السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
سجل ا<strong>لمنتدى</strong><br />
الكتابة المختلفة منذ بدأ اإلنسان القديم يسجل بعض<br />
تفاصيل حياته المادية أو المعنوية على الصخور واألحجار<br />
، واللخاف ، والعظام ؛ كالرسائل الشخصية ، وصكوك<br />
البيع والشراء والمعاهدات ، وبعض األحداث السياسية<br />
أو االجتماعية ، إلى أن ازدهرت حركة التدوين في النصف<br />
الثاني من القرن الثاني الهجري ، فبدأ العلماء في التشدد<br />
في قبول الخبر ، وتحروا الدقة في نقله / وحرصوا على أال<br />
يكون هذا الخبر منحوالً أو موضوعً، والسيما الخبر الديني،<br />
والخبر التاريخي، والخبر األدبي، ألن الخبر يمثل وثيقة<br />
علمية ، ووعاءً ثقافيً لألمة.<br />
وفي البداية ينبغي أن نتوقف أمام معنى االنتحال والتزوير<br />
لغةً واصطاحً ، قديمً وحديثً ، ولنقف على طبيعة الداللة<br />
، وتطورها :<br />
أوالً: االنتحال :<br />
يقول صاحب لسان العرب: ( انتحل فان شعر فان أو<br />
قول فان إذا ادعاه أنه قائله . وتنحله : ادعاه وهو لغيره ...<br />
ونحله القول ينحله نحا : نسبه إليه . ونحلته القول أنحله<br />
نحا ، بالفتح : إذا أضفت إليه قوال قال غيره وادعيته قاله<br />
عليه . وفان ينتحل مذهب كذا وقبيلة كذا : إذا انتسب<br />
إليه . ويقال : نحل الشاعر قصيدة ، إذا نسبت إليه وهي<br />
من قيل غيره ... وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في<br />
قولهم انتحل فان كذا وكذا : معناه قد ألزمه نفسه ،<br />
وجعله كالملك له ، وهي الهبة والعطية يعطاها اإلنسان .<br />
وفي حديث قتادة بن النعمان: كان بشير بن أبيرق يقول<br />
الشعر ويهجو به أصحاب النبي - صلى اهلل عليه وسلم<br />
- وينحله بعض العرب ؛ أي ينسبه إليهم من النحلة وهي<br />
النسبة بالباطل( . قال األعشى :<br />
فكيف أنا وانتحالي القوافي<br />
وقيَّدَ ني الشِّ عْ رُ في بيتِهِ<br />
بعد المشيبِ ، كفى ذاك عارًا !<br />
كما قيَّدَ األسراتُ الحِ مارا<br />
وقال الفرزدق :<br />
إذا ما قُ لتُ قافيةً شرودًا * تنحَّ لَها ابنُ حمراءِ العِ جَ انِ<br />
إذن فاالنتحال لغةً االدعاء ،في االصطاح أن شاعرًا ينشيء<br />
أبياتً من الشعر ، ثم ينسبها إلى غيره ، أو ينسب أبيات<br />
غيره إلى نفسه ، أو ينسب أبيات شاعر لشاعر آخر ،<br />
والعبرة هنا بعدم توافر األمانة <strong>العلمي</strong>ة ، فاالنتحال يعد<br />
نوعً من التدليس والكذب المتعمد.<br />
وقد شاع استخدام مصطلح االنتحال ليدل على قضية<br />
الشك في الشعر الجاهلي ، ويُؤثر بعضهم استخدام<br />
مصطلح النحل ، ويحدده بأنه »وضع قصيدة ما أو بيت<br />
من أبيات وإسناد ذلك لغير قائله« ويذهب آخر إلى أن<br />
»معنى انتحله وتنحله ادعاه لنفسه ولغيره....ويقال نحل<br />
الشاعر قصيدته إذا نسبت إليه وهي لغيره« . وقد ميز أحد<br />
الباحثين المحدثين بين ثاثة مصطلحات وهي: النحل ،<br />
واالنتحال ، والوضع ؛ فالوضع لديه »هو أن ينظم الرجل<br />
الشعر ثم ينسبه إلى غيره ، ألسباب ودواعٍ . واالنتحال هو<br />
ادعاء شعر الغير . أما النحل فهو أن ينسب الرجل شعر<br />
شاعر إلى شاعر آخر« .<br />
ومن هنا يمكننا إيجاز معنى االنتحال بأنه نسبة الشعر<br />
لغير قائله ، سواء أكان ذلك بنسبة شعر رجل إلى آخر ،<br />
أم أن يدعي الرجل شعر غيره لنفسه ،أم أن ينظم شعرًا<br />
وينسبه لشخص شاعر أو غير شاعر ، سواء أكان له<br />
وجود تاريخي أم ليس له وجود تاريخي«.<br />
ومن االنتحال أيضً أن يعتنق المرء ملة أو دينً غير دينه ،<br />
فهو نوع من تغيير المذهب الصحيح أيضً.<br />
ثانيًا : التزوير :<br />
شرح المعجميون معنى مادة )زور(، فقال ابن منظور: «<br />
الزُّ ور : الكذب والباطل والتهمة ، وقيل : شهادة الباطل<br />
رجل زور، وقوم زور ،وكام مزور ومتزور : مموه بكذب<br />
... والتزوير : تزيين الكذب ، ومنه شاهد الزور يزور كاما ،<br />
وشهادة الزور من الكبائر « .<br />
وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم ، قال تعالى عن التائبين<br />
الصادقين : «والذين ال يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا<br />
كراما» . وقال تعالى : «فاجتنبوا الرجس من األوثان<br />
واجتنبوا قول الزور» .<br />
فالزُّ ور يعني الكذب والتحريف وتغيير حقيقة الشيء<br />
الصحيح ليصبح على هيئة أخرى ال يكاد يعرف بها ، وهو<br />
نوع من التضليل . قال صاحب القاموس المحيط : « الزُّ ور<br />
بالضم : الكذب ، والشرك باهلل تعالى ، وبالتحريك : الميل ،<br />
وعوج الزور ، أو إشراف أحد جانبيه على اآلخر« .<br />
ويعرف التزوير في القانون في العصر الحديث بأنه عبارة<br />
عن « تغيير الحقيقة في محرر رسمي بقصد الغش بإحدى<br />
الطرق التي عينها القانون ، تغييرًا من شأنه أن يسبب<br />
ضررًا « .<br />
كما أنه محاولة لطمس الحقيقة أيً كانت وسيلته ؛ سواءً<br />
بالقول أو الكتابة ، بغية تغيير الحقيقة والغش في محرر<br />
بإحدى الطرق التي نص عليها القانون ، والتي من شأنها<br />
32<br />
5 - 6 May 2015<br />
- ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /