم، فنهن لا نرحم من بكى، ولا نرق لمن ششكا...<br />
أي أرضض توءويكم؟ وأي طريق تنجيكم؟ وأي بلاد تحميكم؟ فما لكم من سسيوفنا خلاص،<br />
ولا من مهابتنا مناص... الهصون عندنا لا تمنع، والعسساكر لقتالنا لا تنفع، ودعاوءكم<br />
علينا لا يسسمع!...” . ١٤٤<br />
ولكن قطز، القاءد المسسلم الذي لا يخششى إلا االله، والذي يعلم أن النصر بيد االله، وأنه<br />
متى اسستكمل العدة، وبذل الٔسسباب، وأحسسن الصلة باالله، والاسستعانة به حقق له النصر،<br />
قرر إعلان الجهاد، ومواجهة الزحف المغولي، وبعد أن قرأ الكتاب قبضض على هوءلاء<br />
الرسسل، وأمر بإعدامهم توسسيطاً (بأن يضرب الششخص في وسسطه، فيقسسم نصفين)،<br />
وعلقت روءوسسهم على أحد أبواب القاهرة (باب زويلة) وكان إعدامهم إعلاناً لا تراجع<br />
فيه عن العزم على القتال، وتحدياً يفيضض بمششاعر القوة والعزة في مواجهة الزحف<br />
التتري . ١٤٥<br />
وقرر قطز أن يبادر هو بالهجوم والزحف على قوات التتار رفعاً للروه المعنوية<br />
للمسسلمين، وتأكيداً على روه الجهاد السساعية إلى الششهادة في سسبيل االله، وحفظاً لٔرضض<br />
الٕسسلام في مصر، وتحريراً لٔرضض الٕسسلام في بلاد الششام، ومن ضضمنها أرضض فلسسطين<br />
والمسسجد الٔقصى المبارك، وتخويفاً للتتار بأنه نوع جديد من الرجال لم يواجهوه من<br />
قبل، ولٔن أنجه وسساءل الدفاع الهجوم.<br />
وفي ششعبان ٦٥٨ه - ٢٦ تموز/ يوليو ١٢٦٠م اجتاز الجيشش المسسلم بقيادة قطز<br />
الهدود، وحرر غزة؛ حيش أقام بها يوماً واحداً، ثم اتجه ششمالاً باتجاه قوات التتار؛ حيش<br />
التقت القوتان الٕسسلامية والتترية عند “عين جالوت” ششمال شرقي فلسسطين.<br />
معركة عين جالوت:<br />
ونششبت إحدى أكبر المعارك الهاسسمة في التاريخ هناك وهي معركة عين جالوت، يوم<br />
الجمعة ٢٥ رمضضان ٦٥٨ه - ٣ أيلول/ سسبتمبر ١٢٦٠م وفي هذه المعركة توفرت للتتار<br />
عناصر النصر “علمياً ومنطقياً” إذ تفوق التتار على الجيشش الٕسسلامي في عناصر:<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٤
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
• الكفاءة والخبرة الواسسعة نتيجة الهروب الكشيرة التي خاضضوها “قيادة وجنوداً”.<br />
• المعنويات العالية جداً لٔنهم لم يهزموا من قبل.<br />
• التفوق الكبير في العدة والعتاد والٔعداد.<br />
• الكفاءة العالية لسسلاه الفرسسان الذي تميز بكثرته وسرعة حركته وقدرته على<br />
تطبيق (حرب الصاعقة) التي كانت إحدى السسمات البارزة للتتار.<br />
• التفوق الٕداري فله قواعد قريبة وطرق من مواقع الجيشش المسسلم.<br />
• مواضضع التتار في المعركة كانت أفضضل من مواقع الجيشش المسسلم.<br />
وعلى الرغم من التفوق التتري السساحق، إلا أن النصر السساحق كان للمسسلمين.<br />
لقد تميز جيشش قطز بأنه “جيشش إسسلامي” قام لنصرة الٕسسلام، والدفاع عن أراضضيه<br />
المقدسسة، وششارك في هذا الجيشش ششيوخ مصر وعلماوءها وصالهوها، وانتشر الٔمر<br />
بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الجيشش، فخرج من مصر تاءباً منيباً طاهراً يبغي<br />
نصر دين االله، والتمكين له في الٔرضض، كما تميز الجيشش الٕسسلامي بقيادة موءمنة تتهلى<br />
“بإرادة القتال” بأقوى مظاهرها، وهي من أهم عوامل النصر في أي معركة . ١٤٦<br />
طلب قطز من الجيشش الانتظار لما بعد صلاة الجمعة “لا تقاتلوهم حتى تزول الششمسس،<br />
وتفيء الظلال، وتهب الرياه، ويدعو لنا الخطباء والناسس في صلاتهم”...، وهكذا بدأ<br />
القتال.<br />
وفي أثناء المعركة قتلت زوجة قطز “جلنار” وهي تجاهد فأقبل عليها قطز وهي في<br />
الرمق الٔخير وهو يقول: واحبيبتاه، فقالت له: لا تقل واحبيبتاه، ولكن قل وا إسسلاماه،<br />
ثم صعدت روحها إلى االله بعد أن ذكرته بأن أمر الٕسسلام والجهاد في سسبيل االله أهم من<br />
الهب والعلاقات الششخصية...، وقام قطز منتفضضاً وهو يردد وا إسسلاماه... وا إسسلاماه<br />
والجيشش يرددها حتى تمّ النصر... .<br />
كما حدش في أثناء المعركة أن قُتل فرسس قطز، فترجل أحد الٔمراء ليعطيه فرسسه،<br />
فرفضض حتى لا يهرمه من الجهاد، وحتى يأتيه المعنيون بالخيل بفرسس جديد، فقيل له:<br />
لمَ لْ تركب الفرسس، ولو أن بعضض الٔعداء رآك لقتلك، وهلك الٕسسلام بسسببك؟ فقال:<br />
“أما أنا فكنت أروه الجنة، وأما الٕسسلام فله رب لا يضضيعه”. وبعد النصر ترجل قطز<br />
عن فرسسه، ومرغ وجهه بالتراب، وسسجد الله ششكراً على ما أولاه من نصر.<br />
١٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وبدأ المسسلمون فوراً في مطاردة المغول، ودخل قطز دمششق بعد خمسسة أيام<br />
من عين جالوت، وامتدت المطاردة إلى حلب، فلما ششعر المغول باقتراب المسسلمين تركوا<br />
ما بأيديهم من أسرى المسسلمين... وقاسسوا من البلاء الكشير، وخلال ششهر واحد كان<br />
المسسلمون بقيادة المماليك قد اسستعادوا بلاد الششام من المغول والتتار . ١٤٧<br />
وتعدّ هذه المعركة من المعارك الهاسسمة في التاريخ؛ إذ إنها أوقفت الزحف التتري<br />
الذي لم يكن يقف أمامه ششيء، وكانت بداية لسسلسسلة من الهزاءم المتوالية أعادت المغول<br />
إلى قواعدهم، وحررت بلاد الٕسسلام منهم. ثم إن من اسستقر من المغول في بلاد الٕسسلام<br />
تحول إلى الٕسسلام، فدخلوا في دين االله أفواجاً، فكان ذلك نصراً جديداً للمسسلمين.<br />
عاشراً: المماليك والقضضاء على الصصليبيين:<br />
على الرغم من انهسسار المد المغولي التتري عن فلسسطين، وانتصار المسسلمين في عين جالوت،<br />
إلا أن مملكة عكا الصليبية ظلّت تحتفظ بسسيطرتها على المنطقة السساحلية الممتدة من يافا<br />
إلى عكا. وقد تولى سسلاطين المماليك مهمة تحرير باقي أرضض الٕسراء، وبلاد الششام، حتى<br />
جلا آخر الصليبيين عنها بعد أكثر من ثلاثين عاماً من معركة عين جالوت.<br />
وكان الظاهر بيبرسس قد تولى خلافة السسلطان قطز الذي لم يدم حكمه أكثر من سسنة،<br />
ونُفسسه المجال هنا لنقل المختصر الجيد الذي كتبته الموسسوعة الفلسسطينية حول دور<br />
بيبرسس ومن تلاه من سسلاطين:<br />
وقد قام الظاهر بيبرسس بدور كبير في محاربة الفرضج في بلاد الششام وتطهيرها<br />
منهم، فكان في حركة داءبة مسستمرة يقوم بالغارات على ممتلكاتهم. ولكنه كان<br />
يلجأ أحياناً على الرغم من ذلك إلى توقيع المعاهدات معهم إذا أحسس َّ بهاجة إلى<br />
ذلك. وقد جرت العادة أن تكون مدتها عشر سسنوات وعشرة ششهور وعشرة<br />
أيام وعشر سساعات.<br />
وبعد أن فرغ من القضضاء على المششكلات الداخلية في دولته توجه إلى حرب<br />
الفرضج. ففي ٦٦٢ه/١٢٦٣م خرج إلى فلسسطين، ولما وصلت قواته إلى عكا خرج<br />
الفرضج إليه يطلبون تجديد الهدنة، ويتعهدون بإطلاق سراه أسرى المسسلمين،<br />
والمهافظة على العهود والمواثيق. ولكن بيبرسس لم يكترش لمطالبهم، وآثر<br />
مهاجمة مواقعهم المختلفة، ولا سسيّما عكا، ليعرف أماكن القوة والضضعف فيهم<br />
إلى أن يهين الوقت لاسستنقاذ البلدان والمواقع التي كانوا يهتلونها. ولم تكن قوة<br />
الفرنجة بقادرة على اعتراضض سسبيله.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٦
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
خرج الظاهر بيبرسس إلى فلسسطين ثانية ٦٦٤ه/١٢٦٥م فاسستولى على<br />
قيسسارية المهصنة، وهدم أسسوارها، وهاجم قسسم من جيششه عكا، وضرب<br />
حيفا، ثم سسقطت أرسسوف في يده في السسنة نفسسها.<br />
وفي السسنة التالية خرج إلى فلسسطين مرة أخرى، وحاصر صفداً وفتهها،<br />
وهدم أسسوارها، ثم عاد إلى فلسسطين في ٦٦٦ه/١٢٦٧م فأرسسل إليه الفرنجة<br />
يطلبون الهدنة. وكان يتبع سسياسسة مهادنة بعضضهم دون الٓخر حتى لا تتجمع<br />
قواهم في وجهه. وقد مكنته هذه السسياسسة من تحرير أنطاكية سسنة ٦٦٧ه/<br />
١٢٦٨م. ويعد اسستيلاوءه عليها أكبر نصر حققه المسسلمون على الفرنجة في<br />
الششام منذ تحرير صلاه الدين بيت المقدسس سسنة ٥٨٣ه/١١٨٧م، وقد وافق<br />
بيبرسس بعد فته أنطاكية على عقد هدنة مع عكا مدتها عشر سسنوات على أن تكون<br />
أعمال عكا مناصفة بين الطرفين، ويسستولي هو على المرتفعات المهيطة بصيدا.<br />
تابع السسلطان المنصور سسيف الدين قلاوون مسسيرة تحرير بلاد الششام<br />
من الفرضج بعد الظاهر بيبرسس. ففي عهده حدش تحالف ثلاثي ضضمّ التتار<br />
والصليبيين في الششام، وسسنقر الٔششقر ناءب دمششق الشاءر، ولكن تحالفهم أخفق،<br />
وبدأ قلاوون يششدّد الخناق على الفرضج، فاحتل الهصن المرقب ٦٨٤ه/١٢٨٥م،<br />
واسستولى على اللاذقية ٦٨٦ه/١٢٨٧م، وعلى طرابلسس ٦٨٨ه/١٢٨٩م. وقد<br />
اسستفاد قلاوون من حالة الفرضج غير المسستقرة في عكا خاصة، وبلاد الششام عامة<br />
بسسبب الصراعات والمنازعات على السسلطة، فقوي مركزه وتمت له تصفية<br />
الوجود الفرنجي في الشرق العربي، ولم يبق في هذه الفترة بيد الفرضج على<br />
السساحل الششامي سسوى عكا وصور وصيدا وعتليت.<br />
وجد قلاوون الوقت قد حان لتصفية الوجود الصليبي في فلسسطين، فانتهز<br />
حادثة مهاجمة الفرضج في عكا تجار المسسلمين وقتلهم عدداً منهم، فأعلن الجهاد،<br />
وطلب القوات من جميع أنهاء مصر والششام، وأقام خارج القاهرة ينتظر<br />
وصول الٕمدادات، ولكنه مرضض فجأة وتوفي في ذي القعدة ٦٨٩ه - ١٠ تشرين<br />
الشاني/ نوفمبر ١٢٩٠م، فخلفه ابنه الٔشرف صلاه الدين خليل. وقد حاول<br />
الفرضج في عكا الاسستفادة من الوضضع الجديد ومن التغيير في القيادة المملوكية،<br />
فعرضضوا على الٔشرف خليل عقد هدنة يضضع هو شروطها، ولكنه رفضض<br />
وأكمل الاسستعداد، وسسار إلى عكا وحاصرها بمسساعدة القوات الششامية، وتمكّن<br />
من تحريرها في ١٧ جمادى الٔولى ٦٩٠ه - ١٨ أيار/ مايو ١٢٩١م بعد أن هرب<br />
ملكها هنري الشاني Henry II إلى قبرص، وبعد فته عكا اسستولى الٔشرف خليل<br />
١٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
على صيدا، وصور، وحيفا، وعتليت، وأمر بهدم تحصيناتها جميعاً. وهكذا<br />
سسقطت آخر المعاقل الصليبية في الشرق العربي في أيدي المماليك، وانتهى<br />
وجود الفرنجة في فلسسطين والششام بعد قرنين من الزمان (٦٩٠-٤٩٢ه أي<br />
١٢٩١-١٠٩٩م) . ١٤٨<br />
وبذلك عادت فلسسطين كاملة إلى حظيرة الهكم الٕسسلامي الذي اسستمر حتى الاحتلال<br />
البريطاني لفلسسطين.<br />
لعل الدارس لتاريخ الهروب الصليبية والجهود التي بذلت لتهرير الٔرضض<br />
المباركة يخرج بالنقاط البارزة التالية:<br />
• إن الراية التي رفعت لتهرير فلسسطين هي الراية الٕسسلامية، ولم تكن راية قومية أو<br />
علمانية أو إقليمية.<br />
• إن الجهاد في سسبيل االله هو الطريق الذي عادت عن طريقه فلسسطين إلى الهكم الٕسسلامي.<br />
• إن أبرز رموز الجهاد والقادة الذين حُ ررت الٔرضض المباركة على أيديهم (عماد الدين<br />
زنكي، نور الدين محمود، صلاه الدين الٔيوبي، قطز، بيبرسس، قلاوون وابنه...) تبنوا<br />
الٕسسلام فكراً، ومنهجاً، ووسسيلة للتهششيد والتعبئة ضضدّ العدو الغاصب. وكانوا بششكل<br />
عام على التزام تام بالٕسسلام وأحكامه، وعلى سسلامة العقيدة، وحسسن الصلة باالله.<br />
• إن القادة، والٔمراء، والجنود، والمتطوعة، والعلماء الذين ششاركوا في الجهاد والتهرير<br />
كانوا من جنسسيات ومناطق ششتى (عرب، أكراد، ترك... إلخ) وكان قاسسمهم المششترك<br />
أمراً واحداً هو الٕسسلام وإيمانهم بهقهم المقدسس في الٔرضض المباركة.<br />
• إن أمر اسستعادة كامل فلسسطين قد اقتضضى حوالي ٢٠٠ سسنة من الجهاد دون أن يتنازل<br />
المسسلمون عن حقهم فيها، فكانت معركة تداولتها الٔجيال حتى قطفت الشمرة النهاءية<br />
للانتصار.<br />
• وبالتالي فإن المهتل الغاصب لم يكن عدواً سسهلاً، ولا ينبغي أن نتوقع من أي عدو أن<br />
يكون سسهلاً (كاليهودية الصهاينة في عصرنا) كما لا ينبغي أن نفقد الٔمل مهما طال<br />
الزمن، ومهما كان العدو شرسساً عنيداً.<br />
• إن هناك ارتباطاً جوهرياً بين انتصارات المسسلمين، وبين مدى التزامهم بدين االله<br />
وشرعة تحكيمه في حياتهم، كما أن هناك ارتباطاً جوهرياً بين هزاءم المسسلمين وبين<br />
تنازعهم وتششتتهم وبعدهم عن منهج الٕسسلام.<br />
• إن الفكرة الٕسسلامية هي الوسسيلة المشلى لتهششيد وتعبئة الطاقات لتهرير أي<br />
أرضض إسسلامية.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٢٨
هوامشش الفصصل الشالش<br />
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
١ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ١٢٦.<br />
٢ القرآن الكريم، سسورة آل عمران: ١٦٠.<br />
٣ القرآن الكريم، سسورة الصافات: ١٧١-١٧٣.<br />
٤ القرآن الكريم، سسورة النسساء: ١٤١.<br />
٥ القرآن الكريم، سسورة محمد: ٧.<br />
٦ القرآن الكريم، سسورة الٔنفال: ٤٥-٤٦.<br />
٧ القرآن الكريم، سسورة الٔنفال: ٦٠.<br />
٨ القرآن الكريم، سسورة النور: ٥٥.<br />
٩ القرآن الكريم، سسورة النور: ٦٣.<br />
١٠ انظر: فايد حماد عاششور، جهاد المسسلمين في الهروب الصليبية: العصر الفاطمي والسسلجوقي والزنكي،<br />
ط ٤ (بيروت: موءسسسسة الرسسالة، ١٩٨٨)، ص ٥١-٥٤.<br />
١١ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ١٦٢.<br />
١٢ فايد عاششور، مرجع سسابق، ص ٦٨.<br />
١٣ انظر: ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ١٩٠-٢٢٠.<br />
١٤ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٢٢.<br />
١٥ أرنسست باركر، الهروب الصليبية، ترجمة السسيد الباز العريني، ط ٤ (بيروت: دار النهضضة العربية، دون<br />
تاريخ)، ص ٢٤-٢٣؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ص ٧٨؛ وسسعيد عبد الفتاه عاششور، الهركة الصليبية:<br />
صفهة مشرقة في تاريخ الجهاد الٕسسلامي في العصور الوسسطى، ط ٤ (القاهرة: مكتبة الٔنجلو مصرية، ١٩٨٦)،<br />
ج ١، ص ١٠٤-١٠٧.<br />
١٦ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ١، ص ١١٣-١٠٨؛ وأرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ٢٥-٢٦.<br />
١٧ انظر: ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ١٨١؛ وأرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ٣٤-٣٥.<br />
١٨ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ١٨٧.<br />
١٩ فايد عاششور، مرجع سسابق، ص ١٠٨-١١٢.<br />
٢٠ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ١٨٩؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ص ١١٢-١١٣.<br />
٢١ أرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ٣٧-٣٦؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ص ١١٦.<br />
٢٢ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ١، ص ٢٣٠-٢٢٩؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٤٤٤.<br />
٢٣ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ١، ص ٢٠١-٢١٠، و٢٣٢-٢٣١؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ،<br />
ج ٨، ص ٢٠٤؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ص ١١٧-١٢٤.<br />
٢٤ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٤٢.<br />
٢٥ القرآن الكريم، سسورة الٔنفال: ٤٦.<br />
٢٦ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٢٥٨-٢٥٩.<br />
١٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٢٧ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٢٢.<br />
٢٨ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٢٨-٢٢٩.<br />
٢٩ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٧٢.<br />
٣٠ مشلاً: مقتل سسيرجال صاحب أنطاكية مع ثلاثة آلاف فارسس وتسسعة آلاف من المششاة في معركة مع إيلغازي<br />
صاحب حلب سسنة ٥١٢ه (ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٢٨٩)، وأسر جوسسلين صاحب الرها<br />
ومعه ابن خالته كليام وجماعة من الفرسسان المششهورين سسنة ٥١٥ه (ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨،<br />
ص ٣٠٤).<br />
٣١ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٢٢.<br />
٣٢ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٢٢٦.<br />
٣٣ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٤٤٦.<br />
٣٤ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٢٦٨، و٣٠٢، و٣٢٠.<br />
٣٥ انظر: المرجع نفسسه، ج ٨، ص٢١٢، و٢١٨، و٢٢٩-٢٢٨.<br />
٣٦ ششهاب الدين عبد الرحمن بن إسسماعيل المعروف بأبي ششامة المقدسسي، الروضضتين في أخبار الدولتين النورية<br />
والصلاحية، تحقيق محمد حلمي محمد أحمد، ج ١، ق ١ (القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، ١٩٥٦)،<br />
ص ٧٥؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٣٠٩، و٣٢٣.<br />
٣٧ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٣٣١.<br />
٣٨ المرجع نفسسه، ج ٨، ص ٣٢٩-٣٦٨، وج ٩، ص ٥؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ٧٨، و٨٥-٨٤.<br />
٣٩ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٨، ص ٣٦٧.<br />
٤٠ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ٩-٨؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ٩٤-٩٦.<br />
٤١ أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ١٠٧-١٠٩.<br />
٤٢ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٣.<br />
٤٣ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٢٠؛ وانظر أيضضاً: أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ١١٤-١٠٩؛<br />
وفايد عاششور، مرجع سسابق، ص ١٧٩-٢٠٤.<br />
٤٤ عماد الدين خليل، نور الدين محمود: الرجل.. والتجربة (دمششق-بيروت: دار القلم، ١٩٨٠)، ص ٤٩-٥٠.<br />
يعتبر هذا الكتاب من أفضضل ما كتب عن نور الدين محمود، حيش أعطى الموءلف من خلاله صورة متكاملة عن<br />
ششخصيته وسسياسساته الٕدارية والاجتماعية والقضضاءية والاقتصادية والشقافية.<br />
٤٥ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٥.<br />
٤٦ عماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ٥٣.<br />
٤٧ المرجع نفسسه، ص ٤٥-٤٧.<br />
٤٨ أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٥٨٣. (صدر القسسم الشاني من الجزء الٔول من كتاب أبي ششامة<br />
سسنة ١٩٦٢ في مصر عن وزارة الشقافة).<br />
٤٩ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٧٨؛ وعماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ٢٤.<br />
٥٠ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٥؛ وانظر: أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ٥٨٤؛<br />
وابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٧٨.<br />
٥١ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٥.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٠
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
٥٢ عماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ٤٢.<br />
٥٣ المرجع نفسسه، ص ١٢، و٢٥.<br />
٥٤ المرجع نفسسه، ص ٢٧-٣٢.<br />
٥٥ انظر: المرجع نفسسه، ص ٧٥-٨٩.<br />
٥٦ أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٥٤٤.<br />
٥٧ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٢٣؛ وعماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ١٧.<br />
٥٨ أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٣٦؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٥؛ وعماد الدين<br />
خليل، مرجع سسابق، ص ٧٩.<br />
٥٩ عماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ٩٣-١٠٧.<br />
٦٠ المرجع نفسسه، ص ٨٦.<br />
٦١ المرجع نفسسه، ص ٨٧.<br />
٦٢ المرجع نفسسه، ص ٣٥-٣٦.<br />
٦٣ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٨١.<br />
٦٤ عماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ١٤٤.<br />
٦٥ حول اهتمامه بالعلم والعلماء انظر: المرجع نفسسه، ص ١٢٩-١٦٥.<br />
٦٦ المرجع نفسسه، ص ٢٠-٢٤، و١١٨-١١١.<br />
٦٧ انظر: المرجع نفسسه، ص ٩٣-١٢٦.<br />
٦٨ انظر: ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٨٦-٨٧.<br />
٦٩ عماد الدين خليل، مرجع سسابق، ص ٣٢-٣٥.<br />
٧٠ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٤٦-٤٥؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ١، ص ٢٣٦.<br />
٧١ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٨٥-٨٤؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٣٢٩-٣٣٨.<br />
٧٢ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٩٦-٩٥؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٣٦٣-٣٦٧.<br />
٧٣ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٠٣-٩٩؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٤٠٦-٣٨٩؛<br />
وحول ضضمّ نور الدين لمصر انظر: فايد عاششور، مرجع سسابق، ص ٢٢٩-٢٤٤.<br />
٧٤ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١١١؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٤٩٢-٥٠٠.<br />
٧٥ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٠٩-١١٠.<br />
٧٦ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٢٣؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٥٥١-٥٥٤.<br />
٧٧ انظر بالتفصيل حول صراع نور الدين مع الصليبيين: فايد عاششور، مرجع سسابق، ص ٢٠٧-٢٢٦.<br />
٧٨ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٨٢-٨٣.<br />
٧٩ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ٨٣.<br />
٨٠ أبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٣٤٢-٣٤٣.<br />
٨١ انظر: ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ٨٦-٨٨.<br />
٨٢ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٢٤؛ وأبو ششامة، مرجع سسابق، ج ١، ق ٢، ص ٥٧٧-٥٨٢.<br />
١٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٨٣ حول صفات صلاه الدين وأخلاقه، انظر: بهاء الدين بن ششداد، النوادر السسلطانية والمهاسسن اليوسسفية<br />
(مصر: شركة طبع الكتب العربية، ١٣١٧ه)، ص ٢٨-٤؛ ومحمود ششيت خطاب، بين العقيدة والقيادة،<br />
ص ٢٨٢، و٣١٤-٣٠٧؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ١٣-٢٥.<br />
٨٤ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٨٥.<br />
٨٥ المرجع نفسسه، ج ١٢، ص ٢٨٦-٢٨٥؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٧.<br />
٨٦ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٣٣-١٢٩؛ وانظر: سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢،<br />
ص ٥٨٣-٥٨٦.<br />
٨٧ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٣٧.<br />
٨٨ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٥٣.<br />
٨٩ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٥٦-١٥٩.<br />
٩٠ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦١-١٦٢.<br />
٩١ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦٢.<br />
٩٢ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦٣.<br />
٩٣ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦٩-١٧٠.<br />
٩٤ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٧١.<br />
٩٥ انظر حول جهاد صلاه الدين للصليبيين في تلك الفترة: فايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ٤٧-١١٣.<br />
٩٦ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٢٩-١٣٠.<br />
٩٧ المرجع نفسسه، ص ١٤٣-١٤١؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٥٩٦.<br />
٩٨ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٤٢-١٤٥.<br />
٩٩ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٤٧.<br />
١٠٠ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٥٥-١٥٦.<br />
١٠١ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦٠.<br />
١٠٢ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٦٤-١٦٦.<br />
١٠٣ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٧٤.<br />
١٠٤ انظر: بسسام العسسلي، صلاه الدين الٔيوبي (بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٣)، ص ٩٩-١٠٦.<br />
١٠٥ المرجع نفسسه، ص ١٠٧-١٠٩.<br />
١٠٦ المرجع نفسسه، ص ١١٢-١١٥.<br />
١٠٧ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٢١-٣٢٠؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٧٨.<br />
١٠٨ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٢١؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٧٨.<br />
١٠٩ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٧٨؛ وحول معركة حطين، انظر: العماد الٔصفهاني، الفته القسسي<br />
في الفته القدسسي، ص ٨٣-٧٦؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٦٣٨-٦٣٢؛ وابن ششداد،<br />
مرجع سسابق، ص ٦٠-٦٤.<br />
١١٠ انظر: العماد الٔصفهاني، مرجع سسابق، ص ١١٤-٨٨؛ وابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٨٢-١٧٢؛<br />
وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٦٣٧-٦٤٣.<br />
١١١ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٢٢.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٢
المسسلمون في مواجهة الصصليبيين والتتار<br />
١١٢ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٨٢.<br />
١١٣ انظر: المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٨٣؛ وابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٢٤-٣٢٣؛ وسسعيد عاششور،<br />
الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٦٤٤-٦٥٠.<br />
١١٤ ابن الٔثير، الكامل في التاريخ، ج ٩، ص ١٨٥.<br />
١١٥ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٩٠-١٩٥.<br />
١١٦ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٩٦.<br />
١١٧ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٩٦-٢٠٠.<br />
١١٨ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ١٩٧.<br />
١١٩ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ٢٠٧.<br />
١٢٠ المرجع نفسسه، ج ٩، ص ٢١٣.<br />
١٢١ انظر: المرجع نفسسه، ج ٩، ص ٢١٤-٢١٥.<br />
١٢٢ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٥.<br />
١٢٣ العماد الٔصفهاني، مرجع سسابق، ص ٦٠٥؛ وابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٥٠؛ وانظر<br />
بالتفصيل حول الهملة الصليبية الشالشة: سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٧٠٩-٦٥٩؛<br />
وأرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ٩٣-٨٦؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ١٧٧-٢٤٤.<br />
١٢٤ العماد الٔصفهاني، مرجع سسابق، ص ٦٠٣.<br />
١٢٥ المرجع نفسسه، ص ٦٠٤-٦٠٥.<br />
١٢٦ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٣.<br />
١٢٧ انظر: أرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ٢٩١-٢٧٩؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ٢٧٩-٢٩١.<br />
١٢٨ انظر: سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٧٧٧-٧٦٠؛ وأرنسست باركر، مرجع سسابق، ص ١١٠-١٠٥؛<br />
والموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٤٩، وج ٣، ص ٥١٢.<br />
١٢٩ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٤-١٢٣؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢،<br />
ص ٨٠٤-٧٩١؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ٤، ص ٦١٨.<br />
١٣٠ انظر: السسيد الباز العريني، الشرق الٔدنى في العصور الوسسطى (١) الٔيوبيون (دون مكان: دار النهضضة<br />
العربية، دون تاريخ)، ص ١٢٧-١٢٥؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ٣٣٤؛ والموسسوعة<br />
الفلسسطينية، ج ٤، ص ٦١٩-٦١٨؛ ومجير الدين الهنبلي، مرجع سسابق، ج ١، ص ٤٠٦-٤٠٧.<br />
١٣١ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٤.<br />
١٣٢ انظر: سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٢١-٨١٧؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٥٠،<br />
وج ٣، ص ٤٤٧. ذكر الهنبلي أن القدسس اسستمرت بأيدي المسسلمين حتى ٦٤١ ه، انظر: مجير الدين الهنبلي،<br />
مرجع سسابق، ج ٢، ص ٥-٦.<br />
١٣٣ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٥٠.<br />
١٣٤ انظر: المرجع نفسسه، ج ١، ص ٢٥٠، وج ٣، ص ٤٤٧؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢،<br />
ص ٨٢٦-٨٢٥؛ وفايد عاششور، مرجع سسابق، ج ٢، ص ٣٥٤-٣٥٥.<br />
١٣٥ انظر: ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٦٥-١٦٤؛ والموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٥٠،<br />
وج ٣، ص ٣٠٤، و٤٤٧، و٥١٢؛ والسسيد العريني، الٔيوبيون، ص ١٤٢-١٤١؛ وسسعيد عاششور، الهركة<br />
الصليبية، ج ٢، ص ٨٢٦-٨٢٧.<br />
١٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١٣٦ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ١، ص ٢٥٠؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٣١-٨٤٩.<br />
١٣٧ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٥٠-٨٥٣.<br />
١٣٨ انظر: السسيد الباز العريني، المماليك (بيروت: دار النهضضة العربية، دون تاريخ)، ص ٤٠-٤٣.<br />
١٣٩ رششيد الدين فضضل االله الهمذاني، جامع التواريخ، المجلد الشاني، ج ١، نقله للعربية محمد صادق نششأت<br />
ومحمد موسسى الهنداوي وفوءاد عبد المعطي الصياد (الجمهورية العربية المتهدة: وزارة الشقافة – دار إحياء<br />
الكتب العربية، دون تاريخ)، ص ٣٠١.<br />
١٤٠ حول اسستيلاء المغول على بغداد، انظر: المرجع نفسسه، المجلد الشاني، ج ١، ص ٢٩٥-٢٨١؛ وسسعيد عاششور،<br />
الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٨٦-٨٨٧.<br />
١٤١ حول اجتياه المغول للششام، انظر: رششيد الدين فضضل االله الهمذاني، مرجع سسابق، المجلد الشاني، ج ١،<br />
ص ٣٠٩-٣٠٥؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٨٦-٨٨٧.<br />
١٤٢ انظر: سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٦٨-٨٧٢، و٨٨١.<br />
١٤٣ ابن كشير، البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٢٥.<br />
١٤٤ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٩٩؛ ومحمود ششيت خطاب، مرجع سسابق، ص ٣٣٣-٣٣٤.<br />
١٤٥ سسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٨٩٩.<br />
١٤٦ انظر: محمود ششيت خطاب، مرجع سسابق، ص ٣٤٥-٣٤٦.<br />
١٤٧ حول معركة عين جالوت، انظر: رششيد الدين فضضل االله الهمذاني، مرجع سسابق، المجلد الشاني، ج ١،<br />
ص ٣١٦-٣١٠؛ وسسعيد عاششور، الهركة الصليبية، ج ٢، ص ٩٠١-٨٩٩؛ وسسعيد عبد الفتاه عاششور،<br />
الٔيوبيون والمماليك في مصر والششام (القاهرة: دار النهضضة العربية، ١٩٩٠)، ص ١٩٩-١٩٥؛ وابن كشير،<br />
البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٢٢٠-٢٢١.<br />
١٤٨ الموسسوعة الفلسسطينية، ج ٣، ص ٤٤٧-٤٤٨. ولمزيد من التفصيل انظر: سسعيد عاششور، الهركة<br />
الصليبية، ج ٢، ص ٩٣٦-٩٠٥؛ وسسعيد عاششور، الٔيوبيون والمماليك، ص ٢١٠-٢٣٤.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٤
الفصصل الرابع<br />
التجربة الٕسسلامية<br />
الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
التجربة الإسلامية<br />
الهديشة والمعاصصرة في فلسطين<br />
في ظلّ الدولة العشمانية:<br />
ظلت فلسسطين تحت سسيطرة دولة المماليك إلى أن قامت الدولة العشمانية بالسسيطرة<br />
عليها ١٥١٧-١٥١٦م. وكان لدولة الخلافة العشمانية من القوة ما مكنها من السسيطرة<br />
على معظم شرق أوروبا (بلغاريا، يوغوسسلافيا، رومانيا، اليونان...) بالٕضضافة إلى<br />
العراق وبلاد الششام والهجاز ومصر والسسودان ومعظم المغرب العربي... . وكانت<br />
إحدى أهم وأقوى دول العالم في العصر الهديش، غير أن عوامل الضضعف أخذت تدب<br />
في أوصالها منذ القرن ال ١٨، وأخذت تفقد تدريجياً مسساحات كبيرة من أرضضها، ولم<br />
تتمكن من مواكبة التطورات العلمية والهضضارية في الغرب الٔوروبي، وعانت من الديون<br />
والتعثر الاقتصادي، كما عانت من النفوذ الٔوروبي في أرضضها، فضضلاً عن حالة الجمود<br />
الفقهي والشقافي والفكري التي عاششتها بما لم يمكنها من متابعة قضضايا العصر، وتقديم<br />
الهلول المناسسبة وفق روءى واعية مسستمدة من الٕسسلام وتراثه العظيم.<br />
ومهما يكن من أمر فإن الدولة العشمانية حافظت على الهوية الٕسسلامية لٔرضض<br />
فلسسطين، ورسسختها لٔربعة قرون متواصلة، كما أن أهل فلسسطين كانوا يعدّون هذه<br />
الدولة دولتهم، ويهسسون بالولاء لها، وكانوا، ومعهم غيرهم من المسسلمين، يتمتعون<br />
بكافة الهقوق السسياسسية وغيرها التي يتمتع بها الٔتراك، ويششاطرون الٔتراك جميع<br />
مناصب الدولة العسسكرية والمدنية... . ١ فمشلاً عُ ين ِّ موسسى كاظم الهسسيني، والد الششهيد<br />
عبد القادر الهسسيني، متصرفاً لعسسير ١٨٩٢م، ثم متصرفاً لنجد ١٨٩٦م، ثم متصرفاً<br />
للهسسا ١٩٠٠م،... وتنقل به المقام إلى أن صار متصرفاً لهوران ١٩١٢م ، ٢ وهو نفسسه<br />
الذي قاد الهركة الوطنية الفلسسطينية ١٩٣٤-١٩٢٠م، وهناك الششيخ أسسعد الششقيري،<br />
والد أول رءيسس لمنظمة التهرير الفلسسطينية أحمد الششقيري، الذي تولى أكبر منصب في<br />
دولة الخلافة يلي منصب “ششيخ الٕسسلام”، كما تولى منصب مفتي الجيشش العشماني<br />
الرابع... . ٣<br />
١٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وعندما تكششفت للدولة العشمانية مخاطر المشروع الصهيوني في فلسسطين قامت<br />
بمهاربة الهجرة اليهودية إليها، ومنعت بيع الٔراضضي لليهود، وقامت سسنة ١٨٨٧م<br />
بفصل سسنجق القدسس عن ولاية سسورية، وأخضضعته بصورة مباشرة للباب العالي من باب<br />
زيادة الاهتمام بفلسسطين، وإفششال المخطط الصهيوني - الغربي للهجرة، والاسستيطان<br />
اليهودي فيها . ٤<br />
وكان للسسلطان عبد الهميد موقفه المتسسق تماماً مع الفكرة الٕسسلامية باعتبار أرضض<br />
فلسسطين جزءاً من أرضض الٕسسلام والمسسلمين المقدسسة، التي لا يجوز التفريط بأي جزء<br />
منها. وعندما عرضض موءسسسس الهركة الصهيونية ثيودور هرتزل Theodor Herzl على<br />
السسلطان عبد الهميد (عن طريق صديقه نيولنسسكي (Nevlenski بيع فلسسطين لليهود،<br />
أجابه السسلطان بما يلي:<br />
إذا كان هرتزل صديقك بقدر ما أنت صديقي فأنصهه أن لا يسسير أبداً في<br />
هذا الٔمر. لا أقدر أن أبيع ولو قدماً واحداً من البلاد؛ لٔنها ليسست لي، بل لششعبي.<br />
ولقد حصل ششعبي على هذه الٕمبراطورية بإراقة دماءهم، وقد غذوها فيما<br />
بعد بدماءهم، وسسوف نغطيها بدماءنا قبل أن نسسمه لٔحد باغتصابها منّا.<br />
لقد حاربت كتيبتنا في سسورية وفي فلسسطين، وقتل رجالنا الواحد تلو الٓخر في<br />
بلقنة؛ لٔن أحداً منهم لم يرضضَ بالتسسليم، وفضضلوا أن يموتوا في سساحة القتال.<br />
الٕمبراطورية التركية ليسست لي وإنما للششعب التركي، لا أسستطيع أبداً أن أعطي<br />
أحداً أي جزء منها. ليهتفظ اليهود ببلايينهم، فإذا قسسمت الٕمبراطورية فقد<br />
يهصل اليهود على فلسسطين دون مقابل، إنما لن تقسسم إلا على جششنا، ولن أقبل<br />
بتشريهنا لٔي غرضض كان . ٥<br />
وتعددت محاولات هرتزل وعروضضه السسخية المختلفة دونما فاءدة، ومات<br />
سسنة ١٩٠٤م دون أن يهقق أهدافه، وهكذا ظلّ السسلطان عبد الهميد الشاني<br />
(١٩٠٩-١٨٧٦م) عقبة في وجه المششاريع الصهيونية طيلة سسنوات حكمه منطلقاً في ذلك<br />
من سسياسسته الٕسسلامية، ومن معرفته بهقيقة الٔطماع الصهيونية، ويذكر عبد الهميد في<br />
مذكراته “وانتظم يهود العالم وسسعوا -عن طريق المهافل الماسسونية- في سسبيل “الٔرضض<br />
الموعودة”... وجاوءوا إلي َّ بعد فترة، وطلبوا مني أرضضاً لتوطين اليهود في فلسسطين مقابل<br />
أموال طاءلة، وبالطبع رفضضت” ، ٦ وكان السسلطان يعدّ نفسسه أكبر أعداءهم ، ٧ ويذكر أنه إذا<br />
ما سسمه لليهود بالتوطن في فلسسطين فإننا “نكون قد وق َّعنا قراراً بالموت على إخواننا في<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٣٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
الدين”ويقصد الفلسسطينيين ، ٨ ويوءكد الخلفية الٕسسلامية لارتباطه بفلسسطين قاءلاً: “لماذا<br />
نترك القدسس؟... إنها أرضضنا في كل وقت وفي كل زمان، وسستبقى كذلك فهي من مدننا<br />
المقدسسة، وتقع في أرضض إسسلامية، لا بدّ أن تظل القدسس لنا” . ٩<br />
غير أن الدولة العشمانية التي كانت في أواخر عهدها، وقد اششتد فيها الفسساد الٕداري،<br />
واخترقتها المنظمات الماسسونية والعلمانية لم تسستطع أن تحقق أهدافها بالكامل في منع<br />
الهجرة اليهودية إلى فلسسطين، وانتقال الٔراضضي إلى اليهود، فكانت هناك مداخلات<br />
السسفراء الٔجانب الذين تمسسكوا بالامتيازات الٔجنبية، وأعاقت احتجاجاتهم تنفيذ قيود<br />
الهجرة اليهودية، وكان هناك ما عرف ب”حزب البخششيشش”!! المسستشري في الجهاز<br />
الٕداري، والذي كان يتهايل على القانون مقابل الرششاوي، ويسسهل هجرة اليهود<br />
واسستيطانهم . ١٠ وخلال الفترة ١٩١٤-١٨٨١م هاجر إلى فلسسطين ٥٥ ألف يهودي من<br />
أصل ٢,٣٦٧ مليون من اليهود تركوا مواطنهم إلى أماكن أخرى في العالم، أي ما نسسبته<br />
٢,٣% من المجموع الكلي للمهاجرين ، ١١ مما يدل على نجاه السسلطات العشمانية إلى حد ٍّ ما<br />
في الوقوف أمام حركة الهجرة اليهودية.<br />
ومن المهم الٕششارة إلى أن الدولة العشمانية فقدت الكشير من مصداقيتها الٕسسلامية<br />
خصوصاً بعد انقلاب حزب الاتحاد والترقي على السسلطان عبد الهميد ١٩٠٩م، وقد<br />
كان هذا الهزب الذي سسيطر على تركيا فيما بعد معادياً للفكرة الٕسسلامية، منتهجاً<br />
سسياسسة التتريك، مُسسيطراً عليه من قبل المهافل الماسسونية التي يهيمن عليها اليهود،<br />
حتى إن الناسس علقوا على الشورة التي أسسقطت عبد الهميد بأنها ثورة يهودية أكثر منها<br />
تركية ، ١٢ بل إن أحد الشلاثة الذين أوفدتهم جمعية الاتحاد والترقي لٕبلاغ السسلطان<br />
عبد الهميد قرار خلعه عن العرشش كان يهودياً يدعى “قراصو”، وكان السسلطان قد<br />
طرده من مجلسسه في قصر “يلدز”حين حاول التأثير عليه لٕسسكان اليهود في فلسسطين . ١٣<br />
وقد ذكر السسفير البريطاني في تركيا لوزير خارجيته في مذكرته التي رفعها إليه في آب/<br />
أغسسطسس ١٩١٠م “إن لجنة الاتحاد والترقي تبدو في تششكيلها الداخلي تحالفاً يهودياً<br />
تركياً مزدوجاً... إن اليهود الذين يبدون الٓن في موقف الملهم والمسسيطر على الجهاز<br />
الداخلي للدولة يعملون على السسيطرة الاقتصادية والصناعية على تركيا الفتاة...” . ١٤<br />
بل إن السسلطان عبد الهميد ذكر في رسسالة إلى الششيخ محمود أبو الششامات في ١٩١١م<br />
أن سسبب خلع الاتحاد والترقي له من السسلطة هو إصرارهم عليه أن يصادق على تأسسيسس<br />
١٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وطن قومي لليهود في الٔرضض المقدسسة (فلسسطين)، فرفضض وذكر لهم أنهم لو دفعوا ملء<br />
الٔرضض ذهباً فلن يرضضى بذلك . ١٥<br />
وفضضلاً عما سسبق، فقد انتشرت المفاسسد المنافية لٔحكام الٕسسلام وآدابه كالملاهي<br />
والمراقص والهانات، والتعامل بالربا، فأصبه عامة الناسس يرون حزب الاتحاد والترقي<br />
بعيداً عن الٕسسلام، وخارجاً عن تعاليمه، وحدثت ردود فعل معادية لهذه المفاسسد في<br />
فلسسطين وسسورية . ١٦<br />
ولذلك لم يكن غريباً أن تظهر حركات معادية لهكم الاتحاد والترقي في البلاد<br />
العربية، وطالب جُ ل ُّها في البداية بالٕصلاه ضضمن الدولة العشمانية، ولكن عندما لم تتم<br />
الاسستجابة لتلك المطالب قامت الشورة العربية الكبرى ١٩١٦م، وأيدها الكشير من رجال<br />
الفكر والٕصلاه . ١٧<br />
وخلال الهرب العالمية الٔولى فقدت الدولة العشمانية ما تبقى لها من أرضض تحكمها<br />
في البلاد العربية (اليمن، الهجاز، العراق، الششام)، ثم أعلن كمال أتاتورك الجمهورية<br />
التركية سسنة ١٩٢٣م، وأسسقط الخلافة العشمانية سسنة ١٩٢٤م. وبذلك فقد المسسلمون<br />
لٔول مرة مظلة الخلافة الٕسسلامية، وتوزعت بلادهم على الدول الاسستعمارية.<br />
الموءامرة على فلسسطين:<br />
احتل البريطانيون الجزء الجنوبي من فلسسطين (حتى خط يافا - القدسس) في كانون<br />
الٔول/ ديسسمبر ١٩١٧م، واحتلوا باقي فلسسطين في أيلول/ سسبتمبر ١٩١٨م، ومنذ<br />
ذلك التاريخ وحتى ١٩٤٨م ظلّت فلسسطين واقعة تحت الاحتلال البريطاني، وقد دخل<br />
البريطانيون القدسس في ١٩١٧/١٢/٩م، وهناك أعلن القاءد البريطاني إدموند اللنبي<br />
Edmund Allenby في خطابه “اليوم انتهت الهروب الصليبية” ، ١٨ وهو ما فعل مشله<br />
القاءد الفرنسسي هنري غورو Henri Gouraud الذي احتل سسورية، ووقف على قبر<br />
صلاه الدين الٔيوبي، وهو يقول بلهجة المنتششي المنتصر... “ها قد عدنا يا صلاه الدين”!!<br />
وقد عاششت فلسسطين تحت الاحتلال البريطاني (١٩٤٨-١٩١٧م) موءامرة رهيبة<br />
تنفيذاً لوعد بلفور Balfour حرصت فيها بريطانيا بكل ما تملك على تحويل فلسسطين إلى<br />
وطن قومي لليهود، فهرمت أهل فلسسطين من حقوقهم السسياسسية، وضضيقت عليهم سسبل<br />
العيشش والرزق، وششجعت الفسساد، وعملت على تحقيق الانقسسامات العاءلية والطاءفية،<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وإششغال أهل فلسسطين ببعضضهم، ومن جهة أخرى ششجعت الهجرة اليهودية إلى فلسسطين،<br />
والاسستيطان اليهودي، وشراء الٔراضضي، وسساعدت على تسسليه اليهود، وبناء المسستعمرات،<br />
وسسمهت ببناء الموءسسسسات اليهودية ششبه الرسسمية تهيئة لبناء دولتهم وإعلانها.<br />
وقد قاوم أهل فلسسطين هذه الموءامرة خلال هذه المرحلة بكل عزم وإصرار، وبذلوا<br />
عشرات الٓلاف من الششهداء والجرحى، وقاموا بالشورة تلو الٔخرى لتهطيم المشروع<br />
اليهودي الصهيوني، وإجلاء الاسستعمار البريطاني، لكن الموءامرة كانت أكبر منهم<br />
بكشير، إذ ششاركت فيها بكل قوة جميع القوى الدولية متضضامنة مع الهركة الصهيونية<br />
العالمية التي تمكنت بما تملكه من نفوذ وإمكانات عظيمة في بقاع العالم من تسسيير الٔمور<br />
لصالهها في سسبيل تكوين الدولة اليهودية على أرضض فلسسطين. ولم يسستطع العالم<br />
العربي أو الٕسسلامي أن يوقف الموءامرة على فلسسطين؛ لٔنه هو أيضضاً كان واقعاً تحت<br />
قبضضة النفوذ الاسستعماري بكافة أششكاله ودوله.<br />
وهكذا، فَتَهْ تَ الهراب البريطانية قامت حركة هجرة يهودية أدت إلى زيادة أعداد<br />
اليهود في فلسسطين من حوالي ٥٥ ألفاً سسنة ١٩١٨م إلى حوالي ٦٥٠ ألفاً سسنة ١٩٤٨م ، ١٩<br />
غير أنهم على الرغم من كل الجهود لم يسستطيعوا أن يضضعوا أيديهم على أكثر من ٦,٧%<br />
من أرضض فلسسطين قبيل اندلاع حرب فلسسطين ١٩٤٨-١٩٤٧م ، ٢٠ والتي أدت إلى انتصار<br />
القوات اليهودية الصهيونية على الجيوشش العربية، وسسيطرتها على أكثر من ٧٨% من<br />
أرضض فلسسطين، وإنششاء كيانهم الغاصب عليها . ٢١<br />
ومنذ ظهور الخطر الصهيوني والعرب يتنادون إلى تحرير فلسسطين تحت رايات<br />
الاششتراكية والقومية والششيوعية والعلمانية... بينما تتوالى على روءوسسهم الهزاءم...،<br />
حتى لجأوا إلى الهلول السسلمية، وقنعوا بالهصول ولو على أجزاء قليلة من أرضض<br />
فلسسطين المباركة...، ولكن أنظمة الهكم لم تتبنَ، ولو لمرة، بششكل جاد الراية الٕسسلامية<br />
والهل الٕسسلامي للقضضية.<br />
كالعيسس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول<br />
وعلى الرغم من وجود التيار الٕسسلامي على السساحة الفلسسطينية والعربية، إلا أنه لم<br />
ينجه حتى الٓن في الٕمسساك بدفة التوجيه السسياسسي والجهادي، ولا يكاد يعطى الفرصة<br />
لٔي عمل جاد من ششأنه دفع العمل باتجاه تحرير فلسسطين. ولكن هذا لا ينفي أنه كان لهذا<br />
التيار دوره الراءد، وفق إمكاناته، في مواجهة الاحتلال البريطاني والمشروع الصهيوني منذ<br />
١٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١٩١٧م وحتى الٓن. وإذا كان لنا أن نتهدش باختصار عن تجربة التيار الٕسسلامي خلال<br />
هذه الفترة، فإننا تسسهيلاً على القارئ الكريم يمكن أن نجعل حديشنا وفق المراحل التالية:<br />
أولاً: مرحلة الاحتلال البريطاني ١٩٤٨-١٩١٧م.<br />
ثانياً: مرحلة المد القومي العربي ١٩٦٧-١٩٤٨م.<br />
ثالشاً: مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد الٕسسلامي ١٩٨٧-١٩٦٧م.<br />
رابعاً: مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية ١٩٩٦-١٩٨٧م.<br />
أولاً: مرحلة الاحتلال البريطاني ١٩٤٨-١٩١٧م:<br />
يمكن تقسسيم هذه المرحلة إلى ثلاش مراحل فرعية:<br />
١. الفترة ١٩٢٩-١٩١٧م:<br />
وخلالها كان التهرك الٕسسلامي تحركاً فردياً ششعبياً، لم تظهر فيه حركات سسلامية<br />
منظمة ذات منهجية محددة، إلا أن التأثير السسياسسي والاجتماعي للعلماء كان واضضهاً<br />
وقوياً، كما أن المششاعر الششعبية الٕسسلامية كانت ما تزال عميقة في نفوسس الششعب<br />
الفلسسطيني، ولا يوجد هناك ما ينافسسها، ولذلك فقد اكتسسب التهرك الششعبي طبيعة<br />
إسسلامية، وتميزت الانتفاضضات التي وقعت في تلك المرحلة إما بطبيعتها الٕسسلامية<br />
الكاملة، وإما بعمق التأثير الٕسسلامي فيها.<br />
فانتفاضضة موسسم النبي موسسى في القدسس ١٩٢٠/٤/١٠-٤م حدثت أثناء احتفالات<br />
المسسلمين بهذا الموسسم الديني، عندما لو َّش أحد اليهود أحد الٔعلام الٕسسلامية لموكب<br />
الخليل، وكان للهاج أمين الهسسيني دور كبير في تأجيج الانتفاضضة.<br />
وانتفاضضة يافا في ١٩٢١/٥/١٥-١م كان من أسسبابها السسلوك الاسستفزازي لليهود<br />
ضضدّ دين وأخلاق وآداب المسسلمين.<br />
أما انتفاضضة البراق ١٩٢٩/٨/٣٠-١٥م فقد كانت انتفاضضة إسسلامية ششملت<br />
معظم مناطق فلسسطين دفاعاً عن الهق الٕسسلامي في حاءط البراق (الهاءط الغربي للمسسجد<br />
الٔقصى)، والذي طالب اليهود بامتلاكه باعتباره حاءط المبكى الذي يقدسسونه، ويصلون<br />
عنده. وكان للهاج أمين الهسسيني، مفتي فلسسطين ورءيسس المجلسس الٕسسلامي الٔعلى،<br />
دوره البارز في تنظيم هذه الشورة من خلف السستار وبششكل غير معلن.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وقد ظهر خلال هذه الفترة موءسسسسات إسسلامية كان أبرزها المجلسس الٕسسلامي<br />
الشرعي الٔعلى ١٩٢٢م برءاسسة الهاج أمين الذي أخذ نجمه السسياسسي والٕسسلامي في<br />
البروز. كما ظهرت هيئات ششعبية أبرزها جمعية الششبان المسسلمين التي كان لها دورها في<br />
الهفاظ على مبادئ الٕسسلام، والتوعية العامة، والمطالبة بهقوق أبناء فلسسطين . ٢٢<br />
٢. الفترة ١٩٣٩-١٩٢٩م:<br />
وخلالها ظهر التهرك الٕسسلامي الجهادي المنظم الذي كانت أبرز نماذجه حركة<br />
الششيخ المجاهد عز الدين القسسام، والتي كان لها أكبر الٔثر في الشورة الكبرى التي عمت<br />
فلسسطين ١٩٣٩-١٩٣٦م. كما ششهدت نزول الهاج أمين إلى ميدان قيادة الهركة الوطنية<br />
الفلسسطينية بششكل علني ومباشر، حيش فقد مناصبه الرسسمية، وهرب من فلسسطين<br />
سسنة ١٩٣٧م، وتولى توجيه دفة الشورة الكبرى من لبنان.<br />
جماعة القسسام “الجهادية“:<br />
الششيخ عز الدين عبد القادر مصطفى القسسام، من مواليد بلدة جبلة قضضاء اللاذقية في<br />
سسورية ١٨٨٢م، درسس في الٔزهر، وعاد ليكون أحد دعاة الٕسسلام النششيطين في بلدته في<br />
سسورية، كان من قادة الشورة السسورية ضضدّ الفرنسسيين خلال الفترة ١٩٢٠-١٩١٨م،<br />
وقد هرب إلى فلسسطين بعد توقفها، واسستقر في حيفا.<br />
عرف الششيخ القسسام بتقواه وورعه، وذكاءه، وسسعة علمه، وكان سسلفي العقيدة،<br />
محارباً للانهرافات والبدع، قدوة في سسلوكه وما يدعو إليه. وكان القسسام ششجاعاً جريئاً،<br />
ومن أكثر العلماء توقاً للجهاد، قال يوماً وهو على المنبر يخطب “رأيت ششباناً يهملون<br />
المكانسس لكنسس الششوارع، هوءلاء مدعوون لهمل البنادق، ورأيت ششباناً يهملون الفرششاة<br />
لمسسه أحذية الٔجانب، هوءلاء مدعوون لهمل المسسدسسات لقتل هوءلاء الٔجانب“.<br />
ولقد كان القسسام متفاعلاً مع الواقع، ذا ششخصية اجتماعية منفتهة محببة، تحمل<br />
هموم الناسس، وتششاركهم أفراحهم وأتراحهم، ولٔنه كان حسسن السسيرة والعشرة،<br />
ومحدثاً لبقاً وخطيباً بارعاً، قوي الهجة، ومتواضضعاً بعيداً عن الغرور، فقد كان لذلك<br />
أثره في أن يكون ذا ششعبية كبيرة.<br />
وقد جعلته هذه الصفات، فضضلاً عن رصيد تجربته الجهادية، موءهلاً لٔن يكون<br />
موءسسسساً لتنظيم جهادي قوي له دوره المهم في تاريخ فلسسطين الهديش المعاصر . ٢٣<br />
١٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
تعود نششأة جماعة القسسام إلى ١٩٢٥م عندما ابتدأ الششيخ عز الدين القسسام في إنششاء<br />
تنظيم جهادي سري، يسستمد ُّ فهمه ومنهجه من الٕسسلام، ويعدّ الجهاد طريقاً وحيداً<br />
لٕنقاذ فلسسطين . ٢٤ وقد اعتبر إميل الغوري هذا التنظيم “أخطر منظمة سرية، وأعظم<br />
حركة فداءية عرفها تاريخ الهركة الوطنية الفلسسطينية، بل تاريخ الجهاد العربي<br />
الهديش” . ٢٥ وقد أطلق على هذا التنظيم اسسم “المنظمة الجهادية” ، ٢٦ ولكن غلب عليه بعد<br />
اسستششهاد القسسام اسسم جماعة القسسام أو القسساميون ، ٢٧ وكان ششعار التنظيم “هذا جهاد..<br />
نصر أو اسستششهاد” . ٢٨<br />
وكانت جماعة القسسام لا تقبل أي عضضو إلا بعد انتقاء وتمهيص، ولا يدخل في<br />
عضضويتها إلا من كان “موءمناً مسستعداً أن يموت في سسبيل بلاده”ومن أهل الدين والعقيدة<br />
الصهيهة ، ٢٩ وقد اسستفاد القسسام من وظيفته كإمام وخطيب لمسسجد الاسستقلال في حيفا<br />
منذ ١٩٢٥م، وكمأذون شرعي منذ ١٩٣٠م في الاتصال بالناسس، وانتقاء العناصر<br />
المناسسبة لجماعته. كما اسستفاد من رءاسسته لفرع جمعية الششبان المسسلمين في حيفا كغطاء<br />
مقبول لهركته ونششاطه وزياراته للقرى، وإنششاء فروع لهذه الجمعية في اللواء الششمالي،<br />
والتي أصبهت غطاءً مناسسباً لٕخوانه المجاهدين المهليين . ٣٠ وتششكلت القيادة الٔولى<br />
للتنظيم القسسامي سسنة ١٩٢٨م وضضمت بالٕضضافة إلى رءيسسها القسسام كلاً من العبد<br />
قاسسم ومحمود زعرورة ومحمد الصاله الهمد وخليل محمد عيسسى. وكان مركزها<br />
حيفا، وكانت القيادة جماعية ومسوءولة عن اتخاذ كافة القرارات المهمة ، ٣١ وبلغ عدد<br />
أفراد الجماعة سسنة ١٩٣٥م حوالي ٢٠٠ منتظم أكثرهم يشرف على حلقات توجيهية<br />
من الٔنصار، الذين يصل عددهم إلى . ٣٢ ٨٠٠<br />
وقد أنششأ تنظيم القسسام خمسس وحدات متخصصة تضضمنت وحدة لشراء السسلاه،<br />
ووحدة للتدريب، ووحدة للتجسسسس على اليهود والٕنجليز، وكان أفرادها بششكل عام<br />
ممن يششتغل في داوءر الهكومة وخصوصاً الشرطة، ورابعة للدعاية للشورة، وخامسسة<br />
للاتصالات السسياسسية . ٣٣ أما ماليتها فقد اعتمدت على اششتراكات الٔعضضاء، وتبرعات<br />
الموثوقين ، ٣٤ وكان من منهج التنظيم أن يتدرب جميع أفراده على حمل السسلاه بهيش<br />
يكونون مسستعدين لخوضض معارك الجهاد عند إعلانها، وكان على كل عضضو أن يدبر أمر<br />
تجهيز نفسسه بالسسلاه . ٣٥ ولم يكن حال أغلب الٔعضضاء ميسسورة، إذ كانوا يكدون من أجل<br />
لقمة العيشش، ومع ذلك “فقد منعوا أنفسسهم الخبز من أجل ابتياع السسلاه”ومن أجل أن<br />
يعتمدوا على أنفسسهم في العمل والٕعداد . ٣٦<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
ويبدو أن انتقال جماعة القسسام إلى مرحلة التسسليه والتدريب كان في أواخر<br />
١٩٢٨م ، ٣٧ وجاءت ثورة البراق في آب/ أغسسطسس ١٩٢٩م لتعزز الاتجاه العسسكري<br />
لدى الجماعة، فأخذ القسسام يسسهم في عملية التدريب بنفسسه، والتي ششملت رحلات ليلية<br />
وحركات اسستطلاعية وتمارين على إصابة الهدف . ٣٨ وعندما أرادت الجماعة أن تعلن عن<br />
نفسسها في تشرين الشاني/ نوفمبر ١٩٣٥م كانت تملك حسسبما ذكر صبهي ياسسين، وهو<br />
أحد أعضضاءها، ألف قطعة سسلاه وقاعدة تسسليه في منطقة اللاذقية . ٣٩<br />
وعلى الرغم من أن جماعة القسسام لم تعلن عن نفسسها إلا في وقت متأخر، إلا أنها<br />
قامت بعدد من العمليات العسسكرية، خصوصاً في الفترة ١٩٣٢-١٩٣٠م وقد بدت<br />
وكأنها عمليات فردية. يبدو أن هذه العمليات كانت من باب كسر حاجز الخوف لدى<br />
أفراد الجماعة، وجسسّ النبضض وردود الفعل لدى العرب والٕنجليز واليهود، وربما كانت<br />
تعبيراً عن الهماسس والتفاعل مع القضضايا الوطنية، ومحاولة تصعيدها بما يتناسسب<br />
وخطة الٕعداد والتعبئة.<br />
وفي تشرين الشاني/ نوفمبر ١٩٣٥ أعلنت جماعة القسسام “الجهادية” الجهاد، وقد<br />
توافق ذلك مع الازدياد الهاءل في الهجرة والاسستيطان، وتهريب السسلاه لليهود، واششتداد<br />
المراقبة على القسسام وإخوانه. وتلخصت خطة القسسام في الخروج إلى القرى، وحضضّ<br />
الناسس على شراء السسلاه، والاسستعداد للشورة، وحششد العناصر الموءيدة للجماعة . ٤٠<br />
وقد اختفى القسسام وعدد من إخوانه في أواخر تشرين الٔول/ أكتوبر بعد أن باع بيته<br />
الوحيد في حيفا، وباع أصهابه حلي زوجاتهم وبعضض أثاش بيوتهم ليوفروا الرصاص<br />
والبنادق . ٤١<br />
وبعد فجر يوم ١٩٣٥/١١/٢٠م طوقت قوات كبيرة من الشرطة تقدر ب ٤٠٠ رجل،<br />
معظمهم من الٕنجليز، القسسام وعشرة من إخوانه في أحراشش (يعبد) عند قرية الششيخ<br />
زيد. وقد بدأت المعركة في الخامسسة والنصف صباحاً، واسستمرت أربع سساعات ونصف<br />
السساعة . ٤٢ وعندما لاحظ الششيخ القسسام أن الٕنجليز وضضعوا الشرطة العربية في المقدمة<br />
أوصى رجاله “لا تقتلوا أبناءنا” ، ٤٣ وصاه برجاله على مسسمع من الشرطة العربية<br />
“إياكم ومقابلة رصاص الجنود ]الشرطة[ العرب بمشله فإنهم مسساكين ولا يدرون ماذا<br />
نصنع ولا ما يصنعون، ولكن عليكم بالٕنكليز” . ٤٤ وحسسب المصادر العربية فقد خسر<br />
الٕنجليز ١٥ رجلا٤٥ً ، لكن التقارير البريطانية أششارت إلى مقتل شرطي واحد يدعى<br />
١٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
موت Mott وجره العريف ريدر Reader في يده . ٤٦ أما جماعة القسسام فقد اسستششهد في<br />
هذه المعركة الششيخ عز الدين القسسام ويوسسف الزيباوي ومحمد حنفي المصري، وقبضض<br />
على نمر السسعدي وأسسعد المفله اللذين أصيبا بجراه، كما قبضض على عربي بدوي<br />
ومحمد يوسسف وأحمد جابر وحسسن الباير . ٤٧<br />
وقد أحدش مقتل القسسام ورفاقه هزة كبرى في فلسسطين، وخرج في جنازتهم حوالي<br />
٣٠ ألفاً جاوءوا إلى حيفا من مختلف أنهاء فلسسطين. وقد بلغ الهماسس في الجنازة مداه،<br />
وترددت صيهات الانتقام، فهاجم المششاركون داءرة الشرطة بالهجارة والطوب،<br />
وكسروا زجاج نوافذها، وحطموا باب الداءرة وثلاش سسيارات للشرطة. وعندما حضرت<br />
قوة من الشرطة البريطانية المدججين بالسسلاه ثارت الجموع، ودخلت معهم في صدام،<br />
ووقع قاءدهم على الٔرضض، وجره اثنان، وانسسهب البريطانيون بسرعة . ٤٨ ولولا أن<br />
السسلطة سسهبت “عسساكرها” من وجه الجنازة لوقعت الشورة الكبرى في فلسسطين قبل<br />
موعدها بخمسسة أششهر على حدّ تعبير صبهي ياسسين . ٤٩<br />
وقد أحدش مقتل القسسام تغييراً أسساسسياً في مسسار الهركة الوطنية الفلسسطينية، فقد<br />
كرسس بديل الجهاد بعد سسنوات طويلة من الهركة السسياسسية غير المجدية، وألهبت حركته،<br />
و”تضضهيته” الهماسس، و”صارت مشلاً راءعاً للجرأة والجهاد العلني ضضدّ الٕنجليز” ، ٥٠<br />
“وقامت البلاد وقعدت واهتزت أيما اهتزاز، وزلزلت أيما زلزال، ومن ذلك الهين اششتدت<br />
كراهية العرب لهكومة الانتداب، وأخذت تظهر هذه الكراهية بأششكال عنيفة” . ٥١ وأطلق<br />
ششعب فلسسطين على القسسام اسسم “أبو الوطنية” ، ٥٢ وقد ششعر الزعماء السسياسسيون العرب<br />
في فلسسطين بهدة المأزق الذي وضضعوا فيه، فقد أوضضه المندوب السسامي في رسسالة له إلى<br />
وزير المسستعمرات في ١٩٣٥/١٢/٧م ما أحدثه مقتل القسسام ورفاقه من أثر كبير. وقال<br />
المندوب: إن زعماء الٔحزاب العربية الخمسسة قد اجتمعوا به يوم ٢٥ تشرين الشاني/ نوفمبر<br />
وأخبروه أنهم ما لم يتلقوا على مذكرتهم رداً يمكن اعتباره بششكل عام مرضضياً لمطالبهم<br />
فإنهم “سسيفقدون كل تأثير على أتباعهم، وسستسسود الٓراء المتطرفة واللامسوءولة،<br />
وسسيتدهور الوضضع السسياسسي بسرعة” . ٥٣<br />
وهكذا فإن القسسام كان محقاً عندما قال قبل ابتداء المعركة: إنه وإخوانه عبارة عن<br />
عود ثقاب سسيششعل الشورة في البلاد . ٥٤<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
منظمة الجهاد المقدس:<br />
ومن الجدير بالذكر، أن تنظيم جماعة القسسام لم يكن هو التنظيم الشوري الوحيد في<br />
النصف الٔول من الشلاثينيات، فقد تششكلت تنظيمات سرية أخرى للغرضض نفسسه، وإن<br />
لم يظهر أثر واضضه لنششاطها في تلك الفترة، ولكنها أسسهمت في تكوين أرضضية مناسسبة<br />
للشورة الكبرى ١٩٣٦م. فقد تششكلت، حسسبما يذكر أميل الغوري، “منظمة المقاومة<br />
والجهاد”سسنة ١٩٣٤م برءاسسة عبد القادر الهسسيني، وكان مركزها القدسس، ووصل<br />
أعضاوءها إلى ٤٠٠ عضضو موزعين على ١٧ فرعاً. وأضضاف الغوري أن الهاج أمين الهسسيني<br />
التقى في صيف ١٩٣٥م عبد القادر وزملاءه المسوءولين ودعاهم لتوحيد جهودهم<br />
مع جهوده السرية التي كان يعدها، وأنه نتيجة ذلك تششكلت “منظمة الجهاد المقدسس”<br />
برعاية المفتي وتحت إشرافه . ٥٥<br />
الشورة الفلسسطينية الكبرى:<br />
اكتسسبت الشورة الفلسسطينية الكبرى (١٩٣٩-١٩٣٦م) طبيعة إسسلامية واضضهة،<br />
فالششعب الفلسسطيني الذي عرف بعمق ارتباطه بالٕسسلام عبر عن ثورته ومششاعره من<br />
خلال الصياغات الٕسسلامية ومفهوم الجهاد.<br />
ومن البيانات التي تعبر بعمق عن التوجه الٕسسلامي للشورة، ذلك البيان الذي أصدرته<br />
قيادة الشورة العامة في فلسسطين ١٩٣٨م، والذي جاء فيه:<br />
إن المجاهدين قد باعوا أنفسسهم الله، وخرجوا في طاعته، لم يخرجوا إلا ابتغاء<br />
وجهه، والجهاد في سسبيله والفوز بمشوبته، واكتسساب مرضضاته، لا يرضضون بذلك<br />
بديلاً ولا يبغون عنها حولاً، صدقوا ما عاهدوا االله عليه، فمنهم من قضضى نهبه<br />
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً، وهم يتسسابقون إلى ميدان الجهاد والششهادة<br />
انتصاراً للهق وإقامة للعدل ودفاعاً عن أمتهم الكريمة وبلادهم المقدسسة، فقد<br />
فارقوا في سسبيل ذلك أهلهم، وتركوا أموالهم، وعطلوا مصالههم.<br />
ومن كان هذا حالهم، وكان كل مبتغاهم ثواب الدنيا وحسسن ثواب الٓخرة<br />
مِن االله لا مِن سسواه، حاششا الله أن يفسسدوا في الٔرضض... .<br />
... ونهن ماضضون في هذا السسبيل إن ششاء االله إلى أن يكتب النصر لهذه الٔمة،<br />
أو يأتي االله بأمر من عنده چچ چ چ چڇچ چۇ ۆ ۆ ۈ<br />
ۈ ۇٴچ، واالله ولينا وهو نِعم المولى ونِعم النصير . ٥٦<br />
١٤٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وأظهرت دراسسة إحصاءية ٥٧ في بيانات وتقارير الشورة الكبرى ششملت ١٥٤ وثيقة أنه<br />
كان للٕسسلام ورجاله ورموزه النصيب الٔكبر من أسسماء الفصاءل، كما أن طريقة كتابة<br />
البيانات والتقارير العسسكرية تميزت بطابعها الٕسسلامي العام، فهي عادة تبدأ بالبسسملة،<br />
وتحتها أحياناً آية چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ وأحياناً چئۆ ئۈ ئۈ ئې ئېئېچ،<br />
وإلى جانبها أحياناً “االله أكبر”. وكان قادة الشورة يوقعون بياناتهم بألفاظ “المتوكل على االله”<br />
أو “خادم دينه ووطنه” أو “المعتصم باالله” أو “المعتز باالله”، أما الٔختام فكان ختم<br />
ديوان الشورة يتضضمن أعلاه لفظة “االله أكبر” وتحتها هلال بداخله آية چئۆ ئۈ ئۈ<br />
ئې ئېئېچ. أما مناطق العمليات فقد تركزت في ششمال فلسسطين ولواء نابلسس حيش كان<br />
الوجود القسسامي كشيفاً.<br />
أما جماعة القسسام فقد كان لها شرف تفجير الشورة في عملية عنبتا - نور الششمسس<br />
في ١٩٣٦/٤/١٥م والتي قادها القاءد الجديد للجماعة الششيخ فرحان السسعدي. كما كان<br />
لها شرف تفجير المرحلة الشانية من الشورة عندما قامت في ١٩٣٧/٩/٢٦م باغتيال<br />
لويسس أندروز Lewis Yelland Andrews الهاكم البريطاني لمنطقة الجليل.<br />
وأسسهم القسساميون في تنظيم وقيادة الشورة، فششارك ثلاثة منهم (من أصل سستة) في<br />
عضضوية القيادة العسسكرية والتي اختارت في ١٩٣٦/٩/٢م فوزي القاوقجي قاءداً عاماً<br />
للشورة الذي اسستمر في القيادة حتى نهاية المرحلة الٔولى من الشورة في ١٩٣٦/١٠/١٢م.<br />
أما في المرحلة الشانية من الشورة فقد اششتهر عبد الرحيم الهاج محمد، وكان معروفاً<br />
بتقواه وتدينه، كقاءد عام للشورة حتى اسستششهد رحمه االله في ١٩٣٩/٣/٢٦م.<br />
وقد تولى قيادة الشورة في ششمال فلسسطين القاءد القسسامي أبو إبراهيم الكبير، وكان<br />
معظم قيادته من الهركة القسسامية (أبو محمود الصفوري، وسسليمان عبد الجبار،<br />
وعبد االله الٔصبه، وتوفيق الٕبراهيم، وعبد االله الششاعر... وغيرهم). وفي منطقة لواء<br />
نابلسس المقسسمة لٔربعة أقسسام كان هناك قاءدان قسساميان بارزان هما: الششيخ<br />
عطية أحمد عوضض والذي خلفه في منطقته الششيخ القسسامي يوسسف أبو درة، والششيخ<br />
محمد الصاله الهمد (أبو خالد) والذي خلفه في منطقته الششيخ القسسامي عبد الفتاه محمد<br />
الهاج مصطفى. هذا بالٕضضافة إلى منطقة يقودها عبد الرحيم الهاج محمد، وأخرى يقودها<br />
عارف عبد الرازق.<br />
وتولى قيادة منطقة القدسس المجاهد عبد القادر الهسسيني، وقاد منطقة اللد الششيخ<br />
حسسن سسلامة، أما منطقة الخليل فقادها عيسسى البطاط ثم عبد الهليم الجولاني.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٤٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وكان للهاج أمين الهسسيني دور راءد في تنظيم وتمويل وتوجيه الشورة بششكل غير<br />
معلن في مرحلتها الٔولى ثم مباشرة في مرحلتها الشانية . ٥٨<br />
وقد هزت هذه الشورة الوجود البريطاني في فلسسطين، واسستطاعت أن تسسيطر على<br />
الريف الفلسسطيني وعدد من المدن، خصوصاً في صيف ١٩٣٨، ونفذت آلاف العمليات<br />
العسسكرية، وأقامت لنفسسها مراكز قيادة ميدانية، ومحاكم تحكم بين الناسس بكتاب االله<br />
وسسنة رسسوله... . ولم تسستطع بريطانيا القضضاء على الشورة إلا بعد أن اسستعانت بسسدسس<br />
جيششها الٕمبراطوري الذي كان يهيمن على عشرات من دول ومناطق العالم بما فيها<br />
القارة الهندية، وبعد أن اسستدعت أفضضل قادتها العسسكريين أمشال ديل Dill وويفل<br />
Wavell وهاينينغ Haining ومونتغمري Montgomery وباركر Parker وغيرهم،<br />
وبعد أن أعادت احتلال أرضض فلسسطين جزءاً جزءاً في حرب شرسسة اسستخدمت فيها كافة<br />
الوسساءل والتقنيات العسسكرية المتطورة والطيران والدبابات، فضضلاً عن قمعها العنيف<br />
لكافة أنصار الشورة (كل الفلسسطينيين) المدنيين . ٥٩<br />
٣. الفترة الممتدة بين ١٩٤٨-١٩٣٩م:<br />
مرّ ششعب فلسسطين في هذه الفترة بجو عصيب تبع خروجهم وهم في حالة إنهاك نتيجة<br />
الشورة الكبرى، ودخول العالم في مرحلة الهرب العالمية الشانية، التي انتهت ١٩٤٥م.<br />
كما ششهدت هذه الفترة نمو النفوذ اليهودي الصهيوني العالمي، واتسساع الموءامرة الدولية<br />
على فلسسطين، وتولي الٔنظمة العربية أمر قضضية فلسسطين مع إضضعاف وتهميشش الدور<br />
الفلسسطيني ممشلاً في الهاج أمين والهيئة العربية العليا.<br />
ومن ناحية التيار الٕسسلامي فقد ششهدت هذه الفترة ظهور حركة الٕخوان المسسلمين<br />
في فلسسطين، والتي ششاركت بما تملك من جهود ووسساءل محدودة في مواجهة الخطر<br />
الصهيوني والاسستعمار البريطاني.<br />
الٕخوان المسسلمون:<br />
إن الهديش عن جماعة الٕخوان المسسلمين لا يكتسسب أهميته فقط من دورها الذي<br />
أد َّته في فترة ١٩٤٨-١٩٣٩م في فلسسطين، وإنما لٔن تيار الٕخوان المسسلمين أصبه هو<br />
التيار الٕسسلامي الرءيسس في أوسساط الفلسسطينيين داخل وخارج الٔرضض المهتلة إلى وقتنا<br />
الهاضر.<br />
١٤٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
أسسسس الششيخ حسسن البنا جماعة “الٕخوان المسسلمين” في آذار/ مارسس ١٩٢٨م في مدينة<br />
الٕسسماعيلية بمصر . ٦٠ وقد هدفت هذه الجماعة إلى إحياء معاني الٕسسلام الصهيهة في<br />
النفوسس، والالتزام بتعاليمه عقيدة وسسلوكاً ومنهج حياة، وبناء الفرد المسسلم والٔسرة<br />
المسسلمة والمجتمع المسسلم والدولة المسسلمة، وتخليص البلاد الٕسسلامية من الاسستعمار<br />
بكافة أششكاله، وإقامة الخلافة الٕسسلامية الواحدة على بلاد المسسلمين، والتقدم لسسيادة<br />
وأسستاذية العالم . ٦١ واعتبرت الجماعة نفسسها، وفق المفهوم الششامل للٕسسلام، “دعوة<br />
سسلفية... وطريقة سسنية... وحقيقة صوفية... وهيئة سسياسسية... وجماعة رياضضية...<br />
ورابطة علمية ثقافية... وشركة اقتصادية... وفكرة اجتماعية” . ٦٢<br />
بدأ اهتمام جماعة الٕخوان المسسلمين في مصر بفلسسطين مبكراً، غير أنه برز أثناء<br />
الشورة الكبرى ١٩٣٩-١٩٣٦م عبر الدعاية والٕعلام والمظاهرات وجمع التبرعات.<br />
وكانت أولى الٕششارات لما بدأ الٕخوان نشر دعوتهم في فلسسطين في آب/ أغسسطسس ١٩٣٥م،<br />
عندما زارها عبد الرحمن السساعاتي ومحمد أسسعد الهكيم، وهناك لقيا ترحيباً من الهاج<br />
أمين، حيش قاما بنشر دعوتهم . ٦٣ وخلال الهرب العالمية الشانية (١٩٤٥-١٩٣٩م)<br />
زادت زيارات الٕخوان لفلسسطين، وأخذ عدد من أبناء فلسسطين ينضضمون للٕخوان، غير<br />
أن تششكيل فروع للٕخوان لم يتم، على ما يظهر، إلا بعد انتهاء الهرب، حيش خفت ظروف<br />
القهر والتششديد البريطاني، ونششطت الهركة السسياسسية الفلسسطينية. ويبدو أن أول فروع<br />
الٕخوان إنششاءً كان فرع غزة برءاسسة الهاج ظافر الششوا، ثم تأسسسس فرع يافا برءاسسة<br />
ظافر الدجاني، أما فرع القدسس فقد ششهد حفل افتتاه مميز في ١٩٤٦/٥/٥م حضره<br />
الزعيم الفلسسطيني جمال الهسسيني، وأنششئ فرع حيفا برءاسسة الششيخ عبد الرحمن مراد،<br />
وتتابع إنششاء الفروع في قلقيلية واللد ونابلسس، وطولكرم، والمجدل، وسسلواد، والخليل<br />
حتى زادت الفروع عن عشرين فرعا٦٤ً .<br />
وقد نششطت جماعة الٕخوان في فلسسطين في مجالات الدعوة والتربية والتوعية<br />
الٕسسلامية، والتعريف بالخطر الصهيوني، والموءامرة على فلسسطين، والتعبئة للجهاد.<br />
ودلت القرارات الصادرة عن موءتمراتهم العامة (حيفا، تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٤٦م)،<br />
(حيفا، تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٤٧م) على قوتها ومتابعتها للٔحداش السسياسسية<br />
ومضضمونها الجهادي . ٦٥<br />
ششارك الٕخوان المسسلمون الفلسسطينيون في الجهاد عندما اندلعت حرب<br />
١٩٤٨-١٩٤٧م، إلا أن حداثة تنظيمهم وعدم نموه واسستقراره بششكل مناسسب وقوي<br />
جعلت مششاركتهم محصورة ضضمن قدراتهم المهدودة وإمكاناتهم المتواضضعة.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
ومع ذلك فقد ششكلت ش ُ عب الٕخوان في فلسسطين قوات غير نظامية منذ بداية الهرب<br />
عملت في أماكن اسستقرارها في الششمال والوسسط تحت القيادات العربية المهلية هناك<br />
(التي تتبع جيشش الٕنقاذ أو جيشش الجهاد المقدسس)، وقد قامت بغارات ناجهة على<br />
مسستعمرات اليهود وطرق مواصلاتهم على الرغم من الضضعف الششديد الذي كانت تعانيه<br />
سسواء في التسسليه أو التدريب . ٦٦ ولذلك لا نجد ذكراً رسسمياً لدور الٕخوان في هذه المناطق<br />
بششكل عام، أما في المناطق الجنوبية وخصوصاً غزة وبئر السسبع فقد انضضم العديد من<br />
إخوان فلسسطين إلى قوات الٕخوان (المصرية) الهرة بقيادة كامل الشريف، وششاركوا<br />
بقوة وفاعلية في معارك فلسسطين هناك، ويذكر كامل الشريف أن قوات الٕخوان المصريين<br />
الهرة كان معدل عددها ٢٠٠ مجاهد في مناطق جنوب فلسسطين، وأنه كان يششاركها<br />
الجهاد حوالي ٨٠٠ مجاهد آخر من أبناء فلسسطين تحت قيادتها، حيش إن كشيراً منهم<br />
تأثروا بفكر الٕخوان المسسلمين وأصبهوا منهم . ٦٧<br />
وكانت أنششط ش ُ عب الٕخوان مششاركة في الجهاد ششعبة الٕخوان المسسلمين في يافا، وقد<br />
كان هناك “تنظيم عسسكري سري خاص” ضضمن أعضضاء الٕخوان في يافا، ششارك فيه عدد<br />
محدود من الٕخوان ممن يصلهون لهذا العمل، ولم يكن باقي الٕخوان أعضضاء فيه، أو<br />
يعلمون ششيئاً عنه، وقد ظهر نششاطه الجهادي في بداية الهرب . ٦٨<br />
وعندما تششكلت لجنة قومية في يافا مع بدء الهرب ششارك ضضمن قيادتها ممشل<br />
عن الٕخوان المسسلمين وهو رءيسس الفرع هناك “ظافر راغب الدجاني”، وقد ألفت هذه<br />
اللجنة لجاناً عديدة لتعنى بمختلف الشوءون في المدينة، وقد أسسندت مهمة إدارة اللجنة<br />
الاقتصادية لظافر الدجاني الذي كان يششغل أيضضاً رءاسسة الغرفة التجارية في المدينة . ٦٩<br />
وعندما جاء كامل الشريف إلى منطقة يافا مع سرية من ششباب الجامعات، تولى<br />
هو قيادة مجاهدي الٕخوان حيش تجمع تحت قيادته حوالي مئة مجاهد ، ٧٠ وتولى كامل<br />
الشريف قيادة منطقة في يافا اسسمها “كرم التوت” وتقع بين يافا وتل أبيب، حيش تقع<br />
معارك يومية بين المجاهدين واليهود، كما ششارك الٕخوان المجاهدون في الهجوم على<br />
مسستعمرة بتاه تكفاه، ثم ما لبش كامل الشريف أن انتقل إلى منطقة النقب . ٧١<br />
ويذكر عارف العارف أنه كان للٕخوان المسسلمين في يافا قوات متهركة يبلغ عددها<br />
ثلاثين مجاهداً بقيادة حسسن عبد الفتاه والهاج أحمد دولة، وكان عندهم ثلاثين بندقية<br />
ورششاشش و٢ سستن، وقد كانوا يهبون لنجدة المواقع كلما دعت الهاجة . ٧٢<br />
١٥١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ويقول يوسسف عميرة: إن الٕخوان تولوا أثناء الهرب الدفاع عن مناطق البصة<br />
وتل الريشش والعجمي والنزهة في يافا، بالٕضضافة إلى المهافظة على الٔمن داخل البلد، كما<br />
يوءكد على الدور المشرف الذي قام به الٕخوان في يافا، حيش كان الالتزام بالٕسسلام من<br />
سسماتهم، وكان الدفاع والقتال عن إيمان باالله . ٧٣<br />
وفي منطقة القدسس ششارك إخوان فلسسطين في القتال مع إخوانهم القادمين من البلاد<br />
العربية، أو مع قوات الجهاد المقدسس.<br />
أما الٕخوان المسسلمون المصريون ، ٧٤ ففضضلاً عن دورهم الكبير في التعبئة الٕعلامية<br />
وجمع التبرعات والٔسسلهة، فقد أبدوا اسستعدادهم الجاد قبل بدء المعارك بإرسسال دفعة<br />
أولى من عشرة آلاف مجاهد إلى فلسسطين (وهي أكبر من بعضض الجيوشش العربية) حيش<br />
أبرق بذلك الششيخ البنا إلى جامعة الدول العربية في ١٩٤٧/١٠/٩م، وتقدم فوراً إلى<br />
الهكومة المصرية بطلب السسماه لفوج من هوءلاء باجتياز الهدود، ولكنها رفضضت. وأخذ<br />
الٕخوان يجهزون المجموعات ويرسسلونها، ولكن الهكومة كانت تضضي ِّق عليهم حتى إنهم<br />
اضضطروا للتهايل (بعمل رحلة علمية إلى سسيناء...) لينطلقوا بعد ذلك إلى فلسسطين.<br />
ولما اششتد الضضغط على الهكومة المصرية سسمهت للمتطوعين بالمششاركة في القتال<br />
تحت راية الجامعة العربية حيش تدربوا في معسسكر “هاكسستب” وكان يشرف على<br />
حركة التطوع محمود لبيب وكيل الٕخوان للشوءون العسسكرية، وتألفت ثلاش كتاءب<br />
من المتطوعين يقدر عددها ب ٦٠٠ مقاتل نصفهم تقريباً من الٕخوان المسسلمين، وقد<br />
طبعوا هذه الكتاءب بطابعهم الخاص، وكان أبرز قادة هذه الكتاءب أحمد عبد العزيز<br />
وعبد الجواد طبالة.<br />
ولم يكف ِمعسسكر هاكسستب لاسستيعاب المتطوعين، إذ إن المتطوعين كانوا عشرات<br />
الٔضضعاف بالنسسبة للمششاركين، فأرسسل الٕخوان مئة من أفرادهم ليتدربوا في<br />
معسسكر “قطنا” في سسورية، وهم كل ما اسستطاع المركز العام للٕخوان أن يقنع<br />
الهكومة المصرية بقبوله.<br />
قام الٕخوان المسسلمون بدور مشرف في حرب فلسسطين اعترف لهم به كل من كتب<br />
عن هذه الهرب، وكان لهم دور مششهود في جنوب فلسسطين في مناطق غزة ورفه وبئر<br />
السسبع، حيش كانوا يهاجمون المسستعمرات، ويقطعون مواصلات اليهود الصهاينة، ومن<br />
أبرز المعارك التي ششاركوا فيها هناك معركة التبة ٨٦ التي يذكر العسسكريون أنها هي التي<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
حفظت قطاع غزة عربياً، ومعركة كفار ديروم، واحتلال مسستعمرة ياد مردخاي وغيرها،<br />
كما أسسهموا بدور مهم في تخفيف الهصار عن القوات المصرية المهاصرة في الفالوجا.<br />
كما أن للٕخوان المصريين مششاركتهم الفعالة في معارك القدسس وبيت لهم والخليل<br />
وخصوصاً صور باهر، وكان من أبرز المعارك التي ششاركوا فيها في تلك المناطق معركة<br />
رامات راحيل، واسسترجاع مار الياسس، وتدمير برج مسستعمرة تل بيوت قرب بيت لهم،<br />
والدفاع عن “تبة اليمن” التي سسمي تبة الٕخوان المسسلمين، نظراً للبطولة التي أبدوها...<br />
وغيرها.<br />
وقد اسستششهد من إخوان مصر في معارك فلسسطين حوالي مئة، وجره نهو ذلك وأسر<br />
بعضضهم، وكانت وطأة الٕخوان ششديدة على اليهود الصهاينة. وقد سسئل موششيه<br />
ديان Moshe Dayan بعد الهرب بقليل عن السسبب الذي من أجله تجنب اليهود محاربة<br />
المتطوعين في بيت لهم والخليل والقدسس فأجاب “إن الفداءيين يهاربون بعقيدة أقوى<br />
من عقيدتنا... إنهم يريدون أن يسستششهدوا ونهن نريد أن نبني أمة، وقد جربنا قتالهم<br />
فكبدونا خسساءر فادحة... ولذا فنهن نهاول قدر الٕمكان أن نتجنب الاششتباك معهم”.<br />
وقام الٕخوان السسوريون ٧٥ بدور مششهود خصوصاً في معارك منطقة القدسس، وقد<br />
تدربت كتيبة الٕخوان السسوريين في “قطنا” ثم سسافرت إلى منطقة القدسس، وقد ششارك من<br />
الٕخوان السسوريين حوالي مئة أخ، بقيادة المراقب العام للٕخوان المسسلمين في سسورية الدكتور<br />
مصطفى السسباعي، وقد اششتركوا ببسسالة في معارك القدسس مشل معركة باب الخليل التي<br />
أصيب فيها ٣٥ منهم بجراه، وكان النصر معقوداً فيها للمجاهدين، ومعركة القسسطل،<br />
حيش ششارك فوجٌ منهم فيه عبد القادر الهسسيني، ومعركة الهي القديم في القدسس، ومعركة<br />
القطمون، ونسسف الكنيسس اليهودي الذي اتخذه اليهود مقراً حربياً وغيرها.<br />
وقد تفاعل الٔردنيون ، ٧٦ مع حرب فلسسطين، وششكل الٕخوان المسسلمون هناك لجنة<br />
لجمع التبرعات والمسساعدات، كما فتهوا باب التطوع للمششاركة في الجهاد، وكان تجاوب<br />
الناسس راءعاً، فيذكر الٔسستاذ محمد عبد الرحمن خليفة أنه عندما فته باب التطوع في ششعبة<br />
السسلط سسج َّ ل أكثر من ثلاثة آلاف ششخص أنفسسهم.<br />
وتكونت من إخوان منطقة عمّان وما حولها سرية متطوعين تضضم نهو ١٢٠ مجاهداً<br />
من الٕخوان المسسلمين، وسسميت باسسم سرية أبي عبيدة، وقد تولى قيادتها التنظيمية<br />
١٥٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الٕخوانية الهاج عبد اللطيف أبو قورة المراقب العام للٕخوان المسسلمين في الٔردن في تلك<br />
الفترة، أما قيادتها العسسكرية فقد تولاها الملازم المتقاعد ممدوه الصرايرة، وقد دخلت<br />
فلسسطين في ١٩٤٨/٤/١٤م وتمركزت في عين كارم وصور باهر. وقد خاضضت هذه<br />
السرية عدة معارك واسستششهد عدد من أفرادها مشل سسالم المسسلم وبششير سسلطان.<br />
وفي إربد تولى مسوءول ششعبة الٕخوان هناك السسيد أحمد محمد الخطيب قيادة الٕخوان<br />
فيها في حرب فلسسطين، وبلغ مجموع من ششارك معه في الجهاد من إخوان إربد وأهلها<br />
المتطوعين حوالي مئة مجاهد بهيش كان يششترك في المعركة الواحدة من ٢٠-٢٥ مجاهداً.<br />
أما في العراق فبعد أسسبوع واحد من قرار التقسسيم أسسهم الٕخوان المسسلمون في<br />
العراق ٧٧ بقيادة الششيخ محمد محمود الصواف بششكل فعال في تأليف “جمعية إنقاذ<br />
فلسسطين” في بغداد، ولقد لبى نداء التطوع ١٥ ألفاً معظمهم ممن تدرب في الجندية أو<br />
الشرطة، وكان للٕخوان المسسلمين في تلك الفترة دور أسساسس في تعبئة الجماهير للجهاد،<br />
وكانوا على رأسس المظاهرات التي خرجت للتنديد بقرار تقسسيم فلسسطين والتي اششترك<br />
فيها ٢٠٠ ألف عراقي في بغداد.<br />
وتألف من المتطوعين للجهاد فوجا الهسسين والقادسسية وسرية المغاوير وغيرها،<br />
وكلما تدرب فريق منهم كانت الجمعية ترسسله إلى اللجنة العسسكرية في دمششق. وفي<br />
١٩٤٨/١/٧م وصلت أول سرية مغاوير إلى دمششق، وبعد أسسبوع وصل فوجان آخران<br />
مع السسلاه والعتاد، وبينما كانت الجمعية تسستعد لٕرسسال فوج جديد تلقت إنذاراً من<br />
اللجنة العسسكرية بأن تكف َّ عن إرسسال المتطوعين حتى إششعار آخر!! كما أششار صاله<br />
جبر (بعد أن وقع معاهدة بورتسسموش (Portsmouth treaty of 1948 بعدم إرسسال<br />
أكثر من ٥٠٠ متطوع، كما أن طه الهاششمي قال لرءيسس الجميعة: “إذا أرسسلتم مدداً آخر<br />
من المتطوعين أعدتهم إلى بغداد على نفقة الجمعية!!” فاكتفت الجمعية بعد ذلك بإرسسال<br />
التبرعات، وقد كان الٕخوان من أبرز وأنششط عناصر هذه الجمعية، وقد وصلت كتيبتا<br />
“الهسسين”و”القادسسية” من متطوعي العراق (كل واحدة تتكون من ٣٦٠ مقاتلاً) إلى<br />
فلسسطين في آذار/ مارسس ١٩٤٨م.<br />
كما ششارك ضضمن الٔفواج التي ذهبت للجهاد الكشير من “إخوان” العراق الذين<br />
قاتلوا ضضمن قوات جيشش الٕنقاذ، ورأوا الكشير من تخاذل وضضعف وسسوء إدارة قيادته،<br />
وعلى رأسسه فوزي القاوقجي، إلا أنهم بذلوا ما اسستطاعوا في المعارك التي ششاركوا فيها<br />
خصوصاً في ششمال فلسسطين.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
القسساميون سسنة ١٩٤٨م:<br />
عندما أعلنت الهرب ١٩٤٨-١٩٤٧م عاد القسساميون ٧٨ للمششاركة في ميادين الجهاد<br />
من جديد، وقد عمل معظمهم تحت توجيه الهاج أمين الهسسيني ضضمن جيشش الجهاد<br />
المقدسس، أو مع جيشش الٕنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي.<br />
وقد ظلّ القسساميون يعملون بالذات في مناطق الششمال كأبي إبراهيم الكبير<br />
وأبي إبراهيم الصغير، وأبي محمود الصفوري، وسرور برهم، ولكن هذه المرة لم<br />
يكونوا هم القيادات الموجهة المسسيطرة المهركة للوضضع، وإنما كانوا تابعين لقيادات أعلى،<br />
كشيراً ما وضضعتهم في ظروف صعبة، بهيش لم يتمكنوا من أداء واجبهم كما يشاوءون.<br />
ششارك أبو إبراهيم الكبير ضضمن قيادة فوج اليرموك الشاني التابع لجيشش الٕنقاذ،<br />
والذي كان يتولى قيادته أديب الششيششكلي. وقد قاد أبو إبراهيم ضضمن أعمال هذا الفوج<br />
“معركة جدين” في الششمال، وبلغت خسساءر اليهود ١٢٠ قتيلاً وجريهاً، واسستششهد من<br />
العرب تسسعة وجره سستة.<br />
وتولى أبو إبراهيم الصغير العمل في منطقة الناصرة، وكان تحت إمرته ٢٠٠ مسسله،<br />
وكان يتبع في عمله جيشش الجهاد المقدسس بقيادة عبد القادر الهسسيني وتوجيه ورعاية<br />
الهاج أمين الهسسيني. كما أبلى أبو محمود الصفوري بلاءً حسسناً في معارك الششمال،<br />
وتولى الدفاع عن بلدة ششفا عمرو مع خمسسين جندياً من قوات الجهاد المقدسس، واسستششهد<br />
سرور برهم الذي تولى مسوءولية مسساعد قاءد حامية حيفا عندما حوصر وعدد من<br />
إخوانه المجاهدين فرفضض التسسليم وفجر السسيارة التي تحمل الذخيرة، مما أدى لمقتل<br />
أكثر من خمسسين يهودياً واسستششهاد ١٤ مجاهداً منهم سرور برهم نفسسه.<br />
قوات الجهاد المقدس:<br />
أما قوات الجهاد المقدسس ٧٩ التي تولى قيادتها عبد القادر الهسسيني ورعاها الهاج أمين<br />
فقد جندت في صفوفها أعداداً كبيرة من أهل فلسسطين، وخاضضت معارك مهمة وعديدة في<br />
مناطق فلسسطين، وخصوصاً في منطقة القدسس مشل عمليات ششارع بن يهودا، والبالسستاين<br />
بوسست، وهاسسوليل، والمنتفيوري، والوكالة اليهودية... .<br />
ومن أششهر المعارك التي خاضضتها قوات الجهاد المقدسس معركة القسسطل، وكان<br />
عبد القادر الهسسيني قد طلب مسساعدة اللجنة العسسكرية للجامعة العربية بالسسلاه<br />
لاسسترداد القسسطل دونما فاءدة فخرج من عند رءيسسها وهو يقول بصوت مرتفع: “أنتم<br />
١٥٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
خاءنون... أنتم مجرمون، سسيسسجل التاريخ أنكم أضضعتم فلسسطين، سسأحتل القسسطل<br />
وسسأموت أنا وجميع إخواني المجاهدين”...، وغادر المكان وهو يقول لصديقه قاسسم<br />
الريماوي “هيا نرجع إلى فلسسطين كي نموت فيها الميتة التي وضضعناها نصب أعيننا،<br />
هيا نسستششهد أو ننتصر على الٔعداء، ولنذكر قوله تعالى چى ى ئا ئا ئە<br />
ئە ئو ئو ئۇئۇ ئۆ ئۆ ئۈ ئۈ ئې ئې ئې ئى ئى<br />
ئى ی یچ”. وفي ١٩٤٨/٤/٨م انتصر عبد القادر ورفاقه في معركة القسسطل<br />
وحرروها، بعد أن قتلوا حوالي ٣٥٠ يهودياً، واسستششهد قاءد قوات الجهاد المقدسس<br />
عبد القادر الهسسيني في هذه المعركة... .<br />
الهاج أمين الهسسيني:<br />
٨٠<br />
وقبل أن نطوي صفهة الاحتلال البريطاني لا بدّ من وقفة مع الهاج أمين الهسسيني<br />
الذي كان من أبرز ششخصيات التيار الٕسسلامي (١٩٤٨-١٩١٧م)، والذي يرجع نسسبه<br />
إلى إحدى أكبر عاءلات فلسسطين وأكثرها نفوذاً، وقد تولى منصب المفتي الٔكبر<br />
(مفتي القدسس)، ثم تولى رءاسسة المجلسس الٕسسلامي الٔعلى، وأخذ يبرز ششيئاً فششيئاً حتى<br />
صار الششخصية الٔولى في فلسسطين، وخصوصاً في مرحلة الشلاثينيات والٔربعينيات.<br />
وقد أكسسب البعد الٕسسلامي الواضضه في ششخصيته قضضية فلسسطين بعداً إسسلامياً عالمياً،<br />
وأسسهم إلى حد ٍّ كبير في الدعاية للقضضية الفلسسطينية في العالم الٕسسلامي، كما أثر عبر<br />
المجلسس الٕسسلامي الٔعلى في اسستخدام منابر المسساجد لخدمة القضضية وتوعية الناسس،<br />
ومواجهة اليهود الصهاينة والاسستعمار البريطاني، وكانت المسساجد في تلك الفترة منابر<br />
إششعاع وطنية ومراكز تجميع وانطلاق ششعبي للتظاهرات والشورات الفلسسطينية.<br />
وقد بلغ الهاج أمين أوج زعامته الٕسسلامية عندما رأسس الموءتمر الٕسسلامي العام لسسنة<br />
١٩٣١م، والذي ششارك فيه ٢٢ بلداً إسسلامياً، إلا أن تأثيره في أحداش فلسسطين ما لبش<br />
أن ضضعف بعد الهرب العالمية الشانية عندما تولت الدول العربية الٔمر وأخذت تتجاوزه<br />
وتتجاهله، وتصطدم به فيما يتعلق بقضضية فلسسطين حتى نهاية الهرب ١٩٤٨م.<br />
وكان لارتباط الهاج أمين بالمنصب (١٩٣٧-١٩٢٠م) أثره في حصر تحركه المعلن<br />
ضضمن إطار لا ترفضضه السسلطات البريطانية، ونتيجة لذلك أخذ الجانب الٕعلامي والدعاءي<br />
والاجتماعي والسسياسسي القسسط الٔكبر من نششاطه بهيش كان يمكن أن يبذل جهداً<br />
مضضاعفاً في الجانب العسسكري والجهادي لو تخلى عن المنصب. ثم إن زعامته لجميع أهل<br />
فلسسطين بمختلف اتجاهاتهم وطواءفهم جعلته يعطي مرونة أكبر في اسستيعابه لجميع<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
الٔطراف، مما أثر بششكل سسلبي على وجود منهجية إسسلامية حركية جهادية تعتمد<br />
التربية والتركيز في أعماله.<br />
وإذا كانت العديد من الدلاءل تششير إلى دور أسساسسي، غير معلن، للهاج أمين في تنظيم<br />
وتنفيذ بعضض الانتفاضضات، وإنششاء التنظيمات السرية الجهادية، فإن دوره الجهادي<br />
المعلن قد برز في المرحلة التالية من الشورة الكبرى وما تلاها، وكان رءيسساً للهيئة العربية<br />
العليا التي تششكلت سسنة ١٩٤٦م كممشل لعرب فلسسطين، وأسسهمت وفق إمكاناتها<br />
المهدودة في الدفاع عن أرضض فلسسطين.<br />
ثانياً: مرحلة المد القومي العربي ١٩٦٧-١٩٤٩م:<br />
ششهدت هذه المرحلة غلبة الفكر القومي العربي ونمو الاتجاه الاششتراكي على السساحة<br />
العربية، وبرز دور مصر في عهد عبد الناصر فيما يتعلق بفلسسطين، بينما لم تكن الهوية<br />
الوطنية الفلسسطينية قوية بما يكفي لبروزها وانتششارها. أما التيار الٕسسلامي فقد عانى<br />
كشيراً من الهرب والتضضييق، خصوصاً في مصر وانهسر دوره السسياسسي والششعبي في<br />
البلاد العربية، وششهدت هذه المرحلة أفول نجم الهاج أمين الهسسيني، وإنششاء منظمة<br />
التهرير الفلسسطينية ١٩٦٤م. وانتهت المرحلة بهزيمة الجيوشش العربية في حرب ١٩٦٧م<br />
وفقدان باقي فلسسطين والجولان وسسيناء، مما أدى إلى صدمة كبيرة في العالم العربي،<br />
واهتزاز الشقة بالٔفكار القومية والاششتراكية وبالٔنظمة العربية.<br />
التيار الٕسسلامي في الضضفة والقطاع:<br />
ومن ناحية التيار الٕسسلامي الفلسسطيني، فبعد انتهاء حرب ١٩٤٨م وبداية<br />
الخمسسينيات، كان الٕخوان المسسلمون يزدادون قوة ونفوذاً، خصوصاً في قطاع غزة. وفي<br />
القطاع أصبه الششيخ عمر صوان، رءيسس المكتب الٕداري في غزة، وكان للٕخوان في غزة<br />
أربع ششعب: ششعبة تتبع المكتب الٕداري، وششعبة في “الرمال” وششعبة في “حارة الزيتون”،<br />
وششعبة في “حارة الدرج”، كما كانت هناك ششعب للٕخوان في خان يونسس ورفه وششعب<br />
مصغرة في معسسكري البريج والنصيرات، وكان من نواب هذه الششعب أعضضاء في المكتب<br />
الٕداري للٕخوان في منطقة غزة ، ٨١ وأصبه عدد الفروع حوالي ١١ فرعا٨٢ً ، وخلال الفترة<br />
١٩٥٥-١٩٤٩م كان الٕخوان أقوى الٔحزاب والظاهرة السسياسسية الٔولى في القطاع . ٨٣<br />
قام الٕخوان في القطاع بتبني التدريب وتششجيعه وبالعمل العسسكري ضضدّ الكيان<br />
الٕسراءيلي، وتحت إشراف الضضابط المصري الٕخواني عبد المنعم عبد الروءوف<br />
١٥٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
(أحد ضضباط ثورة تموز/ يوليو ١٩٥٢م البارزين) تمّ تجنيد وتدريب الكشيرين. وقد<br />
قام الٕخوان بزرع الٔلغام في وسساءل النقل المدنية والعسسكرية الٕسراءيلية، ونسسف عدد<br />
من المنششآت، وتخريب خطوط المياه والكهرباء، وقد كان لهذه العمليات أثرها في انفجار<br />
الموقف على الهدود بين الٔرضض المهتلة والقطاع على نطاق واسسع... وأدت ردود الفعل<br />
الٕسراءيلية المتغطرسسة والقصف العششواءي الوحششي إلى إدخال أعداد كبيرة من الهرسس<br />
الوطني المصري، وإلى تنظيم عمليات فداءية يقوم بها الفلسسطينيون داخل الٔرضض المهتلة<br />
برعاية السسلطات المصرية وبإشراف ضضابط المخابرات مصطفى حافظ.<br />
ومن جهة أخرى، ومع تعرضض الٕخوان لتضضييق السسلطات المصرية فقد قامت<br />
باعتقال خليل الوزير “أبو جهاد” الذي كان من أنششط العناصر الٕخوانية العسسكرية،<br />
ولقي من التعذيب أهوالاً في إدارة المباحش في سرايا غزة، وأفرج عنه بكفالة بعد أسسبوع،<br />
وكان ما يزال طالباً في المرحلة الشانوية.<br />
أسسهمت عمليات الٕخوان العسسكرية في القطاع في إفششال مشروع توطين اللاجئين في<br />
سسيناء، الذي كانت قد وافقت عليه حكومة الشورة المصرية، ذلك أن كل عملية جهادية<br />
كان يعقبها انتقام إسراءيلي، مما أحرج الهكومة المصرية، ودفعها إلى إنششاء الكتيبة<br />
الفلسسطينية. وحتى بعد حظر نششاط الٕخوان في القطاع وتعرضضهم للمطاردة اسستمروا<br />
في عملهم الجهادي السري، وششكلوا سسلسسلة من المجموعات الجهادية للعمل المسسله مشل<br />
ششباب الشأر وكتيبة الهق... وكان لهم دورهم في مقاومة الاحتلال الٕسراءيلي للقطاع<br />
تشرين الشاني/ نوفمبر ١٩٥٦م - آذار/ مارسس ١٩٥٧م، وتحت الاحتلال نظم الٕخوان<br />
إضراباً نجه على نطاق واسسع، وقبضض الصهاينة على عدد من الٕخوان الذين ظلّوا في<br />
السسجن حتى انسسهاب الصهاينة من القطاع.<br />
غير أن ظروف مطاردة النظام الهاكم في مصر للٕخوان واعتقالهم، والٕفسساه لنششاط<br />
الهركات القومية والاششتراكية، فضضلاً عن هجرة العديد من كفاءات ورموز الٕخوان إلى<br />
الخارج، وخصوصاً الخليج للعمل، كل ذلك أضضعف من قوة حركة الٕخوان في القطاع،<br />
وهم َّشش دورها خصوصاً منذ أواخر الخمسسينيات وحتى ١٩٦٧م . ٨٤<br />
وفي الضضفة الغربية، التي ض ُ مت إلى الٔردن، تابع الٕخوان نششاطهم الذي حافظ على<br />
لافتته الرسسمية، وأنششأوا فروعاً جديدة لهم في الخليل وبيت لهم وجنين وقلقيلية وعنبتا<br />
ودورا وصوريف وصور باهر وطوباسس وكفر برقة وأريها، وبعضض مخيمات اللاجئين<br />
مشل عقبة جبر قرب أريها والعروب قرب بيت لهم . ٨٥<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٥٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
ويذكر عبد العزيز علي أن كامل الشريف اسستدعاه من مصر إلى القدسس لتدريب<br />
الٕخوان في القدسس على العمل العسسكري الفداءي، وكان الشريف يتولى الٕشراف على<br />
الموءتمر الٕسسلامي في القدسس بعد ذهاب سسعيد رمضضان، وخرج عبد العزيز علي من مصر<br />
في ١٩٥٤/٧/٢١م بعد أن اسستأذن من الٕخوان هناك فسسمهوا له. وفي القدسس قام بتدريب<br />
عدة دفعات بأعداد لا بأسس بها من الٕخوان، بعلم ورضضا الٕخوان، وقاموا بعمليات ضضدّ<br />
الكيان الٕسراءيلي، وقد اسستمر عبد العزيز علي في العمل والتدريب حتى حصلت الضربة<br />
الشانية للٕخوان في مصر في كانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٥٤م حيش غادر إلى سسورية . ٨٦<br />
الٕخوان المسسلمون وإنششاء حركة فته:<br />
نقف هنا لنششير إلى مششاركة الٕخوان في تأسسيسس حركة التهرير الوطني الفلسسطيني<br />
(فته) إذ تششير الدلاءل أن فته قد نششأت (أواخر ١٩٥٧م) في أحضضان حركة الٕخوان،<br />
وأن الٕخوان كانوا يعدّونها جزءاً منهم أو على الٔقل رصيداً لهم. ويذكر أحد المصادر<br />
الٕخوانية أن المجموعة القيادية الٔولى لفته كانت تتكون من خمسسة أششخاص، واحد<br />
منهم يقيم في السسعودية هو عبد الفتاه حمود وهو من الٕخوان، وأربعة يقيمون في<br />
الكويت وهم أبو جهاد خليل الوزير، ويوسسف عميرة، وسسليمان حمد، وهوءلاء كلهم<br />
كانوا من الٕخوان، وأبو عمار ياسر عرفات الذي كان مقرباً من الٕخوان، وإن لم يكن<br />
عضضواً من الٔعضضاء، وقد كان لٔبي عمار من الهمة والنششاط والذكاء ما جعلهم يولونه<br />
قيادة الهركة . ٨٧<br />
ويذكر آلان هارت ،Alan Hart الذي اسستقى معلوماته من مصادر فتهاوية قديمة،<br />
ومنها عرفات وأبو جهاد، أن أول خلية سرية لفته تششكلت من خمسسة هم: أبو جهاد<br />
وياسر عرفات وعادل كريم ويوسسف عميرة، أما الخامسس فاسسمه ششديد. وينسسب هارت<br />
نششأة فته إلى أواخر ١٩٥٧م في الكويت . ٨٨<br />
ويرى صلاه خلف “أبو إياد” أن تأسسيسس فته تمّ في ١٩٥٩/١٠/١٠م عندما اجتمعت<br />
“مجموعة صغيرة منا” في الكويت لصياغة الششكل التنظيمي لفته. أما خالد الهسسن<br />
فيوءرخ الششكل النهاءي لتوحيد فته تحت قيادة مركزية في ١٩٦٢م، ويقول: إن ما<br />
سسبق ذلك التاريخ هو تطوير مجموعات محلية مسستقلة، وأنهم اكتششفوا أنه أينما كان<br />
تجمع للفلسسطينيين خلال ١٩٦٢-١٩٥٨م فقد كانت هناك حركة فلسسطينية فكان هاني<br />
الهسسن يششكل مجموعة في ألمانيا وحمدان في النمسسا وكوكبان في إسسبانيا وعبد الفتاه<br />
حمود في السسعودية، وأبو مازن وأبو يوسسف في قطر، “وكنا نششكل مجموعة في الكويت”،<br />
١٥٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وكان هناك آخرون في العراق وغزة ودمششق. ويضضيف خالد الهسسن أن مجموعة الكويت<br />
كانت الوحيدة التي لديها مجلة “فلسسطيننا” التي تصدر في لبنان، ومن خلالها أصبهوا<br />
معروفين للٓخرين قبل غيرهم، وأنهم بعد ذلك اسستطاعوا روءية بعضضهم بعضضاً، وأخيراً<br />
في ١٩٦٢م اجتمعوا في الكويت وتوحد الجميع تحت فته، غير أن خالد الهسسن يششير إلى<br />
أن أول من بدأ حركة فته هو خليل الوزير . ٨٩<br />
وعلى أي حال، فإن هارت لا يذكر الششخص أو المصدر الذي اسستقى منه معلوماته<br />
حول الٔسسماء الخمسسة لٔول خلية لفته، وإن كان مجمل الصياغة السسابقة لكتابة المعلومة<br />
توحي بأن المصدر هو أبو جهاد. أما القراءة الدقيقة لما ذكره أبو إياد وخالد الهسسن فلا<br />
تعطي تأكيداً بأنهما كانا من أواءل الموءسسسسين أو من أول قيادة لفته في الكويت. مع الٕششارة<br />
إلى أن هارت ذكر أن أبا إياد وخالد الهسسن وهاني الهسسن انضضموا إلى فته ١٩٦٣م . ٩٠<br />
وربما أمكن حلّ التعارضض بين ما ذكره هارت وما ذكره الٔسستاذ سسليمان حمد من<br />
أن أول خلية لفته ليسست بالضرورة أول قيادة لفته، إذ إن تششكيل القيادة ربما سسبقه<br />
تششكيل عدد من الخلايا التي اختيرت منها القيادة.<br />
وحسسب الدكتور عبد االله أبو عزة فإن خليل الوزير قدم تصوراً للٕخوان في القطاع<br />
سسلمه إلى الٔسستاذ هاني بسسيسسو يقضضي بإنششاء تنظيم خاص لا يهمل لوناً إسسلامياً في<br />
مظهره، وإنما يهمل ششعار تحرير فلسسطين عن طريق الكفاه المسسله، ونوهت المذكرة<br />
التي قدمها الوزير بأن هذا التنظيم سسوف يفته الٔبواب المغلقة بين الٕخوان والجماهير،<br />
ويفك الهصار الناصري عنهم ويبقي قضضية فلسسطين حية، ويجبر الدول العربية على<br />
خوضض الهرب. ولما لم يسستجب الٕخوان المسوءولون لهذا التصور، قام عدد من الٕخوان<br />
ذوي المكانة والاحترام بين القواعد، ممن اقتنعوا بهذا التصور، بدعوة إخوانهم الٓخرين<br />
للانضضمام للهركة وكان من هوءلاء الدعاة سسعيد المزين (أبو هششام) وغالب الوزير،<br />
وانضضم لهم عدد من الٕخوان المرموقين في ذلك الوقت مشل سسليم الزعنون، وصلاه خلف<br />
وأسسعد الصفطاوي. ولٔن دعاة الهركة الجديدة من الٕخوان ومعظم قادتها ششخصيات<br />
إخوانية معروفة لا يششك في سسابقتها وإخلاصها وولاءها، فقد سسهل عليهم ذلك تجنيد<br />
أفراد ممتازين كشيرين من الٕخوان، وقد أسسهم في ذلك أن الٕخوان أنفسسهم لم يهسسموا<br />
أمرهم مع فته إلا بعد حوالي خمسس سسنوات كانت كافية لٔن يفقدوا عدداً من أفضضل<br />
عناصرهم، كما أن الٕخوان الذين دخلوا فته لم يعلنوا انسسهابهم من الٕخوان، وإنما<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
انكمششوا أو انقطعوا عن المششاركة، بينما اسستمر بعضضهم في المششاركة المزدوجة بين<br />
الطرفين مشل أبو يوسسف محمد يوسسف النجار حتى اعتبره الٕخوان منسسهباً عندما<br />
عرفوا بأمر مششاركته فته.<br />
ومن الششخصيات الٕخوانية* * التي انضضمت لفته في تلك الفترة، ممن لم نذكرهم،<br />
كمال عدوان ورفيق النتششة . ٩١<br />
وقد تميزت فته عند نششأتها بدخول المخلصين الراغبين في البذل والتضضهية وتحرير<br />
الوطن، وكانت حركة سرية تعتمد الانتقاء من ذوي الٔخلاق الهميدة والالتزام الوطني.<br />
لقد فتهت فته في تلك الفترة المجال أمام الششباب الٕخواني المتهمسس للعمل الٕيجابي<br />
الجهادي في وقت كان يسستهيل فيه على جماعة الٕخوان المسسلمين المطارَدة القابعة<br />
قيادتها في السسجون أن تسستوعب مشل هذه الطاقات وتوجهها.<br />
ثم إن فته توسسعت في عمليات التجنيد من الفئات المختلفة، وثارت التساوءلات في الوسسط<br />
الٕخواني حول توجيه فته والٕشراف عليها، حيش أصرت قيادة الٕخوان الفلسسطينية<br />
على أن يكون من القياديين الخمسسة ثلاش تعينهم بنفسسها، فضضلاً عن إشرافها على<br />
عمل الهركة، وقد رفضضت قيادة فته هذا الطلب، ويظهر أنها نظرت بعين الششك إلى قدرة<br />
الٕخوان، وهم في أوضضاعهم الصعبة، على القيادة وحسسن المتابعة وتحقيق الطموحات.<br />
ويذكر الٔسستاذ سسليمان حمد أن قيادة فته كلفته الاتصال بالٔخ هاني بسسيسسو، رحمه<br />
االله، الذي كان رءيسس تنظيم الٕخوان الفلسسطينيين، والذي كان مقره غزة، وقد هدف<br />
هذا الاتصال لمعرفة رأي الٕخوان في الهركة “حيش كانت الغالبية العظمى من عناصر<br />
الهركة من أفراد الٕخوان”، وقد بدأ التناقضض بين التوجيه الٕخواني وبين توجيه حركة<br />
فته لعناصرها مما جعل حركة فته تتخوف من انفصال الٕخوان عنها. وعندما تفاوضض<br />
سسليمان حمد مع قيادة الٕخوان في غزة في صيف ١٩٦٢م، أصرّت قيادة الٕخوان أن<br />
يكون في مجلسس قيادة فته ثلاثة أعضضاء على الٔقل من بين الٔعضضاء الخمسسة، ولم يكونوا<br />
يعلمون بأسسماء قيادتها.<br />
وعندما عاد سسليمان حمد إلى الكويت ونقل ذلك لياسر عرفات وباقي الٔعضضاء كان<br />
جوابهم أن هناك أربعة وليسس ثلاثة في القيادة. وقام سسليمان حمد نفسسه بإخبار ذلك<br />
* في طبعات سسابقة أشرنا إلى محمود عباسس (أبو مازن) أنه كان من الٕخوان المسسلمين، غير أن هذا لم يشبت لدينا<br />
بعد مراجعة العديد من المراجع والششخصيات الٕخوانية التي عاصرته.<br />
١٦١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
لهاني بسسيسسو في صيف ١٩٦٣م، فكان ردّ الٕخوان أنهم يريدون أن يعينوا بأنفسسهم<br />
الٔفراد الشلاثة وليسس فته. وقد رأت فته في ذلك تدخلاً في شوءونها، وخافت أن يوءدي<br />
ذلك لتهكم قيادة الٕخوان بقيادة فته “الٔمر الذي رفضضه ياسر عرفات وبعضض الٔفراد<br />
الٓخرين”، ولذلك فقد أمرت حركة الٕخوان أفرادها بالتمايز إما للٕخوان أو لفته،<br />
ورفضضت أن يكون لٔي ششخص الصفتان كلتاهما فاختار أغلب الٕخوان الرجوع<br />
إلى قيادتهم وتنظيمهم، كما أمرت فته أفرادها بالتمايز أيضضاً (عن أي تنظيم غيرها).<br />
وقد أدى هذا إلى حدوش “الانفصام النكد” بين الجماعة وبين حركة فته حسسب تعبير<br />
أحد الٕخوان، وقد كان ذلك في صيف ١٩٦٣م، وقد خسرت جماعة الٕخوان عدداً من<br />
نششطاءها وششبابها المتهمسس، وتأثرت حركة فته وهيكلها العام كشيراً بخروج عدد كبير<br />
من كوادرها وعناصرها الصالهة . ٩٢<br />
غير أن النَفَسس الٕخواني اسستمر في أجواء حركة فته، بل إن الٔنظمة العربية نظرت لها<br />
بعين الششك كجهة تتبع الٕخوان حتى بعد انطلاقتها العسسكرية ١٩٦٥م، لكن هذا النفسس<br />
أخذ يضضعف مع دخول أعداد هاءلة من الناسس في فته، خصوصاً بعد حرب ١٩٦٧م،<br />
ومع اسستششهاد عدد من كبار قادتها ورموزها من ذوي الماضضي الهركي الٕسسلامي،<br />
وخصوصاً عبد الفتاه حمود، وأبو يوسسف النجار وكمال عدوان... وتولي فته قيادة<br />
م.ت.ف، ثم دخولها في مششاريع التسسوية السسلمية... .<br />
وفي أواءل الخمسسينيات (١٩٥٢م) أنششئ حزب التهرير الٕسسلامي برءاسسة الششيخ<br />
تقي الدين النبهاني، وقد اكتسسب ششعبية لا بأسس بها في الخمسسينيات، وكان له دوره في<br />
الدفاع عن الٕسسلام والدعوة للخلافة الٕسسلامية، غير أنه لم يمارسس عملاً جهادياً باعتبار<br />
أن ذلك منوط بخليفة المسسلمين الذي يجب أن يتم الجهاد تحت رايته . ٩٣<br />
ثالشاً: مرحلة الشورة الفلسسطينية وتنامي المد<br />
الٕسسلامي ١٩٨٧-١٩٦٧م:<br />
كانت أبرز معالم هذه المرحلة:<br />
• هزيمة الٔنظمة العربية في ١٩٦٧م، وتراجع المد القومي واليسساري.<br />
• ظهور الهوية الوطنية الفلسسطينية بقوة، وسسيطرة المنظمات الفداءية على م.ت.ف<br />
١٩٦٨م، والاعتراف بها ممشلاً شرعياً وحيداً للششعب الفلسسطيني ١٩٧٤م.<br />
• الاندفاع نهو التسسوية السسلمية مع الكيان الٕسراءيلي على الصعيد العربي، وعقد<br />
مصر لاتفاقيات كامب ديفيد ١٩٧٩م. Camp David<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
• بروز نششاط الكفاه المسسله الفلسسطيني ضضدّ الكيان الٕسراءيلي، وتعرضضه<br />
لعمليات تصفية وضربة قاسسية أدت إلى تحجيمه وإضضعافه، خصوصاً إثر<br />
الاجتياه الٕسراءيلي للبنان ١٩٨٢م.<br />
• تنامي المدّ الٕسسلامي على السساحة الفلسسطينية والعربية والٕسسلامية، بهيش أصبه<br />
الاتجاه الٕسسلامي الفلسسطيني أحد أبرز القوى الموءثرة على السساحة الششعبية. وهذا<br />
ينطبق على السساحة العربية، وخصوصاً في الٔردن ومصر والسسودان والجزاءر<br />
والكويت وتونسس واليمن، كما ينطبق على السساحة الٕسسلامية بنجاه التجربة<br />
الٕسسلامية في إيران، والتجربة الجهادية في أفغانسستان، وتنامي الاتجاه الٕسسلامي<br />
في الباكسستان وماليزيا وأندونيسسيا، وبين الجاليات الٕسسلامية في أوروبا وأمريكا... .<br />
ولٔننا نركز على التجربة الٕسسلامية الجهادية في فلسسطين، فإن حديشنا سسينهصر في<br />
هذا الٕطار.<br />
معسسكرات الششيوخ:<br />
كانت أولى المششاركات الٕسسلامية الجهادية الفلسسطينية فيما يعرف ب”معسسكرات<br />
الششيوخ” في الٔردن والتي ششكلها الٕخوان المسسلمون تحت مظلة فته ١٩٦٨م، واسستمرت<br />
في عملها حتى إغلاق معسسكرات العمل الفداءي الفلسسطيني في الٔردن ١٩٧٠م.<br />
وكانت قيادة الٕخوان المسسلمين قد أصدرت قراراً بفته معسسكرات لتدريب الٕخوان<br />
وموءيديهم، حيش اسستفاد الٕخوان من أجواء حرية العمل الفداءي والتأييد الششعبي الهاءل<br />
له، والذي ظهر خصوصاً بعد هزيمة ١٩٦٧م، غير أن الٕخوان لم يسستطيعوا العمل<br />
باسستقلالية كاملة نتيجة أجواء العداء ضضدّ الٕسسلاميين التي كانت ما تزال مسستمرة،<br />
وبالذات من عبد الناصر والقوى اليسسارية...، فضضلاً عن صعوبة التمويل.<br />
وقد وافقت حركة فته على توفير الغطاء لمعسسكرات الٕخوان، كما التزمت بتقديم<br />
التموين والسسلاه والذخيرة، فضضلاً عن مصاريف الٔفراد ١٥ ديناراً للٔعزب<br />
و٣٠ ديناراً للمتزوج، وكانت العمليات الفداءية تحدش بالتنسسيق معها. بينما كان<br />
للٕخوان حريتهم الكاملة في تصريف أمور التدريب والانتقاء وشوءونهم الخاصة . ٩٤<br />
افتته أول معسسكر للششيوخ في منطقة العالوك (باتجاه طريق الزرقاء - السسخنة)،<br />
وتولى التدريب صلاه حسسن وإبراهيم حسسن (وهم إخوان في الدم) وعبد العزيز علي،<br />
وكان ينسسق معهم من جهة إخوان الٔردن إسسهق الفرحان وأبو بششير الزميلي. ومن<br />
١٦٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الذين تدربوا في المعسسكر أحمد نوفل وعبد االله عزام، وإبراهيم المششوخي وذيب أنيسس.<br />
وششارك في هذه القواعد أفراد من جنسسيات عربية مشل فلسسطين والٔردن وسسورية<br />
والسسودان (حوالي سسبعة سسودانيين)، ومصر واليمن . ٩٥<br />
والدفعة الٔولى التي تمّ تدريبها كانت من ٣٠-٤٠ رجلاً ذهبوا جميعاً بعد ذلك إلى<br />
منطقة إربد، حيش فتهت لهم قاعدة جهادية. وبلغ عدد الذين تمّ تدريبهم في معسسكرات<br />
الششيوخ حوالي ٢٥٠-٣٠٠ رجل من الٕخوان المسسلمين وموءيديهم، وبينما بلغ عدد<br />
القواعد التي فتهت سسبع قواعد . ٩٦<br />
ويذكر الششيخ عبد االله عزام رحمه االله أن السرية الٔولى قدمت نماذج رفيعة، وكان<br />
من بينها مجموعة من الٕخوة السسودانيين على رأسسهم الوزير السسوداني السسابق<br />
محمد صاله عمر. وقال الششيخ عبد االله عزام: “كان القاءد الششهيد صلاه حسسن يربينا<br />
بعمله دون قوله، وكان أخوه أبو خليل يعتبرنا إخوة له ولسسنا تلاميذ، وكان قاءدنا<br />
العام عبد العزيز علي له في قلوبنا هيبة وأيما هيبة، وحباً ومودة لا نظير لها”، وأضضاف<br />
الششيخ عبد االله عزام بأن معسسكرات الششيوخ نجهت في كسسب ودّ الناسس واحترام الجيشش<br />
الٔردني . ٩٧<br />
ومن العمليات البارزة التي نفذتها معسسكرات الششيوخ عملية “الهزام الٔخضر”<br />
في ١٩٦٩/٨/٣١م بالتعاون مع فته حيش اسستهدفت ثلاش مسستعمرات متقاربة هي<br />
“ياروينا” و”بيت يوسسف” و”بيت يور” وتم الهجوم في ليلة واحدة، وكانت أصداوءها<br />
مدوية. وهناك أيضضاً عملية “دير ياسسين”، المششتركة مع فته، في الجولان ضضدّ مسستعمرة<br />
“ناحال هجولان” في ليلة ١٩٦٩/٩/١٤م حيش تمّ تدمير نادي الضضباط ومحطة للوقود<br />
ومسستودعات التموين وسسيارات عسسكرية إسراءيلية، وقد اعترف اليهود بمقتل واحد<br />
و١٢ جريهاً، غير أن المششاركين في العملية قالوا: إنهم أحصوا حوالي سستين قتيلاً<br />
إسراءيلياً، وكانت خسساءر المجموعة الفداءية ششهيداً واحداً وثلاثة جرحى . ٩٨<br />
ويروي الششيخ عبد االله عزام أن أبا عمرو “صلاه حسسن” أعد لعملية بالصواريخ<br />
يسسميها عملية “سسيد قطب” ضضدّ دورية من عدة دبابات إسراءيلية، ورتب الخطة، وأشرف<br />
على المكان، وزرع الصواريخ التي سسيطلقها بالكهرباء. ولكن الجنود الصهاينة كمنوا له<br />
قرب الششارع، ودارت بينهم معركة سسقط فيها أبو عمرو ششهيداً، واسستششهد معه محمود<br />
البرقاوي وزهير قيششو، ومن الموافقات أنها حدثت في الذكرى الرابعة لاسستششهاد سسيد<br />
قطب، أي في ١٩٧٠/٨/٢٨م . ٩٩<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
أما عملية ١٩٧٠/٦/٥م فقد ششارك فيها سستة من المجاهدين حيش تصدوا لدبابتين<br />
وكاسسهة ألغام، وكان موششيه دايان قد أرسسل مراسسلاً كندياً وآخر أمريكياً ليطوف<br />
بهما على الهدود، ويريهما أن العمل الفداءي قد انتهى، ففاجأهم المجاهدون، وجره<br />
الصهفيان، واعترف الصهاينة ب ١٢ قتيلاً، ولكن القتلى، كما يذكر الششيخ عبد االله<br />
عزام، كانوا أكثر من هذا بكشير. وقد ضضجّ الٕعلام العربي بهذه العملية، واسستششهد من<br />
المجاهدين ثلاثة منهم مهدي الٕدلبي من قاعدة “بيت المقدسس” التي يقودها الششيخ<br />
عبد االله عزام، وبلال المقدسسي من قاعدة “غزة” . ١٠٠<br />
وقد رصدت الاسستخبارات الٕسراءيلية معسسكر العالوك، ثم هاجمته الطاءرات<br />
الٕسراءيلية صباه يوم أحد الٔيام، غير أن جميع من فيه كانوا خارج المعسسكر في الطابور<br />
الرياضضي الصباحي، ولم يكن هناك إلا ششخص واحد أصيب بششظية، وقد ضربت الخيام<br />
(أي المهاجع) بالصواريخ، ودمرت تماماً، وتمّ رششّ المعسسكر بالرصاص. وفي اليوم التالي<br />
اسستششهد اثنان نتيجة انفجار رصاصة (لم تكن قد انفجرت في الغارة) كان يطرق بها<br />
أحدهما تسسلية فانفجرت واسستششهدا فورا١٠١ً .<br />
وحسسب عبد العزيز علي فإن عدد ششهداء معسسكرات الششيوخ خلال الفترة<br />
١٩٧٠-١٩٦٨م بلغ ١١ ششهيدا١٠٢ً ، غير أن عبد االله عزام يذكر أن عددهم كان ١٣ ششهيداً،<br />
ومن هوءلاء الششهداء رضضوان كريششان، ورضضوان بلعة الدمششقي، ومحمد سسعيد باعباد<br />
الضضابط اليمني، وأبو الهسسن إبراهيم الغزي . ١٠٣<br />
اتسساع التيار الٕسسلامي:<br />
وفي منتصف السسبعينيات بدأ الاتجاه الٕسسلامي يظهر ويقوى على السساحة<br />
الفلسسطينية في الداخل والخارج، فبدأ يظهر في أواخر السسبعينيات كأول أو ثاني اتجاه<br />
من ناحية القوة في الجامعات الفلسسطينية، وأصبهت الفكرة الٕسسلامية والطره الجهادي<br />
يلقى ششعبية متزايدة في الٔوسساط المختلفة. ومع اسستمرار الوقت أخذت تتزايد الجمعيات<br />
الخيرية الٕسسلامية ولجان الزكاة والتكافل الاجتماعي، ومن أبرزها المجمع الٕسسلامي<br />
في غزة، كما تضضاعفت أعداد المسساجد في الضضفة وقطاع غزة، وأصبه الكتاب الٕسسلامي<br />
والشريط الٕسسلامي هما الٔكثر رواجاً.<br />
وقويت الظاهرة الٕسسلامية في فلسسطين المهتلة سسنة ١٩٤٨م، وأصبهت تحظى<br />
بششعبية متزايدة. وفي ١٩٨٠م كششف الكيان الٕسراءيلي تنظيم “أسرة الجهاد” في قرى<br />
١٦٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
المشلش العربي، واعتقل العشرات من أفراده (أكثر من سستين عنصراً) من قرى أم الفهم<br />
وكفر قاسسم وقلنسسوة وباقة الغربية، وكان أبرز قياداته فريد أبو مخ والششيخ عبد االله<br />
نمر درويشش اللذان حكم عليهما وعلى رفاقهما بالسسجن مُدداً مختلفة. وكان هذا التنظيم<br />
قد قام بتدمير العشرات من المرافق الاقتصادية، وإحراق السسيارات والمعامل والبسساتين<br />
الٕسراءيلية . ١٠٤<br />
وفي قطاع غزة أصبه الاتجاه الٕسسلامي أقوى اتجاه منفرد في موءسسسسات التعليم،<br />
وفي العديد من القطاعات، وبرز دور المجمع الٕسسلامي والششيخ أحمد ياسسين، وأصبهت<br />
الجامعة الٕسسلامية بغزة أحد أهم المعاقل الٕسسلامية، وتزايدت أعداد المسساجد من<br />
٢٠٠ مسسجد ١٩٦٧م إلى أكثر من ٦٠٠ مسسجد ١٩٨٧م.<br />
وفي ١٩٨٣م كششفت السسلطات الٕسراءيلية أسسلهة داخل قبو في أحد المسساجد، وقبضضت<br />
على الششيخ أحمد ياسسين بتهمة انتماءه لتنظيم معادٍ ل“إسراءيل” وحيازة الٔسسلهة،<br />
وحكمت عليه بالسسجن ١٣ عاماً، غير أنه أفرج عنه في عملية تبادل الٔسرى التي تمت في<br />
١٩٨٥/٥/٢٠م، بين المنظمات الفداءية الفلسسطينية والكيان الٕسراءيلي . ١٠٥<br />
وعلى الرغم من ضرب أولى المهاولات الجهادية للششيخ أحمد ياسسين ورفاقه من<br />
أبناء الهركة الٕسسلامية (الٕخوان المسسلمون)، والتي كان الششيخ أحد قادتها البارزين،<br />
إلا أن فكرة الٕعداد الجهادي تعززت لدى قطاعات واسسعة من الٕسسلاميين، وقد ضرب<br />
الششيخ ياسسين مشلاً طيباً لٕخوانه، فهو من مواليد ١٩٣٧م وأب ل ١١ طفلاً، يعيشش حياة<br />
متواضضعة بسسيطة في حارة جنوبي غزة تسسمى “جورة الششمسس”. وقد نششط في الدعوة<br />
حتى غدا من أششهر خطباء قطاع غزة، حيش كان يخطب في مسسجد الششاطئ، ثم الكنز،<br />
ثم العباسس، وعرف بقوة حجته وجرأته في قول الهق. وقد عانى من ششلل جزءي منذ<br />
صيف ١٩٥٢م، غير أنه اسستمر في العمل والدعوة على الرغم من أن حالة الششلل كانت<br />
تزداد انتششاراً حتى أصيب بالششلل الكامل. وفي أواءل السسبعينيات تفرغ للعمل الدعوي<br />
بعد أن كان يعمل في التدريسس بمدارسس الهكومة، وكان له اهتمامه بإنششاء صناديق<br />
الزكاة وتربية النسساء والٔطفال، وقد أسسسس المجمع الٕسسلامي في غزة ١٩٧٩م كموءسسسسة<br />
ثقافية صهية اجتماعية، وظلّ أميناً عاماً لهذا المجمع حتى ١٩٨٤م . ١٠٦ وقد كان للششيخ<br />
أحمد ياسسين ورفاقه تأثير كبير خصوصاً في قطاع غزة في نمو التيار الٕسسلامي والٕعداد<br />
للانتفاضضة المباركة.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
لقد كان من الواضضه أن الفكرة الجهادية كنت تششغل بال الٕسسلاميين على اعتبار أنها<br />
ذروة سسنام الٕسسلام، وبسسبب ما أخذوا يسستششعرون من مسوءولية متزايدة تجاه أرضض<br />
الٕسراء بعد اسستعداد الٔنظمة العربية للدخول في تسسويات سسلمية مع الكيان الٕسراءيلي<br />
توءدي إلى الاعتراف بهقه على حوالي ٨٠% من أرضض فلسسطين، فضضلاً عن حالة الضضعف<br />
المتزايد الذي كانت تعاني منه م.ت.ف نتيجة ما تعرضضت له من ضربات، وبسسبب<br />
انجرارها التدريجي نهو الهلول السسلمية.<br />
وقد ششهدت سسنة ١٩٨٠م إنششاء حركة الجهاد الٕسسلامي في فلسسطين، والتي قام<br />
بتأسسيسسها عدد من الششباب الفلسسطيني الدارسس في الجامعات المصرية برءاسسة الدكتور<br />
فتهي الششقاقي رحمه االله.<br />
وكان الدكتور الششقاقي قد انضضم لجماعة الٕخوان المسسلمين في القطاع بزعامة الششيخ<br />
أحمد ياسسين ١٩٦٨م واسستمر في أطر الٕخوان إلى أواخر السسبعينيات . ١٠٧<br />
ويذكر الششقاقي الذي ولد في غزة ١٩٥١م (عاءلته تنتمي أصلاً إلى قرية زرنوقة<br />
قضضاء الرملة) والذي درسس الطب في جامعة الزقازيق بمصر ١٩٨١-١٩٧٤م أن فكرة<br />
إنششاء حركة الجهاد الٕسسلامي نششأت أيام الدراسسة الجامعية، وأنه كان هناك خلافات<br />
بينه وبين الٕخوان في المنهج والتغيير وقضضية فلسسطين، والموقف من الٔنظمة ومن العالم<br />
الواقع والٔدب والفن. وأضضاف أنه كان يششعر أنه “ليسس لدى الٕخوان منهج، وأن هناك<br />
فوضضى في المفاهيم في إطار الهركة...” . ١٠٨<br />
وانتقد الششقاقي ما عد َّه سسكونية مناهج التكوين لدى حركة الٕخوان، والتخبط في<br />
طراءق العمل، وإهمال جانب التخطيط، وطغيان مبدأ السسلامة والمبالغة فيها . ١٠٩<br />
غير أن الششقاقي يرى أن حركة الٕخوان المسسلمين حركة أم للتيار الٕسسلامي في<br />
المنطقة، وأن البنا كان راءداً كبيراً، وقال: إنه وحركته يكنون “كل احترام وتقدير لهذه<br />
الهركة على دورها التربوي وحفظها للٕسسلام في المنطقة” . ١١٠<br />
وقال الششقاقي: إنه مع مجيء ١٩٧٨م كان التمايز واضضهاً بينه وعدد من زملاءه<br />
وبين الٕخوان، وتابع الششقاقي الشورة الٕيرانية باهتمام، وانتهى من إعداد كتابه<br />
“الخميني: الهل الٕسسلامي والبديل” في كانون الشاني/ يناير ١٩٧٩م قبيل نجاه الشورة،<br />
والذي صدر بعد نجاحها بأيام، ولم يلتقِ بأي مسوءول إيراني قبل ذلك، وقد اعتقل ليلة<br />
صدور الكتاب مدة أربعة أيام بسسبب نششاطه الٕسسلامي في الجامعة، ثم أعيد اعتقاله<br />
١٦٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
في ١٩٧٩/٧/٢٠م لٔربعة أششهر، وبعد خروجه من السسجن انقطعت صلته التنظيمية<br />
بالٕخوان، حيش ششعر أن فكرة “التأثير والتوافق لم تعد قاءمة” بينه وبين الٕخوان، فبدأ<br />
بتششكيل نواة حركة الجهاد الٕسسلامي في بداية ١٩٨٠م . ١١١<br />
وقبل أن يعود الششقاقي إلى فلسسطين ١٩٨١م كان قد سسبقه عدد من إخوانه الذين<br />
تخرجوا في ١٩٨٠م من الجامعات المصرية، وبدأوا نششاطهم داخل الٔرضض المهتلة. وقد<br />
التهق الششقاقي بمسستششفى فكتوريا بالقدسس لمدة سسنتين إلى أن اعتقل في ١٩٨٣م لمدة عام<br />
لٕصداره مجلة الطليعة، ثم أعيد اعتقاله في ١٩٨٦م وحكم عليه بالسسجن أربع سسنوات<br />
بتهمة تششكيل تنظيم سري عسسكري، ثم أبعد في ١٩٨٨م إلى لبنان، حيش عاشش سسنة واحدة،<br />
ثم انتقل إلى دمششق . ١١٢<br />
وحسسب فكرة حركة الجهاد الٕسسلامي فإنها جاءت لتعبر ِّ عن “الٕسسلام كمنطلق،<br />
والجهاد كوسسيلة، وفلسسطين كهدف للتهرير”، وأنها عندما قامت “كانت قوة تجديد<br />
داخل الفكر الٕسسلامي وداخل الهركة الٕسسلامية على مسستوى الفكرة والمنهج والتنظيم<br />
وعلى مسستوى الٔداء داخل فلسسطين” . ١١٣<br />
وبششكل عام فإن الهركة ركزت على المعاني الجهادية، وتحرير الوطن، وتنظيم<br />
العناصر للقيام بالعمليات العسسكرية، وتأثرت بتجربة الجهاد الٕسسلامي في مصر<br />
والتجربة الٕيرانية والتجربة القسسامية. وحافظت على علاقة متينة بإيران منذ إنششاءها<br />
وحتى الٓن.<br />
وقد بدأ العمل العسسكري لهركة الجهاد الٕسسلامي قبل الانتفاضضة، وتعد ُّ الهركة<br />
نفسسها مسوءولة عن عملية “باب المغاربة” التي تضضمنت قصف الجنود الٕسراءيليين<br />
الذين كانوا يُعم َّدون عند حاءط المبكى اسستعداداً للتخرج في ١٩٨٦/١٠/١٦م، وقد أدت إلى<br />
إيقاع ثمانين إصابة بين قتيل وجريه من لواء “غفعاتي” الٕسراءيلي . ١١٤<br />
كما أن أربعة من مجاهدي الهركة (اثنان منهم كانا قد هربا من سسجن غزة المركزي<br />
في أيار/ مايو ١٩٨٧م) قد قاموا بعدد من العمليات الجهادية إلى أن اسستششهدوا في عملية<br />
الششجاعية في ١٩٨٧/١٠/٦م في اششتباك مسسله مع القوات الٕسراءيلية. وترى الجهاد<br />
الٕسسلامي أن ذلك اليوم ١٩٨٧/١٠/٦م هو اليوم الٔول للانتفاضضة المباركة، وقد<br />
اسستمرت طيلة سسنوات الانتفاضضة تدعو إلى الٕضراب الششهري لذكرى بدء الانتفاضضة في<br />
هذا اليوم من كل ششهر . ١١٥<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٦٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
رابعاً: مرحلة الانتفاضضة المباركة والتسسوية السسلمية<br />
١٩٩٦-١٩٨٧م:<br />
تكاد المصادر تجمع على أن الهادش الذي أششعل شرارة الانتفاضضة قد وقع في<br />
١٩٨٧/١٢/٨م عندما جاءت ششاحنة إسراءيلية إلى حاجز “إيرز”، على حدود قطاع غزة<br />
مع الٔرضض المهتلة سسنة ١٩٤٨م، حيش انهرف سساءق الششاحنة إلى الاتجاه المعاكسس، وحطم<br />
سسيارتي أجرة تقلان عمالاً عرباً، مما أدى لاسستششهاد أربعة وجره تسسعة آخرين، وقد<br />
هرب السساءق بسسيارة ذات نمرة صفراء ششبيهة بسسيارات المخابرات الٕسراءيلية، كانت<br />
تقف قرب مكان الهادش. ويبدو أن هذا الهادش كان رداً صهيونياً على طعن ومقتل تاجر<br />
يهودي في ميدان فلسسطين بمدينة غزة قبيل صلاة العصر من يوم ١٩٨٧/١٢/٦م . ١١٦<br />
لقد كان لهذا الهادش أثر بالغ أدى لاششتعال انتفاضضة ششعبية عارمة، ششارك فيها<br />
الششباب والششيوخ والنسساء والٔطفال، واتسسعت لتششمل أراضضي قطاع غزة والضضفة الغربية<br />
لعدة سسنوات.<br />
وقد قررت الهركة الٕسسلامية منذ البداية المششاركة في الانتفاضضة وتوجيهها، وبدأت<br />
التظاهرات العارمة بعد صلاة الفجر من يوم الٔربعاء في ١٩٨٧/١٢/٩م من مسسجد<br />
مخيم جباليا، وسسقط الششهيد حاتم أبو سسيسس، وأصيب ٢٧ آخرون بجراه، ونظم<br />
طلاب الجامعة الٕسسلامية بغزة مسسيرة صاخبة، وقرب مسستششفى الششفاء حيش حدثت<br />
مواجهات عنيفة أدت إلى إصابة العديد من الطلاب، واسستششهد راءد ششهادة (من أبناء<br />
الهركة الٕسسلامية بالجامعة) متأثراً بجراحه ، ١١٧ وتوالى سسقوط الششهداء، واتسسعت<br />
مظاهر الغضضب والمقاومة لتعبر عن أقوى مظاهر جهاد الششعب الفلسسطيني تحت<br />
الاحتلال الصهيوني منذ ١٩٦٧م.<br />
وقد تميزت هذه الانتفاضضة ببروز العامل الديني ودور التيار الٕسسلامي وموءسسسساته<br />
في إذكاء روه المقاومة والاسستبسسال وحبّ الاسستششهاد في سسبيل االله. كما تميزت بالششمول،<br />
ومششاركة كافة قطاعات الششعب الفلسسطيني واتجاهاته وفئاته العمرية. وبرز جيل<br />
جديد من الششباب الجريء المتهمسس، والذي لم تزده وسساءل التركيع والٕذلال والٕفسساد<br />
الصهيوني إلا تحدياً وجهاداً. وعلى الرغم من تنوع الٕجراءات الصهيونية وقسسوتها في<br />
قمع الانتفاضضة إلا أن ذلك قوبل بصمود وثبات عظيم، بل وصاحبه تنويع وتطوير في<br />
أسساليب المقاومة، كما ظهرت العديد من المظاهر الششعبية النبيلة من إيشار وتعاون ونخوة<br />
وششهامة.<br />
١٦٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وخلال الٔششهر الشمانية الٔولى كان قد اسستششهد حوالي ٤٠٠ فلسسطيني، وجره ١٢ ألفاً<br />
منهم ٣٤٠٠ أصيبوا بعاهات داءمة، وبلغت حالات الٕجهاضض بسسبب القمع الٕسراءيلي<br />
للنسساء ١٧٠٠ حالة، كما بلغ عدد المعتقلين ٢٣ ألفا١١٨ً .<br />
ولا ششكّ أن هذه الانتفاضضة لم تأت ِمن فراغ، فقد أسسهم في تأجيجها تراكم الٓثار<br />
السسلبية لسسياسسة القمع الصهيوني والقبضضة الهديدية وهدم البيوت والاعتقال التعسسفي<br />
والٕبعاد والٕذلال، والضراءب الباهظة، وسسياسسة إلهاق الضضفة الغربية والقطاع<br />
اقتصادياً بالكيان الٕسراءيلي، وحرمان أبناء فلسسطين من الخدمات الاجتماعية،<br />
وتضضييق فرص العمل. وزاد الٔمر سسوءاً تنامي التيار الصهيوني الٔكثر تعصباً،<br />
وبروز المنظمات الصهيونية التي تقوم سسياسساتها على اسستفزاز المسسلمين، وضضمّ الضضفة<br />
والقطاع للكيان الصهيوني، وطرد الفلسسطينيين للخارج، والمهاولات الهشيشة لتهويد<br />
القدسس، وزيادة الاعتداء على المسساجد والٓثار والمقدسسات الٕسسلامية. ومن جهة أخرى<br />
فإن تنامي الصهوة الٕسسلامية، وبروز التيار الٕسسلامي كأحد أقوى التيارات الششعبية<br />
في فلسسطين أسسهم في نمو القيم الٕسسلامية والمششاعر الدينية، وإذكاء مششاعر الجهاد<br />
والدفاع عن أرضض الٕسراء والمعراج والمسسجد الٔقصى، والرباط والمقاومة مهما كانت<br />
التضضهيات. وقد صاحب هذا كله اليأسس من وعود التسسوية السسلمية أو العون الخارجي،<br />
والششعور الششعبي القوي بضرورة المبادرة الذاتية، وإثبات الهوية، وانتزاع الهق من<br />
الغاصبين. كما لا يجب أن يغيب عن البال بعضض الٕرهاصات والتفاعل الششعبي الذي<br />
رافق عملية الششجاعية في ١٩٨٧/١٠/٦م، وعملية الطاءرة الشراعية في ١٩٨٧/١١/٢٥م<br />
عندما تمكن خالد أكر من الهبوط بطاءرة شراعية قرب معسسكر “جيبور” الٕسراءيلي<br />
ششمال فلسسطين، وتمكن من قتل سستة جنود وجره ثمانية آخرين قبل أن يسستششهد، وقد<br />
أعلنت الجبهة الششعبية - القيادة العامة مسوءوليتها عن العملية . ١١٩<br />
لقد قررت الهركة الٕسسلامية منذ السساعات الٔولى خوضض الانتفاضضة وتصعيدها<br />
وقيادة الجماهير، وسسارعت الهركة الٕسسلامية (الٕخوان المسسلمون) بالٕعلان عن ذراعها<br />
الجهادي الضضارب حركة المقاومة الٕسسلامية (حماسس). وقد وزعت حماسس بيانها الٔول<br />
في ١٩٨٧/١٢/١٥م وهو أول بيان يصدر في الانتفاضضة، وفيه أكدت للجماهير “المرابطة<br />
المسسلمة” أنهم “اليوم على موعد مع قدر االله سسبهانه النافذ في اليهود وأعوانهم... بل<br />
أنتم جزء من هذا القدر الذي سسيقتلع جذور كيانهم إن آجلاً أم عاجلاً بإذن االله سسبهانه<br />
وتعالى”...، وقال البيان: “ألا فليعلم المسستوطنون المسستهترون أن ششعبنا عرف ويعرف<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
طريقه طريق الاسستششهاد وطريق التضضهية، وأن ششعبنا جواد كريم في هذا الميدان”...<br />
“ارفعوا أيديكم عن ششعبنا، عن مدننا، عن مخيماتنا، عن قرانا، معركتكم معنا معركة<br />
عقيدة ووجود وحياة” . ١٢٠<br />
وهكذا فلٔول مرة منذ ١٩٦٧م ينزل تيار الٕخوان المسسلمين بشقله في ميدان المواجهة<br />
بعد طول ترقب وإعداد. وقد هدف التيار الٕسسلامي من الانتفاضضة إلى رفع الروه المعنوية<br />
للششعب، وتعميق ثقته بربه وإسسلامه، ونفضض مششاعر الاسستكانة والعجزة والاسستسسلام<br />
للواقع، وتأكيد معاني العداء والصراع مع العدو الغاصب المهتل، كما هدف إلى التأكيد<br />
على الهوية الٕسسلامية لفلسسطين وششعبها، والٕبقاء على روه الجهاد، وتأجيج جذوتها.<br />
وسسعى إلى كششف معادن أبناءه بالعمل وصقل قدراتهم في التهرك الميداني، وإكسسابهم<br />
الخبرة في المواجهة والممارسسة الجهادية. وهدف كذلك إلى الهد ِّ من غطرسسة الصهاينة<br />
وعنجهيتهم، وهزّهم نفسسياً من داخلهم، والعمل على التأثير على معدلات الهجرة<br />
والاسستيطان. هذا فضضلاً عن إحياء القضضية الفلسسطينية عربياً وإسسلامياً ودولياً.<br />
ومن جهة أخرى، جاءت الانتفاضضة كرافعة لمنظمة التهرير الفلسسطينية التي عانت<br />
من محاولات عزلها وتهميششها وتجاوزها خصوصاً بعد ضرب بنيتها العسسكرية في<br />
لبنان، فسسعت المنظمة لتوظيف الانتفاضضة في تحقيق اسستراتيجيتها للوصول إلى تسسوية<br />
سسلمية مع الكيان الٕسراءيلي، توءدي إلى انسسهاب الصهاينة من الضضفة والقطاع، وإقامة<br />
الدولة الفلسسطينية على هذه الٔرضض التي احتلت سسنة ١٩٦٧م. وبعد حوالي أسسبوعين من<br />
الانتفاضضة ارتأت م.ت.ف الاششتراك في الانتفاضضة تمهيداً لاسستشمارها سسياسسياً فدعت إلى<br />
إضراب عام يوم الٕثنين في ١٩٨٧/١٢/٢١م، وبدأ ظهور صور ياسر عرفات وششعارات<br />
المنظمة، وششكلت م.ت.ف من الفصاءل الفلسسطينية المنتمية إليها ما عرف بالقيادة الوطنية<br />
الموحدة للانتفاضضة، ومشلت فته والجبهة الششعبية والجبهة الديموقراطية التيارات<br />
الرءيسسية فيها، وصدر البيان الٔول للقيادة الموحدة في ١٩٨٨/١/٨م . ١٢١<br />
وهكذا بدأ يتنازع قيادة الانتفاضضة تياران مختلفان هما التيار الٕسسلامي وتيار<br />
م.ت.ف باسستراتيجيات وأهداف متباينة، ولكن بفعاليات نضضالية جهادية متششابهة<br />
تقريباً ضضدّ العدو من تظاهرات وإضرابات وقذف الصهاينة بالهجارة وقنابل<br />
المولوتوف الهارقة... وغيرها. على أن الجماهير كانت تسستجيب لكلا التيارين، وتلتزم<br />
بالٕضرابات التي يدعوان إليها.<br />
١٧١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وإذا كان من اليسسير تحديد بداية الانتفاضضة المباركة فلعله من الصعب تحديد تاريخ<br />
لنهايتها، هذا إذا كان هناك اتفاق أنها انتهت. فبالنسسبة ل م.ت.ف (وتحديداً فته) فإن<br />
الانتفاضضة عُ د َّت منتهية مع دخولها اتفاقية السسلام مع الكيان الٕسراءيلي، وتوقيع<br />
اتفاق أوسسلو Oslo Accords (أيلول/ سسبتمبر ١٩٩٣م). أما بالنسسبة للتيار الٕسسلامي<br />
فإن حماسس كانت ما تزال تصدر بياناتها المرقمة منذ بداية الانتفاضضة وحتى وقت<br />
قريب، وتدعو إلى فعاليات محددة، كما صعدت عملياتها الجهادية بعد اتفاقية أوسسلو،<br />
وخصوصاً إثر مذبهة الهرم الٕبراهيمي في ششباط/ فبراير ١٩٩٤م. وعلى الرغم مما<br />
وُج ِّ ه وما يُوج َّ ه إليها من ضربات من الصهاينة ومن سسلطة الهكم الذاتي فقد اسستمرت في<br />
عملياتها القوية ضضدّ الكيان الٕسراءيلي، كما تابعت حركة الجهاد الٕسسلامي مششاركتها<br />
الانتفاضضية النوعية، وكذلك المنظمات المعارضضة لاتفاق أوسسلو بدرجات وأششكال<br />
انتفاضضية متفاوتة.<br />
غير أنه من الواضضه الٓن أن الانتفاضضة فقدت كشيراً من وهجها الششعبي والمششاركة<br />
الجماهيرية اليومية... وأخذ يقتصر الٔمر أكثر فأكثر على أعضضاء القوى والهركات<br />
المنظمة؛ لٔن الانتفاضضة بهد ذاتها لم تتخذ ششكلاً ثابتاً، وتنوعت وسساءلها وطابعها العام<br />
من فترة لٔخرى، ولٔن القوى الهركية المنظمة أقدر على التخطيط والاسستمرار وتنويع<br />
الٔسساليب مع ازدياد أنواع البطشش والتنكيل والمواجهة الصهيونية. وعلى الرغم من<br />
أن الانتفاضضة، مع الزمن، فقدت جانباً من حيويتها الجماهيرية، إلا أن زيادة العمليات<br />
النوعية وقتل الجنود والمسستوطنين والانفجارات الاسستششهادية، التي زادت مع مرور<br />
الوقت، كان لها أثرها القوي في إبقاء جذوة الصراع والتهدي مسستمرة. وبششكل عام فمع<br />
دخول السسلطة الفلسسطينية أراضضي الضضفة والقطاع كانت مظاهر الانتفاضضة تضضعف أو<br />
تنتهي باعتبارها موجهة أصلاً ضضدّ الاحتلال الصهيوني.<br />
وعلى أي حال، فإن السسنوات السست الٔولى للانتفاضضة (كانون الٔول/ ديسسمبر<br />
١٩٨٧م - كانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٩٣م) حسسب إحصاءية أعدتها م.ت.ف قد ششهدت<br />
اسستششهاد ١٥٤٠ فلسسطينياً، وبلغ عدد الجرحى ١٣٠ ألفاً، واعتقل حوالي ١١٦ ألفاً لمدد<br />
مختلفة . ١٢٢<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
التطور السسياسسي:<br />
نهاول هنا الٕششارة باختصار إلى التطورات السسياسسية المتعلقة بالقضضية<br />
(١٩٩٦-١٩٨٧م) بما يتناسسب ومنهجنا في إعطاء الصورة العامة التي تعين في دراسستنا<br />
للتيار الٕسسلامي وتجربته على أرضض فلسسطين.<br />
إذا كانت الانتفاضضة قد ششكلت أحد أبرز المظاهر السسامية في التاريخ الفلسسطيني،<br />
وعلى الرغم مما حققته من نتاءج إيجابية، ومن تعاطف دولي واسسع مع حقوق الششعب<br />
الفلسسطيني إلا أن التطورات التي تلت ذلك قد صبّت في اتجاه وأد ِالانتفاضضة، واسستغلال<br />
ظروف م.ت.ف والضضعف العربي والٕسسلامي لتقديم المزيد من التنازلات للكيان<br />
الصهيوني، وعمل تسسوية سسياسسية على حسساب حقوق أبناء فلسسطين والمسسلمين في<br />
الٔرضض المباركة.<br />
فقد سسارعت م.ت.ف لاسستشمار الانتفاضضة سسياسسياً، وكان إحدى أواءل موءشرات<br />
التنازل ما عرف ب”وثيقة أبي شريف” التي وزعت على المراسسلين الٔجانب في موءتمر<br />
القمة العربي بالجزاءر (١٩٨٨/٦/٩-٧م) والتي أرسسلت إلى إحدى الصهف الٔمريكية<br />
بتوقيع المسستششار الٕعلامي لرءيسس م.ت.ف بسسام أبو شريف، حيش أششير للمرة الٔولى<br />
وبصراحة بقبول مبدأ المفاوضضات المباشرة مع الكيان الٕسراءيلي، وذهبت الوثيقة<br />
لضرورة قيام علاقات سسياسسية واقتصادية بين الدولة اليهودية والدولة الفلسسطينية<br />
“المرتقبة” . ١٢٣ وعلى الرغم من أن المنظمة لم تعلن رسسمياً الموافقة على الوثيقة، لكن<br />
المراقبين اعتبروها “بالون اختبار” ترغب خلاله م.ت.ف أو تيار له وزنه داخلها بمعرفة<br />
انعكاسساتها ششعبياً وعربياً ودولياً قبل تبنيها رسسمياً.<br />
واسستفادت م.ت.ف من قرار الٔردن فك َّ روابطه الٕدارية والقانونية مع الضضفة الغربية<br />
في ١٩٨٨/٧/٣١م ١٢٤ لتخوضض ما أسسمته “هجوم السسلام الفلسسطيني”.<br />
ونجهت قيادة المنظمة في عقد المجلسس الوطني الفلسسطيني ال ١٩ في الجزاءر<br />
(١٩٨٨/١١/١٥-١٢م) في دورة غير عادية عرفت “بدورة الانتفاضضة”، وششاركت<br />
في حضضوره معظم فصاءل م.ت.ف، وفي هذا المجلسس تمّ وضضع برنامج فلسسطيني<br />
قاءم على الاعتراف بقرار الٔمم المتهدة رقم ١٨١ الصادر في تشرين الشاني/ نوفمبر<br />
١٩٤٧م بتقسسيم فلسسطين إلى دولتين عربية ويهودية، وانطلاقاً من ذلك واسستناداً إلى<br />
“الهق الطبيعي والتاريخي والقانوني للششعب العربي الفلسسطيني في وطنه فلسسطين...”<br />
١٧٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
تمّ إعلان اسستقلال دولة فلسسطين، ودعا المجلسس إلى تسسوية سسياسسية من خلال موءتمر<br />
دولي قاءم على أسساسس قراري مجلسس الٔمن رقم ٢٤٢ (الصادر في تشرين الشاني/ نوفمبر<br />
١٩٦٧م) ورقم ٣٣٨ (الصادر في تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٧٣م)، كما دعا إلى الاعتراف<br />
بهق تقرير المصير للششعب الفلسسطيني، وإقامة كونفيدرالية فلسسطينية - أردنية بعد<br />
إنجاز الاسستقلال الفلسسطيني . ١٢٥<br />
وعلى الرغم مما أحدثه البرنامج من ترحيب دولي، وتوالي اعتراف عشرات الدول<br />
بالدولة الفلسسطينية المأمولة قبل أن تقوم على أرضض الواقع، وعلى الرغم مما تضضمنه من<br />
تنازلات كبيرة... إلا أن ذلك كله لم يكن كافياً للولايات المتهدة لٕعطاء ياسر عرفات حتى<br />
مجرد تأششيرة لهضضور اجتماعات الٔمم المتهدة في نيويورك.<br />
وحتى يتم فته حوار رسسمي مع الولايات المتهدة اضضطر عرفات للٕعلان يوم<br />
١٩٨٨/١٢/١٥م بعبارات محددة الاعتراف الصريه ب“إسراءيل”، وبالقرارين<br />
رقم ٢٤٢ و٣٣٨، والتخلي عن “الٕرهاب” ونبذه بكافة صوره وأششكاله . ١٢٦ غير أن<br />
الدور الٔمريكي في الهوار لم يتجاوز محاولة جرّ الجانب الفلسسطيني لتهقيق الشروط<br />
الٕسراءيلية. وفي الانتخابات الٕسراءيلية في تشرين الشاني/ نوفمبر ١٩٨٨م مالت الكفة<br />
لصاله الليكود Likud والٔحزاب التي تلتقي معه، وتمّ تششكيل حكومة شراكة بين<br />
الليكود والعمل ، ١٢٧ Labour اسستمرت في سسياسسة المراوغة والضضغط على الفلسسطينيين<br />
وم.ت.ف دون أي تنازل جاد من طرفها.<br />
وفي أواخر الشمانينيات وأواءل التسسعينيات حدثت تغيرات على المسستوى العربي<br />
والدولي أضضعفت كشيراً الموقف الفلسسطيني والعربي، فقد حدش مزيد من الضضعف<br />
والتفكك في السساحة العربية، خصوصاً إثر الاجتياه العراقي للكويت في ١٩٩٠/٨/٢م<br />
وما نتج عنه من عداء بين البلاد العربية، واسستنزاف الموارد والثروات العربية، وتدمير<br />
البنية العسسكرية للعراق، وهجرة وتهجير مئات الٓلاف من الفلسسطينيين من الكويت<br />
أثناء الاجتياه العراقي، وبعد تحرير الكويت، وما تلاه من حجب الدعم عن م.ت.ف...<br />
وبششكل عام فإن هذا الاجتياه وما اسستتبعه من “حرب الخليج” ونتاءجها كان له آثار<br />
كارثية على قضضية فلسسطين.<br />
أما في الٕطار الدولي فقد ششهدت هذه الفترة انهيار الاتحاد السسوفييتي وتفككه، وكذلك<br />
كتلة الدول الاششتراكية، وتحولها من حالة المنافسسة والعداء على أمريكا وحلفاءها إلى<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
حالة من التوافق و“الاسسترضضاء” في ضضوء التهول نهو الرأسسمالية والديموقراطية<br />
الغربية، والهاجة إلى المسساعدات الاقتصادية من الغرب. وقد أسسهم ذلك في اختلال<br />
التوازن السسياسسي الدولي الذي كان يسستفيد منه الجانب الفلسسطيني والعربي إلى حد ٍّ ما،<br />
عندما كانت هناك حالة من التنافر والاسستقطاب تسسمه بمجال للمناورة. وهكذا برزت<br />
الولايات المتهدة كقوة وحيدة أولى في العالم، خصوصاً بعد حرب الخليج في أواءل<br />
١٩٩١م. وقد اسستشمرت ذلك في فرضض هيمنتها وإرادتها وتصوراتها لنظام عالمي جديد،<br />
كما سسعت لٕغلاق الملف الفلسسطيني بما يخدم مصاله حليفها الاسستراتيجي “إسراءيل”.<br />
بينما قطف الكيان الٕسراءيلي ثماراً غالية نتيجة انهيار الاتحاد السسوفيتي والدول<br />
الاششتراكية، فأعادت هذه الدول علاقاتها الدبلوماسسية معها، كما فتهت أبواب الهجرة<br />
اليهودية إلى فلسسطين المهتلة التي وصلها، خصوصاً من الاتحاد السسوفيتي، خلال<br />
الفترة ١٩٩٥-١٩٨٩م ما يزيد عن ٦٣٠ ألف يهودي الكشير منهم من الكفاءات العلمية<br />
والعسسكرية العالية، مما زاد من خطورة الكيان الٕسراءيلي ومشروعه في المنطقة . ١٢٨<br />
وفي هذه الٔجواء المشالية لٔمريكا و“إسراءيل” نجهت الولايات المتهدة في جرّ البلاد<br />
العربية إلى موءتمر السسلام العربي - الٕسراءيلي في مدريد في تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٩١م<br />
تلته مفاوضضات عربية - إسراءيلية مباشرة. ولم تنفع حوالي سسنتين من المفاوضضات<br />
بين الجانب الفلسسطيني والجانب الٕسراءيلي في كسر التصلب الصهيوني. وقد جاءت<br />
المفاجأة عندما أعلن عن اتفاق أوسسلو بين الطرفين، حيش كششف النقاب عن مفاوضضات<br />
سرية كانت تجري بين الطرفين منذ ١٩٩٣/١/٢٠م من وراء ظهر الوفد الفلسسطيني<br />
الرسسمي المفاوضض (برءاسسة حيدر عبد الششافي) دون علم معظم قادة م.ت.ف، وقد وقّع<br />
الاتفاق بالٔحرف الٔولى في ١٩٩٣/٨/١٩م في أوسسلو بالنرويج، وتمّ التوقيع عليه رسسمياً<br />
في واششنطن برعاية الرءيسس الٔمريكي بيل كلينتون Bill Clinton وحضضور ياسر عرفات<br />
ورءيسس الوزراء الٕسراءيلي إسسهق رابين ،Yitzhak Rabin ووقعه عن الجانب الفلسسطيني<br />
محمود عباسس، وعن الجانب الٕسراءيلي وزير الخارجية ششمعون بيريز ،Shimon Peres<br />
كما وقعه وزيرا خارجية أمريكا وروسسيا كششاهدين . ١٢٩<br />
ونظراً للٔهمية الهيوية والتاريخية لاتفاق أوسسلو، والذي ما زلنا نعيشش ملابسساته<br />
وانعكاسساته فسسنورده بششيء من التفصيل. فقد اتسسم هذا الاتفاق بالمرحلية، إذ تضضمن<br />
حكماً ذاتياً في قطاع غزة وأريها أولاً بهيش تنسسهب جزءياً القوات الٕسراءيلية من<br />
هاتين المنطقتين فور التوقيع على الاتفاقية، ويكتمل الانسسهاب بعد أربعة أششهر من<br />
١٧٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
توقيعه. وخلال ششهرين من دخول الاتفاق حيز التنفيذ يتوصل الطرفان لاتفاقية حول<br />
انسسهاب “إسراءيل” من غزة وأريها تششمل نقلاً محدوداً للصلاحيات للفلسسطينيين،<br />
وتغطي التعليم والشقافة والصهة والشوءون الاجتماعية والضراءب المباشرة والسسياحة.<br />
وبعد تسسعة أششهر من تطبيق الهكم الذاتي تجري انتخابات مباشرة في الضضفة الغربية<br />
وقطاع غزة لانتخاب مجلسس فلسسطيني للهكم الذاتي، وتقوم القوات الٕسراءيلية قبيل<br />
الانتخابات بالانسسهاب من المناطق المأهولة بالسسكان، وإعادة الانتششار في الضضفة.<br />
ويتم تششكيل سسلطة فلسسطينية انتقالية ذاتية “المجلسس المنتخب” تششمل الضضفة الغربية<br />
والقطاع، على أن صلاحيات السسلطة الفلسسطينية لا تششمل الٔمن الخارجي، والمسستوطنات<br />
الٕسراءيلية في الضضفة والقطاع، والعلاقات الخارجية، والٕسراءيليين، ولا القدسس.<br />
وتسستمر المرحلة الانتقالية من الهكم الذاتي خمسس سسنوات ول“إسراءيل” حقّ النقضض<br />
“الفيتو” على أية تشريعات تصدرها السسلطة الفلسسطينية خلال المرحلة الانتقالية.<br />
وتجري المفاوضضات على الوضضع النهاءي بين الطرفين بعد عامين من بدء الهكم الذاتي،<br />
حيش سستهسسم القضضايا المعلقة مشل مسستقبل القدسس، والمسستوطنات الٕسراءيلية، وعودة<br />
اللاجئين. وأششار الاتفاق إلى أن ما لا تتم تسسويته بالتفاوضض يمكن أن يتفق على تسسويته<br />
من خلال آلية توفيق يتم الاتفاق عليها بين الطرفين . ١٣٠<br />
وقد فششل الطرفان الفلسسطيني والٕسراءيلي في الاتفاق على تفصيلات المرحلة<br />
الٔولى (غزة - أريها) وانقضضت المهلة المهددة لانتهاء انسسهاب القوات الٕسراءيلية قبل<br />
أن تبدأ هذه القوات أصلاً بأي انسسهاب. وبعد مزيد من التعنت الٕسراءيلي والتنازل<br />
الفلسسطيني توصل الجانبان لتوقيع اتفاق القاهرة (أوسسلو ١) في ١٩٩٤/٥/٤م الذي<br />
َّ فصل المرحلة الٔولى من الاتفاق والجدولة الزمنية للانسسهاب الٕسراءيلي من قطاع غزة<br />
وأريها والترتيبات الٔمنية المتعلقة بذلك. وبدأ دخول الشرطة الفلسسطينية قطاع غزة في<br />
١٩٩٤/٥/١٨م، وأدى أعضضاء سسلطة الهكم الذاتي اليمين الدسستورية أمام ياسر عرفات<br />
في أريها يوم ١٩٩٤/٧/٥م . ١٣١<br />
أما انسسهاب قوات الاحتلال الٕسراءيلي من المناطق المأهولة، وإعادة انتششارها<br />
في الضضفة الغربية، وإجراء انتخابات فلسسطينية في الضضفة والقطاع، فقد تأخر حوالي<br />
سسنة ونصف، حيش سسعى الكيان الٕسراءيلي لفرضض شروطه وتفسسيراته الخاصة،<br />
وربط إمكانية التقدم في المفاوضضات بمدى تمكن السسلطة الفلسسطينية من تحقيق الٔمن<br />
ل“إسراءيل”، وبعبارة أخرى بمدى تمكن السسلطة الفلسسطينية من سسهق المعارضضة<br />
الفلسسطينية، وخصوصاً التيار الٕسسلامي وعلى رأسسه حركة حماسس.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
ولم يتم التوصل لتنفيذ اتفاق المرحلة الشانية من أوسسلو إلا بعد “نجاه” السسلطة<br />
إلى حد ٍّ بعيد في “الاختبار” الٕسراءيلي. وقد تمّ التوصل إلى هذا الاتفاق في طابا بمصر<br />
(أوسسلو ٢) وتمّ توقيعه في ١٩٩٥/٩/٢٨م في واششنطن، حيش اتفق على نقل صلاحيات<br />
الهكم الذاتي إلى بعضض أجزاء الضضفة الغربية، وبالذات المدن والقرى<br />
الفلسسطينية (أي المناطق المأهولة) وهي لا تزيد بأي حال عن ٣٠% من مسساحة الضضفة.<br />
وأبقيت أجزاء من مدينة الخليل تحت الٕشراف الٔمني الٕسراءيلي، أما جميع القرى<br />
الفلسسطينية فالٕشراف الٔمني عليها فلسسطيني - إسراءيلي مششترك، وأما المناطق<br />
الٔخرى والمسستوطنات الٕسراءيلية فالٕشراف الٔمني عليها إسراءيلي . ١٣٢ وهكذا بدا<br />
الهكم الذاتي الفلسسطيني كجزر متناثرة في بهر أمني إسراءيلي!!<br />
لقد سسعى موءيدو اتفاق أوسسلو لتسسويقه باعتباره أفضضل ما يمكن تحصيله وفق<br />
الظروف الراهنة، وبكونه يفته الٔمل لٕمكانية إنششاء دولة فلسسطينية في الضضفة والقطاع،<br />
ويوقف الزحف التهويدي الاسستيطاني في الٔرضض المهتلة، ويتضضمن لٔول مرة اعترافاً<br />
إسراءيلياً رسسمياً بالششعب الفلسسطيني، وبعضض حقوقه المشروعة، واعترافاً ب م.ت.ف<br />
ممشلة للششعب الفلسسطيني، ويتعامل مع الضضفة والقطاع كوحدة إقليمية واحدة، فضضلاً<br />
عن انسسهاب قوات الاحتلال الٕسراءيلي من مناطق في الضضفة والقطاع.<br />
وعلى الرغم من التأييد الذي لقيته الاتفاقات من حركة فته المهيمنة على م.ت.ف،<br />
والتي ما يزال لها وزنها في السساحة الفلسسطينية، بالٕضضافة إلى بعضض الفصاءل والقوى<br />
الهامششية على السساحة، فإنه لقي معارضضة ششاملة من التيار الٕسسلامي (حماسس، الجهاد<br />
الٕسسلامي) ومن عدد من الفصاءل الفلسسطينية مشل الجبهة الششعبية بقيادة جورج حبشش،<br />
والجبهة الديموقراطية بقيادة نايف حواتمة وعدد آخر من الفصاءل ذات الهضضور<br />
المتواضضع في السساحة الفلسسطينية، وقد تششكل من هذه القوى تحالف يضضم عشرة فصاءل<br />
معارضضة للاتفاق في ١٩٩٣/١٢/١٦-١٥م سسعت من خلاله لمواجهة اتفاق أوسسلو،<br />
وششكلت بمجملها تياراً فلسسطينياً واسسعاً، غير أنها لم تتمكن عملياً من إسسقاط الاتفاق<br />
لٔسسباب لا مجال لذكرها هنا، وإن تمكنت من تنسسيق مواقفها ضضدّ هذا الاتفاق، كما لم<br />
يسسلم هذا الاتفاق من المعارضضة الششديدة أو المتهفظة من مجمل تيار المشقفين الفلسسطينيين<br />
حتى من أولئك الموءيدين للعملية السسلمية وموءتمر مدريد ممن هالهم حجم التنازلات<br />
الضضخم الذي قدمته م.ت.ف.<br />
١٧٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ونقف هنا لنششير إلى أبرز النقاط التي اسستند إليها التيار الٕسسلامي، ومن اتخذ<br />
موقفاً يماثله، في اعتراضضه على اتفاقية أوسسلو:<br />
١. من الناحية الشرعية التي تششكل منطلق التفكير لدى الهركة الٕسسلامية، فإن<br />
علماء المسسلمين الشقات أفتوا بعدم جواز التسسوية السسلمية حسسبما يريد الداعون<br />
إليها، وبوجوب الجهاد المقدسس لتهرير الٔرضض المغتصبة، وإرجاعها كاملة تحت راية<br />
الٕسسلام، وباعتبار هذه المعركة مع الصهيونية على أرضض فلسسطين المباركة معركة<br />
بين حقّ وباطل، تتوارثها الٔجيال حتى يأذن االله بالنصر والتمكين، كما أن قضضية<br />
فلسسطين هي قضضية كل المسسلمين الذين يرفضضون التنازل عن حقهم مهما طال الزمن،<br />
وليسست قضضية الفلسسطينيين وحدهم، فضضلاً عن أن تكون قضضية م.ت.ف أو قيادتها،<br />
وهناك فتاوى عديدة أصدرها العلماء، وقد نُشرت إحداها سسنة ١٩٩٠م وجاء فيها<br />
أن “الجهاد هو السسبيل الوحيد لتهرير فلسسطين، وأنه لا يجوز بهال من الٔحوال<br />
الاعتراف لليهود بشبر من أرضض فلسسطين، وليسس لششخص أو جهة أن تقر اليهود<br />
على أرضض فلسسطين، أو تتنازل لهم عن أي جزء منها أو تعترف لهم بأي حقّ فيها”.<br />
وقد وقّع هذه الفتوى عشرات العلماء الكبار مشل يوسسف القرضضاوي، ومحمد الغزالي،<br />
ووهبة الزحيلي، وعمر الٔششقر، وإبراهيم زيد الكيلاني، وخالد المذكور، وعبد االله عزام،<br />
وهمام سسعيد، وعجيل النششمي، ومحرم العارفي، ومحمد أحمد الراششد، وعصام البششير،<br />
وفيصل مولوي، وطه جابر العلواني، وأحمد العسسال، وعبد السسلام الهراسس. كما<br />
وقعها جمع من قادة الهركات الٕسسلامية أمشال راششد الغنوششي، ومصطفى مششهور،<br />
ونجم الدين أربكان، وبرهان الدين رباني، وحكمتيار، ومحفوظ النهناه، وأبو الليش<br />
الندوي، وقاضضي حسسين أحمد، وفتهي يكن . ١٣٣<br />
٢. تعترف قيادة م.ت.ف من خلال الاتفاق “بهق إسراءيل في الوجود” وبشرعية<br />
احتلالها وملكيتها ل ٧٨% من أرضض فلسسطين التي احتلت سسنة ١٩٤٨م وتششكلت عليها<br />
“دولة إسراءيل” وتخرج هذه الٔرضض من داءرة المفاوضضات والصراع.<br />
٣. تتعهد م.ت.ف بالتوقف مطلقاً عن المقاومة المسسلهة والانتفاضضة، وبإلغاء وحذف<br />
كافة البنود الداعية لتهرير فلسسطين، وتدمير الكيان الصهيوني من ميشاقها الوطني الذي<br />
قامت على أسساسسه، وتتعهد بهلّ كافة المششاكل بالطرق السسلمية. وفي المقابل لا يوجد أي<br />
تعهد إسراءيلي بانسسهاب كامل من الضضفة والقطاع، أو إعطاء الششعب الفلسسطيني حقوقه<br />
المشروعة كاملة في الضضفة والقطاع.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٧٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
٤. إن أهم وأخطر القضضايا تمّ تأجيل بهشها إلى مفاوضضات المرحلة النهاءية، ولم يعطِ<br />
الكيان الٕسراءيلي أية وعود إيجابية حقيقية بششأنها، وظلت المسسألة مرتبطة بمدى<br />
“الكرم الٕسراءيلي” الذي يملك عناصر القوة وأوراق اللعبة بعد أن جردت م.ت.ف<br />
نفسسها من الانتفاضضة والكفاه المسسله، والتزمت بالطرق السسلمية فقط بالمفاوضضات،<br />
وهذه القضضايا هي:<br />
أ. مسستقبل مدينة القدسس، والتي يجمع الٕسراءيليون أنها عاصمتهم الٔبدية، غير<br />
القابلة للمسساومة أو التنازل.<br />
ب. مسستقبل اللاجئين الفلسسطينيين خارج فلسسطين، وهم يزيدون عن<br />
أربعة ملايين نسسمة أي أكثر من نصف ششعب فلسسطين.<br />
ج. مسستقبل المسستوطنات الٕسراءيلية في الضضفة والقطاع، حيش توجد<br />
١٢٦ مسستوطنة في الضضفة و١٤ مسستوطنة في القطاع، في الوقت الذي<br />
صادرت فيه “إسراءيل” أكثر من نصف أراضضي الضضفة والقطاع . ١٣٤<br />
٥. لا يتضضمن الاتفاق أية إششارة صريهة أو ضضمنية عن إعطاء الفلسسطينيين حقهم في<br />
تقرير المصير، أو إقامة دولتهم المسستقلة، ولو على جزء من فلسسطين.<br />
٦. لا تتضضمن مسوءوليات السسلطة الفلسسطينية الٔمن الخارجي والهدود، ولا يسستطيع<br />
أحد دخول مناطق السسلطة دون إذن إسراءيلي حتى لو كان مسوءولاً فلسسطينياً كبيراً، كما<br />
لا تتضضمن مسوءوليات السسلطة العلاقات الخارجية، وليسس لها ولاية أو سسلطة قانونية<br />
على الٕسراءيليين في مناطقها، ولا تملك تششكيل جيشش، وأية أسسلهة تذهب للسسلطة يجب<br />
أن تتم بموافقة إسراءيلية... .<br />
٧. الهصيلة العملية للاتفاق إدارة حكم ذاتي بصلاحيات تنفيذية محدودة متعلقة<br />
بإدارة الشوءون اليومية للفلسسطينيين كالصهة والتعليم والٕسسكان والضراءب، وهو ما<br />
حاولت “إسراءيل” أن تفعله لسسنوات عديدة. وسستكون هذه الٕدارة “السسلطة الفلسسطينية”<br />
مرتبطة بالاحتلال، وتحت هيمنته المباشرة، ولا تملك السسيادة أو السسلطة على الٔرضض<br />
التي تحكمها.<br />
٨. ل“إسراءيل” حقّ النقضض “الفيتو” على أية تشريعات تصدرها السسلطة الفلسسطينية<br />
خلال المرحلة الانتقالية.<br />
٩. منذ البداية أخذت “إسراءيل” تتنكر لعهودها ومواثيقها، وتعدّ أن المواعيد المتفق<br />
عليها ليسست مقدسسة...، وأن الوصول للششكل النهاءي لن يأخذ بالضرورة ثلاش<br />
سسنوات، وإنما قد يصل إلى سسنوات كشيرة.<br />
١٧٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١٠. أصبهت سسلطة الهكم الذاتي، في ضضوء تعهداتها السسلمية، مضضطرة لقمع وسسهق<br />
أي جهاد وعمليات مسسلهة ضضدّ الكيان الٕسراءيلي، ومحاربة الفصاءل والمنظمات التي لم<br />
تدخل طرفاً في الاتفاق، والتي أصرت على اسستمرار المقاومة والجهاد. ووجدت السسلطة<br />
نفسسها، عملياً، أداةً لهماية الٔمن الٕسراءيلي في مناطقها، وتعاونت أمنياً مع السسلطات<br />
الٕسراءيلية، وقامت بهملات اعتقال واسسعة للمجاهدين في عقب كل عملية جهادية<br />
يقومون بها ضضدّ الصهاينة، إثباتاً ل“حسسن نواياها” وحرصها على “السسلام”. وقد<br />
يهدد هذا باحتمالات حرب أهلية فلسسطينية يكون الخاسر الوحيد فيها الفلسسطينيون<br />
أنفسسهم.<br />
١١. لا تششير الاتفاقية إلى الضضفة والقطاع كأراضض ٍمحتلة، مما يعزز الاعتقاد بأنها<br />
مجرد أراضض ٍمتنازع عليها.<br />
١٢. من حقّ “إسراءيل” الدخول متى ششاءت في مناطق السسلطة إذا رأت أن حالتها<br />
الٔمنية تسستدعي ذلك، وأن السسلطة الفلسسطينية لا تقوم بواجبها.<br />
١٣. فته هذا الاتفاق على مصراعيه للدول العربية والٕسسلامية وغيرها ممن<br />
يوءيد قضضية فلسسطين لعقد اتفاقات وبناء علاقات مع الكيان الٕسراءيلي، وأعطى<br />
الفرصة للكيان الصهيوني لفكّ العزلة عن نفسسه، والتغلغل في المنطقة، وتحقيق الهيمنة<br />
الاقتصادية، ونشر الفسساد والانهلال، وغسسل العقل العربي المسسلم، وضرب القوى<br />
الٕسسلامية والوطنية في المنطقة.<br />
١٤. تفردت قيادة م.ت.ف بالموافقة على الاتفاق والاتفاقات التي تلته دون الرجوع<br />
للششعب الفلسسطيني، وحتى في أطرها القيادية كان هناك الكشير من الاعتراضض والٕرباك،<br />
وقاطع عدد من أعضضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة الاجتماعات أو اسستقالوا، وكانت الموافقة<br />
تتم في اللجنة التنفيذية بأكثرية ضضئيلة . ١٣٥<br />
١٥. حتى في داخل حركة فته وفي صفها الٔول لقيت الاتفاقية معارضضة قوية من<br />
فاروق قدومي وخالد الهسسن وهاني الهسسن، وأبدى اعتراضضات وتحفظات عديدة<br />
قيادات مشل محمود غنيم وصخر حبشش ومحمد جهاد وعباسس زكي... وغيرهم. ونشرت<br />
العشرات من التصريهات والمقالات لهوءلاء القادة طوال الفترة الماضضية، فمشلاً اعتبر<br />
فاروق قدومي مسسيرة اتفاقية أوسسلو مسسيرة عابشة ، ١٣٦ وأن حصيلة اتفاق أوسسلو بعد<br />
عام من توقيعه هي صفر . ١٣٧<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وقال هاني الهسسن: إن التسسوية ضرورة إسراءيلية وضرورة أمريكية وإلا لما حدثت،<br />
وطالب ب“إسسقاط الخط السسياسسي لمدرسسة العجز الذاتي”، وذكر بأن أهل أوسسلو أدخلوا<br />
الششعب في أزمة ششاملة . ١٣٨ وحتى إن الششعور بالٕحباط كان يلاحق عر َّابي اتفاق أوسسلو،<br />
فنبيل ششعش الذي كان يقود الوفد الفلسسطيني لمفاوضضات لجنة الارتباط الفلسسطينية -<br />
الٕسراءيلية في القاهرة قال بعد أكثر من سسنة وثلاثة أششهر من توقيع الاتفاق: إن حصيلة<br />
عملية السسلام هي “صفر حتى الٓن” . ١٣٩ أما محمود عباسس الذي وقع بنفسسه اتفاق<br />
أوسسلو، فقد اعتزل في فترة لاحقة، وحمل على أداء السسلطة الفلسسطينية ورءيسسها ياسر<br />
عرفات بششدة، واتهم عرفات بالٕصرار على السسيطرة على كل الٔمور، وتجاهله أعضضاء<br />
اللجنة المركزية لفته واللجنة التنفيذية لمنظمة التهرير ، ١٤٠ وحتى عرفات نفسسه قال:<br />
“أخششى بأني تسرعت في التصديق على أوسسلو، وأخششى أن أكون قد أخفقت في مهمتي”،<br />
وأضضاف “لقد خذلني العدو والصديق” . ١٤١<br />
١٦. وحتى العديد من المفكرين الفلسسطينيين ممن كانوا يوءيدون تسسوية سسلمية<br />
بشروط معينة أذهلهم حجم التنازلات في اتفاق أوسسلو من أمشال الدكتور هششام شرابي<br />
والدكتور إدوارد سسعيد. فمشلاً ذكر إدوارد سسعيد لجريدة الهياة أن عرفات “ور َّط ششعبه<br />
بمصيدة لا مخرج منها” وأنه ألقى بنفسسه بين الٕسراءيليين والٔمريكيين، وأنه يريد<br />
السسيطرة على الهكم بطريقة مطلقة، وأن يبقى مسوءولاً عن كل ششيء دون أن يهاسسبه<br />
أحد... . ١٤٢ واتهم هششام شرابي القيادة الفلسسطينية بأنها “تبدو وكأنها لا تدري ما يجري<br />
حولها”، وأنها “لا تعرف كيف يوءخذ القرار، وكيف يتم تقرير المصير”، وقال: “إنها<br />
تقريباً على مسستوى درجة الصفر بقدرتها على مجابهة الكفاءات الٕسراءيلية والتعامل<br />
معها” . ١٤٣<br />
حركة المقاومة الٕسسلامية (حماس)**:<br />
تعدّ حركة حماسس جناحاً من أجنهة الٕخوان المسسلمين بفلسسطين، وامتداداً من<br />
امتداداتها، وهي حسسب ميشاقها الذي صدر في ١٩٨٨/٨/١٨م تعدّ الٕسسلام منهجها، منه<br />
تسستمد أفكارها ومفاهيمها وتصوراتها، وإليه تحتكم، ومنه تسسترششد خطاها . ١٤٤<br />
** ملاحظة: معلومات هذا الكتاب محدثة حتى صيف ١٩٩٦.<br />
١٨١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وتهدف حماسس إلى تحرير فلسسطين، وإقامة دولة الٕسسلام عليها، وإعادة الهقوق إلى<br />
أصهابها، وتعدّ نفسسها سسنداً لكل مسستضضعف، ونصيراً لكل مظلوم . ١٤٥<br />
وترى حماسس أن فلسسطين أرضض وقف إسسلامي على أجيال المسسلمين إلى يوم القيامة،<br />
لا يصه التفريط بها، أو بجزء منها، أو التنازل عنها، أو عن جزء منها، وأنه لا حلّ لقضضية<br />
فلسسطين إلا بالجهاد في سسبيل االله، وأن العمل على تحريرها فرضض عين على كل مسسلم<br />
حيشما كان . ١٤٦<br />
وأبدت حماسس في ميشاقها اهتماماً بتربية الٔجيال تربية متكاملة، وأعطت للمرأة<br />
المسسلمة دوراً لا يقل عن دور الرجل في معركة التهرير، وششجعت الفن الٕسسلامي الذي<br />
يعبئ طاقات الٔمة للجهاد، وأكدت على التكافل والتضضامن الاجتماعي، ومراعاة مصاله<br />
الجماهير، ورفضضت الطعن والتششهير بالٔششخاص والجماعات، وحشت على بيان الهق،<br />
وتبنيه بهكمة وموضضوعية . ١٤٧<br />
ونظرت حماسس نظرة احترام وتقدير إلى الهركات الٕسسلامية، وبادلت الهركات<br />
الوطنية الفلسسطينية وم.ت.ف الاحترام، وقدرت جهودها والظروف التي أحاطت بها،<br />
لكنها رفضضت في الوقت نفسسه الفكرة العلمانية معتبرة أنها لن توءدي إلى التهرير . ١٤٨<br />
وأكدت حماسس على اعتبارها حركة إنسسانية تلتزم بسسماحة الٕسسلام في النظر إلى أتباع<br />
الديانات الٔخرى، ولا تعادي إلا من يناصبها العداء . ١٤٩<br />
ودعت حماسس الٔدباء والمشقفين ورجال التربية والٕعلام والخطباء وسساءر القطاعات<br />
في العالم العربي والٕسسلامي إلى القيام بدورهم، كما حذرت من خطورة الهجمة<br />
الصهيونية على المنطقة، ومحاولات الاختراق والهيمنة والٕفسساد التي تقوم بها، ودعت<br />
إلى التصدي لها . ١٥٠<br />
التأييد الششعبي:<br />
ويهظى التيار الٕسسلامي الذي تتزعمه حماسس بتأييد واسسع في السساحة الفلسسطينية.<br />
ومنذ سسنوات عديدة تحصل الكتل الٕسسلامية الموءيدة لهماسس (أو الٕخوان المسسلمين)<br />
التي تششارك في الانتخابات الطلابية والنقابات المهنية بششكل منفرد على ما لا يقل عن<br />
ثلش الٔصوات، وبما يزيد أحياناً عن نصف الٔصوات، وبمعدلات تقارب ٤٠-٤٥% من<br />
مجمل الٔصوات.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
ويفوز عادة موءيدو حماسس في جامعة غزة بنسسب تزيد عن ٧٠% من الٔصوات ، ١٥١<br />
كما يفوزون عادة في انتخابات جامعة القدسس وجامعة الخليل ، ١٥٢ وقد فازوا في انتخابات<br />
جامعة بيرزيت في أيار/ مايو ١٩٩٦م، والتي تعدّ معقلاً لموءيدي م.ت.ف . ١٥٣ وفي جامعة<br />
النجاه بنابلسس يبدون كفرسسي رهان مع الكتلة المنافسسة والموءيدة لفته ومن يتهالف<br />
معها، حيش النتاءج متقاربة ، ١٥٤ ولهم حضضورهم القوي في جامعة بيت لهم.<br />
وينطبق معيار الششعبية نفسسه على النقابات المهنية كاتحادات المهندسسين والمهاسسبين<br />
والٔطباء والصيادلة والمهامين والمعلمين...، ففي جمعية المهامين بقطاع غزة حصلت<br />
الكتلة الٕسسلامية على ٣٨,٩%، وفي جمعية المهندسسين بقطاع غزة حصلت حماسس على<br />
٤٩%، وفي جمعية المهاسسبين القانونيين على ٤٨,٤%، وفي اتحاد موظفي وكالة الغوش<br />
على ...%٤٤,٧ ١٥٥ .<br />
وفي انتخابات الغرف التجارية حصل الٕسسلاميون على نسسب عالية، ففازوا بششكل<br />
سساحق في انتخابات غرفة تجارة وصناعة الخليل في آذار/ مارسس ١٩٩٤م، كما فازوا في<br />
غرفة تجارة وصناعة رام االله التي تعد معقلاً تقليدياً للقوى الوطنية المنافسسة، فهصلوا<br />
على ٤٩,٩%، بينما حصل اءتلاف الفصاءل الفلسسطينية على ٣٨,٣%. وفي غرفة تجارة<br />
وصناعة نابلسس فاز التهالف الموءيد ل م.ت.ف ب ٥٠,٢%، بينما حصل موءيدو التيار<br />
الٕسسلامي على ٤٥,٦%، وفي غرفة تجارة وصناعة غزة فاز تحالف الفصاءل الفلسسطينية<br />
الموءيد ل م.ت.ف ب ٥٤,٤%، بينما حصل الاتجاه الٕسسلامي على ٣٧,٥% من الٔصوات في<br />
الانتخابات التي جرت في ١٩٩١/١١/٤م . ١٥٦<br />
وفي دراسسة أجراها د. محمود الزهار حول نسسب التأييد للاتجاهات المختلفة من خلال<br />
انتخابات الاتحادات الطلابية والمهنية في ٢٣ موءسسسسة في الضضفة والقطاع لانتخابات<br />
أجريت في ١٩٩٢-١٩٩١م وجد أن نسسبة ششعبية التيار الٕسسلامي في هذه الٔوسساط هي<br />
في حدود %٤٥,٨ ١٥٧ .<br />
ولا يتوافر مراكز اسستطلاع للرأي العام يمكن الركون بارتياه إلى نتاءجها، فبعضضها<br />
يفتقر الكفاءة لٕجراء اسستطلاعات واسسعة تتسسم بالدقة، وبعضضها يفتقر إلى الهياد؛ لٔنه<br />
مدعوم من أطراف يهمها خروج النتاءج بششكل يخدمها. وينطبق ذلك على أنششط هذه<br />
المراكز، وهو مركز البهوش والدراسسات الفلسسطينية بنابلسس المدعوم من ياسر عرفات<br />
وفته، والذي تعطي موءشرات الششعبية لديه عادة حركة فته حوالي ٤٠% من الٔصوات،<br />
١٨٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وحماسس حوالي ١٥%، والجبهة الششعبية ٦%، والجهاد الٕسسلامي ٣,٨% ١٥٨ ، ولا يبعد ذلك<br />
كشيراً عن النتاءج التي أعطاها “مركز القدسس للٕعلام والاتصال” الذي ذكر أن نتاءج<br />
اسستبيانه (الذي نشر في حزيران/ يونيو ١٩٩٥م) تعطي فته ٤٦,٦% وحماسس ١٨,٢%<br />
من الٔصوات . ١٥٩<br />
وقد قاطع الٕسسلاميون ومعارضضو التسسوية السسلمية انتخابات الهكم الذاتي في<br />
الضضفة الغربية وقطاع غزة، بما لم يوفر مجالاً لدراسسة الششعبية الهقيقية للاتجاهات<br />
المختلفة. مع العلم أن ششخصية إسراءيلية كبيرة هي يوءيل زنجر ،Yoel Singer<br />
المسستششار القانوني لوزارة الخارجية الٕسراءيلية، قد توقعت أن يهصل التيار الٕسسلامي<br />
على ٤٠% من الٔصوات في انتخابات الهكم الذاتي في حال مششاركتها، وقال: إن م.ت.ف<br />
الموءيدة لعرفات سستهصل على ٥٠% والجناه اليسساري ١٠% ١٦٠ .<br />
وبغضض النظر عن نسسب التصويت، فإنه مما لا ششكّ فيه أن التيار الٕسسلامي يتمتع<br />
بهضضور قوي على السساحة الفلسسطينية، ولا ينبغي المبالغة في تقديره، أو التقليل من ششأنه؛<br />
لٔن انتخابات الطلاب والقطاعات المهنية لا تعكسس داءماً مجمل التداخلات والتعقيدات<br />
والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسسياسسية التي تعيششها قطاعات المجتمع...، حيش<br />
تدخل العششاءرية، ونوعية المرششهين، ومكانتهم الاجتماعية والسسياسسية، وإمكاناتهم<br />
المادية، وحملاتهم الدعاءية، ودورهم في الٔمور الخدماتية، وماضضيهم النضضالي...<br />
كعوامل مرجهة في الانتخابات. كما توءثر الٔحداش على مسسار الانتخابات كالعمليات<br />
الاسستششهادية، والهصار الاقتصادي، وتحقيق السسلطة لبعضض المكاسسب المرحلية...<br />
وغير ذلك. كما لا ينبغي حصر دراسسة نسسب الششعبية والتمشيل الفلسسطيني في<br />
الضضفة الغربية وقطاع غزة فقط. فالتيار الٕسسلامي هو الٔقوى في فلسسطين المهتلة<br />
سسنة ١٩٤٨م على المسستوى الششعبي، وكذلك التيار الٕسسلامي في الٔردن، حيش عبرت<br />
التجمعات ذات الٔصول الفلسسطينية في الانتخابات البرلمانية العامة (١٩٨٩م و١٩٩٣م)<br />
وفي النقابات والجامعات عن دعم متفوق للتيار الٕسسلامي...، كما يششهد التيار الٕسسلامي<br />
الفلسسطيني في لبنان تصاعداً مُطرداً، وفي دول الخليج العربي كذلك، وبلاد المهجر في<br />
أوروبا والٔمريكيتين.<br />
وعلى أي ِّ حال فإن حركة المقاومة الٕسسلامية أصبهت تمشل حالة ششعبية متصاعدة،<br />
ومنهجاً متفرداً، وأصبهت تتصدر المقاومة الفعلية للاحتلال بعد دخول م.ت.ف في<br />
التسسوية السسلمية، وينبغي تقديرها وفق الدور الذي تلعبه في هذه المرحلة الهرجة.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
إن المفكر الفلسسطيني المعروف د. هششام شرابي، الٔسستاذ بجامعة جورج تاون<br />
،Georgetown University والمعروف بميوله العلمانية تحدش بإعجاب عن حماسس<br />
في مقابلة مع جريدة هآرتسس ،Haaretz وقال: “إن حركة المقاومة الٕسسلامية هي حركة<br />
سسياسسية عسسكرية، أفرزتها الانتفاضضة الفلسسطينية، وأصبهت اليوم الٕطار الموحد<br />
والجامع للمقاومة الفلسسطينية”، وقال: إنها ليسست فصيلاً آخر ينضضم تحت لواء<br />
م.ت.ف، ولكنها “الششكل الجديد للمقاومة الفلسسطينية”.... “إن المقاومة الٕسسلامية<br />
بعكسس منظمة التهرير الفلسسطينية لا تمشل فئات وتنظيمات تقاسسمت فيما بينها<br />
مراكز مهمة “تحرير فلسسطين” وأموال دعمها، بل تمشل إطاراً تنظيمياً، يجمع الششعب<br />
الفلسسطيني تحت راية الٕسسلام، وششعارات تنبع من دين الششعب وتراثه، التي يوءمن بها<br />
الكبير والصغير، المشقف والٔمي، والٔكثرية الفقيرة من الششعب”... وقال شرابي: “لقد<br />
نجهت هذه المقاومة حتى الٓن فيما عجزت عنه منظمة التهرير وفصاءلها خلال أكثر<br />
من ربع قرن، في اسستنباط أششكال جديدة لتنظيم الششعب الفلسسطيني وتمكينه من الصراع<br />
العسسكري الفعال باسستقلال عن كلّ عون خارجي” . ١٦١<br />
القيادة السسياسسية:<br />
ومع اسستمرار الانتفاضضة أخذت تتكششف تدريجياً في الصهف أسسماء العديد من<br />
القيادات السسياسسية لهماسس أو المهسسوبة عليها، وكان أبرزها الششيخ أحمد ياسسين الذي<br />
يعدّ موءسسسس حماسس وششيخ الانتفاضضة، وفي قطاع غزة عرفت قيادات عديدة<br />
أمشال د. عبد العزيز الرنتيسسي ود. محمود الزهار ومحمد ششمعة وعبد الفتاه دخان<br />
وسسيد أبو مسسامه وأحمد بهر...، وفي الضضفة الغربية برزت أسسماء جمال سسليم<br />
وحسسن يوسسف وجميل حمامي...، وفي خارج فلسسطين ترددت أسسماء د. موسسى أبو مرزوق،<br />
رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس، وخالد مششعل، ناءب رءيسس المكتب السسياسسي،<br />
وإبراهيم غوششة، الناطق الرسسمي باسسم حماسس، ومحمد نزال، ممشل حماسس في الٔردن،<br />
ومنير سسعيد، ممشلها في السسودان، ومصطفى القانوع، ممشلها في سسورية، ومصطفى اللداوي،<br />
ممشلها في لبنان، وعماد العلمي الذي كان يمشلها في إيران، وأسسامة حمدان، ممشلها الهالي<br />
في إيران.<br />
وقد عانت القيادات والرموز السسياسسية المهسسوبة على حماسس، خصوصاً داخل<br />
فلسسطين المهتلة من عمليات الاعتقال والتعذيب والٕبعاد، وما يزال العديد من قياداتها<br />
في السسجون الٕسراءيلية من أمشال الششيخ أحمد ياسسين وعبد العزيز الرنتيسسي...، أو في<br />
١٨٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
سسجون سسلطة الهكم الذاتي الفلسسطينية وكشيراً ما تتعدد مرات الاعتقال والٕفراج لهذه<br />
الششخصيات حيش طال الاعتقال والٕيذاء معظمهم إن لم يكن كل َّهم.<br />
وفي خارج فلسسطين كان أبرز أحداش الاعتقال هو قبضض الولايات المتهدة في<br />
١٩٩٥/٧/٢٥م على د. موسسى أبو مرزوق، رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس،<br />
بمطار كنيدي في نيويورك بهجة مخالفة قوانين الهجرة الٔمريكية. ويبدو أن هذا<br />
الاعتقال كان وفق رغبة “إسراءيلية” إذ إن أسسسس الاتهام لا تسستند إلى أي أدلة<br />
منطقية ثابتة، فأبو مرزوق وعاءلته يملكون البطاقة الخضراء ،Green Card ولم<br />
يخالف القوانين الٔمريكية طوال إقامته السسابقة فيها مدة ١٤ عاماً، ولم يرتكب عملاً ضضدّ<br />
الولايات المتهدة، ثم إن حماسس حصرت عملها في داخل فلسسطين لمقاومة الاحتلال، والذي<br />
أجازته مواثيق الٔمم المتهدة وقراراتها. وقد بدا واضضهاً أن سسبب الاعتقال كان سسياسسياً<br />
عندما أصدرت محكمة إسراءيلية أمراً باعتقال أبو مرزوق لٔول مرة في ١٩٩٥/٧/٣١م،<br />
وطالب الكيان الٕسراءيلي الولايات المتهدة رسسمياً بتسسليمه في ١٩٩٥/٨/٧م ريشما يقدم<br />
الكيان الٕسراءيلي المسستندات اللازمة في مهلة أقصاها ششهرين. وقد قد َّمت هذه الٔوراق<br />
قبل انتهاء المهلة، واششتملت على حوالي ألف صفهة، وتتضضمن عريضضة الدعوى ٢٢ بنداً<br />
تسستند أسساسساً على اعترافات تحت التعذيب أدلى بها عضضو حماسس محمد صلاه الذي كان<br />
يعمل بأمريكا، والذي اعتقلته السسلطات الٕسراءيلية عندما زار فلسسطين المهتلة. وتتضضمن<br />
لواءه الاتهام ارتكاب جراءم القتل العمد وغير العمد وإيقاع الٔذى المتعمد والٕصابة<br />
بجروه... وتوجيه وتنسسيق الٔعمال “الٕرهابية”لهماسس في الٔرضض المهتلة . ١٦٢<br />
غير أنه من الصعب توجيه تهم متعلقة بالعمل المسسله لقيادات حماسس السسياسسية؛<br />
لٔنها لا تقوم بالتوجيه المباشر لجهازها العسسكري الذي يتمتع باسستقلالية وحرية حركة<br />
واسسعة، بينما تقوم قيادات ورموز حماسس السسياسسية بالتعبير عن أيديولوجية الهركة<br />
ومنهجها ومواقفها السسياسسية، وتعبئة الجماهير دون أن تمارسس أي عمل مسسله. ويُظهر<br />
اعتقال أبي مرزوق مدى التنسسيق والتعاون بين الٕدارة الٔمريكية والكيان الٕسراءيلي<br />
ضضدّ حماسس الذي يهدف إلى إضضعافها وإرباك عملها، ودفع مسسيرة التسسوية السسلمية،<br />
وتحقيق مكاسسب انتخابية إسراءيلية - أمريكية.<br />
وقد اسستمرت محاكمة أبو مرزوق أششهر عديدة، وفي ١٩٩٦/٥/٨م أصدر القاضضي<br />
الاتحادي الٔمريكي كيفين دافي ،Kevin Duffy المعروف بعداءه للٕسسلاميين، قراراً<br />
بالسسماه بتسسليم أبي مرزوق إلى السسلطات الٕسراءيلية، واعتبر أن الٔدلة التي قدمتها<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
السسلطات الٕسراءيلية كافية لتسسليمه وأن أبو مرزوق “ينتمي إلى موءامرة اسسمها<br />
حماسس” !! ١٦٣ وقد رفعت قضضية أبو مرزوق إلى محاكم الاسستئناف الٔمريكية، وما يزال<br />
إلى لهظة كتابة هذه السسطور معتقلاً في أمريكا... وربما تأخذ القضضية وقتاً طويلاً.<br />
أما حركة حماسس فبذلت جهوداً عديدة للٕفراج عن زعيمها، وأصدرت بيانات اتهمت<br />
فيها الٕدارة الٔمريكية بالخداع والخبش، وحذ َّرت من تسسليمه للكيان الٕسراءيلي باعتبار<br />
ذلك خطاً أحمر سسيعني تجاهله دخولها بششكل مباشر طرفاً في الصراع بين الششعب<br />
الفلسسطيني والاحتلال الصهيوني “وهو ما لا تحمد عقباه”، وتعهدت بصون كرامة<br />
قادتها السسياسسيين والٕفراج عنهم بكافة الوسساءل المتاحة لديها . ١٦٤<br />
دور حركة حماس في الانتفاضضة والجهاد:<br />
ربما يتسساءل البعضض عن مدى قوة وتأثير العمل الجهادي الفلسسطيني المعاصر،<br />
ولعل البعضض يجده ضضئيلاً قياسساً إلى التجربة الجهادية في أفغانسستان مشلاً أو الجزاءر<br />
حيش بذلت مئات الٓلاف من الششهداء في معارك ضضارية لسسنوات عديدة. ولسسنا هنا في<br />
معرضض الرد، ولكن توضضيهاً للٔمور نقول: إن المقارنة غير صهيهة وتفتقر إلى الدقة،<br />
ولعل النقاط التالية تعين في اسستيعاب الصورة بششكل أفضضل:<br />
١. إن الكيان الٕسراءيلي من أكفئ وأقوى الٔنظمة العسسكرية في العالم وما ينفقه على<br />
الٔمن يزيد عن الميزانيات الكاملة لعدد من الدول العربية مجتمعة. ويسستطيع أن يهششد<br />
في حالة التعبئة حوالي مليون جندي من أصل ٤,٥ ملايين هي عدد اليهود في فلسسطين<br />
المهتلة (حسسب الٕحصاءيات في نهاية ١٩٩٥م)، ثم إن كل اليهود ذكوراً وإناثاً يبدوءون<br />
التدريب العسسكري في سسن ٍّ مبكرة، ثم يدخلون التدريب العسسكري الٕجباري في سسنّ<br />
ال ١٨، وكل من انتهى من تدريبه، إن لم يدخل الجيشش، يعدّ جندي احتياط يسستدعى<br />
للخدمة عند الهاجة.<br />
٢. الكيان الٕسراءيلي يتمتع بالتأييد والدعم الدولي من الدول الكبرى وعلى رأسسها<br />
الولايات المتهدة، ويتلقى منها مسساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار سسنوياً، ويسستفيد<br />
أولاً بأول من التكنولوجيا العالمية المتطورة في السسلاه والٔمن والمعدات وغيرها. والدول<br />
الكبرى وأوروبا وكشير من دول العالم تعترف ب“حقّ إسراءيل في الوجود”وبدولتها<br />
المنششأة على ٧٨% من أرضض فلسسطين. وهذه الدول تقف مع هذا الكيان في حال تعرضضه<br />
للخطر أو أي تحديات جدية. وهذا بخلاف ما حدش في أفغانسستان مشلاً عندما دعمت<br />
١٨٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الولايات المتهدة وأوروبا، فضضلاً عن العالم الٕسسلامي الجهاد ضضدّ الاتحاد السسوفيتي،<br />
الذي كانت تجد فيه عدوها ومنافسسها التقليدي.<br />
٣. مسساحة أرضض فلسسطين صغيرة مقارنة بالجزاءر وأفغانسستان مشلاً، فهي حوالي<br />
١% فقط من مسساحة الجزاءر، فضضلاً عن أن التضضاريسس في فلسسطين لا تسساعد كشيراً على<br />
حرب العصابات وتششكيل قواعد عسسكرية طويلة الٔمد مقارنة بأفغانسستان والجزاءر،<br />
وهذا أفقد مجاهدي فلسسطين الكشير من القدرة على المناورة والعمل والاسستمرار.<br />
٤. لم ينعم مجاهدو فلسسطين بقواعد عسسكرية ومراكز تحششيد وانطلاق في الدول<br />
المهيطة بالكيان الٕسراءيلي، بعكسس المقاومة الٔفغانية التي كان لها قواعدها في باكسستان،<br />
وقد مُنع مجاهدو فلسسطين من ششن ِّ العمليات من خارج الٔرضض المهتلة، وأغلقت في<br />
وجوههم طرق الٕمداد والتسسليه، وقد جعل هذا أي عمل على مسستوى كبير أمراً يكاد<br />
يكون مسستهيلاً.<br />
٥. إن أبناء فلسسطين الموجودون بكشافة في مسساحات ضضيقة تحت الاحتلال موضضوعون<br />
تحت رقابة أمنية لصيقة تحصي عليهم أنفاسسهم، تصادر أرضضهم، وتدمر بيوتهم،<br />
وتحاربهم في معيششتهم، وتعتقل وتقتل دونما تردد.<br />
٦. إن قضضية فلسسطين أسساسساً ليسست قضضية الفلسسطينيين وحدهم، وإنششاء الكيان<br />
الٕسراءيلي جاء نتيجة تآمر دولي كبير لزرعه في قلب العالم الٕسسلامي وتمزيقه ومنع<br />
وحدته وإبقاء الهيمنة الغربية - الصهيونية عليه. ولذلك فالقضضية أكبر من أن تكون<br />
قضضية الفلسسطينيين وحدهم، وإنما قضضية المسسلمين كلهم، ولا يمكن أن تحُل َّ هذه القضضية<br />
إلا إذا ارتقى المسسلمون أنفسسهم إلى مسستوى التهدي.<br />
٧. إن المعركة لم تتخذ بعد طابعها الٕسسلامي العام، ولم تتول َّ الهركة الٕسسلامية<br />
الفلسسطينية بعد القيادة السسياسسية للششعب الفلسسطيني، وهي ما تزال تعاني من ضضعف<br />
الٕمكانات، وششهّ الدعم العربي والٕسسلامي، وعدم توفر قواعد التدريب والتهششيد<br />
والٕسسناد.<br />
٨. إن منظمة التهرير الفلسسطينية التي لا ششكّ بأن لها ثقلها الكبير في السساحة قد<br />
دخلت في التسسوية السسلمية وتخلت عن البندقية، وتعاونت مع السسلطات الٕسراءيلية في<br />
ضرب المقاومة الٕسسلامية والجهاد، بهجة الهفاظ على التزاماتها في اتفاقيات السسلام.<br />
٩. لا يجوز حصر الجهاد في فلسسطين في فترة الانتفاضضة وما بعدها، فمنذ العشرينيات<br />
من هذا القرن وجذوة الجهاد مسستعرة، وقد بذل الفلسسطينيون عشرات الٓلاف من<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٨٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
الششهداء ومئات الٓلاف من الجرحى، وما يزال هناك حوالي أربعة ملايين فلسسطيني<br />
مشرد في أرجاء الٔرضض.<br />
إن العوامل السسابقة جعلت العمل الجهادي في فلسسطين (في هذه المرحلة) كمن يسسبه<br />
عكسس تيار جارف، بل إن عملاً جهادياً مهما كان نوعه وبسساطته يسستهق التقدير في مشل<br />
هذه الٔجواء التي تخاذل فيها الكشيرون وهم يلهشون نهو اتفاقات السسلام مع الكيان<br />
الٕسراءيلي، ويضضيقون حتى على من يجمع الزكاة والخيرات لٔيتام فلسسطين ونسساءها<br />
وششيوخها، فضضلاً عن مجاهديها، ويدينون كل عملية يقوم بها المجاهدون، ويصفونها<br />
ب“الٕرهاب“.<br />
غير أن ما سسبق لا يخلي أبناء فلسسطين، وخصوصاً التيار الٕسسلامي من المسوءولية،<br />
فما زال أمامه الكشير من العمل للارتقاء بأفراده وتقوية صفه الداخلي وموءسسسساته،<br />
وتحديد برامجه واسستراتيجياته، وفي توسسيع داءرة انتششاره وتأييده وسسط الششعب<br />
الفلسسطيني، وفي توعية العالم الٕسسلامي بدوره ومسوءولياته...، وفي إبقاء جذوة المقاومة<br />
والجهاد مهما غلت التضضهيات... .<br />
وفي مشل هذه الظروف، فإن جهاد الهركة الٕسسلامية في فلسسطين لا يسستهدف تحريرها<br />
عاجلاً ومباشرة، وإنما يتعامل معها كمعركة طويلة الٔمد ربما تتداولها الٔجيال حتى<br />
يأذن االله بالنصر. ففي مشل هذه الٔجواء الهالكة تسسعى الهركة الٕسسلامية لتجاوز<br />
المرحلة بالمهافظة على الهق وإبقاء جذوة الجهاد. وهو ما عبر الناطق الرسسمي باسسم<br />
حركة حماسس إبراهيم غوششة عنه عندما قال:<br />
حركة حماسس هي حركة ششعبية محدودة الٕمكانات والفعاليات، هدفها<br />
الرءيسسي والٔسساسسي، كما ذكرت سسابقاً، أن تبقى جذوة الجهاد والمقاومة في<br />
أرضض فلسسطين، ولتبقى ماءة سسنة أخرى...، وإذا كانت الهروب الصليبية قد<br />
اسستمرت طوال ماءتي عام حتى تمّ التخلص من الغزاة فإن حركة حماسس تنظر إلى<br />
الصراع مع الصهاينة بنفسس طويل، ليسستمر الصراع مع الصهاينة ماءة سسنة أخرى<br />
نهن لسسنا في عجلة من أمرنا، أهم ما في الموضضوع أن يبقى الششعب الفلسسطيني<br />
متمسسكاً بأرضضه، ويعبر عن هذا التمسسك بالمقاومة والجهاد . ١٦٥<br />
وفي ضضوء ما سسبق يمكن فهم الدور الجهادي لهركة حماسس وغيرها من الهركات<br />
الجهادية، وهو دور أثبت تواجده على السساحة، وفرضض نفسسه على الٔحداش على<br />
١٨٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
الرغم مما واجهه من صعوبات وضضعف الٕمكانات، وقد أمكن لهماسس تجاوز هذه<br />
الصعوبات بوجود نوعية من الرجال مسستعدة للتضضهية والاسستششهاد. ويعترف<br />
المهللون الٕسراءيليون أن “حماسس قد صكت نماذج جديدة للٕنسسان الفلسسطيني، وهم<br />
الاسستششهاديون الجدد“ ، ١٦٦ ويذكر أحد الخبراء أن حماسس قد أثبتت أنها الرقم الٔصعب<br />
في المعادلة الفلسسطينية . ١٦٧<br />
ويقول زءيف ششيف ،Ze'ev Schiff الخبير العسسكري الٕسراءيلي، عن حماسس “أن<br />
إسراءيل تواجه كياناً أيديولوجياً يلتزم بمبادءه مهما كانت الظروف والضضغوط قاسسية،<br />
فكلما نجهت قوات الٔمن في اعتقال عدد من ناششطي حماسس كانت حماسس تتعافى وتعود<br />
من جديد” . ١٦٨<br />
ومن جهة أخرى فقد طورت حماسس إمكاناتها وقدراتها الذاتية وكفاءة عملها، فقد ذكر<br />
مصدر عسسكري رفيع المسستوى في الجيشش الٕسراءيلي “أن هناك ارتفاعاً هاماً في قدرتهم<br />
التنفيذية، وهناك تحسسن واضضه في جمع المعلومات الاسستخبارية، ولا سسيّما على مسستوى<br />
المعلومات الضرورية للعمليات، وهم يسستخلصون العبر، ويهللون ويفهصون،<br />
ويجمعون الهقاءق قبل التنفيذ، ويهددون ويصيبون من الضربة الٔولى” . ١٦٩ ونسسبت<br />
جريدة الجيروزاليم بوسست The <strong>Jerusalem</strong> Post الٕسراءيلية إلى د. يفراه زلبرمان<br />
Yifrakh Zilberman من معهد ترومان Truman Institute التابع للجامعة العبرية،<br />
وهو خبير مهتم بهماسس قوله عنها “المنظمة تتمتع بالديناميكية، وهذا جزء مهم من سرّ<br />
قوتها، إنها تعمل على أسساسس المبادرة والقيادة في الششارع الفلسسطيني، وهناك مجموعات<br />
متفرعة متهالفة لكن بغير بنية قيادية ثابتة، وتحت ظروف الانتفاضضة يعتبر ذلك<br />
ميزة” . ١٧٠ أما الجنرال أوري سساغي ،Uri Sagi رءيسس ششعبة الاسستخبارات العسسكرية،<br />
فذكر في مقابلة مع جريدة يديعوت أحرونوت الٕسراءيلية Yedioth Ahronoth في<br />
١٩٩٣/٤/٥م أن رجال حماسس “يعرفون المنطقة أكثر من القوات الٕسراءيلية التي<br />
تواجههم ولديهم أسساليب عمل متطورة...، لديهم مسستوى عال ٍمن السرية ومن مراقبة<br />
القوات الٕسراءيلية، ويهضرون لعملياتهم تحضضيراً جيداً”، وقال: إن حماسس تنفذ<br />
عمليات “بارزة وقاسسية” . ١٧١<br />
إن قوة أداء حماسس على السساحة دفع وزير الٕسسكان والبناء الٕسراءيلي الجنرال<br />
بنيامين بن إليعازر ،Binyamin Ben-Eliezer الذي ششغل منصب القاءد العسسكري<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
للضضفة الغربية سسابقاً، إلى القول في أواخر آذار/ مارسس ١٩٩٣م إن أمام “إسراءيل”<br />
خيارين، إما الرضضوخ وإما مواصلة المواجهة حتى النهاية، و”نهن اخترنا الشاني، وعلينا<br />
أن نقرر من يهكم هنا حركة حماسس أم حكومة إسراءيل” . ١٧٢<br />
وحسسب تصريه إبراهيم غوششة فإن حماسس قد قدمت منذ الانتفاضضة حوالي<br />
٧٠٠ ششهيد ١٧٣ فضضلاً عن آلاف الجرحى والٔسرى والمعتقلين، وهو رقم لا يبدو يسسيراً في<br />
أجواء العمل الصعبة في فلسسطين، ودون الدخول في معارك “تحرير” وحروب ومواجهة<br />
ذات طبيعة ششاملة مع الكيان الٕسراءيلي.<br />
وعلى أي حال، فسسنقدم في الصفهات التالية مجملاً لفعاليات حماس الجهادية.<br />
مع بروز حماسس بششكل متزايد منذ بدء الانتفاضضة تصاعدت وتيرة نششاطها الجهادي،<br />
فقد تطورت هذه الفعاليات من الٕضرابات والمظاهرات وكتابة الششعارات على الجدران<br />
والبيانات، وإششعال الٕطارات في الششوارع إلى إلقاء الهجارة وقنابل المولوتوف على جنود<br />
العدو. وتطورت إلى عمليات طعن الجنود الٕسراءيليين بالسسكاكين وتصفية العملاء<br />
والخونة، ثم إلى مهاجمة العدو بالٔسسلهة الرششاششة ونصب الكماءن وتفجير السسيارات<br />
الملغومة. وقد زادت سسنوات الانتفاضضة حماسس خبرة وصلابة وإبداعاً، واسستعصت<br />
على حملات السسهق والٕبادة والاعتقال، ولولا أن م.ت.ف دخلت في التسسوية السسلمية<br />
ونسسقت بنششاط وفعالية مع السسلطات الٕسراءيلية لوأد جهاد حماسس وإيقافه، لكان<br />
لفعالية حماسس الجهادية ششأن آخر.<br />
كان من أواءل عمليات حماسس العسسكرية ضضدّ جنود الاحتلال خطف الجندي آفي<br />
سساسسبورتسس Avi Sasportas في ١٩٨٩/٢/٣م وقتله، ثم خطف الجندي إيلان سسعدون<br />
Ilan Sa'adon في ١٩٨٩/٥/٣م وقتله . ١٧٤ وقد تلى ذلك حملة مكشفة ششنتها السسلطات<br />
الٕسراءيلية في أيار/ مايو ١٩٨٩م ضضدّ عناصر حماسس وموءيديها، حيش اعتقلت المئات،<br />
وكان من أبرز المعتقلين ششيخ الانتفاضضة وموءسسسس حماسس الششيخ أحمد ياسسين، الذي<br />
اتهم بقيادة حماسس وإصدار التوجيهات والفتاوى بالعمليات وقتل العملاء. وقد حُ كم<br />
على الششيخ أحمد ياسسين بالسسجن الموءبد مرتان، بالٕضضافة إلى ١٥ عاماً أخرى!! وهو<br />
الششيخ المقعد المششلول الجسسد تماماً، والذي يعاني من أمراضض مزمنة وصعبة وناهز<br />
عمره السستين عاماً، لكنه يهتفظ بعزة المسسلم، ويسستعلي على آلامه وأعداءه، ويهر ِّك<br />
بهمته وإصراره أمةً همدت واسستكانت ُ وشل َّت حركتها تجاه قُدسسها وأرضضها المباركة،<br />
ويلهم بصبره وتضضهيته الٔجيال، نسسأل االله أن يأجره ويشبته ويفر ِّج عنه.<br />
١٩١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ومما قاله الششاعر خالد أبو العمرين في إثر اعتقال الششيخ أحمد ياسسين:<br />
كنت الهلال سسجين الجسسم هامد واليوم تمّ البدر والٔنوار<br />
هي حكمة المولى بأنك مقعد يهوي أمام حماسسه الفجار<br />
يا أحمد الياسسين أنت إمامنا ويششدنا إيمانك الجبار<br />
قد أقعدتنا ششهوة وهزيمة وتقوم أنت يمينك الٕعصار<br />
يا أحمد الياسسين خفف سرعة زعماوءنا أقدامهم فخ َّ ار<br />
يا أيها البطل المهر ِّك أمة هلا تحرك سسادة وكبار<br />
يا ميت الجسسم الصغير أقمتنا تحي هزال جسسومنا الٔحجار<br />
١٧٥<br />
سسبهان ربي إن هذي آية وبها يزول الخوف والٕعذار<br />
وقد ظهر من التهقيقات التي انتزعتها السسلطات الٕسراءيلية تحت التعذيب وجود<br />
ثلاثة أجنهة لهركة حماسس:<br />
• الجناه السسياسسي الذي اتهم الششيخ أحمد ياسسين بقيادته.<br />
• والجناه العسسكري (المجاهدون) الذي اتهم صلاه ششهادة بقيادته.<br />
• والجناه الٔمني (مجد) الذي اتهم يهيى السسنوار بقيادته . ١٧٦<br />
غير أن حماسس سرعان ما أعادت ترتيب صفوفها واسستأنفت نششاطها الجهادي، فكان<br />
منها عملية الششيخ عجلين في غزة في ١٩٨٩/١١/١٣م، والتي أدت لمقتل جنديين، وعملية<br />
البقعة في ١٩٩٠/١٠/٢٠م، حيش أوقع عامر أبو سرحان ثلاثة قتلى، وعملية هيشم ششفيق<br />
جملة في ١٩٩٠/١٠/٢٩م التي أدت لاسستششهاده ومقتل مسستوطن، وعملية الانطلاقة في<br />
١٩٩٠/١٢/١٤م، والتي أوقعت ثلاثة قتلى، وبعد هذه العملية الٔخيرة بالذات تعرضضت<br />
حماسس لهملة اعتقالات واسسعة ششملت معظم عناصرها وموءيديها، غير أنها تجاوزت<br />
المهنة، وخرجت أصلب عوداً، وأكثر تنبهاً وجرأة وخبرة، فكانت عملية محمد أبو جلالة<br />
في ١٩٩١/٣/١٠م التي أوقعت أربعة قتلى، وعملية راتب زيدان في ١٩٩١/١٠/١١م التي<br />
أوقعت قتيلين و١١ جريها١٧٧ً . ونششطت عناصرها الجهادية تحت تششكيل “كتاءب الششيخ<br />
الششهيد عز الدين القسسام” الذي تُعزى بدايات تششكيله السرية إلى أيار/ مايو ١٩٩٠م ، ١٧٨<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وأخذت تقوم بعمليات نوعية قوية لم تسستطع الهملات المتوالية وكافة وسساءل البطشش<br />
والتنكيل والملاحقة الصهيونية أن توقفها، مما يظهر مدى إصرار حماسس على الجهاد<br />
وتجذ ُّرها وششعبيتها وقدرتها على التجنيد وكفاءتها في العمل والاسستمرار في ظروف<br />
صعبة جداً.<br />
وليسس هنا مجال لتتبع كافة عمليات حماسس العسسكرية، وإنما سسنمرّ بأبرز محطات<br />
جهادها. فمع الذكرى الخامسسة للانتفاضضة صعدت حماسس عملياتها فهاجم مجاهدوها<br />
في “عملية الششجاعية” في ١٩٩٢/١٢/٧م سسيارة جيب عسسكرية وقتلوا ثلاثة جنود<br />
إسراءيليين، ووصفت جريدة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر في ١٩٩٢/١٢/٨م<br />
كتاءب القسسام بأنها “أجرأ الخلايا الموجودة في المناطق، حيش تمتاز بالهكمة والجرأة<br />
القتالية، ويمتازون بالذكاء والمهارة العسسكرية” . ١٧٩<br />
ثم قامت حماسس “بعملية الهاووز” في الخليل في ١٩٩٢/١٢/١٢م فهاجمت دورية<br />
إسراءيلية وقتلت جندياً وجرحت اثنين آخرين أحدهما جروحه خطيرة . ١٨٠ غير أن<br />
الهادش الذي هزّ أمن الكيان الصهيوني في الصميم، وكانت له انعكاسساته الواسسعة<br />
محلياً ودولياً هو عملية “الوفاء للششيخ أحمد ياسسين” إذ قام مجاهدو حماسس باختطاف<br />
العسسكري الٕسراءيلي نسسيم توليدانو Nissim Toledano وهو برتبة رقيب أول في<br />
١٩٩٢/١٢/١٣م، بينما كان يغادر منزله في مدينة اللد متوجهاً إلى مقر سريته في حرسس<br />
الهدود في رام االله، وقاموا بإخفاءه وطالبوا بإطلاق سراه الششيخ أحمد ياسسين مقابل<br />
إطلاق سراحه وأعطوا مهلة عشر سساعات لذلك. وقد ماطلت السسلطات الٕسراءيلية<br />
ورفضضت “الرضضوخ تحت ضضغط الخاطفين” فقامت حماسس بتنفيذ تهديدها، إثباتاً<br />
لجديتها، وقتلت توليدانو بعد انتهاء المهلة المقررة . ١٨١<br />
ششك َّل اختطاف توليدانو إهانة وصفعة كبيرة للٔمن الٕسراءيلي الذي يفاخر بأنه من<br />
أكفئ الٔجهزة في العالم، وهزّ اختطافه من أمام بيته مَنْ هم “أحرص الناسس على حياة”،<br />
فقامت السسلطات الٕسراءيلية بهملة تنكيل واعتقالات ششملت حوالي ١٣٠٠ من موءيدي<br />
حماسس، وألقى رءيسس الوزراء إسسهق رابين خطاباً في البرلمان الٕسراءيلي “الكنيسست”<br />
أعلن فيه الهرب الششاملة على حركة حماسس، ونقلت إذاعة الجيشش الٕسراءيلي عن<br />
مصدر عسسكري رفيع المسستوى في الجيشش أن “حماسس أصبهت العدو الٔول والصانع<br />
الرءيسسي للٕرهاب، وسسيششمل القمع كل البنية السسياسسية والعسسكرية...” . ١٨٢ وقامت<br />
السسلطات الٕسراءيلية بإبعاد ٤١٥ رجلاً أغلبهم من الٕسسلاميين الموءيدين لهماسس ومن<br />
١٩٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ضضمنهم أيضضاً عدد من موءيدي حركة الجهاد الٕسسلامي، ونفذ هذا القرار مسساء الخميسس<br />
١٩٩٢/١٢/١٧م حيش قُذف بالمبعدين خارج الهدود الفلسسطينية الششمالية مع لبنان،<br />
غير أن المبعدين رفضضوا الٕبعاد وأقاموا في “مرج الزهور”بين الهاجزين الهدوديين<br />
اللبناني والٕسراءيلي. وقد عانى المبعدون وصمدوا في ظروف قاسسية، وعرف العالم<br />
حقيقة الظلم الذي يعانيه ششعب فلسسطين، خصوصاً وأن الٕبعاد ششمل الكشير من<br />
الششخصيات الٔكاديمية والعلماء والٔسساتذة والمهندسسين والٔطباء. وتحت الضضغط الدولي<br />
ولٔن المبعدين كسسبوا المعركة الٕعلامية، وافق الٕسراءيليون على العودة التدريجية<br />
للمبعدين التي اكتملت بعد عام من الٕبعاد ، ١٨٣ غير أن العديد منهم لم يسسلم من الاعتقال<br />
والسسجن وعلى رأسسهم د. عبد العزيز الرنتيسسي الذي ظلّ معتقلاً حتى آب/ أغسسطسس<br />
١٩٩٦م.<br />
وششهدت ١٩٩٣م تطوراً نوعياً في أداء كتاءب عز الدين القسسام، الذراع<br />
العسسكري لهركة حماسس، فهسسب إحصاءية أعدها الباحش غسسان دوعر قامت<br />
حماسس ب ١٣٨ عملية عسسكرية تنوعت من الكماءن إلى الهجمات الخاطفة وخطف الجنود<br />
والعمليات الاسستششهادية والاششتباكات المسسلهة وغيرها. وقد خسر الكيان الصهيوني<br />
جراء هذه العمليات ٧٩ قتيلاً و٢٢٠ جريهاً حسسبما ذكرت المصادر الٕسراءيلية، غير أن<br />
الخسساءر حسسبما تششير الدلاءل أكبر من ذلك بكشير، أما حماسس فقد قدت ٣٣ ششهيدا١٨٤ً ،<br />
وليسس هناك تقليل لخسساءر حماسس فجميع الٔحداش والٔسسماء معروفة، لكن أسساليب<br />
حرب العصابات ونصب الكماءن والعمليات الاسستششهادية وتفجير السسيارات المفخخة<br />
التي اعتمدتها حماسس جعل إمكانية الٕصابة في القوات الٕسراءيلية أكبر منها في حماسس.<br />
وكان من العمليات المميزة عملية تصفية النقيب حاييم ميخاءيل نهماني<br />
Haim Nahmani في ١٩٩٣/١م ٣/ ، و هو ضضا بط في جها ز ا لٔ من ا لعا م<br />
(الششاباك) (Shabak) ،Israel Security Agency-ISA وكان نهماني المعروف<br />
باسسم “كابتن عفيف” يُعد أحد أفضضل وأنششط عناصر جهاز الششاباك، وقد ششكلت هذه<br />
العملية اختراقاً لجهاز الٔمن الصهيوني، إذ تمكن ماهر أبو سرور من توثيق صلته<br />
ب”الكابتن عفيف” وإظهار التعاون معه ك”مخبر” بينما أعد له ماهر كميناً محكماً أدى<br />
إلى مقتله طعناً بالسسكاكين في ضضاحية ريهافيا بالقدسس . ١٨٥<br />
أما عملية “مسسيرة الٔكفان” الاسستششهادية في ١٩٩٣/٤/١٦م فقد اخترقت سسيارة جيب<br />
مفخخة مسستوطنة ميهولا Mehola داخل فلسسطين المهتلة سسنة ١٩٤٨م ششمال شرق<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
فلسسطين، وانفجرت السسيارة في سساحة مطعم، يعج ُّ عادة بالجنود الصهاينة، بين حافلتين<br />
عسسكريتين كانتا تنزلان جنوداً مما أسسفر عن سسقوط عشرات القتلى والجرحى، غير أن<br />
السسلطات الٕسراءيلية أعلنت عن مقتل اثنين فقط وجره سسبعة آخرين . ١٨٦<br />
وفي ١٩٩٣/٤/٢٠م قتل زكريا الششوربجي الكابتن “أبو عوني” ضضابط في الششاباك<br />
وثلاثة جنود، قبل أن يسستششهد في اششتباك عنيف في حي التفاه في غزة، ولم يتمكنوا من<br />
قتله إلا بعد قصف المنازل بالصواريخ والقذاءف المضضادة للدروع وتدمير ١٩ منزلاً،<br />
حيش اسستششهد بششظايا أحد الصواريخ التي أطلقت على المنزل الذي كان يتهصن فيه . ١٨٧<br />
وفي معركة وادي الخليل في ١٩٩٦/٥/١٩م حاصرت قوات كبيرة مجموعة من<br />
المجاهدين في حي عيطة جنوب غرب الخليل، وتمكن المجاهدون من الانسسهاب بعد<br />
أن أحصوا ثلاثة قتلى و١١ جريهاً إسراءيلياً، واسستششهد اثنان من حماسس هما حاتم<br />
المهتسسب ويعقوب مطاوع . ١٨٨<br />
ومرة أخرى ووفاءً للششيخ أحمد ياسسين وللمعتقلين في السسجون الٕسراءيلية قام ثلاثة<br />
من مجاهدي حماسس (صلاه عشمان وماهر أبو سرور ومحمد الهندي) في ١٩٩٣/٧/١م<br />
باحتجاز باص إسراءيلي في القدسس يُقل ُّ أربعين راكباً، وطالبوا مقابل الٕفراج عن الرهاءن<br />
بالٕفراج عن الششيخ أحمد ياسسين، وعن خمسسين عنصراً من كتاءب عز الدين القسسام، وعن<br />
عشرة من الجهاد الٕسسلامي، وعشرة من فته، وعشرة من الجبهة الششعبية، وعشرة<br />
من الجبهة الششعبية - القيادة العامة، وعشرة من الجبهة الديموقراطية والٕفراج كذلك<br />
عن الششيخ عبد الكريم عبيد زعيم “حزب االله” اللبناني غير أن الجيشش الٕسراءيلي هاجم<br />
الهافلة وحدش تبادل لٕطلاق النار جره على أثره صلاه عشمان بجروه خطيرة، وتمكن<br />
الٓخران من الانسسهاب حيش تمت ملاحقتهما إلى أن اسستششهدا، وأصيب من الٕسراءيليين<br />
حسسب روايتهم قتيلان وثلاثة جرحى . ١٨٩<br />
وقام عضضو حماسس سسليمان زيدان في ١٩٩٣/١٠/٤م بتفجير سسيارته المفخخة<br />
في حافلة عسسكرية إسراءيلية تقل ُّ جنوداً من القوات الخاصة قرب مسستوطنة بيت إيل<br />
ششمال مدينة رام االله، واعترفت السسلطات الٕسراءيلية بجره ٢٨ جندياً وسساءق الهافلة<br />
ومسستوطن. وفي اليوم نفسسه أعلنت السسلطات الٕسراءيلية عن مصرع ثلاثة جنود اثنان<br />
منهم انتهاراً والشالش في مباراة كرة القدم!! ، ١٩٠ ومن عادة الصهاينة نسسبة إصاباتهم إلى<br />
حوادش متفرقة مراعاة للروه المعنوية والوضضع الٕسراءيلي الداخلي.<br />
١٩٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وكان من أبرز نماذج الاسستششهاد التي اهتزت لها فلسسطين اسستششهاد عماد حسسن<br />
عقل، الذي ولد في مخيم جباليا في ١٩٧١/٦/١٩م ونششأ نششأة إسسلامية وسسجن في<br />
١٩٨٨/٩/٢٣م بتهمة الانتماء لهماسس والمششاركة في الانتفاضضة وخرج من المعتقل في<br />
آذار/ مارسس ١٩٩٠م، ثم أصبه مسوءولاً في مجموعة “الششهداء” التابعة لكتاءب القسسام،<br />
والتي عملت ششمال القطاع، وأصبه مطارداً من القوات الٕسراءيلية منذ كانون الٔول/<br />
ديسسمبر ١٩٩١م، وقد تنقل في جهاده وتجنيده للعناصر بين قطاع غزة والقدسس<br />
والخليل . ١٩١<br />
واسستطاع على الرغم من حالة المطاردة الهشيشة أن يقوم بعمليات عديدة موجعة<br />
وناجهة حولته إلى كابوسس يطارد مطارديه. وكان يسسعى للششهادة داءماً ويقول:<br />
“ماذا يسستطيع رابين أن يفعل ضضدّ ششاب قرر أن يموت؟” ، ١٩٢ وتنسسب إليه المصادر<br />
العسسكرية الٕسراءيلية قتل ١١ جندياً وأحد المسستوطنين الٕسراءيليين وأربعة عملاء،<br />
فضضلاً عن الكشير من الجرحى، وهو ما كانوا يعدّونه “أكثر السسجلات دموية لٔي مخرب<br />
فلسسطيني” . ١٩٣<br />
وقد كان اسستششهاد عماد عقل في ١٩٩٣/١١/٢٤م، بعدما أفطر من صيام تطوع عند<br />
بعضض زملاءه في حي الششجاعية في قطاع غزة، إذ ششعر بمهاصرة المكان فقال لٕخوانه<br />
“حضر موعد اسستششهادي”. وبالفعل فقد كانت قوات كبيرة من الجيشش الٕسراءيلي<br />
وحرسس الهدود قُد ِّرت بسستين سسيارة عسسكرية تحاصر المكان، فصعد عماد عقل<br />
إلى سسطه المنزل وتبادل إطلاق النار مع الجنود حتى أصابته قذيفة مضضادة للدروع<br />
مزّقت جسسده أششلاء. وعندما أخرجت جشته، أطلق الجنود الصهاينة النار بغزارة عليها<br />
حيش اسستقرت في جشته حوالي سسبعين رصاصة، فضضلاً عن قيام بعضض الجنود بطعنها<br />
بالسسكاكين!! ، ١٩٤ وقد اعتبر إسسهق رابين رءيسس الوزارء الٕسراءيلي قتل عماد عقل<br />
إنجازاً ضضخماً وعظيما١٩٥ً .<br />
وقد انتقمت كتاءب القسسام لاسستششهاد عماد عقل في “عملية عماد عقل” بعد ششهر<br />
من اسستششهاده في ١٩٩٣/١٢/٢٤م، عندما نصبت كميناً في حي الششيخ رضضوان في غزة<br />
لسسيارتي جيب إسراءيليتين، مما أدى لمقتل العقيد مئير مينتسس Meir Mintz (منسسق<br />
نششاطات الوحدات العسسكرية الخاصة في قطاع غزة) وإصابة ضضابط يرافقه برتبة راءد<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
إصابات بالغة أدت لوفاته بعد يومين، بينما أصيب اثنان آخران بجراه. وقد كانت هذه<br />
العملية ضربة قاسسية للجيشش الٕسراءيلي؛ لٔن العقيد مئير مينتسس يُعد ُّ حسسبما ذكر المعلق<br />
الٕسراءيلي المعروف أليكسس فيششمان Alex Fishman في جريدة معاريف Maariv<br />
الصادرة في ١٩٩٣/١٢/٢٦م “القلب والعقل المفكر للهرب الخاصة ضضدّ الٕرهاب،<br />
ورمزاً من رموز الجيشش الٕسراءيلي في محاربة الانتفاضضة” . ١٩٦<br />
ومنذ ١٩٩٤ ازدادت صعوبة الٔداء الجهادي لهركة حماسس بعد دخول اتفاقات<br />
أوسسلو حيز التنفيذ، وتسسل ُّم منظمة التهرير الفلسسطينية الهكم الذاتي في قطاع غزة<br />
وأريها، اعتباراً من أيار/ مايو ١٩٩٤م، ثم توسسع مناطق الهكم الذاتي ليششمل قرى<br />
الضضفة الغربية ومعظم مدنها في أواخر ١٩٩٥م، وقد وجدت حماسس نفسسها تحت ضضغط<br />
سسلطة فلسسطينية تمنعها من ممارسسة عملها الجهادي، وتحت حملات قمع وتنكيل<br />
واعتقال متوالية تُششن ُّ عليها بالتنسسيق بين السسلطات الفلسسطينية والٕسراءيلية.<br />
وفي الوقت الذي ربطت السسلطات الٕسراءيلية مدى التقدم في عملية السسلام وتسسليم<br />
بعضض الصلاحيات لسسلطة الهكم الذاتي الفلسسطيني بمدى قدرة ونجاه سسلطات الهكم<br />
الذاتي الفلسسطيني في قمع حماسس، وتصفية وجودها، إلا أن حماسس رفضضت الدخول في<br />
حرب مع السسلطة الفلسسطينية وصبرت على الٔذى، وكلما زاد الضضغط عليها كلما ركزت<br />
انتقامها وفعالياتها ضضدّ العدو الصهيوني.<br />
وبششكل عام فإن الفعالية النوعية لٔداء حماسس الجهادي قد ازدادت منذ ١٩٩٤م<br />
على الرغم من قسسوة الظروف، وبرز نجم يهيى عياشش، وتلقى الكيان الٕسراءيلي<br />
ضربات موجعة، خصوصاً بعد نجاه أسسلوب العمليات الاسستششهادية في التجمعات<br />
الٕسراءيلية. فعندما وقعت مجزرة الهرم الٕبراهيمي للمصل ِّين الذين كانوا يوءدون<br />
صلاة الفجر في منتصف رمضضان ١٤١٤ه - ٢٥ ششباط/ فبراير ١٩٩٤م على يد ضضابط<br />
الاحتياط الٕسراءيلي باروخ جولدششتاين، تعهدت حماسس بالانتقام للمصلين الٔبرياء<br />
الذين اسستششهدوا وكان عددهم ٢٩ ولعشرات الجرحى، فبعد أن كانت حماسس تركز على<br />
الٔهداف العسسكرية فقط والجنود الٕسراءيليين, وسسّ عت حماسس داءرة الصراع ليششمل<br />
المجتمع الٕسراءيلي كله, وذلك لاعتبارات هي حسسب رأي حماسس:<br />
• إن السسلطات الٕسراءيلية لم تتورع يوماً عن قتل الٔبرياء من النسساء والششيوخ<br />
والٔطفال طوال تاريخها ومن بينهم المئات ممن سسقطوا بأسسلهتها الفتاكة خلال<br />
فترة الانتفاضضة. (نشرت جريدة الٔسسواق في ١٩٩٦/٣/٢٥م تقريراً لموءسسسسة<br />
١٩٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
التضضامن الدولي لهقوق الٕنسسان أن السسلطات الٕسراءيلية قتلت خلال الانتفاضضة<br />
١٢٧ ششهيدة من النسساء، و٢٦٨ طفلاً).<br />
• إنه لا بدّ من المعاملة والمواجهة بالمشل ليدرك الطرف الٓخر مدى المعاناة والٔلم<br />
التي يسسببها للجانب الفلسسطيني بقتل نسساءه وأطفاله وششيوخه، وهو ما<br />
أجازه الٕسسلام چک ک ک ک گ گ گ گ چ ، ١٩٧ وعلى<br />
حد ِّ تعبير إبراهيم غوششة، الناطق الرسسمي باسسم حماسس: “لا يعقل أن يكون<br />
الدم اليهودي للمدنيين مقدسساً والدم الفلسسطيني للمدنيين مهدوراً بلا ثمن” . ١٩٨<br />
• إن المجتمع الٕسراءيلي مجتمع محارب مغتصب للٔرضض وحقوق المسسلمين<br />
والفلسسطينيين، ورجاله ونساوءه محاربون يتدربون على القتال منذ الصغر، وهو<br />
ما أششار إليه عدد من العلماء المسسلمين بجواز قتالهم والعمليات الاسستششهادية في<br />
أوسساطهم، مشل الششيخ يوسسف القرضضاوي . ١٩٩<br />
• إن حماسس قد َّمت أكثر من مبادرة (منذ نيسسان/ أبريل ١٩٩٤م) بأن يتم إخراج<br />
المدنيين الفلسسطينيين واليهود من داءرة الصراع، ولكن الهكومة الٕسراءيلية<br />
رفضضت الاسستجابة، واسستمرت في إجراءاتها وسسياسساتها ضضدّ المدنيين ٢٠٠ (كان<br />
أحدها مجزرة قانا في جنوب لبنان عندما قصفت القوات الٕسراءيلية ملجأ<br />
يهتمي فيه المدنيون وقتلت أكثر من مئة من النسساء والٔطفال والششيوخ في<br />
نيسسان/ أبريل ١٩٩٦م).<br />
وكانت أولى عمليات الانتقام لمجزرة الهرم الٕبراهيمي تفجير راءد زكارنة نفسسه في<br />
حافلة للركاب الٕسراءيليين في العفولة في ١٩٩٤/٤/٦م، مما أدى لمقتل ثمانية إسراءيليين،<br />
وجره خمسسين آخرين، ثم تفجير عمار عمارنة حافلة أخرى للركاب في الخضضيرة في<br />
١٩٩٤/٤/١٣م، مما أدى لمقتل خمسسة وجره ٣٢ آخرين، وكان بين القتلى والجرحى<br />
عدد من الجنود الصهاينة . ٢٠١<br />
وفي عملية القدسس في ١٩٩٤/١٠/٩م فته عضضوا كتاءب القسسام حسسن عباسس (من غزة)<br />
وعصام الجوهري (من مصر) النار باتجاه الصهاينة في حي نهلات ششفعا، مما أدى لمقتل<br />
اثنين وجره ١٦ آخرين، ودخلا في معركة اسستمرت أربعين دقيقة أدت لاسستششهادهما . ٢٠٢<br />
وفي ١٩٩٤/١٠/١١م أعلنت كتاءب القسسام أنها تحتجز الجندي الصهيوني نهششون<br />
فاكسسمان ،Nahshon Waxman وطالبت بالٕفراج عن مئات المعتقلين وعلى رأسسهم<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ١٩٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
الششيخ أحمد ياسسين مقابل إطلاق سراحه. وقد هزت هذه العملية الكيان الٕسراءيلي<br />
الذي قطع مفاوضضات نقل الصلاحيات، وتوسسيع الهكم الذاتي في القاهرة، وضضغط<br />
على السسلطة الفلسسطينية بقيادة عرفات، والتي قامت من جهتها بهملة اعتقالات واسسعة<br />
ششملت أكثر من ٤٠٠ من كوادر وعناصر حماسس وقامت بتهقيقات أدت لهصولها<br />
على طرف الخيط الذي قاد القوات الصهيونية لمعرفة مكان احتجاز الجندي. وفي<br />
مسساء ١٤ تشرين الٔول/ أكتوبر، وبعد أن قررت كتاءب القسسام تمديد الاحتجاز<br />
٢٤ سساعة بعد أن أبدى رابين مرونة في الاسستجابة لبعضض مطالبها، قامت وحدة خاصة<br />
من الجيشش الٕسراءيلي بعملية غادرة أدت إلى مقتل الجندي الرهينة وقاءد الوحدة وجره<br />
١٢ جندياً إسراءيلياً واسستششهد ثلاثة من أعضضاء كتاءب القسسام كما تمّ اعتقال آخر.<br />
وقد سسارعت حركة حماسس بتوجيه ردها الخامسس على مجزرة الخليل في عملية نفذها<br />
صاله صوي في سساحة ديزنكوف بقلب تل أبيب في ١٩٩٤/١٠/١٩م، حيش فجر باصاً<br />
مكتظاً بالركاب في منطقة مزدحمة، مما أدى لاسستششهاده، وإلى مقتل ٢٢ إسراءيلياً وجره<br />
٤٨ آخرين . ٢٠٣<br />
وفي ١٩٩٤/١٢/٢٥م قام أيمن راضضي بتفجير نفسسه بجانب باص إسراءيلي يُق ُّل<br />
ضضباطاً وجنوداً يخدمون في سسلاه الطيران الٕسراءيلي، مما أدى إلى اسستششهاده وإصابة<br />
١٢ إسراءيلياً منهم اثنين بهالة خطرة . ٢٠٤<br />
وفي تلك الفترة برز اسسم يهيى عياشش كمسوءول أول عن التفجيرات الاسستششهادية<br />
وباعتباره المطلوب رقم واحد للسسلطات الٕسراءيلية. وكان يهيى عياشش هو قاءد<br />
مجموعات الاسستششهاديين في كتاءب القسسام الذراع العسسكري لهماسس. وقد ولد عياشش في<br />
قرية رافات ششمال الضضفة الغربية في ١٩٦٦/٢/٢٢م وأتم حفظ القرآن وتخرج مهندسساً<br />
كهرباءياً من جامعة بيرزيت في ١٩٩٣م ، ٢٠٥ حيش بدأت مطاردته في تلك الفترة، وقد زادت<br />
كشافة البهش عن عياشش منذ أواخر ١٩٩٤م، وقالت مصادر أمنية إسراءيلية: إن آلافاً من<br />
الجنود وحرسس الهدود وعناصر قوات الٔمن والاسستخبارات يششاركون في أوسسع حملة<br />
مطاردة تسستهدف يهيى عياشش...، ووصفه مسوءول أمني كبير بأنه “ذكي ومتملص<br />
بارع” . ٢٠٦ وقال ششمعون رومه أحد كبار الضضباط السسابقين في الششاباك في ندوة بشها<br />
التلفزيون الٕسراءيلي ششارك فيها عدد من الخبراء حول عياشش: “إنه لمن دواعي الٔسسف<br />
١٩٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
أن أجد نفسسي مضضطراً للاعتراف بإعجابي وتقديري لهذا الرجل الذي يبرهن على<br />
قدرات وخبرات فاءقة في تنفيذ المهام الموكلة إليه، وعلى روه مبادرة عالية، وقدرة على<br />
البقاء، وتجديد النششاط دون انقطاع” . ٢٠٧<br />
وأعلن رءيسس الششاباك قبل تسسلمه منصبه في ١٩٩٥/٣/١م أن الهدف الٔول له<br />
هو إلقاء القبضض على عياشش . ٢٠٨ واسستطراداً نقول: إن رءيسس الششاباك هذا<br />
واسسمه “كارمي غيلون” Carmi Gillon قد قد َّم اسستقالته بعد ثلاثة أيام من<br />
اسستششهاد عياشش، أي في ١٩٩٦/١/٨م، بعد نجاحه في هذه المهمة . ٢٠٩ وحتى منتصف آب/<br />
أغسسطسس ١٩٩٥م كان الجنود الٕسراءيليون قد داهموا منزل يهيى عياشش ٩٦ مرة، وفي<br />
كل مرة يقومون بتخريب المنزل وششتم الموجودين وإرهابهم . ٢١٠<br />
لم تمنع هذه الظروف التي تكاد تكون مسستهيلة يهيى عياشش ورفاقه من الاسستمرار<br />
في العمل، وزادته مطاردات السسلطات الٕسراءيلية والفلسسطينية المكشفة والمضضنية إصراراً<br />
على المضضي، وبرع في التخفي ودر َّب الكشير، من رفاقه على مهارات القنابل المفخخة التي<br />
يملكها. وتابعت حماسس عملياتها وتقديم الششهداء.<br />
وفي ١٩٩٥/٤/٢م اسستششهد كمال كهيل، المطلوب رقم ٢ لدى الٕسراءيليين بعد عياشش،<br />
وعدد من رفاقه في انفجار مدب َّر وقع في منزل يختبئ فيه في حي الششيخ رضضوان بغزة.<br />
وكهيل معروف بهزمه ونششاطه، وكان معروفاً في غزة أنه “الٔكثر جرأة والٔقل خوفاً”<br />
وهو مطارد منذ ١٩٩٢م، وسسبق له أن قاد الهجوم الذي أدى لمقتل مئري منتسس، منسسق<br />
عمل الوحدات الخاصة في قطاع غزة، في كانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٩٣م . ٢١١<br />
وفي ١٩٩٥/٦/٢٥م فجر معاوية روكة نفسسه بدوريتين إسراءيليتين، مما أسسفر عن<br />
جره ثلاثة جنود حسسب المصادر الٕسراءيلية واسستششهاد الششاب نفسسه . ٢١٢<br />
ونفذت حماسس أيضضاً عملية رامان غان في ١٩٩٥/٧/٢٤م عندما قام أحد أبناءها<br />
بتفجير نفسسه فقتل سسبعة إسراءيليين وجره ٣٢ آخرين . ٢١٣ وفي الذكرى ال ٢٦ لٕحراق<br />
المسسجد الٔقصى نفذ أحد مجاهدي حماسس عملية القدسس الاسستششهادية في رامات أششكول<br />
Ramat Eshkol فقتل خمسسة إسراءيليين وجره ١٠٢ آخرين . ٢١٤<br />
هذه بعضض نماذج عمليات حماسس خلال ١٩٩٥م، وهناك عمليات وصدامات أخرى<br />
يصعب حصرها هنا... كاسستششهاد طاهر قفيششة، القاءد المهلي لكتاءب القسسام في الخليل،<br />
في ١٩٩٥/٦/٢٩م بعد معركة قوية ، ٢١٥ واسستششهاد إبراهيم قواسسمي ونادر ششهادة عضضوا<br />
كتاءب القسسام بعد معركة مع الجيشش الٕسراءيلي في مدينة الخليل في ١٩٩٥/٨/٢٥م . ٢١٦<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وكان يوم الجمعة ١٩٩٦/١/٥م يوماً حزيناً في تاريخ فلسسطين، إذ اسستششهد يهيى<br />
عياشش في ذلك اليوم بعد مطاردات طويلة اسستمرت ثلاش سسنوات وظّ ف خلالها الكيان<br />
الٕسراءيلي جميع إمكاناته الٔمنية والعسسكرية التي تعدّ ضضمن أكفأ الٔجهزة عالمياً،<br />
وحم َّلته “إسراءيل” مسوءولية سستّ عمليات كبرى اسستششهادية أدت لمقتل سسبعين إسراءيلياً<br />
وجره ما لا يقل عن ٣٤٠ آخرين . ٢١٧<br />
وقد تمّ اغتيال عياشش باسستخدام تقنيات عالية، في مخبئه في منطقة بيت لاهيا في<br />
قطاع غزة. واتهم أسسامة حماد، الذي كان يوءوي عياشش في بيته، والذي كان صديقه منذ<br />
الدراسسة في جامعة بيرزيت وهو نفسسه الرءيسس السسابق للكتلة الٕسسلامية فيها، اتهم خاله<br />
كمال حماد بتفخيخ هاتف نقال كان قد أعطاه لٔسسامة قبل ثلاثة أششهر بعد أن بدأ أسسامة<br />
العمل معه في شركته، وكان يسستعيده بين حين وآخر بأعذار مختلفة. وفي صباه ذلك<br />
اليوم عط َّ ل الٕسراءيليون هاتف البيت العادي، مما اضضطر والد عياشش للاتصال به على<br />
التليفون النقال، وعندما بدأ الهديش معه قال لٔبيه “يا أبي لا تظل تتصل على التليفون”<br />
وانفجر الهاتف في رأسس يهيى. جريدة معاريف الٕسراءيلية قالت: إن طاءرة هليكوبتر<br />
إسراءيلية كانت تحلق فوق بيت لاهيا، وأن أحد طاقم الطاءرة ضضغط زر انفجار العبوة<br />
الناسسفة الموضضوعة في الهاتف النقال والتي تزن خمسسين جراماً بعد أن تأكدوا أن المتهدش<br />
هو يهيى عندما قال “يا أبي...” . ٢١٨<br />
وذكرت مصادر صهفية إسراءيلية أن العميل كمال حماد اسستطاع الهرب وهو<br />
تحت الهماية الٕسراءيلية، وأنه حصل على قرابة مليون دولار نقداً وجواز سسفر مزور<br />
يسستطيع به بدء حياة جديدة . ٢١٩<br />
وقد نعت حماسس اسستششهاد عياشش، الذي أصبه رمزاً للبطولة والمقاومة لدى كل<br />
الفلسسطينيين، واجتمع على حبه واحترامه معارضضو اتفاقات السسلام وحتى موءيدوها<br />
وكافة الفصاءل الفلسسطينية في م.ت.ف وخارجها. وقام ياسر عرفات بنفسسه بزيارة<br />
لمنزل د. محمود الزهار لتعزية حماسس وأهله في يهيى عياشش . ٢٢٠<br />
وكانت جنازة الششهيد عياشش من أكبر الجنازات في تاريخ فلسسطين، إذ ششارك في جنازته<br />
في غزة حوالي ٢٥٠ ألف ششخص أي حوالي ثلش سسكان قطاع غزة، كما خرجت مسسيرات<br />
ضضخمة في مدن الضضفة الغربية ششارك فيها عشرات الٓلاف في نابلسس ورام االله وجنين...<br />
٢٠١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وغيرها. كما أعلن الهداد العام والٕضراب في الضضفة الغربية وقطاع غزة اسستجابة لدعوة<br />
حماسس . ٢٢١<br />
وفي بيان أصدرته حماسس يوم اسستششهاد عياشش عاهدت االله على المضضي قدماً في برنامج<br />
الجهاد والمقاومة، وتعهدت بالرد على الجريمة الصهيونية. كما أصدرت بياناً آخر في<br />
١٩٩٦/١/٧م ثمنت فيه خروج مئات الٓلاف من أبناء القطاع في وداع عياشش، وقالت:<br />
إن ذلك يوءكد التفاف الجماهير على برنامج المقاومة، وأششارت إلى أن النقمة الجماهيرية<br />
التي سسادت ششعوب الٔمة الٕسسلامية توءكد أنها ما زالت تنبضض بالهياة وحبّ الجهاد<br />
والمجاهدين، وتلتف حول مشروعهم الجهادي من أجل فلسسطين . ٢٢٢<br />
وقد جاء رد ُّ حماسس قاسسياً اهتز له الكيان الصهيوني بأسره، وعاشش تسسعة أيام<br />
من الرعب الذي أفقده صوابه. ففي عملية القدسس الٔولى في ١٩٩٦/٢/٢٥م التي نفذها<br />
إبراهيم أحمد السراحنة فجر نفسسه في حافلة إسراءيلية (تعمل على خطّ الهافلات<br />
رقم ١٨) مكونة من مقطورتين عند توقفها عند إششارة مرورية، مما أدى لمقتل ٢٤ إسراءيلياً<br />
بينهم ١٣ جندياً، وعدد من ضضباط وكوادر الششاباك الذين كانوا في طريقهم إلى مقر<br />
عملهم، بالٕضضافة إلى إصابة خمسسين إسراءيلياً بجروه، وذلك حسسبما أعلن متهدش<br />
رسسمي باسسم الشرطة الٕسراءيلية. وفي اليوم نفسسه قام مجدي محمد أبو وردة الذي كان<br />
يهمل نهو ١٥ كغ من المتفجرات المهششوة بالمسسامير، ويرتدي زي الجنود الٕسراءيليين،<br />
بتفجيرها في محطة لسسفر الجنود الٕسراءيليين في عسسقلان وسسط أكثر من ٣٥ جندياً.<br />
ولٔن الهدف كان عسسكرياً صرفاً لجأت السسلطات الٕسراءيلية لٕخفاء خسساءرها كعادتها<br />
حيش أعلنت في البداية عن مقتل ثلاثة وإصابة ثلاثين، ثم عادت واكتفت بالٕعلان عن<br />
مقتل مجندة، وإصابة ٣١ آخرين بجراه وصفت جراه ١٩ منهم بأنها خطيرة . ٢٢٣<br />
وفي اليوم التالي ١٩٩٦/٢/٢٦م اقتهم أحمد عبد الهميد حميدة بسسيارة يقودها موقفاً<br />
للهافلات في حي التلة الفرنسسية الاسستيطاني على الطريق بين القدسس ورام االله كان يغص<br />
بالعسسكريين الٕسراءيليين، مما أسسفر عن مقتل رقيب أول في جيشش الاحتلال، وإصابة<br />
أكثر من ٢٢ عسسكرياً آخر بجروه وكسسور مختلفة . ٢٢٤<br />
وفي الٔسسبوع التالي ويوم الٔحد ١٩٩٦/٣/٣م فجر راءد عبد الكريم ششغنوبي عبواته<br />
الناسسفة داخل الهافلة التي تعمل على خطّ الهافلات رقم ١٨ نفسسه، مما أدى حسسبما<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
أعلن متهدش باسسم الشرطة الٕسراءيلية إلى مقتل ١٩ إسراءيلياً بينهم ثلاثة جنود،<br />
وجره عشرة آخرين بينهم سسبعة بجراه بالغة . ٢٢٥<br />
وفي عملية يظهر أنها مششتركة بين حماسس وحركة الجهاد الٕسسلامي فجّ ر رامز عبيد<br />
(من الجهاد الٕسسلامي) في ١٩٩٦/٣/٤م في وسسط تل أبيب كيسساً كبيراً من المتفجرات<br />
وسسط حششد إسراءيلي، مما أدى لمقتل ١٤ بينهم جنديان على الٔقل، وإصابة ١٢٥<br />
بجروه وصفت جراه عشرين منهم بأنها بالغة الخطورة . ٢٢٦<br />
لقد كانت هذه العمليات صفعة كبيرة لدولة تُعد ُّ أكثر الدول في العالم من ناحية<br />
الاحتياطات الٔمنية حتى في الظروف العادية، وعلى الرغم من أن أجهزتها الٔمنية اتخذت<br />
إجراءات اسستشناءية تحسسباً من الانتقام لمقتل عياشش إلا أن رجال حماسس تمكنوا من تنفيذ<br />
عمليتين موجعتين في ٢٥ ششباط/ فبراير، ثم عادت فاتخذت إجراءات لم يسسبق لها مشيل<br />
منذ احتلالها للضضفة الغربية وقطاع غزة قبل حوالي ٢٩ عاماً، ومع ذلك تمكن رجال<br />
حماسس من ضرب أهدافهم في المكان نفسسه في القدسس بعد أسسبوع واحد، ثم وسسط تل أبيب<br />
في اليوم التالي، حيش نفذها أحد مجاهدي الجهاد الٕسسلامي.<br />
وقد أثارت هذه العمليات حالة من الٕرباك والذهول في الٔوسساط السسياسسية<br />
والعسسكرية والٔمنية، وألقت بظلالها على مسستقبل بيريز السسياسسي وإمكانات فوز<br />
حزب العمل في الانتخابات الٕسراءيلية (التي خسرها فعلاً أمام تحالف الليكود في أيار/<br />
مايو ١٩٩٦م)، بل وعلى مسستقبل عملية السسلام في المنطقة المتعثرة أصلاً بسسبب التعنت<br />
والصلف الٕسراءيلي، فقامت الهكومة الٕسراءيلية وأجهزتها الٔمنية والعسسكرية بهملة<br />
ششعواء، بالتنسسيق مع السسلطة الفلسسطينية، ضضدّ حماسس وموءيديها وكافة الموءسسسسات<br />
التعليمية الخيرية والاجتماعية التي يمكن أن تدعم فكر حماسس وجهودها، وكل ما يمكن<br />
أن يكون له صلة بالتيار الٕسسلامي الهركي في فلسسطين. وقامت السسلطات الٕسراءيلية<br />
بإغلاق الضضفة والقطاع، وأعادت احتلال مناطق واسسعة من القرى كانت قد سسلمتها<br />
للسسلطات الفلسسطينية، وتحرك المجتمع الدولي لينفخ الروه في عملية السسلام، وانعقد في<br />
شرم الششيخ في ١٩٩٦/٣/١٣م في مصر موءتمر دولي لمكافهة “الٕرهاب” أو ما سسمي<br />
بقمة صانعي السسلام بهضضور الرءيسس الٔمريكي كلينتون، والرءيسس الروسسي بوريسس<br />
يلتسسين Boris Yeltsin ورءيسس الوزراء البريطاني جون ميجور ،John Major والرءيسس<br />
الفرنسسي جاك ششيراك ،Jacques Chirac والزعيم الٔلماني كول ،Helmut Kohl ورءيسس<br />
الوزراء الٕسراءيلي بيريز، وياسر عرفات، وعدد من زعماء الدول العربية والعالم.<br />
٢٠٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وتلقى بيريز وحكومته دعماً غير مسسبوق، وحضر كلينتون بنفسسه اجتماعاً لمجلسس<br />
الوزراء الٕسراءيلي المصغ َّر. وسسخرت أمريكا جهودها الدبلوماسسية والٔمنية والتقنية<br />
لخدمة الٔجهزة الٕسراءيلية، وأرسسلت معدات أمريكية للكيان الٕسراءيلي للكششف عن<br />
المتفجرات بقيمة خمسسين مليون دولار... . ٢٢٧<br />
والهقيقة أن حركة حماسس وموءيديها وجميع الموءسسسسات الٕسسلامية المسساندة مرّت<br />
بمرحلة من أقسسى المراحل، وتعرضضت لمهاولات اقتلاع، وعانت من ضربات قاسسية من<br />
السسلطة الفلسسطينية التي ششعرت أن مشروعها السسلمي أصبه “في مهب الريه” على ح ِّد<br />
تعبير المسوءول الفلسسطيني صاءب عريقات في مقابلة له مع القسسم العربي لٕذاعة لندن<br />
في ١٩٩٦/٣/٨م.<br />
الجهاد الٕسسلامي:<br />
على الرغم من أن حركة الجهاد الٕسسلامي لا تتمتع إلا بششعبية جماهيرية محدودة<br />
مقارنة بهماسس حسسبما يظهر من انتخابات الموءسسسسات التعليمية والنقابية والمهنية...،<br />
إلا أن هذه الهركة قدمت نماذج جهادية مميزة، وعانى أفرادها من السسجن والمطاردة<br />
والٕبعاد، واسستششهد العديد من أفرادها في عمليات عسسكرية جريئة. وتسستجيب لٕضرابها<br />
الذي تدعو إليه في اليوم السسادسس من كل ششهر قطاعات واسسعة من الششعب الفلسسطيني في<br />
الضضفة والقطاع.<br />
ومن الفعاليات المميزة لهركة الجهاد الٕسسلامي عملية نتسساريم حيش قام الششهيد<br />
هششام حمد بتفجير نفسسه مع دراجة هواءية محملة بعبوات ناسسفة في تجمع عسسكري<br />
صهيوني وسسط قطاع غزة في ١٩٩٤/١١/١١م، مما أدى لمقتل ثلاثة صهاينة وجره<br />
١٦ آخرين. وقد جاءت هذه العملية رداً سريعاً من الهركة لاغتيال المخابرات الصهيونية<br />
للششهيد هاني عابد أحد قادة حركة الجهاد الٕسسلامي في القطاع في ١٩٩٤/١١/٢م . ٢٢٨<br />
أما عملية بيت ليد في ١٩٩٥/١/٢٢م التي هزت الكيان الٕسراءيلي، فقد أعلنت<br />
حركة الجهاد الٕسسلامي مسوءوليتها عنها. وقد ارتدى منفذا العملية ملابسس الجنود<br />
الٕسراءيليين، وقدما إلى محطة من أكبر محطات تجمع العسسكريين الٕسراءيليين بيت ليد<br />
حيش دخل أنور محمد سسكر الاسستراحة والكافيتريا التي يرتادها الجنود، وفجر عبواته<br />
الناسسفة وسسطهم، مما أدى إلى تدمير المبنى، وسسقوط عدد كبير منهم بين قتيل وجريه،<br />
وخرج العشرات ممن نجوا وهم في حالة فزع ششديد، بينما تجمع حولهم عشرات آخرون<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
من الجنود الذين وصلوا لتوهم للمكان، عند ذلك تسسلل صلاه عبد الهميد ششاكر بينهم،<br />
وقام بتفجير الهقيبة التي يهملها، مما أدى لسسقوط عدد أكبر من القتلى والجرحى.<br />
وقد قتل فيها ٢١ إسراءيلياً (أربعة ضضباط و١٧ جندياً وضضابط صفّ ( وجره ٦٦ جندياً<br />
آخرين . ٢٢٩ وتششير بعضض الدلاءل إلى تنسسيق ميداني بين حماسس والجهاد الٕسسلامي في<br />
تنفيذ هذه العملية، خصوصاً فيما ذكر عن إعداد يهيى عياشش للمتفجرات، وفي إيصال<br />
منفذي العملية إلى أهدافهم . ٢٣٠<br />
وفي ١٩٩٥/١٠/٢٦م اغتيل في مالطا د. فتهي الششقاقي، الٔمين العام لهركة الجهاد<br />
الٕسسلامي، عندما هاجمه اثنان يركبان دراجة نارية، وأطلقا عليه خمسس رصاصات.<br />
وقد نعته حركة الجهاد الٕسسلامي، واتهمت المخابرات الصهيونية بقتله، وتعهدت<br />
بالشأر والانتقام . ٢٣١ وأعلنت الجهاد الٕسسلامي انتخاب د. رمضضان عبد االله ششله، أميناً<br />
عاماً جديداً خلفاً للششقاقي، وهو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة درهام<br />
Durham University في بريطانيا ١٩٨٩م، وقد أشرف بعد ذلك على إصدار المجلة<br />
الفصلية “قراءات سسياسسية” في تامبا Tampa بولاية فلوريدا Florida الٔمريكية لفترة<br />
من الزمن . ٢٣٢<br />
وفيما اعتبر انتقاماً سريعاً لاسستششهاد الششقاقي، تمّ تنفيذ عمليتين اسستششهاديتين في<br />
القطاع، اعترف الٕسراءيليون بإصابة ١١ إسراءيلياً فقط بجروه . ٢٣٣<br />
أما عملية تل أبيب، التي سسبقت الٕششارة إليها، التي نفذها أحد مجاهدي<br />
الجهاد الٕسسلامي في ١٩٩٦/٣/٤م، والتي أدت لمقتل ١٤ وإصابة ١٢٥ بجراه، فقد<br />
أعلنت حركة الجهاد الٕسسلامي أنها نفذتها انتقاماً لمقتل د. الششقاقي الذي كان مدنياً أعزل<br />
عندما قتلته المخابرات الصهيونية، واعتبرت الهركة أن “المجتمع الٕسراءيلي كله مجتمع<br />
عسسكري” وقالت “لا هدنة في عقيدتنا الجهادية، لا هدنة لدم الششقاقي، إذا أراد بيريز هدنة<br />
مع حركتنا فليعد لنا فتهي الششقاقي كما كان، وليعيدوا لنا وطننا فلسسطين، وليرحلوا عنا<br />
إلى حيش جاءوا من أصقاع الٔرضض”. وكانت حماسس في البداية قد أعلنت مسوءوليتها عن<br />
العملية، ويظهر أن هناك تنسسيقاً بين الهركتين في إعداد وتنفيذ هذه العملية . ٢٣٤<br />
وعلى الصعيد السسياسسي فقد تحسسنت العلاقات بين حركتي حماسس والجهاد الٕسسلامي،<br />
خصوصاً بعد توقيع م.ت.ف لاتفاقات أوسسلو، ودخولها في التسسوية السسلمية، حيش<br />
نسسقت الهركتان مواقفهما بالتعاون مع فصاءل المعارضضة الٔخرى ضضدّ اتفاقيات أوسسلو.<br />
٢٠٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وذكر الششقاقي في كانون الشاني/ يناير ١٩٩٥م أن العلاقة مع حماسس “ممتازة، علاقة<br />
ودية وأخوية، ونهن نسسعى إلى زيادة التعاون على الٔرضض” وقال: إن انبشاق حماسس<br />
من الٕخوان ودورها المهم في الانتفاضضة والهركة الوطنية الفلسسطينية “صنع درجة<br />
كبيرة من التقارب بعدما كان هناك تباعد” . ٢٣٥ وأكد رمضضان ششله هذه المعاني عندما<br />
قال: إن هناك تفاهماً ولقاء في خندق المواجهة مع العدو بيننا وبين الٕخوة في حماسس،<br />
ونهن حريصون على تطوير العلاقة وتمتينها لترتقي إلى مسستوى الهرب الشرسسة التي<br />
تسستهدف المشروع الٕسسلامي في فلسسطين والمنطقة . ٢٣٦<br />
ومع أن هناك عدداً من التنظيمات الفلسسطينية التي أطلقت على نفسسها “الجهاد<br />
الٕسسلامي”وانششقت عن حركة الجهاد الٕسسلامي الٔم، مشل “الجهاد الٕسسلامي - بيت<br />
المقدسس”و“الجهاد الٕسسلامي - كتاءب الٔقصى” فإن حركة الجهاد الٕسسلامي بقيادة<br />
الششقاقي ثم رمضضان ششله بقيت أكثرهن قوة وتأثيراً.<br />
التيار الٕسسلامي وسسلطة الهكم الذاتي:<br />
منذ أن وقّعت م.ت.ف بقيادة ياسر عرفات اتفاقيات أوسسلو في أيلول/ سسبتمبر ١٩٩٣م<br />
كانت هناك مخاوف حقيقية من أن يوءدي ذلك إلى أن يتصارع موءيدو اتفاقات السسلام<br />
ومعارضضوها، وأن يتصاعد التوتر ليوءدي إلى حرب أهلية. فمنذ البداية التزم الموقعون<br />
على اتفاقيات أوسسلو بنبذ “الٕرهاب”والتخلي عن أي عمل من أعمال العنف، والتعهد<br />
بتدارك أي انتهاكات لهذه التعهدات، وباتخاذ إجراءات تأديبية ضضدّ أي مخالف لها، وذلك<br />
حسسب رسسالة ياسر عرفات إلى رءيسس الوزراء الٕسراءيلي في ١٩٩٣/٩/٩م. وفي اتفاق<br />
القاهرة (١٩٩٤/٥/٤م) تعهدت السسلطة الفلسسطينية بمنع الهملات الدعاءية والتهريضض<br />
ضضدّ الكيان الٕسراءيلي في المناطق التي تسسيطر عليها، كما تعهدت باتخاذ الٕجراءات<br />
الضرورية لمنع الٔعمال “الٕرهابية”والجراءم والاعتداءات ضضدّ الكيان الٕسراءيلي أو أي<br />
من أفراده . ٢٣٧<br />
ولٔن اتفاقات الهكم الذاتي موءقتة ويتبعها فيما بعد الدخول في مفاوضضات المرحلة<br />
النهاءية حول القضضايا الجوهرية بات تحقيق أي تقدم مرهوناً برضضى الطرف<br />
الٕسراءيلي، وكرم تنازلاته، وبدا الطرف الفلسسطيني تحت رحمة الطرف الٓخر،<br />
وأصبه مضضطراً للاسستجابة للضضغوط الٕسراءيلية لتهقيق أي تقدم في المفاوضضات أو<br />
أية مكاسسب مهما كانت ضضئيلة، ولٔن الٔطراف الفلسسطينية المعارضضة لاتفاقيات أوسسلو<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
وعلى رأسسها التيار الٕسسلامي اعتبرت نفسسها غير معنية بهذه الاتفاقيات، واسستمرت في<br />
مقاومتها للاحتلال الٕسراءيلي، فإن الكيان الٕسراءيلي أخذ يماطل في تنفيذ اتفاقياته<br />
مع السسلطة الفلسسطينية، ما لم تقم بكبه جماه المعارضضة وإيقاف جهادها. وتطور الٔمر<br />
لدفع السسلطة الفلسسطينية لسسهق التيار الٕسسلامي، وضرب بنيته التهتية وموءسسسساته<br />
الٕسسلامية التعليمية والخيرية والاجتماعية. وسسواء كانت راغبة أم غير راغبة، فإن<br />
السسلطة الفلسسطينية وجدت نفسسها تمضضي ششوطاً بعيداً في محاربة التيار الٕسسلامي وعلى<br />
رأسسه حركة حماسس تحقيقاً لالتزاماتها في العملية السسلمية، وتمكيناً لنفسسها ونفوذها على<br />
السساحة الفلسسطينية، وتششجيعاً للطرف الٕسراءيلي للمضضي في العملية السسلمية. وهكذا<br />
نجهت “إسراءيل”في وضضع حماسس والجهاد الٕسسلامي والمعارضضة الفلسسطينية كعاءق في<br />
الطريق، على السسلطة الفلسسطينية أن تدكه بمداحِ لها وجرافاتها حتى تصل إلى ما تحسسبه<br />
أهدافاً وطنية فلسسطينية.<br />
وكما ذكر سستيفن بيلليتير Stephen Pelletiere في دراسسة نشرها معهد الدراسسات<br />
الاسستراتيجية في الكلية الهربية للجيشش الٔمريكي Strategic Studies Institute of<br />
،the U.S. Army War College فإن حكومة رابين قررت أن تعهد لعرفات ومنظومته<br />
بالقيام بدور الشرطي بالوكالة لقمع الانتفاضضة وسسهق حماسس . ٢٣٨ ولٔن “إسراءيل”هي<br />
الطرف الذي يفرضض شروطه في هذه التسسوية، وبيده أوراق اللعبة، فإن السسلطة<br />
الفلسسطينية، إذا لم تصل كفاءة أداءها ضضدّ المعارضضة للمدى الذي ترغبه “إسراءيل”،<br />
سستكون مهددة بتراجع “إسراءيل”عن التزاماتها، أو بخنق الاقتصاد الفلسسطيني<br />
بإغلاق الضضفة والقطاع، أو بإعادة احتلال أجزاء كانت قد سسلمت للسسلطة الفلسسطينية.<br />
وفي كل الٔحوال كان مطلوباً من السسلطة الفلسسطينية تحقيق العمل بكفاءة أعلى من كفاءة<br />
الٕسراءيليين، وأن تنجه فيما فششل الكيان الصهيوني في تحقيقه طوال ال ٢٧ سسنة الماضضية!!<br />
ومنذ دخول السسلطة الفلسسطينية مناطق غزة وأريها ثم اسستلامها لٕدارة مدن<br />
وقرى الضضفة الغربية، وجانب الٔمن الداخلي يأخذ الجانب الهيوي في ميزانية السسلطة<br />
واهتماماتها. وزاد عدد الشرطة الفلسسطينية إلى ٣٠ ألفاً ليششكل أعلى نسسبة شرطة في<br />
العالم مقارنة بعدد السسكان، وششكلت السسلطة الفلسسطينية ثمانية أجهزة أمنية!! هي<br />
الٔمن الوطني، والٔمن الوقاءي، والمخابرات العامة، والاسستخبارات العسسكرية، والٔمن<br />
الخاص، والقوة ١٧، والدفاع المدني، بالٕضضافة إلى الشرطة المدنية ، ٢٣٩ وقد تحقق ذلك<br />
على حسساب الهالة الاقتصادية التي تراجعت كشيراً، وعلى حسساب موءسسسسات التعليم<br />
٢٠٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
والهريات السسياسسية، والموءسسسسات الاجتماعية. وفي أيار/ مايو ١٩٩٥م نشر تقرير<br />
لبرنامج الٔمم المتهدة للتنمية أششار إلى أن دخل الفرد في قطاع غزة تراجع إلى ٥٠٠ دولار<br />
في العام بنسسبة تراجع ٣٨% عما كان عليه في ١٩٩٣م . ٢٤٠ وذكر تقرير نشرته وكالة<br />
رويترز وكتبته وفاء عمرو من غزة أن الٔحوال الاقتصادية في قطاع غزة بعد مرور<br />
عام على الهكم الذاتي هي أسسوأ أحوال يششهدونها منذ ربع قرن، ونقلت عن تيري<br />
رود لارسسن Terje Rod-Larsen -منسسق الٔمم المتهدة الخاص في غزة- قوله بأن<br />
الموقف خطير للغاية، وأن البطالة والبطالة المقنعة قد تجاوزتا ٦٥% في قطاع غزة . ٢٤١<br />
ولم تسسلم سسلطة الهكم الذاتي الفلسسطيني من الفسساد الٕداري والتجاوزات التي<br />
أخذت تصيب الششارع الفلسسطيني بالضضيق والٕحباط، حتى إن تحليلاً إخبارياً نشرته<br />
جريدة الشرق الٔوسسط في ١٩٩٥/٣/٢٢م نقل عن أحد العاملين في جهاز الٔمن الوقاءي<br />
بأن الششارع الفلسسطيني يغلي...، ونقل عن آخر قوله إن هناك:<br />
اعتقالات عششواءية لكشير من الشرفاء لمجرد الششاءعات أو تقارير كاذبة كتبها<br />
أحد الهاقدين أو المندسسين الذين يعملون في أجهزة المخابرات. وتتم الاعتقالات<br />
دون الرجوع إلى القضضاء... العربدات تمارسس بششكل يومي في الششارع. كما أن<br />
الفقر والجوع يزداد يوماً بعد يوم، ولا ننسسى ممارسسات الٔجهزة العسسكرية في<br />
الششارع والبيروقراطية في المكاتب المدنية والعسسكرية، والهديش عن الانهلال<br />
والرششوة والمهسسوبية يزكم الٔنوف . ٢٤٢<br />
ولم يتورع أحد كبار قادة حركة فته التي يرأسسها عرفات، والتي تقود مسسيرة<br />
التسسوية من أن يتهم عرفات بأنه أحاط نفسسه بشلة من اللصوص والمبتزين . ٢٤٣<br />
وتلقت السسلطة الفلسسطينية نقداً لاذعاً من المفكر الفلسسطيني المعروف الدكتور<br />
هششام شرابي عندما قال: “إن السسلطة الفلسسطينية بتركيبها الهالي لا تمشل الششعب<br />
الفلسسطيني أو إرادة الششعب الفلسسطيني...، إنها عاجزة عن إحداش أي تغيير في الوضضع<br />
الذي يعيششه الششعب الفلسسطيني، وهي نفسسها أحد أسسباب تفاقم وضضعه المأسساوي” . ٢٤٤<br />
وقد وجد التيار الٕسسلامي نفسسه في وضضع صعب في مشل هذه الٔجواء؛ تحت سسلطة<br />
فلسسطينية حيش رفاق النضضال في الماضضي هم الذين يمنعونه من العمل والجهاد،<br />
وأصبهت أية عملية ضضدّ الكيان الٕسراءيلي تعني عملياً مواجهة السسلطة الفلسسطينية.<br />
وقد حدد التيار الٕسسلامي وعلى رأسسه حماسس ضضوابط للتعامل في مشل هذه الظروف<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٠٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
تضضمنت المهافظة على الوحدة الوطنية، والسسعي لعدم إيجاد أية مبررات للاصطدام<br />
مع السسلطة الفلسسطينية، وعدم الدخول في حرب أهلية، وتبني معارضضة بناءة تسستهدف<br />
كششف عورات اتفاقيات التسسوية، والمهافظة على حقّ الششعب الفلسسطيني في أرضضه<br />
ومقدسساته، وحماية الهريات السسياسسية، وحقّ التعبير، وحرية الصهافة، والهفاظ<br />
على كرامة أبناء فلسسطين ومكتسسباتهم، وفي الوقت نفسسه أعلنت أنها غير داخلة أو ملزمة<br />
باتفاقيات أوسسلو، وأن جهادها مسستمر لدحر الاحتلال الٕسراءيلي، وأن بنادقها موجهة<br />
نهو المهتلين الغاصبين فقط . ٢٤٥<br />
أما من الناحية العملية، فإن مسسيرة الٔحداش لم تمنع من حدوش احتكاكات وصدامات<br />
موءسسفة، فمع كل عملية جهادية ضضد الاحتلال الصهيوني كانت السسلطة الفلسسطينية<br />
تقوم بهملة اعتقالات واسسعة في صفوف حماسس والجهاد الٕسسلامي وفصاءل المعارضضة،<br />
ومنذ أيار/ مايو ١٩٩٤م وحتى آب/ أغسسطسس ١٩٩٥م ششنت السسلطة الفلسسطينية<br />
١٢ حملة اعتقال ششملت أكثر من ألف فلسسطيني. وفي قطاع غزة الذي لا تتجاوز مسساحته<br />
٣٦٠ كم ٢ يتبع السسلطة ٢٤ مركز توقيف واعتقال، وهناك ٣٢ حاجزاً عسسكرياً ٢٤٦ وخلال<br />
ششهر واحد فقط (١٩ نيسسان/ أبريل - ١٩ أيار/ مايو ١٩٩٥م) داهمت السسلطة حوالي<br />
٥٧ مسسجداً ١٣٨ مرة، حيش تعرضضت للتفتيشش والعبش والتخريب ، ٢٤٧ وفي ١٩٩٥/٢/٧م<br />
أصدر ياسر عرفات قراراً بإنششاء “محكمة أمن الدولة”وهي محاكم عسسكرية قضضاتها<br />
من ضضباط الٔمن، وبدأت عملها في ١٩٩٥/٤/٩م، وحتى ١٩٩٥/٥/٢٧م كانت قد حاكمت<br />
ما لا يقل عن ٣٣ ششخصاً معظمهم من حماسس أو الجهاد الٕسسلامي، وتمت المهاكمات<br />
بعد منتصف الليل، وبششكل سرّي، ولم تششهدها الصهافة أو الٕعلام، وبعضضها لم<br />
يسستغرق سسوى دقاءق معدودة، ولم يتمكن موظفو منظمة العفو الدولية من حضضور هذه<br />
المهاكمات على الرغم من الطلبات المتكررة، أو الهصول على لواءه الاتهام، أو نسسخ من<br />
القضضايا، أو محاضر المهاكمات...، وقد أدانت منظمة العفو الدولية هذه المهاكم، وطالبت<br />
السسلطة الفلسسطينية بإيقافها فورا٢٤٨ً . وكان أحد ضضهايا هذه المهاكم سسيد أبو مسسامه،<br />
أحد قيادات حماسس، الذي حوكم ليلة ١٩٩٥/٥/١٤م، وصدر عليه الهكم بالسسجن<br />
ثلاش سسنوات بتهمة “التششهير”بالسسلطة و“التهريضض”ضضدها . ٢٤٩<br />
وكان من أكثر الٔحداش الموءسسفة دموية ما يعرف ب“مجزرة الجمعة الٔسسود”التي<br />
ارتكبتها شرطة الهكم الذاتي ضضدّ المصلين الذين كانوا ينوون الخروج بمسسيرة سسلمية<br />
بعد صلاة الجمعة من مسسجد فلسسطين بغزة باتجاه منزل الششهيد هششام حمد، وذلك في<br />
١٩٩٤/١١/١٨م، مما أدى لاسستششهاد ١٣ مصلياً، وجره أكثر من ٢٠٠ آخرين... .<br />
٢٠٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
وقد اتهمت حماسس السسلطة بتدبير المذبهة “النوايا مبيتة والمجزرة مدبرة”ورفضضت<br />
محاولات السسلطة لتبرير ما حدش، وحملتها المسوءولية، واتهمتها بأنها تسسعى ل“إرضضاء<br />
إسراءيل” والٕثبات لها أنها تسستطيع وبجدارة قمع المعارضضة الفلسسطينية، وبصورة لا<br />
تقدر عليها “إسراءيل”. وقد سسارعت سسلطة عرفات بمهاولة إظهار ششعبيتها، فهششدت<br />
مظاهرة من ثلاثة آلاف ششخص، غير أن حماسس نظمت مهرجاناً جماهيرياً حاششداً في<br />
٢٦ تشرين الشاني/ نوفمبر حضره حوالي ٧٠ ألف ششخص . ٢٥٠<br />
وقد زادت حدة التوتر مع السسلطة عندما قامت باعتقال عدد من قيادات حماسس في<br />
قطاع غزة في أواخر حزيران/ يونيو ١٩٩٥م، بينهم محمود الزهار وأحمد بهر وأحمد<br />
٢٥١<br />
نمر، وخضضعوا للتعذيب والٕهانة، وحُ لقت لهاهم التي تعد ُّ رمز التزامهم الٕسسلامي<br />
مما أثار غضضباً واسسعاً في السساحة الفلسسطينية. غير أن أششد حملات الاعتقال قد تمت<br />
في ششهري آذار/ مارسس، ونيسسان/ أبريل ١٩٩٦م بعد سسلسسلة العمليات الاسستششهادية<br />
التي هزت الكيان الٕسراءيلي، وقد طالت هذه العمليات أكثر من ألف من نششطاء حماسس<br />
والجهاد الٕسسلامي، وخضضعوا للتعذيب، واسستهدفت البنية التهتية للتيار الٕسسلامي،<br />
فأغلقت المدارسس والجمعيات الخيرية ولجان الزكاة ورعاية الٔيتام التي يديرها أنصار<br />
حماسس والجهاد الٕسسلامي . ٢٥٢ وقد أششار رءيسس أركان الجيشش الٕسراءيلي آمنون ششاحاك<br />
Amnon Shahak ورءيسس الششاباك عامي أيالون Ami Ayalon بالتهرك “المنهجي”<br />
الذي يقوم به ياسر عرفات ضضدّ حماسس . ٢٥٣<br />
وفي تقرير بشته “قدسس برسس” في ١٩٩٦/٤/٨م قال اللواء محمد جهاد، المسوءول<br />
الكبير في حركة فته: إن السسلطة الفلسسطينية تنتهك بصورة مخجلة القوانين الدولية<br />
المعترف بها، وأن التعذيب الذي يمارسس بهقّ المعتقلين “لا يطاق”وأن هناك ممارسسات<br />
حدثت بهقّ المعتقلين “يندى لها الجبين” مششيراً إلى حدوش عمليات اغتصاب لسسجناء<br />
سسياسسيين، إضضافة إلى التعذيب بواسسطة الششبه والجلد وإطفاء السسجاءر في أبدان المعتقلين.<br />
وفي حديشه لجريدة الشرق الٔوسسط قال محمد جهاد: إن إجراءات بعضض أجهزة السسلطة<br />
الٔمنية ضضدّ حماسس “قمعية وغير مبررة” . ٢٥٤<br />
وقد توفي عدة أششخاص تحت التعذيب في سسجون السسلطة كان آخرهم (حتى كتابة<br />
هذه السسطور) محمود جميل في ١٩٩٦/٧/٣١م وهو محسسوب على حركة فته نفسسها،<br />
لكن يبدو أنه قد اتخذ خطاً مغايراً وأكثر تششدداً من خطّ ياسر عرفات وموءيديه، وقد أدى<br />
اسستششهاده إلى موجة سسخط عارمة. وفي اليوم التالي حدثت تظاهرات في مدينة طولكرم<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
إثر ورود أنباء عن الهالة الصهية المتدهورة للعشرات من معتقلين حماسس المضربين<br />
عن الطعام، حيش قام المتظاهرون باقتهام السسجن وتحرير العشرات من المعتقلين، وقد<br />
واجهت شرطة الهكم الذاتي المتظاهرين، وقتلت إبراهيم الهدايدة المهسسوب على حركة<br />
حماسس، وجرحت العديدين . ٢٥٥<br />
وتجدر الٕششارة إلى ما يعرف ب“مداولات وتوصيات لجنة الطوارئ المششتركة” التي<br />
ششكلها ياسر عرفات لتقديم توصياتها وروءيتها لكيفية مكافهة حركة حماسس، والتي<br />
رفعت تقريرها إلى عرفات في آذار/ مارسس ١٩٩٦م، واعترفت بمهدودية معرفة الجهات<br />
الٔمنية التابعة للسسلطة بهركة حماسس. وتضضمنت توصياتها ثلاثة محاور، الٔول:<br />
تصفية البنية العسسكرية لهماسس (كتاءب القسسام)، ومما تضضمنه اسستمرار الطوق الٔمني<br />
الٕسراءيلي حتى انتهاء الانتخابات الٕسراءيلية (في نهاية أيار/ مايو ١٩٩٦م)، والتعاون<br />
الٔمني مع الٕسراءيليين...، والتصفية الجسسدية لعدد من قادة كتاءب القسسام على فترات<br />
متباعدة، وإظهارها على أنها تجاوزات فردية أو اختراقات إسراءيلية يعاقب المتورطون<br />
بها، والسسعي لاختراق التنظيم السري للقسسام، ورصد ومراقبة أسساليب العمل والتجنيد<br />
والتنقل... وغيرها. أما المهور الشاني فهو: تفكيك القدرة السسياسسية لهركة حماسس<br />
بإظهار تعدد الروءى الدينية حول المسسار السسياسسي للقضضية، وإظهار تناقضضات في<br />
الخطاب السسياسسي بين قادة حماسس أنفسسهم، واتهام حماسس بالمشالية الهالمة، والتركيز في<br />
الاسستقطاب على ششخصيات حماسس “المعتدلين منهم ممن يتمتعون بمهدودية النظرة،<br />
متوسسطو الذكاء، المندفعين، ممن تسسهل قيادتهم، وهذا يتطلب تركيز الهوار مع أمشال<br />
هوءلاء وليسس مع أصهاب الروءى الاسستراتيجية في صفوف الهمسساويين”، وتدعيم<br />
مكانة المعتدلين منهم بتسسليمهم المنابر والموءسسسسات الجماهيرية بدلاً من الكوادر الملتزمة<br />
بالخط الٓخر، والتضضييق على آليات اتخاذ القرار لدى حماسس. وأما المهور الشالش فهو<br />
إرباك وجود حماسس في الخارج وهزّ توازنه وخصوصاً في الٔردن . ٢٥٦<br />
وعلى الرغم من أن السسلطة الفلسسطينية أنكرت نسسبة هذه الوثيقة إليها، إلا أن<br />
الٔوسساط الموءيدة لهماسس توءكد ذلك، كما أن القراءة المتأنية للوثيقة تدفع إلى الميل بأنها<br />
بالفعل من صياغة إحدى اللجان الٔمنية في السسلطة، خصوصاً لمن يطلع على خلفياتها<br />
السسابقة وأداءها الهالي، ثم إن الهقاءق العملية على الواقع توءكد على الٔقل العديد من<br />
النقاط التي أوصت بها اللجنة.<br />
٢١١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
ومن جهة أخرى ششنت السسلطة الفلسسطينية حرباً إعلامية ضضدّ حركة حماسس، واتهمتها<br />
بالتواطوء مع الليكود الٕسراءيلي المتششدد لٕسسقاط حكومة حزب العمل، وتعطيل التسسوية،<br />
واتهمتها بتلقي الدعم المادي والٔوامر من إيران، كما ادعت أن حماسس تعد لهرب ضضدّ<br />
السسلطة، واغتيال ياسر عرفات، وحاولت السسلطة ششقّ حركة حماسس، وإظهار وجود<br />
معتدلين ومتششددين، ووجود تيار “الداخل”وتيار “الخارج”وتعارضضهما، وقد حاولت<br />
اسستقطاب بعضض عناصر حماسس كما حدش مع عماد الفالوجي الذي فصلته حماسس من<br />
عضضويتها، بينما تلقفته السسلطة، وأدرجته على قواءم فته في انتخابات الهكم الذاتي<br />
(كانون الشاني/ يناير ١٩٩٦م) وعينته وزيراً في السسلطة الفلسسطينية. ودعمت تششكيل<br />
أحزاب إسسلامية أخرى خرج أفرادها عن مظلة حماسس مشل حزب الوطن برءاسسة خضر<br />
محجز، وحزب المسسار الوطني الٕسسلامي برءاسسة محمود أبو دان . ٢٥٧<br />
أما حماسس فقد أصرت على الالتزام بسسياسساتها العامة، ورفضضت التخلي عن المقاومة<br />
المسسلهة، كما رفضضت الدخول في مواجهات مع السسلطة، لكنها اسستمرت بالتعبير بصراحة<br />
وقوة عن موقفها من السسلطة وأداءها وممارسستها. وقد نو َّه هاني الهسسن، عضضو اللجنة<br />
المركزية لهركة فته، ب“موقف الٕخوة في حماسس لٔنهم مارسسوا ضضبطاً للنفسس يششكرون<br />
عليه وسسيسسجله لهم التاريخ” . ٢٥٨<br />
وفي سسياق توضضيهها لممارسسات السسلطة الفلسسطينية، أصدرت حماسس بيانات<br />
كشيرة جاء في أحدها أن “السسلطة الفلسسطينية تصر ُّ على تجاهل كل الدعوات لهقن الدم<br />
الفلسسطيني، وصون المهرمات الوطنية عبر مواصلتها حملة المداهمات الليلية والاعتقال<br />
والتعذيب في حق أبناء ششعبنا ومجاهديه، إضضافة إلى اسستمرارها إصدار الٔحكام الباطلة،<br />
وعقد المهاكمات الصورية الظالمة داخل محكمة السسلطة العسسكرية” . ٢٥٩ وفي بيان آخر<br />
اتهمت حماسس السسلطة بانتهاك حرمة المسساجد، وأنه لا يكاد يمرّ يوم دون أن تششن<br />
مجموعة من عناصر هذه الٔجهزة سسلسسلة من الانتهاكات لهرمة المسساجد، وترويع<br />
المصلين، وإتلاف محتوياتها وممتلكاتها بأسسلوب أششبه ما يكون بممارسسات الاحتلال<br />
الصهيوني البغيضضة . ٢٦٠<br />
وذكر إبراهيم غوششة، الناطق الرسسمي باسسم حماسس، أن هناك محاولات حشيشة<br />
من السسلطة بهدف تفتيت حركة حماسس، وتحويلها من العمل الجهادي إلى السسياسسي.<br />
وقال: إن تأثير السسلطة كان على ششخصيات غير أسساسسية في الهركة اششتراها عرفات<br />
بالمال والمناصب والٔلقاب العسسكرية الفارغة، ولكنه لم يسستطع الوصول إلى قلب الهركة<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
النابضض، وأي إنجازات له، لن توءثر على مسسار الهركة. وقال: إن عرفات مو َّل نفقات<br />
سسيناريوهات لانششقاق الهركة، وأشرف على تنفيذها الطيب عبد الرحيم، أمين عام<br />
الهكم الذاتي، ونصر يوسسف وأجهزته الٔمنية، ولكن حماسس أحبطتها . ٢٦١<br />
وبعد حملة الاعتقالات الضضخمة ضضدّ حماسس في آذار/ مارسس ١٩٩٦م رو َّ جت السسلطة<br />
الفلسسطينية اتهامات ضضدّ حماسس بالتخطيط لهرب ضضدّ السسلطة واغتيال عرفات، غير<br />
أن حماسس نفت ذلك وقالت إن ذلك مما تفتق عنه ذهن “مدبري الفتنة في سسلطة الهكم<br />
الذاتي عن مسرحية جديدة تشير الضضهك والرثاء في آنٍ واحد“، “أولئك الذين أفلسسوا<br />
ششعبياً فاتجهوا نهو اجترار الٔكاذيب“. واتهمت حماسس الطيب عبد الرحيم بالتخصص<br />
في إصدار البيانات المزورة باسسم حماسس وكتاءب القسسام وتلفيق الوثاءق. وأكدت حماسس<br />
نهجها القاءم على رفضض مبدأ الاغتيال السسياسسي، واسستخدام العنف لهسسم الخلافات<br />
بين أبناء الششعب الواحد، وأكدت أن جهادها موجه ضضدّ الاحتلال الصهيوني، وأن سسلطة<br />
الهكم الذاتي تمارسس لعبة خطيرة بالتصدي للششعب الفلسسطيني وموءسسسساته وقواه<br />
المجاهدة “وهي لم تتوقف لهظة عن اتهام المجاهدين بالعمالة لجهات خارجية دون أدنى<br />
دليل غير فبركاتها، فيما تتعامى عن آلاف الٔدلة المعلنة التي توءكد تحالفها مع الصهاينة<br />
لدرجة تلقي الٔوامر والٕملاءات منهم لقمع الششعب الفلسسطيني“. وقالت حماسس: إن العالم<br />
ما زال يششهد لها بالنجاه في ضضبط النفسس، وضضبط أفرادها عن الاسستجابة لاسستفزازات<br />
السسلطة، ومحاولات جرّ المجتمع الفلسسطيني إلى حرب أهلية. وأضضافت أن حماسس توءمن<br />
أن “احتضضار السسلطة ورءيسسها سسياسسياً أقسسى على السسلطة من القتل اغتيالاً“!! . ٢٦٢<br />
وبششكل عام، فإن علاقة السسلطة الفلسسطينية بالتيار الٕسسلامي قد اتسسمت بالتوتر<br />
طوال الفترة الماضضية، وما يزال هناك حوالي ألف معتقل من عناصر حماسس وموءيديها<br />
في سسجون السسلطة، بالٕضضافة إلى أربعة آلاف معتقل آخر لهذه الهركة في السسجون<br />
الٕسراءيلية. ولكن أجواء التوتر لم تمنع من وجود محاولات بين كلا الطرفين لتخفيف<br />
الششدّ والاحتقان. والهقيقة أن قنوات الهوار والتفاوضض بين الطرفين تعود إلى ما قبل<br />
قيام السسلطة الفلسسطينية، أي مع م.ت.ف وتحديداً مع التيار السساءد فيها أي فته بقيادة<br />
ياسر عرفات، فقد عُ رضضت على حماسس بعضض مقاعد المجلسس الوطني الفلسسطيني<br />
سسنة ١٩٨٨م، بينما طالبت حماسس في نيسسان/ أبريل ١٩٩٠م ب ٤٠% من مقاعد<br />
المجلسس، وبتغييرات جوهرية في سسياسسة المنظمة (م.ت.ف) كشرط لدخولها. ووقع في<br />
١٩٩٠/٩/٢١م “اتفاق الشرف”بين فته وحماسس لتنسسيق الجهود في مواجهة العدو بما<br />
٢١٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
يعزز الوحدة الوطنية. وفي الخرطوم عاصمة السسودان في ١٩٩٣/١/٢م جرى حوار بين<br />
وفد من فته برءاسسة ياسر عرفات ووفد من حماسس برءاسسة موسسى أبو مرزوق. كما<br />
جرت عدة حوارات رسسمية وغير رسسمية منذ دخول السسلطة الفلسسطينية قطاع غزة في<br />
أيار/ مايو ١٩٩٤م، وبعد مجزرة مسسجد فلسسطين “الجمعة الٔسسود”في تشرين الشاني/<br />
نوفمبر ١٩٩٤م تمّ تششكيل لجنة مششتركة بين الطرفين للتهقيق، وتجاوز الٔزمة دون أن<br />
تحقق أية نتاءج ملموسسة . ٢٦٣<br />
وفي آب/ أغسسطسس ١٩٩٥م دعا الششيخ أحمد ياسسين من سسجنه أبناء الششعب الفلسسطيني<br />
إلى وضضع صيغة للتفاهم، وللمهافظة على وحدة الششعب وسسلامته ومسستقبله “مع<br />
المهافظة على مواقفنا المبدءية وقناعاتنا”وجدد تحريمه لسسفك الدم الفلسسطيني، معتبراً<br />
توجيه السسلاه الفلسسطيني إلى صدور الفلسسطينيين جريمة لا تغتفر . ٢٦٤ وفي ١٩٩٥/٩/٤م<br />
دعت حماسس إلى حوار وطني ششامل وجاد يكون ملزماً لكل الجماعات الموءثرة في السساحة<br />
بما فيها السسلطة والمعارضضة، والهدف هو التوصل إلى تفاهم ينظم طبيعة العمل الوطني<br />
الفلسسطيني . ٢٦٥ وفي اليوم التالي رحبت السسلطة بدعوة حماسس للهوار . ٢٦٦ وششهدت تلك<br />
الفترة نششاطاً ملهوظاً في الٔوسساط المختلفة لتششجيع الهوار. وقد تكللت الجهود بانعقاد<br />
الهوار في القاهرة بين السسلطة الفلسسطينية وحماسس في ١٩٩٥/١٢/٢١-١٨م برءاسسة<br />
سسليم الزعنون عن السسلطة، وبرءاسسة خالد مششعل عن حماسس. وقد سسعت السسلطة إلى هذا<br />
اللقاء لخوفها من احتمال إفششال حماسس، وتعطيلها لانتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني<br />
في الضضفة والقطاع، وحاولت إقناع حماسس بالمششاركة فيها، كما حاولت إقناع حماسس<br />
بوقف عملياتها ضضدّ الكيان الٕسراءيلي والمعارضضة تحت سسقف اتفاقيات أوسسلو وبما<br />
لا يخل بالتزامات السسلطة تجاه عملية السسلام. وخلال هذا الهوار أصرت حماسس على<br />
مقاطعة الانتخابات، لكنها التزمت بعدم إفششالها بالقوة أو إجبار أحد على المقاطعة، كما<br />
أكدت حماسس على اسستمرار عملياتها المسسلهة ضضدّ الكيان الٕسراءيلي . ٢٦٧<br />
ولم يخلُ حوار القاهرة من الٕيجابية لكلا الطرفين، وأفادت أجواء الهوار الصريه<br />
والجاد في تقليص الخلافات، وتحديد نقاطها، والعمل على عدم تصادم الطرفين. وقد<br />
اتفق الوفدان على التأكيد على الوحدة الوطنية على قاعدة التعددية السسياسسية، وتحريم<br />
الاقتتال الداخلي، واعتماد مبدأ الهوار نهجاً حضضارياً ووحيداً في التعامل بين مختلف<br />
الٔطراف على السساحة الفلسسطينية، وتششكيل لجنة مششتركة لمعالجة المششكلات الطارءة،<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
والتأكيد على تهيئة الٔجواء من أجل تعميق الشقة، والتعاون لتهقيق الٔهداف الوطنية،<br />
والسسعي من أجل الٕفراج عن المعتقلين في سسجون الاحتلال . ٢٦٨<br />
وبالطبع، وكما رأينا سسابقاً، فإن كل محاولات الهوار لم تنجه في تحقيق أهدافها،<br />
وتكرر أن تعتقل السسلطة الفلسسطينية محاوريها من حماسس، وتعذب عدداً منهم في<br />
سسجونها حتى ممن ششارك منهم في حوار القاهرة أمشال حسسن يوسسف وعبد الفتاه دخان<br />
ومحمد ششمعة وجمال سسليم... وغيرهم . ٢٦٩<br />
وقد علق إبراهيم غوششة على تجربة الهوار مع م.ت.ف والسسلطة الفلسسطينية بأن<br />
أبا عمار يلجأ للهوار عندما يكون في مأزق، وعندما يريد أن يهصل على ششيء. وأضضاف<br />
أنه في أيلول/ سسبتمبر ١٩٩١م كان هناك لقاء مع أبي عمار الذي أله َّ على حماسس بالدخول<br />
في المجلسس الوطني الفلسسطيني كي يأخذ قراراً بالتوجه إلى مدريد، وعرضض على حماسس<br />
١٨ مقعداً من أصل ٤٨٠. أما حوار الخرطوم في أواءل ١٩٩٣م فكان يريد موافقة حماسس<br />
على م.ت.ف ممشلاً شرعياً وحيداً للششعب الفلسسطيني “ولم يهصل على ما يريد “ ٢٧٠ ،<br />
أما محمد نزال، ممشل حماسس في الٔردن، فقال: إنه من وجهة نظر حماسس فإن الهوار هو<br />
الٔسسلوب الهضضاري الذي لا بدّ للجميع الاحتكام إليه “أما فيما يتعلق بهواراتنا مع فته<br />
في الخرطوم وتونسس وعمّان والداخل كلها لم تحقق ما نصبو إليه ونريد، ذلك أن حماسس<br />
لم تلمسس لدى الطرف الٓخر رغبة جدية في علاج المششكلات القاءمة بين الطرفين، أو حتى<br />
رغبة في تطبيق ما يتم التوصل إليه على أرضض الواقع... “ ٢٧١ .<br />
ويرى خالد مششعل رءيسس المكتب السسياسسي لهركة حماسس أن مسستقبل العلاقة<br />
بين حماسس والسسلطة الفلسسطينية، بل بين الششعب الفلسسطيني والسسلطة “مسستقبل غير<br />
مطمئن؛ لٔن السسلطة قد رهنته لهسساب علاقتها مع العدو، وأخضضعته للمزاج الصهيوني<br />
وأولوياته، وقدمت مصاله عدونا ومطالبه على مصاله ششعبنا ووحدته الوطنية<br />
وتماسسك نسسيجه الاجتماعي “ ٢٧٢ .<br />
وحتى الٓن فإن ششوكة حماسس وجذورها قد اسستعصت على الاقتلاع، ولم تزعزع<br />
حملات الاعتقال والاسستئصال مكانتها الششعبية، وما يزال موءيدوها في الجامعات<br />
والنقابات المهنية يهافظون على مكانتهم القوية، بل ويتقدمون في مواقع عديدة.<br />
يقول خالد مششعل: إن عمليات الضضغط على حماسس لن تنجه “إذ نتبع سسياسسة لا<br />
مركزية، وليسس ثمة عصب ظاهر يضضغطون عليه لا في قطاع غزة ولا في الضضفة الغربية أو<br />
٢١٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
خارجها. ولقد اسستفدنا من ضضغوط السسنوات الماضضية، وبدلنا أجيالاً قيادية عدة في وقت<br />
قصير، وطورنا أسسلوب العمل والاتصال ليتعايشش مع كل الظروف “ ٢٧٣ .<br />
ومهما يكن من أمر، فما دامت الٔرضض المباركة المقدسسة مغتصبة، وما دامت القدسس<br />
محتلة، والمسسجد الٔقصى أسسيراً، وما دام المسسلمون يوءمنون بهقهم في فلسسطين، فإن<br />
الٔمر يتجاوز مجرد ضرب حماسس أو حتى اقتلاعها؛ لٔن هناك من سسيأتي من المسسلمين<br />
والٔجيال ليطالب بهقه، ويتابع الطريق، ولعل من مصلهة السسلطة الفلسسطينية تعزيز<br />
الوحدة الوطنية جدياً، وعدم الدخول في عمليات “التركيع”و“كسر العظم”مع التيار<br />
الٕسسلامي وأطراف المعارضضة، خصوصاً وأن خصمها الٕسراءيلي ما يزال يتصرف<br />
بغطرسسة وصلف، ويتلكأ في اتفاقيات حقق من خلالها مكاسسب كبيرة، بينما لم يهصل<br />
الطرف الفلسسطيني على “فتات” يُقترّ الطرف الٕسراءيلي حتى في إعطاءها.<br />
وبعد<br />
فإن أمام التيار الٕسسلام في فلسسطين تحديات عظيمة مع دخول التسسوية السسلمية<br />
مرحلة التنفيذ، وسسيكون مسستهدفاً من الجميع بالتصفية أو التهجيم أو التهييد أو<br />
التششويه أو محاولات الاسستيعاب. وسسيكون مطلوباً منه أن يوقف برنامجه الجهادي وإلا<br />
تعرضض لمرحلة من المهنة والابتلاء على يدّ مناضضلي الٔمسس. وسسيهتاج التيار الٕسسلامي<br />
إلى الكشير من المهارة والهنكة والذكاء والالتصاق بالجماهير، وقبل ذلك كله عون االله<br />
وتوفيقه لاجتياز هذه المرحلة.<br />
على أن المسسلمين لن يتنازلوا عن حقهم في كل فلسسطين مهما طال الزمن، ومرت<br />
الٔجيال، فالهق لا يزول بسسبب هزيمة أنظمة أو ضضعف ثورات أو تخاذل قادة، وهو<br />
حتماً سسيعود بعودة الفئة الموءمنة الصادقة إلى توجيه دفة الٔمة والجهاد وتحقيق وعد االله<br />
بالنصر على الٔعداء چۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ۇٴچ، چ ڤ ڤ ڦڦ ڦ ڦ<br />
ڄ ڄ ڄچ.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
هوامشش الفصصل الرابع<br />
١ انظر: عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس (القدسس: فوزي يوسسف، ١٩٦١)، ج ١، ص ٣٦٦-٣٦٥؛<br />
وأحمد الششقيري، أربعون عاماً في الهياة العربية والدولية (بيروت: دار النهار، ١٩٦٩)، ص ٤٢.<br />
٢ انظر: عجاج نويهضض، رجال من فلسسطين (بيروت: منششورات فلسسطين المهتلة، ١٩٨١)، ص ٩٨-٩٩.<br />
٣ المرجع نفسسه، ص ١٣٥-١٣٤؛ وانظر أيضضاً: خليل السسكاكيني، كذا أنا يا دنيا (دون مكان: الاتحاد العام<br />
للكتاب والصهفيين الفلسسطينيين، ١٩٨٢)، ص ١٣٤-١٣٥.<br />
٤ انظر: حسسان علي حلاق، موقف الدولة العشمانية من الهركة الصهيونية ١٨٩٧-١٩٠٩، ط ٢ (بيروت:<br />
الدار الجامعية للطباعة والنشر، ١٩٨٠)، ص ٨٦-٩٠، و١٠٥-١٠١.<br />
٥ سسمير أيوب، مرجع سسابق، ج ١، ص ١٢٨؛ وصاله مسسعود أبو يصير، جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف<br />
قرن (بيروت: دار الفته، ١٩٧٠)، ص ٣١.<br />
٦ مذكرات السسلطان عبد الهميد، ترجمة وتعليق محمد حرب عبد الهميد (القاهرة: دار الٔنصار، ١٩٧٨)،<br />
ص ٦٥.<br />
٧ سسمير أيوب، مرجع سسابق، ج ١، ص ٢٦٩-٢٧٠.<br />
٨ مقدمة مذكرات السسلطان عبد الهميد، ص ١١.<br />
٩ المرجع نفسسه، ص ١١-١٢.<br />
١٠ عبد العزيز محمد عوضض، مقدمة في تاريخ فلسسطين الهديش ١٨٣١-١٩١٤ (بيروت: الموءسسسسة العربية<br />
للدراسسات والنشر - مكتبة المهتسسب، ١٩٨٣)، ص ٦٢؛ وحسسان حلاق، مرجع سسابق، ص ٩٦-٩٨.<br />
١١ وليم فهمي، الهجرة اليهودية إلى فلسسطين (مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٧٤)، ص ٣٦.<br />
١٢ انظر: خيرية قاسسمية، النششاط الصهيوني في الشرق العربي وصداه ١٩٠٨-١٩١٨، سسلسسلة كتب<br />
فلسسطينية، رقم ٤١ (بيروت: مركز الٔبهاش، ١٩٧٣)، ص ٤١-٤٩.<br />
١٣ صاله أبو يصير، مرجع سسابق، ص ٣٣.<br />
١٤ وزارة الٕرششاد القومي، الهيئة العامة للاسستعلامات, ملف وثاءق فلسسطين، الجزء الٔول: ١٩٣٧-١٩٤٩،<br />
(القاهرة: الهيئة العامة للاسستعلامات, ١٩٦٩)، ج ١، ص ١٥٥.<br />
١٥ خيرية قاسسمية، مرجع سسابق، ص ٤٠٣.<br />
١٦ انظر: محسسن محمد صاله، التيار الٕسسلامي في فلسسطين وأثره في حركة الجهاد ١٩١٧-١٩٤٨، ط ٢<br />
(الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٩)، ص ٥٩-٦١.<br />
١٧ انظر: المرجع نفسسه، ص ٦٢-٧٨.<br />
١٨ إميل الغوري، فلسسطين عبر سستين عاماً (بيروت: دار النهار، ١٩٧٢)، ص ٢٨-٣٠.<br />
١٩ محمد سسلامة النهال، سسياسسة الانتداب البريطاني حور أراضضي فلسسطين العربية، ط ٢ (بيروت: منششورات<br />
فلسسطين المهتلة، ١٩٨١)، ص ٧١-٧٢.<br />
٢٠ انظر: حرب فلسسطين ١٩٤٧-١٩٤٨ (الرواية الٕسراءيلية الرسسمية)، ترجمه عن العبرية أحمد خليفة<br />
(قبرص: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٨٤)، ص ٢٦.<br />
٢١ انظر: محمد عزة دروزة، فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين: في معركة الهياة والموت ضضد بريطانيا<br />
والصهيونية العالمية ١٩١٧-١٩٤٨ (القاهرة: دار الكتاب العربي، ١٩٥٩)، ص ٩٨؛ ومحمد أمين<br />
الهسسيني، حقاءق عن قضضية فلسسطين، ط ٢ (القاهرة: مكتب الهيئة العربية العليا لفلسسطين، ١٩٥٧)، ص ٥٠.<br />
٢١٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٢٢ حول طبيعة هذه الفترة ودور التيار الٕسسلامي في الانتفاضضات، انظر: محسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٨٩-١٩١.<br />
٢٣ حول ششخصية القسسام بالتفصيل، انظر: المرجع نفسسه، ص ٢٣١-٢٤٧.<br />
٢٤ صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى في فلسسطين: ١٩٣٦-١٩٣٩ (القاهرة: وزارة الشقافة، دار الكتاب<br />
العربي، ١٩٦٧)، ص ٣٣.<br />
٢٥ إميل الغوري، مرجع سسابق، ص ٢٤٨، التوكيد للباحش.<br />
٢٦ عوني العبيدي، ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني (الزرقاء، الٔردن: مكتبة المنار،<br />
دون تاريخ)، ص ٩.<br />
٢٧ بيان الهوت، القيادات والموءسسسسات السسياسسية في فلسسطين ١٩١٧-١٩٤٨ (بيروت: موءسسسسة الدراسسات<br />
الفلسسطينية، ١٩٨١)، ص ٣١٧-٣١٨.<br />
٢٨ سسميه حمودة، الوعي والشورة: دراسسة في حياة وجهاد الششيخ عز الدين القسسام ١٨٨٢-١٩٣٥، ط ٢<br />
(عم َّان: دار الشروق، ١٩٨٦)، ص ٤٢.<br />
٢٩ انظر: صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى، ص ٣١؛ وأكرم زعيتر، الهركة الوطنية الفلسسطينية<br />
١٩٣٥-١٩٣٩: يوميات أكرم زعيتر (بيروت: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٨٠)، ص ٣٠؛<br />
ومحمد نمر الخطيب، من أثر النكبة (دمششق: المطبعة العمومية، ١٩٥١)، ص ٨٧.<br />
٣٠ انظر: علي حسسين خلف، تجربة الششيخ عز الدين القسسام (عم َّان: دار ابن رششد، ١٩٨٤)، ص ٤٤-٤٧،<br />
و٦٠-٥٨؛ وسسميه حمودة، مرجع سسابق، ص ٤٨-٥٠.<br />
٣١ بيان الهوت، مرجع سسابق، ص ٣٢٤؛ وكامل خلة، فلسسطين والانتداب البريطاني ١٩٢٢-١٩٢٩ (طرابلسس،<br />
ليبيا: المنششأة العامة للنشر، ١٩٨٢)، ص ٥٨٤.<br />
٣٢ صبهي ياسسين، حرب العصابات في فلسسطين (القاهرة: الموءسسسسة المصرية العامة للتأليف والنشر – دار<br />
الكتاب العربي، دون تاريخ)، ص ٧٩؛ وصبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى، ص ٣٣-٣٤.<br />
٣٣ صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى، ص ٣٣-٣٤.<br />
٣٤ إبراهيم الششيخ خليل، “رسسالة من مجاهد قديم: ذكريات مع القسسام،” مجلة شوءون فلسسطينية، عدد ٧،<br />
آذار/ مارسس ١٩٧٢، ص ٢٦٨-٢٦٧؛ وبيان الهوت، مرجع سسابق، ص ٣٢٣.<br />
٣٥ صبهي ياسسين، حرب العصابات في فلسسطين، ص ٦٨؛ ومحمد عزة دروزة، فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين،<br />
ص ٢٩.<br />
٣٦ عبد السستار قاسسم، الششيخ المجاهد عز الدين القسسام (بيروت: دار الٔمة للنشر، ١٩٨٤)، ص ٩٩. التوكيد<br />
للباحش.<br />
٣٧ كامل خلة، مرجع سسابق، ص ٥٨٤.<br />
٣٨ علي خلف، مرجع سسابق، ص ٥٤-٥٣؛ ومحمد نمر الخطيب، مرجع سسابق، ص ٨٨؛ وانظر أيضضاً:<br />
S. Abdullah Schleifer “The Life and Thought of Izziddin Al-Qassam”, The Islamic Quarterly,<br />
vol. 23, no. 2, 1979, p. 75.<br />
٣٩ صبهي ياسسين، حرب العصابات في فلسسطين، ص ٧٠.<br />
٤٠ المرجع نفسسه، ص ٧٠.<br />
٤١ عوني العبيدي، ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني، ص ٤٢.<br />
٤٢ كامل خلة، مرجع سسابق، ص ٥٩٤-٥٩٣؛ وعبد السستار قاسسم، مرجع سسابق، ص ٦٥-٦٤؛ و انظر أيضضاً:<br />
The Palestine Police Force, Annual Administrative Report, 1935 (<strong>Jerusalem</strong>: Government<br />
Printing Press, Undated), p. 40.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢١٨
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
٤٣ زهير المارديني، ألف يوم مع الهاج أمين الهسسيني (دون مكان: دون ناشر، ١٩٨٠)، ص ٨٣.<br />
٤٤ عن ثورة فلسسطين سسنة ١٩٣٦: وصف وأخبار ووقاءع ووثاءق، إعداد مكتب الاسستعلامات الفلسسطيني<br />
العربي بمصر (القاهرة: اللجنة الفلسسطينية العربية، كانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٣٦)، ص ٤١.<br />
٤٥ صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى، ص ٤٠.<br />
٤٦ وثاءق الهركة الوطنية الفلسسطينية، ص ٣٩٧. وانظر أيضضاً:<br />
Police Report, 1935, p. 40.<br />
٤٧ عبد السستار قاسسم، مرجع سسابق، ص ٦٦-٦٧.<br />
٤٨ أكرم زعيتر، مرجع سسابق، ص ٣٢.<br />
٤٩ صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى، ص ٣٩-٤١.<br />
٥٠ محمد عزة دروزة، العدوان الٕسراءيلي القديم والعدوان الصهيوني الهديش على فلسسطين وما جاورها<br />
(بيروت: دار الكلمة، ١٩٨٠)، ج ٢، ص ٥٢.<br />
٥١ محمد نمر الخطيب، مرجع سسابق، ص ٨٨.<br />
٥٢ كامل خلة، مرجع سسابق، ص ٥٩٤.<br />
Despach, High Comissioner of Palestine to Secretary of State for the Colonies, 7 December 1935, ٥٣<br />
Secret, C.O. (Colonial Office-London), 733/297/1.<br />
٥٤ عبد السستار قاسسم، مرجع سسابق، ص ١٠٦.<br />
٥٥ إميل الغوري، مرجع سسابق، ص ١٥٦-١٥٩، و٢٣٥-٢٣٢.<br />
٥٦ “وثاءق المقاومة الفلسسطينية العربية ضضد الاحتلال البريطاني والصهيونية ١٩١٨-١٩٣٩،” جمع<br />
وتصنيف عبد الوهاب الكيالي (بيروت: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٦٨)، ص ٦١٤-٦١٦.<br />
٥٧ انظر خلاصة هذه الدراسسة في: محسسن صاله، مرجع سسابق، ٣٥٨-٣٦٠.<br />
٥٨ حول دور جماعة القسسام والٕسسلاميين بششكل عام في الشورة الكبرى، انظر: المرجع نفسسه، ص ٣٦١-٤١٢.<br />
٥٩ حول الشورة الكبرى، انظر: المرجع نفسسه، ص ٣٣١-٣٥١.<br />
٦٠ حسسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ط٥ (بيروت – دمششق: المكتب الٕسسلامي، ١٩٨٣)، ص ٢٨.<br />
٦١ حسسن البنا، مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا، ص ٢٧١-٢٧٣.<br />
٦٢ المرجع نفسسه، ص ١٥٦-١٥٧.<br />
٦٣ حسسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص ١٩٨-١٩٩.<br />
٦٤ حول نششأة جماعة الٕخوان في فلسسطين، انظر: محسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٤٣٨-٤٤٥.<br />
٦٥ المرجع نفسسه، ص ٤٥٠-٤٤٧؛ وبيان الهوت، مرجع سسابق، ص ٥٠٣.<br />
٦٦ كامل الشريف، الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين (الزرقاء، الٔردن: مكتبة المنار، ١٩٨٤)، ص ٤٦٤.<br />
٦٧ مقابلة مع كامل الشريف، عم َّان، ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />
٦٨ مقابلة مع يوسسف عميرة، الكويت، ١٩٨٥/١١/٦.<br />
٦٩ عارف العارف، النكبة: نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود ١٩٤٧-١٩٥٢ (صيدا – بيروت: المكتبة<br />
العصرية، ١٩٥٤)، ج ١، ص ٢٢٧-٢٢٩.<br />
٧٠ مقابلة مع يوسسف عميرة، الكويت، ١٩٨٥/١١/٦.<br />
٧١ مقابلة مع كامل الشريف، عم َّان، ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />
٢١٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٧٢ عارف العارف، النكبة، ج ١، ص ٢٣٤.<br />
٧٣ مقابلة مع يوسسف عميرة، الكويت، ١٩٨٥/١١/٦.<br />
٧٤ حول دور الٔخوان المسسلمين المصريين، انظر: كامل الشريف، الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين؛<br />
ومحسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٤٦٨-٤٧٥. حول دور الٕخوان المسسلمين السسوريين، انظر:<br />
مصطفى السسباعي، الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين (دار النذير، ١٩٨٥)، وعارف العارف، النكبة، ج ١،<br />
ص ٣٢٦، و٣٢٩، و٤٣٧-٤٣٥.<br />
٧٥ حول دور الٕخوان المسسلمين السسوريين، انظر: مصطفى السسباعي، مرجع سسابق؛ وعارف العارف، النكبة،<br />
ج ١، ص ٣٢٦، و٣٢٩، و٤٣٧-٤٣٥.<br />
٧٦ حول دور الٕخوان المسسلمين الٔردنيين، انظر: محسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٤٧٧-٤٧٦؛ وسسليمان موسسى،<br />
أيام لا تنسسى: الٔردن في حرب ١٩٤٨ (الٔردن: مطبعة المسسلهة الٔردنية، ١٩٨٢)، ص ٤٤-٤٥.<br />
٧٧ حول دور الٕخوان المسسلمين العراقيين، انظر: محسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٤٧٨-٤٧٧؛ وبيان الهوت،<br />
مرجع سسابق، ص٦١٣-٦١٢.<br />
٧٨ حول دور القسساميين، انظر: محسسن صاله، مرجع سسابق، ص ٤٧٩-٤٨٠.<br />
٧٩ حول دور الجهاد المقدسس، انظر: مسسعود أبو يصير، مرجع سسابق، ص ٣٤٠-٣٥٦.<br />
٨٠ كتب الكشير عن الهاج أمين ودوره، انظر مشلاً: بيان الهوت، مرجع سسابق، ص ٢٠١-٢٤٩، و٥٩٤-٥٨٥؛<br />
وزهير المارديني، مرجع سسابق؛ وغيرها.<br />
٨١ مقابلة مع يوسسف عميرة، الكويت، ١٩٨٥/١١/٦.<br />
٨٢ فايز سسارة، “الهركة الٕسسلامية في فلسسطين: وحدة الٔيديولوجيا وانقسسام السسياسسة،” مجلة المسستقبل العربي،<br />
عدد ١٢٤، حزيران/ يونيو ١٩٨٩، ص ٥٢.<br />
٨٣ انظر: المرجع نفسسه؛ وربعي المدهون، “الهركة الٕسسلامية في فلسسطين ١٩٢٨-١٩٨٧،” مجلة شوءون<br />
فلسسطينية، عدد ١٨٧، تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٨٨، ص ٢٠-٢٣.<br />
٨٤ حول ما سسبق انظر: عبد االله أبو عزة، مع الهركة الٕسسلامية في الدول العربية (الكويت: دار القلم، ١٩٨٦)،<br />
ص ٢٦-٣٨، و٥٣-٤٨.<br />
Ammon Cohen, Political Parties in the West Bank under the Jordanian Regime, 1949-1967 ٨٥<br />
(London: Cornell University Press), p. 145.<br />
٨٦ مقابلة مع عبد العزيز علي، الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />
٨٧ مقابلة مع سسليمان حمد، الكويت، ١٩٨٦/١/٢٥.<br />
Alan Hart, Arafat: A Political Biography, 4th edition (Bloomington & Indianapolis (U.S.A.): ٨٨<br />
Indiana University Press, 1989), p. 123. (Originally published as Arafat: Terrorist or peacemaker).<br />
Helena Cobban, The Palestinian Liberation Organization: People, Power & Politics (U.S.A.: ٨٩<br />
Cambridge University Press, 1988), pp.23-24.<br />
Hart, op. cit., pp. 556-557. ٩٠<br />
٩١ عبد االله أبو عزة، مرجع سسابق، ص ٧١-٩٦.<br />
٩٢ حول ما سسبق: رسسالة من سسليمان حمد، الكويت، ١٩٩٤/٧/١٧.<br />
ملاحظة: اطلع الٔسستاذ سسليمان حمد على مسسودة ما كتبه الموءلف حول نششأة فته وعلاقتها بالٕخوان، وقام<br />
بإضضافة بعضض المعلومات والتعديلات من خلال الرسسالة المششار إليها.<br />
وانظر أيضضاً حول الموضضوع نفسسه: عبد االله أبو عزة، مرجع سسابق، ٧١-٩٦.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٠
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
٩٣ انظر: ربعي المدهون، مرجع سسابق، ص ٢٤-٢٣؛ وانظر: عوني جدوع العبيدي، حزب التهرير الٕسسلامي<br />
(عمّان: دار اللواء، ١٩٩٣). وانظر أيضضاً:<br />
Cohen, op. cit., p. 209.<br />
٩٤ مقابلة مع عبد العزيز علي، الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧؛ وانظر: عبدا الله أبو عزة، مرجع سسابق، ص ١٢٧-١٤٤.<br />
٩٥ مقابلة مع عبد العزيز علي، الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />
ملاحظة: يذكر محمد الهسسن أن الٕسسلاميين السسوريين أسسهموا ب ٩٥٠ مجاهداً، منهم ٢٥٠ من الٕخوان<br />
وأسسهمت حماة وحدها ب ١٦٠ مجاهداً، واسستششهد منهم العشرات وكان نششاطهم ضضمن معسسكرات الششيوخ.<br />
وقال أيضضاً: إنه أسسهم من إخوان السسودان خمسسون أخاً منهم ٢٢ يهملون الدكتوراه و٢٦ دراسسات عليا<br />
واثنان مدرسسان. غير أن محمد الهسسن لا يششير إلى مصدر هذه المعلومات التي يبدو لنا أنها لا تخلو من<br />
المبالغة. انظر: محمد الهسسن، موقف الٕسسلاميين من قضضية فلسسطين (قطر: مكتبة الفته ومكتبة الغزالي، ١٩٩٥)،<br />
ص ١٣٩، و٢١١.<br />
٩٦ مقابلة مع عبد العزيز علي، الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />
٩٧ عبد االله عزام، حماس: حركة المقاومة الٕسسلامية في فلسسطين: الجذور التاريخية والميشاق (بيششاور،<br />
باكسستان: مكتب خدمات المجاهدين، ١٩٨٩)، ص ٧١-٧٣.<br />
٩٨ محمد الهسسن، مرجع سسابق، ص ١٣٩.<br />
٩٩ عبد االله عزام، مرجع سسابق، ص ٧٤.<br />
١٠٠ المرجع نفسسه، ص ٧٣-٧٤.<br />
١٠١ مقابلة مع عبد العزيز علي، الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />
١٠٢ المرجع نفسسه.<br />
١٠٣ عبد االله عزام، مرجع سسابق، ص ٧٦.<br />
١٠٤ انظر: زياد محمود علي، عداء اليهود للهركة الٕسسلامية (عمّان: دار الفرقان، ١٩٨٢)، ص ١١٤-١٠٠؛<br />
وفايزة سسارة، مرجع سسابق، ص ٥٥.<br />
١٠٥ ربعي المدهون، مرجع سسابق، ص ٢٧.<br />
١٠٦ انظر: أحمد بن يوسسف، أحمد ياسسين: الظاهرة المعجزة وأسسطورة التهدي، ط ٢ (عمّان: دار الفرقان، ١٩٩٠)،<br />
ص ٧-٢١، و٨٠، و٩٢.<br />
١٠٧ انظر: مقابلة مع الدكتور فتهي الششقاقي، مجلة الوسسط، لندن، ١٩٩٥/١١/٦.<br />
١٠٨ المرجع نفسسه.<br />
١٠٩ انظر: حمد سسعيد الموعد، “المصادر الفكرية لهركة الجهاد الٕسسلامي في فلسسطين،” جريدة الهياة، لندن،<br />
.١٩٩٥/١/٢٧<br />
١١٠ الوسسط، .١٩٩٥/١/٣٠<br />
١١١ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/١١/٦.<br />
١١٢ المرجع نفسسه، وانظر أيضضاً: جريدة الٔسسواق، عم َّان، ١٩٩٥/١٠/٣٠.<br />
١١٣ الوسسط، .١٩٩٥/١/٣٠<br />
١١٤ المرجع نفسسه.<br />
١١٥ المرجع نفسسه؛ وانظر أيضضاً حول حركة الجهاد الٕسسلامي: زياد أبو عمرو، الهركة الٕسسلامية في الضضفة<br />
وقطاع غزة (عكا، فلسسطين المهتلة: دار الٔسسوار، ١٩٨٩)، ص ١١١-١٤٨.<br />
١١٦ انظر: غسسان حمدان، الانتفاضضة المباركة: وقاءع وأبعاد (الكويت: دار الفلاه، ١٩٨٩)، ص ٣٦.<br />
٢٢١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١١٧ المرجع نفسسه، ص ٣٧-٣٨.<br />
١١٨ جريدة صوت الششعب، عم َّان، ١٩٩٣/٨/١٧.<br />
١١٩ حول عملية الطاءرة الشراعية، انظر: عبد القادر ياسسين، مجتمع الانتفاضضة الفلسسطينية، سسلسسلة كتاب<br />
الٔهالي، رقم ٤١ (القاهرة: أيار/ مايو ١٩٩٢)، ص ٣٦، وانظر أيضضاً: غسسان حمدان، مرجع سسابق، ص ٣٠.<br />
١٢٠ غسسان حمدان، مرجع سسابق، ص ٤٣٥-٤٣٦.<br />
١٢١ انظر نص البيان الٔول للقيادة الموحدة في: أسسعد عبد الرحمن ونواف الزرو، الانتفاضضة: مقدمات ونتاءج،<br />
تفاعلات وآفاق (بيروت: موءسسسسة الٔبهاش العربية، ١٩٨٩)، ص ١٩٤-١٩٥.<br />
١٢٢ صوت الششعب، ١٩٩٣/١٢/٨.<br />
١٢٣ نشرت جريدة نيويورك تايمز ملخصاً لوثيقة أبي شريف في ١٩٨٨/٦/٢٢، انظر:<br />
Rex Brynen (Editor), Echoes of Intifada: Regional Repercussions of Palestinian Israeli Conflict<br />
١٢٤ انظر: جريدة الرأي، عم َّان، ١٩٨٨/٨/١.<br />
(U.S.A.: Westview Press, 1991), p. 144.<br />
١٢٥ انظر: لطفي الخولي، الانتفاضضة والدولة الفلسسطينية (القاهرة: مركز الٔهرام للترجمة والنشر، ١٩٨٨)،<br />
ص ٣٤٠-٣٥١.<br />
١٢٦ انظر: الرأي، ١٥-١٩٨٨/١٢/١٦.<br />
١٢٧ انظر: النتاءج النهاءية للانتخابات، المرجع نفسسه، ١٩٨٨/١١/٥.<br />
١٢٨ انظر: جريدة الدسستور، الٔردن، ١٩٩٦/٦/١٣.<br />
١٢٩ انظر: جواد الهمد، عملية السسلام في الشرق الٔوسسط: وتطبيقاتها على المسسارين الفلسسطيني والٔردني<br />
(عم َّان: مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٦)، ص ٢٠-٤١.<br />
١٣٠ انظر نص الاتفاق في: عماد يوسسف، الانعكاسسات السسياسسية لاتفاق الهكم الذاتي الفلسسطيني (عم َّان:<br />
مركز الدراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٤)، ص ١٢٨-١٣٦.<br />
١٣١ انظر: الدسستور، ١٩٩٤/٥/٥-٤؛ وداود سسليمان، السسلطة الوطنية الفلسسطينية في عام ١٩٩٤-١٩٩٥<br />
(عم َّان: مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥)، ص ٢٣.<br />
١٣٢ انظر: جواد الهمد، مرجع سسابق، ص ٤٣-٤٤.<br />
١٣٣ انظر: فتوى علماء المسسلمين بتهريم التنازل عن أي جزء من فلسسطين (الكويت: جمعية الٕصلاه<br />
الاجتماعي، ١٩٩٠). وهو كتاب يتضضمن مجموعة من الفتاوى في هذا الموضضوع. كما أصدر علماء المسسلمين<br />
فتاوى عديدة بعد توقيع اتفاقية أوسسلو، وكان من بينها “بيان نصرة وتضضامن”وقعه علماء المسسلمين<br />
ومعهم قادة الهركات الٕسسلامية والكشير من المفكرين وممشلي القوى الوطنية والسسياسسية، والذي أكد على<br />
أن قضضية فلسسطين هي القضضية المركزية للٔمة العربية والٕسسلامية، وأن الٔمة لن تقبل التفريط بأي جزء من<br />
الٔرضض المباركة مهما كانت مبررات التفريط، وأن نهج التسسوية الذي تحاول فرضضه قوى الاسستكبار العالمي<br />
والصهيوني هو نهج مُدان ومرفوضض، وأن الاعتراف السسياسسي بالاحتلال أو التطبيع معه أمر مرفوضض،<br />
وأن خيار الجهاد هو خيار الٔمة المشروع، كما طالبوا بدعم ومناصرة الششعب الفلسسطيني بكل الوسساءل الممكنة،<br />
ودعم حركات الجهاد والمقاومة، وحذروا من التعرضض لها بسسوء. ومن بين من وق َّع على هذا الاتفاق يوسسف<br />
القرضضاوي، ومحمد حامد أبو النصر، ومصطفى مششهور، وحسسن الترابي، وأبو الهسسن الندوي، والقاضضي<br />
حسسين أحمد، وراششد الغنوششي، وعبد المجيد الزنداني، وفتهي يكن، وعبد المجيد ذنيبات، وعمر الٔششقر،<br />
وجاسسم الياسسين، وعجيل النششمي، ومأمون الهضضيبي، وإسسهق الفرحان، وجاب االله عبد االله... وغيرهم كشير.<br />
وقد صدر هذا البيان في نيسسان/ أبريل ١٩٩٥، ونشرته مجلة فلسسطين المسسلمة، لندن، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٢
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
١٣٤ حسسب تقرير داءرة الشوءون الفلسسطينية في الٔردن، فقد صادر الكيان الٕسراءيلي حتى نهاية<br />
حزيران/ يونيو ١٩٩٣ حوالي ٣,٠٨ مليون دونم من أرضض الضضفة والقطاع، وهو ما يششكل أكثر من<br />
نصف مسساحتهما، انظر: صوت الششعب، ١٩٩٣/٧/١٧.<br />
١٣٥ اسستقال سستة أعضضاء من أصل ١٨ عضضواً من اللجنة التنفيذية للمنظمة في إثر اتفاقات أوسسلو، وأقر َّت<br />
أموراً مهمة دون اكتمال النصاب القانوني لاجتماعها وهو ١٢ عضضواً بمقاطعة آخرين لاجتماعاتها مشل<br />
فاروق قدومي، وعقدت اجتماعها في القاهرة يومي ٢١-١٩٩٥/٢/٢٢ بهضضور تسسعة من أعضضاءها فقط.<br />
وقد اعترضض سسليم الزعنون – رءيسس المجلسس الوطني بالٕنابة (وهو من حركة فته) على ذلك في مذكرة<br />
رفعها إلى ياسر عرفات في ١٩٩٥/٢/٢٧، وقال: إنه حسسب المادة ١٤ ب من قانون المجلسس فإنه إذا كانت<br />
الهالات الششاغرة ثلش أعضضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر يتم ملوءها من قبل المجلسس الوطني في جلسسة خاصة<br />
يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً. انظر: الٔسسواق، ١٩٩٥/٣/٢٩.<br />
١٣٦ جريدة الشرق الٔوسسط، لندن، ١٩٩٥/٣/٦.<br />
١٣٧ المرجع نفسسه، ١٩٩٤/٩/٢٤.<br />
١٣٨ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/٢/١٥.<br />
١٣٩ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/١/٨.<br />
١٤٠ الهياة، .١٩٩٥/٣/٧<br />
١٤١ الدسستور، .١٩٩٤/٩/٢٥<br />
١٤٢ الهياة، .١٩٩٥/٨/٢١<br />
١٤٣ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/٣/٥.<br />
١٤٤ ميشاق حركة المقاومة الٕسسلامية (حماس)، مادة ٢. ١، نشر ميشاق حماسس في ١٩٨٨/٨/١٩.<br />
١٤٥ المرجع نفسسه، مادة ٩.<br />
١٤٦ المرجع نفسسه، المواد ١٣-١٥. ١١،<br />
١٤٧ المرجع نفسسه، المواد ١٦-٢١، و٢٥.<br />
١٤٨ المرجع نفسسه، المواد ٢٥-٢٧. ٢٣،<br />
١٤٩ المرجع نفسسه، مادة ٣١.<br />
١٥٠ المرجع نفسسه، مادة ٢٢، و٣٠.<br />
١٥١ مشلاً: حصل موءيدو حماسس في انتخابات ١٩٩٣/١١/٢٧، في جامعة غزة على ٨١% من الٔصوات، وحصلت<br />
فته على ١٠,٦% انظر: فلسسطين المسسلمة، كانون الشاني/ يناير ١٩٩٤.<br />
١٥٢ انظر: فلسسطين المسسلمة، ششباط/ فبراير ١٩٩٥، وتموز/ يوليو ١٩٩٥.<br />
١٥٣ انظر: المرجع نفسسه، حزيران/ يونيو ١٩٩٦؛ وجريدة القدس العربي، لندن، ١٩٩٦/٥/١٠.<br />
١٥٤ في انتخابات حزيران/ يونيو ١٩٩٥ تقاسسمت حماسس وفته مناصفة ٧٨ مقعداً من أصل ٨١ مقعداً، وحصلت<br />
الكتلة الموءيدة للجبهة الششعبية على المقاعد الشلاش الباقية، وتوقعت حماسس نصراً أكبر لولا اعتقال سسلطات<br />
الاحتلال ٣٠٠ من أنصارها في الجامعة.. انظر: فلسسطين المسسلمة، تموز/ يوليو ١٩٩٥.<br />
١٥٥ انظر: عبد الجواد صاله، “اسستعراضض وتقويم التجارب الانتخابية السسابقة في الضضفة والقطاع،” في جواد<br />
الهمد (محرر)، انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني (عم َّان: مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٤)، ص<br />
٣٠-٣١. والنسسب المششار إليها لانتخابات عقدت خلال السسنوات الٔربع الماضضية، ولم يهدش تغيير ملهوظ في<br />
ميزان القوى حتى الٓن.<br />
٢٢٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
١٥٦ انظر: المرجع نفسسه، ص ٢٥-٢٧. وانظر أيضضاً: عبد الجواد صاله، “انتخابات الغرف التجارية والصناعية<br />
مشلاً،” الهياة، ١٩٩٥/١/٢٧.<br />
١٥٧ انظر: عاطف عدوان وجواد الدلو، “توجهات الناخب الفلسسطيني في الضضفة والقدسس والقطاع، العوامل الموءثرة<br />
فيها والنتاءج المتوقعة في ضضوءها،” في جواد الهمد (محرر)، انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني (عم َّان:<br />
مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٤)، ص ١٢٦-١٢٧.<br />
١٥٨ انظر: المرجع نفسسه، ص ١٢٤؛ وانظر ورقة عمل مقدمة من خليل الششقاقي بنفسس العنوان في: المرجع نفسسه،<br />
ص ١٤٣.<br />
١٥٩ الرأي، .١٩٩٥/٦/٢٤<br />
١٦٠ مجلة الدعوة، ١٩٩٥/٥/١.<br />
١٦١ الهياة، ١٩٩٥/٣/٥. التوكيد للباحش.<br />
١٦٢ انظر: المرجع نفسسه، ١٩٩٥/٨/٩، و١٩٩٥/١٠/٢٣؛ الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥/١٠/٢٣؛ ومجلة المجتمع،<br />
الكويت، ١٩٩٥/١٠/١٧.<br />
١٦٣ انظر: الشرق الٔوسسط، ١٩٩٦/٥/١٠؛ والهياة ١٩٩٦/٥/١٠. وفي ١٩٩٦/١٠/٩ رفضض القضضاء الٔمريكي<br />
اسستئناف د. أبو مرزوق، وأكد على السسماه بتسسليمه للكيان الٕسراءيلي، انظر: الرأي، ١٩٩٦/١٠/١١؛<br />
وجريدة السسبيل، عمّان، ١٩٩٦/١٠/١٥.<br />
١٦٤ انظر: الٔسسواق، ١٩٩٥/٨/١٠؛ والشرق الٔوسسط، ١٩٩٦/٥/١٠.<br />
١٦٥ جريدة الٔردن، عمّان، ١٩٩٦/٨/١٧.<br />
١٦٦ انظر: موسسى الكيلاني، “الرقم الٔصعب في المعادلة،”في الدسستور، ١٩٩٥/٢/١. التوكيد للباحش.<br />
١٦٧ المرجع نفسسه.<br />
١٦٨ الدسستور، .١٩٩٣/٣/٣١<br />
١٦٩ انظر: غسسان دوعر، موعد مع الششاباك: دراسسة في النششاط العسسكري لهركة حماس وكتاءب عز الدين القسسام<br />
خلال عام ١٩٩٣ (لندن: منششورات فلسسطين المسسلمة، ١٩٩٥)، ص ١٥٧.<br />
١٧٠ المرجع نفسسه، ص ١٦٨-١٦٩.<br />
١٧١ المرجع نفسسه، ص ١٧٢.<br />
١٧٢ المرجع نفسسه، ص ٢٢٩.<br />
١٧٣ الٔردن، .١٩٩٦/٨/١٧<br />
١٧٤ غسسان دوعر، أسسود حماس: حرب الٔيام السسبعة (لندن: منششورات فلسسطين المسسلمة، ١٩٩٣)، ص ١٤.<br />
١٧٥ حول الششيخ أحمد ياسسين، انظر: أحمد بن يوسسف، مرجع سسابق، ص ٧-٢١، و٧٣-٧١، و٨٠، و٩٢.<br />
١٧٦ غسسان دوعر، أسسود حماس، ص ١١.<br />
١٧٧ انظر: المرجع نفسسه، ص ١٤.<br />
١٧٨ انظر: غسسان دوعر، عماد عقل: أسسطورة الجهاد والمقاومة (لندن: منششورات فلسسطين المسسلمة، ١٩٩٤)،<br />
ص ٢٣.<br />
١٧٩ غسسان دوعر، أسسود حماس، ص ٢١-٢٢.<br />
١٨٠ المرجع نفسسه، ص ٢٩-٣٠.<br />
١٨١ المرجع نفسسه، ص ٣٣-٤٢.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٤
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
١٨٢ المرجع نفسسه، ص ٤٤.<br />
١٨٣ انظر: المرجع نفسسه، ص٤٧؛ وقد غطى الٕعلام بوسساءله المرءية والمسسموعة والمقروءة تفاصيل الٕبعاد وأحوال<br />
المبعدين وعودتهم منذ إبعادهم وطوال عام ١٩٩٣. انظر مشلاً: أعداد مجلة فلسسطين المسسلمة لسسنة ١٩٩٣.<br />
١٨٤ غسسان دوعر، موعد مع الششاباك، ص ١٨٤، و١٩٢.<br />
١٨٥ المرجع نفسسه، ص ٧٥-٩٠.<br />
١٨٦ المرجع نفسسه، ص ٩٢-٩٥.<br />
١٨٧ المرجع نفسسه، ص ١٢٦-١٢٧.<br />
١٨٨ المرجع نفسسه، ص ١٢٧-١٣٠.<br />
١٨٩ المرجع نفسسه، ص ١١٣-١٢١.<br />
١٩٠ المرجع نفسسه، ص ٩٧-٩٨.<br />
١٩١ غسسان دوعر، عماد عقل، ص ١٨-١٩، و٢٢، و٢٤، و٢٨-٢٧، و٣٠، و٣٦، و٤٣.<br />
١٩٢ المرجع نفسسه، ص ١٥٩.<br />
١٩٣ المرجع نفسسه، ص ١٥٢.<br />
١٩٤ المرجع نفسسه، ص ١٠٥-١٠٨.<br />
١٩٥ المرجع نفسسه، ص ١٥٨.<br />
١٩٦ غسسان دوعر، موعد مع الششاباك، ص ٣٧-٣٩.<br />
١٩٧ القرآن الكريم، سسورة البقرة: ١٩٤.<br />
١٩٨ الدسستور، .١٩٩٥/٩/٥<br />
١٩٩ انظر: نص خطبة الجمعة التي ألقاها الششيخ يوسسف القرضضاوي، والتي نقلت على التلفزيون مباشرة في قطر،<br />
١٩٩٦/٣/٩. ونشرت جزءاً منها مجلة فلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
٢٠٠ الدسستور، .١٩٩٥/٩/٥<br />
٢٠١ انظر: فلسسطين المسسلمة، أيار/ مايو ١٩٩٤.<br />
٢٠٢ انظر: المرجع نفسسه، تشرين الشاني/ نوفمبر ١٩٩٤.<br />
٢٠٣ حول ما سسبق، انظر: المرجع نفسسه؛ والسسبيل، ١٩٩٤/١٠/١٨؛ والرأي، ١٩٩٤/١٠/٢٠.<br />
٢٠٤ فلسسطين المسسلمة، ششباط/ فبراير ١٩٩٥.<br />
٢٠٥ انظر: الرأي، ١٩٩٦/١/٧.<br />
٢٠٦ السسبيل، .١٩٩٥/١/٢٤<br />
٢٠٧ الرأي، .١٩٩٥/١/٢٩<br />
٢٠٨ الدسستور، .١٩٩٥/٢/٢٨<br />
٢٠٩ الرأي، ١٩٩٦/١/١٣. ومن أسسباب اسستقالته اتهامه بالتقصير جراء عملية اغتيال رءيسس الوزراء الٕسراءيلي<br />
إسسهق رابين في ١٩٩٥/١١/٤.<br />
٢١٠ جريدة البلاد، عم َّان، ١٩٩٥/٨/١٦.<br />
٢١١ انظر: الرأي، ٣ و١٩٩٥/٤/٨؛ والدسستور، ١٩٩٥/٤/٤.<br />
٢١٢ انظر: الرأي، ١٩٩٥/٦/٢٧.<br />
٢٢٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
٢١٣ انظر: الهياة، ٥ و١٩٩٥/٨/٩؛ والدسستور ١٩٩٥/٨/١١؛ وفلسسطين المسسلمة، أيلول/ سسبتمبر ١٩٩٥.<br />
٢١٤ انظر: الرأي، ١٩٩٥/٨/٢٢؛ والقدس العربي، ١٩٩٥/٨/٢٢.<br />
٢١٥ الدسستور، .١٩٩٥/٦/٣٠<br />
٢١٦ الٔسسواق، .١٩٩٥/٨/٢٦<br />
٢١٧ الرأي، .١٩٩٦/١/٧<br />
٢١٨ المرجع نفسسه، ١٩٩٦/١/٨؛ والدسستور، ١٩٩٦/١/٩.<br />
٢١٩ انظر: الرأي، ١٩٩٦/١/٩؛ والٔسسواق، ١٩٩٦/١/١١.<br />
٢٢٠ الرأي، .١٩٩٦/١/٧<br />
٢٢١ انظر: المرجع نفسسه؛ والهياة، ١٩٩٦/١/٧؛ والٔسسواق، ١٩٩٦/١/٧.<br />
٢٢٢ انظر: فلسسطين المسسلمة، ششباط/ فبراير ١٩٩٦.<br />
٢٢٣ انظر: المرجع نفسسه، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦؛ والرأي الٔعداد: ٢٦ ششباط/ فبراير - ١ آذار/ مارسس . ١٩٩٦<br />
٢٢٤ الرأي، ١٩٩٦/٢/٢٨؛ وفلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
٢٢٥ الرأي، ١٩٩٦/٣/٤؛ وفلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
٢٢٦ الرأي، ١٩٩٦/٣/٥؛ والهياة، ١٩٩٦/٣/٩؛ وفلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
٢٢٧ انظر حول الموءتمر ونصوص كلمات الوفود والبيان الختامي، في: الرأي، ١٩٩٦/٣/١٤؛ وانظر أيضضاً:<br />
فلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٦.<br />
٢٢٨ فلسسطين المسسلمة، نيسسان/ أبريل ١٩٩٤.<br />
٢٢٩ انظر: الرأي ٢٣-١٩٩٥/١/٢٥.<br />
٢٣٠ انظر: الدسستور، ١٩٩٥/١/٢٣؛ والقدس العربي، ٢٤ و١٩٩٥/١/٣٠؛ والشرق الٔوسسط، ١٩٩٥/٢/٧؛<br />
والوسسط، ١٩٩٥/١/٣٠.<br />
٢٣١ الهياة، .١٩٩٥/١٠/٣٠<br />
٢٣٢ الوسسط، .١٩٩٥/١١/٦<br />
٢٣٣ الرأي، .١٩٩٥/١١/٣<br />
٢٣٤ انظر: الرأي، ١٩٩٦/٣/٥؛ والهياة ١٩٩٦/٣/٩.<br />
٢٣٥ الوسسط، .١٩٩٥/١/٣٠<br />
٢٣٦ المرجع نفسسه، ١٩٩٦/٤/١.<br />
٢٣٧ عماد يوسسف، مرجع سسابق، ص ١٦٥-١٦٦، و١٩٩، و٢١٠.<br />
٢٣٨ داود سسليمان، مرجع سسابق، ص ٦٠.<br />
٢٣٩ انظر: جريدة المهرر، باريسس، ١٩٩٥/٥/٨؛ والمجتمع، ١٩٩٦/٦/٢٥.<br />
٢٤٠ الرأي، .١٩٩٥/٥/٢<br />
٢٤١ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/٥/١٦.<br />
٢٤٢ الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥/٣/٢٢.<br />
٢٤٣ جريدة السسياسسة، الكويت، ١٩٩٥/٤/٢٧.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٢٦
التجربة الٕسسلامية الهديشة والمعاصصرة في فلسسطين<br />
٢٤٤ الهياة، .١٩٩٥/٣/٥<br />
٢٤٥ ما سسبق هو ملخص يمكن اسستنتاجه من خلال الٔدبيات المنششورة والمقابلات الصهفية لهماسس خلال<br />
السسنوات ١٩٩٣-١٩٩٦.<br />
٢٤٦ الرأي، .١٩٩٥/٨/٢٥<br />
٢٤٧ داود سسليمان، مرجع سسابق، ص ١٣٥.<br />
٢٤٨ انظر: المرجع نفسسه، ص ٨٣-٧٥؛ وانظر: تقرير منظمة العفو الدولية، محاكمة منتصف الليل: المهاكمات<br />
السرية والفورية والجاءرة في غزة، حزيران/ يونيو ١٩٩٥، رقم الوثيقة .MDE ١٥/١٥/٩٥<br />
٢٤٩ انظر: تقرير منظمة العفو الدولية، محاكمة منتصف الليل، ص ٢٠؛ والهياة ١٩٩٥/٥/١٦.<br />
٢٥٠ انظر: فلسسطين المسسلمة، تشرين الشاني/ نوفمبر، وكانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٩٤، وكانون الشاني/<br />
يناير ١٩٩٥.<br />
٢٥١ انظر: الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥/٦/٢٧؛ والرأي من ١٩٩٥/٧/٢؛ وفلسسطين المسسلمة، آب/ أغسسطسس ١٩٩٥.<br />
٢٥٢ انظر: المجتمع، ١٩٩٦/٦/٢٩.<br />
٢٥٣ الرأي، .١٩٩٦/٤/١٨<br />
٢٥٤ الشرق الٔوسسط، ١٩٩٦/٤/١٤.<br />
٢٥٥ انظر حول ما سسبق: الرأي ١٩٩٦/٨/٥-٢؛ والهياة ١٩٩٦/٨/٥-٤؛ والسسبيل، ١٩٩٦/٨/١٣. وتوفي بعد<br />
ذلك خالد عبايل في سسجن رام االله التابع لسسلطة الهكم الذاتي، وسسلمت جشته لذويه في ١٩٩٦/٨/١٧، انظر:<br />
فلسسطين المسسلمة، أيلول/ سسبتمبر ١٩٩٦.<br />
٢٥٦ الوثيقة نشرتها السسبيل، ١٩٩٦/٤/٢٣؛ ومجلة الٔسسبوع العربي، باريسس ١٩٩٦/٥/٦.<br />
٢٥٧ حول ما سسبق انظر مشلاً: الدسستور، ١٩٩٥/٨/٣١؛ والٔسسواق، ١٩٩٥/٩/٢٠؛ والرأي ١١ و١٩٩٦/٤/٢٣.<br />
٢٥٨ الهياة، .١٩٩٥/٨/٢١<br />
٢٥٩ المرجع نفسسه، ١٩٩٥/٥/١٦.<br />
٢٦٠ الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥/٨/١٧.<br />
٢٦١ الٔسسواق، .١٩٩٥/٩/٢٠<br />
٢٦٢ عن تصريه مسوءول في حماسس في ١٩٩٦/٤/١١، وبيان لهماسس في ١٩٩٦/٤/٢٢، انظر: فلسسطين المسسلمة،<br />
أيار/ مايو ١٩٩٦.<br />
٢٦٣ انظر: الوسسط، ١٩٩٥/١٢/٢٥.<br />
٢٦٤ الرأي، .١٩٩٥/٨/٢٧<br />
٢٦٥ الهياة، .١٩٩٥/٩/٥<br />
٢٦٦ الدسستور، .١٩٩٥/٩/٦<br />
٢٦٧ انظر: الدسستور، ١٩٩٥/١٢/٢٣؛ والرأي، ١٩٩٥/١٢/٢٤.<br />
٢٦٨ الدسستور، .١٩٩٥/١٢/٢٣<br />
٢٦٩ انظر مشلاً: مقابلة مع خالد مششعل في فلسسطين المسسلمة، آب/ أغسسطسس ١٩٩٦.<br />
٢٧٠ الٔسسواق، .١٩٩٥/٣/٩-٨<br />
٢٧١ الدسستور، .١٩٩٤/٨/٣٠<br />
٢٧٢ فلسسطين المسسلمة، آب/ أغسسطسس ١٩٩٦.<br />
٢٧٣ الهياة، .١٩٩٥/٩/٢٣<br />
٢٢٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
قاءمة المراجع<br />
قاءمة المراجع<br />
أولاً: المراجع العربية:<br />
١. القرآن الكريم.<br />
٢. الوثاءق:<br />
• عن ثورة فلسسطين سسنة ١٩٣٦: وصف وأخبار ووقاءع ووثاءق، إعداد مكتب<br />
الاسستعلامات الفلسسطيني العربي بمصر. القاهرة: اللجنة الفلسسطينية العربية،<br />
كانون الٔول/ ديسسمبر ١٩٣٦.<br />
• فتوى علماء المسسلمين بتهريم التنازل عن أي جزء من فلسسطين. الكويت:<br />
جمعية الٕصلاه الاجتماعي، ١٩٩٠.<br />
• ملف وثاءق فلسسطين، الجزء الٔول: ١٩٣٧-١٩٤٩، إعداد وزارة الٕرششاد<br />
القومي، الهيئة العامة للاسستعلامات. القاهرة: الهيئة العامة للاسستعلامات،<br />
.١٩٦٩<br />
• منظمة العفو الدولية، محاكمة منتصف الليل: المهاكمات السرية والفورية<br />
والجاءرة في غزة، حزيران/ يونيو ١٩٩٥. رقم الوثيقة .MDE ١٥/١٥/٩٥<br />
• ميشاق حركة المقاومة الٕسسلامية “حماس“.<br />
• وثاءق أسساسسية في الصراع العربي الصهيوني، إعداد سسمير أيوب. بيروت:<br />
دار الهداثة، ١٩٨٤.<br />
• وثاءق المقاومة الفلسسطينية العربية ضضد الاحتلال البريطاني والصهيونية<br />
١٩١٨-١٩٣٩، جمع وتصنيف عبد الوهاب الكيالي. بيروت: موءسسسسة<br />
الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٦٨.<br />
٣. المذكرات واليوميات:<br />
• أحمد الششقيري، أربعون عاماً في الهياة العربية والدولية. بيروت:<br />
دار النهار، ١٩٦٩.<br />
• أكرم زعيتر، الهركة الوطنية الفلسسطينية ١٩٣٥-١٩٣٩: يوميات أكرم زعيتر.<br />
بيروت: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٨٠.<br />
• حسسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية, ط ٥. بيروت - دمششق: المكتب<br />
الٕسسلامي، ١٩٨٣.<br />
٢٢٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• خليل السسكاكيني، كذا أنا يا دنيا. دون مكان: دون ناشر، ١٩٨٠.<br />
• زهير المارديني، ألف يوم مع الهاج أمين الهسسيني، دون مكان: دون ناشر،<br />
.١٩٨٠<br />
• عبد االله أبو عزة، مع الهركة الٕسسلامية في الدول العربية. الكويت: دار القلم،<br />
.١٩٨٦<br />
• مذكرات السسلطان عبد الهميد، ترجمة حرب عبد الهميد. القاهرة: دار<br />
الٔنصار، ١٩٧٨.<br />
٤. المقابلات الششخصية:<br />
• مقابلة مع سسليمان حمد. الكويت، ١٩٨٦/١/٢٥.<br />
• مقابلة مع عبد العزيز علي. الكويت، ١٩٨٥/٩/٢٧.<br />
• مقابلة مع كامل الشريف. عم َّان، ١٩٨٥/١٠/٢٨.<br />
• مقابلة مع يوسسف عميرة. الكويت، ١٩٨٥/١١/٦.<br />
٥. المراجع:<br />
• أحمد عادل كمال، الطريق إلى دمششق. بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٠.<br />
• أحمد عادل كمال، الطريق إلى المداءن. بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٦.<br />
• أحمد بن يوسسف، أحمد ياسسين: الظاهرة المعجزة وأسسطورة التهدي. عم َّان:<br />
دار الفرقان، ١٩٩٠.<br />
• أرنسست باركر، الهروب الصليبية، ترجمة السسيد الباز العريني. بيروت: دار<br />
النهضضة العربية، دون تاريخ.<br />
• الٔزدي، تاريخ فتوه الششام، تحقيق عبد المنعم عبد االله عامر. القاهرة:<br />
موءسسسسة سسجل العرب، ١٩٧٠.<br />
• أسسعد عبد الرحمن ونواف الزرو، الانتفاضضة: مقدمات ونتاءج، تفاعلات<br />
وآفاق. بيروت: موءسسسسة الٔبهاش العربية، ١٩٨٩.<br />
• إسسماعيل بن كشير، البداية والنهاية. بيروت: مكتبة دار المعارف، ١٩٨٣.<br />
• إسسماعيل بن كشير، تفسسير القرآن العظيم. بيروت: دار إحياء التراش العربي،<br />
.١٩٦٩<br />
• أميل الغوري، فلسسطين عبر سستين عاماً. بيروت: دار النهار، ١٩٧٢.<br />
• بسسام العسسلي، صلاه الدين الٔيوبي. بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٣.<br />
• البلاذري، فتوه البلدان. بيروت: دار الكتب العلمية، ١٩٨٣.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٠
قاءمة المراجع<br />
• بهاء الدين بن ششداد، النوادر السسلطانية والمهاسسن اليوسسفية. مصر: شركة<br />
طبع الكتاب العربية، ١٣١٧ه.<br />
• بولسس حنا مسسعد، همجية التعاليم الصهيونية. بيروت: دار الكتاب العربي،<br />
.١٩٦٩<br />
• بيان نويهضض الهوت، القيادات والموءسسسسات السسياسسية في فلسسطين<br />
١٩١٧-١٩٤٨. بيروت: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٨١.<br />
• جميل العسسلي، أجدادنا في ثرى بيت المقدس: دراسسة تاريخية لمقابر القدس<br />
وتربها وإثبات بأسسماء الٔعيان المدفونين فيها. عم َّان: موءسسسسة آل البيت:<br />
المجمع الملكي لبهوش الهضضارة الٕسسلامية، ١٩٨١.<br />
• جواد الهمد (محرر)، انتخابات الهكم الذاتي الفلسسطيني. عم َّان: مركز<br />
الدراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٤.<br />
• جواد الهمد، عملية السسلام في الشرق الٔوسسط: وتطبيقاتها على المسسارين<br />
الفلسسطيني والٔردني. عم َّان: مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٦.<br />
• جوزيف نسسيم يوسسف، تاريخ الدولة البيزنطية. الٕسسكندرية: موءسسسسة<br />
ششباب الجامعة، دون تاريخ.<br />
• حرب فلسسطين ١٩٤٧-١٩٤٨ (الرواية الٕسراءيلية الرسسمية)، ترجمه عن<br />
العبرية أحمد خليفة. قبرص: موءسسسسة الدراسسات الفلسسطينية، ١٩٨٤.<br />
• حسسان علي حلاق، موقف الدولة العشمانية من الهركة الصهيونية<br />
١٨٩٧-١٩٠٩، ط ٢. بيروت: الدار الجامعية للطباعة والنشر، ١٩٨٠.<br />
• حسسن البنا، مجموعة رسساءل الٕمام الششهيد حسسن البنا. القاهرة: دار<br />
الششهاب، دون تاريخ.<br />
• خيرية قاسسمية، النششاط الصهيوني في الشرق العربي وصداه ١٩٠٨-١٩١٨،<br />
سسلسسلة كتب فلسسطينية، رقم ٤١. بيروت: مركز الٔبهاش، ١٩٧٣.<br />
• داود سسليمان، السسلطة الوطنية الفلسسطينية في عام ١٩٩٤-١٩٩٥. عم َّان:<br />
مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٥.<br />
• رششيد الدين فضضل االله الهمذاني، جامع التواريخ، المجلد الشاني، ج ١، نقله<br />
للعربية محمد صادق نششأت ومحمد موسسى هنداوي وفوءاد عبد المعطي الصياد.<br />
الجمهورية العربية المتهدة: وزارة الشقافة - دار إحياء الكتب العربية، دون تاريخ.<br />
٢٣١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• زياد أبو عمرو، الهركة الٕسسلامية في الضضفة وقطاع غزة. عكا، (فلسسطين<br />
المهتلة): دار الٔسسوار، ١٩٨٩.<br />
• زياد محمود علي، عداء اليهود للهركة الٕسسلامية. عم َّان: دار الفرقان،<br />
.١٩٨٢<br />
• سسعيد عبد الفتاه عاششور، الهركة الصليبية: صفهة مشرقة في تاريخ الجهاد<br />
الٕسسلامي في العصور الوسسطى. القاهرة: مكتبة الٔنجلو المصرية، ١٩٨٦.<br />
• سسعيد عبد الفتاه عاششور، الٔيوبيون والمماليك في مصر والششام. القاهرة: دار<br />
النهضضة العربية، ١٩٩٠.<br />
• سسليمان موسسى، أيام لا تنسسى: الٔردن في حرب ١٩٤٨. الٔردن: مطبعة القوات<br />
المسسلهة الٔردنية، ١٩٨٢.<br />
• سسميه حمودة، الوعي والشورة: دراسسة في حياة وجهاد الششيخ عز الدين<br />
القاسسم ١٨٨٢-١٩٣٥، ط ٢. عم َّان: دار الشروق، ١٩٨٦.<br />
• السسيد الباز العريني، الشرق الٔدنى في العصور الوسسطى (١) الٔيوبيون.<br />
دون مكان: دار النهضضة العربية، دون تاريخ.<br />
• السسيد الباز العريني، المماليك. بيروت: دار النهضضة العربية، دون تاريخ.<br />
• سسيد قطب، الجهاد في سسبيل االله.<br />
• سسيد قطب، في ظلال القرآن. بيروت: دار إحياء التراش العربي، ١٩٧١.<br />
• ششفيق جاسر أحمد محمود، تاريخ القدس: العلاقة بين المسسلمين<br />
والمسسيهيين فيها منذ الفته الٕسسلامي حتى الهروب الصليبية. عم َّان: دار<br />
البششير، ١٩٨٤.<br />
• ششهاب الدين عبد الرحمن بن إسسماعيل المعروف بأبي ششامة المقدسسي،<br />
الروضضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، تحقيق محمد حلمي<br />
محمد أحمد. القاهرة: لجنة التأليف والترجمة والنشر، ١٩٥٦.<br />
• صاله مسسعود أبو يصير، جهاد ششعب فلسسطين خلال نصف قرن. بيروت:<br />
دار الفته، ١٩٧٠.<br />
• صبهي ياسسين، الشورة العربية الكبرى في فلسسطين: ١٩٣٦-١٩٣٩.<br />
القاهرة: وزارة الشقافة - دار الكتاب العربي، ١٩٦٧.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٢
قاءمة المراجع<br />
• صبهي ياسسين، حرب العصابات في فلسسطين. القاهرة: الموءسسسسة المصرية<br />
العامة للتأليف والنشر - دار الكتاب العربي، دون تاريخ.<br />
• ضضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسسي الهنبلي، فضضاءل بيت<br />
المقدس، تحقيق محمد مطيع حافظ، سسلسسلة فضضاءل الششام، رقم ٢. دمششق:<br />
دار الفكر، ١٩٨٥.<br />
• ظفر الٕسسلام خان، تاريخ فلسسطين القديم: ١٢٢٠ق.م.-١٣٥٩م منذ أول<br />
غزو يهودي حتى آخر غزو صليبي. بيروت: دار النفاءسس، ١٩٨٤.<br />
• عارف العارف، المفصل في تاريخ القدس. القدسس: فوزي يوسسف، ١٩٦١.<br />
• عارف العارف، النكبة: نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود ١٩٤٧-١٩٥٢.<br />
صيدا - بيروت: المكتبة العصرية، ١٩٥٤.<br />
• عبد السستار قاسسم، الششيخ المجاهد عز الدين القسسام. بيروت: دار الٔمة<br />
للنشر، ١٩٨٤.<br />
• عبد السسلام هارون، تهذيب سسيرة ابن هششام، ط ٢. بيروت - الكويت:<br />
موءسسسسة الرسسالة - دار البهوش العلمية، ١٩٧٩.<br />
• عبد العزيز محمد عوضض، مقدمة في تاريخ فلسسطين الهديش ١٨٣١-١٩١٤.<br />
بيروت: الموءسسسسة العربية للدراسسات والنشر - مكتبة المهتسسب، ١٩٨٣.<br />
• عبد القادر ياسسين، مجتمع الانتفاضضة الفلسسطينية، سسلسسلة كتاب الٔهالي،<br />
رقم ٤١. القاهرة، ١٩٩٢.<br />
• عبد االله عزام، حماس: حركة المقاومة الٕسسلامية في فلسسطين: الجذور<br />
التاريخية والميشاق. بيششاور، (باكسستان): مكتب خدمات المجاهدين، ١٩٨٩.<br />
• عجاج نويهضض، رجال من فلسسطين. بيروت: منششورات فلسسطين المهتلة،<br />
.١٩٨١<br />
• علي حسسين خلف، تجربة الششيخ عز الدين القسسام. عم َّان: دار ابن رششد،<br />
.١٩٨٤<br />
• علي بن الهسسين المسسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق<br />
محيي الدين عبد الهميد. مصر: مطبعة السسعادة، ١٩٤٨.<br />
• علي بن محمد الششيباني المعروف بابن الٔثير، الكامل في التاريخ. بيروت: دار<br />
صادر للطباعة - دار بيروت للطباعة والنشر، ١٩٦٥.<br />
• العماد الٔصفهاني، الفته القسسي في الفته القدسسي.<br />
٢٣٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• عماد الدين خليل، نور الدين محمود: الرجل والتجربة. دمششق - بيروت: دار<br />
القلم، ١٩٨٠.<br />
• عماد يوسسف، الانعكاسسات السسياسسية لاتفاق الهكم الذاتي الفلسسطيني.<br />
عم َّان: مركز دراسسات الشرق الٔوسسط، ١٩٩٤.<br />
• عمر سسليمان الٔششقر، العقيدة في االله. الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٤.<br />
• عوني العبيدي، ثورة الششهيد عز الدين القسسام وأثرها في الكفاه الفلسسطيني.<br />
الزرقاء، (الٔردن): مكتبة المنار، دون تاريخ.<br />
• عوني العبيدي، حزب التهرير الٕسسلامي. عم َّان: دار اللواء، ١٩٩٣.<br />
• غسسان حمدان، الانتفاضضة المباركة: وقاءع وأبعاد. الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٩.<br />
• غسسان دوعر الجربان، حرب الٔيام السسبعة: أسسود حماس. عم َّان: منششورات<br />
فلسسطين المسسلمة، ١٩٩٣.<br />
• غسسان دوعر، عماد عقل. عم َّان: منششورات فلسسطين المسسلمة، ١٩٩٤.<br />
• غسسان دوعر، موعد مع الششاباك: دراسسة في النششاط العسسكري لهركة حماس<br />
وكتاءب عز الدين القسسام خلال عام ١٩٩٣. لندن: منششورات فلسسطين<br />
المسسلمة، ١٩٩٥.<br />
• فايد حماد عاششور، جهاد المسسلمين في الهروب الصليبية: العصر الفاطمي<br />
والسسلجوقي والزنكي. بيروت: موءسسسسة الرسسالة، ١٩٨٨.<br />
• كامل خلة، فلسسطين والانتداب البريطاني ١٩٢٢-١٩٣٩. طرابلسس، (ليبيا):<br />
المنششأة العامة للنشر، ١٩٨٢.<br />
• كامل الشريف، الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين. الزرقاء، (الٔردن):<br />
مكتبة المنار، ١٩٨٤.<br />
• لطفي الخولي، الانتفاضضة والدولة الفلسسطينية. القاهرة: مركز الٔهرام<br />
للترجمة والنشر، ١٩٨٨.<br />
• مجير الدين الهنبلي، الٔنس الجليل بتاريخ القدس والخليل. عم َّان: مكتبة<br />
المهتسسب، ١٩٧٣.<br />
• محسسن محمد صاله، التيار الٕسسلامي في فلسسطين وأثره في حركة الجهاد<br />
١٩١٧-١٩٤٨. الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٩.<br />
• محمد أديب العامري، عروبة فلسسطين في التاريخ. صيدا - بيروت: المكتبة<br />
العصرية، ١٩٧٢.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٤
قاءمة المراجع<br />
• محمد أمين الهسسيني، حقاءق عن قضضية فلسسطين. القاهرة: مكتب الهيئة<br />
العربية العليا لفلسسطين، ١٩٥٧.<br />
• محمد الهسسن، موقف الٕسسلاميين من قضضية فلسسطين. قطر: مكتبة الفته<br />
ومكتبة الغزالي، ١٩٩٥.<br />
• محمد بن جرير الطبري، تاريخ الرسسل والملوك، تحقيق<br />
محمد أ بو ا لفضضل إبراهيم. القاهرة: دار المعارف، ١٩٦٩.<br />
• محمد سسلامة النهال، سسياسسة الانتداب البريطاني حول أراضضي فلسسطين<br />
العربية. بيروت: منششورات فلسسطين المهتلة، ١٩٨١.<br />
• محمد عبد االله الخطيب التبريزي، مششكاة المصابيه، تحقيق محمد ناصر الدين<br />
الٔلباني. بيروت: المكتب الٕسسلامي، ١٩٨٥.<br />
• محمد عشمان ششبير، بيت المقدس وما حوله. الكويت: مكتبة الفلاه، ١٩٨٩.<br />
• محمد عزة دروزة، فلسسطين وجهاد الفلسسطينيين: في معركة الهياة والموت<br />
ضضد بريطانيا والصهيونية العالمية ١٩١٧-١٩٤٨. القاهرة: دار الكتاب<br />
العربي، ١٩٥٩.<br />
• محمد عزة دروزة، العدوان الٕسراءيلي القديم والعدوان الصهيوني الهديش<br />
على فلسسطين وما جاورها. بيروت: دار الكلمة، ١٩٨٠.<br />
• محمد علي الزعبي، دفاءن النفسسية اليهودية. بيروت: دون ناشر، ١٩٦٨.<br />
• محمد علي الصابوني، صفوة التفاسسير. بيروت: دار القرآن الكريم، ١٩٨١.<br />
• محمد بن عمر الوافدي، فتوه الششام. بيروت: دار الجيل، دون تاريخ.<br />
• محمد ناصر الدين الٔلباني، تخريج أحاديش “فضضاءل الششام ودمششق“<br />
للربعي. دمششق: المكتب الٕسسلامي، دون تاريخ.<br />
• محمد نمر الخطيب، من أثر النكبة. دمششق: المطبعة العمومية، ١٩٥١.<br />
• محمود سسعيد عمران، معالم تاريخ الٕمبراطورية البيزنطية. بيروت: دار<br />
النهضضة العربية، ١٩٨١.<br />
• محمود ششيت خطاب، بين العقيدة والقيادة.<br />
• مصطفى السسباعي، الٕخوان المسسلمون في حرب فلسسطين. دون مكان: دار<br />
النذير، ١٩٨٥.<br />
• مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسسطين. بيروت: دار الطليعة، ١٩٧٥.<br />
٢٣٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
الطريق إلى القدس<br />
• مصطفى مراد الدباغ، القباءل العربية وسسلاءلها في بلادنا فلسسطين. بيروت:<br />
دار الطليعة، ١٩٧٩.<br />
• مصطفى مراد الدباغ، من هنا وهناك.<br />
• المناوي، فيضض القدير: شره الجامع الصغير. دون مكان: دار الفكر، ١٩٧٢.<br />
• الموسسوعة الفلسسطينية، إشراف أحمد المرعششلي. دمششق: هيئة الموسسوعة<br />
الفلسسطينية، ١٩٨٤.<br />
• وليم فهمي، الهجرة اليهودية إلى فلسسطين. مصر: الهيئة المصرية العامة<br />
للكتاب، ١٩٧٤.<br />
٦. مقالات وأبهاش في دوريات:<br />
• إبراهيم الششيخ خليل، “رسسالة من مجاهد قديم: ذكريات مع القسسام،“ مجلة<br />
شوءون فلسسطينية، عدد ٧، آذار/ مارسس ١٩٧٢.<br />
• ربعي المدهون، “الهركة الٕسسلامية في فلسسطين ١٩٢٨-١٩٨٧،“ مجلة شوءون<br />
فلسسطينية، عدد ١٨٧، تشرين الٔول/ أكتوبر ١٩٨٨.<br />
• فايز سسارة، “الهركة الٕسسلامية في فلسسطين: وحدة الٔيديولوجيا وانقسسام<br />
السسياسسية،“ مجلة المسستقبل العربي، عدد ١٢٤، حزيران/ يونيو ١٩٨٩.<br />
٧. مجلات ودوريات:<br />
• جريدة الٔردن، عم َّان.<br />
• جريدة الٔسسبوع العربي، باريسس.<br />
• جريدة الٔسسواق، عم َّان.<br />
• جريدة البلاد، عم َّان.<br />
• جريدة الهياة، لندن.<br />
• جريدة الدسستور، عم َّان.<br />
• مجلة الدعوة.<br />
• جريدة الرأي، عم َّان.<br />
• جريدة السسبيل، عم َّان.<br />
• جريدة السسياسسة، الكويت.<br />
• جريدة الشرق الٔوسسط، لندن.<br />
• جريدة صوت الششعب، عم َّان.<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات ٢٣٦
قاءمة المراجع<br />
1. Unpublished Documents:<br />
• مجلة فلسسطين المسسلمة، لندن.<br />
• جريدة القدس العربي، لندن.<br />
• مجلة المجتمع، الكويت.<br />
• جريدة المهرر، باريسس.<br />
• مجلة الوسسط، لندن.<br />
ثانياً: المراجع الٔجنبية:<br />
Despach, High Comissioner of Palestine to Secretary of State for the<br />
Colonies, 7/12/1935, Secret, C.O. (Colonial Office-London), 733/297/1.<br />
2. Official Report:<br />
Issued by Government of Palestine:<br />
The Palestine Police Force, Annual Administrative Report 1935.<br />
<strong>Jerusalem</strong>: Government Printing Press, Undated.<br />
3. Books:<br />
• Brynen, Rex, Echoes of Intifada: Regional Reburcusions of<br />
Palestinian Israeli Conflict. U.S.A.: Westview Press, 1991.<br />
• Cobban, Helena, The Palestinian Liberation Organization: People,<br />
Power & Politics. U.S.A.: Cambridge University Press, 1988.<br />
• Cohen, Amnon, Political Parties in the West Bank under the<br />
Jordanian Regime 1949-1967. London: Cornell University Press,<br />
Undated.<br />
• Hadas, Moses, A History of Rome: from its Origin to 529 A.D.<br />
U.S.A.: Peter Smith, 1976.<br />
• Hart, Alan, Arafat: A Political Biography. Bloomington &<br />
Indianapolis (U.S.A.): Indiana University Press, 1989.<br />
• Jones, A.H.M., The Later Roman Empire 284-602. Paltimore<br />
(U.S.A.): Johns Hopkins, 1986.<br />
4. Articles:<br />
Schleifer, S. Abdullah, “The Life and Thought of Izziddin Al-Qassam”,<br />
The Islamic Quarterly, vol. 23, no. 2, 1979.<br />
٢٣٧ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
إصصدارات مركز الزيتونة للدراسات والاستششارات<br />
أولاً: الٕصصدارات باللغة العربية:<br />
١. بششير نافع ومحسسن محمد صاله، محرران، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة<br />
.٢٠٠٦ ،٢٠٠٥<br />
٢. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٧. ٢٠٠٦،<br />
٣. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٨. ٢٠٠٧،<br />
٤. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠٠٩. ٢٠٠٨،<br />
٥. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١٠. ٢٠٠٩،<br />
٦. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١١. ٢٠١٠،<br />
٧. محسسن محمد صاله، محرر، التقرير الاسستراتيجي الفلسسطيني لسسنة ٢٠١٢. ٢٠١١،<br />
٨. محسسن محمد صاله وواءل سسعد، محرران، مختارات من الوثاءق الفلسسطينية لسسنة<br />
.٢٠٠٦ ،٢٠٠٥<br />
٩. محسسن محمد صاله وواءل سسعد، محرران، الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠٠٨. ٢٠٠٦،<br />
١٠. محسسن محمد صاله وواءل سسعد، محرران، الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠٠٩. ٢٠٠٧،<br />
١١. محسسن محمد صاله وواءل سسعد وعبد الهميد فخري الكيالي، محررون، الوثاءق<br />
الفلسسطينية لسسنة ٢٠١١. ٢٠٠٨،<br />
١٢. محسسن محمد صاله وواءل سسعد، محرران، الوثاءق الفلسسطينية لسسنة ٢٠١٢. ٢٠٠٩،<br />
١٣. واءل سسعد، الهصار: دراسسة حول حصار الششعب الفلسسطيني ومحاولات إسسقاط<br />
حكومة حماس، ٢٠٠٦.<br />
١٤. محمد عارف زكاء االله، الدين والسسياسسة في أميركا: صعود المسسيهيين الٕنجيليين<br />
وأثرهم، ترجمة أمل عيتاني، ٢٠٠٧.<br />
١٥. أحمد سسعيد نوفل، دور إسراءيل في تفتيت الوطن العربي، ٢٠٠٧، ط ٢٠١٠. ٢،<br />
١٦. محسسن محمد صاله، محرر، منظمة التهرير الفلسسطينية: تقييم التجربة وإعادة<br />
البناء، ٢٠٠٧.<br />
١٧. محسسن محمد صاله، محرر، قراءات نقدية في تجربة حماس وحكومتها ٢٠٠٦-٢٠٠٧،<br />
.٢٠٠٧<br />
١٨. خالد وليد محمود، آفاق الٔمن الٕسراءيلي: الواقع والمسستقبل، ٢٠٠٧.<br />
٢٣٩ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
١٩. حسسن ابهيص وواءل سسعد، التطورات الٔمنية في السسلطة الفلسسطينية ٢٠٠٦-٢٠٠٧،<br />
ملف الٔمن في السسلطة الفلسسطينية (١)، ٢٠٠٨.<br />
٢٠. محسسن محمد صاله، محرر، صراع الٕرادات: السسلوك الٔمني لفته وحماس والٔطراف<br />
المعنية ٢٠٠٦-٢٠٠٧، ملف الٔمن في السسلطة الفلسسطينية (٢)، ٢٠٠٨.<br />
٢١. مريم عيتاني، صراع الصلاحيات بين فته وحماس في إدارة السسلطة الفلسسطينية<br />
.٢٠٠٨ ،٢٠٠٧-٢٠٠٦<br />
٢٢. نجوى حسساوي، حقوق اللاجئين الفلسسطينيين بين الشرعية الدولية والمفاوضضات<br />
الفلسسطينية – الٕسراءيلية، ٢٠٠٨.<br />
٢٣. محسسن محمد صاله، محرر، أوضضاع اللاجئين الفلسسطينيين في لبنان، ٢٠٠٨، ط ٢،<br />
.٢٠١٢<br />
٢٤. إبراهيم غوششة، المئذنة الهمراء، ٢٠٠٨.<br />
٢٥. عدنان أبو عامر، مترجم، دروس مسستخلصة من حرب لبنان الشانية (تموز ٢٠٠٦):<br />
تقرير لجنة الخارجية والٔمن في الكنيسست الٕسراءيلي، ٢٠٠٨.<br />
٢٦. عدنان أبو عامر، ثغرات في جدار الجيشش الٕسراءيلي، ٢٠٠٩.<br />
٢٧. قصي أحمد حامد، الولايات المتهدة والتهول الديموقراطي في فلسسطين، ٢٠٠٩.<br />
٢٨. أمل عيتاني وعبد القادر علي ومعين منّاع، الجماعة الٕسسلامية في لبنان منذ النششأة<br />
حتى .٢٠٠٩ ،١٩٧٥<br />
٢٩. سسمر جودت البرغوثي، سسمات النخبة السسياسسية الفلسسطينية قبل وبعد قيام السسلطة<br />
الوطنية الفلسسطينية، ٢٠٠٩.<br />
٣٠. عبد الهميد الكيالي، محرر، دراسسات في العدوان الٕسراءيلي على قطاع غزة: عملية<br />
الرصاصص المصبوب/ معركة الفرقان، ٢٠٠٩.<br />
٣١. عدنان أبو عامر، مترجم، قراءات إسراءيلية اسستراتيجية: التقدير الاسستراتيجي<br />
الصادر عن معهد أبهاش الٔمن القومي الٕسراءيلي، ٢٠٠٩.<br />
٣٢. سسامه خليل الوادية، المسوءولية الدولية عن جراءم الهرب الٕسراءيلية، ٢٠٠٩.<br />
٣٣. محمد عيسسى صالهية، مدينة القدس: السسكان والٔرضض (العرب واليهود)<br />
١٣٦٨-١٢٧٥ه/ ١٩٤٨-١٨٥٨م، ٢٠٠٩.<br />
٣٤. رأفت فهد مرة، الهركات والقوى الٕسسلامية في المجتمع الفلسسطيني في لبنان:<br />
النششأة – الٔهداف – الٕنجازات، ٢٠١٠.<br />
٢٤٠<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
٣٥. سسامي الصلاحات، فلسسطين: دراسسات من منظور مقاصد الشريعة الٕسسلامية، ط ٢<br />
(بالتعاون مع موءسسسسة فلسسطين للشقافة)، ٢٠١٠.<br />
٣٦. محسسن محمد صاله، محرر، دراسسات في التراش الشقافي لمدينة القدس، ٢٠١٠.<br />
٣٧. مأمون كيوان، فلسسطينيون في وطنهم لا دولتهم، ٢٠١٠.<br />
٣٨. محسسن محمد صاله، حقاءق وثوابت في القضضية الفلسسطينية: روءية إسسلامية، ٢٠١٠.<br />
٣٩. عبد الرحمن محمد علي، محرر، إسراءيل والقانون الدولي، ٢٠١١.<br />
٤٠. كريم الجندي، صناعة القرار الٕسراءيلي: الٓليات والعناصر الموءثرة، ترجمة<br />
أمل عيتاني، ٢٠١١.<br />
٤١. وسسام أبي عيسسى، الموقف الروسسي تجاه حركة حماس: ٢٠٠٦-٢٠١٠، ٢٠١١.<br />
٤٢. سسامي محمد الصلاحات، الٔوقاف الٕسسلامية في فلسسطين ودورها في مواجهة الاحتلال<br />
الٕسراءيلي، ٢٠١١.<br />
٤٣. نادية سسعد الدين، حق عودة اللاجئين الفلسسطينيين: بين حل الدولتين ويهودية<br />
الدولة، ٢٠١١.<br />
٤٤. عامر خليل أحمد عامر، السسياسسة الخارجية الٕسراءيلية تجاه إفريقيا: السسودان<br />
نموذجاً، ٢٠١١.<br />
٤٥. إبراهيم أبو جابر وآخرون، الداخل الفلسسطيني ويهودية الدولة، ٢٠١١.<br />
٤٦. عبد الرحمن محمد علي، الجراءم الٕسراءيلية خلال العدوان على قطاع غزة: دراسسة<br />
قانونية، ٢٠١١.<br />
٤٧. محسسن محمد صاله، القضضية الفلسسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة،<br />
.٢٠١٢<br />
٤٨. ناءل إسسماعيل رمضضان، أحكام الٔسرى في سسجون الاحتلال الٕسراءيلي: دراسسة فقهية<br />
مقارنة، ٢٠١٢.<br />
٤٩. حسسني محمد البوريني، مرج الزهور: محطة في تاريخ الهركة الٕسسلامية في فلسسطين،<br />
.٢٠١٢<br />
٥٠. غسسان محمد دوعر، المسستوطنون الصهاينة في الضضفة الغربية: الاعتداء على الٔرضض<br />
والٕنسسان، ٢٠١٢.<br />
٥١. محسسن محمد صاله، الطريق إلى القدس: دراسسة تاريخية في رصيد التجربة الٕسسلامية<br />
على أرضض فلسسطين منذ عصور الٔنبياء وحتى أواخر القرن العشرين، ط ٢٠١٢. ٥،<br />
(نسسخة إلكترونية)<br />
٢٤١ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
٥٢. دلال باجسس، الهركة الطلابية الٕسسلامية في فلسسطين: الكتلة الٕسسلامية نموذجاً،<br />
.٢٠١٢<br />
٥٣. واءل عبد الهميد المبهوه، المعارضضة في الفكر السسياسسي لهركة المقاومة الٕسسلامية<br />
(حماس) ١٩٩٤-٢٠٠٦: دراسسة تحليلية، ٢٠١٢.<br />
٥٤. عباسس إسسماعيل، عنصرية إسراءيل: فلسسطينيو ٤٨ نموذجاً، سسلسسلة أولسست<br />
إنسساناً؟ ،(١) .٢٠٠٨<br />
٥٥. حسسن ابهيص وسسامي الصلاحات ومريم عيتاني، معاناة المرأة الفلسسطينية تحت<br />
الاحتلال الٕسراءيلي، سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٢)، ٢٠٠٨.<br />
٥٦. أحمد الهيلة ومريم عيتاني، معاناة الطفل الفلسسطيني تحت الاحتلال الٕسراءيلي،<br />
سسلسسلة أولسست إنسساناً َ؟ (٣)، ٢٠٠٨.<br />
٥٧. فراسس أبو هلال، معاناة الٔسسير الفلسسطيني في سسجون الاحتلال الٕسراءيلي، سسلسسلة<br />
أولسست إنسساناً َ؟ (٤)، ٢٠٠٩.<br />
٥٨. ياسر علي، المجازر الٕسراءيلية بهق الششعب الفلسسطيني، سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٥)،<br />
.٢٠٠٩<br />
٥٩. مريم عيتاني ومعين منّاع، معاناة اللاجئ الفلسسطيني، سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (٦)،<br />
.٢٠١٠<br />
٦٠. محسسن محمد صاله، معاناة القدس والمقدسسات تحت الاحتلال الٕسراءيلي، سسلسسلة<br />
أولسست إنسساناً؟ (٧)، ٢٠١١.<br />
٦١. حسسن ابهيص وخالد عايد، الجدار العازل في الضضفة الغربية، سسلسسلة أولسست<br />
إنسساناً؟ ،(٨) .٢٠١٠<br />
٦٢. مريم عيتاني وأمين أبو وردة ووضضّ اه عيد، معاناة العامل الفلسسطيني تحت الاحتلال<br />
الٕسراءيلي، سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (١٠)، ٢٠١١.<br />
٦٣. فاطمة عيتاني وعاطف دغلسس، معاناة المريضض الفلسسطيني تحت الاحتلال الٕسراءيلي،<br />
سسلسسلة أولسست إنسساناً؟ (١١)، ٢٠١١.<br />
٦٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، معاناة قطاع غزة تحت الهصار<br />
الٕسراءيلي، سسلسسلة تقرير معلومات (١)، ٢٠٠٨.<br />
٦٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، معابر قطاع غزة: شريان حياة أم أداة<br />
حصار، سسلسسلة تقرير معلومات (٢)، ٢٠٠٨.<br />
٢٤٢<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
٦٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، أثر الصواريخ الفلسسطينية في الصراع مع<br />
الاحتلال الٕسراءيلي، سسلسسلة تقرير معلومات (٣)، ٢٠٠٨.<br />
٦٧. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، مسسار المفاوضضات الفلسسطينية الٕسراءيلية<br />
ما بين “أنابوليس” والقمة العربية في دمششق (خريف – ٢٠٠٧ ربيع ٢٠٠٨)،<br />
سسلسسلة تقرير معلومات (٤)، ٢٠٠٨.<br />
٦٨. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الفسساد في الطبقة السسياسسية الٕسراءيلية،<br />
سسلسسلة تقرير معلومات (٥)، ٢٠٠٨.<br />
٦٩. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الثروة الماءية في الضضفة الغربية وقطاع<br />
غزة بين الهاجة الفلسسطينية والانتهاكات الٕسراءيلية، سسلسسلة تقرير معلومات (٦)،<br />
.٢٠٠٨<br />
٧٠. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، مصر وحماس، سسلسسلة تقرير<br />
معلومات ،(٧) .٢٠٠٩<br />
٧١. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، العدوان الٕسراءيلي على قطاع غزة<br />
(٢٠٠٨/١٢/٢٧-٢٠٠٩/١/١٨)، سسلسسلة تقرير معلومات (٨)، ٢٠٠٩.<br />
٧٢. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، حزب كاديما، سسلسسلة تقرير معلومات (٩)،<br />
.٢٠٠٩<br />
٧٣. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الترانسسفير (طرد الفلسسطينيين) في الفكر<br />
والممارسسات الٕسراءيلية، سسلسسلة تقرير معلومات (١٠)، ٢٠٠٩.<br />
٧٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الملف الٔمني بين السسلطة الفلسسطينية<br />
وإسراءيل، سسلسسلة تقرير معلومات (١١)، ٢٠٠٩.<br />
٧٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، اللاجئون الفلسسطينيون في العراق، سسلسسلة<br />
تقرير معلومات (١٢)، ٢٠٠٩.<br />
٧٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، أزمة مخيم نهر البارد، سسلسسلة تقرير<br />
معلومات ،(١٣) .٢٠١٠<br />
٧٧. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، المجلس التشريعي الفلسسطيني في الضضفة<br />
الغربية وقطاع غزة ١٩٩٦-٢٠١٠، سسلسسلة تقرير معلومات (١٤)، ٢٠١٠.<br />
٧٨. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الٔونروا: برامج العمل وتقييم الٔداء،<br />
سسلسسلة تقرير معلومات (١٥)، ٢٠١٠.<br />
٢٤٣ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
٧٩. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، دور الاتحاد الٔوروبي في مسسار التسسوية<br />
السسلمية للقضضية الفلسسطينية، سسلسسلة تقرير معلومات (١٦)، ٢٠١٠.<br />
٨٠. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، تركيا والقضضية الفلسسطينية، سسلسسلة تقرير<br />
معلومات ،(١٧) .٢٠١٠<br />
٨١. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، إششكالية إعطاء اللاجئين الفلسسطينيين في<br />
لبنان حقوقهم المدنية، سسلسسلة تقرير معلومات (١٨)، ٢٠١١.<br />
٨٢. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، حزب العمل الٕسراءيلي، سسلسسلة تقرير<br />
معلومات ،(١٩) .٢٠١١<br />
٨٣. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، قوافل كسر الهصار عن قطاع غزة، سسلسسلة<br />
تقرير معلومات (٢٠)، ٢٠١١.<br />
٨٤. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الاسستيطان الٕسراءيلي في الضضفة الغربية<br />
١٩٩٣-٢٠١١، سسلسسلة تقرير معلومات (٢١)، ٢٠١٢.<br />
٨٥. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، ششاليط: من عملية “الوهم المتبدد” إلى<br />
صفقة “وفاء الٔحرار” ، سسلسسلة تقرير معلومات (٢٢)، ٢٠١٢.<br />
٨٦. قسسم الٔرششيف والمعلومات، مركز الزيتونة، الموقف الٕسراءيلي من ثورة ٢٥ يناير<br />
المصرية، سسلسسلة تقرير معلومات (٢٣)، ٢٠١٢.<br />
ثانياً: الٕصصدارات باللغة الٕنجليزية:<br />
87. Mohsen Moh’d Saleh and Basheer M. Nafi, editors, The Palestinian<br />
Strategic Report 2005, 2007.<br />
88. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2006, 2010.<br />
89. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2007, 2010.<br />
90. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2008, 2010.<br />
91. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2009/10,<br />
2011.<br />
92. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2010/11,<br />
2012.<br />
93. Mohsen Moh’d Saleh, editor, The Palestinian Strategic Report 2011/12,<br />
2012.<br />
94. Muhammad Arif Zakaullah, Religion and Politics in America: The Rise of<br />
Christian Evangelists and Their Impact, 2007.<br />
٢٤٤<br />
مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات
95. Mohsen Moh’d Saleh and Ziad al-Hasan, The Political Views of the<br />
Palestinian Refugees in Lebanon as Reflected in May 2006, 2009.<br />
96. Ishtiaq Hossain and Mohsen Moh’d Saleh, American Foreign Policy &<br />
the Muslim World, 2009.<br />
97. Karim El-Gendy, The Process of Israeli Decision Making: Mechanisms,<br />
Forces and Influences, 2010. (electronic book)<br />
98. Abbas Ismail, The Israeli Racism: Palestinians in Israel: A Case Study,<br />
Book Series: Am I Not a Human (1), translated by Aladdin Assaiqeli,<br />
2009.<br />
99. Hasan Ibhais, Mariam Itani and Sami al-Salahat, The Suffering of the<br />
Palestinian Woman Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not<br />
a Human (2), translated by Iman Itani, 2010.<br />
100. Ahmad el-Helah and Mariam Itani, The Suffering of the Palestinian Child<br />
Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (3),<br />
translated by Iman Itani, 2010.<br />
101. Firas Abu Hilal, The Suffering of the Palestinian Prisoners & Detainees<br />
Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (4),<br />
translated by Baraah Darazi, 2011.<br />
102. Mariam Itani and Mo’in Manna’, The Suffering of the Palestinian<br />
Refugee, Book Series: Am I Not a Human (6), translated by Salma<br />
al-Houry, 2010.<br />
103. Mohsen Moh’d Saleh, The Suffering of <strong>Jerusalem</strong> and the Holy Sites<br />
Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (7),<br />
translated by Salma al-Houry, 2012.<br />
104. Fatima Itani and Atef Daghlas, The Suffering of the Palestinian Patient<br />
Under the Israeli Occupation, Book Series: Am I Not a Human (11),<br />
translated by Mohammed Ibrahim El-Jadili and Saja Abed Rabo<br />
El-Shami, 2012.<br />
٢٤٥ مركز الزيتونة للدراسسات والاسستشارات