السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية السجل العلمي لمنتدى النزاهة العلمية

saudilady2013
from saudilady2013 More from this publisher
07.06.2015 Views

سجل المنتدى مَ‏ نَعَ‏ مِ‏ نْ‏ إِظْ‏ هَ‏ ارِهِ‏ ") (. هذا الفساد له أثر كبير في القضاء على األخاق والسلوك في المجتمعات،‏ وقد تكافحه بعض األنظمة والقوانين في الدول المتقدمة،‏ وذلك إذا خالف موادها،‏ وقد يكون فسادًا أخاقيً‏ وال تكافحه؛ بل تحميه؛ لذلك البد أن ينظر إلى الفساد وتقييمه من منظور شرعي،‏ ال على أساس ما اعتاده الناس،‏ فقد يعتادون ما هو فساد أخاقيً‏ أو ينكرون ما هو نزيه وصحيح،‏ أما الشارع الحكيم،‏ فهو منزل ممن يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.‏ واهلل أعلم الفصل الثاني:‏ انعكاسات الفساد العلمي.‏ وفيه أربعة مباحث.‏ المبحث األول:‏ انعكاسات دينية.‏ عندما أتحدث عن الدين؛ فالمراد به الدين اإلسامي الذي ارتضاه اهلل عز وجل لخلقه،‏ وأتمه وأكمله،‏ الْيَوْ‏ مَ‏ أَكْ‏ مَ‏ لْتُ‏ لَكُ‏ مْ‏ دِينَكُ‏ مْ‏ ( (. وهو الدين الباقي إلى قيام الساعة والذي ال يسع أحد بعد بعثت النبي صلى اهلل عليه وسلم إال اتباعه،‏ قال صلى اهلل عليه وسلم:‏ ‏»وَ‏ الَّذِ‏ ي نَفْ‏ سُ‏ مُ‏ حَ‏ مَّ‏ دٍ‏ بِيَدِ‏ هِ‏ ، لَا يَسْ‏ مَ‏ عُ‏ بِي أَحَ‏ دٌ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ذِ‏ هِ‏ الْأُمَّ‏ ةِ‏ يَهُ‏ ودِيٌّ‏ ، وَ‏ لَا نَصْ‏ رَانِيٌّ‏ ، ثُمَّ‏ يَمُ‏ وتُ‏ وَ‏ لَمْ‏ يُؤْ‏ مِ‏ نْ‏ بِالَّذِ‏ ي أُرْ‏ سِ‏ لْتُ‏ بِهِ،‏ إِلَّا كَ‏ انَ‏ مِ‏ نْ‏ أَصْ‏ حَ‏ ابِ‏ النَّارِ«)‏ (. أما األديان السابقة؛ فقد تغيرت معالمها وأصولها بسبب ما حصل من أهل العلم فيها من الفساد،‏ حيث غيروا وبدلوا وحرفوا في دينهم حتى غشي الفساد كل معالم دينهم،‏ ووصل إلى توحيد اهلل سبحانه وتعالى،‏ فادعوا له الولد والصاحبة،‏ وأنه ثالث ثاثة وغيرها من االنحرافات،‏ وتبع فساد العقيدة؛ الفساد في األحكام واألخاق،‏ وكانت حكمة اهلل أن كان الدين اإلسامي هو الدين الخاتم والقرآن الكريم آخر الكتب وتولى حفظه،‏ قال تعالى:‏ إِنَّا نَحْ‏ نُ‏ نَزَّلْنَا الذِّكْ‏ رَ‏ وَ‏ إِنَّا لَهُ‏ لَحَ‏ افِ‏ ظُ‏ ونَ‏ ( ‏(والنبي صلى اهلل عليه وسلم خاتم النبيين عليهم السام؛ وسنته صلى اهلل عليه وسلم وحي من اهلل سبحانه محفوظً،‏ وتعالى،‏ قال تعالى : )1( وَ‏ النَّجْ‏ مِ‏ إِذَا هَ‏ وَى )2( مَ‏ ا ضَ‏ لَّ‏ صَ‏ احِ‏ بُكُ‏ مْ‏ وَ‏ مَ‏ ا غَ‏ وَى )3( وَ‏ مَ‏ ا يَنطِ‏ قُ‏ عَ‏ نِ‏ الْهَ‏ وَى )4( إِنْ‏ هُ‏ وَ‏ إِالَّ‏ وَ‏ حْ‏ يٌ‏ يُوحَ‏ ى ( (، بأن هيئا لها رجاالً‏ سخروا حياتهم للدفاع عنها،‏ والذب عن حياضها،قَ‏ الَ‏ رَسُ‏ ولُ‏ اهللِ‏ صَ‏ لَّى اللَّهُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : " يَحْ‏ مِ‏ لُ‏ هَ‏ ذَ‏ ا الْعِ‏ لْمَ‏ مِ‏ نْ‏ كُ‏ لِّ‏ خَ‏ لَفٍ‏ عُ‏ دُ‏ ولُهُ‏ ، يَنْفُ‏ ونَ‏ عَ‏ نْهُ‏ تَحْ‏ رِيفَ‏ الْغَ‏ الِينَ‏ ، وَ‏ انْتِحَ‏ الَ‏ الْمُ‏ بْطِ‏ لِينَ‏ ، وَ‏ تَأْوِ‏ يلَ‏ الْجَ‏ اهِ‏ لِينَ‏ " ( ) هذا الحفظ ألصول الدين خفف من وقوع الفساد في البحوث العلمية؛ ولكنه لم يمنعه؛ لذلك كان له انعكاسات كبيرة في تفريق األمة ووقوع الشتات؛ بل قد يصل بها إلى الحروب،‏ وظهرت الفرق ووقع الشرك في كثير من البلدان،‏ وافترقت األمة؛ خاصة في العصور المتأخرة؛ ومن مظاهر ذلك االفتراق:‏ 1. االفتراق في العقيدة،‏ بوقوع الشرك بأنواعه الثاثة.‏ أ.‏ في الربوبية وذلك بمن ادعى في شيخه ما هو من خصائص الربوبية،‏ من النفع والضر والخلق والرزق.‏ ب.‏ وفي األلوهية؛ بأن صرفت العبادة لغير اهلل عز وجل بأنواع من الشرك في الدعاء والذبح والنذر والتوكل والخوف والرجاء.‏ ت.‏ وفي األسماء والصفات؛ بأن عطلت نصوص األسماء والصفات أو شبه سبحانه وتعالى بخلقه.‏ 2. وفي النبي صلى اهلل عليه وسلم وصحابته بالغلو أو الجفاء.‏ 3. في العبادات العملية حتى حج بعض من يحسبون على اإلسام إلى غير بيت اهلل الحرام.‏ 4. وفي األخاق والسلوك ظهر في بعض المنتسبين إلى اإلسام الكذب بمسمى التقية.‏ ومع هذه االنعكاسات على الدين وشدتها،‏ إال أنه ال يزال هناك طائفة على الحق والصراط المستقيم،‏ وهذا مصداق قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‏:»لَا تَزَالُ‏ طَ‏ ائِفَ‏ ةٌ‏ مِ‏ نْ‏ أُمَّ‏ تِي ظَ‏ اهِ‏ رِينَ‏ عَ‏ لَى الْحَ‏ قِّ‏ ، لَا يَضُ‏ رُّ‏ هُ‏ مْ‏ مَ‏ نْ‏ خَ‏ ذَ‏ لَهُ‏ مْ‏ ، حَ‏ تَّى يَأْتِيَ‏ أَمْ‏ رُ‏ اهللِ‏ وَ‏ هُ‏ مْ‏ كَ‏ ذَ‏ لِكَ‏ «) ‏(."قال البخاري:‏ هم أهل العلم)‏ (، وقال أحمد بن حنبل رضي اهلل عنه:"‏ إن لم يكونوا أهل الحديث،‏ فا أدري من هم.‏ وقال القاضي عياض:‏ إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذاهب أهل الحديث،‏ قال اإلمام النووي:‏ يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين،‏ فمنهم شجعان مقاتلون،‏ ومنهم فقهاء،‏ ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر،‏ ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير وال يلزم أن يكونوا مجتمعين؛ بل قد يكونون متفرقين في أقطار األرض".)‏ ) هذه الطائفة القائمة على حماية الدين بجميع أنواع الحماية؛ باللسان والبنان والسنان،‏ بالقول والعمل،‏ هم الذين يدفعون عن حياض الدين،‏ ويصلحون ما أفسده الناس.‏ واهلل أعلم.‏ المبحث الثاني:‏ انعكاسات على األفراد و المجتمعات.‏ وفيه مطلبان.‏ 248 5 - 6 May 2015 - ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /

المطلب األول:‏ انعكاسات على األفراد.‏ الفساد في البحوث العلمية له انعكاسات كبيرة وخطيرة تفتك بالفرد،‏ فهو دمار ألخاقه وسلوكه،‏ وجهل مركب يعشش في رؤوس منتحليه،‏ حتى يرديهم المهالك،‏ وداء مستشري في أفراد المجتمعات حتى تحلهم في آخر ركب التقدم العلمي؛ بل قد يصل بهم األمر إلى التخلف والجهل والبعد حتى عن مسمى العلم.‏ فالفساد العلمي يؤثر في الفهم،‏ والتحصيل،‏ والجدية في البحث،‏ وهذا بدوره يؤثر في مستوى التفكير،‏ ويوقف عجلة التقدم والرقي ، وينحرف باألفراد إلى التخلف واالنحطاط،‏ واألخاق القبيحة،‏ والفساد في األرض،‏ فتنتشر فيهم السرقة العلمية بأشكالها المختلفة من استنساخ ونسخ بدون توثيق،‏ وسرقة أفكار وجهد اآلخرين،‏ وتبقى مجتمعات هؤالء األفراد متخلفة ال تقدم جديدًا،‏ وال تعمل حميدًا،‏ وال تتقي قبيحً،‏ وال يقوم لها بناء،‏ وال يرفع للعلم والرقي فيها راية،‏ فمجتمع هذا حال أفراده اليسمو وال يرتفع ، بل يغمره الفساد في جميع النواحي،‏ فيستحل أفراده الفساد في كل شيء.‏ فالطبيب الذي حصل على شهادته بالتزوير والسرقة،‏ اليجيد في عمله وال يتقنه؛ بل يصبح سفير للموت،‏ بدالً‏ من أن يكون سببً‏ للشفاء والحياة.‏ والمدرس الذي حصل على شهادته بالغش والكذب والرشوة،‏ ال يُعلِم إال بالطريقة التي تعلم بها.‏ والمهندس الذي أخذ شهادته بحسابات،‏ وهمية وطرق ملتوية،‏ جميع مقاساته مختلة وخاطئة.‏ والجندي الذي كل ما يدرسه هو كيف يحصل على وظيفة بشتى الطرق والوسائل؛ ال يقدر قيمة عمله وال أهمية وطنه وال عظم األمانة التي تجب عليه.‏ وهلم جر،‏ فكل فرد قامت أعماله على الفساد وساد كان حريً‏ عن ما وكِ‏ لَ‏ إليه باإلبعاد.‏ واهلل أعلم.‏ المطلب الثاني:‏ انعكاسات على المجتمعات.‏ إن تقدم المجتمعات مبني على تقدمها العلمي،‏ فإن حل الفساد في عمود التقدم؛ وهو البحث العلمي،‏ سقط كل ما يبنى عليه من تقدم ورقي مادي ومعنوي،‏ ففي الجانب المادي ال يتحقق أي تقدم كافة المجاالت االجتماعية،‏ مما يكون له االنعكاسات السيئة على المجتمع في تفككه،‏ وضعفه؛ وضعف مستواه المعيشي واالجتماعي،‏ وفي الجانب المعنوي،‏ فإن الفساد العلمي يقضي على مستقبل المجتمعات وتطورها فكريً‏ وأخاقيً‏ بما يعود ضرره على الوعي الصحي واالجتماعي،‏ وترشيد االستهاك،‏ وهذا بدوره يؤثر على مستوى دخل الفرد والجماعة،‏ والتأخر في التحصيل العلمي،‏ والتطور الحضاري والخدمي،‏ ومستوى اإلنتاج الصناعي وغيرها من أنواع اإلبداع وتحسين اإلنتاج والمستوى المعيشي للمجتمع.‏ وهذا مشاهد في تصنيف المجتمعات إلى عالم أول)‏ ) وعالم ثاني)‏ ) وعالم ثالث)‏ ) الخ،‏ و كل ذلك يعود إلى مدى التقدم العلمي،‏ وحسن اإلنتاج المبني على البحوث العلمية وتطورها،‏ وكل ما يسهم.‏ إن تقدم المجتمعات ورقيها وحضارتها تبنى على أخاقياتها وسلوكياتها،‏ وهذا ما ينقضه ويهدمه الفساد في البحوث العلمية والدراسات النظرية والتطبيقية العملية،‏ فكل ما حل الفساد في البحوث العلمية ضاعت األخاق اإلنسانية،‏ وانهدم البناء المعرفي،‏ وتخلفت الشعوب؛ ثقافيً‏ واجتماعيً‏ واقتصاديً‏ وأمنيً‏ وصحيً،‏ وكل ما حارب الناس الفساد العلمي ؛ وارتفع البناء المعرفي وتبعه التقدم في بقية المجاالت،‏ وقد أخبر النبي صلى اهلل عليه وسلم أن الناس إذا لم ينكروا المنكر،‏ ويأخذوا على يد المفسدين ، غرق المجتمع في الفساد،‏ فقَ‏ الَ‏ صَ‏ لَّى اهللُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : ‏»مَ‏ ثَلُ‏ الْقَ‏ ائِمِ‏ عَ‏ لَى حُ‏ دُ‏ ودِ‏ اهللِ،‏ وَ‏ الْمُ‏ دَّ‏ هِ‏ نِ‏ فِ‏ يهَ‏ ا،‏ كَ‏ مَ‏ ثَلِ‏ قَ‏ وْ‏ مٍ‏ اسْ‏ تَهَ‏ مُ‏ وا عَ‏ لَى سَ‏ فِ‏ ينَةٍ‏ فِ‏ ي الْبَحْ‏ رِ،‏ فَ‏ أَصَ‏ ابَ‏ بَعْ‏ ضُ‏ هُ‏ مْ‏ أَسْ‏ فَ‏ لَهَ‏ ا،‏ وَ‏ أَصَ‏ ابَ‏ بَعْ‏ ضُ‏ هُ‏ مْ‏ أَعْ‏ لَاهَ‏ ا،‏ فَ‏ كَ‏ انَ‏ الَّذِ‏ ينَ‏ فِ‏ ي أَسْ‏ فَ‏ لِهَ‏ ا يَصْ‏ عَ‏ دُ‏ ونَ‏ ، فَ‏ يَسْ‏ تَقُ‏ ونَ‏ الْمَ‏ اءَ‏ ، فَ‏ يَصُ‏ بُّونَ‏ عَ‏ لَى الَّذِ‏ ينَ‏ فِ‏ ي أَعْ‏ لَاهَ‏ ا،‏ فَ‏ قَ‏ الَ‏ الَّذِ‏ ينَ‏ فِ‏ ي أَعْ‏ لَاهَ‏ ا:‏ لَا نَدَ‏ عُ‏ كُ‏ مْ‏ تَصْ‏ عَ‏ دُ‏ ونَ‏ ، فَ‏ تُؤْ‏ ذُ‏ ونَنَا،‏ فَ‏ قَ‏ الَ‏ الَّذِ‏ ينَ‏ فِ‏ ي أَسْ‏ فَ‏ لِهَ‏ ا:‏ فَ‏ إِنَّنَا نَنْقُ‏ بُهَ‏ ا)‏ ) مِ‏ نْ‏ أَسْ‏ فَ‏ لِهَ‏ ا،‏ فَ‏ نَسْ‏ تَقِ‏ ي " قَ‏ الَ‏ : " فَ‏ إِنْ‏ أَخَ‏ ذُ‏ وا عَ‏ لَى أَيْدِ‏ يهِ‏ مْ‏ ، فَ‏ مَ‏ نَعُ‏ وهُ‏ مْ‏ ، نَجَ‏ وْ‏ ا جَ‏ مِ‏ يعً‏ ا،‏ وَ‏ إِنْ‏ تَرَكُ‏ وهُ‏ مْ‏ غَ‏ رِقُ‏ وا جَ‏ مِ‏ يعً‏ ا«)‏ (. المبحث الثالث:‏ انعكاسات على األمن واالقتصاد.‏ اليمكن االستقرار في العيش والتقدم في اإلنتاج الحضاري مالم يتحقق األمن في جميع النواحي الفكرية والعلمية والدينية واالقتصادية والصحية،‏ كما أن األمن بجميع أنواعه ال يتحقق ما لم يكن هناك تقدمً‏ في البحوث العلمية بما يخدم األمن في تطويره في وسائله وأدواته بما يواكب العصر،‏ ومافيه من تقدم في جميع النواحي؛ بل إنه إذا ظهر الفساد في البحوث العلمية يضيع األمن،‏ فيخاف الناس على نتاج فكرهم وخاصة جهدهم من السرقة والضياع،‏ ويعيش الناس كوحوش يأكل القوي الضعيف،‏ وال يأمن أحد على نفسه أو ما يملك ، كما أن سجل المنتدى 249 5 - 6 May 2015 - ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /

سجل ا<strong>لمنتدى</strong><br />

مَ‏ نَعَ‏ مِ‏ نْ‏ إِظْ‏ هَ‏ ارِهِ‏ ") (.<br />

هذا الفساد له أثر كبير في القضاء على األخاق والسلوك<br />

في المجتمعات،‏ وقد تكافحه بعض األنظمة والقوانين<br />

في الدول المتقدمة،‏ وذلك إذا خالف موادها،‏ وقد يكون<br />

فسادًا أخاقيً‏ وال تكافحه؛ بل تحميه؛ لذلك البد أن ينظر<br />

إلى الفساد وتقييمه من منظور شرعي،‏ ال على أساس ما<br />

اعتاده الناس،‏ فقد يعتادون ما هو فساد أخاقيً‏ أو ينكرون<br />

ما هو نزيه وصحيح،‏ أما الشارع الحكيم،‏ فهو منزل ممن<br />

يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.‏ واهلل أعلم<br />

الفصل الثاني:‏ انعكاسات الفساد <strong>العلمي</strong>.‏<br />

وفيه أربعة مباحث.‏<br />

المبحث األول:‏ انعكاسات دينية.‏<br />

عندما أتحدث عن الدين؛ فالمراد به الدين اإلسامي الذي<br />

ارتضاه اهلل عز وجل لخلقه،‏ وأتمه وأكمله،‏ الْيَوْ‏ مَ‏ أَكْ‏ مَ‏ لْتُ‏<br />

لَكُ‏ مْ‏ دِينَكُ‏ مْ‏ ( (. وهو الدين الباقي إلى قيام الساعة والذي ال<br />

يسع أحد بعد بعثت النبي صلى اهلل عليه وسلم إال اتباعه،‏<br />

قال صلى اهلل عليه وسلم:‏ ‏»وَ‏ الَّذِ‏ ي نَفْ‏ سُ‏ مُ‏ حَ‏ مَّ‏ دٍ‏ بِيَدِ‏ هِ‏ ، لَا<br />

يَسْ‏ مَ‏ عُ‏ بِي أَحَ‏ دٌ‏ مِ‏ نْ‏ هَ‏ ذِ‏ هِ‏ الْأُمَّ‏ ةِ‏ يَهُ‏ ودِيٌّ‏ ، وَ‏ لَا نَصْ‏ رَانِيٌّ‏ ، ثُمَّ‏ يَمُ‏ وتُ‏<br />

وَ‏ لَمْ‏ يُؤْ‏ مِ‏ نْ‏ بِالَّذِ‏ ي أُرْ‏ سِ‏ لْتُ‏ بِهِ،‏ إِلَّا كَ‏ انَ‏ مِ‏ نْ‏ أَصْ‏ حَ‏ ابِ‏ النَّارِ«)‏ (.<br />

أما األديان السابقة؛ فقد تغيرت معالمها وأصولها بسبب<br />

ما حصل من أهل العلم فيها من الفساد،‏ حيث غيروا<br />

وبدلوا وحرفوا في دينهم حتى غشي الفساد كل معالم<br />

دينهم،‏ ووصل إلى توحيد اهلل سبحانه وتعالى،‏ فادعوا له<br />

الولد والصاحبة،‏ وأنه ثالث ثاثة وغيرها من االنحرافات،‏<br />

وتبع فساد العقيدة؛ الفساد في األحكام واألخاق،‏<br />

وكانت حكمة اهلل أن كان الدين اإلسامي هو الدين<br />

الخاتم والقرآن الكريم آخر الكتب وتولى حفظه،‏ قال<br />

تعالى:‏ إِنَّا نَحْ‏ نُ‏ نَزَّلْنَا الذِّكْ‏ رَ‏ وَ‏ إِنَّا لَهُ‏ لَحَ‏ افِ‏ ظُ‏ ونَ‏ ( ‏(والنبي صلى<br />

اهلل عليه وسلم خاتم النبيين عليهم السام؛ وسنته صلى<br />

اهلل عليه وسلم وحي من اهلل سبحانه محفوظً،‏ وتعالى،‏<br />

قال تعالى : )1( وَ‏ النَّجْ‏ مِ‏ إِذَا هَ‏ وَى )2( مَ‏ ا ضَ‏ لَّ‏ صَ‏ احِ‏ بُكُ‏ مْ‏ وَ‏ مَ‏ ا<br />

غَ‏ وَى )3( وَ‏ مَ‏ ا يَنطِ‏ قُ‏ عَ‏ نِ‏ الْهَ‏ وَى )4( إِنْ‏ هُ‏ وَ‏ إِالَّ‏ وَ‏ حْ‏ يٌ‏ يُوحَ‏ ى (<br />

(، بأن هيئا لها رجاالً‏ سخروا حياتهم للدفاع عنها،‏ والذب<br />

عن حياضها،قَ‏ الَ‏ رَسُ‏ ولُ‏ اهللِ‏ صَ‏ لَّى اللَّهُ‏ عَ‏ لَيْهِ‏ وَ‏ سَ‏ لَّمَ‏ : "<br />

يَحْ‏ مِ‏ لُ‏ هَ‏ ذَ‏ ا الْعِ‏ لْمَ‏ مِ‏ نْ‏ كُ‏ لِّ‏ خَ‏ لَفٍ‏ عُ‏ دُ‏ ولُهُ‏ ، يَنْفُ‏ ونَ‏ عَ‏ نْهُ‏ تَحْ‏ رِيفَ‏<br />

الْغَ‏ الِينَ‏ ، وَ‏ انْتِحَ‏ الَ‏ الْمُ‏ بْطِ‏ لِينَ‏ ، وَ‏ تَأْوِ‏ يلَ‏ الْجَ‏ اهِ‏ لِينَ‏ " ( ) هذا<br />

الحفظ ألصول الدين خفف من وقوع الفساد في البحوث<br />

<strong>العلمي</strong>ة؛ ولكنه لم يمنعه؛ لذلك كان له انعكاسات<br />

كبيرة في تفريق األمة ووقوع الشتات؛ بل قد يصل بها<br />

إلى الحروب،‏ وظهرت الفرق ووقع الشرك في كثير من<br />

البلدان،‏ وافترقت األمة؛ خاصة في العصور المتأخرة؛ ومن<br />

مظاهر ذلك االفتراق:‏<br />

1. االفتراق في العقيدة،‏ بوقوع الشرك بأنواعه الثاثة.‏<br />

أ.‏ في الربوبية وذلك بمن ادعى في شيخه ما هو من<br />

خصائص الربوبية،‏ من النفع والضر والخلق والرزق.‏<br />

ب.‏ وفي األلوهية؛ بأن صرفت العبادة لغير اهلل عز وجل<br />

بأنواع من الشرك في الدعاء والذبح والنذر والتوكل<br />

والخوف والرجاء.‏<br />

ت.‏ وفي األسماء والصفات؛ بأن عطلت نصوص األسماء<br />

والصفات أو شبه سبحانه وتعالى بخلقه.‏<br />

2. وفي النبي صلى اهلل عليه وسلم وصحابته بالغلو أو<br />

الجفاء.‏<br />

3. في العبادات العملية حتى حج بعض من يحسبون على<br />

اإلسام إلى غير بيت اهلل الحرام.‏<br />

4. وفي األخاق والسلوك ظهر في بعض المنتسبين إلى<br />

اإلسام الكذب بمسمى التقية.‏<br />

ومع هذه االنعكاسات على الدين وشدتها،‏ إال أنه ال يزال<br />

هناك طائفة على الحق والصراط المستقيم،‏ وهذا مصداق<br />

قول النبي صلى اهلل عليه وسلم ‏:»لَا تَزَالُ‏ طَ‏ ائِفَ‏ ةٌ‏ مِ‏ نْ‏ أُمَّ‏ تِي<br />

ظَ‏ اهِ‏ رِينَ‏ عَ‏ لَى الْحَ‏ قِّ‏ ، لَا يَضُ‏ رُّ‏ هُ‏ مْ‏ مَ‏ نْ‏ خَ‏ ذَ‏ لَهُ‏ مْ‏ ، حَ‏ تَّى يَأْتِيَ‏<br />

أَمْ‏ رُ‏ اهللِ‏ وَ‏ هُ‏ مْ‏ كَ‏ ذَ‏ لِكَ‏ «) ‏(."قال البخاري:‏ هم أهل العلم)‏ (،<br />

وقال أحمد بن حنبل رضي اهلل عنه:"‏ إن لم يكونوا أهل<br />

الحديث،‏ فا أدري من هم.‏ وقال القاضي عياض:‏ إنما أراد<br />

أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذاهب أهل<br />

الحديث،‏ قال اإلمام النووي:‏ يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة<br />

بين أنواع المؤمنين،‏ فمنهم شجعان مقاتلون،‏ ومنهم<br />

فقهاء،‏ ومنهم محدثون ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف<br />

وناهون عن المنكر،‏ ومنهم أهل أنواع أخرى من الخير<br />

وال يلزم أن يكونوا مجتمعين؛ بل قد يكونون متفرقين في<br />

أقطار األرض".)‏ )<br />

هذه الطائفة القائمة على حماية الدين بجميع أنواع<br />

الحماية؛ باللسان والبنان والسنان،‏ بالقول والعمل،‏ هم<br />

الذين يدفعون عن حياض الدين،‏ ويصلحون ما أفسده<br />

الناس.‏ واهلل أعلم.‏<br />

المبحث الثاني:‏ انعكاسات على األفراد و المجتمعات.‏<br />

وفيه مطلبان.‏<br />

248<br />

5 - 6 May 2015<br />

- ١٦ ١٧ رجب ١٤٣٦ ه /

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!