السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
سجل ا<strong>لمنتدى</strong><br />
نقل الخبر قديمً وحديثً :<br />
الحقيقة أن تاريخ الحضارة العربية واإلسامية قد زخر<br />
بالعديد من الكتب التي عالجت موضوع االنتحال والتزوير<br />
في نقل الخبر ، سواء الخبر التاريخي أو الديني أو األدبي ،<br />
وكذا اهتمت مؤلفات عديدة في العصر الحديث بدراسة<br />
هذه الظاهرة .<br />
فمن العلماء القدامى الذين عالجوا ظاهرة االنتحال<br />
والتزوير ، األصمعي ، والمفضّ ل الضّ بي ، ومحمد بن سام<br />
الجمحي ، ومن العلماء المحدثين طه حسين ، وناصر الدين<br />
األسد ، ومن المستشرقين صموئيل مرجليوث ، ونولدكه ،<br />
وباشير ، وجولدزيهر، وآدم متز ، وفؤاد سزكين ، وغيرهم.<br />
ويُعدّ محمد بن سام الجمحي ( ت 232 ه( أوّ ل من أثار<br />
، في إسهاب ، مشكلة االنتحال في الشعر الجاهلي في<br />
كتابه : »طبقات فحول الشعراء«، وقد ردّ ها إلى عاملين ؛ «<br />
أولهما : عامل القبائل التي كانت تتزيّد في شعرها لتتزيد<br />
في مناقبها، وعامل الرواة الوضَّ اعين« .<br />
يقول ابن سام: »لما راجعت العرب رواية الشعر وذكر<br />
أيامها ومآثرها استقلّ بعض العشائر شعر شعرائهم<br />
وما ذهب من ذكر وقائعهم، وكان قوم قلّت وقائعهم<br />
وأشعارهم وأرادوا أنْ يلحقوا بمن له الوقائع واألشعار ،<br />
فقالوا على ألسن شعرائهم ، ثم كانت الرواة بعدُ فزادوا<br />
في األشعار« .<br />
وقد أظهر ابن سام قدرة بارعة في التعرف على الشعر<br />
الموثوق والشعر الموضوع أو المزيف من خال مناقشة<br />
الشعر الذي وضعه ابن إسحاق في السيرة النبوية . فقد<br />
ذكر ابن إسحاق شعرا منسوبً إلى عاد وثمود ، والى<br />
رجال ونساء لم يعرف عنهم الشعر قط . فردَّ عليه ابن<br />
سام باألدلة والحجج الدامغة ، حيث أشار إلى كثير من<br />
آيات القران الكريم التي تدل على هاك عاد وثمود ، بل<br />
إبادتهم بصورة كلية . كقوله تعالى : « فهل ترى لهم من<br />
باقية « ، وقوله تعالى: « وأنه اهلك عادًا األولى . وثمودَ فما<br />
أبقى« .<br />
ثم ناقش قضية « نشوء العربية من الناحية التاريخية »؛<br />
إذ رأى أن إسماعيل - عليه السام - هو أول من تكلم<br />
العربية ، وهو متأخر عن عاد وثمود ، فضاً على أن لغة<br />
عاد و ثمود ليست العربية ، فهم من أهل اليمن ؛ إذ كان<br />
أبو عمرو بن العاء يقول : « ما لسان حمير بلساننا، وال<br />
عربيتهم بعربيتنا« ، فإذا كانت اللغة مختلفة ، فكيف<br />
يمكن أن نقبل بشعر لم يرد باللغة العربية؟!<br />
كما اعتمد ابن سام على تاريخ اكتمال القصيدة<br />
العربية ونضجها ، فهو يرجعه إلى مائة وخمسين عامً<br />
قبل اإلسام ، وأن القصيدة طُ وِّلَتْ على يد امرئ القيس<br />
والمهلهل .<br />
ومن خال ردود ابن سام هذه ، يتضح لنا الدور الحضاري<br />
المهم للناقد المختص في رد التهم التي ألصقت بالشعر<br />
العربي القديم .<br />
ابن سام الجمحي )) الناقد المختص (( عمر حاتم<br />
وقد لفتت هذه القضية ،أعني قضيّة انتحال الشعر<br />
الجاهلي وتزويره ، أنظار الباحثين المحدثين من العرب<br />
والمستشرقين ، ويأتي على رأسهم المستشرق األلماني<br />
نولدكه سنة 1864م ، وتاه آلورد البروسي حين نشر<br />
دواوين الشعراء الستة الجاهليين : امرئ القيس، والنابغة،<br />
وزهير، وطرفة، وعلقمة، وعنترة ، وقد شكَّ في صحّ ة<br />
الشعر الجاهلي بعامة ، وانتهى إلى أنّ عددًا قلياً من قصائد<br />
هؤالء الشعراء يمكن التسليم بصحتها ، مع ماحظة أنّ<br />
شكّ ً ال يزال يازم هذه القصائد الصحيحة في ترتيب<br />
أبياتها وألفاظ كلّ منها.<br />
إال أنّ مرجليوث يعدّ أشهر من أثاروا هذه القضية في<br />
كتاباته ؛ إذْ كتب فيها مقاالً مفصاً نشره في مجلة<br />
الجمعية الملكية اآلسيوية بعدد يولية ، سنة 1925م،جعل<br />
عنوانه : )أصول الشعر العربي(:<br />
. )The Origins of Arabic Poetry(<br />
ومن أبرز ما أثار حافظة النقاد العرب وغضبهم ، قول<br />
مرجليوث في مقاله المذكور:« لو أنّ هذا الشعر صحيح ،<br />
لمثّل لنا لهجات القبائل المتعدّ دة في الجاهلية ، كما مثل<br />
لنا االختافات بين لغة القبائل الشمالية العدنانية واللغة<br />
الحميرية في الجنوب« .<br />
كما زعم أنه لو سلمنا جدالً بوجود الشعر في العصر<br />
الجاهلي ، فإنه من األرجح أنه قد انتقل إلى عرب ما بعد<br />
اإلسام شفاهةً ، والروايات الشفوية ال تتمتع بالمصداقية.<br />
ولقد ردّ عليه الدكتور شوقي ضيف مدحضً زعمه ، قائاً<br />
: إنّ لغة القرآن الفصحى كانت سائدةً في الجاهلية ، وأنّ<br />
الشعراء منذ فاتحة هذا العصر كانوا ينظمون بها وأنها<br />
كانت لهجة قريش ، وسادت ألسباب دينية واقتصادية<br />
وسياسية ؛ فكان الشعراء ينظمون بها متخلين عن<br />
لهجاتهم المحلية ، على نحو ما يصنع شعراء العرب في<br />
عصرنا على اختاف لهجات بلدانهم وأقاليمهم « .<br />
هذا ؛ ومن بين مزاعم مرجليوث في هذا الموضوع: أنّ<br />
34<br />
5 - 6 May 2015<br />
- ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /