DEUTSCHLAND-INDEX
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
الغيرة انفعال طبيعي في النفس البشرية. كالحزن<br />
والفرح والخوف. فهي مزيج من انفعال الخوف<br />
والغضب، والشعور بالتهديد نتيجة مواجهة الطفل<br />
تحدياً الرتباطاته العاطفية. وبالتالي فهي انفعال<br />
يعبر به الطفل لخشية فقدانه لشيء يمتلكه قد يحوز<br />
عليه غيره. ورغم أن القليل منها يشكل حافزاً لتقدم<br />
الطفل، إال أن زيادتها تسبب له إعاقة نفسية له.<br />
وال تعد انفعاالً سلبياً إال إذا كانت متكررة وبطريقة<br />
مبالغ فيها، بحيث تحدث سلوكاً عدوانياً على طفل<br />
آخر أو عدواناً على الممتلكات واأللعاب بالتخريب<br />
كوسيلة لتفريغ المشاعر االنفعالية السلبية. أو أن يتم<br />
التعبير عنها بارتدادها للذات، فتظهر في أشكال عدة<br />
كقضم األظافر أو التبول ومص اإلصبع. فكأنما يرتد<br />
الطفل من خاللها لمرحلة عمرية سابقة، رغبة في<br />
لفت نظر األبوين بتقليده للطفل ليجذب االنتباه إليه.<br />
ويشعر الطفل بالغيرة عند مقارنته باألطفال اآلخرين,<br />
أو شعوره بالتفرقة بينه وبين إخوته وحصول أحدهم<br />
على امتيازات تفوقه. أو كونه كان مدلال فاعتاد<br />
األنانية واألخذ دون العطاء. ومن أهم أسباب الغيرة<br />
على اإلطالق قدوم مولود جديد في العائلة.<br />
ولتجنب الغيرة عند الطفل البد من معرفتنا للسبب<br />
وعالجه. فإن كانت ناتجة عن مشكلة تربوية<br />
كالتفريق أو مدح األطفال أمامه وتجاهله، فتعديل<br />
الطرق التربوية مطلب أساسي لعالج المشكلة,<br />
فاإلقالع عن مقارنة الطفل بغيره وتشجيعه في كل<br />
نجاح ينمي شخصيته ويحد من الغيرة، فالبد من<br />
النظر للطفل على أنه كيان مستقل حتى عن إخوته.<br />
فلو كان دونهم في التحصيل الدراسي فبالتأكيد<br />
أن لديه إيجابيات، علينا أن نبحث عنها ونبرزها.<br />
فالفروق الفردية نقطة علينا أن ال نغفلها. ويمكن<br />
للوالدين استغالل تقدم الطفل بمقارنته بنفسه في وقت<br />
سابق، كان أقل فيه بإنجاز أو سلوك معين. فذلك<br />
يزيد من ثقته ويشجعه ويبعد عنه اإلحساس بالنقص<br />
واإلهمال، والذين هما حلقة البداية في سلسلة الغيرة<br />
وتطورها، بدالً أن يخلق الغيرة والحقد في نفسه من<br />
مقارنته بغيره.<br />
كما أن المساواة في التعامل والمحبة والعطاء بين<br />
كل األبناء، وخاصة بين الجنسين تمنحهم جواً من<br />
األمن، مما يشكل له درعاً يقيه من الغيرة الزائدة.<br />
والتي قد تظهر بشكل عكسي من الطفل األصغر<br />
تجاه األكبر؛ نظراً لمنحه امتيازات معينة.<br />
أما إن كان السبب قدوم مولود جديد، فالتهيئة مهمة،<br />
وتبدأ من فترة الحمل بدالً من مفاجآت الطفل بضيف<br />
جديد يخطف أنظار األسرة إليه، بعدما كان هو<br />
مركز عنايتهم وانتباههم. فالتدرج معه مطلوب للحد<br />
من الغيرة المؤذية، وذلك بالتلطف بإخباره بقدوم<br />
مولود جديد صديق له، ليلعب معه ويسليه. كما أنه<br />
يحبه، لكنه ضعيف يحتاج منا ومنك بعض العناية،<br />
والمساعدة. وهكذا نجعل الطفل األول معنا لنقدم معاً<br />
المساعدة للطفل الثاني. بذلك يشعر أنه مقابل طفل<br />
ضعيف ال يملك امتيازاته بالقرب من والديه.<br />
إن فقدان الطفل االمتيازات واالهتمام الذي كان<br />
يحظى به، يجعله يفقد ثقته بالبيئة من حوله وبنفسه.<br />
وبالتالي يشعر بالقلق والكره للبيئة، ويبدأ االنتقام<br />
منها بالتخريب أو أن يسلك سلوكاً يحاول فيه إعادة<br />
لفت النظر إليه، كمحاولة إلعادة االمتيازات المفقودة<br />
بالبكاء أو التبول.<br />
ومع ذلك فإن تجاهل بعض التصرفات العابرة من<br />
الطفل األول من شأنه أن يساهم في الحد منها،<br />
كبكائه لبعض الوقت للفت النظر. مع العمل على<br />
إشغاله بأمور أخرى، كإشراكه بالعناية بالمولود<br />
الجديد، بإحضار مالبسه و المساعدة في تجفيفه بعد<br />
االستحمام. وجعله يجلس بقربه في وجود األم، مع<br />
إشعاره بأن هذا الصغير يحبك، فهو يبتسم لك ويسعد<br />
بقربك.<br />
وفي حين بدر أي إيذاء منه للطفل الصغير؛ فإن من<br />
الحكمة االبتعاد عن عقاب الطفل الجسدي بالضرب،<br />
أو التعنيف الشديد؛ ألن ذلك يزيد لديه مشاعر<br />
الغيرة السلبية، والتي تظهر على شكل عداء نحوه.<br />
أو بالعكس تظهر على شكل محبة شديدة تخفي في<br />
طياتها قرصات خفية عند غياب الوالدين. وفي كل<br />
األحوال نكتفي بإبعاد الصغير و إظهار ضعفه له،<br />
ونحاوره بهدوء ومحبة على أنه من واجبنا العطف<br />
والعناية به. ونمنحه بعض الوقت باللعب والرسم<br />
معه لتطمئن نفسه.<br />
29