4 - Islamguiden

4 - Islamguiden 4 - Islamguiden

islamguiden.com
from islamguiden.com More from this publisher
22.11.2014 Views

وَالْعَرَبُ‏ تَقُولُ‏ : « لَوْالَ‏ الْوِئَامُ‏ لَهَلَكَ‏ األ ‏َْنَامُ‏ » ، أَيْ‏ : لَوْالَ‏ أَنَّ‏ النَّاسَ‏ يَرَى بَعْضُ‏ هُمْ‏ بَعْضً‏ ا فَيَقْتَدِي بِهِمْ‏ فِي الْخَيْرِ‏ لَهَلَكُوا ؛ وَلِذَلِكَ‏ قَالَ‏ بَعْضُ‏ الْبُلَغَاءِ‏ : « مِنْ‏ خَ‏ يْرِ‏ االِ‏ خْ‏ تِيَارِ‏ صُ‏ حْ‏ بَةُ‏ األ ‏َْخْ‏ يَارِ‏ ، وَ‏ مِنْ‏ شَ‏ رِّ‏ االِ‏ خْ‏ تِيَارِ‏ مَوَدَّةُ‏ األ ‏َْشْ‏ رَ‏ ارِ‏ » . وَ‏ هَذَا صَ‏ حِيحٌ‏ ؛ ألَِنَّ‏ لِلْمُصَ‏ احَبَةِ‏ تَأْثِيرًا فِي اكْتِسَابِ‏ األ ‏َْخْالَ‏ قِ‏ ، فَتَصْ‏ لُحُ‏ أَخْالَ‏ قُ‏ الْمَرْءِ‏ بِمُصَ‏ احَبَةِ‏ أَهْلِ‏ الصَّ‏ الَ‏ حِ‏ ، وَ‏ تَفْسُدُ‏ بِمُصَ‏ احَ‏ بَةِ‏ أَهْ‏ لِ‏ الْفَسَ‏ ادِ‏ . وَ‏ لِذَلِكَ‏ قَالَ‏ الشَّ‏ اعِ‏ رُ‏ : ر أَيْت صَ‏ الَ‏ حَ‏ الْمَرْ‏ ءِ‏ يُصْ‏ لِحُ‏ أَهْ‏ لَهُ‏ ... وَ‏ يُعْدِيهِمْ‏ عِ‏ نْدَ‏ الْفَسَ‏ ادِ‏ إذَا فَسَ‏ دْ‏ يُعَظَّ‏ مُ‏ فِي الدُّنْيَا بِفَضْ‏ لِ‏ صَ‏ الَ‏ حِ‏ هِ‏ ... وَ‏ يُحْ‏ فَظُ‏ بَعْدَ‏ الْمَوْتِ‏ فِي األ ‏َْهْ‏ لِ‏ وَ‏ الْوَلَدْ‏ و قال أبو بَكْرٍ‏ الْخُ‏ وَارِ‏ زْ‏ مِيِّ‏ : الَ‏ تَصْ‏ حَ‏ بْ‏ الْكَسْ‏ الَ‏ نَ‏ فِي حَ‏ االَ‏ تِهِ‏ ... كَمْ‏ صَ‏ الِحٍ‏ بِفَسَ‏ ادِ‏ آخَ‏ رَ‏ يَفْسُ‏ دُ‏ عَ‏ دْوَى الْبَلِيدِ‏ إلَى الْجَ‏ لِيدِ‏ سَ‏ رِ‏ يعَةٌ‏ ... وَ‏ الْجَ‏ مْرُ‏ يُوضَ‏ عُ‏ فِي الرُّمَاد فَيَخْ‏ مُدُ‏ « المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » ، أي : أنه يجذبه خليله إلى دينه و مذهبه ، و لقوة هذا المعنى و تأثيره في النفوس ، شاع على األلسنة قول الشاعر : عن المرء ال تسأل و سلْ‏ عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي و ليس إعداء الجليس بجليسه في خلقه بمقاله و فعاله فقط ، بل بالنظر إليه ، فالنظر في الصورة يؤثر في النفوس أخالقًا مناسبة لخلق المنظور إليه ، فإن من دامت رؤيته لمسرور سر أو لمحزون حزن ، و ليس ذلك في اإلنسان فقط بل في الحيوانات و النبات . فإن الجمل الصعب قد يصير ذلوالً‏ بمقارنة الذلل ، و الذلول قد ينقلب صعبًا بمقارنة الصعاب ، و الريحانة الغضة قد تذبل بمقارنة الذابلة ، و لهذا يلتقط أصحاب الفالحة الرمم عن الزرع لئالَّ‏ تفسدها ، و معلوم أن الماء و الهواء يفسدان بمجاورة الجيفة إذا قربت منهما ، و ذلك مما ال ينكره ذو تجربة ، فإذا كانت هذه األشياء قد بلغت في قبول التأثير هذا المبلغ ، فما الظن بالنفوس البشرية التي موضوعها على قبول صور األشياء خيرها و شرها ؟ ، فقد قيل : إنما سمي اإلنس إنسً‏ ا ، ألنه يأنس بما يراه إن خيرً‏ ا و إن شرًّا . قال الغزالي رحمه اهلل في اإلحياء : « عْ‏ لَمْ‏ أَنَّهُ‏ الَ‏ يَصْ‏ لُحُ‏ لِلصُّ‏ حْ‏ بَةِ‏ كُلُّ‏ إِنْسَ‏ انٍ‏ » . وَ‏ الَ‏ بُدَّ‏ أَنْ‏ يَتَمَيَّزَ‏ بِخِ‏ صَ‏ الٍ‏ وَ‏ صِ‏ فَاتٍ‏ يَرْ‏ غَ‏ بُ‏ بِسَ‏ بَبِهَا فِي صُ‏ حْ‏ بَتِهِ‏ ، و تشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة ، إذ معنى الشرط ماال بد منه للوصول إلى المقصود ، فباإلضافة إلى المقصود تظهر الشروط . فانظر أخي المسلم إلى هذا الكالم النفيس ، و اسأل نفسك عن صاحبك ، هل يعينك على طاعة اهلل أم يعينك على معصية اهلل ؟ فهل أطعت النبي صلى اهلل عليه و سلم و نظرت من تصاحب ومن تصادق ، و ال تقل : أنا أعرف فالن منذ سنوات طويلة فكيف أقطع عالقتي به ؟ ، نقول لك ‏:قد تعرف إنسان منذ أيام قليلة لكن يعينك على عمل الخير ، و قد تعرف إنسان منذ سنوات لكنّه يعينك على عمل الشر ، و احذر من صاحب السوء ، فإنَّ‏ الصاحب ساحب و الطباع سراقة . 20

فانظر معي إلى مشاهد يوم القيامة ، لتعرف من تصاحب : وَيَوْمَ‏ يَعَضُّ‏ الظَّ‏ الِمُ‏ عَ‏ لَى يَدَيْهِ‏ يَقُولُ‏ يَا لَيْتَنِي اتَّخَ‏ ذْتُ‏ مَعَ‏ الرَّسُ‏ ولِ‏ سَ‏ بِيالً‏ يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ‏ أَتَّخِ‏ ذْ‏ فُالَ‏ نًا خَ‏ لِيالً‏ لَقَدْ‏ أَضَ‏ لَّنِي عَ‏ نِ‏ الذِّكْرِ‏ بَعْدَ‏ إِذْ‏ جَ‏ اءَنِي وَكَانَ‏ الشَّ‏ يْطَ‏ انُ‏ لِلِْنْسَ‏ انِ‏ خَ‏ ذُوال 1- مظاهر الندم و الحسرة على سوء اختيار الصاحب : فانظر و تدبر هذا المشهد المهيب و الندم لشديد ، الذي جعل الظالم يعض على يديه و يأكلها من شدة الندم ، ألنه أساء اختيار الصاحب ، و اسأل نفسك : هل تتمنى أن تكون في مثل هذا المشهد ؟ ، بالطبع ال ، إذن اختار من تصاحب . 2- اللعن و العداوة في حوار إبراهيم مع قومه قال لهم : ( وَقَالَ‏ إِنَّمَا اتَّخَ‏ ذْتُمْ‏ مِنْ‏ دُونِ‏ اهللَِّ‏ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ‏ بَيْنِكُمْ‏ فِي الْحَ‏ يَاةِ‏ الدُّنْيَا ثُمَّ‏ يَوْمَ‏ الْقِيَامَةِ‏ يَكْفُرُ‏ بَعْضُ‏ كُمْ‏ بِبَعْضٍ‏ وَيَلْعَنُ‏ بَعْضُ‏ كُمْ‏ بَعْضً‏ ا وَمَأْوَاكُمُ‏ النَّارُ‏ وَمَا لَكُمْ‏ مِنْ‏ نَاصِ‏ رِ‏ ينَ‏ ) العنكبوت . 25 فانظر إلى قوله تعالى : ( إِنَّمَا اتَّخَ‏ ذْتُمْ‏ مِنْ‏ دُونِ‏ اهللَِّ‏ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ‏ بَيْنِكُمْ‏ فِي الْحَ‏ يَاةِ‏ الدُّنْيَا ) : أي : كانوا يتقربون إلى بعضهم البعض بمعصية اهلل ، ثم إذا حشروا بين يدي اهلل ضعافًا أذالء ، يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضً‏ ا . 3- الخصومة و إلقاء التهم : قال تعالى : ( وَ‏ لَوْ‏ تَرَ‏ ى إِذِ‏ الظَّ‏ الِمُونَ‏ مَوْقُوفُونَ‏ عِ‏ نْدَ‏ رَ‏ بِّهِمْ‏ يَرْ‏ جِ‏ عُ‏ بَعْضُ‏ هُمْ‏ إِلَى بَعْضٍ‏ الْقَوْلَ‏ يَقُولُ‏ الَّذِينَ‏ اسْ‏ تُضْ‏ عِفُوا لِلَّذِينَ‏ اسْ‏ تَكْبَرُوا لَوْالَ‏ أَنْتُمْ‏ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ‏ . قالَ‏ الَّذِينَ‏ اسْ‏ تَكْبَرُوا لِلَّذِينَ‏ اسْ‏ تُضْ‏ عِفُوا أَنَحْ‏ نُ‏ صَ‏ دَدْنَاكُمْ‏ عَ‏ نِ‏ الْهُدَى بَعْدَ‏ إِذْ‏ جَ‏ اءَكُمْ‏ بَلْ‏ كُنْتُمْ‏ مُجْ‏ رِ‏ مِينَ‏ ) سبأ 32-31 . و هذا مشهد آخر لحوار يدور بين أهل النار الذين كانوا متحابين في الدنيا ، الفريق االول يقول للفريق الثاني : أنت السبب في أنِّي لم أصلي ، و أنت السبب في أنِّي كنت أفعل المعاصي ، فيرد عليه الفريق الثاني بأن قال : بل كنتم مجرمين . -4 االنتقام : قال تعالى : ( وَ‏ قَالَ‏ الَّذِينَ‏ كَفَرُوا رَ‏ بَّنَا أَرِ‏ نَا اللَّذَيْنِ‏ أَضَ‏ الَّ‏ نَا مِنَ‏ الْجِ‏ نِّ‏ وَ‏ اإلِْنْسِ‏ نَجْ‏ عَلْهُمَا تَحْ‏ تَ‏ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ‏ األ ‏َْسْ‏ فَلِينَ‏ ) فصلت . 29 و قال تعالى : ( وَ‏ قَالُوا رَ‏ بَّنَا إِنَّا أَطَ‏ عْنَا سَ‏ ادَتَنَا وَ‏ كُبَرَ‏ اءَنَا فَأَضَ‏ لُّونَا السَّ‏ بِيالَ‏ رَ‏ بَّنَا آتِهِمْ‏ ضِ‏ عْفَيْنِ‏ مِنَ‏ الْعَذَابِ‏ وَ‏ الْعَنْهُمْ‏ لَعْنًا كَبِيرً‏ ا(‏ األحزاب 68-67 . و نهى اهلل أن نصاحب أهل الغفلة الذين عبدوا هواهم و شهواتهم و دنياهم ، قال تعالى : ( وَالَ‏ تُطِ‏ عْ‏ مَنْ‏ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ‏ عَن ذِكْرِ‏ نَا وَاتَّبَعَ‏ هَوَاهُ‏ وَكَانَ‏ أَمْرُهُ‏ فُرُطاً‏ ) الكهف . 28 و أمرنا بمصاحبه أهل الدين ، فقال : ( وَاصْ‏ بِرْ‏ نَفْسَ‏ كَ‏ مَعَ‏ الَّذِينَ‏ يَدْعُ‏ ونَ‏ رَ‏ بَّهُم بِالْغَدَاةِ‏ وَالْعَشِ‏ يِّ‏ يُرِ‏ يدُونَ‏ وَجْ‏ هَهُ‏ ) الكهف 28. و أعطانا النبي صلى اهلل عليه و سلم مثاالً‏ جميالً‏ لصاحب الخير و صاحب الشر ، عَ‏ نْ‏ أَبِي مُوسَ‏ ى قَالَ‏ : قَالَ‏ رَ‏ سُ‏ ولُ‏ اهللَِّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَلَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : « مَثَلُ‏ الْجَلِيسِ‏ الصَّ‏ الِحِ‏ وَ‏ السَّوْءِ‏ كَحَامِلِ‏ الْمِسْ‏ كِ‏ وَ‏ نَافِخِ‏ الْكِيرِ‏ ، فَحَ‏ امِلُ‏ الْمِسْ‏ كِ‏ إِمَّا أَنْ‏ يُحْ‏ ذِيَكَ‏ وَ‏ إِمَّا أَنْ‏ تبتاعَ‏ مِنْهُ‏ و إِمَّا أَن تجدَ‏ مِنْهُ‏ رِ‏ يحً‏ ا طَ‏ يِّبَةً‏ ، وَ‏ نَافِخُ‏ الْكِيرِ‏ إِمَّا أَنْ‏ يَحْ‏ رِ‏ قَ‏ ثيابَكَ‏ و إِمَّا أنْ‏ تجدَ‏ مِنْهُ‏ ريحً‏ ا خبيثةً‏ «. مُتَّفق عَ‏ لَيْهِ.‏ فعندما تصاحب أهل الدين و الخير ، فأنت لن تجد منهم إال كل خير ، فإذا طلبت النصيحة أعطوك ، و إن مررت بما تكره واسوك ، و إن ضل بك الطريق أعانوك . أخي المسلم ، أختي المسلمة : علينا جميعًا أن ننظر و نتدبر فيمن نصاحب ، هل نصاحب حامل المسك أم نافخ الكير ؟ و أخبرنا النبي صلى اهلل عليه وسلم من نصاحب من نصاحب ، عن أبي سعيد أَنَّهُ‏ سَ‏ مِعَ‏ النَّبِيَّ‏ صَ‏ لَّى اهللَُّ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ يَقُولُ‏ : « الَ‏ تُصَ‏ احِ‏ بْ‏ إِالَّ‏ مُؤْمِنًا وَ‏ الَ‏ يَأْكُلْ‏ طَ‏ عَامَكَ‏ إِالَّ‏ تَقِيٌّ‏ «. رَ‏ وَاهُ‏ التِّرْ‏ مِذِيُّ‏ وَ‏ أَبُو دَاوُدَ‏ و الدارمي و حسنه األلباني.‏ 21

وَالْعَرَبُ‏ تَقُولُ‏ : « لَوْالَ‏ الْوِئَامُ‏ لَهَلَكَ‏ األ ‏َْنَامُ‏ » ، أَيْ‏ : لَوْالَ‏ أَنَّ‏ النَّاسَ‏ يَرَى بَعْضُ‏ هُمْ‏ بَعْضً‏ ا فَيَقْتَدِي بِهِمْ‏ فِي الْخَيْرِ‏ لَهَلَكُوا ؛<br />

وَلِذَلِكَ‏ قَالَ‏ بَعْضُ‏ الْبُلَغَاءِ‏ : « مِنْ‏ خَ‏ يْرِ‏ االِ‏ خْ‏ تِيَارِ‏ صُ‏ حْ‏ بَةُ‏ األ ‏َْخْ‏ يَارِ‏ ، وَ‏ مِنْ‏ شَ‏ رِّ‏ االِ‏ خْ‏ تِيَارِ‏ مَوَدَّةُ‏ األ ‏َْشْ‏ رَ‏ ارِ‏ » .<br />

وَ‏ هَذَا صَ‏ حِيحٌ‏ ؛ ألَِنَّ‏ لِلْمُصَ‏ احَبَةِ‏ تَأْثِيرًا فِي اكْتِسَابِ‏ األ ‏َْخْالَ‏ قِ‏ ، فَتَصْ‏ لُحُ‏ أَخْالَ‏ قُ‏ الْمَرْءِ‏ بِمُصَ‏ احَبَةِ‏ أَهْلِ‏ الصَّ‏ الَ‏ حِ‏ ، وَ‏ تَفْسُدُ‏<br />

بِمُصَ‏ احَ‏ بَةِ‏ أَهْ‏ لِ‏ الْفَسَ‏ ادِ‏ . وَ‏ لِذَلِكَ‏ قَالَ‏ الشَّ‏ اعِ‏ رُ‏ :<br />

ر أَيْت صَ‏ الَ‏ حَ‏ الْمَرْ‏ ءِ‏ يُصْ‏ لِحُ‏ أَهْ‏ لَهُ‏ ... وَ‏ يُعْدِيهِمْ‏ عِ‏ نْدَ‏ الْفَسَ‏ ادِ‏ إذَا فَسَ‏ دْ‏<br />

يُعَظَّ‏ مُ‏ فِي الدُّنْيَا بِفَضْ‏ لِ‏ صَ‏ الَ‏ حِ‏ هِ‏ ... وَ‏ يُحْ‏ فَظُ‏ بَعْدَ‏ الْمَوْتِ‏ فِي األ ‏َْهْ‏ لِ‏ وَ‏ الْوَلَدْ‏<br />

و قال أبو بَكْرٍ‏ الْخُ‏ وَارِ‏ زْ‏ مِيِّ‏ :<br />

الَ‏ تَصْ‏ حَ‏ بْ‏ الْكَسْ‏ الَ‏ نَ‏ فِي حَ‏ االَ‏ تِهِ‏ ... كَمْ‏ صَ‏ الِحٍ‏ بِفَسَ‏ ادِ‏ آخَ‏ رَ‏ يَفْسُ‏ دُ‏<br />

عَ‏ دْوَى الْبَلِيدِ‏ إلَى الْجَ‏ لِيدِ‏ سَ‏ رِ‏ يعَةٌ‏ ... وَ‏ الْجَ‏ مْرُ‏ يُوضَ‏ عُ‏ فِي الرُّمَاد فَيَخْ‏ مُدُ‏<br />

« المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل » ، أي : أنه يجذبه خليله إلى دينه و مذهبه ، و لقوة هذا المعنى و<br />

تأثيره في النفوس ، شاع على األلسنة قول الشاعر :<br />

عن المرء ال تسأل و سلْ‏ عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي<br />

و ليس إعداء الجليس بجليسه في خلقه بمقاله و فعاله فقط ، بل بالنظر إليه ، فالنظر في الصورة يؤثر في النفوس أخالقًا<br />

مناسبة لخلق المنظور إليه ، فإن من دامت رؤيته لمسرور سر أو لمحزون حزن ، و ليس ذلك في اإلنسان فقط بل في<br />

الحيوانات و النبات .<br />

فإن الجمل الصعب قد يصير ذلوالً‏ بمقارنة الذلل ، و الذلول قد ينقلب صعبًا بمقارنة الصعاب ، و الريحانة الغضة قد<br />

تذبل بمقارنة الذابلة ، و لهذا يلتقط أصحاب الفالحة الرمم عن الزرع لئالَّ‏ تفسدها ، و معلوم أن الماء و الهواء يفسدان<br />

بمجاورة الجيفة إذا قربت منهما ، و ذلك مما ال ينكره ذو تجربة ، فإذا كانت هذه األشياء قد بلغت في قبول التأثير هذا<br />

المبلغ ، فما الظن بالنفوس البشرية التي موضوعها على قبول صور األشياء خيرها و شرها ؟ ، فقد قيل : إنما سمي<br />

اإلنس إنسً‏ ا ، ألنه يأنس بما يراه إن خيرً‏ ا و إن شرًّا .<br />

قال الغزالي رحمه اهلل في اإلحياء : « عْ‏ لَمْ‏ أَنَّهُ‏ الَ‏ يَصْ‏ لُحُ‏ لِلصُّ‏ حْ‏ بَةِ‏ كُلُّ‏ إِنْسَ‏ انٍ‏ » .<br />

وَ‏ الَ‏ بُدَّ‏ أَنْ‏ يَتَمَيَّزَ‏ بِخِ‏ صَ‏ الٍ‏ وَ‏ صِ‏ فَاتٍ‏ يَرْ‏ غَ‏ بُ‏ بِسَ‏ بَبِهَا فِي صُ‏ حْ‏ بَتِهِ‏ ، و تشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من<br />

الصحبة ، إذ معنى الشرط ماال بد منه للوصول إلى المقصود ، فباإلضافة إلى المقصود تظهر الشروط .<br />

فانظر أخي المسلم إلى هذا الكالم النفيس ، و اسأل نفسك عن صاحبك ، هل يعينك على طاعة اهلل أم يعينك على معصية<br />

اهلل ؟<br />

فهل أطعت النبي صلى اهلل عليه و سلم و نظرت من تصاحب ومن تصادق ، و ال تقل : أنا أعرف فالن منذ سنوات<br />

طويلة فكيف أقطع عالقتي به ؟ ، نقول لك ‏:قد تعرف إنسان منذ أيام قليلة لكن يعينك على عمل الخير ، و قد تعرف<br />

إنسان منذ سنوات لكنّه يعينك على عمل الشر ، و احذر من صاحب السوء ، فإنَّ‏ الصاحب ساحب و الطباع سراقة .<br />

20

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!