The Diabetologist #13

طبيب السكري - العدد 13 طبيب السكري - العدد 13

diabetologist
from diabetologist More from this publisher
01.06.2014 Views

إن الله يسمع ويرى..‏ هوامش سكرية عدت إلى بعض األوراق القدمية..‏ أستمتع مبا كتبت ذات يوم من أيامي اخلوالي..‏ فماذا وجدت..‏ تعالوا نقرأ سويا:‏ خطرت على بالي فكرة غريبة..‏ وهي تثبيت كاميرات فيديو في بيتي..!!‏ حيث نويت أن أسجل يوما عاديا في حياتي..‏ فلماذا ال أرى نفسي بعني اآلخرين..!!‏ قمت فعال بتثبيت الكاميرات في أكثر من مكان باملنزل..‏ حتى تسجل كل حركة وكل سكنة بوضوح..‏ إال أنني ال أخفي عليكم شعرت برهبة شديدة من هذه التجربة..!!‏ ولم أدر مصدر هذا اخلوف..!!‏ هل هو خوف من الكاميرات أم من نفسي..؟ مرت الدقائق بصعوبة شديدة..‏ وسرحت بتفكيري متخيال أحداث اليوم..‏ وكيف ستسجلها الكاميرا باللحظة..‏ لم أكن أنا الوحيد املتشوق لرؤية هذه التجربة..!!‏ بل ان مجموعة كبيرة من الزمالء واألصدقاء يتشوقون لرؤية هذه التجربة..‏ وكأنهم يتشوقون لرؤية فيلم سينمائي من نوع خاص..‏ لم يكتب له السيناريو سواي..‏ ولم يخرجه غيري..‏ ولكن ترى من سيشاركني بطولة هذا الفيلم..!!‏ ثم قلت في نفسي:‏ ما اجلديد في األمر..؟ أنه يوم مثل أي يوم،‏ يجب أن أتصرف بتلقائية!!‏ وأحاول أن أتناسى الكاميرات التي وضعتها في أرجاء البيت..‏ وبدأت أشعر أن هذه الكاميرات تشعر مبا أفكر به..‏ وكأنها تنظر إلي وتتحداني..!!‏ بل وتبتسم في سخرية قائلة:‏ سأتعرف على كل ما يخصك..‏ سأقتحم حياتك..‏ سأكون شاهدة على أقوالك وأفعالك..!!‏ كدت أجن من تلك الفكرة..‏ وهدأت نفسي قائلة:‏ هذه الكاميرا..!!‏ ما هي إال جماد ال يحس وال يشعر.!!‏ فلماذا كل هذه الرهبة واخلوف منها..!!‏ حتدثت مع صديق لي باجلوال لم أستطع احلديث،‏ وأغلقت الهاتف سريعا..!!‏ كنت دائما أحتدث بالساعات في الهاتف احلديث عن هذا..!!‏ وماذا فعل ذاك..!!‏ واآلن ال أستطيع..‏ وهكذا متر الدقائق تلو الدقائق،‏ والساعات تلو الساعات..‏ وكلما فكرت في فعل شيء ال أحب أن يراه الناس..‏ تراجعت..‏ فالكاميرات تسجل وتصور..!!‏ أحسست بخوف ميلؤني،‏ أحتاج ألحد أجلأ إليه..!‏ ذهبت بشكل ال إرادي كي أتوضأ وأصلي..‏ وأبكي بني يدي الله وكأنني أصلي ألول مرة،‏ نعم وكأنها ألول مرة في حياتي أستشعر معية الله،‏ بعدها لم أعد أخشى من تلك الكاميرات..‏ بل أحببتها جدا..‏ ألنها أحدثت حتوال كبيرا في حياتي..‏ ونظرت إليها في امتنان..‏ وكأنني أقول لها:‏ شكرا..‏ واألغرب انني بعد فترة لم أعد أهتم بها..!!‏ ولم تعد تلك الكاميرات هي الرقيب علي..‏ وإمنا أعظم منها..‏ وهو شعوري مبعية الله الذي ال يغفل وال ينام.‏ فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي فما الذي يجعلني أخاف..!!‏ أأخاف من الناس الذين هم مثلي أمام الله..‏ هل أخشى الناس وال أخشى الله ..! ما أعجب أمر اإلنسان هذا..‏ حينئذ تذكرت مقولة:‏ ( ال جتعل الله أهون الناظرين اليك(..‏ قمت وأغلقت الكاميرات..‏ فلم أعد بحاجة إليها..‏ ولن أحتاج أن أسجل يوما من حياتي..‏ فعندي ملكان يسجالن علي كل أعمالي وكل أقوالي..‏ واآلن..‏ أسمع صوتا يناديني من داخلي يقول:‏ ‏)ما أحلى معية الله(،‏ ولكن ما هذا الصوت؟ لقد سمعت هذا الصوت كثيرا..‏ إنه صوت ضميري..!!‏ خطرت لي فكرة أكثر غرابة..‏ ماذا سيحدث لو ظل كل منا حتت رقابة القمر الصناعي يوما كامال..‏ كيف سيتصرف..؟ الناس ستراك اآلن،‏ فماذا أنت فاعل..!!‏ يا إلهي..‏ لقد كانت فكرة الكاميرات أبسط بكثير فما بالك بالقمر الصناعي..‏ والعالم كله يراك..!!‏ هل تعصي الله..!!‏ هل حتب أن يراك أحد على معصية..!!‏ بالطبع ستكون إجابتك:‏ ال واآلن..‏ أطرح عليكم سؤاال:‏ هل جتدون في الدنيا ما هو أعظم من رضا الله..!‏ إذن ال جتعل الله أهون الناظرين إليك..‏ اللهم اجعلنا نخشاك كأننا نراك.‏ العدد ‏)الثالث عشر(‏ < يوليو 2012 94

طبيب السكري هل يمكن أن تتصالح يأكل من ثمار الجنة مع األعداء ؟ الصدفة وحدها أوقعت في يدي هذا البحث اجلاد للدكتور عبد الستار إبراهيم والذي حدد في بعض فصوله أعداء اإلنسان،‏ والذين أشار إليهم بأنهم ثالثة،‏ مشيرا إليهم بأصابع االتهام،‏ وبأنهم وراء تعاسة اإلنسان وسلب السعادة الشخصية منه،‏ وأرجع أسباب جلوء الناس إلى عيادات الطب النفسي إليهم فيقول:‏ إن قطاعا ضخما من مشكالت الناس املرتبطة بإثارة التوتر والضغط النفسي بثالثة انفعاالت غير محببة للنفس البشرية وهي:‏ القلق ومشاعر اخلوف املبالغ فيه وغير املبرر من بعض املواضيع االجتماعية أو اخلارجية التي ال متثل في الظروف العادية ضررا شديدا لهم،‏ مما يصبغ حياة صاحبه دائما بعدم االستقرار والتهديد واخلوف من مواجهة حتديات احلياة نتيجة لتوقع شر قد يحدث أو ال يحدث . وثاني هذه األسباب االكتئاب واملعاناة من مشاعر الكدر والضيق والتعاسة وامللل.‏ وثالثهما الغضب وما يصحبه من اندفاعات وثورات انفعالية قد تهدد حياة اآلخرين أو حياة الشخص نفسه،‏ وهذه االنفعاالت تتسبب في حدوث ما ميكن أن نطلق عليه باالضطراب االنفعالي،‏ والذي يتسبب في وجود أكبر نسبة من زوار العيادات النفسية،‏ والذي يعتبر من أكثر اجلوانب النفسية ارتباطا بإثارة التوتر واألمراض سكرية هوامش النفسية . ومن هنا أدعو إلى البحث في معاجلة هذه األسباب التي أصبحت تعد من أعداء اإلنسان،‏ وهل من املمكن أن يتصالح اإلنسان مع أعدائه.‏ ؟ خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مع بعض أصحابه..‏ فلما برزوا خارج املدينة..‏ فإذا راكب يقبل نحوهم..‏ فصوب النبي صلى الله عليه وسلم إليه بصره..‏ ثم التفت إلى أصحابه فقال:‏ كأن هذا الراكب إياكم يريد..!‏ فما هو إال قليل..‏ حتى أقبل الرجل على بعيره فوقف عليهم..‏ ثم أخذ ينظر إليهم .. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:‏ من أين أقبلت؟ فقال الرجل..‏ وهو يئن من شدة الطريق ووعثاء السفر:‏ أقبلت من أهلي،‏ وولدي،‏ وعشيرتي.‏ فقال صلى الله عليه وسلم:‏ فأين تريد؟ قال:‏ أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم..‏ قال:‏ فقد أصبته..‏ فابتهج الرجل وتهلل وجهه..‏ وقال:‏ يا رسول الله..‏ علمني ما اإلميان؟ قال:‏ تشهد أن ال إله إال الله وأن محمدا رسول الله,‏ وتقيم الصالة,‏ وتؤتي الزكاة,‏ وتصوم رمضان,‏ وحتج البيت . قال:‏ قد أقررت..‏ فما كاد الرجل يتم إقراره باإلسالم حتى حترك به بعيره,‏ فدخلت يد بعيره في جحر جرذان,‏ فهوى البعير على األرض..‏ وهوى الرجل من فوقه..‏ فوقع على هامته فمازال ينتفض حتى مات..‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:‏ عليَ‏ ّ بالرجل . فوثب إليه عمار بن ياسر وحذيفة – رضي الله عنهما – فأقعداه فلم يقعد..‏ وحركاه فلم يتحرك..‏ فقاال:‏ يا رسول الله..‏ قبض الرجل ومات.‏ فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم..‏ ثم أعرض عنه فجأة .. ثم التفت إلى حذيفة وعمار..‏ وقال:‏ أما رأيتما إعراضي عن الرجل!‏ فإني رأيت ملكني يدسان في فيه من ثمار اجلنة..‏ فعلمت أنه مات جائعا ‏. رواه أحمد بسند حسن الله أكبر..‏ ما أروعه من صدق وإميان.‏ الله أكبر..‏ ما أعظمك ياالله أتيت بهذا الرجل من أهله وولده وعشيرته..‏ ليشهد أنه ال إله إال أنت وحدك,‏ وأن محمدا عبدك ورسولك .. الله أكبر..‏ ما أرحمك يا الله وأكرمك أتاك عبدك الضعيف جائعا..‏ فأطعمته من ثمار جنتك،‏ وهو لم يسجد لك سجدة , ولم يصم لك يوما.‏ 95 العدد ‏)الثالث عشر(‏ < يوليو 2012

إن الله يسمع ويرى..‏<br />

هوامش سكرية<br />

عدت إلى بعض األوراق القدمية..‏ أستمتع مبا كتبت<br />

ذات يوم من أيامي اخلوالي..‏ فماذا وجدت..‏ تعالوا نقرأ<br />

سويا:‏<br />

خطرت على بالي فكرة غريبة..‏ وهي تثبيت كاميرات فيديو<br />

في بيتي..!!‏ حيث نويت أن أسجل يوما عاديا في حياتي..‏<br />

فلماذا ال أرى نفسي بعني اآلخرين..!!‏ قمت فعال بتثبيت<br />

الكاميرات في أكثر من مكان باملنزل..‏ حتى تسجل كل<br />

حركة وكل سكنة بوضوح..‏ إال أنني ال أخفي عليكم <br />

شعرت برهبة شديدة من هذه التجربة..!!‏ ولم أدر مصدر<br />

هذا اخلوف..!!‏<br />

هل هو خوف من الكاميرات أم من نفسي..؟<br />

مرت الدقائق بصعوبة شديدة..‏ وسرحت بتفكيري متخيال<br />

أحداث اليوم..‏ وكيف ستسجلها الكاميرا باللحظة..‏ لم<br />

أكن أنا الوحيد املتشوق لرؤية هذه التجربة..!!‏ بل ان<br />

مجموعة كبيرة من الزمالء واألصدقاء يتشوقون لرؤية هذه<br />

التجربة..‏ وكأنهم يتشوقون لرؤية فيلم سينمائي من نوع<br />

خاص..‏ لم يكتب له السيناريو سواي..‏ ولم يخرجه غيري..‏<br />

ولكن ترى من سيشاركني بطولة هذا الفيلم..!!‏<br />

ثم قلت في نفسي:‏ ما اجلديد في األمر..؟ أنه يوم مثل<br />

أي يوم،‏ يجب أن أتصرف بتلقائية!!‏ وأحاول أن أتناسى<br />

الكاميرات التي وضعتها في أرجاء البيت..‏ وبدأت أشعر<br />

أن هذه الكاميرات تشعر مبا أفكر به..‏ وكأنها تنظر إلي<br />

وتتحداني..!!‏ بل وتبتسم في سخرية قائلة:‏ سأتعرف على<br />

كل ما يخصك..‏ سأقتحم حياتك..‏ سأكون شاهدة على<br />

أقوالك وأفعالك..!!‏ كدت أجن من تلك الفكرة..‏ وهدأت<br />

نفسي قائلة:‏ هذه الكاميرا..!!‏ ما هي إال جماد ال يحس وال<br />

يشعر.!!‏ فلماذا كل هذه الرهبة واخلوف منها..!!‏<br />

حتدثت مع صديق لي باجلوال لم أستطع احلديث،‏<br />

وأغلقت الهاتف سريعا..!!‏ كنت دائما أحتدث بالساعات<br />

في الهاتف احلديث عن هذا..!!‏ وماذا فعل ذاك..!!‏ واآلن<br />

ال أستطيع..‏ وهكذا متر الدقائق تلو الدقائق،‏ والساعات<br />

تلو الساعات..‏ وكلما فكرت في فعل شيء ال أحب أن<br />

يراه الناس..‏ تراجعت..‏ فالكاميرات تسجل وتصور..!!‏<br />

أحسست بخوف ميلؤني،‏ أحتاج ألحد أجلأ إليه..!‏<br />

ذهبت بشكل ال إرادي كي أتوضأ وأصلي..‏ وأبكي بني<br />

يدي الله وكأنني أصلي ألول مرة،‏ نعم وكأنها ألول مرة<br />

في حياتي أستشعر معية الله،‏ بعدها لم أعد أخشى من<br />

تلك الكاميرات..‏ بل أحببتها جدا..‏ ألنها أحدثت حتوال<br />

كبيرا في حياتي..‏ ونظرت إليها في امتنان..‏ وكأنني أقول<br />

لها:‏ شكرا..‏ واألغرب انني بعد فترة لم أعد أهتم بها..!!‏<br />

ولم تعد تلك الكاميرات هي الرقيب علي..‏ وإمنا أعظم<br />

منها..‏ وهو شعوري مبعية الله الذي ال يغفل وال ينام.‏<br />

فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي فما الذي<br />

يجعلني أخاف..!!‏ أأخاف من الناس الذين هم مثلي أمام<br />

الله..‏ هل أخشى الناس وال أخشى الله ..! ما أعجب أمر<br />

اإلنسان هذا..‏ حينئذ تذكرت مقولة:‏ ( ال جتعل الله أهون<br />

الناظرين اليك(..‏ قمت وأغلقت الكاميرات..‏ فلم أعد بحاجة<br />

إليها..‏ ولن أحتاج أن أسجل يوما من حياتي..‏ فعندي<br />

ملكان يسجالن علي كل أعمالي وكل أقوالي..‏ واآلن..‏<br />

أسمع صوتا يناديني من داخلي يقول:‏ ‏)ما أحلى معية<br />

الله(،‏ ولكن ما هذا الصوت؟<br />

لقد سمعت هذا الصوت كثيرا..‏ إنه صوت ضميري..!!‏<br />

خطرت لي فكرة أكثر غرابة..‏ ماذا سيحدث لو ظل كل منا<br />

حتت رقابة القمر الصناعي يوما كامال..‏ كيف سيتصرف..؟<br />

الناس ستراك اآلن،‏ فماذا أنت فاعل..!!‏<br />

يا إلهي..‏ لقد كانت فكرة الكاميرات أبسط بكثير فما<br />

بالك بالقمر الصناعي..‏ والعالم كله يراك..!!‏ هل تعصي<br />

الله..!!‏ هل حتب أن يراك أحد على معصية..!!‏ بالطبع<br />

ستكون إجابتك:‏ ال واآلن..‏ أطرح عليكم سؤاال:‏ هل<br />

جتدون في الدنيا ما هو أعظم من رضا الله..!‏ إذن ال<br />

جتعل الله أهون الناظرين إليك..‏ اللهم اجعلنا نخشاك<br />

كأننا نراك.‏<br />

العدد ‏)الثالث عشر(‏ < يوليو 2012<br />

94

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!