Erfolgreiche ePaper selbst erstellen
Machen Sie aus Ihren PDF Publikationen ein blätterbares Flipbook mit unserer einzigartigen Google optimierten e-Paper Software.
44<br />
ثقافة – الدجتال غير موثوق Kultur – Die Königin Mutter der Welt<br />
ثقافة – الدجتال غير موثوق Kultur – Die Königin Mutter der Welt<br />
45<br />
الملكة<br />
أم العالم<br />
تقرير SAMI SALLOUM<br />
كيف استطاع الدمشقيون .. المحافظة على الحياة في مدينتهم<br />
تسعة آالف سنة !!<br />
كانت تبدو منبهرة و هي تسأل ذلك السؤال ... و كنت منبهراً من<br />
شقتها ... قالت لي أسرتني مدينتك سنيناً و كان ذلك السؤال كل<br />
ما افكر به ... كيف استطاعوا عندما فشل الفراعنة و الرومان و<br />
البابليين ...<br />
سيدة سبعينية وقورة ... أمريكية من خريجي جامعة اوكسفورد<br />
للدراسات الشرق أوسطية ... تعرف بعض الكلمات العربية و تعرف<br />
أين و كيف تضعها ... شعرها رمادي قصير و عيناها اللتان زارتا آالف<br />
الكتب .. تظهران من خلف زجاج نظارة طرازها يتحدث عن عمرها<br />
كجوهرتين فيروزيتين ... أسرتها دمشق سنيناً فذهبت إليها لتحيا ثمان<br />
سنوات من حياتها ... بين بيروت و دمشق و حلب و حمص و الالذقية<br />
و درعا تبعت طريقها أينما توجب ... أخذت تلك المدينة من عقلها<br />
حيزا و سنيناً و أمضت حياة بين سجالتها المدنية و العقارية تتبع<br />
نسب عوائلها و أشرافها لتجمع أفكاراً عن كتابٍ نوت تأليفه عنها ...<br />
تحدثنا كثيراً عن دمشق .. كانت تعرف عن تاريخها ما يفاجئ القلب ...<br />
لم أكن أعلم قبلها أن :<br />
١- باب شرقي الذي عبرته أالف المرات ... هو باب قوافل بغداد ..<br />
منه الى تدمر مباشرة فبغداد<br />
- ٢ طريق التجارة الشمالي من حلب و األناضول و إسطنبول يدخل<br />
المدينة من باب توما ( اللي منو كنت اركب سيرفيس ع جرمانا نفسو<br />
) و يستمر جنوباً حتى يلتقي الطريق الشرقي في احدى اهم مناطق<br />
دمشق ما دفع العثمانيون إلنشاء مركز عسكري<br />
- ٣ طريق التجارة الغربي من لبنان و البحر المتوسط يسير على ضفاف<br />
بردى ليصل لمكان يشبه المرج يدعى المرجة ( و جيلنا بيعتبرو رمز<br />
الدعارة بالمدينة )<br />
- ٤ باب السريجة لقوافل حوران و فلسطين و مصر<br />
- ٥ طريق األردن و شبه الجزيرة العربية من الميدان<br />
- ٦ لم أكن أعلم قبلها أن في مدينتي ما يسمى المستطيل المركزي<br />
داخل سورها ... محدداً بأربع نقاط ( القلعة - باب الجابية - باب<br />
السالم - جامع الكنيسة ) فيه تقع المدارس الدينية الخمس و<br />
الجامع االموي و يعتبر قلب المدينة التجاري فيه من الخانات واحد و<br />
عشرون خاناً و مقر أهم األسر الدمشقية و كانت كل الزوايا الصوفية<br />
توجد خارجه ... كان يعتبر مدينة داخل السور ...<br />
أرادت تلك السيدة لشقتها في برلين )) سورياً (( بشكل حصري ال<br />
يقبل االستثناء ... وصلت الى معرفتها عن طريق من يطيب لي<br />
تسميتها سفيرة الحنين لينا غنامة قضينا أوقاتاً طويلة نتحدث و<br />
نتبادل قصصاً و مشاعر دمشقية ... كنت أحكي لها كيف كان يطيب<br />
لنا في سنوات الثانوية أن نهرب من المدرسة صباحاً بغير سبب و<br />
نبقى نتسكع في حاراتها و مقاهيها و أزقتها حتى ينتهي الدوام<br />
فنعود للمنزل دون أن يشعر أباءنا كنت أقول لها كم كان ذلك اكثر<br />
متعة ألرواحنا و ألذ طعماً ألفواهنا و بطوننا … قلت لها كيف أن<br />
دمشق أكبر من الله عمراً إذ أن كل األديان االبراهيمية ( اليهودية -<br />
المسيحية - اإلسالمية ) التي أتت بقصة الله عمرها أربعة االف سنة<br />
... قبلها لم تعرف البشرية الله و لكنها و لمدة خمسة أالف سنة<br />
عرفت و زارت و رأت و لمست دمشق أفال يكفينا ذلك لنعبدها !!!!<br />
كانت تقص لي عن من مروا من هناك و رحلوا كانت دائماً تقول<br />
"دمشق عاشت اسوأ من ما يحصل اليوم و كانت أقوى ... الزمن ال<br />
يقوى على دمشق فهي الخبيرة بقهره ..... " حدثتني كيف عاشت<br />
سنتين بين السجالت في دمشق تجمع مراجعاً و أبحاثاً و مستندات<br />
لتدعم كتابها و عادت الى المانيا لتؤلف كتاب ( دمشق في القرنين<br />
الثامن و التاسع عشر ) بكل تفاصيل المدينة .. سكانها اقتصادها<br />
السياسي و حال تجارها و ثروتهم أزماتها و تقلبات أحوالها و كل<br />
ما يخطر بالبال ... قالت لي و نحن نوقع عقد أجار الشقة ما أثار في<br />
داخلي براكين حنين " يبدو أن لدمشق طريقتها بمكافأة من يحبها،<br />
بات لك اليوم شقة في برلين بسببها "<br />
كانت تتحدث عن دمشق و أنا انكمش و اقصر ... كانت تتحدث و<br />
تبرق و تمطر معاً ... كانت فيضاً من نعم و كنت فيضاً من ندم<br />
لم تعلم تلك السيدة أن في دمشق اليوم ذلك التقاطع بين الشارع<br />
المستقيم و طريق الحجر بات مرتعاً لقوافل كل من يسكر و يشرب<br />
الحشيش كي ينسى ... لم تعلم أن نقاشاً عمن أدخل المتة الى<br />
سوريا أهم أهل القلمون السنّ ة بصالتهم في امريكا الالتينية أم أهل<br />
الساحل العلويين بمرافئهم التجارية أم دروز الجبال في السويداء قادر<br />
على التطور بدقائق الى عراك باأليدي او بالسالح األبيض و قد يبلغ<br />
السالح األسود اذا لزم اإلقناع ... لم تكن تعلم أن كالسيكو اسبانيا<br />
بين ريال مدريد و برشلونة قادر على إشعال حرب أهلية في بعض<br />
المقاهي .... لم تكن تعلم أننا جهلة<br />
لم تكن تعلم كم عاقها أبناؤها تلك المدينة ...<br />
مذنبون نحن يا دمشق ... مقصرون و ساذجون ... لم نعلم و ال زلنا ما<br />
انتي و ماذا تخبئين في صدرك من قصص من رحلوا كما سنرحل ... و<br />
إال لكنا خلعنا أحذيتنا في أزقتك تقديساً للثرى ... و كنا اعتبرنا اسمك<br />
لفظ جاللة و عزة و افتخار ...<br />
انتي المليكة وحدك ... كنتي وتبقي هواي األرقّ … منذ األزل و<br />
الى األبد<br />
هامش :<br />
اسم الكاتبة : ليندا تشايكوفسكي شيلشر بروفيسورة بالتاريخ من<br />
جامعة كاليفورنيا و جامعة اركانساس و جامعة ڤيالنوڤا و معهد<br />
ماكس بالنك و جامعة ماينس عملت في جامعة القديس انطوني و<br />
الجامعة االميركية في بيروت و جامعة انديانا بلومينغتون ....<br />
هامش :<br />
الكتاب موجود عندي نسخة PDF لمن يرغب بزيارته ...<br />
<strong>Al</strong> <strong>Ard</strong> 01/18<br />
<strong>Al</strong> <strong>Ard</strong> 01/18