التمرد جذور

تندلع جذور التمرد من التربة الخصبة من السخط العميق وتقرير المصير والسعي النهم من أجل الحرية والسلطة. ينشأ هذا الكتاب من صراع مملكتين قديمتين وينتشر في البؤر الروحية في العالم ، ويعلن العداء الخبيث والمستعصي للحقيقة ؛ مما أدى إلى تداعيات محاصرة من الاستبداد والثورة واندلاع العداء والاضطهاد ، وكلها تنتج ثمارًا مريرة للفوضى. يسيطر سر التمرد على مقاعد الحكومة ويحتدم في قلوب البشرية. تزدهر أدوات التمرد في التخريب الناضج والعاطفي والجريء ، وتؤسس نظامًا من الفوضى والإكراه ؛ قيادة الامتثال والتعاون العالميين. نظرًا لأنه ينير بشكل فعال الأسس السرية لحكومة عالمية واحدة والإمبريالية المهيمنة ، فإن القارئ مسلح لمواجهة أكبر خدعة في كل العصور والهجوم عليها. تندلع جذور التمرد من التربة الخصبة من السخط العميق وتقرير المصير والسعي النهم من أجل الحرية والسلطة. ينشأ هذا الكتاب من صراع مملكتين قديمتين وينتشر في البؤر الروحية في العالم ، ويعلن العداء الخبيث والمستعصي للحقيقة ؛ مما أدى إلى تداعيات محاصرة من الاستبداد والثورة واندلاع العداء والاضطهاد ، وكلها تنتج ثمارًا مريرة للفوضى. يسيطر سر التمرد على مقاعد الحكومة ويحتدم في قلوب البشرية. تزدهر أدوات التمرد في التخريب الناضج والعاطفي والجريء ، وتؤسس نظامًا من الفوضى والإكراه ؛ قيادة الامتثال والتعاون العالميين. نظرًا لأنه ينير بشكل فعال الأسس السرية لحكومة عالمية واحدة والإمبريالية المهيمنة ، فإن القارئ مسلح لمواجهة أكبر خدعة في كل العصور والهجوم عليها.

newcovenantpublicationsintl
from newcovenantpublicationsintl More from this publisher
21.04.2023 Views

جذور التمرد 120 القضاة والقوة المسلحة أنقذه . في بكور اليوم التالي أخذ هو وزميله ليعبرا البحيرة الى مكان أمين.‏ وهكذا انتهى أول مجهود بذله لتبشير جنيف.‏ }{258.1 GC أما المحاولة التالية فقد استخدمت فيها وسيلة متواضعة:‏ شاب وضيع المظهر قوبل بفتور حتى من المعترفين بصداقتهم لالصالح . ولكن أي نجاح يمكن أن يحرزه هذا االنسان في المدينة التي طُرد منها فارل ؟ وكيف يستطيع م ثل هذا االنسان الذي تعوزه الشجاعة والخبرة أن يصمد لتلك العاصفة التي قد هرب من أمامها أقوى الرجال وأشجعهم؟ ‏”ال بالقدرة وال بالقوة بل بروحي قال رب ... الجنود“‏ ‏)زكريا ٦(. ‏”اختار هللا ضعفاء العالم ليخزي االقوياء“،‏ ‏”الن جهالة هللا احكم من الناس وضعف هللا أقوى من الناس“‏ )١ كورنثوس و GC { .)٢٥ ٢٧ : ١ : ٤ 258.2} بدأ فرومنت ‏)وهذا هو اسم ذلك الشاب(‏ عمله كمعلم مدرسة . فالحقائق التي علمها لالوالد في المدرسة رددوها على مسامع آبائهم في بيوتهم . وسرعان ما أقبل الوالدون ليستمعوا الى شرح الكتاب المقدس حتى امتألت حجرة الدراسة بالمستمعين المنتبهين وقد وُ‏ زعت عليهم كتب العهد الجديد وبعض النبذ مجانا فوصلت الى أيدي كثيرين ممن لم يجسروا على المجيء عالنية ليسمعوا تلك التعاليم الجديدة . وبعد وقت أجبر هذا العامل أيضا على الهرب صونا لحياته،‏ لكنّ‏ التعاليم التي علمها للناس علقت بعقوله م.‏ لقد زُ‏ رع االصالح وظل يقوى ويمتد . وقد عاد المبشرون،‏ وبفضل جهودهم ثبتت العبادة البروتستانتية في جنيف أخيرا.‏ }{258.3 GC كانت المدينة قد أعلنت انحيازها الى جانب االصالح عندما دخل كلفن من أبوابها بعد جوالت متعددة وتقلبات مختلفة مرت به . فاذ كان عائدا من آخر ز يارة لمسقط رأسه كان سائرا في طريقه الى بازل،‏ فلما رأى جيوش شارل الخامس تسد عليه الطريق اضطر أن يتخذ طريقا دائريا يمر بجنيف.‏ }{259.1 GC في هذه الزيارة اعترف فارل بان يد هللا تعمل . فمع أن جنيف قبلت العقيدة المصلحة اال انه كان باقيا عمل عظيم ينبغي انجازه فيه ا.‏ فالناس ال يهتدون الى هللا كجماعات بل كأفراد . وعملية التجديد ينبغي أن تتم في القلب والضمير بقوة الروح القدس ال بقرارات المجالس . وفيما طرح شعب جنيف عنهم سلطة روما لم يكونوا مستعدين تمام الن ينبذوا الرذائل التي تفشت تحت حكمها.‏ ولم تكن مهمةً‏ سهلة تثبيتُ‏ مبادئ االنجيل الطاهرة في هذه المدينة واعداد شعبها ليمأل عن جدارة المركز الذي بد ا ان العناية االلهية تدعوه اليه.‏ GC 259.2}{ كان فارل واثقا بانه قد وجد في كلفن الشخص الذي يمكنه أن يشركه معه في هذا العمل . وقد ناشد ذلك الواعظَ‏ الش اب باسم هللا أن يبقى ليخدم معه . لكنّ‏ كلفن تراجع فزع ا.‏ فاذ كان بطبعه خجوال ومحبا للسالم فقد أجفل من االحتكاك بأهل جنيف الذين كانت روحهم جريئة ومعتزة بنفسها وعنيفة . ثم ان اعتالل صحته وولعه بالدرس واالطالع جعاله يميل الى العزلة وينشده ا.‏ واذ كان يعتقد انه بكتاباته يمكنه أن يسدي أجلّ‏ الخدمات لقضية االصالح كان يرغب في أن يجد لنفسه معتكفا هادئا فيه ينكّب على الدرس،‏ وهكذا فعن طريق المطبوعات يستطيع أن يعلم الكنائس ويبنيها.‏ لكنّ‏ انذار فارل المهيب المقدس جاءه كأنه صوت من السم اء فلم يجرؤ على الرفض . وقد قال ‏”انه تراءى له وكأن يد هللا قد امتدت اليه من السماء لتمسك به،‏ وثبتته على نحو قاطع في المكان الذي كان يرغب كل الرغبة في تركه“‏ )٢١٢(. }{259.3 GC أعداء ألداء لالصالح في هذا الوقت كانت مخاطر عظيمة محدقة بالقضية البروتستانتية . لقد ارعدت حروم البابا ضد جنيف فكانت هنالك أمم قوية تتوعدها بالهالك . فأنَّى لهذه المدينة الصغيرة أن تقاوم السلطة الدينية القوية الجبارة التي طالما ارغمت الملوك واالباطرة على الخضوع لها ؟ وكيف يمكنها أن تصمد أمام الجيوش القوية التي يقودها غزاة العالم االشداء الصناديد؟ }{260.1 GC

جذور التمرد في كل العالم المسيحي كانت البروتستانتية مهددة باعداء أقوياء مرعبين . فاذ احرز االصالح أول انتصاراته عبأت روما قوات جديدة على أمل أن تقضي عليه بالدمار.‏ وفي هذا الوقت أنشئت رهبنة اليسوعيين ‏)الجزويت(‏ وهي أقسى أبطال البابو ية الفاسدين وأقواهم . فاذ انقطعوا عن كل الصالت األرضية وبُتروا من كل المصالح البشرية واميتوا عن مطالب العاطفة الطبيعية وابكموا العقل والضمير،‏ فانهم لم يكونوا يعرفون قانونا وال صلة عدا قوانين رهبانيتهم وصِّ‏ التها،‏ ولم يكونوا يعرفون واجبا غير واجب نشر سلطانها ‏)انظر التذييل(.‏ لكنّ‏ انجيل المسيح كان قد اعان معتنقيه على مواجهة االخطار واحتمال اآلالم وعدم استهابة البرد أو الجوع أو التعب أو الفقر،‏ وعلى رفع راية الحق في وجه آالت التعذيب أو السجون أو النار المحرقة . فلكي ينازل الجزويت هذه القوات أضرموا قلوب تابعيهم بنار التعصب الذي أعانهم على احتمال مثل تلك المخاطر واستخدام كل قوى الخداع لمقاومة قوة الحق . فلم يتورعوا عن ارتكاب أفظع الجرائم أو استخدام أحط أساليب الخداع أو الغش المتعددة االشكال . ومع كونهم قد نذروا ان يعيشوا عيشة الفقر واالتضاع مدى الحياة فقد كان هدفهم المد روس أن يحرزوا الثروة والسلطان وأن يكرسوا جهودهم لتدمير البروتستانتية ويوطدوا دعائم السيادة GC البابوية.‏ { 260.2} تزيّا هؤالء الرهبان بقناع القداسة فبدأوا بزيارة السجون والمستشفيات،‏ وكانوا يخدمون المرضى والفقراء،‏ ويقررون أنهم قد نبذوا العالم وهم يحملون اسم يسوع المقدس الذي جال يصنع خير اً.‏ ولكن تحت هذا المظهر الخارجي الذي ال غبار عليه كانت تختفي أرهب النوايا االجرامية المميتة . وقد كان من المبادئ االساسية لهذه الرهبنة ‏”ان الغاية تبرر الوسيلة“.‏ وبناء على هذا المبدأ كان الكذب والسرقة و يمين الزور وجرائم االغتيال،‏ فضال عن كونها مغتفرة،‏ تُعتبر اعماال حميدة وجليلة ما دامت تخدم مصالح الكنيسة . وتحت كثير من أشكال التنكر زحف الجزويت الى وظائف الدولة وجعلوا يتسلقون حتى صار بعضهم مستشارين للملوك،‏ وص اروا يشكلون سياسة الدول . وكان بعضهم يعملون كخدم ليتجسسوا على سادتهم . وقد اقاموا كليات البناء االمراء والنبالء ومدارس لعامة الشعب،‏ وكان أبناء البروتستانت يُجبرون على حفظ الطقوس البابوية . هذا،‏ وقد استخدمت كل مظاهر االبهة والفخ امة الخارجية لتربك عقول االوالد وتذهل وتأسر أفكارهم،‏ وهكذا خان االبناء عهود آبائهم وأسلموا الحرية التي في سبيلها تعب آباؤهم واستنزفوا دماءهم.‏ وبسرعة عظيمة توسّع الجزويت في كل أوروبا وأينما حلوا انتعشت البابوية.‏ GC 261.1}{ وفي سبيل زيادة سطوتهم وسلطانهم صدرت براءة بابوية بإعادة محاكم التفتيش ‏)انظر التذييل(.‏ وعلى الرغم من نفور الشعب الكاثوليكي نفسه وكراهيتهم لهذه المحكمة المخيفة فقد أقامها الحكام البابويون ثانية،‏ وارتكبت في أعماق السجون السرية فظائع أرهب من أن تواجه النور . وفي ممالك كثيرة قُتل الوف فوق الوف أو أجبروا على الهرب الى بلدان اخرى،‏ وهم من زهرة االمة الذين كانوا أطهر وأشرف الناس وأعالهم ثقافة وأسماهم علما وخلقا وأتقاهم،‏ من الرعاة المكرسين والمواطنين الكادحين المحبين للوطن واالساتذة العباقرة والفنانين الموهوبين والصناع المهرة.‏ GC 261.2}{ انتصارات لالصالح هذه ه ي الوسائل التي استخدمتها روما الطفاء نور االصالح وحرمان الناس من الكتاب المقدس وابقاء جهالة العصور المظلمة وخرافاتها جاثمة على الصدور . ولكن ببركة هللا وجهود أولئك الرجال االشراف الذين أقامهم هللا ليخلفوا لوثر لم تُقهر البروتستانتية ولم تُعزى قوتها الى فضل اسلحة االمراء . لقد صارت اصغر البلدان واحقر االمم واصغرها وأقلها قوة معاقل له ا.‏ كانت جنيف الصغيرة واحدة من تلك المدن التي كانت في وسط أعداء أشداء يتآمرون على هالكه ا.‏ وكذلك البالد الوطيئة ‏)هولندا(‏ بشواطئها الرملية في بحر الشمال صارعت ضد طغيان اسبانيا 121

<strong>جذور</strong> <strong>التمرد</strong><br />

في كل العالم المسيحي كانت البروتستانتية مهددة باعداء أقوياء مرعبين . فاذ احرز االصالح أول انتصاراته<br />

عبأت روما قوات جديدة على أمل أن تقضي عليه بالدمار.‏ وفي هذا الوقت أنشئت رهبنة اليسوعيين ‏)الجزويت(‏ وهي<br />

أقسى أبطال البابو ية الفاسدين وأقواهم . فاذ انقطعوا عن كل الصالت األرضية وبُتروا من كل المصالح البشرية<br />

واميتوا عن مطالب العاطفة الطبيعية وابكموا العقل والضمير،‏ فانهم لم يكونوا يعرفون قانونا وال صلة عدا قوانين<br />

رهبانيتهم وصِّ‏ التها،‏ ولم يكونوا يعرفون واجبا غير واجب نشر سلطانها ‏)انظر التذييل(.‏ لكنّ‏ انجيل المسيح كان قد<br />

اعان معتنقيه على مواجهة االخطار واحتمال اآلالم وعدم استهابة البرد أو الجوع أو التعب أو الفقر،‏ وعلى رفع راية<br />

الحق في وجه آالت التعذيب أو السجون أو النار المحرقة . فلكي ينازل الجزويت هذه القوات أضرموا قلوب تابعيهم<br />

بنار التعصب الذي أعانهم على احتمال مثل تلك المخاطر واستخدام كل قوى الخداع لمقاومة قوة الحق . فلم يتورعوا<br />

عن ارتكاب أفظع الجرائم أو استخدام أحط أساليب الخداع أو الغش المتعددة االشكال . ومع كونهم قد نذروا ان<br />

يعيشوا عيشة الفقر واالتضاع مدى الحياة فقد كان هدفهم المد روس<br />

أن يحرزوا الثروة والسلطان وأن يكرسوا جهودهم لتدمير البروتستانتية ويوطدوا دعائم السيادة<br />

GC<br />

البابوية.‏ {<br />

260.2}<br />

تزيّا هؤالء الرهبان بقناع القداسة فبدأوا بزيارة السجون والمستشفيات،‏ وكانوا يخدمون المرضى والفقراء،‏<br />

ويقررون أنهم قد نبذوا العالم وهم يحملون اسم يسوع المقدس الذي جال يصنع خير اً.‏ ولكن تحت هذا المظهر<br />

الخارجي الذي ال غبار عليه كانت تختفي أرهب النوايا االجرامية المميتة . وقد كان من المبادئ االساسية لهذه<br />

الرهبنة ‏”ان الغاية تبرر الوسيلة“.‏ وبناء على هذا المبدأ كان الكذب والسرقة و يمين الزور وجرائم االغتيال،‏ فضال<br />

عن كونها مغتفرة،‏ تُعتبر اعماال حميدة وجليلة ما دامت تخدم مصالح الكنيسة . وتحت كثير من أشكال التنكر زحف<br />

الجزويت الى وظائف الدولة وجعلوا يتسلقون حتى صار بعضهم مستشارين للملوك،‏ وص اروا يشكلون سياسة<br />

الدول . وكان بعضهم يعملون كخدم ليتجسسوا على سادتهم . وقد اقاموا كليات البناء االمراء والنبالء ومدارس لعامة<br />

الشعب،‏ وكان أبناء البروتستانت يُجبرون على حفظ الطقوس البابوية . هذا،‏ وقد استخدمت كل مظاهر االبهة والفخ<br />

امة الخارجية لتربك عقول االوالد وتذهل وتأسر أفكارهم،‏ وهكذا خان االبناء عهود آبائهم وأسلموا الحرية التي في<br />

سبيلها تعب آباؤهم واستنزفوا دماءهم.‏ وبسرعة عظيمة توسّع الجزويت في كل أوروبا وأينما حلوا انتعشت<br />

البابوية.‏<br />

GC 261.1}{<br />

وفي سبيل زيادة سطوتهم وسلطانهم صدرت براءة بابوية بإعادة محاكم التفتيش ‏)انظر التذييل(.‏ وعلى الرغم من<br />

نفور الشعب الكاثوليكي نفسه وكراهيتهم لهذه المحكمة المخيفة فقد أقامها الحكام البابويون ثانية،‏ وارتكبت في أعماق<br />

السجون السرية فظائع أرهب من أن تواجه النور . وفي ممالك كثيرة قُتل الوف فوق الوف أو أجبروا على الهرب<br />

الى بلدان اخرى،‏ وهم من زهرة االمة الذين كانوا أطهر وأشرف الناس وأعالهم ثقافة وأسماهم علما وخلقا وأتقاهم،‏<br />

من الرعاة المكرسين والمواطنين الكادحين المحبين للوطن واالساتذة العباقرة والفنانين الموهوبين والصناع<br />

المهرة.‏<br />

GC 261.2}{<br />

انتصارات لالصالح<br />

هذه ه ي الوسائل التي استخدمتها روما الطفاء نور االصالح وحرمان الناس من الكتاب المقدس وابقاء جهالة<br />

العصور المظلمة وخرافاتها جاثمة على الصدور . ولكن ببركة هللا وجهود أولئك الرجال االشراف الذين أقامهم هللا<br />

ليخلفوا لوثر لم تُقهر البروتستانتية ولم تُعزى قوتها الى فضل اسلحة االمراء . لقد صارت اصغر البلدان واحقر االمم<br />

واصغرها وأقلها قوة معاقل له ا.‏ كانت جنيف الصغيرة واحدة من تلك المدن التي كانت في وسط أعداء أشداء<br />

يتآمرون على هالكه ا.‏ وكذلك البالد الوطيئة ‏)هولندا(‏ بشواطئها الرملية في بحر الشمال صارعت ضد طغيان اسبانيا<br />

121

Hooray! Your file is uploaded and ready to be published.

Saved successfully!

Ooh no, something went wrong!