The Diabetologist #24+25
طبيب السكري - العدد 24+25
طبيب السكري - العدد 24+25
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
طبيبك يجيبك<br />
لقد كان اإلسلام منذ نشأته على صلة مباشرة بأربع<br />
مدنيات كبيرة هي البيزنطية، والساسانية الفارسية،<br />
والهندية، والصينية، كذلك فإن العرب الذين فتحوا مساحات<br />
شاسعة شملت ما بني جبل طارق والصني كانوا يتسلحون<br />
بثاثة عوامل هامة هي: الذكاء، والنشاط، والروح العالية،<br />
وبالنسبة للعامل األول وهو الذكاء احلاد الذي يهدف إلى<br />
الوسائل البناءة، والعامل الثاني وهو الدافع الروحي القوي<br />
الذي بعثه احلماس الديني، وكان العامل الثالث هو تلك<br />
الهبة غير العادية لفهم اجلمال واخللق والقوة املعبرة والذي<br />
كان با شك منشأ تلك الدرجة العالية من تقدير الفكر<br />
وامليزات الروحية.<br />
وكنتيجة لكل ذلك وبعد مضي قرن من الزمان أصبح<br />
لإلسلام واحدة من أعظم وأهم املدنيات واحلضارات،<br />
وبعد أن امتدت الدولة اإلسلامية واستقرت أحوالها فإن<br />
احلماس اجلماعي القوي للعرب قد دفعهم إلى القيام<br />
بتجميع اإلجنازات الفنية والعلمية والصناعية واالقتصادية<br />
والصحية واألدبية والفنون والفلسفة. وفيما يتعلق مبجال<br />
الطب فقد احتل اإلسام مكان الصدارة بني الدول وأرسى<br />
قاعد قوية ووضع األساسات حلضارتنا ومدنيتنا.<br />
ومن املعروف متاما أن مراكز االتصال بني العالم اإلسامي<br />
وأوروبا الغربية وأمريكا، كانت تتمثل في إسبانيا وجزيرة<br />
صقلية والشرق األوسط، وخال احلمات الصليبية كانت<br />
سوريا وفلسطني من بني مراكز االتصال بالعالم اإلسامي،<br />
حيث مت االتصال السياسي واالقتصادي واحلضاري<br />
عندما ساد الهدوء بني العالم اإلسامي والدول الصغيرة<br />
في تلك املناطق خال قرنني من الزمان.<br />
وعلى وجه التحديد فإن من بني األدوار األساسية التي قام<br />
بها اإلسلام في مجال العلوم كان احملافظة على األفكار<br />
واملعرفة وتعضيدها والتنسيق بينها وتطويرها، وبالنسبة<br />
للمدنيات القدمية فقد مت جتميع املؤلفات ودراستها، وقد<br />
أضاف العرب إليها الكثير من املؤلفات األصلية واألفكار<br />
البارزة.<br />
وإن من دواعي السرور أنه قد بدأ بالفعل االعتراف بأن<br />
الطب والصيدلة من فروع العلم التي كان لإلسلام أثر<br />
حاسم في األبحاث املوجودة فيهما وفي تطورهما، وإن<br />
الترجمة املنظمة آلالف املؤلفات العربية كانت، مصدر ثراء<br />
للمعرفة وساعدت على نقل الطب العربي إلى أوروبا في<br />
العصور الوسطى. وعلى نفس املنوال، فقد أنشأ العرب<br />
مستشفى مجهزا جتهيزا كافيا قبل أن يقوم مثله في العالم<br />
الغربي بألف عام تقريبا. وبعد مضي قرن من الزمان كان<br />
في بغداد ستة آالف دارس للطب وحوالي ألف ممارس طبي،<br />
ثم بعد مضى مائة عام أخرى وجد في دمشق مستشفى<br />
مركزي تتبعه كلية كبيرة للطب. وفي ذلك الوقت أيضا أقيم<br />
املستشفى الكبير في القاهرة والذي ضم عدة أبنية وأربع<br />
حدائق واسعة، وقد زود باملوسيقى لراحة املرضى، كما<br />
كان يدفع للمريض الذي يشفى خمس قطع ذهبية لتمكنه<br />
من مراعاة صحته خال فترة النقاهة. ويتضح من هذا أن<br />
املستشفيات كانت ابتكارا إساميا، وبعد أن انتشرت في<br />
العالم العربي انتقلت إلى أوروبا مع احلروب الصليبية.<br />
كذلك فقد أنشئت في العالم اإلسامي أولى الصيدليات ومعامل<br />
الكيمياء وكانت تعد باملئات في قرطبة وبغداد والقاهرة وكثير<br />
من املدن األخرى، وكان العرب هم أول من قدموا ألوروبا<br />
األدوية مثل الراوند Ruibarbo والكافور camphor<br />
وجوز الطيب Vomicanut وعلى سبيل الذكر أورد ابن<br />
سينا في مؤلفه الطبي أكثر من سبعمائة دواء.<br />
وقد انتقلت كل العلوم اإلسامية والطب العربي العظيم إلى<br />
أوروبا وذلك بفضل الروابط القوية بني الباحثني األوائل من<br />
املسيحيني ومن بينهم روجر باكون Roger Bacon الذي<br />
يعرف بأنه مبتكر العلوم في أوروبا والذي استقى املعرفة من<br />
العرب، كذلك جربوتو Gerbertoالذي أصبح فيما بعد<br />
البابا سيلفستر الثاني والذي عاش قبل باكون، وكان يعيش<br />
في قرطبة املسلمة حيث درس على يد األساتذة العرب،<br />
أيضا البرت العظيم Albert the Great الذي يشير في<br />
مؤلفاته إلى ما يقرب من اثني عشر عاملا عربيا اطلع جيدا<br />
على كتبهم من خال ترجماتهم الاتينية، وأخيرا وتفاديا<br />
لإلطالة نذكر راميندوليليو Raimundo Lulio املولود<br />
في باليرز والذي كان يتقن اللغة العربية، وحتوي مكتبته<br />
مئات املؤلفات اإلسلامية، ومنها استقى معرفته العلمية<br />
العالية.<br />
وإن املوسوعات العظيمة التي ينسب ابتكارها خطأ إلى<br />
أوروبا لها أساسها في العمل الشاق والطويل ملؤلفي<br />
املوسوعات املسلمني، ويفتخر الغرب بظهور املوسوعات في<br />
القرن الثامن عشر، على الرغم من أن مؤلفي املوسوعات<br />
ظهروا في العالم اإلسلامي قبل ذلك بأربعة أو خمسة أو<br />
130 العدد )25/24( < سبتمبر / أكتوبر 2013