DEUTSCHLAND-INDEX
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
"يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من<br />
قبلكم لعلكم تتقون"، و يخاطب المؤمنين بفروع<br />
الدين وتفاصيل شرائعه.<br />
أما المسلمون فمنهم الصالح والملتزم بالقوانين<br />
وهذا يحترمه اإلسالم والمسلمون ومنهم المواطن<br />
الفاسد المعتدى على القوانين وعلى الحريات وهذا<br />
يرفضه اإلسالم والمسلمون الملتزمون ،خاصة<br />
والقوانين تضمن سالمة المجتمع وال تمس الهوية<br />
وأساسيات الدين في شيء.<br />
كان سلمان رشدي كاتباً ال يعرفه أحدا، ايضاً<br />
رسامي كاريكاتير مجهولين .. ولكن بواسطة من<br />
اعتقد أن العنف ضد هؤالء هو دفاع عن اإلسالم<br />
أصبح المجهولون "أبطاال عالميين"، فمجلة<br />
"شارلي ابدو" كانت تطبع آالف األعداد بعد<br />
االعتداء على المجلة طبعت ما يقارب 8 مليون<br />
نسخة .. أليس نحن السبب في شهرة هؤالء ؟<br />
لست مع العنف ضد الكتٌاب الذي اساؤا لإلسالم<br />
ورموزه ولكنني حزين من ترك ردود الفعل<br />
للمسلمين بال حضارة وبدافع الحب وبغير تنظيم<br />
واع مما أدى إلى ظهور شطحات في رد الفعل و<br />
ال نلوم على رد الفعل وخاصة أنه جاء من اكل<br />
أقطار العالم وبثقافات مختلفة ولألسف لم تتبناه<br />
دولة وال مؤسسات أوروبية لها فاعليتها وتأثيرها<br />
مع أن األصل أن التحرك لرد الفعل الحضاري<br />
عبر البرلمانات والمؤسسات القانونية والحقوقية<br />
قد يكون أجدى وله صوت مسموع في أوروبا<br />
ونتيجة هذه العشوائية في رد الفعل كانت النتائج<br />
السلبية، ولكن ال يخلو المشهد من نتائج ايجابية<br />
منها لفت أنظار البعض إلى الجوانب المشرقة<br />
في اإلسالم والقراءة الواسعة حوله وتتبعها<br />
ومقارنتها بالواقع حتى اختاروا اإلسالم ديناً لهم<br />
ولن يصبح المتعدي على األديان بطالً عالمياً<br />
ولكنه يكون مشهوراً وشهرته سلبية ومعرة له<br />
على مر االزمان وخاصة عند العقالء والمثقفين<br />
واألحرار وما أكثرهم. وقد أظهرت ردود الفعل<br />
حب المسلمين لدينهم ونبيهم مهما كانوا عصاة او<br />
بعيدين عن الدين، مع اعتراضي على عشوائية<br />
رد الفعل او عنفه او سلوك طريق القتل والتخريب<br />
واإلرهاب ولننظر إلى حجم المصاهرة والعالقات<br />
األسرية بين األلمان والمسلمين سواء من أصول<br />
ألمانية او أوروبية مهاجرة، ولننظر إلى حجم<br />
العالقات التجارية والشركات الكبرى االقتصادية<br />
التي يمتلكها ويديرها مسلمون لنعلم حجم حاجة<br />
المجتمع األلماني للمسلمين.<br />
أين هي الجالية اإلسالمية العربية مما يحصل<br />
في ألمانيا، وهل على األوروبيين الخوف من<br />
اإلسالم ؟<br />
الجاليات العربية موجودة ولكنها متشرذمة<br />
او مفرقة او قابعة وراء اجتماعيات وعادات<br />
موروثة، تغلب الواجبات الشرعية احياناً، او<br />
الهثين وراء معايشهم مكتفين ببعض النسك او<br />
منشغلين بعصبيات او ردود أفعال محدودة للرد<br />
على نداء العاطفة لما يحدث ألهاليهم وذويهم من<br />
مصائب في أوطانهم األصلية، خاصة في اآلونة<br />
األخيرة، هذا يجعل المنشغلين بما يدور في ألمانيا<br />
قليالً .. لكنهناك قليل من المؤسسات الواعية<br />
تحاول على صعيد اجتماعي وسياسي ومدني أن<br />
تبين حقيقة ديننا الحنيف وهذا بصرف النظر عن<br />
بعض ردود األفعال العشوائية. يجب أن نفرق بين<br />
الشعب األلماني وبين اإلعالم األلماني، فالشعب<br />
األلماني شعب مسالم لطيف اجتماعي ذاق ويالت<br />
الحروب وال يقبل أبدا العنف والكراهية و يعيش<br />
ضمن منظومة من القوانين ودستور إنساني يكفل<br />
الكثير من دواعي العيش اإلنساني بدون تعصب<br />
و ال عنف و ال كراهية فليس هناك مدعاة لخوف<br />
المسلمين، وما حصل هو سحابة طيف عابرة و<br />
لنعش مع الواقع مع جيراننا وأصدقائنا، وكلنا<br />
مواطنون نعيش على ارض واحدة وعلينا واجبات<br />
واحدة ولنا حقوق متساوية ونمارس ذلك فعلياً<br />
وننعم باحترام لديننا على المستويات الرسمية<br />
والشعبية الواسعة الغالبة ... فلم الخوف إذا ؟<br />
نرى بعض الكتاب والمثقفين العرب ينادون<br />
بتجديد اإلسالم ، فأين يقف رجال الدين حيال هذا<br />
كله ؟<br />
اإلسالم منهاج يحترم الجميع وال يعطي لعلمائه<br />
سلطة الحكم على احد بجنة او نار و ال يمتلك أحد<br />
ذلك، و ال يوجد به كهنوت وال خزعبالت وال<br />
شعوذة فهو بيّن واضح وأي عالم ينحرف عن<br />
صواب الدين فهو مكشوف مفضوح مرفوض<br />
خاصة وان الدين الصحيح صار واضحاً للعيان<br />
موجود في الوثائق في متناول الجميع بحكم التقنية<br />
العلمية الحديثة ، فمن نادى بالحرية فاإلسالم دين<br />
الحرية، ومن قصد بالحرية اإلباحية والتهكم على<br />
الشرائع واألخالقيات فلن يقبله احدا على وجه<br />
األرض، وهذا ما أكدته الصيحات العالمية األخيرة<br />
في رفض التعدي على األنبياء واألديان وصرح به<br />
الفاتيكان ورئيس ألمانيا والمستشارة مع احترامهم<br />
لقوانين عامة تحكم الجميع، ومن ينادي بتجديد<br />
الدين نقول له مرحبا إذا كان التجديد المقصود<br />
في إيمانية الناس وطريقة الخطاب الديني المناسب<br />
للواقع واألخذ بالنظريات الحديثة في تطبيق<br />
واجباتنا وهذه مرونة نادى به المجددون على مر<br />
التاريخ، وفي الحديث الشريف "يبعث الله على<br />
راس كل مائة سنة من يجدد لهم دينهم" وهو تجديد<br />
التزام وفهم وأحياء القلوب وتنمية أخالق ووعي<br />
في تطبيق المنهج مع معطيات العلم وانفتاح<br />
العالم ، أما من أراد بالتجديد نسف الشرائع ونبذ<br />
النصوص الدينية الصريحة الواضحة وحبسها في<br />
زمن معين والقول بعدم صالحيتها فهذا مرفوض،<br />
لهذا فبدل أن نرفض النص علينا أن نحسن فهمه<br />
والتعامل معه طالما ثبتت لنا مصادره وتبينت لنا<br />
ربانيته، وأمٌا أقوال البشر وآراؤهم فكل يؤخذ من<br />
كالمه ويرد، إال المعصوم صلى الله عليه وسلم<br />
وكما نادى الفقهاء األئمة أصحاب المذاهب الكبرى<br />
المعتدلة فكان كل واحد منهم يقول: من وجد في<br />
كالمي ما يخالف صحيح قول لرسول الله صلى<br />
الله عليه وسلم فليأخذ بقول رسول الله وليضرب<br />
بكالمي عرض الحائط ، فال يصح ابداَ أن نقارن<br />
النص الرباني بآراء بشرية قابلة لالعوجاج وال<br />
نهجره او نستبدل به نظريات بشرية عاجزة<br />
وناقصة ولكن علينا حسن التعامل معه واالجتهاد<br />
في فهمه وتوجيهه وفق المقاصد الشرعية الثابتة<br />
في الفقه اإلسالمي واألخذ كذلك بما صح إنسانيا<br />
واجتماعياً ولم يصطدم مع المُسلَمات اإلسالمية<br />
من أي نظريات أخرى أو اتجاهات سياسية أو<br />
فكرية، فقد أشترك ألنبي صلى الله عليه وسلم في<br />
حلف الفضول مع أهل مكة وهو حلف لرد المظالم<br />
والدفاع عن المقهورين وقال " لقد دعيت لحلف<br />
في الجاهلية لو دعوت لمثله في اإلسالم ألجبت"<br />
وال يوجد عند المسلمين رجال دين ونساء دين<br />
ولكن يوجد فقهاء الدين وعلماؤه، وهؤالء للفتوى<br />
وأما حماية الدين فواجب على كل مسلم، فكلنا<br />
رجال دين وان قل علمنا.<br />
ما زالت "الجمعيات الدينية" للجالية العربية<br />
متفرقة، فمتى نراها يد موحدة ؟<br />
إن الظروف الحالية والهجمات المتتالية على<br />
المسلمين قد تكون ايجابية النتيجة، فتتحد طاقات<br />
المسلمين وتتقارب آراؤهم ويتنازلون لبعضهم<br />
البعض ويجلسون معاً للحوار والتشاور<br />
والتعاون في سبيل العيش السلمي والعمل على<br />
تحقيقه وتوصيل الصورة الصحيحة لإلسالم<br />
ولصد الهجمات المغرضة على المسلمين وتثبيت<br />
معاني المواطنة االيجابية واالندماج الحضاري<br />
والتعامل بما يمليه علينا ديننا في ظروف العيش<br />
كأقليات دينية لها واقعها وفتاويها، ولنتعاون على<br />
توجيه األجيال الثانية والثالثة والرابعة من أبناء<br />
المهاجرين.<br />
أنا متفائل بالخير وبالمساعي الحالية لتوحيد<br />
المسلمين واقترابهم من الفهم الصحيح لدينهم<br />
وأولويات واجباتهم.<br />
23