تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق

تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق

26.04.2015 Views

تحولات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية ‏"كم يحب أن يسترخي هنا..‏ هنا لا يعود جسدا ً نصف مترهل تفترسه الشراهة..‏ ضغطه الشرياني لم يعد مرتفعا ً.‏ قلبه لا يهدد بالتوقف.‏ قامته ليست قصيرة.‏ لم يعد رغيد الزهران.‏ لم يعد في الستين من عمره.‏ ليس مصابا ً بالسكري إلى جانب أمراضه الأخرى.‏ عيناه ليستا مهددتين بالعمى.‏ لم يشترِ‏ كلية رجل آخر ولا يعيش بأعضاء مستعارة"‏ 41 . وتحاول غادة السمان أن تفضح عالم الرجال على لسان ليلى التي لم تجد منهم سوى القساوة والخبث والكذب واحتقار المرأة،‏ فقالت:‏ ‏"ما أقسى عالم الرجال على اختلاف أفكارهم وأهوائهم ومشاربهم.‏ إن ّهم يت ّفقون على شيء واحد:‏ الاحتقار الضمني للمرأة.‏ البروليتاريا وجدت من يدافع عنها،‏ أما المرأة فقد وجدت من يوظ ّف عذابها للدفاع عن ذكور البروليتاريا حتى إذا ما نجحت الثورة،‏ قطفها الرجل وأعيدت المرأة إلى صناديقها.‏ حتى تثوير المرأة خدعة.‏ كلّ‏ شيء خدعة،‏ والحلّ‏ البسيط هو في أن أعمل كرجل،‏ وأحب كما يحب الرجال..‏ والرجل لا يحب المرأة إلا ّ في أوقات فراغه،‏ وخارج فترات بناء مستقبله،‏ وأنا كذلك"‏ 42 . أما سلمى بطلة رواية ‏"زهرة اللوتس"‏ لأميمة الخش ّ فهي تخرج على طاعة الأسرة وتعاليمها حين تدعو ماجدا ً وهو في المرحلة الثانوية،‏ وهي لا تزيد على اثني عشر عاما ً إلى المنزل بغياب أهلها ليجلسا ويتغازلا معا ً،‏ وهذا ما اكتشفه والدها رشاد وأثار غضبه،‏ وحاول استجوابها لمعرفة حقيقة ما جرى بينهما في ذلك اللقاء،‏ وكان يتخبط كالأعمى،‏ فسألته ابنته:‏ - - لكن ‏..ماذا فعلت ُ يا أبي؟ عاوده الغضب أشد من ذي قبل،‏ فانقض عليها كالمجنون،‏ وبدأ يهزها من جديد:‏ ماذا فعلتِ؟!‏ جلبت العار لنا جميعا ً،‏ ثم تسألين ماذا فعلت؟!‏ السمان،‏ غادة:‏ ‏"ليلة المليار"،‏ منشورات غادة السمان بيروت،‏ ط‎2‎‏،‏ المصدر نفسه،‏ ص 1991، ص‎36‎‏.‏ .342-341 41 42 36

مجلة جامعة دمشق – المجلد 21- العدد (2+1) 2005 عاطفة فيصل وبصوت خافت بريء قالت:‏ - - وأي عار جلبته يا أبي؟ العار أن تفك ّري في حب شاب،‏ والعار أن تحبيه فعلا ً،‏ والعار أن تلتقي به على انفراد.‏ فمن الذي يضمن ما حصل بينكما أيتها الفاجرة؟ 43 ويدبر لها الأب رشاد بعد عدد من السنوات زواجا ً بالإكراه من كمال بك الرجل الذي لا يعرف سوى مصالحه وشهواته،‏ ولما عجزت سلمى زوجته عن إشباع رغباته اتصل بحضورها بدلال لتنوب عنها بهذه المهمة 44 ، ولكن أحمد الإنسان الجديد يستطيع أن يعيدها إلى الحياة مرة أخرى،‏ وهو الذي يدعوها زهرة اللوتس التي احتفظت بنقائها،‏ لأن ّها رغبت في الانعتاق . 45 وتتجرأ نازك بطلة رواية ‏"امرأة من طابقين"‏ لهيفاء بيطار على سلطة المثق ّف الذكوري،‏ وثقافته هش ّة لأنها لا تستند إلى قيم عليا،‏ وهو يستخدمها في سبيل مصالحه كبقية الذكور،‏ فالقيم التي يطرحها الروائيون الذكور مثالية،‏ ولكن ّها حين تقترب من هؤلاء،‏ وهي الشابة الجميلة المثقفة الكاتبة تجد أن القول شيء والسلوك شيء آخر،‏ فالرجل الشرقي مازال هو هو،‏ سواء أكان جاهلا ً أم متعل ّما ً أم مثق ّفا ً،‏ إنه مسكون بالقيم التقليدية والخداع،‏ وإذا تخلصت الأنثى من سلطة الرجل الجاهل في المنزل بالطلاق أو ما شابه ذلك فإن المجتمع الذكوري يواجهها بكل صلابة،‏ والمثقفون في رواية ‏"امرأة من طابقين"‏ ذئاب جائعة لجسد نازك،‏ وهي امرأة جميلة مطل ّقة في العقد الرابع من عمرها تبحث عن مكان للحب والقيم في عالمنا الموبوء،‏ وتنصرف إلى الكتابة الروائية،‏ وتنخرط في عالمها،‏ فتكتشف أن عالم المثقفين صورة مكثفة عن القذارة والمقايضات،‏ وعليها - إذا هي رغبت بالشهرة - أن تقايض بجسدها،‏ فالشهرة يصنعها الكت ّاب القدامى الذين وصلوا إلى الشهرة والنجومية،‏ ولكنها ترفض أن تكون الخش،‏ أميمة:‏ ‏"زهرة اللوتس"،‏ دار المستقبل،‏ دمشق،‏ ط‎1‎‏،‏ المصدر نفسه،‏ ص المصدر نفسه،‏ ص 1993، ص‎73‎‏.‏ .164 .279 43 44 45 37

تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

‏"كم يحب أن يسترخي هنا..‏ هنا لا يعود جسدا ً نصف مترهل تفترسه الشراهة..‏<br />

ضغطه الشرياني لم يعد مرتفعا ً.‏ قلبه لا يهدد بالتوقف.‏ قامته ليست قصيرة.‏ لم يعد<br />

رغيد الزهران.‏ لم يعد <strong>في</strong> الستين من عمره.‏ ليس مصابا ً بالسكري إلى جانب أمراضه<br />

الأخرى.‏ عيناه ليستا مهددتين بالعمى.‏ لم يشترِ‏ كلية رجل آخر ولا يعيش بأعضاء<br />

مستعارة"‏<br />

41<br />

.<br />

وتحاول غادة السمان أن تفضح عالم الرجال على لسان ليلى التي لم تجد منهم<br />

سوى القساوة والخبث والكذب واحتقار المرأة،‏ فقالت:‏ ‏"ما أقسى عالم الرجال على<br />

اختلاف أفكارهم وأهوائهم ومشاربهم.‏ إن ّهم يت ّفقون على شيء واحد:‏ الاحتقار الضمني<br />

للمرأة.‏ البروليتاريا وجدت من يدافع عنها،‏ أما المرأة فقد وجدت من يوظ ّف عذابها<br />

للدفاع عن ذكور البروليتاريا حتى إذا ما نجحت الثورة،‏ قطفها الرجل وأعيدت المرأة<br />

إلى صناديقها.‏ حتى تثوير المرأة خدعة.‏ كلّ‏ شيء خدعة،‏ والحلّ‏ البسيط هو <strong>في</strong> أن<br />

أعمل كرجل،‏ وأحب كما يحب الرجال..‏ والرجل لا يحب المرأة إلا ّ <strong>في</strong> أوقات فراغه،‏<br />

وخارج فترات بناء مستقبله،‏ وأنا كذلك"‏<br />

42<br />

.<br />

أما سلمى بطلة رواية ‏"زهرة اللوتس"‏ لأميمة الخش ّ فهي تخرج على طاعة<br />

الأسرة وتعاليمها حين تدعو ماجدا ً وهو <strong>في</strong> المرحلة الثانوية،‏ وهي لا تزيد على اثني<br />

عشر عاما ً إلى المنزل بغياب أهلها ليجلسا ويتغازلا معا ً،‏ وهذا ما اكتشفه والدها رشاد<br />

وأثار غضبه،‏ وحاول استجوابها لمعرفة حقيقة ما جرى بينهما <strong>في</strong> ذلك اللقاء،‏ وكان<br />

يتخبط كالأعمى،‏ فسألته ابنته:‏<br />

-<br />

-<br />

لكن ‏..ماذا فعلت ُ يا أبي؟<br />

عاوده الغضب أشد من ذي قبل،‏ فانقض عليها كالمجنون،‏ وبدأ يهزها من جديد:‏<br />

ماذا فعلتِ؟!‏ جلبت العار لنا جميعا ً،‏ ثم تسألين ماذا فعلت؟!‏<br />

السمان،‏ غادة:‏ ‏"ليلة المليار"،‏ منشورات غادة السمان بيروت،‏ ط‎2‎‏،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

1991، ص‎36‎‏.‏<br />

.342-341<br />

41<br />

42<br />

36

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!