4 - Islamguiden

قال اإلمام الخطابي رحمه اهلل في شرح الحديث : « و أصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحت العسل إذا
خلصته من الشمع ، فمعنى النصيحة هلل صحة االعتقاد في وحدانيته و إخالص النية في عبادته ، و النصيحة لكتابه
اإليمان به و العمل بما فيه ، و النصيحة لرسوله التصديق بنبوته و بذلُ‏ الطاعة له فيما أمر به و نهى عنه ، و النصيحة
لعامة المسلمين إرشادهم إلى مصالحهم « ، و قال اإلمام أبو عمرو بن الصالح : « النصيحة ألئمة المسلمين معاونتهم
على الحقّ‏ و طاعتهم فيه و تذكيرهم به و تنبيههم في رفق و لطف و مجانبةُ‏ الوثوب عليهم ، و الدعاء لهم بالتوفيق » .
و النصيحة هي رسالة األنبياء ، جاءت في سورة األعراف 4 مرات :
( قال نوح لقومه أُبَلِّغُكُمْ‏ رِ‏ سَ‏ االَ‏ تِ‏ رَ‏ بِّي وَ‏ أَنْصَ‏ حُ‏ لَكُمْ‏ وَ‏ أَعْ‏ لَمُ‏ مِنَ‏ اهللَِّ‏ مَا الَ‏ تَعْلَمُونَ‏ ) ، ( قال هود أُبَلِّغُكُمْ‏ رِ‏ سَ‏ االَ‏ تِ‏ رَ‏ بِّي وَ‏
أَنَا لَكُمْ‏ نَاصِ‏ حٌ‏ أَمِينٌ‏ ) .
‏)نَاصِ‏ حٌ‏ أَمِينٌ‏ ) ، النصيحة تحتاج إلى األمانة .
و قال شعيب : ( فَتَوَلَّى عَ‏ نْهُمْ‏ وَ‏ قَالَ‏ يَا قَوْمِ‏ لَقَدْ‏ أَبْلَغْتُكُمْ‏ رِ‏ سَ‏ االَ‏ تِ‏ رَ‏ بِّي وَ‏ نَصَ‏ حْ‏ تُ‏ لَكُمْ‏ فَكَيْفَ‏ آسَ‏ ى عَ‏ لَى قَوْمٍ‏ كَافِرِ‏ ينَ‏ ) .
و قال صالح : ( فَتَوَلَّى عَ‏ نْهُمْ‏ وَقَالَ‏ يَا قَوْمِ‏ لَقَدْ‏ أَبْلَغْتُكُمْ‏ رِ‏ سَ‏ الَةَ‏ رَ‏ بِّي وَنَصَ‏ حْ‏ تُ‏ لَكُمْ‏ وَلَكِنْ‏ الَ‏ تُحِ‏ بُّونَ‏ النَّاصِ‏ حِ‏ ينَ‏ ) .
النصيحة صعبة و ثقيلة على الناس ، فال تغضب إذا لم يستجيبوا لك ، و اهلل يقول لنبيه صلى اهلل عليه و سلم : ( فَإِنْ‏ لَمْ‏
يَسْتَجِيبُوا لَكَ‏ فَاعْلَمْ‏ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ‏ أَهْوَاءَهُمْ‏ وَ‏ مَنْ‏ أَضَ‏ لُّ‏ مِمَّنِ‏ اتَّبَعَ‏ هَوَاهُ‏ بِغَيْرِ‏ هُدًى مِنَ‏ اهللَِّ‏ إِنَّ‏ اهللََّ‏ الَ‏ يَهْدِي الْقَوْمَ‏ الظَّالِمِينَ‏ )
القصص . 50
و النصيحة حق من حقوق الناس عليك ليست منا منك على أخيك المسلم ، بل هو واجب عليك.‏
لما رواه مسلم عن أَبِي هُرَ‏ يْرَ‏ ةَ‏ رَ‏ ضِ‏ يَ‏ اهللَُّ‏ عَ‏ نْهُ‏ قَالَ‏ : قَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : « حَ‏ قُّ‏ الْمُسْ‏ لِمِ‏ عَ‏ لَى الْمُسْ‏ لِمِ‏ سِ‏ تٌّ‏
» . قِيلَ‏ : مَا هُنَّ‏ يَا رَسُولَ‏ اهللَِّ‏ ؟ ، قَالَ‏ : « إِذَا لَقِيتَهُ‏ فَسَ‏ لِّمْ‏ عَلَيْهِ‏ وَإِذَا دَعَاكَ‏ فَأَجِ‏ بْهُ‏ وَ‏ إِذَا اسْ‏ تَنْصَ‏ حَكَ‏ فَانْصَ‏ حْ‏ لَهُ‏ وَ‏ إِذَا عَطَ‏ سَ‏
فَحَ‏ مِدَ‏ اهللََّ‏ فَشَ‏ مِّتْهُ‏ وَ‏ إِذَا مَرِ‏ ضَ‏ فَعُدْهُ‏ وَ‏ إِذَا مَاتَ‏ فَاتَّبِعْهُ‏ » . رَ‏ وَاهُ‏ مُسلم
ورفع اهلل الحرج عن أصحاب األعذار لكنه أمرهم بالنصيحة .
فقال تعالى : ( لَيْسَ‏ عَلَى الضُّ‏ عَفَاءِ‏ وَالَ‏ عَلَى الْمَرْضَ‏ ى وَالَ‏ عَلَى الَّذِينَ‏ الَ‏ يَجِ‏ دُونَ‏ مَا يُنْفِقُونَ‏ حَرَجٌ‏ إِذَا نَصَ‏ حُوا هللَِِّ‏ وَرَسُولِهِ‏ )
التوبة . 91
و النصيحة في أمور الدين و في أمور الدنيا ، و الناصح ال يخرج عن حالين : إما يأمر بمعروف و إما ينهى عن منكر .
فإذا نهى عن المنكر ، قد يعرض لما يكره ، قال تعالى : ( يَا بُنَيَّ‏ أَقِمِ‏ الصَّ‏ الَ‏ ةَ‏ وَ‏ أْمُرْ‏ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ‏ انْهَ‏ عَ‏ نِ‏ الْمُنْكَرِ‏ وَ‏ اصْ‏ بِرْ‏
عَ‏ لَى مَا أَصَ‏ ابَكَ‏ إِنَّ‏ ذَلِكَ‏ مِنْ‏ عَ‏ زْ‏ مِ‏ األ ‏ُْمُورِ‏ ) لقمان . 17
فتدبر قوله تعالى : ( وَ‏ أْمُرْ‏ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ‏ انْهَ‏ عَنِ‏ الْمُنْكَرِ‏ وَ‏ اصْ‏ بِرْ‏ عَلَى مَا أَصَ‏ ابَكَ‏ ) ، يدل أنَّ‏ من ينصح الناس و ينهاهم
عن المنكر.‏ فتدبر قوله تعالى : ( وَ‏ أْمُرْ‏ بِالْمَعْرُوفِ‏ وَ‏ انْهَ‏ عَ‏ نِ‏ الْمُنْكَرِ‏ وَ‏ اصْ‏ بِرْ‏ عَ‏ لَى مَا أَصَ‏ ابَكَ‏ ) ، يدل أنَّ‏ من ينصح
الناس و ينهاهم عن المنكر فإنه قد يصيبه أذى من الناس ، ألن طبيعة النفس األمارة بالسوء ال تحب أن ينهاها أحد عن
المنكر فأمر اهلل عز وجل الناهي عن المنكر أن يصبر على ما سيصيبه من أذى
و قد يسمع من كان للناس ناصحا ما يؤذيه ، و انظر إلى قول ربنا جل و عال : ( لَتُبْلَوُنَّ‏ فِي أَمْوَالِكُمْ‏ وَ‏ أَنْفُسِ‏ كُمْ‏ وَ‏ لَتَسْ‏ مَعُنَّ‏
مِنَ‏ الَّذِينَ‏ أُوتُوا الْكِتَابَ‏ مِنْ‏ قَبْلِكُمْ‏ وَ‏ مِنَ‏ الَّذِينَ‏ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَ‏ إِنْ‏ تَصْ‏ بِرُوا وَ‏ تَتَّقُوا فَإِنَّ‏ ذَلِكَ‏ مِنْ‏ عَزْمِ‏ األ ‏ُْمُورِ‏ )
آل عمران 186.
فأمرَ‏ اهلل أهل الدعوة و أهل النصح بالصبر و التقوى .
43