The Diabetologist #10
طبيب السكري - العدد 10
طبيب السكري - العدد 10
You also want an ePaper? Increase the reach of your titles
YUMPU automatically turns print PDFs into web optimized ePapers that Google loves.
مواقف في حياة الشيخ الغزالي<br />
هوامش سكرية<br />
في التاسع من مارس منذ ستة عشر عاما، رحل عنا بعد<br />
أن وافته املنية في اململكة وأثناء مشاركته فى مؤمتر حول<br />
اإلسلام وحتديات العصر، ودفن بالبقيع. شيخنا اجلليل<br />
محمد الغزالي الذي سماه والده بهذا االسم تيمنا بالعامة<br />
اإلمام الشهير الغزالي .<br />
كان الشيخ محمد الغزالي أحمد السقا <br />
رحمه الله قمة سامقة من قمم الفكر<br />
اإلسلامي، وال يزال في حياة هذا الرجل<br />
الكثير مما يجهله هذا اجليل، داعيا<br />
تامذته إلى سرد وجمع مواقف الرجل<br />
الهامة، فهناك في حياة الشيخ الغزالي<br />
مواقف نستطيع أن نطلق عليها التاريخ الذي<br />
سيضيع، وحفظا لهذا التاريخ من الضياع علينا<br />
تسجيله من صدور العلماء واملشايخ وتامذة الشيخ الذين<br />
عاصروه، وشاهدوا هذه املواقف، وبعضها حكاه الشيخ<br />
الغزالي نفسه، والذي سوف أسرده، لكن ليس قبل أن أحكي<br />
هذه الواقعة التي حدثت لي معه ..<br />
فقد كنت يوما، واحدا من ضباط اجلمارك في مطار القاهرة<br />
الدولي.. وكان ذاك في نهاية سبعينات القرن املنصرم،<br />
وطُ لِب مني أن أنهي إجراءات اجلمارك لفضيلة الشيخ محمد<br />
الغزالي يرحمه الله وكان من عادتي أن أبادر بالتعرف<br />
على أعام ومشاهير املجتمع املصري والعربي حاملا أعرفه<br />
وأتعرف عليه ..<br />
تقدمت من الشيخ وسلمت عليه، وبادرني التحية بأحسن<br />
منها، وفي أثناء حواري مع فضيلته، اقترب مني أحد<br />
العاملني مبباحث أمن الدولة باملطار، وسلمني ورقة، فطويتها<br />
حتى أنتهي من حواري مع الشيخ وأنهي إجراءات اجلمارك<br />
حتى يتمكن الشيخ من اللحاق بالطائرة التي كانت سوف<br />
تقله إلى اجلزائر..<br />
لكن ضابط أمن الدولة لم يبارح مكانه، واقترب مني وهمس<br />
في أذني.. وقال: عليك أن تقرأ اإلخطار اآلن.. قلت له: فيما<br />
بعد.. إال أنه أصر على أن أقرا الورقة حاال ودون إبطاء..<br />
وقرأتها.. وياهول ما قرأت ..<br />
طويت الورقة في جيبي.. وقلت لفضيلة الشيخ: هل لديك وقت<br />
لكي نتكلم سويا في املكتب.. أومأ الشيخ باملوافقة.. وصحبته<br />
إلى مكتب اجلمارك باملطار وكان قريبا من املكان<br />
الذي تقابلت فيه معه وهو "الصالة اخلضراء"..<br />
التي تعني أن الراكب ال يحمل أشياء تستحق<br />
رسوما جمركية، املهم "متشيت" وفضيلة<br />
الشيخ الغزالي إلى أن وصلت إلى املكتب.. ثم<br />
جلسنا.. وأخذت أناقشه في بعض مؤلفاته..<br />
وتكلمت عن نفسي كثيرا.. وقد كنت آنذاك أشرع<br />
في بدء مسيرة أدبية وصحفية.. فأردت أن أستفيد<br />
من علم الشيخ.. واستأذنته في مصاحبته حتى "صالة<br />
الترانزيت باملطار" مودعا إياه.. وقد قصدت أن يكون الشيخ<br />
في حمايتي حتى يصعد إلى الطائرة.. وبقيت معه حتى مت<br />
اإلعان عن الرحلة.. فودعته.. وودعني شاكرا لي "هذه املجاملة<br />
اللطيفة ".. وقبل أن أسحب يدي من يده.. سألني بغتة.. وقال:<br />
دون أن أكشف سرا.. ماذا كان يطلب منك ضابط أمن الدولة<br />
..؟ وأردف قائلا: أنا لن أغضب.. أو يكون لي رد فعل.. فقط<br />
أرغب باملعرفة إن لم يضايقك هذا الطلب.. قلت له: أبدا.. كانوا<br />
يرغبون بإهانتك.. سألني كيف؟ قلت: اإلخطار الذي سلمني<br />
إياه ضابط أمن الدولة.. إخطار بتفتيشك ذاتيا.. ومصادرة ما<br />
معك من كتب وأوراق..<br />
قال وهو يدعو لي: شكرا لك يا ولدي.. حماك الله.. وتركته<br />
مودعا له.. وهو يتوجه إلى ركوب احلافلة التي سوف تقله إلى<br />
الطائرة.. وقلت له مع السامة.. في أمان الله..<br />
وعدت إلى املكتب وقد كتبت على اإلخطار: مت عمل الازم ولم<br />
يعثر مع فضيلة الشيخ أي ممنوعات..!!<br />
نعود إلى ما كنا نتكلم فيه.. وبدأت به حديثي.. عن بعض مواقف<br />
الشيخ اجلليل محمد الغزالي.. وهو واحد من املواقف التي تدل<br />
على أن الرجل كان رجل إقناع من الطراز األول، ورجل حوار<br />
العدد )العاشر( < أبريل 2012<br />
86