تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق
تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق
تحولات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية سلعة، وهي امرأة نرجسية 46 (Narcissism) ترى أن موهبتها فوق موهبة كاتب البلاد الشهير الذي ابتسم له الحظ بالمصادفة، وهي ترسل إليه بعض إنتاجها، ولكن ّه يماطلها، وهي تدرك ما يخبئه لها: "لكنني متأكدة أن ّه لن يمد لي يد المساعدة، في أعماقه يخشى انطلاقي، يخاف أن أحق ّق ذاتي وأطغى عليه، يا له من أناني بخيل وسافل، تذك ّرت كيف يميل لتعهير الأديبات، واستعدت الكلمات والقصص التي حكاها لي عن أديبات مشهورات، صرخت بحنق وقد اتخذت قرارا ً لا رجعة فيه: بتر علاقتي كل ّيا ً مع الكاتب، والمطالبة برسائلي، اللعنة على الشهرة إن كانت ستكون عن طريقه، إن ّه يريد أن يعهرني قبل أن يشهرني! هذا إذا صدق بوعده بأن ّه سيعرفني بناشره وسيفتح لي آفاقا ً عديدة إن ّما في الوقت المناسب" 47 . ثم إن هذا الكاتب الذي يؤهل نفسه لجائزة نوبل لا يستحق ّ من وجهة نظرها لذلك، وهي تضع كتابتها فوق ما يكتب، وتردد بينها وبين نفسها: "أنا الكتابة والكتابة أنا" 48 ، وهي تقيم علاقات مع نخبة من هؤلاء المثقفين بدءا ً بالرجل الكاتب الكبير الذي تجاوز العقد الثامن عمره إلى المحرر في المجلة الثقافية الأكثر شهرة، وهو في العقد السادس إلى أحد المثقفين الذي نشر ما يزيد على خمسة عشر كتابا ً،ولذلك هي تستخدم أنوثتها لإذلال كاتب البلاد الشهير، فتقتحم عليه منزله، وتغويه لتهزمه وتهزم شيخوخته، وهدفها إذلال هذا الكاتب وقهره، لتكون سعيدة: "أسعدني، وربما أرضى غروري أن أحس شهرته تجثو عند ركبتي" 49 . 46 النرجسية هي "الشذوذ الجنسي الذي يجعل المرء غارقا ً في عشق ذاته بحيث لا يكون للمرء إلا شيء واحد يتأمله ويشتهيه، وهو نفسه". انظر: صليبا، د. جميل، "المعجم الفلسفي"، دار الكتاب اللبناني ومكتبة المدرسة، بيروت 1982، الجزء الثاني، ص بيطار، هيفاء: "امرأة من طابقين"، مكتبة بالميرا، اللاذقية، ط2، د.ت، ص67. صدرت الرواية أول مرة عام المصدر نفسه، ص المصدر نفسه، ص .462 .15 .45 .1999 47 48 49 38
مجلة جامعة دمشق – المجلد 21- العدد (2+1) 2005 عاطفة فيصل -1 هكذا كانت المرحلة الجديدة في الخطاب الأنثوي مرحلة مواجهة وهجوم، أو هي مرحلة البطولات الأنثوية، فهي لا تقتصر على مواجهة القيم التقليدية، وإنما تجاوزت ذلك إلى مواجهة الرجل نفسه وما يدعيه غالبا ً من فحولة وقوة، حتى بات هذا الإنسان في بعض الخطابات الأنثوية الجديدة ضعيفا ً يستحق ّ الرحمة والشفقة، وهكذا تحول الخطاب الأنثوي من الشفقة على الأنثى الضعيفة في الخطاب الأنثوي التقليدي إلى الشفقة على الذكر الضعيف في الخطاب الأنثوي الجديد. هكذا نخلص إلى القول: إن الخطاب الأنثوي في الرواية التقليدية تقليدي، وهو لا يختلف في أسلوبه وبنائه عن أسلوب الرواية الذكورية وبنائها، لأنه يستعير اللغة الذكورية بمتانتها وفصاحتها، ولكنه من جهة أخرى يرفع قضية الأنثى التي ظلت معلقة في الخطاب الذكوري، وحاول هذا الخطاب أن يرسخ قيم الذكورة ومبادئها وقوانينها، كالشرف ونبالة الأصل والأخلاق، ولكنه في الوقت ذاته يخفي ضمنه قضية مهمة، وهي الاعتراف بأن عقل الأنثى غير قاصر على الأمور التي خصها بها المجتمع التقليدي، فهي إنسان قادر أيضا ً على العطاء والإبداع، وهذا هو الخروج الأهم على ما كان متعارفا ً عليه في تلك المرحلة. 2- وإن الخطاب الأنثوي في المرحلة الرومانسية قد اختلف اختلافا ً ظاهرا ً، فهو أولا ً خطاب الأنثى البورجوازية المثقفة التي تمردت على العادات والتقاليد، ورفضت أن تكون شبيهة بجدتها أو أمها، بل خرجت إلى الجامعة والحياة، وتمردت على القوانين، ولكن المشكلة ظلت عالقة لأن نضال هذه الأنثى ظل ذاتيا ً، وظل خلاصها فرديا ً، فهي لم تتقبل المجتمع، وتشبهت بعض بطلات روايات هذه المرحلة بالمرأة الأوروبية، كما هي الحالة مثلا ً عند بطلة رواية 39
- Page 1 and 2: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 3 and 4: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 5 and 6: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 7 and 8: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 9 and 10: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 11 and 12: لا" مجلة جامعة دمش
- Page 13 and 14: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 15 and 16: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 17 and 18: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 19 and 20: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 21 and 22: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 23: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 27: مجلة جامعة دمشق - ال
تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />
سلعة، وهي امرأة نرجسية<br />
46<br />
(Narcissism) ترى أن موهبتها فوق موهبة كاتب البلاد<br />
الشهير الذي ابتسم له الحظ بالمصادفة، وهي ترسل إليه بعض إنتاجها، ولكن ّه يماطلها،<br />
وهي تدرك ما يخبئه لها: "لكنني متأكدة أن ّه لن يمد لي يد المساعدة، <strong>في</strong> أعماقه يخشى<br />
انطلاقي، يخاف أن أحق ّق ذاتي وأطغى عليه، يا له من أناني بخيل وسافل، تذك ّرت<br />
كيف يميل لتعهير الأديبات، واستعدت الكلمات والقصص التي حكاها لي عن أديبات<br />
مشهورات، صرخت بحنق وقد اتخذت قرارا ً لا رجعة <strong>في</strong>ه: بتر علاقتي كل ّيا ً مع<br />
الكاتب، والمطالبة برسائلي، اللعنة على الشهرة إن كانت ستكون عن طريقه، إن ّه يريد<br />
أن يعهرني قبل أن يشهرني! هذا إذا صدق بوعده بأن ّه سيعرفني بناشره وسيفتح لي<br />
آفاقا ً عديدة إن ّما <strong>في</strong> الوقت المناسب"<br />
47<br />
. ثم إن هذا الكاتب الذي يؤهل نفسه لجائزة<br />
نوبل لا يستحق ّ من وجهة نظرها لذلك، وهي تضع كتابتها فوق ما يكتب، وتردد بينها<br />
وبين نفسها: "أنا الكتابة والكتابة أنا"<br />
48<br />
، وهي تقيم علاقات مع نخبة من هؤلاء<br />
المثق<strong>في</strong>ن بدءا ً بالرجل الكاتب الكبير الذي تجاوز العقد الثامن عمره إلى المحرر <strong>في</strong><br />
المجلة الثقا<strong>في</strong>ة الأكثر شهرة، وهو <strong>في</strong> العقد السادس إلى أحد المثق<strong>في</strong>ن الذي نشر ما<br />
يزيد على خمسة عشر كتابا ً،ولذلك هي تستخدم أنوثتها لإذلال كاتب البلاد الشهير، فتقتحم<br />
عليه منزله، وتغويه لتهزمه وتهزم شيخوخته، وهدفها إذلال هذا الكاتب وقهره،<br />
لتكون سعيدة: "أسعدني، وربما أرضى غروري أن أحس شهرته تجثو عند ركبتي"<br />
49<br />
.<br />
46<br />
النرجسية هي "الشذوذ الجنسي الذي يجعل المرء غارقا ً <strong>في</strong> عشق ذاته بحيث لا يكون للمرء إلا<br />
شيء واحد يتأمله ويشتهيه، وهو نفسه". انظر: صليبا، د. جميل، "المعجم الفلس<strong>في</strong>"، دار الكتاب اللبناني<br />
ومكتبة المدرسة، بيروت 1982، الجزء الثاني، ص<br />
بيطار، هيفاء: "امرأة من طابقين"، مكتبة بالميرا، اللاذقية، ط2، د.ت، ص67. صدرت <strong>الرواية</strong> أول<br />
مرة عام<br />
المصدر نفسه، ص<br />
المصدر نفسه، ص<br />
.462<br />
.15<br />
.45<br />
.1999<br />
47<br />
48<br />
49<br />
38