The Diabetologist #26
طبيب السكري - العدد 26
طبيب السكري - العدد 26
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
25<br />
اجلامعية، ثم تخرج الفتى ونال إجازة الطب وفتح لنفسه<br />
عيادة صغيرة وضع على بابها الفتة نحاسية حتمل اسمه:<br />
)فريدريك بانتنج(.<br />
ومضت األسابيع األولى بطيئة مملة في انتظار املريض<br />
األول، فكان يشغل وقته باالطالع على املؤلفات واملجالت<br />
الطبية، وفي إحداها وجد مقاال أثار اهتمامه، وكان صاحب<br />
املقال يعرض فيه حالة مريضة تشكو من وجود حصاة كبيرة<br />
في املرارة، وقد ضغطت هذه احلصاة على قناة البنكرياس<br />
ضغطا أدى إلى انسدادها، ثم توفيت املريضة بعد أسابيع<br />
قالئل، واتضح من فحص البنكرياس بعد الوفاة أن اخلاليا<br />
ذات اإلفراز اخلارجي قد ضمرت حتى اختفت، أما خاليا<br />
)الجنرهانز( ذات اإلفراز الداخلي فقد بقيت سليمة.. قد<br />
اطلع على هذا املقال عدد كبير من األطباء في أنحاء العالم<br />
دون أن يثير اهتمامهم، أو يبعث التفكير في أذهانهم، أما<br />
)بانتنج( فإنه ما كاد يفرغ من قراءته حتى أخذ يخاطب نفسه:<br />
)إذا كان األمر كذلك فما علينا إال ربط قناة البنكرياس في<br />
احليوان ثم نتركه بضعة أسابيع حتى تضمر خاليا اإلفراز<br />
اخلارجي، وبعد ذلك نعود إليه ونستأصل منه غدة البنكرياس<br />
فنجد فيها خاليا )الجنرهانز( ذات اإلفراز الداخلي وحدها<br />
ونستطيع احلصول على خالصتها واستعمالها في مرض<br />
السكر(.<br />
وفي تلك الليلة أرق )بانتنج(، وتقلب في مضجعه طويال،<br />
وهو يدير هذه الفكرة في رأسه، حتى إذا أسفر الصباح،<br />
هرع إلى كلية الطب، حيث قابل األستاذ )ماكليود( العالم<br />
بوظائف األعضاء، وأفضى إليه بفكرته، ونظر إلى محدثه<br />
وهو يقول متسائال: وهل متكنت أيها الشاب من دراسة<br />
غدة البنكرياس من الوجهة التشريحية وغير التشريحية؟<br />
وهل حذقت وسائل حتليل الدم بالطرق الكيميائية وغيرها؟،<br />
وأجاب )بانتنج( في استحياء قائال: ال يا سيدي األستاذ..<br />
إن كل ما لدي هو فكرة أريد أن أضعها موضع التجربة،<br />
ولذلك أرجو أن تسمح لي مبساعد يعاونني في الكشف<br />
والوصول إلى احلقيقة الكاملة.، ثم أخذ يشرح فكرته، ويبدئ<br />
فيها ويعيد، وكان األستاذ في ذلك الوقت منهمكا في دراسة<br />
بحث آخر، ويتأهب للسفر إلى أوروبا، فأراد أن يتخلص من<br />
هذا الطبيب اللجوج وسمح له مبا أراد.<br />
وخرج )بانتنج( من عند أستاذه، ووجهه يطفح بشرا وقلبه<br />
عامر باألمل، ولكنه كان في ذلك الوقت معوزا صفر اليدين،<br />
لم يتجاوز دخل عيادته أربعة رياالت في الشهر األول، فعول<br />
في حضن والدته أثناء مرضه<br />
تجارب عربية مرت قبل أن ينجح بانتنج<br />
في اكتشاف األنسولين<br />
على إغالق العيادة وبيع أثاثها لإلنفاق من ثمنه، وذاع هذا اخلبر<br />
بني زمالئه، فسخروا منه وتفكهوا بحاله، ورموه بالسفه والتعلق<br />
بأهداب الوهم واخليال.<br />
وبعد أيام معدودات كان )بانتنج( قد هيأ لنفسه معمال في غرفة<br />
مهجورة من غرف الكلية وأقام فيها هو ومساعده وعشرة من<br />
الطلبة، وإمنا كان وطالب طب في السنة النهائية يدعى )تشارلز<br />
بيست(، وعلى مدار فصل الصيف احلار لعام 1921، قام<br />
الدكتور )بانتنج( ومساعده تشارلز بيست، بتجارب على الكالب<br />
املصابة مبرض السكري، ولم يحققا سوى جناح محدود، حتى<br />
وصال إلى الكلب رقم 92 الذي قفز من على الطاولة بعد حقنه<br />
وبدأ في هز ذيله. وفي الوقت نفسه، كان املشرف على )بانتنج(<br />
ومدير املختبر الدكتور جون جيه. ماكلويد يقضي إجازة الصيف<br />
في اسكوتلندا. وكانت مهمة )بانتنج( إجراء العمليات اجلراحية<br />
على الكالب، فيربط قناة البنكرياس في واحد منها، ويستأصل<br />
الغدة من كلب آخر، وزميله الطالب يقوم بالكشف عن كمية السكر<br />
في دمائها، ولم ميض على هذا العمل بضعة أسابيع، حتى كان<br />
)بانتنج( قد أثبت بالدليل القاطع صدق نظريته، وأصبح خيال<br />
األمس حقيقة اليوم، بعد أن وضع )بانتنج( يده للمرة األولى على<br />
ذلك السائل الساحر الذي يعرف اآلن باسم )األنسولني(، ثم أخذ<br />
العدد )السادس والعشرون( < نوفمبر 2013<br />
اليوم العالمي للسكري