07.06.2015 Views

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

سجل ا<strong>لمنتدى</strong><br />

ونقله وتداوله من راوٍ‏ إلى آخر نقاً‏ شفويً‏ ، مما يدل على<br />

قوة الحافظة ، وكانت هذه المصادر معروفة في مرحلة<br />

مبكرة من حياة العرب والمسلمين األوائل ، يقول جورج<br />

سارتون : « من الصعب علينا إلى حد ما أن نفهم الرواية<br />

الشفوية تمام الفهم ؛ ألنها مقدرة على استذكار قصائد<br />

طويلة ، وهي ملكة كان اإلنسان يفقدها في العصر<br />

الحديث فقدانً‏ تامً‏ ، غير أن هذه الملكة توافرت لبعض<br />

األفراد في العصور القديمة لدرجة ال تصدق لو لم تكن<br />

لدينا أدلة كثيرة عليها « .<br />

ولكنَّ‏ كثيرًا من العلماء المحدثين شككوا في دقة<br />

األخبار التي تنقل عبر مصادر شفوية ، برغم أن الذاكرة<br />

جهاز تسجيل بالغ اللطافة - على حد قول أحدهم .<br />

وترتب على هذا شكهم في كثير من األخبار األدبية<br />

والدينية والتاريخية التي انتقلت إلينا عبر هذا المصدر ، كما<br />

رأينا في منحى مرجليوث وطه حسين وغيرهما في صحة<br />

الشعر الجاهلي ، باعتبار أن بعض الرواة كانوا كذابين أو<br />

منتحليى أخبار أو مزيفين.‏<br />

لكن األمر ينبغي أن يفهم على حقيقته ؛ حيث إن هناك<br />

شروطً‏ علمية دقيقة للغاية اشترطها العلماء المسلمون<br />

القدامى في رواية األخبار الشفوية ، سنعرض لها في حينها<br />

، تكشف عن منهجهم <strong>العلمي</strong> الفريد الذي يتميز ب<strong>النزاهة</strong><br />

<strong>العلمي</strong>ة والموضوعية المتناهية ، وخاصة فيما يتصل بعدالة<br />

الراوي أو أمانته في نقل الخبر <strong>العلمي</strong> ، وسيتبين لنا أن<br />

أصول النقل الشفهي ومكوناته عند المسلمين أدق بكثير<br />

من أصول العلم الحديث ، وأكثر نزاهة ، وأوفر ثقة في<br />

نقل الخبر ، حيث إنه استطاع أن يتلقف الخبر من مصدره<br />

المباشر ، ويسجله تسجياً‏ آنيً‏ ، ويحفظه عن ظهر قلب ،<br />

ثم يحمله كاألمانة أو الوديعة عنده ، ثم يشرع في نقله<br />

إلى جيل آخر يضطلع بتحمل هذه األمانة ، وسوف نلحظ<br />

هذا بوضوح في نقل الخبر الديني بخاصة.‏<br />

ثانيًا : المصادر المكتوبة :<br />

‏-هي أحدث ظهورًا من سابقتها ، حيث إنها تزامنت مع<br />

ظهور عصر التدوين والكتابة في مرحلة متأخرة من تاريخ<br />

العرب ، وتقريبً‏ في نهاية القرن األول الهجري على نطاق<br />

محدود ، ثم بدأ يزداد مع انتشار الكتابة ، وظهور أدوات<br />

ووسائل جديدة للتدوين كالورق والوراقة ، والمكتبات ، إلى<br />

أن وصل األمر إلى ذروته في مطلع القرن الثالث الهجري ،<br />

الذي يعد ، بحقٍ‏ ، العصر الذهبي للتدوين.‏<br />

ومما ال شك فيه أن العرب قبل اإلسام قد عرفوا<br />

أشكاالً‏ بدائية من الكتابة ، لكنها لم ترقَ‏ إلى مرحلة<br />

التدوين بالمعنى االصطاحي ، والدليل على وجود الكتابة<br />

في العصر الجاهلي ذكرها في الشعر الجاهلي ، ثم وجود<br />

كثير منم النقوش القديمة التي تبين وجود بعض الكَ‏ تَبَة<br />

الذين كانوا يدونون العقود والعهود واألشعار ، وبعض<br />

األحداث المهمة التي تتعلق بالمعارك أو الغزوات أو األمور<br />

الحياتية .<br />

وقد تغيرت الحال بعد اإلسام ، حيث سارت الرواية<br />

الشفوية جنبً‏ إلى جنب مع التدوين الجزئي لبعض األخبار<br />

، ثم تدرج األمر مع اتساع الممالك اإلسامية وانتقال<br />

العرب تدريجيً‏ من بيئة البادية إلى بيئات حضرية جديدة ،<br />

وظهور دواعٍ‏ جديدة استدعت ضرورة تدوين األخبار خوفً‏<br />

من أن يعتريها النسيان ، أو يصيبها االنتحال أو التزوير ،<br />

وبخاصة فيما يتعلق بالخبر الديني.‏<br />

ونتيجة النتشار االنتحال في الحديث الشريف ، وشيوع<br />

التزوير في روايته تجلَّى الخليفة الخامس عمر بن عبد<br />

العزير في نهاية القرن األول الهجري ( 99 – 1-1 ه(‏ ، وأمر<br />

بجمع الحديث الشريف وتدوينه ، وأوكل هذه المهمة<br />

لفريق من علماء الحديث آنذاك ، وجعل على رأسهم<br />

اإلمام ابن شهاب الزهري.‏<br />

وهذا األمر ال ينفي وجود بعض المدونات القديمة لبعض<br />

األحاديث النبوية سبقت هذه الفترة ، ومنها بعض الصحف<br />

المكتوبة مثل الصحيفة الصادقة لعبد اهلل بن عمرو بن<br />

العاص ، وصحيفة سعد بن عبادة ، وصحيفة جابر بن عبد<br />

اهلل .<br />

ومهما يكن من أمر ، فإنَّ‏ العلماء المسلمين لم يقتصروا<br />

على المصادر الشفوية وسيلة وحيدة في نقل الخبر ،<br />

ولكنهم اعتمدوا أيضً‏ على المصادر المكتوبة شريطة<br />

أن تراجع على السماع أو اإلجماع ، ومن هنا فإنَّ‏ الرواية<br />

الشفوية كانت تأتي عندهم في المرتبة األولى من حيث<br />

الدقة أو الضبط.‏<br />

أما عن الشروط <strong>العلمي</strong>ة التي وضعها العلماء المسلمون<br />

لنقل الخبر ، فيمكن تقسيمها إلى نوعين ؛ أولهما:‏ شروط<br />

تتعلق براوي الخبر ، واآلخر : شروط تتعلق بالمروي .<br />

أوالً‏ : شروط الراوي:‏<br />

اشترط علماء المسلمين في الراوي الذي يتحمل الخبر<br />

الديني ويؤديه أربعة شروط رئيسة ، هي:‏<br />

أ-‏ اإلسالم :<br />

فابد أن يكون الراوي مسلمً‏ ، ألنه ليس من المنطقي أن<br />

38<br />

5 - 6 May 2015<br />

- ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!