ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﺒﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎل

ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﺒﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎل ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻹﺒﺩﺍﻉ ﻭﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﺒﻤﻔﺎﻫﻴﻡ ﺍﻟﻔﻥ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎل

26.04.2015 Views

مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤ الرباعي إحسان عرسان الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال الدكتور * إحسان عرسان الرباعي الملخص جاءت فكرة هذه الدراسة بوصفها مشروعا ً بحثيا ً علميا ً متكاملا ً على قاعدة أساسية قوامها : - اثر الحرية في ابتكار حالة التوأمة الطبيعية بين الثقافتين الإبداعية البصرية،‏ والإبداعية الفكرية من خلال علاقتهما بالمبدعين من فنانين ومثقفين وعلاقتهما بالبيئة والثقافة على قاعدة التواصل والاتصال وذلك في محاولة جادة لاستعادة دور الدراسات الإبداعية باعتبارها أحد المحاور التي تلتقي عليها مؤتمرات الحضارات والثقافات لكي تعيد الاعتبار إلى لغة الفكر والحوار الحر،‏ وتعزز التمسك بالقيم والأخلاق والتراث.‏ وترفع راية الثقافة الإبداعية الحرة في محاولاتها الجادة للكشف عن تنوع الاتجاهات المعاصرة التي تزاوج بين الأصالة والحداثة،‏ والمهنة والاحتراف،‏ والفن والإبداع،‏ والجمال والخير والحرية....؟ فانطلقت هذه الدراسة للإجابة عن تساؤلات محددة:‏ كيف ظهر الإبداع في حياة البشر وهل للحرية دور فيه؟ * كلية الفنون الجميلة - جامعة اليرموك ١٩٥

مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم<br />

الفن والجمال<br />

الدكتور<br />

*<br />

إحسان عرسان الرباعي<br />

الملخص<br />

جاءت فكرة هذه الدراسة بوصفها مشروعا ً بحثيا ً علميا ً متكاملا ً على قاعدة<br />

أساسية قوامها<br />

:<br />

-<br />

اثر الحرية في ابتكار حالة التوأمة الطبيعية بين الثقافتين الإبداعية<br />

البصرية،‏ والإبداعية الفكرية من خلال علاقتهما بالمبدعين من فنانين ومثقفين<br />

وعلاقتهما بالبيئة والثقافة على قاعدة التواصل والاتصال وذلك في محاولة جادة<br />

لاستعادة دور الدراسات الإبداعية باعتبارها أحد المحاور التي تلتقي عليها مؤتمرات<br />

الحضارات والثقافات لكي تعيد الاعتبار إلى لغة الفكر والحوار الحر،‏ وتعزز التمسك<br />

بالقيم والأخلاق والتراث.‏ وترفع راية الثقافة الإبداعية الحرة في محاولاتها الجادة<br />

للكشف عن تنوع الاتجاهات المعاصرة التي تزاوج بين الأصالة والحداثة،‏ والمهنة<br />

والاحتراف،‏ والفن والإبداع،‏ والجمال والخير والحرية....؟ فانطلقت هذه الدراسة<br />

للإجابة عن تساؤلات محددة:‏<br />

كيف ظهر الإبداع في حياة البشر وهل للحرية دور فيه؟<br />

*<br />

كلية الفنون الجميلة - جامعة اليرموك<br />

١٩٥


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

-<br />

-<br />

كيف استطاع الوعي البشري أن يبتكر الإبداع الفني تحديدا ويشكله من خلال<br />

علاقته المعقدة بالطبيعة؟<br />

ما الذي طرأ على رحلة الوعي البشري في هذا المقام من أطوار<br />

- هل للحرية إسهام إيجابي في تحديد رؤية الإنسان للعالم وصياغتها؟<br />

شكلت هذه الأسئلة بحدودها فرضيات الدراسة بالاستناد إلى التفسير والتوضيح<br />

لدور الإبداع الحقيقي الحر في رحاب الفن والأدب وكل ذلك ضمن محاولة جادة في<br />

تفسير بعض المدلولات والمصطلحات من جهة ثم تسخيرها مجتمعة للإجابة عن أهمية<br />

الحرية ومناخ التفكير الإبداعي الحر وانعكاسه على تفكير الفرد سواء أكان ناقدا ً<br />

مفسرا ً أم فيلسوفا ً محللا ً أم فنانا ً منتجا أم متلقيا ً ذواقا ً.‏<br />

١٩٦


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

المقدمة<br />

كيف ظهر الإبداع في حياة البشر وهل للحرية دور فيه؟ وكيف استطاع الوعي<br />

البشري أن يبدع الفن تحديدا ً ويشكله من خلال علاقته المعقدة بالطبيعة؟ وما الذي طرأ<br />

على رحلة الوعي البشري في هذا المقام من أطوار؟ من بداية وجود الإنسان كائن ًا<br />

حيا ً،‏ فهو جزء من الطبيعة لا يتميز عنها ولا يتناقض معها،‏ إلى أن خطا خطواته<br />

الأولى على طريق الانفصال عن الطبيعة،‏ والسيطرة عليها،‏ وتكوين الجماعة التي<br />

أصبحت تكوّن بدورها الإنسان نفسه،‏ وتشارك في صوغ رؤيته للعالم ولا ننسى ما<br />

للحرية من أهمية في تعزيز هذه الأبعاد؟ وكيف زادت هذه الرؤية تعقيدا ً بما واجه<br />

الإنسان على الأرض من تغيرات اجتماعية وفكرية؟ وهل للحرية إسهام إيجابي في<br />

هذا البعد؟ وبما حقق من إنجازات علمية وتقنية كان لها جميعا ً ابلغ الأثر في تكييف<br />

التحولات المستمرة للعلاقة الجدلية بين الوعي والواقع ومن ثم في تشكيل الإبداع<br />

عامة،‏ وفي<br />

الإبداع الفني<br />

خاصة.‏ وفي هذه الفلسفة المعرفية"‏ نرى الفلسفة وعلم<br />

الجمال،‏ وعلم الأساطير،‏ وعلم الثقافات،‏ وعلم النفس،‏ وتاريخ الفن...‏ تترك آثارها في<br />

شتى المجالات المعرفية ذات الصلة بدارسة كينونة الإنسان وحريته وتكامل<br />

١<br />

شخصيته"‏ .<br />

وتتضمن هذه الدراسة رؤية تحليلية راصدة لهذه القضايا،‏ تقوم فيها الأسئلة<br />

المذكورة سابقا ً بدور حدود البنية الموضوعية والمنهجية في الدراسة.‏ وتسعى الدراسة<br />

إلى تعزيز الوعي الإنساني بالإبداع الفني من خلال تشخيص العلاقة المعقدة بين المادة<br />

١<br />

رينيه،‏ ويليك،‏ مفاهيم نقدية،‏ ترجمة محمد عصفور،‏ سلسلة عالم المعرفة،‏ عدد<br />

(١١٠)، الكويت،‏<br />

(١٩٨٧)، ص(‏‎٣٥٨‎‏).‏<br />

١٩٧


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

والفكر والفعل،‏ بهدف الوقوف على العلاقة بين المعرفي والإبداعي في تحقيق أكبر<br />

قدر من الحرية الإبداعية.‏<br />

جمالية الإبداع الحقيقي:‏<br />

يأتي نور الإبداع الحقيقي من ظهور الفن و الأدب في جو من الحرية،‏ ومن<br />

وجهة النظر الجمالية."‏ لا يستطيع - الفكر المنطقي<br />

واختلاقات الإنسان القديم ‏(اللامعقولة)‏<br />

- استيعاب "<br />

التخيلات الخارقة<br />

"<br />

٢<br />

وخرافاته."‏<br />

في حين يستطيع الإبداع الفني أن<br />

يستوعب ويفهم الأساطير والخرافات والافتراضات الساذجة حول الكون أو يتصور ما<br />

يحدث في العالم الآخر"‏ في شكل الرحلات الخيالية لهذا العالم في الآداب المختلفة ومن<br />

٣<br />

أشهرها رحلة المعري ودانتي."‏ لذا كان اقدم تاريخ للوعي هو"‏ تاريخ الفكر المجازي<br />

‏(الإبداعي الفني)‏ الذي ينطوي على ما للعمل الإبداعي من أسرار كثيرة طمستها،‏ مع<br />

٤<br />

الزمن،‏ تراكمات بالغة التعقيد."‏ لأن الإبداع الفني نوع راق من أنواع العمل<br />

الاجتماعي ومادة البناء في الأثر الفني هو الخامة - أي الشكل المتميز للوعي<br />

– الذي<br />

يشكل جزءا ً أساسيا ً إلى جانب المحتوى وأنه لا وجود لأي منهما دون الآخر،"‏<br />

واستخلاص الواحد من الآخر قتل<br />

جاءت<br />

٥<br />

للاثنين"‏ ولما كان عمل الإنسان هو فعل واع<br />

الروح أو جاء الوعي،‏ يبرز نفسه على السطح،‏ بإصرار متزايد بوصفه<br />

مصدر القيمة الاجتماعية.‏ إذن ‏(الفعل بداية الوجود)‏ ويبدو جوهر الفعل البشري،"‏<br />

بإدخال<br />

٦<br />

النظام والغائية والانسجام والجمال إلى فوضى الطبيعة"‏ وهي غائية العمل<br />

البشري استمرار ‏(غائية الطبيعية)‏ إذ عبر ماركس عن هذه الفكرة بالذات ‏"حين حدد<br />

٢<br />

٣<br />

٤<br />

٥<br />

٦<br />

سالم،‏ محمد عزيز نظمي،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ دار المعارف ، مصر،‏<br />

عيد،‏ صلاح،‏ العلاقة بين العلوم والفنون،‏ مجلة الثقافة،‏ القاهرة،‏ عدد<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص(‏‎٢‎‏).‏<br />

(١٩٧٨)، ص(‏‎٥٢‎‏).‏<br />

،(٢٤) ،(١٩٧٥) ص(‏‎٩٠‎‏).‏<br />

Harold, asborne, Aesthetics and criticism, london ١٩٥٥ , P٢٨٩<br />

خميس،‏ حمدي،‏ أسلوب الابتكار،‏ دار المعارف،‏ مصر،‏ د،‏ ت،‏ ص<br />

.(٣٤)<br />

١٩٨


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

جوهر النشاط<br />

٧<br />

الإنساني بوصفه العمل طبقا ً لقوانين الجمال"‏ في حين كان يقصد بذلك"‏<br />

قدرة الإنسان على الإبداع تميزا ً عن الحيوان الذي لا يستطيع أن ينفصل عن معيار<br />

٨<br />

حاجاته الخاصة في تعامله النفعي المحض عن أشياء الطبيعة"‏ . مما يعني ميلاد<br />

فضاء جديد من الحرية الكافية لإطلاق خيال الفنان وفكره معا ً.‏ ويجري الإبداع على<br />

حسب قدرة الإنسان على تعرية ما هو ‏(كامن)‏ في الطبيعية من معيار وانسجام وعقل<br />

ومشروعية وإظهاره.‏<br />

فبواسطة العمل تحديد ًا - الفعل الغائي الخاص – بالطبع"‏ وطبقا ً لقوانين الجمال<br />

٩<br />

تتكشف للإنسان غائية الطبيعة وعقلانيتها"‏ . ومن هنا نبعت وولدت شتى الصيغ<br />

والأفكار المثالية في تفسير الكون<br />

:<br />

ابتداء من الأعداد والانسجام في المذهب<br />

الفيثاغورسي،‏ وإخوان الصفا،‏ ومن الفكرة الأفلاطونية حتى الانسجام الأزلي عند<br />

ليبنتس وللماهية<br />

‏–الذات ‏(الفكرة)‏ في المدرسة الهيغلية أما أرسطو في مقولته"‏ ‏(الشكل<br />

الناشط)‏ أو الفاعل التي تغير المادة السلبية للطبيعة فقد استشف ممارسة حرية الإنسان<br />

١٠<br />

الاجتماعي التي تحتجب وراء الكون."‏ إن مقولة الجميل تكمن في جوهر العمل<br />

البشري الذي تنطوي طبيعته على مبدأ جمالي منذ المراحل المبكرة للإبداع الفني على<br />

خلق منظومة متشعبة من فروع الفن وضروبه لقد ورثنا منظومة فروع الفن وأنواعه<br />

التي لدينا عن العهود الماضية وعن أولئك الذين سبقونا خلال تاريخ الفن والإبداع<br />

٧<br />

ولسون،‏ كولين،‏ المعقول واللامعقول،‏ ترجمة انيس زكي حسن،‏ دار الاداب بيروت،‏<br />

(١٩٧٢)، ص<br />

Helmut A. Hatzfeld literature through Art, New York (١٩٥٢), p (٨٠)<br />

.(٥)<br />

٨<br />

٩<br />

نورث،‏ التطور في علاقته الفلسفية الطبيعية وفلسفة الثقافة<br />

في امريكا)‏ ستوبرسفز نيوهفين،‏<br />

. ص(‏‎٤٤٤‎‏)،‏<br />

،(١٩٥٠) ص .(٨٤-٤٤)<br />

‏(كتاب الفكر التطوري<br />

J w.H Atkins, literary criticism in Antiquary, Cambridge, (١٩٣٢), p,(٢٣) p,<br />

(٢٨١)<br />

١٠<br />

١٩٩


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

والحضارة.‏ هنا تولد جميع قضايا الفن والإبداع الجمالي المعاصر باعتبار الفن معرفة<br />

والحرية محراب الإبداع الفني والجمالي.‏<br />

الفنان والأصالة الإبداعية<br />

إن حرية إبداع الفنان هي استمرار لإبداع الطبيعة.‏ ويعبر ذلك عن جوهر فن<br />

العصر الحديث الذي"‏ يصبح شكلا ً للوعي الاجتماعي يتمتع بالحرية والاستقلال<br />

١١<br />

النسبي"‏ . ومن هنا تعد ُّ مقولة السامي"‏ هي المقولة الجمالية المميزة للعصر الحديث<br />

١٢<br />

وليس مقولة الجميل التي هي ميزة للمرحلة القديمة"‏<br />

تحقق الحرية.‏<br />

ويرتبط الفارق في ذلك بمدى<br />

وبقدر ما تعدّ‏ المبدع هو الأصل في العمل بقدر ما يكون العمل الإبداعي<br />

معبرا ً عن الأصل فإذا كنا نلمس مدى أصالة الإبداع الفني عند المبدعين من خلال<br />

منجزاتهم الإبداعية ومدى حريتهم بالتفكير والأداء.‏ فما هو الأمر الذي يلتقي عنده أو<br />

يختلف فيه كل من الفنان المبدع والحرفي التقليدي.‏<br />

لا شك في أن المصنفات الفنية والصناعات الحرفية تتمثل فيها خاصية الشيئية<br />

فالشيء ماثل في كل عمل فني،‏ تمثال،‏ لحن،‏ لون،‏ كلمة.‏ كما أن خاصية الشيئية تتمثل<br />

في الإنتاج الحرفي اليدوي،‏ ولكن ليست هذه الخاصية هي المدى الذي يقف عنده<br />

العمل الفني الإبداعي إذ إن الإبداع يتجاوز مجرد الشيئية لان الفنان المبدع لا يعنيه<br />

الشكل الخارجي فحسب بل يحاول أن يرى الأشياء من خلال معطيات الحس ونقاء<br />

الرؤية الجمالية المتميزة عن العمل ذاته وبشكل حر،‏ فالعمل الإبداعي بوصفه أثرا ً<br />

لعملية خلاقة ابتكارية،‏ يتصف بالتجديد والتميز والحرية فيشدنا إليه نتأمله ونفاخر به<br />

١١<br />

ص<br />

أبو زيد،‏ زكي،‏ الظاهرة الإبداعية،‏ مجلة عالم الفكر،‏ الكويت،‏ عدد(‏‎٤‎‏)،‏ مجلد<br />

،(١٩٨٥) ،(١٥)<br />

. (٩٢٧)<br />

١٢<br />

سالم،‏ الإبداع في عالم الجمال،‏ ص(‏‎١١-١٠‎‏)‏<br />

٢٠٠


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

رغم عنصر الغرابة فيه والسعي الجاد ‏"ليتلاءم التصميم مع الغرض الوظيفي والناحية<br />

١٣<br />

الجمالية"‏ . إن المتأمل لأسلوب العمل الإبداعي ذاته من جهة الأسلوبية التقنية يلاحظ<br />

انه يشبه أسلوب العمل الحرفي اليدوي فعنده-‏ يأ<br />

١٤<br />

والحرفي"‏ . وإذا نظرنا<br />

إلى<br />

أسلوب العمل<br />

–<br />

‏"يلتقي المبدع<br />

تطور الفن التشكيلي مثلا ً ، فإننا ندرك أن نقطة الانطلاق<br />

تبدأ من الموهبة الإنسانية أو القدرة الإبداعية على التشكييل والتكوين وتوفير أكبر قدر<br />

من الحرية للفنان،‏ وفيما يتمثل هذا الإنسان المبدع من موضوعات العالم الخارجي أو<br />

التخيل الإبداعي فإن ما يشاهده المبدع من أشياء وخيالات تثير طاقاته الفنية وسط<br />

حالة من التوتر النفسي الذي يحرك كيانه ووجدانه ويحوله إلى حركات وعمليات<br />

إبداعية استجابة لهذه الرؤى والتخيلات والأحاسيس دون حد من مناخ الحرية وعندها<br />

تولد " التجربة الإبداعية<br />

١٥<br />

Process) "(creative . إنه في تلك الحالة الوجدانية التي<br />

يشعر بها المبدع أن العمل الفني الذي يبدعه هو رغبته الملحة أولا ً ولا يقدر المبدع<br />

أمامها المقاومة فيلتقي بموضوعات الرؤيا الجمالية الخارجية،‏ محدثا ً لها حالة إبداع<br />

حر من جديد وهذا فرق أساسي بين الفنان المبدع والصانع الحرفي.‏<br />

كيفية عملية الإبداع أو الخلق<br />

إن الفنان التشكيلي المبدع يحاول إعادة التشكيل لإبداعه الفني مستغلا ً في<br />

ذلك الوسيط أو الخامة ليظهر العمل الفني محققا ً للصورة الأولية التي كانت موضوع<br />

حدس الفنان وتتدخل المادة بوصفها معامل ارتباط أصيلا ً في التجربة الإبداعية<br />

يكشف عن ثرائها حس الفنان المبدع المرهف فتتيح له ممارسة قدراته على التشكيل<br />

والتعبير والابتكار بحرية واستجابة متوترة وسط إحساس مليء " بأن الفن وسيلة<br />

قشلان،‏ ممدوح ، أصول تدريس الفنون لدور لمعلمين،‏ دمشق<br />

(١٩٨٢)، ص(‏‎٢٣‎‏)‏<br />

الدروبي،‏ سامي ‏(ترجمة)،‏ المجمل في فلسفة الفن،‏ تأليف،‏ كروتشة القاهرة،‏ د.ت،‏ ص<br />

.(٥٥)<br />

١٣<br />

١٤<br />

أبو زيد،‏ الظاهرة الإبداعية،‏ ص(‏<br />

.(٩٢٩<br />

١٥<br />

٢٠١


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

لتكوين الإنسان الذواق للقيم الجمالية عن طريق تنمية التعبير الإبداعي الابتكاري<br />

١٦<br />

الحر"‏ .<br />

إننا نلاحظ مثلا ً أن سطح القماش الأملس ربما لا يكون ملائما ً لنرسم فوقه رسما<br />

لشجرة ملمسها خشن متنوع وسرعان ما يطوع الفنان المبدع هذا السطح فيجعله<br />

ملائما ً جدا ً لعمل صورة الشجرة الخشنة الملمس " وهذا ما يعرف لدى الفنانين أو<br />

١٧<br />

المبدعين بملمس السطح"‏ . وبمعنى أشمل إننا نلاحظ أن في قدرة الفنان وسيطرته<br />

على الخامة أو المادة تسجيلا ً لانتصار الفنان على الطبيعة من حيث ‏"قدرته الخلاقة<br />

١٨<br />

التي تهدف إلى تحقيق الفعل الإرادي الذاتي إلى إبداع عالم ليس كالعالم الخارجي"‏<br />

يستهدف تأكيد الوجود الإنساني في مساراته وانطلاقاته الخصبة نحو العمل والفكر<br />

والاختراع والكشف والخيال والوعي والتقدم والحرية.‏ وتنمية المدارك الذهنية<br />

والذوقية والحسية بما يؤكد قيم هذا الوجود الإنساني من حرية الفنان المبدع وحقه،‏<br />

وخيره،‏ وجماله،‏ ومعرفته،‏ وموقفه من شكل الأشياء الخارجية التي ‏"يمكن إدراكها<br />

إدراكا ً حسيا ً من<br />

١٩<br />

زاوية الخط أو السطح أو البنية أو وظيفته أو حركاته وسكونه"‏<br />

ليس موقف المعبر عن جوهر الأشياء كما هي فحسب بل يحس بأن الأشياء كما تبدو<br />

في الطبيعة ليست كاملة أو متكاملة فيحاول إتمامها أو إكمالها أو إيضاحها مستخدما ً<br />

في ذلك الخبرات الجمالية وحصيلة احتكاكه المستمر والدائم بعالم الحس واللون<br />

‏،والحركة،‏ حيث يتم التواصل"‏ وتنشأ علاقة بين الفنان وموضوع الرؤيا الجمالية التي<br />

يشعر بها وتتميز تجربته الجمالية<br />

٢٠<br />

بالانتباه والانفتاح"‏ وبقدر أصالة الذوق ورهافته<br />

صالح،‏ قاسم حسين،‏ في سيكولوجية الفن التشكيلي،‏ دار الشؤون الثقافية،‏ بغداد<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص(‏‎٤‎‏).‏<br />

ديوي،‏ جون،‏ الفن خبرة،‏ ترجمة زكريا إبراهيم،‏ دار النهضة القاهرة،‏ ص(‏‎٨٧‎‏).‏<br />

هويسمان،‏ دني ، علم الجمال،‏ ترجمة أميرة حلمي مطر،‏ القاهرة،(‏‎١٩٨١‎‏)،‏ ص(‏‎٥٧‎‏).‏<br />

(١٩٩٩)، ص(‏‎٥٨‎‏).‏<br />

أبو ريان،‏ محمد علي،‏ فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة،‏ دار المعارف،‏ مصر،‏ د.ت،‏ ص(‏‎٨٧‎‏).‏<br />

١٦<br />

١٧<br />

١٨<br />

١٩<br />

٢٠<br />

٢٠٢


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

ومدى الحرية<br />

لدى الفنان المبدع يكون أقدر على الاستجابة والتأمل فيغور في<br />

أعماق الأشياء ويميّز الحقيقة من الواقع والباطن من الظاهر.‏<br />

إن أولى بدايات عملية الإبداع والابتكار الحرية أولا ً وفعل الاستغراق ثانيا ‏"وهو<br />

يكمن في إحساس المبدع الباطني بالصورة الجمالية في سياق التكونيات وكتلة من<br />

٢١<br />

الإطارات غير الواضحة"‏ وخلال هذا الاستغراق تنصهر الصورة في ذات الفنان<br />

فيتولد عن ذلك نوع من الاتحاد بين الشيء والفنان يستقطب كل منهما الآخر،‏ ومن<br />

هذا العراك يملك الفنان قدرة التعبير الحر عن الصورة أو إرادته في كشف الضبابية<br />

عن الصورة،‏ وعلى هذا الأساس فحينما يبدأ الفنان في التعبير عن الصورة تخرج<br />

حاملة لونه نتيجة للاختيار الشعوري الذي سبق الولادة الفنية المبكرة والذي يصاحبها<br />

من خلال ‏(الاسكتشات)‏ أو التجارب التشكيلية.‏<br />

ونلاحظ في النهاية أن الصورة أصبحت هي الصورة الخارجية مضافا إليها<br />

الفنان نفسه فيكون عندها هذا عملا ً فني ًا له طابعه الفريد المتميز ودلالته الواضحة-‏ يأ<br />

" عملا ً إبداعي ًا-‏<br />

هو الإنسان نفسه<br />

٢٢<br />

مضاف إلى الطبيعة"‏ . هذا من حيث التخطيط العام<br />

لأسلوب الإبداع.‏ ولكن قد تختلف النزعات والمدارس والاتجاهات الفنية تبعا ً لإبرازها<br />

أحد عناصر العملية الإبداعية دون الآخر أو تبعا لمدى إعطاء الفنان قدرا ً من الحرية.‏<br />

كاهتمام بعضهم بالشكل الخارجي وبعضهم الآخر بالمضمون فلا يأتي عمل الأول<br />

موضوعيا ً ولكنه يتسم بالصبغة الإبداعية التشكيلية للظاهرة الجمالية ومثلهم حال<br />

أنصار النزعة المعمارية أو الهندسية الذين يركزون عنايتهم بقضايا الضوء واللون<br />

" والتحليل<br />

كما هو عند الانطباعيين أو التأثيريين<br />

محدثين لوحات تمت إلى التأمل أكثر<br />

بهنسي،‏ عفيف،‏ علم الجمال عند أبي حيان التوحيدي،‏ وزارة الإعلام،‏ بغداد،‏<br />

(١٩٨٦)، ص(‏‎٤٤‎‏).‏<br />

٢١<br />

٢٢<br />

مولد،‏ جوزيف آميل،‏ الفن في القرن العشرين،‏ ترجمة مهاة الخوري،‏ مرجع عدنان البني،‏ دمشق،‏<br />

(١٩٧٦)، ص(‏‎١٥‎‏).‏<br />

٢٠٣


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

على<br />

٢٣<br />

مما تمت إلى ما يسمى عادة بالواقعية"‏ في حين يأتي بعضهم الآخر مهتما بماهية<br />

الأشياء أو بالبحث في طبيعتها دون الاهتمام بأصولها الفنية وأساليبها التقنية ومن<br />

أولئك أصحاب النزعة التعبيرية،الوحشية وأنصار السريالية أولئك الذين تقتصر رؤاهم<br />

إظهار المضمون العقلي للموضوع أو العمل الإبداعي،‏ والانتهاء ‏"إلى إدخال<br />

٢٤<br />

مبادئ جديدة في كل مجال من مجالات الإبداع الفني"‏ . ومن هنا يظهر أو يتحدد<br />

مدى الاختلاف بين المبدعين من خلال درجة التأثير أو شدته أو معاناة التجربة<br />

الإبداعية وأسلوب التعبير عن العمل الفني أو الرؤى الجمالية فيه ففي محاولة استقراء<br />

حالات العمل الفني<br />

"<br />

تجربته في الإبداع والخلق<br />

هذه الناحية في صنفين أو اتجاهين هما<br />

الاتجاه الأول :<br />

:<br />

نتعرف إلى تاريخ العمل الفني من خلال الفنان المبدع ونكتشف<br />

٢٥<br />

والابتكار"‏ . وعليه يمكن تصنيف الفنانين المبدعين من<br />

يحرص على ترجمة الانطباعات والتأثيرات ترجمة مباشرة و فورية من خلال<br />

العمل الإبداعي نفسه وكأن العمل الفني يقفز من خلال الرؤيا الجمالية المباشرة على<br />

موضوع العمل الإبداعي أو الفني.‏<br />

الاتجاه الثاني:‏<br />

يعاني من هذا التأثير ثم تنقضي عليه مدة ما من المعاناة ينضج بها العمل<br />

الفني الإبداعي قبل أن تتحقق الصورة ويمكنهم التعبير عنها فالشكل ينمو تدريجي ًا<br />

ويضيفون<br />

إلى الصورة عناصر أخرى من سابق خبراتهم وتجاربهم ويعالجون<br />

موضوعاتهم من محصلة أعمالهم السابقة " ويقومون بمحاولات من الحذف أو<br />

مولد،‏ الفن في القرن العشرين،‏ ص(‏‎٦‎‏).‏<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص(‏‎٢٧-٢٦‎‏).‏<br />

مولد،‏ الفن في القرن العشرين،‏ ص<br />

.(٢٠-١٩)<br />

٢٣<br />

٢٤<br />

٢٥<br />

٢٠٤


لابا<br />

مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

٢٦<br />

الإضافة حتى يصلوا إلى ما كانوا يبحثون عنه إلى حد ما"‏ وهذا يدفع إلى سؤال :<br />

هل يبدع الفنان الصورة ويترجم عنها بطريقة فورية مباشرة وكاملة؟ أي إن الإبداع<br />

لا يكتمل دفعة واحدة وإنما يمر بمراحل معينة تنتهي بتكامل الصورة<br />

– واترك<br />

الإجابة للمتلقي ‏–يمكن فهم طبيعة العمل الفني وحقيقة الإبداع بعد اتخاذ موقف جمالي<br />

واضح ومحدد.‏ ‏"وحاجة الفنان المبدع في هذا الموقف لا تقل عن حاجة الناقد،‏<br />

٢٧<br />

الفيلسوف،‏ عالم النفس وعالم الاجتماع"‏ من حيث دلالة العمل الفني الذي يعبر عن<br />

رؤى جمالية مباشرة في الحياة يتقدم بها الفنان المبدع الذي صهرته التجربة وأنضجه<br />

التحصيل فتولد منذ ذلك الإبداع الحر.‏<br />

وعند محاولة تفسير هذا الموقف يلتقي الإبداع الفني والفلسفة من خلال الظواهر<br />

أو التيارات الجمالية في لون من ألوان التعبير الجمالي هو ‏(حرية الإبداع)‏ فيما يتصل<br />

٢٨<br />

‏"بالمؤثرات الحضارية من البيئة الطبيعية،‏ التنشئة الاجتماعية والجنس وغيرها"‏ .<br />

وقد يشارك في تفسيرها الفيلسوف الذي يعني بالقيم من حرية،‏ جمال،‏ حق،‏ خير،‏<br />

وعالم الاجتماع أو الأنثروبولوجي الذي يدرس الظواهر الفنية من خلال البناء<br />

الاجتماعي الذي يعنى بتفسير النشاط الفني من خلال السلوك النفسي وبراعته<br />

ستجابة،‏ وكذلك الناقد الذي يقيم ويقرر أحكام ًا جمالية على أعمال الفنية،‏ ومثله<br />

الفنان الذي ينفذ العمل الفني بشفافية وإحساس مرهف ومشاعر فياضة،‏ ومثله أيضا ً<br />

المتذوق أو ما نسميه بالمتلقي المشاهد الذي يبدي إعجابه أو عدم رضاه عن العمل<br />

الفني الجميل وهو عالم الآثار الذي يكشف عن الطرز الفنية على مر العصور<br />

٢٦<br />

وطفة،‏ علي،‏ المظاهر الاغترابية في الشخصية العربية،‏ عالم الفكر،‏ مج(‏‎٢٧‎‏)،‏ عدد<br />

ص(‏‎٢٤٦‎‏)‏<br />

،(١٩٩٨)،(٢)<br />

٢٧<br />

أمهز،‏ محمود:‏ الفن التشكيلي المعاصر<br />

الاغترابية في الشخصية العربية،‏ ص(‏‎٢٥١-٢٤٩‎‏).‏<br />

(١٩٧٠-١٨٧٠)<br />

انظر ص<br />

(٩-٧)<br />

٢٨<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص(‏‎٨٧‎‏).‏<br />

وطفة،‏ المظاهر<br />

٢٠٥


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

التاريخية والأزمان وهو عالم الدين:‏ الذي يصدر الفتوى بما هو حرام،‏ أو حلال من<br />

أشياء جميلة فاضلة أو غير فاضلة،‏ وهو المفكر السياسي الذي يعنيه من العمل الفني<br />

مدى خدمته لقضية ما وما يجب أن يلتزم فيه الفنان في عمله الإبداعي.‏<br />

أعتقد أنه إذا ما توافر جو من الحرية كان هؤلاء هم المبدعين لأنهم جميعا ً<br />

يتصلون بجانب واحد من جوانب المشكلة ولكن حقيقة الأمر " إن أحدا ً منهم لا يستطيع<br />

٢٩<br />

أن يغطي المشكلة الجمالية مجتمعة"‏ .<br />

لذا تأتي هذه<br />

الدراسة لتنفرد بطرافة الموضوع وصعوبته أيضا ً إذ تتخذ منهجا ً<br />

جديدا ً في معالجة مشكلة الإبداع الفني من خلال المؤثرات الحضارية،‏ والدراسة<br />

الفلسفية لمفهوم الإبداع بتناولها النشاط الإبداعي للتيارات الجمالية السائدة وقد استوجب<br />

ذلك منهجا ً متكاملا ً يمثل اللقاء بين الفلسفة والاجتماع وعلم النفس مع ممارسة ألوان<br />

النشاط الفني خاصة التعبير الفني الجمالي.‏ ونعني بذلك أن طرائق البحث تستند إلى<br />

دعامتين هما المؤثرات الحضارية والتيارات الجمالية وسط منهجي الفلسفة والتجريد<br />

ولكل منهما دلالتها وسط آراء متعددة ومواقف متضادة نحو تفسير ظاهرة الإبداع<br />

الفني من حيث هي:‏<br />

الإبداعية لها مقومات أساسية يمكن تحدديها ب<br />

فعل إنساني حر ونشاط حيوي خلاق إذ نرى أن العملية<br />

٣٠<br />

:<br />

:<br />

الفنان ١-<br />

حريته.‏<br />

ممتلئ بذاته وقدراته واستعداداته وحدسه ورؤاه وملاحظاته ومدى<br />

-٢<br />

الخبرة الجمالية:‏ وتشمل التعبير ومعرفة الأصول والقواعد والتقاليد الفنية<br />

الموروثة والمهارة والتكنيك.‏<br />

٢٩<br />

دني،‏ هويسمان،‏ علم الجمال،‏ ترجمة ظافر الحسن،‏ منشورات عويدات،‏ بيروت،‏<br />

(١٩٨٣)، ص<br />

.(١٧)<br />

أبو زيد،‏ الظاهرة الإبداعية،‏ ص(‏‎٥‎‏).‏<br />

٣٠<br />

٢٠٦


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

: المادة<br />

وتسمى بالوسيط المادي المحسوس أو الخامة ‏(مادة،‏ لون،‏ كلمة…‏<br />

.(<br />

-٣<br />

: الصورة -٤<br />

ويقصد بها موضوع الحدس الجمالي أو محصلة الرؤية الفنية<br />

للفنان المبدع من خلال خياله الإبداعي ووجدانه الجامع وحريته الفكرية<br />

والشخصية.‏<br />

وترتبط العملية الإبداعية بمدى قوة العلاقة الديناميكية الجمالية وصحتها بين هذه<br />

المقومات وسط عقل معرفي ووجدان متدفق يغاير الاعتقاد القديم الذي بقي سائدا ً لفترة<br />

من الزمن الذي كان يرى العمل الفني الإبداعي كائنا ً إلهيا ً يستوحيه الفنان من ربات<br />

الجمال والشعر وغيرها،‏ و ثمة خلط بين هذه النظرية وبين أصحاب النظرة الجمالية<br />

يتلخص في أن اصطلاح الإبداع أو الخلق قد اختلط بالمفهومات الدينية فأصبحت<br />

الكلمة تشير إلى معنى مقدس،‏ ‏"ولكن ثمة فارقا ً جوهريا ً واضحا ً بين الصنع<br />

(Fabrication)<br />

وبين الخلق<br />

٣١<br />

”(Creation) وللخروج من هذا التضارب يمكن القول ‏"إن<br />

٣٢<br />

الفنان يرسم لوحة أو ينحت تمثالا ً أو أن يقرض قصيدة أو يؤلف لحنا"‏ باعتبارها<br />

أفعالا يقصد بها تحقيق الشعور بالحرية بادراك إبداعي للفعل وبما سيتمخض عن هذا<br />

الفعل الإبداعي.‏ لذلك من الأفضل أن نستخدم كلمة الإبداع بدلا من كلمة الخلق أو<br />

الصنع،‏ وذلك تجنبا لما قد ينتج من خلط بين المعنى الديني والمعنى الجمالي لكلمة<br />

خلق ومن ناحية أخرى فإن اللغة العربية ثرية في مفرداتها واشتقاقاتها بحيث ‏"يمكن<br />

٣٣<br />

استعمال مصطلح الإبداع للدلالة على العمل الفني الابتكاري"‏ . إن نقطة الانطلاق أو<br />

البداية في العمل الإبداعي الفني هي توافر شحنة انفعالية كافية عند الفنان المبدع تؤدي<br />

إلى رسم صورة لهذا العمل في عقل الفنان فيكون عندها مشهدا خياليا في مخيلته فإذا<br />

٣١<br />

جبران،‏ سمار ‏(ترجمة)‏ ستلاند،‏ جوردن،‏ مشكلة الإبداع الفني،‏ عالم الفكر المعاصر،‏ عدد(‏‎٦٨‎‏)،‏<br />

(١٩٧٠)، ص(‏‎٦٠‎‏).‏<br />

٣٢<br />

٣٣<br />

أبو زيد،‏ مرجع سابق،(‏‎٨-٧‎‏).‏<br />

أمهز،‏ الفن التشكيلي المعاصر،‏ ص(‏‎٣٨-٣٦‎‏).‏<br />

٢٠٧


وك"‏<br />

الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

ما فرغه في عمل ملموس اصبح العمل حقيقة.‏ فالمبدع ينشئ مخططا للفكرة أو<br />

اللوحة…ويكون بمنزلة مشروع تخطيطي في الذهن يفرغه على الورق ‏(اسكتش)‏ فإذا<br />

ما تم تنفيذه أو التعبير عنه انتقل إلى مرحلة تدعى ‏(التصميم إذ تجسم بشكل<br />

( Design<br />

خطوط سريعة في مادة محسوسة يمكن إدراكها حسي ًا،‏ وهنا لا بد من تدخل الخيال في<br />

الإبداع الفني وتوافر مناخ من الحرية الكامنة،‏ ذلك الذي لا يقيم فاصلا بين الحقيقي<br />

وغير الحقيقي من الموضوعات والصورة<br />

.<br />

ولا يؤمن أيضا ً بوجود حاجز أو مانع أو<br />

فاصل بين الرغبة والنفور،‏ إذ إن التجربة الخيالية الشاملة تتكون من تجربة حسية<br />

محدودة قد تكون رؤية أو مشاهدة حسية في ذات الفنان أقرب إلى التذكر لكنه يتميز<br />

بالتحوير والتبديل في العناصر والأشكال مضافا إليها " تجربة خيالية واسعة رحبة لا<br />

٣٤<br />

حدود لها وهي التجربة الإبداعية الأصيلة"‏ سمتها الإبتكارية والتميز.‏<br />

عن طريق<br />

تتكون الصورة الجمالية بعد اتحادها واندماجها بعنصر الخيال المبدع وتكتمل<br />

وشعور آخر<br />

بالمبدع نحو<br />

لدى المبدع)‏<br />

‏(التعبير الحر)‏ الذي يمارسه الفنان المبدع وسط شعور<br />

‏(بالقهر)‏<br />

ينازعه<br />

أحيانا أخرى،‏<br />

‏(التعبير الحر دون قيود أو قواعد أكاديمية).‏<br />

‏(بالحرية)‏ أحيانا<br />

‏"فثمة شعوران متناقضان الأول يدفع<br />

شعور والثاني:‏<br />

‏(بالانحسار<br />

يقيده في دائرة الصورة ويجعله أسيرا عديم القدرة على الانفلات منها<br />

٣٥<br />

تنعكس سلبيا على مشاعره الخلاقة واتجاهاته الابتكارية"‏<br />

.<br />

لذلك نجد أن الفنان<br />

المبدع هو إنسان دائم التوتر،‏ أحاسيسه متناقضة بين القدرة العظيمة والعجز القاتل،‏<br />

بين الشعور<br />

‏(بالحرية المطلقة)‏ وبين<br />

‏(القيود المكبلة)‏<br />

م يلاحظ مثل ذلك التناقض<br />

الوجداني لدى فئات من المبدعين في الفن التشكيلي الذي كان ينعكس في الحالة<br />

٣٤<br />

٣٥<br />

.(٤٧)<br />

ويليك،‏ مفاهيم نقدية،‏ ص(‏‎٤٧‎‏).‏<br />

مطر،‏ فلسفة الجمال من أفلاطون إلى سارتر،‏ ص(‏‎٣٧-٢٤‎‏)،‏ سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص<br />

٢٠٨


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

السلوكية بوضوح أمثال الفنان<br />

٣٦<br />

نفسه عن طريق الخلق الفني"‏ .<br />

دي لاكروا وفنست فإن<br />

كوخ وغيرهما.‏<br />

فهو يحمي<br />

وسط هذا المناخ للحالة الابتكارية للإبداع الفني يمكن تفسير مسألة الإبداع الفني<br />

وفعل المؤثرات الحضارية والتيارات الجمالية بين الصورة<br />

والتعبير.‏<br />

أو بمعنى آخر<br />

مشكلة وجود الأثر الإبداعي،‏ كيف ينشأ،‏ ولماذا يتغير،‏ وما هي غايته،‏ وهل يشترك<br />

مع غيره،‏ ساعيا إلى تحقيق كماله الوجودي،‏ والذي يتحقق بوساطة مبدع فنان عن<br />

طريق مجموعة من القدرات والقوى والاستعدادات تدفع بالعمل الإبداعي نحو الظهور<br />

والاكتشاف،‏<br />

وهذا ما أكده الفيلسوف الإسلامي ابن سينا في سياق فلسفته في الجمال<br />

والحب والخير حينما ‏"أكد تأكيدا ً واضحا ً على وجود دافع قوي جدا هو ‏(العشق)‏ الذي<br />

٣٧<br />

يدفع بالكائنات نحو الظهور والسعي لتحقيق الكمال الوجودي لذاتها"‏ ، مثلما<br />

الكائنات<br />

والمخلوقات تعشق<br />

يقرران<br />

الوجود،‏ فسائر المخلوقات من حيث هي غاية لوجودها<br />

نازعة إلى الظهور ولكنها غير قادرة على أن تحقق ذلك الكمال الوجودي.‏<br />

لكل هذا يجب النظر إلى العمل الإبداعي الفني باعتباره شيئا موجودا في ذات<br />

المبدع مصنوعا ً من عمل خياله،‏ وهو تجربة خيالية شاملة،‏ ‏"فاللوحة الفنية وحدها إذا<br />

ما تم عزلها عن التجربة الجمالية أو الفعل الإبداعي سقط وجودها بوصفها عملا ً فنيا ً<br />

مبدعا ً غاب عنها المعنى الصحيح للفعل الإبداعي<br />

الإبداع في الفن موهبة وراثية،‏<br />

بعض علماء النفس<br />

٣٨<br />

بمقاييس الإبداع الصحيح"‏ .<br />

إذ إن<br />

٣٩<br />

‏"وأحيان ًا هو حصيلة تجربة وخبرة مكتسبة"‏ . كما أن<br />

يربط الإبداع الفني بالكبت أو غياب الحرية وغيرة<br />

‏–مثل فرويد<br />

٣٦<br />

٣٧<br />

ويليك،‏ مفاهيم نقدية،‏ ص<br />

.(١٩-١٤)<br />

انظر مقاييس الإبداع الفني عند إبراهيم،‏ عبد الستار،‏ ثلاثة جوانب من التطور في دراسة الإبداع،‏<br />

عالم الفكر،‏ عدد<br />

(٤)، مجلة(‏‎١٥‎‏-‏ ١٩٨٥)، ص(‏‎٣٤-٣١‎‏).‏<br />

٣٨<br />

٣٩<br />

عاقل،‏ فاخر،‏ الإبداع وتربيته،‏ دار العمل للملايين،‏ بيروت،(‏‎١٩٧٥‎‏)،‏ ص(‏‎٩‎‏).‏<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص<br />

.(١٠)<br />

٢٠٩


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

الذي يعرف عمليات الخلق والإبداع الفني بأنها الوجه الآخر عندما يتعذر الإشباع<br />

الكامل للغرائز والرغبات في الحياة الواقعية لذلك جاء الإبداع عملية عقلية تعتمد على<br />

مجموعة من القدرات<br />

‏"تتميز بعدد من الخصائص أهمها<br />

الحساسية<br />

للمشكلات،‏<br />

٤٠<br />

الأصالة،‏ التميز،‏ المرونة"‏ . وكما يرى فريق من العلماء أن العائلة تؤدي<br />

أساسيا ً في تنشئة المبدعين،‏ ولها دورها في تزويد المجتمع ونظامه التربوي<br />

يحمل قدرات إبداعية ومن هؤلاء العلماء وايسبرغ،‏ سيرنجر وماكسينون وغيرهم.‏<br />

وفيما يتعلق بالعملية الإبداعية فإن الإبداع،‏ وفقا لعدد كبير من التعريفات،‏<br />

دورا ً<br />

بنش ْ<br />

‏"يأتي<br />

ليعبر عن ارتفاع القدرة على التفكير في نسق مفتوح،‏ كما يعبر عن الانفصال عن<br />

٤١<br />

الجوانب التقليدية"‏ .<br />

-<br />

فالإبداع<br />

٤٢<br />

‏"هو في حقيقته اختلاف وتجاوز للمعايير السائدة"‏ .<br />

ومن ثم هو حالة مثالية من الحرية أو فضاء رحب لممارسة العمل بحرية تامة.‏<br />

وهنا نتساءل:‏<br />

ما دور المؤسسات التعليمية في الإبداع الفني؟ هل للتعليم دور في تربية الإبداع<br />

الفني؟<br />

أن الإنتاج الفني المبدع يأتي من جملة مصادر أساسية تقف الخبرة في مقدمتها،‏<br />

فضلا ً عن الاطلاع<br />

التعبيرية،‏<br />

على المجالات ذات العلاقة،‏ والقدرة على<br />

فضلا ً عن الوعي الكامل.‏<br />

وهذا يعني<br />

التحكم في الوسائل<br />

أن الإبداع الفني هو ثمرة ناضجة<br />

مكتملة لمعنى الحرية،‏ والجدير بالذكر أن أحد المصادر الأساسية التي تسهم في رسم<br />

الإبداع الفني هي طبيعة الأحداث التي مر بها المبدع،‏ وكيفية تمثله لها،‏ ثم طريقة<br />

تعبيره عنه ومدى حريته في ممارستها وقد تكون من الذات أو الإنسان بشكل عام.‏ لا<br />

٤٠<br />

.(١٢)<br />

٤١<br />

إبراهيم،عبد الستار،‏ آفاق جديدة في دراسة علم الإبداع،‏ وكالة المطبوعات،‏ الكويت،(‏‎١٩٧‎‏)،‏ ص<br />

صالح،‏ قاسم محمد،‏ الإبداع في الفن،‏ دار الرشيد للنشر،‏ بغداد،‏<br />

(١٩٨١)، ص(‏‎١٩‎‏).‏<br />

٤٢<br />

صالح،‏ قاسم محمد،‏ الإبداع في الفن،‏ ص(‏‎٩‎‏).‏<br />

٢١٠


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

يمكن أن تولد الإرادة الفنية للمبدع إلا عن وعيه بمصيره التاريخي وجو كامل من<br />

حرية التفكير والحرية المسؤولة إذ إن تاريخ الفكر الفني يسير متجاوزا ً الشخصيات<br />

الفنية على اختلاف أنواعها<br />

الإنسان<br />

وفق منطق<br />

خاص<br />

٤٣<br />

قادرا ً على الشروع بالإبداع الخصب"‏<br />

‏"وإذا ما أحاط به الإنسان…‏<br />

لذلك لا يستطيع الفنان<br />

كان<br />

المبدع أن<br />

يبدع عملا يتسم بالخصوبة إلا إذا وصل إلى الوعي بتلك اللحظة التاريخية التي<br />

تتحقق فيها شخصيته.‏ ومن هنا نجد أن الأصالة بوصفها حالة إبداع لا تتخذ لها معنى<br />

إلا في مقابل ماض تجدده وتستمر فيه في الوقت نفسه.‏<br />

والأساس الأول للإبداع الفني هو الاتحاد بين المضمون،‏ والشكل فمثلا ً لا يكفي<br />

أن يكتشف المؤلف الموسيقي أحاسيس لهيئة أصلية بل يجب عليه أن يكتشف أيضا ً<br />

ذلك الموضوع الشكلي<br />

(Theme)<br />

-<br />

-<br />

الذي يخطط له.‏<br />

‏"والذي يوقظ الفعل المكون للفن هناك<br />

٤٤<br />

طرفان في الإبداع"‏ .<br />

الأول يصدر عن إلهام مادي ‏(المضمون)،‏ الشكل يبدو نابعا من التجربة.‏<br />

الثاني يصدر عن<br />

إلهام شكلي<br />

‏(الشكل).‏<br />

إن الفنان المبدع لا يستطيع أن يجد في<br />

حياته مصدرا للإلهام إلا إذا سادت هذه الحياة مقولات جمالية تجعلها موصولة<br />

بالفن.‏ وسط مناخ ملائم يطلق الخيال الحر للفنان.‏<br />

‏"فالفنان المبدع يجب أن يبقى<br />

نفسه على ثنائية الحياة والفن،‏ وعليه أن يعرف كيف يوجه اهتمامه إلى ما يمكن<br />

٤٥<br />

أن يكون في حياته مشروعا ً لشكل إبداعي"‏ ،<br />

تتجسد فيه فعالية الإنسان كما تتجلى حريته المسؤولة.‏<br />

حيث يعمل الفن الإبداعي مظهرا ً<br />

وهنا يمكن القول إن أمام الفكر العربي فرصة سانحة لتحقيق قدرة إبداعية تجعل<br />

منه فكرا ً رائدا ً متميزا ً إذا ما استفاد من رصيد<br />

الإسلام الضخم وتاريخه الطويل<br />

الدروبي،‏ سامي ‏(ترجمة)‏ المجمل في فلسفة الفن،‏ تأليف كروتشه،‏ القاهرة،‏ د.ت،‏ ص(‏‎٥٥-٥٤‎‏).‏<br />

بهنسي،‏ جمالية الفن العربي،‏ ص(‏‎١٧‎‏).‏<br />

بهنسي،‏ جمالية الفن العربي،‏ ص(‏‎١١-٩‎‏).‏<br />

٤٣<br />

٤٤<br />

٤٥<br />

٢١١


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

مستفيدا من تراثه العظيم فهي منابع صادقة ومصادر دائمة لمعاني الحرية وقيمها<br />

والإيخاء والمحبة،‏ فإذا كان الفن<br />

للكون،‏<br />

٤٦<br />

حضارة،‏ فهو فعالية إبداعية"‏ .<br />

ولكي يدرك الفكر العربي الإبداع الفني…‏ لا بد له من إدراك وتصور واضحين<br />

الحياة والإنسان<br />

وارتباط بعضهما ببعض،‏ فمن هذه العلاقة ينبثق العمل<br />

الإبداعي في نفس الفنان المبدع،‏ فالكون آية إبداع كبرى،‏ ومشهد قدرة إعجازية تبهر<br />

٤٧<br />

العقل مثلما تحفزه نحو الإبداع والابتكار والخلق"‏ .<br />

مثلما<br />

تدل على مستوى رقي<br />

الإنسان ووسائله في مجتمع معين ضمن حدود مكانية وزمانية،‏ وهو لغة تعبيرية<br />

مرتبطة بروح هذه الأمة،‏ فإذا كانت الأمة العربية واضحة بخصائصها وتاريخها فإن<br />

الفن الذي تنتجه عبر تاريخها هو فن عربي واضح المعالم والآثار<br />

ربط هذا الفن بهوية إسلامية<br />

الإسلامية ممكن دائما.‏<br />

في الطبيعة مثل:‏<br />

إيقاع الليل والنهار،‏<br />

ناهيك<br />

عما إذا تم<br />

‏–أعني ربطه بالدين–‏ لأن الحديث عن الفن في البلاد<br />

فمثلا يرتبط الحديث بالإيقاع الفني بصور<br />

النجوم والقمر،‏<br />

اليابس والماء،‏<br />

الإيقاع التي نجدها<br />

الطائر والحيوان،‏<br />

الميت<br />

والحي النظام في الخلق،‏ آيات إبداعية،‏ ومؤثرات كونية،‏ في الإبداع الفني،‏ الإنسان<br />

بأحاسيسه ومشاعره،‏ قلبه وعقله،‏ فكره ووجدانه،‏ ذوقه ومشاهداته،‏ نومه وصحوه،‏<br />

بهدوئه وحركته،‏ حبه وكراهيته،‏ فرحه وحزنه،‏ غضبه وهدوئه،‏ جوعه وعطشه،‏<br />

مرضه وصحته.‏<br />

كلها عمليات جسمية وفكرية وروحية تؤثر<br />

تأثير ًا واضحا ً<br />

في كيانه وإبداعه.‏<br />

فامتزاجها وترابطها المحكم الشامل الدقيق تولد منه إنسانا ً ذا إحساس مرهف وفكر<br />

٤٦<br />

قطب،‏ محمد،‏ منهج الفن الإسلامي.‏ ص(‏‎١٦‎‏)،‏ عالج محمد قطب هذه القضايا في كتابه منهج<br />

الفن الإسلامي تحت مواضيع طبيعة الإحساس الفني،‏ الواقعية في التصور الإسلامي،‏ الجمال<br />

في التصور الإسلامي،‏ بشكل تفصيلي،‏ ص<br />

.(١٢٠)<br />

٤٧<br />

انظر قطب،‏ التصوير الفني في القرآن،‏ ص(‏‎٩١-٨٨‎‏).‏<br />

٢١٢


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

راق وعقل واع،‏ فيولد إنسان مبدع.‏<br />

ورؤاه هذه التوجيهات<br />

‏"جاء عمله الفني<br />

فإذا وجه قلب المبدع وإحساسه وعقله ونظره<br />

إبداعا<br />

متجددا يتسم بالوحدة والانسجام في<br />

٤٨<br />

علاقة الإنسان بالكون والحياة"‏ جاء عملا ً مليئ ًا بالجمال الذي يملكه مستمدا ً إياها من<br />

جمال الإبداع الإلهي في الكون،‏ ذلك أنها هي الطبيعة المؤثر الأول<br />

ومنها هنا يتم النسيج الحقيقي للإبداع<br />

إبداع الفنان في<br />

الفني الذي هو"‏ وليد صلة القربى بين المعنوي<br />

الوجداني من جهة وبين المادي المحسوس والمادي المجازي ينصهر الجزء مع الجزء<br />

ينتج عن الكل الموحد ‏(الإبداع<br />

٤٩<br />

بعينه)"‏ . إن الإنسان حين يحس بالرابطة الوثيقة هذه<br />

يكون قد تخلص من عوامل التخيل الخرافي أو الوهم الزائفة…يكون قد أصاب الحقيقة<br />

وهذا هو الإبداع..‏ إنها حقيقة الإبداع التي تفتح للقلب نوافذ مختلفة على الحياة تزيد في<br />

مساحة إيمانه ووعيه وتأمله وابتكاره وأخيرا ً نتاجه الذي يشكل حالة الإبداع لديه،‏<br />

وهكذا يتحدد دوره في الحياة.‏ إنسان مبدع فاعل للخير والحق والجمال والفن وهي<br />

سمات ذات صلة وديمومة تحقق الأصالة التي هي لا بد أن تلازم العمل الفني المبدع،‏<br />

٥٠<br />

‏"والتي هي الشرط اللازم لتحقيق ا لوحدة الحضارية في العمل الفني"‏ .<br />

ومع أن الفنون تتخذ من كل شيء موضوعا ً للتعبير الفني-وخاصة الفن الحديث-‏<br />

‏"إلا أن ماله علاقة بالعاطفة والوجدان الإنساني هو الموضوع الغالب على الفن أينما<br />

كان ووجد وفي كل زمان<br />

علم أو فلسفة أو لغة تعبير تخرج من دائرة الفن.‏<br />

٥١<br />

ومكان"‏ . وهذا شيء مقبول للفن حتى لا يتحول به إلى<br />

٤٨<br />

شفيق،‏ ماهر ‏(ترجمة)،‏ التوازي بين الأدب والفنون البصرية،‏ تأليف منيوزين،‏ ص(‏‎٨٤-٨١‎‏)،‏<br />

برنستون،‏<br />

بهنسي،‏ جمالية الفن العربي،‏ ص الأصالة في الفن،‏ ص<br />

بهنسي،‏ الأصالة في الفن،‏ ص(‏‎٣٨‎‏).‏<br />

بهنسي،‏ جمالية الفن العربي،‏ ص(‏‎٦٧‎‏).‏<br />

.(٣٧)<br />

/،(١٧٣)<br />

.١٩٦٧<br />

٤٩<br />

٥٠<br />

٥١<br />

٢١٣


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

لذلك نرى أن المؤثرات الحضارية والمفاهيم الجمالية تسهم في تحديد مستوى<br />

الإبداع الفني أو بمعنى آخر ، ليس الموضوع في ذاته هو الذي يحدد نوع العمل إن<br />

كان إبداعي ًا أو غير إبداعي وإنما الذي يحدده هو المؤثر الحضاري والمفهوم الجمالي<br />

والطريقة التي يتناول فيها الموضوع.‏ فحين يتناول الكاتب عمله الفني ببرود ذهني-‏<br />

فإنه لا يكون إبداعا ً-‏ ولو كان موضوعا ً متعلقا بضروب الفنون ‏-لأنه الجانب<br />

الوجداني الحي المؤثر فيه<br />

..<br />

لذلك نرى أن التيارات والمدارس الفنية التي تنحو نحوا ً<br />

علميا ً في الإبداع الفني،‏ فتسجل الواقع بمحاكاة حرفية،‏ دون انفعال أو تأثر،‏ تنتج فنا ً<br />

رديئ ًا تنقصه حرارة الوجدان ذلك العنصر الأساس في الإبداع الفني…‏ حتى أصبحت<br />

مثل هذه الحركات الفنية تشكل نكسه وحالة رجوع إلى الخلف في عالم الإبداع الفني،‏<br />

لأنها تلغي من حسابها دور الإحساس الإنساني،‏ والوجداني البشري وأنه ما زالت<br />

اتجاهات الفن في أوروبا تعاني التشرد بعيدا ً عن ملامح الأصالة وان كانت منسجمة<br />

تماما ً مع التطور الاجتماعي والصناعي،‏ لأنه في الواقع لا يؤثر في حياة الناس إلا ما<br />

كان له تأثير في نفوسهم ووجدانهم.‏<br />

إن الإبداع الإنساني الفني يخضع كثير ًا من الأحيان إلى فعل المؤثرات<br />

الحضارية والتيارات الجمالية السائدة،‏ ولذلك فإن الإنسان بوصفه مادة لا قيمة له في<br />

الحساب إلا بما ينطوي عليه من جوهر.‏<br />

لقد كان الأدب الإغريقي يفسح مجالا ً واسعا ً لمشاعر الجنس،‏ وذلك جانب من<br />

جوانب اختلال الإبداع فيه،‏ رغم روعته وعلو مكانه في بعض المقاييس وخروجه عن<br />

مسار الإبداع الجمالي في الفن.‏ وكان الإبداع العمائري البيزنطي يفسح مجالا ً لمعنى<br />

الجمال الديني،‏ وذلك جانب من جوانب الروعة فيه والكمال – تمثل ذلك في رسم<br />

الأيقونات-‏ وجاء الفن الإبداعي الإسلامي الذي يفسح مجالا ً لمعنى الجمال بمفهومه<br />

المجرد ‏"وذلك جانب من جوانب الإبداع الهندسي والزخرفي في الفن الإسلامي فتولد<br />

٢١٤


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

٥٢<br />

الإبداع التجريدي بزخارفه النباتية والهندسية والكتابية"‏ . وسط قيم أصيلة مستمدة من<br />

فطرة البشرية،‏ وتعاليم الدين الذي كان الفن يستلهم منها مضامينه في كثير من الأحيان<br />

وأشكاله في أحيان أخرى باعتبار أن الجمال سمة من سمات هذا الوجود<br />

إن لم تكن<br />

أبرز سماته الإبداعية،‏ فالحس المرهف هو القادر على إدراك الجمال من أول وهلة<br />

وعند أول حوار مع البيئة الطبيعة أن فطرة الإنسان على إحساس الجمال والاستجابة<br />

له،‏ وإدراكه على طريقة الروح هو الذي ذهب به للتفكر وفهم الإبداع الفني على<br />

طريقة الذهن ذي الأبعاد والمقاييس،‏ ومن هنا تدخل الذهن أو العقل في تقويم الجمال،‏<br />

ووضع شروط له ومقاييس مستمدة في الحقيقة من البيئة الطبيعية وتلك هي ميزة<br />

الإبداع الواعي.‏<br />

أن مفهومات<br />

الدقة والتناسق والتوازن والترابط والحركة وغيرها من<br />

المصطلحات التي يتحدد فيها مقدار الإبداع الفني،‏ هي وليدة المؤثرات الحضارية في<br />

الطبيعة وسمات جمال في الكون أدركها الإنسان وأودعها نتاجه<br />

أجل إيجاد حالة إبداع فني".‏<br />

الخاتمة<br />

وأعماله الفنية من<br />

إن ارتباط المبدع بالمؤثرات الحضارية والتيارات الجمالية السائدة في بيئته يعني<br />

أنه إنسان ذو قوة<br />

ضابطة يستخدمها بوعيه وإرادته لتنسيق الحياة الإنسانية وإشاعة<br />

التوازن فيها،‏ وإذا ما خالف ذلك وخرج<br />

اقتصادي…‏<br />

فهو<br />

على<br />

بفعله هذا ينفك عن المجتمع،‏<br />

كل قيد اجتماعي،‏ أو إنساني،‏<br />

ولم يعد إنسانا ً،‏ ويعدّ‏<br />

خارجا ً<br />

أو<br />

على<br />

ناموس الكون،‏ لا يردعه رادع،‏ ولا يحكمه وازع.‏ ومن هنا تكون النظرة إلى الإبداع<br />

في الحياة الإنسانية على هذا المستوى<br />

الحضارية،‏ والتيارات<br />

الجمالية،‏ كفيلة بأن<br />

الشامل،‏ المستمد من حقيقة الكون،‏ والمؤثرات<br />

توسع مفهومنا الإبداعي وإدراكنا الجمالي<br />

سالم،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ ص(‏‎٧٤‎‏).‏<br />

٥٢<br />

٢١٥


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

ولا تحصره في حدوده الصغيرة المعروفة.‏ إبداع فني فيه تبدو حقيقة المجتمع وحقيقة<br />

الفرد ‏(الانا)‏ فلا تختل هذه ولا تلك.‏ وهذا يعني أن المؤثرات الحضارية والتيارات<br />

الجمالية السائدة في مجتمع ما هي التي تعكس صورة الحرية ومعناها فيه،‏ كل أمة<br />

أطلقت لنفسها شهوة إطلاق العنان للإبداع الذهني دون قيد أو ضوابط ، كانت نتيجتها<br />

واحدة في النهاية:‏ تحطمت وغلب عليها غيرها من الأمم القوية المتماسكة،‏ التي لم<br />

تفسد بعد كذلك فعلت اليونان القديمة،‏ وروما القديمة،‏ وكذلك واقعنا العربي المرير،‏<br />

تلك تجربة التاريخ لا ينبغي لنا أن نغفلها انسياق ًا وراء الأهواء:‏<br />

خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين قد<br />

آل عمران،(‏<br />

(١٣٧<br />

ذلك هو الإبداع الفني من منظور إنساني يصلح للديمومة والاستمرار،‏ وعلى هذا<br />

النحو تكون المؤثرات الحضارية والتيارات الجمالية حقيقة ‏(فعلية)،‏ إبداعية حين يراد<br />

تصويرها في الإبداع الفني.‏<br />

والإبداع الفني الصحيح لا يمكن أن يغفل هذه الحقيقة التي يتحدث بها عن الحياة<br />

وعن الإنسان وحقيقة وجوده ‏…وغيرها،‏ ويستشعرها بحس الجمال الخلاق.‏<br />

وتلك قمة الإبداع الفني ‏….الإبداع الذي يحاول الفن الصادق أن يصل إليها<br />

والتي يرسم الإبداع الفني منها.‏ وهذا هو الذي يجب أن يحدث في مجال الإنتاج الفني:‏<br />

تأخذ البراعة الفنية وطرائق الأداء وطرائق العرض من أي مكان تشاء…ولكننا في<br />

النهاية نكون قد بلغنا الإبداع الذي نستطيع عن طريقه أن نسقط على الكون نفسه<br />

صبغة إنسانية محضة،‏ ولن يتسنى لنا تحقيق تلك الرغبة العارمة حتى نكون مدركين<br />

أهمية المؤثرات الحضارية والتيارات الجمالية السائدة كمفهوم الإبداع الفني الذي هو<br />

في صميمه مهارة فنية وإرادة خارقة وعمل إنتاجي متقن.إن الشيء الوحيد الذي يمكن<br />

أن نؤكده هو أن المستقبل دائما ً ملك أولئك الذين يشيحون عن السهل والهين،‏<br />

ويصرفون هممهم إلى إبداع أعمال فنية تمتاز بحساسيتها ونكهتها ومكانتها من جهة<br />

٢١٦


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

والى التجديد من جهة ثانية . حتى نخلص إلى الوظيفة الأساسية للإبداع الفني وهي<br />

الدلالة الفكرية وبهذا المعنى يصبح الإبداع الفني لغة الأفكار عامة ولغة الحرية<br />

خاصة.‏<br />

٢١٧


دي)‏<br />

الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

المراجع<br />

إبراهيم،‏ عبد الستار،‏ ثلاثة جوانب من التطور في دراسة الإبداع،‏ عالم<br />

الفكر،‏ عدد<br />

،(٤) مجلة(‏‎١٥‎‏-‏ .(١٩٨٥<br />

إبراهيم،عبد الستار،‏ آفاق جديدة في دراسة علم الإبداع،‏ وكالة<br />

المطبوعات،‏ الكويت،(‏‎١٩٧‎‏).‏<br />

أمهز،‏ محمود:‏ الفن التشكيلي المعاصر<br />

(١٩٧٠-١٨٧٠)<br />

١٩٨١ بيروت،‏<br />

بهنسي،‏ عفيف،‏ علم الجمال عند أبي حيان التوحيدي،‏ وزارة الإعلام،‏<br />

بغداد،‏<br />

.(١٩٨٦)<br />

(١)<br />

(٢)<br />

(٣)<br />

(٤)<br />

بهنسي،‏ عفيف،‏ جمالية الفن العربي،‏ سلسلة عالم المعرفة الكويت،‏ ١٩٧٩،<br />

(١٤). عدد<br />

(٥)<br />

بهنسي،‏ عفيف،‏<br />

الأصالة في الفن.‏ مجلة الثقافة،‏ دار المعارف،‏ دمشق،‏<br />

.١٩٧٧<br />

(٦)<br />

جبران،‏ سمار ‏(ترجمة)‏ ستلاند،‏ جوردن،‏ مشكلة الإبداع الفني،‏ عالم الفكر<br />

المعاصر،‏ عدد(‏‎٦٨‎‏)،‏<br />

،(١٩٧٠)<br />

خميس،‏ حمدي،‏ أسلوب الابتكار،‏ دار المعارف،‏ مصر،‏ د،‏ ت.‏<br />

(٧)<br />

(٨)<br />

الدروبي،‏ سامي<br />

‏(ترجمة)،‏ المجمل في فلسفة الفن،‏ تأليف،‏<br />

كروتشة القاهرة،‏<br />

(٩)<br />

د.ت.‏<br />

(١٠ وي،‏ جون،‏ الفن خبرة،‏ ترجمة زكريا إبراهيم،‏ دار النهضة القاهرة.‏<br />

‏(‏‎١١‎‏)أبو ريان،‏ محمد علي،‏ فلسفة الجمال ونشأة الفنون الجميلة،‏ دار المعارف،‏<br />

مصر،‏ د.ت.‏<br />

‏(‏‎١٢‎‏)ريد ‏،هربرت ، الفن والمجتمع ، ترجمة فارس ظاهر ، بيروت ،١٩٧٥<br />

٢١٨


مجلة جامعة دمشق – المجلد ٢٠- العدد (٣+٤) ٢٠٠٤<br />

الرباعي<br />

إحسان عرسان<br />

عدد<br />

‏(‏‎١٣‎‏)رينيه،‏ ويليك،‏ مفاهيم نقدية،‏ ترجمة محمد عصفور،‏ سلسلة عالم المعرفة،‏<br />

(١١٠)، الكويت،(‏‎١٩٨٧‎‏).‏<br />

‏(‏‎١٤‎‏)أبو زيد،‏ زكي،‏ الظاهرة الإبداعية،‏ مجلة عالم الفكر،‏ الكويت،‏ عدد(‏‎٤‎‏)،‏<br />

مجلد<br />

.(١٩٨٥) ،(١٥)<br />

‏(‏‎١٥‎‏)سالم،‏ محمد عزيز نظمي،‏ الإبداع في علم الجمال،‏ دار المعارف ، مصر،‏<br />

.(١٩٧٨)<br />

‏(‏‎١٦‎‏)شفيق،‏ ماهر ‏(ترجمة)،‏ التوازي بين الأدب والفنون البصرية،‏ تأليف<br />

منيوزين،‏ برنستون،‏<br />

.١٩٦٧<br />

‏(‏‎١٧‎‏)صالح،‏ قاسم حسين،‏ في سيكولوجية الفن التشكيلي،‏ دار الشؤون الثقافية،‏<br />

(١٩٩٩). بغداد<br />

‏(‏‎١٨‎‏)صالح،‏ قاسم محمد،‏ الإبداع في الفن،‏ دار الرشيد للنشر،‏ بغداد،‏<br />

.(١٩٨١)<br />

‏(‏‎١٩‎‏)عاقل،‏ فاخر،‏ الإبداع وتربيته،‏ دار العلم للملايين،‏ بيروت،(‏‎١٩٧٥‎‏).‏<br />

‏(‏‎٢٠‎‏)عيد،‏ صلاح،‏ العلاقة بين العلوم والفنون،‏ مجلة الثقافة،‏ القاهرة،‏ عدد<br />

،(٢٤)<br />

.(١٩٧٥)<br />

‏(‏‎٢١‎‏)قشلان،‏ ممدوح ، أصول تدريس الفنون لدور المعلمين،‏ دمشق<br />

‏(‏‎٢٢‎‏)قطب،‏ سيد،‏ التطوير الفني في القرآن الكريم،‏ بيروت،‏<br />

‏(‏‎٢٣‎‏)قطب،‏ محمد،‏ منهج الفن الإسلامي،‏ دار الشروق،‏ بيروت،‏<br />

.(١٩٨٢)<br />

.١٩٨٣<br />

.١٩٨٥<br />

‏(‏‎٢٤‎‏)مكاوي،‏ عبد العزيز،‏ الشعر والتصوير عبر العصور،‏<br />

وصورة)،‏ سلسلة عالم المعرفة،‏ الكويت،‏ عدد<br />

‏(قصيدة<br />

،(١٩٨٧) ،(١١٩)<br />

‏(‏‎٢٥‎‏)مولد،‏ جوزيف آميل،‏ الفن في القرن العشرين،‏ ترجمة مهاة الخوري،‏ مرجع<br />

عدنان البني،‏ دمشق،‏<br />

،(١٩٧٦)<br />

٢١٩


الحرية والإبداع وعلاقتهما بمفاهيم الفن والجمال<br />

‏(‏‎٢٦‎‏)مولد،‏ جوزيف آميل،‏ الفن في القرن العشرين،‏ ترجمة مهاة الخوري،‏ مرجع<br />

عدنان البني،‏ دمشق،‏<br />

،(١٩٧٦)<br />

‏(‏‎٢٧‎‏)هويسمان،‏ دني ، علم الجمال،‏ ترجمة أميرة حلمي مطر،‏ القاهرة،(‏‎١٩٨١‎‏).‏<br />

‏(‏‎٢٨‎‏)هويسمان،‏ دني،‏ ، علم الجمال،‏ ترجمة ظافر الحسن،‏ منشورات عويدات،‏<br />

بيروت،‏<br />

.(١٩٨٣)<br />

‏(‏‎٢٩‎‏)وطفة،‏ علي،‏ المظاهر الاغترابية في الشخصية العربية،‏ عالم الفكر،‏ مج<br />

،(٢٧) عدد .(١٩٩٨)،(٢)<br />

ولسون،‏ كولين،‏ المعقول واللامعقول،‏ ترجمة<br />

أنيس زكي حسن،‏ دار<br />

الآداب<br />

(٣٠)<br />

بيروت،‏<br />

.(١٩٧٢)<br />

(٣١) Harold, asborne, Aesthetics and criticism, london ١٩٥٥ , P٢٨٩<br />

(٣٢) Helmut A. Hatzfeld literature through Art, New York (١٩٥٢), p (٨٠)<br />

(٣٣) J w.H Atkins, literary criticism in Antiquary, Cambridge, (١٩٣٢),<br />

.<br />

تاريخ ورود البحث إلى مجلة جامعة دمشق<br />

.٢٠٠١/١٠/٣٠<br />

٢٢٠

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!