The Diabetologist #24+25
طبيب السكري - العدد 24+25
طبيب السكري - العدد 24+25
Create successful ePaper yourself
Turn your PDF publications into a flip-book with our unique Google optimized e-Paper software.
72<br />
>> لكننا اعتدنا على تعريف الرعاية الصحية بأنها تعني<br />
توفير العالج، واملجتمع بأسره كذلك؟<br />
عندما تُذكر كلمة الصحة أو يُسأل مسؤول عن مستوى<br />
الرعاية الصحية في البالد، تكون اإلجابة خير دليل على غياب<br />
مفهوم الشمولية، فتكون اإلجابة غالبا بذكر عدد املستشفيات<br />
واألسرة والعمليات اجلراحية املتقدمة واملعدات والتقنيات<br />
احلديثة والعيادات واملراكز األولية واملراكز التأهيلية وبعض<br />
البرامج الوقائية، مثل برامج مكافحة األوبئة واألمراض املعدية<br />
والتطعيمات وبعض البرامج التوعوية هنا وهناك، بينما صحة<br />
اإلنسان والسعي إلى حتقيق منتج )إنسان صحيح جسدا<br />
وعقال وروحا( يتطلب أكثر من ذلك بكثير، وهذا هو التعريف<br />
الشمولي للصحة من منظمة الصحة العاملية منذ عقود<br />
مديدة )الصحة هي حالة من اكتمال السلالمة بدنيا وعقليا<br />
واجتماعيا، ال مجرد انعدام املرض اجلسدي والعجز(، وبذلك<br />
فإننا للوصول إلى املفهوم الشمولي للصحة املتوازنة، وجب<br />
علينا الدمج بني اجلوانب املختلفة لإلنسان جسمانيا ونفسيا<br />
وعقليا وروحيا.<br />
>> ما أبرز ما يعنيه مفهوم الصحة لإلنسان في<br />
مجتمعاتنا؟<br />
من أهم جوانب صحة اإلنسان، حماية األطفال )رجل وامرأة<br />
الغد(، وكذلك األمهات من العنف األسري والتعذيب اجلسدي<br />
أو النفسي ومن التعنيف اللفظي في البيت واملدرسة والشارع،<br />
وميتد مفهوم الصحة ليشمل حماية املراهقني من االنحراف<br />
والسقوط فريسة إلدمان املخدرات أو املمارسات اجلنسية<br />
خارج اإلطار الشرعي، واإلصابة باألمراض اجلنسية الفتاكة<br />
املدمرة لإلنسان جسدا وعقلال وروحا، وحماية األطفال<br />
واملراهقني من أن يقعوا فريسة لشركات التبغ لتجعل منهم<br />
مُسْتهلِكا مُسْتهلَكا مدمنا مدى احلياة. وتوفير بيئة آمنة تتبع<br />
أعلى معايير السالمة في البيت والعمل واألماكن العامة.<br />
>> من أبرز قضايانا اليوم.. البيئة والتلوث.. كيف ينظر لها<br />
باملفهوم الصحي؟<br />
يعني مفهوم الصحة أيضا.. توفير بيئة نقية صحية خالية<br />
من األوبئة وما يساعد في انتشارها من مستنقعات وسوء<br />
التعامل مع النفايات والقاذورات وتوفير حق اإلنسان في<br />
استنشاق هواءٍ نقيٍ صحيٍ خالٍ من سموم الدخان الذي<br />
يخرج من أفواه املدخنني )التدخني السلبي( أو أفواه مداخن<br />
التحلية أو املصانع أو عادم السيارات. كما يعني أيضا<br />
عدد المستشفيات واألسرة والعمليات<br />
الجراحية المتقدمة ليست معيارا<br />
لحقيقة الخدمات الصحية<br />
توفير مياه شربٍ نظيفةٍ نقيةٍ خاليةٍ من األمراض، باإلضافة<br />
إلى توفير صرف صحي للتخلص منها بأحدث الطرق، ال أن<br />
تُلقى في البحر، فتلوث املاء والهواء أو تطفح في البيوت فتسبب<br />
األمراض. وحتقيق صحة اإلنسان في أي مجتمع يقتضي<br />
كذلك التأكد من سلالمة املواد الغذائية التي يصرح بدخولها<br />
إلى البالد وطريقة حفظها وخلوها من املواد السامة أو املواد<br />
املشعة وغيرها من املواد الضارة بصحة اإلنسان.<br />
>> وكيف تكون عالقة الرعاية الصحية باجلانب النفسي؟<br />
حتقيق صحة اإلنسان في أي مجتمع يقتضي أيضا السعي<br />
حلماية اإلنسان من الضغوط النفسية التي تنشأ من خوف غير<br />
مبرر ملن لم يخالف شرعا أو قانونا.. هذا اخلوف الذي يستعمل<br />
كأداة في املجتمعات املستبدة ال من أجل إحقاق احلق وإبطال<br />
الباطل، وال من أجل حتقيق الشرع وإرساء العدل، وإمنا لقبول<br />
واقع غير عادل يستحق التغيير وحرمان اإلنسان من حقه في<br />
التعبير وممارسته حلقوقه التي شرعها الله له.. هذا النوع من<br />
اخلوف يؤدي إلى أمراض نفسية قد تعلن عن نفسها بأمراض<br />
جسدية أو أعراض وأمراض عقلية.<br />
>> وإلى أي مدى ميتد مفهوم صحة اإلنسان؟<br />
حتقيق صحة اإلنسان في أي مجتمع يقتضي فيما يقتضي،<br />
حفظ كرامة اإلنسان بتحقيق العدالة االجتماعية وتكافؤ الفرص<br />
في احلياة لتكون مبنية على املثابرة والعمل واجلد واالجتهاد<br />
وإرساء العدل بني أفراد املجتمع، فالظلم بشتى أشكاله وأنواعه<br />
مدمر ألي مجتمع، وقد حرمه الله على نفسه وجعله محرما بني<br />
عباده.. قال تعالى في احلديث القدسي )يا عِ بَادِ ي إني حَ رَّمْتُ<br />
الظُّ لْمَ على نَفْسِي وَجَ عَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَ رَّما فال تَظَ املَ ُوا(.. وكم من<br />
األفراد يصابون بأمراض نفسية وعقلية وجسدية نتيجة ظلم<br />
وقع عليهم، فوقعوا هم فريسة سهلة للمرض، بل واملوت قهرا.<br />
ويضاف إلى كل ما سبق أن حتقيق صحة اإلنسان في أي<br />
مجتمع يقتضي كذلك أن تُوفر لهذا اإلنسان مقومات احلياة<br />
األساسية من املأكل واملشرب واملسكن واملواصالت ووسائل<br />
النقل العامة، فليس أشد من الفقر فتكا باإلنسان جسدا وعقال<br />
العدد )25/24( < سبتمبر / أكتوبر 2013<br />
نحن والحياة من حولنا