4 - Islamguiden

4 - Islamguiden 4 - Islamguiden

islamguiden.com
from islamguiden.com More from this publisher
22.11.2014 Views

إنّ‏ الحمد هلل،‏ نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ باهلل من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا ، من يهده اهلل فال مضل له ، و من يضلل فال هادي له ، و أشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له و أشهد أن محمدًا عبده و رسوله . ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‏ آمَنُوا اتَّقُوا اهللََّ‏ حَ‏ قَّ‏ تُقَاتِهِ‏ وَالَ‏ تَمُوتُنَّ‏ إِالَّ‏ وَأَنْتُمْ‏ مُسْ‏ لِمُونَ‏ ) آل عمران ، 102 ‏)يَا أَيُّهَا النَّاسُ‏ اتَّقُوا رَ‏ بَّكُمُ‏ الَّذِي خَ‏ لَقَكُمْ‏ مِنْ‏ نَفْسٍ‏ وَاحِ‏ دَةٍ‏ وَخَ‏ لَقَ‏ مِنْهَا زَ‏ وْجَ‏ هَا وَبَثَّ‏ مِنْهُمَا رِ‏ جَ‏ االً‏ كَثِيرً‏ ا وَنِسَ‏ اءً‏ ۚ وَاتَّقُوا اهللََّ‏ الَّذِي تَسَ‏ اءَلُونَ‏ بِهِ‏ وَاأل ‏َْرْ‏ حَ‏ امَ‏ ۚ إِنَّ‏ اهللََّ‏ كَانَ‏ عَ‏ لَيْكُمْ‏ رَ‏ قِيبًا ) النساء ، 1 ‏)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ‏ آمَنُوا اتَّقُوا اهللََّ‏ وَقُولُوا قَوْالً‏ سَ‏ دِيدًا يُصْ‏ لِحْ‏ لَكُمْ‏ أَعْ‏ مَالَكُمْ‏ وَيَغْفِرْ‏ لَكُمْ‏ ذُنُوبَكُمْ‏ ۗ وَمَنْ‏ يُطِ‏ عِ‏ اهللََّ‏ وَرَ‏ سُ‏ ولَهُ‏ فَقَدْ‏ فَازَ‏ فَوْزً‏ ا عَ‏ ظِ‏ يمًا ) األحزاب - 70 71 . أما بعد ، فإنَّ‏ أصدق الحديث كتاب اهلل ، و أحسن الهدي هدي محمد ، و شر األمور محدثاتها ، و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضاللة ، و كل ضاللة في النار . األدب و حسن الخلق و حقوق المسلمين ، و ال يكون المرء صالحً‏ ا مصلحً‏ ا إال إذا عرف هذه الثالث . أوال : األدب وحسن الخلق : يزين الغريب إِذَا مَا اغترب ... ثَالث فمنهن حسن األدب وثانيه حسن أخالقه ... وثالثه اجتناب الريب « نحن إلى قليل من األدب أشدّ‏ حاجة إلى كثير من العلم » ابن المبارك رحمه اهلل - مدارج السالكين . « يا بني اجعل عملك ملحاً‏ و أدبك دقيقاً‏ » رويم بن أحمد البغدادي البنه . « من تهاون باألدب عوقب بحرمان السنن ، و من تهاون بالسنن عوقب بحرمان الفرائض ، و من تهاون بالفرائض عوقب بحرمان المعرفة « عبد اهلل بن المبارك رحمه اهلل - مدارج السالكين . قال مالك رحمه اهلل:‏ « كانت أمي تعمّمني ، و تقول لي : اذهب إلى ربيعة فتعلّم من أدبه قبل علمه » . « علمٌ‏ بال أدب كنار بال حطب ، و أدبٌ‏ بال علم كروحٍ‏ بال جسم » أبو زكريا العنبري رحمه اهلل . و قال العلماء : « من قصر به حسبه نهض به أدبه » . لذلك قيل : كن ابن من شئت و اكتسب أدبًا محموده يغنيك عن النسبا ليس الجمال ثيابًا تزينه إنَّ‏ الجمال جمال العلم و األدبا و ليس الفتى من قال هذا أبي و هذا عمي لكنَّ‏ الفتى من قال ها أنا ذا 8

و قال ابن القيم رحمه اهلل في مدارج السالكين : « أَدَبُ‏ الْمَرْ‏ ءِ‏ : عُ‏ نْوَانُ‏ سَ‏ عَادَتِهِ‏ وَفَالَ‏ حِ‏ هِ‏ . وَ‏ قِلَّةُ‏ أَدَبِهِ‏ : عُ‏ نْوَانُ‏ شَ‏ قَاوَتِهِ‏ و ‏ُْمِّ‏ بَوَارِ‏ هِ‏ ؛ فَمَا اسْ‏ تُجْ‏ لِبَ‏ خَ‏ يْرُ‏ الدُّنْيَا وَ‏ الْ‏ خِ‏ رَ‏ ةِ‏ بِمِثْلِ‏ األ ‏َْدَبِ‏ ، وَ‏ الَ‏ اسْ‏ تُجْ‏ لِبَ‏ حِ‏ رْ‏ مَانُهُمَا بِمِثْلِ‏ قِلَّةِ‏ األ َ فَانْظُ‏ رْ‏ إِلَى األ ‏َْدَبِ‏ مَعَ‏ الْوَالِدَيْنِ‏ ، كَيْفَ‏ نَجَّى صَ‏ احِ‏ بَهُ‏ مِنْ‏ حَ‏ بْسِ‏ الْغَارِ‏ حِينَ‏ أَطْ‏ بَقَتْ‏ عَلَيْهِمُ‏ الصَّ‏ خْ‏ رَةُ‏ ! ، وَ‏ اإلِْخْ‏ الَ‏ لُ‏ بِهِ‏ مَعَ‏ األ - تَأْوِيالً‏ وَ‏ إِقْبَاالً‏ عَ‏ لَى الصَّ‏ الَ‏ ةِ‏ - كَيْفَ‏ امْتُحِ‏ نَ‏ صَ‏ احِ‏ بُهُ‏ بِهَدْمِ‏ صَ‏ وْمَعَتِهِ‏ وَ‏ ضَ‏ رْ‏ بِ‏ النَّاسِ‏ لَهُ‏ ، وَ‏ رَ‏ مْيِهِ‏ بِالْفَاحِ‏ شَ‏ ةِ‏ .! وَ‏ تَأَمَّلْ‏ أَحْ‏ وَالَ‏ كُلِّ‏ شَ‏ قِيٍّ‏ وَ‏ مُغْتَرٍّ‏ وَ‏ مُدْبِرٍ‏ ، كَيْفَ‏ تَجِ‏ دُ‏ قِلَّةَ‏ األ ‏َْدَبِ‏ هِيَ‏ الَّتِي سَ‏ اقَتْهُ‏ إِلَى الْحِ‏ رْ‏ مَانِ‏ . وَ‏ انْظُ‏ رْ‏ قِلَّةَ‏ أَدَبِ‏ عَ‏ وْفٍ‏ مَعَ‏ خَ‏ الِدٍ‏ ، كَيْفَ‏ حَ‏ رَ‏ مَهُ‏ السَّ‏ لْبَ‏ بَعْدَ‏ أَنْ‏ بَرَ‏ دَ‏ بِيَدَيْهِ‏ . وَ‏ انْظُ‏ رْ‏ أَدَبَ‏ الصِّ‏ دِّيقِ‏ رَ‏ ضِ‏ يَ‏ اهللَُّ‏ عَ‏ نْهُ‏ مَعَ‏ النَّبِيِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ فِي الصَّ‏ الَ‏ ةِ‏ ، أَنْ‏ يَتَقَدَّمَ‏ بَيْنَ‏ يَدَيْهِ‏ . فَقَالَ‏ : مَا كَانَ‏ يَنْبَغِي الِ‏ بْنِ‏ أَبِي قُحَ‏ افَةَ‏ أَنْ‏ يَتَقَدَّمَ‏ بَيْنَ‏ يَدَيْ‏ رَ‏ سُ‏ ولِ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ ؛ كَيْفَ‏ أَوْرَ‏ ثَهُ‏ مَقَامَهُ‏ وَ‏ اإلِْمَامَةَ‏ بِاأل ‏ُْمَّةِ‏ بَعْدَهُ‏ . فأورث هذا األدب مع رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم اإلمامة ، فكان تأخر أبو بكر وراء النبي صلى اهلل عليه و سلم تقدمًا له على كل األمة . قال اإلمام البوشنجي الفقيه المالكي : « من أراد العلم و الفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على اهلل و رسوله » سير أعالم النبالء للذهبي . و أورد اإلمام بن الجزري في غاية النهاية في طبقات القُراء عن ابن المبارك رحمه اهلل تعالى قال : « طلبت األدب ثالثين سنة ، و طلبت العلم عشرين سنة ، و كانوا يطلبون األدب ثم العلم » . أورد ابن الجوزي رحمه اهلل تعالى في صفة الصفوة عن ابن المبارك قال : « كاد األدب يكون ثلثي العلم » . و أورد ابن مفلح رحمه اهلل تعالى في الداب الشرعية ، عن ابْنُ‏ الْمُبَارَ‏ كِ‏ قَالَ‏ : « الَ‏ يَنْبُلُ‏ الرَّجُ‏ لُ‏ بِنَوْعٍ‏ مِنْ‏ الْعِلْمِ‏ مَا لَمْ‏ يُزَيِّنْ‏ عَمَلَهُ‏ بِاأل ‏َْدَبِ‏ ؛ و قال أيضاً‏ : قَالَ‏ لِي مَخْلَدَةُ‏ بْنُ‏ الْحُسَيْنِ‏ : « نَحْنُ‏ إلَى كَثِيرٍ‏ مِنْ‏ األ ‏َْدَبِ‏ أَحْوَجُ‏ مِنَّا إلَى كَثِيرٍ‏ مِنْ‏ ‏َْدَبِ‏ » . الْحَ‏ دِيثِ‏ » . واألدب نوعان : 1- نوع فطري . 2- نوع كسبي ، بالتربية و التعود . أما الفطري ، فقد جاء في حديث النبي صلى اهلل عليه و سلم : ‏َقَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللِ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ لِل ‏َْشَ‏ جِّ‏ أَشَ‏ جِّ‏ عَ‏ بْدِ‏ الْقَيْسِ‏ :» إِنَّ‏ فِيكَ‏ خَ‏ صْ‏ لَتَيْنِ‏ يُحِ‏ بُّهُمَا اهللُ‏ : الْحِ‏ لْمُ‏ وَ‏ األ ‏َْنَاةُ‏ » رواه مسلم.‏ و في رواية أبو داوود ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا مطر بن عبد الرحمن األعنق ، حدثتني أم أبان بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع - و كان في وفد عبد القيس - ، قال : « لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى اهلل عليه وسلم و رجله ، قال : و انتظر المنذر األشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه ، ثم أتى النبي صلى اهلل عليه و سلم ، فقال له : إن فيك خلتين يحبهما اهلل الحلم و األناة ، قال : يا رسول اهلل ، أنا أتخلق بهما أم اهلل جبلني عليهما ؟ ، قال : بل اهلل جبلك عليهما ، قال : الحمد هلل الذي جبلني على خلتين يحبهما اهلل و رسوله » حسنه األلباني في صحيح سنن أبو داوود . و أمّا الكسبي : فيكون بالتربية ، كما في حديث عمر ابن أبي سلمة : كان عُمَرَ‏ بْنَ‏ أَبِي سَ‏ لَمَةَ‏ ، يَقُولُ:‏ كُنْتُ‏ غُالَمًا فِي حَ‏ جْ‏ رِ‏ رَسُولِ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ ، وَ‏ كَانَتْ‏ يَدِي تَطِ‏ يشُ‏ فِي الصَّ‏ حْ‏ فَةِ‏ ، فَقَالَ‏ لِي رَسُولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَلَيْهِ‏ وَ‏ سَلَّمَ‏ : « يَا غُالَمُ،‏ سَمِّ‏ اهللََّ‏ ، وَ‏ كُلْ‏ بِيَمِينِكَ‏ ، وَ‏ كُلْ‏ مِمَّا يَلِيكَ‏ » ، فَمَا زَالَتْ‏ تِلْكَ‏ طِ‏ عْمَتِي بَعْدُ‏ . متفق عليه روى البخاري عن أَبُو بُرْ‏ دَةَ‏ ، عَ‏ نْ‏ أَبِيهِ‏ ، قَالَ‏ : قَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : « أَيُّمَا رَ‏ جُ‏ لٍ‏ كَانَتْ‏ عِ‏ نْدَهُ‏ وَلِيدَةٌ‏ ، فَعَلَّمَهَا فَأَحْ‏ سَ‏ نَ‏ تَعْلِيمَهَا ، وَ‏ أَدَّبَهَا فَأَحْ‏ سَ‏ نَ‏ تَأْدِيبَهَا ، ثُمَّ‏ أَعْ‏ تَقَهَا وَ‏ تَزَ‏ وَّجَ‏ هَا فَلَهُ‏ أَجْ‏ رَ‏ انِ‏ » . قال ابن عمر رضي اهلل عنهما : « أدْب ابنك ، فإنَّك مسئول ماذا أدبته و ماذا علمته ، و هو مسئول عن بره بك و طواعيته لك » . و اإلنسان مثل األرض ، ال يخرج ما بداخله من خير إال بالفالحة و التعب و الجهد ، و كذلك األدب ال يكون إال بالتعب و الجهد . 9

و قال ابن القيم رحمه اهلل في مدارج السالكين : « أَدَبُ‏ الْمَرْ‏ ءِ‏ : عُ‏ نْوَانُ‏ سَ‏ عَادَتِهِ‏ وَفَالَ‏ حِ‏ هِ‏ . وَ‏ قِلَّةُ‏ أَدَبِهِ‏ : عُ‏ نْوَانُ‏ شَ‏ قَاوَتِهِ‏ و<br />

‏ُْمِّ‏ بَوَارِ‏ هِ‏ ؛ فَمَا اسْ‏ تُجْ‏ لِبَ‏ خَ‏ يْرُ‏ الدُّنْيَا وَ‏ الْ‏ خِ‏ رَ‏ ةِ‏ بِمِثْلِ‏ األ ‏َْدَبِ‏ ، وَ‏ الَ‏ اسْ‏ تُجْ‏ لِبَ‏ حِ‏ رْ‏ مَانُهُمَا بِمِثْلِ‏ قِلَّةِ‏ األ<br />

َ<br />

فَانْظُ‏ رْ‏ إِلَى األ ‏َْدَبِ‏ مَعَ‏ الْوَالِدَيْنِ‏ ، كَيْفَ‏ نَجَّى صَ‏ احِ‏ بَهُ‏ مِنْ‏ حَ‏ بْسِ‏ الْغَارِ‏ حِينَ‏ أَطْ‏ بَقَتْ‏ عَلَيْهِمُ‏ الصَّ‏ خْ‏ رَةُ‏ ! ، وَ‏ اإلِْخْ‏ الَ‏ لُ‏ بِهِ‏ مَعَ‏ األ<br />

- تَأْوِيالً‏ وَ‏ إِقْبَاالً‏ عَ‏ لَى الصَّ‏ الَ‏ ةِ‏ - كَيْفَ‏ امْتُحِ‏ نَ‏ صَ‏ احِ‏ بُهُ‏ بِهَدْمِ‏ صَ‏ وْمَعَتِهِ‏ وَ‏ ضَ‏ رْ‏ بِ‏ النَّاسِ‏ لَهُ‏ ، وَ‏ رَ‏ مْيِهِ‏ بِالْفَاحِ‏ شَ‏ ةِ‏ .!<br />

وَ‏ تَأَمَّلْ‏ أَحْ‏ وَالَ‏ كُلِّ‏ شَ‏ قِيٍّ‏ وَ‏ مُغْتَرٍّ‏ وَ‏ مُدْبِرٍ‏ ، كَيْفَ‏ تَجِ‏ دُ‏ قِلَّةَ‏ األ ‏َْدَبِ‏ هِيَ‏ الَّتِي سَ‏ اقَتْهُ‏ إِلَى الْحِ‏ رْ‏ مَانِ‏ .<br />

وَ‏ انْظُ‏ رْ‏ قِلَّةَ‏ أَدَبِ‏ عَ‏ وْفٍ‏ مَعَ‏ خَ‏ الِدٍ‏ ، كَيْفَ‏ حَ‏ رَ‏ مَهُ‏ السَّ‏ لْبَ‏ بَعْدَ‏ أَنْ‏ بَرَ‏ دَ‏ بِيَدَيْهِ‏ .<br />

وَ‏ انْظُ‏ رْ‏ أَدَبَ‏ الصِّ‏ دِّيقِ‏ رَ‏ ضِ‏ يَ‏ اهللَُّ‏ عَ‏ نْهُ‏ مَعَ‏ النَّبِيِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ فِي الصَّ‏ الَ‏ ةِ‏ ، أَنْ‏ يَتَقَدَّمَ‏ بَيْنَ‏ يَدَيْهِ‏ . فَقَالَ‏ : مَا كَانَ‏ يَنْبَغِي<br />

الِ‏ بْنِ‏ أَبِي قُحَ‏ افَةَ‏ أَنْ‏ يَتَقَدَّمَ‏ بَيْنَ‏ يَدَيْ‏ رَ‏ سُ‏ ولِ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ ؛ كَيْفَ‏ أَوْرَ‏ ثَهُ‏ مَقَامَهُ‏ وَ‏ اإلِْمَامَةَ‏ بِاأل ‏ُْمَّةِ‏ بَعْدَهُ‏ .<br />

فأورث هذا األدب مع رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم اإلمامة ، فكان تأخر أبو بكر وراء النبي صلى اهلل عليه و سلم<br />

تقدمًا له على كل األمة .<br />

قال اإلمام البوشنجي الفقيه المالكي : « من أراد العلم و الفقه بغير أدب فقد اقتحم أن يكذب على اهلل و رسوله » سير<br />

أعالم النبالء للذهبي .<br />

و أورد اإلمام بن الجزري في غاية النهاية في طبقات القُراء عن ابن المبارك رحمه اهلل تعالى قال : « طلبت األدب<br />

ثالثين سنة ، و طلبت العلم عشرين سنة ، و كانوا يطلبون األدب ثم العلم » .<br />

أورد ابن الجوزي رحمه اهلل تعالى في صفة الصفوة عن ابن المبارك قال : « كاد األدب يكون ثلثي العلم » .<br />

و أورد ابن مفلح رحمه اهلل تعالى في الداب الشرعية ، عن ابْنُ‏ الْمُبَارَ‏ كِ‏ قَالَ‏ : « الَ‏ يَنْبُلُ‏ الرَّجُ‏ لُ‏ بِنَوْعٍ‏ مِنْ‏ الْعِلْمِ‏ مَا لَمْ‏<br />

يُزَيِّنْ‏ عَمَلَهُ‏ بِاأل ‏َْدَبِ‏ ؛ و قال أيضاً‏ : قَالَ‏ لِي مَخْلَدَةُ‏ بْنُ‏ الْحُسَيْنِ‏ : « نَحْنُ‏ إلَى كَثِيرٍ‏ مِنْ‏ األ ‏َْدَبِ‏ أَحْوَجُ‏ مِنَّا إلَى كَثِيرٍ‏ مِنْ‏<br />

‏َْدَبِ‏ » .<br />

الْحَ‏ دِيثِ‏ » .<br />

واألدب نوعان :<br />

1- نوع فطري .<br />

2- نوع كسبي ، بالتربية و التعود .<br />

أما الفطري ، فقد جاء في حديث النبي صلى اهلل عليه و سلم :<br />

‏َقَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللِ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ لِل ‏َْشَ‏ جِّ‏ أَشَ‏ جِّ‏ عَ‏ بْدِ‏ الْقَيْسِ‏ :» إِنَّ‏ فِيكَ‏ خَ‏ صْ‏ لَتَيْنِ‏ يُحِ‏ بُّهُمَا اهللُ‏ : الْحِ‏ لْمُ‏ وَ‏ األ ‏َْنَاةُ‏ » رواه مسلم.‏<br />

و في رواية أبو داوود ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا مطر بن عبد الرحمن األعنق ، حدثتني أم أبان<br />

بنت الوازع بن زارع عن جدها زارع - و كان في وفد عبد القيس - ، قال : « لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من<br />

رواحلنا فنقبل يد النبي صلى اهلل عليه وسلم و رجله ، قال : و انتظر المنذر األشج حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه ، ثم أتى<br />

النبي صلى اهلل عليه و سلم ، فقال له : إن فيك خلتين يحبهما اهلل الحلم و األناة ، قال : يا رسول اهلل ، أنا أتخلق بهما<br />

أم اهلل جبلني عليهما ؟ ، قال : بل اهلل جبلك عليهما ، قال : الحمد هلل الذي جبلني على خلتين يحبهما اهلل و رسوله »<br />

حسنه األلباني في صحيح سنن أبو داوود .<br />

و أمّا الكسبي : فيكون بالتربية ، كما في حديث عمر ابن أبي سلمة :<br />

كان عُمَرَ‏ بْنَ‏ أَبِي سَ‏ لَمَةَ‏ ، يَقُولُ:‏ كُنْتُ‏ غُالَمًا فِي حَ‏ جْ‏ رِ‏ رَسُولِ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ ، وَ‏ كَانَتْ‏ يَدِي تَطِ‏ يشُ‏ فِي الصَّ‏ حْ‏ فَةِ‏<br />

، فَقَالَ‏ لِي رَسُولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَلَيْهِ‏ وَ‏ سَلَّمَ‏ : « يَا غُالَمُ،‏ سَمِّ‏ اهللََّ‏ ، وَ‏ كُلْ‏ بِيَمِينِكَ‏ ، وَ‏ كُلْ‏ مِمَّا يَلِيكَ‏ » ، فَمَا زَالَتْ‏ تِلْكَ‏<br />

طِ‏ عْمَتِي بَعْدُ‏ . متفق عليه<br />

روى البخاري عن أَبُو بُرْ‏ دَةَ‏ ، عَ‏ نْ‏ أَبِيهِ‏ ، قَالَ‏ : قَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : « أَيُّمَا رَ‏ جُ‏ لٍ‏ كَانَتْ‏ عِ‏ نْدَهُ‏ وَلِيدَةٌ‏ ،<br />

فَعَلَّمَهَا فَأَحْ‏ سَ‏ نَ‏ تَعْلِيمَهَا ، وَ‏ أَدَّبَهَا فَأَحْ‏ سَ‏ نَ‏ تَأْدِيبَهَا ، ثُمَّ‏ أَعْ‏ تَقَهَا وَ‏ تَزَ‏ وَّجَ‏ هَا فَلَهُ‏ أَجْ‏ رَ‏ انِ‏ » .<br />

قال ابن عمر رضي اهلل عنهما : « أدْب ابنك ، فإنَّك مسئول ماذا أدبته و ماذا علمته ، و هو مسئول عن بره بك و<br />

طواعيته لك » .<br />

و اإلنسان مثل األرض ، ال يخرج ما بداخله من خير إال بالفالحة و التعب و الجهد ، و كذلك األدب ال يكون إال بالتعب<br />

و الجهد .<br />

9

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!