الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق عام 2003م بحث في ... - جامعة دمشق
الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق عام 2003م بحث في ... - جامعة دمشق
الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق عام 2003م بحث في ... - جامعة دمشق
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
٢٠٠٣ م<br />
<strong>الغزو</strong> الأمريكي<br />
<strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong><br />
<strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
*<br />
الدكتور محمد أحمد<br />
الملخص<br />
هذا ال<strong>بحث</strong> ما هو إلا مقدمة لأبحاث تاريخية لاحقة تنتظر ظهور معلومات جديدة<br />
عن خل<strong>في</strong>ات الحرب على العراق وأسرارها وصفقاتها الخ<strong>في</strong>ة.<br />
يتطرق هذا ال<strong>بحث</strong> إلى عرض تاريخي للسياسة الأمريكية <strong>في</strong> منطقة الخليج<br />
العربي وخاصة العراق ودعم الولايات المتحدة له إبان الحرب ضد إيران، وتغير هذه<br />
١٩٩٠ وقيادة<br />
السياسة بعد غزو العراق للكويت <strong>عام</strong> الولايات المتحدة لتحالف دولي<br />
ضد العراق وإخراجه من الكويت <strong>عام</strong> ١٩٩١ وفرض الحصار عليه مما أدى إلى آثار<br />
كارثية على الشعب العراقي .وبعد أحداث الحادي عشر من أيلول<br />
أفغانستان، أعلن الرئيس جورج بوش الابن أنه سيهاجم العراق<br />
٢٠٠١ وغزو<br />
لنزع أسلحة " وقائي ًا "<br />
الدمار الشامل وتغيير نظامه وبالطبع فإن الهدف الرئيسي للاحتلال كان السيطرة على<br />
مقدرات العراق النفطية. ويجيب ال<strong>بحث</strong> عن الأسباب الكامنة وراء تحقيق أمريكا<br />
للانتصار السريع <strong>في</strong> العراق، ولماذا انهارت الدفاعات العراقية بهذه الصورة المأساوية<br />
وهل استقرت أميركا <strong>في</strong> العراق أم إنها تورطت <strong>في</strong>ه؟ أخيرا ً ما هي تداعيات الاحتلال<br />
الأمريكي <strong>للعراق</strong> على المستويات السياسية والاقتصادية والثقا<strong>في</strong>ة وانعكاساتها على<br />
المدى البعيد.<br />
*<br />
قسم التاريخ <strong>–</strong> كلية الآداب والعلوم الإنسانية <strong>–</strong> <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
.<br />
١١٥
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
مقدمة:<br />
<strong>في</strong> فجر يوم الخميس الموافق للعشرين من آذار <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م بدأ <strong>الغزو</strong><br />
الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> على العراق ومع أن الوقت ما زال مبكرا ً بعد مرور سنة على<br />
الزلزال العراقي فما فائدة ال<strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج العربية والعالمية لهذا <strong>الغزو</strong>؟<br />
قد تتلخص الفائدة <strong>في</strong> استكمال التأريخ لهذا الفصل الحزين <strong>في</strong> التاريخ العربي<br />
المعاصر بمتابعة تداعياته، غير أن التاريخ العلمي ينتظر سنوات كثيرة قبل أن<br />
يستكمل رصد الحدث وتقييم نتائجه. وقد تتلخص الفائدة <strong>في</strong> نقد قرار <strong>الغزو</strong> بالإشارة<br />
إلى جسامة ما أدى إليه من نتائج سلبية وخاصة على الجانب العربي، وقد يمكننا من<br />
استشراف التداعيات المحتملة سياسيا ً واقتصاديا ً وثقا<strong>في</strong>ا ً لما حدث <strong>في</strong> العراق. إننا أمام<br />
حدث تاريخي مهم له تأثيرات عميقة.<br />
أولا ً: على المستوى الدولي سجل <strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> على العراق ضربة للنظام الدولي<br />
الذي قام بعد الحرب العالمية الثانية ممثلا ً <strong>في</strong> الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن. لقد شنت أمريكا<br />
الحرب دون غطاء من الشرعية الدولية ورغم معارضة معظم دول العالم و<strong>في</strong> مقدمتها الدول الثلاث<br />
دائمة العضوية <strong>في</strong> مجلس الأمن (فرنسا وروسيا والصين)، وتضاف هذه الحرب إلى سلسلة أحداث<br />
تاريخية مهمة جرت <strong>في</strong> نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين وهي انهيار الاتحاد<br />
السو<strong>في</strong>تي، وتفكك الكتلة الاشتراكية (حلف وارسو)، وحرب الخليج الثانية <strong>عام</strong> ١٩٩١، وأحداث الحادي<br />
عشر من أيلول <strong>عام</strong>٢٠٠١، وتأتي هذه الأحداث لتصنع عالما ً جديدا ً لا نعرف ملامحه النهائية بعد.<br />
ثاني ًا: على المستوى الإقليمي يبدو أن العالمين العربي والإسلامي أصبحا مناطق اختبار لنظام<br />
العولمة تماما ً مثلما جسدت حرب القناة (العدوان الثلاثي على مصر) <strong>عام</strong> ١٩٥٦ المواجهة بين<br />
المعسكرين الشرقي والغربي <strong>في</strong> ظل الحرب الباردة، ومثل ظهور ملامح النظام العالمي الجديد الذي<br />
أعلنه الرئيس بوش الأب <strong>في</strong> أعقاب حرب الخليج الثانية <strong>عام</strong><br />
.١٩٩١<br />
غير أن إدراك الشعب العربي لجوهر هذه الحرب على العراق ولحقيقة أهدافها لا يرتبط<br />
بالأهداف الأمريكية المعلنة بل لتقديرهم للأهداف الفعلية "المستورة". وتمكنت الولايات المتحدة بوسائل<br />
متنوعة إقناع بعض الأنظمة والدول بامتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. رغم تقارير المفتشين<br />
الدوليين التي قدمت إلى مجلس الأمن <strong>في</strong> ١٤ شباط <strong>عام</strong>٢٠٠٣ وبعد ال<strong>بحث</strong> اليومي الجاري عنها <strong>في</strong><br />
١١٦
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
العراق بعد الاحتلال. وكذلك استطاعت الولايات المتحدة إقناع بعض الدول <strong>في</strong> العالم بأقل من ذلك عن<br />
العلاقة المزعومة بين النظام العراقي والمنظمات الإرهابية، خاصة تنظيم<br />
( ١ )<br />
"القاعدة" .<br />
إن معظم دول العالم ترى أسبابا ً أخرى لتلك الحرب فهي، أولا ً حلقة أولى ضمن<br />
مشروع أمريكي متكامل للسيطرة على منابع النفط، والتحكم بمصادر الطاقة <strong>في</strong> العالم<br />
والتأثير <strong>في</strong> شرايين الاقتصاد العالمي، ومنها الاقتصاد الأوروبي والصيني والياباني<br />
بالدرجة الأولى، خاصة بعد اكتشافات النفط <strong>في</strong> منطقة بحر قزوين، وثاني ًا: حماية أمن<br />
إسرائيل وتثبيت سيطرتها على المنطقة وإطلاق يدها <strong>في</strong> مواجهة الشعب الفلسطيني.<br />
وثالثا ً: وضع المخطط الأمريكي لتثبيت الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي وإعادة<br />
رسم خارطة المنطقة وترتيب أوضاع جديدة <strong>في</strong> العالمين العربي والإسلامي بعد أحداث الحادي عشر<br />
من أيلول <strong>عام</strong><br />
٢٠٠١ بدعوى<br />
رابعا ً: كانت فكرة<br />
"مكافحة الإرهاب"<br />
(٢)<br />
.<br />
"<br />
تحرير الشعب العراقي "من نظام صدام حسين الديكتاتوري<br />
أحد الأهداف الكبرى للحرب على العراق وإنشاء نظام "ديمقراطي "بديل يكون نموذجا ً<br />
تقدمه الولايات المتحدة للعالمين العربي والإسلامي.<br />
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف حشدت أمريكا وإنكلترا جيوشا ً جرارة احتلت العراق لتن<strong>في</strong>ذ<br />
المرحلة الأولى من مهماتها الاستراتيجية التي تتجاوز حدود منطقة الشرق الأوسط بأكملها، وذلك<br />
يتطلب وقفة مطولة حول طبيعة هذه الحرب التي تقودها أمريكا وتحليل نتائجها السياسية والاقتصادية<br />
والثقا<strong>في</strong>ة وتوجهاتها المستقبلية.<br />
أولا ً: مقدمات العدوان الأمريكي<br />
لما كانت دراسة التاريخ<br />
<strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> على العراق:<br />
العربي المعاصر تلقي الضوء على المستقبل، مست الحاجة إلى<br />
استخلاص العبر والدروس من عرض تاريخي للسياسة الأمريكية <strong>في</strong> منطقة الخليج <strong>عام</strong>ة وتجاه العراق<br />
خاصة <strong>في</strong> الفترة التي سبقت العدوان عليه. فبعد قيام الثورة الإسلامية <strong>في</strong> إيران <strong>عام</strong><br />
١٩٧٩، اختارت<br />
(١)<br />
انظر نعوم تشومسكي: الحرب الأمريكية على العراق ترجمة ناصر ونوس، <strong>دمشق</strong>، دار<br />
الفكر،ط١،<br />
،٢٠٠٣ ص .١٦<br />
(٢)<br />
ميشيل راتنر: ضد الحرب على العراق ، ترجمة إبراهيم الشهابي، <strong>دمشق</strong>، دار الفكر٢٠٠٣، ص<br />
.٩<br />
١١٧
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
العراق ليكون منطقة عازلة وسدا ً أمام خطر "أفكار الثورة الإيرانية<br />
"<br />
وتصديرها ذلك لحماية أكبر<br />
احتياطي للنفط <strong>في</strong> العالم <strong>في</strong> دول الخليج العربي وأصبح <strong>للعراق</strong> أهمية استراتيجية كبرى لكل من<br />
الولايات المتحدة ودول الخليج، وساعدت أمريكا النظام العراقي وعلى رأسه صدام حسين <strong>في</strong> حربه<br />
ضد إيران<br />
(١٩٨٨ <strong>–</strong> ١٩٨٠)<br />
وأمدته بالسلاح والعتاد وقدمت له معلومات سرية مخابراتية حصلت<br />
عليها من خلال الأقمار الصناعية عن مواقع القوات الإيرانية وتحركاتها، وشجعت الولايات المتحدة<br />
دول الخليج على تقديم الدعم المالي الكبير للمجهود الحربي، وغضت الولايات المتحدة الطرف عن<br />
استخدام العراق للأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا ً مثل غاز الخردل والسارين والمواد السامة XV<br />
ووقفت ضد إدانته <strong>في</strong> مجلس الأمن. (٣)<br />
أصبح العراق بالنسبة للولايات المتحدة شريكا ً تجاريا ً <strong>في</strong> مبيعات الحبوب والسلع وعقود النفط<br />
مع الشركات الأمريكية، وكان العراق بالنسبة لأوروبا الغربية وخاصة فرنسا وألمانيا مصدرا ً للنفط<br />
وشريكا ً تجاريا ً كبيرا ً، كما كان العراق بالنسبة للاتحاد السو<strong>في</strong>يتي ولروسيا <strong>في</strong>ما بعد أكبر مستورد<br />
للسلاح ليمون الجيش العراقي وخاصة <strong>في</strong> الفترة<br />
.١٩٩٠ <strong>–</strong> ١٩٨٠<br />
قبل غزو العراق للكويت اشترى العراق حبوبا ً وسلعا ً أخرى من الولايات المتحدة بملايين<br />
الدولارات وبشروط تمويلية مناسبة. و<strong>في</strong> ربيع ١٩٩٠ زار بغداد وفد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ<br />
الأمريكي واجتمعوا مع صدام حسين وهدؤوا من روعه إزاء انتقاد الإعلام الأمريكي لنظامه. و<strong>في</strong> شهر<br />
تموز ١٩٩٠ أعطت الس<strong>في</strong>رة الأمريكية <strong>في</strong> بغداد (ابريل جيلسبي) <strong>في</strong> أثناء اجتماعها مع صدام انطباع ًا<br />
بأن الولايات المتحدة سوف تت<strong>عام</strong>ى عن غزو عراقي للكويت ورغم تبرير هذا بأنه سوء تفاهم<br />
دبلوماسي فإنه قد شجع صدام حسين بالاعتداء على الكويت. ) ٤ (<br />
و<strong>في</strong> الثاني من آب <strong>عام</strong> ١٩٩٠ م اجتاحت القوات العراقية الكويت وسوغ النظام العراقي غزوه<br />
لأسباب تاريخية ثم اقتصادية واجتماعية احتاجت إلى كثير من الأدلة وتعرضت للنقض، وأن الكويت<br />
تاريخيا ً جزء من العراق على الرغم أن بعضهم يرى الكويت جغرا<strong>في</strong>ا ً جزءا ً من شبه الجزيرة العربية،<br />
وأن الكويت كانت مستقلة عن الباب العالي "مقر الحكومة العثمانية <strong>في</strong> الآستانة" منذ <strong>عام</strong><br />
١٩١٣ ناسين<br />
(٣)<br />
شريف بسيوني: الحرب الأمريكية <strong>في</strong> العراق، مشروعية استخدام القوة <strong>في</strong> السياسة الدولية، القاهرة،<br />
العدد ١٥١، كانون أول<br />
٢٠٠٣، ص٩.<br />
Siegwart Gunther: Vor dem dritten Golfkrieg Berlin ١٩٩٨ S.١٤٦.<br />
( ٤ )<br />
١١٨
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
خطورة الأخذ بمبدأ الحق التاريخي، ومن الأسباب الواهية التي أعلنها النظام العراقي أن ثورة وطنية<br />
ضد الأسرة الحاكمة <strong>في</strong> الكويت (آل الصباح) كانت قد اشتعلت، وأن "الثوار" قد استنجدوا بالنظام<br />
"القومي، التقدمي" <strong>في</strong> العراق من أجل المساعدة فما كان من الجار إلا أن لبى النداء فهب للمساعدة. وأن<br />
الكويت تاريخي ًا "جزء" من العراق وهذا غير صحيح من الناحية التاريخية لأن الكويت لها صفة مستقلة<br />
عن "الباب العالي" <strong>في</strong> الآستانة منذ <strong>عام</strong> ١٩١٣ م، عندما وقع الإنجليز معاهدة تمنح الحكم الذاتي للكويت<br />
والاعتراف بحدودها واستقلالها عن الدولة العثمانية، ومن المبررات أيضا ً فقد طرح العراق شعار<br />
"إعادة توزيع الثروة القومية" وهذا الشعار ببساطة يعني هيمنة النظام العراقي على مصادر الطاقة <strong>في</strong><br />
الخليج من أجل الخروج من مأزقه الاقتصادي الذي وضع نفسه <strong>في</strong>ه بعد انتهاء الحرب الإيرانية<br />
العراقية، ووجه صدام حسين منذ بداية الأزمة نداء إلى العرب والمسلمين طالبا ً منهم بلغة دينية لا<br />
( ٥ )<br />
تنسجم مع منطلقاته القومية أن يهبوا لإنقاذ الأماكن المقدسة <strong>في</strong> مكة والمدينة من الاحتلال .<br />
بعد غزو القوات العراقية الكويت طالب جورج بوش الأب <strong>في</strong> كلمته <strong>في</strong> ٥ آب <strong>عام</strong>١٩٩٠<br />
العراق بالانسحاب الكامل وغير المشروط من الكويت واعتقد صدام أنها خدعة من جانب الرئيس بوش<br />
وأنه يسعى إلى كسب الوقت من خلال الدبلوماسية والمناورات السياسية الأخرى، وعندما أدرك صدام<br />
حسين أن الولايات المتحدة جادة <strong>في</strong> استخدام القوة لطرده من الكويت طبقا ً لقرار مجلس الأمن<br />
<strong>عام</strong>١٩٩٠ حاول التفاوض على الانسحاب <strong>في</strong> كانون أول ١٩٩١ وكاد ينجح <strong>في</strong> آخر لحظة بمساعدة<br />
روسيا، ولكن حساباته الخاطئة أدت به إلى الجدال والمماطلة فبدأت الحملة العسكرية <strong>في</strong><br />
١٧ كانون<br />
ثاني ١٩٩١ ونجحت الولايات المتحدة <strong>في</strong> تكوين تحالف عسكري دولي لأكثر من ٣٠ دولة واستطاعت<br />
طرد القوات العراقية من الكويت وتحريرها، وفضل َّت السياسة الأمريكية إبقاء العراق موحدا ً والحيلولة<br />
دون تقسيمه إلى دولة كردية <strong>في</strong> الشمال مراعاة لتركيا أحد الحلفاء <strong>في</strong> الناتو، وخوفا ً من قيام دولة<br />
شيعية <strong>في</strong> الجنوب تساندها إيران وكانت إدارة بوش الأب ترى أن الوقت لم يحن بعد لتغيير النظام<br />
وتأمل<br />
( ٦ )<br />
أن يكون حدوث انقلاب عسكري <strong>في</strong> العراق بمرتبة أفضل حل تتمخض عنه الأحداث .<br />
جرت حرب الخليج الثانية<br />
(١٩٩١<strong>–</strong>١٩٩٠)<br />
الكوارث على الشعبين الكويتي والعراقي وجلبت<br />
الدمار للشعب العراقي على أثر الحصار الدولي على العراق بقيادة الولايات المتحدة وبتسويغ من الأمم<br />
المتحدة ومجلس الأمن. وشاركت <strong>في</strong>ه معظم دول العالم والذي دام من <strong>عام</strong> (١٩٩٠ حتى <strong>عام</strong>٢٠٠٣).<br />
( ٥ )<br />
مجموعة باحثين: <strong>الغزو</strong> العراقي للكويت، عالم المعرفة، عدد خاص رقم ١٩٥، الكويت آذار<br />
،١٩٩٥ ص١١٤ .<br />
( ٦ )<br />
انظر شريف بسيوني المرجع نفسه، ص ١٠.<br />
١١٩
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
وعلى إثر استخدام قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة لليورانيوم المنضب وآثاره الرهيبة على<br />
السكان <strong>في</strong> العراق، فضلا ً عن الكارثة البيئية من جراء حرق آبار النفط الكويتية والتي قدرت كميتها بما<br />
يقرب من أربعة إلى خمسة ملايين برميل <strong>في</strong> اليوم<br />
( ٧ ) .<br />
وأدت الحرب إلى موت الآلاف من الشعب العراقي جراء الحرب والمرض <strong>في</strong> ظل ظروف<br />
مأساوية <strong>في</strong> المستش<strong>في</strong>ات التي شهدت نقصا ً <strong>في</strong> الأدوية والأجهزة الطبية وط<strong>عام</strong> الأطفال والحليب حتى<br />
ماء الشرب. وظهرت أمراض السل والدفتريا والبلهارسيا والكوليرا من جراء سوء التغذية<br />
( ٨ ) .<br />
ودمرت قوات التحالف التي وصل عددها إلى ٤٣٠ ألف جندي معظمهم أمريكيون معظم البنى<br />
التحتية <strong>للعراق</strong> وقصفت الطائرات الأمريكية الملاجئ المدنية "مثل ملجأ ال<strong>عام</strong>رية <strong>في</strong> بغداد إذ قتل <strong>في</strong>ه<br />
١٥٠٠ مدنيا ً من نساء وأطفال ومسنين"<br />
( ٩ )<br />
وأحكم الحصار على العراق منذ ال<strong>عام</strong>١٩٩١ .<br />
من جراء الحصار أصبح الدخل الشهري للمواطن العراقي <strong>عام</strong> ١٩٩٧ ما بين<br />
٣٠٠٠ إلى<br />
٦٠٠٠ دينار عراقي ووصل سعر صرف الدولار إلى ١٦٠٠ دينار مقابل كل دولار أمريكي. وارتفعت<br />
الأسعار للمواد الغذائية ارتفاعا ً جنونيا ً <strong>في</strong> <strong>عام</strong> ١٩٩٨ فوصل سعر كيلو اللحم إلى<br />
وعلبة الحليب المجفف للأطفال وصل سعرها إلى<br />
١٨٠٠ دينار،<br />
٣٠٠٠ دينار.<br />
استخدمت القوات الأمريكية لأول مرة <strong>في</strong> حرب الخليج الثانية ذخائر اليورانيوم المنضب <strong>في</strong><br />
العراق قدرت ب ٤٠ طنا ً، وبعض الخبراء العسكريين قدروها ب ٣٠٠ طن أحدثت مواد سامة أثرت<br />
<strong>في</strong> نصف مليون إنسان أصيب بعضهم بسرطان الدم وبشكل خاص الأطفال. وقد عرض التلفزيون<br />
الألماني القناة الأولى<br />
(ARD)<br />
<strong>في</strong> نيسان ١٩٩٨ تقريرا ً مصورا ً عن بدو يعيشون <strong>في</strong> الصحراء<br />
السعودية القريبة من العراق والتي كانت مناطق قتال ذكروا أن العديد من الجمال والطيور والأغنام قد<br />
لاقت حتفها دون أثر لجروح أو إصابات نتيجة للتسمم من اليورانيوم. وأصيب حوالي ٥٠ ألف جندي<br />
أمريكي بأعراض مرض سمي (مرض حرب الخليج) ومنها سقوط الشعر والأسنان، وآلام رأس<br />
ومفاصل، وأورام <strong>في</strong> الغدد، وإسهالات وفقدان للذاكرة. كما أصيب بهذه الأعراض ربع مليون طفل<br />
عراقي<br />
( ١٠ ) .<br />
( ٧ )<br />
انظر مجموعة باحثين المرجع السابق، ص١٧٥.<br />
( ٨ )<br />
Siegwart Gunther S.١٧٥<br />
(٩ )<br />
Siegwart Gunther S.١٧٦<br />
( ١٠ )<br />
Siegwart Gunther S.١٩٧ f.<br />
١٢٠
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
وبعد <strong>عام</strong> ١٩٩١ حتى <strong>عام</strong> ١٩٩٨ نجح العراق إلى حد ما <strong>في</strong> إعادة بناء قواته وما دمرته<br />
الحرب، واستطاع أن يناور مع لجان التفتيش للحفاظ على قدراته الإنتاجية. إلى أن ذكر الرئيس جورج<br />
بوش الابن <strong>في</strong> حزيران ٢٠٠٢ أن الولايات المتحدة سوف تهاجم العراق "وقائي ًا" لنزع أسلحته وتغيير<br />
نظامه. وكان هذا التغيير الجذري <strong>في</strong> السياسة الأمريكية مفاجأة للرأي ال<strong>عام</strong> الأمريكي لأن الولايات<br />
المتحدة كانت بين <strong>عام</strong>ي<br />
١٩٩١ و<br />
٢٠٠٢ قد احتوت فعليا ً ذلك النظام الذي حرص بدوره على تجنب<br />
إعطاء أي مبرر للولايات المتحدة ضده. وهكذا قررت إدارة بوش الحالية <strong>في</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٢ سلوك مسار<br />
عمل آخر. ولهذا السبب، كان لا بد لنظام التفتيش الجديد بموجب القرار ١٤٤١ أن يكون غير مشروط<br />
وأن تكون نتيجة مخالفته حتمية مست<strong>في</strong>دة من التعاطف الدولي مع نكبة الأمريكيين <strong>في</strong><br />
(<br />
١١ أيلول ٢٠٠١<br />
١١ )<br />
.<br />
لقد بدا واضحا ً أن إدارة بوش كانت مصرة على ضرب العراق لتن<strong>في</strong>ذ سياستها الجديدة <strong>في</strong> التوسع<br />
والاتجاه نحو قيام إمبراطورية عالمية لا تقيم وزنا ً لا للاتحاد الأوروبي ولا للصين ولا للأمم المتحدة،<br />
فهي تحتكم فقط لمبدأ القوة العسكرية للدفاع عن مصالح الاحتكارات الإمبريالية.<br />
ثاني ًا: الأهداف الأمريكية المعلنة والمستورة لغزو العراق:<br />
يمثل موقع العراق الجغرا<strong>في</strong> حلقة وصل بين أوروبا والشرق الأوسط ويتمتع بأهمية كبيرة لأنه<br />
يقع <strong>في</strong> شمال الخليج العربي ويكون مع بقية دول الخليج العربي أكبر مصدر للنفط <strong>في</strong> العالم كله، لذا<br />
كان محط أنظار القوى الاستعمارية التقليدية منها كبريطانيا وألمانيا بشكل خاص وقوى الاستعمار<br />
الحديث الممثلة بالولايات المتحدة وبريطانيا.<br />
وقد سعت ألمانيا <strong>في</strong> القرن التاسع عشر لربط العراق بخط قطار الشرق السريع (برلين<br />
<strong>–</strong> بغداد)<br />
<strong>في</strong> محاولة لمد سيطرتها الاستعمارية على أكبر مخزون للطاقة <strong>في</strong> العالم، لكن جهودها باءت بالفشل<br />
بعد خسارتها للحرب العالمية الأولى، وجاءت القوات <strong>البريطاني</strong>ة فاحتلت البصرة <strong>في</strong> تشرين ثاني<br />
١٩١٤ وأكملت احتلالها <strong>للعراق</strong> <strong>في</strong> آذار ١٩١٧. ورفض الشعب العراقي قوات الاحتلال واندلعت ثورة<br />
<strong>عام</strong> ١٩٢٠ وأرغمت بريطانيا تحت الضغط الشعبي أن تنصب الأمير <strong>في</strong>صل بن الحسين ملكا ً على<br />
العراق. وبقيت تسيطر على قدرات العراق الاقتصادية والسياسية من خلال مستشارين سياسيين<br />
( ١١ )<br />
انظر مسعود ضاهر: الحملة العسكرية على العراق ومخاطر الإمبريالية الأمريكية <strong>في</strong> عصر<br />
العولمة، <strong>في</strong>: تاريخ العرب والعالم، بيروت، العدد<br />
٢٠٣ أيار<br />
٢٠٠٣،ص<br />
.١٨<br />
١٢١
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
(<br />
وعسكريين وكانت الكلمة الأخيرة لس<strong>في</strong>ر بريطانيا <strong>في</strong> بغداد واستمر هذا حتى قيام ثورة تموز<br />
١٩٥٨<br />
١٢ )<br />
.<br />
ولم تتوقف محاولات ألمانيا للوصول إلى منابع النفط <strong>في</strong> العراق وخاصة أيام الحكم النازي<br />
عندما تسلم السلطة <strong>في</strong> ألمانيا أدولف هتلر الذي أقام علاقات ودية مع الملك غازي، وعندما قامت حركة<br />
العراق التحررية <strong>في</strong> أيار ١٩٤٢ بقيادة رشيد عالي الكيلاني وقف هتلر إلى جانب الكيلاني وأرسل له<br />
أسرابا ً من الطائرات الحربية، ولكنه لم يستطع أن يقدم له الدعم الكا<strong>في</strong> لأن الحرب العالمية الثانية كانت<br />
<strong>في</strong> أوجها.<br />
شعرت بريطانيا بخطر وصول ألمانيا إلى منطقة الخليج والسيطرة على منابع النفط<br />
فسارعت إلى إسقاط حكومة الكيلاني واحتلال بغداد من جديد، وأحكمت سيطرتها عليها. وفشلت<br />
محاولات ألمانيا<br />
( ١٣ )<br />
.<br />
أما أطماع أمريكا <strong>في</strong> التنافس على نفط العراق فقد بدأت مبكرا ً ف<strong>في</strong> <strong>عام</strong> ١٩٢٠ طلبت الولايات<br />
المتحدة من بريطانيا <strong>في</strong> مؤتمر (سان ريمو <strong>في</strong> إيطاليا) ضرورة مشاركتها بنفط العراق والخليج لكن<br />
بريطانيا رفضت هذا، ولم يستطع رئيس وزراء بريطانيا تشرشل أن يقاوم الضغط الشديد من رئيس<br />
الولايات المتحدة (روزفلت) من أجل الحصول على نصيب كبير <strong>في</strong> نفط الخليج. وحصلت أمريكا على<br />
النفط السعودي بموجب الاتفاق بين الملك عبد العزيز وشركة<br />
( آرامكو )<br />
وحصلت أيضا َ على النفط<br />
الإيراني بعد أن أطاحت بحكومة مصدق وإزاحة بريطانيا من الهيمنة على نفط الخليج، وقد سعت<br />
الولايات المتحدة لإيجاد نوع من الأمن الإقليمي <strong>في</strong> منطقة الخليج منذ إعلان بريطانيا الانسحاب من<br />
المنطقة لسد الفراغ الاستعماري <strong>البريطاني</strong> الأمريكي. فبدأت بمشروع سيسكو وروجرز ل<strong>عام</strong><br />
وكان هذا المخطط قد صرح به روستر<br />
.١٩٧٢<br />
(Roster)<br />
وكيل وزارة الخارجية الأمريكية <strong>عام</strong><br />
١٩٦٨ عندما<br />
أعلن عن إقامة مثل هذا الحلف بين دول الخليج العربي بما <strong>في</strong>ها العراق. وتهدف هذه المخططات إلى:<br />
أولا ً: فصل الأمن الإقليمي الخليجي عن باقي الدول العربية القوية غير المنتجة للنفط حتى يظل<br />
اعتمادها الرئيسي على الولايات المتحدة الأمريكية.<br />
ثاني ًا: عدم السماح باستخدام سلاح النفط <strong>في</strong> كل محاولات تسوية القضية الفلسطينية.<br />
ثالثا ً: ربط اقتصاديات دول الخليج بالاقتصاد الغربي وجعلها أسواقا ً استهلاكية للبضائع الغربية.<br />
( ١٢ )<br />
الموسوعة العربية الميسرة: تاريخ العراق، الجزء ١٦، الرياض ١٩٩٦، ص ١٧٣.<br />
( ١٣ )<br />
لمزيد من التفاصيل حول الصراع <strong>البريطاني</strong> <strong>–</strong> الألماني على العراق، انظر المفصل <strong>في</strong> تاريخ<br />
العراق المعاصر، لمجموعة باحثين، بغداد<br />
،٢٠٠٢ ص٣٤ <strong>–</strong> .٧٥<br />
١٢٢
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
رابعا ً: تثبيت الطابع الغربي <strong>في</strong> الثقافة والإعلام والمناهج التربوية<br />
( ١٤ ) .<br />
وتبدلت هذه المخططات الاستراتيجية بعد حرب تشرين ١٩٧٣ فأصبحت الاستراتيجية الأمريكية<br />
تركز على أن منطقة الخليج العربي شريان حياة للغرب، خاصة بعد إعلان الحظر الجزئي للنفط إثر<br />
حرب تشرين<br />
.<br />
١٩٧٣، لأن الدول الخليجية بما <strong>في</strong>ها إيران والعراق تمد اليابان ب٧٥./ من وارداتها<br />
.<br />
النفطية وأوروبا الغربية ب٧٠./ والولايات المتحدة ب<br />
.<br />
٢٥./ ، وظهر مفهوم جديد <strong>في</strong> العلاقات الدولية<br />
يقوم على (حق الدول الصناعية الغربية <strong>في</strong> موارد العالم الثالث) حين صرح هنري كيسنجر ب "أن أي<br />
محاولة لفرض حظر نفطي لفترة طويلة هو عمل من أعمال الحرب ". وقد طورت هذه الفكرة حتى<br />
أصبحت لا تقتصر على ضمان إمدادات النفط فقط بل تأمينه بسعر رخيص<br />
( ١٥ )<br />
.<br />
وبعد انتهاء الحرب العراقية <strong>–</strong> الإيرانية وخروج العراق <strong>عام</strong> ١٩٨٨ مهزوما ً منها، ومديون ًا<br />
وجيشه ما زال نسبيا ً على قدر من القوة يهدد مصالح الولايات المتحدة <strong>في</strong> الخليج وأمن إسرائيل، ارتأت<br />
واشنطن أن تجد مبررا ً جديدا ً لقيام حرب جديدة تهدف إلى الخلاص من ترسانة العراق العسكرية<br />
ومحاولة العودة إلى منابع النفط بشكل فعال، فكانت حرب الخليج الثانية ١٩٩١، ولم يكن جورج بوش<br />
الابن بعيدا ً عن قرار خوض واشنطن الحرب فقد كشفت وثائق رسمية أمريكية علاقته بفضائح مالية<br />
تمس أجهزة المخابرات وأبيه وأخيه، وفضائح شركات النفط أسكتتها حرب الخليج الثانية وحولتها إلى<br />
الاتجاه المعاكس<br />
( ١٦ )<br />
.<br />
وما من شك <strong>في</strong> أن للحرب العدوانية الأمريكية على العراق واحتلاله <strong>في</strong> ربيع <strong>عام</strong><br />
٢٠٠٣ عدة<br />
أهداف متشابكة ومتداخلة بعضها ببعض على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري ومعظم هذه<br />
الأهداف تلتقي مع الأهداف الإسرائيلية <strong>في</strong> السيطرة على مقدرات الشرق الأوسط. ويمكن تلخيص<br />
أهداف الحرب الأمريكية المعلنة على العراق بما يلي:<br />
( ١٤ )<br />
محمد حسين العيدروس: دراسات <strong>في</strong> الخليج العربي، الكويت، دار الكتاب الحديث، ٢٠٠٣،<br />
الجزء الثالث، ص٣٦٦.ومن أجل تفاصيل أكثر حول دور النفط <strong>في</strong> السياسة الأمريكية <strong>في</strong> الشرق<br />
الأوسط، انظر محمد الرميحي: النفط والعلاقات الدولية، الكويت<br />
.١٩٨٢<br />
( ١٥ )<br />
انظر اللجنة البحرانية للسلم والتضامن : الوجود العسكري الأمريكي <strong>في</strong> منطقة الخليج، نيودلهي،<br />
١٩٨٨، ص٦.<br />
( ١٦ )<br />
سمير صارم انه النفط يا (…)؟ الأبعاد النفطية <strong>في</strong> الحرب الأمريكية على العراق، دار الفكر،<br />
<strong>دمشق</strong>،<br />
٢٠٠٣، ص١٦٣.<br />
١٢٣
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
١ الادعاء بامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وسعيه لتطوير أسلحة بيولوجية وبناء برنامج<br />
لمثل هذه الحرب وبأن العراق على وشك أن يصنع أول قنبلة نووية.<br />
٢ اتهام العراق برعاية الإرهاب وبأنه يخطط لتزويد المنظمات الإرهابية وخاصة تنظيم<br />
"القاعدة" بأسلحة دمار شامل يمكن أن تستخدم <strong>في</strong> تهديد الأمن العالمي بشكل <strong>عام</strong> وأمن الولايات المتحدة<br />
بشكل خاص.<br />
٣ تهديد العراق لجيرانه كالكويت وإيران وسورية وتركيا.<br />
٤ إسقاط صدام حسين بالقوة العسكرية من أجل منح "الحرية" للشعب العراقي وإقامة نظام<br />
"ديمقراطي" على الطريقة الغربية يكون نموذجا ً يجب أن يحتذى به لدى العديد من دول الشرق الأوسط<br />
( ١٧ ).<br />
إذ سيصبح العراق "واحة للديمقراطية" <strong>في</strong> المنطقة<br />
ويتساءل الكاتب الأمريكي ميشيل راتنر <strong>في</strong> كتابه ضد الحرب <strong>في</strong> العراق<br />
(against war in Iraq )<br />
هل هناك دليل على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل؟ ويجيب عن هذا<br />
السؤال بقوله: "يجمع المحللون العسكريون بأن وضع نظام صدام حسين الآن أضعف بكثير من <strong>عام</strong><br />
١٩٩١ <strong>في</strong> حرب الخليج الثانية، إذ هزمت جيوشه وترسانة العراق وقوته العسكرية أصبحت عاجزة<br />
بسبب وجود حظر على واردات السلاح ووجود مناطق الحظر الجوي على الطيران العراقي، وقيام<br />
الطائرات الأمريكية و<strong>البريطاني</strong>ة بقصف مواقع القوات العراقية باستمرار. ف<strong>في</strong> <strong>عام</strong><br />
٢٠٠٢ وحده<br />
ضربت القوات الجوية الأمريكية مواقع العراقيين أكثر من ست وأربعين مرة … ودخلت لجنة الأمم<br />
المتحدة للتفتيش عن الأسلحة<br />
(Unscom)<br />
والمرة الثانية من خلال بعثة الأمم المتحدة للتفتيش<br />
العراق لأول مرة <strong>عام</strong> ١٩٩١ وبقيت حتى <strong>عام</strong><br />
.١٩٩٨<br />
(Unmovic)<br />
من <strong>عام</strong> ٢٠٠٢ إلى ما قبل الحرب<br />
بأيام قليلة <strong>في</strong> آذار ٢٠٠٣ إلى جانب مفتشي وكالة الطاقة الذرية .(IAEA) وورد <strong>في</strong> تقرير الأمم<br />
المتحدة بعد مغادرتها العراق أن ٨١٧ صاروخا ً بالستيا ً سو<strong>في</strong>يتي الصنع بعيد المدى من أصل<br />
صاروخا ً يملكها العراق قد تم تدميرها فضلا ً عن تقرير هيئة الطاقة الذرية <strong>في</strong><br />
٨١٩<br />
٢٥ نيسان ٢٠٠٢ الذي<br />
أكد عدم وجود أي دليل على أن العراق يمتلك أي قدرة مادية على إنتاج كميات من المواد النووية التي<br />
يمكن استخدامها كسلاح<br />
."<br />
و<strong>في</strong>ما يتعلق بترسانة الأسلحة البيولوجية العراقية فإنها مجرد اقتراحات ومبالغات <strong>في</strong>شير<br />
تقرير(انسكوم) <strong>في</strong> <strong>عام</strong> ١٩٩٨ إلى أنه: "إذا ما أخذت ظروف الأسلحة الكيماوية والذخيرة التي أنتجت<br />
( ١٧ )<br />
سمير صارم،ص <strong>–</strong> ١٦٧ ١٦٨، وميشيل راتنر، ص ٢٣.<br />
١٢٤
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
<strong>في</strong> ذلك الحين ونوعيتها بالاعتبار، نجد أنه ليس هناك احتمال بقاء أسلحة من هذا النوع منذ أواسط<br />
ثمانينيات القرن العشرين"<br />
( ١٨ )<br />
.<br />
و<strong>في</strong> جلسة استماع الكونغرس أعلن مفتش الأسلحة السابق التابع للأمم المتحدة سكوت ريتر بأن<br />
العراق أصبح منزوع السلاح كليا ً ولا يهدد الولايات المتحدة أو دول الشرق الأوسط وقال: إن إدارة بوش<br />
لا تريد إعادة تفتيش العراق بل تريد الحرب . ) ١٩ (<br />
هذا وقد ثبت بطلان هذا الادعاء فبعد مضي أكثر من سنة على سقوط بغداد لم يعثر المحتلون<br />
على أي من أسلحة الدمار الشامل التي كانت إحدى ذرائع الحرب غير القانونية، لا تزال المخابرات<br />
الأمريكية ترفض دفع ثمن الجدل حول تضخيم إدارة بوش للتهديد العراقي، وأكد عضو <strong>في</strong><br />
الاستخبارات العسكرية لصحيفة واشنطن بوست انه أخذ علما ً بكامل التقارير السرية حول العراق<br />
وخلص إلى القول: إن الشعب الأمريكي قد خ ُدع. أما <strong>في</strong> لندن فقد أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية<br />
السابقة كلير شورت التي استقالت احتجاجا ً على الحرب، أن طوني بلير خدع البلاد بشأن الخطر الذي<br />
يمثله النظام العراقي السابق للمشاركة <strong>في</strong> غزو العراق. و<strong>في</strong> برلين اتهمت وزيرة التنمية الألمانية هايدا<br />
<strong>–</strong> ماري <strong>في</strong>تشورك تسول <strong>في</strong> اجتماع للحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم الذي انعقد بتاريخ<br />
-٦-١<br />
٢٠٠٣ أن الولايات المتحدة قامت بتضليل العالم بشأن الحجج التي استخدمتها لشن الحرب على العراق،<br />
وأن الحرب لم تكن بدافع وجود أسلحة دمار شامل، وإنما بشأن النفط وهذا السبب الذي دفع الحكومة<br />
الألمانية إلى معارضتها هذه الحرب<br />
( ٢٠ ) .<br />
أما الادعاء الثاني بأن العراق له صلة بالمنظمات الإرهابية وتزويدها بأسلحة دمار شامل فهو<br />
إدعاء لا أساس له من الصحة، وهي تقارير "مضللة وخاطئة ومخالفة لتقارير مفتشي الأسلحة" وليس<br />
هناك أي دليل على وجود علاقة بين النظام العراقي السابق وشبكة القاعدة، فصدام حسين وحزب البعث<br />
<strong>في</strong> العراق ذوا توجه علماني مناهض للتطرف الديني والحركات الأصولية التي انبثق منها تنظيم<br />
القاعدة. ولم يقدم الملف الذي كشفت الحكومة <strong>البريطاني</strong>ة النقاب عنه <strong>في</strong><br />
٢٤ أيلول<br />
٢٠٠٢ أي دليل عن<br />
وجود رابطة بين العراق والقاعدة". وكما أن الوعود التي أطلقها المسؤولون الأمريكيون بمن <strong>في</strong>هم وزير<br />
الدفاع (رامس<strong>في</strong>لد) ومستشارة الأمن القومي<br />
( ١٨ )<br />
ميشيل راتنر، المرجع السابق،ص <strong>–</strong> ٢٥ ٢٩.<br />
( ١٩ )<br />
نعوم تشومسكي،ص ٦٧.<br />
( ٢٠ )<br />
صحيفة البعث السورية، <strong>دمشق</strong>، العدد رقم (١٢٠٨٥) تاريخ ٢-٦-٢٠٠٣ م.<br />
١٢٥
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
(كونداليزا رايس) وسواهما بأنهم سوف يقدمون أدلة ناصعة على وجود هذه الرابطة قد ذهبت أدراج<br />
الرياح ولم تستطع أي وكالة مخابرات بما <strong>في</strong>ها CIA أو<br />
DIA إثبات مثل هذه العلاقة<br />
( ٢١ )<br />
.<br />
أما عن تهديد العراق لجيرانه وللمصالح الأمريكية لم يتوافر دليل موثق على وجود سياسة<br />
عراقية استهدفت المصالح الأمريكية أو أي دولة أخرى ذلك أن العراق لم يعد يشكل تهديدا ً لجيرانه ولم<br />
يعد يمتلك القدرة على تهديده الفعلي لأحد منذ انتهاء حرب الخليج الثانية، لأن سنوات الحصار لمدة<br />
<strong>عام</strong>ا ً قد حدت من قدراته العسكرية والاقتصادية حتى البشرية ولم يعد قادرا ً على تهديد أحد.<br />
أما استبدال نظام صدام حسين بالقوة من أجل<br />
١٢<br />
"<br />
تحرير" الشعب العراقي ومنحه" الديمقراطية<br />
"<br />
فهو تكريس لعقيدة بوش الجديدة المتمثلة ب (الحرب الاستباقية) أي أن بإمكان الولايات المتحدة<br />
استخدام القوة ضد أي دولة تتصور الإدارة الأمريكية أنها معادية. وهذا المبدأ انتهاك لمبدأ حظر اللجوء<br />
إلى القوة <strong>في</strong> العلاقات الدولية. والمادة<br />
(٤٢)<br />
من ميثاق الأمم المتحدة تقول بأنه (لا يسمح باستخدام القوة<br />
(*).<br />
إلا دفاعا ً عن النفس أو بتخويل من مجلس الأمن) وتلك الحرب <strong>–</strong>الحرب الاستباقية<strong>–</strong> هي نظرية<br />
حرب اخترعتها إسرائيل وتتعارض مع قواعد الشرعية الدولية ومع المصلحة الدولية المشتركة المتمثلة<br />
أساسا ً <strong>في</strong> حفظ السلم والأمن وضمانهما لجميع الدول. ) ٢٢ (<br />
ومن المهم هنا تأكيد مبدأ<br />
" نية العدوان "<br />
)<br />
بوصفه شرطا ً لقيام الحرب الاستباقية لا يمكن تبريره<br />
ولعل أوضح مثال على ذلك هو إدانة مجلس الأمن وبشدة لهجوم إسرائيل على المفاعل النووي العراقي<br />
١٩٨١. <strong>عام</strong> ( أوسيراك<br />
وانطلاقا ً مما سبق تعد الحرب الاستباقية على العراق عملا ً غير شرعيٍ خاصة لأنها دون<br />
تفويض صريح من مجلس الأمن. إن المبررات التي ساقتها الولايات المتحدة لغزو العراق كلها واهية<br />
وتخ<strong>في</strong> داخل ثناياها خل<strong>في</strong>ات وأهدافا ً أخرى.<br />
.٢٣<br />
(١٤٨٣)<br />
( ٢١ )<br />
(*)<br />
ميشيل راتنر، ص<br />
قرار مجلس الأمن رقم وتحديد دور الأمم المتحدة <strong>في</strong> العراق: صد قرار مجلس الأمن رقم<br />
٢٠٠٣ ويقضي برفع العقوبات المفروضة على العراق وتمديد عمل برنامج النفط<br />
مقابل الغذاء، وجعل هذا القرار مسؤولية النظام وإدارة العراق على عاتق سلطة التحالف، بينما خصص<br />
للأمم المتحدة دورا ً حيويا ً <strong>في</strong> مجال الإغاثة الإنسانية، والمساعدة <strong>في</strong> عودة اللاجئين وإعادة بناء مرافق<br />
البنية التحتية.<br />
١٤٨٣ <strong>في</strong> ٢١ أيار<br />
( ٢٢ )<br />
: محمد الهزاط<br />
الحرب الأمريكية <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong>ة على العراق والشرعية الدولية <strong>في</strong>: المستقبل<br />
العربي <strong>–</strong> مركز الدراسات العربية لندن العدد ٢٩٢،٢٠٠٣،ص<br />
. ٨١<br />
١٢٦
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
أما الأهداف الأمريكية المستورة لغزو العراق فهي تندرج <strong>في</strong> سياق الأهداف<br />
الآتية المتمثلة <strong>في</strong>:<br />
أولا ً: السيطرة على نفط العراق لأن العراق يملك أكبر مخزون احتياطي للنفط بعد السعودية إذ<br />
تتراوح احتياطاته النفطية ما يقرب من ٢٠٠ مليار برميل، أي ما يعادل<br />
العالمية، ويوفر للولايات المتحدة المحتلة <strong>للعراق</strong> ربحا ً قدره ١١٥ مليار دولار حتى <strong>عام</strong><br />
.<br />
١٥./ من كل الاحتياطات<br />
( )<br />
٢٠٠٤ فقط<br />
٢٣<br />
أي باختصار يشكل النفط والسيطرة عليه أهم مصدر للطاقة للولايات المتحدة على مدى عشرات<br />
السنين القادمة، كما يتيح لها الهيمنة على العراق وإضعاف نفوذ الأوبيك<br />
(OPEC)<br />
والتحكم بأسعار<br />
النفط، فضلا ً عن أن حلفاء أمريكا مثل روسيا وغيرها سيضطرون لمفاوضة أمريكا من أجل الحصول<br />
على النفط. كذلك الصين واليابان يكونان بحاجة لعقد صفقات مع الولايات المتحدة لشراء النفط العراقي<br />
وعندئذ لا تكون الولايات المتحدة أقوى قوة عسكرية <strong>في</strong> العالم فحسب بل تسيطر على أهم موارد العالم<br />
وتتحكم بأسعار النفط وأسواقه. وجاءت لتحرم العراق من موارده النفطية واستغلالها، وهو ما تريده<br />
الجماعات المتصهينة <strong>في</strong> أمريكا وعن طريق إضعاف العراق، وإعادته إلى نطاق الت<strong>عام</strong>ل بالدولار، بعد<br />
أن انضم <strong>في</strong> السنوات الأخيرة إلى مجموعة المت<strong>عام</strong>لين باليورو، وأوقف ت<strong>عام</strong>له مع الشركات الأمريكية<br />
ال<strong>عام</strong>لة <strong>في</strong> مجال النفط واتجاهه نحو روسيا وفرنسا وألمانيا.<br />
أما بريطانيا التي أبعدت لفترة طويلة عن العراق فهي تسدد الدين لأمريكا من مساعدتها لها <strong>في</strong><br />
حربها ضد الأرجنتين، واستعادة جزر الفوكلاند، إذ إنه لولا الولايات المتحدة لما تمكنت من الوصول<br />
إلى الجزر، وتأمل بريطانيا أن تعود إلى نشاطها النفطي <strong>في</strong> العراق، فبترول بحر الشمال قارب على<br />
النضوب. فضلا ً عن تكاليف استخراجه العالية.<br />
ثاني ًا: قيام أمريكا بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط لتتلاءم و مصالحها الخاصة وتكون <strong>في</strong>ها<br />
إسرائيل حجر الزاوية لتمكينها من ضرب انتفاضة الشعب الفلسطيني ف<strong>في</strong> سنة ١٩٨٣، قدم المستشرق<br />
والمؤرخ الأمريكي اليهودي برنارد لويس (وهو من أصل بريطاني) مشروعا ً إلى الكونغرس الأمريكي<br />
وافق عليه الكونغرس بالإجماع يقضي بتقسيم منطقة الشرق الأوسط كلها إلى دويلات بما <strong>في</strong>ها تركيا<br />
وإيران وأفغانستان كما أوصى <strong>في</strong> نهاية تقريره بأنه يجب على الأمريكيين أن يبذلوا كل جهدهم<br />
"<br />
لتحويل كل قبيلة <strong>في</strong> الجزيرة العربية إلى دولة". وهو مشروع قديم متكرر، وقد طرح جورج بوش<br />
الابن هذا المشروع من جديد <strong>في</strong> آذار ٢٠٠٤ باسم الشرق الأوسط الكبير ضمن هذا السياق.<br />
( ٢٣ )<br />
Der Spiegel: ٠٥,٠٥. ٢٠٠٣ S. ١٣١<br />
١٢٧
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
واستفادت الولايات المتحدة من خبرات بريطانيا الاستعمارية إذ جمع رئيس وزراء بريطانيا <strong>عام</strong><br />
(Kamble Panermann) ١٩٠٥<br />
كامبل بانرمان أخصائيين من مختلف الجامعات الأوروبية وطرح<br />
عليهم سؤالا ً واحدا ً: ما هي الوسائل الك<strong>في</strong>لة بتأخير سقوط الإمبراطوريات الاستعمارية، وبعد سنتين من<br />
ال<strong>بحث</strong> خلص هؤلاء إلى وضع تقرير سمي (بتقرير كامبل بانرمان) سنة ١٩٠٧ وكان من أبرز نقاط<br />
ذلك التقرير ما يلي:<br />
إن منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط هي من أهم المناطق الاستراتيجية <strong>في</strong> العالم ومن<br />
يسيطر على هذه المنطقة يستطيع التحكم بالعالم.<br />
١<br />
٢ إن <strong>في</strong> هذه المنطقة شعبا ً واحدا ً له تاريخ واحد ولغة واحدة وثروات كبيرة غير متوافرة <strong>في</strong><br />
أي منطقة أخرى.<br />
يجب العمل بكل الإمكانات والطاقات على تفتيت هذا الشعب وتجزئته وتقسيمه لتسهل<br />
السيطرة عليه والتحكم بمقدراته البشرية والمادية.<br />
٣<br />
٤ يجب العمل بكل الإمكانات لفصل الجزء الآسيوي عن الجزء الأفريقي <strong>في</strong> المنطقة العربية،<br />
وإيجاد حاجز بشري قوي وغريب، حليف للاستعمار وعدو لسكان المنطقة<br />
( ٢٤ )<br />
.<br />
ونخلص إلى القول: إن احتلال العراق ما هو إلا حلقة <strong>في</strong> السلسلة الاستعمارية لتقسيم المنطقة<br />
من خلال رسم خارطة جديدة وحماية أمن إسرائيل.<br />
ثالثا ً: استكمال بسط السيطرة العسكرية الأمريكية، والتي تمتد من آسيا الوسطى حتى الخليج<br />
العربي وتهديد القوى الكبرى أو الناشئة مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية، وتهديد دول أخرى لا<br />
تتماشى مع المشروع الأمريكي <strong>–</strong> الصهيوني <strong>في</strong> المنطقة كسورية ولبنان، والتلويح بورقة الضغط<br />
العسكرية الأمريكية عليها لتمرير مخططاتها <strong>في</strong> المنطقة العربية.<br />
رابعا ً: الاستفادة من الحرب <strong>في</strong> إنعاش الاقتصاد الأمريكي الذي يعاني من الركود والبطالة<br />
وارتفاع نسب الفوائد، وللمحافظة على إنتاج مصانع الأسلحة وحماية الشركات الكبرى التي تعاني من<br />
الانهيار، كما تغطي هذه الحرب على إخفاقات جهاز الأمن الأمريكي FBIالذي يعاني من مشكلات<br />
عملائه <strong>في</strong> الاتحاد السو<strong>في</strong>يتي السابق. ) ٢٥ (<br />
.٢٤ .٠٢ ،٢٠٠٣<br />
:<br />
(٢٤)<br />
ابراهام دده يان المستهدف ليس العراق وحده، <strong>في</strong>: الس<strong>في</strong>ر اللبنانية، بيروت،<br />
( ٢٥ )<br />
سمير صارم، المرجع السابق، ص١٦٦، نورمان ميلر: لماذا أصرخ <strong>في</strong>: مجلة ،Express أيار<br />
،٢٠٠٣ ص .١٢<br />
١٢٨
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
الأسباب الكامنة وراء انهيار النظام العراقي السريع:<br />
تمكنت القوات الأمريكية الغازية من احتلال بغداد احتلالا ً مفاجئا ً وسريعا ً لم يكن أحد يتوقعه فبعد<br />
واحدٍ وعشرين يوما ً من بدء الحرب جاء اليوم الحاسم <strong>في</strong> حياة عاصمة الرشيد (بغداد)، يوم الأربعاء<br />
الموافق<br />
٩ نيسان<br />
٢٠٠٣، إذ سقطت دون قتال وطويت بذلك صفحة من تاريخ العراق لتبدأ صفحة<br />
جديدة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بمستقبلها، الأمر الذي أثار دهشة المحللين والخبراء العسكريين.<br />
واستغرابهم. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الانهيار السريع ولماذا لم<br />
تتمكن بغداد من الصمود ومن تنظيم مقاومة واسعة ومنظمة لمقاومة الاحتلال؟ كما فعلت مدنٌ مثل أم<br />
القصر والبصرة والناصرية والكوفة التي أبدت مقاومة باسلة.<br />
سقطت بغداد <strong>في</strong><br />
٩ نيسان<br />
٢٠٠٣ دون قتال، الأمر الذي أثار دهشة المحللين والخبراء<br />
العسكريين واستغرابهم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي الأسباب الكامنة وراء هذا الانهيار<br />
السريع ولماذا لم يتمكن العراقيون من تنظيم مقاومة واسعة ومنظمة لمقاومة الاحتلال ؟<br />
من الصعب الإجابة الجازمة عن هذا السؤال لأن <strong>بحث</strong> هذه الأسباب وتحديد خصائصها المميزة<br />
تحديدا ً كاملا ً يتطلب وقتا ً طويلا ً ربما يمتد إلى سنوات. كما أننا نفتقر إلى المعلومات الأساسية عن نتائج<br />
الحملة الجوية التي شملت حتى التاسع من نيسان نحو ٣٤ ألف طلعة طيران، منها نحو ١٣ ألف طلعة<br />
إغارة، و ٦١٥٠ طلعة تزويد للطائرات بالوقود <strong>في</strong> الجو، و ٦٥٠٠ طلعة جسور جوية، وأكثر من<br />
٢٢٥٠ طلعة مخابرات واستطلاع استراتيجي وليس هناك معلومات تقديرية عن حجم الدمار الناتج عن<br />
المعارك من جراء إطلاق أكثر من ٧٥٠ صارخ كروز وما بين<br />
التصويب<br />
<strong>–</strong> ١٥<br />
(٢٦) .<br />
١٦ ألف وحدة ذخيرة دقيقة<br />
ومن المؤكد أن الولايات المتحدة استخدمت الحرب الإعلامية والنفسية لتحطيم نفسية جنود<br />
الجيش العراقي فألقت نحو ٤٣,٨ مليون منشور ما بين تشرين الأول ٢٠٠٢ و٩ نيسان<br />
٢٠٠٣ تطالب<br />
<strong>في</strong>ه الإدارة الأمريكية القوات المسلحة العراقية بالاستسلام. وكذلك العمل الإعلامي المنظم لتفتيت الجبهة<br />
الداخلية العراقية، فضلا ً عن استخدام وحدات الاستخبارات والقوات العراقية المعارضة التي دربت <strong>في</strong><br />
هنغاريا ولقبت ب "قوات تحرير العراق".<br />
ويمكننا على ضوء ما أفرزته الحرب من نتائج أن نلخص الأسباب على النحو الآتي:<br />
( ٢٦)<br />
انتوني كوردسمان: " الدروس الفورية<br />
"<br />
(٢٩٢)، حزيران<br />
٢٠٠٣،ص<br />
.١١٧<br />
لحرب العراق <strong>في</strong>: مجلة المستقبل العربي، لندن، العدد<br />
١٢٩
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
١<br />
إن الجيش العراقي الذي أنهكته حروب العقود الثلاثة الماضية لم يستطع تجديد أسلحته<br />
بسبب الحصار المفروض على العراق منذ <strong>عام</strong> ١٩٩١، وحققت الهيمنة الجوية الأمريكية القدرة على<br />
شل سلاح الجو العراقي قائلا ً: وضرب الدفاعات الجوية. يذكر الجنرال العراقي غانم عبد االله عزاوي<br />
الذي شارك بالحرب <strong>في</strong> شرحه لأسباب الانهيار السريع للجيش العراقي قائلا ً: عمليا ً لم يكن هناك دفاع<br />
جوي منذ <strong>عام</strong> ١٩٩١ عندما هزم العراق وأجبر على الانسحاب من الكويت، ولم يقم أحد بإعادة بنائه،<br />
وأضاف إلى ما أشارت إليه بعض القنوات التلفزيونية بشأن تطوير العلماء لصواريخ جوية عراقية<br />
كانت كلها أكاذيب لا أساس لها من الصحة<br />
"<br />
٢<br />
دفاع جوي وأصبح صيدا ً للطيران الأمريكي.<br />
. ) ٢٧ ( كما قاتل الجيش العراقي دون غطاء جوي ودون<br />
تفوق السلاح والتكنولوجيا العالية التي استخدمتها القوات الأمريكية والحليفة من طائرات<br />
استطلاع الأواكس، وطائرات بلا طيار، والقوات الخاصة، والمخابرات البشرية، والحرب الإلكترونية،<br />
فهذه الحرب لم تكن متكا<strong>في</strong>ٔة تكنولوجيا ً، وكانت أول حرب استخدمت بها الولايات المتحدة نظام ال<br />
GPS <strong>في</strong> العالم<br />
(Global Position System)<br />
فهذه الأجهزة تحدد بالضبط مكانك بوساطة الأقمار<br />
الصناعية عن طريق خطوط الطول والعرض والارتفاع عن سطح البحر، وقبيل الحرب على العراق.<br />
وصل عدد أقمار أمريكا الصناعية لتحديد المواقع ٢٧ قمرا ً، وبعد عشرة أيام من الحرب تم إطلاق قمر<br />
آخر ليصبح عدد الأقمار المشاركة <strong>في</strong> الحرب ٢٨ قمرا ً وهو ما فسره تحطيم صمود بغداد بوساطة<br />
الGPSومن خلاله تم توجيه القنابل الذكية عن طريق أجهزة ليزر وتزود القنابل بأجهزة توجيه تلفزيونية تبلغ<br />
قيمة القنبلة الواحدة ٣٠ ألف دولار . ) ٢٨ (<br />
٣ قطع خطوط الاتصالات بين القيادة العراقية والجيش العراقي <strong>في</strong> الميدان نتيجة القصف<br />
المتواصل من الطائرات بأوزان ٣و٧و٩,٥ طن من القنابل لشبكات الاتصالات السلكية واللاسلكية<br />
وخطوط الإمداد. فالجيش كما هو معلوم مبني على أساس هرمي فعندما يفقد الجندي التوجيه من قيادته<br />
يصبح تائها ً لا يدري ماذا يفعل <strong>في</strong>ترك الميدان ولذا فقدت القيادة السيطرة على الجيش والأوامر لم تعد<br />
( ٢٩ )<br />
تصل للقطعات وعندما تفقد السيطرة كل يتصرف على حسب هواه .<br />
( ٢٧ )<br />
صحيفة الشرق الأوسط، لندن، ٢ أيار ٢٠٠٣.<br />
( ٢٨ )<br />
العميد محمد سليمان: حول خصائص بعض أسلحة العدوان الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> على العراق<br />
٢٠) آذار (٢٠٠٣<br />
<strong>في</strong>: الفكر العسكري، العدد الخامس<br />
،٢٠٠٣ ص .٧٨<br />
( ٢٩ )<br />
العميد صبحي ناظم تو<strong>في</strong>ق: ندوة المؤسسة العسكرية <strong>في</strong> العراق وآفاق المستقبل، قناة الجزيرة ،<br />
٦-٥-٢٠٠٣ م.<br />
١٣٠
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
٤<br />
يعزو أحد كبار ضباط العراق الهزيمة إلى أسباب داخلية <strong>في</strong> الجيش العراقي لأن الجيش<br />
العراقي لم يعتمد على المتطوعين أي المحتر<strong>في</strong>ن اعتمادا ً كبير ًا (ما عدا الحرس الجمهوري) بل اعتمد<br />
على ظاهرة التجنيد الإلزامي فالعسكري الإجباري كانت تطول مدة خدمته أحيانا ً إلى عشر سنوات،<br />
فضلا ً عن تدني مرتباته التي لا تك<strong>في</strong> لدفع أجرة المواصلات بين القطعات وموطنه الأصلي، فكان العديد من<br />
الجنود يتسولون <strong>في</strong> سبيل أن يكون لديهم مبلغا ً من المال ليعودوا إلى أهاليهم <strong>في</strong> وقت الإجازة<br />
(٣٠ )<br />
.<br />
٥<br />
كان النظام العراقي يحكم العراق بالطغيان والخوف وكان لا يؤمن<br />
بالحريات والمشاركة السياسية وغياب الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان ولم يكن<br />
هناك دليل على تأييد شعبي واسع لصدام حسين والشعب العراقي أراد التخلص من<br />
ظلم الحكم الديكتاتوري وقهره دام مدة قدرها ٢٥ <strong>عام</strong>ا ً ولم يكن المناخ الاجتماعي<br />
والاقتصادي والعسكري العراقي مناسبا ً لمثل هذه الحرب.<br />
لهذا لم تصمد الجبهة الداخلية ولم يتمكن العراقيون من تنظيم مقاومة واسعة ومنظمة لقوات العدو<br />
( ٣١ ) .<br />
٦ عزا المؤرخ <strong>البريطاني</strong> تشارلز تريب<br />
(Charles Tripp)<br />
أسباب الانهيار إلى أن دولة<br />
العراق الهرمة ماتت <strong>في</strong> الثمانين دون أن تبلغ مرحلة الشباب إذ إن المقابر الجماعية التي عثر عليها لا<br />
تعود إلى عصر هولاكو بعد غزوه لبغداد سنة ١٢٥٨ م، بل لفترة تمتد أكثر قليلا ً من عشرين <strong>عام</strong>ا ً<br />
وهي فترة تسلم صدام حسين للرئاسة <strong>عام</strong> ١٩٧٩ أي أن طغيان صدام وجرائمه تراكمت على مدى ربع<br />
قرن فكانت أحد أسرار الهزيمة<br />
( ٣٢ )<br />
.<br />
٧<br />
فشل العراق <strong>في</strong> استخدام العوائق المائية إن تحرك العراق <strong>–</strong> بسبب لا يعلمه أحد حتى الآن<br />
<strong>–</strong> ببطء شديد لاستخدام العوائق المائية لنسف عدد قليل من الجسور ونحج بذلك نجاحا ً جزئيا ً فقط<br />
وأخفق <strong>في</strong> الدفاع ضد إقامة الجسور وعمليات العبور على نحو فعال كما كان يتوقع له أن يفعل<br />
( ٣٣ )<br />
.<br />
( ٣٠ )<br />
اللواء بشار محمود أيوب: ندوة المؤسسة العسكرية، <strong>–</strong> ٦ ٥ <strong>–</strong> ٢٠٠٣ م.<br />
( ٣١ )<br />
سمير الخليل: جمهورية الخوف عراق صدام، القاهرة ١٩٩١ م، ص٢٧ <strong>–</strong> ٤٥.<br />
( ٣٢ )<br />
صحيفة الشرق الأوسط العدد ) ٨٩٥٨ )، ٨ <strong>–</strong> ٦ <strong>–</strong> ٢٠٠٣، ص ١٥، دراسة حول كتاب المؤرخ<br />
<strong>البريطاني</strong> تشارلز تريب: تاريخ العراق، كمبريدج<br />
( ٣٣ )<br />
انتوني كوردسمان، المرجع السابق، ص ١٢٦.<br />
٢٠٠٣ م.<br />
١٣١
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
٨<br />
يعزو بعض المراقبين سقوط بغداد والعراق إلى صفقة جرى <strong>في</strong>ها اتفاق سري لتسليم بغداد<br />
دون قتال وهذه الصفقة جرت بين الأمريكيين وكبار قادة الحرس الجمهوري على تسليم بغداد دون<br />
مقاومة مقابل نقل كبار القادة <strong>في</strong> الحرس الجمهوري (٢٠٠ شخص وعائلاتهم) إلى خارج العراق، وقد<br />
عقد صدام اجتماعا ً مع بقايا قواته <strong>في</strong><br />
٨ نيسان ٢٠٠٣ بمسجد "<br />
" أم الطبول<br />
ببغداد عقب دخول القوات<br />
الأمريكية مطار بغداد وعنفهم بقسوة وطالب بإخراج القوات الأمريكية بأي ثمن من المطار، وتساءل<br />
كيف تصمد مدن <strong>في</strong> الجنوب ولا تصمد بغداد المحمية بفرق الحرس الجمهوري، والواقع أن الوحيد من<br />
القادة الكبار <strong>في</strong> الحرس الجمهوري وهو اللواء سيف الدين الراوي رئيس أركان الحرس الجمهوري قد<br />
صفاه صدام حسين يوم ٨ نيسان بعد اكتشاف وجود الصفقة حيث لم يستطع الراوي اللحاق برفاقه<br />
( ٣٤ )<br />
.<br />
٩<br />
يفسر بعض المحللين العسكريين العرب السقوط السريع لبغداد واختفاء رموز النظام<br />
والقوات العراقية النظامية وغير النظامية بهذه الصورة المفاجئة والسريعة والمريبة بأنه<br />
لو جمعت "<br />
الأخطاء الاستراتيجية التي حدثت من كل القادة العسكريين والسياسيين <strong>في</strong> الحروب الماضية منذ هتلر<br />
حتى الآن، نجد أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين جمع كل هذه الأخطاء التي حدثت <strong>في</strong> كل<br />
الحروب <strong>في</strong> فترة قيادته السياسية <strong>للعراق</strong>، فترة كلها أخطاء منذ البداية وحربه مع إيران وما بعدها<br />
اجتياحه للكويت ولم يستفد أو يتعلم شيئا ً مما حدث. ومن المؤكد لولا الأساليب الأخرى مثل عقد<br />
الصفقات أو الخيانة، لما نجحت الإدارة الأمريكية <strong>في</strong> تحقيق ما هدفت إليه وذلك لأن الاستراتيجية<br />
العسكرية الأمريكية اصطدمت بعقبات كبيرة والتي لا تسمح بالنجاح وحدها<br />
( ٣٥ ) .<br />
١٠<br />
لا شك <strong>في</strong> أن الحرب الإعلامية والنفسية التي شنتها أمريكا وحلفاؤها وخاصة إسرائيل<br />
كان له الأثر السلبي <strong>في</strong> مجمل المعركة <strong>في</strong> الجانب العراقي، فالحرب الأمريكية على العراق كانت<br />
حرب إعلام ودعاية وتضليل تمت <strong>في</strong> أثناء عملية الاحتلال وبعدها. وكما هو معروف إن أفضل طريقة<br />
للفوز بالحرب هي فصل الجيش عن شعبه لذا كان أول المواقع التي استهدفها القصف الأمريكي هي<br />
أجهزة الإرسال التلفزيوني وأجهزة الاتصالات. فهذا الدور الإعلامي لا يقل أهمية بأي حال عن دور<br />
المجهود العسكري. وأصبحت الصحافة أكبر قوة <strong>في</strong> الولايات المتحدة و<strong>في</strong> العالم الغربي، وهي أقوى<br />
( ٣٤ )<br />
ايهاب فتحي: الصفقة، أسرار الاتفاق السري لتسليم بغداد دون قتال <strong>في</strong>: آخر ساعة المصرية،<br />
٧ أيار القاهرة<br />
٢٠٠٣،ص<br />
.١٢<br />
.٢٧<br />
( ٣٥ )<br />
اللواء محمود خلف: هذه هي أسباب سقوط بغداد <strong>في</strong>: النور، لندن العدد ١٤٤ أيار ٢٠٠٣ م، ص<br />
١٣٢
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
من السلطة التشريعية والتن<strong>في</strong>ذية والقضائية، ويسيطر اليهود الصهاينة <strong>في</strong> أمريكا على وسائل الإعلام<br />
فالمجلات الإخبارية الثلاث الكبرى التايم<br />
(Time)<br />
ونيوزوي ك<br />
(Newsweek)<br />
(U.S. News and World Report)<br />
وي واس ني وز ان د وورد ريب ورت<br />
والصحف الكبرى كنيويورك تايمز وواشنطن بوست وول<br />
ستريت جورنال يملكها اليهود، ويهيمن اليهود الصهاينة على شبكات تلفاز أميركية<br />
NBC و CBS و<br />
( ٣٦ ) .<br />
ABC<br />
وكان هذا القطاع الإعلامي موظفا ً <strong>في</strong> معظمه لمصلحة الحرب الغاشمة ضد العراق وإقناع<br />
المقاومة العراقية سلفا ً بعجزها عن المواجهة والمقاومة ونشر الشائعات الكاذبة كشائعة هروب طارق<br />
عزيز واستسلام لواء عراقي مع فرقته. و<strong>في</strong> سياق هذه الحرب الإعلامية أعلن شاحاك رئيس الأركان<br />
السابق <strong>في</strong> جيش الاحتلال الصهيوني بأن "الأمريكيين كثفوا <strong>في</strong> هذه الحرب من استخدام أساليب الحرب<br />
النفسية أكثر مما حدث على مر التاريخ المعاصر كله ". وبدأت إسرائيل تروج لمحطة تلفزيونية<br />
أميركية باللغة العربية<br />
أيلول<br />
" الحرة "<br />
١<br />
لفتح جبهات جديدة <strong>في</strong> المنطقة ضد (سورية وإيران) ولمواجهة<br />
المحطات الإخبارية العربية. ومن جملة الحرب الإعلامية قصف مكاتب قناتي الجزيرة وأبو ظبي<br />
الفضائيتين <strong>في</strong> أثناء الحرب، وقصف مكتب وكالة رويتر للأنباء، وقصف فندق فلسطين الذي كان يقيم<br />
<strong>في</strong>ه المراسلون الأجانب ومصرع عدد من الصح<strong>في</strong>ين. ) ٣٧ (<br />
رابعا ً: نتائج الاحتلال الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong>:<br />
<strong>في</strong> إطار ما سبق، تظهر أهمية مناقشة تداعيات <strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>للعراق</strong> من جميع جوانبه،<br />
السياسية والاقتصادية، انعكاساته على الأوضاع <strong>في</strong> العراق، وذلك <strong>في</strong> ضوء الرؤية الاستراتيجية<br />
الأمريكية الواردة <strong>في</strong> نظرية بوش الأمنية، باعتبار أن عملية غزو العراق هي أهم تطبيقاتها وأدق<br />
اختباراتها.<br />
نتائج <strong>الغزو</strong> السياسية:<br />
يتجلى الهدف الأمريكي السياسي من وراء غزو العراق بوضوح أكثر، وهو تسوية أرض<br />
المنطقة العربية وتمهيدها دون مقاومة أو ممانعة تعاند واشنطن <strong>في</strong> مرحلة ما بعد الحادي عشر من<br />
٢٠٠١ وإيجاد<br />
"الشرق الأوسط الكبير"، هدفه تطبيع إسرائيل <strong>في</strong> المنطقة بعد فشل مشروع الشرق<br />
( ٣٦ )<br />
دي<strong>في</strong>د ديوك: الصحوة <strong>–</strong> النفوذ اليهودي <strong>في</strong> الولايات المتحدة، ترجمة إبراهيم الشهابي دار الفكر،<br />
ط١، <strong>دمشق</strong><br />
٢٠٠٢، ص١٦٢.<br />
( ٣٧ )<br />
مصطفى بدر: الإعلام <strong>في</strong> الحرب على العراق <strong>في</strong>: النور، العدد ١٤٤ أيار ٢٠٠٣، ص١٠٠.<br />
١٣٣
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
أوسطية بمعارضة قوية من سورية والعراق وإيران. وضرب العراق هو أولا ً تعبير عن السخط وفراغ<br />
الصبر من عدم خضوع المنطقة كليا ً للإرادة الأمريكية، وثانيا ً حماية أمن إسرائيل ودعمها وتبرير<br />
سياساتها وتو<strong>في</strong>ر التغطية الدبلوماسية لكل ما تقوم به هو الوجه الآخر للمصالح القومية الأمريكية<br />
( ٣٨ ) .<br />
ولا شك <strong>في</strong> أن موقف العراق من القضية الفلسطينية كان داعما ً ومشرفا ً، لذا كان الكيان الصهيوني<br />
أكبر محرض على حرب العراق.<br />
وباجتياح العراق واحتلال أرضه وإسقاط نظامه السياسي تكون أمريكا قد خطت خطوتها<br />
الحاسمة نحو تفكيك الكيان العراقي وحل الجيش والشرطة وإنهاء الدولة وإحداث فراغ سياسي <strong>في</strong>ه،<br />
وسماح قوات الاحتلال لعمليات السلب والنهب وإحراق الدوائر الحكومية والوزارات(ما عدا وزارة<br />
النفط) والمتاحف والمكتبات والجامعات تعني شيئا ً واحدا ً هو مصادرة الدولة وتحطيم الكيان السياسي<br />
<strong>للعراق</strong> واستنزافه ومنعه من النهوض بدوره القومي وتدمير كل هياكل الدولة (المؤسسات العلمية<br />
والثقا<strong>في</strong>ة).<br />
وتهدف الإدارة الأمريكية بمساعدة (الموساد) الإسرائيلي، الذي أقام قواعد له <strong>في</strong> العراق. أن<br />
تخلق حالة من التوجس والاحتقان بين <strong>في</strong>ٔات الشعب العراقي ودفعهم للاقتتال الداخلي وإشعال حرب<br />
طائ<strong>في</strong>ة بين العراقيين وتقسيمه إلى دويلات متنافرة ومتصارعة وغير قادرة على حماية نفسها وتعيش<br />
تحت الخطر المزعوم وهذا ما يجعلها دائما ً بحاجة لحماية أجنبية، ومن ثم يصبح الاحتلال الأجنبي <strong>في</strong><br />
العراق ضرورة ومطلبا ً<br />
( ٣٩ ) .<br />
وبمناسبة مرور <strong>عام</strong> على الاحتلال أشارت تقديرات لمركز أبحاث مستقل إلى أن عدد المدنيين<br />
العراقيين الذين قضوا منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق يتراوح بين<br />
/٨٤٠٠ و<br />
( ٤٠ )<br />
١٠٣٠٠ شخص .<br />
على أن الأمر الذي يخفف تداعيات <strong>الغزو</strong> الأمريكي السياسية على العراق جاء من الوقفة الرائعة<br />
للشعب العراقي ومن قدرة النخب والناشطين على تمثيل القواسم المشتركة بين <strong>في</strong>ٔات الناس، <strong>في</strong> وعيهم<br />
بوطنهم ومصالحهم وعدم فقدان البوصلة <strong>في</strong> تحديد الأهداف ورفضهم الأمان للاحتلال ومطالبته<br />
بالرحيل، والقيام بأعمال المقاومة الشاملة ضد المحتلين <strong>في</strong> بغداد والفلوجة والرمادي وغيرهم.<br />
( ٣٨ )<br />
خالد الحروب: تداعيات <strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>للعراق</strong> على خريطة القوى بالمنطقة <strong>في</strong>: شؤون عربية<br />
<strong>–</strong> القاهرة العدد ،٢٠٠٣ ،١١٣ ص .١٦<br />
عبد الإله بلقزيز: المشروع الممتنع: التفتيت <strong>في</strong> <strong>الغزو</strong>ة الكولونيالية <strong>للعراق</strong> <strong>في</strong>: المستقبل العربي،<br />
العدد<br />
صحيفة تشرين السورية، <strong>دمشق</strong>، العدد<br />
) ٨٨٨٣ ( ١١ آذار .٢٠٠٤<br />
٢٩١ أيار ٢٠٠٣، ص٢٥.<br />
( ٣٩ )<br />
( ٤٠ )<br />
١٣٤
٢<br />
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
بعد<br />
ولا شك <strong>في</strong> أن مواجهة أمريكا للشعب العراقي نقلها إلى الموقف الأضعف، ذلك لأن قوتها<br />
تتجلى عندما تكون المواجهة بينها وبين دولة وجيش نظامي، أما عندما تواجهها الجماهير فهنا تكمن<br />
نقاط ضعف القوات المحتلة.<br />
وقد اعترف الجنرال دا<strong>في</strong>د ماكيرنان قائد القوات الأمريكية البرية <strong>في</strong> العراق بأن<br />
"<br />
"<br />
الحرب لم تنته<br />
وأن الأمريكيين حققوا نجاحا ً ضئيلا ً <strong>في</strong> مواجهتهم للمقاومة ويزداد شعور مخيف بأن المعركة<br />
الحقيقية إنما قد تكون بعد <strong>في</strong> بدايتها على حسب تعبير كاتب أمريكي <strong>في</strong> مجلة النيوزويك الأمريكية<br />
( ٤١<br />
) .<br />
النتائج الاقتصادية للحرب:<br />
تؤكد الحرب العدوانية التي شنتها الولايات المتحدة على العراق أن ثمة برنامجا ً سياسي ًا<br />
واقتصاديا ً لدى اليمين المتطرف <strong>في</strong> الإدارة الأمريكية ولوبي الصناعة العسكرية، والشركات الاحتكارية<br />
الكبرى أرادوا تن<strong>في</strong>ذها، وبدأ باحتلال العراق والسيطرة على نفطه وتأمين منابعه وخطوط نقله وإمداداته.<br />
وكل ما يقال عن نشر<br />
"<br />
الحرية والديمقراطية<br />
"<br />
يفتقر إلى دليل حقيقي تظهره الممارسات اليومية لقوات<br />
الاحتلال الأمريكية <strong>في</strong> العراق، إذ استولت هذه القوات على جميع آبار النفط من أم قصر والفاو<br />
والبصرة جنوبا ً حتى كركوك والموصل شمالا ً، وأمنت حراستها حراسة جيدة. كما سمحت بأعمال<br />
النهب والسرقة <strong>في</strong> كل الوزارات والمنشآت الحكومية <strong>في</strong> العاصمة بغداد ما عدا وزارة النفط التي<br />
وضعت عليها حراسة مشددة منذ اليوم الأول للاحتلال، ودخل وزارة النفط العراقية <strong>في</strong> بغداد بحراسة<br />
الجنود الأمريكيين غراي فوغلر(Vogler (Gray المدير السابق لشرطة نفط اكسون<br />
(EXXON)<br />
وصعد إلى الطابق الثالث وجلس على مكتب وزير النفط العراقي السابق <strong>عام</strong>ر محمد رشيد، وأخذ يفتش<br />
وثائق وزارة النفط العراقية، وهو الآن المسؤول عن هذه الوزارة، وعلى عكس حرب الخليج الثانية<br />
<strong>عام</strong> ١٩٩١ بقيت منشآت النفط العراقية <strong>في</strong> حرب ٢٠٠٣ سليمة. وينوي الأمريكيون أن يوجهوا ضربة<br />
قوية لمنظمة أوبيك بأن يرفعوا سقف إنتاج النفط العراقي مستقبلا ً بعد الإصلاحات <strong>في</strong> منشآته إلى<br />
ملايين برميل نفط يوميا ً، هذا الحلم قد راود السياسيين وأصحاب شركات النفط منذ أزمة النفط<br />
٦<br />
١٩٧٣<br />
<strong>في</strong> أعقاب حرب تشرين، بأن يكسروا تحكم أوبيك بالأسعار وأن يباع النفط <strong>في</strong> السوق الحرة وفق قانون<br />
ص<br />
( ٤١ )<br />
سكوت جونسون: الحلف غير المقدس، نيوزويك، الطبعة العربية العدد ١٥٧،حزيران ٢٠٠٣،<br />
.١٧<br />
١٣٥
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
العرض والطلب، ولن تسمح الإدارة لأمريكية لمنظمة أوبيك باستبدال دولارها باليورو الأوروبي، وهي<br />
لن تتوانى عن نسف هذه المنظمة من جذورها إذا اقتضى الموقف ذلك<br />
( ٤٢ ) .<br />
ومما لا شك <strong>في</strong>ه أن معظم ما تم تدميره <strong>في</strong> العراق لم يكن بسبب عسكري استراتيجي بل بهدف<br />
اقتصادي بحت وهو إعادة اعماره وتتسابق كبرى الشركات الأمريكية للحصول على عقود إعادة<br />
المرافق المهمة <strong>في</strong> العراق وإدارتها. وإن أرباحا ً فلكية تحققت وذهبت إلى خزائن من يعرفون بأثرياء<br />
الحروب و<strong>في</strong> مقدمتهم الرئيس جورج بوش شخصيا ً إذ إنه كان مديرا ً لشركة نفط سابقا ً، وإلى شركات<br />
لوبي المجمع الصناعي العسكري وعلى رأسها شركات لوكهيد مارتن. ونائب الرئيس الأمريكي ديك<br />
تشيني كان رئيسا ً لمجلس إدارة شركة هالبيرتون للخدمات النفطية من <strong>عام</strong> ١٩٩١ حتى <strong>عام</strong><br />
،٢٠٠٠<br />
<strong>في</strong> حين كانت مستشارة الأمن القومي كوندليزا رايس تشغل منصب ًا إداريا ً ر<strong>في</strong>عا ً <strong>في</strong> شركة شيفرون<br />
النفطية لمدة ٩ سنوات، وإن وزير الدفاع دونالد رامس<strong>في</strong>لد شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة<br />
جنرال انسترومنت وقبلها مجموعة شركات بكتل. وقد أناطت إدارة بوش بالوكالة الأمريكية للتنمية<br />
الدولية مسؤولية إعمار العراق بعد احتلاله. وبدأت معركة العقود أو (معارك البيزنس) وانكشف الأمر<br />
المستور عن حقيقته باحتكار مجموعتي هالبيرتون وبكتل لعملية إعادة الاعمار، فقد حصلت مجموعة<br />
هالبيرتون على عقود تصل إلى ٧ مليارات دولار خلال ال<strong>عام</strong>ين الحالي والقادم، أبرزها عقود مبرمة<br />
مع شركات كيلوغ براون اندروت التي كان تشيني مديرها التن<strong>في</strong>ذي، وتصل قيمتها قبل اندلاع الحرب<br />
مع سلاح الهندسة بقيمة ٧٥٠ مليون دولار لإصلاح آبار النفط وتشغيلها، وأبرمت عقود مع وزارة<br />
الدفاع بنحو ٤٥٠ مليون دولار لتقديم خدمات إمداد الجيش وتموينه <strong>في</strong> أثناء الحرب. أما المجموعة<br />
الثانية هي شركات بكتل ومديرها الحالي جورج شولتز (وزير خارجية <strong>في</strong> عهد ريغان) وله علاقات<br />
وثيقة مع رامس<strong>في</strong>لد حصلت على عقود لاعادة البناء والبنى التحتية وإنشاء محطات كهرباء ومياه وطرق<br />
بقيمة ٦٨٠ مليون دولار<br />
( ٤٣ ) .<br />
أما العقود الأخرى ستعطى للدول الحليفة كبريطانيا وإسرائيل وأسبانيا واستراليا، ثم الشركات من<br />
الجنسيات الأخرى على حسب مواقفها من الحرب.<br />
ولا يقتصر الضرر الاقتصادي الذي حل بالعراق على النفط فقط وإنما على الديون هذه المشكلة<br />
كبيرة إذ إن احتياطات القطع الأجنبي العراقي قد نفدت بفعل توالي الحروب والعقوبات الدولية. وكان<br />
( ٤٢ )<br />
انظر مجلة دير شبيغل الألمانية<br />
٤٥، العدد<br />
( ٤٣ )<br />
عبد الناصر ناصر: دوافع شركات الإدارة الأمريكية وراء احتلال العراق <strong>في</strong>: أبيض وأسود،<br />
٢٠٠٣-٦-١٦،ص<br />
.٢٠<br />
١٣٦
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
إجمالي الديون على العراق <strong>في</strong> نهاية <strong>عام</strong> ١٩٩٠ يقف عند حد ١,٤٨ مليار دولار وأصبح <strong>في</strong> نهاية<br />
/١٨٠ / ٢٠٠٢<br />
مليار دولار، وما يزيد على ثلث هذا الدين هو ديون مستحقة لدول الخليج العربي،<br />
و<strong>في</strong> المقدمة الكويت والسعودية، ثم بعد ذلك روسيا ولها ٨ مليارات دولار تراكمت جميعها قبل <strong>عام</strong><br />
١٩٩١. ويعاني العراق من ورطة الديون التي قد تنقضي أعمار أجيال من أبناء العراق دون أن يقدر<br />
العراقيون على أن يروا شيئا ً من ثروة بلادهم، وهو ما يعني أن أمريكا وبريطانيا وحدهما المست<strong>في</strong>دتان<br />
من النفط المتدفق إلى الخارج<br />
( ٤٤ )<br />
.<br />
والقراءة السريعة لقرار مجلس الأمن رقم<br />
(١٤٨٣)<br />
تاريخ<br />
<strong>–</strong> ٥ <strong>–</strong> ٢٢<br />
٢٠٠٣ حول رفع<br />
العقوبات الاقتصادية عن العراق يتبين لنا السيطرة الأمريكية على ثروة العراق النفطية واحتكار عملية<br />
إعادة الاعمار. ولم ينص القرار على تحديد مدة لإنهاء الاحتلال الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong>. وعلى<br />
المدى المنظور سيبقى الشعب العراقي يعاني من تداعيات الحرب أكثر من الماضي إذ لا دولة ولا أمن،<br />
ولا مقومات للحياة الاجتماعية والمعيشية مع ازدياد البطالة بعد حل الجيش والشرطة وتسريح ال<strong>عام</strong>لين<br />
<strong>في</strong>هما (حوالي ٤٠٠ ألف شخص)، وتوقف مسار الحياة الاقتصادية.<br />
٣ النتائج الثقا<strong>في</strong>ة للاحتلال الأمريكي <strong>للعراق</strong>:<br />
يستدعي سقوط بغداد الثاني <strong>في</strong> يد المحتلين الأمريكيين <strong>عام</strong> ٢٠٠٣، من الذاكرة، استرجاع سقوط<br />
بغداد الأول على يد جيش المغول <strong>عام</strong> ١٢٥٨ م بقيادة هولاكو الذي دمر المدينة العظيمة، وأعمل القتل<br />
<strong>في</strong> سكانها، وانتقم من عاصمة الحضارة <strong>–</strong> عاصمة الرشيد <strong>–</strong> و<strong>في</strong>ها مكتبة بيت الحكمة، وألقى كتبها <strong>في</strong><br />
نهر دجلة الذي بقيت مياهه لأيام عدة مصطبغة بلون الحبر لكثرة ما ألقي <strong>في</strong>ه من كتب. و<strong>في</strong> أعقاب<br />
احتلال بغداد نهبت المتاحف التاريخية الأثرية وسرقت الوثائق والمخطوطات داخل متاحف بغداد<br />
ناهبين ومحطمين القطع الأثرية، والجنود الأمريكيون يتفرجون على ما يجري وكأنه لا يخصهم، لقد<br />
كان المتحف القومي العراقي <strong>في</strong> بغداد ضحية هجوم مخطط بعناية فاللصوص الذين أخذوا معظم الآثار<br />
القيمة جاؤوا مستعدين بتجهيزات لرفع أثقل الأشياء، ولم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية حين جردت<br />
المتاحف الأوروبية بصورة منظمة أن ارتكبت جريمة كهذه. لقد كانت جريمة منظمة لأن الأمريكيين<br />
يعرفون قيمة المتاحف وقيمة الجامعات وقيمة مكتباتها ومخابرها. وكان البروفسور جيبسون من <strong>جامعة</strong><br />
( ٤٤ )<br />
جوزيف بردو: العراق الجديد، عرض كامل يوسف <strong>في</strong>: الاتجاه الآخر، العدد ٧-٦- ١٢٠،<br />
،٢٠٠٣ ص .٨٥<br />
١٣٧
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
شيكاغو ضمن مجموعة التقت مسؤولين من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عدة مرات وقدمت لهم<br />
قائمة بالمواقع الأثرية التي يتعين حمايتها وخاصة المتحف القومي العراقي <strong>في</strong> بغداد<br />
( ٤٥ )<br />
.<br />
وقد ن ُهب المتحف وسرق ١٧٠ ألف قطعة من معروضات الآثار التي تعود إلى آلاف السنوات<br />
منها آنية زهور من المرمر يعود تاريخها إلى ٣٥٠٠ <strong>عام</strong> ق. م. وتقدر قيمة هذه الآثار ببلايين<br />
الدولارات. كذلك سرقت قطع ذهبية ولوحات ومخطوطات نادرة. كما ن ُهبت <strong>جامعة</strong> الموصل ومتحف<br />
الموصل و<strong>جامعة</strong> البصرة، وغير ذلك من المراكز الثقا<strong>في</strong>ة والعلمية العراقية. وتشير هذه الحملة المنظمة<br />
إلى نيات خطيرة لدى قوات الاحتلال، تتمثل بتدمير الهوية الثقا<strong>في</strong>ة لبلد له تاريخ حضاري يزيد على<br />
خمسة آلاف <strong>عام</strong>، فالعراق قدم للعالم الكتابة السومرية قبل الميلاد بثلاثة آلاف <strong>عام</strong>، وقدم للإنسانية أولى<br />
الملاحم (ملحمة جلجامش)، وتشريعات حمورابي القانونية، و<strong>في</strong> بابل بنيت إحدى عجائب الدنيا السبع<br />
(حدائق بابل المعلقة)، و<strong>في</strong> العصر العباسي أُسست أعظم مكتبة علمية <strong>في</strong> التاريخ بعد مكتبة الإسكندرية<br />
وهي بيت الحكمة أيام الخليفة المأمون<br />
( ٤٦ ) .<br />
وتتجه أصابع الاتهام إلى المجلس الأمريكي للسياسة الثقا<strong>في</strong>ة ،(ACCP) وهو مؤسسة تضم <strong>في</strong><br />
صفوفها مجموعة من جامعي القطع الأثرية والفنية ورجال القانون وبائعي التحف الفنية. بسبب تشجيعها<br />
على سرقة الإرث الثقا<strong>في</strong> العراقي. وقد بدأت القطع الأثرية المسروقة واللوحات الفنية تصل إلى أوروبا<br />
وأمريكا وتجاوزت حدود الشرق الأوسط لتباع <strong>في</strong> لندن ونيويورك. وكان لعمليات النهب والسرقة التي<br />
تعرضت لها مدن العراق تأثيرات كبيرة <strong>في</strong> الأوساط الثقا<strong>في</strong>ة العالمية ومنها استقالة ثلاثة أعضاء من<br />
اللجنة الاستشارية للممتلكات الثقا<strong>في</strong>ة <strong>في</strong> البيت الأبيض الأمريكي وعلى رأسهم رئيس اللجنة (مايكل<br />
سوليفان) احتجاجا ً على ما حصل <strong>في</strong> العراق. وقد ذكر سوليفان <strong>في</strong> خطاب استقالته أنه يترتب على<br />
الرئيس بوش التزام الأخلاقي لمنع أعمال النهب والسلب والتدمير، ومن الجدير بالذكر أن اتفاقية لاهاي<br />
قضت بحماية التراث الإنساني لكن أمريكا وبريطانيا لم توقعا عليها. ) ٤٧ (<br />
ولم تقتصر النتائج الثقا<strong>في</strong>ة للغزو الأمريكي على العراق على الكنوز التاريخية فحسب بل امتد<br />
إلى طبقة المثق<strong>في</strong>ن من العلماء العراقيين إذ إن ١٨ ألف عالم ومهندس وطبيب مطلوبون <strong>في</strong> قوائم الإدارة<br />
( ٤٥ )<br />
آن تالبوت: الحكومة الأمريكية متورطة <strong>في</strong> سرقة مدبرة للكنوز الفنية العراقية <strong>في</strong>: المستقبل<br />
العربي، العدد<br />
،٢٩١ أيار ،٢٠٠٣ ص . ٨٥<br />
( ٤٦ )<br />
عادل فريجات: تدمير الهوية الثقا<strong>في</strong>ة <strong>للعراق</strong> <strong>في</strong>: صحيفة تشرين، العدد ٨٦٠٦،<br />
- ٤<strong>–</strong> ٢٠<br />
٢٠٠٣ م،ص<br />
( ٤٧ )<br />
صحيفة تشرين السورية، <strong>دمشق</strong>، <strong>–</strong> ١٩ ٤ <strong>–</strong> .٢٠٠٣<br />
.٨<br />
١٣٨
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
الأمريكية بتهمة مشاركتهم <strong>في</strong> صناعة العلم العراقية، و٣٥٠٠ مطلوب استجوابهم بشأن مشاركتهم <strong>في</strong><br />
صناعة التسليح العراقية، و ٥٠٠ مطلوب رأسهم لمعرفتهم خبايا برامج أسلحة الدمار الشامل المزعومة<br />
<strong>في</strong> العراق. والمطلوب تفريغ العراق من علمائه قبل أن يبتعد عن دوامة التخلف، فالعراق كغيره من<br />
الدول النامية ممنوع أن يتجاوز الخط الأحمر للإفلات من عجلة التخلف. وقد حقق العراق إنجازات<br />
كبيرة على صعيد ال<strong>بحث</strong> العلمي وإيفاد الشباب العراقيين لجامعات الغرب للحصول على الخبرات التي<br />
يمكن استثمارها <strong>في</strong> التصنيع والتكنولوجيا وقد أفرز ذلك نخبة من العلماء تخصص بعضهم <strong>في</strong><br />
اختصاصات علمية نادرة. وبعد انتهاء الحرب الباردة تنبهت جامعات الغرب ومنعت طلاب البعثات<br />
باختصاصات نادرة كال<strong>في</strong>زياء النووية والكيمياء وعلوم الحياة حتى بعض مجالات الطب والهندسة،<br />
وخلال سنوات<br />
<strong>–</strong> ١٩٩٠<br />
١٩٩٩ تمكن رغم المنع <strong>في</strong> <strong>جامعة</strong> جورجيا ١١٢ عراقيا ً من نيل شهادة<br />
دكتوراه <strong>في</strong> العلوم والهندسة. وكانت الولايات المتحدة قد فتحت أبوابها للعلماء العراقيين كلاجئين<br />
سياسيين منذ <strong>عام</strong> ١٩٩١، ولكن لم يخرج من علماء العراق إلا القليل. وعمليا ً بعد هروب خضر حمزة<br />
الدكتور <strong>في</strong> ال<strong>في</strong>زياء النووية <strong>عام</strong> ١٩٩٤ لم يهرب أي عالم من العراق فبقي العلماء العراقيون غصة <strong>في</strong><br />
الحلق الأمريكي، ولم تستطع استقطابهم. و<strong>في</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٢ أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون<br />
هجرة العلماء العراقيين وإعطاء ٥٠٠ عالم عراقي<br />
(Green Card)<br />
مقابل أن "يتعاونوا تعاونا ً كاملا ً مع<br />
( ٤٨ )<br />
كل ما تطلبه حكومة الولايات المتحدة وبكل إخلاص وصدق وبشكل غير محدود" .<br />
ولم يستجب العلماء العراقيون لهذه الاغراءات لذا لم يبق أمام الولايات المتحدة سوى تص<strong>في</strong>تهم.<br />
ويؤكد هذا جنرال فرنسي متقاعد من معلومات مؤكدة لديه أن قوات كوماندوز صهيونية تضم<br />
عنصرا ً دخلت الأراضي العراقية بالفعل تن<strong>في</strong>ذا ً لخطة اغتيال الكفايات العراقية تضم قائمة ب<br />
١٥٠<br />
٢٠٠٠<br />
عالم من أمثال العالمة العراقية رحاب طه وعبد الناصر هنداوي وحازم علي ومهدي عبيد وجعفر<br />
ضياء وسعد خضر وفايز بيرقدار وغيرهم الكثيرون. وبذلك تتكرر مع العرب وأمام صمت دولي<br />
مريب مأساة ضرب مفاعل تموز العراقي <strong>في</strong> <strong>عام</strong> ١٩٨١ واغتيال العالم يحيى المشد المصري <strong>في</strong><br />
باريس.<br />
٤ النتائج على صعيد البيئة:<br />
تعد البيئة من أكثر القطاعات تأثرا ً بالحروب، وعانى العراق من كوارث بيئية بتأثير الحروب<br />
المتوالية <strong>في</strong> هذه المنطقة بدءا ً من الحرب العراقية <strong>–</strong> الإيرانية ومرورا ً بحرب الخليج الثانية وانتهاءً<br />
ب<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣، فقد تم إلقاء ٢٥ ألف صاروخ هذا فضلا ً عن آلاف الأطنان<br />
( ٤٨ )<br />
مجلة أبيض وأسود: العلماء العراقيون، العدد ٢٨-٤-٢٠٠٣ ٣٩،<br />
١٣٩
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
من متفجرات القنابل، هذه الأسلحة ضربت كل أنواع الحياة داخل العراق وأثرت <strong>في</strong> البيئة من حيوان<br />
ونبات وتربة ومياه و كان تأثير هذه الكارثة البيئية فادحا ً إلا أن آثارها سوف تمتد لعشرات السنوات.<br />
<strong>في</strong> حرب الخليج الثانية ١٩٩١ وصل عدد الآبار المحترقة <strong>في</strong> حقول الرميلة بالكويت إلى<br />
٧٤١<br />
بئرا ً، وإن ناتج حريق النفط الذي يسمى بالزخام الأسود إذ تتشبع به الأمطار التي تصل إلى التربة<br />
والمياه الجو<strong>في</strong>ة وتتأثر به النباتات والحشرات والحيوانات. وقد وصلت آثار حريق آبار النفط الكويتية<br />
إلى جبال الهميلايا <strong>في</strong> الهند. وتسببت <strong>في</strong> نفوق أعداد كبيرة من الأغنام والجمال <strong>في</strong> منطقة الخليج كلها.<br />
إن تدمير المنشآت الاقتصادية <strong>في</strong> العراق ستكون له أبعاد طويلة الأمد مثل<br />
قصف مصانع البتروكيماويات، فضلا ً عن تدمير البنى التحية مثل محطات المياه<br />
والكهرباء، واضطر بعدها العراقيون إلى شرب مياه الأنهار الملوثة. وأدت الحرب إلى<br />
التأثير <strong>في</strong> الثروة النباتية <strong>في</strong> شمال العراق وهذه المنطقة تتميز بأشجار الاستبس،<br />
وأدت إلى اختفاء الحيوانات الثديية كالذئاب وكذلك اندثار النباتات الطبية <strong>في</strong> المناطق<br />
المجاورة لإيران، وتدمير ملايين أشجار النخيل بسبب استخدام الأسلحة المحرمة دوليا ً<br />
كاليورانيوم المخصب.<br />
وأكد تقرير الاتحاد العربي للشباب والبيئة الذي أرسل إلى الأمم المتحدة وجود الانتهاكات البيئية<br />
التي سببها <strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>للعراق</strong> إذ ارتفعت نسبة أكسيد الكربون والنتروجين <strong>في</strong> الجو بتأثير القنابل<br />
والصواريخ، وحذر من خطورتها على صحة الشعب العراقي. وأكد التقرير أن العدوان الأمريكي على<br />
العراق هو حرب ضد بيئة ومن المعروف أن الولايات المتحدة رفضت التوقيع على بروتوكول<br />
(كيوتيد) واتفاقية تغير المناخ وهي أكثر دول العالم ملوثة للبيئة<br />
خاتمة:<br />
( ٤٩ ) .<br />
عرض هذا ال<strong>بحث</strong> <strong>–</strong> بشيء من التفصيل <strong>–</strong> النتائج الأولية التي وصلت إلينا بعد مرور ال<strong>عام</strong><br />
الأول على <strong>الغزو</strong> الأنكلو <strong>–</strong> أمريكي <strong>للعراق</strong>. وهذا ال<strong>بحث</strong> ما هو إلا مقدمة لأبحاث تاريخية لاحقة<br />
تنتظر ظهور معلومات جديدة عن خل<strong>في</strong>ات الحرب على العراق وأسرارها وصفقاتها الخ<strong>في</strong>ة وتطرق<br />
ال<strong>بحث</strong> إلى مقدمات العدوان وأهدافه المعلنة والخ<strong>في</strong>ة، وأجاب وفق المعطيات الحالية عن لغز الانهيار<br />
ص<br />
( ٤٩ )<br />
ممدوح رياض: كارثة تهدد العراق <strong>في</strong>: روز اليوسف، العدد ٢٦، القاهرة <strong>–</strong> ٢٦ ٤ <strong>–</strong> ٢٠٠٣،<br />
.٣٨<br />
١٤٠
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
السريع <strong>في</strong> العراق، وإلى التداعيات السياسية والاقتصادية والثقا<strong>في</strong>ة والبيئية التي جرتها الحرب الكارثة<br />
على الشعب العراقي خاصة وعلى المنطقة العربية <strong>عام</strong>ة. والمهم هو التشديد على ضرورة مواجهة<br />
النتائج والتحديات الراهنة وما تتطلبه من مقاومة وتشكيل أوسع الجبهات محليا ً وعربيا ً وعالميا ً لكسر<br />
الهجمة التي يتعرض لها وطننا العربي.<br />
١٤١
<strong>الغزو</strong> الأمريكي <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong> <strong>للعراق</strong> <strong>عام</strong> ٢٠٠٣ م <strong>بحث</strong> <strong>في</strong> الأسباب والنتائج<br />
١<br />
المصادر والمراجع<br />
المصادر والمراجع باللغة العربية:<br />
ابراهام دده يان: المستهدف ليس العراق وحده، <strong>في</strong>: الس<strong>في</strong>ر اللبنانية، بيروت، ٢/ / ٢٤<br />
.٢٠٠٣<br />
٢ انتوني كوردسمان: " الدروس الفورية لحرب العراق، <strong>في</strong>: مجلة المستقبل<br />
العربي، لندن، العدد<br />
٣ آن تالبوت: الحكومة الأمريكية متورطة <strong>في</strong> سرقة مدبرة للكنوز الفنية العراقية،<br />
<strong>في</strong>: المستقبل العربي، العدد<br />
ايهاب فتحي: الصفقة، أسرار الاتفاق السري لتسليم بغداد دون قتال، <strong>في</strong>: آخر<br />
ساعة، المصرية، القاهرة،<br />
٥ بشار محمود أيوب: ندوة المؤسسة العسكرية <strong>في</strong> العراق وآفاق المستقبل، <strong>في</strong>:<br />
قناة الجزيرة الفضائية بإدارة محمد كريشان،<br />
بشير عبد الفتاح: الجيش العراقي والوضع السياسي <strong>في</strong> عراق ما بعد الحرب،<br />
<strong>في</strong>: السياسة الدولية، القاهرة، العدد<br />
دي<strong>في</strong>د ديوك: الصحوة <strong>–</strong> النفوذ اليهودي <strong>في</strong> الولايات المتحدة، ترجمة إبراهيم<br />
الشهابي، دار الفكر <strong>–</strong> <strong>دمشق</strong>، الطبعة الأولى، <strong>دمشق</strong><br />
٨ سمير خليل: جمهورية الخوف، عراق صدام، القاهرة<br />
سمير صارم: انه النفط يا الأبعاد النفطية <strong>في</strong> الحرب الأمريكية على<br />
العراق، دار الفكر<br />
شريف بسيوني: الحرب الأمريكية <strong>في</strong> العراق، مشروعية استخدام القوة <strong>في</strong>:<br />
السياسة الدولية، القاهرة، العدد كانون ثاني<br />
١١ صبحي ناظم تو<strong>في</strong>ق: المؤسسة العسكرية <strong>في</strong> العراق،<br />
١٢ عبد الإله بلقزيز: المشروع الممتنع، التفتيت <strong>في</strong> <strong>الغزو</strong>ة الكولونيالية <strong>للعراق</strong>،<br />
<strong>في</strong>: المستقبل العربي، العدد<br />
١٣ مجموعة باحثين: المفصل <strong>في</strong> تاريخ العراق المعاصر، دار الحكمة، بغداد<br />
١٤ مجموعة باحثين: <strong>الغزو</strong> العراقي للكويت، سلسلة عالم المعرفة، العدد<br />
الكويت آذار<br />
.٢٠٠٢/<br />
،(١٩٥)<br />
.٢٠٠٣ / ٥ / ٦<br />
.٢٠٠٢ /<br />
.١٩٩١ /<br />
.٢٠٠٣ /<br />
.٢٠٠٣/٥/٦<br />
"<br />
(٢٩٢)، حزيران /٢٠٠٣ م.<br />
،٢٩١ أيار .٢٠٠٣/<br />
٧ /أيار/ .٢٠٠٣<br />
،١٥٢ نيسان .٢٠٠٣/<br />
(…)<br />
<strong>–</strong> <strong>دمشق</strong> / .٢٠٠٣<br />
( ١٥١ )<br />
،(٢٩١) أيار / .٢٠٠٣<br />
.١٩٩٥/<br />
٤<br />
٦<br />
٧<br />
٩<br />
١٠<br />
١٤٢
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> <strong>–</strong> المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />
محمد أحمد<br />
١٥<br />
محمد أحمد النابلسي: الحرب النفسية <strong>في</strong> العراق، مركز الدراسات النفسية،<br />
طرابلس، لبنان<br />
محمد الهزاط: الحرب الأمريكية <strong>–</strong> <strong>البريطاني</strong>ة على العراق والشرعية الدولية، <strong>في</strong>:<br />
المستقبل العربي، مركز الدراسات العربية، لندن، العدد<br />
محمد حسن العيدروس: دراسات <strong>في</strong> الخليج العربي، الجزء الثالث، دار الكتاب<br />
الحديث، الكويت<br />
١٨ محمود خلف: هذه هي أسباب سقوط بغداد، <strong>في</strong>: النور، ندوة العدد<br />
،(١٤٤)<br />
،(٢٩٢) حزيران .٢٠٠٣/<br />
.٢٠٠٣ /<br />
.٢٠٠٠ /<br />
أيار/ ٢٠٠٣.<br />
١٦<br />
١٧<br />
١٩<br />
مسعود ضاهر: الحملة العسكرية على العراق، <strong>في</strong>: تاريخ العرب والعالم، العدد<br />
- لندن،<br />
،(٢٠٣) أيار / .٢٠٠٣<br />
٢٠<br />
مسلم شلتوت: آليات الحرب الإلكترونية، <strong>في</strong>: المجلة<br />
العدد<br />
مصطفى بدر: الإعلام <strong>في</strong> الحرب على العراق، <strong>في</strong>: النور، العدد<br />
أيار<br />
ميشيل راتنر: ضد الحرب <strong>في</strong> العراق، ترجمة إبراهيم الشهابي، <strong>دمشق</strong>، دار<br />
الفكر، الطبعة الأولى /٢٠٠٣.<br />
٢٣ نعوم تشومسكي: الحرب الأمريكية على العراق، ترجمة ناصر يونس، <strong>دمشق</strong>،<br />
دار الفكر، الطبعة الأولى<br />
المراجع باللغة الألمانية:<br />
،( ١٤٤)<br />
١- Der Spiegel Nr. (١٩١), ٢٠٠٣, ٠٥,٠٥,٢٠٠٣.<br />
.٢٠٠٣ /<br />
.٢٠٠٣/ ،(١٢١٦ )<br />
. ٢- Siegwart Gunther:Vor dem dritten Golfkrieg, Berlin, ١٩٩٨.<br />
.٢٠٠٣/<br />
٢١<br />
٢٢<br />
تاريخ ورود ال<strong>بحث</strong> إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />
.٢٠٠٣/٦/٢١<br />
١٤٣