26.04.2015 Views

تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق

تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق

تحوّلات الخطاب الأنثوي في الرواية النسوية في سورية - جامعة دمشق

SHOW MORE
SHOW LESS

You also want an ePaper? Increase the reach of your titles

YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong><br />

<strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

الملخص<br />

*<br />

الدكتورة عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

يتناول البحث تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong>،‏ وبخاصة<br />

من حيث صلتها بالرجل والمجتمع والعادات والتقاليد ، وقد بين البحث أن نضال<br />

المرأة على صعيد <strong>الرواية</strong> قد مر <strong>في</strong> ثلاث مراحل متعاقبة تبعا ً للمعطيات التي مرت<br />

بها البلاد منذ الخمسينات من القرن العشرين إلى اليوم،‏ ونتيجة للإقبال المتزايد نسويا ً<br />

على كتابة هذا الجنس الأدبي.‏ وتتلخص هذه المراحل والتحولات بما يلي:‏<br />

1- مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي التقليدي:‏ وقد تجل ّت المطالب الأنثوية <strong>في</strong>ها بما كانت<br />

تسمح به العادات والتقاليد ضمن المجتمع الذكوري الصرف،‏ فكانت المطالبة عادية<br />

ويسيرة ظاهريا ً،‏ ولكنها ت ُفعل من خلال تقبل المجتمع للخطاب الأنثوي من جهة،‏<br />

وللإصلاحات التي نادى بها هذا <strong>الخطاب</strong> من جهة أخرى.‏<br />

‎2‎‏-مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الرومانسي التمردي:‏ وتجلت <strong>في</strong>ها المطالبة الأنثوية<br />

بخرق العادات والتقاليد والقوانين الاجتماعية الضاغطة على المرأة،‏ كما تتجلى <strong>في</strong>ها<br />

بعض الملامح الرافضة لفوقية الذكر ودونية الأنثى،‏ ولكن <strong>الخطاب</strong> ظل بعيدا ً بعض<br />

الشيء عن الفاعلية الحقيقية للظروف الاجتماعية المعهودة،‏ ولكن أثره كان <strong>في</strong> أنه<br />

تمهيد حقيقي لمرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> الجديدة.‏<br />

3- مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد:‏ وتجلت <strong>في</strong>ها المطالبة الأنثوية بتعرية<br />

العلاقات الزائفة بين الذكر والأنثى،‏ وتعرية الفساد الذي يهيمن على الطبقة<br />

البورجوازية،‏ وتعرية فساد السلطة الذكورية الطاغية ، بما <strong>في</strong>ها سلطة المثقف<br />

الذكوري.‏<br />

*<br />

قسم اللغة العربية-‏ كلية الآداب-‏ <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

15


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

<strong>الخطاب</strong><br />

1<br />

‏-لغة-‏ مراجعة الكلام . أما <strong>الخطاب</strong> الأدبي <strong>في</strong> النقد المعاصر فهو<br />

مختلف باختلاف النصوص الإبداعية،‏ ولكن كلمة ‏"خطاب<br />

(discourse)<br />

تستقي<br />

مشروعيتها من طبيعة تصور المادة التي تعالجها والسياق الذي تندرج <strong>في</strong>ه،‏ لأن<br />

<strong>الخطاب</strong> البلاغي <strong>في</strong> ذاته يتجه إلى أن يكتب طبيعة كلية شاملة تتجاوز الصبغة<br />

الجزئية التي غلبت عليه حين يقف عند حدود الكلمة والحالة المفردة،‏ ويحاول تحليلها<br />

2<br />

بشكل مباشر مبتسر لا ينطلق من منظور شامل…‏ والأدب خطاب نصب كلي .<br />

وبما أن الأدب خطاب نصي كلي،‏ وبما أن الأنثى قد أسهمت <strong>في</strong> رسم صورتها<br />

وعلاقاتها بالرجل <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong>،‏ فإننا سنتوقف <strong>في</strong> هذا البحث عند<br />

تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> هذه <strong>الرواية</strong>.‏<br />

مر <strong>الخطاب</strong> النسوي بمراحل مختلفة ومتداخلة حت ّى صار على ما نراه عليه<br />

اليوم من جرأة <strong>في</strong> الطرح للمشكلات الأنثوية التي تعانيها الأنثى <strong>في</strong> المجتمع العربي<br />

<strong>في</strong> <strong>سورية</strong>،‏ وبخاصة <strong>في</strong> صلتها بالرجل والمجتمع والعادات والتقاليد.‏ ولا شك <strong>في</strong> أن<br />

نضال المرأة للوصول إلى أبسط حقوقها بعد أن وعت ذاتها والعالم الذي يحيط بها ذو<br />

تاريخ طويل،‏ فقد كان هذا النضال <strong>في</strong> بداياته ينطلق من اللا ّمساواة بين الجنسين<br />

للوصول إلى حاجات عادية ويسيرة،‏ كحق ّ التعليم والعمل،‏ وحق ّ اختيار الزوج إلى<br />

غير ذلك،‏ ووصف حالات الظلم الواقع على الأنثى.‏ وقد ترافق ذلك بنبرة إصلاحية لا<br />

تتعدى الاستعانة بالرجل نفسه لرفع هذا الظلم.‏ ثم انتقل <strong>الخطاب</strong> إلى حالة من<br />

المواجهة والتمرد على العادات والتقاليد <strong>في</strong> المرحلة الرومانسية بعد أن اكتمل وعي<br />

الأنثى بالعالم من حولها بوساطة التعليم والخروج من المنزل،‏ ولكن هذا <strong>الخطاب</strong> ظلّ‏<br />

يت ّكئ <strong>في</strong> كثير من فقره على الرجل،‏ فالأنثى المتمردة بحاجة إلى حماية،‏ وهي لا<br />

تتخل ّى عنها،‏ ولذلك فإن المساواة بين الجنسين ناقصة إلى أن تحول هذا <strong>الخطاب</strong> <strong>في</strong><br />

1 لسان العرب،مادة ‏"خطب".‏<br />

2 فضل،‏ د.‏ صلاح،‏ ‏"بلاغة <strong>الخطاب</strong> وعلم النص"،‏ سلسلة عالم المعرفة (164)، المجلس الوطني<br />

للثقافة والفنون والآداب،‏ الكويت،‏ آب<br />

،1992 ص .9-8<br />

16


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

<strong>الرواية</strong> المعاصرة إلى المساواة <strong>في</strong> الحقوق والواجبات بعد التحولات الاجتماعية<br />

والاقتصادية والسياسية التي شهدها القطر العربي السوري.‏<br />

إن القوانين الضاغطة على الأنثى <strong>في</strong> المجتمعات الذكورية كثيرة ومختلفة،‏ وقد<br />

تتحول العادات والتقاليد إلى ما يشبه القوانين أحيانا ً،‏ وتكاد النظرة إلى الأنثى تكون<br />

واحدة <strong>في</strong> مرحلة من المراحل لما يقدمه المجتمع من إفرازات تتحول إلى عادات بحكم<br />

القوة التي يفرضها المجتمع على الفرد،‏ وإذا كان الأمر لا يخلو من استثناءات ولكن<br />

الاستثناء لا يشك ّل قاعدة.‏ ربما أن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> ال<strong>سورية</strong> قد تدرج<br />

ضمن التحولات التي طرأت على هذا المجتمع منذ الخمسينيات من القرن العشرين<br />

إلى يومنا<br />

3<br />

فإن البحث يصن ّف هذه التحولات <strong>في</strong> ثلاث مراحل هي:‏<br />

-1<br />

-2<br />

-3<br />

مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي التقليدي<br />

مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الرومانسي ‏(التمردي)‏<br />

مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد<br />

وبما أن موضوع بحثنا <strong>في</strong> تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong><br />

<strong>سورية</strong> عبر مراحل زمنية متعاقبة متداخلة فهذا يتطل ّب منا أن نستعين بالمنهج<br />

التطوري ‏(التاريخي)‏ ليكون دليلنا للوصول إلى نتائج مقبولة مع الاستعانة بالمنهج<br />

الوص<strong>في</strong> التحليلي للوقوف على النصوص الروائية التي كتبتها الأنثى <strong>في</strong> هذا المرحلة<br />

الممتدة من الخمسينيات <strong>في</strong> القرن العشرين زمن ابتداء <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> القطر<br />

العربي السوري إلى يومنا.‏<br />

3<br />

بدأت <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> ال<strong>سورية</strong> مع رواية ‏"أروى بنت الخطوب"‏ لوداد سكاكيني و"يوميات هالة"‏ لسلمى<br />

الحفار الكزبري <strong>في</strong> عام 1950، وقد نشر <strong>في</strong> خمسينيات القرن العشرين خمس روايات بما <strong>في</strong>ها هاتان<br />

الروايتان،‏ ثم عرفت <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> ال<strong>سورية</strong> ازدهارا ً <strong>في</strong> الستينيات،‏ فصدرت اثنتا عشرة رواية،‏ وكان<br />

عدد الروايات <strong>النسوية</strong> المنشورة <strong>في</strong> السبعينيات تسعا ً،‏ وأخذ عدد هذه الروايات بالتزايد <strong>في</strong> الثمانينيات<br />

والتسعينيات من القرن العشرين.‏ للمزيد من الاطلاع انظر:‏ ثبت الروايات ال<strong>سورية</strong>،‏ دراسات اشتراكية<br />

‏(عدد خاص ب<strong>الرواية</strong> ال<strong>سورية</strong> المعاصرة)،‏ العددان 183-182 آذار-‏ حزيران،‏<br />

،2000 ص - 513<br />

.544<br />

17


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

1- مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي التقليدي:‏<br />

هي مرحلة البدايات،‏ وقد كان الصوت الأنثوي <strong>في</strong>ها ما يزال محبوسا ً إلا ّ من<br />

صرخة هنا وصرخة هناك،‏ وهي صرخات إصلاحية،‏ والاحتجاج <strong>في</strong>ها ضعيف،‏ وأهم<br />

ما <strong>في</strong>ها أن ّها تحاول ضمن مجتمع ذكوري مهيمن هيمنة مطلقة أن تبين للآخر الذكر أن<br />

ر<strong>في</strong>قته الأنثى إنسان ودود مسالم و<strong>في</strong> يستحق الرحمة والشفقة،‏ وأن عليه أن يكون<br />

وديعا ً <strong>في</strong> معاملته وسندا ً لها <strong>في</strong> هذه الحياة،‏ وقد ارتفع <strong>في</strong> هذه المرحلة صوتا وداد<br />

سكاكيني <strong>في</strong> روايتيها<br />

‏"أروى بنت الخطوب"‏ و"الحب المحرم"‏ وسلمى الحفار الكزبري<br />

<strong>في</strong> روايتيها ‏"يوميات هالة"‏ و"عينان من إشبيلية".‏<br />

وبما أن العلاقة بين الذكر والأنثى لم تكن سليمة،‏ وإن ّما كانت علاقة سيد بعبد أو<br />

مستعمِر بمستع مر،‏<br />

4<br />

‏"أي فتح وسيطرة من جانب،‏ ورضوخ واستسلام من جانب آخر<br />

‏،فإن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> لم يكن قادرا ً <strong>في</strong> هذه المرحلة أن يشك ّل صوتا ً عاليا ً،‏<br />

لأن الأنوثة <strong>في</strong> الفكر التقليدي جنس أدنى من جنس الذكورة،‏ فهي قد خ ُلقت لأغراض<br />

غير الأغراض التي خ ُلق من أجلها الذكر،‏ وتقتصر وظيفتها <strong>في</strong> الحياة على الإنجاب<br />

وتربية الأطفال وخدمة الزوج،‏ ويدلي محمد كرد علي بخلاصة رأيه <strong>في</strong> هذا المجال:‏<br />

‏"وبعد فقد كنت ُ،‏ ولا أزال ظهيرا ً للمرأة،‏ محبا ً لإنصافها،‏ آسفا ً للاستعباد الذي حاق بها،‏<br />

محاولا ً تعليمها ، كلّ‏ ما يرفع من شأنها،‏ داعيا ً لإقناعها بحجابها الشرعي،‏ ذاهبا ً إلى<br />

أن تخلف المرأة المسلمة عن الأخذ بحظ ّ من التهذيب قذف بالمسلمين من حالق المدنية<br />

إلى هاوية الانحطاط،‏ وما طلبت إعطاء المرأة زيادة على حق ّها،‏ وما جوزت لنفسي أن<br />

أخدعها،‏ وأتمل ّقها،‏ توق ّعا ً لرضاها،‏ وكنت وما برحت على مثل اليقين أن من يعاون<br />

المرأة على مساواة الرجل يخدعها ويضحك منها"‏<br />

5<br />

.<br />

4<br />

5<br />

طرابيشي،‏ جورج:‏ ‏"شرق وغرب،‏ رجولة وأنوثة"،‏ دار الطليعة،‏ بيروت،‏ ط<br />

كرد علي،‏ محمد:‏ ‏"أقوالنا وأفعالنا"،‏ دار إحياء الكتب العربية،‏ مصر،‏<br />

،1982 ،3 ص .9<br />

،1946 ص .372<br />

18


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

إن الأنثى <strong>في</strong> هذا <strong>الخطاب</strong> مراقبة ٌ مراقبة ً شديدة،‏ ومحاصرة ٌ حصارا ً منيعا ً،‏ بل<br />

هي مبعدة عن عالم الذكورة،‏ العالم الأعلى،‏ ولا يجوز لها بحال من الأحوال الاقتراب<br />

منه،‏ وجسدها عورة منذ ولادتها،‏ ولذلك يتدخ ّل الأهل <strong>في</strong> شؤونها كافة،‏ وبخاصة قبيل<br />

فترة المراهقة،‏ للحفاظ على شرف الأسرة،‏ وثمة ممنوعات عليها أن تلتزم بالابتعاد<br />

عنها،‏ ومنها الحديث <strong>في</strong> شؤون الجسد والحب‏،‏ والحديث إلى الرجال أو مجالستهم،‏<br />

والمجاهرة بإحساساتها،‏ والحديث <strong>في</strong> السياسة،‏ وما شابه ذلك مما يخص الرجال دون<br />

النساء،‏ وأكثر ما يخشاه الأهل أن تظلّ‏ الأنثى من دون زواج،‏ فهي حمل ثقيل على<br />

الأسرة،‏ وأهلها <strong>في</strong> انتظار العريس للخلاص من هذا العبء الثقيل،‏ ولذلك تتصف هذه<br />

المرحلة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي بمرحلة اللامساواة بين الجنسين،‏ فلكلّ‏ منهما عالمه<br />

ووظيفته،‏ ولكلّ‏ منهما مكانته،‏ وثمة سيد يأمر وينهى وثمة مسود يطيع وينف ّذ،‏ وتحل ّل<br />

فاطمة أزرويل <strong>في</strong> بحثها ‏"المرأة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> السل<strong>في</strong>"‏ العلاقة بين الجنسين بقولها:‏ ‏"لا<br />

تحتلّ‏ وضعية الأسرة والعلاقة بين الجنسين مساحة هامة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> السل<strong>في</strong> المعاصر<br />

لأنها المقياس الأساسي للحكم على مدى وتحضر وجاهلية المجتمع والشرط الأساسي<br />

لقيام مجتمع سليم يستلزم أسرة متضامنة متماسكة وهذا التماسك أو التضامن لا يتحق ّق<br />

إلا ّ إذا ارتكز على ترتيب صارم بين المرأة والرجل،‏ بحيث ترفض كل فكرة<br />

للمساواة<br />

6<br />

.<br />

إن اللامساواة <strong>في</strong> المعاملة بين الجنسين تبدأ منذ الطفولة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي،‏<br />

فعلى البنت أن تضحي <strong>في</strong> سبيل أخيها الذكر،‏ لأن ّه أساس الأسرة،‏ وهو الذي سيحمي<br />

اسمها ويدافع عن وجودها وكرامتها وشرفها،‏ <strong>في</strong> حين أن إقامة الأنثى <strong>في</strong> منزل<br />

الوالدين مؤقتة،‏ ولذلك تعامل الأم فريزة ابنها سهيلا ً معاملة خاصة <strong>في</strong> رواية ‏"الحب<br />

‏"صور نسائية"‏ ‏(فاطمة المرنيسي وآخرون)،‏ تر.جورجيت قسطون،‏ <strong>دمشق</strong>،‏ د.ت،‏ ص<br />

.172<br />

6<br />

19


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

المحرم"‏ لوداد سكاكيني،‏ فهي تستجيب لطلباته كل ّها،‏ ولا تضيق منها،‏ <strong>في</strong>أكل فوق<br />

نصيبه،‏ <strong>في</strong> حين تبقى أختاه آخر من يشبع من الطعام<br />

.<br />

7<br />

والحب الذي يجاهر به المراهقون الذكور ممنوع ومحظور على المراهقات<br />

الإناث،‏ وذلك لا تستطيع الأنثى أن تبوح بهذا المحرم على لسانها،‏ فالعادات والتقاليد<br />

لا تسمح لها بذلك،‏ ولذا فإن نديدة تكشف عن حبها للمفك ّرة التي كتبتها <strong>في</strong> غياب سهيل<br />

للدراسة <strong>في</strong> أوربة،‏ فتكتب:‏ ‏"ولولا أن للقلم تعبيرا ً يمكن أن أكشف به عن سري<br />

المرهف وشعوري المكبوت الذي يسمى حبا ً،‏ لما تجاسرت على تصويره بالكتابة،‏ إذ<br />

ليس من عادتنا أن نستبيح ذكر هذه الكلمة،‏ لأن الحب <strong>في</strong> مصطلح عاداتنا وتقاليدنا<br />

عيب وذنب،‏ فأنا أخط ّ هذا اللفظ بقلمي،‏ ولا أحرك به فمي"‏<br />

8<br />

.<br />

والأنثى <strong>في</strong> المجتمع التقليدي ضعيفة،‏ وهي بحاجة إلى من يحميها من الرجال<br />

<strong>في</strong> مجتمع أشبه بمجتمع الذئاب،‏ وبخاصة إذا كانت هذه الأنثى جميلة،‏ فهي محط ّ<br />

أنظار القريبين والبعيدين،‏ وهي معرضة للغزو،‏ وت ُنسج حولها الشباك والأقاويل،‏ وهذا<br />

هو مصير أروى بنت الخطوب <strong>في</strong> رواية وداد سكاكيني،‏ فقد كان جمال أروى سبب ًا<br />

لمصائبها المتتالية منذ أن غادرها زوجها التاجر،‏ وتركها <strong>في</strong> رعاية أخيه الذي حاول<br />

الاعتداء عليها لجمالها،‏ ولما لم يفلح بذلك لف ّق لها تهمة كاذبة،‏ وهكذا تنتقل أروى من<br />

اعتداء إلى آخر،‏ وتظلّ‏ صامدة محافظة على شرفها،‏ وتتعرض للاتهام بالخيانة<br />

والسرقة،‏ وت ُباع كجارية،‏ وهي تتخل ّص من مضايقة لتقع <strong>في</strong> أخرى بسبب جمالها،‏<br />

وتتمنى لو أنها لم تخلق على هذا القدر من الجمال الذي سبب بها كلّ‏ هذه التعاسة،‏<br />

وهذا ما بينه لها صديقها ال<strong>في</strong>لسوف ‏"أرخانوس"‏ حين شرح لها أن الجمال كالذهب،‏ وقد<br />

تعب الرجال <strong>في</strong> طلبه،‏ وأعيى المرأة الحفاظ ُ عليه،‏ وحامل الذهب كحامل الجمال،‏<br />

سكاكيني،‏ وداد:‏ ‏"الحب المحرم"،‏ دار الفكر العربي،‏ مصر،‏ د.ت،‏ ص<br />

المصدر نفسه:‏ ص<br />

.8-7<br />

.58<br />

7<br />

8<br />

20


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

يلحق به اللصوص <strong>في</strong> البر والبحر،‏ ويقت<strong>في</strong> أثره الطامعون،‏ ولو اتخذ نفقا ً <strong>في</strong> الأرض<br />

أو سل ّما ً <strong>في</strong> السماء"‏<br />

9<br />

.<br />

وليست المرأة <strong>في</strong> المجتمع التقليدي غير خادمة عند الزوج،‏ فهو سيدها،‏ وعليها<br />

أن تطيعه وتلبي له طلباته،‏ فلما دعي الطبيب سهيل وأهله إلى حفل أنفق عليه أهل<br />

العروس بعد الخطبة تلق ّته أمها بالمجاملة المعهودة <strong>في</strong> هذا المجتمع،‏ قائلة:‏ ‏"هذه بنتي<br />

يا دكتور خادمة <strong>في</strong> بيتك و<strong>في</strong> عهدتك"‏<br />

10<br />

.<br />

ونظرة المجتمع إلى الأنثى المتعل ّمة <strong>في</strong>ها الكثير من الريبة والخوف،‏ فالمرأة<br />

ولدت،‏ حسب العادات،‏ للإنجاب لا للتعل ّم والتعليم والعمل،‏ وخروج الأنثى من بيتها<br />

طعنة <strong>في</strong> كفاءة الزوج وذكوريته ومقدرته على حماية الزوجة،‏ ناهيك عن أن تعليم<br />

الأنثى يخرجها من جنسها ويجعلها مسترجلة،‏ ولذلك كان أبو سهيل وأم سهيل يؤمنان<br />

بأن وظيفة الأنثى <strong>في</strong> البيت"‏<br />

.<br />

11<br />

ولا تختلف طروحات رواية ‏"عينان من إشبيلية"‏ كثيرا ً عن طروحات وداد<br />

سكاكيني،‏ ولكن المكان والشخصيات انتقلا إلى إسبانيا،‏ وحافظت سلمى الحفار<br />

الكزبري على المقولة التقليدية،‏ وهي أن الإنسان المهذ ّب لا بد من أن يكون من أصل<br />

نبيل،‏ وهذا ما نجده <strong>في</strong> شخصية ‏"كارمن"‏ الفتاة الجميلة التي تفر من ظروف حياتها<br />

الأسرية القاسية،‏ لتتزوج بعد ذلك من الدون روبرتو،‏ ثم تتعرف بالمصادفة إلى خالها،‏<br />

وإذا هي كذلك من أصل ر<strong>في</strong>ع،‏ وليس ذلك فحسب،‏ وإن ّما أخذ خالها حين رآها وسمع<br />

رن ّة صوتها يبحث <strong>في</strong> وجه كارمن وصورتها عن وجه معروف له من قبل وصوت<br />

طالما سمعه،‏ ولما عاد إلى صورة شقيقته أم كارمن التي فقدها <strong>في</strong> أثناء الحرب تعرف<br />

إليها،‏ وتذكر والدها رفائيل الفاريس زميل والد روبرتو <strong>في</strong> المدرسة العسكرية<br />

.<br />

12<br />

.96<br />

9<br />

10<br />

11<br />

12<br />

سكاكيني،‏ وداد:‏ ‏"أروى بنت الخطوب"،‏ دار الفكر العربي،‏ مصر،‏ د.ت،‏ ص<br />

‏"الحب المحرم":‏ ص<br />

المصدر نفسه:‏ ص<br />

الحفار الكزبري،‏ سلمى:‏ ‏"عينان من اشبيلية"،‏ دار الكاتب العربي،‏ بيروت،‏ د.ت،‏ ص<br />

.218-212<br />

.126<br />

.32<br />

21


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

ولا ينتهي هذا <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الروائي عن فترة محددة ليبدأ خطاب آخر<br />

مختلف بعده،‏ ولكن ّه قد يستمر <strong>في</strong> المرحلة الثانية،‏ وقد يصل إلى المرحلة الثالثة،‏ من<br />

ذلك مثلا ً رواية ‏"بنات حارتنا"‏ للروائية ملاحة الخاني الصادرة <strong>في</strong> أواخر التسعينيات<br />

من القرن العشرين،‏ فالكاتبة ما تزال تعالج مشكلات الأنثى <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> التقليدي،‏<br />

وكأن العصر ما تقدم عما كان عليه <strong>في</strong> الخمسينيات من القرن العشرين،‏ فسلمى بطلة<br />

<strong>الرواية</strong> تنشأ <strong>في</strong> أسرة يحكمها الذكر حكما ً مطلقا ً،‏ فثمة سلطة الأب المقدسة،‏ وثمة<br />

سيطرة الأخ الضعيف سامي،‏ وليس عادل،‏ وهو رمز المثق ّف المتفت ّح،‏ أكثر انفتاحا ً<br />

على عالمه مع الأنثى،‏ وهي ‏"ترفض الانضواء منذ سنواتها الأولى تحت هيمنة العرف<br />

السائد وقيده الذهبي"‏<br />

13<br />

.<br />

والوظيفة الأولى والأخيرة للمرأة <strong>في</strong> هذا <strong>الخطاب</strong> هي الزواج فالإنجاب،‏ وهم<br />

الأسرة الحصول على عروس ملائم،‏ ولا يهم بعد ذلك إذا كان الفارق العمري كبيرا ً،‏<br />

لأن الفتاة مهددة بالعنوسة قبل سن العشرين،‏ ولذلك ينبغي التخل ّص منها،‏ حتى لو كان<br />

الزوج شبيها ً بزوج أخت سلمى الزوج الخائن الذي ‏"لا يوف ّر كلبة <strong>في</strong> الشارع ولا<br />

يتورع عن قطة"‏<br />

14<br />

.<br />

ولا تجد سلمى بطلة <strong>الرواية</strong> متنف ّسا ً ضمن هذه البيئة القاسية،‏ فتكتب <strong>في</strong> مراهقتها<br />

قصة بعنوان ‏"حبيبين انتحرا"‏ وذلك لأن المجتمع سد عليهما الأبواب والمنافذ جميعها،‏<br />

فآثرا الموت وحيدين ليعبرا برومانسية خالصة عن ظلم المجتمع وقساوته،‏ وقد عبرت<br />

بطلة القصة عن احتجاجها بقولها:"الزواج ليس فراشا ً،‏ وليست المشكلة أن ّها رفضت<br />

ابن عمها.‏ بل إن ّها شقت عصا الطاعة<br />

على إرادة العشيرة"‏<br />

15<br />

‏،وكان الشرف هو<br />

الأهم <strong>في</strong> مثل هذه الأسرة،‏ فقد طارت أم الفتاة المنتحرة من الفرح والسرور لأن<br />

الطبيب الشرعي أثبت براءتها.‏<br />

الخاني،‏ ملاحة:‏ ‏"بنات حارتنا"،‏ اتحاد الكتاب العرب،‏ <strong>دمشق</strong>،‏<br />

المصدر نفسه:‏ ص<br />

المصدر نفسه:‏ ص<br />

،1998 ص .7<br />

.8<br />

.16<br />

13<br />

14<br />

15<br />

22


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

يواجه <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> هذه المرحلة عالما ً من الضغوط الرافض لفكرة<br />

المساواة بقوة،‏ فالزوج زعيم الأسرة مهما يكن وضعه المادي أو العقلي،‏ وذكوريته<br />

تؤهله لهذه الزعامة،‏ فلا تستطيع الزوجة الخروج إلا ّ بإذن منه،‏ وثمة عادات معروفة،‏<br />

فالأم التي تلد الذكور مكرمة يقتدى بها <strong>في</strong> المجتمع الأبوي،‏ وتظلّ‏ أم البنات محتقرة<br />

ولو ضمنيا ً،‏ وعلى المرأة الطاعة مقابل نفقة الزوج،‏ بل إن الزواج صفقة اقتصادية<br />

بين الزوج والولي،‏ كما تذهب إلى ذلك فاطمة المرنيسي<br />

16<br />

، ولذلك كانت الأنثى تبحث<br />

عن رجل لحمايتها،‏ فإذا فقدته ‏(وفاة-‏ سفر-‏ طلاق)‏ أصبحت بلا حماية،‏ وأخذت تنوح<br />

عليه،‏ لأن ّها فقدت الحامي والمعيل.‏<br />

هكذا نجد أن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> التقليدية تقليدي،‏ فهي أولا ً رواية<br />

أحداث،‏ والأحداث مترابطة منطقيا ً،‏ وهي متسلسلة تسلسلا ً تصاعديا ً،‏ وإن استعانت هذه<br />

الكاتبة أو تلك بالمصادفات <strong>في</strong> الوصل بين هذا الحدث أو ذاك،‏ وهي رواية أفكار<br />

ثانيا ً،‏ فالفكرة التي تنطلق منها هذه الكاتبة أو تلك تقوم على ترسيخ لقيم الذكورة<br />

ومبادئها وقوانينها،‏ حتى إن هذه القيم والمبادئ تشمل اللغة الروائية نفسها،‏ لتجعلها<br />

واحدة <strong>في</strong> الألفاظ والعبارات والخيال والحوار والأسلوب والبناء الفن ّي،‏ وهي لغة<br />

ذكورية خالصة تستند إلى المتانة والفصاحة الذكوريتين،‏ وكأن الأنثى تتكل ّم بلغة<br />

المذكر أو تستعيرها.‏<br />

ويعترف <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> هذه المرحلة - ولو ضمني ًا - باللا ّمساواة ولذلك<br />

يسعى هذا <strong>الخطاب</strong> إلى السلم وإلى أن ينال أبسط الحقوق لأنثى مهذ ّبة مطيعة من<br />

أصل ر<strong>في</strong>ع تتعرض للمضايقات <strong>في</strong> مجتمع قاسٍ‏ لا يرحم،‏ كما هي الحال <strong>في</strong> التراجيديا<br />

الإغريقية التي تتعرض شخوصها لحكم الأقدار،‏ ولذلك فإن الأنثى لا تقيم حربا ً ضد<br />

القوانين والعادات والتقاليد والرجل،‏ وإن ّما هي ترفع راية الاستسلام،‏ وتتبن ّى القيم التي<br />

يتبن ّاها الطرف الآخر،‏ ولكن ّها تطلب العدالة،‏ ولذلك حظي هذا <strong>الخطاب</strong> بمباركة<br />

‏"صور نسائية":‏ ص<br />

.130<br />

16<br />

23


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

ذكورية،‏ لأنه لا يخرج عما يريده المجتمع التقليدي من الأنثى،‏ فتعاطف مع هذا<br />

<strong>الخطاب</strong> وشجعه دون أن يدري ما يحمله هذا <strong>الخطاب</strong> من محاولات خ<strong>في</strong>ة لاختراق قيم<br />

الذكورة وحصونها،‏ ومن هذه المحاولات الاعتراف بأن عقل الأنثى غير قاصر،‏ وهي<br />

قادرة على الكتابة والإبداع،‏ وهذا مجال الذكورة،‏ كما كان معروفا ً <strong>في</strong> تلك المرحلة،‏<br />

وأن الشائع <strong>في</strong> تلك المرحلة أن وظائف الأنثى تقتصر على الحمل والإنجاب وخدمة<br />

الزوج،‏ وأن الكتابة أمر لا يخرج إلا ّ عن الرجل،‏ ولذلك ذهب محمد كرد علي إلى أن<br />

عقل المرأة لا يتناسب والإبداع،‏ و"أن معظم ما عزي إلى المرأة من التآليف هو من<br />

صنع الرجال.‏ وما عدا ذلك فكتابات متوسطة وشعر غث ّ"‏<br />

17<br />

-2<br />

‏،وعلينا ألا ّ ننسى أيضا ً<br />

ما <strong>في</strong> هذا <strong>الخطاب</strong> من خروقات أخرى لقيم الذكورة حين جعلت هذه الروائية أو تلك<br />

البطولة للأنثى،‏ وأقامت الأحداث من حولها،‏ وليس ذلك فحسب،‏ وإن ّما كانت هذه<br />

الأنثى البطلة إيجابية،‏ هي التي تحافظ على قيم الذكورة،‏ <strong>في</strong> حين كان المجتمع أو<br />

الذكر بطلا ً سلبيا ً يحاول خرق هذه القيم بأساليبه الشريرة،‏ فظهرت الأنثى حامية لكلّ‏<br />

ما هو نبيل وسامٍ.‏<br />

مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الرومانسي ‏(التمردي):‏<br />

عرفت <strong>سورية</strong> تحولات سياسية واجتماعية وثقا<strong>في</strong>ة متلاحقة <strong>في</strong> الخمسينيات من<br />

القرن العشرين نتيجة للتأثر بنكبة فلسطين من جهة،‏ وللانقلابات العسكرية المتتالية من<br />

جهة ثانية،‏ ثم إن انتشار الأحزاب السياسية التي حاولت استقطاب أكبر عدد من<br />

المواطنين،‏ ومنهم المرأة،‏ قد أدى إلى تغيرات سريعة <strong>في</strong> بنية المجتمع،‏ وكان لصعود<br />

الطبقة البورجوازية دور <strong>في</strong> ذلك أيضا ً،‏ فبدأت الأسر <strong>في</strong> أواخر عقد الخمسينيات<br />

تتساهل <strong>في</strong> قضية تعليم الأنثى،‏ واستطاعت المرأة المتعل ّمة أن تشارك مشاركة بسيطة<br />

<strong>في</strong> الحياة السياسية،‏ وأن تعي ذاتها والعالم من حولها،‏ وأن تعرف ما لها وما عليها،‏<br />

فتمردت أولا ً على أوامر الأسرة،‏ ورفضت أن تكون شبيهة بجدتها أو أمها تنتظر<br />

‏"أقوالنا وأفعالنا":‏ ص<br />

.361-360<br />

17<br />

24


لا"‏<br />

مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

العريس قابعة <strong>في</strong> منزلها،‏ وهي المرأة التي خرجت إلى ال<strong>جامعة</strong> والحياة،‏ أما تقاليد<br />

المجتمع التقليدي وعاداته فما عادت تنظر إليها،‏ وكأن ّها أوامر ليست موجهة لها،‏ ولا<br />

هي تعنيها من قريب أو بعيد،‏ وإن ّما هي أوامر موجهة إلى الأنثى القابعة <strong>في</strong> المنزل أو<br />

الأنثى التي لم تخرج إلى الحياة،‏ والحقيقة أن عدد هؤلاء الإناث كان ضئيلا ً جدا ً<br />

بالقياس إلى ما <strong>في</strong> المجتمع،‏ ولكن هذه الأنثى قد رجت بسلوكها العادات والتقاليد رجة<br />

قوية،‏ فكانت الأنثى ال<strong>سورية</strong> المتشبهة بالأنثى الأوروبية،‏ ولذلك سميت بالأنثى<br />

المخملية المتمردة على سلطة الأسرة والمجتمع <strong>في</strong> آن معا ً،‏ وهي الأنثى التي جاهرت<br />

بأن ّها حرة <strong>في</strong> أقوالها وتصرفاتها وهي تعيش كما تشاء،‏ وهي التي تختار العريس،‏<br />

وترفض أن تكون سلعة أو دمية أو غرضا ً غزليا ً،‏ وقد أصبح لهذه الأنثى قلب يحب<br />

جهارا ً،‏ <strong>في</strong> حين كان الحب من المحظورات على الأنثى التقليدية،‏ بل هو شيء معيب<br />

لها ولأسرتها ومجتمعها.‏<br />

تتمثل صورة هذه الأنثى <strong>في</strong> شخصية ‏"ريم غالي"‏ بطلة رواية ‏"أيام معه"‏ لكوليت<br />

خوري،‏ فهي أنثى من الطبقة البورجوازية ال<strong>دمشق</strong>ية،‏ وقد نالت قسطا ً لا بأس به من<br />

التعليم،‏ وهي أنثى جميلة ومدل ّلة،‏ على نقيض الفتيات <strong>في</strong> الأسر ذات التربية التقليدية،‏<br />

وليس ذلك فحسب،‏ وإنما هي تكتب الشعر،‏ وتتحدث اللغتين الفرنسية والإنكليزية،‏<br />

وهي <strong>في</strong> ذلك تختلف أيضا ً عن الفتاة السابقة التي لا يجوز لها أن تكتب الشعر<br />

وتتحدث عن إحساساتها،‏ وبالرغم من أن والدها انصاع للعادات والتقاليد <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

<strong>في</strong> تلك الفترة،‏ وحال دون أن تذهب ابنته إلى ال<strong>جامعة</strong>،‏ فإن ريم رفضت أن تكون<br />

كالأخريات ممن ينتظرن العريس بين أربعة جدران<br />

18<br />

!<br />

‏.وقررت أن تواجه مصيرها<br />

بالتمرد والإصرار إلى أن حققت المطلب الأول،‏ وهو الدراسة بالمراسلة:‏<br />

أنا لم أوجد فقط لأتعل ّم الطهي ثم أتزوج فأنجب أطفالا ً ثم أموت!‏ إذا كانت<br />

هذه هي القاعدة <strong>في</strong> بلدي فسأشذ ّ أنا عنها…‏ أنا لا أريد أن أتزوج!‏ أنا أريد أن أعيش<br />

‏"أيام معه"،‏ المكتب التجاري للطباعة والنشر،‏ بيروت،‏ ط‎4‎‏،‏<br />

،1967 ص .22-21<br />

18<br />

25


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

حياتي،‏ لا أن ت ُرسم حياتي!‏ أريد أن أحصل على شهادات عالية..‏ أريد أن أدرس<br />

الموسيقى..‏ أن أتعلم الغناء..‏ أن أكتب الشعر..‏ أن أرسم..‏ أن أعمل..‏ أن أشتغل..‏ أن<br />

.. أريد .. أسافر..‏ أريد<br />

أريد..‏ وكم وكم يريد طموح السابعة عشرة!‏ (…)<br />

حاولت بجميع الطرق أن أقنع والدي كي يتنازل عن رأيه،‏ غضبت..‏ ثرت..‏<br />

حزنت..‏ مرضت..‏ وأخيرا ً،‏ رضخ للأمر مستاء‏،‏ وقبل أن أدرس ولكن..‏ بالمراسلة.‏<br />

ومع أنني لا أؤمن بطريقة الدراسة هذه،‏ فقد وجدت <strong>في</strong>ها عزاء بسيطا ً،‏ ومنفذا ً ولو<br />

ضيقا ً،‏ أنفث <strong>في</strong>ه بعض طموحي.‏ وبقيت <strong>في</strong> البيت،‏ أهرب من جفاف أوراق الحقوق،‏<br />

لأرتمي <strong>في</strong> نداوة الشعر"‏<br />

19<br />

.<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

.23-22<br />

19<br />

26


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

وريم ذات طموحات كبيرة،‏ فهي تطمح إلى أن تكون الأنثى مساوية للذكر <strong>في</strong><br />

مجتمع يخنق طموحاتها من المهد إلى اللحد،‏ ولذلك كان تمردها على قوانين هذا<br />

المجتمع وعاداته عاصفا ً،‏ فريم تنتقي أصدقاءها من الرجال،‏ ولا تتوقف عند هذا الحد‏،‏<br />

وإن ّما تحاول أن تخترق المألوف،‏ وتتجاوز العادات،‏ فلا تكت<strong>في</strong> بمرافقة زياد <strong>في</strong><br />

شوارع مدينة <strong>دمشق</strong>،‏ وإن ّما تتوقف أمام مقهى من مقاهيها الخاصة بالذكور،‏ وتحاول<br />

أن تدخل مع هذا الرجل الغريب إلى هذا المقهى<br />

20<br />

، ولكن عيون الرجال تخترق<br />

جسدها،‏ وهي تصيح جائعة،‏ <strong>في</strong>ضطر زياد إلى أن يدعوها إلى أن يشربا فنجان القهوة<br />

<strong>في</strong> منزله أو منزلها،‏ و<strong>في</strong> حين تصب ريم جام غضبها على البلد الذي لا يؤمن حرية<br />

مطلقة لإناثه،‏ فتقول:‏ ‏"أنا حرة،‏ أستطيع الذهاب مع زياد إلى أي مقهى أشاء،‏ ولكن<br />

المقهى الذي أتوق إليه،‏ والذي يذهب إلى من يشاء،‏ من الرجال والنساء،‏ ليأخذوا بكلّ‏<br />

بساطة،‏ فنجانا ً من القهوة،‏ أو كأسا ً من ‏"البوظة"‏ دون أن تلتهمهم العيون وتلوكهم<br />

الألسن،‏ هذا المقهى ‏"الطبيعي"،‏ للأسف،‏ تفتقده بلدتي"‏<br />

.<br />

21<br />

وتصل الجرأة بريم إلى أن تجمع بين خطيبها ألفريد وحبيبها زياد <strong>في</strong> حفلة تقام<br />

<strong>في</strong> منزلها تضم الأهل والأصدقاء،‏ وهكذا لا تقيم ريم الأنثى البورجوازية المتمردة أي<br />

وزن للعادات والتقاليد،‏ بل تضرب تلك القيم البورجوازية،‏ وهي التستر على الفضائح<br />

بعرض الحائط،‏ ثم هي تجلس بينهما:‏ ‏"أنا..‏ بينهما..‏ بين فورة الشباب واندفاعه<br />

..<br />

وحياة أثقلتها سنون التجارب بين جبين شمخ بالطموح والآمال..‏ وصدغ خطت عليه<br />

الذكريات أسطرا ً بيضا ً..‏ بين قلب يخفق بصمت خلف أسوار كبريائه..‏ وقلب أنهكه<br />

الاستهتار،‏ ليدميه أخيرا ً الندم … بينهما،‏ بين عاطفة عميقة،‏ لكن أنانية،‏ تحجب عن ّي<br />

الهواء،‏ وتنكر علي حق ّ الحرية والفردية..‏ وعاطفة عابرة،‏ تنكر علي معنى الكرامة،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

.133-132<br />

.133<br />

20<br />

21<br />

27


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

فتباع وتشرى بخصر مياد،‏ أو بشفتين مكتنزتين،‏ أو بنهدين متمردين،‏ وتذلني!‏ بينهما..‏<br />

بين خطيبي..‏ وحبيبي.."‏<br />

وإيناس بطلة رواية<br />

22<br />

.<br />

‏"الحب والوحل"‏ للدكتورة إنعام المسالمة متمردة أخرى على<br />

العادات والتقاليد،‏ وهي فتاة ري<strong>في</strong>ة حاول ذووها أن يجعلوها شبيهة بالأخريات <strong>في</strong><br />

مجتمعهم،‏ لكنها كانت مثل ريم غالي بطلة رواية ‏"أيام معه"،‏ فتحدت عادات المجتمع<br />

التقليدي،‏ وأصرت على أن تتعل ّم،‏ فأنهت دراستها الثانوية بتفوق كبير،‏ ثم وقفوا مرة<br />

أخرى إزاء ذهابها إلى ال<strong>جامعة</strong> <strong>في</strong> المدينة،‏ ولكن ّها تواجههم بقوة وتذهب إلى المدينة،‏<br />

وتتفوق مرة أخرى على الشبان،‏ حتى إنها جعلت أهل بلدتها يقولون بينهم وبين<br />

أنفسهم:‏ ‏"إن ّها تفوق الشباب،‏ ليت شبابنا كانوا فتيات مثلها"‏<br />

.<br />

23<br />

وإيناس الفتاة الجامعية التي تدرس الطب تتمرد على إرادة الأهل <strong>في</strong> تزويجها<br />

من ابن عمها،‏ وتتمرد على التقاليد القبلية المعهودة،‏ ولما لم تجدِ‏ محاولاتها <strong>في</strong> رفضه<br />

وإقناعهم بالعدول عن الفكرة،‏ وصرخت <strong>في</strong> وجوههم قائلة:‏ ‏"لن يكون ذلك..‏ لا لن<br />

يكون..‏ تزوجوه أنتم!‏ فأنا أعرف تاريخ ابن عمي،‏ وأفكار ابن عمي المتعجرف<br />

المدل ّل.‏ وارتعدت أمي خوفا ً..‏ واستنكر والدي ولم يرضخوا..‏ هددتهم بالانتحار!‏<br />

واستعاذوا باالله من شر الشيطان..‏ ومن ّي..‏ فقد كنت شيطانا ً أكثر من الشيطان ذاته..‏<br />

الشيطان الذي لم يستطع مرة إرغامهم على شيء يكرهونه..‏ وسكتوا مكرهين..‏ فقد<br />

خافوا الفضيحة..‏ وصرفوا النظر مؤقتا ً كما قالوا..‏ لقد نسوا أنهم كانوا <strong>في</strong>ما مضى<br />

ينتظرون أن يأتي إليهم فتى..‏ فتى يكون هو سيد نفسه..‏ فجئت أنا..‏ وأنا هي التي<br />

ستقرر متى يجب أن أتزوج!"‏<br />

.<br />

24<br />

إن الأنثى <strong>في</strong> هذا <strong>الخطاب</strong> الرومانسي غدت محصنة بذاتية متضخ ّمة فهي لا<br />

تنظر إلى الخارج حيث العادات والتقاليد والمجتمع الذكوري الضاغط بقوة،‏ وإن ّما هي<br />

المصدر نفسه،‏ ص 367-366.<br />

المسالمة،‏ د.‏ إنعام:‏ ‏"الحب والوحل"،‏ دار الثقافة ب<strong>دمشق</strong>،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

،1963 ص .82<br />

.85<br />

22<br />

23<br />

24<br />

28


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

تستمد مبادئها وقوانينها من داخلها،‏ وهي لا تسير بقوة القوانين والعادات،‏ وإنما تسير<br />

بقوة الإحساسات والعاطفة،‏ وهي لا تلتفت إلى المصاعب التي تواجهها،‏ وإنما تلتفت<br />

إلى قناعتها الخاصة،‏ وهذا ما نتلمسه عند بطلة رواية ‏"<strong>في</strong> الليل"‏ لهيام نويلاتي،‏ فهي<br />

تنقاد لقلبها،‏ وتخرج إلى منزل الموسيقي الغريب مع أختها دون أن تحسب أي حساب<br />

لما سيجري من جراء ذلك،‏ بل هي تتمرد على حياة المنزل وتعده سجنا ً،‏ ثم هي تزور<br />

زميلاتها،‏ وتذهب وحيدة إلى السينما<br />

25<br />

، ويصل الأمر بهذه البطلة إلى أن تسعى إلى<br />

الفضيحة لمواجهتها،‏ وكأن التمرد صار غاية عندها،‏ وكأن ّها تريد أن تنتقم من المجتمع<br />

الذكوري وعاداته وتقاليده،‏ وهي تبحث عن الحرية المطلقة <strong>في</strong> مجتمع يقيد الأنثى<br />

بقيود ثقيلة،‏ ولكن هذه الأنثى تتبع قناعاتها قائلة:‏ ‏"ولكن..‏ ألست راضية عن سلوكي..‏<br />

ألست مقتنعة به..‏ ألست ُ واثقة من نفسي..‏ يك<strong>في</strong>ني شعوري هذا الطبيعي،‏ ولو كنت ُ<br />

على رأي غيري مخطئة"‏<br />

26<br />

.<br />

إن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> مرحلة الستينيات من القرن العشرين خطاب التمرد على<br />

الأوضاع الاجتماعية السائدة <strong>في</strong> المدن ال<strong>سورية</strong> الكبيرة فالأنثى <strong>في</strong>ه ما زالت <strong>في</strong> عيون<br />

المجتمع إنسانا ً ناقصا ً،‏ وهو ينظر إليها على أنها مخلوق دون الذكر مكانة ومنزلة،‏<br />

وهو يراقب تصرفاتها ويقمع أي محاولة للخروج على أنظمته الذكورية،‏ مع أن الأنثى<br />

غدت واعية لذاتها،‏ وهي تعرف ما لها وما عليها،‏ ولا سيما أن ّها خرجت من المنزل<br />

إلى ال<strong>جامعة</strong>،‏ وقد عرفت بعض البطلات مدنا ً عربية أخرى كبيروت والقاهرة،‏ أو<br />

عرفت مدنا ً أوروبية،‏ وعرفت ما تتمت ّع <strong>في</strong>ها الأنثى من حرية <strong>في</strong> تصرفاتها،‏ فبطلة<br />

رواية ‏"ذهب بعيدا ً"‏ لجورجيت حنوش تتمرد على واقع المجتمع التقليدي <strong>في</strong> مدينة<br />

حلب المحافظة،‏ فتخرج مع حبيبها كما وحيدين،‏ ولما حاول أن يقبلها دار هذا الحوار<br />

بينهما:‏<br />

نويلاتي،‏ هيام:‏ ‏"<strong>في</strong> الليل"،‏ مطبعة الصرخة،‏ ط‎1‎‏،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

،1959 ص 77 وص .110<br />

.110<br />

25<br />

26<br />

29


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

-<br />

-<br />

-<br />

كمال اعقلْ‏ نحن <strong>في</strong> مقهى.‏<br />

ثم استدرت ُ ألتفت ُ يمنة ً ويسرة ً خائفة،‏ أُفت ّش عن عين فضولية،‏ فابتعد كمال<br />

مرغما ً،‏ وهو يقول:‏<br />

نسيت ُ أننا <strong>في</strong> حلب،‏ وأن القبلة علنا ً،‏ تعد استهتار ًا.‏<br />

ليس فقط استهتارا ً يا كمال.‏ بل هي نوع من الدعارة،‏ تحاسب عليه بشدة.‏ تصور<br />

لو أن أحدا ً من الموجودين <strong>في</strong> المقهى لمحك،‏ وأنت تقبلني..‏ لكانت فضيحة<br />

تعاقب عليها أمام القانون.‏ لقد اعتدنا يا كمال أن نعمل <strong>في</strong> الخفاء نرتكب<br />

المحرمات،‏ إن ّما <strong>في</strong> السر‏.‏ وحلب كغيرها من المدن <strong>في</strong> هذه الناحية،‏ مستنقع<br />

للخبث،‏ والنفاق"‏<br />

27<br />

.<br />

وتتمرد نادية ابنة الضابط الكردي <strong>في</strong> الجيش الفرنسي سابقا ً على اختيار الزوج،‏<br />

وهي بطلة رواية ‏"الوطن <strong>في</strong> العينين"‏ لحميدة نعنع،‏ ونادية أنثى بورجوازية مثقفة<br />

وشاعرة،‏ كما هي حالة ريم غالي بطلة ‏"أيام معه"،‏ وهي متمردة على العادات<br />

والتقاليد،‏ وهي شبيهة أيضا ً ببطلة رواية ‏"<strong>في</strong> الليل"‏ لهيام نويلاتي <strong>في</strong> أن داخلها هو<br />

الذي يتحك ّم <strong>في</strong> سلوكها الخارجي،‏ فهي تتبع هوى قلبها،‏ ولا تحسب أي حساب للعالم<br />

المحيط بها،‏ وهي تقول:‏ ‏"إن العالم ينبثق من داخلي،‏ ويتوزع على خيوط النور <strong>في</strong><br />

الوقت الذي أشاء،‏ هذا ما منحني لفترة طويلة إحساسا ً بالتفرد يقترب من النرجسية<br />

المطلقة <strong>في</strong> لحظات خطرة من عمري"‏<br />

28<br />

.<br />

إن بطلة ‏"الوطن <strong>في</strong> العينين"‏ متمردة على سلطة العادات والتقاليد،‏ فهي تكتب<br />

القصائد،‏ وترفض العريس الثري الذي جاء به الأهل،‏ وترفض أن يكون مصيرها<br />

كمصير أخواتها المتزوجات،‏ <strong>في</strong>ضربها اخوتها الذكور حتى يسيل دمها،‏ بل هي تلتحق<br />

بالمقاومة الفلسطينية،‏ وتشارك <strong>في</strong>ها،‏ وتتعرف إلى عدد من الرجال ‏(أبو مشهور<br />

- خالد<br />

حنوش،‏ جورجيت:‏ ‏"ذهب بعيدا ً"،‏ دار الأندلس،‏ بيروت،‏ ط‎1‎‏،‏<br />

نعنع،‏ حميدة:‏ ‏"الوطن <strong>في</strong> العينين"،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏<br />

،1961 ص .169-168<br />

،1979 ص .9<br />

27<br />

28<br />

30


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

- عصام - نايف)،‏ وتنتقل من مكان إلى آخر إلى أن تصل إلى باريس،‏ وت ُقيم هناك<br />

علاقات مع الآخر الأوروبي المتمث ّل بشخصية فرانك مقابلا ً للموقع الذي كانت تحتله<br />

الأنثى الأوروبية <strong>في</strong> بعض الروايات الذكورية العربية،‏ وهي تعيش معه بالرغم من أن<br />

له زوجة ومنزلا ً،‏ وهي تناجيه:‏ ‏"يا رجلا ً بحثت <strong>في</strong> جسده عن النسيان فعجز <strong>في</strong><br />

جراحي..‏ يا رجلا ً بحثت <strong>في</strong> عينيه عن وطن ألجأ إليه فأعادني إلى مدني.‏ يا فرانك يا<br />

غربتي..‏ يا غربتنا معا ً.‏ أنا وأنت ماضٍ‏ يعيش ورأسانا ذلك الماضي"‏<br />

29<br />

.<br />

ومع ذلك تظلّ‏ نادية رغم كلّ‏ ما قامت به تحلم بالعودة إلى الوطن الذي<br />

سيتخلص من عاداته وتقاليده،‏ ويتخل ّص من هيمنة العقول القديمة،‏ ولذلك هي تخاطب<br />

الآخر الأوروبي فرانك بقولها:‏ ‏"عليك أن تتخذ قرارك وحيدا ً.‏ لا تقصد الآباء.‏ كل ّهم<br />

ذوو بطون منتفخة،‏ ويخطئون،‏ وأنت أخطأت أيضا ً"‏<br />

30<br />

.<br />

إن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> الرومانسية التمردية هو خطاب الأنثى المثقفة<br />

البورجوازية التي ترى العالم كل ّه من خلال ذاتها،‏ وهذا ما رأيناه عند بطلة<br />

‏"أيام معه"‏<br />

ريم غالي التي واجهت العالم المحيط بها والتي ترفض أن تكون كسواها من الإناث<br />

امرأة للحمل والإنجاب ليس غير،‏ هي تريد أن تتعل ّم وأن تسافر وأن تعيش حرة كما<br />

تشاء،‏ وهذا ما جاء <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي عند إيناس بطلة رواية ‏"الحب والوحل"‏ التي<br />

ترفض أن تتزوج كما تتزوج الأخريات <strong>في</strong> بيئتها،‏ وهذا أيضا ً شأن بطلة<br />

‏"<strong>في</strong> الليل"‏<br />

وبطلة ‏"الوطن <strong>في</strong> العينين"،‏ وإذا كان <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> التقليدية ينطلق من<br />

المحافظة على القيم الذكورية المعهودة،‏ فإن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> الرومانسية<br />

جاء حربا ً على هذه القيم وعلى العادات والتقاليد من خلال تضخ ّم<br />

‏"أنا"‏ البطلة ورؤيتها<br />

أن الحق ّ كل ّه ما تقوم به،‏ وأن الآخر - الأسرة - العادات - التقاليد..‏<br />

‏(المجتمع<br />

إلخ)‏<br />

على خطأ،‏ وذلك رمت وراء ظهرها كلّ‏ ذلك،‏ ومن هنا كان المجتمع الذكوري ضد<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

.44<br />

.200<br />

29<br />

30<br />

31


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

هذا <strong>الخطاب</strong> جملة وتفصيلا ً،‏ فلم يقبل به،‏ على نقيض ما جاء <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong><br />

<strong>الرواية</strong> التقليدية،‏ وبخاصة أن بطلات هذه الروايات قد رك ّزن على الخلاص الفردي<br />

أكثر مما رك ّزن على الخلاص الجمعي،‏ ومع ذلك يظلّ‏ هذا <strong>الخطاب</strong> التمردي ضرورة<br />

ملحة ومرحلة لا بد منها لولادة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد.‏<br />

-3<br />

مرحلة <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد:‏<br />

بدأت الحياة تتغير تغيرا ً سريعا ً لانفتاح العالم بعضه على بعض بوساطة تطور<br />

وسائل الاتصالات <strong>في</strong> النصف الثاني من القرن العشرين،‏ وبدأت العلاقات الأسرية<br />

والقبلية تتحل ّل شيئا ً فشيئ ًا من القيم والعادات المتوارثة نتيجة للاستقلال الفردي وتعق ّد<br />

وسائل الحياة واعتماد الفرد على ذاته،‏ وهذا ما خف ّف من السلطة الذكورية،‏ وبخاصة<br />

أن العصر استبدل القوة العقلية بالقوة العضلية،‏ ناهيك عن أن الحركات النسائية <strong>في</strong><br />

العالم والوطن العربي و<strong>سورية</strong> قد أخذت تظهر على الساحة بقوة وبدعم من الحكومات<br />

نفسها،‏ وهذا ما أثر <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد الذي تجل ّى بقوة مطالبا ً بالمساواة التامة<br />

بين الأنثى والذكر <strong>في</strong> الحقوق والواجبات <strong>في</strong> المجالات السياسية والاجتماعية والثقا<strong>في</strong>ة،‏<br />

فأخذ <strong>الخطاب</strong> الأنثوي يتزايد حدة وجرأة شيئا ً فشيئا ً منذ الستينات إلى اليوم،‏ وبخاصة<br />

<strong>في</strong> النصوص الروائية،‏ ووصل الحد أحيانا ً إلى الانتقال من مجابهة القيم التقليدية<br />

الذكورية إلى مجابهة الفحولة الزائفة،‏ والمجاهرة بالحاجات الجسدية الأنثوية <strong>في</strong> بعض<br />

الروايات ال<strong>سورية</strong> المعاصرة.‏<br />

بدأت الأنثى <strong>في</strong> هذا الشرق،‏ وبخاصة الأنثى المتعل ّمة العاملة،‏ تعي أنها إنسان<br />

كامل،‏ وهذا ما تبنته الدولة نفسها،‏ فأخذت تسير <strong>في</strong> طريق التحرر الاجتماعي<br />

والاقتصادي،‏ وقد استيقظت على واقع مرير وماضٍ‏ أسود،‏ ولذلك ذهبت الباحثة ناديا<br />

حجاب إلى القول:‏ ‏"إذا كانت المرأة واعية حقوقها،‏ فلن تتمك ّن أي حكومة جديدة،‏ أو<br />

سلطة مطلقة،‏ أن تنتزعها منها"‏<br />

31<br />

، ولذلك غدت العلاقة بين الحياة <strong>الخطاب</strong> الروائي<br />

31<br />

حجاب،‏ ناديا:‏ ‏"المرأة العربية"‏ - دعوة إلى التغيير،‏ رياض الريس للنشر،‏ لندن،‏ د.ت،‏ ص<br />

.249<br />

32


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

متبادلة،‏ وقد أثر المجتمع الجديد تأثيرا ً بالغا ً <strong>في</strong> الرؤى الثورية التي نجدها <strong>في</strong> روايات<br />

هذه المرحلة،‏ ولا سيما <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> وقد عبر عن هذه العلاقة الدكتور طه وادي<br />

بقوله:‏ ‏"<strong>الرواية</strong> الواقعية <strong>في</strong> الغالب الأعم تقدم صورة المرأة إيجابية متفاعلة..‏ تتصل<br />

حركتها الذاتية بحركة المجتمع ككلّ"‏<br />

32<br />

.<br />

وانتقلت البطولة الإيجابية انتقالا ً يكاد يكون كاملا ً <strong>في</strong> الروايات الأنثوية من الذكر<br />

إلى الأنثى،‏ فأصبحت البطلة الأنثى تستبدل قيما ً بقيم،‏ وهي تسوق الأحداث للتعبير عن<br />

أفكارها ورؤاها وتجاربها،‏ وليس ذلك فحسب،‏ بل غدت تجاهر بما كان محظورا ً عليها<br />

الاقتراب منه،‏ وغدت <strong>الرواية</strong> الأنثوية تقترب من السيرة الذاتية،‏ فبطلات الروايات<br />

صور عن الكاتبات،‏ وهذه إحدى الروائيات المعاصرات <strong>في</strong> <strong>سورية</strong> تقول <strong>في</strong> شهادتها:‏<br />

‏"المرأة هي البطلة الرئيسية الأولى <strong>في</strong> رواياتي خاصة.‏ هي المحرك وهي الأصل.‏<br />

خلا ّقة فاعلة حتى وهي <strong>في</strong> أضعف مواقفها.‏ تقف إلى جانب بطلها دائما ً وتدفعه إلى<br />

المشاركة التي تأخذ وتعطي.‏ لكن ّها المتفوقة <strong>في</strong> العطاء.‏ حتى ليبدو <strong>في</strong> النهاية أن ّها هي<br />

التي كانت تتقدم على البطل منذ البداية"‏<br />

33<br />

.<br />

ولنبدأ أولا ً من <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> رواية ‏"ليلة واحدة"‏ لكوليت خوري،‏ فالأحداث<br />

تدور حول شخصية رشا بطلة هذه <strong>الرواية</strong>،‏ فهي تواجه أولا ً سلطة الذكر <strong>في</strong> شخصية<br />

الأب التقليدي القاسي الذي تصفه البطلة بقولها:"كن ّا نخشاه،‏ كان قاسيا ً"‏<br />

34<br />

، وكانت<br />

التقاليد هي التي توجه هذا الأب،‏ ومنها يستمد سلطته،‏ فهو لا يفهم أن من الممكن أن<br />

يكون للأنثى طموح غير الزواج،‏ فهي ولدت لتتزوج لا لتدرس مهنة اختص بها<br />

الرجال<br />

35<br />

‏،ثم هي تنتقل بزواجها التقليدي من سلطة الأب إلى سلطة الزوج،‏ ولذلك<br />

هي لا تساوي <strong>في</strong> نظره أكثر من قطعة أثاث ثمينة <strong>في</strong> منزله،‏ وهي تخاطب زوجها<br />

1980، ص‎234‎‏.‏<br />

32<br />

33<br />

وادي،‏ د ‏.طه:‏ ‏"صورة المرأة <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> المعاصرة"،‏ دار المعارف بمصر،‏ ط‎2‎‏،‏<br />

الخش،‏ أميمة:‏ ‏"شهادة <strong>في</strong> التجربة الروائية"،‏ دراسات اشتراكية وعدد خاص ب<strong>الرواية</strong> ال<strong>سورية</strong><br />

المعاصرة،‏ ع 183-182، آذار-‏ حزيران<br />

خوري،‏ كوليت:‏ ‏"ليلة واحدة"،‏ منشورات زهير البعلبكي،‏ بيروت،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

،1970 ص .23<br />

2000 ص .410<br />

.25<br />

34<br />

35<br />

33


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

بهذه المرارة:‏ ‏"لأنك لم تستطع <strong>في</strong> حياتك أن تنظر إلي كامرأة<br />

قطعة ضرورية متحركة من أثاث البيت"‏<br />

..<br />

36<br />

.<br />

كنت زوجتك أي<br />

رشا امرأة <strong>دمشق</strong>ية تزوجت سليما ً الرجل الثري منذ عشر سنوات،‏ وهو رجل<br />

شرقي قصير بدين،‏ ومع ذلك لم ينظر إليها على أن ّها إنسان يشاركه الحياة والمصير<br />

و<strong>الرواية</strong> <strong>في</strong> مجملها رسالة اعتراف تكتبها هذه الزوجة لزوجها من أحد فنادق باريس<br />

وإن كانت هذه الرسالة لم تصل،‏ وهي تلخ ّص قصة حياة كاملة عاشتها رشا <strong>في</strong> ليلة<br />

واحدة،‏ فقد زوجها أهلها،‏ وهي ذات خمس عشرة سنة رجلا ً يكبرها بثماني عشرة<br />

سنة،‏ وعاشت مع زوجها <strong>في</strong> فراغ قاتل،‏ وهي تسافر إلى باريس للمعالجة كي تنجب<br />

له ذكرا ً،‏ وتتعرف <strong>في</strong> القطار إلى شاب يدعي كمال،‏ وهو من أصل سوري يسكن <strong>في</strong><br />

باريس،‏ وتعيش معه على سرير واحد،‏ وت ُصاب بمفاجأة حين يخبرها الطبيب أن ّها<br />

امرأة طبيعية،‏ فتكتشف أن زوجها عقيم،‏ ولذلك هو يرفض إجراء الفحوصات الطبية<br />

له وتصدمها سيارة <strong>في</strong> أثناء عودتها إلى مرسيليا لمواجهة زوجها بالحقيقة،‏ فتنقل إلى<br />

المستشفى،‏ وتكون سعيدة بهذه النهاية:‏ ‏"كانت حياتي..‏ كلّ‏ حياتي..‏ ليلة واحدة"‏<br />

37<br />

.<br />

ورشا تفرق <strong>في</strong> رسالتها إلى زوجها بينه وبين كمال الذي التقته مصادفة،‏ فهو قد<br />

أهملها وأهمل إحساساتها لأنه رجل ذو عقلية قديمة،‏ ولا يدرك ما قيمة الإحساسات<br />

الأنثوية،‏ فلما ارتدت ثوبها الزيتي الأنيق <strong>في</strong> <strong>دمشق</strong>،‏ وأرادت أن تفاجئ زوجها به كان<br />

موقفه سلبيا ً،‏ لأنه يكشف عن بعض مفاتنها،‏ ولكن كمال حين رآها ترتدي ذلك الثوب<br />

قال لها بإعجاب:‏ ‏"ما أجملك..‏ إن عينيك زمردتان..‏ ينعكس بريقهما على الثوب..‏<br />

<strong>في</strong>غرقه..‏ أنت رائعة"‏<br />

.<br />

38<br />

وكانت رشا أنثى جريئة وصريحة،‏ فلم تستطع أن تخون<br />

زوجها مع رجل غريب،‏ وتصمت على ذلك،‏ كما يجري عادة <strong>في</strong> المجتمعات التقليدية،‏<br />

بل واجهته بالأمر <strong>في</strong> رسالتها،‏ وبينت له أن وجودها معه أمر غريب،‏ لأن ّها كانت<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

.160<br />

.235<br />

.162<br />

36<br />

37<br />

38<br />

34


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

تحس بغربتها معه <strong>في</strong> تلك الغرفة،‏ وكأن ّها صنم أو تمثال جليدي،‏ على حين كانت مع<br />

حبيبها عروقا ً تتفتح وامرأة تعطي وإذا كانت هي خائنة،‏ فإن خيانتها مشروعة،‏ لأن ّها<br />

كانت تخون نفسها معه،‏ وهي الآن تخونه مع عشيقها<br />

.<br />

39<br />

وهكذا انتقمت رشا مرة<br />

واحدة من ماضيها الذي لم يكن لها من يد <strong>في</strong> اختياره،‏ وظل ّت صامتة إزاء مصيرها<br />

إلى أن انفجرت دفعة واحدة أمام حقيقتين جاءتا <strong>في</strong> وقت متقارب:‏ لقائها بالإنسان<br />

الجديد كمال،‏ واكتشافها أن ّها امرأة طبيعية صالحة للإنجاب وأن زوجها هو العقيم،‏<br />

وهو يغش ّها ويخونها <strong>في</strong> جسدها الذي تحول إلى متعة خاصة به وخادمة لمنزله.‏<br />

وإذا كانت هذه حالة رشا فإن صورة أخرى للمرأة الجديدة <strong>في</strong> رواية ‏"أيام<br />

مغربية"‏ لقمر كيلاني،‏ فسمر ال<strong>دمشق</strong>ية المدرسة تقرر بنفسها السفر إلى المغرب<br />

للمشاركة هناك <strong>في</strong> تدريس اللغة العربية،‏ وهي تشارك أبناء المغرب <strong>في</strong> البحث عن<br />

خلاص من الاستعمار الفرنسي،‏ وهي شخصية وطنية تنتمي إلى جميع أقطاره،‏ وهي<br />

أنثى تسهم كالرجال <strong>في</strong> المهرجانات الأدبية والندوات،‏ وتشترك <strong>في</strong> تحرير المجلات<br />

. هناك<br />

40<br />

ويعج عالم رواية ‏"ليلة المليار"‏ لغادة السمان بالشخصيات والأحداث التي تبدأ <strong>في</strong><br />

بيروت زمن القصف الإسرائيلي <strong>في</strong> حزيران،‏ وتنتقل الأحداث ببعض أشخاصها إلى<br />

أوروبة هربا ً من الجحيم المشتعل <strong>في</strong> لبنان،‏ وهناك كان المتاجرون العرب بالأسلحة<br />

وعالم المخدرات والسهر والدسائس للوصول إلى المال والأنثى،‏ ويمكننا أن نتوقف هنا<br />

عند شخصية صاحب المليار وعاشق الذهب الذي فقد كل صلة بالإنسانية،‏ وظن أن<br />

العالم وزوجات الآخرين طوع يديه،‏ ولذلك كان يطمح دائما ً إلى أن يحق ّق الربح الكبير<br />

للوصول إلى امتلاك المليار،‏ وهو يعوم وسط بركة ذهبية ليشفى مما <strong>في</strong> جسده من<br />

عيوب:‏<br />

.188-187<br />

39<br />

40<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

كيلاني،‏ قمر:‏ ‏"أيام مغربية"،‏ دار الكاتب العربي،‏ بيروت،‏<br />

1965، ص‎99‎‏.‏<br />

35


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

‏"كم يحب أن يسترخي هنا..‏ هنا لا يعود جسدا ً نصف مترهل تفترسه الشراهة..‏<br />

ضغطه الشرياني لم يعد مرتفعا ً.‏ قلبه لا يهدد بالتوقف.‏ قامته ليست قصيرة.‏ لم يعد<br />

رغيد الزهران.‏ لم يعد <strong>في</strong> الستين من عمره.‏ ليس مصابا ً بالسكري إلى جانب أمراضه<br />

الأخرى.‏ عيناه ليستا مهددتين بالعمى.‏ لم يشترِ‏ كلية رجل آخر ولا يعيش بأعضاء<br />

مستعارة"‏<br />

41<br />

.<br />

وتحاول غادة السمان أن تفضح عالم الرجال على لسان ليلى التي لم تجد منهم<br />

سوى القساوة والخبث والكذب واحتقار المرأة،‏ فقالت:‏ ‏"ما أقسى عالم الرجال على<br />

اختلاف أفكارهم وأهوائهم ومشاربهم.‏ إن ّهم يت ّفقون على شيء واحد:‏ الاحتقار الضمني<br />

للمرأة.‏ البروليتاريا وجدت من يدافع عنها،‏ أما المرأة فقد وجدت من يوظ ّف عذابها<br />

للدفاع عن ذكور البروليتاريا حتى إذا ما نجحت الثورة،‏ قطفها الرجل وأعيدت المرأة<br />

إلى صناديقها.‏ حتى تثوير المرأة خدعة.‏ كلّ‏ شيء خدعة،‏ والحلّ‏ البسيط هو <strong>في</strong> أن<br />

أعمل كرجل،‏ وأحب كما يحب الرجال..‏ والرجل لا يحب المرأة إلا ّ <strong>في</strong> أوقات فراغه،‏<br />

وخارج فترات بناء مستقبله،‏ وأنا كذلك"‏<br />

42<br />

.<br />

أما سلمى بطلة رواية ‏"زهرة اللوتس"‏ لأميمة الخش ّ فهي تخرج على طاعة<br />

الأسرة وتعاليمها حين تدعو ماجدا ً وهو <strong>في</strong> المرحلة الثانوية،‏ وهي لا تزيد على اثني<br />

عشر عاما ً إلى المنزل بغياب أهلها ليجلسا ويتغازلا معا ً،‏ وهذا ما اكتشفه والدها رشاد<br />

وأثار غضبه،‏ وحاول استجوابها لمعرفة حقيقة ما جرى بينهما <strong>في</strong> ذلك اللقاء،‏ وكان<br />

يتخبط كالأعمى،‏ فسألته ابنته:‏<br />

-<br />

-<br />

لكن ‏..ماذا فعلت ُ يا أبي؟<br />

عاوده الغضب أشد من ذي قبل،‏ فانقض عليها كالمجنون،‏ وبدأ يهزها من جديد:‏<br />

ماذا فعلتِ؟!‏ جلبت العار لنا جميعا ً،‏ ثم تسألين ماذا فعلت؟!‏<br />

السمان،‏ غادة:‏ ‏"ليلة المليار"،‏ منشورات غادة السمان بيروت،‏ ط‎2‎‏،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

1991، ص‎36‎‏.‏<br />

.342-341<br />

41<br />

42<br />

36


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

وبصوت خافت بريء قالت:‏<br />

-<br />

-<br />

وأي عار جلبته يا أبي؟<br />

العار أن تفك ّري <strong>في</strong> حب شاب،‏ والعار أن تحبيه فعلا ً،‏ والعار أن تلتقي به على<br />

انفراد.‏ فمن الذي يضمن ما حصل بينكما أيتها الفاجرة؟<br />

43<br />

ويدبر لها الأب رشاد بعد عدد من السنوات زواجا ً بالإكراه من كمال بك الرجل<br />

الذي لا يعرف سوى مصالحه وشهواته،‏ ولما عجزت سلمى زوجته عن إشباع رغباته<br />

اتصل بحضورها بدلال لتنوب عنها بهذه المهمة<br />

44<br />

، ولكن أحمد الإنسان الجديد<br />

يستطيع أن يعيدها إلى الحياة مرة أخرى،‏ وهو الذي يدعوها زهرة اللوتس التي<br />

احتفظت بنقائها،‏ لأن ّها رغبت <strong>في</strong> الانعتاق<br />

.<br />

45<br />

وتتجرأ نازك بطلة رواية ‏"امرأة من طابقين"‏ لهيفاء بيطار على سلطة المثق ّف<br />

الذكوري،‏ وثقافته هش ّة لأنها لا تستند إلى قيم عليا،‏ وهو يستخدمها <strong>في</strong> سبيل مصالحه<br />

كبقية الذكور،‏ فالقيم التي يطرحها الروائيون الذكور مثالية،‏ ولكن ّها حين تقترب من<br />

هؤلاء،‏ وهي الشابة الجميلة المثقفة الكاتبة تجد أن القول شيء والسلوك شيء آخر،‏<br />

فالرجل الشرقي مازال هو هو،‏ سواء أكان جاهلا ً أم متعل ّما ً أم مثق ّفا ً،‏ إنه مسكون بالقيم<br />

التقليدية والخداع،‏ وإذا تخلصت الأنثى من سلطة الرجل الجاهل <strong>في</strong> المنزل بالطلاق أو<br />

ما شابه ذلك فإن المجتمع الذكوري يواجهها بكل صلابة،‏ والمثقفون <strong>في</strong> رواية ‏"امرأة<br />

من طابقين"‏ ذئاب جائعة لجسد نازك،‏ وهي امرأة جميلة مطل ّقة <strong>في</strong> العقد الرابع من<br />

عمرها تبحث عن مكان للحب والقيم <strong>في</strong> عالمنا الموبوء،‏ وتنصرف إلى الكتابة<br />

الروائية،‏ وتنخرط <strong>في</strong> عالمها،‏ فتكتشف أن عالم المثق<strong>في</strong>ن صورة مكثفة عن القذارة<br />

والمقايضات،‏ وعليها<br />

- إذا هي رغبت بالشهرة - أن تقايض بجسدها،‏ فالشهرة<br />

يصنعها الكت ّاب القدامى الذين وصلوا إلى الشهرة والنجومية،‏ ولكنها ترفض أن تكون<br />

الخش،‏ أميمة:‏ ‏"زهرة اللوتس"،‏ دار المستقبل،‏ <strong>دمشق</strong>،‏ ط‎1‎‏،‏<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

1993، ص‎73‎‏.‏<br />

.164<br />

.279<br />

43<br />

44<br />

45<br />

37


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

سلعة،‏ وهي امرأة نرجسية<br />

46<br />

(Narcissism) ترى أن موهبتها فوق موهبة كاتب البلاد<br />

الشهير الذي ابتسم له الحظ بالمصادفة،‏ وهي ترسل إليه بعض إنتاجها،‏ ولكن ّه يماطلها،‏<br />

وهي تدرك ما يخبئه لها:‏ ‏"لكنني متأكدة أن ّه لن يمد لي يد المساعدة،‏ <strong>في</strong> أعماقه يخشى<br />

انطلاقي،‏ يخاف أن أحق ّق ذاتي وأطغى عليه،‏ يا له من أناني بخيل وسافل،‏ تذك ّرت<br />

كيف يميل لتعهير الأديبات،‏ واستعدت الكلمات والقصص التي حكاها لي عن أديبات<br />

مشهورات،‏ صرخت بحنق وقد اتخذت قرارا ً لا رجعة <strong>في</strong>ه:‏ بتر علاقتي كل ّيا ً مع<br />

الكاتب،‏ والمطالبة برسائلي،‏ اللعنة على الشهرة إن كانت ستكون عن طريقه،‏ إن ّه يريد<br />

أن يعهرني قبل أن يشهرني!‏ هذا إذا صدق بوعده بأن ّه سيعرفني بناشره وسيفتح لي<br />

آفاقا ً عديدة إن ّما <strong>في</strong> الوقت المناسب"‏<br />

47<br />

. ثم إن هذا الكاتب الذي يؤهل نفسه لجائزة<br />

نوبل لا يستحق ّ من وجهة نظرها لذلك،‏ وهي تضع كتابتها فوق ما يكتب،‏ وتردد بينها<br />

وبين نفسها:‏ ‏"أنا الكتابة والكتابة أنا"‏<br />

48<br />

، وهي تقيم علاقات مع نخبة من هؤلاء<br />

المثق<strong>في</strong>ن بدءا ً بالرجل الكاتب الكبير الذي تجاوز العقد الثامن عمره إلى المحرر <strong>في</strong><br />

المجلة الثقا<strong>في</strong>ة الأكثر شهرة،‏ وهو <strong>في</strong> العقد السادس إلى أحد المثق<strong>في</strong>ن الذي نشر ما<br />

يزيد على خمسة عشر كتابا ً،ولذلك هي تستخدم أنوثتها لإذلال كاتب البلاد الشهير،‏ فتقتحم<br />

عليه منزله،‏ وتغويه لتهزمه وتهزم شيخوخته،‏ وهدفها إذلال هذا الكاتب وقهره،‏<br />

لتكون سعيدة:‏ ‏"أسعدني،‏ وربما أرضى غروري أن أحس شهرته تجثو عند ركبتي"‏<br />

49<br />

.<br />

46<br />

النرجسية هي ‏"الشذوذ الجنسي الذي يجعل المرء غارقا ً <strong>في</strong> عشق ذاته بحيث لا يكون للمرء إلا<br />

شيء واحد يتأمله ويشتهيه،‏ وهو نفسه".‏ انظر:‏ صليبا،‏ د.‏ جميل،‏ ‏"المعجم الفلس<strong>في</strong>"،‏ دار الكتاب اللبناني<br />

ومكتبة المدرسة،‏ بيروت 1982، الجزء الثاني،‏ ص<br />

بيطار،‏ هيفاء:‏ ‏"امرأة من طابقين"،‏ مكتبة بالميرا،‏ اللاذقية،‏ ط‎2‎‏،‏ د.ت،‏ ص‎67‎‏.‏ صدرت <strong>الرواية</strong> أول<br />

مرة عام<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

المصدر نفسه،‏ ص<br />

.462<br />

.15<br />

.45<br />

.1999<br />

47<br />

48<br />

49<br />

38


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

-1<br />

هكذا كانت المرحلة الجديدة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي مرحلة مواجهة وهجوم،‏ أو هي<br />

مرحلة البطولات الأنثوية،‏ فهي لا تقتصر على مواجهة القيم التقليدية،‏ وإنما تجاوزت<br />

ذلك إلى مواجهة الرجل نفسه وما يدعيه غالبا ً من فحولة وقوة،‏ حتى بات هذا الإنسان<br />

<strong>في</strong> بعض <strong>الخطاب</strong>ات الأنثوية الجديدة ضعيفا ً يستحق ّ الرحمة والشفقة،‏ وهكذا تحول<br />

<strong>الخطاب</strong> الأنثوي من الشفقة على الأنثى الضعيفة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي التقليدي إلى<br />

الشفقة على الذكر الضعيف <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد.‏<br />

هكذا نخلص إلى القول:‏<br />

إن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> التقليدية تقليدي‏،‏ وهو لا يختلف <strong>في</strong> أسلوبه<br />

وبنائه عن أسلوب <strong>الرواية</strong> الذكورية وبنائها،‏ لأنه يستعير اللغة الذكورية<br />

بمتانتها وفصاحتها،‏ ولكنه من جهة أخرى يرفع قضية الأنثى التي ظلت<br />

معلقة <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الذكوري،‏ وحاول هذا <strong>الخطاب</strong> أن يرسخ قيم الذكورة<br />

ومبادئها وقوانينها،‏ كالشرف ونبالة الأصل والأخلاق،‏ ولكنه <strong>في</strong> الوقت ذاته<br />

يخ<strong>في</strong> ضمنه قضية مهمة،‏ وهي الاعتراف بأن عقل الأنثى غير قاصر على<br />

الأمور التي خصها بها المجتمع التقليدي،‏ فهي إنسان قادر أيضا ً على العطاء<br />

والإبداع،‏ وهذا هو الخروج الأهم على ما كان متعارفا ً عليه <strong>في</strong> تلك<br />

المرحلة.‏<br />

2- وإن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> المرحلة الرومانسية قد اختلف اختلافا ً ظاهرا ً،‏ فهو<br />

أولا ً خطاب الأنثى البورجوازية المثقفة التي تمردت على العادات والتقاليد،‏<br />

ورفضت أن تكون شبيهة بجدتها أو أمها،‏ بل خرجت إلى ال<strong>جامعة</strong> والحياة،‏<br />

وتمردت على القوانين،‏ ولكن المشكلة ظلت عالقة لأن نضال هذه الأنثى ظل<br />

ذاتيا ً،‏ وظل خلاصها فرديا ً،‏ فهي لم تتقبل المجتمع،‏ وتشبهت بعض بطلات<br />

روايات هذه المرحلة بالمرأة الأوروبية،‏ كما هي الحالة مثلا ً عند بطلة رواية<br />

39


تحولات <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> <strong>النسوية</strong> <strong>في</strong> <strong>سورية</strong><br />

‏(أيام معه)‏ وبطلة رواية ‏(الوطن <strong>في</strong> العينين)،‏ ولذلك وقف المجتمع الذكوري<br />

جملة وتفصيلا ً ضد هذا <strong>الخطاب</strong>.‏<br />

3- وإن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي الجديد يطرح فكرة المساواة التامة <strong>في</strong> الحقوق<br />

والواجبات <strong>في</strong> المجالات كافة بين الأنوثة والذكورة،‏ ولذلك ارتفع صوت<br />

الأنثى يجاهر بالحاجات الجسدية وقدمت <strong>الرواية</strong> البطلة الإيجابية التي<br />

اخترقت عالم المحظورات كما اخترقت سلطة المثقف الذكوري وهي مرحلة<br />

البطولات الأنثوية من جهة،‏ ومرحلة المواجهة من جهة ثانية وما تزال هذه<br />

المرحلة <strong>في</strong> طور التشكيل.‏<br />

إن الاختلاف <strong>في</strong> طرح مشكلات المرأة قوة وضعفا ً،‏ صراحة ومواربة يعود إلى<br />

ظروف خارجية وظروف داخلية أولا ً وأخيرا ً،‏ فالتحولات <strong>في</strong> <strong>الخطاب</strong> الأنثوي تعود<br />

إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية،‏ وبخاصة التحولات الجيلية نسبة إلى<br />

الجيل التي طرأت على المجتمعات العربية،‏ ومنها المجتمع العربي <strong>في</strong> <strong>سورية</strong>،‏ ولا<br />

شك <strong>في</strong> أن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين يختلف<br />

عن <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> الثمانينات والتسعينيات منه،‏ فالمعطيات متغيرة هنا وهناك،‏<br />

فكان <strong>الخطاب</strong> الأنثوي <strong>في</strong> الخمسينيات حييا ً خجولا ً يطالب بالقليل من الحقوق الأنثوية،‏<br />

ثم بدأت المطالبة بالتزايد شيئا ً فشيئا ً إلى أن غدت كلية:‏ حرية المرأة <strong>في</strong> العلم والعمل<br />

والزواج والجنس والكتابة واستقلال إرادتها استقلالا ً يكاد يكون تاما ً.‏<br />

40


مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong> – المجلد 21- العدد (2+1) 2005<br />

عاطفة <strong>في</strong>صل<br />

-<br />

-<br />

-<br />

-<br />

1<br />

2<br />

3<br />

4<br />

5<br />

6<br />

7<br />

المصادر والمراجع<br />

‏-بيطار،‏ هيفاء:‏ ‏"امرأة من طابقين"،‏ مكتبة بالميرا،‏ اللاذقية،‏ ط‎2‎‏،‏ د.ت.‏<br />

‏-حجاب،‏ ناديا:‏ ‏"المرأة العربية - دعوة إلى التغيير"،‏ رياض الريس للنشر،‏ لندن،‏<br />

د.ت.‏<br />

الحفار الكزبري،‏ سلمى:‏ ‏"عينان من إشبيلية"،‏ دار الكاتب العربي،‏ بيروت د.ت.‏<br />

‏-حنوش،‏ جورجيت:‏ ‏"ذهب بعيدا ً"،‏ دار الأندلس،‏ بيروت،‏ ط‎1‎‏،‏ ‎1961‎م.‏<br />

الخاني،‏ ملاحة:‏ ‏"بنات حارتنا"،‏ اتحاد الكتاب العرب،‏ <strong>دمشق</strong>،‏ ‎1998‎م.‏<br />

الخش،‏ أميمة:‏ ‏"زهرة اللوتس"،‏ دار المستقبل،‏ <strong>دمشق</strong>،‏ ط‎1‎‏،‏ ‎1993‎م.‏<br />

الخش،‏ أميمة:‏ ‏"شهادة <strong>في</strong> التجربة الروائية"،‏ دراسات اشتراكية ‏(عدد خاص<br />

‎2000‎م.‏<br />

ب<strong>الرواية</strong> ال<strong>سورية</strong> المعاصرة)‏ العددان<br />

‏-خوري،‏ كوليت:‏ ‏"أيام معه"،‏ المكتب التجاري للطباعة والنشر،‏ بيروت،‏ ط‎4‎‏،‏<br />

‎1967‎م.‏<br />

‏-خوري،‏ كوليت:‏ ‏"ليلة واحدة"،‏ منشورات زهير البعلبكي،‏ بيروت،‏ ‎1970‎م.‏<br />

10- سكاكيني،‏ وداد:‏ ‏"أروى بنت الخطوب"،‏ دار الفكر العربي،‏ مصر،‏ د.ت<br />

11- سكاكيني،‏ وداد:‏ ‏"الحب المحرم"،‏ دار الفكر العربي،‏ مصر،‏ د.ت.‏<br />

السمان،‏ غادة:‏ ‏"ليلة المليار"،‏ منشورات غادة السمان،‏ بيروت،‏ ط‎2‎‏،‏ ‎1991‎م.‏<br />

13- طرابيشي،‏ جورج:‏ ‏"شرق وغرب-رجولة وأنوثة"،‏ دار الطليعة،بيروت،‏ ط‎3‎‏،‏<br />

‎1982‎م.‏<br />

كرد علي،‏ محمد:‏ ‏"أقوالنا وأفعالنا"،‏ دار إحياء الكتب العربية،‏ مصر،‏ ‎1946‎م.‏<br />

كيلاني،‏ قمر:‏ ‏"أيام مغربية"،‏ دار الكاتب العربي،‏ بيروت،‏ ‎1965‎م.‏<br />

المرنيسي،‏ فاطمة ‏(وآخرون):‏ ‏"صور نسائية"،‏ ترجمة جورجيت قسطون،‏<br />

<strong>دمشق</strong>،‏ د.ت.‏<br />

المسالمة،‏ د.‏ إنعام:‏ ‏"الحب والوحل"،‏ دار الثقافة ب<strong>دمشق</strong>،‏ ‎1963‎م.‏<br />

نعنع،‏ حميدة:‏ ‏"الوطن <strong>في</strong> العينين"،‏ دار الآداب،‏ بيروت،‏ ‎1979‎م.‏<br />

نويلاتي،‏ هيام:‏ ‏"<strong>في</strong> الليل"،‏ مطبعة الصرخة،‏ ط‎1‎‏،‏ ‎1959‎م.‏<br />

وادي،‏ د.‏ طه:‏ ‏"صورة المرأة <strong>في</strong> <strong>الرواية</strong> المعاصرة"،‏ دار المعارف بمصر،‏<br />

ط‎2‎‏،‏ ‎1980‎م.‏<br />

183-182 آذار-حزيران،‏<br />

.<br />

8<br />

9<br />

-12<br />

-14<br />

-15<br />

-16<br />

-17<br />

-18<br />

-19<br />

-20<br />

تاريخ ورود البحث إلى مجلة <strong>جامعة</strong> <strong>دمشق</strong><br />

.2003/12/11<br />

41

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!