تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق
تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق
تحولات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - - - كمال اعقلْ نحن في مقهى. ثم استدرت ُ ألتفت ُ يمنة ً ويسرة ً خائفة، أُفت ّش عن عين فضولية، فابتعد كمال مرغما ً، وهو يقول: نسيت ُ أننا في حلب، وأن القبلة علنا ً، تعد استهتار ًا. ليس فقط استهتارا ً يا كمال. بل هي نوع من الدعارة، تحاسب عليه بشدة. تصور لو أن أحدا ً من الموجودين في المقهى لمحك، وأنت تقبلني.. لكانت فضيحة تعاقب عليها أمام القانون. لقد اعتدنا يا كمال أن نعمل في الخفاء نرتكب المحرمات، إن ّما في السر. وحلب كغيرها من المدن في هذه الناحية، مستنقع للخبث، والنفاق" 27 . وتتمرد نادية ابنة الضابط الكردي في الجيش الفرنسي سابقا ً على اختيار الزوج، وهي بطلة رواية "الوطن في العينين" لحميدة نعنع، ونادية أنثى بورجوازية مثقفة وشاعرة، كما هي حالة ريم غالي بطلة "أيام معه"، وهي متمردة على العادات والتقاليد، وهي شبيهة أيضا ً ببطلة رواية "في الليل" لهيام نويلاتي في أن داخلها هو الذي يتحك ّم في سلوكها الخارجي، فهي تتبع هوى قلبها، ولا تحسب أي حساب للعالم المحيط بها، وهي تقول: "إن العالم ينبثق من داخلي، ويتوزع على خيوط النور في الوقت الذي أشاء، هذا ما منحني لفترة طويلة إحساسا ً بالتفرد يقترب من النرجسية المطلقة في لحظات خطرة من عمري" 28 . إن بطلة "الوطن في العينين" متمردة على سلطة العادات والتقاليد، فهي تكتب القصائد، وترفض العريس الثري الذي جاء به الأهل، وترفض أن يكون مصيرها كمصير أخواتها المتزوجات، فيضربها اخوتها الذكور حتى يسيل دمها، بل هي تلتحق بالمقاومة الفلسطينية، وتشارك فيها، وتتعرف إلى عدد من الرجال (أبو مشهور - خالد حنوش، جورجيت: "ذهب بعيدا ً"، دار الأندلس، بيروت، ط1، نعنع، حميدة: "الوطن في العينين"، دار الآداب، بيروت، ،1961 ص .169-168 ،1979 ص .9 27 28 30
مجلة جامعة دمشق – المجلد 21- العدد (2+1) 2005 عاطفة فيصل - عصام - نايف)، وتنتقل من مكان إلى آخر إلى أن تصل إلى باريس، وت ُقيم هناك علاقات مع الآخر الأوروبي المتمث ّل بشخصية فرانك مقابلا ً للموقع الذي كانت تحتله الأنثى الأوروبية في بعض الروايات الذكورية العربية، وهي تعيش معه بالرغم من أن له زوجة ومنزلا ً، وهي تناجيه: "يا رجلا ً بحثت في جسده عن النسيان فعجز في جراحي.. يا رجلا ً بحثت في عينيه عن وطن ألجأ إليه فأعادني إلى مدني. يا فرانك يا غربتي.. يا غربتنا معا ً. أنا وأنت ماضٍ يعيش ورأسانا ذلك الماضي" 29 . ومع ذلك تظلّ نادية رغم كلّ ما قامت به تحلم بالعودة إلى الوطن الذي سيتخلص من عاداته وتقاليده، ويتخل ّص من هيمنة العقول القديمة، ولذلك هي تخاطب الآخر الأوروبي فرانك بقولها: "عليك أن تتخذ قرارك وحيدا ً. لا تقصد الآباء. كل ّهم ذوو بطون منتفخة، ويخطئون، وأنت أخطأت أيضا ً" 30 . إن الخطاب الأنثوي في الرواية الرومانسية التمردية هو خطاب الأنثى المثقفة البورجوازية التي ترى العالم كل ّه من خلال ذاتها، وهذا ما رأيناه عند بطلة "أيام معه" ريم غالي التي واجهت العالم المحيط بها والتي ترفض أن تكون كسواها من الإناث امرأة للحمل والإنجاب ليس غير، هي تريد أن تتعل ّم وأن تسافر وأن تعيش حرة كما تشاء، وهذا ما جاء في الخطاب الأنثوي عند إيناس بطلة رواية "الحب والوحل" التي ترفض أن تتزوج كما تتزوج الأخريات في بيئتها، وهذا أيضا ً شأن بطلة "في الليل" وبطلة "الوطن في العينين"، وإذا كان الخطاب الأنثوي في الرواية التقليدية ينطلق من المحافظة على القيم الذكورية المعهودة، فإن الخطاب الأنثوي في الرواية الرومانسية جاء حربا ً على هذه القيم وعلى العادات والتقاليد من خلال تضخ ّم "أنا" البطلة ورؤيتها أن الحق ّ كل ّه ما تقوم به، وأن الآخر - الأسرة - العادات - التقاليد.. (المجتمع إلخ) على خطأ، وذلك رمت وراء ظهرها كلّ ذلك، ومن هنا كان المجتمع الذكوري ضد المصدر نفسه، ص المصدر نفسه، ص .44 .200 29 30 31
- Page 1 and 2: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 3 and 4: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 5 and 6: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 7 and 8: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 9 and 10: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 11 and 12: لا" مجلة جامعة دمش
- Page 13 and 14: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 15: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 19 and 20: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 21 and 22: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 23 and 24: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 25 and 26: مجلة جامعة دمشق - ال
- Page 27: مجلة جامعة دمشق - ال
مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />
عاطفة <strong>في</strong>صل<br />
- عصام - نايف)، وتنتقل من مكان إلى آخر إلى أن تصل إلى باريس، وت ُقيم هناك<br />
علاقات مع الآخر الأوروبي المتمث ّل بشخصية فرانك مقابلا ً للموقع الذي كانت تحتله<br />
الأنثى الأوروبية <strong>في</strong> بعض الروايات الذكورية العربية، وهي تعيش معه بالرغم من أن<br />
له زوجة ومنزلا ً، وهي تناجيه: "يا رجلا ً بحثت <strong>في</strong> جسده عن النسيان فعجز <strong>في</strong><br />
جراحي.. يا رجلا ً بحثت <strong>في</strong> عينيه عن وطن ألجأ إليه فأعادني إلى مدني. يا فرانك يا<br />
غربتي.. يا غربتنا معا ً. أنا وأنت ماضٍ يعيش ورأسانا ذلك الماضي"<br />
29<br />
.<br />
ومع ذلك تظلّ نادية رغم كلّ ما قامت به تحلم بالعودة إلى الوطن الذي<br />
سيتخلص من عاداته وتقاليده، ويتخل ّص من هيمنة العقول القديمة، ولذلك هي تخاطب<br />
الآخر الأوروبي فرانك بقولها: "عليك أن تتخذ قرارك وحيدا ً. لا تقصد الآباء. كل ّهم<br />
ذوو بطون منتفخة، ويخطئون، وأنت أخطأت أيضا ً"<br />
30<br />
.<br />
إن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> الرومانسية التمردية هو خطاب الأنثى المثقفة<br />
البورجوازية التي ترى العالم كل ّه من خلال ذاتها، وهذا ما رأيناه عند بطلة<br />
"أيام معه"<br />
ريم غالي التي واجهت العالم المحيط بها والتي ترفض أن تكون كسواها من الإناث<br />
امرأة للحمل والإنجاب ليس غير، هي تريد أن تتعل ّم وأن تسافر وأن تعيش حرة كما<br />
تشاء، وهذا ما جاء <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي عند إيناس بطلة رواية "الحب والوحل" التي<br />
ترفض أن تتزوج كما تتزوج الأخريات <strong>في</strong> بيئتها، وهذا أيضا ً شأن بطلة<br />
"<strong>في</strong> الليل"<br />
وبطلة "الوطن <strong>في</strong> العينين"، وإذا كان <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> التقليدية ينطلق من<br />
المحافظة على القيم الذكورية المعهودة، فإن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> الرومانسية<br />
جاء حربا ً على هذه القيم وعلى العادات والتقاليد من خلال تضخ ّم<br />
"أنا" البطلة ورؤيتها<br />
أن الحق ّ كل ّه ما تقوم به، وأن الآخر - الأسرة - العادات - التقاليد..<br />
(المجتمع<br />
إلخ)<br />
على خطأ، وذلك رمت وراء ظهرها كلّ ذلك، ومن هنا كان المجتمع الذكوري ضد<br />
المصدر نفسه، ص<br />
المصدر نفسه، ص<br />
.44<br />
.200<br />
29<br />
30<br />
31