07.06.2015 Views

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

SHOW MORE
SHOW LESS

Create successful ePaper yourself

Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.

سجل ا<strong>لمنتدى</strong><br />

عن القدماء ، فقد عرضوه على نقد شديد ، تناولوا به<br />

رواته من جهة،‏ وصيغه وألفاظه من جهة ثانية.‏ أو بعبارة<br />

أخرى عرضوه على نقد داخلي وخارجي دقيق . ومعنى<br />

ذلك أنهم أحاطوه بسياج محكم من التحري والتثبت<br />

، فكان ينبغي أن ال يبالغ المحدثون من أمثال مرجليوث<br />

وطه حسين في الشك فيه مبالغة تنتهي إلى رفضه ، إنّما<br />

نشك حقّ‏ ً‏ فيما يشك فيه القدماء ونرفضه ، أما ما وثقوه<br />

ورواه أثباتهم من مثل أبي عمرو بن العاء ، والمفضل<br />

الضبّي ، واألصمعي ، وأبي زيد ، فحريٌّ‏ أنْ‏ نقبله ما داموا قد<br />

أجمعوا على صحته.‏ ومع ذلك ينبغي أنْ‏ نخضعه لامتحان<br />

، وأنْ‏ نرفض بعض ما رووه ؛ على أسس علميّة منهجية<br />

ال لمجرّ‏ د الظن ، كأنْ‏ يُرْ‏ وَ‏ ى لشاعر شعرٌ‏ ال يتصل بظروفه<br />

التاريخية ، أو تجري فيه أسماء مواضع بعيدة عن موطن<br />

قبيلته،‏ أو يضاف إليه شعر إسامي النزعة ، ونحو ذلك مما<br />

يجعلنا نلمس الوضع لمسً‏ « .<br />

والحقيقة أننا لو قارنّا بين ما أثاره طه حسين وبعض<br />

المستشرقين أمثال مرجليوث ونولدكه ؛ لوجدنا أنّ‏ هناك<br />

تقاربً‏ بل اتفاقً‏ ملحوظً‏ بين تلك اآلراء ؛ فكام طه<br />

حسين هو كام هؤالء المستشرقين ، وهذا يدل على أنه<br />

قد تشبع بوجهات نظرهم ، بفضل دراسته على أيديهم<br />

وتتلمذه على كتبهم وأبحاثهم ، فضاً‏ على ترجمته<br />

لكامهم ، ونقله إلينا بلسانه العربيّ‏ المبين . ومما يؤكد<br />

تأثره المباشر بآراء مرجليوث أنه ألف كتابه«في الشعر<br />

الجاهلي«‏ عقب نشر مقال مرجليوث عن أصول الشعر<br />

العربي بعدة أشهر ، سنة 1926 م .<br />

ومما ال ريب فيه إنَّ‏ طه حسين كان يطلع بنهم على<br />

آراء المستشرقين إلى حد يعرب فيه عن ثنائه وإعجابه<br />

الشديد بهم ، وفي معرض حديثه عن أحدهم يقول : « إني<br />

شديد اإلعجاب باألستاذ » هوار»‏ وبطائفة المستشرقين ،<br />

وبما ينتهون إليه في كثير من األحيان من النتائج <strong>العلمي</strong>ة<br />

القيمة في تاريح األدب العربي ».<br />

وهذا يعني أنه تأثر خطاهم واستفاد من مناهجهم بعامة<br />

ومن مرجليوث بخاصة ، برغم من قصر الفترة بين نشر<br />

بحث مرجليوث وصدور كتاب » في الشعر الجاهلي « ؛ ألنَّ‏<br />

هناك تطابقً‏ وتشابهً‏ بين تصوريهما،‏ بل نستطيع القول<br />

إنَّ‏ طه حسين فصَّ‏ ل القول في النقطتين الجوهريتين<br />

اللتين تعرض لهما مرجليوث وهما :<br />

> إن األدب الجاهلي ال يصور حياة العرب الجاهلية الدينية<br />

والسياسية واالقتصادية ، ولذلك فإننا عند دراسة حياة<br />

العرب الجاهلية ال ينبغي أن نرجع إلى الشعر ؛ ألنه ال يعبر<br />

عن هذه الحياة،‏ ولذلك فهو ينكر أنْ‏ يمثل هذا األدب<br />

الحياة الجاهلية.‏<br />

ٱ إن األدب الجاهلي ال يعبر عن لغة العرب الجاهلية<br />

واختاف لهجاتها،‏ ويستدل على ذلك بقراءة المعلقات<br />

مثا ؛ التي هي في حقيقتها لشعراء من قبائل متعددة ،<br />

ويرى أنها صورة للغة واحدة وليست ذات خصائص لهجية<br />

مختلفة،‏ إذ«‏ إنَّ‏ كل شيء في هذه المطوالت يدل على<br />

أنَّ‏ اختاف القبائل لم يؤثر في شعر الشعراء تأثيرًا ما ،<br />

فنحن بين اثنين : إما أنْ‏ نؤمن بأنه لم يكن هناك اختاف<br />

بين القبائل العربية من عدنان وقحطان ، ال في اللغة وال في<br />

اللهجة وال في المذهب الكامي،‏ وإما أنْ‏ نعترف بأنَّ‏ هذا<br />

الشعر لم يصدر عن هذه القبائل،‏ وإنما حمل عليها بعد<br />

اإلسام حما،‏ ونحن إلى الثانية أميل منا إلى األولى«.‏<br />

وخطورة األمر:‏ أنّ‏ هؤالء المستشرقين وأمثالهم حين<br />

أثاروا هذه القضيّة ‏»كانوا يرمون إلى مرمى خبيث،‏<br />

حيث عرفوا مكانة الشعر الجاهلي ، وأدركوا أنّ‏<br />

علماء المسلمين منذ الصدر األول لإلسام قد شعروا<br />

بحاجتهم إلى الشعر العربيّ‏ ؛ لاستعانة به في فتح<br />

مغاليق األلفاظ واألساليب الغريبة الموجودة في القرآن<br />

الكريم ، واألحاديث النبوية الشريفة ؛ فأكبوا عليه يروونه<br />

ويحفظونه ويدرسون أساليبه ومعانيه ، وما يدور فيه من<br />

ذكر أليام العرب ووقائعهم . ولوال هذا الباعث الديني،‏<br />

الندثر الشعر الجاهلي،‏ ولم يصل إلينا منه شيء « .<br />

وقد قرّ‏ ر هذه الحقيقة أبو حاتم الرازي ؛ فقال:‏ ‏»ولوال ما<br />

بالناس من حاجة إلى معرفة لغة العرب ، واالستعانة<br />

بالشعر على العلم بغريب القرآن ، وأحاديث رسول اهلل<br />

- صلى اهلل عليه وسلم - ، والصحابة والتابعين ، واألئمة<br />

الماضين ؛ لبطل الشعر ، وانقرض ذكر الشعراء ، ولعضَّ‏<br />

الدهر على آثارهم ، ونسي الناس أيامهم«‏ .<br />

المبحث الثاني :<br />

أنواع الخبر <strong>العلمي</strong> ، وشروطه :<br />

تعددت معاني كلمة ‏»خبر«‏ في الثقافة العربية واإلسامية،‏<br />

وقد كان لها في البداية معانٍ‏ حسية أو مادية ، ثم تطور<br />

المعنى بتطور المعرفة ورقيها ، فاكتسب دالالت حدسية<br />

ونفسية ، ثم اكتسب معنى عقليً‏ ، وفي النهاية أصبح لها<br />

معنى اصطاحي ، وذلك بفعل التطور الداللي الذي يصيب<br />

الكام اإلنساني في كل لغة ، يقوا إرنست كاسيرار : «<br />

فالكام اإلنساني يتطور من مرحلة حسية نسبيً‏ إلى<br />

36<br />

5 - 6 May 2015<br />

- ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!