The Diabetologist #10

طبيب السكري - العدد 10 طبيب السكري - العدد 10

diabetologist
from diabetologist More from this publisher
01.06.2014 Views

طبيب السكري مبدع،‏ يعرف من أين يبدأ احلوار،‏ وكيف،‏ ومع من،‏ وأي الطرق أفضل للتواصل مع الغير،‏ وهذا املوقف الذي حكاه الشيخ الغزالي ألحد تامذته،‏ وهو الشيخ حسن عيسى عبد الظاهر،‏ ثم حكاه هذا العالم فيه دروس مهمة للدعاة،‏ يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ قال لي أحد املقربني مني:‏ يا شيخ غزالي هل لك في محاضرة تخدم بها اإلسلام؟ قال الغزالي:‏ نعم،‏ على الرحب والسعة،‏ فقال له صديقه:‏ ولكنها محاضرة من نوع خاص،‏ قال الغزالي:‏ ال بأس.‏ فقال له صديقه:‏ صلِّ‏ غدا في مسجد عمر مكرم ‏)املغرب(،‏ وستجد رجا في انتظارك،‏ وسيذهب بك إلى مكان احملاضرة،‏ وذهب الشيخ الغزالي في اليوم التالي ليؤدي صاة املغرب حسبما اتُفق معه،‏ فوجد على الباب رجا جالسا في سيارة ‏)مرسيدس(‏ ينتظره قبل الصاة،‏ فطلب إليه الشيخ الغزالي أن يدخل ليصلي معه،‏ ظنا منه أن الرجل مسلم،‏ فأبى أن يدخل معه املسجد،‏ فعلم الشيخ الغزالي أن الرجل مسيحي،‏ فأمر له بكرسي ينتظره عليه حتى يصلي،‏ وصلى الغزالي املغرب إماما بالناس،‏ ثم خرج،‏ وظن الشيخ الغزالي أن الرجل ال يعدو أن يكون سائقا،‏ فركب بجواره،‏ متكئا على الكرسي،‏ غير عابئ بأن يتكلم معه،‏ اللهم إال في شؤون احلياة العامة،‏ وإذ به يفاجأ بالرجل يعرفه بنفسه:‏ أنا فان،‏ معي دكتوراه في الكهنوت،‏ يقول الشيخ الغزالي:‏ فاعتدلت في جلستي،‏ وقلت في نفسي:‏ فألستعد إذن للكام مع رجل على علم باألديان،‏ وأخذ هذا القس يناقش الشيخ الغزالي في اآليات التي صلى بها املغرب.‏ ثم انطلق به إلى مكان بعيد،‏ ويقول:‏ ثم رأيت مبنى ضخما وإذ به كنيسة،‏ فقلت في نفسي:‏ أفي بلدي مكان كهذا وال أعرفه؟ ثم رأى من نظافة املدخل،‏ وما به من أشجار وأزهار تزين جانبي املكان،‏ مما جعله يتحسر على حال اجلامع األزهر،‏ ويقول:‏ منذ زمن نشكو من سوء حال النظافة في اجلامع األزهر،‏ ومن تشويش األماكن املجاورة له،‏ بل ومن سوئها.‏ ويقول:‏ ثم فوجئت مبدخل طويل على جانبيه حدائق وبساتني،‏ وظن الشيخ الغزالي أنه استدرج إلى مصرعه،‏ وأن هذه احلديقة ما هي إال مقبرته،‏ ولكنه انتهى به إلى مكان احتشد له فيه عدد من القساوسة وطلبة الاهوت،‏ فكلمه كبيرهم قائا:‏ نستأذنك في ثاثة أشياء:‏ أوال:‏ أن تلقي كلمة بني احلضور،‏ والثانية:‏ أن يحضر النساء منفصلني عن الرجال،‏ والثالثة:‏ أن جتيب على األسئلة بعد الكلمة.‏ يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ فوافقت على ذلك كله،‏ وفكرت في الكلمة التي ألقيها:عم أحتدث؟ ودعوت الله:‏ أن يلهمني كلمة تناسب املوقف،‏ فتكلمت عن املوافقات التي بني رسالة عيسى ومحمد عليهما السلام،‏ وأن الرسالتني خرجتا من مشكاة واحدة،‏ ودلل على ذلك من القرآن والسنة،‏ ومما يتفق من الكتاب املقدس مع القرآن والسنة.‏ ثم فرغ الشيخ الغزالي من إلقاء كلمته،‏ وقد حضر فيها عدد كبير من طلبة الاهوت،‏ وممن يدرسون الدراسات العليا،‏ ومن القساوسة احلضور،‏ ويكون بذلك قد لبى طلبني من ثاثة،‏ وبقي األمر الثالث،‏ وهو األسئلة،‏ ففتحوا باب األسئلة،‏ وكان السؤال األول من كبيرهم:‏ هل يجوز لدولة مسلمة أن تطلب املعونة في حربها من دولة ملحدة كافرة ؟ يشير بذلك إلى مصر بعد هزميتها في حرب يونيو ‏)حزيران(‏ 1967، وقد استعانت بخبراء روس،‏ وبأسلحة من روسيا،‏ وكانت هذه احملاضرة في بدايات السبعينيات،‏ فأجاب الشيخ الغزالي موجها اخلطاب للسائل:‏ هَبْ‏ أن لصوصا دخلوا عليك ليسرقوا بيتك،‏ وإن قاومت قتلوك،‏ ومعهم أسلحة،‏ وأنت أعزل من الساح،‏ ثم فوجئت بشباك بيتك وقد تركته مفتوحا،‏ يرمي لك من اخلارج أحد املارة عددا من العصي الغليظة وسكينا،‏ فماذا تفعل حينئذ؟ هل تأخذ الساح وتواجه به اللصوص في بيتك وتطردهم منه،‏ أو تنظر من شرفة بيتك،‏ لترى ديانة وعقيدة من رمى لك بالساح ؟ إن املنطق السوي يقول:‏ أدافع عن نفسي،‏ وال يضيرني ملة ومعتقد من مد لي يد العون ملواجهة خصومي.‏ فأحس مدير اللقاء أن الشباب بدأوا يتأثرون بكام الغزالي رحمه الله،‏ فختم اللقاء،‏ ثم قال له:‏ هل لو دعيت ملثل هذه احملاضرة تلبي؟ قال:‏ نعم،‏ فأنا داعية وواجبي أن ألبي الدعوة،‏ وأن أحترك بني الناس بشرحها وتبيينها،‏ يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ وما دعوني مرة أخرى . هوامش سكرية 87 العدد ‏)العاشر(‏ < أبريل 2012

أمريكي سقط ميتا أمام الكعبة متأثرا بجالل المشهد هوامش سكرية قصة مؤثرة جدا أحببت أن أقدمها لكم،‏ وقد تستغربون من العنوان ولكن عندما تخوضون في غمار هذه القصة ستكتشفون مدى ثأثيرها عليكم..‏ فقد سمعتها من صديق شاهد بعض أحداثها..‏ )1( لم يكن يخطر ببال دونالد رايس قبل أن يأتي إلى اململكة أن يفكر في دين اإلسلام،‏ أو يشغل ذهنه باملسلمني ومبا هم عليه من هدى اإلسلام،‏ فهو موظف كبير في شركة كبيرة،‏ مكانته في عمله مرموقة،‏ وحياته حافلة بالعمل اجلاد الذي مكنه من احلصول على عدد من الشهادات واألوسمة من كبار املسؤولني في شركته وفي دولته أمريكا،‏ يقول عن نفسه:‏ ‏)قبل أن آتي إلى الرياض مسؤوال كبيرا في أرامكو للبترول لم أكن أشغل بالي بالدين،‏ ونصوصه وتعاليمه،‏ حياتي كلها مادة وعمل وظيفي ناجح،‏ وإجازات أروح عن نفسي فيها مبا أشاء من وسائل الترويح املباحة وغير املباحة،‏ شأني في ذلك شأن مايني البشر في هذا العالم الذين يعيشون حياتهم بهذه الصورة اململة من احلرية املزعومة.‏ ومرت بي شهور في عملي اجلديد في مدينة الرياض وأنا مستغرق في تفاصيل وظيفتي املهمة في مجال عملي،‏ كان همي األكبر أن أجنح في هذا العمل حتى أزداد رقيا في الشركة التي أعمل فيها،‏ ومكانة مرموقة بني الناجحني في بلدي الكبير.‏ )2( وذات يوم كنت جالسا في مكان،‏ في حلظة استرخاء،‏ ولفت نظري ألول مرة منظر عدد غير قليل من املسلمني سعوديني وغير سعوديني يتجهون إلى مسجد كبير كان قريبا من ذلك املكان،‏ وكنت قد سمعت األذان أول ما جلست،‏ وشعرت حينما سمعته بشعور لم أعهده من قبل..‏ هبت من خاله نسائم ال أستطيع أن أصفها،‏ وانقدح في ذهني سؤال:‏ ملاذا يصنع هؤالء الناس ما أرى ومن الذي يدفعهم بهذه الصورة إلى املسجد،‏ وكأنهم يتسابقون إلى مكان يدفع لهم نقودا وهدايا ثمينة تستحق هذا االهتمام؟ كان السؤال عميق األثر في نفسي،‏ جعلني اهتم مبتابعة ما يجري بصورة أعمق،‏ وسمعت حركة صوت مكبر الصوت،‏ ثم اإلقامة،‏ وبدأت أفكر بصورة جدية،‏ وحينما سمعت اإلمام يقول ‏)السام عليكم(،‏ وجهت نظري إلى بوابة املسجد الكبيرة فإذا بحشود املصلني يخرجون يتدافعون،‏ ويصافح بعضهم بعضا بصورة كان لها أثرها الكبير في نفسي،‏ ووجدتني أردد بصوت مرتفع ‏)يا له من نظام رائع(،‏ وكانت تلك بداية دخولي إلى عالم اإلسام اجلميل،‏ وفهمت بعد ذلك كل شيء،‏ ووجدت جوابا شافيا عن سؤال سألته ذات يوم وأنا غاضب،‏ حيث كنت في سوق كبير من أسواق الرياض وكنت أريد شراء شيء على عجلة من أمري ففوجئت باحملال التجارية تغلق أبوابها،‏ وحاولت أن أقنع صاحب احملل التجاري الذي كنت أريد شراء حاجتي منه أن ينتظر قليا فأبى وقال:‏ بعد الصاة إن شاء الله،‏ لقد غضبت في حينها،‏ ورأيت أن هذا العمل غير الئق،‏ وبعد أن أسلمت أدركت مدى الدافع النفسي الداخلي القوي الذي ميكن أن يجعل ذلك التاجر بهذه الصورة.‏ )3( ويقول بعد 6 أشهر كاملة لدراسته للدين االسامى نطق الشهادتني..‏ أمريكي أشرق قلبه بنور اإلميان،‏ وعرف حاوة اإلسلام،‏ وبدأ يتحدث إلى أصدقائه باملشاعر الفياضة التي متأل جنبات نفسه،‏ والسعادة التي لم يشعر بها أبدا من قبل،‏ وبعد مرور شهرين على إسامه أبدى رغبته في زيارة البيت احلرام للعمرة والصاة أمام الكعبة مباشرة،‏ وانطلق ومعه العدد ‏)العاشر(‏ < أبريل 2012 88

طبيب السكري<br />

مبدع،‏ يعرف من أين يبدأ احلوار،‏ وكيف،‏ ومع من،‏ وأي<br />

الطرق أفضل للتواصل مع الغير،‏ وهذا املوقف الذي حكاه<br />

الشيخ الغزالي ألحد تامذته،‏ وهو الشيخ حسن عيسى عبد<br />

الظاهر،‏ ثم حكاه هذا العالم فيه دروس مهمة للدعاة،‏ يقول<br />

الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ قال لي أحد املقربني مني:‏ يا شيخ<br />

غزالي هل لك في محاضرة تخدم بها اإلسلام؟ قال الغزالي:‏<br />

نعم،‏ على الرحب والسعة،‏ فقال له صديقه:‏ ولكنها محاضرة<br />

من نوع خاص،‏ قال الغزالي:‏ ال بأس.‏<br />

فقال له صديقه:‏ صلِّ‏ غدا في مسجد عمر مكرم ‏)املغرب(،‏<br />

وستجد رجا في انتظارك،‏ وسيذهب بك إلى مكان احملاضرة،‏<br />

وذهب الشيخ الغزالي في اليوم التالي ليؤدي صاة املغرب<br />

حسبما اتُفق معه،‏ فوجد على الباب رجا جالسا في سيارة<br />

‏)مرسيدس(‏ ينتظره قبل الصاة،‏ فطلب إليه الشيخ الغزالي<br />

أن يدخل ليصلي معه،‏ ظنا منه أن الرجل مسلم،‏ فأبى أن<br />

يدخل معه املسجد،‏ فعلم الشيخ الغزالي أن الرجل مسيحي،‏<br />

فأمر له بكرسي ينتظره عليه حتى يصلي،‏ وصلى الغزالي<br />

املغرب إماما بالناس،‏ ثم خرج،‏ وظن الشيخ الغزالي أن<br />

الرجل ال يعدو أن يكون سائقا،‏ فركب بجواره،‏ متكئا على<br />

الكرسي،‏ غير عابئ بأن يتكلم معه،‏ اللهم إال في شؤون احلياة<br />

العامة،‏ وإذ به يفاجأ بالرجل يعرفه بنفسه:‏<br />

أنا فان،‏ معي دكتوراه في الكهنوت،‏ يقول الشيخ الغزالي:‏<br />

فاعتدلت في جلستي،‏ وقلت في نفسي:‏ فألستعد إذن للكام<br />

مع رجل على علم باألديان،‏ وأخذ هذا القس يناقش الشيخ<br />

الغزالي في اآليات التي صلى بها املغرب.‏<br />

ثم انطلق به إلى مكان بعيد،‏ ويقول:‏ ثم رأيت مبنى ضخما وإذ<br />

به كنيسة،‏ فقلت في نفسي:‏ أفي بلدي مكان كهذا وال أعرفه؟<br />

ثم رأى من نظافة املدخل،‏ وما به من أشجار وأزهار تزين<br />

جانبي املكان،‏ مما جعله يتحسر على حال اجلامع األزهر،‏<br />

ويقول:‏ منذ زمن نشكو من سوء حال النظافة في اجلامع<br />

األزهر،‏ ومن تشويش األماكن املجاورة له،‏ بل ومن سوئها.‏<br />

ويقول:‏ ثم فوجئت مبدخل طويل على جانبيه حدائق وبساتني،‏<br />

وظن الشيخ الغزالي أنه استدرج إلى مصرعه،‏ وأن هذه<br />

احلديقة ما هي إال مقبرته،‏ ولكنه انتهى به إلى مكان احتشد<br />

له فيه عدد من القساوسة وطلبة الاهوت،‏ فكلمه كبيرهم<br />

قائا:‏ نستأذنك في ثاثة أشياء:‏<br />

أوال:‏ أن تلقي كلمة بني احلضور،‏ والثانية:‏ أن يحضر<br />

النساء منفصلني عن الرجال،‏ والثالثة:‏ أن جتيب على<br />

األسئلة بعد الكلمة.‏<br />

يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ فوافقت على ذلك كله،‏<br />

وفكرت في الكلمة التي ألقيها:عم أحتدث؟ ودعوت الله:‏<br />

أن يلهمني كلمة تناسب املوقف،‏ فتكلمت عن املوافقات<br />

التي بني رسالة عيسى ومحمد عليهما السلام،‏ وأن<br />

الرسالتني خرجتا من مشكاة واحدة،‏ ودلل على ذلك من<br />

القرآن والسنة،‏ ومما يتفق من الكتاب املقدس مع القرآن<br />

والسنة.‏<br />

ثم فرغ الشيخ الغزالي من إلقاء كلمته،‏ وقد حضر فيها<br />

عدد كبير من طلبة الاهوت،‏ وممن يدرسون الدراسات<br />

العليا،‏ ومن القساوسة احلضور،‏ ويكون بذلك قد لبى<br />

طلبني من ثاثة،‏ وبقي األمر الثالث،‏ وهو األسئلة،‏ ففتحوا<br />

باب األسئلة،‏ وكان السؤال األول من كبيرهم:‏ هل يجوز<br />

لدولة مسلمة أن تطلب املعونة في حربها من دولة ملحدة<br />

كافرة ؟ يشير بذلك إلى مصر بعد هزميتها في حرب يونيو<br />

‏)حزيران(‏ 1967، وقد استعانت بخبراء روس،‏ وبأسلحة<br />

من روسيا،‏ وكانت هذه احملاضرة في بدايات السبعينيات،‏<br />

فأجاب الشيخ الغزالي موجها اخلطاب للسائل:‏ هَبْ‏ أن<br />

لصوصا دخلوا عليك ليسرقوا بيتك،‏ وإن قاومت قتلوك،‏<br />

ومعهم أسلحة،‏ وأنت أعزل من الساح،‏ ثم فوجئت بشباك<br />

بيتك وقد تركته مفتوحا،‏ يرمي لك من اخلارج أحد املارة<br />

عددا من العصي الغليظة وسكينا،‏ فماذا تفعل حينئذ؟<br />

هل تأخذ الساح وتواجه به اللصوص في بيتك وتطردهم<br />

منه،‏ أو تنظر من شرفة بيتك،‏ لترى ديانة وعقيدة من رمى<br />

لك بالساح ؟ إن املنطق السوي يقول:‏ أدافع عن نفسي،‏<br />

وال يضيرني ملة ومعتقد من مد لي يد العون ملواجهة<br />

خصومي.‏<br />

فأحس مدير اللقاء أن الشباب بدأوا يتأثرون بكام<br />

الغزالي رحمه الله،‏ فختم اللقاء،‏ ثم قال له:‏ هل لو دعيت<br />

ملثل هذه احملاضرة تلبي؟ قال:‏ نعم،‏ فأنا داعية وواجبي<br />

أن ألبي الدعوة،‏ وأن أحترك بني الناس بشرحها<br />

وتبيينها،‏ يقول الشيخ الغزالي رحمه الله:‏ وما دعوني<br />

مرة أخرى .<br />

هوامش سكرية<br />

87<br />

العدد ‏)العاشر(‏ < أبريل 2012

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!