4 - Islamguiden
4 - Islamguiden
4 - Islamguiden
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
و دخل رجل على عبد الملك ابن مروان ، فقال له : عندي لك نصيحة أشد من ضرب السياط ! ، فقال : و أين القول<br />
الحسن ؟! ، فأنت لست عند اهلل أعز من موسى و هارون ، و أنا لست عند اهلل أسوء من فرعون ، فإنَّ اهلل قال لهما :<br />
( فَقُوالَ لَهُ قَوْالً لَيِّنًا ) .<br />
و اهلل أمرنا بالقول الحسن فقال لنا في كتابه الكريم : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُ سْ نًا ) البقرة . 83<br />
2- ال تنصح أخاك على المل :<br />
قال الحافظ ابن رجب رحمه اهلل : كان السلف إذا أرادوا نصيحة أحد و عظوه سرً ا .<br />
و يقول الشافعي :<br />
تعهدني بنصحك في انفرادي ... و إياك و النصح في الجماعة<br />
النصح بين الناس ... توبيخ ال أقبل استماعه<br />
و قد قيل : إنّ نصائح المؤمنين في آذانهم ؛ و قال جعفر بن برقان : قال لي ميمون بن مهران : قل لي في وجهي ما<br />
أكره ، فإنَّ الرجل ال ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره ، فإن كان أخوه الذي نصح له صادقاً في حاله ، أحبه<br />
على نصحه ، فإن لم يحبه و كره ذلك منه دلّ على كذب الحال ، قال اهلل سبحانه وتعالى في وصف الكاذبين : ( وَ لكنْ ال<br />
تُحِ بُّونَ النَّاصِ حينَ ) األعراف 79 ؛ و قد كان بعض الصالحين يقول: أحب الناس إليّ من أهدى عيوبي ، و قد كان عمر<br />
بن الخطاب رضي اهلل عنه يقول - و يأمر اإلخوان بذلك - : رحم اهلل امرأً أهدى إلى أخيه عيوب نفسه .<br />
و لكن قد قيل لمسعر بن كدام : تحب من يخبرك بعيوبك ، فقال: إنْ نصحني فيما بيني و بينه فنعم ، و إنْ قرعني في<br />
المل فال .<br />
و من أخالق السلف قال : كان الرجل إذا كره من أخيه خلقاً عاتبه فيما بينه و بينه أو كاتبه في صحيفة ! ، و هذا حقًا<br />
الفرق بين النصيحة و الفضيحة فما كان في السر فهو نصيحة ، و ما كان على العالنية فهو فضيحة ، و قلما تصح فيه<br />
النية لوجه اهلل تعالى ، ألن فيه شناعة ، و كذلك الفرق بين العتاب والتوبيخ ، فالعتاب ما كان في خلوة ، و التوبيخ ال<br />
يكون إالّ في جماعة ، و لذلك يعاتب اهلل عزّ وجلّ رجالً من المؤمنين يوم القيامة تحت كنفه ، و يسبل عليه ستره فيوقفه<br />
على ذنوبه سرًّا ، و منهم من يدفع كتاب عمله مختوماً إلى المالئكة الذين يحفرون به إلى الجنة ، فإذا قاربوا دخول الجنة<br />
، دفعوا إليهم الكتب مختومة فيقرؤونها ، و أما أهل التوبيخ فينادون على رؤوس األشهاد ، فال يخفى على أهل الموقف<br />
فضيحتهم ، فيزداد ذلك في عذابهم .<br />
و انظر إلى أدب السلف في النصيحة ، روى الذهبي في سير أعالم النبالء عن عبد اهلل بن وهب قال : ( سمعت مالكاً<br />
سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ، فقال : ليس ذلك على الناس . قال فتركه حتى خف الناس ، فقلت له :<br />
عندنا في ذلك سنّة ، فقال : و ما هي ؟ ، قلت : حدثنا الليث بن سعد و ساق سنده إلى المستورد بن شداد القرشي ، قال:<br />
« رأيت رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه » ، فقال: إن هذا الحديث حسن ، و ما<br />
سمعت به قط إال الساعة . ثم سمعته بعد ذلك يسأل فيأمر بتخليل األصابع ) .<br />
فانظر أخي المسلم إلى أدب هذا اإلمام الجليل ابن وهب ، و كيف قال : فتركته حتى خف الناس ، و انظر إلى أدب إمام<br />
دار الهجرة مالك رحمه اهلل كيف قبل النصيحة و لم يتكبر عليها ! ، رحمهم اهلل .<br />
45